٣.المجموعات البشرية الدنيا:
في أسفل اليمين، مجموعة من الأشكال الصغيرة الشبيهة بالبشر، مرسومة بضربات مائلة إلى البني المحمر، غير محددة بدقة.

بالقرب من المشاهد، ثلاث شخصيات أكثر وضوحًا بقليل، ترتدي سترات بيضاء أو أكفانًا، واحدة واقفة، وأخرى منحنية إلى الأمام، وثالثة جالسة، تُوحي بأرواح بشرية أو متوسلين، مرسومة بضربات فرشاة بسيطة لكنها ضخمة.

٤. الرمزية والتفسير

قد يرمز الشكل المركزي ذو القرون إلى الفناء أو القلق الداخلي، أو كيان الشبح الذي خرج من اللاوعي أو الحلم لدى غويّا.

التباين بين النور والظل والاشكال تحت الشكل الشيطاني تعكس فكرة الخوف البشري أو التسلط بواسطة قوى غير عقلانية أو خارقة للطبيعة.

لوحة في زمن اضطربت فيه إسبانيا اجتماعيًا وسياسيًا، يمكن تأويلها كـ نقد للخرافة واللاعقلانية السائدة في المجتمع آنذاك.

حجمها الصغير وسرعة تنفيذها تفيدان بأنها كانت حاجة شخصية تعبيرية للرؤيا الداخلية، وهي قطعة فريدة حتى بين أعمال غويّا الخيالية.

The Grosse Gehege near Dresden, 1832
By Caspar David Friedrich
Oil on canvas. 73.5 × 102.5 cm.
Dresden State Art Collections, germany

١. المقدمة: المروج الرطبة وبرك الماء

في مقدمة اللوحة نرى مساحات من الأرض الموحلة تتخللها برك ضحلة عاكسة للسماء.

هذه الانعكاسات تربط بين الأرض والسماء، وكأن الطبيعة مرآة للروح.

الماء عند فريدريش يرمز غالبًا إلى صفاء التأمل والانتقال بين العوالم. لكن سكون البرك هنا يوحي أيضًا بنغمة حزينة هادئة، كأن الحياة متوقفة بين الحركة والجمود.

الأشكال غير المنتظمة لهذه البرك تُظهر عفوية الطبيعة بعيدًا عن الجمال المثالي المصطنع.

٢. الجزء الأوسط: المروج المستوية وتجمعات الأشجار

يمتد السهل الواسع في الوسط، تعلوه كتل من الأشجار المظلمة في هيئة ظلال كثيفة.

الأشجار هنا تشكل كتلة غامضة تكاد تحجب ما خلفها، في إشارة إلى حدود المعرفة الإنسانية وغموض المجهول.

التباين بين اتساع السهل وانغلاق الأشجار يعكس صراعًا بين الوضوح والالتباس، وبين الحرية والانحصار.

يلفت النظر ذلك الشكل الأبيض الشبيه بشراع قارب أو نصب بعيد في الجهة اليمنى. قد يكون رمزًا لوجود الإنسان الضئيل أمام عظمة الطبيعة، أو علامة على طريق يقود البصر نحو الأفق.

٣. الخلفية: التلال البعيدة

تظهر في الأفق سلسلة تلال منخفضة باهتة بلون أزرق رمادي خفيف.

هذه التلال تُثبّت خط الأفق وتفتح المجال أمام إحساس باللانهائي.

في الرمزية الرومانسية، الأفق البعيد يمثل الأمل والعالم الروحي البعيد الذي تشتاق إليه النفس ولا تصل إليه تمامًا.

٤. السماء: الغروب والأجواء

أكثر ما يلفت النظر هو سماء الغروب بألوانها المتدرجة: من الأزرق الفاتح في الأعلى، إلى الأصفر والبرتقالي والبنفسجي قرب الأفق.

الخطوط الأفقية للسحب تزيد الإحساس باتساع السماء.

الغروب عند فريدريش غالبًا ما يرمز إلى فناء الإنسان ومرور الزمن، لكنه في الوقت ذاته يحمل وعدًا بالبعث أو بوجود إلهي يتجاوز الموت.

سيطرة السماء على نصف مساحة اللوحة تؤكد أن البعد الروحي أعظم من البعد الأرضي.

٥. الرمزيات

السماء الواسعة بألوان الغروب ليست مجرد خلفية، بل هي رمز للتحوّل والعبور من لحظة إلى أخرى، من النهار إلى الليل، في إشارة إلى حركة الزمن واستحالة الثبات.

الأرض في الأسفل، ببركها الضحلة والمياه المبعثرة، تعكس هشاشة العالم المادي، وكأنها تقول إن ما هو أرضي زائل ومؤقت، بينما السماء تبقى رمزًا للأبدية والروح.

الأشجار المظلمة في الأفق تمثل المجهول أو الغموض الذي ينتظر الإنسان عند نهاية الطريق، فهي جدار صامت يفصل بين الحاضر وما وراءه.

بهذا المزج بين العناصر، يجعل فريدريش من المشهد الطبيعي رمزًا لرحلة الإنسان الوجودية: السير من ضوء الحياة نحو عتمة المصير، في صمت مهيب، لكن تحت إشراف سماء رحبة توحي بالمعنى والخلود.

The temptation of saint Anthony, 1650
By Joos van Craesbeeck
Oil on canvas, 78 × 116 cm.
Staatliche Kunsthalle Karlsruhe, Germany

Original quality

١. قراءة عامة

تُظهر اللوحة مشهداً درامياً على شاطئ بحيرة تهيمن عليه رأس ضخمة منفصلة عن الجسد، وفمها مفتوح على اتساعه، ومن فمها ومن شق في جبينها تنبع أسراب من مخلوقات هجينة وشياطين صغيرة. حول هذه الرأس وعلى الشاطئ تنتشر مشاهد مصغرة، مراكب تحمل ناساً، عراة أو شبه عراة في الماء، حيوانات غريبة، وعلى الجانب الأيمن وفي ظل شجرة يجلس القديس أنطونيوس، ناسك مرتدي حلّة الرهبنة ويضع يده على الكتاب المقدس يقاوم الإغراءات القادمة من الماء واليابسة. التركيب يجمع عدة حلقات سردية في بانوراما مزدحمة وخيالية، مستمدة بوضوح من تقاليد تصوير إغراءات أنطونيوس المتأثرة بتقاليد العصور الوسطى.

٢. تحليل تفصيلي

الرأس الضخمة

المظهر: رأس ضخم، فائق الواقعية، يملأ مقدمة اللوحة المركزية. تعبيره هو نظرة فزع، تكاد تكون جنونية، الفم مفتوح، ومنه تخرج أشكال صغيرة وحيوانات هجينة. تظهر الجمجمة مفتوحة جزئيًا من الأعلى، كاشفةً عن أشكال داخلية - حتى أن هناك شكلًا بشريًا مصغّرًا يبدو وكأنه يرسم داخل الجمجمة المكشوفة.

المعاني المحتملة: يعمل الرأس كحاوية بصرية للفكر، أو الخطيئة، أو القوة الشيطانية، عقل خارجي ينفث الدوافع والإغراءات الشريرة في العالم. يُحاكي هذا الأسلوب الأيقونات المستوحاة من الفنان هيرونيموس بوش، حيث يصبح الرأس البشري مسرحًا للدراما الأخلاقية والنفسية. يمكن للجمجمة المفتوحة التي بداخلها شخص صغير أن ترمز إلى كيف أن الخيالات الداخلية، أو التخيلات الماكرة أو المنحرفة، تُولّد إغراءات خارجية.

الشياطين والشخصيات المصغرة

الوصف: من الفم والجمجمة، يتدفق موكب من الوحوش الصغيرة، والأشكال برؤوس الطيور، والرجال الصغار، والهجينات البرمائية، والمخلوقات الشيطانية. رُسمت هذه المخلوقات ببراعة بالغة - أرجل ومناقير وأجزاء حيوانية مختلطة - وتتحرك عبر الماء والقوارب والشاطئ نحو القديس.

القراءة الرمزية: تُمثل هذه المخلوقات أشكال الإغراء المتعددة (الجسدية، الكفرية، السخيفة، والمهدّدة) التي تُهاجم الزاهد. يؤكد تنوعها أن الإغراء ليس شكلاً واحدًا، بل هو سيل فوضوي من الدوافع والخيالات المُشتتة. كما تُبرز هذه السمة الكوميدية الغرائبية الانقلاب الأخلاقي: عالم الخطيئة عبثي ومُضطرب.

الاشكال في الجانب الايسر

التكوين والأشكال: في الجانب الأيسر من اللوحة، نرى حشداً فوضوياً من كائنات شيطانية كابوسية، تجمع بين ملامح الإنسان والوحش. وجوه منتفخة، عيون غائرة، أفواه مفتوحة على اتساعها، وبعضها يمتلك أطرافاً حيوانية أو أجنحة حشرية. تظهر أجسادهم متحللة أو مشدودة، مما يمنحهم مظهراً بين الميت والحي.

تعتبر هذه الكائنات تجسيدات للرذيلة والإغواء. فكر جوس فان كرايسبيك يقوم على محو الحد الفاصل بين الإنسان والجحيم، في إشارة إلى أن الخطيئة تشوّه الروح حتى يفقد الإنسان ملامحه البشرية.

الرمزية:
الوجوه المشوهة: ترمز إلى فساد النفس تحت وطأة الخطيئة. إن المبالغة في القبح تجسد كيف يشوّه الانحلال الأخلاقي جوهر الإنسان.

الملامح الحيوانية: تمثل انتصار الغريزة والشهوة على العقل، أي سقوط الإنسان من النظام الإلهي إلى الفوضى الغريزية.

الرمزية الفنية: اختيار الفنان للجانب الأيسر لم يكن عشوائياً، فوفقًا للرموز المسيحية في العصور الوسطى، كان الجانب الأيسر يُعدّ الجانب “الشيطاني” أو “المنحوس”. لذا، وضع كرايسبيك قوى الشر في هذا الجانب ليجسّد الخطر الروحي وموقع الإغواء.

القديس انطونيوس

الوصف: القديس أنطونيوس صغير الحجم نسبيًا. يجلس تحت مأوى شجرة، مرتديًا زيّ الراهب، حاملاً الكتاب المقدس مفتوحًا. وقفته دفاعية، منتبهة، بالقرب منه حيوانات، وامرأة تُقدّم إناءً - شخصيات تجمع بين الحياة اليومية والإغراء. ورقة مرسوم عليها صلب المسيح مثبتة على جذع الشجرة. يطلّ رأس ماعز أو حيوان آخر من خلف الشجرة - رمز شيطاني خفي.

التفسير: يتناقض صغر حجم أنطونيوس مع الرأس الضخم وسرب الشياطين، مُبرزًا المحنة الروحية للناسك المنعزل: عالم الإغراء واسع وساحق، لكن كتاب أنطونيوس يرمز إلى القوة والصمود الروحي.

السماء والاضاءة

الوصف: السماء مظلمة وعاصفة في أعلى اليسار، مع غيوم منخفضة متجعدة توحي بجو مشؤوم. الإضاءة غير متساوية: الرأس وبعض عناصر المقدمة مُبرزة، بينما الخلفية البعيدة في ظلٍّ قاتم، مما يزيد من العمق المكاني، ولكنه يُضفي أيضًا تأثيرًا مسرحيًا مُسلطًا الضوء على الرعب المركزي.

الرمزية: يُبرز توزيع الضوء والظل التباين الأخلاقي - الضوء (الإضاءة المُركزة على القديس والتفاصيل) مقابل الظلام المُتزايد (السماء الكئيبة والحواف الفوضوية) - وهو أسلوب باروكي شائع يُستخدم لإبراز الصراع الروحي.

٣. الرمزيات العامة

الإغراء كعرضٍ ودراما داخلية: يُصوّر كرايسبيك الإغراء في آنٍ واحد كعرضٍ خارجي (وحوش تقترب من الشاطئ) وفوضى داخلية (الجمجمة المفتوحة ومشغلها الصغير).

السخرية والدرس الأخلاقي: يمكن قراءة عبثية الموكب الشيطاني ككشفٍ ساخرٍ للرذيلة؛ فالإغراءات سخيفة، ومع ذلك فإن سخافتها لا تُقلل من قدرتها على الفساد.

صمود القديس: على الرغم من الصور الغامرة، تبقى شخصية أنطونيوس، حاملاً الكتاب المقدس، بمثابة المرساة الأخلاقية، تُقدّم القراءة الروحية والتواضع كحصنٍ منيعٍ حقيقي.

Rainy day, Boston, 1885
By Childe Hassam
Oil on canvas. 66 x 122 cm.
Toledo Museum of Art, US

Original quality

في لوحة يوم ممطر في بوسطن، اختار تشايلد هاسام موضوعًا حديثًا بالكامل، الشوارع الواسعة والمنازل المبنية من الطوب الأحمر في الحي الجنوبي الراقي من بوسطن، تحديدًا عند تقاطع شارع كولومبوس مع شارع أبلِتون. كان هاسام يعيش آنذاك في شارع كولومبوس، وشرح سبب اهتمامه بالمشهد قائلاً:

"كان شارعنا مُعبّدًا بالأسفلت بالكامل، وكنت أراه جميلًا جدًا حين يكون مبتلًا ولامعًا، يلتقط انعكاسات المارّة والعربات."

ويظهر الطابع الحديث أيضًا في الاستخدام غير المألوف للمساحة الفارغة في مقدمة اللوحة. المنظور العميق للشوارع وزاوية الرؤية الواسعة يوحيان بتأثير التصوير الفوتوغرافي، الذي كان لا يزال جديدًا نسبيًا في ذلك الوقت. كذلك، فإن تأثيرات الطقس وموضوع الحياة المدنية بحركتها الدائمة ذهابًا وإيابًا، ولاحظ كيف يُغَبِّش هاسام أرجل الخيول الراكضة قليلًا ليلتقط فكرة الحركة، كلها مستوحاة من الانطباعيين الفرنسيين.