اليمن_تاريخ_وثقافة
10.4K subscribers
141K photos
348 videos
2.16K files
24.5K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
مفاوضات مباشرة معها وحدها لبحث وسائل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة".

ومع صعود الجبهة القومية اضطرت بريطانيا إلى إيقاف المحاكمات ضد المعتقلين السياسيين بالإضافة إلى موافقة بريطانيا على رفع الحظر عن الجبهة القومية التي سبق أن تعاملت معها على أنها منظمة إرهابية محظور الانتماء إليها أو التعامل معها دون أن يشمل جبهة التحرير التي لم تكن محظورة، وقد أعلنت بريطانيا أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام الجبهة القومية وجبهة التحرير للإسهام في الحكومة ذات التمثيل العريض وقبول المساعدات المالية المعروضة، ولهم أن يرفضوا المقترحات الخاصة بالدفاع، إذا لم يوافقوا عليها.

كانت بريطانيا وهي تضع مثل هذه المتقرحات تراهن على الانقسام بين الجبهتين مع الاعتماد على جيش الاتحاد الذي ربما - من وجهة النظر البريطانية - سوف يمرر ترتيباتها السياسية في وضع النظام البديل الذي يحل محلها عند انسحابها من المنطقة كلها، وكان همها تغطية الفراغ العسكري الذي ستتركه القوات البريطانية، وأن يكون البديل قوة عسكرية ضاربة تحل محل القوات البريطانية، وكبيرة في العدد والعدة حتى تتمكن من التصدي بقوة للتحركات الشعبية والجبهات الوطنية التي تقود النضال المسلح في المنطقة.

عدن ساحة المعركة

كانت بوادر العلاقة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير بدأت تشير بوضوح إلى التدهور المؤدي إلى المواجهات العسكرية، وبدأت منشورات جبهة التحرير بعض أعضائها تحذر من تصرفات استفزازية باشرتها الجبهة القومية باختطاف وكثفت الجبهة القومية من إنزال بياناتها التي تنفي فيها هذا الادعاء، وترى فيها الادعاء من قبل جبهة التحرير تصرف يوحي باللجوء إلى مغامرات طائشة كمحاولة أخيرة منها لإثبات وجودها في بعض أحياء مدينة عدن، والتمسك بخيط لدى بعض الأطراف العربية، ولجنة الأمم المتحدة، للمحافظة على شعارها الذي يؤكد أنها الممثلة الشرعية الوحيدة لشعب المنطقة.

تزامن مع هذه التطورات المنذرة بمواجهة عسكرية بين التحرير والقومية دخول القائد السياسي لجبهة التحرير عبد الله الأصنح إلى مدينة عدن كي يخوض المواجهة السكرية مع الجبهة القومية في أحياء المنصورة والشيخ عثمان ودار سعد في حين كانت المفاوضات جارية بين الجبهتين في القاهرة ولم يشأ عبد الله الأصنج أن يحضر للمشاركة هذه المفاوضات، بل فضل الدخول إلى ميدان المواجهة لكي يخلق التوازن الذي يحافظ على الادعاء بتفوق جبهة التحرير وانفرادها وعلى ما تبقى من شروط يراد فرضها في المفاوضات القائمة بين الطرفين، وقد تزامن مع هذا مع دخول مجاميع من جيش التحرير التابع لجبهة التحرير من أراضي الشمال بقيادة علي السلامي إلى منطقة كرش في الأسبوع الأول من شهر ١٩٦٧م والتي تقع في الأراضي الجنوبية.

خطورة تداعيات الصراعات بين الجبهتين وفق قيمته الجبهة القومية هو أن الحكومة البريطانية بعد أن فشلت في إقامة حكم ائتلافي بقاعدة واسعة يجمع كل الأطراف بما فيها الأطراف الموالية للاستعمار، سوف تلجأ إلى استغلال تمزق الحركة الوطنية وحالة اليأس لدى البعض منها.

ربما تدفع بتصعيد حالة الاقتتال لزرع المخاوف وتوسيع حالة التذمر في أوساط الشعب، وتأجيج هذه الحالات إلى درجة حادة وغير متوقعة حتى توصل إلى البرهنة محلياً ودولياً على أن الأمر لم يعد بيد أي طرف من الأطراف، كخطوة تمهد لفرض خيار التواجد الفعال لقوات طوارئ دولية في أراضي الجنوب اليمني المحتل تقوم بدور المحافظة على الأمن الداخلي وتهيئة الأجواء لترتيبات سياسية في إطار الحماية الدولية تبعد الثورة عن أهدافها، وتعرقل أي تحرك لأدواتها عن السير نحو الحرية والاستقلال الناجز للشعب.

وفي هذه الأجواء من التوتر الذي ساد المنطقة جراء محاولات الاستفزاز المتبادل بين الجبهتين، حدثت تطورات في منطقة "المسيمير" أدت إلى أن تتمكن طلائع الجبهة، وكانت عناصر من القيادة العامة تشرف وتنظم العملية وكان من بين الحضور فيصل عبد اللطيف ومحمد البيشي وأثناء عودتهما مع المرافقين من طلائع الجبهة القومية نصب لهم كمينا عسكريا من قبل مجموعة مسلحة تابعة للسلطان تدعي انتمائها إلى جبهة التحرير، وكاد الأمر أن يصل إلى صدام دموي يسحب نفسه على أرض الجنوب كلها، لولا أن رجال الجبهة القومية - كما يشير بيان الجبهة القومية - تصرفوا بحكمة وتعقل درء المخاطر الحرب الأهلية، وافشالا لعملية الغدر والخيانة التي تكررت مع عناصر قيادية في مدينة عدن وآخرها في المسيمير.

وعند وصول الجميع إلى مقر الجهاز العربي في تعز احتجز ضباط الجهاز قادة الجبهة القومية وباشروا ممارسة التهديد والضغوط على فيصل عبد اللطيف، ولم يطلقوا سراحه مع زميله القيادي محمد البيشي وبقية رفاقهما، وأرسلوهما إلى القاهرة.

عودة المواجهات بين الجبهتين
بالرغم من هزيمة ٦٧م وما عكسته من آثار سلبية ومؤثرة على مجرى الأحداث إلا إن من إيجابية الهزيمة أنها كشفت هوية المتآمرين داخل الأجهزة الاستخباراتية في مصر وذلك باعتقال زعيمها " صلاح نصر" رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية بين أعوام 1957 – 1967 وتفكيك قيادة الجيش التي تسببت في صنع الهزيمة أمام الجيش الإسرائيلي.

افضت هذه التطورات لانتزاع عن جبهة التحرير الجدار الذي تتكئ عليه يفعل الدعم الكبير والقوي الذي كانت تعتمد عليه من الجهاز العربي في تعز والقاهرة.. ثم كان تحرك بعض قيادات جبهة التحرير نحو الداخل لتثبيت حضورها ليس من خلال تمييع الصراع بينها وبين الجبهة القومية، ولكن باللجوء إلى تصعيد التوتر وتفجير المواجهات العسكرية بين وساط الفئات الاجتماعية ثم لجوء جبهة التحرير إلى استخدام نفونها بتهديد الصحف المحلية التي تنشر أخبار الجبهة القومية بل والتمادي إلى حد إحراق الصحيفتين الرئيسيتين اللتين تعتمد عليهما الجبهة القومية وهما صحيفتا الأمل والمصير.

بعد أن استولت الجبهة القومية على المناطق في الجنوب، وحين شعرت جبهة التحرير أنها تفقد مواقعها وسمعتها في الداخل وهي التي تدعي أنها الممثلة الوحيدة للشعب وادعت الجبهة القومية أن عناصر جبهة التحرير أقدمت على مهاجمة قوات الجبهة القومية في بعض أحياء عدن واستهدفت بالاغتيال بعض شبابها القياديين في هذه الأحياء، ثم اتجهت نحو الاقتتال في ضواحي عدن خوفا من أن تتفرد الجبهة القومية باستلام السلطة دون إشراك جبهة التحرير معها بلا هذه الترتيبات، وهو الأمر الذي جعل المندوب السامي البريطاني يصرح بأن الاقتتال بين الجبهتين هو صراع حول السلطة وليس ضد القوات البريطانية.

وعلى إثر الجولة من المواجهات بين جبهة التحرير والجبهة القومية حرصت الجبهة القومية على إحكام السيطرة على الأوضاع داخليا وعززت من يقظتها في عدم السماح لتحرك مضاد يستغل الظروف الانتقالية لتهديد أمن المواطنين وسلامة أرواحهم، وفي سبيل ذلك ومن كونها السلطة الشعبية القائمة أصدرت الجبهة القومية قراراتها بحظر حمل السلاح إلا على أفراد الحرس الشعبي بصفتهم المدافعين عن مصالح المواطنين ومكاسب الثورة، وخولت لكافة القيادات العسكرية سلطة اعتقال أي شخص يوجد بحوزته أي نوع من أنواع الأسلحة، وقد شكلت الجبهة القومية لجاناً شعبية مختلفة لضمان عودة الأمور إلى طبيعتها.

الجبهة القومية تحسم الموقف

قيادة جبهة التحرير كانت تسير في اتجاهين متناقضين تماما رفعت شعار الوحدة الوطنية ووافقت على مواصلة الحوار في هذا الاتجاه في الوقت الذي كانت فيه تقوم بتكديس الأسلحة وخزنها في بيوت بعض المواطنين المواليين لها وتحويل هذه المنازل إلى ثكنات وترسانات مدججة بالسلاح ثم بدأت تستفز المواطنين وترهبهم بقوة السلاح لإخضاعهم لأوامرها ووصايتها...بل وباشرت اعتقال البعض من المواطنين، ولما لم تجد الاستجابة في المواجهة العسكرية معها لجأت هذه العناصر إلى استفزاز واعتقال أعضاء الجبهة القومية، ثم انتهت إلى مهاجمة الأماكن التي يتواجد أو يتجمع فيها أعضاء الجبهة القومية، ولم يكن حادث إلقاء القنبلة على أعضاء الجبهة القومية إلا بداية للمخطط الذي يهدف إلى الاصطدام المباشر مع الجبهة القومية والدخول معها في معركة اقتتال لانهاية لها، ولذلك تنبهت الجبهة القومية لخطورة المخطط التخريبي فبادرت إلى حسم الموقف قبل أن يباشر المخربون بتوسيع نطاق الاقتتال والتخريب المدمر، واستطاعت إحباط المؤامرة، وحين وجدت بريطانيا أن كل الجنوب اليمني بات تحت سيطرة الجبهة القومية، اضطرت إلى التفاوض معها على الاستقلال.

المراجع:

راشد محمد ثابت، "ثورة 14 أكتوبر اليمنية من الانطلاقة حتى الاستقلال"،(التوجيه المعنوي، صنعاء 2007)
مجموعة مؤلفين سوفيت "تاريخ اليمن المعاصر"، (1991م مكتبة مدبلولي القاهرة)
أحمد عطية المصري، "النجم الأحمر فوق اليمن"، (مؤسسة الأبحاث العربية، ط2، 1986م)
عادل رضا، "ثورة الجنوب تجربة نضال وقضايا المستقبل"، ( دار المعارف القاهرة، 1969م)
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ثورة_14_إكتوبر_المجيدة

عندما رفرف العلم #الأحمر
في سماء الي
من

· قبل مرور عدة أسابيع على الهزيمة العربية في يونيو 1967، كان اليمن الجنوبي قد حقق استقلاله بفضل الحركة الثورية الرافضة للوجود البريطاني على أراضيه. وسرعان ما نشأت في “اليمن السعيد” تجربة اشتراكية كانت الأكثر جذرية في التاريخ الحديث للشرق الأوسط. تعود بنا هذه المقالة إلى موجة الحماسة الثورية التي اجتاحت المنطقة في تلك الفترة.

قبل خمسين عاماً، وبالتحديد في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1967، ولدت الدولة الاشتراكية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهي “جمهورية جنوب اليمن الشعبية”، والتي أطلق عليها اسم جديد في عام 1970 حين أصبحت “جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية”. ولدت الجمهورية الاشتراكية بعد أربع سنوات من الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني. كانت بريطانيا تحكم، بصفة “غير مباشرة”، محميات ريفية في شرق وجنوب عدن، حيث كان تدخّلها قاصراً على “المشورة السياسية” وتزويد زعماء القبائل بالسيولة والأسلحة. غير أنها كانت احتفظت بحكم عدن، التي تُعدُّ دولة ــ مدينة، بصفة مباشرة. كان اقتصاد هذه الأخيرة يعتمد على مينائها الدولي المهم والمطل على مداخل البحر الأحمر وقناة السويس، بدرجة أولى، وعلى موقعها كأكبر قاعدة بحريّة بريطانية شرق السويس، بدرجة ثانية.
لم تقتصر حرب التحرير على المواجهة بين البريطانيين والقوميين الساعين إلى الاستقلال، إنّما شكّلت أيضاً مجالاً لصراع عسكري بين حركتي التحرير المتنافستين وهما الجبهة القومية للتحرير وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل. كانت للأولى قاعدة ريفية بالأساس، وكانت مكوّنة من الفرع اليمني لحركة القوميين العرب في تحالف مع قبائل محلية. وشملت قيادتها أعضاء من جميع هذه المنظمات والذين برزت أسماء بعض منهم في السنوات اللاحقة: سالم ربيع علي المعروف باسم “سالمين” (1935-1978)، عبد الفتاح إسماعيل (1939-1986)، علي ناصر محمد (1939-) وعلي سالم البيض (1939-)، وقد تولّى كلّ من هؤلاء قيادة المنظمة، ثم الحزب الاشتراكي اليمني الذي ورثها. ثمّ ترأّس كل منهم الدولة نفسها لفترات مختلفة، وتورطوا جميعاً في الصراعات الدامية التي مزّقتها.
في المقابل، فإنّ جذور جبهة تحرير جنوب اليمن المحتلّ تعود إلى الحزب الاشتراكي الشعبي. وقد تمركز نشاطها بالأساس في عدن معتمدًا على قوّة الاتحادات العمّالية هناك، ومتبنياً إيديولوجيا أقرب إلى اشتراكية حزب العمال البريطاني والاشتراكية على الطريقة الناصرية. من أبرز زعماء الجبهة الراحل عبد الله الأصنج (1934-2014) وعبد الرحمن الجفري (1943-) الذي لا يزال نشطاً في المطالبات بانفصال جنوب اليمن إلى اليوم.

أفول الناصرية
وبفضل تمتعها بدعم شعبي أقوى وقوات عسكرية في المناطق الريفية، نجحت الجبهة القومية للتحرير في الانتصار على جبهة تحرير جنوب اليمن المحتلّ في عدن، وسيطرت خلال عام 1967 على جميع المناطق النائية التي غابت عنها هذه الأخيرة إلى حدّ بعيد. وقد اعترفت بها بريطانيا متأخراً على أنّها حركة التحرير الرئيسية وسلّمتها رموز السلطة بعد مفاوضات الساعة الأخيرة السريعة في جنيف.
لقد كان هذا الانتصار نقطة تحوّل لدى الحركات القوميّة العربيّة وفي إيديولوجيتها: ففي وقت سابق من تلك السنة مثّلت هزيمة مصر وعدد من الدول العربية في حرب الأيام الستّ ضدّ إسرائيل نهاية شعبية الناصرية كإيديولوجيا اشتراكية قومية مناهضة للاستعمار، وهو وضع تأكّد في اليمن بعد انتصار الجبهة القومية للتحرير على خصمها الناصري، جبهة تحرير جنوب اليمن المحتلّ. وفي السنوات التالية، كانت الجبهة القومية للتحرير في طليعة تحوّل نحو اليسار شهدته أجزاء هامة من حركة القوميين العرب في المنطقة، مثلما حدث بظهور الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، وتحوّل جبهة تحرير ظفار إلى الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي المحتلّ، وكذا ظهور عدّة منظمات أصغر في مختلف الدول العربية. وقد اتفقت جميع هذه الحركات على أنّ هزيمة يونيو/حزيران 1967 كانت بسبب اشتراكية “البورجوازية الصغيرة” التي روّج لها عبد الناصر، وعلى أنّ حركات وتحليلات أكثر راديكالية في نزوعها الماركسي هي وحدها القادرة على هزم الصهيونية وإسقاط الأنظمة الملكية الاستبدادية في المنطقة، وعلى تحسين ظروف معيشة الفقراء.

دولة ثورية
يجدر التذكير هنا بأنّ ذلك الزمن كان مفعماً بالحماس الثوري في الغرب أيضًا، وسط دعم قوي للجبهة القومية لتحرير فييتنام، ونضالات أخرى مناهضة للاستعمار في أفريقيا وآسيا، وأيضاً، وبطبيعة الحال، أحداث أيار/مايو 1968 في فرنسا نفسها. خلال العقد التالي، تركّزت النقاشات يساراً حول الاختلافات الإيديولوجية داخل العقيدة الماركسية، كما انطبع عليها أثر الصراع الصيني ــ السوفياتي النشط في ذلك الحين، بتوجهات تمتدّ من الماوية والتروتسكية إلى اشتراكية سوفياتية أكثر تقليدية.
وقد تنامت هذه الاختلافات المريرة رغم وقوع كل هذه الحركات تحت الهجوم المباشر من قبل الأنظمة التي كانت تسعى إلى الإطاحة بها، وهي أنظمة كانت مدعومة، بدرجات مختلفة، من الغرب. كانت الحرب الباردة حينها تدمغ النضال الإيديولوجي والسياسي والاقتصادي بأبعاد دولية.
كانت جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية الدولة العربية الوحيدة التي تمكّنت فيها إحدى هذه الحركات من الوصول إلى السلطة، حيث تقمّصت دورها الثوري إلى أبعد مدى، فمدّت يد الدعم للمنظمات الفلسطينية الأكثر راديكالية وللجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي المحتلّ بالإضافة إلى حركات ثورية إقليمية أخرى في الجزيرة العربية وخارجها. وقد كفل هذا التوجّه لها أعداء مباشرين من الحكّام السابقين المنفيين في السعودية وعُمان وحتّى في الجمهورية العربية اليمنية، والذين قاموا، بدعم من مضيفيهم، بعمليّات توغّل عسكرية أجبرت النظام على التركيز على المصاريف العسكرية والدفاعية على حساب التنمية. كما كان لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية مكانتها في الحرب الباردة التي سمحت بحصولها على الدعم العسكري والاقتصادي من دول العالم الإشتراكي، من الاتحاد السوفياتي إلى كوبا، ولاحقاً من نظام منغستو في إيثيوبيا. كان الغرب يرى في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية حينها قاعدة أماميّة للمعسكر الاشتراكي في العالم العربي.
وتُفسّر المواقف الثورية للجبهة القومية للتحرير نبذها ورفضها من قبل المَلَكيّات المطلقة في المنطقة والتي شعرت بالتهديد من ذلك الحماس الثوري. إذ كان هؤلاء ينظرون إلى الجبهة على أنّها محفّز للحركات الثوريّة في دولهم، في وقت كانت فيه الإيديولوجيات الراديكالية، على الصعيد الدولي، في صعود. وبالإضافة للتدمير العسكري والعزل الديبلوماسي والسياسي والاقتصادي لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، قامت هذه الدول، وخاصة السعودية، بالردّ من خلال إطلاق السلفية العلمية في أرجاء العالم الإسلامي، وهو أمر ساهم فيه بصفة كبيرة الارتفاع الكبير لموارد النفط بعد عام 1973. وقد بقي هذا الاتجاه إلى حدّ كبير موضع تجاهل اليسار الذي كان غارقاً بعمق في صراعاته الداخلية الإيديولوجية وغير الإيديولوجية، فاستغرق، لهذا السبب، عشرات السنين حتى استوعب أن الإسلام الراديكالي كان آخذاً في الظهور كإيديولوجيا شعبية كبرى منافسة له، لاسيما بين الشباب.

حقوق متساوية للنساء
أمّا اقتصادياً، فإنّ النظام الجديد واجه ظروفاً صعبة جدّاً وكان بقاؤه محلّ شكّ منذ البداية: انهار اقتصاد عدن مع إغلاق قناة السويس بعد هزيمة الدول العربية في حزيران 1967 ورحيل البريطانيين وقاعدتهم، الأمر الذي تلاه رحيل القطاع الخاص بأصوله المالية عن عدن. وبينما تمتعت المناطق النائية بفرص محدودة مثل الصيد في بحر العرب العامر بالأسماك وشيء من الزراعة، لم يتم العثور على أي أثر للنفط في هذا البلد. رغم هذا ورغم المحيط العدائي، قام نظام جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية بإدخال سياسات اجتماعية واقتصادية مهمّة، فقد وفّر التعليم للجميع والخدمات الصحية المجانية ومنح المرأة المساواة الرسمية وعارض القبائلية التي كانت تعتبر آلية للتعبئة السياسية المنافسة. وبدعم مالي من المعسكر الشرقي، ومن بعض المؤسسات المالية الدولية، والعربية، من الكويت أساسا، نُفّذت هذه السياسات الاجتماعية والاقتصادية تدريجياً خلال السبيعينيات والثمانينيات. وكنتيجة لذلك، كان اليمنيون العاديون، غير المنخرطين في النشاط السياسي، قد حقّقوا مستويات معيشية معقولة وتقلّصت الفجوة بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية من حيث ظروف العيش، بصورة واضحة. فقد عمل النظام، الذي كان يضم عدداً من ذوي الأصول الريفية، على ضمان عدم إهمال الريف رغم ضعف الكثافة السكانية فيه ومساحته الشاسعة. وقد كانت الدخول، على تواضعها، كافية لضمان أساسيات الحياة سواء من خلال الزراعة أو الصيد البحري أو الخدمات.
للمفارقة، لم يكن الانخراط في السياسة أمرا مأمون العواقب على المدى الطويل. فلم تنل المعاملة السيئة فقط تلك القلّة القليلة الباقية من قيادات زمن الاحتلال البريطاني أو من جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل، بل إنّ الجبهة القومية للتحرير ذاتها كانت تعاني تمزّقا داخليا. فكان الصراع الصيني ــ السوفياتي جزءاً من خلفية الصراعات الداخلية في الجبهة القومية للتحرير إذ حوّلت نفسها من جبهة قوميّة إلى حزب اشتراكي أكثر تقليدية. وهُزم التيار الأكثر ثورية بقيادة السالمين على يد التيار البيروقراطي ذي التوجه السوفياتي بقيادة عبد الفتاح اسماعيل. وباستيعابها للمنظمات الشيوعية والبعثية المحلية، تحوّلت الجبهة الوطنية للتحرير إلى الحزب الاشتراكي اليمني في عام 1978 بعد معاناتها من عدد من محاولات الانقلاب والتطهير وصراعات داخلية أخرى طوال العقد السابق.
كان أكثر تلك الصراعات شراسة الإطاحة بالسالمين، وهو العضو البارز في اليسار “الماوي” الأكثر راديكالية ضمن ثالوث رئاسة البلاد منذ حزيران/يونيو 1969.

مواجهات دامية داخل الحزب
تواصل الصراع داخل الحزب الاشتراكي اليمني خلال سنوات حياته الثلاث والعشرين: وحتى اليوم، ليس من الواضح إلى أي مدى كانت هذه الخلافات شخصية أو إقليمية أو إيديولوجية. الواضح، في المقابل، هو أنّ مواقف النظام قد أصبحت، بشكل ملحوظ، أكثر ليونة خلال هذين العقدين. لم تتكرر أحداث راديكالية منذ “مظاهرات الأيام السبع” عام 1972 التي طالب المتظاهرون خلالها بخفض الأجور لدعم الدولة أمام صعوباتها المالية، في لحظة قُرئت على أنّها أوج تأثير السالمين. كما أنّ دعم المجموعات الثورية الدولية المتطرفة في الشرق الأوسط وغيره قد تضاءل حتى توقّف تماما أواخر السبعينيات. وفي الثمانينيات تمّ إنشاء علاقات ديبلوماسية مع السعودية وعُمان فانتهت الحروب الإعلامية وتلقّى النظام بعض الدعم المالي. ولم يكن بحثه عن استثمارات اقتصادية من القطاع الخاص، من المهاجرين ومن مصادر أجنبية أخرى، ناجحاً سوى جزئياً. وقد توجّت الصراعات الداخلية بما عُرف مجازياً بـ“أحداث” 13 كانون الثاني/يناير1986 عندما اغتيل عبد الفتاح اسماعيل وأغلب قياديي الثورة “التاريخيين” الباقين خلال اجتماع للمكتب السياسي بأمر من علي ناصر محمد الذي كان ينظر إليه كقائد أكثر براغماتية منذ قام بنفي سلفه عام 1980

قوّضت هذه الأحداث النظام، حيث تضاءلت مصداقيته أمام الشعب: كان الصراع يُرى على أنّه مفتقد لأي مبرر إيديولوجي أو مبدئي وعلى أنّه مجرّد تنازع للسلطة. وفي وقت كان فيه الاتحاد السوفياتي ذاته يشهد تغييرات هائلة من شأنها أن تؤدي إلى زواله، أصبح نظام ما بعد 1986 مشابهاً للديموقراطيات الغربية، لكن بعد فوات الأوان. وقد قاد اكتشاف النفط على الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية، إضافة إلى أزمة مماثلة في نظام هذه الأخيرة، إلى خيارين: إمّا الحرب أو الوحدة. كانت الوحدة اليمنية الشعار الشعبي الأبرز خلال عهد جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية. وكان إرساؤها بحثٍّ من علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية في ذلك الحين، والزعيم الرديف للحزب الاشتراكي اليمني علي سالم البيض، العمل الأكثر شعبية الذي قام به كلّ من الزعيمين. في 22 أيار/مايو 1990، وبعد 23 سنة، لم يعد لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وجوداً بأن أصبحت جزءاً من الجمهورية اليمنية.
وكما يتضح اليوم بظهور حركة انفصالية تتزايد شراستها بمرور الوقت في المجال الجغرافي السابق لليمن الديموقراطي، فإنّ الوحدة كانت عملية معقّدة وغير مرضيّة، وستكون موضع نقاش في مكان آخر. لكنّ أسماء الزعماء الباقين من جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية لا تزال بارزة ضمن النقاش السياسي في اليمن، رغم كبر سنّهم ورغم حقيقة أنّ قلّة منهم، إن وجدت، لا تطالب بأي شكل من أشكال الولاء إلى الاشتراكية.

هيلين لاكنر
باحثة مستقلة أقامت في اليمن أكثر من خمسة عشر عاما. قضت خمسة منها (1977-1982) في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تصحييح
للتارييخ

ولكم

ما اسمهاش ايلات اسمها "ام الرشراش"
ما اسمهاش تل أبيب اسمها "قرية الشيخ مؤنس/يافا"
ما اسمهاش أورشليم اسمها "القدس"
ما اسمهاش بير شيفاع اسمها "بئر السبع "
ما اسمهاش نتانيا اسمها "أم خالد"
ما اسمهاش عكو اسمها "عكا"
ما اسمهاش كريات شمونة اسمها "الخالصة"
ما اسمهاش تسريفين اسمها "صرفند "
ما اسمهاش يزرعيل اسمها "زرعين"
ما اسمهاش تسيبوري اسمها "صفورية"
ما اسمهاش أحيهود اسمها "البروة"
ما اسمهاش مفترق شوكت اسمها "المسمية"
ما اسمهاش اشكلون اسمها "عسقلان"
ما اسمهاش "كريات جات" اسمها "قرية عراق المنشية/الخليل"
ما اسمعاش كيرم شالوم اسمها "كرم أبو سالم"
ما اسماش تل كفار كرنايم اسمها "قرية ابو فرج/بيسان"
ما اسمهاش اللود اسمها "اللد"
ما اسمهاش بيت شيمش اسمها "بيت الشمس/قضاء القدس"
ما اسمهاش بيت جيمل اسمها "دير الجمال"
ما اسمهاش زخاريا اسمها "قرية زكريا"

ما اسمهاش اسرائيل اسمها فِلسطين من البَحر حتى النَهر..احفظوها وحفّظوها لصغاركم و وصلوها لكل العالم...كانت تُسمى فِلسطين ومازالت تُسمى فِلسطين..
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#كتب_من_عن_اليمن

#كتب_من_عن_اليمن

📕📕📕📁📁📁📁📓📓📓📔📔📚📚📚📚🗃️🗃️🗃️🖊️🖊️🖊️🖊️🖊️🖋️🖋️🖋️✒️✒️✒️🖍️🖍️🖌️🖌️📝✏️✏️