ومضات
1.71K subscribers
12.7K photos
4.47K videos
120 files
5.68K links
قناة دعوية تربوية تهتم بنشر تعاليم وقيم المشروع الإسلامي
تابعونا:
wmdaat.com
فيس بوك:
fb.me/wmdaat
Download Telegram
#الاتحاد_قوة_والتفرق_ضعف
تقوم شرائع الإسلام وآدابه على اعتبار الفرد جزءا لا ينفصم من كيان الأمة، وعضوا موصولا بجسمها لا ينفك عنها، فهو ـ طوعا أو كرها ـ يأخذ نصيبه مما يتوزع على الجسم كله من غذاء ونمو وشعور . . وقد جاء الخطاب الإلهى مُقرا هذا الوضع، فلم يتجه للفرد وحده بالأمر والنهى، إنما تناول الجماعة كلها بالتأديب والإرشاد، ثم من الدرس الذى يلقى على الجميع يستمع الفرد وينتصح. وهكذا أطرد سياق التشريع فى الكتاب والسنة . (يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا و اعبدوا ربكم و افعلوا الخير لعلكم تفلحون ، وجاهدوا في الله حق جهاده) . فإذا وقف المسلم بين يدى الله ليناجيه ويتضرع إليه لم تجر العبادة على لسانه كعبد منفصل عن إخواته، بل كطرف من مجموع متسق مرتبط يقول: (إياك نعبد وإياك نستعين ) لا : إياك أعبد وإياك أستعين !! ثم يسأل الله من خيره وهداه فلا يختص نفسه بالدعاء، بل يطلب رحمة الله له ولغيره، فيقول (اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم ) . إن الله عز وجل لم يخلق الناس لينقسموا ويختلفوا.. لقد شرع لهم دينا واحدا وأرسل أنبياءه تترى ليقودوا الناس كافة فى طريق واحد، وحرم عليهم من الأزل أن يصدعوا الدين، وأن يتفرقوا حوله عزين .
لا انفصام بين العلم والأخلاق :
والحق أن العلم عندما ينفصل عن الخلق، ويفارقه الإخلاص يمسى وبالا على أهله وعلى الناس.. وقد كان الناس قبل الدين يضلهم الجهل فى شعابه الحائرة. فلما جاء الدين واستبد به دهاقينه، وتاجروا بعلومه لأنفسهم ومطامعهم تاهت جماهير العامة فى سبل جائرة !. وقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يستعيذ بالله من علم لا ينفع. وقال: "إن أخوف ما أخاف عليكم بعدى منافق عليم اللسان " . أجل، إن القلب الخرب يجعل من العلم سلاحا للفساد. وقد تأذى العالم فى القديم والحديث من هذا العلم المدمر.
فانظر إلى ضراوة العلم عندما يفقد الإخلاص لله والرفق بالعباد، كيف يثير الفرقة، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل . إن اختلاف الأفهام واشتجار الآراء ليس بمستغرب فى الحياة، ولكن ليس هذا سبب التقاطع والشقاق. إنما يعود سبب الشقاق إلى انضمام عوامل أخرى. تستغل تباين الأنظار والأفكار للتنفيس عن أهواء باطنة . ومن ثم ينقلب البحث عن الحقيقة إلى ضرب من العناد لا صلة له بالعلم البتة . ولو تجردت النيات للبحث عن الحقيقة، وأقبل روادها وهم بعداء عن طلب الغلب، والسمعة، والرياسة، والثراء ؛ لصفيت المنازعات التى ملأت التاريخ بالأكدار والمآسى . وقد لحظنا أن هناك توافه ضخم الخلاف فيها وامتد لأن هذا الخلاف اقترن ابتداء بمنافع سياسية . على حين انكمش الخلاف فى مسائل مهمة، وتُركت وجهات النظر ترسو حيث شاءت .
الاختلاف مفسدة للدين ، مضيعة للجهود :
ولما كان هذا الاختلاف المريب مفسدا لدين الله ودنيا الناس اعتبره الإسلام انفصالا عنه وكفرا : قال الله عز وجل: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) . وحذر الله المسلمين من الخلاف فى الدين والتفرق فى فهمه شيعا متناحرة متلاعنة كما فعل الأولون: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ، وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) . إن ائتلاف القلوب والمشاعر، واتحاد الغايات والمناهج، من أوضح تعاليم الإسلام، وألزم خلال المسلمين المخلصين.. ولا ريب أن توحيد الصفوف واجتماع الكلمة هما الدعامة الوطيدة لبقاء الأمة، ودوام دولتها، ونجاح رسالتها ولئن كانت كلمة التوحيد باب الإسلام. إن توحيد الكلمة سر البقاء فيه، والإبقاء عليه، والضمان الأول للقاء الله بوجه مشرق وصفحة نقية ..!! إن العمل الواحد فى حقيقته وصورته يختلف أجره اختلافا كبيرا حين يؤديه الإنسان وحيدا، وحين يؤديه مع آخرين . إن ركعتى الفجر أو ركعات الظهر هى هى لم تزد شيئا عندما يؤثر المرء أداءها فى جماعة عن أدائها فى عزلة. ومع ذلك فقد ضعف الإسلام أجرها بضعا وعشرين مرة أو يزيد عندما يقف الإنسان مع غيره بين يدى الله. وهذا إغراء شديد بالانضواء إلى الجماعة ونبذ العزلة ودفع بالإنسان إلى الانسلاخ من وحدته، والاندماج فى أمته إن الإسلام يكره للمسلم أن ينحصر فى نطاق نفسه وأن يستوحش فى تفكيره وإحساسه، وأن ينأى بمصلحته عن مصلحة الجماعة وحياتها . وفى الحديث: ".. ثلاث لا يُغل عليهن قلب امرئ مُؤمن: إخلاصُ العمل لله : والمناصحة لأئمة المسلمين . ولزوم جماعتهم ، فإن دعاءهم يحيط من ورائهم " .
رغب الإسلام في العمل الجماعي والتوحد في آدائه: