#إدام_القوت_بلدان_حضرموت
والعبادة ، ودخل الأربعينيّة مرارا ، وسار إلى الشّحر وإلى دوعن وحضرموت ، وزار الصّالحين بها ، ثمّ رجع إلى عدن واستوطنها ، وله مصنّفات في الحقيقة ، تدلّ على فضله واتّساع علمه ، وكان يحضر السّماع ويتواجد ، توفّي لسبع خلت من ربيع الآخر سنة «٨٨٥ ه» بعدن ، قبيل أبيه بقليل ، وللغواة فيه اعتقاد ، خصوصا يافع والهنود. وربّما تخلّف عن الجمعة ، والظّاهر من حاله أنّه لا يتخلّف عنها إلا لعذر شرعيّ ، وله أشعار جيّدة ، وقد أفتى وهو ابن اثنتي عشرة سنة) اه (١)
ولا يحصى كثرة من أنجبته الشّحر من رجالات الفضل والعلم ، وقد ألّفت لذلك الكتب ؛ ككتاب : «نشر المحاسن المسكيّة في أخبار فضلاء الشّحر المحميّة» (٢) للسّيّد باحسن (٣).
وفي «الأصل» : (أنّ والد الشّيخ عبد الله القديم عبّاد ـ وهو الشّيخ محمّد بن عبد الرّحمن مولى السّاس سار إلى الشّحر ، ودفن بمقبرة الخور عند الشّيخ أبي فادة (٤) ، وكان ذلك أوائل القرن السّابع) اه (٥)
______
وعلى القاضي محمّد ابن كبّن العدني. وفي «الهجر» أن وفاته (٨٧٧ ه) ، وهو وهم ، فليصحح.
(١) الشاهد في هذا النقل : ذكر الشحر فيه ، ودخول العلامة الذبحاني إليها ، تدليلا على وجود علماء بها آنذاك.
(٢) الصّواب أنّ اسمه «نشر النّفحات المسكيّة في أخبار الشّحر المحميّة» ، كما ورد في مقدّمته من النسخة التي بخطّ مؤلّفه ، وكما ورد في ترجمته في «تاريخ الشعراء» (٥ / ٦٣). احتوى هذا الكتاب على تراجم جملة من صالحي الشّحر وعلمائها ، وعرض
أيضا إلى أخبارها السّياسيّة وذكر حكّامها وحوادثها ، وهو كتاب نفيس ، يستحقّ النّشر ؛ لاحتوائه على تراجم كثير من المتأخّرين ممّن عاصرهم المؤلّف ، ولعلّ البعض لم يترجم لهم في سواه ، يقع في جزأين.
(٣) هو السّيّد الأديب الأريب عبد الله بن محمّد بن عبد الله باحسن جمل اللّيل ، باعلويّ الحسينيّ. ولد بالشّحر سنة (١٢٧٨ ه) وبها توفّي سنة (١٣٤٧ ه) ، طلب العلم بسيئون عند الحبيب عليّ بن محمّد الحبشيّ ، وأخذ عن عدد من العلماء كالشّيخ ناصر بن صالح ابن الشّيخ عليّ ، والشّيخ محمّد بن سالم باطويح ، والسّيّد علويّ المشهور ، والسّيّد عبد الله بن محسن السّقّاف ، وأجلّ شيوخه السّيّد عبد الله بن سالم عيديد. آثاره : له التّاريخ المذكور ، ونظم «السّفينة» ، ورسالة سمّاها «عقد الاتّفاق على افتتاح مدرسة مكارم الأخلاق». ينظر «تاريخ الشّعراء» (٥ / ٦٣ ـ ٧١).
(٤) كذا بالأصل ، وعند شنبل : أبي حارة.
(٥) تفرّد المؤرّخ شنبل بإيراد خبر وفاة الشّيخ باعباد في الشّحر ، وذلك سنة (٦٢٢ ه) ، ونصّ الخبر
والعبادة ، ودخل الأربعينيّة مرارا ، وسار إلى الشّحر وإلى دوعن وحضرموت ، وزار الصّالحين بها ، ثمّ رجع إلى عدن واستوطنها ، وله مصنّفات في الحقيقة ، تدلّ على فضله واتّساع علمه ، وكان يحضر السّماع ويتواجد ، توفّي لسبع خلت من ربيع الآخر سنة «٨٨٥ ه» بعدن ، قبيل أبيه بقليل ، وللغواة فيه اعتقاد ، خصوصا يافع والهنود. وربّما تخلّف عن الجمعة ، والظّاهر من حاله أنّه لا يتخلّف عنها إلا لعذر شرعيّ ، وله أشعار جيّدة ، وقد أفتى وهو ابن اثنتي عشرة سنة) اه (١)
ولا يحصى كثرة من أنجبته الشّحر من رجالات الفضل والعلم ، وقد ألّفت لذلك الكتب ؛ ككتاب : «نشر المحاسن المسكيّة في أخبار فضلاء الشّحر المحميّة» (٢) للسّيّد باحسن (٣).
وفي «الأصل» : (أنّ والد الشّيخ عبد الله القديم عبّاد ـ وهو الشّيخ محمّد بن عبد الرّحمن مولى السّاس سار إلى الشّحر ، ودفن بمقبرة الخور عند الشّيخ أبي فادة (٤) ، وكان ذلك أوائل القرن السّابع) اه (٥)
______
وعلى القاضي محمّد ابن كبّن العدني. وفي «الهجر» أن وفاته (٨٧٧ ه) ، وهو وهم ، فليصحح.
(١) الشاهد في هذا النقل : ذكر الشحر فيه ، ودخول العلامة الذبحاني إليها ، تدليلا على وجود علماء بها آنذاك.
(٢) الصّواب أنّ اسمه «نشر النّفحات المسكيّة في أخبار الشّحر المحميّة» ، كما ورد في مقدّمته من النسخة التي بخطّ مؤلّفه ، وكما ورد في ترجمته في «تاريخ الشعراء» (٥ / ٦٣). احتوى هذا الكتاب على تراجم جملة من صالحي الشّحر وعلمائها ، وعرض
أيضا إلى أخبارها السّياسيّة وذكر حكّامها وحوادثها ، وهو كتاب نفيس ، يستحقّ النّشر ؛ لاحتوائه على تراجم كثير من المتأخّرين ممّن عاصرهم المؤلّف ، ولعلّ البعض لم يترجم لهم في سواه ، يقع في جزأين.
