اخبار الوطن ملك الجميع
1.37K subscribers
4.37K photos
99 videos
2 files
83.4K links
ننقل أخبار الوطن من كل المصادر دون انحياز لأي طرف او لوجهة نظر معينة
Download Telegram
#للذواكر_المثقوبة: الوصاية.. بين سبتمبر الثورة والنكبة!!

http://telegram.me/watYm
كتب - #منير_قاسم

تربط مليشيا الحوثي تاريخ ما تسميه ثورتها بيوم اقتحامها صنعاء في 21 سبتمبر 2014، وتردد على طول خط خطابها السياسي والإعلامي والثقافي أن الهدف العام لثورتها هو استعادة السيادة اليمنية وتخليص البلد من الوصاية الخارجية. وبدون انفعال مع أو ضد دعونا نطرح الموضوع على طاولة النقاش.

لنرجع إلى الوراء بضع سنوات، وتحديدا إلى ما قبل اقتحام العاصمة بشهور، لنجد أن أهداف الحراك الحوثي المعلنة مرارا وتكرارا من قياداته وعلى رأسها زعيم المليشيا المدعو عبدالملك الحوثي، انحصر في ثلاثة مطالب، الأول هو التراجع عن الجرعة السعرية للمشتقات النفطية، الثاني كان تغيير حكومة باسندوة، أما الثالث فهو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

كانت الأهداف الثلاثة هي الخطوط العامة لما يمكن تسميته مجازا برنامج الثورة الحوثية، ولم يكن بينها ما يتعلق بالسيادة أو الوصاية، وبصرف النظر عن سذاجة البرنامج من الناحية السياسية، فقد كان خطابا شعبويا حقق تعاطفا جماهيريا من اليمنيين، ولنا بعد أكثر من سبع سنوات أن نرى واقع الحكومة الحوثية مقارنة بحكومة باسندوة، وأسعار المشتقات النفطية حتى مع احتساب فارق سعر صرف العملة المحلية بالنسبة للجرعة وقتها، أما مخرجات الحوار فالانقلاب الحوثي واضح ليس عليها فحسب، بل وعلى القيم والسياسات الحديثة التي راكمتها البلاد في مدى زمني يزيد على نصف قرن.

واقع الحقيقة أن السيادة والوصاية لم يكونا شاغلا أو هدفا معلنا للثورة الحوثية ( أو النكبة كما يسميها معظم اليمنيين)، كما كانت هدفا من أهداف ثورة 26 سبتمبر أو 14 أكتوبر منذ اليوم الأول لإعلانهما، ولا نتجاوز بالاعتقاد أن بقية أهداف هاتين الثورتين هي ضمانات أو قاعدة تحتية لتحقيق هذا الهدف العام.

الحاصل أن التركيز على السيادة والوصاية في الخطاب الحوثي جاء بعد تدخل التحالف العربي بطلب السلطة الشرعية اليمنية، ما يعني أنهما أتيا كأداة شعاراتية تعبوية لتبرير العبث الحوثي بدماء ونماء أبناء اليمن، وأمن واستقرار الإقليم.

الآن، دعونا نناقش باختصار مفهومي السيادة والوصاية، إذ الأول يشير إلى أن تكون الدولة الممثلة بالسلطة هي صاحبة الكلمة الفصل والقرار الأول على الإقليم الذي تحكمه، فهل هذا واقع عمليا؟ الجواب: ليس تماما، أما لماذا؟ فلأن أسبابا تاريخية واقتصادية وغيرها حتمت إقامة كل دولة علاقات مع دول أخرى، وتطورت في العصر الحديث إلى أن تؤطر هذه العلاقات في قوانين ومؤسسات دولية وإقليمية، كالأمم المتحدة مثلا، هذه العلاقات فرضت على الجميع، من الناحية النظرية على الأقل، التنازل عن قدر من السيادة لصالح تلك العلاقات، وبعبارة ثانية تكييف التشريعات والقرارات الداخلية مع متطلبات الاتفاقات والمعاهدات الخارجية.

بالنسبة للوصاية، يمكن وصفها بأنها علاقة بين دولتين تقوم على هيمنة إرادة الدولة الأقوى على قرارات الدولة الأضعف، إذن فهي اختلال في التكافؤ بينهما.

في واقع العلاقات الدولية يمثل الإجحاف في حق الدولة الضعيفة مقابل الدولة القوية مسارا سائدا، والمشكلة ليست هنا، وإنما في مدى هذا الإجحاف ومساحة الهيمنة على قرارات الدولة الأضعف.

بالانتقال إلى الحالة اليمنية، عملت الأنظمة الجمهورية عقب ثورة 26 سبتمبر على تهيئة الشروط الموضوعية، الأدنى على الأقل، لتنفيذ ما تضمنه الهدف الأول للثورة (التحرر من الاستعمار)، من خلال قطع أشواط متفاوتة في تطبيق أهدافها الرديفة الأخرى التي تشكل في حقيقتها اشتراطات وضمانات للهدف الأول، داخليا من بناء المؤسسة العسكرية والأمنية ورفع مستوى الشعب في جوانب حياتية مختلفة وإنشاء مجتمع ديمقراطي وتحقيق الوحدة الوطنية، وخارجيا السير في إطارات المجتمع الدولي.

بالتأكيد كان هامش المناورة للدولة اليمنية في العلاقات الدولية صغيرا، بحكم الوزن السياسي والاقتصادي والعسكري لها على سلم ترتيبات القوة العالمية، وهذا ينطبق على معظم بلدان العالم، لاسيما ما كانت تعرف بدول العالم الثالث أو تعرف اليوم بدول الجنوب، إضافة إلى أن أهداف ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر، شبه المتطابقة بينهما، ذات أفق متواصل في عملية البناء، وبالتالي لم يكونا قد اكتملا، كميا وكيفيا، بالنظر إلى الطبيعة المستمرة لبعضها، على سبيل المثال بناء جيش قوي يحتاج إلى عملية مستمرة كون التطورات خصوصا في الجوانب التسليحية واللوجستية والتكنولوجية تتلاحق يوميا، أو رفع مستوى الشعب اقتصاديا فإنه يتطلب الملاحقة المتواصلة للتطورات على المستوى العالمي مع تلبية الاحتياجات المتوالدة يوميا نتيجة تطور أذواق السكان ونموهم.