كلام الأخ هنا حسن جدا وقد تكلمت عن شيء من هذا في بداية أحداث غزة -فرج اللّٰه عن أهلها-.
أمر التزاحمية قد عمَّ، فتجد أناسا تتصل بالمشايخ = يا شيخ نحن نموت جوعا وأنتم تتكلمون عن الوضوء؟ مع ما رأيناه من تهوين من شعائر الحج والعيد دون الحديث عن التهوين من أمر العقيدة وغيرها.
وهذا من أردى ما يُرى؛ أن يُجعل أول ما يتنازل عنه المرء في المحن = دينه.
أوقات البلاء هي أوقات تذكير بالعقيدة والتوحيد والتوبة والإنابة (خاصة مع ما يبلغنا من انتشار لسب اللّٰه تعالى في أوساط النازحين) وتجديد عهد باللّٰه تعالى وإبصار مواطن الخلل وإصلاحها والاعتصام بهذا الدين..
رأيت قبل يومين كلاما لحاخام يهودي يقول فيه أن من الأسباب التي تجعل الإسماعيليين (يقصد المسلمين) لهم القوة والمقدرة على هزيمتنا هو الصلاة والدعاء واحتشام نساءهم!
لا أحد يهون من أمر العدة والعتاد، ولكن كثير من المسلمين غاب عنهم هذا المعنى، وهو أننا إنما ننتصر بمدى قربنا من اللّٰه تعالى؛ ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا اللّٰه ينصركم ويُثبت أقدامكم﴾ [محمد]
الكثير من الناس يحلو لهم إذا تكلموا عن سقوط الأراضي التي كانت بأيدي المسلمين كالأندلس وغيرها.
أن يشيروا بقوة إلى ما آلت إليه تلك الأراضي في آخرها من انتشار الوهن والضعف وشيوع الترف والفواحش ويربطون بين هذا الأمر وبين سقوط تلك الأراضي ولكن يغيب عنهم هذا المعنى إذا تعلق الأمر بالحاضر!
ونحن أمام من يسكت عن كثير من مظاهر الشرك والبدع وسب اللّٰه تعالى وشيوع الفواحش والمنكرات ثم لا يلتفت إلا إلى الانشغال بأمر التهوين من التوحيد والحج والعبادات، ثم يتسائل: لماذا لم ننتصر؟
وقد جعل ابن تيمية من أسباب تسلط التتار على أراضي المسلمين شيوع كتب الفخر الرازي الجهمي وكتب ابن عربي الصوفي..
وجعل تلميذه ابن القيم من أسباب سقوط دولة بني أمية تقديم أمثال الجعد بن درهم حتى صار مربيا لأبناء الخليفة..
وهذا معنى لا يقبله كثير من العوام فضلا عن الخواص، وقد عرضت مرة كلام ابن تيمية هذا على بعض المحسوبين على المثقفين، وقد كان ينتشي بإلزام بعض خصومه بكلام ابن تيمية في بعض الأبواب، فقال ما معناه: هذا كلام من لا يعرف أسباب سقوط الدول أو كلمة نحوها..
أمر التزاحمية قد عمَّ، فتجد أناسا تتصل بالمشايخ = يا شيخ نحن نموت جوعا وأنتم تتكلمون عن الوضوء؟ مع ما رأيناه من تهوين من شعائر الحج والعيد دون الحديث عن التهوين من أمر العقيدة وغيرها.
وهذا من أردى ما يُرى؛ أن يُجعل أول ما يتنازل عنه المرء في المحن = دينه.
أوقات البلاء هي أوقات تذكير بالعقيدة والتوحيد والتوبة والإنابة (خاصة مع ما يبلغنا من انتشار لسب اللّٰه تعالى في أوساط النازحين) وتجديد عهد باللّٰه تعالى وإبصار مواطن الخلل وإصلاحها والاعتصام بهذا الدين..
رأيت قبل يومين كلاما لحاخام يهودي يقول فيه أن من الأسباب التي تجعل الإسماعيليين (يقصد المسلمين) لهم القوة والمقدرة على هزيمتنا هو الصلاة والدعاء واحتشام نساءهم!
لا أحد يهون من أمر العدة والعتاد، ولكن كثير من المسلمين غاب عنهم هذا المعنى، وهو أننا إنما ننتصر بمدى قربنا من اللّٰه تعالى؛ ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا اللّٰه ينصركم ويُثبت أقدامكم﴾ [محمد]
الكثير من الناس يحلو لهم إذا تكلموا عن سقوط الأراضي التي كانت بأيدي المسلمين كالأندلس وغيرها.
أن يشيروا بقوة إلى ما آلت إليه تلك الأراضي في آخرها من انتشار الوهن والضعف وشيوع الترف والفواحش ويربطون بين هذا الأمر وبين سقوط تلك الأراضي ولكن يغيب عنهم هذا المعنى إذا تعلق الأمر بالحاضر!
ونحن أمام من يسكت عن كثير من مظاهر الشرك والبدع وسب اللّٰه تعالى وشيوع الفواحش والمنكرات ثم لا يلتفت إلا إلى الانشغال بأمر التهوين من التوحيد والحج والعبادات، ثم يتسائل: لماذا لم ننتصر؟
وقد جعل ابن تيمية من أسباب تسلط التتار على أراضي المسلمين شيوع كتب الفخر الرازي الجهمي وكتب ابن عربي الصوفي..
وجعل تلميذه ابن القيم من أسباب سقوط دولة بني أمية تقديم أمثال الجعد بن درهم حتى صار مربيا لأبناء الخليفة..
وهذا معنى لا يقبله كثير من العوام فضلا عن الخواص، وقد عرضت مرة كلام ابن تيمية هذا على بعض المحسوبين على المثقفين، وقد كان ينتشي بإلزام بعض خصومه بكلام ابن تيمية في بعض الأبواب، فقال ما معناه: هذا كلام من لا يعرف أسباب سقوط الدول أو كلمة نحوها..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
هذه الفتاة ملحدة سعودية تركت بلادها وذهبت إلى بريطانيا وتحولت إلى ذكر، وقبل ساعات وضعت حدا لحياتها، كما هو السيناريو المعتاد لمثل هذه الحالات!
مثل هذه الأخبار أجد إفادة عظيمة في نشرها، لأنه بعد مسيرة في الرد على شبهات الإلحاد ومناقشة الملحدين توصلت إلى أن هذا الأمر لا يُعالج دائما بأن أقوم بطرح مجموعة من الأجوبة والاستدلالات كأنني أتعامل مع آلات تُبرمج بالمعلومات وينتهي الأمر.
الخطاب القرآني يعالج هذه القضية بأن يبين أن في نفوس البشر أهواء وشهوات قد يُلبسها المرء لَبوس الشبهات -مخادعة- ولكن المعالجة تقتضي عدم إهمال هذا الجانب، والتذكير المستمر بوجود حساب ونار جهنم، وكذا بوجود نوع عذاب دنيوي يبتلي اللّٰه سبحانه وتعالى به هؤلاء لعلهم يرجعون أو يكونون عبرة لمن وراءهم، وما أكثر العِبر في هذا الباب.
أصدقاءها يُطالبون -الآن- بأن تتكفل عائلتها بدفنها في بلدها لأن ”بلاد الحرية والإنسانية = بريطانيا“ التي يمكثون فيها تفرض إيجارا على القبور، وفي حال عدم التكفل سيتم حرق جثتها، أصدقاءها -الذين غالبا- كانوا يوهمونها بالتحرر من عائلتها إذا لحقت بهم، لم يستطيعوا حتى أن يدفعوا تكلفة دفنها ثم الآن يذرفون دموع التماسيح.
مثل هذه الأخبار أجد إفادة عظيمة في نشرها، لأنه بعد مسيرة في الرد على شبهات الإلحاد ومناقشة الملحدين توصلت إلى أن هذا الأمر لا يُعالج دائما بأن أقوم بطرح مجموعة من الأجوبة والاستدلالات كأنني أتعامل مع آلات تُبرمج بالمعلومات وينتهي الأمر.
الخطاب القرآني يعالج هذه القضية بأن يبين أن في نفوس البشر أهواء وشهوات قد يُلبسها المرء لَبوس الشبهات -مخادعة- ولكن المعالجة تقتضي عدم إهمال هذا الجانب، والتذكير المستمر بوجود حساب ونار جهنم، وكذا بوجود نوع عذاب دنيوي يبتلي اللّٰه سبحانه وتعالى به هؤلاء لعلهم يرجعون أو يكونون عبرة لمن وراءهم، وما أكثر العِبر في هذا الباب.
أصدقاءها يُطالبون -الآن- بأن تتكفل عائلتها بدفنها في بلدها لأن ”بلاد الحرية والإنسانية = بريطانيا“ التي يمكثون فيها تفرض إيجارا على القبور، وفي حال عدم التكفل سيتم حرق جثتها، أصدقاءها -الذين غالبا- كانوا يوهمونها بالتحرر من عائلتها إذا لحقت بهم، لم يستطيعوا حتى أن يدفعوا تكلفة دفنها ثم الآن يذرفون دموع التماسيح.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
كان الأعمش -كما رواه الخطيب عنه وغيره- يقول: ”ويحك، أو ويلك يا شعبة، تعلق اللؤلؤ في أعناق الخنازير“
وروي هذا المعنى عن المسيح ﷺ وغيره.
