دروب الخير 🕋
1.78K subscribers
37.7K photos
13.7K videos
6.54K files
43.8K links
إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي
Download Telegram
Forwarded from دورس الشيخ أبو البدر النابلسي (الشيخ ابوبدرالنابلسي الدمشقي العمري)
بسم الله الرحمن الرحيم

#معارف_كأنك_تراه (102)
#مقالات_العارفين (16)

معرفة كمال النفس ونقصها.. من مهمات السالكين ؛ لكي يبقوا على الطريق المستقيم، ولا يلتفتوا إلى مالا تحصيل له؛ فيضيعوا أوقاتهم في الفائت وهم يظنون أنهم في الحاصل.
فكمال النفس من حيث هي.. في معرفة أوصافها الذاتية ، وأوصافها الذاتية.. هي عين كل نقص ودثور ، ولولا ذلك.. لم نتحقَّق بالوجودِ بعد عدم ، فلو كان للنفس كمالٌ حقيقي.. لما حدثتْ بعد عدم؛ لأن الكمال الحقيقي لا يكون حادثاً .

ودليل هذا الأمر ظاهر ؛ لأن الكمال من حيث هو كمال.. يجب أن يكون مُسْتَبِدّاً لا مُسْتَمِدّاً ، فمن احتاج إلى غيره في تحققه.. فهو مفتقر ، وكل مفتقر إلى الغير.. فهو ناقص في ذاته. وعليه : فلا يصح كمال حقيقي يحدث بعد عدم، فكل كامل بغيره.. ناقص بذاته .
وهذا يجعلنا نلتفت إلى كل ما نتوهمه كمالاً لنا ، فإذا كان أصلنا - وهو وجودنا - مفتقراً.. فجميع ما يقوم بوجودنا المفتقر.. مفتقرٌ بالأَولى .
وعليه : فلا معنى لافتقار وجودنا.. إلا كونه عدماً ، فإنه لا واسطة بين الوجود والعدم إلا توهُّم الوجود ، كالبرزخ بين النور والظلمة ، فهو خط متوهم معقول غير موجود ، له وجه إلى النور ووجه إلى الظلمة ، فهذا هو حقيقة وجودِنا . وجود معدوم متوهَّم ، لكنه ثابت بإثبات الحق سبحانه .

قال أحد المحققين من العارفين :
إنما الكون خيالٌ وهو حقٌّ في الحقيقة
كلُّ من يفهم هذا
حازَ أسرارَ الطريقة

فالقيام بالنفس.. لا يكون إلا للأحد سبحانه ، وهي صفة سلبية للحق جل وعز ، نسلب بها عن أوهامنا ما قد تتوهمه من أي شائبة افتقار له جل وعز . فإن الحق ثابت منزه عن تنزيهنا له أصلاً.
وكل كمال للحق.. يقابله منَّا ضدُّه ، فله الكمال الذاتي المطلق ، ولنا النقص الذاتي المحقَّق .
قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني رضي الله عنه : ( لا قائم بالنفس.. إلا الله، فإنه الذي اتصف بالغنى على الحقيقة ، وتعالى وتقدس عن الافتقار من كل وجه . وليس كذلك الجوهر الحادث ؛ فإنَّ أصلَ وجوده.. افتقر إلى القدرة ، واستمرارَ وجوده.. يفتقر إلى تجدد البقاء ، فليس يتحقق له القيامُ بالنفس )

وبذلك تعرف أنَّ وجودنا الظاهر.. هو وجود قائم بغيره ، قائم بالوجود الحق ، أي متحقق بالوجود الحق الذاتي ، فالأكوان ثابتة بإثباته سبحانه ، وليس لها من أنفسها إلا العدم والافتقار .

فنحن كلنا نقص بالذات ، وتوهم الكمال منا.. هو عين كِبرنا وعُجبنا وسائر آثامنا.
فمن لزِمَ الالتفاتَ إلى وصفه الذاتي.. لم يبرح مواطنَ العبودية ؛ وما لا انفكاك له عنك.. لا تزيله الأعراض.
أعني : أضدادُ كمالات الحق.. أوصافُك الذاتيّة . وكلما ظهر لك خلاف هذا.. فهي منه لك ، فإما شاكراً وإما كفوراً ، وتحقُّقكَ بهذا.. يطوي لك المقامات.
قال ابن عطاء رضي الله عنه : (( تحقَّق بوصفك.. يمدُّكَ بوصفه ))
Forwarded from دورس الشيخ أبو البدر النابلسي (الشيخ ابوبدرالنابلسي الدمشقي العمري)
بسم الله الرحمن الرحيم

#معارف_كأنك_تراه (103)
#مقالات_العارفين (17)

قال الإمام الحارث بن أسد المحاسبي رضي الله عنه، في (( آداب النفوس)) :

(مَرَاتِب الْعَمَل لله)

النَّاس يعْملُونَ على أربعة وُجُوه:

فأشرفها وأفضلها: قومٌ عمِلُوا لله على التَّعْظِيم لَهُ، فحسنت أعمالهم وكرمت فعالهم على وَجه عَظمته فِي صُدُورهمْ وَعِظَم قدره فِي قُلُوبهم، فَلم يكن شَيْءٌ أحبَّ إليهم وَلَا ألذ عِنْدهم.. من شَيْء يَتَقَرَّبُون بِهِ إليه.

وَآخَرُونَ عمِلُوا على وَجه الرَّغْبَة والحرص على جِواره، فَلم تكن لَهُم همة.. إلا ترك مَا نَهَاهُم عَنهُ ؛ لعَظيم ثَوَابه، وخافوا فَوَات خيرِ مَا عِنْده من عَظِيم مَا أعدَّ من الثَّوَاب لأهل ولَايَته.

وَآخَرُونَ عمِلُوا مَخَافَةً مِنْهُ وَمن عِقَابه ؛ فَكَانَت هِمَّتُهم فِي الرَّهبة من الْعقَاب.. قد حَالَتْ بَينهم وَبَين الرَّغْبَة فِي الثَّوَاب، وَكَانَت الأعمالُ مِنْهُم.. على وَجه الْفِرَار من الْعقَاب، وَلَيْسَ يخْطر الثَّوَاب على قُلُوبهم؛ لعظم الْعقَاب فِي صُدُورهمْ، وَيَقُولُونَ فِي أنفسهم : إن بلَّغتنا أعمالُنا إلى الْخَلَاص من الْعقَاب.. لقد ظفرنا بالفوز الْعَظِيم
فَخرجت الرَّغْبَة من قُلُوبهم.. من كَثْرَة الرهبة، فَمَا تخطر الْجنَّةُ بقلوبهم مِن عِظَمِ الْعقَاب فِي صُدُورهمْ.

وَآخَرُونَ عمِلُوا على وَجه الْحيَاء من الله سُبْحَانَهُ ، استحيوه فِي ليلهم ونهارهم إذا غلقت الأبواب وأرخيت الستور عَلَيْهِم؛ لِمَا أيقنوه أنه هُوَ الَّذِي يَلِي عَرْضَهمْ ومُساءَلتَهم.
فاستحيوا من كل قَبِيح يَعْمَلُونَهُ فِي سرائرهم حَتَّى كَأَنَّهُمْ ينظرُونَ إليه، وَلِما استيقنوا بنظره إليهم.. قَالُوا : سَوَاءٌ علينا نظر إلينا أوْ نَظرنَا إليه، وأيقنوا أنه أقرب إليهم من حَبل الوريد.
فَلَمَّا أيقنوا بذلك.. حَالَ يقينُهم بَينهم وَبَين مَثَاقِيل الذَّر وموازين الْخَرْدَل مِمَّا يكره المطلعُ عَلَيْهِم، وَكَانَ الْحَائِل بَينهم وَبَين اعْتِقَاد الْقلب على شَيْء مِمَّا يكره سيدهم.. معرفتُهم بِأَنَّهُ مطّلعٌ فِي ضمائرهم، وَينظرُ إليهم فِي كل حَرَكَة تكون مِنْهُم، وكلِّ سُكُون وكل خطرة وكل طرفَة عين وكل هِمّة وكل إرادة وكل نِيَّة وكل محبَّة وكل شَهْوَة.

وأما نَحن :
فَلم يُهيِّجنا على عَملنَا.. التَّعْظِيمُ لَهُ!
وَلم تُهيِّجنا رغبتُنا فِي عَظِيم الثَّوَاب؛ فنتقرب بِحسن الفعال!
وَلم تَدْعُنا الرهبةُ من الْعقَاب.. إلى ترك مساوئ الأعمال!
وَلم يحُلْ الْحيَاءُ مِنْهُ بَيْننَا وَبَين قَبِيح الأعمال فِيمَا بَيْننَا وَبَينه!
فنسأل الله المنان الَّذِي منَّ عَلَيْهِم أن يمنَّ علينا بِمَا منَّ بِهِ عَلَيْهِم ،وأن يهبَ لنا مثلَ فِعالهم فَإِنَّهُ فعال لما يُرِيد، آمين. انتهى
بسم الله الرحمن الرحيم

#معارف_كأنك_تراه (104)
#مقالات_العارفين (18)

قال سيدي الإمام أحمد زروق رضي الله عنه :

( الأسباب الموجبة لانقلاب المريد ورجوعه على عقبه)

وأصولها خمسة:

أولها: حب الرئاسة والاستظهار بالخصائص، فإن أراد أن يُطْلِعَ اللهُ الناسَ على عمله.. فهو مُراءٍ، ومَن أحب أن يطّلع الناسُ على حاله.. فهو كذاب، وعن قريب تزلُّ قدمه في مهواةِ التَّلف.

الثاني: حسن ظنه بنفسه فيما هو به، بحيث يَظهر له أنه بلغ مبلغ الرجال أو ما يقرب منها، فيرى أن اختلاف الأحوال لا يؤثر فيه؛ فيأخذ بالسماع والاجتماع، والإكثار من المباحات، والاتساع في الخلطة ، والانبساط في المباسطة، ويُؤْثِر العلوم الدقيقة، فيستأنس بمواجيد ذلك كله، ظناً منه أنه فُتح له، حتى يقع في إساءة الأدب، فيُرَدّ من حيث لا يعلم .

الثالث: الغفلة عن تفقد أحواله، ومحاسبة نفسه في جميع أموره، وذلك مفتاح سوء أدبه من حيث لا يشعر، بل حتى يظن أنه على شيء، وليس عنده شيء .

الرابع: تعليق القلب بالاستفادة من الناس ، وقد ورد في الخبر: ((في كل واد من قلب ابن آدم شعبة، فمن تبع قلبه تلك الشعاب.. لم يبالِ الله في أي واد أهلكه)) الحديث، اللهم إلا أن يُنزل به ما يحتاج للشيخ فيه، فيتعين طلبه لذلك، والله يعينه بفضله.

الخامس: اتباع التأويل، وبساط الميل إلى الرخص، وتوق النفس من ضيق التوجه وقلة الصبر على المجاهدة مع مبادئ التنوير، فلا يكاد يقع في شيء.. إلا رآه كمالا، أو يستدل له بدليل يظنه نورا وهو ظلمة، فيكون تارة من {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}
وتارة ممن {زين له سوء عمله فرآه حسنا}
وتارة: ممن {اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة}
وتارة: ممن {اتبع هواه بغير هدى من الله}
ولا يزال به الأمر حتى ينتهي إلى حد الابتداع، ثم إلى حد الزندقة والكفر، كل ذلك من انتصاره لنفسه، وظنه الحق في موضع الباطل، وهو باب من الجهل كبير.

انتهى بإختصار من ((عدة المريد الصادق))
بسم الله الرحمن الرحيم

#معارف_كأنك_تراه (106)
#مقالات_العارفين (20)

معنى الشريعة والحقيقة :

قال الإمام العارف أبو عبد الرحمن السلمي (ت: 412 هـ) ، في كتابه (( بيان الشريعة و الحقيقة )) :

قال الله تعالى: {والَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا}
فعلم الشّريعة : علم المجاهدة .
وعلم الحقيقة : علم الهداية .
ولن يصل إلى حقيقة الهداية أحد.. إلاّ بعد استفراغ الطّوق في المجاهدة . كذلك قال سهل بن عبد الله : « من ظنّ أنّه يصل ببذل الجهد.. فمُتعنّي ، ومن ظنّ أنّه يصل بغير بذل الجهد.. فمُتمنّي » .
ويعلم حقيقةً أنَّ الله تعالى يوصله إلى الهداية لا جهده ؛ ولكنّ المجاهدة من علامات الهداية وآثارها ، لأنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال : « كلّ مُيَسَّرٌ لـما خُلق له » .
وعلم الشّريعة : علم الآداب .
وعلم الحقيقة : علم الأحوال .
ولن تفتح على العبد طريقة صحّة الأحوال.. إلاّ بملازمة الآداب . ألا ترى أنّ الله تعالى يقول: {فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ} ؟
وربّما يصل العبد إلى الحقائق بغير سلوك ولا رياضة ولا مجاهدة ؛ ولكن يقع فيه اغترارات .
وطريق السّلوك بالمجاهدة.. أتمّ وأسلم ، كما روي أنّه رئي في يد الجنيد رحمه الله سُبحة ، فقيل له : « أنت مع علوّ حالك وشرفك تأخذ بيدك سُبْحَةً ؟ » قال : «نعم ، سببٌ به وصلنا إلى ما وصلنا.. لا نتركه أبداً » .
سمعت جدّي إسماعيل بن نُجَيد يقول : « أصلُ كلِّ خير : الصَّبر تحت الأمر والنّهي » .
وروت عائشة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال : « العلم عِلمان : علمٌ ثابتٌ في القلب.. فذلك العلم النّافع ، وعلمٌ في اللّسان.. فذلك حجّة الله تعالى على عباده » .
وروى أنس ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « ليس الإيمان بالتَّمنّي ولا بالتَّحلّي ، ولكن ما وقر في القلب وصدَّقه العمل . والعلم علمان : علم باللّسان وعلم بالقلب . فعلم القلب.. هو العلم النّافع ، وعلم اللّسان.. حجَّة الله على ابن آدم » .
فبيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّ علم اللّسان.. علم الحجّة ، والعلم الثَّابت في القلب.. علم الـمَحَجَّة .
وعلم الشّريعة يعلمه علماءُ الشّريعة من أرباب الظَّواهر ، وعلم الحقيقة يعلمه العلماء بالله ، وهو العلم المكنون ، كما روى أبو هريرة ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « إنّ من العلم كهيئة المكنون ، لا يعلمه إلاّ العلماء بالله ، فإذا نطقوا به.. لا ينكره إلاّ أهل الغِرّة بالله عزّ وجلّ » .
واعلم أنّ لعلم الشّريعة حقيقةٌ لا يصل إليها إلاّ المتحقّقون ، ومن تحقّق في علم الشّريعة بحقائقه.. أوصله ذلك إلى حقائق الحقّ . فإذا تحقّق في حقائق الحقّ.. أوصله ذلك إلى الحقّ . والأصل في ذلك قول الله عزّ وجلّ : {وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا}
فالمجاهدة : علم الشّريعة ، والهداية في المجاهدة : علم الحقيقة ، والتّحقيق في الحقيقة : هو معيّةُ الحقّ قال الله تعالى : {وإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} .
بسم الله الرحمن الرحيم

#معارف_كأنك_تراه (111)
#ربيع_الحب ( 3 )

تعظيم الحق لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم :

قال القاضي عياض اليحصبي رضي الله عنه، في كتابه (( الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) صلى الله عليه وسلم:

( لاخفاء على من مارس شيئا من العلم، أو خُصَّ بأدنى لمحةٍ من الفهم.. بتعظيم اللهِ قدرَ نبينا صلى الله عليه وسلم، وخصوصه إياه بفضائل ومحاسن ومناقب لا تنضبط بزمام، وتنويهه من عظيم قدره بما تكلُّ عنه الألسنةُ والأقلام، فمنها ما صرح به تعالى في كتابه ، ونبّهَ به على جليل نصابه، وأثنى به عليه من اخلاقه وآدابه، وحض العباد على التزامه وتقلد إيجابه.
فكان جل جلاله هو الذى تفضل وأولى، ثم طهر وزكى، ثم مدح بذلك وأثنى، ثم أثاب عليه الجزاء الأوفى، فله الفضل بدأ وعودا، والحمد أولى وأخرى.
ومنها ما أبرزه للعيان من خَلقه على أتم وجوه الكمال والجلال، وتخصيصه بالمحاسن الجميلة، والأخلاق الحميدة، والمذاهب الكريمة، والفضائل العديدة، وتأييده بالمعجزات الباهرة والبراهين الواضحة والكرامات البينة، التى شاهدها من عاصره، ورآها من أدركه، وعلمها علم يقين من جاء بعده، حتى انتهى علم حقيقة ذلك إلينا، وفاضت أنواره علينا، صلى الله عليه وسلم كثيرا.

عن أنس رضى الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالبراق ليلة أُسري به مُلجماً مُسرجا، فاستصعب عليه، فقال له جبرئيل: أبمحمد تفعل هذا؟ فما ركبك أحد أكرم على الله منه! قال: فارفضَّ [البراق] عرقاً.

واعلم أن في كتاب الله العزيز آيات كثيرة مفصحة بجميل ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعدِّ محاسنه، وتعظيم أمره، وتنويه قدره.
وقال جعفر بن محمد رضي الله عنه : علم الله تعالى عجز خلقه عن طاعته فعرَّفهم ذلك لكي يعلموا أنهم لا ينالون الصفو من خدمته، فأقام بينه وبينهم مخلوقاً من جنسهم في الصورة، ألبسه من نعته الرأفة والرحمة، وأخرجه إلى الخلق سفيراً صادقاً، وجعل طاعته طاعته، وموافقته موافقته؛ فقال تعالى : {من يطع الرسول فقد أطاع الله} ، وقال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}
قال أبو بكر محمد بن طاهر: زيّنَ اللهُ تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة.. فكان كونه رحمةً، وجميع شمائله وصفاته رحمة على الخلق، فمن أصابه شئ من رحمته.. فهو الناجي في الدارين مِن كل مكروه، والواصلُ فيهما إلى كل محبوب، ألا ترى أن الله تعالى يقول: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} ؛ فكانت حياته.. رحمة، ومماته.. رحمة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : (( حياتي خير لكم وموتي خير لكم )) ، وكما قال عليه الصلاة والسلام : (( إذا أراد الله رحمة بأمة.. قبض نبيها قبلها؛ فجعله لها فرَطاً وسلَفا )).
وقال السمرقندى (رحمة للعالمين)؛ يعنى للجن والإنس.
قيل : لجميع الخلق؛ للمؤمن رحمة بالهداية، ورحمة للمنافق بالأمان من القتل، ورحمة للكافر بتأخير العذاب.
قال ابن عباس رضى الله عنهما: هو رحمة للمؤمنين والكافرين؛ إذ عُوفوا مما أصاب غيرهم من الأمم المكذبة.
وروي عن جعفر بن محمد الصادق في قوله تعالى: {فسلام لك من أصحاب اليمين}؛ أي : بك إنما وقعت سلامتهم؛ من أجل كرامة محمد صلى الله عليه وسلم)
انتهى بتصرف.