من دنفسة التراث العربي
1.18K subscribers
2 photos
1 video
1 file
1 link
قد وصلتنا صورة ناقصة او مشوهة عن تراثنا العربي العظيم وهنا محاولة متواضعة لنقل جزء مما غيب عنا من دنفسة وخنفسة وبربسة ستجد حكم ونكت وقصص تحكي الجانب الدنفسي العظيم
نتمنى لكم أوقاتا ممتعة بين روايات الدنفسة
Download Telegram
وكان يحيى يقولُ بالبصرة لي رجلان أبعثُهما ليأتياني بالغِلمان، فأحدهما لا يأتيني بالغُلام حتى ينيكَ الغلامَ، وهو إسماعيل بن إسحاق. والآخر لا يأْتيني حتى ينيكهُ الغلامُ وهو صلْت بن مسعود.

( نثر الدر)
سقى بعضهم ضيفا له نبيذا رديئا، وقال له: هذا النبيذ من عانة. فقال الضيف: من أسفل العانة بأربعة أصابع

( نثر الدر )
عبد الجبار بن عبد الجليل
وكنيته أبو المظفر، شاب حسن الوجه، ارتبطه الصاحب أبو عبد الله الحسين بن علي بن ميكال لكتابته في ديوان رسالته. وكنا نحن ثلاثتنا هو وأبو منصور الحلاج وأنا، فهو منخرط في سلك الكتاب لنجابته، وأبوه إلى أصحاب المراتب على الباب بحكم حجابته، وكان مزجى البضاعة في الصناعة. وجدته في الأدب شاديا، يخبر بمسحة ملاحته، إذ كان في صباه شادنا. أنشدني لنفسه ونحن في مجلس الأنس بين يدي الصاحب بالري سنة أربع وأربعين وأربعمئة :
أشتهي نوما ونيكا معه ... إنما النوم مع النيك يطيب

هو دائي ودوائي عندكم ... هل لدائي، سادتي، فيكم طبيب؟
قلت: هذا الفاضل صادق الاشتهاء، أفصح عند الطبيب بالدواء ولم يسر الحسو في الارتغاء ، غير أن الطبيب هاهنا كناية عن القواد للبغاء، وما أطيب ما اشتهى!!. والعجب أنه ما بكى، فهو ما وصفت به نفسي حيث قلت:
يا قوم إني رجل فاضل ... وليس في فضلي من شك

أهوى كؤوس الراح مملوءة ... وأشتهي الإيلاج في الترك
وأقضم القند ولا أشتكي ... وآكل التمر، ولا أبكي

( دمية القصر وعصرة أهل العصر - الباخرزي )
👍3
أحب النيك إن النيك حلو ... لذيذ ليس فيه من حموضة

يهش إليه من في الأرض طرا ... إذا ما ذاقه حتى البعوضة

( دمية القصر )
وليست الدنيا سوى قحبة ... تبرز في الزينة للزاني
حتى إذا اغتر بإقبالها ... مالت لإعراض وهجران
👍2
وله [أيضا رحمه الله تعالى] :
من تاب عن لذاته يافعا ... فإنني تبت عن التوبه

كل له من دهره نوبة ... لا بد أن أستوفي النوبه
وله في حكمة مشوبة بالمجون:
[صيانة المرء استه في الصبا ... والأدب الجزل من الحرفه

وخاب من دنياه من يبتغي ... صناعة الفضل له حرفه
فإنما الدنيا بها خسة ... وقلما تدرك بالعفه
وإن من يطلبها بإسته ... ينالها عفوا بلا كلفه
ما نطفة في الوجه إلا لمن ... قد صب في تينته نطفه
👍3
واعجر الكيس لمعطي إسته ... لأعجر كالبوق (ذي فلذه)
عليك بالترك وأولادهم ... فالترك جيل كله لذه
أيري على مقدار أستاههم ... كحذوة القذة بالقذه
لنا صديق أيره ميت ... لكنما فقحته حيه