والقصد عدم بذل العلم لغير أهله، وهذا المعنى أكثر ما يدخل فيه هم المشاققون من العالمانيين والليبراليين والنسويات.
فإن المسلم إذا عَلِم اختلاف العلماء في مسألة أخذ بالقول الذي ترجح عنده بالأدلة -سواء كان قولا شديدا أو يسيرا- مع احترام العالم الذي خالفه ما لم يكن قوله محل إنكار ومخالفة للأدلة.
في حين أن المشاقق لا يعتد بهذا ككل لاختلاف المرجعية، فهو إن أخذ باليسير لا بناءً على الأدلة وإنما بالتشهي ذهب ورمى صاحب القول الشديد بالتشديد والتعسير.
لذلك لا يوجد أي معنى أن تقوم بمباحثة العالماني أو الليبرالي أو النسوية في الفروع والاختلاف بين الفقهاء، وتضع نفسك في موضع دفاع.
والمباحثة في الفروع معهم لا تكون إلا على جهة الإذلال وبيان عدم الفهم.
أما أن تكون من باب محاولة التماهي مع تشنيعاتهم فهذا مسلك فاسد غاية الفساد، يؤدي إلى إضعاف الحق وتقوية طاغوت هؤلاء، حتى يحسب الواحد منهم أن دين اللّٰه ﷻ أُنزل حتى يُرضيه ويعطيه الفردوس الأرضي الذي يحلم به دون أي بذل، هكذا؛ غُنم بلا غُرم.
وروي هذا المعنى عن المسيح ﷺ وغيره.
والقصد عدم بذل العلم لغير أهله، وهذا المعنى أكثر ما يدخل فيه هم المشاققون من العالمانيين والليبراليين والنسويات.
فإن المسلم إذا عَلِم اختلاف العلماء في مسألة أخذ بالقول الذي ترجح عنده بالأدلة -سواء كان قولا شديدا أو يسيرا- مع احترام العالم الذي خالفه ما لم يكن قوله محل إنكار ومخالفة للأدلة.
في حين أن المشاقق لا يعتد بهذا ككل لاختلاف المرجعية، فهو إن أخذ باليسير لا بناءً على الأدلة وإنما بالتشهي ذهب ورمى صاحب القول الشديد بالتشديد والتعسير.
لذلك لا يوجد أي معنى أن تقوم بمباحثة العالماني أو الليبرالي أو النسوية في الفروع والاختلاف بين الفقهاء، وتضع نفسك في موضع دفاع.
والمباحثة في الفروع معهم لا تكون إلا على جهة الإذلال وبيان عدم الفهم.
أما أن تكون من باب محاولة التماهي مع تشنيعاتهم فهذا مسلك فاسد غاية الفساد، يؤدي إلى إضعاف الحق وتقوية طاغوت هؤلاء، حتى يحسب الواحد منهم أن دين اللّٰه ﷻ أُنزل حتى يُرضيه ويعطيه الفردوس الأرضي الذي يحلم به دون أي بذل، هكذا؛ غُنم بلا غُرم.
معشر التجار! ألا يكون لكم في المِسور بن مخرمة قدوة؟
روى المروذي في كتابه الورع وابن سعد في الطبقات، واللفظ للمروذي -٢٧٥ - حدثنا أبو عبد اللّٰه، حدثنا أبو سعيد -مولى بني هاشم-، حدثنا عبد اللّٰه ابن جعفر، قال: حدثتنا أم بكر، قالت: احتكر المِسور طعاما كثيرا، فرأى سحابا من الخريف، فكرهه.
فقال: «ألا أُراني قد كرهت ما ينفع المسلمين! من جاءني ولَّيته كما أخذته»
قال: فبلغ ذلك عمر، فقال: «ما للمسور؟!»
فأتى عمر، فقال: «يا أمير المؤمنين، إني احتكرت طعاما كثيرا، فرأيت سحابا قد نشأ، فكرهتها، فتأليت ألا أربح فيها شيئا»
فقال عمر: «جزاك اللّٰه خيرا».
المِسور بن مخرمة من صغار الصحابة وقد كان مُلازما لعمر رضي اللّٰه عنه والغالب أنه عنه قد أخذ مثل هذا الورع الجميل.
فقد احتكر طعاما فلما رأى سحابا يحمل غيثا كره ذلك، ثم فطِن أنه إنما قد كره أمرا فيه نفعٌ للمسلمين مقابل أن لا تضيع تجارته فجعل على نفسه أن يبيع سلعته كلها بالثمن الذي اشتراها به وألا يربح فيها شيئا.
وخبر المِسور هذا فيه عبرة للتجار عامة، خاصة بعد أن رأيت عدة مقاطع لإخواننا في غزة -فرج اللّٰه عنهم- يشتكون من التجار.
فكثير من التجار لا يكتفي بأن يكره ما ينفع المسلمين خوفا على تجارته بل قد يتعدى الأمر إلى أن يكون مصدرا للأذية تارة بغلاء الأسعار وتارة أخرى ببيع المغشوش..
وقد تكون تجارة المرء من أسباب أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة أو أن يمحق خيري الدنيا والآخرة..
وفي الحديث عن النبي الكريم ﷺ: «إن التجار يبعثون يوم القيامة فُجارا، إلا من اتقى اللّٰه وبرَّ وصدق»
روى المروذي في كتابه الورع وابن سعد في الطبقات، واللفظ للمروذي -٢٧٥ - حدثنا أبو عبد اللّٰه، حدثنا أبو سعيد -مولى بني هاشم-، حدثنا عبد اللّٰه ابن جعفر، قال: حدثتنا أم بكر، قالت: احتكر المِسور طعاما كثيرا، فرأى سحابا من الخريف، فكرهه.
فقال: «ألا أُراني قد كرهت ما ينفع المسلمين! من جاءني ولَّيته كما أخذته»
قال: فبلغ ذلك عمر، فقال: «ما للمسور؟!»
فأتى عمر، فقال: «يا أمير المؤمنين، إني احتكرت طعاما كثيرا، فرأيت سحابا قد نشأ، فكرهتها، فتأليت ألا أربح فيها شيئا»
فقال عمر: «جزاك اللّٰه خيرا».
المِسور بن مخرمة من صغار الصحابة وقد كان مُلازما لعمر رضي اللّٰه عنه والغالب أنه عنه قد أخذ مثل هذا الورع الجميل.
فقد احتكر طعاما فلما رأى سحابا يحمل غيثا كره ذلك، ثم فطِن أنه إنما قد كره أمرا فيه نفعٌ للمسلمين مقابل أن لا تضيع تجارته فجعل على نفسه أن يبيع سلعته كلها بالثمن الذي اشتراها به وألا يربح فيها شيئا.
وخبر المِسور هذا فيه عبرة للتجار عامة، خاصة بعد أن رأيت عدة مقاطع لإخواننا في غزة -فرج اللّٰه عنهم- يشتكون من التجار.
فكثير من التجار لا يكتفي بأن يكره ما ينفع المسلمين خوفا على تجارته بل قد يتعدى الأمر إلى أن يكون مصدرا للأذية تارة بغلاء الأسعار وتارة أخرى ببيع المغشوش..
وقد تكون تجارة المرء من أسباب أن يجمع بين خيري الدنيا والآخرة أو أن يمحق خيري الدنيا والآخرة..
وفي الحديث عن النبي الكريم ﷺ: «إن التجار يبعثون يوم القيامة فُجارا، إلا من اتقى اللّٰه وبرَّ وصدق»
=
نفثة مصدور بعد تعيين أسامة الأزهري وزيرا للأوقاف!
هناك نقاط خطرت في بالي بعد خبر تعيين أسامة الأزهري وزيرا للأوقاف أبثها للسلفيين، الحركيين منهم خاصة، المغيبين عن الواقع مع دعواهم فقه الواقع!
سابقا كنت أرى عددا من عتاة الأشعرية المتصوفة في مصر يطلبون من الناس التبليغ في صفحة وزير الأوقاف عن أي إمام لا يُظهر بعض بدع التصوف كتسييد النبي الكريم ﷺ في الأذان وغيرها، فمن هنا تدرك أن هذا المنصب منصب إذا وقع في يد أمثال أسامة وهو قبوري جهمي خرافي معروف بذلك، محارب لدعاة التوحيد فإنه سيكون وبالا على سلفيي مصر والرجل هذا غالبا بعد سنوات سيتولى مشيخة الأزهر..
الحركي -فقيه الواقع- كان يظن أنه إذا كذب كذبة وصدقها فإن كل الناس ستصدقها، كان يقول: العالماني لا يعرف شيئا تن خلافياتكم كسلفية وأشعرية والعالماني لا يميز بين السلفي والأشعري، بل يُحارب كل ما هو إسلامي سواء سلفي أو أشعري.
الحركي كذب كذبة مفادها أن الخلافيات التي بين الطوائف عموما وبين السلفية والأشعرية خصوصا هي خلافيات في بطون الكتب، ثم صدق كذبته وصار يدعو لها، ثم صار العالم كله -في ظنه- يمشي على كذبته التي صارت واقعا فقهه هو.
