اليمن_تاريخ_وثقافة
10.6K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
#تعز
#صور_يمنية  📸📸📸📸📸
🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪🇾🇪
https://t.me/taye5
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#عمار_الزريقي
شاعر فحل من جيل ال 2000م لكنه مشبع بتهاويم #البردوني مترع بتاريخ #اليمن غارق في أوداج #صنعاء تتقاذفه امواج #عدن شططه #زريقي ولحنه #عريقي وايقاعه #إبيٌ_حيقي وقوافيه بناءً #عمرانية وأبياته وزناً #عبسية صوره الواناً #مأربية و دندنته #حضرمية أغانيه #شبوانية وآهاته #تهامية كلماته #صواعق وحروف قصائده #بوارق
انه #عمار غيث ونار وسماء وسوار
شعره هو مانشعر وقصائده الذي في خواطرنا نقصد نعم شاب صغير ولكن دواوين من تنبأ لمشاعره بلاغة اعجاب تسجد....!!؟
له ديوان سماه #صعلكة لكنه بنى له في كل محفل شعر مملكة

يَحدثُ الآن أنها تتشكلْ
فوق ما يُشتَهى وما يُتَخَيّل

تتحلّى كنجمةٍ في عيوني
وبأصقاع قهوتي تتغوّل

تارةً تغزل الغيوم وتدنو
تتدلى.. وتارةً تتدلل

مرةً تعزف الربيع المُقَفَّى
مرةَ تنشد السلام المؤجل

ترتقي بالجمال فوق الثريا
تحتفي بالنجوم أعلى وأسفل

أمها زهرة السنين البواكي
جرحها نغمة الحنين المطول

هي أم الرياض بنت الأقاحي
هي أخت الربيع والعطر والطل

مخضت بنتها بطوفان نوح
وهي بكرٌ كأمها حين تحبل

وهي أمي و أم كل المعاني
وامرؤ القيس نجلها والمهلهل

تختفي في قناع أسود عنسٍ
أو على مذهب الإمام ابن حنبل

كذّب الصادقون ما قيل عنها
أنها في الخصام صفراء عيطل

مثلها صادقٌ ومثلي صديقٌ
مطمئنٌ لما يقول ويفعل

كم تجنّت وكم وكم خاصمتني
كم رمتني بخيبةٍ لا تعلل

كم تغدّت شويعرًا يتمادى
كم تعشّت شويعرًا يتطفل

وتراخت لشاعرٍ يتعالى
واستبدت بشاعرٍ يتسول

وتصدت لثالثٍ يقتفيها
واشترت فيه من يقول ويفعل

ها هي الآن وهي بين يديكم
قد تجلت في صورتي تتمثل

سيمياء الصلاة في وجنتيها
تزدهي حينما تؤم ابن قنبل

يحدث الآن أنها كبلادي
من رماد احتراقها تتشكل

****
ع ز / جبل منيف/ 21 نوفمبر 2021
يا مريم إني إنسان
مخلوقٌ في صورة شيطان
أعترف الآن بأني ملتزمٌ حد التفريط
ومنفلتٌ حد الإيمان
صليت العصر بغير وضوءٍ
وأقيم المغرب كالعادة من غير أذان
وأصوم الست مفرقةً في رمضان
وأقوم الليل إلى أن يكتمل الخيطان
الخيط الأبيض والخيط الأسود سيان
لكنهما شتان
إني "خرمان"
ودماغي "خربان"
لغتي لا تشبه قاموسًا
تقويمي لا يشبه تقويمًا
ذو الحجة يدخل عندي في رجبٍ
سبتمبر يتلو شعبان
اسمي مضمونٌ من غير ضمان
ولساني "شيكي" من غير أمان
أكتب أشعاري لامرأةٍ
وأعاكس آلاف النسوان
وأقدم روحي قربانًا للنهد وقلبي نهدًا للقربان
النهد الأيمن يعصمني من غضب الطوفان
والنهد الأيسر يحميني من بطش الحيتان
الحالة عندي إدمان
والثورة بركان
***
يا مريمُ يا بنت العربان
هذا السيناريو معروف منذ الطوفان
لكني "غلباااان"
لن أتدخل إطلاقًا في أي قرارٍ يصدره الديوان
لن أتورط في أي سجالٍ بين الصيصان
لن أبدي أبدًا إعجابًا بنعيق الغربان
في أي زمانٍ ومكان
***
يا مريم
إني "غلبان"
قاتي نوعان
وبداخل رأسي كابوسٌ ثعبان
في الواقع لم أقترف القات الجيد منذ زمان
أعترف الآن
أني يا سيدتي "طفران"
التخزينة عندي شوطان
الشوط الأول برهان
والشوط الثاني سلوان
والشوط الأول والثاني صنوان
هاتي لي ألفاً كي أنفض عن ساعاتي كابوس الحرمان
وأعاقر بعض الأغصان
كي أتقن فن الهذيان
وأمارس تكحيل العميان
وأهندس أفكارًا أخرى وقصائدَ من ذهبٍ
وشعاراتٍ حمراءَ بلون الرمان
وأصوغ مشاريع سلامٍ
وهتافاتٍ جيدةً ترفعها القطعان
لتسبح باسم السلطان
كي أقنع أجيال الحاضر والآتي برياضة حلب الثيران
***
الجائع غير الشبعان
والكاسي غير العريان
شكرًا سلمان
شكرًا لإمارات الخير ودولة آل نهيان
شكرًا للسيد ضاحي خلفان
شكرًا تنظيم الإخوان
شكرًا أرطغرل عثمان
شكرًا لسماحة خامنئي إيران
شكراً لفخامة إيفانكا عبد السكران
شكرً للقائد موشي ديان
شكرًا علماء الخمس وأنصار معاشرة الغلمان
شكرا أنصار العدوان
شكرًا فردًا فردًا للحوثي وجميع الحيتان
"أيران" لكم ولكم "أيران"
***
الراتب نصفان
نصفٌ للبقالة والنصف الثاني للدكان
عفوًا ...يا مريم
إني غلطان
أطمع في عفو الرحمن
الراتب يا مريم مقطوعٌ منذ زمااااان
أعجبني/ ذكّرني هذا النسيان
***
من ذا يقنع أغنام الله بأن لا تثغو طلباً لحقوق الحيوان؟!
***
شكرًا
لجميع
الخرفان
**