(٣) هو السّيّد الأديب الأريب عبد الله بن محمّد بن عبد الله باحسن جمل اللّيل ، باعلويّ الحسينيّ. ولد بالشّحر سنة (١٢٧٨ ه) وبها توفّي سنة (١٣٤٧ ه) ، طلب العلم بسيئون عند الحبيب عليّ بن محمّد الحبشيّ ، وأخذ عن عدد من العلماء كالشّيخ ناصر بن صالح ابن الشّيخ عليّ ، والشّيخ محمّد بن سالم باطويح ، والسّيّد علويّ المشهور ، والسّيّد عبد الله بن محسن السّقّاف ، وأجلّ شيوخه السّيّد عبد الله بن سالم عيديد. آثاره : له التّاريخ المذكور ، ونظم «السّفينة» ، ورسالة سمّاها «عقد الاتّفاق على افتتاح مدرسة مكارم الأخلاق». ينظر «تاريخ الشّعراء» (٥ / ٦٣ ـ ٧١).
(٤) كذا بالأصل ، وعند شنبل : أبي حارة.
(٥) تفرّد المؤرّخ شنبل بإيراد خبر وفاة الشّيخ باعباد في الشّحر ، وذلك سنة (٦٢٢ ه) ، ونصّ الخبر
وفي سنة (٧٦٠ ه) توفّي بها القاضي أبو شكيل.
وفي سنة (٨٠٥ ه) توفّي بها الشّيخ فضل بن عبد الله بن فضل بن محمّد بافضل (١) ، وهو من أقران الشّيخ السّقّاف ، طلب العلم هو وإياه بشبام عند الشّيخ محمّد بن أبي بكر عبّاد.
قال الطّيّب بامخرمة : (إنّ الشّيخ جمال الدّين محمّد بن سعد بن عليّ بن محمّد كبّن الطّبريّ جامع لأشتات العلوم ، كان يعاني التّجارة ، حتّى قال له الشّيخ فضل ـ المذكور ـ ما معناه : ارجع يا قاضي عدن ، فوقع ذلك في قلبه ، واشتغل بالعلم ، وقرأ بالشحر على الشّيخ عبد الله بن عليّ بن أبي حاتم «التنبيه» جميعه ، ومن أوّل «المهذّب» إلى (المساقاة) ، توفّي سنة «٨٤٢ ه» بعدن ، وقد نيّف على السّبعين) اه بمعناه من «عقود الّلآل» لسيدي الأستاذ الأبرّ.
وفي سنة (٩٠٧ ه) (٢) توفّي بها العلّامة محمّد بن عبد الله بلحاج بافضل (٣). وفي تلك السّنة توفّي بها أيضا العلّامة الجليل عبد الله بن محمّد بن حسن بن محمّد بن
______
فيه : (وفي سنة (٦٢٢ ه) توفّي الرّجل الصّالح محمّد بن عبد الرّحمن ، أبو الشّيخ عبد الله أبا عبّاد ، ودفن بمقبرة الشّحر الغربيّة القديمة ، المعروفة الآن بتربة أبي حارة) اه «شنبل» (٨٢). أمّا
(١) ابنه الشّيخ عبد الله .. فسيأتي ذكره في شبام. الشيخ فضل بن عبد الله .. أحد الأئمة الأكابر ، من أعيان عصره ، ولد بتريم سنة (٧٣٠ ه) ، تربى بأبيه ، وسلك على يد الشيخ عبد الله باعلوي ، والإمام محمد بن أبي بكر باعبّاد الشبامي.
ومما ينسب له من الشعر الصوفي ، قوله :
سلبت ليلى
منّي العقلا
آه يا ليلى
ارحمي القتلى
إنني هائم
ولها خادم
أيها اللائم
خلني مهلا
إلى آخرها .. ترجمته في «صلة الأهل» (١٠٣ ـ ١٢١).
(٢) في المطبوع من «تاريخ شنبل» (٩٠٨).
(٣) هو ابن الشّيخ عبد الله الآتي ذكره ، صاحب المختصرات قرأ على والده وعلى الشيخ أبي بكر العيدروس العدني
وفي سنة (٨٠٥ ه) توفّي بها الشّيخ فضل بن عبد الله بن فضل بن محمّد بافضل (١) ، وهو من أقران الشّيخ السّقّاف ، طلب العلم هو وإياه بشبام عند الشّيخ محمّد بن أبي بكر عبّاد.
قال الطّيّب بامخرمة : (إنّ الشّيخ جمال الدّين محمّد بن سعد بن عليّ بن محمّد كبّن الطّبريّ جامع لأشتات العلوم ، كان يعاني التّجارة ، حتّى قال له الشّيخ فضل ـ المذكور ـ ما معناه : ارجع يا قاضي عدن ، فوقع ذلك في قلبه ، واشتغل بالعلم ، وقرأ بالشحر على الشّيخ عبد الله بن عليّ بن أبي حاتم «التنبيه» جميعه ، ومن أوّل «المهذّب» إلى (المساقاة) ، توفّي سنة «٨٤٢ ه» بعدن ، وقد نيّف على السّبعين) اه بمعناه من «عقود الّلآل» لسيدي الأستاذ الأبرّ.
وفي سنة (٩٠٧ ه) (٢) توفّي بها العلّامة محمّد بن عبد الله بلحاج بافضل (٣). وفي تلك السّنة توفّي بها أيضا العلّامة الجليل عبد الله بن محمّد بن حسن بن محمّد بن
______
فيه : (وفي سنة (٦٢٢ ه) توفّي الرّجل الصّالح محمّد بن عبد الرّحمن ، أبو الشّيخ عبد الله أبا عبّاد ، ودفن بمقبرة الشّحر الغربيّة القديمة ، المعروفة الآن بتربة أبي حارة) اه «شنبل» (٨٢). أمّا
(١) ابنه الشّيخ عبد الله .. فسيأتي ذكره في شبام. الشيخ فضل بن عبد الله .. أحد الأئمة الأكابر ، من أعيان عصره ، ولد بتريم سنة (٧٣٠ ه) ، تربى بأبيه ، وسلك على يد الشيخ عبد الله باعلوي ، والإمام محمد بن أبي بكر باعبّاد الشبامي.
ومما ينسب له من الشعر الصوفي ، قوله :
سلبت ليلى
منّي العقلا
آه يا ليلى
ارحمي القتلى
إنني هائم
ولها خادم
أيها اللائم
خلني مهلا
إلى آخرها .. ترجمته في «صلة الأهل» (١٠٣ ـ ١٢١).
(٢) في المطبوع من «تاريخ شنبل» (٩٠٨).
(٣) هو ابن الشّيخ عبد الله الآتي ذكره ، صاحب المختصرات قرأ على والده وعلى الشيخ أبي بكر العيدروس العدني
أحمد بن عبسين (١) ، وهو الّذي كان السّبب في مجيء الفقيه عبد الله بلحاج إلى الشّحر.
وكان ابن عبسين حسن الخطّ ، كتب نحو خمسين مصحفا بيده (٢) ، ترجمه الطّيّب بافقيه ترجمة جميلة ، وقال : إنّ وفاته في سنة (٩٧٠ ه) لا في سنة (٩٠٨) ، وكان من قضاة العدل.
وبالشّحر توفّي الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر بافضل (٣) ، صاحب «المختصر اللّطيف» ، الّذي شرحه الرّمليّ (٤) ، و «المختصر الكبير» الّذي شرحه ابن حجر (٥). وكانت وفاته بها سنة (٩١٨ ه).
وفي مناقب الشّيخ عبد الله العيدروس بن أبي بكر السّكران بن عبد الرّحمن السّقّاف أنّه : كان يحثّ على «مختصر بافضل» ، فذهب وهمي أوّلا إلى أنّه الكبير من
__
(١) هو الفقيه الصالح الزاهد القاضي عبد الله بن محمد بن حسن بن عبسين الشافعي الشحري ، نشأ في طلب العلم والطاعة والعبادة ، وتصدر للفتوى والتدريس في الشحر ، وتخرج به الطلاب ، وكان عالما محققا مدققا ، ساعيا في قضاء حوائج الناس. له قضية مع السلطان عبد الله بن جعفر الكثيري صاحب الشحر ، وذلك : أن السلطان المذكور اشترى حصانا من بعض الناس ثم بعد ذلك أراد ردّه وادعى فيه عيبا ، وامتنع من تسليم الثمن للبائع ، فاشتكى عليه إلى القاضي المذكور ، فكتب إليه : أن احضر إلى الشرع الشريف ، ولم يراع السلطان ولا تساهل لأجله ولا حاباه بكلمة واحدة. ولله دره!! ولقد أبقى فخرا ، وغنم أجرا ، وامتطى ذروة السماك ، ورقى فوق أوج الأفلاك. عن «النور السافر» (٧٨ ـ ٧٩). وكانت وفاته في ٤ ربيع الثاني من سنة (٩٠٧ ه).
(٢) قال بافقيه : (وأهل الجهة مثل الشّحر وحضرموت يضربون بخطّه المثل).
(٣) هو الشيخ الإمام الصالح ، الولي الكبير ، العارف بالله عبد الله بن عبد الرحمن (ت ٨٦٦ ه) ابن أبي بكر (ت ٨٠٤ ه) ابن محمد الحاج بن بافضل المذحجي السعدي التريمي. مولده بتريم سنة (٨٥٠ ه) ، ورحل لأداء النسكين وأخذ عن القاضي برهان الدين ابن ظهيرة القرشي ، وأبي الفرج المراغي بالمدينة ، وإبراهيم باهرمز بشبام ، وباجرفيل وبامخرمة (الجد) ، وبافضل العدني ، كلهم بعدن ، وعمر بن عبد الرحمن صاحب الحمراء ، وأخذ عنه جمهرة.
ترجمته في : «النور السافر» ، «تاريخ بافقيه» ، «شذرات الذهب» (١٠ / ١٢٥) ، «صلة الأهل» (١٤٢ ـ ١٦٧) ، «السنا الباهر» ، «تاريخ باحسن» ، «الأعلام» (٤ / ٩٦ ـ ٩٧).
(٤) واسم شرح الرملي : «الفوائد المرضيّة على المختصر اللطيف في فقه الشافعية» ، مطبوع.
(٥) واشتهر باسم «المقدمة الحضرمية» واسم شرحه «المنهج القويم بشرح مسائل التعليم» ، وعليه عدة حواش وتعليقات. منها : حاشية نفيسة للإمام عبد الله بن سليمان الجرهزي ، صدرت مؤخرا عن دار المنهاج بجدة ، في مجلدين فاخرين
200
وكان ابن عبسين حسن الخطّ ، كتب نحو خمسين مصحفا بيده (٢) ، ترجمه الطّيّب بافقيه ترجمة جميلة ، وقال : إنّ وفاته في سنة (٩٧٠ ه) لا في سنة (٩٠٨) ، وكان من قضاة العدل.
وبالشّحر توفّي الشّيخ عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر بافضل (٣) ، صاحب «المختصر اللّطيف» ، الّذي شرحه الرّمليّ (٤) ، و «المختصر الكبير» الّذي شرحه ابن حجر (٥). وكانت وفاته بها سنة (٩١٨ ه).
وفي مناقب الشّيخ عبد الله العيدروس بن أبي بكر السّكران بن عبد الرّحمن السّقّاف أنّه : كان يحثّ على «مختصر بافضل» ، فذهب وهمي أوّلا إلى أنّه الكبير من
__
(١) هو الفقيه الصالح الزاهد القاضي عبد الله بن محمد بن حسن بن عبسين الشافعي الشحري ، نشأ في طلب العلم والطاعة والعبادة ، وتصدر للفتوى والتدريس في الشحر ، وتخرج به الطلاب ، وكان عالما محققا مدققا ، ساعيا في قضاء حوائج الناس. له قضية مع السلطان عبد الله بن جعفر الكثيري صاحب الشحر ، وذلك : أن السلطان المذكور اشترى حصانا من بعض الناس ثم بعد ذلك أراد ردّه وادعى فيه عيبا ، وامتنع من تسليم الثمن للبائع ، فاشتكى عليه إلى القاضي المذكور ، فكتب إليه : أن احضر إلى الشرع الشريف ، ولم يراع السلطان ولا تساهل لأجله ولا حاباه بكلمة واحدة. ولله دره!! ولقد أبقى فخرا ، وغنم أجرا ، وامتطى ذروة السماك ، ورقى فوق أوج الأفلاك. عن «النور السافر» (٧٨ ـ ٧٩). وكانت وفاته في ٤ ربيع الثاني من سنة (٩٠٧ ه).
(٢) قال بافقيه : (وأهل الجهة مثل الشّحر وحضرموت يضربون بخطّه المثل).
(٣) هو الشيخ الإمام الصالح ، الولي الكبير ، العارف بالله عبد الله بن عبد الرحمن (ت ٨٦٦ ه) ابن أبي بكر (ت ٨٠٤ ه) ابن محمد الحاج بن بافضل المذحجي السعدي التريمي. مولده بتريم سنة (٨٥٠ ه) ، ورحل لأداء النسكين وأخذ عن القاضي برهان الدين ابن ظهيرة القرشي ، وأبي الفرج المراغي بالمدينة ، وإبراهيم باهرمز بشبام ، وباجرفيل وبامخرمة (الجد) ، وبافضل العدني ، كلهم بعدن ، وعمر بن عبد الرحمن صاحب الحمراء ، وأخذ عنه جمهرة.
ترجمته في : «النور السافر» ، «تاريخ بافقيه» ، «شذرات الذهب» (١٠ / ١٢٥) ، «صلة الأهل» (١٤٢ ـ ١٦٧) ، «السنا الباهر» ، «تاريخ باحسن» ، «الأعلام» (٤ / ٩٦ ـ ٩٧).
(٤) واسم شرح الرملي : «الفوائد المرضيّة على المختصر اللطيف في فقه الشافعية» ، مطبوع.
(٥) واشتهر باسم «المقدمة الحضرمية» واسم شرحه «المنهج القويم بشرح مسائل التعليم» ، وعليه عدة حواش وتعليقات. منها : حاشية نفيسة للإمام عبد الله بن سليمان الجرهزي ، صدرت مؤخرا عن دار المنهاج بجدة ، في مجلدين فاخرين
200
#صفة_بلاد_اليمن
فبلغ أبا دلف ذلك فأحضره وأمر له بألف دينار فقال : تعذرنا فى ذلك ولا تتحول عن جوارنا ، فهو الذى يقول فيه على بن جبلة الضرير فى هذا المعنى :
إنما الدنيا أبو دلف
بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف
ولّت الدنيا على أثره
وسكنا المكان جميعا إلى أن انقرضوا ، رحمهمالله تعالى ، قال :
أف للدنيا الدنيه
خبثت فعلا ونيه
والعيش كله همّ
وعقباه منيه
ذكر بئر الرباحية
حدثنى ريحان مولى على بن مسعود بن على قال : أول من ابتدأ فى حفر البئر ربّاح ، أى قرد ، وحفر بيده الأرض إلى أن نبع ماء عذب حول عقل الساب (١) يصح غمقها نحو أربعة أذرع لا غير ، فلما رأت الفرس صورته بالحجر والجص ، وهو عن البلد نحو شوط خفيف بين نخل باسقات شامخات فبقى مستقى أهل غلافقة ، ومن يصل من المراكب الصادرة والواردة على مائها فلم يقل منه شىء ، فعرفت البئر بالرباحية ، يعنى القرد الذى ابتدأ فى حفره ، ويقال : بل كان الرباح اسم الرجل ولم يكن قردا.
وهذه البلدة فرضة الكارم إذا وصلوا من ديار مصر ، ويجلب منها الحشيش
______
(١) هذه الكلمة غير منقوطة فى الأصل.
فبلغ أبا دلف ذلك فأحضره وأمر له بألف دينار فقال : تعذرنا فى ذلك ولا تتحول عن جوارنا ، فهو الذى يقول فيه على بن جبلة الضرير فى هذا المعنى :
إنما الدنيا أبو دلف
بين باديه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف
ولّت الدنيا على أثره
وسكنا المكان جميعا إلى أن انقرضوا ، رحمهمالله تعالى ، قال :
أف للدنيا الدنيه
خبثت فعلا ونيه
والعيش كله همّ
وعقباه منيه
ذكر بئر الرباحية
حدثنى ريحان مولى على بن مسعود بن على قال : أول من ابتدأ فى حفر البئر ربّاح ، أى قرد ، وحفر بيده الأرض إلى أن نبع ماء عذب حول عقل الساب (١) يصح غمقها نحو أربعة أذرع لا غير ، فلما رأت الفرس صورته بالحجر والجص ، وهو عن البلد نحو شوط خفيف بين نخل باسقات شامخات فبقى مستقى أهل غلافقة ، ومن يصل من المراكب الصادرة والواردة على مائها فلم يقل منه شىء ، فعرفت البئر بالرباحية ، يعنى القرد الذى ابتدأ فى حفره ، ويقال : بل كان الرباح اسم الرجل ولم يكن قردا.
وهذه البلدة فرضة الكارم إذا وصلوا من ديار مصر ، ويجلب منها الحشيش
______
(١) هذه الكلمة غير منقوطة فى الأصل.
الأخضر للخضر والزنابيل والسمك العربى وغيره وضيراك ورعيد والمراوح والفار والقرش والبياض والعربى والمخنف والفرا والسفية والطويلة ، ويكون لها فرج على هيئة فروج النساء ، ولم تشتر من الصياد حتى يحلف أنه لم يطأها ، ويباع لحمها بالميزان لأجل الدواء ، والسفية ذات صدف ، والصبايا والمرح ، وجميع هذه الأسماك ترفع إلى زبيد ويسمونه الملتح ، وضمان سوق السمك بزبيد كل يوم ثلاثة عشر دينارا ملكية ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
جزيرة فرسان يمنية
ما بين دهلك وحلى ابن يعقوب ، وبها مدينتان عامرتان ، إحداهما سور ، والثانية جدة ، بناء الفرس والأصح بناء مالك بن زهير ، أهلها صلاح أتقياء ، ويجرى بين الفريقين نهر كبير عريض صاف عذب خفيف صحيح ، أوله عين ، ويقال : ماء تراب ، وقد نبت على شاطئ النهر شجر وخضر وحشائش ألوان مختلفة ، ويزرع فيها من جميع الحبوب والخضروات ، وعندهم من سائر الدواب الأهلية مثل البقر والمعز والضأن والإبل والدواب ، ويوجد عندهم من سائر الأسماك ودواب البحر.
