وقيل : لمحمّد هذا ابن آخر اسمه علي أيضا ، وكان أميرا بجرجان ولا عقب له.
أمّا علي البكرآبادي ، فله عقب بكرمان وطبس.
منهم : النقيب بكرمان أبو هاشم تميم بن أبي طالب زيد بن علي البكرآبادي (١). وابنه أبو البشائر هاشم نقيب بكرمان أيضا ، وفيهم كثرة.
فهذا نسب القاسم الشيخ بن محمّد الديباج.
أمّا الحسين الأكبر بن محمّد الديباج ، فعقبه من رجل واحد اسمه علي.
ولعلي هذا ابن واحد اسمه الحسين ،
وللحسين ابن واحد اسمه محمّد.
ولمحمّد رجلان : المطهّر باصفهان ، فمن ولد المطهّر النقيب بيزد أبو المعالي علي بن المطهّر ، وله اخوة أعقبوا ، وفيهم قلّة.
وهذا آخر الكلام في أولاد محمّد الديباج.
(أعقاب إسحاق المؤتمن)
وأمّا إسحاق (٢) المؤتمن بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فعقبه من ثلاثة بنين : الحسين ، والحسن ، ومحمّد.
أمّا الحسين ، فعقبه من رجل واحد ، هو أبو جعفر الصوفي محمّد.
وعقب الصوفي من رجلين : طاهر أبو القاسم بحلب ولده بالرقّة وبغداد. وأحمد أبو علي.
______
(١) ذكره القاضي المروزي في الفخري ص ٢٩.
(٢) يكنّى أبا محمّد وولد بالعريض ، وكان من أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمّه أمّ أخيه موسى الكاظم ، وكان محدّثا جليلا ، وادّعت فيه طائفة من الشيعة الإماميّة ، وكان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد ، وروى عنه الناس الحديث والآثار ، وكان يقول بإمامة أخيه موسى عليهالسلام.
أمّا علي البكرآبادي ، فله عقب بكرمان وطبس.
منهم : النقيب بكرمان أبو هاشم تميم بن أبي طالب زيد بن علي البكرآبادي (١). وابنه أبو البشائر هاشم نقيب بكرمان أيضا ، وفيهم كثرة.
فهذا نسب القاسم الشيخ بن محمّد الديباج.
أمّا الحسين الأكبر بن محمّد الديباج ، فعقبه من رجل واحد اسمه علي.
ولعلي هذا ابن واحد اسمه الحسين ،
وللحسين ابن واحد اسمه محمّد.
ولمحمّد رجلان : المطهّر باصفهان ، فمن ولد المطهّر النقيب بيزد أبو المعالي علي بن المطهّر ، وله اخوة أعقبوا ، وفيهم قلّة.
وهذا آخر الكلام في أولاد محمّد الديباج.
(أعقاب إسحاق المؤتمن)
وأمّا إسحاق (٢) المؤتمن بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فعقبه من ثلاثة بنين : الحسين ، والحسن ، ومحمّد.
أمّا الحسين ، فعقبه من رجل واحد ، هو أبو جعفر الصوفي محمّد.
وعقب الصوفي من رجلين : طاهر أبو القاسم بحلب ولده بالرقّة وبغداد. وأحمد أبو علي.
______
(١) ذكره القاضي المروزي في الفخري ص ٢٩.
(٢) يكنّى أبا محمّد وولد بالعريض ، وكان من أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمّه أمّ أخيه موسى الكاظم ، وكان محدّثا جليلا ، وادّعت فيه طائفة من الشيعة الإماميّة ، وكان من أهل الفضل والصلاح والورع والاجتهاد ، وروى عنه الناس الحديث والآثار ، وكان يقول بإمامة أخيه موسى عليهالسلام.
ولأحمد هذا ابن واحد اسمه محمّد ، ويعرف بـ «أبي إبراهيم العريضي» (١) وكان فقيها شاعرا ، وانتقل من حرّان إلى حلب ، وله أعقاب ، منهم نقيبا بحلب موسى أبو الفوارس النقيب بحلب بن جعفر النقيب الشاعر بحلب بن إبراهيم العريضي هذا المذكور.
ولأبي إبراهيم العريضي ابن اسمه أحمد ، كان قاضيا بحلب ، وكان عالما شاعرا ، وفيهم كثرة.
أمّا الحسن بن إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فعقبه الصحيح من واحد ، وهو محمّد أمّه خديجة بنت عمر بن محمّد بن عمر الأشرف.
ومحمّد هذا عقبه من واحد ، وهو الحسن بنصيبين ، وله ابنان : محمّد ، وأحمد كلاهما يعرف بـ «ابن المحمّديّة» أمّهما رقيّة بنت محمّد بن علي بن علي بن محمّد بن عون بن علي بن محمّد بن الحنفيّة ، ولهما عقب.
أمّا محمّد بن إسحاق المؤتمن ، فله عقب قليل.
منهم : الوارث أحمد بن حمزة بن محمّد هذا المذكور. وقيل : الوارث هو محمّد بن أحمد بن محمّد بن حمزة بن محمّد بن إسحاق المؤتمن. وعقب الوارث بالري ، وفيهم طعن (٢).
وقد خلط الحسن القطّان صاحب الدوحة جميع ولد إسحاق المؤتمن بولد إسحاق بن موسى الكاظم عليهالسلام.
فقد فرغنا من ولد إسحاق المؤتمن.
______
(١) ذكره القاضي المروزي في الفخري ص ٢٦ ، وقال : وله ستّ أولاد معقّبون.
(٢) قال في الفخري ص ٢٦ : تكلّموا فيه ، ثمّ صحّ عند أبي الغنائم ، وله عقب بالري والكوفة والله أعلم.
ولأبي إبراهيم العريضي ابن اسمه أحمد ، كان قاضيا بحلب ، وكان عالما شاعرا ، وفيهم كثرة.
أمّا الحسن بن إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فعقبه الصحيح من واحد ، وهو محمّد أمّه خديجة بنت عمر بن محمّد بن عمر الأشرف.
ومحمّد هذا عقبه من واحد ، وهو الحسن بنصيبين ، وله ابنان : محمّد ، وأحمد كلاهما يعرف بـ «ابن المحمّديّة» أمّهما رقيّة بنت محمّد بن علي بن علي بن محمّد بن عون بن علي بن محمّد بن الحنفيّة ، ولهما عقب.
أمّا محمّد بن إسحاق المؤتمن ، فله عقب قليل.
منهم : الوارث أحمد بن حمزة بن محمّد هذا المذكور. وقيل : الوارث هو محمّد بن أحمد بن محمّد بن حمزة بن محمّد بن إسحاق المؤتمن. وعقب الوارث بالري ، وفيهم طعن (٢).
وقد خلط الحسن القطّان صاحب الدوحة جميع ولد إسحاق المؤتمن بولد إسحاق بن موسى الكاظم عليهالسلام.
فقد فرغنا من ولد إسحاق المؤتمن.
______
(١) ذكره القاضي المروزي في الفخري ص ٢٦ ، وقال : وله ستّ أولاد معقّبون.
(٢) قال في الفخري ص ٢٦ : تكلّموا فيه ، ثمّ صحّ عند أبي الغنائم ، وله عقب بالري والكوفة والله أعلم.
(أعقاب علي العريضي)
أمّا علي العريضي (١) بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فأولاده ثلاث فرق :
الفرقة الاولى : الذين اتّفق الناس على أنّهم أعقبوا وهم ابنان : محمّد الأكبر (٢) وأحمد (٣) الشعراني.
والفرقة الثانية : الذين اختلفوا في عقبهم ، وهم ابنان : الحسن ، والحسين ، فالبخاري طعن في هذا النسب ، وقال : قوم ينتمون إلى الحسن بن علي العريضي بالكوفة وخراسان ، لا يصحّ نسبهم أصلا (٤).
وأمّا السيّد أبو الغنائم الزيدي ، وابن أبي جعفر العبيدلي النسّابة ، والسيّد أبو إسماعيل الطباطبائي ، والسيّد أبو عبد الله بن طباطبا أثبتوا عقب الحسن ، وما طعنوا فيه (٥).
______
(١) يكنّى أبا الحسن ، وهو أصغر ولد أبيه ، مات أبوه وهو طفل ، وكان عالما كبيرا ، روى عن أخيه موسى الكاظم عليهالسلام وعاش إلى أن أدرك الهادي علي بن محمد بن علي بن الكاظم عليهمالسلام ومات في زمانه. روى الكليني ; في أصول الكافي عن ابن عمّار أنّه دخل عليه أبو جعفر محمّد بن علي الرضا عليهماالسلام مسجد الرسول ، فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبّل يده وعظّمه ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا عمّ اجلس رحمك الله. فقال : يا سيّدي كيف أجلس وأنت قائم؟ فلمّا رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبّخونه ويقولون : أنت عمّ أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال : اسكتوا إذا كان الله عزّ وجلّ ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهّل وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه أنكر فضله؟! نعوذ بالله ممّا تقولون بل أنا له عبد. أصول الكافي ١ : ٣٢٢ ح ١٢.
(٢) قال أبو يحيى النيسابوري في كتاب اصول الأنساب : إنّ أمّه أمّ ولد.
(٣) قال أبو يحيى : أمّه أمّ ولد أيضا.
(٤) سرّ السلسلة العلويّة ص ٤٩.
(٥) وكذا ذكر له عقبا أبو الحسن العمري في المجدي ص ١٣٧ ، وكذا القاضي المروزي في الفخري ص ٢٩ ، وابن عنبة الداوودي في العمدة ص ٢٤٢.
110
أمّا علي العريضي (١) بن جعفر الصادق عليهالسلام ، فأولاده ثلاث فرق :
الفرقة الاولى : الذين اتّفق الناس على أنّهم أعقبوا وهم ابنان : محمّد الأكبر (٢) وأحمد (٣) الشعراني.
والفرقة الثانية : الذين اختلفوا في عقبهم ، وهم ابنان : الحسن ، والحسين ، فالبخاري طعن في هذا النسب ، وقال : قوم ينتمون إلى الحسن بن علي العريضي بالكوفة وخراسان ، لا يصحّ نسبهم أصلا (٤).
وأمّا السيّد أبو الغنائم الزيدي ، وابن أبي جعفر العبيدلي النسّابة ، والسيّد أبو إسماعيل الطباطبائي ، والسيّد أبو عبد الله بن طباطبا أثبتوا عقب الحسن ، وما طعنوا فيه (٥).
______
(١) يكنّى أبا الحسن ، وهو أصغر ولد أبيه ، مات أبوه وهو طفل ، وكان عالما كبيرا ، روى عن أخيه موسى الكاظم عليهالسلام وعاش إلى أن أدرك الهادي علي بن محمد بن علي بن الكاظم عليهمالسلام ومات في زمانه. روى الكليني ; في أصول الكافي عن ابن عمّار أنّه دخل عليه أبو جعفر محمّد بن علي الرضا عليهماالسلام مسجد الرسول ، فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبّل يده وعظّمه ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : يا عمّ اجلس رحمك الله. فقال : يا سيّدي كيف أجلس وأنت قائم؟ فلمّا رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبّخونه ويقولون : أنت عمّ أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال : اسكتوا إذا كان الله عزّ وجلّ ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهّل وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه أنكر فضله؟! نعوذ بالله ممّا تقولون بل أنا له عبد. أصول الكافي ١ : ٣٢٢ ح ١٢.
(٢) قال أبو يحيى النيسابوري في كتاب اصول الأنساب : إنّ أمّه أمّ ولد.
(٣) قال أبو يحيى : أمّه أمّ ولد أيضا.
(٤) سرّ السلسلة العلويّة ص ٤٩.
(٥) وكذا ذكر له عقبا أبو الحسن العمري في المجدي ص ١٣٧ ، وكذا القاضي المروزي في الفخري ص ٢٩ ، وابن عنبة الداوودي في العمدة ص ٢٤٢.
110
#طبقات_صلحاء_اليمن_البريهي
القول في من تحققنا حاله من الفقهاء والعلماء من أهل ذي جبلة ممن اشتهر وظهر فضله وعلمه وصلاحه في المئة التاسعة من الهجرة النبوية
القَوْل فِي من تحققنا حَاله من الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من أهل ذِي جبلة مِمَّن اشْتهر وَظهر فَضله وَعلمه وصلاحه فِي المئة التَّاسِعَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة فَمنهمْ الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن صَالح بن أبي بكر بن عمر الْهَمدَانِي الْمَشْهُور بِابْن الْخياط كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما قَرَأَ على الْأَئِمَّة من أهل وقته مِنْهُم الإِمَام خطيب الخطباء مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الرخا الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي التدريس وَالْفَتْوَى بِمَدِينَة ذِي جبلة ونواحيها ثمَّ على أقضى الْقُضَاة سيد الوزراء وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن عَبَّاس وعَلى الإِمَام جمال الدّين الريمي فَكَانَ أشهر تلامذته واثنى عَلَيْهِ الإِمَام جمال الدّين بجودة فهمه ودقة نظره حَتَّى جعله معيد درسة بِمَدِينَة تعز وَقد أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم فِي سَائِر فنون الْعلم فدرس وافتى وأضيف إِلَيْهِ أَسبَاب مَدِينَة ذِي جبلة وَبَعض الْأَسْبَاب بِمَدِينَة تعز وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي البلدين وَكَانَ لَهُ اعتراضات وتصويبات على كَلَام الْأَئِمَّة لمن قبله من أهل الْمَذْهَب وَجعل عَلامَة كَلَامه على ذَلِك هَاء مشقوقة باصطلاح درسته وَجمع فصلا فِي معرفَة مَا يحل أكله من الطُّيُور وَمَا لَا يحل قبل دُخُول كتاب حَيَاة
الْحَيَوَان إِلَى الْيمن وامتحن الإِمَام رَضِي الدّين بِولَايَة الْقُضَاة فِي مَدِينَة تعز فباشر ذَلِك بعفاف وَكَانَت إِقَامَته فِي الْمدرسَة المعتبية والمدرسة المجاهدية ثمَّ اعتذر عَن ولَايَته الْقَضَاء إِلَى السُّلْطَان فَلم يعذرهُ فاجتهد بِإِقَامَة ناموس الْحق وَالْحكم على الأكابر فضلا عَن الأصاغر وَحكي عَنهُ فِي ولَايَته الْقَضَاء أُمُور تدل على فَضله وَأَنه لَا تَأْخُذهُ فِي ذَلِك لومة لائم وَقد ذكرت بعض تَفْصِيل ذَلِك فِي الأَصْل مِمَّا اتّفق فِي ولَايَته للْقَضَاء وَمَا كَانَ قبل ذَلِك مِمَّا اشْتهر بِهِ فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي ذكرهَا الْعلمَاء فِي أَن الرجل إِذا أعتق مملوكته وَمَات فَهَل يحْتَاج إِلَى إِذن جَمِيع وَرَثَة الْمُعْتق فِي تَزْوِيجهَا أم يَكْفِي أذنها لبَعْضهِم ويزوجها من غير إِذن سَائِر الْوَرَثَة من الْعصبَة فَأتى بِالنَّصِّ فِي الْمَسْأَلَة من الْحَاوِي الصَّغِير حَيْثُ قَالَ وكل من عصبَة كل كَهُوَ فِي النِّكَاح ثمَّ إِن الْفَقِيه رَضِي الدّين اعتذر عَن ولَايَة الْقَضَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان فعين من يصلح لذَلِك فعين الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ وَكَانَ قَاضِيا فِي المهجم فَأرْسل لَهُ السُّلْطَان فولاه على مَدِينَة تعز وانفصل الإِمَام رَضِي الدّين عَن
القول في من تحققنا حاله من الفقهاء والعلماء من أهل ذي جبلة ممن اشتهر وظهر فضله وعلمه وصلاحه في المئة التاسعة من الهجرة النبوية