عمار الزريقي 8 أكتوبر 2019م
كتب الاديب #عبدالله_جمعة

#عمار_الزريقي_أين_اليمن_الشاعرة ؟

" #هذا_بعضٌ_من_عَمَّار_اليمن "
قراءة في بعض نصوص الشاعر اليمني عمار الزريقي
------------------------------------------------------
ائتوني بقلم فحم , ذلك القلم الذي يمسك به التشكيليون لينظروا إلى ملامح الشخصية فيخطوا خطوطهم المتراصة بمقاييس مرعية دقيقة لنفيق في النهاية على صورة واضحة المعالم للشخصية التي هم بصدد رسمها , وكلما كان قلم الفحم قادرا على مس التفاصيل الداخلية للشخصية خرجت الصورة قريبة من الواقع قدر الإمكان واقع من يحمل تلك التفاصيل
لقد أطلت وأسهبت – في مقالاتي السابقة – لدرجة دفعت بعض قرائي يسألون : متى سيقترب من نصوص الشاعر التي هي محل التحليل ؟ كنت أقرأ هذا متضمنا في تعليقاتهم وردودهم وإن لم يصرحوا به ... ولكني قصدت عمدا إلى ذلك لأسباب بعضها :
الأول : كنت ساخطا على عملية التأريخ الأدبي العربي سواء أخطها مؤرخون عرب أم غير عرب ؛ لأن جلهم أو يكاد حين شرعوا في إخراج موسوعاتهم التي أرخت للأدب العربي قد مروا على اليمن مرورا لا يليق بها ولا بهم أنفسهم فالمؤرخ الأكبر لتاريخ الأدب العربي الدكتور شوقي ضيف في موسوعته الشهيرة " تاريخ الأدب العربي " لم تحظ اليمن منه بما هي أهل له ؛ إذ مرَّ عليها في موسوعته في الجزء الأول " العصر الجاهلي " مرورا سريعا واكتفى بوصف اليمن جغرافيا وسياسيا وعقائديا إلا أن إشارته إلى الشعر اليمني لم تكن بارزة بحجم اليمن الطبيعي على خريطة الأدب العربي ثم إنه حين عرض لشعراء الجاهلية أفرد ترجمات لهم وعلى رأسهم أمير الشعر العربي قبل الإسلام امرؤ القيس ثم حاتم الطائي وأشار إشارات عابرة إلى أنهما يمنيان ولم يقف ليرسم ملامح الشخصية الأدبية اليمنية , ثم إنه حين ذهب إلى تقسيم الإبداع العربي مؤرخا إياه دخل فيما أسماه " عصر الدول والإمارات " أي عصر ما بعد تقسيم الخلافة فجعل لكل منطقة مجلدا مستقلا يتناول فيه تفاصيل شخصيتها إلا أنه حين أراد أن يستعرض اليمن استعرضها من خلال استعراضه لمجلد الجزيرة العربية , ولست معترضا على ذلك فاليمن جغرافيا ركن ركين في الجزيرة العربية ولكن اعتراضي نَجَمَ عن طريقة التناول حيث تهميشه اليمن وتركيزه على أركان الجزيرة العربية الأخرى وما جاء ذكره لليمن لم يوف اليمن حقها . حتى " كارل بروكلمان " في موسوعته التأريخية الشهيرة عن الأدب العربي فعل ما فعله الدكتور شوقي ضيف ؛ ربما لأن كارل بروكلمان ليس عربيا وحين أراد أن يتكئ على مرجعيات يستمد منها لم يجد مادة ثرية عن اليمن ففعل ما فعلته التأريخيات العربية , فأردت أن أعبر عن غصتي متذرعا بعمار الزريقي
الثاني : من خلال مطالعتي لتجربة " عمار الزريقي " الشعرية داخل حدود ديوانين شعريين حصلت عليهما من يديه الكريمتين عبر الإيميل في ملفات بصيغة الـ PDF وهما " صعلكة " و " نوافل " ومن خلال معايشتي لهذين الديوانين قد أدركت أن " عمار الزريقي ليس ممن يوقف على شعره بالنقد والتحليل قبل التأهيل للخوض في غمار تجربته لأن تلك التجربة هي خيط من خيوط الشخصية اليمنية , فكان لزاما أن يتملس القارئ طريقه إلى ملامح تلك الشخصية حتى يُقْدِمَ على " عمار الزريقي " إقدام العارف بالتفاصيل المحيطة بتلك الشخصية الشعرية ذات الأبعاد التاريخية والجغرافية والفلسفية والفنية بل والنفسية
فعمار الزريقي إنما هو انعكاس لبيئة ذات شخصية واضحة المعالم وهو – كما عبرت – أحد أهم خيوطها المكونة لنسيج شخصيتها فأردت أن أعرض لوحة – قدر الإمكان – للواقع اليمني النصي حتى إذا نظرنا لأحد خيوطها المكونة لها نجحنا في الاستمتاع بلونه وطعمه ورائحته اليمنية الأصيلة
وقبل الخوض في غمار التجربة " الزريقية " قصدت إلى التنويه إلى أنني حين أتكلم عن الشخصية اليمنية فإنني أسقط على عمار الزريقي والعكس صحيح تماما فحين أتكلم عن عمار الزريقي فإني أسقط على الشخصية اليمنية ليس اختزالا للأدب اليمني في دائرة عمار الزريقي وإنما تركيزا على معالم شخصية عمار ذاتها فاليمن مليء بالمبدعين ذوي البصمات الخالدة في النص العربي
إن شخصية عمار الزريقي الشعرية شخصية لها أبعاد لم تأت من فراغ , وقد نوهت إلى مثل هذا هذا في كتابي مكامن الإبداع – في جزئه الأول – من ص 24 حتى ص 63 عن مراحل النمو الفكري للشاعر التي مؤداها أن الشاعر حين يخوض غمار التجربة الشعرية عبر رحلة النضوج الفكري يمر بأربع مراحل من النضج الفكري تتمثل الأولى في البحث عن روافد معرفية وخبراتية وحياتية مغذية لهذا الفكر ثم الدخول بعد مرحلة من التغذية إلى مرحلة الاكتفاء وقلت بالاكتفاء لا الامتلاء وكنت أعني بالاكتفاء ؛ الدخول إلى تجربته النصية ممتلئ الفكر بالدواعم المعرفية التي ستغذي تجربة النص ثم انتقاله بعد ذلك بعد دربة ومران وخبرة إلى مرحلة تكوين الشخصية الشعرية أي الشفرة أو الشيفرة الخاصة بالشاعر والتي تجعل منه شخصية شعرية ذات أبعاد واضحة المعالم تعبر عن ذاتها دون أن يلحق اسم الشاعر بها ومن ذلك