وقد خص الله سبحانه وتعالى أهل هذه الجزيرة : إذا طلعت الشمس مقدار قامة يدوّى الجو ، وحينئذ يخرج كل من فى القرية إلى ظاهر القرية يصطفون على شاطئ البحر ، وينزل على القوم بعد ساعة طير شبه الخرّق ، ويقال : شبه السمان ، مائة ألف طير ، فإذا حصل فى شاطئ البحر لم يقدر أحدهم على الطيران فيأكل كل كفابته وعلى قدر حاله تذبيحّا وتطبيخّا ، ولم يوجد فيه سوى اللحم والشحم شىء آخر ،
جزيرة فرسان يمنية
ما بين دهلك وحلى ابن يعقوب ، وبها مدينتان عامرتان ، إحداهما سور ، والثانية جدة ، بناء الفرس والأصح بناء مالك بن زهير ، أهلها صلاح أتقياء ، ويجرى بين الفريقين نهر كبير عريض صاف عذب خفيف صحيح ، أوله عين ، ويقال : ماء تراب ، وقد نبت على شاطئ النهر شجر وخضر وحشائش ألوان مختلفة ، ويزرع فيها من جميع الحبوب والخضروات ، وعندهم من سائر الدواب الأهلية مثل البقر والمعز والضأن والإبل والدواب ، ويوجد عندهم من سائر الأسماك ودواب البحر.
وقد خص الله سبحانه وتعالى أهل هذه الجزيرة : إذا طلعت الشمس مقدار قامة يدوّى الجو ، وحينئذ يخرج كل من فى القرية إلى ظاهر القرية يصطفون على شاطئ البحر ، وينزل على القوم بعد ساعة طير شبه الخرّق ، ويقال : شبه السمان ، مائة ألف طير ، فإذا حصل فى شاطئ البحر لم يقدر أحدهم على الطيران فيأكل كل كفابته وعلى قدر حاله تذبيحّا وتطبيخّا ، ولم يوجد فيه سوى اللحم والشحم شىء آخر ،
ويكون عيش القوم طول الدهر منه ، ولم يملّ أحد من أكله مع مداومته لأنه لحم خفيف طيب مرىء ، قلت : وما يسمى؟ قال : السلوى ، وهو الذى قال الله عزوجل : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى)(١) فقلت للراوى : كم يكون دور الجزيرة؟ قال : مسيرة يوم كامل لرجل طرّاد ، حدثنى بدر مولى بشر الصوفى بذلك.
ذكر جزيرة الغنم
وذلك فى بر السودان ، ما بين عيذاب إلى بحره جزيرة تسمى جزيرة الغنم ، مائة الف رأس غنم بها وأكثر من ذلك وجميعها وحشية ، وكان الموجب لذلك ما ذكره ريحان مولى على بن مسعود بن على المجاور قال : إنه قدم مركب من بعض مدن الودان شحنته غنم وكباش أرسوا بهذه الجزيرة فزخر الريح عليهم ، فلما طال الشوط فى المقام عليهم أخرجوا الغنم فى الجزيرة لترعى ، مع طول المقام فطاب للقوم الريح على غفلة فركبوا الكباش المراكب ، ونسوا تسع ثمان رءوس منها فى الجزيرة فلم يمكن القوم أن يدوروا عليهم لضيق أخلاق الربان ، فشال القوم شراعهم وساروا بالسلامة ، وبقيت الغنيمات فى الجزيرة فتناكحوا وتناسلوا مع طول الأيام فكثروا واستقطعوا الجزيرة فعرفت الجزيرة بهم وصاروا الآن إذا أرسى بهم مركب لم يقدروا أن يصطادوا من تلك الأغنام شىء إلا بعد جهد عظيم مع القوس والنشاب ، وقد لا يحصل لهم شىء لأنهم قد صاروا وحشيين يسقون الغزال وهم ملء تلك الجزيرة إلى الآن ، والله أعلم بالصواب.
______
(١) الآية : ١٦٠ من سورة الأعراف.
273
ذكر جزيرة الغنم
وذلك فى بر السودان ، ما بين عيذاب إلى بحره جزيرة تسمى جزيرة الغنم ، مائة الف رأس غنم بها وأكثر من ذلك وجميعها وحشية ، وكان الموجب لذلك ما ذكره ريحان مولى على بن مسعود بن على المجاور قال : إنه قدم مركب من بعض مدن الودان شحنته غنم وكباش أرسوا بهذه الجزيرة فزخر الريح عليهم ، فلما طال الشوط فى المقام عليهم أخرجوا الغنم فى الجزيرة لترعى ، مع طول المقام فطاب للقوم الريح على غفلة فركبوا الكباش المراكب ، ونسوا تسع ثمان رءوس منها فى الجزيرة فلم يمكن القوم أن يدوروا عليهم لضيق أخلاق الربان ، فشال القوم شراعهم وساروا بالسلامة ، وبقيت الغنيمات فى الجزيرة فتناكحوا وتناسلوا مع طول الأيام فكثروا واستقطعوا الجزيرة فعرفت الجزيرة بهم وصاروا الآن إذا أرسى بهم مركب لم يقدروا أن يصطادوا من تلك الأغنام شىء إلا بعد جهد عظيم مع القوس والنشاب ، وقد لا يحصل لهم شىء لأنهم قد صاروا وحشيين يسقون الغزال وهم ملء تلك الجزيرة إلى الآن ، والله أعلم بالصواب.
______
(١) الآية : ١٦٠ من سورة الأعراف.
273
#ملوك_حمير_بن_هشام
يكتب للشعر من الرواة ... فقدك يا جدجاد من فتاة لابد أن يذهل عن هبات ... قد عبث الدهر على منساتي منتظراً فيه إلى دعاتي ... إذا أزلت الرحل عن أبياتي سابقت أيامي إلى ميقات ... أبو بنين وأبو بنات أحسب في الحي من الأموات ... هل مشتر أبيعه حياتي وإن الريح هبت فكشفت عن منبر هود عليه السلام دراً وياقوتاً، وعن يمينه عمود من جزع أحمر مكتوب فيه بالمسند لمن ملك ذمار الحمير الأخبار لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار لفارس الأحرار لمن ملك ذمار لقريش التجار فيقال إن هود عليه السلام كتبه، وأنه من علم الوحي وذمار غمدان ومأرب وصنعاء والعالية وما بينها. ثم رأوا عموداً من جزع أخضر وفيه مكتوب بالمسند على باب مغارة هذا قبر قضاعة بن مالك ابن حمير ملك ثلاثمائة عام أدخل واعتبر وأخرج وازدجر، فدخل جعفر ابن قوط وعمرو بن عباد وشريك بن عمرو وتبان بن ثور فأصابوا شيخاً جالساً على سرير من ذهب أجمل من رأوا وأعظمهم جسماً وعليه ثوب منسوج من ذهب وعلى رأسه لوح من ذهب مكتوب فيه بالمسند: أنا قضاعة بن مالك بن حمير سخطت ورضيت. سخطت غدر الأمل ورضيت حلول الأجل من لم يرض بالقدر جهل الخبر ومن لم يقنع بما أعطى تعب ولم يطب له العيش - بعدما كنا زينة للناظرين صرنا عبرة للزائرين - وتحت مكتوب: أنا رب العتيق وغمدا ... ن وبينون والعراقين حينا
يكتب للشعر من الرواة ... فقدك يا جدجاد من فتاة لابد أن يذهل عن هبات ... قد عبث الدهر على منساتي منتظراً فيه إلى دعاتي ... إذا أزلت الرحل عن أبياتي سابقت أيامي إلى ميقات ... أبو بنين وأبو بنات أحسب في الحي من الأموات ... هل مشتر أبيعه حياتي وإن الريح هبت فكشفت عن منبر هود عليه السلام دراً وياقوتاً، وعن يمينه عمود من جزع أحمر مكتوب فيه بالمسند لمن ملك ذمار الحمير الأخبار لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار لفارس الأحرار لمن ملك ذمار لقريش التجار فيقال إن هود عليه السلام كتبه، وأنه من علم الوحي وذمار غمدان ومأرب وصنعاء والعالية وما بينها. ثم رأوا عموداً من جزع أخضر وفيه مكتوب بالمسند على باب مغارة هذا قبر قضاعة بن مالك ابن حمير ملك ثلاثمائة عام أدخل واعتبر وأخرج وازدجر، فدخل جعفر ابن قوط وعمرو بن عباد وشريك بن عمرو وتبان بن ثور فأصابوا شيخاً جالساً على سرير من ذهب أجمل من رأوا وأعظمهم جسماً وعليه ثوب منسوج من ذهب وعلى رأسه لوح من ذهب مكتوب فيه بالمسند: أنا قضاعة بن مالك بن حمير سخطت ورضيت. سخطت غدر الأمل ورضيت حلول الأجل من لم يرض بالقدر جهل الخبر ومن لم يقنع بما أعطى تعب ولم يطب له العيش - بعدما كنا زينة للناظرين صرنا عبرة للزائرين - وتحت مكتوب: أنا رب العتيق وغمدا ... ن وبينون والعراقين حينا
والسديرين والهوى الأبيض القص ... ر الذي شاد عابر للبنبا وإلى الملك من سبا عبد شمس ... ملك الأرض والأنام مشينا ولي الأخضر الهنيبق بالطل ... ح أراعي عليه عيرا وعينا ولقومي يدعو الحجيج لدى البي ... ت يرون الحجيج ذلك دينا حين كنا على البرية نوراً ... وغياثاً وزينة الناظرينا فرمانا الزمان منه بصرف ... فمضى حكمه علينا وفينا من رآنا رأى المنية تحدو ... هـ الينا بذاك حتما يقينا ثم صرنا من بعد ذاك وهذا ... بالمغارات عبرة الزائرينا أنا بين الرجاء والخوف أمسي ... ت مقيماً إلى التنادي رهينا فأمر جعفر بن قرط بالخروج زل يأخذ شيئاً من منبر هود ولا من كسوة قضاعة ومنعهم ذلك وأم جعفر بن قرط أمر لهم بأفراس فحملهم عليها وأدن لهم بالانصراف، فانصرفوا. فلما بلغ عمرو بن عباد منزله هيأ هدية من جمال وخيل وغير ذلك وسار إلى جعفر بن قوط فأصابه في مكانه لم يرحل عن جوار قبر النبي هود صلى الله عليه وسلم فدفع إليه عمرو الهدية فقبلها منه جعفر وكافأه جعفر وأضعف له الهدية ونصب له قبة بعيداً عن الحي وحمل عمرو معه خمراً، وكان استرق النظر فرأى جدجاد فهويها وهو أسير، فلما آتاه جعفر بالطعام أكل وجعل يشرب الخمر. قال له عمرو: اشرب من خمري يا أبا عامر. قال له جعفر: يا بني أنا راعي الحي فإن أنا سكرت ضاع الحي، قال له عمرو: اشرب شرابي فهو بري عندك فاني ضيفك، فلم يزل به حتى شرب وعملت الخمر في الشيخ فصرعته. فقام عمرو بن عباد فسل سيفه وضرب به رأس جعفر وجسده
وأبان رأسه من جسده وأخذ لحيته يجريها رأسه فلما نظر أهل الحي إلى رأس جعفر خضعن خيفة وليس في الحي إلا امرأة وطفل. قال لهم عمرو: زينوا جدجاد حتى أخلو بها، قالت لهم: بلقيس: ويلكن اني أيدة ليس في الرجال مثلي ولا من يدافعني وقد أعديت مدية خوصية للملك عمرو ذي الاذعار - وهي أول ما عملت من الخوصيات باليمن مكراً فجعلت نصاب المدية ذهباً ورأس النصاب ياقوتة زرقاء فتدخلها من مفرقها في قرونها حتى تخرج رأس المدية من شعر قفاها وتبقى الياقوتة والذهب على جبينها وهي زينة لا يدري ما وراء ذلك، فزين بلقيس ثم أتين بها إليه فقالوا: هذه جدجاد. وكانت بلقيس أجمل من جدجاد ومن نساء زمانها، فلما رآها أنكرها وعلم أنها ليست جدجاد، غير إنه رأى ما غلب على عقله، فلما خلا بها في القبة هم بها قالت له: يا عمرو إن الأبكار من النساء كالإناث من الخيل لا يمسحن إلا عن صهيل ومجابذة، وإنما أرادت أن تعلم أين هو من قوتها، ومد يده إليها ورأى إنه حاكم عليها فجذبها إلى نفسه ودافعته فغلبت عليه فأخذت يديه جميعاً بيدها الواحدة فأمسكته، فلم يستطع معها حراكاً، ثم مدت يدها إلى قرونها فسلت المدية فضربت بها نحره، فلما وجأته ومات أخذت برجليه تجره في الحري وتقول: قليل لك هذا مني يا أبا عامر، ثم قالت: لهن أسرجن فرس أبي عامر فركبته ولبست لامة أبي عامر وقالت ارتحلن من قبيل أن يشيع قتل أبي فيتخطفكن العرب من هذا الشعب. فرحلن ومشت خلفهن بلقيس كما كان أبو عامر يفعل. ولما رجعن إلى علعال بكين جعفراً وشاع قتله في العرب وعرف عمرو ذو الاذعار مكان بلقيس فأرسل عمرو فأخذها وقالت لأخيها: لي حيل إذا لقيت عمراً أخدعه وأنت لا حيلة لك إلا الموت فاهرب، فهرب عمرو بن الهدهاد - أخو بلقيس - إلى البحر مكتتماً في زي أعرابي فلم
150
150
#محمد_محمد_العرشي
#دفاتر_الأيام
2
خرج الجاوي عن طوره وطلب من أحد الموجودين إخراج الأشرطة خارج الغرفة: “دعني ألقن هذا الخبير درساً، يا حضرة الملحق الألماني، إن شعبنا يرغب في أن يتعلم لغته العربية الفصحى، ونحن في سبيل الإعداد لذلك على أشرطة مثل أشرطتك، ثم سنعلّمه اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الثانية في هذا البلد، وأظنك تعرف أن عدن كانت مستعمرة إنجليزية حتى ما قبل 3 سنوات، وبعد ذلك سنعلّه اللغة الروسية، اللغة الأم للمعسكر الاشتراكي التي أجيدها أنا وأنت، وعندما يتقن شعبنا هذه اللغات الثلاث تماماً، فستفكر في مشروع تعليم اللغة الألمانية.. عد إلى الوزير وقل له أن (عمر الجاوي) يقول إن اللغة الألمانية لن تمر إلاّ على جثته”.
بهت الألماني الذي لم يتعود مثل هذه اللغة، فانسحب دون أن ينطق بكلمة، وكان هذا الموقف العامل الثاني من عوامل الحرب بين مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون ومديرها العام وبين الوزارة ووزيرها.
لم يكن الجاوي يملك سيارة، وفي الوقت نفسه يرفض استخدام سيارات الإذاعة والتلفزيون، وكنا في طريقنا إلى الشارع عقب الاجتماع للبحث عمّن يقلّنا على طريقة (الأوتوستوب) فصادفنا (ضرار عبدالوهاب) مراقب البرامج الذي أوقفه الجاوي عن العمل منذ أول يوم وهو رجل خطير له أبعاد وأعماق، فخاطب الجاوي بقوله: “باين عليك ناوي (تعصدها)” فقال الجاوي: “أيوه… ولكن في بطنك”.
أول ما وقفنا على الرصيف توقفت لنا سيارة، ولدهشتي كانت سيارة (العميد) عبدالوهاب الباري الذي لم أره منذ عدة أشهر، والذي انفجر أول ما شاهد الجاوي: “أنا يا عمر يشنّعوا عليّ ويسمّوني (عبدالقات عبدالبوري) (رأس النرجيلة)”… أخذ عمر في تهدئته بينما العميد يدوس على (البريك) و (الكلاتش) في ضربات سريعة متتابعة.. .طيب على كيفك، مافيش قطع غيار في البلاد… قال العميد: “بافرجّك انتقامي”.
#دفاتر_الأيام
2
خرج الجاوي عن طوره وطلب من أحد الموجودين إخراج الأشرطة خارج الغرفة: “دعني ألقن هذا الخبير درساً، يا حضرة الملحق الألماني، إن شعبنا يرغب في أن يتعلم لغته العربية الفصحى، ونحن في سبيل الإعداد لذلك على أشرطة مثل أشرطتك، ثم سنعلّمه اللغة الإنجليزية، وهي اللغة الثانية في هذا البلد، وأظنك تعرف أن عدن كانت مستعمرة إنجليزية حتى ما قبل 3 سنوات، وبعد ذلك سنعلّه اللغة الروسية، اللغة الأم للمعسكر الاشتراكي التي أجيدها أنا وأنت، وعندما يتقن شعبنا هذه اللغات الثلاث تماماً، فستفكر في مشروع تعليم اللغة الألمانية.. عد إلى الوزير وقل له أن (عمر الجاوي) يقول إن اللغة الألمانية لن تمر إلاّ على جثته”.
بهت الألماني الذي لم يتعود مثل هذه اللغة، فانسحب دون أن ينطق بكلمة، وكان هذا الموقف العامل الثاني من عوامل الحرب بين مجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون ومديرها العام وبين الوزارة ووزيرها.
لم يكن الجاوي يملك سيارة، وفي الوقت نفسه يرفض استخدام سيارات الإذاعة والتلفزيون، وكنا في طريقنا إلى الشارع عقب الاجتماع للبحث عمّن يقلّنا على طريقة (الأوتوستوب) فصادفنا (ضرار عبدالوهاب) مراقب البرامج الذي أوقفه الجاوي عن العمل منذ أول يوم وهو رجل خطير له أبعاد وأعماق، فخاطب الجاوي بقوله: “باين عليك ناوي (تعصدها)” فقال الجاوي: “أيوه… ولكن في بطنك”.
