قناة | | أحمد الدمنهوري 🎓
4.85K subscribers
735 photos
98 videos
30 files
418 links
أكاديمي أزهري مهتم بالعقائد الماتريدية والفلسفة وعلوم القرآن.
Download Telegram
فقه العلم ( 2 )
..
من فقه العلم = التفريق بين علوم التقعيد وعلوم التطبيق .. مع العناية شديدا بعلوم التقعيد!

- علوم التقعيد = تشمل القواعد التأسيسية ، والنظريات المؤطرة ، أو قل: البناء الذي يقوم عليه العلم التطبيقي.

- وعلوم التطبيق = تشمل المسائل التي يشملها العلم ، لكنها مبنية على قاعدة نظرية تكون في العلم التقعيدي.
.
1)
ففي #العلوم_الشرعية ؛

- نجد ( أصول الفقه ) علم تقعيد لعلم ( الفقه ) الذي هو ميدان التطبيق ،

- ونجد ( علوم القرآن ) الذي يتضمن ( أصول التفسير ) لعلم ( التفسير ) الذي هو ميدان التطبيق ،

- ونجد ( علوم الحديث ) ومصطلحه التي هي قواعد العلم لتمييز مقبوله من مردوده لعلم ( الحديث سندا ) الذي هو ميدان التطبيق.

أما ( الحديث متنا ) فقاعدته في ( أصول الفقه ).

- ونجد علم ( التجويد والقراءات ) الذي هو قاعدة علم ( التلاوة والأداء ).

- ونجد ( علم المنطق ) الذي هو قاعدة علم ( الفلسفة ) ؛ التي تبحث مسائل الوجود والمعرفة والقيم .. على قاعدة من التفكير المستقيم المستقى من العقل السليم!
.
2)
أما #العلوم_اللغوية ؛

- فعلم ( الصرف ) و( النحو ) و( البلاغة ) علوم تقعيد ، ميدانها ما ينطق به العرب ( شعرا ) و ( نثرا ) و ( قرآنا ) ؛ وفقا لكلمة طه حسين حين قال : إن كلام العرب على ثلاثة أنحاء : شعر ونثر وقرآن ؛ فعد القرآن نحوا مستقلا لا يشبه الشعر ولا النثر ، وهذا من روائعه رحمه الله!

- وقل مثله في ( علم الإملاء ) الذي هو قاعدة ( علم الإنشاء ).

وهذه أمهات علوم اللغة.

و( علوم اللغة ) ومعها #علم_الكلام جميعا بمثابة #قاعدة_كبرى لسائر ( العلوم الشرعية ).

أما علم الكلام نفسه فمأخوذ من قواعد القرآن والسنة القطعية المبنية على قواعد العقول..!!
.
3)
أما سائر #العلوم_الإنسانية_والطبيعية ؛

فقاعدتها جميعا ( نظرية المعرفة ) التى نحدد من خلالها مصادر المعرفة التي منها تستقى ونحدد من خلالها العلاقة بين تلك المصادر ؛ لذا ستختلف نتائج هذه العلوم وفقا للنظرية المعرفية التي بنيت عليها.

ولذا قلت : إن سائر العلوم الحديثة لابد من إعادة صياغتها وفقا للنظرية المعرفية الإسلامية ؛ لأنها بوضعها الحالي مؤطرة بإطار إلحادي مادي غربي!

ولذا قلت : إن دراستها من فروض الأعيان في هذا العصر لدارسي تلك العلوم..

وكما أن ( أصول الفقه ) علم واحد لكن فيه مدرستان ( حنفية ) و( شافعية ) تختلف نتائج علم ( الفقه ) في المدرستين وفقا لقاعدته الأصولية ؛ فكذلك تختلف نتائج العلوم ( الإنسانية ) و( الطبيعية ) وفقا لقاعدتها ( المعرفية )!
.
ولن تعدم في كل علم إنساني أو طبيعي علوم تقعيد لبعضها ؛ لكنها أيضا ترجع إلى ( النظرية المعرفية )
.
4)
والقاعدة هنا ، أنه : إذا صلحت القاعدة صلحت المسائل .. أو : كلما كان علم التقعيد أكثر إحكاما = كان علم التطبيق أكثر اتساقا .. وكلما كان العالم بعلم التقعيد ألصق = كلما كان علمه أمتن.

ولذا كان من الفوضى العلمية الحالية = الكلام لا عن قاعدة ..

- كما نشاهده لدى ( السلفية ) او لدى مدعي الاجتهاد الذين يرومون الترجيح الفقهي بناء على ما يسمونه فقه الدليل.. أي دون أن يكون لاحدهم الأصول الثابتة التي يبني عليها اجتهاده مع لزوم تلك القاعدة أبدا!

- وكما نشاهده لدى ( الحداثويين ) مدعي التجديد الذين يتكلمون في المسائل لا عن قاعدة بل وفق هوى مجرد .. رائدهم فيه التحسين العقلي الذي يؤول بهم إلى التناقض.

- وكما نشاهده لدى ( العامي ) الجاهل حين يعترض مثلا على فتاوى أهل العلم ومسائلهم المستقرة ، دون أن يسأل نفسه عن القاعدة التي بني عليها الكلام قبل إظهار الجهل بالاعتراض.
.
5)
علوم التقعيد تجعل مسائل العلم متسقة لا متناقضة عند التطبيق ، والاتساق علامة صحة العقل وعلامة قوة العلم ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ؛ لذا كان من مفاخر هذه الأمة : إحكام التأسيس التقعيدي قبل البناء التطبيقي أو معه.