القَوْل فِي من تحققنا حَاله من الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من أهل ذِي جبلة مِمَّن اشْتهر وَظهر فَضله وَعلمه وصلاحه فِي المئة التَّاسِعَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة فَمنهمْ الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن صَالح بن أبي بكر بن عمر الْهَمدَانِي الْمَشْهُور بِابْن الْخياط كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما قَرَأَ على الْأَئِمَّة من أهل وقته مِنْهُم الإِمَام خطيب الخطباء مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الرخا الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي التدريس وَالْفَتْوَى بِمَدِينَة ذِي جبلة ونواحيها ثمَّ على أقضى الْقُضَاة سيد الوزراء وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن عَبَّاس وعَلى الإِمَام جمال الدّين الريمي فَكَانَ أشهر تلامذته واثنى عَلَيْهِ الإِمَام جمال الدّين بجودة فهمه ودقة نظره حَتَّى جعله معيد درسة بِمَدِينَة تعز وَقد أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم فِي سَائِر فنون الْعلم فدرس وافتى وأضيف إِلَيْهِ أَسبَاب مَدِينَة ذِي جبلة وَبَعض الْأَسْبَاب بِمَدِينَة تعز وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي البلدين وَكَانَ لَهُ اعتراضات وتصويبات على كَلَام الْأَئِمَّة لمن قبله من أهل الْمَذْهَب وَجعل عَلامَة كَلَامه على ذَلِك هَاء مشقوقة باصطلاح درسته وَجمع فصلا فِي معرفَة مَا يحل أكله من الطُّيُور وَمَا لَا يحل قبل دُخُول كتاب حَيَاة
الْحَيَوَان إِلَى الْيمن وامتحن الإِمَام رَضِي الدّين بِولَايَة الْقُضَاة فِي مَدِينَة تعز فباشر ذَلِك بعفاف وَكَانَت إِقَامَته فِي الْمدرسَة المعتبية والمدرسة المجاهدية ثمَّ اعتذر عَن ولَايَته الْقَضَاء إِلَى السُّلْطَان فَلم يعذرهُ فاجتهد بِإِقَامَة ناموس الْحق وَالْحكم على الأكابر فضلا عَن الأصاغر وَحكي عَنهُ فِي ولَايَته الْقَضَاء أُمُور تدل على فَضله وَأَنه لَا تَأْخُذهُ فِي ذَلِك لومة لائم وَقد ذكرت بعض تَفْصِيل ذَلِك فِي الأَصْل مِمَّا اتّفق فِي ولَايَته للْقَضَاء وَمَا كَانَ قبل ذَلِك مِمَّا اشْتهر بِهِ فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي ذكرهَا الْعلمَاء فِي أَن الرجل إِذا أعتق مملوكته وَمَات فَهَل يحْتَاج إِلَى إِذن جَمِيع وَرَثَة الْمُعْتق فِي تَزْوِيجهَا أم يَكْفِي أذنها لبَعْضهِم ويزوجها من غير إِذن سَائِر الْوَرَثَة من الْعصبَة فَأتى بِالنَّصِّ فِي الْمَسْأَلَة من الْحَاوِي الصَّغِير حَيْثُ قَالَ وكل من عصبَة كل كَهُوَ فِي النِّكَاح ثمَّ إِن الْفَقِيه رَضِي الدّين اعتذر عَن ولَايَة الْقَضَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان فعين من يصلح لذَلِك فعين الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ وَكَانَ قَاضِيا فِي المهجم فَأرْسل لَهُ السُّلْطَان فولاه على مَدِينَة تعز وانفصل الإِمَام رَضِي الدّين عَن
ذَلِك فتفرغ للتدريس وَالْفَتْوَى وَمن فَوَائده جَوَابه على السُّؤَال عَن مَذْهَب ابْن عَرَبِيّ وَمن انتحل مذْهبه وَقد ذكرت السُّؤَال والجوابات عَلَيْهِ من السَّادة الْعلمَاء فِي الأَصْل مِمَّا لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمُخْتَصر وَهُوَ قريب خمس وَرَقَات فَمن أحب ذَلِك فلينظره مِنْهُ مَعَ زِيَادَة فَوَائِد وفضائل تدل على غزارة علم هَذَا الإِمَام وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وثمانمئة بِذِي جبلة رَحمَه الله وَقد مدحه الشُّعَرَاء من ذَلِك قَول بَعضهم من قصيدة طَوِيلَة (أظهرت دين الله بعد خموله ... بعد النَّبِي فَقَامَتْ الْأَدْيَان) (مَا زلت للعلياء تكسبها وَمن ... يسْعَى لكسب الْعلم فَهُوَ معَان) (ونشرت علما جلّ عَن إحصائه ... بل ضَاقَ عَن أتقانه الْبلدَانِ) ورثاه هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين توفوا بذلك الْوَقْت من الْفُقَهَاء الْفَقِيه موفق الدّين عَليّ بن مُحَمَّد الأصبحي فَقَالَ من قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا (أوغرت يَا زمني صَدْرِي بأَرْبعَة ... كَانُوا شموس الْهدى فِي ساحة الْيمن) (أطفأت فِي جبلة مِصْبَاح ظلمتها ... وَبدر لَيْلَتهَا الْهَادِي إِلَى السّنَن) (قد كَانَ شمسا بهَا تهدى إِلَى سنَن ... وَكَانَ حصنا بِهِ نأوي من الْفِتَن) (وَكَانَ فِي إب كل الْخَيْر مجتمعا ... بالكاهلي عفيف الدّين ذِي المنن) (وَفِي شنين إِمَامًا كَانَ مُجْتَهدا ... من حل ساحته الفيحاء لم يهن) (وَفِي تعز العوادي رَابِعا لَهُم ... سَاد الورى بالتقى مَعَ حكمه الْحسن)
104
104
#فضائل_اليمن_الميمون
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويأتيه بها فخرجا فلما بلغا الطائف وكان فيه حينئذ جمع من أشراف قريش مثل أبى سفيان وصفوان بن امية وغيرهما فسألا عن النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا إنه بيثرب فلما سمع أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية بمضمون كتاب باذان وغرض الرجلين فرحا وقالا للجمع ابشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل فخرجا نابوه وخرخسرو من الطائف الى المدينة فقدما على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد حلقا لحالهما وشواربهما فكره النظر اليهما وقال (ويلكما من أمركما بهذا) قالا ربنا يعنون كسرى فقال (ولكن ربى أمرنى أن أعفى لحيتى وأقص شاربى) فاعلماه بما قد قدما له وقالا ان فعلت كتب باذان فيك الى كسرى وأن ابيت فهو يهلكك وقومك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «ارجعا وتأتيانى غدا» واتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر من السماء أن الله سبحانه وتعالى قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله فى شهر كذا وكذا بعدما مضى من الليل كذا ساعة فلما اتيا الى النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم من الغد قال لهما (إن ربى قد قتل الليلة ربكما بعد ما مضى من الليل سبع ساعات سلط عليه ابنه شيرويه حتى بقربطنه)
وكانت ليلة الثلاثاء العاشر من جمادى الاولى من السنة السابعة من الهجرة وقال لهما (إن دينى وسلطانى سيبلغ ملك كسرى وينتهى منتهى الخف والحافر) وأمرهما أن يقولا لباذان انك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك وملكتك على قومك من الابناء ثمّ أعطى خرخسرو منطقة محلاة بالذهب والفضة كان اهداها له بعض الملوك فخرجا من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وانطلقا حتّى قدما صنعاء على باذان واخبراه الخبر فقال والله ما هذا بكلام ملك وانى لأرى الرجل نبيا كما يقول ولننظرن؟؟؟ ما قد قال فلئن كان حقا فلا يسبقنى أحد من الملوك فى الايمان به وان لم يكن فسنرى فبه رأينا
فلم يلبث باذان الا يسيرا حتى قدم عليه كتاب شيرويه بخبره فيه أنه قتل كسرى غضبا لفارس لانه قتل أشرافهم وفرت من حوله وقال له اذا جاءك كتابى هذا فخذ لى الطاعه ممن قبلك وانظر الرجل الذى كان كسرى كتب اليك فيه فلا تهيجه حتى يأتيك أمرى فيه فلما انتهى كتاب شيرويه الى باذان قال إن هذا الرجل لرسول الله حقا فاسلم وأسلمت الابناء من فارس من كان منهم باليمن فبعث باسلامه واسلام من كان معه الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورضى عنهم وأقره عليهم
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويأتيه بها فخرجا فلما بلغا الطائف وكان فيه حينئذ جمع من أشراف قريش مثل أبى سفيان وصفوان بن امية وغيرهما فسألا عن النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا إنه بيثرب فلما سمع أبو سفيان بن حرب وصفوان بن أمية بمضمون كتاب باذان وغرض الرجلين فرحا وقالا للجمع ابشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك كفيتم الرجل فخرجا نابوه وخرخسرو من الطائف الى المدينة فقدما على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد حلقا لحالهما وشواربهما فكره النظر اليهما وقال (ويلكما من أمركما بهذا) قالا ربنا يعنون كسرى فقال (ولكن ربى أمرنى أن أعفى لحيتى وأقص شاربى) فاعلماه بما قد قدما له وقالا ان فعلت كتب باذان فيك الى كسرى وأن ابيت فهو يهلكك وقومك فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «ارجعا وتأتيانى غدا» واتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر من السماء أن الله سبحانه وتعالى قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله فى شهر كذا وكذا بعدما مضى من الليل كذا ساعة فلما اتيا الى النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم من الغد قال لهما (إن ربى قد قتل الليلة ربكما بعد ما مضى من الليل سبع ساعات سلط عليه ابنه شيرويه حتى بقربطنه)
وكانت ليلة الثلاثاء العاشر من جمادى الاولى من السنة السابعة من الهجرة وقال لهما (إن دينى وسلطانى سيبلغ ملك كسرى وينتهى منتهى الخف والحافر) وأمرهما أن يقولا لباذان انك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك وملكتك على قومك من الابناء ثمّ أعطى خرخسرو منطقة محلاة بالذهب والفضة كان اهداها له بعض الملوك فخرجا من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وانطلقا حتّى قدما صنعاء على باذان واخبراه الخبر فقال والله ما هذا بكلام ملك وانى لأرى الرجل نبيا كما يقول ولننظرن؟؟؟ ما قد قال فلئن كان حقا فلا يسبقنى أحد من الملوك فى الايمان به وان لم يكن فسنرى فبه رأينا
فلم يلبث باذان الا يسيرا حتى قدم عليه كتاب شيرويه بخبره فيه أنه قتل كسرى غضبا لفارس لانه قتل أشرافهم وفرت من حوله وقال له اذا جاءك كتابى هذا فخذ لى الطاعه ممن قبلك وانظر الرجل الذى كان كسرى كتب اليك فيه فلا تهيجه حتى يأتيك أمرى فيه فلما انتهى كتاب شيرويه الى باذان قال إن هذا الرجل لرسول الله حقا فاسلم وأسلمت الابناء من فارس من كان منهم باليمن فبعث باسلامه واسلام من كان معه الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورضى عنهم وأقره عليهم
وكتب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الى الحرث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من اقيال حمير
(سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله وأن الله وحده لا شريك له بعث موسى بآياته وخلق عيسى بكماته قالت اليهود عزيز بن الله وقالت النصارى الله ثالث ثلاثة عيسى بن الله) : وبعث الكتاب مع عياش بن أبى ربيعة المخزومى وقال (اذا جئت أرضهم فلا تدخلن ليلا حتى تصبح ثم تتطهر فاحسن طهورك وصل ركعتين وسل الله النجاح والقبول واستعذ بالله وخذ الكتاب بيمينك وادفعه بيمينك فى ايمانهم فانهم قابلون وأقرأ عليهم) (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (فاذا فرغت منها فقل امن محمد وانا أول المؤمنين فلن تاتيك حجة الا دحضت ولا كتاب الاذهب نوره وهم قارئون عليك فاذا رطنوا فقل ترجموا وقل حسبى آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه المصير فاذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التى اذا حضروا بها سجدوا وهى من الاثل قضيب ملمع ببياض وصفرة وقضيب ذو عجر كأنه خيزران والاسود اليهم فانه من ساسم ثم أخرجها فحرقها بسوقهم) قال عياش فخرجت وفعلت ما أمرنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى اذا دخلت فاذا الناس لبسوا زينتهم قال فمررت لانظر اليهم حتى انتهيت الى ستور عظام على أبواب دور ثلاثة فكشفت ودخلت الباب الاوسط فانتهيت الى قوم فى قاعة الدار
فقلت أنا رسول رسول الله وفعلت ما أمرنى فقبلوا وكان كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم اه
وكتب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الى أقيال حضرموت وعظمائهم زرعة وفهد والبس والبحيرى وعبد كلال وربيعة وحجر قال شاعر بعض أقيالهم يمدح زرعة
ألا ان خير الناس بعد محمد
لزرعة ان كان البحيرى أسلما
وقال يمدح فهد وعبد كلال
ألا ان خير الناس كلهم فهد
وعبد كلال خير سائرهم بعد
وفهد المذكور هو القائل فيه عمرو بن معديكرب الزبيدى
ألا عتبت على اليوم أروى
لأيتمها كما زعمت بفهد
وما الاحلاف ما يعنى اليه
ولا وأبيك لا آتيه وحدى
(سلم أنتم ما آمنتم بالله ورسوله وأن الله وحده لا شريك له بعث موسى بآياته وخلق عيسى بكماته قالت اليهود عزيز بن الله وقالت النصارى الله ثالث ثلاثة عيسى بن الله) : وبعث الكتاب مع عياش بن أبى ربيعة المخزومى وقال (اذا جئت أرضهم فلا تدخلن ليلا حتى تصبح ثم تتطهر فاحسن طهورك وصل ركعتين وسل الله النجاح والقبول واستعذ بالله وخذ الكتاب بيمينك وادفعه بيمينك فى ايمانهم فانهم قابلون وأقرأ عليهم) (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ) (فاذا فرغت منها فقل امن محمد وانا أول المؤمنين فلن تاتيك حجة الا دحضت ولا كتاب الاذهب نوره وهم قارئون عليك فاذا رطنوا فقل ترجموا وقل حسبى آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لاعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه المصير فاذا أسلموا فسلهم قضبهم الثلاثة التى اذا حضروا بها سجدوا وهى من الاثل قضيب ملمع ببياض وصفرة وقضيب ذو عجر كأنه خيزران والاسود اليهم فانه من ساسم ثم أخرجها فحرقها بسوقهم) قال عياش فخرجت وفعلت ما أمرنى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى اذا دخلت فاذا الناس لبسوا زينتهم قال فمررت لانظر اليهم حتى انتهيت الى ستور عظام على أبواب دور ثلاثة فكشفت ودخلت الباب الاوسط فانتهيت الى قوم فى قاعة الدار
فقلت أنا رسول رسول الله وفعلت ما أمرنى فقبلوا وكان كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم اه
وكتب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الى أقيال حضرموت وعظمائهم زرعة وفهد والبس والبحيرى وعبد كلال وربيعة وحجر قال شاعر بعض أقيالهم يمدح زرعة
ألا ان خير الناس بعد محمد
لزرعة ان كان البحيرى أسلما
وقال يمدح فهد وعبد كلال
ألا ان خير الناس كلهم فهد
وعبد كلال خير سائرهم بعد
وفهد المذكور هو القائل فيه عمرو بن معديكرب الزبيدى
ألا عتبت على اليوم أروى
لأيتمها كما زعمت بفهد
وما الاحلاف ما يعنى اليه
ولا وأبيك لا آتيه وحدى