أول ما وقفنا على الرصيف توقفت لنا سيارة، ولدهشتي كانت سيارة (العميد) عبدالوهاب الباري الذي لم أره منذ عدة أشهر، والذي انفجر أول ما شاهد الجاوي: “أنا يا عمر يشنّعوا عليّ ويسمّوني (عبدالقات عبدالبوري) (رأس النرجيلة)”… أخذ عمر في تهدئته بينما العميد يدوس على (البريك) و (الكلاتش) في ضربات سريعة متتابعة.. .طيب على كيفك، مافيش قطع غيار في البلاد… قال العميد: “بافرجّك انتقامي”.
أزاح العميد سجادة من على (البريك) والكلاتش حيث ألصق صورتين لـ (لينين) و (ماركس) أخذ يدوس عليهما، علّق الجاوي: “لا حول إلا بالله، با يخلّوا نص شعبنا مجانين”.
وواصل الأستاذ/ فضل النقيب حديثه عن عمر الجاوي حيث ذكر أن عدن كانت في مطالع السبعينات من هذا القرن تغلي في فوهة بركان، وقد أخذ الناس يتحولون إلى أشباح، وجوهٌ مصفرة، أجسادٌ هزيلة، عيونٌ زائغة، شعورٌ منكوشة تجلّلها الغبرة، وأخذ الكثيرون من الناس والعائلات المستورة يهيمون على وجوههم بحثاً عن لقمة تسدّ الرمق بعد أن شحّت الموارد عقب التأميمات التي شملت كل شيء والتي لم تفد الدولة في شيء، اللهم مدّها بمسكنٍ مؤقت لا تدري متى ينتهي مفعوله وقد لا يظهر له مفعولٌ أبداً.
وكان الصحفي المرموق صاحب القلم الساخر (صالح الدحّان) يسمي الحكومة: (حكومة الربع ساعة) ليش يا عم صالح؟ افهمها يا أهبل، إنهم يخططون لربع ساعة قادمة، فإذا نجحوا واجتازوا الربع ساعة بسلام، صفّقوا من الفرح وأطلقوا خطة الربع ساعة الثانية… مهزلة… ثم يؤكد العم صالح أن فنجان الشاي الذي يشربه يكلف الدولة 10 فناجين… كيف؟ شوف اللي على الطاولة المجاورة والذي هناك… وذلك الذي في الركن، كل هؤلاء يراقبون (عمك صالح) وهات يا أكل ويا شرب على حسابي، وفي الأخير كلنا (مفاليس) تذكرت تعقيب عمر الجاوي على انفعال (العميد) وإحساسه أنه مطارد: “لا حول إلاّ بالله… با يخلّوا نص شعبنا مجانين”.
وواصل الأستاذ/ فضل النقيب حديثه عن عمر الجاوي حيث ذكر أن عدن كانت في مطالع السبعينات من هذا القرن تغلي في فوهة بركان، وقد أخذ الناس يتحولون إلى أشباح، وجوهٌ مصفرة، أجسادٌ هزيلة، عيونٌ زائغة، شعورٌ منكوشة تجلّلها الغبرة، وأخذ الكثيرون من الناس والعائلات المستورة يهيمون على وجوههم بحثاً عن لقمة تسدّ الرمق بعد أن شحّت الموارد عقب التأميمات التي شملت كل شيء والتي لم تفد الدولة في شيء، اللهم مدّها بمسكنٍ مؤقت لا تدري متى ينتهي مفعوله وقد لا يظهر له مفعولٌ أبداً.
وكان الصحفي المرموق صاحب القلم الساخر (صالح الدحّان) يسمي الحكومة: (حكومة الربع ساعة) ليش يا عم صالح؟ افهمها يا أهبل، إنهم يخططون لربع ساعة قادمة، فإذا نجحوا واجتازوا الربع ساعة بسلام، صفّقوا من الفرح وأطلقوا خطة الربع ساعة الثانية… مهزلة… ثم يؤكد العم صالح أن فنجان الشاي الذي يشربه يكلف الدولة 10 فناجين… كيف؟ شوف اللي على الطاولة المجاورة والذي هناك… وذلك الذي في الركن، كل هؤلاء يراقبون (عمك صالح) وهات يا أكل ويا شرب على حسابي، وفي الأخير كلنا (مفاليس) تذكرت تعقيب عمر الجاوي على انفعال (العميد) وإحساسه أنه مطارد: “لا حول إلاّ بالله… با يخلّوا نص شعبنا مجانين”.
وسط هذا البلاء العظيم كانت (الماكينة) الدعائية تبيع قسائم الجنة في الدنيا وتمنّي الناس بالمنّ والسلوى، بس… بعد أن نقضى على أمريكا وحلفائها وعلى (الثورة المضادة)، ولكل أجلٍ كتاب، ولا أدري أي ذهنٍ عبقري تفتق عن فكرة إنزال الناس إلى الشوارع لتثوير الجماهير، وإرهاب الطابور الخامس، وما عاد للناس من شغل شاغل إلاّ المسيرات بالفؤوس والعصي والطّبل والزّمر، و “سالمين نحن أشبالك وأفكارك لنا مصباح، وأشعلناها ثورة حمراء بعنف العامل والفلاح” لم تعد البلد تنتج أيّ شيء سوى الشعارات.
تحوّل مبنى الإدارة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى ملاذ لأصناف مختلفة من البشر كلّهم يجرون وراء عمر الجاوي للمساعدة أو لحل مشاكلهم المالية أو التوسط للإفراج عن معتقل، أو السؤال عن مفقود، وتجدهم يقعدون بالساعات في مكتبه وفي الممرات وعلى الدرج وفي الباب الخارجي… وأخذ الجاوي يغرق في هموم الناس ولا يجد من ينقذه هو من الغرق.
تحوّل مبنى الإدارة العامة للإذاعة والتلفزيون إلى ملاذ لأصناف مختلفة من البشر كلّهم يجرون وراء عمر الجاوي للمساعدة أو لحل مشاكلهم المالية أو التوسط للإفراج عن معتقل، أو السؤال عن مفقود، وتجدهم يقعدون بالساعات في مكتبه وفي الممرات وعلى الدرج وفي الباب الخارجي… وأخذ الجاوي يغرق في هموم الناس ولا يجد من ينقذه هو من الغرق.