اليمن_تاريخ_وثقافة
10.7K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
وكان شديد الشكيمة بطاشا ، أقام في زبيد ، واستولى على صنعاء ففتك ببعض أعيانها ، وامتد سلطانه في جميع اليمن.
ومن مآثره عمارة الجامع الأعظم في زبيد ، وعمارة مدرستين ، وإجراء العين في تعز ، وبناء مدرسة عظيمة في عدن وكثير من المساجد والمدارس والصهاريج والآبار في أماكن مختلفة.
وعلى الرغم من قسوة الملك الظافر صلاح الدين عامر الثاني وبطشه وشدة فتكه بالناس ، فإنه لم يستطع الوقوف ضد تدهور الأحوال العامة في اليمن ، واستهتار بعض الناس بأمور الدين واستحلالهم المحارم ، وانحلال الأخلاق العامة وانتشار المفاسد ، وانهيار القيم والمثل الاجتماعية ، وسوء الحالة الصحية.
وقد أدرك ابن الديبع حكم عامر الثاني كله ، وتألم لما آلت إليه أحوال قومه من مفاسد سجلها في تاريخه (الفضل المزيد) في وقائع شهر صفر من سنة (٩٠٨ ه‍ ـ ١٥٠٢ م) وكتب يقول :
«ظهر في هذا الوقت في زبيد من الفسوق والفجور وشرب الخمور وشهادة الزور ، ما لم يكن يعهده مثله ، حتى لقد وجد جماعة في نهار رمضان يشربون الخمور ، وبنى بعضهم بزوجة أبيه ، وتظاهروا بصحبة الأحداث ، وحمل بعض الصبيان إلى الأماكن المظلمة للفحش ، وفشا في الناس الحبوب المعروفة بالنار الفارسي بسبب ذلك ، والله الواقي» (٢).
وفي سنة (٩١٤ ه‍ ـ ١٥٠٨ م) بدأ البرتغاليون بعبور البحر الأحمر ، ووصلت أساطيلهم البحرية إلى سواحل الهند ، وظهروا في بنادر أرض اليمن ، أي مرافئها البحرية ، متسللين إليها من المحيط الأطلسي من وراء جبال القمر حيث منابع ماء نهر النيل ، واعتدوا على أراضي الهند ، وعلى سلطان كجرات فيها السلطان (خليل شاه ـ مظفر شاه ـ ابن السلطان محمود شاه الكجراتي) ، وواصلوا أذاهم حتى بلغوا جزيرة العرب ومرافئ اليمن وموانئها.
______
(٢) غاية الأماني في أخبار القطر اليماني ٢ / ٦٣٢
فاستنجد سلطان كجرات بملك مصر السلطان (قانصوه الغوري) المملوكي الجركسي ، وطلب إليه عونه لمقاتلة الفرنجة المعتدين ، فاستجاب (قانصوه الغوري) للنداء ، وأعلن الجهاد في سبيل الله لدفع الأذى عن المسلمين وبلادهم ، وسيّر أسطولا بحريا بقيادة أحد أمرائه (حسين الكردي) ، وجهز معه عسكرا من الترك المغاربة المعروفين ب (اللّوند) في نحو خمسين غرابا ، أي مركبا بحريا يجدّف بمئة وأربعين مجدافا ، فاتجه هذا الجيش إلى جدة أولا ، فتقوّى بالمال ، وتأثّل ، وجمع خزائن من كل صنف ، توجه بها إلى الهند في حدود سنة (٩٢١ ه‍ ـ ١٥١٥ م) ودخلها ، والتقى سلطان كجرات ، فأكرمه وعظمه وأنعم عليه إنعاما كبيرا.
فلما علم الفرنجة المعتدون بقدومه ، فرّواهاربين عن موانئ كجرات إلى مرافئ الدكن وتحصنوا بقلعة (غوّا) خائبين منهزمين (٣).
وعاد الأمن والسلام إلى الهند ، وانتهت مهمة حسين الكردي فيها ، وكان عليه أن يعود إلى مصر عن طريق جدة ، لكنه عرّج بأسطوله ، وهو في طريق العودة ، إلى شواطئ اليمن ، وطلب إلى السلطان عامر الثاني سنة (٩٢٢ ه‍ ـ ١٥١٦ م) إعانته بشىء من الميرة لخروجه لقتال الفرنجة البرتغاليين ، الذين كانوا يعتدون على بلاد المسلمين ، ويتخطفون مراكبهم ، فامتنع عامر ، ودارت الحرب بينهما في قلة من الجراكسة من جيش الكردي مزودين بالبنادق النارية التي لا عهد لليمنيين بها ، وكثرة من اليمنيين من أصحاب عامر ، فرّوا وانهزموا لما هاجمهم جنود الكردي بالبنادق فسمعت أصواتها ، وقتلوا كثيرا منهم ، وتتبعوهم ، واستولى القائد الكردي على زبيد سنة (٩٢٢ ه‍ ـ ١٥١٦ م) ، ونصب (برسباي) أخاه أو أحد مماليكه ، نائبا له فيها.
وأرسل من يطارد عامرا الثاني وأخاه عبد الملك حتى قتلا ، وهما يحاولان استعادة ملكهما من يد برسباي ، في جبل نقم قرب صنعاء في الثالث والعشرين من ربيع السنة من عام (٩٢٣ ه‍ ـ ١٥١٧ م) ، وبهذا انتهت دولة بني طاهر.
