❤️أشواق المحبين لرياض العارفين❤️
1.83K subscribers
5.78K photos
5.53K videos
178 files
9.1K links
Download Telegram
#محمد_علي_يماني

رحيل العظماء

تمطر السحابة عادة ثم تغيب بعد أن ترتوي الأرض بمائها، وتخضرّ الحياة.
وحين يرحل العظماء، ترحل أجسادهم فقط، لكن أعمالهم، وعطاءاتهم تظل خالدة داخل ملفات التاريخ لتحكي عراقة أمة ، وتاريخ مسيرة ، وقدرة على إدارة مفردات حياة آمنة، وهانئة لأجيال.
يرحل الكبار، وعند الرحيل يفتح الملف الاستثنائي لهم، من خلال بسطاء الناس، وعامتهم ، يفتحون الأبواب لمشاعرهم، ودموعهم وأحزانهم عليهم، بعد أن شعروا بأنهم فقدوا العزيز، والحبيب ، وأن الخسارة حجمها يتجاوز حدود أحاسيسهم.

لقد غاب البارع في حديثه، وتلقائيته، وخطبه الارتجالية وجاذبيته المتألقة، وذكائه الحاد، وإطلالته المهيبة.
غاب رمز الاعتدال والوسطية، وعاشق بناء المستقبل ،
وحدهم العظماء من يشكلون من ألوان الحلم والتخيل حقيقة، ويحاولون رسم الحياة كما نريد تصورها.
غاب المفكر الإسلامي بجسده لكن التاريخ لن ينسى العظماء كعادته غاب الفارس ومصير الفرسان أن يترجلوا ذات يوم.
غاب صانع الإنجازات، لكنه سيظل حاضراً في ذاكرة التاريخ، وأفئدة الناس يحصد وهو الغائب امتيازات الزمن الذي صنعه بمعيار البقاء.
سَأَبكي عَلَيهِم ما حَييتُ بِعَبرَةٍ

لَها مَدْمَعٌ في الخَدِّ يَشهَدُ بِالثَّكْل

رحمك الله سيدي وسندي وقرة عيني ، إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم .

ترجمة مختصرة للحبيب أبو بكر العدني ابن علي المشهور، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.

ينتمي الفقيد إلى أسرة السادة آل باعلوي الحضارمة.
أنشأ عشرات المعاهد التربوية التعليمية في اليمن، ومراكز للدراسات والأبحاث العلمية وكلية الشرعيةالوسطية بحضرموت .
وله مؤلفات ومنظومات في مختلف العلوم والفنون. تجرد لخدمة الدعوة الإسلامية ونشر الوعي الديني على منهج الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي. وهو الموجه العام لأربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية .

مولده ونشأته :
ولد عام 1366 هـ بمدينة أحور بمحافظة أبين من أسرة علم وفضل. نشأ في كنف والده علي بن أبي بكر، وحفظ القرآن الكريم على يديه، ونال نصيباً من العلوم الشرعية واللغوية في حلقات والده وفي (المدرسة الميمونة) ببلدة أحور. تلقى دراسته الابتدائية في مدينتي أحور والمحفد، ومن ثم تلقى دراسته الثانوية في مدينة عدن. وجمع في تعليمه بين التلقي عن الشيوخ وبين التعليم الأكاديمي المعاصر، حيث تخرج من جامعة عدن كلية التربية قسم اللغة العربية. والتحق بسلك التربية والتعليم من شبابه، حيث درَّس في (المدرسة الميمونة) بأحور، ثم درَّس ببعض مدارس عدن بعد تخرجه من الجامعة.

انتقاله إلى الحجاز :
اضطرته ظروف اليمن في تلك المرحلة بالسفر إلى الحجاز عام 1400 هـ، وهناك استمر في تلقي العلم عن جملة من علمائها في مقدمتهم الحبيب عبد القادر بن أحمد السقاف. وعمل إمامًا وخطيبًا لبعض مساجد جدة خلال فترة وجوده فيها.

عودته إلى اليمن :
عاد إلى وطنه عام 1412 هـ بعد أن تمت الوحدة اليمنية. وخدم الدعوة الإسلامية تربيةً وتعليمًا ومنهاجًا في الداخل والخارج، وأنشأ في نواحٍ عدة من بلاد اليمن العديد من الأربطة الإسلامية والمراكز التعليمية والمهنية، كما وأقام عشرات الدورات الصيفية لطلاب وطالبات المدارس، وأسس (دار الزهراء) لتعليم المرأة، وأقام عدة فروع لها في المحافظات، وأسس (مدرسة الفتيان) لتحفيظ القرآن الكريم، وأسس (مركز الإبداع للدراسات وخدمة التراث). كما أسس منتديات ثقافية منها منتديات وادي حضرموت التي تسهم في إثراء الجانب الثقافي من خلال الحلقات العلمية والندوات في مختلف المجالات وفي الجانب الاجتماعي من خلال النزول الميداني طبيًا ودعويًا ورياضيًا في عدة مناطق. ومؤخرًا منحت جامعة عدن شهادة الدكتوراه الفخرية للحبيب أبي بكر؛ تقديرًا منها لما قدمه من اجتهادات لإثراء الفكر الإسلامي والإنساني.

شيوخه :
تلقى العلم عن مجموعة من علماء أحور وعدن وحضرموت، وارتحل إلى مصر والشام وغيرها من بلاد العالم الإسلامي، حيث التقى بعلمائها وارتبط بأسانيدهم وأخذ عنهم منهم: والده علي بن أبي بكر المشهور، محمد بن علوي المالكي، عبد القادر بن أحمد السقاف، أبو بكر بن عبد الله الحبشي، أحمد مشهور بن طه الحداد، محمد بن أحمد الشاطري، عبد الرحمن بن أحمد الكاف.

أطروحاته :
تمكن الحبيب أبو بكر المشهور من خلال سعة تحصيله العلمي وقراءاته الخاصة من الخروج بأطروحات في الساحة الدعوية، منها:
إعادة لُحمة ركنية (العلم بعلامات الساعة) كركن رابع إلى أركان الدين الثلاثة: (الإسلام، والإيمان، والإحسان) كما هو مقرر في حديث جبريل، وفقهه الخاص المسمى بـ(فقه التحولات)، وقد تناول هذا الموضوع بتفصيل في كتبه.