خلاف أكثر من ألف سنة في بطون الكتب -على فرض صحة هذا القول- لم يهتدِ إليه أحد، في حين أن كل أعداء الإسلام نبشوا التراث نبشا لم يسعهم أن يجدوا ذلك الخلاف الذي كان كثيرا ما يظهر بصورة متجلية كأن تقوم حروب شوارع من أجله؛ فيقوم الحنابلة برمي الطوب على الأشعرية! أو أن يترك فقيه مشهور الصلاة على والده لكون هذا الأخير أشعريا! لا بأس!
في حين أن مؤسسة راند مثلا تضع أجندات متعلقة بهذا الأمر.
ولماذا نذهب بعيدا؟ مصر، بلد الحركي هذا، تدعم من؟ تكتشف أن العالماني فهم الخلاف واستغل الأشعري لحرب السلفي، والأشعري تماهى مع العالماني لإيجاد فرصة لنشر عقيدته، بسيطة، العالم لا يمشي بخزعبلات فقيه الواقع، لماذا لم يأتوا مثلا بالشيخ مصطفى العدوي ليتولى وزارة الأوقاف -مثلا- لماذا لم يتم تعيين سلفي ”أزهري“ لهذا المنصب؟
في الواقع أن الناس ككل تعرف -ما عدا أستاذ فقه الواقع- أن السلفيين مُضيَّق عليهم من طرف سدنة معبد الأزهر، المعبد المسكوت عنه، الذي يقول عنه -أستاذ فقه الواقع-: ”آخذ ابني للأزهر يتعلم أفضل من أن آخذه لمدارس مختلطة عالمانية“
أستاذ في فقه الواقع وفي الموازنات، ما شاء اللّٰه، لا قوة إلا بالله على ارتكاب أدنى الضررين! طيب هل يبقى على رأيه إذا تَقرر أخذ ابنه ليدرس عند جماعة سلفية الإسكندية؟ أو مسجد الشيخ رسلان؟ أو مسجد الشيخ هشام البيلي؟
معاذ اللّٰه، تريد ابني يصير مطبلا للظلمة كهؤلاء؟ يصير مبتدعا مثلهم؟ الظلمة الذين يمولون الأزهر؟ الأزهر قلعة نشر عقيدة أهل السنة والجماعة الصافية؟ الظلمة الذين يُشيخون أمثال أحمد الطيب من ليس له ناقة ولا جمل في علوم الشريعة؟ والذي -على فكرة- هو شيخ طيب عند فقهاء الواقع والموازنات!
بارك عبد اللّٰه رشدي لأسامة الأزهري هذا المنصب، نعم فرشدي الجامع لكل البلايا (تجهم، قبورية، سب أئمة التوحيد؛ والذنب الأعظم = موالاة الظلمة) كله مقبول منه، وكأنهم يقولون لك: ”حسنة التجهم تمحو كل سيئة دونها“، مع ذلك فقهاء الواقع والموازنات ما زالوا متمسكين به، لا يريدون فقدان ”السلفشعري“ الوحيد الذي أوجدوه، نعم هم من أوجدوه ورفعوه وهو بكل خبث استغل ذلك لنشر عقيدته في حين هم؟ هو يحارب العالمانيين والنسويات ومنكري السنة! مع ذلك وجد وقتا لنشر عقيدته، وأنتم؟
مشغولون! بماذا؟ نحن نحارب محمد بن شمس الدين، نحاربه من أجل عقيدة أمثال أسامة الأزهري، فأسامة وأمثاله يحارب السلفية -بكل أطيافها- والسلفية -الحركية طبعا- تحارب السلفيين -العقائديين- كمحمد بن شمس الدين من أجل عقيدة أمثال أسامة الأزهري.
رأيت هذه الدائرة؟ هذه الدائرة هي التي ستُحيل مصر إلى شيشان أخرى، ثم سيتباكون قليلا كما حصل أيام مؤتمر الشيشان، ويعودون لنفس قصصهم السابقة دون كلل ولا ملل، مئة سنة وهم يدورون في هذا الفراغ!
نفثة مصدور بعد تعيين أسامة الأزهري وزيرا للأوقاف!
هناك نقاط خطرت في بالي بعد خبر تعيين أسامة الأزهري وزيرا للأوقاف أبثها للسلفيين، الحركيين منهم خاصة، المغيبين عن الواقع مع دعواهم فقه الواقع!
سابقا كنت أرى عددا من عتاة الأشعرية المتصوفة في مصر يطلبون من الناس التبليغ في صفحة وزير الأوقاف عن أي إمام لا يُظهر بعض بدع التصوف كتسييد النبي الكريم ﷺ في الأذان وغيرها، فمن هنا تدرك أن هذا المنصب منصب إذا وقع في يد أمثال أسامة وهو قبوري جهمي خرافي معروف بذلك، محارب لدعاة التوحيد فإنه سيكون وبالا على سلفيي مصر والرجل هذا غالبا بعد سنوات سيتولى مشيخة الأزهر..
الحركي -فقيه الواقع- كان يظن أنه إذا كذب كذبة وصدقها فإن كل الناس ستصدقها، كان يقول: العالماني لا يعرف شيئا تن خلافياتكم كسلفية وأشعرية والعالماني لا يميز بين السلفي والأشعري، بل يُحارب كل ما هو إسلامي سواء سلفي أو أشعري.
الحركي كذب كذبة مفادها أن الخلافيات التي بين الطوائف عموما وبين السلفية والأشعرية خصوصا هي خلافيات في بطون الكتب، ثم صدق كذبته وصار يدعو لها، ثم صار العالم كله -في ظنه- يمشي على كذبته التي صارت واقعا فقهه هو.
خلاف أكثر من ألف سنة في بطون الكتب -على فرض صحة هذا القول- لم يهتدِ إليه أحد، في حين أن كل أعداء الإسلام نبشوا التراث نبشا لم يسعهم أن يجدوا ذلك الخلاف الذي كان كثيرا ما يظهر بصورة متجلية كأن تقوم حروب شوارع من أجله؛ فيقوم الحنابلة برمي الطوب على الأشعرية! أو أن يترك فقيه مشهور الصلاة على والده لكون هذا الأخير أشعريا! لا بأس!
في حين أن مؤسسة راند مثلا تضع أجندات متعلقة بهذا الأمر.
ولماذا نذهب بعيدا؟ مصر، بلد الحركي هذا، تدعم من؟ تكتشف أن العالماني فهم الخلاف واستغل الأشعري لحرب السلفي، والأشعري تماهى مع العالماني لإيجاد فرصة لنشر عقيدته، بسيطة، العالم لا يمشي بخزعبلات فقيه الواقع، لماذا لم يأتوا مثلا بالشيخ مصطفى العدوي ليتولى وزارة الأوقاف -مثلا- لماذا لم يتم تعيين سلفي ”أزهري“ لهذا المنصب؟
في الواقع أن الناس ككل تعرف -ما عدا أستاذ فقه الواقع- أن السلفيين مُضيَّق عليهم من طرف سدنة معبد الأزهر، المعبد المسكوت عنه، الذي يقول عنه -أستاذ فقه الواقع-: ”آخذ ابني للأزهر يتعلم أفضل من أن آخذه لمدارس مختلطة عالمانية“
أستاذ في فقه الواقع وفي الموازنات، ما شاء اللّٰه، لا قوة إلا بالله على ارتكاب أدنى الضررين! طيب هل يبقى على رأيه إذا تَقرر أخذ ابنه ليدرس عند جماعة سلفية الإسكندية؟ أو مسجد الشيخ رسلان؟ أو مسجد الشيخ هشام البيلي؟
معاذ اللّٰه، تريد ابني يصير مطبلا للظلمة كهؤلاء؟ يصير مبتدعا مثلهم؟ الظلمة الذين يمولون الأزهر؟ الأزهر قلعة نشر عقيدة أهل السنة والجماعة الصافية؟ الظلمة الذين يُشيخون أمثال أحمد الطيب من ليس له ناقة ولا جمل في علوم الشريعة؟ والذي -على فكرة- هو شيخ طيب عند فقهاء الواقع والموازنات!
بارك عبد اللّٰه رشدي لأسامة الأزهري هذا المنصب، نعم فرشدي الجامع لكل البلايا (تجهم، قبورية، سب أئمة التوحيد؛ والذنب الأعظم = موالاة الظلمة) كله مقبول منه، وكأنهم يقولون لك: ”حسنة التجهم تمحو كل سيئة دونها“، مع ذلك فقهاء الواقع والموازنات ما زالوا متمسكين به، لا يريدون فقدان ”السلفشعري“ الوحيد الذي أوجدوه، نعم هم من أوجدوه ورفعوه وهو بكل خبث استغل ذلك لنشر عقيدته في حين هم؟ هو يحارب العالمانيين والنسويات ومنكري السنة! مع ذلك وجد وقتا لنشر عقيدته، وأنتم؟
مشغولون! بماذا؟ نحن نحارب محمد بن شمس الدين، نحاربه من أجل عقيدة أمثال أسامة الأزهري، فأسامة وأمثاله يحارب السلفية -بكل أطيافها- والسلفية -الحركية طبعا- تحارب السلفيين -العقائديين- كمحمد بن شمس الدين من أجل عقيدة أمثال أسامة الأزهري.
رأيت هذه الدائرة؟ هذه الدائرة هي التي ستُحيل مصر إلى شيشان أخرى، ثم سيتباكون قليلا كما حصل أيام مؤتمر الشيشان، ويعودون لنفس قصصهم السابقة دون كلل ولا ملل، مئة سنة وهم يدورون في هذا الفراغ!
رأيت بعض صفحات الإباضية تنشر كلام هذا الرجل وتعتبره تزكية لمعتقدهم ولأخلاقهم؛ وكلامه كله يدور حول أن الخلاف مع الإباضية أكل عليه الدهر وشرب وأن إحياءه مخطط استخباراتي هدفه التشويش على احتلال ليبيا من روسيا وغيرها وأنه عاش مع الإباضية ولم ير أي فرق بينهم وبين المسلمين الآخرين.
ومن العجيب أن يصدر مثل هذا الكلام من رجل يُعد مفتيا لليبيا، الرجل مالكي المذهب وإمام مذهبه ومن بعده من أصحابه من أكثر الناس كلاما عن الإباضية فلا تخلو مدونة فقهية مالكية من الكلام عنهم، وتصوير أن الخلاف معهم انتهى وهم يشاركونك نفس البلد ولهم مفتي في عمان يُدرس ويحاضر ويُصنف في نصرة معتقده وله تلاميذ يأتونكم إلى ليبيا لنشر مذهبهم.
ورمي التهم جُزافا هذا صنيع أهل الطيش، فلو قال لك أي شخص: أين البينة على أن الكلام في مسألة عمرها ألف سنة هو صنيع استخباراتي؟ هل الاستخبارات هذه تأتيك أنت لتعطيك تقرير بمخططاتها؟
ثم لماذا دائما يرجع الأمر إلى التزاحم؟ لماذا إما أن تتكلم في الإباضية أو تتكلم في احتلال ليبيا؟
وقد يُقال لماذا أنت تركت احتلال ليبيا ومنشغل بمن يتكلم في الإباضية؟
ومسألة تحويل التجارب الشخصية إلى أحكام هذا ليس بصنيع رجل يُعد مفتيا.
الإباضية في كل المدونات فرقة من فِرق الخوارج ثم زادوا لاحقا الدخول في أطوار من التجهم، صادف وأن رأيت أن لا فرق بين إنسان خارجي جهمي، فهذه تجربتك الشخصية التي لا تفيد أحدا إنما يفيد الناس معرفة ما الذي جعل هناك أناسا تنسب نفسها للإباضية، وبما أنهم انتسبوا إلى الإباضية فلا بد من وجود أمر زائد على بقية المسلمين!
كما أنه لم يُر لك أي تعليق على صنيع كثير من الصفحات الإباضية التي خرجت عن قشورها عن طريق سب عدد من الصحابة كعثمان ومعاوية رضوان اللّٰه عليهما، واستغلال أن مخالفيهم ينتسبون لتيار سلفي معين لسبِّهم بما يشمل غيرهم من السلفيين كرميهم بالتشبيه والتجسيم والوهابية.
خلافك شخصي مع تيار معين لا يبيح لك هذا الخذلان، حتى تصير مورد استشهاد عند أهل البدع، والنبي ﷺ: يقول: ”المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه“
ومن العجيب أن يصدر مثل هذا الكلام من رجل يُعد مفتيا لليبيا، الرجل مالكي المذهب وإمام مذهبه ومن بعده من أصحابه من أكثر الناس كلاما عن الإباضية فلا تخلو مدونة فقهية مالكية من الكلام عنهم، وتصوير أن الخلاف معهم انتهى وهم يشاركونك نفس البلد ولهم مفتي في عمان يُدرس ويحاضر ويُصنف في نصرة معتقده وله تلاميذ يأتونكم إلى ليبيا لنشر مذهبهم.
ورمي التهم جُزافا هذا صنيع أهل الطيش، فلو قال لك أي شخص: أين البينة على أن الكلام في مسألة عمرها ألف سنة هو صنيع استخباراتي؟ هل الاستخبارات هذه تأتيك أنت لتعطيك تقرير بمخططاتها؟
ثم لماذا دائما يرجع الأمر إلى التزاحم؟ لماذا إما أن تتكلم في الإباضية أو تتكلم في احتلال ليبيا؟
وقد يُقال لماذا أنت تركت احتلال ليبيا ومنشغل بمن يتكلم في الإباضية؟
ومسألة تحويل التجارب الشخصية إلى أحكام هذا ليس بصنيع رجل يُعد مفتيا.
الإباضية في كل المدونات فرقة من فِرق الخوارج ثم زادوا لاحقا الدخول في أطوار من التجهم، صادف وأن رأيت أن لا فرق بين إنسان خارجي جهمي، فهذه تجربتك الشخصية التي لا تفيد أحدا إنما يفيد الناس معرفة ما الذي جعل هناك أناسا تنسب نفسها للإباضية، وبما أنهم انتسبوا إلى الإباضية فلا بد من وجود أمر زائد على بقية المسلمين!
كما أنه لم يُر لك أي تعليق على صنيع كثير من الصفحات الإباضية التي خرجت عن قشورها عن طريق سب عدد من الصحابة كعثمان ومعاوية رضوان اللّٰه عليهما، واستغلال أن مخالفيهم ينتسبون لتيار سلفي معين لسبِّهم بما يشمل غيرهم من السلفيين كرميهم بالتشبيه والتجسيم والوهابية.
خلافك شخصي مع تيار معين لا يبيح لك هذا الخذلان، حتى تصير مورد استشهاد عند أهل البدع، والنبي ﷺ: يقول: ”المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه“
يستغرب الناس كيف أن هؤلاء يرمون النقود للأموات وهم قد رموا شيئا أعظم من النقود = التوحيد.
- أبو جعفر الخليفي.
- أبو جعفر الخليفي.
هذا أحد إخواننا من السودان، توفي رحمه اللّٰه بسبب الحرب في بلده، فرج اللّٰه عن المسلمين وقد أُخبرت أنه قد مات بسبب القصف المدفعي العشوائي من مليشيا الدعم السريع، فأتاه شيء من ذلك في العنق فقطع شريان العنق.
فأسأل اللّٰه العظيم رب العرش العظيم أن يُبعث يوم القيامة ينزف، اللون لون الدم والريح ريح المسك، وأن ينتقم من قاتليه، وأن يفرج ربنا ﷻ عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان.
لم تمنعه حداثة سنِّه من الاشتغال بالعلم حفظا ودراسة وسماعا، مع ما يشهد له شيخه في الصورة من حسن الخلق والاجتهاد والحرص مع تعبد.
وسمت الخير ظاهر على مُحيَّاه.
كما أن له كتابات رائقة في الدفاع عن أئمة السلف ونشر آثارهم وأخبارهم والتذكير بالفضائل.
أقول دائما أني أجد دَيْنا لكل إخواني من أهل السنة أن أَذكُرهم بعد موتهم عسى اللّٰه بمنِّه يُسخر من يذكرني إذا صِرت إلى ما صاروا إليه..
وقد روى اللالكائي في كتاب السنة له عن حماد بن زيد عن إمام أهل البصرة أيوب السختياني أنه كان يقول: ”إني أُخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي.“
وذُكر أنه كان إذا بلغه موت الفتى من أصحاب الحديث يُرى ذلك فيه.
وهنا قناته:
https://t.me/ahmed3tsalah
فأسأل اللّٰه العظيم رب العرش العظيم أن يُبعث يوم القيامة ينزف، اللون لون الدم والريح ريح المسك، وأن ينتقم من قاتليه، وأن يفرج ربنا ﷻ عن المستضعفين من المسلمين في كل مكان.
لم تمنعه حداثة سنِّه من الاشتغال بالعلم حفظا ودراسة وسماعا، مع ما يشهد له شيخه في الصورة من حسن الخلق والاجتهاد والحرص مع تعبد.
وسمت الخير ظاهر على مُحيَّاه.
كما أن له كتابات رائقة في الدفاع عن أئمة السلف ونشر آثارهم وأخبارهم والتذكير بالفضائل.
أقول دائما أني أجد دَيْنا لكل إخواني من أهل السنة أن أَذكُرهم بعد موتهم عسى اللّٰه بمنِّه يُسخر من يذكرني إذا صِرت إلى ما صاروا إليه..
وقد روى اللالكائي في كتاب السنة له عن حماد بن زيد عن إمام أهل البصرة أيوب السختياني أنه كان يقول: ”إني أُخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي.“
وذُكر أنه كان إذا بلغه موت الفتى من أصحاب الحديث يُرى ذلك فيه.