______
(٣) الدول الإسلامية ، وحدائق الأنوار.
10
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#صفة_جزيرة_العرب_للهمداني

عتود. وهي قرية من بواديها وقد ذكرها ابن مقبل (١) فقال :
جلوسا بها الشم العجاف كأنهم 
اسود بترج أو أسود بعتودا
وأم جحدم قرية بين كنانة والأزد وهي حد اليمن.
مدن اليمن النجدية وماشابه النجدية
أول مدن اليمن التي على سمت نجدها الجند (٢) من ارض السكاسك ، ومسجده يعد من المساجد الشريفة كان اختطّه معاذ (٣) بن جبل ولا يزال به مجاورة واليه زوّار ، وجميع ما ذكرنا من قرى تهامة اليمانية فإنها تنسب في دواوين الخلفاء إلى عمل الجند. وجبأ مدينة المعافر (٤) وهي لآل الكرندى من بني ثمامة إلى حمير الاصغر.
______
(١) ابن مقبل اسمه تميم بن أبي بن مقبل من بني عامر بن صعصعة من مشاهير الشعراء المخضرمين وديوانه مطبوع وانظر «طبقات الشعراء» لابن سلام.
(٢) الجند بالتحريك يطلق على المدينة الأثرية وعلى نفس المخلاف نسب الى الجند بن شهر بطن من المعافر والمدينة قديمة لها تاريخ طويل وأحد أسواق العرب الشهيرة وأول مدينة في اليمن أسس فيها مسجد على التقوى قد أشاد بذكرها الشعراء. وتقع في بحبوحة حقل الجند وهي اليوم وقد سلب محاسنها الزمن وأخنت على مفاتنها المحن بليدة متشعثة متناثرة الخرائب والأوصال لو لا جامعها الأثري ومنارته السامقة يدلان على مكانتها وإلا كانت أثرا بعد عين. والجند أيضا قرية في الجعفرية من ريمة الأشابط وجند ابن معناس من قرى جبل ذخر وباب الجند كان على سور منتزه ثعبات في تعز واسمه باق والسكاسك قبيلة من كندة نسبت الى السكاسك بن أشرس بن كندة.
(٣) معاذ بن جبل الانصاري الصحابي العظيم انظر «الاصابة» و «قرة العيون» و «تاريخ اليمن» لعمارة والوثائق السياسية.
(٤) المعافر بفتح الميم وكسر الفاء وآخره راء هو ما يسمى اليوم : الحجرية وسيأتي الكلام عنه ، وجبا ضبطها المؤرخ الجندي وهو أعرف ببلده وقومه وهو ما ينطق به الناس اليوم بفتح الجيم والباء الموحدة ثم ألف : بلد كبير خرج منه جمع كثير من الفقهاء والقراء ، وهي أكثر بلاد اليمن فقهاء ومتفقهين. قلت واليها ينسب شعيب الجبائي من أقران طاووس بن كيسان حدث عنه سلمة بن وهرام ومحمد بن اسحاق وغيره من الاعلام.
وتقوم مدينة «جبا» في فجوة صبر من غربيه كما يأتي للمؤلف وكانت تقام بها سوق في دورة الاسبوع. ولذلك جرى المثل العامي «من زاد عادش يا جبا جري بدقنه وانتفي» لان من أرسل المثل كان قد غبن في سوقها وفقد بعض متاعه ، وقد جاء ذكرها في المساند الحميرية وانها إحدى الممالك اليمنية التي ظهرت على مسرح التاريخ القديم فنسب اليها الملوك الجبائيون على قول وخبرني الشيخ احمد بن محمود الجبائي ان بعض الفلاحين كان يحرث مزرعته بجانب المدينة المذكورة إذ ظهر له صلول : ـ بلاط فتابع الحفر فأفضى به إلى باب ثم الى ازج فيه مكان صغير وفي المكان غرفة فيها تمثال ثور على قاعدة من المرمر وقدم التمثال مسرجة مصباح من المرمر النفيس يحمل مائة ذبالة ، وحوالي الكل كتابة بالمسند فنزع الجميع وذهب به إلى بيته وجاءه الناس يتفرجون على التمثال وما حوى ثم ساومه بعض اليهود على بيعه ودفع له مبلغا كبيرا لينزله إلى عدن فامتنع ذلك الرجل المسمى شمسان عن بيعه وحدثته نفسه ان اليهودي ما يساومه بهذا الثمن الا انه صنم يعبد من دون الله فعمد الى التمثال فكسره وحطمه وكان بهذا العمل اراح ضميره وعقيدته بالله وباع المسرجة على انفراد بعد حين ، وقد زرت جبا وسجلت مشاهداتي في موطن آخر
وجيشان مدينة يسكنها خليط من حمير من رعينيّ ورداعيّ وصراريّ وغير ذلك ، وبالقرب منها قرى لها بواد تنسب اليها مثل حجر وبدر (١) ، والصهيب ويسكنها قوم من سبأ يقال لهم سبأ الصّهيب ، وأما بدر فسكنها البحريون من الصّدف (٢) ومنهم من سكن بلحج مع الأصابح كان منهم اوس بن عمرو قاتل الجوع وفيه يقول الشاعر وهو ابن البيلماني (٣) :
ألا إن اوسا قاتل الجوع قد مضى 
وورّث عزّا لا تنال أطاوله 
ثم منكت مدينة السّخطيّين وهم بقية بيت المملكة من آل الصّوّار ولهم كرم وشرف متعال وهم قليل (٤). ثم ذمار وساكنها من حمير وفيها نفر من الأبناء ، والذّماري المحدّث (٥) منها ، ولم يزل بها وبالجند وجيشان علماء ، وفقهاء مثل ابي
______
ونسب اليها من أهل عصرنا الشيخ علي عثمان الجبائي الصبري كان من كملة الرجال وله ذكر في التاريخ قال ياقوت جبا بالتحريك بوزن جبل. وهو جبل باليمن قرب الجند وقبل قرية باليمن ثم نقل كلام الهمداني هنا والذي يأتي وقال العمراني : جباء ممدود جبل باليمن والنسبة إلى ذلك جبائي وقد روي بالقصر. قال البكري «ج ٢ ـ ٣٦٠» الجبا بالفتح مواضع مختلفة باليمن وقال جبأ بالهمزة والقصر والمحدثون يقولون الجبائي وهو خطأ وهذا الجبل بناحية الجند وجبا مقصور ايضا موضع بالمعافر من اليمن. فانت ترى ما في هذه النقولات من الخبط والخلط وليس غير ما ذكرناه عن الجندي والهمداني وعن قومنا فأهل مكة اخبر بشعابها.
(١) جيشان يأتي الكلام عنها وهذه القبائل معروفة ، وصرار بالفتح وهم كثيرون باليمن ، وحجر بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم ، وبدر معروف الضبط وهما يحملان هذا الاسم الى التاريخ. انظر الاكليل ج ٢ ـ ٣٤.
(٢) البحريون بضم الباء الموحدة وسكون الحاء المهملة نسبة الى بحر بن عمرو بن ذهبان بالضم ايضا ، والصدف بفتح وسكون والنسبة اليه صدفي بفتحتين راجع الاكليل ج ٢ ـ ١٢ و ٣٤.
(٣) انظر الكلام على أوس الاكليل ج ٢ ـ ٣٤ وعلى عبد الرحمن بن البيلماني وفي «معجم البلدان» مادة برثم وسلع ، (مصحفا : السلماني) وهو من أهل القرن الأول الهجري ترجمه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» ج ٦ / ١٤٩.
(٤) منكث : بفتح فسكون ثم كاف وثاء مثلثة : كانت مدينة عامرة إلى القرن الثامن حيث أفل نجمها وغاب حظها وأصبحت بلدة لا يؤبه لها وتقع من شرقي حقل يحصب : قتاب بين ربوات تحيط بها كالسور ولها نبع ماء يسيح على شوارعها وتبعد عن مدينة يريم جنوبا بمسافة عشرين كيلا تقريبا والسخطيون بالضم نسبة إلى سخط بالضم ايضا بن زرعة بن الحارث راجع تمام نسبهم وأخبارهم في الاكليل ج ٢ ـ ٦٠. وقد ظل التاريخ يحدثنا عنهم الى القرن السادس الهجري.
(٥) ذمار بفتح الذال المعجمة والبناء على الكسر زنة حذام وهكذا ينطق به اليمنيون وحكى الامام البخاري ـ كسر الذال وتبعه كثير من أهل المعاجم لانه دخل اليمن وأخذ عن علمائها وقال : بينها وبين صنعاء مرحلتان.
وأقول : وهي وطني ومسقط رأسي.
بلاد بها حلّ الشباب تمائمي 
وأول أرض مس جلدي ترابها
تقوم على فسيح من الأرض متفحة صافية الاديم وتقع جنوب صنعاء. وقد استوفينا أخبارها في غير هذا.
قرّة (١) صاحب المسند ، وعبد الرحمن بن عبد الله قارىء المساند. ثم رداع (٢) وهي مدينة يسكنها خليط من حمير من الأسوديّين ومن خولان وبلحارث وعنس ويكتنفها في باديتها الربيعيون والزياديون وبلحارث وبنو حبيش من زبيد ، ومن أهلها أحمد بن عيسى الخولاني صاحب ارجوزة الحج ، وقد أثبتناها في آخر الكتاب وابن أبي منى الشاعر فارسي من الأبناء ، ورداع بين نجد حمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد
______
الأبناء : بقية الجيش الفارسي الذين قدموا مع الملك سيف بن ذي يزن الحميري وسموا بذلك لأنهم تأهلوا باليمن ورزقوا اولادا فصار اولادهم واولاد اولادهم يدعون الأبناء لأنهم من اولئك الفرس وليس لهم بقية بذمار فقد ذابوا في المجتمع ولهم بقية في قريتي الفرس والأبناء من بني حشيش خولان وفي بيت بوس وبني بهلول وسنحان. والذماري المحدث منها هو أبو هشام عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري الابناوي صاحب المسند إمام حافظ مرحول إليه سمع عن الثوري ومن في طبقته وأخذ عنه احمد بن حنبل والبخاري وابن معين وغيرهم ممن دخل اليمن تولى القضاء بذمار لابراهيم بن جعفر الملقب الجزار ولما قدم حمدويه بن علي بن ماهان واليا على اليمن لمحاربة الجزار نقل إليه ان عبد الملك يكرهه ويميل الى الجزار فلما وصل الى ذمار قبض عليه يوم الجمعة وقتله في شهر رمضان سنة ٢٠٠ ه‍ وألقاه مجدّلا على وجه الأرض ثلاثة أيام لم يدفن ، ثم دفن رحمه‌الله «تاريخ الجندي» مطبوع بتحقيقنا.
(١) كان في الأصل ابن قرة والتصحيح من المراجع الآتية ترجم له البخاري في تاريخه الكبير. وفي تذكرة الحفاظ ج ١ ـ ٢٦٥ ، والجندي والميزان وتهذيب التهذيب وبامخرمة ، وذكر وفاته سنة ٢٠٢ ه‍. وطبقات ابن سمرة وانظر ترجمته في هذه الكتب.
(٢) رداع بفتح الراء لا يعرف أهل اليمن غيره وفي «معجم ما استعجم» : ورداع وثات باليمن ذكره الهمداني وفيه منازل كرع بن عدي بن زيد بن سدد بن زرعة بن سبأ الأصغر. أما ياقوت فقد تشوش عليه الأمر فقال : رداع بالفتح وهي وثات كانتا مدينتي أهل فارس باليمن عن نصر ثم قال : ورداع : مخلاف من مخاليف اليمن وهو مخلاف خولان وهو بين نجد حمير الذي عليه مصانع رعين وبين نجد مذحج الذي عليه ردمان وقرن ، وقال الصليحي اليمني يصف خيلا :
حتى إذا جزنا رداع ألانها
بلّ الجلال بماء ركض مرهج 
وبه وادي النمل المذكور في القرآن المجيد وخبرني بعض أهل اليمن انه بكسر الراء ومنها احمد بن عيسى الرادعي له ارجوزة في الحج تسمى الرداعية. فأنت ترى اضطراب كلام ياقوت والبكري وكلاهما ينقلان عن الهمداني وهو لم يتكلم إلا عن رداع. وهي مدينة عامرة نزهة نضرة ذات سور وقلعة شماء والكلام عنها طويل ورداع أيضا بليدة في ريمة الأشابط ورداع أيضا ويقال لها رداع الحرامل فوق عقبة دثينة ورداع أيضا قرية خربة في بلاد السر والبيضاء وكلها بالفتح وتقع رداع العرش شرق مدينة ذمار بمسافة مرحلة أو ما يقارب مائة كيل والاسوديون كنسبة إلى الأسود بن عمرو بن مالك بن يزيد ذي الكلاع راجع الأكليل ج ٢ ـ ٢٦٥ ، وقوله «خليط» كذا في أصلنا وفي «ب» و «ل» خلط يحذف الياء المثناة من تحت والمراد خولان العالية وقبائل الزياديين ، والربيعيون لهم بقية في شرقي رداع وجنوبها وبنو حبيش بضم الحاء المهملة وفتح الياء الموحدة وسكون الياء المثناة من آخره شين معجمة وهم الذين يقال لبلدهم «الحبيشيّة» الواقعة في الجنوب الغربي من رداع. وزبيد : بضم الزاي وفتح الياء الموحدة ثم ياء من تحت ساكنة ودال آخره قبيلة هنالك وما يسمّى باسم زبيد قد ذكرنا البعض منها في الاكليل ج ١ ـ ٣٠١ ، واستوفينا ذلك في المعجم.
101
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#ثورة_الدستور

صر
أما مصر فقد أعلنت الحياد بصفة رسمية، وصرح وزير الخارجية بأن مجلس الوزراء ناقش الحالة في اليمن، وأن الرأي استقر علي أن تقف الحكومة المصرية موقف الحياد مع بذل مساعيها للتوفيق بقدر المستطاع.
ولكن بالتأكيد كان موقف فاروق مطابقاً لملوك العرب الآخرين، ولعل ما سبق ذكره عما دار بين حسين حسنيوالملك فاروق عن أحداث اليمن، والذهاب لليمن عن طريق البحر بدلاً من الطائرة ما يوضح موقف الملك المؤيد لأحمد، وهو الأمر الذي يتضح جلياً من حديث حسين حسني عن أحداث اليمن، وتأييده لأحمد، بل إن تعيينحسين حسني نفسه كممثل لمصر يوضح موقف الملك فاروق، واهتمامه بالأحداث في اليمن.
ويذكر حسين حسني أنه بعد إبحار الطرادة "فاروق" جرت مناقشة بينه وبين عزام باشا بحضور أعضاء الوفد، تناولت الخطة الواجب القيام بها للاتصال بطرفي النزاع، حيث يوجد عبد الله الوزير في صنعاء، بينما أحمد مجهول المكان، وكان رأي عزام أنه من الأفضل التوجه رأساً إلي صنعاء، والتفكير بعدها فيما يمكن عمله للاتصال بالأمير أحمد، وهنا أبدي حسين حسني خشيته من أن تتخذ حكومة الانقلاب من هذا التصرف سبباً للإدعاء بأن الجامعة العربية قد اعترفت بها، وهو الأمر الذي يسئ إلي الأمير أحمد وأنصاره لما ينطوي عليه ذلك من تجاهل لمركزه الشرعي كولي للعهد.


الاعتماد على الجامعه العربية

وهكذا كان موقف أغلب الدول العربية الذي اتسم بالعداء من ثورة اليمن، باستثناء لبنان وسورياالتي أبدتا بعض التعاطف مع ثورة اليمن، فقد صرح رئيس وزراء لبنان أنه رأي إمام اليمن الجديد في موسم الحج فأعجب برجولته وحبه للإصلاح، وأن اليمن بدأت في عهده تفتح أبوابها للبعثات العربية ورجال الصحافة، وأبدي أسفه لظروف وفاة يحيى ونوة بفضلة في منع التدخل الأجنبي في بلاده.
