#عقيدة #ردود #الأسماء_والصفات
بين الإمام ابن القيم والبيهقي
قال البيهقي في الأسماء والصفات عن حديث الاستلقاء (٢٠٠/٢-١٩٩):
ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ حَدَّثَ بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ.
قال الإمام ابن القيم في «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» وهو يرد على هذا الكلام:
كل واحدٍ من هذين الأمرين -أعني: المنع والمعارضة - ينقسم إلى درجات متعددة. فأمَّا المنع فهو على ثلاث درجاتٍ:
أحدها: منع كون الرسول جاء بذلك أو قاله.
الدرجة الثانية: منع دلالته على ذلك المعنى، وهذه الدرجة بعد التنزل إلى الاعتراف بكونه قاله.
الدرجة الثالثة: منع كون قوله حجةً في هذه المسائل.
والدرجات الثلاث قد استعملها المعطلة النُّفاة:
فأمَّا الأولى: فاستعملوها في الأحاديث المخالفة لأقوالهم وقواعدهم، ونسبوا رواتها إلى الكذب والغلط والخطأ في السمع، واعتقاد أن كثيرًا منها من كلام الكفار والمشركين كان النبي ﷺ يحكيه عنهم، فربما أدركه الواحد في أثناء كلامه بعد تصديره بالحكاية فيسمع المحكي فيعتقده قائلًا له، لا حاكيًا، فيقول: قال رسول الله ﷺ. كما قاله بعضهم في حديث قتادة بن النعمان في الاستلقاء. (قلت: وهو عينه كلام البيهقي)
قال: يحتمل أن يكون النبي ﷺ حدَّث به عن بعض أهل الكتاب على طريق الإنكار عليهم، فلم يفهم عنه قتادة بن النعمان إنكاره، فقال: قال رسول الله ﷺ.
وعضد هذا الاحتمال بما رواه من حديث ابن أبي أُويس، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن عروة بن الزبير، أن الزبير بن العوَّام سمع رجلًا يُحدِّث حديثًا عن النبي ﷺ فاستمع الزبير له حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ؟ فقال له الرجل: نعم. قال هذا وأشباهه ممَّا يمنعنا أن نتحدث عن النبي ﷺ. قد لعمري سمعتَ هذا من رسول الله ﷺ وأنا يومئذٍ حاضرٌ، ولكن رسول الله ﷺ ابتدأ هذا الحديث فحدَّثنا به عن رجلٍ من أهل الكتاب حدَّثه إيَّاه، فجئتَ أنتَ يومئذٍ بعد أن قضى صدر الحديث وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب، فظننت أنه من حديث رسول الله ﷺ.
قالوا: فلهذا الاحتمال تركنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله.
فتأمَّل ما في هذا الوجه من الأمر العظيم أن يشتبه على أعلم الناس بالله وصفاته وكلامه وكلام رسوله كلام الرسول الحق الذي قاله مدحًا وثناءً على الله بكلام الكفار المشركين الذي هو تنقصٌ وعيبٌ، فلا يُميِّز بين هذا وهذا ويقول: «قال رسول الله ﷺ» لما يكون من كلام ذلك المشرك الكافر. فأي نسبة جهلٍ واستجهالٍ لأصحاب رسول الله ﷺ [ق ١٣١ ب] فوق هذا أنه لا يميز أحدهم بين كلام رسول الله ﷺ وكلام الكفار والمشركين،ويميز بينهما أفراخ الجهمية والمعطلة؟ وكيف يستجيز من للصحابة في قلبه وقارٌ وحرمةٌ أن ينسب إليهم مثل ذلك؟! ويا لله العجب! هل بلغ بهم الجهل المفرط إلى ألَّا يُفرِّقوا بين الكلام الذي يقوله رسول الله ﷺ حاكيًا عن المشركين والكفار، والذي يقوله حاكيًا له عن جبريل عن رب العالمين، ولا بين الوصف بما هو مدح وثناء وتمجيد لله ووصفه بما هو ضد ذلك؟ فتأمَّل جناية هذه المعرفة على النصوص!
ومن تأمَّل أحاديث الصِّفات وطُرقها وتعدد مخارجها ومن رواها من الصحابة علم بالضرورة بطلان هذا الاحتمال،وأنه من أبين الكذب والمحال. فوالله، لو قاله صاحب رسول الله ﷺ من عند نفسه لكان أولى بقبوله واعتقاده من قول الجهمي المعطل النافي، فكيف إذا نسبه إلى رسول الله ﷺ؟!