وهنا قناته:
https://t.me/ahmed3tsalah
=
إفادات من كتاب "طبقات أصحاب أحمد" للإمام الكبير أبي بكر الخلال رحمة اللّٰه عليه!(الجزء الأول)
هذه سلسلة مستمرة، كل مقال أعرض فيه عدد من الإفادات اللطيفة مع التعليق عليها بما يفتح به اللّٰه عز وجل من كتاب الخلال: ”طبقات أصحاب أحمد“، وهو كتاب حسن يُقرأ في جلسة، فنبدأ بسم الله في أول جزء:
الإفادة الأولى:
قال الخلال وهو يتكلم عن إبراهيم الحربي:
وكان في خلقه شراسة، فكنت أتوقاه، على أنه قد كان يُوجب لي رحمه اللّٰه.
قلت أبو عائشة: تأمل أنه قد كان في خلق ابراهيم الحربي شراسة حتى جعل الخلال يتوقاه وفي هذا بيان لكثير ممن غلوا في أمر الخلق فجعلوا يردون النفع والخير إن جاء ممن خلقه كخلق ابراهيم الحربي، ولا يُفهم من هذا التزهيد من أمر الخلق ولكن القصد أن طبائع الناس تختلف، والحكمة ضالة المؤمن..
وقد روى الخطيب قي كتابه أخلاق الراوي - ٤٢٢ - أنا أبو الفضل عمر بن أبي سعد الهروي، نا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي بجرجان، نا أبو عوانة، يعني الإسفراييني - قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى، يقول: سمعت الشافعي، يقول: "كان يختلف إلى الأعمش رجلان، أحدهما كان الحديث من شأنه، والآخر لم يكن الحديث من شأنه، فغضب الأعمش يوما على الذي من شأنه الحديث فقال الآخر: لو غضب علي كما غضب عليك لم أعد إليه، فقال الأعمش: «إذن هو أحمق مثلك، يترك ما ينفعه لسوء خلقي»
الإفادة الثانية:
قال الخلال في ترجمة أبي إسحاق ابراهيم بن هانئ النيسابوري: أخبرنا علي بن الحسين بن هارون، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، قال: كان أحمد بن حنبل مختفيا هاهنا عندنا في الدار، فقال لي أحمد ابن حنبل: «ليس أطيق ما يطيق أبوك». يعني من العبادة.
وقال أيضا: وأخبرني أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا موسى الطوسي، قال: سمعت أبا بكر ابن زنجويه ذكر ابراهيم النيسابوري، فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «إن كان في هذا البلد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري»
قلت أبو عائشة: وهذا من لطيف أخلاق أحمد، فأحمد شيخٌ لأبي إسحاق ابراهيم بن هانئ النيسابوري وكان أحمد مختفيا عنده أيام الواثق، ولم يمنع أحمد كونه شيخا لابن هانئ أن يشهد له بما فيه من خير بل فضَّله على نفسه في أمر العبادة، وفي هذا لفتة للمعلمين ممن يحسب أن تكبُّره على من دونه من تلاميذه فيه خير، بل الخير في التواضع وذكر محاسن الطالب حتى يُحافظ ويثبت عليها.
الإفادة الثالثة:
قال الخلال في ترجمة إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان أحمد بن حنبل يُكاتبه ويُكرمه إكراما شديدا، ويسله في كتبه عن أحواله، وعن والدته، وعن إخوانه فلان وفلان.
قلت أبو عائشة: وهذه أيضا من لطائف أخلاق المعلمين أن يُظهر لتلميذه الاهتمام به عن طريق سؤاله عن أهله وأقاربه ويسميهم فلان وفلان..
الإفادة الرابعة:
قال الخلال في ترجمة إسحاق بن منصور الكوسج: ومسائله جليلة، مسائل فقيه، وأغرب على أصحابه أشياء كثيرة؛ لأن مسائله كثيرة، وأكثرها قول الثوري والأوزاعي وغيرهما.
قلت أبو عائشة: وصف مسائل الكوسج بمسائل فقيه، هذا وصف جميل، وقد كنت فيما مضى أكلم بعض الإخوة فأقول أن سفول همة بعض المشايخ لم تأتِ إلا من مسائل طُلابهم.
الإفادة الخامسة:
قال الخلال في ترجمة بكر بن محمد بن الحكم: ثم إن أبا أحمد ابنه تكلَّم في مسألة اللفظ، فقلاه أصحاب أبي عبد اللّٰه، وقد كان قبل ذلك مقدما عندهم.
قلت أبو عائشة: هنا لم يتبين لي إن كان أصحاب أحمد قلوا بكرا بجريرة ابنه أم قلوا ابنه وعلى كلا التقديرين تلحظ الشدة في التعامل وهذا في مسألة عقدية فيها ما فيها فكيف بمسائل من جنس مسألة العلو؟ ومثل صنيع أصحاب أحمد هذا لا تكاد تراه في الناس إنما تراه يُستعمل ضد من صنع كصنيع أصحاب أحمد، واللّٰه المستعان!
الإفادة السادسة:
قال الخلال في ترجمة جعفر بن محمد بن هذيل: وكان يُكثر ذكر أبي عبد اللّٰه، ويتثبت من أمره. وكنت ألح عليه، فيقول: «لا تعجل، فإن غلطت فغلطي على نفسي، ليس هو على أحمد بن حنبل».
وكان يرفع قدر أبي عبد اللّٰه جدا.
قلت أبو عائشة: وهذا من جملة الأخلاق التي على من انتسب لأحمد أن يتحلى بها، وقد كان الأثرم يقول: "ربما يترك أصحاب أحمد بن حنبل أشياء ليس بها تبعة عند اللّٰه، مخافة أن يعيروا بأحمد بن حنبل"
الإفادة السابعة:
قال الخلال في ترجمة جعفر بن محمد النسائي: رجل رفيع القدر، ثقة جليل ورع، أمار بالمعروف نهاء عن المنكر.
أُخبرت أنه قُتل بمكة في شيء من هذا الأمر والنهي.
قلت أبو عائشة: قال الموفق ابن قدامة في أوائل كتابه المغني -متحدثا عن أبي القاسم الخرقي الحنبلي-: "وسمعت من يذكر أن سبب موته أنه أنكر منكرًا بدمشق؛ فضُرِب، فكان موته بذلك."
وكم قد ذهب من أصحاب أحمد في مثل هذا؟ وهذه -عندي- من أعظم مناقب هذا المذهب أن يموت أصحابه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
يتبع...
إفادات من كتاب "طبقات أصحاب أحمد" للإمام الكبير أبي بكر الخلال رحمة اللّٰه عليه!
هذه سلسلة مستمرة، كل مقال أعرض فيه عدد من الإفادات اللطيفة مع التعليق عليها بما يفتح به اللّٰه عز وجل من كتاب الخلال: ”طبقات أصحاب أحمد“، وهو كتاب حسن يُقرأ في جلسة، فنبدأ بسم الله في أول جزء:
الإفادة الأولى:
قال الخلال وهو يتكلم عن إبراهيم الحربي:
وكان في خلقه شراسة، فكنت أتوقاه، على أنه قد كان يُوجب لي رحمه اللّٰه.
قلت أبو عائشة: تأمل أنه قد كان في خلق ابراهيم الحربي شراسة حتى جعل الخلال يتوقاه وفي هذا بيان لكثير ممن غلوا في أمر الخلق فجعلوا يردون النفع والخير إن جاء ممن خلقه كخلق ابراهيم الحربي، ولا يُفهم من هذا التزهيد من أمر الخلق ولكن القصد أن طبائع الناس تختلف، والحكمة ضالة المؤمن..
وقد روى الخطيب قي كتابه أخلاق الراوي - ٤٢٢ - أنا أبو الفضل عمر بن أبي سعد الهروي، نا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي بجرجان، نا أبو عوانة، يعني الإسفراييني - قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى، يقول: سمعت الشافعي، يقول: "كان يختلف إلى الأعمش رجلان، أحدهما كان الحديث من شأنه، والآخر لم يكن الحديث من شأنه، فغضب الأعمش يوما على الذي من شأنه الحديث فقال الآخر: لو غضب علي كما غضب عليك لم أعد إليه، فقال الأعمش: «إذن هو أحمق مثلك، يترك ما ينفعه لسوء خلقي»
الإفادة الثانية:
قال الخلال في ترجمة أبي إسحاق ابراهيم بن هانئ النيسابوري: أخبرنا علي بن الحسين بن هارون، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ، قال: كان أحمد بن حنبل مختفيا هاهنا عندنا في الدار، فقال لي أحمد ابن حنبل: «ليس أطيق ما يطيق أبوك». يعني من العبادة.
وقال أيضا: وأخبرني أبو بكر المروذي، قال: سمعت أبا موسى الطوسي، قال: سمعت أبا بكر ابن زنجويه ذكر ابراهيم النيسابوري، فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «إن كان في هذا البلد رجل من الأبدال فأبو إسحاق النيسابوري»
قلت أبو عائشة: وهذا من لطيف أخلاق أحمد، فأحمد شيخٌ لأبي إسحاق ابراهيم بن هانئ النيسابوري وكان أحمد مختفيا عنده أيام الواثق، ولم يمنع أحمد كونه شيخا لابن هانئ أن يشهد له بما فيه من خير بل فضَّله على نفسه في أمر العبادة، وفي هذا لفتة للمعلمين ممن يحسب أن تكبُّره على من دونه من تلاميذه فيه خير، بل الخير في التواضع وذكر محاسن الطالب حتى يُحافظ ويثبت عليها.