وفي الوقت الذي كانت فيه دول الجامعة العربية تتخذ هذا الموقف العدائي من الثورة في اليمن كانت الثورة تعتمد أساسا على جامعة الدول العربية، واستصراخ الدول العربية في تقديم الدعم لها لمواجهة سيل القبائل الزاحفة علي صنعاء دون جدوى، بعد أن رفعت هذه الدول راية التمسك بالحياد بين الطرفين، حتى يذهب وفد الجامعة إلي اليمن، وهو الوفد الذي لم يقدر له أن يري اليمن أبداً، بفعل المناورات والمراوغات، وتضييع الوقت من جانب بعض الدول العربية.
بداية التدهور
اجتمع مجلس الشورى لأول مرة في تاريخ اليمن وأدى الإمام الجديد اليمين الدستورية وأقسم بالعمل على سعادة اليمن وأهلها ، أفرجت الثورة عن أكثر من ثلاثة آلاف من المعتقلين ، طلب الإمام الجديد رؤية المرشد العام حسن البنا ولكن الحكومة المصرية منعت سفره ، وفي القاهرة أعلن سيف الإسلام عبد الله أنه تلقى برقية من شقيقه الأمير أحمد يعترض فيها على نشاط الإخوان المسلمين في اليمن.
عجز عبد الله الوزير عن تدبير المال لدفع رواتب الجيش المتأخرة وتأمين ولاء القبائل بالمنح. وتصل القبائل إلى صنعاء لمبايعة عبد الله الوزير ويبقى جانب من رجالها في صنعاء لنهب وسلب الحي اليهودي ومحلات المسلمين التجارية.
نشر سيف الإسلام أحمد الشائعات بأنه محاصر في حجة على مسافة خمسين ميلا من صنعاء وأن القبائل ترفض الانضمام إليه ، وأعلن الأمير أحمد أن نظام الثورة يحظى بمساندة السلطات البريطانية وناشد الأمير –في حجة- القبائل أن تهب ضد الملك الذي عينه البريطانيون ، وأطلق شائعات بأن الطائرات البريطانية حلقت فوق صنعاء بعد يوم من الاغتيال ، وأنها أسقطت منشورات ، قوبلت هذه الأنباء بالتصديق من سكان اليمن فإن رئيس الوزراء القتيل كان أكثر المسئولين تمتعا بحب الناس وقبيلته تعتبر أقوى القبائل في شمال اليمن.
إفشال الثورة وحصار صنعاء
نجح أحمد في تدعيم موقفه، وإضعاف مركز عبد الله الوزير الروحي، بفعل دعايته بين القبائل عن الثأر لوالده، واستعانة عبد الله بالأجانب، فضلاً عن إباحته صنعاء للقبائل اليمنية، حاولت قيادة الثورة التحرك عسكرياً لمواجهة أحمد في معقله بحجة، فتم في بداية الأسبوع الثاني من الثورة إرسال حملتين عسكريتين الأولي بقيادة محمد بن علي الوزير لقيادة حملة عمران حجة والثانية بقيادة محمد بن محمد الوزير لقيادة حملة شبام حجة، وبالرغم من خطورة النتائج المترتبة علي نجاح أو فشل هاتين الحملتين بالنسبة إلي الثورة، إلا أن الإعداد لهم قد إتسم بالارتجالية، وسوء التخطيط، فقد ذهبت الحملتان علي السيارات دون أن يكون لهما طلائع أو مؤخرة، تحمى الحملتين من أي هجوم مباغت، وتؤمن الاتصال بصنعاء.
ففي الحملة الأولي علي عمران بقيادة محمد بن علي الوزير، فإنه واجهة خضم هائل من القبائل المتهيئة للانقضاض عليه، وقرر الانسحاب قرب صنعاء حتى تصل إليه الإمدادات، إلا أن القبائل لم تدع له الفرصة فالتفت حوله القبائل وسيطرت علي المرتفعات، وحالت بينة وبين الانسحاب، ولم ينقذ الحملة من مصيرها المحتوم إلا شجاعة محمد بن علي الوزير، الذي استطاع الانسحاب، والعودة إلي صنعاء.
أما الحملة الثانية علي مدينة شبام حجة بقيادة محمد بن محمد الوزير فقد كان مصيرها أسوأ من حملة عمران، فقد استطاع دخول مدينة شبام دون أن يحتل كوكبان والمرتفعات المشرفة علي شبام، فأطبقت جيوش أحمد الذي كان يقودها علي بن حمود عليه من كل جانب، واستسلم محمد بن محمد الوزير، والقي القبض عليه، وسيق مع عسكره إلي حجة، ولم يثبت من حملة شبام إلا الشيخ عبد الله أبو لحوم الذي قاتل ببسالة برغم موقفة الحرج وفي النهاية استسلم لقوات أحمد بعد أن حصل علي العفو والأمان، وأن يذهبوا لأحمد مسلمين ومبايعين له بالإمامة لا كأسرى.
وهكذا انتهي التحرك العسكري لمواجهة أحمد بالفشل الذريع، وازداد مركز أحمد قوة وأصبح الحاكم الحقيقي علي قبائل الشمال والشرق والغرب الشمالي، وأخذت القبائل تتصل بأحمد ويتقربون إليه وتنفض من حول عبد الله الوزير، بحيث أصبحت صنعاء في نهاية الأسبوع الثاني للثورة في موقف تكاد فيه أن تقطع صلتها بالقسم الجنوبي والغربي، بينما تزحف القبائل من الشمال.
