الحوار المتمدن
3.08K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
عفيف إسماعيل : لقد عبروا النهر
#الحوار_المتمدن
#عفيف_إسماعيل قالَ لي جدي:"عندما عبرنا النيلَ الأزرق إلى ضِفتهِ الغربيةِلم نرّ غير بيوتاتٍ طينيةٍ متناثرة وأكواماً من الحصىوالريحُ تلعبُ بدواماتِ الغبارِ التي تهبُ فجأةً هنا وهناك ثم تنطفي مثل نيرانِ البدو الرُحل"..عندما تعبنا من المشيقالت لي جدتكُ "دعنا نرتح قليلاً هنا تحتَ ظل شجرةِ السنط حتى العصرثم نواصلَ الرحيلَ لنجدَ مرعى أفضلَ لأغنامنا"لكن....في ذات المكانِ وُلدت أُمك وخالاتك وأخوالكوانت وكل اخواتكَ واخوانكفهذه البلدةُ الحبيبةًالمسماةُ الحصاحيصا..قد تظنها كبيرةً بعددِ حروفها الخادعلكنها صغيرةُ.. صغيرةُ بلا أسرارٍعند الحلاّقأو في استاد كرة القدمأو في العرضَ الثاني بالسينما الوحيدةِ تجد كلَ أخبارِها..لا شيئاً يميزني عن جوقةِ أطفالِ الحي الأشقياءغير ذاك الهزال الذي يبرزُ عظامي الناحلةَ مثل هيكلٍ عظمي تغطى بجلدِ ملي بالخدوشِنفعل كُل شيء وفقَ بوصلةِ نزقٍ طفولي خفي يسكنُ ارواحناولا نأبهَ كثيراً لتحذيراتِ الأمهاتِ الطيبات الحق....كانت قائمةَ الممنوعاتِ الطويلةِ التي نحفظها عن ظهرَ قلبٍ هي خارطةَ اكتشافنا لكنوزِ الحياةوأول تلك الممنوعاتِ ألا نقربَ النهرَ الا في رفقةِ الكبارفي طقوسِ الختانِ والاعراسِأو الاحتفاءِ بميلادِ طفلٍ جديدٍأو نرافقَ الجدات لتقديم قرابينهن المبهمةَ لآلهة النهرِ التي لم نرها مطلقاً!أما ما كان يثيرُ حماسنا لتلك الضفاف فهو أن نتسلقَ أشجارها الضخمة ذات الظلالِ الوارفةأو نملأ أعيننا بالنظر لجروفِ الخضرواتِ الطازجة التي تنامُ بدعةٍ وادعةٍ مثلَ قطيفةٍ مخمليةٍ إيرانية على الضفةِ الشرقية..ونستنشقُ روائح البخور ِالمنعشةَ التي تفوحُ بلا انقطاعٍ من ضريحِ أحدَ الأولياءِ الصالحينَ..ونرى الأسماكَ التي تتراقصُ في سلالِ الصيادينَ..وتلك التماسيح التي تتشمسُ بكسلٍ على رملِ الجزيرةٍ الصغيرة في انتظارِ طيورها..واحياناً نبصر افراسَ النهرِ الضخمة التي تأتي في موسمِ الفيضانِونتفرجُ لساعاتٍ طويلةٍ على "البنطون" الحديديِ مثل سفينةِ نوحٍ ينقلُ بين الضفتين الناسَ والانعامَ واللواري..ونتساءلُ كل يومٍ بحيرةٍ: لماذا لا يغرق!كانت تفتنا الرمالُ اللامعة والقواقع وتلك القلاعَ الرملية التي نتفننُ في بنائها ثم تأتي الأمواجُ لتبتلعها كلها في لمحة عين..ذات نهارٍ صيفي كنا نتراشقُ بالمياهونلهو كأننا نملكُ النهرَ والضفتينوتلك السحب العابرة التي تتشكلُ مثل قطيعٍ من الزرافاتِ الراكضةعندما صاح أحدُ الرفاقِ: "دعونا نتسابق للضفةِ الأخرى"ثم قفزنا مثل دلافينَ لاهيةً في الماء صوبَ الضفةِ الشرقيةوتركنا خلفنا صوت مزمار الصيادِ الخشبي الذي كان ينادي به اسماك البلطي والقراميط وخشم البنات،كأنه مؤثرُ موسيقي جذاب يتواتر مع ضرباتِ اذرعنا المتلهفةَ للانتصارِكنتُ في الصف الأخير للسباقِ عندما أحسستُ بتلك اللسعةِ الكهربائيةفأرتعدَ جسدي وثقل وتصلبَ وغاصَ نحوَ القاعِ..عند الشهقةِ الأولىعلى غير العادةِ اضطربت أنغامَ المزمارِ الخشبي الطروبةعندَ الشهقةِ الثانيةاختفى صوتُ المز ......
#عبروا
#النهر

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=751569