الإفادة الثالثة:
قال الخلال في ترجمة إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان أحمد بن حنبل يُكاتبه ويُكرمه إكراما شديدا، ويسله في كتبه عن أحواله، وعن والدته، وعن إخوانه فلان وفلان.
قلت أبو عائشة: وهذه أيضا من لطائف أخلاق المعلمين أن يُظهر لتلميذه الاهتمام به عن طريق سؤاله عن أهله وأقاربه ويسميهم فلان وفلان..
الإفادة الرابعة:
قال الخلال في ترجمة إسحاق بن منصور الكوسج: ومسائله جليلة، مسائل فقيه، وأغرب على أصحابه أشياء كثيرة؛ لأن مسائله كثيرة، وأكثرها قول الثوري والأوزاعي وغيرهما.
قلت أبو عائشة: وصف مسائل الكوسج بمسائل فقيه، هذا وصف جميل، وقد كنت فيما مضى أكلم بعض الإخوة فأقول أن سفول همة بعض المشايخ لم تأتِ إلا من مسائل طُلابهم.
الإفادة الخامسة:
قال الخلال في ترجمة بكر بن محمد بن الحكم: ثم إن أبا أحمد ابنه تكلَّم في مسألة اللفظ، فقلاه أصحاب أبي عبد اللّٰه، وقد كان قبل ذلك مقدما عندهم.
قلت أبو عائشة: هنا لم يتبين لي إن كان أصحاب أحمد قلوا بكرا بجريرة ابنه أم قلوا ابنه وعلى كلا التقديرين تلحظ الشدة في التعامل وهذا في مسألة عقدية فيها ما فيها فكيف بمسائل من جنس مسألة العلو؟ ومثل صنيع أصحاب أحمد هذا لا تكاد تراه في الناس إنما تراه يُستعمل ضد من صنع كصنيع أصحاب أحمد، واللّٰه المستعان!
الإفادة السادسة:
قال الخلال في ترجمة جعفر بن محمد بن هذيل: وكان يُكثر ذكر أبي عبد اللّٰه، ويتثبت من أمره. وكنت ألح عليه، فيقول: «لا تعجل، فإن غلطت فغلطي على نفسي، ليس هو على أحمد بن حنبل».
وكان يرفع قدر أبي عبد اللّٰه جدا.
قلت أبو عائشة: وهذا من جملة الأخلاق التي على من انتسب لأحمد أن يتحلى بها، وقد كان الأثرم يقول: "ربما يترك أصحاب أحمد بن حنبل أشياء ليس بها تبعة عند اللّٰه، مخافة أن يعيروا بأحمد بن حنبل"
الإفادة السابعة:
قال الخلال في ترجمة جعفر بن محمد النسائي: رجل رفيع القدر، ثقة جليل ورع، أمار بالمعروف نهاء عن المنكر.
أُخبرت أنه قُتل بمكة في شيء من هذا الأمر والنهي.
قلت أبو عائشة: قال الموفق ابن قدامة في أوائل كتابه المغني -متحدثا عن أبي القاسم الخرقي الحنبلي-: "وسمعت من يذكر أن سبب موته أنه أنكر منكرًا بدمشق؛ فضُرِب، فكان موته بذلك."
وكم قد ذهب من أصحاب أحمد في مثل هذا؟ وهذه -عندي- من أعظم مناقب هذا المذهب أن يموت أصحابه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أريدك أن تنتبه معي جيدا.
الصورتان من كتاب الورع للمروذي، وتسمية الكتاب بالورع مع إيراد مثل هذه الأخبار فيه رد على من يدعي أنه أورع من السلف الكرام في هذا الباب.
إسحاق بن راهويه كان من أهل خرسان وكان في أول أمره من أهل الرأي، فعندما خرج من خرسان كان يعتقد أنه لا يوجد من يخالف أبا حنيفة عوضا عن وجود من ينتقصه، عندما جرت بينه وبين عبد الرحمن بن مهدي محاورة أدرك أن العلماء على خلاف مسلكهم في خرسان.
وقد استدل بعضهم بهذا الخبر على عدم وجود إجماع في شأن أبي حنيفة، والواقع أن خرسان ليست بتلك البلد الذي يُحتج بها في مثل هذا فهي كانت بؤرة للجهمية والمرجئة، حتى كان أحمد يُسأل عن مداراة أهلها، ففي مسائل إسحاق بن منصور الكوسج: قلت لأبي عبد اللّٰه: من يقول: القرآن مخلوق؟ قال: ألحق به كل بلية.
قلت: يقال له (ك - ف - ر).
قال: إي واللّٰه، كل شر وكل بلية بهم.
قلت: فتظهر العداوة لهم أو تداريهم؟ قال: أهل خراسان لا يقوون بهم.
يقول كأن المداراة.
عودا، وهنا سؤال لمن يحتج بحجة وقتية كحجة أجمع العلماء بعد القرن كذا على كذا (أيا كانت المسألة)
علما أن الشيخ تقي الدين يقرر أن الإجماع المنضبط هو إجماع السلف إذ أن من بعدهم قد اختلفت الأمة وانتشرت، يقول الشيخ في الواسطية: ”والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة“.
فإسحاق خرج من خرسان وهو يظن أن هناك إجماعا فتبيَّن له أن الإجماع على خلاف ما كان يظن، فهل لو خرج إسحاق الآن يرجع إلى إجماع أهل خرسان أم يتمسك بالإجماع الذي وجده بعد أن خرج منها؟
القصد أن الحق حق في أي زمان وفي أي مكان، لا يوجد أمر كان حقا في وقت ثم فجأة انقلب وصار باطلا.
وتجد من يحتج بمثل هذه الحجج يستدل بصنيع الحسين بن علي رضي اللّٰه عنهما -بعيدا عن صحة الاستدلال من عدمه- لنقض الإجماع على تبديع الخوارج القائلين بالسيف ولا يقبل أن مسألة السيف كانت حقا ثم صارت باطلا، إلا بالطعن في الحسين رضي اللّٰه عنه.
وإن شئت أن تعجب فاعجب!
الصورتان من كتاب الورع للمروذي، وتسمية الكتاب بالورع مع إيراد مثل هذه الأخبار فيه رد على من يدعي أنه أورع من السلف الكرام في هذا الباب.
إسحاق بن راهويه كان من أهل خرسان وكان في أول أمره من أهل الرأي، فعندما خرج من خرسان كان يعتقد أنه لا يوجد من يخالف أبا حنيفة عوضا عن وجود من ينتقصه، عندما جرت بينه وبين عبد الرحمن بن مهدي محاورة أدرك أن العلماء على خلاف مسلكهم في خرسان.
وقد استدل بعضهم بهذا الخبر على عدم وجود إجماع في شأن أبي حنيفة، والواقع أن خرسان ليست بتلك البلد الذي يُحتج بها في مثل هذا فهي كانت بؤرة للجهمية والمرجئة، حتى كان أحمد يُسأل عن مداراة أهلها، ففي مسائل إسحاق بن منصور الكوسج: قلت لأبي عبد اللّٰه: من يقول: القرآن مخلوق؟ قال: ألحق به كل بلية.
قلت: يقال له (ك - ف - ر).
قال: إي واللّٰه، كل شر وكل بلية بهم.
قلت: فتظهر العداوة لهم أو تداريهم؟ قال: أهل خراسان لا يقوون بهم.
يقول كأن المداراة.
عودا، وهنا سؤال لمن يحتج بحجة وقتية كحجة أجمع العلماء بعد القرن كذا على كذا (أيا كانت المسألة)
علما أن الشيخ تقي الدين يقرر أن الإجماع المنضبط هو إجماع السلف إذ أن من بعدهم قد اختلفت الأمة وانتشرت، يقول الشيخ في الواسطية: ”والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة“.
فإسحاق خرج من خرسان وهو يظن أن هناك إجماعا فتبيَّن له أن الإجماع على خلاف ما كان يظن، فهل لو خرج إسحاق الآن يرجع إلى إجماع أهل خرسان أم يتمسك بالإجماع الذي وجده بعد أن خرج منها؟
القصد أن الحق حق في أي زمان وفي أي مكان، لا يوجد أمر كان حقا في وقت ثم فجأة انقلب وصار باطلا.
وتجد من يحتج بمثل هذه الحجج يستدل بصنيع الحسين بن علي رضي اللّٰه عنهما -بعيدا عن صحة الاستدلال من عدمه- لنقض الإجماع على تبديع الخوارج القائلين بالسيف ولا يقبل أن مسألة السيف كانت حقا ثم صارت باطلا، إلا بالطعن في الحسين رضي اللّٰه عنه.
وإن شئت أن تعجب فاعجب!
تتمة سلسلة: إفادات من كتاب "طبقات أصحاب أحمد" للإمام الكبير أبي بكر الخلال رحمة اللّٰه عليه! (الجزء الثاني)
الإفادة الثامنة والتاسعة:
قال الخلال في ترجمة الحسن بن ثواب المخرمي: وكان عنده عن أبي عبد اللّٰه جزء كبير، منه مسائل كبار، لم يجئ بها غيره، كبار، مشبعة جياد.