لقد وقعت قيادة الثورة في خطأ التركيز علي حشد قواتها، ودفعها إلي ضواحي حجة للهجوم علي مقر قيادة أحمد، دون أن تعطي أي اهتمام ببقية المناطق مما أدي إلي ضياع الفرصة من يد الثوار في الدفاع عن الثورة، وقد عمل أحمد علي استغلال هذا الخطأ أفضل استغلال، فوجه رسائله إلي كل المناطق الشمالية والشرقية يستحثها علي مناصرته، ودعمه ضد قتلة والده الذين باعوا البلاد إلي النصارى، وبذلك نجح في استنفار القبائل لصالحة، وقد اتضح ذلك جلياً في مواجهة القبائل للحملتين التي بعثت بهم الثورة إلي ضواحي حجة.
وقد بدأ الحديث منذ نهاية الأسبوع الثاني علي قيام الثورة بفرض الحصار علي صنعاء، ففي 28 فبراير أبرق الأمير أحمد إلي علي المؤيد طالباً منه "أخبر من يلزم ومن يهمهم الأمر في مصر يجب ألا تقوم أية طائرة إلي صنعاء لأن القبائل كلها والجيش ثائرون معنا، والحرب قائمة الآن في حباري وعصر والصوفية وبيت معاد وظهير الحمار".
وكل هذه المناطق التي ذكرها أحمد كانت لا تبعد عن صنعاء بأكثر من كيلو مترين اثنين، كما أبرق إلي علي المؤيد في 29 من نفس الشهر ذاكراً أن "صنعاء الآن شبة محصورة من جميع الجهات وأكثر الجيش النظامي قد وصل إلينا بمعداته من جميع المراكز الخارجية، وفرارها بالسلاح من صنعاء جار إلينا".
وقد أيد ما جاء في هذه البرقية ما جاء في اعترافات جمال جميل بعد القبض عليه من أن الجيش فر وانضم إلي أحمد بالأسلحة، التي وزعتها عليه حكومة الوزير.
وفي الوقت التي بدأت قوات أحمد تحيط بالعاصمة، تحرج موقف عبد الله الوزير الذي أصبح كل تركيزه منصباً علي استعجال حضور وفد الجامعة العربية، ومناشدة الدول العربية تقديم العون والمساعدة، وتوالت كتب عبد الله الوزير للدول العربية فأرسل إلي السعودية والعراق، طالباً إمداده بطائرات ودبابات لمواجهة القبائل الزاحفة نحو العاصمة للسلب والنهب، معتقدين أن العاصمة مليئة بالأموال "ونحن نطلب إليكم ذلك في سرعة وإلحاح، وليس باسم الملك والحكم إن شئتم ولكن باسم المحافظة علي الأمن فقط ولكم الحكم العدل بعد تأديب اللصوص ولمس الحقائق كما ترون أنتم والجامعة".
وكان رد الملك عبد العزيز تمسكه بالحياد حتى يصدر حكم الجامعة العربية، أما العراق فلم ترد علي رسالة عبد الله الوزير من الأساس.
وقد أدي الموقف السلبي للجامعة العربية، وتزايد مركز أحمد قوة إلي تهديد ابن الوزير باللجوء للأجانب، وذلك في برقية لعزام جاء فيها "بعد أن ثبت تردد الجامعة العربية واكتفاؤها بالتفرج من بعيد ننذركم إلي أنه إذا لم تبادروا إلي القيام بواجبكم أننا سنستعين بغيركم صراحة للضرورة الملحة مسجلين عليكم نتيجة هذا العار الشنيع".
كما بادر عبد الله الوزير إلي إرسال وفد منه إلي الرياض لمقابلة الملك عبد العزيز، ووفد الجامعة العربية لاستعجال وصول الوفد إلي صنعاء، وقد تكون الوفد من علي الوزير، والقاضي محمد الزبيريوالفضيل الورتلاني، وقد استقل الوفد الطائرة المصرية التي أقلت وفد الإخوان المسلمين إلي صنعاء حيث وصل جدة في 6/3/1948، ومنها توجه إلي الرياض.
قابل الوفد اليمني الملك عبد العزيز ووفد الجامعة العربية، حيث ذكر الوفد أن الأكثرية تؤيد الحكم الجديد، وأن أحمد فر إلي حجة، وهو يوزع الأموال والمنشورات علي رجال القبائل تدعوهم للهجوم علي صنعاء لنهب ثروة الإمام، وأن هذه الأموال ملك لجميع اليمنيين، وأن القبائل تحاول الهجوم علي صنعاء للسلب والنهب، كما أعلن الوفد اليمني الرغبة في الإصلاح وتعليق أهمية كبيرة علي الجامعة العربية لإنقاذهم، وأعربوا عن استغرابهم لتقاعس جامعة الدول العربية عن التدخل السريع، كما أعلن الوفد أنهم لا يطالبون المساعدة لتدعيم موقفهم فهذا يتركونه للجامعة والملك، ويفوضهم في إجراء ما يرونه صالحاً للتهدئة، وحذروا من اصطدام القبائل وإثارة أحقاد خامدة منذ 40 عاماً.