أننا إذا أسقط في أيدينا نص شعري دون أن يلحق به اسم شاعره نستطيع أن نقول أن هذا النص بردوني مثلا أو نزاري أو هزاعي أو زريقي وهذه المرحلة إنما هي مرحلة فارقة في حياة الشاعر لأنها – إن بلغها – سيدخل تاريخ الأدب وسينضم للأسرة الأدبية كشخصية واضحة المعالم ذات استقلالية لها ملامحها الخاصة ومن ثم تستطيع أن تحد حدودها داخل إطار التاريخ الأدبي بمساحة تحقق لها الخلود النصي المستقل المعالم
وقلت في معرض حديثي في كتابي " مكامن الإبداع " ج1 في ذات المساحة المذكورة أن الشاعر الحقيقي إنما هو ذلك الشاعر الذي يحيا في حال صدام مستمر مع الواقع الشعري , وحددت الواقع الشعري لا الواقع الحياتي وإن كان الأول مستمد مكونه وحدوده من الثاني ... إذن فالواقع الشعري هو الخصم الأول للشاعر يدخل معه الشاعر في حلبة صراع محاولا أن ينتصف منه وينتصر عليه في تجربته الشعرية وقد عبرت نصا " أن الشاعر ينتصف في تجربته الشعرية من واقع شعري هو مهزوم فيه في الواقع الوقيع " .
والشاعر ذو الشخصية الشعرية أو الشفرة الشعرية إنما هو ذلك الشاعر الذي يستطيع أن يدخل في زاوية أسميتها " زاوية الرؤية " وتمثل زاوية الرؤية هذه فلسفته الشخصية في مواجهة ذلك الواقع الشعري فبها يعد عدته وينتقي أسلحته التي سيواجه بها هذا الواقع الشعري حتى يتسنى له الانتصار عليه ومن ثم الانتصاف منه , وقد أحصيت في كتابي ما يقرب من خمس وعشرين شفرة شعرية أو زاوية رؤية أحصيتها من خلال عملية مسح شامل للنصوص الأدبية العربية خلال أعوام طويلة من عمري احتككت بها بأكثر النصوص العربية ذات النضج والرشد النصي فاتحا المجال لنفسي مستقبلا ولكل من يأتي من بعدي من نقاد الشعر ومنظريه لاكتشاف المزيد من تلك الزوايا أو الفلسفات
ووقفت في كتابي " مكامن الإبداع " لأعلن أن الشاعر ليس بالضرورة أن يقف لواقعه الشعري بفلسفة واحدة أو زاوية رؤية واحدة وإنما قد تتعدد تلك الشفرات بحسب مستوى نضجه الفكري وامتلاء رافده المعرفي
فمنها مثلا ؛ فلسفة تشويه الواقع وفلسفة الشكوى وفلسفة التهكم وفلسفة الاستعلاء على الواقع وفلسفة التلذذ بالألم واستعذابه وفلسفة الحكمة الدستورية وفلسفة النواح والعويل ... إلى غير ذلك من فلسفات أو زوايا رؤية يمكن للشاعر أن يصطبغ بها أو يتخذها سلاحا يواجه به واقعه الشعري
وفي حقيقة الأمر فإن تلك الفلسفة إنما هي تمثل منتهى الوعي والنضج الإدراكي لدى الشاعر إذ أنه من خلال تسربله بها يكون قد حدد معالم شخصيته الشعرية التي ستخلد تاركة بصمته على نصوصه بل ربما تتسع فتجذب إليه مريديه من ناشئة الشعر فتتحول تلك الفلسفة إلى تيار يسبح من خلاله كل من اقتنع بتلك الفلسفة هنا نستطيع أن نقول أن ذلك الشاعر صاحب تلك الفلسفة قد خط " مدرسة أدبية " ومن هنا تنشأ المدرسة الأدبية فنقول هذه هي " المدرسة البردونية " وتلك " المدرسة النزارية " وهكذا
ولعدم الاستطراد فإني أمام تجربة " عمار الزريقي " قد وجدتني أقف أمام شخصية شعرية واضحة المعالم قد ابتنت لنفسها الأسس اللازمة لجعلها شخصية ذات شفرة أو بصمة وراثية تحمل جيناتها من عمار الزريقي لتنتقل بين الزخم النصي الشعري العربي معلنة عن نفسها لا تخالطها شخصية أخرى أو تخالطها هي
وهنا أقف وأسأل : ما ملامح الشخصية " الزريقية " أو بمعنى أوضح ؛ ما فلسفة عمار الزريقي وما زاوية رؤيته التي يواجه بها واقعه الشعري ؟
إن شخصية عمار الزريقي تتجلى بوضوح منذ اللحظة الأولى التي يستضيفك فيها أحد ديوانيه ؛ ( صعلكة ) أو ( نوافل ) لتحل في رياضه متنقلا بين رياحينها العبقرية ...
فعند مولج ديوان " صعلكة " تجد نفسك واقفا على ثلاثة من الإهداءات المتتالية نصها :
" من لم يذق طعم الأبوة فقد فاته أهم ركن من أركان الحب ... إلى صغيرتي تسنيم التي تختزل العالم في ابتسامتها البريئة ... إلى كل الفقراء الذين يتطلعون إلى عالم ينبغي أن يكون "
لقد اختزل عمار الزريقي واقعه الشعري أو لنقل نظرته أو زاوية رؤيته لهذا العالم تحت معنى واحد هو العنوان الرئيس الذي سألج منه " أبوة " فللحب أركان كأركان الإيمان فالإيمان حب وأهم أركان ذلك الحب " الأبوة " ثم يتجه إلى صغيرته " تسنيم " ليمنحها صك البراءة المستمدة نعومتها من " الأبوة " ثم يتسع بإهادئه إلى كل فقراء العالم متمنيا لهم أن يجدوا عالما كما ينبغي أن يكون تحت مظلة " الأبوة "
إنه الحرمان الذي تعانيه النفس السوية فتتحول من حرمان الماضي إلى عطاء المستقبل فالنفس السوية إنما تجاهد من أجل تعويض العالم ما فقدته هي
ولست هنا في مجال تنجيم أو استطلاع غيب , لذلك فلست أصف ما هو كائن لست أعلمه فما كنت أعني بالأبوة هنا أن الشاعر قد فقد أباه ولكني أعني بالضرورة عامدا أن الشاعر قد عانى حرمان الأبوة على نحو ما ؛ أبوة الوطن , أبوة الأمن , أبوة التطلع للمستقبل , أبوة الإحساس بلمِّ الشمل أي الأبوة المعنوية التي يتلمسها كل إنسان يسعى إلى تأمين حياته ومعاشه بشتى وسائل التأمين ...
وكما قلت فالنفس السوية هي تلك النفس التي تسعى إلى تعويض العالم عما فقدته هي خلال رحلتها إبان مراحل الوهن والاحتياج
إذن فالشاعر هنا يرتدي رداء العطاء النابع من حرمان ما حرمه في حياته فأراد للعالم حوله ألا يذوق ذات طعم الحرمان فاتجه إلى منحه كل من يحتاج إليه
ثم بالإيغال إلى ساحة ديوانيه الشعريين تجدك واقفا على الخيوط الرئيسة لملامح الشخصية الزريقية والتي تتمثل خيوطها فيما ستنبئ عنه نصوصه :
تقولين ما شأني ؟ سأروي حكايتي --- قبيل اكتمال البدء كانت نهايتي
بدأتَ إذا بالصفر ؟ كلا بلغته --- أخيرا وكان الصفر في البدء غايتي
أهذا اسمك الفعلي ؟ سر بلا فم --- دعيه فإني مدرك بالكناية
ولدت وأمي بنت عمران لم يزل --- أبوها صبيا تحت رُحمى وصايتي
وفارقت مهدي بعد عام بداخلي --- " تأبط شرا " من ذيول النكاية
أما كنت تدري ؟ كنت أدرك أنني --- أمارس جهلي خشية من درايتي
تلك مرآة تعكس لي ككقارئ معالم شخصية عَمَّار ؛ أقامها أمامي على حوارية تأخذ مما أستطيع أن أصفه بـ " الفانتازيا " قالبا لتعكس لي خيوطها التي أستطيع أن أصف كلا منها بكلمة واحدة ثم أعود لأحققها من خلال النص القصير المفعم ... ( حرمان – تهكم – استعلاء – كوميديا سوداء ) هي ليست بالكلمات ولكنها مفاتيح شفرات أو شيفرات شخصية عمار الزريقي الشعرية ...
هي تسأله : ما شأنك ؟ وهو يجيب بأنه قد انتهى قبل أن يكتمل بدؤه فالبيئة المحيطة به لم ترعه ولم تعطه حق الحياة , منتهى السخرية السوداء , ملهاة تغلف المأساة ... " تأبط شرا " رمز يفتح من تحته عالم من المرارة والسخرية والضحك الباكي , فلماذا تأبط شرا ؟ يكفي أن نعلم سر تسميته بـ " تأبط شرا " لنعلم مرمى الرمز : إنه ثابت بن جابر بن سفيان , الذي قيل في سر تسميته أنه رأى كبشا كبيرا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه فجعل يبول عليه طول طريقه فلما قرب من الحي ثقل عليه الكبش فرماه , فإذا هو الغول فقال له قومه : ماذا تأبطت يا ثابت ؟ قال : الغول . قالوا : تأبطت شرا
وهنا أسأل عمار دون أن أفصح عن إجابة : من تأبط شرا يا عمار ؟ لقد لمحت عن نفسك به مستترا تحت ما عرف عنه من صعلكة تمشيا مع الديوان الذي يحمل الاسم .. ولكن ! من الكبش الغول ؟ وماذا كنت تعني بالبول ؟ وما مدى معاناتك في حمل كبشك هذا ؟ بالقطع أنت لم تذكر هذا صراحة ولكنك ورَّيت تحت صعلكة " تأبط شرا " بتلك القصة الساخرة التي تشوبها الحسرة معبرة عمن أمضى حياته يحتمل بول ذلك الكبش انتظارا لوليمة ثمينة سمينة دسمة وفي النهاية اكتشف أنه الغول ... أظن أن القارئ الآن قد أمسك بخيوط الإجابة كما إني على يقين أنك الآن يا عمار تتمتم بالإجابة التي أنتظرها
إن عمار الزريقي نموذج لشاعر ممتلئ معرفيا حدا يجعله يورِّي ويراوغ مراوغة المحارب الذي يحفظ ميدان معركته جيدا فيعرف من أن يأتي واقعه الشعري فيطعنه ومن أين يفجأه فيربكه ومتى يوجه ضربته القاضية فينتصر عليه
وحين اقترفت الشعر ! مهلا هويته
فألفت أبياتا وماتت هوايتي
وفوزك بالمليون هل كان صدفة ؟
سمت بي على رجس الدنانير غايتي
فأصبحت أبني في خيالي ممالكا
وأغرس في مستنقع الفقر رايتي
لماذا ؟ لأني حين ألغيت مخلبي
تواضع قانون القوى عن حمايتي
إن اقتراف الشعل فِعْلُه , هكذا تُنبئنا المعاجم والاقتراف إثم وحسنة فمقترف الإثم فاعله ومقترف الحسنة فاعلها , فكيف اقترفت الشعر يا عمار ؟ هو فتح الدلالة هنا عمدا مع سبق الإصرار والترصد , نعم ! مع سبق الإصرار والترصد ... فهو يقر باعتراف ساخر متهكم يحمل في طياته الحسرة بأنه قد مارس الشعر إثما وإحسانا مرذولا ومحمودا . فمتى أحسنت يا عمار إلى الشعر ؟ حين كان هاويا يتمهل عليه حتى يأتيه طواعية . ولكن متى أَثِمْتَ في حق الشعر ؟ حين احترفه ودخل التأليف من أجل الدنانير فأَثِمَ في حق الشعر لأنه أمات هوايته ... فأحيانا ضغط الحاجة والعوز يدفعنا إلى التخلي عن أنبل ما فينا وأسماه .. لكنها " الكوميديا السوداء " أنه بعد أن اغتنى من وراء الشعر فجع فاكتشف أنه قد غرس رايته في مستنقع الفقر فهو ما زال فقيرا ! ربما ليس فقير مال ولكن ما قيمة مال الدنيا تحت يديك وأنت تعيش في محيط فقير يعجز فيه المال عن تحقيق الغنى ؟ إنك وقتها ستصبح كمن يحمل أطنانا من الذهب يسير بها في الصحراء فيتحول الذهب عبئا مرهقا لا إسرافا ورفاهية ... كوميديا عمار السوداء
فما الذي أوقعك في تلك المأساة الملهاة يا عمار هو يجيب قائلا :
لماذا ؟ لأني حين ألغيت مخلبي --- تواضع قانون القوى عن حمايتي
أأنت كنت قويا بفقرك ؟ نعم ! أالآن أصبحت ضعيفا بغناك ؟ نعم ! لماذا ؟ يقول : لأن سعيي وراء المال حطم مخلبي سلاح قانون القوة فعدت بالمال فاقدا تلك القوة التي كان من المفترض أنني أسعى للمال لتنعم تلك القوة به فلا قيمة لأحدهما دون الآخر ..
ماذا تريد أن تفعل بنا يا عمار ؟ بل ماذا فعلت بنا ؟ لقد قلبت نواميس الحياة وجعلت عاليها سافلها وسافلها عاليها وشيدت عالمك الساخر الناقم الصارخ الضاحك الباكي الشاكي المتستعلي حد الغطرسة على مفارقاتك النصية بالغة الرشد حكيمة المبنى والمعنى ... إنك شاعر حد الإدهاش , إنك تقيم حدود دولتك الشعرية التي تألم فيها وتتمزق ونحن نستمتع بما تورق من ثمار الألم والسخرية
إن عالم عمار الزريقي عالم متنوع يُعَرِّجُ على كل وجوه الحياة ونقمته تطال كل شيء ولا تقف على حدود شيء بل تعبر كل الحواجز وتضرب في كل الأسوار فليتحطم ما يتحطم وليسقط ما يسقط فقط هو أطلق آلته الشعرية التفجيرية تزلزل الأركان وتضرب في كل مكان ...
هو الآن يتجه لعالم الشعر يخبط أسواره يريد إسقاطها جميعا فنقمته تمتد من واقع الحياة إلى واقع الشعر يقول :
وهل للحداثيين ذكر كما ترى ؟ --- نعم : أمة موبوءة بالدعاية
فكم ناطق باسم الحداثة لا يعي --- من اللفظ إلا الرسم .. يا للغواية
وكم من " قليل الذوق " يعصر بطنه --- ويجني على الإبداع أقسى جناية
فيخرج روثا " راقيا " تستسيغه --- أنوف مسوخ أو مباغي جباية
ترى صحف الأحزاب تعنى بذكره --- وتوليه دور النشر جم الرعاية
يقولون : معنى الشعر في بطن أهله --- سيخرج من أدبارهم في النهاية
ماذا أفعل الآن ؟ أأضحك أم أبكي ؟ أم أصرخ ؟ أم أئِنُّ ؟ أم أستعذب أم أصاب بالغثيان ؟ أما ماذا ! سأفعل كل ذلك في آنٍ
إن عمار الزريقي يصب نقمته على عالم الشعر وما يحتوي من أفرازات لبطون لا تنتج إلا الغثيان ولا يجد الدر الكمين في ذلك العالم شهية لتتلقاه وأغلب الأفواه والأنوف من نقاد الشعر تنفتح مفغورة شماء لتلك الروائح النتنة التي تعكر صفو عالم الشعر حتى أصبحت تلك الروائح هي المعتاد وأصبحت الرائحة الذكية هي النشاذ في هذا العالم
وهو في ديوانه " نافلة " يضرب على ذات الوتر وكأن هذا الأمر ينغص عليه حياته محاولا من خلال فلسفة أخرى يطل بها علينا كزاوية رؤية هي " فلسفة تشويه الواقع " أن يصارع واقعه الجديد هذا وهو واقع سيطرة الفكر الحداثي في الشعر على مساحات النقد , وتلك الفلسفة التي تناولتها في كتابي " مكامن الإبداع " محاولا إظهار خيوطها لدى الشاعر بأن الشاعر حين يصطدم مع واقعه الشعري فلا يجد مناصا من إصلاحه فإنه ينهال عليه بالتشويه ليكمل على ما بقي منه من بقعة ضوء هو يرى أنها لم تعد صالحة للحياة وكأنه يطلق على هذا الواقع رصاصة الرحمة كما يقولون
فهو في قصيدته " ضرورة شعرية " يقف وسط حلبة الصراع مع واقعه الشعري الذي عبرت عنه معلنا رغبته الملحة في تشويه هذا الواقع والإجهاز عليه حتى يريح ويستريح يقول :
سفكت معللتي هوى قيثاري --- واستحوذت أبدا على أفكاري
تلك التي لا أستهل قصيدة --- إلا وكانت لي دليل بحاري
أهدابها لغة القصائد كلها --- ترمي فيولد ألف ألف نزار
وإذا روت عني بكور قصائدي --- حتما ستخلق أعنف الثوار
ماذا أسميها ؟ فلست بمنصف --- مهما تقال بحسنها أشعاري
هي آية الإبداع مفردة الهوى --- هي فتنة الأسماع والأنظار
هي في الحداثة قامة مشهودة --- هي في التراث أصيلة الأطوار
هلا سألتم ضرب كل قصيدة --- عن مثل صاحبة بعقبى الدار
عن أول امرأة تغادر صمتها --- كي تدخل التاريخ في إصرار
تلك التي نشرت جدائلها على --- كتفي وانتهكت حدود وقاري
هي حاجتي الأولى لأصبح رائدا --- وضرورة كالماء لاستمراري
عمار الزريقي يضرب واقعه هنا بأسلوب الكيد . نعم ! الكيد ... إن من أراد أن يكيد امرأة قبيحة فليأت لها بجميلة الجميلات ويجلس بها في مواجهتها ممتدحا معالم جمال الجميلة حتى يحيل كل معلم يوصف في الجميلة إلى ما يقابله من تفاصيل القبيحة فيزيدها حسرة على قبحها ويضاعف حسرتها بلفتها إلى معالم جمال الجميلة ...
إن فلسفة الكيد هذه قاتلة ولكنها تحقق القتل البطيء فعمار الزريقي هنا يقبع خلف در ع الكيد ويرتدي فلسفة الكيد فيقف على معالم قيصدته الأصيلة أمام قبح قصيدة الحداثة القبيحة ليسقط عليها أشد لسعات سوطه وقعا من خلال مجرد التغزل في مفاتن جميلته
يا ليتني أبحرت أكثر من هذا في عالم عمار الزريقي ولكني بالفعل تعمدت أن أكون ضنينا حتى أحتفظ بشيء لنفسي أختص به كتابي القادم " منافذ التجريب في الشعر العربي "
كان هذا بعضا من عَمَّارِ اليمن الشاعرة وسأحتفظ ببعضه الآخر لنفسي في مؤلفاتي القادمة