اه وهو من ملوك حمير كما فى الاصابة بباب الفاء فى القسم الثالث وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى بنى معاوية من كندة بمثل ذلك وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى بنى عمرو من حمير يدعوهم الى الاسلام وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم لمعدى كرب بن ابرهة أن له ما أسلم عليه من أرض خولان وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم لخالد بن ضماد الازدى أن له ما أسلم عليه من أرضه على أن يؤمن بالله تعالى لا شريك له ويشهد أن محمدا عبده ورسوله وعلى أن يقيم الصّلاة ويؤتى الزكاة ويصوم شهر رمضان ويحج البيت ولا يؤوى محدثا ولا يرتاب وعلى أن ينصح لله ولرسوله وعلى أن يحب أحباء الله ويبغض أعداء الله وعلى سيدنا ومولانا محمدا النبى الأمى أن يمنعه مما يمنع منه نفسه وماله وأهله وان لخالد الأزدى ذمة الله وذمة محمد النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم إن وفى بهذا وكتب أبى بن كعب
وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم كتابا لجنادة الازدى وقومه ومن تبعه ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من الغنائم خمس الله وسهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفارقوا المشركين فان لهم ذمة الله وذمة محمد ابن عبد الله وكتب أبى بن كعب وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى ظبيان الازدى الغامدى يدعوه ويدعو قومه الى الاسلام فاجابه فى نفر من قومه بمكة منهم مخنف وعبد الله وزهير بنو سليم وعبد شمس بن عفيف ابن زهير هؤلاء بمكة وقدم عليه بالمدينة الحجن ابن المرقع وجندب بن زهير وجندب بن كعب ثم قدم بعد مع الاربعين الحكم بن مغفل فاتاه بمكّة أربعون رجلا وكتب النّبى صلىاللهعليهوسلم لابى ظبيان كتابا وكانت له صحبة وأدرك عمر بن الخطاب رضى الله عنهما
«فصل فى كتبه صلىاللهعليهوآلهوسلم الى بعض أهل اليمن بعد اسلامهم»
كتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى زرعة بن سيف بن ذى يزن بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد من محمد النبى الى زرعة ذى يزن «اذا أتاكم رسلى فآمركم بهم خيرا معاذ بن جبل وابن رواحة ومالك ابن عبادة وعقبه بن دينار أخرجه بن مندة وابن عساكر وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم لربيعة بن ذى مرحب الحضرمى وأخوته وأعمامه ان لهم أموالهم ونخلهم ورقيقهم وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشراجعهم بحضر موت وكل مال لآل ذى مرحب وان كل رهن بأرضهم بحسب ثمره وسدره وقصبه من رهنه الذى هو فيه وان كل ما كان فى ثمارهم من خير فانّه لا يسأله أحد عنه وان الله ورسوله برآء وأن نصر آل ذى مرجب على جماعة المسلمين وأن أرضهم بريئة من الجور وأن أمولهم وأنفسهم وزافر حائط
63
وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم كتابا لجنادة الازدى وقومه ومن تبعه ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطاعوا الله ورسوله وأعطوا من الغنائم خمس الله وسهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفارقوا المشركين فان لهم ذمة الله وذمة محمد ابن عبد الله وكتب أبى بن كعب وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى ظبيان الازدى الغامدى يدعوه ويدعو قومه الى الاسلام فاجابه فى نفر من قومه بمكة منهم مخنف وعبد الله وزهير بنو سليم وعبد شمس بن عفيف ابن زهير هؤلاء بمكة وقدم عليه بالمدينة الحجن ابن المرقع وجندب بن زهير وجندب بن كعب ثم قدم بعد مع الاربعين الحكم بن مغفل فاتاه بمكّة أربعون رجلا وكتب النّبى صلىاللهعليهوسلم لابى ظبيان كتابا وكانت له صحبة وأدرك عمر بن الخطاب رضى الله عنهما
«فصل فى كتبه صلىاللهعليهوآلهوسلم الى بعض أهل اليمن بعد اسلامهم»
كتب صلىاللهعليهوآلهوسلم الى زرعة بن سيف بن ذى يزن بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد من محمد النبى الى زرعة ذى يزن «اذا أتاكم رسلى فآمركم بهم خيرا معاذ بن جبل وابن رواحة ومالك ابن عبادة وعقبه بن دينار أخرجه بن مندة وابن عساكر وكتب صلىاللهعليهوآلهوسلم لربيعة بن ذى مرحب الحضرمى وأخوته وأعمامه ان لهم أموالهم ونخلهم ورقيقهم وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشراجعهم بحضر موت وكل مال لآل ذى مرحب وان كل رهن بأرضهم بحسب ثمره وسدره وقصبه من رهنه الذى هو فيه وان كل ما كان فى ثمارهم من خير فانّه لا يسأله أحد عنه وان الله ورسوله برآء وأن نصر آل ذى مرجب على جماعة المسلمين وأن أرضهم بريئة من الجور وأن أمولهم وأنفسهم وزافر حائط
63
#يحيى_عمر_اليافعي
شل صوت الدان
إن أشعار يحيى عمر في المرحلة الهندية تكشف عن عواطفه العنيفة وتجاربه ومغامراته التي يبدو فيها وكأنه "دنجواناً" انغمس في حياة اللهو والهوى للارتواء من ينابيع الحب، وتجفيف عطش السنين. ومع ذلك فأن حياة المدن الصاخبة لم تجرفه أو تفقده صلابة الجبال المهيبة التي نشا فيها أو تزيح حبه الأول. بل ظل يحيى عمر يحمل الوطن في حناياه وفي تلابيب قلبه، وكلما نأى به الزمان والمكان عنه، ازداد لوعة وصبابة وهياماً به، فلم تمض سوى ثلاث سنوات على غربته في الهند حتى تنازعه الشوق للوطن، رغم ما هو فيه من رغد العيش، فأخذ يتطلع إلى المركب الهندي الذي تمنى أن يكون أحد ركابه إلى (بندر عدن) ولو كلفه ذلك دفع (زايد ثمن)، رغم أن الثلاث سنوات قد أمضاها مع (حُمر الوجن) وله ما شاء من (الخمر والعسل واللبن) وهذه كناية عن أنهار الجنة الثلاثة، وكأنما أراد أن يقول إنه في الجنة، لكنها مع كل ذلك ليست معادلاً للوطن الذي سكن حبه في فؤاده ويجري مجرى دمه ويحظى لديه بأعلى مراتب الحب، ويمثل بالنسبة إليه دواء للروح وبلسماً شافياً:
يحيى عمر قال لا بندر عدن
تجمَّل اليوم خُذ زايد ثمن
با داوي الروح من جو اليمن
يافع حلالي لـه الوجه الحسن
وكيف با أنساه وحُبَّه قد سكن
وا مركب الهند ليتك عازمي
وشل عاشق مولع هايمي
منه علاجي ومنه بلسمي
حلاوة اسمه حلا يملأ فمي
داخل فؤادي ويجري في دمي
لقد ظل متعلقاً بمسقط رأسه ومشدوداً إليه بوشائج قوية، لم توهنها حياة الدعة والراحة ورغد العيش ومباهج الحياة الكثيرة التي صادفها في مدن الهند الكثيرة (دلهي، ممبي، كلكتا، مدراس، حيدر آباد، برودا، بونه..إلخ) التي عرفها وعرفته شاعراً عاشقا وعازفا وملحناً وفناناً يأسر الأنفس ويشجي قلوب العاشقين الملتاعة والغارقة في بحر الهوى، أو في غيرها من البلدان والمدن والمراسي (عمان، البحرين، البصرة، فارس.. الخ) التي قصدها أو مكث فيها في تنقلاته وأسفاره الكثيرة. وظلت روحه الهائمة تحلق في سماء الوطن وتحط الرحال عبر الأثير في كل شبر منه، يساعده في ذلك هاجسه الشعري المتوقد الذي يطوي به المسافات ويقرب بينه وبين وطنه في أسرع من لمح البصر:
ذكرت واشتاق قلبي لا جبل يافع
للأرض ذي حلّها كمّن نمر شاجع
لأهل النِّصَل والسَّلب باروتهم والع
مشتاق للأهل والأحباب والخلان
لضيفها نور أما للعداء نيران
لا اهتانت الأرض ما من يافعي يهتان
شل صوت الدان