وقد تكلم الملك عبد العزيز، وأعلن استنكاره لقتل يحيى، وأنه لا يقر الطريقة التي صعد بها عبد الله الوزيرإلي الحكم بالرغم من ولاء الوزير له، وعدائه لأحمد، وأعلن تمسكه بالحياد، كما استنكر الملك ووفد الجامعة تهديد الوزير باللجوء للأجانب، وقد أوضح أعضاء الوفد اليمني أن المقصود شراء السلاح من الأجانب، وليس الارتماء في أحضانهم.
وحسب رواية علي الوزير أن الملك عبد العزيز قال لهم انتم تعلمون أن أحمد هو الذي أرسل أولئك النفر المعتدين الذين أرادوا اغتيالي أنا وسعود في الحرم الشريف، ولكن لا يمكنني الآن إلا إظهار الحياد التام.
وحاول الوفد مقابلة عزام لتذكيره بوعوده لهم، وإرسال طائرتين لإخافة القبائل، إلا أن عزام اعتذر بأنه مصاب بالبرد، ثم أجتمع به الوفد بعد ذلك منفرداً فأقسم أنه مصمم علي ذلك، ولكنه يقود سيارة بدون عجل، وكان آخر كلام عزام للوفد "أنا أعرف أنكم وقضيتكم علي الحق ولكني غلبت علي أمري فماذا أصنع لكم".
وأثناء تواجد الوفد اليمني في السعودية كانت الأحوال تزداد سوءاً، حيث أطبقت القبائل علي العاصمة من كل جانب، وبدأ الخناق يضيق، بحيث أصبحت العاصمة محاصرة بالكامل، وزاد من سوء الأحوال القبض علي عدد كبير من أبرز المعارضين اليمنيين، وعلي رأسهم أحمد محمد نعمان الذي كان معيناً وزيراً للزراعة في الحكومةاليمنية الجديدة، وكان أحمد نعمان وغيره من قادة الأحرار في عدن، قد توجهوا إلي اليمن عقب نجاح الثورة بطريق البر حيث وصلوا إلي تعز وآب، وقد أراد نعمان التوجه إلي صنعاء بعد أن قضي فترة قصيرة في تعز، بالرغم من وصول الأنباء عن الأحوال السيئة في صنعاء، ولكنه صمم علي الذهاب تدفعه الحماسة دون أن يصغي السمع لمن حذروه من مواصلة رحلته، حتى وصل إلي ذمار حيث وقع في الأسر هو ورفاقه.
وتكرر الوضع بالنسبة لزيد الموشكي الذي كان يريد التوجه إلي صنعاء، وغادر تعز متجهاً إلي الحديدة، حيث القي القبض عليه هو والخادم غالب ورفاقهم بينما تمكن عدد من الثوار من النجاة بأنفسهم إلي خارج اليمن.
لقد شكل القبض علي قادة الأحرار الذي تزامن مع الحصار المحكم حول صنعاء ضربة جديدة للثورة اليمنية خاصة بعد أن انقلب الكثير من الذين أظهروا تأييدهم للثورة عليها حتى في المدن التي خضعت للثورة مثل تعز وآب والحديدة.
ولجأ عبد الله الوزير وقيادة الثورة إلي إرسال برقيات الاستغاثة إلي الجامعة العربية ورؤساء وملوك الدول العربية بتاريخ 12/3/1948 – أي قبل يوم واحد من سقوط صنعاء – الذي جاء فيها" لقد حكمنا الجامعة العربية وصارت مسئولة عن الحالة في اليمن ونحن الآن لا نطلب من الجامعة ولا من الحكومات العربية مساعدتنا وتأييدنا بعد التحكيم ولكنا نطلب إنقاذ عشرات الآلاف من سكان صنعاء من هجمات القبائل المتوحشة بإرسال طائرات تفرق شملهم حتى يستطيع القائمون بالأمر في صنعاء المحافظة علي النفوس والأموال والذخائر إلي أن يصل وفد الجامعة ويقرر مصير اليمن، ولا يستطيع أحد من المسئولين وقف هذه العصابات الثائرة لأن مبدأها النهب والسلب والدليل علي هذا أنهم نهبوا قصر الإمام الراحل في الروضة خارج صنعاء فلم يبق إلا أن توقفوا انتم بأنفسكم هجمات القبائل حتى يجري التحكيم في جو هادئ.
كما اجتمعت قيادة الثورة لمواجهة هذه الأخطار، وتم وضع خطة لمواجهة الموقف تقوم علي أساس اتخاذ تعز عاصمة ثانية لحكومة الثورة، واتخاذ رداع قاعدة عسكرية للثورة علي أن يقوم عبد الله الوزير إلي رداع لوضع القاعدة العسكرية للثورة، وتحصين المرتفعات المطلة علي صنعاء، وسحب كمية كبيرة من المال والذخيرة والمعدات الحربية من صنعاء إلي رداع.
إن هذه الخطة التي وضعت مع بداية الأسبوع الثالث من الثورة توضح الإحساس بالخطر الشديد، ومحاولة قادة الثورة البحث عن قاعدة عسكرية بديلة، واتخاذ عاصمة ثانية يمكن اللجوء إليها في حالة سقوط صنعاء، إلا أن هذه الخطة لم تجد طريقها للتنفيذ، ورفض عبد الله الوزير الخروج إلي قاعدة رداع، ويبدو أنه كان ما زال يحسن الظن بالجامعة العربية، وأن مركزه ما يزال قوياً بين القبائل، وأن مغادرته صنعاء قد يعرضها للسقوط.