أبغى من الإبرة لكنه، ... بزعمه، ألوط من حيه
شكا إلى الله نجم ... وقال: واشؤم بختي!
أبليت برد شبابي ... فيكم، وضيعت وقتي
إذ لا أزال معنى ... ما بين مولى وست
فتلك تحلب أيري ... وذاك يحلب في أستي
👍2
وفتاة ألبستها من شبابي ... ملبسا فيه نزهة ونعيم
فإذا شبت وانحنى ظهر أيري ... ، وانحناء الأيور خطب عظيم،
غدرت بي وغادرتني وحيدا ... إن ربي بكيدهن عليم
👍2
وقال آخر لبعض المجان: ما الدنيا إلا للمجوس، يدخل الأب فينيك، ويدخل الإبن فينيك، فقال له: اسكت، لا يسمع ذاك أهل دارك فيرتدوا.

( نثر الدر في المحاضرات - الآبي)
👍2
ومنهم والبة بن الحباب الأسدي وهو الذي ربّى أبا نواس وأدَّبه وعلَّمه الفتوة وقول الشعر، وكان والبة ظريفاً، شاعراً ماجناً، يقال إنه كشف يوماً عن فقْحةِ أبي نواس فأعجبه حُسنها، فضرط عليه أبو نواس، فقال له والبة: ما هذا? فقال: أما سمعت المثل: جزاءُ من قبَّل الاست ضرطة، فزاد عجباً، وعَلِم أنه سيخرج ماجناً،

( قطب السرور في أوصاف الانبذة والخمور - الرقيق القيرواني)
عبد الكريم بن سنان أحد موالى الروم ومنشى الدوران وأحسن أهل الروم لهجة فى النثر العجيب المدهش وأوفرهم اطلاعا على فنون الادب وأعرفهم باللغة العربية:


