#اليمن_تاريخ_وثقافة
#الهمداني اول من قرأ النقوش السبئيه
محمد #الأسعد
حتى وقت قريب، وربما إلى زمن أبعد، ظلت فكرة التنقيب الأثري والبحث في آثار أمم الماضي مختلطة في ذهن العربي بعامة بالبحث عن الكنوز المخبوءة، وحل طلاسم وضعها القدماء لحماية كنوزهم، ورغم أن المستعرب الروسي "كراتشكوفسكي" أنصف المؤرخ الهمداني، وقال عنه إنه كان أول عالم آثار عربي قارئ للنصوص اليمانية القديمة المكتوبة بخط المسند، إلا أن الهمداني كما يبدو كان بدعة لم يقيض لها أن تشيع طيلة الألفية العربية الغاربة . وظلتْ النظرة إلى آثار الماضي بوصفها كنزاً يُنهب وثروة محلوماً بها، طاغية حتى العصور الحديثة . ومنذ وقت مبكر لاحظ الهمداني هذه الظاهرة، فكتب في كتابه "الإكليل" الجزء الثامن، ما يلي: "وبالجوف سوى براقش ومعين والبيضاء والسوداء مأثرتان فيهما آثار عجيبة، وقصور أخرى خربة بين الجوف ومأرب يعدّن الناسُ فيها الذهب القبوري، ودنانيرهم عليها صور" . وفي مكان آخر من "الإكليل" يشير إلى ما رواهُ ابن لهيعة عن يحيى بن سنان الذي أخبره أن جده كان على اليمن، وكان ينبش قبور الجاهلية فيستخرج منها الأموال .
المدهش أن النظر إلى الآثار من هذه الزاوية ظل كما يبدو يتحكم في السلوك والرؤية طيلة القرون اللاحقة، رغم توافد المنقبين الغربيين بمعاولهم منذ القرن التاسع عشر، وتبلور بدايات علم الآثار الحديث، إلى درجة أن ما لاحظه الهمداني، في جنوبي الجزيرة العربية مثلاً، يتطابق مع ما سيلاحظه معاصر قريب العهد بنا هو "فؤاد حمزة" خلال رحلته الاستطلاعية في منطقة عسير وصولاً إلى نجران في خمسينيات القرن العشرين . ذكر "فؤاد حمزة" في كتابه "في بلاد عسير" أن "هناك مواقع شتى وجدوا فيها آثار فخار وآثار عملة ذهبية وتماثيل صغيرة معدنية كانوا يأخذونها ويبيعونها في صعدة، وتوجد أماكن فيها حجارة عليها كتابة قديمة لا يعلمون ما هي" .
غياب المغزى التاريخي أو القيمة الحضارية للآثار القديمة أمرٌ لافتٌ للنظر، ولكن الأسوأ بالطبع شيوع صورة سلبية عن عمليات التنقيب، وهي عمليات لا تتجاوز في نظر بعض الناس نبش المدافن وسرقة الذهب المكنوز . وجاء في سيرة أحد سلاطين عرب شرقي إفريقيا قولهم إنه رفض بإباء عضوية جمعية آثار بريطانية بحجة أنه لا يشرفه أن يكون عضواً في جمعية نابشي القبور واللصوص الباحثين عن الكنوز .
ولم يكن هذا السلطان وحيداً في رؤيته هذه، فقد سبق لابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن اعتبر ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بالمعاش الطبيعي، وتحدث في الفصل الرابع من مقدمته بإسهاب عن هذه الظاهرة التي كانت شائعة في تلك الأزمنة، وقد اختلطتْ فيها الممارسات السحرية بالوقائع .
يقول ابن خلدون: "إن كثيراً من ضعفاء العقول يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض، ويبتغون الكسب من ذلك، ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها كلها بطلاسم سحرية لا يفضّ ختامها ذاك إلا من عثر على علمه، واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان" .
ويمضي ابن خلدون إلى القول: "إن أهل الأمصار في إفريقيا يرون أن الافرنجة الذين كانوا قبل الإسلام بها دفنوا أموالهم كذلك، وأودعوها في الصحف بالكتاب إلى أن يجدوا السبيل إلى استخراجها، وأهل الأمصار بالمشرق يرون مثل ذلك في أمم القبط والروم والفرس، ويتناقلون في ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة" .
لم يكن ابن خلدون ينكر، في نقده لهذا التعيش على خرافات الكنوز المخبوءة، وجود أمثال هذه الكنوز، بل كان ينكر أن يكون الأمر متعلقاً بطلاسم وسحر وممارسات من هذا النوع . فأمثال هذه الدفائن موجودة لأسباب طبيعية مصدرها عادات من تقدم من أهل هذه الدول، مثل المصريين القدماء (القبط بتعبيره وهو الأصح) الذين كان موتاهم يدفنون بما لديهم من الذهب والفضة والجوهر واللآلئ، فلما ملك الفرس بلادهم نقروا على ذلك في قبورهم، وكذلك فعل اليونانيون من بعدهم، فصارت قبورهم مظنة لذلك . وما العثور على هذا إلا بالاتفاق لا بالعقاقير والبخورات لحل الطلاسم .
ابن خلدون كان ينتقد الجانب الخرافي الذي رسّخ في الأذهان أن طلب آثار الماضي يتم بوسائل سحرية، ولكن هذا النقد العقلاني لم يستطع القضاء، لا على شيوع أنباء الكنوز المخبوءة ولا على طريقة استخراجها بفك الطلاسم، فحتى في العصور الحديثة لا تزال تتواتر ملحوظات متعددة المصادر عن استمرارية شيوع هذه النظرة التي شهدتها إسبانيا بعد إخراج العرب منها في القرن السادس عشر، وإشاعة أسطورة الكنوز العربية المخبوءة، والتي شهدتها بلدان عربية عدة شاعت فيها أسطورة الكنوز التركية المخبوءة بعد رحيل الأتراك . وحتى اليوم ما زال الناس في الأردن يتناقلون أخبار استدعاء أصحاب النفوذ سحرة من المغرب للعمل على حل طلاسم الكنوز الخفية والكشف عن أماكنها، تماماً كما كان عليه الحال قبل قرون عدة حسب رواية ابن خلدون في نقده لهذه النزعة .
يروي "جيوفري بيبي"، أحد المنقبين عن الآثار في سواحل الخليج في خمسينيات القرن الماض
#الهمداني اول من قرأ النقوش السبئيه
محمد #الأسعد
حتى وقت قريب، وربما إلى زمن أبعد، ظلت فكرة التنقيب الأثري والبحث في آثار أمم الماضي مختلطة في ذهن العربي بعامة بالبحث عن الكنوز المخبوءة، وحل طلاسم وضعها القدماء لحماية كنوزهم، ورغم أن المستعرب الروسي "كراتشكوفسكي" أنصف المؤرخ الهمداني، وقال عنه إنه كان أول عالم آثار عربي قارئ للنصوص اليمانية القديمة المكتوبة بخط المسند، إلا أن الهمداني كما يبدو كان بدعة لم يقيض لها أن تشيع طيلة الألفية العربية الغاربة . وظلتْ النظرة إلى آثار الماضي بوصفها كنزاً يُنهب وثروة محلوماً بها، طاغية حتى العصور الحديثة . ومنذ وقت مبكر لاحظ الهمداني هذه الظاهرة، فكتب في كتابه "الإكليل" الجزء الثامن، ما يلي: "وبالجوف سوى براقش ومعين والبيضاء والسوداء مأثرتان فيهما آثار عجيبة، وقصور أخرى خربة بين الجوف ومأرب يعدّن الناسُ فيها الذهب القبوري، ودنانيرهم عليها صور" . وفي مكان آخر من "الإكليل" يشير إلى ما رواهُ ابن لهيعة عن يحيى بن سنان الذي أخبره أن جده كان على اليمن، وكان ينبش قبور الجاهلية فيستخرج منها الأموال .
المدهش أن النظر إلى الآثار من هذه الزاوية ظل كما يبدو يتحكم في السلوك والرؤية طيلة القرون اللاحقة، رغم توافد المنقبين الغربيين بمعاولهم منذ القرن التاسع عشر، وتبلور بدايات علم الآثار الحديث، إلى درجة أن ما لاحظه الهمداني، في جنوبي الجزيرة العربية مثلاً، يتطابق مع ما سيلاحظه معاصر قريب العهد بنا هو "فؤاد حمزة" خلال رحلته الاستطلاعية في منطقة عسير وصولاً إلى نجران في خمسينيات القرن العشرين . ذكر "فؤاد حمزة" في كتابه "في بلاد عسير" أن "هناك مواقع شتى وجدوا فيها آثار فخار وآثار عملة ذهبية وتماثيل صغيرة معدنية كانوا يأخذونها ويبيعونها في صعدة، وتوجد أماكن فيها حجارة عليها كتابة قديمة لا يعلمون ما هي" .
غياب المغزى التاريخي أو القيمة الحضارية للآثار القديمة أمرٌ لافتٌ للنظر، ولكن الأسوأ بالطبع شيوع صورة سلبية عن عمليات التنقيب، وهي عمليات لا تتجاوز في نظر بعض الناس نبش المدافن وسرقة الذهب المكنوز . وجاء في سيرة أحد سلاطين عرب شرقي إفريقيا قولهم إنه رفض بإباء عضوية جمعية آثار بريطانية بحجة أنه لا يشرفه أن يكون عضواً في جمعية نابشي القبور واللصوص الباحثين عن الكنوز .
ولم يكن هذا السلطان وحيداً في رؤيته هذه، فقد سبق لابن خلدون في مقدمته الشهيرة أن اعتبر ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بالمعاش الطبيعي، وتحدث في الفصل الرابع من مقدمته بإسهاب عن هذه الظاهرة التي كانت شائعة في تلك الأزمنة، وقد اختلطتْ فيها الممارسات السحرية بالوقائع .
يقول ابن خلدون: "إن كثيراً من ضعفاء العقول يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض، ويبتغون الكسب من ذلك، ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها كلها بطلاسم سحرية لا يفضّ ختامها ذاك إلا من عثر على علمه، واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان" .
ويمضي ابن خلدون إلى القول: "إن أهل الأمصار في إفريقيا يرون أن الافرنجة الذين كانوا قبل الإسلام بها دفنوا أموالهم كذلك، وأودعوها في الصحف بالكتاب إلى أن يجدوا السبيل إلى استخراجها، وأهل الأمصار بالمشرق يرون مثل ذلك في أمم القبط والروم والفرس، ويتناقلون في ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة" .
لم يكن ابن خلدون ينكر، في نقده لهذا التعيش على خرافات الكنوز المخبوءة، وجود أمثال هذه الكنوز، بل كان ينكر أن يكون الأمر متعلقاً بطلاسم وسحر وممارسات من هذا النوع . فأمثال هذه الدفائن موجودة لأسباب طبيعية مصدرها عادات من تقدم من أهل هذه الدول، مثل المصريين القدماء (القبط بتعبيره وهو الأصح) الذين كان موتاهم يدفنون بما لديهم من الذهب والفضة والجوهر واللآلئ، فلما ملك الفرس بلادهم نقروا على ذلك في قبورهم، وكذلك فعل اليونانيون من بعدهم، فصارت قبورهم مظنة لذلك . وما العثور على هذا إلا بالاتفاق لا بالعقاقير والبخورات لحل الطلاسم .
ابن خلدون كان ينتقد الجانب الخرافي الذي رسّخ في الأذهان أن طلب آثار الماضي يتم بوسائل سحرية، ولكن هذا النقد العقلاني لم يستطع القضاء، لا على شيوع أنباء الكنوز المخبوءة ولا على طريقة استخراجها بفك الطلاسم، فحتى في العصور الحديثة لا تزال تتواتر ملحوظات متعددة المصادر عن استمرارية شيوع هذه النظرة التي شهدتها إسبانيا بعد إخراج العرب منها في القرن السادس عشر، وإشاعة أسطورة الكنوز العربية المخبوءة، والتي شهدتها بلدان عربية عدة شاعت فيها أسطورة الكنوز التركية المخبوءة بعد رحيل الأتراك . وحتى اليوم ما زال الناس في الأردن يتناقلون أخبار استدعاء أصحاب النفوذ سحرة من المغرب للعمل على حل طلاسم الكنوز الخفية والكشف عن أماكنها، تماماً كما كان عليه الحال قبل قرون عدة حسب رواية ابن خلدون في نقده لهذه النزعة .
يروي "جيوفري بيبي"، أحد المنقبين عن الآثار في سواحل الخليج في خمسينيات القرن الماض
ي، أنه حين استخرج سلطانية مغطاة من موقع تنقيب، سأل عدداً من شبان البدو المتجمعين حول الموقع: "ماذا تظنون يوجد تحت هذا الغطاء . . هل يوجد جني؟ فقال أحدهم . . سيكون هناك ذهب إن شاء الله" .
الذهب، أو البحث عن الذهب، هو ما رآه العربي مبرراً لجهود العلماء، سواء كانوا عرباً أو أجانب . وهؤلاء من جانبهم كانوا يجدون صعوبة في إقناع الفضوليين أنهم إنما يبحثون عن تماثيل ونقوش وأحجار تمنحهم علماً بأناس الماضي، وأن الذهب ليس غايتهم .
ويرسم الرحالة "بوركهارت"، مكتشف البتراء في العام 1809 ، وصفاً لعقلية الباحثين عن الدفائن والخرافات الشائعة في أوساطهم، وهي ذاتها العقلية التي انتقدها ابن خلدون قبل قرون خلت، فيقول آسفاً: "إن فكرة الكنوز الدفينة في المباني القديمة لا تزال راسخة عميقاً في أذهان العرب والأتراك، فهم لا يكتفون بمراقبة كل خطوة يقوم بها المسافر، بل يعتقدون أنه يكفي الساحر الحقيقي رؤية وتفحص الأماكن التي أخفيت فيها الكنوز، التي يعتقدون أن له علماً مسبقاً بها في مطالعته الكتب القديمة، تلك التي وضعها الكفار الذين أقاموا في هذه الأماكن، كي يصبح قادراً على إصدار أمرٍ متى شاء إلى الجني حارس الكنز بإحضاره بين يديه" .
بالطبع لم تعد هذه الرؤية هي ذاتها رؤية علماء الآثار العرب، إلا أن اللافت للنظر أن قلة من هؤلاء العلماء، وقلة من الحكومات العربية الراهنة، ترى في الآثار شيئاً آخر غير الكنوز المخبوءة وأساطيرها، أما الأغلبية فقد انتقلت إلى رؤية معاصرة تسودها الطرافة، حيث لا ترى هذه الأغلبية، وأنصارها من موظفي الحكومات الراهنة، في الآثار سوى وسيلة جذب سياحية . وجاء التعبير عن هذه الحالة التي تشبه فكاهة سوداء ما فعله موظف آثار عربي في خمسينيات القرن الماضي . ذهب هذا الموظف مرافقاً للفيفة نحاسية من لفائف البحر الميت إلى إحدى الجامعات البريطانية ليصار إلى فكها وقراءة نقوشها . وما أن تمت العملية التي لا تملك بلده خبرة في إجرائها وقراءة نقوشها، حتى سارع هذا الموظف فأبرق إلى حكومته بخبر حل رموز اللفيفة مبتهجاً، وقائلاً إنها ستؤدي إلى ازدهار السياحة في بلده، بينما كانت تصدر عن قراء اللفيفة برقيات تتحدث عن اكتشاف تاريخي مذهل لأصول الديانة المسيحية .
صحيح أن عقلية البحث عن الكنوز تراجعت إلى الظل، ولكن بروز العقلية السياحية لا تختلف في نتائجها عن تلك القديمة؛ طمس أي اهتمام بالآثار يفيد في دراسة التاريخ والأصول والمنابع وأحوال المجتمعات البشرية في ماضيها دراسة علمية، وهي مجالات لا تزال بالنسبة للعربي سديماً معتماً لا يجد له مكاناً فيه ولا رأياً .
الذهب، أو البحث عن الذهب، هو ما رآه العربي مبرراً لجهود العلماء، سواء كانوا عرباً أو أجانب . وهؤلاء من جانبهم كانوا يجدون صعوبة في إقناع الفضوليين أنهم إنما يبحثون عن تماثيل ونقوش وأحجار تمنحهم علماً بأناس الماضي، وأن الذهب ليس غايتهم .
ويرسم الرحالة "بوركهارت"، مكتشف البتراء في العام 1809 ، وصفاً لعقلية الباحثين عن الدفائن والخرافات الشائعة في أوساطهم، وهي ذاتها العقلية التي انتقدها ابن خلدون قبل قرون خلت، فيقول آسفاً: "إن فكرة الكنوز الدفينة في المباني القديمة لا تزال راسخة عميقاً في أذهان العرب والأتراك، فهم لا يكتفون بمراقبة كل خطوة يقوم بها المسافر، بل يعتقدون أنه يكفي الساحر الحقيقي رؤية وتفحص الأماكن التي أخفيت فيها الكنوز، التي يعتقدون أن له علماً مسبقاً بها في مطالعته الكتب القديمة، تلك التي وضعها الكفار الذين أقاموا في هذه الأماكن، كي يصبح قادراً على إصدار أمرٍ متى شاء إلى الجني حارس الكنز بإحضاره بين يديه" .
بالطبع لم تعد هذه الرؤية هي ذاتها رؤية علماء الآثار العرب، إلا أن اللافت للنظر أن قلة من هؤلاء العلماء، وقلة من الحكومات العربية الراهنة، ترى في الآثار شيئاً آخر غير الكنوز المخبوءة وأساطيرها، أما الأغلبية فقد انتقلت إلى رؤية معاصرة تسودها الطرافة، حيث لا ترى هذه الأغلبية، وأنصارها من موظفي الحكومات الراهنة، في الآثار سوى وسيلة جذب سياحية . وجاء التعبير عن هذه الحالة التي تشبه فكاهة سوداء ما فعله موظف آثار عربي في خمسينيات القرن الماضي . ذهب هذا الموظف مرافقاً للفيفة نحاسية من لفائف البحر الميت إلى إحدى الجامعات البريطانية ليصار إلى فكها وقراءة نقوشها . وما أن تمت العملية التي لا تملك بلده خبرة في إجرائها وقراءة نقوشها، حتى سارع هذا الموظف فأبرق إلى حكومته بخبر حل رموز اللفيفة مبتهجاً، وقائلاً إنها ستؤدي إلى ازدهار السياحة في بلده، بينما كانت تصدر عن قراء اللفيفة برقيات تتحدث عن اكتشاف تاريخي مذهل لأصول الديانة المسيحية .
صحيح أن عقلية البحث عن الكنوز تراجعت إلى الظل، ولكن بروز العقلية السياحية لا تختلف في نتائجها عن تلك القديمة؛ طمس أي اهتمام بالآثار يفيد في دراسة التاريخ والأصول والمنابع وأحوال المجتمعات البشرية في ماضيها دراسة علمية، وهي مجالات لا تزال بالنسبة للعربي سديماً معتماً لا يجد له مكاناً فيه ولا رأياً .