وأمام المخاطر المحدقة، والحصار المحكم لصنعاء اقترح علماء صنعاء إجراء مفاوضات ومصالحة مع الأمير أحمد حفظاً للسلم، وصيانة للأرواح والأموال، وقد أبدي كل من الوزير وأحمد موافقته علي الاقتراح غير أن أحمد سرعان ما غير رأيه، وضاقت الحلقة علي صنعاء بالرغم من جهود جمال جميل للدفاع عن العاصمة، واتخاذه العديد من الترتيبات العسكرية للدفاع عنها، إلا أن جهوده ذهبت أدراج الرياح فلم يكن معه إلا عدد قليل من شباب المدارس والكليات الحربية وبعض أفراد من القبائل والجيش، بينما القبائل تزحف بقوة ومن كل صوب علي العاصمة، وتنضم إليها كتائب الجيش النظامي من كل مركز حتى من صنعاء حيث التحقت معظم الكتائب النظامية التي كانت بصنعاء وحولها بمعداتها بقوات أحمد.
وبينما كانت صنعاء علي وشك السقوط علي أيدي القبائل وقوات أحمد، كان الوفد اليمني يبذل محاولة أخيرة مع الملك عبد العزيز لإنقاذ الموقف، وقد تولي الفضيل التحدث باسم الوفد أمام الملك عبد العزيز حيث أوضح سوء الحال باليمن، وأن اليمن كلها قد بايعت عبد الله الوزير بالإمامة، وأن القبائل تقوم بالإغارة على صنعاء بقصد السلب والنهب، وطلب من الملك والجامعة العربية بإرسال بضعة طائرات من القنابل والدبابات لإرهاب هؤلاء اللصوص، وإذا تقاعست الجامعة العربية عن ذلك فمعناه أنها تحمي اللصوص وتدافع عنهم، وحاول الورتلاني الطعن في الجامعة العربية، فذهب الملك غاضباً وقال له "بل أنت اللص، أنت وزملاؤك الذين قتلتمالإمام يحيى ولم تراعوا سنية التسعين ولا جهاده في سبيل استقلال اليمن وحمايتها من الأجنبي أربعين سنة". وهكذا فشلت مساعي الوفد اليمني، ليس ذلك فحسب بل كان عليه أن يغادر السعودية، فقد سقطت العاصمة صنعاء عقب هذه المقابلة، وكان علي الوفد أن يبحث عن مأوي يلجأ إليه.

سقوط صنعاء ونهاية الثورة
وفي يوم 13/3/1948 جاءت ساعة النهاية، وسقطت صنعاء في أيدي قوات القبائل حيث أذاع راديو صنعاء أن القوات الموالية لسيف الإسلام أحمد دخلت العاصمة صباح اليوم حوالي الساعة التاسعة صباحاً.
وكان سقوط صنعاء هي النهاية الحتمية المتوقعة علي ضوء تطورات الأحداث، فقد فشلت كل محاولات الحكومةاليمنية لإنقاذ الموقف سواء علي الصعيد الدبلوماسي، أو علي صعيد الوضع العسكري، وكذلك فشلت آخر محاولة قامت للصلح بين ابن الوزير وأحمد، وكانت نقطة النهاية للثـورة هي نفسها نقطة البداية لها، حيث مقر غمدان الذي كان استيلاء عبد الله الوزير عليه في بداية الثورة هي نقطة البداية لانتصارها، وكذلك جاءت نقطة النهاية للثورة من مقر غمدان حيث حدثت المؤامرة للقضاء علي الثورة، وكان أولاد الإمام يحيى قد أودعوا في مكان بقصر غمدان بالقرب من مقر عبد الله الوزير الذي تسامح معهم، ورفع عنهم الرقابة، وقد استطاعوا الاتصال ببعض الموالين لهم في القصر وفي صنعاء، كما اتصلوا بالأمير أحمد، وتم تنفيذ الانقلاب علي عبد الله الوزير داخل القصر ووقع القصر تحت سيطرة أولاد يحيى، بعد أن قطعوا خط التليفون بين قصر غمدان ومقر جمال جميل، وأطلقت المدفعية من جربة المدافع – وهو مكان استراتيجي كان يوجد في قصر السلاح – علي مقر عبد الله الوزير، الذي استسلم مع رفاقه، وتم إشعال النيران من قصر غمدان إشارة للنجاح في التغلب علي عبد الله الوزير، وكانت هذه الإشارة إشارة البدء حيث أشعلت النيران من على سطوح أتباع أحمد في صنعاء، وصاحبها إطلاق النيران، والهتافات العالية بدخول الإمام أحمد إلى قصر غمدان والقبض علي عبد الله الوزير، وقد أدي خبر القبض علي عبد الله الوزير، وإشاعة دخول أحمد قصر غمدان إلي استيلاء الرعب علي من تبقي من الحاميات الموالية للثورة علي الأبواب والأسوار، مما جعلهم يتسابقون في إعلان ولائهم لأحمد، واندفعت القبائل داخل صنعاء تمارس السلب والنهب وتهاجم البيوت والمحلات، ولم يستطع إلا القليل من رجال الثورة النجاة، وتم القبض علي قيادات الثورة، وعلي رأسهم عبد الله الوزير وجمال جميل والكبسي، وجري اعتقال ما يقرب من ألف شخص من الضباط والعلماء والأدباء والمثقفين والتجار والمشايخ وطلاب الكلية الحربية بالإضافة إلي بعض الفدائيين الذي قدموا من عدن لمناصرة الثورة.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Forwarded from one man
Forwarded from one man
Forwarded from one man
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM