#اليمن_تاريخ_وثقافة
الاحتلال البرتغالي لجنوب الخليج العربي
دهم العدوان الصليبي البرتغالي الغاشم جنوب الخليج، وضرب العالم الإسلامي في سواحله الشرقية، كان العالم الإسلامي وقتها موزعًا تحت ثلاثة دول كبرى؛ الدولة العثمانية في آسيا الصغرى وما حولها في أوروبا وآسيا الوسطى، والدولة
المملوكية في مصر والشام والحجاز، والدولة الصفوية في الهضبة الإيرانية وما حولها، وقد مر بنا ذكر موقف الصفويين، أما العثمانيين فقد كانوا بعيدين نسبيًا عن مناطق الصراع، فبقي عبء مواجهة الصليبيين البرتغاليين من نصيب المماليك وحدهم في هذه المرحلة.
كانت الدولة المملوكية وقت نزول البرتغاليين بساحة العالم الإسلامي تعاني من تراجع شامل ووهن مزمن على كافة المستويات، والدولة في طور الأفول بسبب الفساد الإداري والسياسي والأخلاقي لسلاطين المماليك، وبسبب البعد عن
منهج الصلاح والرشاد والمنافسة على الحكم والسلطة، وأيضًا بسبب التدهور الاقتصادي الذي أصاب مالية المماليك جراء تحويل طريق التجارة إلى رأس الرجاء الصالح، ناهيك عن المشاكل الحدودية بين المماليك والعثمانيين في
الأناضول وديار بكر والعدوان المستمر من جانب جماعة فرسان المعبد في شرق البحر المتوسط والمتمثل في قيامهم باحتلال برقة وبعض جزر البحر مثل كريت وجربة.
لهذه الأسباب كلها لم يستطع المماليك فعل شيء لنجدة جنوب الخليج من العدوان البرتغالي سوى إرسال عدة كتائب من الجند إلى اليمن وذلك لمنع
البرتغاليين من السيطرة على باب المندب، والعجيب أن مؤرخي اليمن قد أطلوا اسم «الغز» على تلك الكتائب، وكان حسين الكردي قائد تلك الكتائب، وواحد من أشهر قادة المماليك في قتال البرتغاليين.
ظل المماليك مشغولين بمشاكلهم الخاصة حتى نما إلى علمهم في عهد السلطان قنصوة الغوري أن البرتغاليين يخططون لاقتحام الأماكن المقدسة فشعروا بالغيرة والمسئولية وأرسلوا أسطولاً قويًا لضرب قواعد البرتغاليين في الهند وذلك لقطع
خطوط الإمداد والتمويل للحملات الصليبية على جنوب الخليج، وبالفعل نجح القائد حسين الكردي في هزيمة البرتغاليين بقيادة «الونز دي ميدا» عند جزيرة «شول» سنة 914هـ، فاستدعى البرتغاليون قائدهم الأشهر «البوكيرك»
وجاءتهم مساعدات قوية من البرتغال، فهزم المماليك في معركة جزيرة «ديو» الشهيرة سنة 915هـ، وهي المعركة التي قضت نهائيًا على القوة البحرية للمماليك، مما جعلهم ينسحبون من الساحة تاركين جنوب الخليج يواجه العدوان الصليبي وحده.
غير أن المماليك لم ينسوا واجبهم تجاه الأماكن المقدسة، فانتقل حسين الكردي بعد هزيمة «ديو» إلى مدينة وميناء «جدة» حيث بدأ في تحصينها حتى لا يستولي عليها الصليبيون البرتغاليون، ومنها يغيرون على مكة والمدينة، وبالفعل نجحت خطة الكردي في ردع البرتغاليين عن الإغارة على الأماكن المقدسة.
ومع الفشل المتكرر للبرتغاليين في اقتحام عدن تشجع السلطان قنصوة الغوري سنة 919هـ وأرسل أسطولاً جديدًا إلى جنوب البحر الأحمر تحت قيادة الريس سليمان الذي انطلق إلى جدة وهناك انضم إليه القائد حسين الكردي،
وانطلقت الحملة نحو الجنوب وطردت البرتغاليين من مدينة زيلع الصومالية ثم استقرت الحملة في جزر «قمران» بعد طرد البرتغاليين منها سنة 921هـ، بعد أن دخل المماليك في حربهم الطويلة ضد العثمانيين والتي انتهت بسقوط الدولة المملوكية سنة 923هـ.
البرتغاليون والعثمانيون
على الرغم من البعد النسبي جغرافيًا للدولة العثمانية عن مناطق الصراع في جنوب وشرق الخليج العربي، إلا إن سلاطين الدولة العثمانية كانوا يتابعون
باهتمام وتوجس النمو المطرد للقوة البحرية البرتغالية، وآثاره المتمثلة في العدوان البرتغالي المتكرر على سواحل المغرب في أصيلا والعرايش ومليلة، ثم الوثبة الكبرى إلى ظهر العالم الإسلامي في الخليج والهند.
كما كان البرتغاليون في نفس الوقت ينظرون إلى الدولة العثمانية على أنها زعيمة العالم الإسلامي المقبلة بعد أن تهاوت قوة الدولة المملوكية، وأنها مصدر القوة
والتهديد الحقيقي لخطط البرتغال التوسعية والتنصيرية في أرجاء المعمورة، ناهيك عن العداوة التاريخية والراكزة في قلب كل صليبي أوروبا ضد الدولة العثمانية التي فتحت القسطنطينية وأسقطت الدولة البيزنطية.
كان السلطان بايزيد الثاني والمشهور بمحاولاته المتكررة لنجدة مسلمي الأندلس أول السلاطين العثمانيين عملاً ضد العدوان البرتغالي، وذلك سنة 916هـ
عندما أرسل عدة سفن مشحونة بالسلاح والذخيرة والأموال لمساعدة المماليك ضد البرتغاليين، ولكن هذه المساعدة لم يكتب لها الوصول سالمة؛ ذلك لأن فرسان مالطة أو فرسان القديس يوحنا قد أغاروا عليها ونهبوها.
وبعد سقوط المماليك سنة 923هـ، أصبح العثمانيون خلفاءهم في المنطقة في مواجهة مباشرة مع الصليبيين البرتغاليين، وإن كانت هذه المواجهة قد تأخرت قليلاً لانشغال العثمانيين بعدة ثورات داخلية وتمردات في بداية حكم السلطان سليمان القانوني [927هـ ـ 974هـ] ثم الحروب المتتالية التي وقعت على ال
الاحتلال البرتغالي لجنوب الخليج العربي
دهم العدوان الصليبي البرتغالي الغاشم جنوب الخليج، وضرب العالم الإسلامي في سواحله الشرقية، كان العالم الإسلامي وقتها موزعًا تحت ثلاثة دول كبرى؛ الدولة العثمانية في آسيا الصغرى وما حولها في أوروبا وآسيا الوسطى، والدولة
المملوكية في مصر والشام والحجاز، والدولة الصفوية في الهضبة الإيرانية وما حولها، وقد مر بنا ذكر موقف الصفويين، أما العثمانيين فقد كانوا بعيدين نسبيًا عن مناطق الصراع، فبقي عبء مواجهة الصليبيين البرتغاليين من نصيب المماليك وحدهم في هذه المرحلة.
كانت الدولة المملوكية وقت نزول البرتغاليين بساحة العالم الإسلامي تعاني من تراجع شامل ووهن مزمن على كافة المستويات، والدولة في طور الأفول بسبب الفساد الإداري والسياسي والأخلاقي لسلاطين المماليك، وبسبب البعد عن
منهج الصلاح والرشاد والمنافسة على الحكم والسلطة، وأيضًا بسبب التدهور الاقتصادي الذي أصاب مالية المماليك جراء تحويل طريق التجارة إلى رأس الرجاء الصالح، ناهيك عن المشاكل الحدودية بين المماليك والعثمانيين في
الأناضول وديار بكر والعدوان المستمر من جانب جماعة فرسان المعبد في شرق البحر المتوسط والمتمثل في قيامهم باحتلال برقة وبعض جزر البحر مثل كريت وجربة.
لهذه الأسباب كلها لم يستطع المماليك فعل شيء لنجدة جنوب الخليج من العدوان البرتغالي سوى إرسال عدة كتائب من الجند إلى اليمن وذلك لمنع
البرتغاليين من السيطرة على باب المندب، والعجيب أن مؤرخي اليمن قد أطلوا اسم «الغز» على تلك الكتائب، وكان حسين الكردي قائد تلك الكتائب، وواحد من أشهر قادة المماليك في قتال البرتغاليين.
ظل المماليك مشغولين بمشاكلهم الخاصة حتى نما إلى علمهم في عهد السلطان قنصوة الغوري أن البرتغاليين يخططون لاقتحام الأماكن المقدسة فشعروا بالغيرة والمسئولية وأرسلوا أسطولاً قويًا لضرب قواعد البرتغاليين في الهند وذلك لقطع
خطوط الإمداد والتمويل للحملات الصليبية على جنوب الخليج، وبالفعل نجح القائد حسين الكردي في هزيمة البرتغاليين بقيادة «الونز دي ميدا» عند جزيرة «شول» سنة 914هـ، فاستدعى البرتغاليون قائدهم الأشهر «البوكيرك»
وجاءتهم مساعدات قوية من البرتغال، فهزم المماليك في معركة جزيرة «ديو» الشهيرة سنة 915هـ، وهي المعركة التي قضت نهائيًا على القوة البحرية للمماليك، مما جعلهم ينسحبون من الساحة تاركين جنوب الخليج يواجه العدوان الصليبي وحده.
غير أن المماليك لم ينسوا واجبهم تجاه الأماكن المقدسة، فانتقل حسين الكردي بعد هزيمة «ديو» إلى مدينة وميناء «جدة» حيث بدأ في تحصينها حتى لا يستولي عليها الصليبيون البرتغاليون، ومنها يغيرون على مكة والمدينة، وبالفعل نجحت خطة الكردي في ردع البرتغاليين عن الإغارة على الأماكن المقدسة.
ومع الفشل المتكرر للبرتغاليين في اقتحام عدن تشجع السلطان قنصوة الغوري سنة 919هـ وأرسل أسطولاً جديدًا إلى جنوب البحر الأحمر تحت قيادة الريس سليمان الذي انطلق إلى جدة وهناك انضم إليه القائد حسين الكردي،
وانطلقت الحملة نحو الجنوب وطردت البرتغاليين من مدينة زيلع الصومالية ثم استقرت الحملة في جزر «قمران» بعد طرد البرتغاليين منها سنة 921هـ، بعد أن دخل المماليك في حربهم الطويلة ضد العثمانيين والتي انتهت بسقوط الدولة المملوكية سنة 923هـ.
البرتغاليون والعثمانيون
على الرغم من البعد النسبي جغرافيًا للدولة العثمانية عن مناطق الصراع في جنوب وشرق الخليج العربي، إلا إن سلاطين الدولة العثمانية كانوا يتابعون
باهتمام وتوجس النمو المطرد للقوة البحرية البرتغالية، وآثاره المتمثلة في العدوان البرتغالي المتكرر على سواحل المغرب في أصيلا والعرايش ومليلة، ثم الوثبة الكبرى إلى ظهر العالم الإسلامي في الخليج والهند.
كما كان البرتغاليون في نفس الوقت ينظرون إلى الدولة العثمانية على أنها زعيمة العالم الإسلامي المقبلة بعد أن تهاوت قوة الدولة المملوكية، وأنها مصدر القوة
والتهديد الحقيقي لخطط البرتغال التوسعية والتنصيرية في أرجاء المعمورة، ناهيك عن العداوة التاريخية والراكزة في قلب كل صليبي أوروبا ضد الدولة العثمانية التي فتحت القسطنطينية وأسقطت الدولة البيزنطية.
كان السلطان بايزيد الثاني والمشهور بمحاولاته المتكررة لنجدة مسلمي الأندلس أول السلاطين العثمانيين عملاً ضد العدوان البرتغالي، وذلك سنة 916هـ
عندما أرسل عدة سفن مشحونة بالسلاح والذخيرة والأموال لمساعدة المماليك ضد البرتغاليين، ولكن هذه المساعدة لم يكتب لها الوصول سالمة؛ ذلك لأن فرسان مالطة أو فرسان القديس يوحنا قد أغاروا عليها ونهبوها.
وبعد سقوط المماليك سنة 923هـ، أصبح العثمانيون خلفاءهم في المنطقة في مواجهة مباشرة مع الصليبيين البرتغاليين، وإن كانت هذه المواجهة قد تأخرت قليلاً لانشغال العثمانيين بعدة ثورات داخلية وتمردات في بداية حكم السلطان سليمان القانوني [927هـ ـ 974هـ] ثم الحروب المتتالية التي وقعت على ال
جبهة الأوروبية.
في سنة 958هـ أرسل السلطان سليمان القانوني حملة بحرية بقيادة الريس محيي الدين بيري وهذا الرجل من أقدر القادة البحريين وله خرائط جغرافية ومساحية
في غاية الدقة أبهرت علماء العصر الحديث، ولكنه كان مهتمًا بالتجارة ومصالحه الخاصة، فلم يهتم كثيرًا بشئون الحملة وبالتالي فشلت في تحقيق أهدافها وكان جزاؤه الإعدام على تقصيره.
أرسل العثمانيون حملة أخرى سنة 960هـ ولكنها هزمت أمام البرتغاليين، فلم ييأس العثمانيون وأرسلوا حملة أخرى سنة 962هـ بقيادة الريس حسين، فتقابلت مع الأسطول البرتغالي عند خليج «ليمة» قرب رأس مسندم.
وانتصر العثمانيون انتصارًا رائعًا على الرغم من كون الأسطول البرتغالي ثلاثة أضعاف الأسطول العثماني، واصل العثمانيون ملاحقتهم للبرتغاليين، ودارت
معركة أخرى قريبًا من مسقط، وانتصر العثمانيون مرة أخرى غير أن عاصفة بحرية قوية أفسدت فرحة الانتصار ومنعت العثمانيين من مواصلة المطاردة.
في سنة 988هـ أرسل والي اليمن سنان باشا أيام السلطان مراد الثالث حملة بحرية انطلقت من اليمن بقيادة الريس أمير علي، فحاصر مسقط ثم انتصر على البرتغاليين في هرمز، وفتح مسقط ومنها انطلق إلى ساحل إفريقيا الشرقي وهاجم المراكز البرتغالية هناك في ممباسا ومالندي ومقديشو.
وظل يقارع البرتغاليين طيلة عشر سنوات كاملة حتى رزقه الله عز وجل الشهادة على ما نحتسبه، حيث وقع في الأسر سنة 998هـ، وأرسل إلى لشبونة عاصمة البرتغال وتفننوا في التنكيل به وتعذيبه حتى مات رحمه الله.
وبالجملة نجح العثمانيون في تحجيم الخطر البرتغالي الصليبي في المنطقة، وتأمين البحر المتوسط من غاراتهم البحرية المخربة، وحماية الأماكن المقدسة من الأهداف الإجرامية التي كان يسعى لها البرتغاليون منذ أيام طاغيتهم (البوكيرك).
وانحصر الاحتلال البرتغالي في جنوب الخليج في عدة نقاط صغيرة بقيت في أيديهم من أجل الأغراض التجارية والاقتصادية المحضة، ثم ما لبثت القوة
البرتغالية في التداعي من جراء الصراع الشديد بين قوى الاحتلال العالمية على مناطق النفوذ والمصالح الاقتصادية، حتى وقعت البرتغال نفسها في الاحتلال الإسباني لأراضيها وذاق أهلها من نفس الكأس الذي أذاقوه لكثير من المسلمين في الهند والخليج.
===============
الصراع العثماني البرتغالي
المصدر كتاب ((الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط)) بتصرف
قامت دولة البرتغال في عام 1514م بتحريك حملة على المغرب الأقصى يتزعمها الأمير هنري الملاح واستطاعت تلك الحملة أن تحتل ميناء سبتة المغربي، وكان ذلك بداية لسلسلة من الأعمال العدوانية المتتالية ثم واصلت البرتغال حملاتها على الشمال الأفريقي حتى تمكنت من الاستيلاء على اصيل، والعرائش ثم طنجة في عام 1471 للميلاد. وواصلت بعد ذلك أطماعها في مراكز هامة جداً مثل ميناء "أسفى وأغادير، وأزمورة، وماسة".
وأما عن توجه البرتغال الى المحيط الأطلسي ومحاولتهم الإلتفاف حول العالم الاسلامي فقد كان العمل مدفوعاً بالدرجة الاولى بدوافع صليبية شرسة ضد المسلمين ، حيث اعتبرت البرتغال انها نصيرة المسيحية وراعيتها ضد المسلمين ، حيث اعتبرت قتال المسلمين ضرورة ماسة وصارمة ورأت الاسلام هو العدو اللدود الذي لابد من قتاله في كل مكان.
وكان الأمير هنري الملاح شديد التعصب للنصرانية عظيم الحقد على المسلمين وقد تحصل هذا الأمير من البابا نيقولا الخامس حقاً في جميع كشوفه حتى بلاد الهند، حيث قال : (إن سرورنا العظيم إذ نعلم أن ولدنا هنري أمير البرتغال، إذ يترسم خُطى والده العظيم الملك يوحنا، وإذ تلهمه الغيرة التي تملك الأنفس كجندي باسل من جنود المسيح، قد دفع باسم الله الى آقاصي البلاد وأبعادها عن مجال علمنا كما أدخل بين أحضان الكاثوليكية الغادرين من أعداء الله وأعداء المسيح مثل العرب والكفرة...).
وقال البوكيرك في خطابه الذي ألقاه على جنده بعد وصوله الى "ملقا" مانصه: (إن ابعاد العرب عن تجارة الأفاوية هي الوسيلة التي يرجو بها البرتغاليون إضعاف قوة الاسلام).
وفي نفس الخطبة قال الخدمة الجليلة التي سنقدمها لله بطردنا العرب من هذه البلاد وبإطفاءنا شعلة شيعة محمد بحيث لا يندفع لها هنا بعد ذلك لهيب وذلك لأني على يقين أننا لو انتزعنا تجارة "ملقا" هذه من أيديهم (يقصد المسلمين) لاصبحت كل من القاهرة ومكة أثراً بعد عين ولامتنعت عن البندقية كل تجارة التوابل مالم يذهب تجارها الى البرتغال لشرائها من هناك).
وقال في يومياته: (كان هدفنا الوصول الى الأماكن المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد رهينة لنساوم عليها العرب من اجل استرداد القدس.
وقال ملك البرتغال عمانويل الأول معلناً أهداف الحملات البرتغالية: إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري الى الهند هو نشر النصرانية والحصول على ثروات الشرق.
وهكذا يظهر للباحث المنصف أن الدافع الديني للكشوف البرتغالية كان من أهم العوامل التي دفعت البرتغال لارتياد البحار والإلتفاف حول العالم الاسلامي، فصدرت
في سنة 958هـ أرسل السلطان سليمان القانوني حملة بحرية بقيادة الريس محيي الدين بيري وهذا الرجل من أقدر القادة البحريين وله خرائط جغرافية ومساحية
في غاية الدقة أبهرت علماء العصر الحديث، ولكنه كان مهتمًا بالتجارة ومصالحه الخاصة، فلم يهتم كثيرًا بشئون الحملة وبالتالي فشلت في تحقيق أهدافها وكان جزاؤه الإعدام على تقصيره.
أرسل العثمانيون حملة أخرى سنة 960هـ ولكنها هزمت أمام البرتغاليين، فلم ييأس العثمانيون وأرسلوا حملة أخرى سنة 962هـ بقيادة الريس حسين، فتقابلت مع الأسطول البرتغالي عند خليج «ليمة» قرب رأس مسندم.
وانتصر العثمانيون انتصارًا رائعًا على الرغم من كون الأسطول البرتغالي ثلاثة أضعاف الأسطول العثماني، واصل العثمانيون ملاحقتهم للبرتغاليين، ودارت
معركة أخرى قريبًا من مسقط، وانتصر العثمانيون مرة أخرى غير أن عاصفة بحرية قوية أفسدت فرحة الانتصار ومنعت العثمانيين من مواصلة المطاردة.
في سنة 988هـ أرسل والي اليمن سنان باشا أيام السلطان مراد الثالث حملة بحرية انطلقت من اليمن بقيادة الريس أمير علي، فحاصر مسقط ثم انتصر على البرتغاليين في هرمز، وفتح مسقط ومنها انطلق إلى ساحل إفريقيا الشرقي وهاجم المراكز البرتغالية هناك في ممباسا ومالندي ومقديشو.
وظل يقارع البرتغاليين طيلة عشر سنوات كاملة حتى رزقه الله عز وجل الشهادة على ما نحتسبه، حيث وقع في الأسر سنة 998هـ، وأرسل إلى لشبونة عاصمة البرتغال وتفننوا في التنكيل به وتعذيبه حتى مات رحمه الله.
وبالجملة نجح العثمانيون في تحجيم الخطر البرتغالي الصليبي في المنطقة، وتأمين البحر المتوسط من غاراتهم البحرية المخربة، وحماية الأماكن المقدسة من الأهداف الإجرامية التي كان يسعى لها البرتغاليون منذ أيام طاغيتهم (البوكيرك).
وانحصر الاحتلال البرتغالي في جنوب الخليج في عدة نقاط صغيرة بقيت في أيديهم من أجل الأغراض التجارية والاقتصادية المحضة، ثم ما لبثت القوة
البرتغالية في التداعي من جراء الصراع الشديد بين قوى الاحتلال العالمية على مناطق النفوذ والمصالح الاقتصادية، حتى وقعت البرتغال نفسها في الاحتلال الإسباني لأراضيها وذاق أهلها من نفس الكأس الذي أذاقوه لكثير من المسلمين في الهند والخليج.
===============
الصراع العثماني البرتغالي
المصدر كتاب ((الدولة العثمانية عوامل النهوض و أسباب السقوط)) بتصرف
قامت دولة البرتغال في عام 1514م بتحريك حملة على المغرب الأقصى يتزعمها الأمير هنري الملاح واستطاعت تلك الحملة أن تحتل ميناء سبتة المغربي، وكان ذلك بداية لسلسلة من الأعمال العدوانية المتتالية ثم واصلت البرتغال حملاتها على الشمال الأفريقي حتى تمكنت من الاستيلاء على اصيل، والعرائش ثم طنجة في عام 1471 للميلاد. وواصلت بعد ذلك أطماعها في مراكز هامة جداً مثل ميناء "أسفى وأغادير، وأزمورة، وماسة".
وأما عن توجه البرتغال الى المحيط الأطلسي ومحاولتهم الإلتفاف حول العالم الاسلامي فقد كان العمل مدفوعاً بالدرجة الاولى بدوافع صليبية شرسة ضد المسلمين ، حيث اعتبرت البرتغال انها نصيرة المسيحية وراعيتها ضد المسلمين ، حيث اعتبرت قتال المسلمين ضرورة ماسة وصارمة ورأت الاسلام هو العدو اللدود الذي لابد من قتاله في كل مكان.
وكان الأمير هنري الملاح شديد التعصب للنصرانية عظيم الحقد على المسلمين وقد تحصل هذا الأمير من البابا نيقولا الخامس حقاً في جميع كشوفه حتى بلاد الهند، حيث قال : (إن سرورنا العظيم إذ نعلم أن ولدنا هنري أمير البرتغال، إذ يترسم خُطى والده العظيم الملك يوحنا، وإذ تلهمه الغيرة التي تملك الأنفس كجندي باسل من جنود المسيح، قد دفع باسم الله الى آقاصي البلاد وأبعادها عن مجال علمنا كما أدخل بين أحضان الكاثوليكية الغادرين من أعداء الله وأعداء المسيح مثل العرب والكفرة...).
وقال البوكيرك في خطابه الذي ألقاه على جنده بعد وصوله الى "ملقا" مانصه: (إن ابعاد العرب عن تجارة الأفاوية هي الوسيلة التي يرجو بها البرتغاليون إضعاف قوة الاسلام).
وفي نفس الخطبة قال الخدمة الجليلة التي سنقدمها لله بطردنا العرب من هذه البلاد وبإطفاءنا شعلة شيعة محمد بحيث لا يندفع لها هنا بعد ذلك لهيب وذلك لأني على يقين أننا لو انتزعنا تجارة "ملقا" هذه من أيديهم (يقصد المسلمين) لاصبحت كل من القاهرة ومكة أثراً بعد عين ولامتنعت عن البندقية كل تجارة التوابل مالم يذهب تجارها الى البرتغال لشرائها من هناك).
وقال في يومياته: (كان هدفنا الوصول الى الأماكن المقدسة للمسلمين واقتحام المسجد النبوي وأخذ رفاة النبي محمد رهينة لنساوم عليها العرب من اجل استرداد القدس.
وقال ملك البرتغال عمانويل الأول معلناً أهداف الحملات البرتغالية: إن الغرض من اكتشاف الطريق البحري الى الهند هو نشر النصرانية والحصول على ثروات الشرق.
وهكذا يظهر للباحث المنصف أن الدافع الديني للكشوف البرتغالية كان من أهم العوامل التي دفعت البرتغال لارتياد البحار والإلتفاف حول العالم الاسلامي، فصدرت
المراسيم والأوامر، ورسم الصليب والمدفع كشعار للحملات، وكان القصد من ذلك أن على المسلمين اعتناق المسيحية وإلا عليهم مواجهة المدفع.
وكان الدافع الاقتصادي في الدرجة الثانية كعامل مؤثر في سير الكشوف الجغرافية البرتغالية، فقد سهل اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في عام 904هـ/1497م بواسطة فاسكو دي جاما مهمة وصول منتجات الشرق الاقصى للأسواق الأوروبية دون الحاجة الى مرورها عن طريق مصر، ولهذا ساعد تحويل الخط التجاري عن مناطق العبور العربية والاسلامية -ساعد- على تحقيق الهدف الديني وذلك لما للمجال الاقتصادي من اثر فعال في إضعاف القوة الاسلامية التي كان لها ابلغ الأثر في زعزعة أوروبا خلال عدة قرون، فضلاً عن الركود الاقتصادي الذي مُنيت به الدولة المملوكية بسبب هذا التحول المفاجئ.
ومما يجدر ذكره أن البرتغاليين استعانوا في حملاتهم باليهود الذين استخدموا كجواسيس ، وقد ساعدهم في ذلك معرفتهم باللغة العربية، وعلى سبيل المثال فقد ارسل ملك البرتغال يوحنا الثاني خادمه الخاص ومعه رفيق آخر يهودي الى مصر والهند والحبشة وكان من نتائج رحلتها تقديمها تقرير يتضمن بعض الخرائط العربية عن المحيط الهندي.
وذكر ابن اياس إنه في زمن الشريف بركات أمير مكة تسلل ثلاثة أشخاص الى مكة وكانوا يحومون حول المسجد الحرام وعليهم لباس عثماني ويتحدثون العربية والتركية، فأمر بالقبض عليهم وبالكشف على اجسامهم اتضح أنهم مسيحيون لأنهم كانوا بغير ختان، وبعد التحقيق معهم ظهر أنهم جواسيس، ارسلوا للعمل كأدلاء للجيش البرتغالي الصليبي عند دخوله لمكة، وتم بعد ذلك إرسالهم الى السلطان قانصوه الغوري.
ولتحقيق الأهداف البرتغالية رأى رواد الكشوف وساستهم ضرورة التحكم في مضيقي "هرمز" و "باب المندب" لكي يحكم أعداء الاسلام غزوهم للعالم الاسلامي من الخلف ودق عصب الإقتصاد في المناطق العربية والاسلامية ثم بالتالي نشر المسيحية في كل موقع يصلون إليه.
ونجح البرتغاليون في خططهم وتمكنوا من السيطرة على معابر التجارة في الساحل الأفريقي والخليج العربي وبحر العرب، وقاموا بمنع وصول المنتجات الشرقية الى أوروبا عن طريقها، وقد ساعدهم في تحقيق ذلك عدم وجود منافس بحري لهم، مما سهل لهم السيطرة على المراكز الهامة بيسر وسهولة، ثم لم يتورع البرتغاليون بعد ذلك عن استخدام العنف فشهدت المناطق التي وصلوا إليها واحتلوها الكثير من المجازر وإشعال النيران والتدمير، والاعتداء على حرمات الناس ومنع المسلمين من الذهاب الى الحج وهدم المساجد عليهم.
إما عن موقف المسلمين من هذا الغزو الغاشم فقد كان المماليك آنذاك في موقف لايحسدون عليه حيث اصابهم الوهن الاقتصادي والسياسي وانشغل السلاطين بمشاكلهم الداخلية ومجابهة الدولة العثمانية وقمع نشاط الفرسان الإسبتارية (فرسان القديس يوحنا) في شرق البحر الأبيض المتوسط(كانو في رودس يقومون بالتعاون مع مملكة قبرص الصليبية بهجمات على الموانئ الاسلامية والسفن التجارية المتاجرة معها لضرب التجارة التي كانت تمر بدولة المماليك عبر البحر الأحمر من الهند الى الدويلات الايطالية كالبندقية وكان الهدف ضرب ذلك الطريق التجاري المار من الدول الاسلامية واشغال المماليك عن الخطر البرتغالي في الجنوب الذي كان يهدف لفتح طريق تجاري آخر ولذلك قام المماليك أولا بمهاجمة قبرص ونجحو بعد 3 حملات في فتحها عام 1426 في عهد الأشرف برسباي ثم حاولو فتح رودس في عهد السلطان جقمق عبر 3 حملات في عام 1440 و 1443 و 1444 ولكنها لم تنجح في فتحها وبقيت رودس مستعصية الى أن تحقق فتحها للعثمانيين عام 1522) ولهذا واجه السكان في الساحل الأفريقي والخليج واليمن مصيرهم بأنفسهم، فهاجموا الحاميات البرتغالية في كل مكان، في شرق أفريقيا وفي مسقط والبحرين وقريات وعدن ، ولكن دون جدوى لاختلاف ميزان القوى.
ثم ان المماليك شعروا بالمسؤولية على الرغم من المشاكل التي كانت تعيشها دولتهم ، وبذلوا مافي استطاعتهم للحد من وصول البرتغاليين الى الأماكن المقدسة، فقام السلطان قانصوه الغوري بإرسال حملة بحرية مكونة من ثلاثة عشرة سفينة عليه ألف وخمسائة رجل بقيادة حسين الكردي الذي وصل الى جزيرة "ديو" ثم "شول" وألتقى مع الأسطول البرتغالي بقيادة "الونز دي الميدا" وذلك في عام 914هـ/1508م فكان النصر حليفه، ثم ان البرتغال عززوا قواتهم وأعادوا الكرة مرة أخرى مما أدى الى هزيمة الاسطول الاسلامي سنة 915هـ/1509م في معركة "ديو الأولى" المشهورة في التاريخ.
أما عن الدولة العثمانية فكانت في البداية بعيدة عن ساحة المعركة ويفصل بينها وبين البرتغال دولة المماليك والدولة الصفوية ومع ذلك لبى السلطان بايزيد الثاني طلب السلطان الغوري مساعدته ضد البرتغال فأرسل قطعا بحرية عثمانية بقيادة سليمان باشا الخادم او سليمان الرومي شاركت المماليك في معركة ديو الأولى، كما أرسل في شهر شوال سنة 916هـ/ 1511م عدة سفن محملة بالمكاحل والأسهم وأربعين قنطاراً من البارود وغير ذلك من المستلزمات العسكرية والأموال اللا
وكان الدافع الاقتصادي في الدرجة الثانية كعامل مؤثر في سير الكشوف الجغرافية البرتغالية، فقد سهل اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح في عام 904هـ/1497م بواسطة فاسكو دي جاما مهمة وصول منتجات الشرق الاقصى للأسواق الأوروبية دون الحاجة الى مرورها عن طريق مصر، ولهذا ساعد تحويل الخط التجاري عن مناطق العبور العربية والاسلامية -ساعد- على تحقيق الهدف الديني وذلك لما للمجال الاقتصادي من اثر فعال في إضعاف القوة الاسلامية التي كان لها ابلغ الأثر في زعزعة أوروبا خلال عدة قرون، فضلاً عن الركود الاقتصادي الذي مُنيت به الدولة المملوكية بسبب هذا التحول المفاجئ.
ومما يجدر ذكره أن البرتغاليين استعانوا في حملاتهم باليهود الذين استخدموا كجواسيس ، وقد ساعدهم في ذلك معرفتهم باللغة العربية، وعلى سبيل المثال فقد ارسل ملك البرتغال يوحنا الثاني خادمه الخاص ومعه رفيق آخر يهودي الى مصر والهند والحبشة وكان من نتائج رحلتها تقديمها تقرير يتضمن بعض الخرائط العربية عن المحيط الهندي.
وذكر ابن اياس إنه في زمن الشريف بركات أمير مكة تسلل ثلاثة أشخاص الى مكة وكانوا يحومون حول المسجد الحرام وعليهم لباس عثماني ويتحدثون العربية والتركية، فأمر بالقبض عليهم وبالكشف على اجسامهم اتضح أنهم مسيحيون لأنهم كانوا بغير ختان، وبعد التحقيق معهم ظهر أنهم جواسيس، ارسلوا للعمل كأدلاء للجيش البرتغالي الصليبي عند دخوله لمكة، وتم بعد ذلك إرسالهم الى السلطان قانصوه الغوري.
ولتحقيق الأهداف البرتغالية رأى رواد الكشوف وساستهم ضرورة التحكم في مضيقي "هرمز" و "باب المندب" لكي يحكم أعداء الاسلام غزوهم للعالم الاسلامي من الخلف ودق عصب الإقتصاد في المناطق العربية والاسلامية ثم بالتالي نشر المسيحية في كل موقع يصلون إليه.
ونجح البرتغاليون في خططهم وتمكنوا من السيطرة على معابر التجارة في الساحل الأفريقي والخليج العربي وبحر العرب، وقاموا بمنع وصول المنتجات الشرقية الى أوروبا عن طريقها، وقد ساعدهم في تحقيق ذلك عدم وجود منافس بحري لهم، مما سهل لهم السيطرة على المراكز الهامة بيسر وسهولة، ثم لم يتورع البرتغاليون بعد ذلك عن استخدام العنف فشهدت المناطق التي وصلوا إليها واحتلوها الكثير من المجازر وإشعال النيران والتدمير، والاعتداء على حرمات الناس ومنع المسلمين من الذهاب الى الحج وهدم المساجد عليهم.
إما عن موقف المسلمين من هذا الغزو الغاشم فقد كان المماليك آنذاك في موقف لايحسدون عليه حيث اصابهم الوهن الاقتصادي والسياسي وانشغل السلاطين بمشاكلهم الداخلية ومجابهة الدولة العثمانية وقمع نشاط الفرسان الإسبتارية (فرسان القديس يوحنا) في شرق البحر الأبيض المتوسط(كانو في رودس يقومون بالتعاون مع مملكة قبرص الصليبية بهجمات على الموانئ الاسلامية والسفن التجارية المتاجرة معها لضرب التجارة التي كانت تمر بدولة المماليك عبر البحر الأحمر من الهند الى الدويلات الايطالية كالبندقية وكان الهدف ضرب ذلك الطريق التجاري المار من الدول الاسلامية واشغال المماليك عن الخطر البرتغالي في الجنوب الذي كان يهدف لفتح طريق تجاري آخر ولذلك قام المماليك أولا بمهاجمة قبرص ونجحو بعد 3 حملات في فتحها عام 1426 في عهد الأشرف برسباي ثم حاولو فتح رودس في عهد السلطان جقمق عبر 3 حملات في عام 1440 و 1443 و 1444 ولكنها لم تنجح في فتحها وبقيت رودس مستعصية الى أن تحقق فتحها للعثمانيين عام 1522) ولهذا واجه السكان في الساحل الأفريقي والخليج واليمن مصيرهم بأنفسهم، فهاجموا الحاميات البرتغالية في كل مكان، في شرق أفريقيا وفي مسقط والبحرين وقريات وعدن ، ولكن دون جدوى لاختلاف ميزان القوى.
ثم ان المماليك شعروا بالمسؤولية على الرغم من المشاكل التي كانت تعيشها دولتهم ، وبذلوا مافي استطاعتهم للحد من وصول البرتغاليين الى الأماكن المقدسة، فقام السلطان قانصوه الغوري بإرسال حملة بحرية مكونة من ثلاثة عشرة سفينة عليه ألف وخمسائة رجل بقيادة حسين الكردي الذي وصل الى جزيرة "ديو" ثم "شول" وألتقى مع الأسطول البرتغالي بقيادة "الونز دي الميدا" وذلك في عام 914هـ/1508م فكان النصر حليفه، ثم ان البرتغال عززوا قواتهم وأعادوا الكرة مرة أخرى مما أدى الى هزيمة الاسطول الاسلامي سنة 915هـ/1509م في معركة "ديو الأولى" المشهورة في التاريخ.
أما عن الدولة العثمانية فكانت في البداية بعيدة عن ساحة المعركة ويفصل بينها وبين البرتغال دولة المماليك والدولة الصفوية ومع ذلك لبى السلطان بايزيد الثاني طلب السلطان الغوري مساعدته ضد البرتغال فأرسل قطعا بحرية عثمانية بقيادة سليمان باشا الخادم او سليمان الرومي شاركت المماليك في معركة ديو الأولى، كما أرسل في شهر شوال سنة 916هـ/ 1511م عدة سفن محملة بالمكاحل والأسهم وأربعين قنطاراً من البارود وغير ذلك من المستلزمات العسكرية والأموال اللا
زمة. ولكن هذه المساعدة لم يكتب لها الوصول سالمة بسبب تعرضها لقرصنة فرسان القديس يوحنا.
وبعد أن ضم العثمانيون بلاد مصر والشام ودخلت البلاد العربية تحت نطاق الحكم العثماني ، واجهت الدولة العثمانية البرتغاليين بشجاعة نادرة فكان أول عمل واجهوه هو صد حملة برتغالية على جدة عام 1516 تحت قيادة لوبو سوارس ولكن الحملة فشلت(يدعى البرتغاليين أن سبب فشلها هو هبوب عاصفة حطمت سفنهم بمساعدة الصخور المرجانية في البحر الأحمر مما أدى بها الى الانسحاب) وقد قام سليمان باشا بمطاردتهم حتى عند ميناء اللحية شمالي اليمن قُبيل جزيرة كمران، واسر إحدى سفنهم وكان على ظهرها 17 برتغاليا أخذهم معه إلى جدة ووضعهم في السجن بصفتهم أسرى حرب، ثم أرسلهم إلى القاهرة، ومن هناك أرسلهم إلى السلطان العثماني في اسطنبول.
ثم انتقل العثمانيون للهجوم فتمكنو من استرداد بعض الموانئ الاسلامية في البحر الأحمر مثل: مصوع وزيلع، كما تمكنو من إرسال قوة بحرية بقيادة مير علي بك الى الساحل الأفريقي فتم تحرير مقديشو وممبسة ومُنيت الجيوش البرتغالية بخسائر عظيمة.
وفي عهد السلطان سليمان القانوني 927-974هـ/1520-1566م تمكنت الدولة العثمانية من إبعاد البرتغاليين عن البحر الأحمر ومهاجمتهم في المراكز التي استقروا بها في الخليج العربي.
لقد ادرك السلطان سليمان أن مسؤولية الدفاع عن الأماكن المقدسة هي مسؤولية الدولة العثمانية، فبادر بعقد اتفاق مع حاكمي "قاليقوط" و"كامباي" وهما الحاكمان الهنديان اللذان تأثرا من الغزو البرتغالي وكان ذلك الاتفاق ينص على العمل المشترك ضد البرتغال، ثم أعقب ذلك الإتفاق إصداره مرسوماً الى سليمان باشا الخادم والي مصر هذا نصه: (عليك يابيك البكوات بمصر سليمان باشا، أن تقوم فور تسلمك أوامرنا هذه ، بتجهيز حقيبتك وحاجتك، وإعداد العدة بالسويس للجهاد في سبيل الله، حتى إذا تهيأ لك إعداد أسطول وتزويده بالعتاد والميرة والذخيرة وجمع جيش كافٍ، فعليك أن تخرج الى الهند وتستولي وتحافظ على تلك الأجزاء، فإنك اذا قطعت الطريق وحاصرت السبل المؤدية الى مكة المكرمة تجنبت سوء ما فعل البرتغاليون وأزلت رايتهم من البحر).
وقام سليمان الخادم بتنفيذ أوامر السلطان العثماني ، ووصل بعد سبعة أيام الى جدة ثم اتجه الى كمران وبعد ذلك سيطر على عدن وعيّن عليها أحد ضباطه وزودها بحامية بلغ عدد جنودها ستمائة جندي ، ثم واصل سيره الى الهند، وعند وصوله الى ديو لم يتمكن من الإستيلاء عليها وانسحب عائداً بعد ان فقد حوالي اربعمائة من رجاله، وحاول مرة اخرى الاستيلاء على القلاع الأمامية حتى استسلمت إحداها وتم أسر ثمانيين برتغالياً ، ولولا الإمدادات الجديدة للجيش البرتغالي لاستسلمت جميع القلاع، وتمّ طرد البرتغاليين من الهند ولخضعت قلعة ديو للعثمانيين خضوعاً تاماً وهذه المعركة هي معركة ديو الثانية.
وهكذا تمكن العثمانيون من صد البرتغال وإيقافهم بعيداً عن الممالك الاسلامية والحد من نشاطهم ، كما نجحت الدولة العثمانية في تأمين البحر الأحمر وحماية الأماكن المقدسة من التوسع البرتغالي المبني على أهداف استعمارية وغايات دنيئة ومحاولات للتأثير على الاسلام والمسلمين بطرق مختلفة.
إن النجاح الذي حققته الدولة العثمانية في درء الخطر البرتغالي على العالم الاسلامي يستحق كل تقدير وثناء، فدولة المماليك كانت على وشك الانهيار، ورغم أنها واجهت البرتغاليين بقدر ما تستطيع وحققت بعض النتائج الا أنها لم تكن على مستوى من القوة يكفل لها الوقوف طويلا أمام الغزو البرتغالي وبتلك القوة التي واجه بها العثمانيون البرتغاليين فتحملت الدولة العثمانية أعباء الدفاع عن حقوق المسلمين وممتلكاتهم، ونجحت أيما نجاح في الحد من مطامع الغزاة ووصولهم الى الأماكن المقدسة كما كانوا يرغبون.
أما عن الدولة الصفوية فقد تخلت عن مساعدة سكان المناطق التي وصل إليها الغزو البرتغالي، فتركت مدن الخليج العربي تواجه مصيرها بنفسها، وزادت على ذلك أن سارت الدولة الصفوية في فلك الأعداء ولبت رغباتهم خاصة وأنها على عداء وخلاف مذهبي مع المماليك والدولة العثمانية ولذلك نجد البوكيرك القائد البرتغالي يستغل هذا الموقف ويرسل في عام 915هـ/1509م مبعوثه "روى جومير" ومعه رسالة ذكر فيها: (اني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، واعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة ، وسيجدني الشاة بجانبه على امتداد الساحل الفارسي ، وسأنفذ له كل مايريد).
وقد صادف هذا العرض أو هذا الموقف الفترة التي كانت القوات العثمانية تتوجه فيها لمجابهة الصفويين على الحدود، حيث كانت بعد ذلك معركة جالديران سنة 920هـ/1514م التي انهزم فيها الفرس هزيمة ساحقة أمام الجيش العثماني، مما جعلهم - أي الفرس- أكثر استعداداً للتحالف مع البرتغاليين ضد العثمانيين، فكانت فرصة
وبعد أن ضم العثمانيون بلاد مصر والشام ودخلت البلاد العربية تحت نطاق الحكم العثماني ، واجهت الدولة العثمانية البرتغاليين بشجاعة نادرة فكان أول عمل واجهوه هو صد حملة برتغالية على جدة عام 1516 تحت قيادة لوبو سوارس ولكن الحملة فشلت(يدعى البرتغاليين أن سبب فشلها هو هبوب عاصفة حطمت سفنهم بمساعدة الصخور المرجانية في البحر الأحمر مما أدى بها الى الانسحاب) وقد قام سليمان باشا بمطاردتهم حتى عند ميناء اللحية شمالي اليمن قُبيل جزيرة كمران، واسر إحدى سفنهم وكان على ظهرها 17 برتغاليا أخذهم معه إلى جدة ووضعهم في السجن بصفتهم أسرى حرب، ثم أرسلهم إلى القاهرة، ومن هناك أرسلهم إلى السلطان العثماني في اسطنبول.
ثم انتقل العثمانيون للهجوم فتمكنو من استرداد بعض الموانئ الاسلامية في البحر الأحمر مثل: مصوع وزيلع، كما تمكنو من إرسال قوة بحرية بقيادة مير علي بك الى الساحل الأفريقي فتم تحرير مقديشو وممبسة ومُنيت الجيوش البرتغالية بخسائر عظيمة.
وفي عهد السلطان سليمان القانوني 927-974هـ/1520-1566م تمكنت الدولة العثمانية من إبعاد البرتغاليين عن البحر الأحمر ومهاجمتهم في المراكز التي استقروا بها في الخليج العربي.
لقد ادرك السلطان سليمان أن مسؤولية الدفاع عن الأماكن المقدسة هي مسؤولية الدولة العثمانية، فبادر بعقد اتفاق مع حاكمي "قاليقوط" و"كامباي" وهما الحاكمان الهنديان اللذان تأثرا من الغزو البرتغالي وكان ذلك الاتفاق ينص على العمل المشترك ضد البرتغال، ثم أعقب ذلك الإتفاق إصداره مرسوماً الى سليمان باشا الخادم والي مصر هذا نصه: (عليك يابيك البكوات بمصر سليمان باشا، أن تقوم فور تسلمك أوامرنا هذه ، بتجهيز حقيبتك وحاجتك، وإعداد العدة بالسويس للجهاد في سبيل الله، حتى إذا تهيأ لك إعداد أسطول وتزويده بالعتاد والميرة والذخيرة وجمع جيش كافٍ، فعليك أن تخرج الى الهند وتستولي وتحافظ على تلك الأجزاء، فإنك اذا قطعت الطريق وحاصرت السبل المؤدية الى مكة المكرمة تجنبت سوء ما فعل البرتغاليون وأزلت رايتهم من البحر).
وقام سليمان الخادم بتنفيذ أوامر السلطان العثماني ، ووصل بعد سبعة أيام الى جدة ثم اتجه الى كمران وبعد ذلك سيطر على عدن وعيّن عليها أحد ضباطه وزودها بحامية بلغ عدد جنودها ستمائة جندي ، ثم واصل سيره الى الهند، وعند وصوله الى ديو لم يتمكن من الإستيلاء عليها وانسحب عائداً بعد ان فقد حوالي اربعمائة من رجاله، وحاول مرة اخرى الاستيلاء على القلاع الأمامية حتى استسلمت إحداها وتم أسر ثمانيين برتغالياً ، ولولا الإمدادات الجديدة للجيش البرتغالي لاستسلمت جميع القلاع، وتمّ طرد البرتغاليين من الهند ولخضعت قلعة ديو للعثمانيين خضوعاً تاماً وهذه المعركة هي معركة ديو الثانية.
وهكذا تمكن العثمانيون من صد البرتغال وإيقافهم بعيداً عن الممالك الاسلامية والحد من نشاطهم ، كما نجحت الدولة العثمانية في تأمين البحر الأحمر وحماية الأماكن المقدسة من التوسع البرتغالي المبني على أهداف استعمارية وغايات دنيئة ومحاولات للتأثير على الاسلام والمسلمين بطرق مختلفة.
إن النجاح الذي حققته الدولة العثمانية في درء الخطر البرتغالي على العالم الاسلامي يستحق كل تقدير وثناء، فدولة المماليك كانت على وشك الانهيار، ورغم أنها واجهت البرتغاليين بقدر ما تستطيع وحققت بعض النتائج الا أنها لم تكن على مستوى من القوة يكفل لها الوقوف طويلا أمام الغزو البرتغالي وبتلك القوة التي واجه بها العثمانيون البرتغاليين فتحملت الدولة العثمانية أعباء الدفاع عن حقوق المسلمين وممتلكاتهم، ونجحت أيما نجاح في الحد من مطامع الغزاة ووصولهم الى الأماكن المقدسة كما كانوا يرغبون.
أما عن الدولة الصفوية فقد تخلت عن مساعدة سكان المناطق التي وصل إليها الغزو البرتغالي، فتركت مدن الخليج العربي تواجه مصيرها بنفسها، وزادت على ذلك أن سارت الدولة الصفوية في فلك الأعداء ولبت رغباتهم خاصة وأنها على عداء وخلاف مذهبي مع المماليك والدولة العثمانية ولذلك نجد البوكيرك القائد البرتغالي يستغل هذا الموقف ويرسل في عام 915هـ/1509م مبعوثه "روى جومير" ومعه رسالة ذكر فيها: (اني أقدّر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، واعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو أن تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو في القطيف أو في البصرة ، وسيجدني الشاة بجانبه على امتداد الساحل الفارسي ، وسأنفذ له كل مايريد).