وأعلى وأفخم ما يفاخر به المسلمون ؛ علمي ( علوم الحديث ) الذي به ضبطت قاعدة الثبوت ، و( أصول الفقه ) الذي به وضعت قاعدة الفهم التي لا تكون إلا في درجة تالية بعد الثبوت!

وأعلى منهما = ما وضعه المسلمون من أسس لتصحيح الفكر الإنساني حين عمدوا إلى وضع ( نظرية معرفية ) مبكرة جعلوها مقدمة وقاعدة ( لعلم الكلام ) .. هذه النظرية المعرفية التي تفيد الإنسان في سائر أنحائه وأحواله .. والتي منها ديانته وعقيدته ؛ فتستقيم بذلك حياته لا في الدنيا فقط بل الآخرة أيضا..

فانظر : ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟!
.
#فقه_العلم
فقه العلم .. ( 3 )
..
من فقه العلم = معرفة النموذج المعرفي الذي ينطلق منه العلم!

1)
النموذج المعرفي هو رؤيتي للوجود .. أي رؤيتي الكلية للكون وما فيه وعلاقتي به!

هذه الرؤية تؤثر في إجابتي على كل الأسئلة ، كما تؤثر في بنية العلم ووظيفته وهدفه!

ويمكن اختصار معنى ( النموذج المعرفي ) في إجابتك على أسئلة :
1- من أنا ؟
2- من أين أتيت ؟
3- لماذا أنا هنا ؟
4- وإلى أين المصير ؟

العلوم وفقا للنموذج المعرفي الإسلامي تنطلق من خلال :

1- العبودية لله ، فنحن نتعلم تنفيذا لمراد الله ؛ ولأن العلم طريقنا للنجاة.
2- وأن العلوم كلها من الله العليم ، ومن أنبيائه الذين هم المعلمون الأوائل للبشرية ( وعلم آدم الأسماء كلها )
3- وأننا هنا للابتلاء : بالعبادة ، وتعمير الأرض ، وتزكية النفس.
4- وأننا يوما إلى الله راجعون ؛ ( إنا لله وإنا إليه راجعون )

هذه الأمور رغم بساطتها لكنها تغير وجهة العلم بل العالم!
.
فالعلوم إنسانية كانت أو طبيعية أو لغوية لابد أن تسير في هذا الفلك .. والنموذج المعرفي يكون أوضح في بعضها من بعض ، أو أكثر تجليا في بعضها من بعض ؛ فهو في العلوم الطبيعية لا يتجلى إلا في إطار التفسير لما تنتجه هذه العلوم .. أما في العلوم الإنسانية فهو يتجلى في إطار الفلسفة والتفسير معا ..
.
2)
بالمثال يتضح المقال ..

كتابات فراس السواح حول علم ( تاريخ الأديان / الميثولوجيا ) = من أجمع وأفضل ما يمكن أن تقرأ بلغة العرب حول الموضوع ، وهو باحث مجد من حيث غزارة الإنتاج وجودته مقارنة بالعرب المشتغلين بتاريخ الأديان ..

لكنه مع الأسف في كل كتاباته = ناقل للمعرفة أكثر منه منتجا لها .. وقد اشتريت غالب كتاباته وكان آخر ما اشتريته له موسوعة ( تاريخ الأديان ) في خمس مجلدات ، وذلك منذ 7 سنوات تقريبا.

كتاباته غربية الروح والفكر ؛ لأنها محملة بأوزار الإطار المعرفي الإلحادي الغربي المعاصر..

مازال مجال تاريخ الأديان -أو ما يسمى علم الميثولوجيا أي علم تاريخ الأديان والأساطير- = حكرا على الغربيين وأتباعهم وتلامذتهم من العرب والذين منهم السوري فراس السواح..

نعم توجد كتابات عربية لكنها بالنسبة للمنتج الغربي قليلة ، والكثير منها غير أصيل ؛ فمازال الكتاب العرب والمسلمون يدورةن في فلك النموذج الغربي ..

كنت أتعجب ..

كيف لم تعتن جامعة كالأزهر بهذا العلم بعد ؟

وكيف نترك المستشرقين يترجمون لنا نصوص متون الأهرام ؟

وكيف نتركهم يكتبون لنا تاريخ بلدنا فيقررون أن التوحيد قد عرف في نقطة تاريخية محددة ، سبقته نقاط وثنية وشركية ؛ وأن الأصل في تاريخ الإنسان هو التعدد والتوحيد عارض!

ولن نفرح بكون التوحيد عرف في مصر لأننا مصريون على حساب الحقيقة التي نؤمن بها ، وهي أن التوحيد قديم قدم البشر أنفسهم!

للعلامة دراز كتاب ( الدين ) وللدكتور النشار كتيب صغير أيضا ، وهى كتابات جيدة وميزتها أنها توقفك على فلسفة هذا العلم .. لكن تقصيرنا في هذا العلم كبير!
.
3)
وحتى نستطيع تقديم شيء فيه يوازي الرؤية الغربية ويغالبها فيغلبها = لابد من تضافر الجهود وإقامة مراكز بحثية تعيد قراءة تاريخ الأديان وفق أسس جديدة ، ولابد من الإنفاق الجيد على هذه المراكز حتى تخرج في رحلات استكشافية لتستخرج الأحافير والآثار كما يفعل الغربيون تماما ؛ لتعيد هذه المواد المختطفة إلى حظيرة الرؤية الكونية الربانية ..

سنحتاج إلى :

1- وضع فلسفة ، بحيث تكون البحوث والدراسات قائمة على أساس النموذج المعرفي الآسلامي.

2- إعادة تفسير ، بحيث نعيد النظر في الأحافير والآثار التى اكتشفت وتم وضعها في الإطار الإلحادي.

3- بناء جديد ، نعيد به علم تاريخ الأديان إلى ما ينبغي أن يكون عليه من وصف لحقيقة الدين والتدين في التاريخ الإنساني وأنه ليس عارضا بل أصيل.

ولعل نجاحنا -إن نجحنا- في إعادة بناء هذا العلم = يكون فاتحة لإعادة النظر في سائر العلوم الإنسانية الحديثة المؤطرة كذلك بنموذج إلحادي غير خاف على دقيق النظر ..

( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا )
.
#فقه_العلم
كانت مكتبة أنيس منصور تحوي 22 ألف كتاب تقريبا ، ورأيت مكتبة شيخنا العلامة المحقق الدكتور إبراهيم خليفة ، شيخ مفسري مصر ؛ فوجدتها صغيرة لا تتجاوز جانبا في حائط ..

كانت طريقة شيخنا رحمه الله فيما فهمت عنه أن العبرة ليست بكثرة الكتب ولا النهم في جمعها وتحصيلها فهذه شهوة تنقضي الأعمار ولا تنقضي ..

بل المهم هو التركيز على الكتب الأمهات في كل علم ، فيدرسها الطالب جيدا ويبني عليها وحولها معارفه .. ثم يكثير من تقليب وإجالة النظر فيها فهما واستيعابا واستدلالا ؛ أي ليكن للطالب في كل فن "كتاب واحد" هو عمدته فيه ؛ فما زاد عليه يكون كالحاشية على عمدته شرط أن يدرس عمدته دراسة تحقيق ونظر.

من صوارف العلم في عصرنا كثرة الكتب وتوفرها وكثرة المنهجيات في التعلم وكثرة الشيوخ والدروس على وسائل التواصل ..

وعلى طالب العلم ألا يشتت نفسه فيلازم شيخا ثقة في فن ولا يتعداه لغيره إلا نادرا ..

وفي كل علم كتب درسية لا يقرؤها الطالب سوى مع شيخه ليتعلم منه مع العلم منهجية العلم أي ليبني عقله قبل إعطائه المعلومة .. وهذا أهم شيء في العملية التعليمية .. فكل شيخ لا يعمل على انفصال طلابه عنه ليستقلوا بالبحث فهو غاش لهم!

الناس فيما يكتبون على أصناف فمنهم من يحب الجمع والاكثار ومنهم من يحب التحقيق ؛ منهم من يحب الموسوعية فإن أفلح فيها دون غثاء فهو فرد الزمان ، وقليل ماهم .. ومنهم من يركز على فن أو فنين ويأخذ من البقية ما يخدم فنه ، فإن فعل ذلك وحقق مسائل فنه ؛ فهو فرد ، ولكل وجهة ..

كما عندنا كتب الجمع ؛ عندنا كتب التحقيق .. وكما عندنا الموسوعيون عندنا المحققون ، والتمييز بين كل ذلك من أمهات الطلب و #فقه_العلم.
من ثمارهم تعرفونهم ..

المراد بالثمرة هنا تلك المعرفة التي تنتج قلقا مزعجا وانقلاب الأحوال ، بحيث لا ترتاح إلا بالوصول لذي الجلال ..

يمكنك تقييم أي مذهب أو شيخ أو علم من خلال ثمراته عليك شخصيا ، وما يصلح لغيرك ربما لا يصلح لك ..

ومقصد العلم = أن ينتج في قلب المتعلم حالا ، به يعرف ربه!

فكل شيخ أو علم أو طريق لا تجد تلك الثمرة من ملازمته = فانزع يدك؛ لأنك وإن حشوت رأسك بمعلومات ، لكنها لن تنتج حالا .. سيتضخم الرأس والقلب خرب ؛ لأنها معلومات يمدها قلب مظلم ، وربما أثر ذلك فيك .. فيكون العلم للدنيا أو للمناصب أو للشهوات وربح الأموال ..

وهذا يفسر لك الكثير مما تشاهد .. نسأل الله العافية!

#فقه_العلم
مقاصد العلم في الحضارة الإسلامية وأهدافه ، وإجراءاته وما يتعلق به من مفاهيم = ليس كما عهده الناس في أيامنا ، في عصر سيادة النموذج المادي الأرضي العلماني ، المعادي للإنسان.
.
ذلك أن العلم عندنا تجل لاسم الله العليم ، ومنه ضروري من الله ، ومنه نظري ينال بكسب مصحوبا بتوفيق من الله .. ومنه حلال ومنه حرام كالسحر ، والحلال منه ما هو فرض عين ينبغي على كل مسلم تعلمه ، وما هو فرض كفاية يقوم عليه أهل التخصص ..
.
وفي كل الأحوال فللعالم آداب وللمعلم آداب ؛ منها الإخلاص ، وأن يكون لله لا للدنيا أو للتعالي على الخلق ، لا مماراة للعلماء ، ولا مجاراة للسفهاء ، ولا طلبا لصرف الأنظار!
.
لذلك ؛ فليس شرطا أن يشتغل العلماء بما له نفع مادي ، ولا بما له عائد دنيوي ، ولا فائدة آنية ..
.
العلم عندنا قد يكون تجريبيا ، وقد يكون عقليا ، وقد يكون خبريا ، وقد ضبط العلماء كل مصدر معرفي منها وتحدثوا عنه ووضعوا له شروطا وقيودا .. ومنهم من اعتبر الكشف والإلهام بشروطهما المعتبرة ..
.
العلم عندنا ترعاه أموال المسلمين تعبدا عن طريق الأوقاف ، والصدقات التي تكفل طلاب العلم وشراء الكتب وتوفير الأدوات ، فهو قضية فردية مجتمعية معا ؛ لأنه عبادة قد يقوم بها الفرد وتؤدي دورا في المجتمع ..
.
ومن هنا كان تاريخ التعليم في حضارتنا يسير في خط مواز للسياسة والاقتصاد ؛ فتتعجب من كون أحط عصور الإسلام سياسة واقتصادا ؛ هو أكثرها مجتهدين وعلماء وإنشاء للمدارس وظهورا للموسوعات ؛ وذلك بعد سقوط بغداد على يد التتار سنة 656هجرية!
.
ولا يكاد يوازي هذه الفترة في تاريخنا سوى ما نعيشه هذه الأيام .. مع فوارق هامة تعطي ميزة لعصر الانحطاط الأول!
.
ذلك أن العالم الإسلامي بعد وقوعه تحت الهيمنة الغربية الحديثة ؛ تأثرت "فلسفته العلمية" ؛ فتوقفت العلوم الإسلامية عن ازدهارها بعكس ما حصل بعد سقوط بغداد ؛ نظرا لعنصرين رئيسين:
.
الأول: وضوح الهوية هناك، وضياعها هنا.

الثاني: استقلال العلماء والمؤسسات هناك وتبعيتهم هنا لأهواء السياسيين والاقتصاديين ؛ وذلك كنتيجة للسيطرة على الأوقاف كجزء من مفهوم الدولة الحديث ، الذي منه شمول الهيمنة على مناحي الحياة .. فلم تعد العلوم في خطوط موازية لأوضاع المجتمع بل صارت في خطوط متوالية ؛ حيث صارت جزءا من روح العصر .. تابعة متأثرة!
.
ولتعلم مقدار العلم في نفوس أهل العصر وأصحاب الهيمنة فيه ؛ انظر : لو أن الغرب المادي فقد ماله وثرواته ؛ لرأيت سوق العلم أضعف وتأثيره أقل ؛ وذلك لتبعيته للاقتصاد وتوظيفه لصالحه في الوقت نفسه!
.
العلم عندنا فيه حضور قوي لعالم الغيب ، فيطلب ويمارس كعبادة ، وهذا ما يؤثر في طريقة معالجة المسائل والاشتغال بها ، ويؤثر في طريقة تعاطيها ، ويؤثر في نظر المشتغل وأخلاقه .. بغض النظر عن حال الدول السياسي وحال المجتمعات الاقتصادي!

وفكرة "حال المشتغل" الذي يؤمن بالغيب ، أو لا يؤمن = مهمة في قضية الموضوعية العلمية ، إذ تؤثر في أخلاقه وأمانته ، ومع ذلك لم أر من يتناولها مع شديد أثرها ..
.
العلم في حضارة اليوم ؛ يبدو في خدمة الاقتصاد ، أهدافه : أرضية ، وغايته : نفعية آنية!
.
ومن هنا ندرك سرا من أسرار عظمة وشيئا من قوة وأهمية التعليم الإسلامي في مدارسه العتيقة كالأزهر ؛ فهو يؤكد -ولو نظريا- على كون العلم عبادة ، وكونه يطلب لذاته مستقلا عن كل وضع ؛ فتمثل معاهده بذلك مخزونا استراتيجيا يحتفظ بهوية الأمة ، حتى يأذن الله بفجر جديد ..
.
في العموم ؛ ينبغي لصالح المجتمعات الإنسانية والبشرية جمعاء -إن أردنا لها الخير- = فصل قضية العلم عن غيرها ؛ فلا تكون تابعة لاقتصاد ولا سياسة ، مع منح العلماء الاستقلال الفكري والتعليمي ، الذي يشمل إنشاء المدارس وإتاحة الفرص للمجتمع لإيقاف الأوقاف على تلك المدارس ..

كما ينبغي إعادة النظر في "فلسفة العلم والتعليم" ، وإعادة الاعتبار لأخلاقيات العالم والمتعلم ؛ نظرا لشديد أثر ذلك كله في عملية التلقي والمعالجة!
.
وكل هذا يمثل حالة حضارية جديدة تحتاج تغييرا في الأفكار ؛ وقوة في تبنيها وتطبيقها ؛ ولا يكون ذلك إلا بعودة الاعتزاز بالعلوم الإسلامية ؛ وحضور فلسفتها في أذهان المعلمين والمتعلمين والمجتمع ..
.
العلم عندنا = ليس وسيلة للهيمنة بقدر ما هو نفع ورحمة للعالمين ، العلم عندنا = ليس تأكيدا على الأنانية ولا وسيلة للتأله ؛ بل عبادة ؛ لأنه اكتشاف لكيفية تسبيح الكون ، وبحث عن يد الخالق في النفس والعالم!
.
#فقه_العلم
.
5)
لا أخفي أنني حين أسير فى شوارع المسلمين وأرى كثرة أشجار الكريسماس فى كل مكان، وأرى الشباب فى المحلات مع الفتيات يرتدين قبعة بابا نويل، أو يخبرني أولادي أنهم احتفلوا فى مدارسهم برأس السنة = ينقبض قلبي وأشعر بجرح فى كرامتي!
.
إذ كيف صار المسلمون مسوخًا بعد أن كان أجدادهم يعلِّمون الدنيا المروءة والعلم والأخلاق حتى كانت أميرات أوروبا المسيحيات يتشبَّهن بأميرات القصور من المسلمات فيرتدين النقاب الذي كان علامة الشريفات وذوات الهيئات من المسلمات؛ كما كنتَ في تلك العصور لا تميز بين زي المسلم وغيره إن عرض على أهل هذا العصر .. وذلك حين كانت "الموضة" المحملة بالقيم والمعاني الإسلامية تُصنع فى بلادنا ويتلقفها الناس فى مشارق الأرض ومغاربها ؛ فصدق فى المسلمين -يومًا- ما وصفهم الله به حين جعلهم "شهداء على الناس" وأرادهم "رحمة للعالمين"، قبل أن يتحول الحال ليكونوا ذيولا مقلدين، لا هم فى دنيا ولا دين!
.
خلاصة الفكرة : أنه وإن كان الشيء جائزًا فقهًا ؛ فقد نقول بحرمته حضارة وهوية .. إن كنا نريد ألا نكون مسوخًا لا ملامح لها.
.
6)
لست هنا لأندب حالي وحالكم فالموج عالٍ والمقاومة صعبة ؛ ولكن سددوا وقاربوا ..
.
فمما يجب علينا فعله ؛ أن تهتم الدول والحكومات وذوو التوجيه والرأي السديد من المسلمين بأعياد المسلمين واحتفالاتهم ومناسباتهم وتعظيم شعائر الله بأنواع الفرح المباح .. فتعود للمسلمين بهجة الاحتفال بالمولد أو ذكرى بدر والإسراء والمعراج والنصف من شعبان ورمضان وغيرها من عادات اشتملت على عبادات ، شكَّلت هوية الكثير من عوام المسلمين على مدار قرون.
.
ولعل آباءنا وعلماءنا الأوائل كانوا على وعي بعملية صناعة العادات المحملة بالقيم حين عملوا على الإكثار من المناسبات وتوظيف الأذكار فيها؛ لتكون محمَّلة بقيمنا وهويتنا، لا لتكون كاحتفالات الغافلين .. لقد عملوا بكثرة المناسبات على ملء فراغ الناس حتى لا تذهب بهم نفوسهم إلى مناسبات يخترعونها أو ينقلونها مقلدين غيرهم!
.
ومن واجباتنا؛ أن نهتم لأولادنا فنعلمهم أن لا يكونوا مسوخًا بشرية يحتفلون بأعياد الأغيار .. وأن نزرع فيهم الكرامة الإنسانية أولًا قبل أن نخبرهم بالحكم الفقهي، إن قلَّد آباؤهم الفتاوى الرسمية التى يميل معظمها للإباحة؛ فإن المرء إن كان صاحب كرامة استنكف عن كثير من أفعال العموم..
.
ومن واجباتنا؛ أن يجتمع الناس في البيوت أسرًا وعائلات حتى يعيش الصغار جو العائلة فى احتفالاتنا ليعلموا عمليا الفرق بين طريقتنا فى إظهار السرور وطريقة غيرنا ، فأعيادنا فيها التسبيح والصلاة ، وأعياد غيرنا شهوات وغفلات، وليتعلموا كيف يكونون رجالًا في احتفالاتهم ونساء ذوات كرامة في فرحهم، لا كمن انفلت حاله ؛ حتى صار من المسلمين من يندب حظه على امرأة تافهة تركته ليذهب لشرب الخمور والحشيش، وحتى تحولت المناسبات إلى مسارح للغفلة وتجارة لإشباع الغرائز!

والله وحده الهادي إلى سواء السبيل.

#فقه_العلم
طالب العلم لا يشغل نفسه بخلافات المذاهب والتيارات حتى يتقن واحدا منها من مصادره ، فإن أتقن فلا يحق له نقد غيره حتى يدرس هذا الغير ، ويعلم أغراض ومقاصد ومناهج أربابه ، فإن لم يفعل كان مجرد ببغاء يردد ما طرق سمعه لأول وهله ، وهي إساءة للعلم والدين ، أما العلم فظاهر ، وأما الدين فلأنه ظلم واتهام بالباطل لمن لا يعرف عنهم شيئا ، حتى إن أصاب في نقده فإنه مخطئ ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه.

إذا كان هذا هو حال طالب العلم مع العلماء والمجتهدين والمذاهب المستقرة ، فمن الحمق أن يكون مشجعا أو "ألتراس" لعالم أو مشتغل بالعلم من المعاصرين فيوالي ويعادي عليه ..

طالب العلم لا ينبغي أن ينشغل بالخلاف بقدر ما ينشغل بالبحث عن كيف ينجو بالعلم؟ وكيف ينصف الخصم؟ وقبله: كيف يفهم مذاهب الناس ومقولاتهم؟ وإلا فليبحث عن شيء آخر غير العلم ، لأنه يفسد العلم على الناس حتى يظن الناس أن العلم تناطح وتدابر وخصام وانتقام .. والحال أن العلم رحم بين أهله ، لا سيما في الظنيات ومحال الاجتهاد ، أما الخلاف في القطعيات ؛ فله آداب في البحث تنأى أن تكون ما نراه من التحامل والتصيد وأخذ الأمور على محمل شخصي .. والوقوف على توافه الأمور!

اشتغل بما يزيدك علما وفهما ، واحرص على ما ينفعك ، واجعل للعلماء حظا عظيما في قلبك ، وتأدب مع الموافق والمخالف = ينفنح لك باب من العلم لم تعهده من قبل ، فإن التأدب باب الانتفاع!

#فقه_العلم
سئلت عن مؤلفات الماتريدية مقارنة بمؤلفات الأشاعرة من حيث كثرة التأليف ، فقلت : لا نستطيع القول بأن تآليف الماتريدية أقل أو أكثر من تآليف الأشعرية إلا بعد حصر دقيق لكتب المذهبين ، وهو غير متوفر ، والبينة على من ادعى.

ثم العبرة ليست بكثرة التأليف بل بالتحقيق ، فالكثير من الكتب قد يكون نقلا لكلام السابقين أو اختصارا له أو تسهيلا لعبارته .. فهو دوران في فلك مؤلف واحد ينتج عنه عشرات المؤلفات بصور شتى..

لذلك فالمعول عليه في كتب المذاهب والعلوم ما يمكن تسميته بالكتب "الفارقة" أي التي أحدثت فرقا في المذهب أو العلم وتطوره .. ورصد تلك المؤلفات الفارقة في كل علم من فقه العلم.

وعندها ستقف على أعلام المذهب الكبار ثم من دار في فلكم ، وستقف على تولد الأفكار وبداياتها ، وستقف على أثر البيئة في تولد فكرة أو مسألة وقضية ..

لذلك كان من مهمات طالب العلم رصد تلك المؤلفات ، التي تمثل بدايات مراحل زمنية في كل فن ، ولا نبعد إن قلنا : من فقه العلم ، تمييز المؤلفات الفارقة في كل فن.

#فقه_العلم
تختلف مناهج التوثيق من مجال لآخر ومن علم لآخر ..

فالقرآن يوثق بالتواتر، وما روي بطريق الآحاد يحكم بشذوذه، والحديث يقبل فيه الآحاد، أما نسبة الكتب والآراء= فتوثق بنسبتها لصاحبها وبشهرتها بين أهل العلم، أو معرفتها من قبل أصحابه وتلامذته، فإن لم ينكر أحد تلك النسبة ثبتت، لأن تلامذة الرجل أعرف الناس به وبما قال .. ومن هنا يظهر:

1) خطأ نسبة اتجاهات وآراء وتراجعات للعلماء لم يعرفها أصحابهم وتلامذتهم، كمن ينسب التراجع للإمام الأشعري أو غيره من الأئمة.

2) خطأ إنكار نسبة بعض الكتب لبعض الأئمة، لضعف بعض رجال إسنادها، كمن ينكر نسبة الفقه الأكبر لأبي حنيفة، لضعف بعض رواته، إذ لا يطلب فيه ما يطلب في توثيق الحديث، بل يكفى الشهرة وعدم إنكار التلاميذ.

#فقه_العلم
مسلك علمي غريب ظهر على حين غيبة من الراسخين ، وذلك حين تسور قوم العلم فلم يدخلوه من بابه..

يتمثل هذا المسلك في "جمع نصوص السلف" في العلوم المختلفة وإعادة قراءتها .. في العقيدة والفقه والسلوك والتفسير، وغيرها .. ويكأنهم يريدون استئناف العلوم من جديد وفق نصوص متفرقة عن الصحابة والتابعين وتابعيهم ، والتي سيتم قراءتها وفق الرؤية التيمية طبعا.

نصوص السلف ومذاهب الصحابة والتابعين لن تكون وحدة واحدة، مهما جمعت الآن ، ومهما وصلت لمصادر ؛ لأن الكثير من مصادرنا الأولى فقد في هجمات التتار وأتلفه الزمن، فالسيوطي مثلا وهو من علماء القرن العاشر ذكر كتبا في الإتقان مفقودة الآن، ولاتوجد في شيء من الخزائن، فما بالك بما قبله من قرون ..

لقد استغنى مؤسسوا العلوم الإسلامية العظيمة الأوائل عن هذه الأقوال الجزئية للصحابة والتابعين ، ولم يعودوا في حاجة إليها بعد أن استفادوا منها في تكوين نظرياتهم العلمية ، لقد مزجوا هذه الأقوال جميعا بعد هضمها ، ووضعوها في وحدة واحدة تمثلت في قواعد الأصول والفقه والكلام وأصول القراءات والحديث وغيرها ..

العلوم الإسلامية نصجت على أكتاف فهوم الصحابة والتابعين بحيث نقول: إن هذه القواعد العلمية المستقرة هي عصارة فهوم السلف ، وإن لم نقف على أقوالهم الجزئية في مسائل مخصوصة.