والمقصود أن هذه الدرجات الثلاث قد وضعت الجهمية أرجلهم فيها. فهذه درجة منع كون الرسول قاله. وأكدوا أمر هذه الدرجة بأن أخبار الآحاد يتطرق إليها الكذب والخطأ والغلط، فلا يجوز أن يُحتج بها في باب معرفة الله وما يجب له ويمتنع عليه. وسيمر بك إن شاء الله تعالى ما يقلع هذه الدرجة من أصلها.اه
والنقلان من حاشية الشيخ عادل آل حمدان وفقه الله على نقض الدارمي.
بين الإمام ابن القيم والبيهقي
قال البيهقي في الأسماء والصفات عن حديث الاستلقاء (٢٠٠/٢-١٩٩):
ثُمَّ إِنْ صَحَّ طَرِيقُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ حَدَّثَ بِهِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ إِنْكَارَهُ.
قال الإمام ابن القيم في «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» وهو يرد على هذا الكلام:
كل واحدٍ من هذين الأمرين -أعني: المنع والمعارضة - ينقسم إلى درجات متعددة. فأمَّا المنع فهو على ثلاث درجاتٍ:
أحدها: منع كون الرسول جاء بذلك أو قاله.
الدرجة الثانية: منع دلالته على ذلك المعنى، وهذه الدرجة بعد التنزل إلى الاعتراف بكونه قاله.
الدرجة الثالثة: منع كون قوله حجةً في هذه المسائل.
والدرجات الثلاث قد استعملها المعطلة النُّفاة:
فأمَّا الأولى: فاستعملوها في الأحاديث المخالفة لأقوالهم وقواعدهم، ونسبوا رواتها إلى الكذب والغلط والخطأ في السمع، واعتقاد أن كثيرًا منها من كلام الكفار والمشركين كان النبي ﷺ يحكيه عنهم، فربما أدركه الواحد في أثناء كلامه بعد تصديره بالحكاية فيسمع المحكي فيعتقده قائلًا له، لا حاكيًا، فيقول: قال رسول الله ﷺ. كما قاله بعضهم في حديث قتادة بن النعمان في الاستلقاء. (قلت: وهو عينه كلام البيهقي)
قال: يحتمل أن يكون النبي ﷺ حدَّث به عن بعض أهل الكتاب على طريق الإنكار عليهم، فلم يفهم عنه قتادة بن النعمان إنكاره، فقال: قال رسول الله ﷺ.
وعضد هذا الاحتمال بما رواه من حديث ابن أبي أُويس، حدثني ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن عبد الله بن عروة بن الزبير، أن الزبير بن العوَّام سمع رجلًا يُحدِّث حديثًا عن النبي ﷺ فاستمع الزبير له حتى إذا قضى الرجل حديثه قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ؟ فقال له الرجل: نعم. قال هذا وأشباهه ممَّا يمنعنا أن نتحدث عن النبي ﷺ. قد لعمري سمعتَ هذا من رسول الله ﷺ وأنا يومئذٍ حاضرٌ، ولكن رسول الله ﷺ ابتدأ هذا الحديث فحدَّثنا به عن رجلٍ من أهل الكتاب حدَّثه إيَّاه، فجئتَ أنتَ يومئذٍ بعد أن قضى صدر الحديث وذكر الرجل الذي من أهل الكتاب، فظننت أنه من حديث رسول الله ﷺ.
قالوا: فلهذا الاحتمال تركنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات الله.
فتأمَّل ما في هذا الوجه من الأمر العظيم أن يشتبه على أعلم الناس بالله وصفاته وكلامه وكلام رسوله كلام الرسول الحق الذي قاله مدحًا وثناءً على الله بكلام الكفار المشركين الذي هو تنقصٌ وعيبٌ، فلا يُميِّز بين هذا وهذا ويقول: «قال رسول الله ﷺ» لما يكون من كلام ذلك المشرك الكافر. فأي نسبة جهلٍ واستجهالٍ لأصحاب رسول الله ﷺ [ق ١٣١ ب] فوق هذا أنه لا يميز أحدهم بين كلام رسول الله ﷺ وكلام الكفار والمشركين،
ومن تأمَّل أحاديث الصِّفات وطُرقها وتعدد مخارجها ومن رواها من الصحابة علم بالضرورة بطلان هذا الاحتمال،
والمقصود أن هذه الدرجات الثلاث قد وضعت الجهمية أرجلهم فيها. فهذه درجة منع كون الرسول قاله. وأكدوا أمر هذه الدرجة بأن أخبار الآحاد يتطرق إليها الكذب والخطأ والغلط، فلا يجوز أن يُحتج بها في باب معرفة الله وما يجب له ويمتنع عليه. وسيمر بك إن شاء الله تعالى ما يقلع هذه الدرجة من أصلها.اه
والنقلان من حاشية الشيخ عادل آل حمدان وفقه الله على نقض الدارمي.