( عبد الله جمعة )
هل عمار الزريقي امتداد للكرنيفالية العربية ؟
------------------------------------------
تنويه هام :
بعيدا عن التدخل في المضمون السياسي في النص المعروض فإني مؤمن بحق كل وطني في تناول أوضاع وطنه بما يراه مناسبا له ومؤمن أشد الإيمان أن لا حق لغير ابن الوطن في التدخل في شؤونه لذا وجب التنويه أني أتعرض لهذا النص من الزاوية الفنية فقط .
------------------------------------
الكرنيفالية صاغها أول من صاغه المفكر الروسي (ميخائيل باختين) فهو الذي أقام البناء التنظيري لها وطبقها أول ما طبقها في دراسة نقدية عن الروائي الروسي (دستويفسكي) أصدرها عام 1929 بعنوان "إشكالية الشاعرية عند دستويفسكي" ثم أعقبها بدراسة أخرى عن الروائي الفرنسي الساخر "فرانسوا رابيليه" حيث كتب مجموعة من الأعمال الروائية المتفجرة بالسخرية والتهكم والانتقاد والخيال الذي يعري الواقع الذي اعتاده الناس .
لقد انطلق الأساس النقدي الكرنيفالي أو الاحتفالي من أنواع الأداء التلقائي الذي قد يصل إلى حد الاحتراف لكنه لا يفقد طبيعته العشوائية أبدا .
ويبدو أن هذه الفلسفة قد لاقت لها صدى وملاذا عند "البردوني" الشاعر اليمني الكبير الذي اتخذها منهاجا يعري من خلاله المجتمع ويفضح ما فيه من مثالب ونواقص في قالب تهكمي لاذع المولود في عام 1929 أي ذات العام الذي ولدت فيه الكرنيفالية على يد (باختين) وكأنهما قد ولدا معا ليتعايشا وتصبح الكرنيفالية منهجا وأساسا فلسفيا للبردوني والذي توفي في الثلاثين من أغسطس عام 1999 تاركا خلفه ميراثا من الكرنيفالية العربية التي تقوم على فنون التهكم والسخرية والفكاهة والهجوم الانتقادي إذ يتحلل الشاعر من التقاليد والأعراف المتوارثة ويخرج عنها مبتعدا عن الواجبات والمسؤوليات والانطلاق في حالة من النشوة والعربدة , وهو في أثناء ذلك يُحَمِّلُ النص الكرنيفالي بالمعاني والدلالات الإنسانية والشعبية التي لا يمكن حصرها نظرا لعشوائيتها وتلقائيتها
لقد بنيت الكرنيفالية عند (باختين) على ثلاثة معايير :
الأول : أن الحاضر الحي المعيش بالفعل هو القاعدة التي ينطلق منها الأديب النَّاصُّ لفهم الواقع الراهن وتقييم معطياته وتشكيل ملامحه ذلك أن الماضي ليس قضيتها رغم أن جذورها تكمن فيه .
الثاني : أنها لا تعتمد على الأساطير والخرافات والتهاويم لأنها تتخذ من التجربة الحية والخبرة المعيشة مصادر للابتكار الحر والإبداع الذي يستكشف الآفاق الجديدة
الثالث : رفضها للتوجه الأحادي أو الفكر المفروض على العقل البشري فهي ترحب بتعدد الأساليب واختلاف الأصوات مهما بلغ التضاد أو التناقض فيما بينها
والمطالع لعبد الله البردوني شاعر اليمن العظيم يرى فيه معايير الكرنيفالية قد تحققت وكأن تلك الفلسفة قد خلقت له وكأن باختين حين صاغ معالم الكرنيفالية كان يعلم أن هناك مولود في اليمن قد ولد في ذات العام قد صيغت تلك النظرية من أجله
فأشهر قصائد البردوني تلك التي عنونها بـ "الغزو من الداخل" يقول في بعضها :
فظيع جهل ما يجري --- وأفظع منه أن أن تدري
وهل تدرين يا صنعاءْ --- من المستعمر السري ؟
غزاة لا أشاهدهم --- وسيف الغزو في صدري
وفي صدقات وحشي --- يؤنسن وجهه الصخري
وفي أهداب أنثى في --- مناديل الهوى القهري
وفي سروال أستاذ --- وتحت عمامة المقري
وفي أقراص منع الحملْ --- وفي أنبوبة الحبر
وفي حرية الغثيانْ --- وفي عبثية العمر
وفي قنينة الوسكي --- وفي قارورة العطر
ويستخفون في جلدي --- وينلسون في شعري
ولكن يبدو أن "البردوني" لم يمت ! فقد أبى إلا أن يترك جيلا كرنيفاليا يحمل زَلَّاجَتَهُ منطلقا فوق موجته الساخرة المتهكمة التي تتخذ من الحاضر الحي المعيش بالفعل قاعدة انطلاق لفهم الواقع الراهن وتقييم معطياته وتشكيل ملامحه .
لقد بذر البردوني البذرة حتى نمت وترعرعت لتثمر لنا جيلا "بردونيا" كرنيفاليا على رأسه ذلك البردوني الجديد "عمار الزريقي"
فتلك إحدى كرنيفاليات عمار الزريقي بعنوان "وحيد القرن" يقول فيها :

آخِــــرُ الــشِّـعْـرِ الَّــــذِي يُـتْـلَـى
سَــبِّـحِ اسْـــمَ الـقَـائِـدِ الأَعْـلَـى
الَّــــــذِي سَـــــوَّى، فَــخَـامَـتُـهُ،
ثُـــــمَّ أَدْلَــــى بِــالَّــذِي أَدْلَــــى
اِسْــتَـوَى فِــي عَــرْشِ "آمِـنَـةٍ"
وَهْـــوَ أَمْـــرٌ مُــدْهِـشٌ.. فِــعْـلا
هِــــيَ أُنْــثَـى تَـمْـتَـطِي قَــمَـرًا
وَهْــــوَ كَــهْــلٌ يَــرْتَــدِي بَــغْـلا
وَلَــــهَـــا.. أَعْـــنِـــي لِآمِـــنَـــةٍ..
قِـــصَّـــةٌ مَــهْـضُـومَـةٌ شَـــكْــلا
إِنَّــــهَــــا بِــــكْـــرٌ.. وَأَرْمَــــلَـــةٌ
عَــــاقِـــرٌ.. لَــكِــنَّــهَـا حُــبْــلَــى
غَـــضَّـــةُ الأَفْـــنَـــانِ بَــاسِــقَـةٌ
صَـــدْرُهَــا يَــعْــلُـو وَلا يُــعْـلَـى
جَــدَّفَـتْ بِـالـحَـظِّ وَانْـتَـظَـرَتْ
لَـــمْ تَـجِـدْ مِــنْ قَـوْمِـهَا فَـحْـلا
لــم تـجـد فــي جـيـشها نـصرًا
لا ولا فــــــي أهــلــهــا أهـــــلا
يَــــــوْمَ أَنْ زُفَّــــــتْ لأَبْـــرَهَــةٍ
دَخَـــلَـــتْ قَــــــارُورَةً ثَّــكْــلَـى
ضَـــاعَ فَــصْـلٌ مِـــنْ رِوَايَـتِـهَـا
فِـــي قِـــرَانِ الـشَّـيِـخِ والــمُـلّا
كُــــلُّ مَـــنْ مَـــرُّوا بِـصَـفْـحَتِهَا
يُـهْـلِـكُـونَ الــحَــرْثَ والـنَّـسْـلا
وَالَّــتِـي هَــمَّـتْ بِ"ذِي يَـــزَنٍ"
لَـيْـتَـهَـا هَــمَّــتْ بِ"مَــانْـدِيـلّا"
مَــــــرّةً أَبْــصَــرْتُـهَـا عَـــرَضًـــا
قُـلْـتُ: أَفْــدِي الأَعْـيُـنَ الـنَّـجْلا
ذِكْــرُهَـا فِــي الـسِّـرِّ يُـسْـكِرُنِي
مِــثْـلَ طِــفْـلٍ شَـــارِبٍ سَـطْـلا
مُــنْـذُ حَــلَّـتْ بِــي حَـلَـلْتُ بِـهَـا
صِـــــرْت مُــحْـتَـلّا وَمُــحْـتَـلّا!
كَــــمْ لَـبِـثْـنَـا فِــــي ضَـيَـافَـتِهَا
لَــــسْـــتُ أَدْرِي.. سَـــاعَـــةً إِلّا!
الـــمُـــهِــمُّ الآنَ.. صَــاحِــبُــهَــا
رُبَّــمَــا لَــــمْ يَـسْـتَـطِـعْ طَــــوْلا
كَــــانَ مَـرْفُـوعًـا بِــهَـا.. فَــغَـدَا
فِـــي مَــحَـلِّ الـنَّـصْـبِ مُـعْـتَلَّا
رُبَّـــمَـــا أَلْـــغَــى يَـــــدًا بِـــيَــدٍ
وَاكْــتَـفَـى بِــالـعُـرْوَةِ الـسُّـفْـلَى
إِنَّــــــــهُ وَغْــــــــدٌ كَــسَــابِــقِـهِ
كَـــافِـــرٌ بِــالــنَّـحْـوِ وَالإِمْــــــلا
لَــــمْ يَـــزِدْ وَزْنُ الــكَـلامِ إِلـــى
رَأْسِــــــهِ شِـــبْـــرًا ولا رَطْـــــلا
كُــلَّــمَـا امْـــتَــدَّتْ مِــسَـاحَـتُـهُ
زَادَ رَأْسُ ابْـــنِ الَّــتِـي.. جَـهْـلا
أَنْـــــتَ مَــشْــبُـوهٌ وَمُــنْـحَـرِفٌ
عِــنْـدَهُ.. إِنْ لَـــمْ تَـكُـنْ طَـبْـلا!
اِغْــفِــرِ الــلَّـهُـمَّ لِــــي وَجَــعِـي
إِنَّ قَـــوْمِـــي أَلَّـــهُــوا عِـــجْــلا
كُــــلُّ مَــــنْ سَـــاءَتْ وَسَـائِـلُـهُ
سَــقَــطَـتْ غَــايَــاتُـهُ الـمُـثْـلَـى
يَـــــا قَــوَانِـيـنَ الــسَّـمَـاءِ أَنَــــا
وَاحِــــدٌ مِــــنْ سَــائِـرِ الـقَـتْـلَى
عُــدْتُ مِــنْ مَـوْتِـي لِأُشْـهِـدَنِي
أَنَّ شَــعْــبِــي مَـــيِّــتٌ أَصْـــــلا
تِــلْـكَ آيـــاتُ الـحَـصَانَةِ (مِــنْ
أَجْـلِ عَـيْنَكْ واااا عَلِي مَقْلَى)!
**
ﺻﻨﻌﺎﺀ - 22 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2014 ﻡ
لقد استخدم (باختين) مصطلح { خلع التيجان} من على رؤوس النبلاء والأرستقراطية والكهنوت لتحقيق الهدف من هذا الأسلوب الساخر التهكمي ثم استخدم أسلوب الخروج على الأعراف ليكن إطارا شكليا ومنهجيا سرديا للتهكم الأدبي من الأنماط الاجتماعية والمواقف التقليدية .
وفي النص السابق نجد عمار الزريقي قد أمسك بأدوات الكرنيفالية لتحقيق أهدافه من النص إذ :
1- اعتمد السلوك الغريب الخارج عن المألوف
2- اعتمد التنكيت اللاذع
3- اعتمد المحاكاة الساخرة
4- اعتمد إبدال الدنيوي بالمقدس
5- اعتمد الهبوط بالمحترم إلى مستوى الحقير
إنها ذات الأدوات التي اعتمدها باختين في بناء نظريته الكرنيفالية وتبناها عربيا البردوني وأصَّلَ لها ثم جاء عمار الزريقي ليجني ثمرتها ويقطف قطوفها
إن الكرنيفالية تستخدم أدوات قلب الأوضاع المعتادة والمألوفة رأسا على عقب حتى تبدو في ضوء جديد
(عبد الله جمعة)
الآن – الإسكندرية 26 مارس 2017 الساعة التاسعة بتوقيت القاهرة
#عمار_الزريقي_أين_اليمن_الشاعرة ؟
#يا_عمار_الزريقي_هذه_هي_اليمن
---------------
