من النقوش التي ذكرت ميناء عدن نقش المعسال 6 والذي ييتحدث عن قيام القيل حظين أوكن بقتال الأحباش ومطادرتهم حتى البحر وذلك في عهد الملك ياسر يهنعم (القرن الثالث الميلادي).
النص طويل وموجود في العدد السادس من مجلة ريدان
وذكر الميناء أيضا بنفس الطريقة في المعسال 5.
ريدان_العدد_6
النص طويل وموجود في العدد السادس من مجلة ريدان
وذكر الميناء أيضا بنفس الطريقة في المعسال 5.
ريدان_العدد_6
#بهجة_الزمن_تاريخ_اليمن
وكان القاسم بن المؤيد صاحب شهارة قد أرسل من قبله من يتسلم زبيد وبيت الفقيه حسب الاتفاق الذي تم في خمر مع محمد بن المتوكل-كما سبق-غير أنه عند وصولهم وجدوا فيها الحاميات العسكرية من قبل صاحب المنصورة فأعادوهم من حيث جاؤوا، وقالوا: "البلاد لغيرهم" .
وأرسل صاحب المنصورة الرسائل إلى إخوته يعاتبهم باستعجالهم في مبايعة محمد بن المتوكل، الذي لم يكلف نفسه بالخروج إلى الغراس لحضور جنازة والده المهدي.
وما زال محمد بن المتوكل يراسل محمد بن المهدي أحمد بن الحسن مراراً، ويدعوه للدخول تحت الطاعة، ومبايعته بالإمامة، بينما كان الأخير يحاول أن يقوي نفسه في المناطق التي استولى عليها مؤخراً، "زبيد وبيت الفقيه" ثم أرسل إلى محمد بن المتوكل رسالة فيها احتجاج بسبب أنه أعطى علي بن أحمد صاحب صعدة جبل صبر، قائلاً له: "كيف هذا وجبل صبر في حوزة بلدي، وجنب المنصورة عندي، هذا محال أن يتصرف فيه عُمَّال علي بن أحمد وهو تحتي، مع أن علياً قد معه جميع الشام مع ما انضم إليه من جبل رازح" ولم يصلا إلى أي اتفاق.
غير أن الأحداث كانت تسير ضد صاحب المنصورة، حيث قامت قبائل الصبيحة والحواشب بالاتجاه إلى لحج، ونهبوا أطرافها، وأخافوا طرقها، مما اضطره إلى إرسال قوة عسكرية بقيادة أحد أبنائه لمحاربتهم، ثم تبعها بقوة عسكرية أخرى، غير أنهم هُزموا، وقُتل بعض منهم، كما أن الشيخ ابن شعفل قام هو ومن معه من قبائل الجحافل بانتهاب وتقطع في طريق الدمنة، ولم يتكمن صاحب المنصورة من الخروج من منصورته لمحاربة هؤلاء خوفاً من قبائل الحجرية أن تتمرد عليه وتثور ضده، لذلك رأى أنه لا بد من الاتفاق مع الإمام المؤيد محمد بن المتوكل ومبايعته حتى يكون عوناً له ضد القبائل المتمردة، وبدأ في المكاتبة للمؤيد، وأرسل إليه كاتبه الخاص يطلب منه الاجتماع بحضور الحكام والعلماء والقضاة، وأن تُقام الشريعة فيما ادعاه، فأجاب المؤيد أن هذا هو المراد.
غير أن صاحب المنصورة محمد بن أحمد، وهو ذو شخصية متقلبة-كما سنرى-أرسل في شهر الحجة من سنة (1092ه/1681م) السيد ناصر الديلمي برسالة إلى الإمام المؤيد يقول فيها: إن الاتفاق قد تعذر. وكان سبب تراجعه أنه أشار عليه المقربون إليه أن ذلك سيكون سبباً للفتنة، وأن القضاة لن يختاروا إلا محمد بن المتوكل، لذلك رجع صاحب المنصورة عما كان قد اقترحه، وعزز قواته في زبيد وبيت الفقيه، وأخرج الولاة السابقين منها، وعين ولاة من قبله. وما زالت المراسلات بين صاحب المنصورة والإمام المؤيد حتى سنة (1093ه/1682م) حيث اشترط الأول شروطاً إن وافق عليها المؤيد بايعه وتنازل له عن الإمامة، وإلا فهو باق على ما هو عليه. وهذه الشروط هي:
1- عزل علي بن المتوكل عن الولايات التابعة له.
2- عزل السيد حسن الجرموزي عن ولاية المخا، وإعطاء محمد بن أحمد بن الحسن ربع المخا.
3- منع ولاة بيت المال عن قبض محصولات الأوقاف.
ويلاحظ أنها مطالب من أجل تحقيق التوسع، ومن أجل الحصول على مزيد من الأموال، وفي بداية الأمر رفض محمد بن المتوكل هذه الشروط؛ لأنه لا يمكنه بأي حال من الأحوال عزل أخيه علي عن ولايته، فهو من مراكز القوى الهامة والفاعلة، وأصبحت شوكته قوية، بالإضافة إلى أنه قد تنازل لأخيه المؤيد عن الإمامة، فكيف سيكون رد فعل علي بن المتوكل لو فكر أخوه المؤيد بعزله لإرضاء صاحب المنصورة العدو الأول لعلي بن المتوكل؟
وكان علي بن المتوكل يخشى أن يستولي صاحب المنصورة على تعز التي كانت تابعة لولايته، لذلك اضطر إلى البقاء بها؛ لأنه كان يعلم أنه إذا خرج منها، فإن صاحب المنصورة سيدخلها، وكان علي بن المتوكل يمر بضائقة مالية بسبب الجفاف وغلاء الأسعار، وتضرر أهالي تعز وغيرهم من كثرة المطالب المفروضة عليهم، وعلى العكس منه صاحب المنصورة، الذي "كانت البلاد المحصلة تحت يده، فلم يكن معه مثلما مع هؤلاء من المشقة، والمدخول من الدفعات لا تزال مستمرة" .
واستمر الوضع على ما هو عليه، واستمرت المراسلات بينهما، المؤيد يطالب بالتنازل والمبايعة، وصاحب المنصورة يصر على تنفيذ تلك الشروط أولاً، وفي آخر الأمر كتب الأخير إلى المؤيد رسالة أهم ما جاء فيها: "إذا قد بنيتم على عدم فعل شيء مما شُرط عليكم كنتم على حالكم في البلاد التي قد أجابتكم، ونحن على حالنا في البلاد التي تحت أيدينا، ولنا النظر من بعد على ما اقتضاه نظرنا" .
وكان القاسم بن المؤيد صاحب شهارة قد أرسل من قبله من يتسلم زبيد وبيت الفقيه حسب الاتفاق الذي تم في خمر مع محمد بن المتوكل-كما سبق-غير أنه عند وصولهم وجدوا فيها الحاميات العسكرية من قبل صاحب المنصورة فأعادوهم من حيث جاؤوا، وقالوا: "البلاد لغيرهم" .
وأرسل صاحب المنصورة الرسائل إلى إخوته يعاتبهم باستعجالهم في مبايعة محمد بن المتوكل، الذي لم يكلف نفسه بالخروج إلى الغراس لحضور جنازة والده المهدي.
وما زال محمد بن المتوكل يراسل محمد بن المهدي أحمد بن الحسن مراراً، ويدعوه للدخول تحت الطاعة، ومبايعته بالإمامة، بينما كان الأخير يحاول أن يقوي نفسه في المناطق التي استولى عليها مؤخراً، "زبيد وبيت الفقيه" ثم أرسل إلى محمد بن المتوكل رسالة فيها احتجاج بسبب أنه أعطى علي بن أحمد صاحب صعدة جبل صبر، قائلاً له: "كيف هذا وجبل صبر في حوزة بلدي، وجنب المنصورة عندي، هذا محال أن يتصرف فيه عُمَّال علي بن أحمد وهو تحتي، مع أن علياً قد معه جميع الشام مع ما انضم إليه من جبل رازح" ولم يصلا إلى أي اتفاق.
غير أن الأحداث كانت تسير ضد صاحب المنصورة، حيث قامت قبائل الصبيحة والحواشب بالاتجاه إلى لحج، ونهبوا أطرافها، وأخافوا طرقها، مما اضطره إلى إرسال قوة عسكرية بقيادة أحد أبنائه لمحاربتهم، ثم تبعها بقوة عسكرية أخرى، غير أنهم هُزموا، وقُتل بعض منهم، كما أن الشيخ ابن شعفل قام هو ومن معه من قبائل الجحافل بانتهاب وتقطع في طريق الدمنة، ولم يتكمن صاحب المنصورة من الخروج من منصورته لمحاربة هؤلاء خوفاً من قبائل الحجرية أن تتمرد عليه وتثور ضده، لذلك رأى أنه لا بد من الاتفاق مع الإمام المؤيد محمد بن المتوكل ومبايعته حتى يكون عوناً له ضد القبائل المتمردة، وبدأ في المكاتبة للمؤيد، وأرسل إليه كاتبه الخاص يطلب منه الاجتماع بحضور الحكام والعلماء والقضاة، وأن تُقام الشريعة فيما ادعاه، فأجاب المؤيد أن هذا هو المراد.
غير أن صاحب المنصورة محمد بن أحمد، وهو ذو شخصية متقلبة-كما سنرى-أرسل في شهر الحجة من سنة (1092ه/1681م) السيد ناصر الديلمي برسالة إلى الإمام المؤيد يقول فيها: إن الاتفاق قد تعذر. وكان سبب تراجعه أنه أشار عليه المقربون إليه أن ذلك سيكون سبباً للفتنة، وأن القضاة لن يختاروا إلا محمد بن المتوكل، لذلك رجع صاحب المنصورة عما كان قد اقترحه، وعزز قواته في زبيد وبيت الفقيه، وأخرج الولاة السابقين منها، وعين ولاة من قبله. وما زالت المراسلات بين صاحب المنصورة والإمام المؤيد حتى سنة (1093ه/1682م) حيث اشترط الأول شروطاً إن وافق عليها المؤيد بايعه وتنازل له عن الإمامة، وإلا فهو باق على ما هو عليه. وهذه الشروط هي:
1- عزل علي بن المتوكل عن الولايات التابعة له.
2- عزل السيد حسن الجرموزي عن ولاية المخا، وإعطاء محمد بن أحمد بن الحسن ربع المخا.
3- منع ولاة بيت المال عن قبض محصولات الأوقاف.
ويلاحظ أنها مطالب من أجل تحقيق التوسع، ومن أجل الحصول على مزيد من الأموال، وفي بداية الأمر رفض محمد بن المتوكل هذه الشروط؛ لأنه لا يمكنه بأي حال من الأحوال عزل أخيه علي عن ولايته، فهو من مراكز القوى الهامة والفاعلة، وأصبحت شوكته قوية، بالإضافة إلى أنه قد تنازل لأخيه المؤيد عن الإمامة، فكيف سيكون رد فعل علي بن المتوكل لو فكر أخوه المؤيد بعزله لإرضاء صاحب المنصورة العدو الأول لعلي بن المتوكل؟
وكان علي بن المتوكل يخشى أن يستولي صاحب المنصورة على تعز التي كانت تابعة لولايته، لذلك اضطر إلى البقاء بها؛ لأنه كان يعلم أنه إذا خرج منها، فإن صاحب المنصورة سيدخلها، وكان علي بن المتوكل يمر بضائقة مالية بسبب الجفاف وغلاء الأسعار، وتضرر أهالي تعز وغيرهم من كثرة المطالب المفروضة عليهم، وعلى العكس منه صاحب المنصورة، الذي "كانت البلاد المحصلة تحت يده، فلم يكن معه مثلما مع هؤلاء من المشقة، والمدخول من الدفعات لا تزال مستمرة" .
واستمر الوضع على ما هو عليه، واستمرت المراسلات بينهما، المؤيد يطالب بالتنازل والمبايعة، وصاحب المنصورة يصر على تنفيذ تلك الشروط أولاً، وفي آخر الأمر كتب الأخير إلى المؤيد رسالة أهم ما جاء فيها: "إذا قد بنيتم على عدم فعل شيء مما شُرط عليكم كنتم على حالكم في البلاد التي قد أجابتكم، ونحن على حالنا في البلاد التي تحت أيدينا، ولنا النظر من بعد على ما اقتضاه نظرنا" .
ومن الطبيعي أن يرفض المؤيد هذا العرض، إذ إن ذلك يعني موافقته على أن يكون محمد بن أحمد إماماً في منطقته، التي كانت حينذاك أهم وأغنى المناطق، وأنه في نهاية الأمر سيستمر في انتزاع المناطق الهامة الواحدة تلو الأخرى، ويصبح أقوى من ذي قبل، وينتزع الإمامة من المؤيد، لذلك اهتم الأخير بجمع القضاة والأعيان ليستشيرهم في الأمر، فأشار عليه البعض بضرورة محاربة صاحب المنصورة والحد من نفوذه، والبعض الآخر أشار عليه أن يجعل له جميع المناطق التي كانت تابعة له من قبل، وكذلك المناطق التي استولى عليها فيما بعد، وأن يكون مسؤولاً عن جميع بلاد المشرق.
غير أن صاحب المنصورة كان قد حصل على كل ذلك بالقوة، ولم يكن بحاجة إلى موافقة المؤيد أو إعطائه إياها؛ لأنها أساساً أصبحت تابعة له، أما يافع فإنها منطقة لم تعد تابعة لأحد من آل القاسم، حيث كان أهل يافع قد طردوا الولاة، محاولين الاستقلال عن الدولة القاسمية، كما سنرى لاحقاً.
وعلى الرغم من أن صاحب المنصورة ما زال أمره يقوى يوماً بعد يوم، إلا أن الإمام المؤيد اضطر أن يرسل إليه بعضاً من آل القاسم لمواجهته، وإرغامه على التنازل للمؤيد ومبايعته، فبدأ الحسين بن محمد بن أحمد بن القاسم بالتحرك من دمت إلى بلاد الجند، كما اتجه إسحاق بن المهدي أحمد بن الحسن إلى "ذي شرق" بمن معه، وأصبح كل واحد منهم مستعداً للحرب، وكتب الإمام المؤيد إلى أخيه الحسن بن المتوكل صاحب اللحية أن يجمع جنوده ويتجه إلى بيت الفقيه، غير أن موقف المؤيد كان ضعيفاً، حيث كان كثير من الجنود منقادين ومتعاطفين مع صاحب المنصورة؛ لأنهم كانوا تابعين لوالده الإمام المهدي، فنجد مثلاً عندما كتب المؤيد إلى حراز يأمرهم أن ينضموا إلى أخيه الحسن ويقصدون بيت الفقيه امتنع أكثر أهل حراز، كذلك إسحاق بن المهدي، الذي أُرسل لمواجهة أخيه محمد كان معظم جنده قلوبهم مع صاحب المنصورة "لإحسان والده عليهم" ، وصرح مشائخ الرحبة وهمدان للمؤيد بأنه إذا كان يريد دخول يافع فهم معه مناصرين ومؤيدين، وإن كان يريد محاربة محمد بن أحمد بن الحسن فلا يمكنهم ذلك؛ لأنهم أتباع والده، وأظهر إبراهيم بن المهدي الميل إلى أخيه، فأصبح يكاتبه وأعانه بالجند والمال، وجهز مجموعة من الجند إلى منطقة حبيش للاستيلاء عليها، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك ثم استعد للتوجه إلى بلاد المخادر، وكلها تابعة لعلي بن المتوكل، ولم يتمكن من دخولها أيضاً.
لهذا كله أصبح المؤيد في موقف صعب وفي حيرة من أمره، فكان قد اقترح على صاحب المنصورة أن يبايعه أولاً بالإمامة، ومن ثم سينظر في الموافقة على شروطه، غير أن محمد بن المهدي لا يزال مصراً على تنفيذ شروطه تلك، وبذلك لم يكن أمام المؤيد إلا أحد أمرين: إما الموافقة على الشروط التي وضعها محمد بن المهدي، أو أن يتركه في مناطق ولايته على ما هو عليه، وأنها ستكون له سواءً بايع أم لم يبايع، ولكي يتقي شر صاحب المنصورة كان لا بد من الموافقة على الشروط، فأرسل إليه برسالة فيها الموافقة على تلك الشروط، وأجاب عليه صاحب المنصورة برسالة مبايعاً له بالإمامة، مؤكداً على أنه لم يبايعه إلا بعد موافقته على شروطه.
غير أن صاحب المنصورة كان قد حصل على كل ذلك بالقوة، ولم يكن بحاجة إلى موافقة المؤيد أو إعطائه إياها؛ لأنها أساساً أصبحت تابعة له، أما يافع فإنها منطقة لم تعد تابعة لأحد من آل القاسم، حيث كان أهل يافع قد طردوا الولاة، محاولين الاستقلال عن الدولة القاسمية، كما سنرى لاحقاً.
وعلى الرغم من أن صاحب المنصورة ما زال أمره يقوى يوماً بعد يوم، إلا أن الإمام المؤيد اضطر أن يرسل إليه بعضاً من آل القاسم لمواجهته، وإرغامه على التنازل للمؤيد ومبايعته، فبدأ الحسين بن محمد بن أحمد بن القاسم بالتحرك من دمت إلى بلاد الجند، كما اتجه إسحاق بن المهدي أحمد بن الحسن إلى "ذي شرق" بمن معه، وأصبح كل واحد منهم مستعداً للحرب، وكتب الإمام المؤيد إلى أخيه الحسن بن المتوكل صاحب اللحية أن يجمع جنوده ويتجه إلى بيت الفقيه، غير أن موقف المؤيد كان ضعيفاً، حيث كان كثير من الجنود منقادين ومتعاطفين مع صاحب المنصورة؛ لأنهم كانوا تابعين لوالده الإمام المهدي، فنجد مثلاً عندما كتب المؤيد إلى حراز يأمرهم أن ينضموا إلى أخيه الحسن ويقصدون بيت الفقيه امتنع أكثر أهل حراز، كذلك إسحاق بن المهدي، الذي أُرسل لمواجهة أخيه محمد كان معظم جنده قلوبهم مع صاحب المنصورة "لإحسان والده عليهم" ، وصرح مشائخ الرحبة وهمدان للمؤيد بأنه إذا كان يريد دخول يافع فهم معه مناصرين ومؤيدين، وإن كان يريد محاربة محمد بن أحمد بن الحسن فلا يمكنهم ذلك؛ لأنهم أتباع والده، وأظهر إبراهيم بن المهدي الميل إلى أخيه، فأصبح يكاتبه وأعانه بالجند والمال، وجهز مجموعة من الجند إلى منطقة حبيش للاستيلاء عليها، غير أنهم لم يتمكنوا من ذلك ثم استعد للتوجه إلى بلاد المخادر، وكلها تابعة لعلي بن المتوكل، ولم يتمكن من دخولها أيضاً.
لهذا كله أصبح المؤيد في موقف صعب وفي حيرة من أمره، فكان قد اقترح على صاحب المنصورة أن يبايعه أولاً بالإمامة، ومن ثم سينظر في الموافقة على شروطه، غير أن محمد بن المهدي لا يزال مصراً على تنفيذ شروطه تلك، وبذلك لم يكن أمام المؤيد إلا أحد أمرين: إما الموافقة على الشروط التي وضعها محمد بن المهدي، أو أن يتركه في مناطق ولايته على ما هو عليه، وأنها ستكون له سواءً بايع أم لم يبايع، ولكي يتقي شر صاحب المنصورة كان لا بد من الموافقة على الشروط، فأرسل إليه برسالة فيها الموافقة على تلك الشروط، وأجاب عليه صاحب المنصورة برسالة مبايعاً له بالإمامة، مؤكداً على أنه لم يبايعه إلا بعد موافقته على شروطه.
#تاريخ_اليمن_أحمد_المطاع
هاجم ابن حميد ومعه بنو الحرث قرية الهجر وغدر بنو عبد المدان وفي ذلك يقول ابو جعفر رحمه الله (١) :
غدرتم يا بني عبد المدان
وكان الغدر من شيم الجبان
حلفتم لي بإيمان غلاظ
تخرّ لها الصّخور مع القنان
بانكم على نصري حراص
غداة الرّوع في وهج الطعان
فلم توفوا بعهدكم وكنتم
شرارا يا بني عبد المدان
بقي ابو جعفر في نفر قليل من خلص انصاره بقلوب يغمرها الإيمان بالله والرّضا بحكمه ، وقد أحاط بهم العدو من كل جهة ، ولم يبق أمامهم غير الفرار أو الموت (وهما أمران أحلاهما مرّ).
أبوا أن يفرّوا والقنا في نحورهم
ولم يرتقوا من خشية الموت سلّما
ولو أنهم فرّوا لكانوا أعزة
ولكن رأوا صبرا على الموت أحزما
وقد أشار عليه بعض أصحابه بالرّكوب فقال لهم : ليس هذا الوقت وقت ركوب ، ولكن أنزلوا معنا نجالد القوم عن أنفسنا وحرمنا ، حتى يحكم الله بيننا وبين عدوّنا ، وهو خير الحاكمين. ومضى قدما بنفس هاشة ، ووجه طلق يهزأ بالخطوب ، ويحتقر الموت ولسان حاله تتمثل :
ردي حياض الرّدى يا نفس واتركي
حياض خوف الردى للشاء والنعم
ان لم اذرك على الأرماح سائلة
فلا دعيت ابن أم المجد والكرم
وبعد عراك شديد تحصن ومن بقي من أصحابه بالدار التي كان فيها الإمام الهادي ، وجعلوا يجالدون القوم ويدافعون دفاع الليوث عن اشبالها ، حتى اقتحموا عليهم الدار من جميع جهاتها ، ورموهم بالنار والحجارة فلم يؤثر ذلك في نفوسهم ، وجعلوا يبرزون للقوم الرجل بعد الرجل ، فاذا ما قتل الأول سد مسده الآخر ، حتى أفضت النوبة إلى أميرهم البطل الأروع ،
______
(١) الأبيات في سيرة الهادي ص ٣٧١.
هاجم ابن حميد ومعه بنو الحرث قرية الهجر وغدر بنو عبد المدان وفي ذلك يقول ابو جعفر رحمه الله (١) :
غدرتم يا بني عبد المدان
وكان الغدر من شيم الجبان
حلفتم لي بإيمان غلاظ
تخرّ لها الصّخور مع القنان
بانكم على نصري حراص
غداة الرّوع في وهج الطعان
فلم توفوا بعهدكم وكنتم
شرارا يا بني عبد المدان
بقي ابو جعفر في نفر قليل من خلص انصاره بقلوب يغمرها الإيمان بالله والرّضا بحكمه ، وقد أحاط بهم العدو من كل جهة ، ولم يبق أمامهم غير الفرار أو الموت (وهما أمران أحلاهما مرّ).
أبوا أن يفرّوا والقنا في نحورهم
ولم يرتقوا من خشية الموت سلّما
ولو أنهم فرّوا لكانوا أعزة
ولكن رأوا صبرا على الموت أحزما
وقد أشار عليه بعض أصحابه بالرّكوب فقال لهم : ليس هذا الوقت وقت ركوب ، ولكن أنزلوا معنا نجالد القوم عن أنفسنا وحرمنا ، حتى يحكم الله بيننا وبين عدوّنا ، وهو خير الحاكمين. ومضى قدما بنفس هاشة ، ووجه طلق يهزأ بالخطوب ، ويحتقر الموت ولسان حاله تتمثل :
ردي حياض الرّدى يا نفس واتركي
حياض خوف الردى للشاء والنعم
ان لم اذرك على الأرماح سائلة
فلا دعيت ابن أم المجد والكرم
وبعد عراك شديد تحصن ومن بقي من أصحابه بالدار التي كان فيها الإمام الهادي ، وجعلوا يجالدون القوم ويدافعون دفاع الليوث عن اشبالها ، حتى اقتحموا عليهم الدار من جميع جهاتها ، ورموهم بالنار والحجارة فلم يؤثر ذلك في نفوسهم ، وجعلوا يبرزون للقوم الرجل بعد الرجل ، فاذا ما قتل الأول سد مسده الآخر ، حتى أفضت النوبة إلى أميرهم البطل الأروع ،
______
(١) الأبيات في سيرة الهادي ص ٣٧١.
فكانت معركة شديدة ثاروا عليه من كل جانب ، وهو ثابت كأنه خنذيذة (١) من جبل يفلّ شبأ عدوانهم ، بمن يرديه من أبطالهم فتلاءمت تلك الجموع وتلاحمت وقالت : انه الذّل والعار ، رجل واحد أشجاكم ، وبلغ مكروهكم وقتل رجالكم أجمعوا عليه ، ثم احملوا عليه حملة رجل واحد ، ففعلوا ، فلقيهم ذوي البيت ، ثم حمل عليهم وحملوا عليه ، ولم يزل يصاولهم حتى أعياهم ، فكمن له رجل وراء الباب وضربه في قفاه فسقط بينهم فحملوا عليه ووضعوا فيه سيوفهم فقطعوه واخذوا سلبه رحمه الله ورضي عنه :
فتى مات بين الضرب والطّعن ميتة
تقوم مقام النصر إن فاته النّصر
وما مات حتى مات مضرب سيفه
من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
وقد كان قوت الموت سهلا فردّه
إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر
ثم احتزوا رأسه وكان يرتجز الذي اجتز رأسه ويقول (٢) :
شيخ لشيخ وصبي لصبي
شفيت نفسي منك يا نسل علي
فلا أبالي بعدها ما حلّ بي
من سخط الله ومن لعن النّبي
وطافوا به في بلدانهم وصلبوه على خشبة بقرية الهجر ، وأخذوا جثته وجثث أصحابه رحمهم الله ، والقوها في سطح الدّار التي قتلوا فيها ، وجعلوا يطؤونهم بحوافر خيولهم وعملوا بهم من ضروب التمثيل ما برهن عن تجردهم من كل عاطفة بشرية وانسلاخهم من كل معاني الانسانية ، ولم يكتفوا بما اجترموه من عار الغدر ونكث العهود وذل القسوة في التمثيل بقتلاهم ، حتى تجاوزوا ذلك واقترفوا أعظم جريمة ، وأشنع جريرة تتحاماها الجاهلية والاسلام ، وينكرها الخلق العربي والشمم اليعربي ، ومدوا أيديهم وشهروا سيوفهم القذرة على النساء والصبيان والأطفال فسلبوهن ، وأخذوا ما عليهن
______
(١) رأس الجبل.
(٢) هو ابو العوارم بن موسى القطين. انظر البيتين في سيرة الهادي ص ٣٧٨.
فتى مات بين الضرب والطّعن ميتة
تقوم مقام النصر إن فاته النّصر
وما مات حتى مات مضرب سيفه
من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
وقد كان قوت الموت سهلا فردّه
إليه الحفاظ المرّ والخلق الوعر
ثم احتزوا رأسه وكان يرتجز الذي اجتز رأسه ويقول (٢) :
شيخ لشيخ وصبي لصبي
شفيت نفسي منك يا نسل علي
فلا أبالي بعدها ما حلّ بي
من سخط الله ومن لعن النّبي
وطافوا به في بلدانهم وصلبوه على خشبة بقرية الهجر ، وأخذوا جثته وجثث أصحابه رحمهم الله ، والقوها في سطح الدّار التي قتلوا فيها ، وجعلوا يطؤونهم بحوافر خيولهم وعملوا بهم من ضروب التمثيل ما برهن عن تجردهم من كل عاطفة بشرية وانسلاخهم من كل معاني الانسانية ، ولم يكتفوا بما اجترموه من عار الغدر ونكث العهود وذل القسوة في التمثيل بقتلاهم ، حتى تجاوزوا ذلك واقترفوا أعظم جريمة ، وأشنع جريرة تتحاماها الجاهلية والاسلام ، وينكرها الخلق العربي والشمم اليعربي ، ومدوا أيديهم وشهروا سيوفهم القذرة على النساء والصبيان والأطفال فسلبوهن ، وأخذوا ما عليهن
______
(١) رأس الجبل.
(٢) هو ابو العوارم بن موسى القطين. انظر البيتين في سيرة الهادي ص ٣٧٨.