ومن بدائعه الفائقة تراجم أنشأها وترجم بها بعض الوزراء ومشايخ الاسلام وبعض الموالى والكتاب والعلماء وكلها لا تنوف على العشرين ترجمة بكثير وهى مجموعة عندى فى دفتر من أماكن متفرقة وقد ذكرت منها فى محالها بعضا وسأذكر البعض الآخر ان شاء الله تعالى فانها من نفائس القول وأعجبها الترجمة الوهابية ترجم بها أحوال القاضى عبد الوهاب قاضى القضاة بالشام كان وقد ذكر الخفاجى قطعة منها عند ما ترجمه فى كتابه الريحانه وهذه هى برمتها بعد ذكر اسم المترجم ضاعت أوقاته وغلبت على حسناته سيئاته تمحض للفحص عن أحوال الناس وأخبارهم وتفرغ لنبش خباياهم وأسرارهم يسأل من يدخل عليه عن الوقائع والحوادث ويشرع فى البحث عن الناس وفيه مباحث شعر
(ولو نظر العياب فى عيب نفسه ... لكان له شغل عن الناس شاغل)
لعله لم يعلم أن من غربل الناس نخلوه وأن من أظهر لهم الصعوبة ذللوه فيا لهفى على اضاعة بضاعة أوقاته بين حديث غث وكلام رث تمجه نفس السامع وتتلوث به المسامع وبين تدبير الاكل والشرب والحالة انه يكفى الانسان لقمة تقيم الصلب
(أظنك من بقية قوم موسى ... فهم لا يصبرون على طعام)
ولقد رأيته وهو يكرر ابتلاع الجوارش ولاء وذلك لدفع التخمة احتياطا وان استحال أن تحس تلك المعدة امتلاء لعمرى لو أكل لقمان العادى ذلك القدر منه لقضى نحبه من التخم ولألقى رحله الى حيث ألقت رحلها أم قشعم وليت شعرى ما يلزمه عنيف اكل حتى تشبث فى هضمه بأذيال الجوارشات وكان قد وجب عليه حيث انه مغرم بالاكل أن يتحاشى اكثاره لان العامة تقول رب اكلة تمنع اكلات
(وليس الاكل بالقنطار لكن ... على مقدار ما تسع البطون)
ولو رأيته اذا حضر عنده الطعام لرأيته حوتى الالتقام خطا فى الاختطاف ثعبانى الجذبات غضنفرى الوثبات وكان الحياة على زعمه ليست مخلوقة الا للشرب والاكل وان الانسانية فى اعتقاده ما هى الا عبارة عن الهيئة والشكل وان ساعات الليل واليوم ما وضعت الا للسنة والنوم فيا ضيعة الاعمار تمضى سبهللا من زاره زار شيخا ملآن الحشا متتابع التمطى والجشا وارحمتا لمجالسيه من الروائح التى تهب من فيه وكان يواظب على مجلسه فى خوانه أتراك بلده وما يليها من أخدانه واخوانه (وأنس القرين الى شكله ... كأنس الخنافس بالعقرب)
من كل من اذا وقع الخطاب العام لا يصلح للخطاب ومن باكأذيبه تنعطف القلوب على مسيلمة الكذاب فيتخذون تلك الدار دار الندوه ويعدون للصوارم نبوه وللجياد كبوه يتجاذبون لحوم أصحاب الاعراض فلا بدع فانهم كلاب بل ذئاب على اجسادها ثياب ومن ذلك الحزب الخاسر لئيمهم يلقب بجثى جحود الحشر والبعث قد بلغنى عنه لا بلغه الله الامل ولا زال فى الندم المقيم المقعد من مجازاة سوء العمل
(جزى ربه عنى عدى بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل)
أنه يروم تفضيل نفسه بتنقيص الافاضل ويؤمل بهذا السبب تنويه ذكره وهو فى الناس خامل وهيهات واين الثريا من يد المتناول فتصاممت وقلت الجانى حمار وجرح العجماء جبار من ذا يعض الكلب ان عضا وحسبت مقاله طنين الذباب أو صرير الباب أذن الكريم عن الفحشاء صماء وقد ما قيل لا يضر السحاب نباح الكلاب وتمثلت بقول أبى اسحاق الصابى
(لا تؤمل أنى أقول لك اخسأ ... لست أسخو بها لكل الكلاب)
ولا عتب عليه فان المسعود محسود وهل تلام الثعالب بحسد الاسود ونزهت نفسى عن مجاراة مثله متى كانت الآساد مثل الثعالب وبعد هذا خض الله تعالى فاه ولا زالت ترد وفود الصفع على قفاه لم يزل يدير على كاسات الاذى مترعة بالقذى
(قد أصبحت أم الشرور تدعى ... على ذنبا كله لم أصنع)
حتى كأنه اتخذ ثلبى وردم يتقرب الى الشيطان به والى الآن لم أقف على سببه كم تحملت منه الاذى وهو البادى وكم شربت على القذى وأنا الصادى ولما طال تماديه فى الباطل بتجانبه عن الحق واعراضه لا غر وحركا أظفار الاقلام فى تخديش صفحات أعراضه فوالله لانت الظالم لنفسك فى هذا الامر والجانى عليها فى نفخ هذا الجمر ولست الا كالكلب يكسب له نباحه الضرب وما مثلك الا مثل كلب غادا فمه له ظلوما اذ جنى على استه بأكل العظام كلوما فانى قد كنت طويت عن مثالب الناس كشحا وضربت دون ذكر مناقبهم صفحا وأمسيت غضيض الطرف عن أحوالهم فلم أر لهم محاسنا ومساويا فلا رحمك الله ذكرتنى الطعن وكنت ناسيا عمرى لقد زاحمت البحر الخضم وتلاعبت بأنياب الاسود والارقم وما أنت الا أذل من النقد كمبتغى الصيد فى عريسة الاسد أو ما خشيت من اليراعة التى لعاب الافاعى القاتلات لعابها أو ما خفت من البراعة التى لا ينفق سوق الادب الا بها او ما قلت ان أمامي مالا أسامى أتتحكك بأنياب الاسود وبراثن الاسد أو تراجم جندلا أو تهادى أجدلا لقد سخنت عينك وحان حينك وقد قيل اذا جاء أجل البعير حام حول البير
3👍2
(يا سالكا بين الاسنة والقنا ... انى أشم عليك رائحة الدم)
ولعلك تمسكت بقول الهمدانى من انقادت لعذوبة بيانه المعانى
(يا خائف الهجو على نفسه ... كن فى أمان الله من مسه)

(أنت بهذا العرض بين الورى ... مثل الخرا يمنع عن نفسه)
نعم الامر كذلك لكن العبرة بقول أبى الطيب رقرق على تربه من سجال الغفران الصيب وفى عنق الحسناء يستحسن العقد ولقد أحسن هذا المعنى الاديب ابن االزقاق الاندلسى من بأدبه فضل المتقدم قد نسى
(زادت على كحل العيون تكحلا ... ويسم نصل السيف وهو قتول)
الام تجس المعايب وتطعن فى الناس أكليب خذها من يدى جساس يا أقذر من آلة الاحتقان متى فست بك فقحة الزمان يا أنتن من مبال الطواشى ويا أنجس من شعير روث المواشى يا ضمادا الجرح وقد مضت عليه عدة ليال يا قطعة البلغم فى رئة المسلول ولم يخرجها السعال يا تنفس من به ضيق النفس ويا اراقة بول قد احتبس يا طول شعر العانه ويا قار مرة مقروح المثانه يا لعاب فم المجذوم ويا جشاء من أكل الثوم يا محيض النساء ويا فساء الخنفساء يا أنجس من سؤر الكلب ويا أقذر من سراويل من به الجرب الرطب يا منديل المسلول وقد لزقت به قطعات البلغم يا ريح فم المخمور المتقيء قبل ان يغسل الفم يا من أغنت عن المسهلات طلعته يا من تكفل عمل المغيبات رؤيته يا من يكرمه الناس فى المجالس والمجامع اكرام الكلب المبتسل اذا دخل الجامع يا من تحار فى فهم كلماته العارية عن المعنى والتناسب عقول الافاضل وتذكر فى تلك الجمل قول صاحب التحقيق تمثيلا درجات الحمل ثلاثون وفى عين الذباب جحوظ وجالينوس ماهر فى الطب والقرد شبيه بالآدمى وكم الامير فى غاية الطول يا من أربى على أبى جهل فى الضلاله يا من أتعب بترهاته الجمال النقاله يا كاف وجه الايام يا قرحة عين الاسلام يا افلاس العاشق يا تعفف الفاسق يا صباح المخمور يا ليل الغريب يا سقوط نبض المريض ويا يأس الطبيب يا خيبة من رجع راضيا من الغنيمة بالاياب وندامة رستم بعد قتل ابنه سهراب يا من نتج عنده من الخبث طريفه وتلاده ويا من تصلح معايبه مثالا لكلى لا تتناهى أفراده يا من جمع من القبائح أنواعا وأجناسا فى قالب واحد ويا من عناه ابن الرومى بقوله
(ولو لم تكن فى صلب آدم نطفة ... لخر له ابليس أول ساجد)
يا أكره من حديث معاد ويا أعبس من وجه التاجر فى أيام الكساد يا خجل العروس عند أهلها قد فض ختمها غير بعلها يا قذارة من يستنجى بالماء القليل ويا عقدة تكة أبت الحل والبول يكاد يحرق الاحليل يا مسبار الحجام يا بيت حلاقة العانة فى الحمام يا سجادة الزانية ويا منديل مسح اللائط بعد أن يرتكب الحرام يا شعرة رأس القلم حين شروع الكاتب فى الرقم يا قطعة البلعم فى حلق المغنى عند بدء النغم يا واسع المذهب ويا ضيق الصدر يا وسخ العرض يا نظيف القدر يا من ألزم كاتب اليسار كل حين كتابه ويا من لا يأثم عند الله من اغتابه يا من أدمى أنامل حساب قبائحه ومعايبه يا من أحفى أقلام كتاب مساويه ومثالبه
(مساو لو قسمن على الغوانى ... لما أمهرن الا بالطلاق)
فاليكها وتفكه قبل أن يقدم لك الطعام بهذا الحنظل فانى سوف ألقمك الخرا بالخردل ولم أزل أذيقك من هذه الفصول الموجعة للقلب سياطا الى أن لا تتمالك استك الواسع ضراطا فترد عن نفسك اذ ذاك وتطفى فى قلبك هذا الجمر كماردها يوما بسوأته عمرو وما أنت الا كالحبارى ليس سلاحها فى مدافعة السقر الا سلاحها لعمرى لقد أدخلتك هذه الاسجاع فى حجر ضب خرب أو فى است كلب جرب فأبشرفان بقية عمرك القذر تمضى فى ذلك المنزل الرحب العذب ماؤه الطيب هواؤه وكان وجب على ذمة الحمية الابية مجازاتك فأدينا اليك الكيل صاعا بصاع وأحرقناك شواظ من النار التى هى عبارة عن هذه الاسجاع كلا وشتان بينهما فان هذه لا تقاس بدواجن كلماتك ونهى كما تعرفها لا تخرج من دارك ولا يتعهدها من بجوارك وأما تلك الفصول فستسير مسرى الصبا والقبول وتصادف من الناس مواقع القبول فلا غر وأوجبنا عليك ان نشافهك بما اتصفت به من المعايب والمثالب ولا عتب علينا لان ما لا يتم الواجب الابه فهو واجب ووالله ان تلك الالفاظ لتأنف منك وانى أستغفره تعالى فى تعذيبها بك وايذائها بخطابك
كيف لا وانك لعذرة ملء اهابك ومما بلغنى عنك أن لسان الدهر لما أسمعك بعض أسجاعنا الذى تخضع له رقاب القوافى ويميس من حلل البلاغة فى البرود الضوافى بادرت الى مطالعة فقر المقامات لعلك تجدها فيها أو فى كتاب آخر يضاهها وتفضل علينا بتصحيح صلاتها وجعلها أنموذج فضلك الغزير فهاتها ونسأل الله السلامة من الوصمة والامداد بالتوفيق والعصمة والارشاد الى سلوك سبيل التقوى والتمسك فى كل حال بسببها الاقوى

( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر - المحبي)
👍3
وكان أبو بكر الكاتب، مفتتناً بقينة محمد بن حماد، فاهدى إليها قميصاً، فقال فيه بعض الكتاب:


أهدى إليها قميصاً ينيكها فيه غيره
فللسعادة حرها وللشقاوة أيره

( العقد الفريد)
قال إسحاق: حدثني أبو السمراء قال: حججت فبدأت بالمدينة، فإني لمنصرف من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا امرأة بفناء المسجد تبيع من طرائف المدينة، وإذا هي في ناحية وحدها وعليها ثوبان خلقان، وإذا هي ترجع بصوت خفي شجي، فالتفت فرأيتها. فوقفت فقالت: هل من حاجة؟ قلت: تزيدين في السماع، قالت: وأنت قائم؟ لو قعدت. فقعدت كالحجل. فقالت: علمك بالغناء؟ قلت: علم لا أحمده. قالت: فعلام أنفخ بغير نار، ما منعك من معرفته؟ فوالله أنه لسحوري وفطوري، قلت: وكيف وضعته بهذا الموضع العالي؟ قالت: يا هذا، وهل له موضع يوضع به وهو من علوه في السماء الشاهقة؟ فكل هؤلاء النسوة اللاتي أرى على مثل رأيك وفي مثل حالك؟ قالت: فيهن وفيهن، ولي بينهن قصة. قلت: وما هي؟ قالت: كنت أيامي شبابي وأنا في مثل هذه الخلقة التي ترى من القبح والدمامة، وكنت أشتهي الجماع شهوة شديدة، وكان زوجي شاباً وضيئاً، وكان لا ينتشر عليه حتى أتحفه وأطيبه وأسكره. فأضر ذلك بي، وكان قد علقته امرأة قصار تجاورني، فزاد ذلك في غمي. فشكوت إلى جارة لي ما أنا فيه وغلبة امرأة القصار على زوجي. فقالت: أدلك على ما ينهضه عليك ويرد قلبه إليك؟ قلت: وابأبي أنت، إذاً تكونين أعظم الخلق منةً علي. قالت: اختلفي إلى مجمع مولى الزبير، فإنه حسن الغناء، فاعلقي من أغانيه أصواتاً عشرة ثم غني بها زوجك، فإنه سيجامعك بجوارحه كلها. قالت: فألظظت بمجمع، فلم أفارقه حتى رضيني حذاقة ومعرفة. فكنت إذا أقبل زوجي اضطجعت ورفعت عقيرتي ثم تغنيت. فإذا غنيت صوتاً بت على زب، وإن غنيت صوتين بت على زبين، وإن غنيت ثلاثة فثلاثة.
فكنا كندماني جذيمة حقبةً ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
قال: فضحكت والله حتى أمسكت على بطني، وقلت: يا هذه، ما أظن الله خلق مثلك. قالت: اخفض من صوتك. قلت: ما كان أعظم منة صاحبة المشورة. قالت: حسبك بها منة وحسبك بي شاكرة. قلت: ففي قلبك من تلك الشهوة شيء قالت: لذع في الفؤاد، وأما تلك الغلمة التي كانت تنسيني الفريضة وتقطعني عن النافلة فقد ذهب تسعة أعشارها. فوقفت عليها وقلت: ألك حاجة أن أرم بعض حالك؟ قالت: لا، أنا في فائت من العيش فلما نهضت لأقوم، قالت: على رسلك، لا تنصرف خائباً، ثم ترنمت بصوت تخفيه من جاراتها.
ولي كبدٌ مقروحة من يبيعني ... بها كبداً ليست بذات قروح
أبى الناس كل الناس لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علة بصحيح

( العقد الفريد)
👍5👏2
أخبار من ترك الخمر ترفّعا عنها:

- منهم عبد الله بن جدعان التيميّ، وكان سيّدا جوادا من سادات قريش. وسبب ذلك أنه شرب الخمر مع أمية بن أبي الصلت الثقفي، فأصبحت عين أميّة مخضرّة يخاف عليها الذهاب، فقال له عبد الله: ما بال عينك؟

فسكت، فلما ألحّ عليه قال له: أنت صاحبها، أصبتها البارحة؛ قال: أو بلغ مني الشراب ما أبلغ معه من جليسي هذا؟! لا جرم لأدينّها لك ديتي عينين.

فأعطاه عشرة آلاف درهم وقال: الخمر عليّ حرام أن أذوقها أبدا. وقال عبد الله ابن جدعان يذكر حاله في شربها: [من الوافر]

شربت الخمر حتى قال صحبي ... ألست عن السّفاء بمستفيق

وحتى ما أوسّد في مبيت ... أنام به سوى التّرب السحيق

وحتى أغلق الحانوت رهني ... وآنست الهوان من الصديق

- وممّن حرّمها في الجاهلية قيس بن عاصم المنقريّ. والسبب في ذلك أنّه سكر فغمز عكنة ابنته أو أخته، فهربت منه، فلما صحا سأل عنها فقيل له: أو ما علمت ما صنعت البارحة؟ قال: لا، فأخبروه، فحرّم الخمر على نفسه، وقال في ذلك: [من الوافر]