قلت في مقالي السابق أن البردوني ليس هو الشخصية اليمنية الأدبية ولكنه هو الذي أزاح عنها الستار الذي ضرب عليها من غبار التعتيم عبر قرون من الزمن وهو لم يزح الستار توددا أو أزاحه رجاءٍ بل أزاحه عنوة رغم أنف المُعَتِّمِينَ وكأنه قد جلس بين من يَصُمُّونَ آذانهم فأحدث تفجيرا يزن أطنانا من المواد الشعرية المتفجرة فجعلهم يتلفتون من أثر الفزع الذي أصابهم بما أحدثه , وكأنه وفي مؤتمر الموصل قد أخذ معه اليمن إلى العرب أو أخذ العرب جميعا معه إلى اليمن داخل حدود قصيدته تلك بما حملته تلك القصيدة من ملامح لم تكن مألوفة لدى من يتلقون هذه القصيدة , قال ما سكت عنه شعراء العرب ففي الوقت الذي كان فيه شعراء العرب – إبان سبعينات القرن المنصرم – يدورون في فلك الحكام لا يستطيعون فكاكا من مَدَاراتِهِم الضيقة حيث جعلت غالبيتهم من الشاعرية بوقًا للأنظمة وقف البردوني شامخا في وجه تلك المدارات الضيقة يمزقها ويخرج من شرنقتها إلى عالم الحياة , لقد حاول مثله في أقطار أخرى كمصر أن ينهجوا نهجه لكنهم ختموا حياتهم إما في السجون أو مستشفيات الأمراض العقلية كـ " نجيب سرور " - في ستينات القرن الماضي - الشاعر المصري الذي قضى عمره ما بين المعتقل ومستشفى الأمراض العقلية ولم يكن بذي جِنَّةٍ لا لشيء إلا لأنه قد حاول أن يطلق العنان لطاقته الإبداعية تعبر عن ذاتها الحرة لقد حاول أن يكون بردوني !
ولكن البردوني كان أشد تفجيرا لطاقاته لدرجة ألجمت الجميع وجعلتهم يقفون أمام تلك القصيدة موقف المشدوه غير القادر على الحراك وكأن البردوني قد أطلق على الجميع سهما مُخَدِّرًا كالذي تُصَادُ به الأسد في الأحراش فأثبت الجميع وتحولت قصيدته التي يستدعي بها وفيها " أبا تمام " إلى استدعاء وإحالة أكثر من كونها مجرد معارضة شعرية لبائية أبي تمام الشهيرة :
السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
فهو لم يلعب على بحرها أو على قافيتها وبقدر ما لعب على ما وراءها من فلسفة فقد استغل الحكاية التي أنشئت من أجلها القصيدة فهو لم يقصد إلى المعارضة وإن كان قد ارتدى بحر بائية أبي تمام فإنما قد ارتداه ليخرج على العرب بثوب التاريخ الذي كانت عليه العرب ليحيلهم إلى الموازنة بين ما كان من حالهم وبين هو كائن من مآلهم ولأن البردوني كان ذكيا عبقريا فقد غاير قافية أبي تمام فجعل بائيته مرفوعة في حين أن بائية أبي تمام كانت مكسورة رفع قافيته بصوت الشكوى والفقر والأنين والسخرية ليسمعه إلى الدنيا جميعا بينما خفض أبو تمام قافيته بالمديح والاسترخاء على أريكة نخوة المنتصر الذي ينعم في الغنى وبه .. وكأنه أراد أن يعلن من خلال مغايرته الموسيقية أنه لم يأت ليعارض أبا تمام فبابُ المعارضة الشعرية قد أغلق بعد البارودي وشوقي وإنما هو جاء ليضرب على وتر المفارقة ؛ المفارقة المكانية والزمانية
فبائية أبي تمام صيغت مدحا في المعتصم الذي هزم الروم ممثلين لعالم الغرب – الآن – فعالم الغرب الذي كسر أنفه المعتصم جَدُّ العرب هو الآن الذي يُمَرِّغُ أنف أحفاد المعتصم في التراب , لقد لعب البردوني مفارقة المكان والزمان فالمكان هو المكان " الموصل " أرض المعتصم التي انطلق منها ليمرغ أنوف أسلاف الغرب في التراب ولكن الزمان ليس هو الزمان فزمان المعتصم ليس كزمان المعتصم , فالمتعصم الأول كان اسمه " المعتصم بالله " ولكن معتصم اليوم هو " المعتصم بواشنطن " وشتان بين المعتصمين فالأول منتصر مؤزر بربه والثاني معتصم خلع إزاره لربه وشتان بين الرَّبَّين فرب المعتصم الأول رب عزة ورب المعتصم الثاني رب ذلة , رب المعتصم الأول رب الجَنَّة ورب المعتصم الثاني رب النار إنه المسيخ الدجال ... إن معتصم الأمس قد ولى وجهه شطر الغرب – الروم - يحاربه في زهو المنتصر ليُؤَمِّنَ قومه وأهله ومعتصم اليوم أعطى ظهره للغرب يُهِينُ نخوته وذكورته وأعطى وجهه لبني جنسه ورعيته ليسلط عليهم سيفه الذي أصبح صَدِئًا لا يصلح لشيئ , إن معتصم الأمس يزهو بذكورته ومعتصم اليوم يزهو بخنوثته ... شتان يا بردوني شتان لقد أيقظتنا جميعا وأوقفتنا على حقيقتنا المُرَّة التي اصطنعناها بإيدينا ووضعنا رؤوسنا في الرمال كي لا نذوق طعمها ونحن نتجرعها كل يوم ولكنك أنت وحدك ملأت بها كأس قصيدتك وجرَّعتناها رشفة رشفة لتمرر حلوقنا جميعا بمرارة فعلنا ومآل حالنا
من هذا المنطلق الفلسفي حول البردوني أبا تمام ومعتصمه لدرع يرتديهما – البردوني – ويحمل من خلفه رمحه الخارق الحارق الخازوق ليطعن معتصم اليوم المعتصم بواشنطن , ممثلا في كل حاكم متخاذل سمح للرب الساكن البيت الأبيض أن يستبيح كبرياء العرب ويستهين باستهانتهم