يحتج عليه بقول المدنيين والكوفيين، وكان أبو عبد اللّٰه يقول: «هذا مذهب أصحابك المدنيين» ونحو هذا.
ويقول في مسائله لأبي عبد اللّٰه: «مضيت إلى المدنيين، فقلت لهم كذا وقالوا لي كذا، فما تقول أنت في كذا؟» مسائل جياد.
قال الخلال في ترجمة أبو نصر إسماعيل بن عبد اللّٰه العجلي: وكان يحفظ قول أصحاب الرأي، يُناظره على ذلك، وكان يحفظها.
قلت أبو عائشة: وهذا يدلك أن أحمد كان يتحرى الدقة إذا تكلم في أي مذهب وأن له تلامذة مشتغلون بغير مذهبه يأتون إليه يسألون ويقارنون ويباحثونه، فيكون عند الإمام تصور واسع عن جميع المذاهب الأخرى.
قال شيخ الإسلام: ”وحنبل وأحمد بن الفرج كانا يسألان الإمام أحمد عن مسائل مالك وأهل المدينة، كما كان يسأله إسحاق بن منصور وغيره عن مسائل سفيان الثوري وغيره، وكما كان يسأله الميموني عن مسائل الأوزاعي، وكما كان يسأله إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن مسائل أبي حنيفة وأصحابه، فإنه كان قد تفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم اجتهد في مسائل كثيرة، ورجح فيها مذهب أهل الحديث، وسأل عن تلك المسائل أحمد وغيره، وشرحها إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني إمام دمشق، وأما الذين كانوا يسألونه مطلقا مثل: الأثرم وعبد الله وصالح وغيرهم فكثيرون.“
وهذا ما يُجلي ما وقع فيه كثير من الناس من الغلط على أبي عبد اللّٰه بأنه قد تكلم في أبي حنيفة بغير علم.
وقد نقل ابن الجوزي في مناقبه: ”وقال الخلال: وكان أحمد قد كَتب كتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها، وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم، فتكلم عن معرفة.“
الإفادة العاشرة:
قال الخلال في ترجمة حرب بن إسماعيل الكرماني: وكان سنُّه أكبر من ذاك، ولكنه قال لي: «كنت أتصوَّف قديما فلم أتقدَّم في السماع»
قلت أبو عائشة: وفي هذا رفع لهمة من يتحجج بأمر السنِّ لترك طلب العلم، فحرب قد قضى وقتا وهو بعيد عن العلم ثم اشتغل به فصار مقدما، ويدلك أيضا على فضل العالم على العابد!
الإفادة الحادية عشر:
قال الخلال في ترجمة أبو إبراهيم الزهري: كان كذلك في جلالته، ونُبله، وقدره وشرفه.
[إلى أن قال]
إلا أن أبا بكر المروذي هجرهما [=أبو إبراهيم وحمدان بن علي]؛ لأنهما كلَّما الترمذي، وكان الصواب في يد المروذي، والدين ليس فيه محاباة.
وقد سمعت من حمدان بن علي وأبي إبراهيم حديثا شيئا يسيرا، ثم تركتهما بما هجرهما أبو بكر المروذي.
قلت أبو عائشة: هذان رجلان جليلان كلَّما الترمذي -ويغلب على ظني أنه الترمذي منكر فضيلة النبي ﷺ- هجرهما المروذي وأذعن له الخلال وشهد له بالصواب.
الكثير ممن يتكلم عن مسألة فهم منهجية السلف وعن آحاد الآثار، مثل هذا الخبر لا يجري على أصوله، فإن المروذي هو عبارة عن فهمٍ لأحمد، وهو تطبيق عملي لأخبار أحمد.
أما القفز إلى القرون المتأخرة دون معالجة لمثل هذه الأخبار فهو محض تحكُّم ورغبوية.
ولاحظ أننا نتكلم عن رجلين جليلين كلَّما مبتدعا، تسائل إن كانا هما المبتدعين؟ ومع ذلك وافق الخلال على صنيع المروذي وبالتالي وافقه جملة الحنابلة في ذاك الزمن ولم تسمع أحدا منهم يقول: لو أسقطنا هذين لم يبق لنا إمام! وغيرها من الأعذار الباردة التي ظهرت في زماننا.
الإفادة الثانية عشر:
قال الخلال في ترجمة خطاب بن بشر: وكان رجلا صالحا، يقصُّ على الناس. وقد سمعت منه حديثا. وكنت إذا سمعت كلامه كأنه نذير قوم، وأحسب أنه كان أخبر القصاص الذين يُفرح بهم، ويُعتد بقولهم.
قلت أبو عائشة: وفي هذا إفادة أن ذمهم للقصاص لم يأتِ من مطلق القصِّ وإنما بما يرتبط به في العادة من ترك العلم والإتيان بالمكذوبات وإلا لو كان الأمر يأتي من شخص له نوع اشتغال بالعلم وتمييز فيستحسنونه وهو صنيع أحمد يوم سئل عن قصاص يذكرون الحوض والصراط وما شغبت به الجهمية.
الإفادة الثالثة عشر والرابعة عشر:
قال الخلال في ترجمة أحمد بن أصرم بن خزيمة: كتبنا عن أبي بكر المروذي عنه، وأبو بكر المروذي يرضاه ومن رضيه المروذي فحسبك به.
قال الخلال في ترجمة أبي بكر المروذي: هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله. وكان أحمد يأنس به وينبسط إليه. وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسَّله.
[إلى أن قال]
وقد سمعت أبو بكر المروذي، يقول: كان أبو عبد اللّٰه يبعث بي في الحاجة، فيقول: قل ما قُلت، فهو على لساني فأنا قلته.
قلت أبو عائشة: وهذا بعض إجلال الخلال لأبي بكر المروذي وهو أهل لذلك.
يُتبع...
الإفادة الثامنة والتاسعة:
قال الخلال في ترجمة الحسن بن ثواب المخرمي: وكان عنده عن أبي عبد اللّٰه جزء كبير، منه مسائل كبار، لم يجئ بها غيره، كبار، مشبعة جياد.
يحتج عليه بقول المدنيين والكوفيين، وكان أبو عبد اللّٰه يقول: «هذا مذهب أصحابك المدنيين» ونحو هذا.
ويقول في مسائله لأبي عبد اللّٰه: «مضيت إلى المدنيين، فقلت لهم كذا وقالوا لي كذا، فما تقول أنت في كذا؟» مسائل جياد.
قال الخلال في ترجمة أبو نصر إسماعيل بن عبد اللّٰه العجلي: وكان يحفظ قول أصحاب الرأي، يُناظره على ذلك، وكان يحفظها.
قلت أبو عائشة: وهذا يدلك أن أحمد كان يتحرى الدقة إذا تكلم في أي مذهب وأن له تلامذة مشتغلون بغير مذهبه يأتون إليه يسألون ويقارنون ويباحثونه، فيكون عند الإمام تصور واسع عن جميع المذاهب الأخرى.
قال شيخ الإسلام: ”وحنبل وأحمد بن الفرج كانا يسألان الإمام أحمد عن مسائل مالك وأهل المدينة، كما كان يسأله إسحاق بن منصور وغيره عن مسائل سفيان الثوري وغيره، وكما كان يسأله الميموني عن مسائل الأوزاعي، وكما كان يسأله إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن مسائل أبي حنيفة وأصحابه، فإنه كان قد تفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم اجتهد في مسائل كثيرة، ورجح فيها مذهب أهل الحديث، وسأل عن تلك المسائل أحمد وغيره، وشرحها إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني إمام دمشق، وأما الذين كانوا يسألونه مطلقا مثل: الأثرم وعبد الله وصالح وغيرهم فكثيرون.“
وهذا ما يُجلي ما وقع فيه كثير من الناس من الغلط على أبي عبد اللّٰه بأنه قد تكلم في أبي حنيفة بغير علم.
وقد نقل ابن الجوزي في مناقبه: ”وقال الخلال: وكان أحمد قد كَتب كتب الرأي وحفظها، ثم لم يلتفت إليها، وكان إذا تكلم في الفقه تكلم كلام رجل قد انتقد العلوم، فتكلم عن معرفة.“
الإفادة العاشرة:
قال الخلال في ترجمة حرب بن إسماعيل الكرماني: وكان سنُّه أكبر من ذاك، ولكنه قال لي: «كنت أتصوَّف قديما فلم أتقدَّم في السماع»
قلت أبو عائشة: وفي هذا رفع لهمة من يتحجج بأمر السنِّ لترك طلب العلم، فحرب قد قضى وقتا وهو بعيد عن العلم ثم اشتغل به فصار مقدما، ويدلك أيضا على فضل العالم على العابد!
الإفادة الحادية عشر:
قال الخلال في ترجمة أبو إبراهيم الزهري: كان كذلك في جلالته، ونُبله، وقدره وشرفه.
