بعد مرور أشهر، ومضي الأسابيع والأيام، لم أعد أدري الجدوى من الكتابة، ولا فحوى البيان ومغزاه... هل الكلام لأجل التوعية؟ قد وعى الناس وتثقفوا... هل الإخبار عن الوضع يغيِّره؟ استشهد في سبيل نقل الصورة كرام كثر... ثم ماذا؟!
يلومني بعض قومي، ويعذلني نفر من أهلي... يقول البعض بعتب، وآخرون بتساؤل صادق: أين أنت عن اجتياح رفح، ومجازر جباليا، ودمار حي الزيتون؟
هل برحتَ الثغر، وتركتَ القلم، وسكبتَ المداد؟ آلوَهَن دبِّ فيك، أم الحَزَن تسلل إلى قلبك؟ أتُراكَ تترك إخوانك يقتلون ويذبحون أمام عينيك ولا تنقل وصيتهم، ولا تخبر الناس بآخر كلامهم؟
تحاملتُ على نفسي، وبي تعب ونصب، وجراح ووَصب، وجئتكم مثقلا أرسف في قيودي، لأخبر من كان حيا، وأذكر من في قلبه ذرة إيمان:
أيها المسلمون...
قتل إخوانكم، ذبح الأطفال، رملت النساء، قصفت البيوت، دمرت الأحياء، استبيحت الأعراض، دنست المساجد، دِيس على شرف الأمة، ازداد الفجار في فجرهم، والكفار في كفرهم...
ثبتت فئة قليلة، قاتلت حتى أنهكت، وما تزال قائمة بأمر الله وعونه ومدده... رابط شعب بأكمله، صبروا واحتسبوا، وما وهنوا...
أتفهم وأعي.. أن عيش من هو خارج غزة نفس مشاعر أخيه المعذب في الخيمة أمر مستحيل، أعلم وأدرك.. أن السياقات خارج حدود غزة مغايرة مباينة، مختلفة أشد الاختلاف.
الأمة مخذولة، والشعوب عاجزة... ما قدمنا شيئا للسوريين في ثورتهم، ولا ذدنا عن نساء العراق في محنة السُّنة، وبمرور الأعوام نسينا شيوخا وعلماء، ومفكرين ووجهاء.. غيبتهم سجون الظلم في مصر، وما نزال في أماكننا، نتابع من وراء الشاشات، ولا نكاد نذكر مسلما في الدعاء، أو مؤمنا عند السجود...
يُمنِّي أهل غزة أنفسهم، ويتعلقون بآمال ورؤى، ثم يتمتمون قبل النوم -وبعد التلفظ بالشهادة-: إلى متى؟ كل هذا متى ينتهي؟!
اعتاد البعض على صعوبة الحياة، فما عادوا يشكون حر الخيام، ولا معاناة إحضار المياه... لكن النفوس ما تزال عزيزة تأبى تأفُّف من في الطابور، وتأنف الذل ساعة الصورة لأخذ المساعدات...
والله ما بقيت فيَّ عبرة لم أسكبها، ولا نفثة لم أبح بها، تكلمت حتى اختنقت!
وبعد...
أكملوا حياتكم وعيشوها، تمتعوا في دنياكم وافرحوا بها، من كان قائما منكم على ثغر فليلزمه، ومن كان بطّالا فليكمل نومه، دعوا عنكم أحداث غزة، وذروا وراءكم مأساة المسلمين، ادرسوا وتعلموا، ثم تزوجوا وقولوا لأبنائكم: الدنيا جميلة، والعالم وردي...
ثم انتظروا الطوفان وأنتم بلا سفينة؛ فالجحيم قادم!
#براء
يلومني بعض قومي، ويعذلني نفر من أهلي... يقول البعض بعتب، وآخرون بتساؤل صادق: أين أنت عن اجتياح رفح، ومجازر جباليا، ودمار حي الزيتون؟
هل برحتَ الثغر، وتركتَ القلم، وسكبتَ المداد؟ آلوَهَن دبِّ فيك، أم الحَزَن تسلل إلى قلبك؟ أتُراكَ تترك إخوانك يقتلون ويذبحون أمام عينيك ولا تنقل وصيتهم، ولا تخبر الناس بآخر كلامهم؟
تحاملتُ على نفسي، وبي تعب ونصب، وجراح ووَصب، وجئتكم مثقلا أرسف في قيودي، لأخبر من كان حيا، وأذكر من في قلبه ذرة إيمان:
أيها المسلمون...
قتل إخوانكم، ذبح الأطفال، رملت النساء، قصفت البيوت، دمرت الأحياء، استبيحت الأعراض، دنست المساجد، دِيس على شرف الأمة، ازداد الفجار في فجرهم، والكفار في كفرهم...
ثبتت فئة قليلة، قاتلت حتى أنهكت، وما تزال قائمة بأمر الله وعونه ومدده... رابط شعب بأكمله، صبروا واحتسبوا، وما وهنوا...
أتفهم وأعي.. أن عيش من هو خارج غزة نفس مشاعر أخيه المعذب في الخيمة أمر مستحيل، أعلم وأدرك.. أن السياقات خارج حدود غزة مغايرة مباينة، مختلفة أشد الاختلاف.
الأمة مخذولة، والشعوب عاجزة... ما قدمنا شيئا للسوريين في ثورتهم، ولا ذدنا عن نساء العراق في محنة السُّنة، وبمرور الأعوام نسينا شيوخا وعلماء، ومفكرين ووجهاء.. غيبتهم سجون الظلم في مصر، وما نزال في أماكننا، نتابع من وراء الشاشات، ولا نكاد نذكر مسلما في الدعاء، أو مؤمنا عند السجود...
يُمنِّي أهل غزة أنفسهم، ويتعلقون بآمال ورؤى، ثم يتمتمون قبل النوم -وبعد التلفظ بالشهادة-: إلى متى؟ كل هذا متى ينتهي؟!
اعتاد البعض على صعوبة الحياة، فما عادوا يشكون حر الخيام، ولا معاناة إحضار المياه... لكن النفوس ما تزال عزيزة تأبى تأفُّف من في الطابور، وتأنف الذل ساعة الصورة لأخذ المساعدات...
والله ما بقيت فيَّ عبرة لم أسكبها، ولا نفثة لم أبح بها، تكلمت حتى اختنقت!
وبعد...
أكملوا حياتكم وعيشوها، تمتعوا في دنياكم وافرحوا بها، من كان قائما منكم على ثغر فليلزمه، ومن كان بطّالا فليكمل نومه، دعوا عنكم أحداث غزة، وذروا وراءكم مأساة المسلمين، ادرسوا وتعلموا، ثم تزوجوا وقولوا لأبنائكم: الدنيا جميلة، والعالم وردي...
ثم انتظروا الطوفان وأنتم بلا سفينة؛ فالجحيم قادم!
#براء