وجدت الخمر جامحة وفيها ... خصال تفضح الرجل الكريما

فلا والله أشربها حياتي ... ولا أدعو لها أبدا نديما

ولا أعطي لها ثمنا حياتي ... ولا أشفي بها أبدا سقيما

- ويروى أنّ تاجرا نزل به ومعه خمر، فقال له قيس: أصبحني قدحا، ففعل، ثم قال له: زدني، ففعل، وسكر قيس فقال له: زدني، فقال: أنا رجل تاجر طالب خير وربح، ولا أستطيع أن أسقيك بغير ثمن؛ فقام إليه قيس فربطه إلى دوحة في داره حتى أصبح، وكلّمته أخته فلطمها وخمش وجهها، وزعموا أنّه أرادها على نفسها، [وجعل يقول] : [من البسيط]

وتاجر فاجر جاء الإله به ... كأنّ لحيته أذناب أجمال

فلما أصبح قال: من فعل هذا بضيفي؟ قالت له أخته: الذي فعل هذا بوجهي، أنت والله صنعته، وأخبرته بما فعل. فأعطى لله عهدا ألا يشرب خمرا بعدها.

- وروي أن البرج بن الجلاس الطائيّ شرب الخمر، فلما سكر انصرف إلى أخته فافتضّها فلما صحا ندم وجمع قومه وقال لهم: أيّ رجل أنا فيكم؟ قالوا: فارسنا وأفضلنا وسيّدنا، قال: فإنّه إن علم أحد من العرب بما صنعت ركبت فرسي فلم تروني، ففعلوا. ثم إنّ أمة من قومه وقعت إلى الحصين بن الحمام المرّي- وكان نديما للبرج- فأخبرته بحاله. وفسد مابينهما، فعيّره الحصين بفعله في شعر قاله. فقال البرج لقومه: فضحتموني وأشعتم خبري، ثم ركب رأسه ولحق ببلاد الروم فلم يعرف له خبر. وقيل: بل شرب الخمر صرفا، فقتلته.

- وممّن حرّمها عامر بن الظّرب العدوانيّ، وقال: [من البسيط]

سالة للفتى ما ليس في يده ... ذهّابة لعقول القوم والمال

أقسمت بالله أسقيها وأشربها ... حتى يفرّق ترب القبر أوصالي

- قال أعرابيّ من بني مرّة يعظ ابنا له وقد أفسد ماله الشراب: لا الدهر يعظك، ولا الأيام تنذرك، والساعات تعدّ عليك، والأنفاس تعدّ منك، أحبّ أمريك إليك أعودهما بالمضرّة عليك.

- ومنهم العباس بن مرداس. قيل له: لم تركت الشراب وهو يزيد في جرأتك وسماحتك؛ قال: أكره أن أصبح سيّد قومي، وأمسي سفيههم.

- روي أن رجلا ذا بأس كان يفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبأسه، وكان من أهل الشام، وأن عمر فقده فسأل عنه، فقيل له: تتايع في هذا الشراب، فدعا كاتبه فقال: اكتب: من عمر بن الخطاب إلى فلان، السلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(غافر: 3) ؛

ثم دعا وأمّن من عنده، ودعوا أن يقبل [على] الله بقلبه وأن يتوب عليه. فلما أتته الصحيفة جعل يقرؤها ويقول: غافر الذنب: قد وعدني الله أن يغفر لي؛ وقابل التوب شديد العقاب: قد حذرني الله عقابه؛ ذي الطول: والطول الخير الكثير؛ إليه المصير. فلم يزل يردّدها على نفسه ثم بكى ونزع وأحسن النزوع. فلما بلغ عمر أمره قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاكم قد زلّ زلّة، فسدّدوه ووفّقوه وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه.

- وذكر يزيد بن الأصمّ أنّ رجلا في الجاهلية شرب فسكر، فجعل يتناول القمر، فحلف لا يدعه حتى ينزله، فيثب الوثبة ويخرّ، فيتكدّح وجهه، فلم يزل يفعل ذلك حتى خرّ فنام؛ فلما أصبح قال لأهله: ويحكم، ما شأني؟

قالوا: كنت تحلف لتنزلنّ القمر، فتثب فتخرّ، فهذا الذي لقيت منه ما لقيت.

قال: أرأيت شرابا حملني على أن أنزل القمر؟ والله لا أعود فيه أبدا.

( التذكرة الحمدونية - ابن حمدون )
👍32
في مجلس شراب المأمون وذكر أحمد بن أبي طاهر أن محمد بن علي بن طاهر بن الحسين حدثه أن المأمون كان يوماً قاعداً يشرب وبيده قدح إذ غنت بذل:
ألا لا أرى شيئاً ألذ من الوعد
فجعلته:
ألا لا أرى شيئاً ألذ من السحق
فوضع المأمون القدح من يده والتفت إليها، وقال: بلى يا بذل، النيك ألذ من السحق ، فتشورت وخافت غضبه، فأخذ قدحه، ثم قال: أتمي صوتك وزيدي فيه:

ومن غفلة الواشي إذا ما أتيتها ومن زورتي أبياتها خالياً وحدي
ومن صيحة في الملتقى ثم سكتة وكلتاهما عندي ألذ من الخلد
2👍2
وأنشدني " عبد الله بن شبيب قال قال مصعب الزبيري قالت امرأة توصي ابنتها:

لا تنكحي شيخا إذا بال ضرط ... أملا اني تحت خصية شمط
رخو الدلاة عاجزا إذا افترط ... والتمسي أمرد يستاف الغلط
لمثله تتخذ الخود النقط ... إذا تدانى ساعة ثم أمعط
يجبذ جبذ البعير نفسه إذا انحط

قال فرد عليها الزوج:
يا رب شيخ بفوديه الشمط ... محتلج المتنين محبوك الوسط
يحمل جردانا كمحراش الخبط ... إذا استدر عرقه ثم امعط
بفيشلة فيها كالرأس العطط ... لو زاحمت ركن جدار لسقط
إذا رآها الأمرد البرك ضرط ... أو صادفت جارية ذات نقط
ظلت تفرى جلدها من الفرط ... ولم تسمع حفظ رحلها من الفلط

( بلاغات النساء)
👍2
قال الأصمعي حدثني عيسى بن عمر قال كنت بالبادية فتضيفت امرأة فدخلت الخباء فجعلت تريغ زوجها عن قراي ويريغها فسمعتها تقول أنا ابنة الأخيل المعم المخول إن كنت تجهلني فعني فاسأل قال فقال الزوج انا ابن بلال صاحب العين والخال قال فاتتني بقرص مثل فرسن الحلة قال فجعلت الملم منها مثل أثباج القطا الكدري قال الكلبي امرأة يقال لها أم الورد تزوجت برجل فعجز عنها فتقدمت إلي وإلى اليمامة فقالت له والله ما يمسكني بضم ولا بتقبيل ولا بشم ولا بزعزاع ليسلي همي يطيج منه فتحي في كمي قال ففرق بينهما ثم تزوجت رجلا آخر فرضيت وحظيت وزوجت أخاها أخت زوجها فعجز عنها فقالت تهجو أخاها:
يا عمرو لو كنت فتى كريما ... أو كنت ممن يمنع الحريما
أو كان رمح استك مستقيما ... نكت به جارية هضيما
ناك أخوها أختك الغليما ... بذي خطوط يغلق المشيما
إذا أحفت نومها الأريما ... واحتدرت من ظهره العتيما
سمعت من أصواتها نئيما

( بلاغات النساء)
👍4