وقد صادف هذا العرض أو هذا الموقف الفترة التي كانت القوات العثمانية تتوجه فيها لمجابهة الصفويين على الحدود، حيث كانت بعد ذلك معركة جالديران سنة 920هـ/1514م التي انهزم فيها الفرس هزيمة ساحقة أمام الجيش العثماني، مما جعلهم - أي الفرس- أكثر استعداداً للتحالف مع البرتغاليين ضد العثمانيين، فكانت فرصة
البرتغال التي لاتعوض لاسيما وأنهم يدركون مدى الخطر الذي يُهددهم ويقلق أمنهم من قبل الدولة العثمانية ، فاستغلوا احتلالهم لهرمز عام 921هـ/1515م وارتبطوا بعد ذلك مباشرة مع الصفويين بمعاهدة كان من أهم بنودها؛ تقديم البرتغال أسطولها لمساعدة الشاة في حملته على البحرين والقطيف مقابل اعتراف الشاة بالحماية البرتغالية على هرمز، وتوحيد القوتين وفي حالة المواجهة مع الدولة العثمانية عدوهما المشترك .
ويظهر أن البرتغال رأوا في تحالفهم مع الصفويين وسيلة تحقق عدم الوفاق بين الدول الاسلامية التي فيما لو اتحدت ضدها لما تمكنت من السيطرة على مقدرات الشعوب في مناطق الخليج والبحر الأحمر وعدن وغير ذلك من الاماكن التي خضعت للسيطرة البرتغالية؛ ومن جهة اخرى فإن التحالف الصفوي البرتغالي والوضع السياسي والاقتصادي المتدهور لدى دولة المماليك، كل ذلك جعل الدولة العثمانية تتحمل المسؤولية كاملة في الدفاع عن الأماكن الاسلامية في كل موقع حاول البرتغاليون الوصول إليه والسيطرة عليه .
لقد كان من نتائج الصراع العثماني البرتغالي:
1- احتفظ العثمانيون بالاماكن المقدسة وطريق الحج.
2- حماية الحدود البرية من هجمات البرتغاليين طيلة القرن السادس عشر.
3- اعاد العثمانيون نسبيا فتح الطرق التجارية التي تربط الهند واندونيسيا بالشرق الادنى عبر الخليج العربي والبحر الأحمر وحصلت بعض عمليات تبادل البضائع الهندية مع تجار أوروبا في أسواق حلب، والقاهرة واسطنبول ففي سنة 1554م اشترى البندقيون وحدهم ستة آلاف قنطار من التوابل وفي الوقت نفسه كانت تصل الى ميناء جدة عشرين سفينة محملة بالبضائع الهندية (توابل ، أصباغ، أنسجة) ولكن مع ذلك لم يستطيعوا القضاء على الطريق الجديد الذي اكتشفه البرتغاليون في رأس الرجاء الصالح بسبب فشلهم في الاستيلاء على ديو وهو الطريق الذي استمر البرتغاليون برعايته وشجعو بذلك دول بحر الشمال على التطلع الى تلك المنطقة فحل محلهم الهولنديون بعد ذلك بقرن ثم الانجليز وفي محاولة من الدولة العثمانية لاعادة نفس القوة الى الطريق القديم قامو بتشجيع الدول الأوروبية عبر نظام الامتيازات الممنوحة للدول الأوروبية وكان للفرنسيين منها في البداية نصيب الأسد ولكن كان لتلك الامتيازات فيما بعد تاثير سلبي ساهم في فترات ضعف الدولة العثمانية في زيادة تدخل الأجانب في داخلها.
ويظهر أن البرتغال رأوا في تحالفهم مع الصفويين وسيلة تحقق عدم الوفاق بين الدول الاسلامية التي فيما لو اتحدت ضدها لما تمكنت من السيطرة على مقدرات الشعوب في مناطق الخليج والبحر الأحمر وعدن وغير ذلك من الاماكن التي خضعت للسيطرة البرتغالية؛ ومن جهة اخرى فإن التحالف الصفوي البرتغالي والوضع السياسي والاقتصادي المتدهور لدى دولة المماليك، كل ذلك جعل الدولة العثمانية تتحمل المسؤولية كاملة في الدفاع عن الأماكن الاسلامية في كل موقع حاول البرتغاليون الوصول إليه والسيطرة عليه .
لقد كان من نتائج الصراع العثماني البرتغالي:
1- احتفظ العثمانيون بالاماكن المقدسة وطريق الحج.
2- حماية الحدود البرية من هجمات البرتغاليين طيلة القرن السادس عشر.
3- اعاد العثمانيون نسبيا فتح الطرق التجارية التي تربط الهند واندونيسيا بالشرق الادنى عبر الخليج العربي والبحر الأحمر وحصلت بعض عمليات تبادل البضائع الهندية مع تجار أوروبا في أسواق حلب، والقاهرة واسطنبول ففي سنة 1554م اشترى البندقيون وحدهم ستة آلاف قنطار من التوابل وفي الوقت نفسه كانت تصل الى ميناء جدة عشرين سفينة محملة بالبضائع الهندية (توابل ، أصباغ، أنسجة) ولكن مع ذلك لم يستطيعوا القضاء على الطريق الجديد الذي اكتشفه البرتغاليون في رأس الرجاء الصالح بسبب فشلهم في الاستيلاء على ديو وهو الطريق الذي استمر البرتغاليون برعايته وشجعو بذلك دول بحر الشمال على التطلع الى تلك المنطقة فحل محلهم الهولنديون بعد ذلك بقرن ثم الانجليز وفي محاولة من الدولة العثمانية لاعادة نفس القوة الى الطريق القديم قامو بتشجيع الدول الأوروبية عبر نظام الامتيازات الممنوحة للدول الأوروبية وكان للفرنسيين منها في البداية نصيب الأسد ولكن كان لتلك الامتيازات فيما بعد تاثير سلبي ساهم في فترات ضعف الدولة العثمانية في زيادة تدخل الأجانب في داخلها.
-الاحتلال البرتغالي للخليج العربي وجنوب شبه الجزيرة العربية:
شهدت منطقة الخليج العربي وجنوب شبه الجزيرة العربية في مطلع
القرن السادس عشر الميلادي (1501م) غزوا استعماريا
تزعمته البرتغال
فما هي دوافعه وأساليبه وما الآثار التي ترتبت عليه
(1) دوافع الاستعمار البرتغالي وأساليبه:
كي يحكم البرتغاليون سيطرتهم على منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ويحققوا أهدافهم
الاستعمارية التوسعية بدأوا في الاستيلاء على المدن العربية كمسقط وخورفكان
وهرمز والبحرين والقطيف وحتى يضمنوا استمرار سيطرتهم اتبعوا
أساليب تميزت بروح التعصب الصليبي وبلوحشية والإرهاب
حيث كانو يحتلون المدن والقرى ويشعلون
فيها النيران ويصادرون حمولة السفن
ويعذبون بحاراتها أما سكان المدن العزل
فكانوا ينهالون عليهم قتلا وإبادة ويقطعون
آذانهم وأنوفهم دون تمييز بين النساء والشيوخ
والأطفال.
-عوامل الاستعمار البرتغالي على الوطن العربي
سعى البرتغاليون لفرض سيطرتهم على منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة
العربية لتحقيق أهدافهم الاستعمارية وقد دفعهم إلى
تحقيق ذلك عوامل عديد من أبرزها :
(1): الدفع الصليبي:
إن فشل الحروب الصليبية ضد الشرق الإسلامي جعل قادة البرتغاليين يحاولون غزو
الحجاز ونبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى
جانب لجوئهم إلى الانتقام البشع من السكان
العرب في جنوبي شبه الجزيرة العربية
ومنطقة الخليج العربي
(2):الدافع الاقتصادي:
أكد البرتغاليون رغبتهم في السيطرة على طرق التجارة البرحية التي تصل بين
الهند والخليح العربي والبحر الأحمر لما يحققه ذلك من نفع لهم كما عملوا على منع التجار
العرب من الوصول إلى مناطق التوابل ولتأمين الأسواق
لمنتجاتهم في البلاد العربية
(3): تفكك العالم الإسلامي:
على الرغم من معاداة القوى السياسية الإسلامية للغزو البرتغالي إلا أنها لم تتخذ
فيما بينها موقفا لمواجهته فقد استفاد البرتغاليوم من الصراع الذي كان قائما بين أكبر دولتين
إسلاميتين آنذاك وهما : الدولة الصفوية في إيران, والدولة العثمانية ,إلى جانب أن
دولة المماليك في مصر وبلاد الشام فشلت في صد العدوان البرتغالي بسبب
انشغالها بالحرب مع الدولة العثمانية
-الآثار التي ترتبت على الاحتلال البرتغالي لمنطقة الخليج العربي:
1- انهيار النشاط البحري لعرب الخليج.
2- تحول طرق التجارة البحرية عن الخليج العربي والبحر الأحمر.
3- تدهور الأحوال الأقتصادية بسبب احكتار البرتغاليين لتجارة الشرق
شهدت منطقة الخليج العربي وجنوب شبه الجزيرة العربية في مطلع
القرن السادس عشر الميلادي (1501م) غزوا استعماريا
تزعمته البرتغال
فما هي دوافعه وأساليبه وما الآثار التي ترتبت عليه
(1) دوافع الاستعمار البرتغالي وأساليبه:
كي يحكم البرتغاليون سيطرتهم على منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية ويحققوا أهدافهم
الاستعمارية التوسعية بدأوا في الاستيلاء على المدن العربية كمسقط وخورفكان
وهرمز والبحرين والقطيف وحتى يضمنوا استمرار سيطرتهم اتبعوا
أساليب تميزت بروح التعصب الصليبي وبلوحشية والإرهاب
حيث كانو يحتلون المدن والقرى ويشعلون
فيها النيران ويصادرون حمولة السفن
ويعذبون بحاراتها أما سكان المدن العزل
فكانوا ينهالون عليهم قتلا وإبادة ويقطعون
آذانهم وأنوفهم دون تمييز بين النساء والشيوخ
والأطفال.
-عوامل الاستعمار البرتغالي على الوطن العربي
سعى البرتغاليون لفرض سيطرتهم على منطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة
العربية لتحقيق أهدافهم الاستعمارية وقد دفعهم إلى
تحقيق ذلك عوامل عديد من أبرزها :
(1): الدفع الصليبي:
إن فشل الحروب الصليبية ضد الشرق الإسلامي جعل قادة البرتغاليين يحاولون غزو
الحجاز ونبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى
جانب لجوئهم إلى الانتقام البشع من السكان
العرب في جنوبي شبه الجزيرة العربية
ومنطقة الخليج العربي
(2):الدافع الاقتصادي:
أكد البرتغاليون رغبتهم في السيطرة على طرق التجارة البرحية التي تصل بين
الهند والخليح العربي والبحر الأحمر لما يحققه ذلك من نفع لهم كما عملوا على منع التجار
العرب من الوصول إلى مناطق التوابل ولتأمين الأسواق
لمنتجاتهم في البلاد العربية
(3): تفكك العالم الإسلامي:
على الرغم من معاداة القوى السياسية الإسلامية للغزو البرتغالي إلا أنها لم تتخذ
فيما بينها موقفا لمواجهته فقد استفاد البرتغاليوم من الصراع الذي كان قائما بين أكبر دولتين
إسلاميتين آنذاك وهما : الدولة الصفوية في إيران, والدولة العثمانية ,إلى جانب أن
دولة المماليك في مصر وبلاد الشام فشلت في صد العدوان البرتغالي بسبب
انشغالها بالحرب مع الدولة العثمانية
-الآثار التي ترتبت على الاحتلال البرتغالي لمنطقة الخليج العربي:
1- انهيار النشاط البحري لعرب الخليج.
2- تحول طرق التجارة البحرية عن الخليج العربي والبحر الأحمر.
3- تدهور الأحوال الأقتصادية بسبب احكتار البرتغاليين لتجارة الشرق
#اليمن_تاريخ_وثقافة
صفحات من تاريخ الغزو البرتغالي للخليج العربي والبحر الأحمر في مطلع القرن السادس عشر
المحاولات البرتغالية للسيطرة على عدن البحر الأحمر
ثانيا: الحملة البرتغالية الثانية سنة 1517
لم يقضِ الفشل الذي لاقاه البرتغاليون في عدن سنة 1513 على خططهم لمحاولة السيطرة عليها مرة أخرى, ففي 8 شباط 1517 وصلت حملة برتغالية جديدة بقيادة (لوبو سواريز) نائب الملك في الهند الذي أعقب البوكيرك، بهدف السيطرة على البحر الأحمر وإغلاقه نهائيا في وجه التجارة الإسلامية. وكان معه إسطول مكون من نحو (30) سفينة ونحو ألفي جندي. ورسا هذا الإسطول أمام عدن في آذار سنة 1517. وتشير المصادر البرتغالية إلى إن حاكم المدينة مرجان الظافري قبِل هذه المرة الخضوع للبرتغاليين وسلمهم مفتاح عدن، ولكن المصادر اليمانية المعاصرة للحدث تذكر إن الأمير مرجان لم يسلم المدينة أو مفاتيحها لهم، وإن كل ما قام به هو مقابلة البرتغاليين عند الساحل، وموافقته على مدّ الإسطول البرتغالي بما يحتاج له من مؤن ومرشدين بحريين لقادة سفنهم إلى جدة بحسب طلبهم منه. وقد قيِل مرجان الظافري القيام بذلك اتقاءً لشرهم. ويمكننا فهم هذا الموقف وتفسيره إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الوضع الذي كانت تمر به اليمن في تلك المرحلة. فقد شهدت المرحلة التي أعقبت حملة البوكيرك (1513) وحملة سواريز (1517) أحداثا كثيرة أضرت بموقف اليمن وأضعفت دفاعاته، ولاسيما في عدن، إذ جاءت الحملة المملوكية الكبيرة بقيادة حسين باشا الكردي وسليمان العثماني لمقاتلة البرتغاليين في الهند، لكنها غاصت في مستنقع صراعات اليمن ـ كما سنرى ـ وانتهى الأمر بقصف حسين باشا الكردي لمدينة عدن وتحصيناتها على نحو مدمر ولاسيما أسوارها المنيعة، وحصن جبل صيرة الذي سبقت الإشارة إليه.
وإزاء هذا الوضع، اضطر الأمير مرجان إلى الترحيب بحملة سواريز ومنحهم ما طلبوه وصار صديقا للبرتغاليين بسبب خوفه من المماليك الذين كانوا لا يزالون في شمالي اليمن لمساعدة الزيديين ضد الطاهريين، ولاسيما إذا علمنا إن سواريز ذكر لمرجان الظافري انه إنما جاء أصلا لمقاتلة المماليك وانتزاع جدة من أيديهم. ومن حسن الحظ فإن هذه الضيافة أثرت في نفس سواريز، فلم يفكر في استغلال ضعف مدينة عدن واستسلامها له عسكريا للسيطرة عليها عسكريا، وإنما اكتفي ـ ليُدخل الطمأنينة في قلب حاكمها مرجان ـ أن قال له يكفي أن نتعامل كحلفاء. وكان هدفه من ذلك، كما يبدو، تأجيل الاستيلاء على المدينة إلى ما بعد تحطيم الإسطول المملوكي في جدة بجهد يماني ـ برتغالي مشترك، ثم الاستيلاء على عدن بعد ذلك.
واتجه سواريز نحو جدة مباشرة، وكان يعلم إن الإسطول المملوكي يتركز فيها، وان الوضع قد تغير بعد انتقال الحكم من المماليك إلى العثمانيين. وعلى الرغم من إن القوات المتمركزة في جدة بقيادة سليمان العثماني أعلنت ولاءها للدولة العثمانية، إلا أنها لم تتلقَ منها أية إمدادات أو تعزيزات جديدة، كما إن أهالي جدة كانوا يعانون من عبء الضرائب الجديدة الفادحة التي كان حسين باشا الكردي قد فرضها عليهم للإنفاق على تحصينات المدينة. يضاف إلى ذلك، إن حملة سواريز كانت أول تحدٍ مباشر لسلطة العثمانيين ووجودهم في مصر والحجاز في عهد السلطان سليم الأول الذي حارب الصفويين والمماليك خلال 1514 و 1517 قتالا ضاريا، ولكنه لم يفعل شيئا إزاء الخطر البرتغالي بعد مغادرته مصر عائدا إلى اسطنبول.
وهنا تتدخل طبيعة البحر الأحمر ومناخه المتقلب في إعاقة الحملات البرتغالية عليه وعلى جدة تحديدا. فقد هبت عاصفة هوجاء على إسطول سواريز فشتته في البحر، وساعدت صخور البحر وشعابه المرجانية في تخريب وإعطاب جزء من سفن الإسطول البرتغالي أيضا. إزاء ذلك، قرر سواريز الانسحاب فورا والعودة إلى كمران. وكان القبطان (الريّس) سليمان العثماني في جدة مع الجيش المملوكي ـ العثماني قد اعد عدته للمواجهة. وعندما شاهد البرتغاليين ينسحبون، طاردهم على ظهر مركبين مملوكيين ولحق بمؤخرة الإسطول البرتغالي عند ميناء (اللحية) شمالي اليمن قُبيل جزيرة كمران، واسر إحدى سفنهم بعد أن ضربها بالمدافع، وكان على ظهرها (17) برتغاليا أخذهم معه إلى جدة ووضعهم في السجن بصفتهم أسرى حرب، ثم أرسلهم إلى القاهرة، ومن هناك أرسلهم إلى السلطان العثماني في اسطنبول.
بعد ذلك توجه سواريز نحو جزيرة كمران وظل بها نحو ثلاثة أشهر لحين اعتدال الرياح. وفي هذه الجزيرة فقد أيضا عددا من بحارته بسبب الأمراض وشحة المياه الصالحة للشرب. وقبل أن ينسحب دمر التحصينات التي أقامها حسين باشا الكردي في الجزيرة، واحرق النخيل، ثم غادر الجزيرة في حزيران 1517 متوجها إلى زيلع التي وصلها في تموز، فقصفها وقتل عددا من أهاليها انتقاما من الفشل الذي أصابه في جدة ثم عاد إلى باب المندب ومنها إلى عدن، ومن عدن قفل عائدا إلى الهند. ونتيجة لفشله في هذه الحملة عزله الملك البرتغالي عمانوئيل من منصب نائب الملك بعد اقل من ثلاث سنوات لتوليه، وكان ذلك في
صفحات من تاريخ الغزو البرتغالي للخليج العربي والبحر الأحمر في مطلع القرن السادس عشر
المحاولات البرتغالية للسيطرة على عدن البحر الأحمر
ثانيا: الحملة البرتغالية الثانية سنة 1517
لم يقضِ الفشل الذي لاقاه البرتغاليون في عدن سنة 1513 على خططهم لمحاولة السيطرة عليها مرة أخرى, ففي 8 شباط 1517 وصلت حملة برتغالية جديدة بقيادة (لوبو سواريز) نائب الملك في الهند الذي أعقب البوكيرك، بهدف السيطرة على البحر الأحمر وإغلاقه نهائيا في وجه التجارة الإسلامية. وكان معه إسطول مكون من نحو (30) سفينة ونحو ألفي جندي. ورسا هذا الإسطول أمام عدن في آذار سنة 1517. وتشير المصادر البرتغالية إلى إن حاكم المدينة مرجان الظافري قبِل هذه المرة الخضوع للبرتغاليين وسلمهم مفتاح عدن، ولكن المصادر اليمانية المعاصرة للحدث تذكر إن الأمير مرجان لم يسلم المدينة أو مفاتيحها لهم، وإن كل ما قام به هو مقابلة البرتغاليين عند الساحل، وموافقته على مدّ الإسطول البرتغالي بما يحتاج له من مؤن ومرشدين بحريين لقادة سفنهم إلى جدة بحسب طلبهم منه. وقد قيِل مرجان الظافري القيام بذلك اتقاءً لشرهم. ويمكننا فهم هذا الموقف وتفسيره إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الوضع الذي كانت تمر به اليمن في تلك المرحلة. فقد شهدت المرحلة التي أعقبت حملة البوكيرك (1513) وحملة سواريز (1517) أحداثا كثيرة أضرت بموقف اليمن وأضعفت دفاعاته، ولاسيما في عدن، إذ جاءت الحملة المملوكية الكبيرة بقيادة حسين باشا الكردي وسليمان العثماني لمقاتلة البرتغاليين في الهند، لكنها غاصت في مستنقع صراعات اليمن ـ كما سنرى ـ وانتهى الأمر بقصف حسين باشا الكردي لمدينة عدن وتحصيناتها على نحو مدمر ولاسيما أسوارها المنيعة، وحصن جبل صيرة الذي سبقت الإشارة إليه.
وإزاء هذا الوضع، اضطر الأمير مرجان إلى الترحيب بحملة سواريز ومنحهم ما طلبوه وصار صديقا للبرتغاليين بسبب خوفه من المماليك الذين كانوا لا يزالون في شمالي اليمن لمساعدة الزيديين ضد الطاهريين، ولاسيما إذا علمنا إن سواريز ذكر لمرجان الظافري انه إنما جاء أصلا لمقاتلة المماليك وانتزاع جدة من أيديهم. ومن حسن الحظ فإن هذه الضيافة أثرت في نفس سواريز، فلم يفكر في استغلال ضعف مدينة عدن واستسلامها له عسكريا للسيطرة عليها عسكريا، وإنما اكتفي ـ ليُدخل الطمأنينة في قلب حاكمها مرجان ـ أن قال له يكفي أن نتعامل كحلفاء. وكان هدفه من ذلك، كما يبدو، تأجيل الاستيلاء على المدينة إلى ما بعد تحطيم الإسطول المملوكي في جدة بجهد يماني ـ برتغالي مشترك، ثم الاستيلاء على عدن بعد ذلك.
واتجه سواريز نحو جدة مباشرة، وكان يعلم إن الإسطول المملوكي يتركز فيها، وان الوضع قد تغير بعد انتقال الحكم من المماليك إلى العثمانيين. وعلى الرغم من إن القوات المتمركزة في جدة بقيادة سليمان العثماني أعلنت ولاءها للدولة العثمانية، إلا أنها لم تتلقَ منها أية إمدادات أو تعزيزات جديدة، كما إن أهالي جدة كانوا يعانون من عبء الضرائب الجديدة الفادحة التي كان حسين باشا الكردي قد فرضها عليهم للإنفاق على تحصينات المدينة. يضاف إلى ذلك، إن حملة سواريز كانت أول تحدٍ مباشر لسلطة العثمانيين ووجودهم في مصر والحجاز في عهد السلطان سليم الأول الذي حارب الصفويين والمماليك خلال 1514 و 1517 قتالا ضاريا، ولكنه لم يفعل شيئا إزاء الخطر البرتغالي بعد مغادرته مصر عائدا إلى اسطنبول.
وهنا تتدخل طبيعة البحر الأحمر ومناخه المتقلب في إعاقة الحملات البرتغالية عليه وعلى جدة تحديدا. فقد هبت عاصفة هوجاء على إسطول سواريز فشتته في البحر، وساعدت صخور البحر وشعابه المرجانية في تخريب وإعطاب جزء من سفن الإسطول البرتغالي أيضا. إزاء ذلك، قرر سواريز الانسحاب فورا والعودة إلى كمران. وكان القبطان (الريّس) سليمان العثماني في جدة مع الجيش المملوكي ـ العثماني قد اعد عدته للمواجهة. وعندما شاهد البرتغاليين ينسحبون، طاردهم على ظهر مركبين مملوكيين ولحق بمؤخرة الإسطول البرتغالي عند ميناء (اللحية) شمالي اليمن قُبيل جزيرة كمران، واسر إحدى سفنهم بعد أن ضربها بالمدافع، وكان على ظهرها (17) برتغاليا أخذهم معه إلى جدة ووضعهم في السجن بصفتهم أسرى حرب، ثم أرسلهم إلى القاهرة، ومن هناك أرسلهم إلى السلطان العثماني في اسطنبول.
بعد ذلك توجه سواريز نحو جزيرة كمران وظل بها نحو ثلاثة أشهر لحين اعتدال الرياح. وفي هذه الجزيرة فقد أيضا عددا من بحارته بسبب الأمراض وشحة المياه الصالحة للشرب. وقبل أن ينسحب دمر التحصينات التي أقامها حسين باشا الكردي في الجزيرة، واحرق النخيل، ثم غادر الجزيرة في حزيران 1517 متوجها إلى زيلع التي وصلها في تموز، فقصفها وقتل عددا من أهاليها انتقاما من الفشل الذي أصابه في جدة ثم عاد إلى باب المندب ومنها إلى عدن، ومن عدن قفل عائدا إلى الهند. ونتيجة لفشله في هذه الحملة عزله الملك البرتغالي عمانوئيل من منصب نائب الملك بعد اقل من ثلاث سنوات لتوليه، وكان ذلك في
كانون الأول 1518.
ومع ذلك، لم ييأس البرتغاليون من السيطرة على عدن لاسيما بعد ازدياد النفوذ العثماني في البحر الأحمر وتخوفهم من وصوله إلى اليمن ومقارعة الإسطول البرتغالي في البحار الشرقية، فأعادوا هجماتهم على عدن أكثر من مرة. فقد شهدت المرحلة الممتدة من 1520 حتى 1529 سلسلة من الحملات العسكرية كان الهدف منها تحطيم دفاعات عدن، ولكنها فشلت. وفي سنة 1530 تعرضت عدن لحملة برتغالية كبرى تمكن بها البرتغاليون من إجبار حاكمها ـ الذي تولى الحكم بعد مرجان الظافري سنة 1521 وسقوط الدولة الطاهرية ـ على قبول التوقيع على معاهدة اعترف بموجبها بالسيادة البرتغالية على عدن مقابل اعتراف البرتغاليين بحق العدنيين بالملاحة في المحيط الهندي باستثناء البحر الأحمر وجدة، كما وافق أيضا على مرابطة سفينة برتغالية واحدة في ميناء عدن.
موقف الطاهريين والمماليك من الغزو البرتغالي
عند دراسة موقف الدولة الطاهرية من الغزو البرتغالي للجنوب العربي والبحر الأحمر الذي هدد مصالح هذه الدولة مقارنةً بموقف الدولة المملوكية نجده يتسم بالضعف والتهاون. فقد كان تجهيز نحو (170) ألف مقاتل بين سنتي 1505-1506 لحرب الدويلة الزيدية في شمالي اليمن أكثر اهميةً لدى الطاهريين من مقاومة الغزو البرتغالي لعدن سنة 1513. واقل ما يقال عن هذا الموقف انه لا يوازي موقف الدولة المملوكية الايجابي.
ومع ذلك، فقد اهتم اليمانيون بالغزو البرتغالي، ولكن إمكاناتهم البحرية كانت ضئيلة جدا وتكاد أن تكون معدومة مقارنةً بإمكانيات البرتغاليين بسبب عدم وجود إسطول بحري يقارع البرتغاليين في أعالي البحار. كما أرسل السلطان عامر بن عبد الوهاب لطاهري حملة صغيرة لمقاتلة البرتغاليين في سنة 1513 تكونت من نحو (600) مقاتل، على الرغم من إن دولته كانت تمر بأحوال مضطربة من الناحية المالية بسبب ضعف وارداتها جرّاء الحصار البرتغالي للبحر الأحمر. ولكن المعلومات عن هذه الحملة شحيحة جدا. وفيما عدا ذلك، فقد تحملت عدن وحدها وحكامها، أمثال مرجان الظافري وسواه، مهمة الدفاع عن نفسها ضد غزوات البرتغاليين التي بلغت أكثر من ست حملات بين سنتي 1513 و 1530.
المماليك وخطة حماية البحر الأحمر
إذا كانت الدولة الطاهرية قد تأثرت بالغزو البرتغالي للبحار الشرقية بعد الاستكشافات الجغرافية وتحويل طرق التجارة إلى رأس الرجاء الصالح وتدمير التجارة العربية الإسلامية في المحيط الهندي، فإن الدولة المملوكية كانت هي المقصودة والمعنية بهذا التدمير وليس اليمن فحسب. لذا، قُدِّر للدولة المملوكية أن تقف إلى جانب الدولة الطاهرية في صف واحد بوصفهما أول القوى الإسلامية التي تحتم عليها حماية البحار الشرقية وطرق التجارة الإسلامية من الغزو البرتغالي وإعادة تامين تلك الطرق، لاسيما طريق البحر الأحمر، فضلا عن حماية المقدسات الإسلامية في الحجاز التي كانت مُستهدفة في المخططات البرتغالية، فقد كانت تلك الأهداف الصليبية ممزوجة بالأهداف الاقتصادية على نحو مثير للانتباه.
وبسبب اعتماد الدولة المملوكية منذ منتصف القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر في اقتصادها على التجارة الشرقية بشكل أساس، بعد تدهور الصناعة والزراعة، فقد قامت بتجهيز أولى الحملات الإسلامية لدفاع عن البحار الشرقية وطرق التجارة الإسلامية. وسبق أن تطرقنا إلى الحملة التي شنها الإسطول المملوكي ضد الإسطول البرتغالي في شاول سنة 1508 وانتصاره، ثم هزيمته في السنة اللاحقة (1509) في معركة ديو الشهيرة. ثم جاءت الحملة الثانية بقيادة الريّس سليمان العثماني والقيادة العامة للإسطول للأمير حسين باشا الكردي بصفته نائب جدة، وعرفت هذه الحملة بإسم حملة الهند الثانية سنة 1515، وبلغ عدد جنودها نحو ستة آلاف مقاتل، وعدد السفن نحو عشرين سفينة، كان هدفها النهائي الوصول إلى الهند وتأمين التحصينات العسكرية في البحر الأحمر والطرق المؤدية إلى الهند. واتخذ المماليك سياسة دفاعية في البحر الأحمر قبل التوجه إلى الهند خشية من معاودة البرتغاليين الهجوم عليه وعلى جدة.
يبدو إذن، إن خطة المماليك البحرية الستراتيجية قد تغيرت بعد فشل حملة البوكيرك على البحر الأحمر، ويبدو إنهم كانوا يهدفون إلى تحقيق هدفين: (1) إغلاق البحر الأحمر أمام الغزو البرتغالي مجددا؛ (2) اتخاذ ميناء عدن قاعدةً لنشاط المماليك البحري في المحيط الهندي بسبب قربها من القواعد البرتغالية مقارنةً بالسويس.
ومن هنا عمل المماليك على إقامة القواعد البحرية على السواحل اليمانية في عدن وجدة وعلى الجزر الستراتيجية مثل كمران ودهلك. وليس من الواضح فيما إذا كانت لدى حسين باشا الكردي أية توجيهات من السلطان قانصوه الغوري بإحتلال عدن في حال رفض حاكمها الطاعة، أم انه كان تصرفا اجتهاديا أملته عليه الظروف، لاسيما حينما وجد السلطان عامر بن عبد الوهاب يتراجع عن وعوده التي قطعها للمماليك أثناء حملة البوكيرك سنة 1513 حينما أبدى استعداده للتعاون معهم وفتح أراضيه لإقامة قواعد بحرية للجيوش المملوك
ومع ذلك، لم ييأس البرتغاليون من السيطرة على عدن لاسيما بعد ازدياد النفوذ العثماني في البحر الأحمر وتخوفهم من وصوله إلى اليمن ومقارعة الإسطول البرتغالي في البحار الشرقية، فأعادوا هجماتهم على عدن أكثر من مرة. فقد شهدت المرحلة الممتدة من 1520 حتى 1529 سلسلة من الحملات العسكرية كان الهدف منها تحطيم دفاعات عدن، ولكنها فشلت. وفي سنة 1530 تعرضت عدن لحملة برتغالية كبرى تمكن بها البرتغاليون من إجبار حاكمها ـ الذي تولى الحكم بعد مرجان الظافري سنة 1521 وسقوط الدولة الطاهرية ـ على قبول التوقيع على معاهدة اعترف بموجبها بالسيادة البرتغالية على عدن مقابل اعتراف البرتغاليين بحق العدنيين بالملاحة في المحيط الهندي باستثناء البحر الأحمر وجدة، كما وافق أيضا على مرابطة سفينة برتغالية واحدة في ميناء عدن.
موقف الطاهريين والمماليك من الغزو البرتغالي
عند دراسة موقف الدولة الطاهرية من الغزو البرتغالي للجنوب العربي والبحر الأحمر الذي هدد مصالح هذه الدولة مقارنةً بموقف الدولة المملوكية نجده يتسم بالضعف والتهاون. فقد كان تجهيز نحو (170) ألف مقاتل بين سنتي 1505-1506 لحرب الدويلة الزيدية في شمالي اليمن أكثر اهميةً لدى الطاهريين من مقاومة الغزو البرتغالي لعدن سنة 1513. واقل ما يقال عن هذا الموقف انه لا يوازي موقف الدولة المملوكية الايجابي.
ومع ذلك، فقد اهتم اليمانيون بالغزو البرتغالي، ولكن إمكاناتهم البحرية كانت ضئيلة جدا وتكاد أن تكون معدومة مقارنةً بإمكانيات البرتغاليين بسبب عدم وجود إسطول بحري يقارع البرتغاليين في أعالي البحار. كما أرسل السلطان عامر بن عبد الوهاب لطاهري حملة صغيرة لمقاتلة البرتغاليين في سنة 1513 تكونت من نحو (600) مقاتل، على الرغم من إن دولته كانت تمر بأحوال مضطربة من الناحية المالية بسبب ضعف وارداتها جرّاء الحصار البرتغالي للبحر الأحمر. ولكن المعلومات عن هذه الحملة شحيحة جدا. وفيما عدا ذلك، فقد تحملت عدن وحدها وحكامها، أمثال مرجان الظافري وسواه، مهمة الدفاع عن نفسها ضد غزوات البرتغاليين التي بلغت أكثر من ست حملات بين سنتي 1513 و 1530.
المماليك وخطة حماية البحر الأحمر
إذا كانت الدولة الطاهرية قد تأثرت بالغزو البرتغالي للبحار الشرقية بعد الاستكشافات الجغرافية وتحويل طرق التجارة إلى رأس الرجاء الصالح وتدمير التجارة العربية الإسلامية في المحيط الهندي، فإن الدولة المملوكية كانت هي المقصودة والمعنية بهذا التدمير وليس اليمن فحسب. لذا، قُدِّر للدولة المملوكية أن تقف إلى جانب الدولة الطاهرية في صف واحد بوصفهما أول القوى الإسلامية التي تحتم عليها حماية البحار الشرقية وطرق التجارة الإسلامية من الغزو البرتغالي وإعادة تامين تلك الطرق، لاسيما طريق البحر الأحمر، فضلا عن حماية المقدسات الإسلامية في الحجاز التي كانت مُستهدفة في المخططات البرتغالية، فقد كانت تلك الأهداف الصليبية ممزوجة بالأهداف الاقتصادية على نحو مثير للانتباه.
وبسبب اعتماد الدولة المملوكية منذ منتصف القرن الخامس عشر ومطلع القرن السادس عشر في اقتصادها على التجارة الشرقية بشكل أساس، بعد تدهور الصناعة والزراعة، فقد قامت بتجهيز أولى الحملات الإسلامية لدفاع عن البحار الشرقية وطرق التجارة الإسلامية. وسبق أن تطرقنا إلى الحملة التي شنها الإسطول المملوكي ضد الإسطول البرتغالي في شاول سنة 1508 وانتصاره، ثم هزيمته في السنة اللاحقة (1509) في معركة ديو الشهيرة. ثم جاءت الحملة الثانية بقيادة الريّس سليمان العثماني والقيادة العامة للإسطول للأمير حسين باشا الكردي بصفته نائب جدة، وعرفت هذه الحملة بإسم حملة الهند الثانية سنة 1515، وبلغ عدد جنودها نحو ستة آلاف مقاتل، وعدد السفن نحو عشرين سفينة، كان هدفها النهائي الوصول إلى الهند وتأمين التحصينات العسكرية في البحر الأحمر والطرق المؤدية إلى الهند. واتخذ المماليك سياسة دفاعية في البحر الأحمر قبل التوجه إلى الهند خشية من معاودة البرتغاليين الهجوم عليه وعلى جدة.
يبدو إذن، إن خطة المماليك البحرية الستراتيجية قد تغيرت بعد فشل حملة البوكيرك على البحر الأحمر، ويبدو إنهم كانوا يهدفون إلى تحقيق هدفين: (1) إغلاق البحر الأحمر أمام الغزو البرتغالي مجددا؛ (2) اتخاذ ميناء عدن قاعدةً لنشاط المماليك البحري في المحيط الهندي بسبب قربها من القواعد البرتغالية مقارنةً بالسويس.
ومن هنا عمل المماليك على إقامة القواعد البحرية على السواحل اليمانية في عدن وجدة وعلى الجزر الستراتيجية مثل كمران ودهلك. وليس من الواضح فيما إذا كانت لدى حسين باشا الكردي أية توجيهات من السلطان قانصوه الغوري بإحتلال عدن في حال رفض حاكمها الطاعة، أم انه كان تصرفا اجتهاديا أملته عليه الظروف، لاسيما حينما وجد السلطان عامر بن عبد الوهاب يتراجع عن وعوده التي قطعها للمماليك أثناء حملة البوكيرك سنة 1513 حينما أبدى استعداده للتعاون معهم وفتح أراضيه لإقامة قواعد بحرية للجيوش المملوك
ية للدفاع عن أراضيه، ثم تغير موقفه حينما فشل الهجوم البرتغالي على عدن من دون مساعدة خارجية لتأخر وصول الإسطول المملوكي إلى اليمن، فتراجع السلطان عامر عن الوفاء بوعوده للمماليك، ربما بسبب نصائح بعض مساعديه الذين نصحوه بعدم الاكتراث للمماليك خشية أن يطمعوا بالاستيلاء على اليمن. وهنا قابل حسين باشا الكردي تراجع سلطان عدن بالقوة المسلحة لدواعٍ أمنية وستراتيجية، وربما لأطماع شخصية أو لرغبته في حكم اليمن والحجاز أيضا بوصفه نائب جدة الرسمي. فقام بمهاجمة السواحل اليمانية التابعة للسلطان عامر بن عبد الوهاب، وهنا توالت الأحداث سريعا بشكل مأساوي. فقد أوفد الإمام شرف الدين الزيدي ـ كما سبقت الإشارة ـ مبعوثه إلى جزيرة كمران التي يتواجد بها حسين باشا الكردي بجيشه وإسطوله، وسلمه رسالة وصف فيها عامر بن عبد الوهاب بأنه عدو الله الجائر. وقد شجع هذا الموقف حسين باشا الكردي على غزو الدولة الطاهرية، فانحرفت الحملة المملوكية عن أهدافها الأصلية وبدأت منذ تلك اللحظة تغوص في أوحال مشكلات اليمن القبلية والعشائرية، فضلا عن خيراتها التي كانت تغري المماليك بغزوها والاستئثار بثروتها.
وعندما علم أعداء الطاهريين بنيّة الإسطول المملوكي على مهاجمة اليمن تكتلوا ضد الطاهريين. ومن بين هؤلاء أمير ميناء اللحية الذي سارع للاتصال بالمماليك وساعدهم بما يمكن أن تقدمه جزيرة كمران. ليس هذا فحسب، وإنما عمل دليلا لهم في مناطق الداخل اليمني للقضاء على معارضيهم هناك. ولما رأى أهالي قرية (ضحى) الزيدية تقدم مندوبهم إلى حسين باشا الكردي وبايعوه وطلبوا منه أن يرسل معهم (200) مملوك، وتعهدوا بتزويده بالمؤونة فيما لو تمكن من استعادة قريتهم له، فتقدم المماليك مع الزيديين إلى تلك القرية واستولوا عليها.
ويُذكر إن سبب تفوق المماليك عند نزولهم اليمن أول مرة يعود إلى إن أهل اليمن لم يكونوا يعرفون البنادق ولا المدافع. فحينما بدا المماليك بقذف اليمانيين بمدفع كبير، خافوا منه وانهزموا، واخذوا قذيفة المدفع بعد سقوطها وبدأوا يتفرجون عليها ويفرّجون الناس عليها، وهم متعجبون من شكلها.
وهكذا تمكن المماليك من النزول إلى ارض اليمن، فدارت بينهم وبين قوات السلطان عامر بن عبد الوهاب معارك متعددة، كان ينهزم فيها ويتراجع، حتى نزل الأمير حسين باشا الكردي بنفسه من كمران بألف فارس انضم إليهم الزيديون، فدخل مدينة زبيد في سنة 1510 واستولى عليها. فهرب السلطان عامر وأخوه عبد الملك وولده عبد الوهاب بعد أن كانوا يدافعون عن البلدة بكل قوة. أما حسين باشا الكردي وجنوده فقاموا بنهب مدينة زبيد مدة ثلاثة أيام وخربوا البيوت وسبوا النساء والصبيان. ثم توجه السلطان عامر بن عبد الوهاب إلى مدينة تعز، في حين بقي حسين الكردي بمدينة زبيد مدة (27) يوما آخر، صادر خلالها أموال المدينة وسبى أهلها. وبلغت غنائمه من مدينة زبيد وحدها نحو عشرة آلاف (اشرفي) ذهبي. ثم خرج من المدينة والتقى بالريّس سليمان العثماني على ظهر الإسطول وتوجها معا إلى عدن لإحتلالها، وعيّن على المدينة (بارسيباي المملوكي).
وهكذا تغير الهدف المملوكي من التصدي للبرتغاليين إلى محاربة الطاهريين، فقد تعرضت عدن لقصف الإسطول المملوكي الذي كان قد اُعد أساسا لمحاربة البرتغاليين في الهند، وهدم الإسطول المملوكي أجزاءً كبيرة من أسوار المدينة. ومع ذلك، لم يستطع المماليك السيطرة عليها، وسقط عدد كبير من الجانبين المملوكي واليماني. ووصلت نجدة من السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري بجيش يقوده أخوه عبد الملك بن عبد الوهاب ودخل عدن. وهنا تسرب اليأس إلى سليمان العثماني وحسين الكردي من الاستيلاء على عدن وذلك بفضل مناعة المدينة وقوة تحصيناتها، فتركا عدن بعد أن سلبا المراكب التجارية في الميناء وأخذوها معهما.
عند هذه المرحلة استولى السلطان سليم الأول على مصر (سنة 1517)، وبذلك سقطت دولة المماليك، فأصبحت اليمن تابعة للعثمانيين، لاسيما إن شريف مكة، الشريف بركات، بادر إلى إرسال ولده إلى السلطان سليم في مصر ليعلن خضوعه وولاءه للدولة العثمانية، فولاّه سليم الأول على ولاية الحجاز بكاملها، بما فيها جدة. فما كان من الشريف بركات إلا أن احتال على الأمير حسن باشا الكردي وطلب منه أن يأتي للتباحث معه في أمر جدة، فذهب حسين الكردي إلى الحجاز وقابل الشريف بركات في المدينة المنورة. وهناك دبر له الشريف مؤامرة للتخلص منه، فأرسله إلى مصر، ولما كان في عرض البحر قامت مجموعة من العبيد بإغراقه، وذلك انتقاما منه بسبب أعماله القاسية ضد أهل الحجاز وجدة أثناء ولايته عليها، حينما كان يأخذ أموالهم ليبني أسوار المدينة وحصونها. والحقيقة انه لولا تلك التحصينات ـ التي يعود إليه الفضل في بنائها ـ لما صمدت جدة أمام الحملة البرتغالية الكبيرة بقيادة سواريز سنة 1517، وذلك باعتراف البرتغاليين أنفسهم.
وهكذا انتهت حياة الأمير حسين باشا الكردي، ولم يبق من قادة الحملة المملوكية الثاني سوى الريّس سليمان العثماني الذي أعلن
وعندما علم أعداء الطاهريين بنيّة الإسطول المملوكي على مهاجمة اليمن تكتلوا ضد الطاهريين. ومن بين هؤلاء أمير ميناء اللحية الذي سارع للاتصال بالمماليك وساعدهم بما يمكن أن تقدمه جزيرة كمران. ليس هذا فحسب، وإنما عمل دليلا لهم في مناطق الداخل اليمني للقضاء على معارضيهم هناك. ولما رأى أهالي قرية (ضحى) الزيدية تقدم مندوبهم إلى حسين باشا الكردي وبايعوه وطلبوا منه أن يرسل معهم (200) مملوك، وتعهدوا بتزويده بالمؤونة فيما لو تمكن من استعادة قريتهم له، فتقدم المماليك مع الزيديين إلى تلك القرية واستولوا عليها.
ويُذكر إن سبب تفوق المماليك عند نزولهم اليمن أول مرة يعود إلى إن أهل اليمن لم يكونوا يعرفون البنادق ولا المدافع. فحينما بدا المماليك بقذف اليمانيين بمدفع كبير، خافوا منه وانهزموا، واخذوا قذيفة المدفع بعد سقوطها وبدأوا يتفرجون عليها ويفرّجون الناس عليها، وهم متعجبون من شكلها.
وهكذا تمكن المماليك من النزول إلى ارض اليمن، فدارت بينهم وبين قوات السلطان عامر بن عبد الوهاب معارك متعددة، كان ينهزم فيها ويتراجع، حتى نزل الأمير حسين باشا الكردي بنفسه من كمران بألف فارس انضم إليهم الزيديون، فدخل مدينة زبيد في سنة 1510 واستولى عليها. فهرب السلطان عامر وأخوه عبد الملك وولده عبد الوهاب بعد أن كانوا يدافعون عن البلدة بكل قوة. أما حسين باشا الكردي وجنوده فقاموا بنهب مدينة زبيد مدة ثلاثة أيام وخربوا البيوت وسبوا النساء والصبيان. ثم توجه السلطان عامر بن عبد الوهاب إلى مدينة تعز، في حين بقي حسين الكردي بمدينة زبيد مدة (27) يوما آخر، صادر خلالها أموال المدينة وسبى أهلها. وبلغت غنائمه من مدينة زبيد وحدها نحو عشرة آلاف (اشرفي) ذهبي. ثم خرج من المدينة والتقى بالريّس سليمان العثماني على ظهر الإسطول وتوجها معا إلى عدن لإحتلالها، وعيّن على المدينة (بارسيباي المملوكي).
وهكذا تغير الهدف المملوكي من التصدي للبرتغاليين إلى محاربة الطاهريين، فقد تعرضت عدن لقصف الإسطول المملوكي الذي كان قد اُعد أساسا لمحاربة البرتغاليين في الهند، وهدم الإسطول المملوكي أجزاءً كبيرة من أسوار المدينة. ومع ذلك، لم يستطع المماليك السيطرة عليها، وسقط عدد كبير من الجانبين المملوكي واليماني. ووصلت نجدة من السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري بجيش يقوده أخوه عبد الملك بن عبد الوهاب ودخل عدن. وهنا تسرب اليأس إلى سليمان العثماني وحسين الكردي من الاستيلاء على عدن وذلك بفضل مناعة المدينة وقوة تحصيناتها، فتركا عدن بعد أن سلبا المراكب التجارية في الميناء وأخذوها معهما.
عند هذه المرحلة استولى السلطان سليم الأول على مصر (سنة 1517)، وبذلك سقطت دولة المماليك، فأصبحت اليمن تابعة للعثمانيين، لاسيما إن شريف مكة، الشريف بركات، بادر إلى إرسال ولده إلى السلطان سليم في مصر ليعلن خضوعه وولاءه للدولة العثمانية، فولاّه سليم الأول على ولاية الحجاز بكاملها، بما فيها جدة. فما كان من الشريف بركات إلا أن احتال على الأمير حسن باشا الكردي وطلب منه أن يأتي للتباحث معه في أمر جدة، فذهب حسين الكردي إلى الحجاز وقابل الشريف بركات في المدينة المنورة. وهناك دبر له الشريف مؤامرة للتخلص منه، فأرسله إلى مصر، ولما كان في عرض البحر قامت مجموعة من العبيد بإغراقه، وذلك انتقاما منه بسبب أعماله القاسية ضد أهل الحجاز وجدة أثناء ولايته عليها، حينما كان يأخذ أموالهم ليبني أسوار المدينة وحصونها. والحقيقة انه لولا تلك التحصينات ـ التي يعود إليه الفضل في بنائها ـ لما صمدت جدة أمام الحملة البرتغالية الكبيرة بقيادة سواريز سنة 1517، وذلك باعتراف البرتغاليين أنفسهم.
وهكذا انتهت حياة الأمير حسين باشا الكردي، ولم يبق من قادة الحملة المملوكية الثاني سوى الريّس سليمان العثماني الذي أعلن