الترتيب المنطقي كان جمع تلك الأقوال ثم هضمها ثم تكوين النظرية أو القول الجامع ، على نحو ما فعل ابن جرير مثلا في تفسيره حين يقول لك معنى الآية في كلمات معدودات ، ثم يذكر بأسانيده من ذهب لذلك المعنى من السلف، في أسانيد كثيرة، وقد كتبت هذا المعنى في كتابي حول "مقدمة أصول التفسير لابن تيمية" حين اعتبرتها نظريته في التفسير.

هذا بعينه ما حصل .. توحيد الأقوال في وحدة واحدة بحيث تستغني بها عن كل قول قول ، بعد الوقوف على المعنى الجامع المشترك.

لذلك فإن محاولة جمع أقوال السلف أو الاعتماد على كتب تجمع لهم القول والقولين في العقيدة والفقه مثلا ، والطيران بأمثال كتب ما يسمى "العقيدة المسندة"، أو "موسوعة فقه السلف" = سيكون عملا قاصرا وسيؤدي إلى مشكلات علمية ، أقلها العمل على إعادة صياغة العلوم وفق هذا الفهم المبتور والجمع القاصر والتتبع الناقص لعباراتهم ، مما يؤدي إلى دين محرف باسم دين السلف!

العلم ليس هو النصوص المتفرقة بل العلم هو امتزاج تلك النصوص في وحدة واحدة، فكما أن علم الفقه ليس هو أحاديث البخاري ، بل الفقه امتزاج تلك الأحاديث التي في البخاري مع بقية الأحاديث في كتب السنة، مع القرآن، مصحوبا بفهوم الصحابة والتابعين ، وفق مقتضيات اللغة وقواعد الأصول .. لتكون بعد ذلك كله شيئا واحدا اسمه: الفقه.

وقل مثله في سائر العلوم المستقرة.

الحكم الفقهي الذي تراه في سطر خال من آية وحديث ، أو القاعدة العقدية أو الحكم الأخلاقي أو القاعدة الحديثية والتفسيرية والفقهية التي تراها في كلمات معدودات = هو في الحقيقة عصارة تلك العلوم الممتزجة!

لذلك كله نعجب من صنيع هؤلاء الذين يجعلون العلم عضين!

ويبدو أن طريقة تعضين العلم صارت منهجا عند القوم، فحين تذكر لهم قاعدة الأشاعرة في مسألة إذا به يأتيك بقول للباقلاني ظاهره مخالفة القول ، أو حين تأتيه بحكم فقهي إذا به يأتيك بحديث يخالف ظاهره الحكم ، أو حين تأتيه بتفسير آية إذا به يعترض اعتراض السفهاء بقول لبعض السلف يظن فيه مخالفة الفهم المنقول، والتعارض في الحقيقة في عقله لعدم تشربه لتك العلوم الممتزجة.

ولغياب هذا الأصل ولسكرتهم بهذا المسلك = تراهم يعمدون إلى نصوص الأئمة ليجعلوها ناطقة بفهوم لم يفهمها بذلك تلامذتهم ولا أحد من العالمين، ظانين أنهم يأتون بما لا يعرف!

إن هذا الفعل يتضمن الجهل بصناعة العلم، كما يتضمن التعالم المصحوب بسوء الأدب!

العلم في كلمة واحدة = ليس نصوصا متفرقة ، بل اتحاد تلك النصوص بحيث تكون نظرية علمية ترد من خلالها المتشابه إلى المحكم، وأن تكون ملما بأصول المذاهب وقواعدها وأقوال أئمتها ومحكمات أقوالهم ، لتفهم في ضوء ذلك كله ما تشابه من نصوصهم أو غمض.

أو في كلمة أخصر وأقصر = العلم مناهج وأدوات وليس مسائل جزئية ومعلومات.

#فقه_العلم
[أبجديات البحث في العلوم الشرعية | فريد الأنصاري]

#فقه_العلم
- مقرٌّ بأنّ كلّ ما كان هو الأكمل الأفضل الأعظم الأجلّ فهو لك، وكلّ ما فيه عيبٌ أو نقصٌ فأنت منزَّهٌ عنه.

- ومقرٌّ بأنّ عقلي وفهمي قاصرٌ عن الوصول إلى كُنهِ حقيقةِ ذرّةٍ من ذرّاتِ مخلوقاتك ))
.
7 )
العجز عن الإدراك إدراك ..
.
هذه خلاصة تجربة اثنين من أذكياء العالم وكبار العقول فى التاريخ الإنساني : أبو حامد الغزالي كما دونه في (المنقذ) ثم فخر الدين الرازي كما دونه في (ذم اللذات) ؛ لكن يبدو أن الغزالي كان أشجع فأكمل الطريق إلى نهايته وأعلن اختياره طريق التصوف .. أما الرازي فلم نعرف عنه ذلك ، ويقال إن الشيخ الأكبر بعث له برسالة ينصحه فيها بالسلوك ..

وتأمل قول صاحب ( الفتوحات المكية ٧/٥٤١ ) : "علوم المتكلمين في ذات الله والخائضين فيه ليست أنوارا"
.
هذه خلاصة تجارب الفلاسفة والمتكلمين والصوفية جميعا ؛ وصدق فى الكل بلسان الحال وسيف القدر ذلك التوجيه التوجيه النبوي الأبوي ( تفكروا فى خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله )

أما أهل التصوف فقد امتازوا عن غيرهم بالجمع بين شرفين ؛ شرف ( الوحي ) وشرف ( البصيرة ) التي هي العقل المنير بالتوفيق والتسديد الإلهي الذي يمكن التعبير عنه بـ ( الحكمة ) ؛ التي هي ثمرة العبادة والذكر والتى دل الوحي على عظم قدرها وعلو منزلتها حين قال : ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، وما يذكر إلا أولوا الألباب ) ، لذا يجد الناظر في كتبهم إن كان من السعداء أهل التوفيق والتسديد = سطوة ، وهيبة ، ونور ، ومعارف لا تخرج إلا من مشكاة نور النبوة ، معارف لا يتحدث فيها ولا يحيط بها غيرهم ، مع مشاركتهم غيرهم في سائر علومهم .. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم!
.
#فقه_العلم
العلم ليس هو تاريخ العلم!

الخلط بين العلم وتاريخه يوهم الدارس أنه عالم وهو في الحقيقة مؤرخ، والخلط بينهما يجعل كل ما قيل حول العلم من العلم، بل يجعل ما شذ عن قواعد العلم من العلم، وما خرج عن قواعد العلم من العلم ..

تخيل معي أن تعد أفكار من يسمون "تنويريين" و"مجددين"، ومن يريدون "إصلاح الإسلام" في عصرنا آراء معتبرة في العلوم الإسلامية ، بل مدارس فكرية واتجاهات لها اصحابها، وتعقد المناقشات حول أفكارهم باعتبارها من العلم ، لمجرد انهم ذكروا اسم العلم في كلامهم بغض النظر عن الخلط والتشويش والضجيج بلا داع ، ولمجرد وجودهم في لحظة تاريخية، أو لمجرد أن الزمان حدفهم علينا!

هذا بالضبط ما يحصل لدى كثير من المتعلمين في عصرنا ممن تعلموا في الجامعات الحديثة حيث جاءت الدراسة سطحية ، دراسة عن العلم لا فيه ، ومن ثم لا يفرق الطالب بين ما هو من العلم وما هو زائف يرتدي ثوب العلم ، ليضع الجميع في سلة واحدة!

الآراء الخارجة عن قانون العلم تذكر لا لكونها من العلم بل تذكر لإخراجها من العلم!

لكن يأتي غير الضابط للمسائل ولا الفاهم للعلم ليجعلها من العلم!

وهذا من الفوارق بين الدراسة الأزهرية أو الدراسات العتيقة بعامة والدراسات الحديثة، الأزهري يعرف حدود العلم، وغيره لا يفرق بين ما هو منه وما هو شاذ عنه، الأزهري يتعلم قانون العلم وغيره يعد الشاذ منه بل يبحث عن الشاذ للإبانة عن التنوع أو ليظهر تفرده .. وأستاذه في هذا: تاريخ العلم ، فمن تاريخ العلم يتعلم العلم وليس من قواعد العلم ..

والعلم منهج وليس تاريخا.. فإن رأيت من يعلمك يخوض بك غمار المناهج ثم المسائل فهو أمين، وإن رأيته يحدثك عن تاريخ العلم وفلان قال وفلان عارضه فقال .. دون أن تعرف على أي أساس قيل ، ولا ما هي أداوت محاكمة الأقوال = فلن تتعلم منه سوى قشور العلم وستكون مثقفا تحكى الأقوال دون القدرة على تحقيقها،وستكون منتفخا وأنت عند اهل العلم مدعي متشبع بما لم يعط، كلابس ثوبي زور!

العلم ثمرته تحقيق الأقوال.

أما أخذ العلم من التاريخ، فثمرته حكاية الأقوال دون تفرقة بينها ، في حالة تشبه السفسطة التي تساوي بين القوي والضعيف والمحق والمبطل ، لذا يكثر في هؤلاء السفسطة وضرب الأقوال بعضها ببعض إذا أرد الحديث في مسألة.

فإذا قلت له مثلا: قال أهل السنة كذا ، أو مذهب المفسرين كذا ، أو قول اهل الأصول قاضية بكذا = قال لك: لكن فلانا قال، وفلانا عارضه ورد عليه !!

وهذا الأسلوب شائع لدى المتعلم العصري ، وشائع لدى كثير ممن نصب نفسه ليرد على الأشاعرة والماتريدية بزعمه؛ أو ممن يريد التفلت من أحكام الشريعة ، فماذا يفعل؟

يذكر خلاف بعض العلماء مع بعض دون أن يفرق بين الخلاف في المسائل والخلاف في المناهج، أو دون أن يفرق بين الخلاف المعتبر وغيره ..

وأصل الداء = أخذ العلم من التاريخ .. لا من [1]المناهج، ثم [2]بناء المسائل عليها، [3] على يد المؤهلين.
.
#فقه_العلم.
.
٣. نظر الفقيه فيه اعتبارات كثيرة منها البحث التجريبي.
.
٤. بعض الأحكام تعبدية غير معقولة المعنى.
.
٥. المكلف يثاب بمجرد نية الامتثال ، بغض النظر عن الواقع أو النتائج.
.
٥. العلم الذي لا يتعارض مع الدين هو العلم القطعي وليس الظني، فإن ثبتت قطعية البحث التجريبي وجب تأويل النص وتغير الاجتهاد.

#فقه_العلم