إن أشعار يحيى عمر في المرحلة الهندية تكشف عن عواطفه العنيفة وتجاربه ومغامراته التي يبدو فيها وكأنه "دنجواناً" انغمس في حياة اللهو والهوى للارتواء من ينابيع الحب، وتجفيف عطش السنين. ومع ذلك فأن حياة المدن الصاخبة لم تجرفه أو تفقده صلابة الجبال المهيبة التي نشا فيها أو تزيح حبه الأول. بل ظل يحيى عمر يحمل الوطن في حناياه وفي تلابيب قلبه، وكلما نأى به الزمان والمكان عنه، ازداد لوعة وصبابة وهياماً به، فلم تمض سوى ثلاث سنوات على غربته في الهند حتى تنازعه الشوق للوطن، رغم ما هو فيه من رغد العيش، فأخذ يتطلع إلى المركب الهندي الذي تمنى أن يكون أحد ركابه إلى (بندر عدن) ولو كلفه ذلك دفع (زايد ثمن)، رغم أن الثلاث سنوات قد أمضاها مع (حُمر الوجن) وله ما شاء من (الخمر والعسل واللبن) وهذه كناية عن أنهار الجنة الثلاثة، وكأنما أراد أن يقول إنه في الجنة، لكنها مع كل ذلك ليست معادلاً للوطن الذي سكن حبه في فؤاده ويجري مجرى دمه ويحظى لديه بأعلى مراتب الحب، ويمثل بالنسبة إليه دواء للروح وبلسماً شافياً:
يحيى عمر قال لا بندر عدن
تجمَّل اليوم خُذ زايد ثمن
با داوي الروح من جو اليمن
يافع حلالي لـه الوجه الحسن
وكيف با أنساه وحُبَّه قد سكن
وا مركب الهند ليتك عازمي
وشل عاشق مولع هايمي
منه علاجي ومنه بلسمي
حلاوة اسمه حلا يملأ فمي
داخل فؤادي ويجري في دمي
لقد ظل متعلقاً بمسقط رأسه ومشدوداً إليه بوشائج قوية، لم توهنها حياة الدعة والراحة ورغد العيش ومباهج الحياة الكثيرة التي صادفها في مدن الهند الكثيرة (دلهي، ممبي، كلكتا، مدراس، حيدر آباد، برودا، بونه..إلخ) التي عرفها وعرفته شاعراً عاشقا وعازفا وملحناً وفناناً يأسر الأنفس ويشجي قلوب العاشقين الملتاعة والغارقة في بحر الهوى، أو في غيرها من البلدان والمدن والمراسي (عمان، البحرين، البصرة، فارس.. الخ) التي قصدها أو مكث فيها في تنقلاته وأسفاره الكثيرة. وظلت روحه الهائمة تحلق في سماء الوطن وتحط الرحال عبر الأثير في كل شبر منه، يساعده في ذلك هاجسه الشعري المتوقد الذي يطوي به المسافات ويقرب بينه وبين وطنه في أسرع من لمح البصر:
ذكرت واشتاق قلبي لا جبل يافع
للأرض ذي حلّها كمّن نمر شاجع
لأهل النِّصَل والسَّلب باروتهم والع
مشتاق للأهل والأحباب والخلان
لضيفها نور أما للعداء نيران
لا اهتانت الأرض ما من يافعي يهتان
ويصح القول عن يحيى عمر، الطائر المهاجر المغرد بحب الوطن، ما قاله أديب اليمن الكبير عبدالله البردوني: "إن اليمني لم يتخل عن يمنيته ولا تخلت يمنيته عنه، حتى إن الغربة أنتجت الأغاني الشعبية وأرغدها إبداعاً، باعتبارها من أعظم الأحداث المثيرة للأشجان، فقد تنفست المراتع والحقول بالأشجان الملحنة وكأن كل مكان ينادي إلى الإياب، كما أن كل مهجر يذكر بوجه الوطن"( ). وها هو "أبو معجب" في مهجره الهندي يستحضر الوطن ، يتنفس أريج هواه، يتدثر بخضرة مزارعه ويرقص قلبه طرباً وشوقاً إليه (على شُبابة الرعيان) التي كانت أول أداة موسيقية يعزف عليها وصاحبت أولى بروفاته في التلحين والعزف في ربيع شبابه حين كان يرعى الغنم، قبل أن يصير فيما بعد، هنا في الهند (عازف القيثار الشهير) أو "المقنبس" نسبة إلى إتقانه العزف على آلة القنبوس:
ولو ترى الواد زارع والجبل زارع
ترى مناظر يعانفها الهواء الصَّاقع
ترقص غصونه على شبابة الرعيان
سقاها ربي بهطل الغيث من لمزان
كان الفنان يحيى عمر يعزف على آلة "القنبوس" ويخرج من نغمات أوتار هذه الآلة الألحان اليافعية البديعة والعذبة، التي طورها من خلال غزلياته التي أبدعها وخرج فيها على مضمون قصائد عصره. ولاشك أنه كان يجيد أيضاً الغناء الهندي وكان الهنود يطربون لألحانه التي يغنيها ومن هنا نستنتج كثرة الحكايات والقصص في المرويات الشعبية عن مغامراته العاطفية وإعجاب الفاتنات الهنديات به وبفنه. وقد حاولت الهند بجمال طبيعتها الآسرة وبكل ما فيها مما لذ وطاب أن تستأثر بحب يحيى عمر, وتنسيه وطنه، ورغم كل الإغراءات التي قدمت له لم تفلح في ذلك، وظلت اليمن عموماً, ومسقط رأسه "يافع" خصوصاً حبه الأول والأخير.
وأجزم أنه لولا الهجرة والاغتراب لما تفتحت قريحته وأبدع هذه القصائد العذبة والألحان الرقيقة التي ما زلنا نتغنى ونصدح بها رغم مرور أزمنة متعاقبة على عصر الشاعر الفنان يحيى عمر.
ولو ترى الواد زارع والجبل زارع
ترى مناظر يعانفها الهواء الصَّاقع
ترقص غصونه على شبابة الرعيان
سقاها ربي بهطل الغيث من لمزان
كان الفنان يحيى عمر يعزف على آلة "القنبوس" ويخرج من نغمات أوتار هذه الآلة الألحان اليافعية البديعة والعذبة، التي طورها من خلال غزلياته التي أبدعها وخرج فيها على مضمون قصائد عصره. ولاشك أنه كان يجيد أيضاً الغناء الهندي وكان الهنود يطربون لألحانه التي يغنيها ومن هنا نستنتج كثرة الحكايات والقصص في المرويات الشعبية عن مغامراته العاطفية وإعجاب الفاتنات الهنديات به وبفنه. وقد حاولت الهند بجمال طبيعتها الآسرة وبكل ما فيها مما لذ وطاب أن تستأثر بحب يحيى عمر, وتنسيه وطنه، ورغم كل الإغراءات التي قدمت له لم تفلح في ذلك، وظلت اليمن عموماً, ومسقط رأسه "يافع" خصوصاً حبه الأول والأخير.
وأجزم أنه لولا الهجرة والاغتراب لما تفتحت قريحته وأبدع هذه القصائد العذبة والألحان الرقيقة التي ما زلنا نتغنى ونصدح بها رغم مرور أزمنة متعاقبة على عصر الشاعر الفنان يحيى عمر.
الإمامين #الصنعاني و #الشوكاني..
والأئمة (1-2)
بلال الطيب *
شَهِدت الإمامة الزّيدِيّة بعد وفاة المنصور الحسين بن المُتوكل القاسم – تَاسع أئمة الدولة القاسمية – تَغيرًا نَوعيًا في مَسارها السياسي، استقرت وراثة في ذرية الأخير، فعملوا على نبذ التعصب المذهبي، والتقرب من علماء السُنة المُجددين، ليس حُبًا في الأخيرين؛ وإنما حِفاظًا على عُروشهم، مُستفيدين من عَدم إجازة هؤلاء للخروج على الحكام.
عَاشت مدينة صنعاء خلال تلك الحقبة حِراكًا فكريًا وثقافيًا مائزًا، بَرز فيه عددٌ من العلماء المُجتهدين، والمُجددين، كان العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، والعلامة محمد بن علي الشوكاني أبرزهما على الإطلاق، وهو – أي ذلك الحراك – لم يكن في الأصل إلا امتداد لجهود العلامة محمد بن إبراهيم الوزير (أ)، والعلامة الحسن بن أحمد الجلال (ب)، والعلامة صالح بن مهدي المُقبلي (ج) التنويرية والإصلاحية في آن.
كانت لجهود العلامة ابن الأمير الصنعاني، ومن بعده العلامة الشوكاني الأثر الأبرز في تنامي حراك صنعاء الفكري، كانا قريبين من الحكام، وأسهما إلى حد ما في تهذيب سلوكياتهم، وصناعة أحداث وصفت بالإيجابية، لم يحدث لها أنْ تكررت خلال تاريخ الإمامة السوداوي الطويل، وأدت بمجملها إلى حرف مسار تلك الدولة عن نهجها الكهنوتي العنصري.
بخروج الأتراك من اليمن – مُنتصف القرن الحادي عشر الهجري – صار اليمن مِيراثًا سهلًا للدولة القاسمية، لتدخل الزّيدِيّة – دولةً ومذهبًا – مَرحلة اختبار حقيقي في كيفية تعاملها مع الآخر، ظلت فتاوى الفقهاء حول ذلك تراوح مَكانها، حتى تولى الإمامة الفقيه المُتعصب المُتوكل إسماعيل بن القاسم (ثالث أئمة تلك الدولة)، الذي صنع بفتاويه أعداء وهميين، احتوى أقاربه الطامحين، وجيَّش القبائل المُتعطشة للفيد جنوبًا، وغربًا، وشرقًا، مُؤسسًا بذلك أسوأ احتلال عرفته تلك المناطق على مدى تاريخها.
كان المُتوكل إسماعيل شديد التعصب لمذهبه، لديه فتوى شهيرة كفر بها أبناء المناطق الشافعية، أسماها: (إرشاد السامع، في جواز أخذ أموال الشوافع)، أصدرها بعد ثلاث سنوات من توليه الإمامة 1058هـ / 1648م، ألزمهم فيها بدفع الجزية بدل الزكاة، وجعل أرضهم خراجية حكمها كأرض خيبر؛ بحجة أنها انتزعت من الكفار الأتراك، وحين أرسل إليه أحد عماله يسأله: «هل يؤاخذنا الله فيما نفعله بحق هؤلاء..؟»، كان جوابه: «إنني أخشى أن يسألني الله عما أبقيت في أيديهم»!
كما ألزم أبناء المناطق الشافعية بفتوى أخرى أنْ يزيدوا في الأذان (حي على خير العمل)، وأنْ يتركوا الترضي عن الشيخين، وحين راجعه عدد من أقاربه وفقهاء مذهبه، بعد أنْ ساءهم الظلم والاعتساف الذي طال بسبب فتاويه الرعية المسالمين، تعصب لرأيه، ورد عليهم بقوله: «إنَّ هذه الأصول معلومة عندنا بأدلتها القطعية، ومدونة في كتب أئمتنا».
وأضاف: «المجبرة – وهم من يعتقدون أنَّ الله أكرههم على فعل المعاصي – والمشبهة كفار، والكفار إذا استولوا على أرض ملكوها، ولو كانت من أراضي المسلمين، ويدخل في حكمهم من والاهم، واعتزى إليهم، ولو كان مُعتقده يخالف معتقدهم، وأنَّ البلد التي تظهر فيها كلمة الكفر بغير جوار كفرية، ولو سكنها من لا يعتقد الكفر، ولا يقول بها أهله، فإذا استفتح الإمام شيئًا من البلاد التي تحت أيديهم، فله أنْ يضع عليها ما شاء، سواء كان أهلها ممن هو باق على ذلك المذهب أم لا».
العلامة الحسن بن أحمد الجلال كان من أكبر مُعارضي المُتوكل إسماعيل، ألف كتبًا ورسائل كثيرة، ضمنها انتقادات لجملة من تلك المظالم، منها رسالته الشرعية: (براءة الذمة في نصيحة الأئمة)، انتقد فيها غزوات الإمام الفقيه، ومحاربته لسكان إب، وتعز، وتهامة، واستباحته نفوسهم، وأموالهم.
لم يكتفِ العلامة الجلال بذلك؛ بل فند بالحجة الدامغة جميع الشبهات والدعاوى المُضللة التي كان يشيعها المُتوكل إسماعيل للقيام بتلك الجرائم، وقال مُخاطبًا إياه: «لو كانوا كفارًا لما جازت ذبائحهم، وأنتم تجيزونها، ولا نكاح نسائهم، وأنتم تبيحون ذلك، ولا دخول المساجد، ولا البيت الحرام، وقد صليتم معهم، وأديتم فريضة الحج بجوارهم».
وكان من جُملة العلماء الذين توجهوا بالنصح للمُتوكل إسماعيل عز الدين بن دريب، وخاطبه ذات الإمام بالقول: «لا ينبغي من مثلكم وأنتم بمحل من العلم أن تكون بغاة علينا، ومحاربين لنا»، فرد عليه: «الإمامة ظنية اجتهادية». أما القاضي أحمد المسوري فقد كان – حد توصيف صاحب (طبق الحلوى) نافذ الإرادة، كثير المواجهة للإمام بما ينقدح خاطره، وكان العلامة صالح بن مهدي المُقبلي أيضًا من جُملة أولئك الناصحين.
والأئمة (1-2)
بلال الطيب *
شَهِدت الإمامة الزّيدِيّة بعد وفاة المنصور الحسين بن المُتوكل القاسم – تَاسع أئمة الدولة القاسمية – تَغيرًا نَوعيًا في مَسارها السياسي، استقرت وراثة في ذرية الأخير، فعملوا على نبذ التعصب المذهبي، والتقرب من علماء السُنة المُجددين، ليس حُبًا في الأخيرين؛ وإنما حِفاظًا على عُروشهم، مُستفيدين من عَدم إجازة هؤلاء للخروج على الحكام.
عَاشت مدينة صنعاء خلال تلك الحقبة حِراكًا فكريًا وثقافيًا مائزًا، بَرز فيه عددٌ من العلماء المُجتهدين، والمُجددين، كان العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني، والعلامة محمد بن علي الشوكاني أبرزهما على الإطلاق، وهو – أي ذلك الحراك – لم يكن في الأصل إلا امتداد لجهود العلامة محمد بن إبراهيم الوزير (أ)، والعلامة الحسن بن أحمد الجلال (ب)، والعلامة صالح بن مهدي المُقبلي (ج) التنويرية والإصلاحية في آن.
كانت لجهود العلامة ابن الأمير الصنعاني، ومن بعده العلامة الشوكاني الأثر الأبرز في تنامي حراك صنعاء الفكري، كانا قريبين من الحكام، وأسهما إلى حد ما في تهذيب سلوكياتهم، وصناعة أحداث وصفت بالإيجابية، لم يحدث لها أنْ تكررت خلال تاريخ الإمامة السوداوي الطويل، وأدت بمجملها إلى حرف مسار تلك الدولة عن نهجها الكهنوتي العنصري.
بخروج الأتراك من اليمن – مُنتصف القرن الحادي عشر الهجري – صار اليمن مِيراثًا سهلًا للدولة القاسمية، لتدخل الزّيدِيّة – دولةً ومذهبًا – مَرحلة اختبار حقيقي في كيفية تعاملها مع الآخر، ظلت فتاوى الفقهاء حول ذلك تراوح مَكانها، حتى تولى الإمامة الفقيه المُتعصب المُتوكل إسماعيل بن القاسم (ثالث أئمة تلك الدولة)، الذي صنع بفتاويه أعداء وهميين، احتوى أقاربه الطامحين، وجيَّش القبائل المُتعطشة للفيد جنوبًا، وغربًا، وشرقًا، مُؤسسًا بذلك أسوأ احتلال عرفته تلك المناطق على مدى تاريخها.
كان المُتوكل إسماعيل شديد التعصب لمذهبه، لديه فتوى شهيرة كفر بها أبناء المناطق الشافعية، أسماها: (إرشاد السامع، في جواز أخذ أموال الشوافع)، أصدرها بعد ثلاث سنوات من توليه الإمامة 1058هـ / 1648م، ألزمهم فيها بدفع الجزية بدل الزكاة، وجعل أرضهم خراجية حكمها كأرض خيبر؛ بحجة أنها انتزعت من الكفار الأتراك، وحين أرسل إليه أحد عماله يسأله: «هل يؤاخذنا الله فيما نفعله بحق هؤلاء..؟»، كان جوابه: «إنني أخشى أن يسألني الله عما أبقيت في أيديهم»!
كما ألزم أبناء المناطق الشافعية بفتوى أخرى أنْ يزيدوا في الأذان (حي على خير العمل)، وأنْ يتركوا الترضي عن الشيخين، وحين راجعه عدد من أقاربه وفقهاء مذهبه، بعد أنْ ساءهم الظلم والاعتساف الذي طال بسبب فتاويه الرعية المسالمين، تعصب لرأيه، ورد عليهم بقوله: «إنَّ هذه الأصول معلومة عندنا بأدلتها القطعية، ومدونة في كتب أئمتنا».
وأضاف: «المجبرة – وهم من يعتقدون أنَّ الله أكرههم على فعل المعاصي – والمشبهة كفار، والكفار إذا استولوا على أرض ملكوها، ولو كانت من أراضي المسلمين، ويدخل في حكمهم من والاهم، واعتزى إليهم، ولو كان مُعتقده يخالف معتقدهم، وأنَّ البلد التي تظهر فيها كلمة الكفر بغير جوار كفرية، ولو سكنها من لا يعتقد الكفر، ولا يقول بها أهله، فإذا استفتح الإمام شيئًا من البلاد التي تحت أيديهم، فله أنْ يضع عليها ما شاء، سواء كان أهلها ممن هو باق على ذلك المذهب أم لا».
العلامة الحسن بن أحمد الجلال كان من أكبر مُعارضي المُتوكل إسماعيل، ألف كتبًا ورسائل كثيرة، ضمنها انتقادات لجملة من تلك المظالم، منها رسالته الشرعية: (براءة الذمة في نصيحة الأئمة)، انتقد فيها غزوات الإمام الفقيه، ومحاربته لسكان إب، وتعز، وتهامة، واستباحته نفوسهم، وأموالهم.
لم يكتفِ العلامة الجلال بذلك؛ بل فند بالحجة الدامغة جميع الشبهات والدعاوى المُضللة التي كان يشيعها المُتوكل إسماعيل للقيام بتلك الجرائم، وقال مُخاطبًا إياه: «لو كانوا كفارًا لما جازت ذبائحهم، وأنتم تجيزونها، ولا نكاح نسائهم، وأنتم تبيحون ذلك، ولا دخول المساجد، ولا البيت الحرام، وقد صليتم معهم، وأديتم فريضة الحج بجوارهم».
وكان من جُملة العلماء الذين توجهوا بالنصح للمُتوكل إسماعيل عز الدين بن دريب، وخاطبه ذات الإمام بالقول: «لا ينبغي من مثلكم وأنتم بمحل من العلم أن تكون بغاة علينا، ومحاربين لنا»، فرد عليه: «الإمامة ظنية اجتهادية». أما القاضي أحمد المسوري فقد كان – حد توصيف صاحب (طبق الحلوى) نافذ الإرادة، كثير المواجهة للإمام بما ينقدح خاطره، وكان العلامة صالح بن مهدي المُقبلي أيضًا من جُملة أولئك الناصحين.
ارتفعت وتيرة مُعارضي المُتوكل إسماعيل، وحججهم الدامغة، إلا أنَّه لم يتراجع عن فتاويه الباطلة قيد أنملة؛ بل جاء بمبررات دينية جديدة تؤكد منهجه، وتحول مُعتنقي المذهب الشافعي – تبعًا لذلك – من كفار إلى مُنافقين؛ لأنَّهم حد وصفه: «لا يمتثلون لأحكام الشرع إلا كرهًا وخوفًا من صولة الإمام بجنده أو بعض جنده»، وصار أصل الجهاد عنده قتالهم، واستباحة دمائهم وأموالهم.
وفي عهده بدأ الاحتفال بـ (يوم الغدير) لأول مرة في اليمن ذي الحجة 1073هـ ، أكد ذلك المُؤرخ يحيى بن الحسين (د)، وعلق عليه بـ «أنَّ من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». وعن ذلك قال المُؤرخ الإمامي أبو طالب: «والساعي فيه مولانا أحمد بن الحسن بمشاورة الإمام، واستحسانه الرأي، وتلقيه بالإعظام، وكان ابتداء هذا الشعور بحبور، فعمَّ الشيعة بفعله السرور.. وقام بذلك للشيعة الشنار، واتقدت النواصب بسلال النار».
كما قام المُتوكل إسماعيل بتوزيع المنشآت التي كانت بأيدي الأتراك على بعض الأمراء القاسميين، مُخالفًا بذلك تصرف أخيه المُؤيد محمد – الإمام السابق – الذي سبق أنْ حولها إلى بيت المال، والأسوأ أنَّه وزع اليمن كإقطاعيات بين أولئك الأمراء بموجب صك ألزمه بعدم تغيير الولاة، وهو أمر كان له ما بعده.
بوفاة المُتوكل إسماعيل 5 جمادى الآخر 1087هـ / 14 أغسطس 1676م، دخلت الدولة القاسمية نفقًا مُظلمًا، عمَّت الفوضى البلاد، وتفاقمت صراعات الأخوة الأعداء، اختلفوا، وتقاتلوا، وتحالفوا، وانحصر جنونهم شمالًا، والأسوأ من ذلك أنَّ تصرفات ذات الإمام الرعناء صارت سلوكًا مُريعًا لازم غالبية الأئمة المُستبدين من بعده.
رغم أنَّه لم يستوفِ شروطها، حاز ابن أخيه وقائد جيوشه الأمير أحمد بن الحسن الإمامة بالقوة، وتلقب بـ (المهدي)، وقد نقل صاحب (أنباء الزمن) عمن بايعوه قولهم: «ما بايعناه إلا حسبة لا إمامة». وذكر صاحب (بغية المريد) أنَّ عددًا من العلماء انكروا عليه ما بيده من أموال عند بيعته، فأبرز لهم مرقومًا بختم عمه المُتوكل إسماعيل فيه وهب بجميع الأموال التي غنمها من صاحب عدن وأبين الأمير الحسين بن عبدالقادر، وخاطبهم بالقول: «وكل ما ترونه بيدي، وأتقلب فيه من نعمة المال، هي من تلك الغنائم التي غنمناها نحن والمجاهدون من أموال ذلك الأمير وأصحابه، الذين تعتقدونهم عاطلي المذهب، أما أنا فأعتقدهم من كفار التأويل».
قضى المهدي أحمد معظم سنين عمره بين لهيب المعارك، ولأنَّ مُعظم هجماته كانت تتم ليلًا؛ عُرف بـ (سيل الليل)، وكان كثير البطش بخصومه، وقد نقل ابن عمه المُؤرخ يحيى بن الحسين عنه قوله: «وأما قتل النفوس في زمن المُتوكل – يقصد عمه إسماعيل – فهو عندي من أقرب القرب، فإذا أنكر على من قتل علي بين يدي رسول الله في يوم بدر، وأحد، وفتح خيبر، والخندق، ويوم حنين، أنكر علي بمن قتلت يوم أبين، ويوم نجد السلف، ويوم يافع، ويوم بحران بحضرموت»!
وفي عهده أيضًا كما أفاد ذات المُؤرخ: «ارتفع شأن الشيعة، واستظل تحت حمايته من كان على شاكلته في الرفض»، فقد كان جاروديًا مُتعصبًا؛ بل أنَّه ولشدة كرهه للصحابة أمر بكشط أسماء الخلفاء الراشدين من مِحراب الجامع الكبير بصنعاء.
وروي أنَّه كتب ذات مرة لعمه المُتوكل إسماعيل من مدينة تعز مُعترضًا على إمامة فقهاء الشافعية في المساجد؛ كونهم حدَّ وصفه يُعلمون الناس عقائدهم الخبيثة، وأضاف في رسالته: «وأن عذر الأئمة من قبلك واضح لعدم تمكّن الوطأة، فما عذرك عند الله في السكوت عن ذلك، وقد تمكّنت الوطأة» (1)!
حُكم الإقطاع
ما أنْ صفت اليمن للأئمة من آل القاسم، وخلت من مُعارضيهم، حتى طغى حُكم الإقطاع، وُزعت البلاد بين الأمراء الطامِحين، وإذا ما مات أحد أئمتهم، تشبث الواحد منهم بما تحت يديه، الأمير القوي يتمدد، والضعيف ينكمش، تلاشت حينها الاستدلالات التي تُؤكد أحقيتهم في الحكم والولاية، وغُيبت شروط الإمامة التي وضعها الجد المُؤسس، وتحولت الإمامة من دولة دينية ثيوقراطية إلى مملكة إقطاعية يَحكُمها الأكثر طغيانًا.
بعد رحيل المهدي أحمد بن الحسن 22 جمادى الأولى 1092هـ / 10 يوليو 1681م، عاد الضجيج من جديد حول من يَخلفه، ليقع الاختيار للمرة الثانية على حاكم صنعاء محمد بن المُتوكل إسماعيل ذو الـ 48 ربيعًا، الذي سبق أنْ رفضها بعد وفاة أبيه؛ وما قبلها هذه المرة إلا مُكرهًا؛ وذلك بعد إجماع الناس والعلماء عليه.
عمل المُؤيد محمد جاهدًا خلال سنوات حكمه على إصلاح ما أفسده أسلافه، إلا أنَّ جميع مُحاولاته باءت بالفشل؛ لأنَّ الفساد والإقطاع كان قد تمدد واستفحل تمامـًا كالسرطان، ولم يبق تحت سيطرته من البلاد إلا ما كانت له أيام والده، وعنه قال المُؤرخ يحيى بن الحسين: «رفع مَظالم كثيرة من البلاد التي نفذت بها يده وحكمه، كبلاد صنعاء، وبلاد حراز، وضوران»، وأضاف: «وأما اليمن الأسفل فلم يُنفذ فيها كلامة، ولم يُسمع فيها قوله»؛ فقد عاث الأمراء المتنافسون فيه نهبًا وخرابًا، فيما كانت