[إلى أن قال]
إلا أن أبا بكر المروذي هجرهما [=أبو إبراهيم وحمدان بن علي]؛ لأنهما كلَّما الترمذي، وكان الصواب في يد المروذي، والدين ليس فيه محاباة.
وقد سمعت من حمدان بن علي وأبي إبراهيم حديثا شيئا يسيرا، ثم تركتهما بما هجرهما أبو بكر المروذي.
قلت أبو عائشة: هذان رجلان جليلان كلَّما الترمذي -ويغلب على ظني أنه الترمذي منكر فضيلة النبي ﷺ- هجرهما المروذي وأذعن له الخلال وشهد له بالصواب.
الكثير ممن يتكلم عن مسألة فهم منهجية السلف وعن آحاد الآثار، مثل هذا الخبر لا يجري على أصوله، فإن المروذي هو عبارة عن فهمٍ لأحمد، وهو تطبيق عملي لأخبار أحمد.
أما القفز إلى القرون المتأخرة دون معالجة لمثل هذه الأخبار فهو محض تحكُّم ورغبوية.
ولاحظ أننا نتكلم عن رجلين جليلين كلَّما مبتدعا، تسائل إن كانا هما المبتدعين؟ ومع ذلك وافق الخلال على صنيع المروذي وبالتالي وافقه جملة الحنابلة في ذاك الزمن ولم تسمع أحدا منهم يقول: لو أسقطنا هذين لم يبق لنا إمام! وغيرها من الأعذار الباردة التي ظهرت في زماننا.
الإفادة الثانية عشر:
قال الخلال في ترجمة خطاب بن بشر: وكان رجلا صالحا، يقصُّ على الناس. وقد سمعت منه حديثا. وكنت إذا سمعت كلامه كأنه نذير قوم، وأحسب أنه كان أخبر القصاص الذين يُفرح بهم، ويُعتد بقولهم.
قلت أبو عائشة: وفي هذا إفادة أن ذمهم للقصاص لم يأتِ من مطلق القصِّ وإنما بما يرتبط به في العادة من ترك العلم والإتيان بالمكذوبات وإلا لو كان الأمر يأتي من شخص له نوع اشتغال بالعلم وتمييز فيستحسنونه وهو صنيع أحمد يوم سئل عن قصاص يذكرون الحوض والصراط وما شغبت به الجهمية.
الإفادة الثالثة عشر والرابعة عشر:
قال الخلال في ترجمة أحمد بن أصرم بن خزيمة: كتبنا عن أبي بكر المروذي عنه، وأبو بكر المروذي يرضاه ومن رضيه المروذي فحسبك به.
قال الخلال في ترجمة أبي بكر المروذي: هو المقدم من أصحاب أحمد لورعه وفضله. وكان أحمد يأنس به وينبسط إليه. وهو الذي تولى إغماضه لما مات وغسَّله.
[إلى أن قال]
وقد سمعت أبو بكر المروذي، يقول: كان أبو عبد اللّٰه يبعث بي في الحاجة، فيقول: قل ما قُلت، فهو على لساني فأنا قلته.
قلت أبو عائشة: وهذا بعض إجلال الخلال لأبي بكر المروذي وهو أهل لذلك.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
المقطع نشرته صفحة سلفيون في أفغانستان.
كتبت سابقا مقالين في بيان مدى حقد الحنفية على الإمام البخاري (المقال الأول) (المقال الثاني)
ويظهر أن هذ الأمر عبارة عن حالة متوارثة، لذلك عندما يتكلم البعض عن كون المذهب الفلاني قد تُلقي بالقبول عليه أن يُدرك أن هذه التركة جزء مما يتألى به على اللّٰه ﷻ أنه قد تُلقي بالقبول!
كما أنه عليه أن يُراعي هذا الأمر قبل أن يتهم أي تيار سلفي بأنه "كنز العالمانيين" أو "أداة في أيدي منكري السنة"، لذلك تكلمت مؤسسة راند في بعض توجيهاتها عن دعم المذهب الحنفي الأقرب إلى الحداثة في وجه الحنبلية وباقي المذاهب!
إن كان لقدماء الحنفية سبب واحد لبغض البخاري وهو أمر كلامه في إمامهم وتقصُّده بالرد -وهو عندهم سبب كافٍ- فإن لمتأخريهم سببان إضافة للأول فالثاني هو شدة مباينته لعقيدتهم كما هو مسطور في كتابه "خلق أفعال العباد" وكتاب "التوحيد والرد على الجهمية" من صحيحه.
المفارقة هي أن المتكلم وأمثاله -وهم كُثر- لا يُراعون أن كثيرا من السلفيين هجروا كلام السلف والبخاري في أبي حنيفة، بل هو يراهم بشكل أو بآخر امتدادا للبخاري ولأهل الحديث، فهم في النهاية لا يُقرُّون أخطاء أبي حنيفة وإن عظَّموه.
كتبت سابقا مقالين في بيان مدى حقد الحنفية على الإمام البخاري (المقال الأول) (المقال الثاني)
ويظهر أن هذ الأمر عبارة عن حالة متوارثة، لذلك عندما يتكلم البعض عن كون المذهب الفلاني قد تُلقي بالقبول عليه أن يُدرك أن هذه التركة جزء مما يتألى به على اللّٰه ﷻ أنه قد تُلقي بالقبول!
كما أنه عليه أن يُراعي هذا الأمر قبل أن يتهم أي تيار سلفي بأنه "كنز العالمانيين" أو "أداة في أيدي منكري السنة"، لذلك تكلمت مؤسسة راند في بعض توجيهاتها عن دعم المذهب الحنفي الأقرب إلى الحداثة في وجه الحنبلية وباقي المذاهب!
إن كان لقدماء الحنفية سبب واحد لبغض البخاري وهو أمر كلامه في إمامهم وتقصُّده بالرد -وهو عندهم سبب كافٍ- فإن لمتأخريهم سببان إضافة للأول فالثاني هو شدة مباينته لعقيدتهم كما هو مسطور في كتابه "خلق أفعال العباد" وكتاب "التوحيد والرد على الجهمية" من صحيحه.
المفارقة هي أن المتكلم وأمثاله -وهم كُثر- لا يُراعون أن كثيرا من السلفيين هجروا كلام السلف والبخاري في أبي حنيفة، بل هو يراهم بشكل أو بآخر امتدادا للبخاري ولأهل الحديث، فهم في النهاية لا يُقرُّون أخطاء أبي حنيفة وإن عظَّموه.
ورأيت محمد بن الفضل الحَلاوي، وكنيته أبو الفضل: كان من المختلفين إلى ابن مردويه، يُقال له الحافظ، كان يُورِّق، له معرفة بالحديث، يعظ العوام، إلا أنه رُمي بالرفض والتختُّم في اليمين، ويُذكر عنه أنه تكلم بجهله في أكابر الصحابة بطعن في نفسه لا فيهم، وتكلَّم أيضا في أم المؤمنين -لا أمِّه وأمِّ المبتدعين الضَّالين- عائشة رضي اللّٰه عنها بقدح، وصاهر ابنه عبيد اللّٰه مع إنسانٍ كلب؛ ممن عُرف بمذهب الباطنية -أهلكهم اللّٰه- وابن عُطاش -عطَّشه اللّٰه في نار جهنم- مع أشياء تركتها مما يُذكر عنهما.
[كتاب الرسالة، تأليف: أبي عبد اللّٰه محمد بن عبد الواحد الأصبهاني، المعروف بالدقاق (ت:٥١٦هـ)، تحقيق: د. جمال عزُّون، مكتبة دار المنهج للنشر والتوزيع، الرياض، صـ: ٨٠-٨١]
[كتاب الرسالة، تأليف: أبي عبد اللّٰه محمد بن عبد الواحد الأصبهاني، المعروف بالدقاق (ت:٥١٦هـ)، تحقيق: د. جمال عزُّون، مكتبة دار المنهج للنشر والتوزيع، الرياض، صـ: ٨٠-٨١]
وسمعت أن أباه محمد محمد بن عبد الواحد بن عبيد اللّٰه الفقيه، قال لعبد العزيز النخشبي الحافظ رحمه اللّٰه -الذي ترك مذهب الرأي والقياس، وأخذ بالحديث والآثار-: نزلت عند ابن منده أو بني منده- يعني: شيخنا الشيخ الإمام عبد الرحمن ابن منده رحمه اللّٰه -إن شاء اللّٰه- أو كما قال - لم تكن بالمشبهة؟
قال عبد العزيز رحمه اللّٰه: لا ولا الأشعرية.
[كتاب الرسالة، تأليف: أبي عبد اللّٰه محمد بن عبد الواحد الأصبهاني، المعروف بالدقاق (ت:٥١٦هـ)، تحقيق: د. جمال عزُّون، مكتبة دار المنهج للنشر والتوزيع، الرياض، صـ: ٨٢]
قال عبد العزيز رحمه اللّٰه: لا ولا الأشعرية.
[كتاب الرسالة، تأليف: أبي عبد اللّٰه محمد بن عبد الواحد الأصبهاني، المعروف بالدقاق (ت:٥١٦هـ)، تحقيق: د. جمال عزُّون، مكتبة دار المنهج للنشر والتوزيع، الرياض، صـ: ٨٢]