اليمن_تاريخ_وثقافة
10.5K subscribers
141K photos
348 videos
2.17K files
24.5K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
 ذكر عبد الرحمن بن بزرج وهو جد بني الشيعي بصنعاء
وعبد الرحمن بن بزرج قد كان أدرك الجاهلية وأسلم فحسن إسلامه ، قال أخوه النعمان : كنا ندخل على ابنة باذان ونحن غلمان فلا يدخل عليها أحد إلا كفّر لها إلا عبد الرحمن [فكانت](١) تضربه بحجاز لها ، فما فعل ذلك لها حتى دخل الإسلام فكان أحسننا إسلاما ، وأقرأنا لكتاب الله عزوجل.
______
(١) من : حد ، صف
مؤلف الذيل
ينتسب المؤلف (سريّ بن فضيل العرشاني) إلى أسرة يمنية عرفت بالعلم والفضل وتولي القضاء. وقد ترجم الجندي لبعض من اشتهر من هذه الأسرة ـ ومنهم من كان له مؤلفات في التاريخ (١) ـ غير صاحب ذيل صنعاء الذي لا نعرف عنه ـ في واقع الأمر ـ أكثر مما ذكره الجندي في ترجمته له والتي هذا نصها (٢) :
«... ومنهم سريّ بن إبراهيم بن أبي بكر بن علي بن معاذ بن مبارك بن تبّع بن يوسف بن فضيل العرشاني ، يجتمع مع الحافظ العرشاني في (تبّع بن يوسف). كان المذكور فقيها ، فاضلا ، أصوليا ؛ وله مصنفات في الأصول على طريق الأشعري (٣).
ولي قضاء صنعاء ، وفي أيامه بنى (وردسار) المنارتين بالجامع وأصلحه ، وبنى الجبّانة أيضا. وسريّ هو الذي بنى المطاهر والبركة بجامع صنعاء ولم يكونا قبل ذلك ؛ وكان مبتدأ بنائه لذلك في شهر شعبان سنة ست وست مئة. وذكر
______
(١) أمثال أحمد بن علي بن أبي بكر العرشاني (٥٤٢ ـ ٦٠٧ ه‍ / ١١٣٠ ـ ١٢١٠ م) ، الذي ذكر له ـ الجندي (ق ٩٦) ـ : تأريخا لليمن وآخر لمن قدمها من الصحابة ، وذيلا لتاريخ الطبري وثانيا لتاريخ القضاعي ، بالإضافة إلى كتاب في (طبقات النحاة). راجع أيضا : ابن سمرة الجندي : طبقات فقهاء اليمن ٢٣٦ ، هدية العارفين ١ / ٨٨ ، ياقوت (عرشان).
(٢) السلوك (مخطوط باريس) ورقة ٩٧
(٣) الأشعري (أبو الحسن علي): (٢٦٠ ـ ٣٢٤ ه‍ / ٨٧٤ ـ ٩٣٦ م) متكلم من الأئمة ، أسس مذهب الأشاعرة ، كان معتزليا ثم خالفهم ، له عشرات الكتب من أشهرها (الإبانة عن أصول الديانة) ، (اللّمع في الرد على أهل الزيغ والبدع) ، (مقالات الإسلاميين) ، توفي ببغداد.
أنه قد أعانه على ذلك (وردسار) ، وأنه الذي حفر البئر وعمل المجاري منها إلى مطاهر [جامع] صنعاء من ماله لا من مال المسجد ، وأن عمارة المطاهر من وقف المسجد بشاهرة ، وأنها فرغت العمارة في جمادى الآخرة سنة سبع وست مئة.
وهو أحد عدول القضاة ، ذكر العارف بأيامه أن سيرته فيه كانت محمودة ، وأنه كان عادلا في أحكامه. وله تذييل على (تاريخ الرازي) ونقلت منه عدة فوائد ، ورأيت شيئا من مصنفاته مع أهله ، ومن كتبه عدة كتب موقوفة هنالك. وذكر أنه اشترى أرضا فيها شجر عنب ، ثم حضر عنده خصمان اتجه على أحدهما حقّ حكم به عليه ؛ ثم إن المحكوم عليه وصل إلى بيت القاضي ليلا وناداه فأجابه فقال : يا سيّدنا! أنا فلان ومعي شريم له كذا وكذا سنّة ، وأريد أن أتقدم به إلى حضيرتك أقطعها مكافأة لحكمك عليّ! فدعاه القاضي ولاطفه ـ وربما غرم له ما حكم به عليه ـ ثم لما أصبح باع الحضيرة وقال : لا يصلح لحاكم أن يملك مزرعة!
وكانت وفاته على القضاء بصنعاء سنة ست وعشرين وست مئة [١٢٢٩ م]».
495
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#صفة_جزيرة_العرب_للهمداني

ه). وأكثر معارفه تلقاها عن رواة وعلماء وأناس من أهل قطره. وما عدا ذلك فهو يشير اليه ، وهو يتلقّى معلوماته عمن يتوسّم فيه المعرفة من أهلها. وقد أكثر النقل عن بطليموس ، بل لخص كتابه في مقدمة «صفة جزيرة العرب» ويظهر أن الكتب المعربة وصلت الى صنعاء في زمن متقدم ، فقد كان وزراء الدولة العباسية كالبرامكة وغيرهم ذوي صلة بالأبناء ـ وهم بقايا الفرس ـ الذين كانوا في صنعاء.
وقد تأثر كثيرا ببعض الآراء الواردة في تلك الكتب المترجمة عن اليونانية أو الفارسية أو الهندية ، تأثرا دفعه إلى الأخذ بها ، وإلى احترامه لأصحابها ، فهو بعد أن يورد قول أرسطاطاليس الحكيم في مبتدأ الحرارة في جوف الأرض ، يعقب عليه بقوله : (قد أحسن الحكيم فيما فرّع ، وإن كان قد بنى قوله في مبتدأ الحرارة على غير أصل) ثم يسترسل في إيضاح ذلك (١).
وهو يوضح بعض آرائه بالرسم كما في «سرائر الحكمة (٢)» و «الجوهرتين (٣)»
ويؤخذ على الهمداني أمور :
١ ـ منها شدة تعصبه شدّة قد تحيد به في بعض الأحيان عن جادة الصواب ، وكتاب «شرح الدامغة» أوضح دليل على ذلك. والأستاذ محب الدين الخطيب على حق حينما قال عن الهمداني : (يثبت حقائق العلم على صحتها ما استطاع ، في كل ما لا يمسّ همدانيته ويمنيته ، فاذا لامس العلم هذا الجانب الحساس من المؤلف وجد فيه ضعفا). (٤).
______
(١) «الجوهرتين» : ١٠٥
(٢) الورقة ١٥ وما بعدها.
(٣) ١٥١ / ١٥٦ / ١٥٧ / ٢٠١ / ٢٠٥ / ٢٠٧ / ٢٠٩ / ٢١٣ / ٢١٥ / ٢٤٣ / ٣٤١ / ٣٦٣.
(٤) هذا حكم جائر ورجم بالغيب من استاذنا الجليل (حمد الجاسر) تبعا لاستاذنا محب الدين الخطيب في مقدمته للجزء العاشر من الاكليل الذى تحامل على صاحبنا في مواضع من تعليقه على العاشر وغلطه في اشياء كان الخطيب هو الغالط فيها والغالط حقا كما بينا في تعليقنا على العاشر لانهما لم يعيشا الظروف التي عاشها الهمداني ولو عاشوها او عرفوها لعذروه كما عشنا نحن وآباؤنا من قبل ، وما الدامغة الا دفاع عن احساب قومه بعد ان اضطروه الى ذلك على أنه صان لسانه عن كل اقذاع والله يعفو عن من قد أتى زللا انظر مقدمة تفسير الدامغة
 ـ اعتقاده بتأثير النجوم ، في تكون المعادن ـ كما في «الجوهرتين (١)» وفي البشر أيضا ، كما شحن بذلك القسم الباقي من كتابه «سرائر الحكمة» وهو الخاص بالنجوم متأثرا بأفكار اليونان والهنود.
٣ ـ تصرفه في الشعر ، وإيراده بروايات مختلفة ، ففي «شرح الدامغة (٢)» أورد أبياتا لعلقمة تختلف عن إيراده لها في «الإكليل (٣)». بل في «شرح الدامغة (٤)» أورد بيتا لقيس بن الخطيم ثم أورده في الكتاب نفسه مغيرّا كلمة (وضعت) بكلمة (جعلت) ومثل هذا التغيير حدث في شعر للبيد (٥). بل قد صرّح بمثل هذا فقال عن أرجوزة الرداعي : (ما كان منها معيبا من جهة الاضطرار ، ولا فائدة فيه فقد ثقفته ، وأصلحته (٦)).
ومن أسوأ أنواع التصرف تغيير أسماء المواضع ، فقد أورد في «صفة الجزيرة» لذي الاصبع :
جلبنا الخيل من بقران ، وأورده في «الاكليل» : عدا بالخيل من جلدان.
وفي «الصفة» : يا حرّ ذات الوعث ـ في الحرّة ، والرجز : يا نخل ـ في وادي نخلة.
وقد ينقد بعض الأخبار التاريخية بطريقة المقارنة في الأنساب (٧) وبطريقة العقل أحيانا ، كتعليله لانطفاء النار في الأمكنة التي ينعدم فيها الهواء (٨) ، وتعليله سماع الصوت في الليل بدون رؤية صاحبه (٩). وقد تطغى عليه العاطفة ، فيثبت أمرا كان قد نفاه عقلا (١٠).
______
(١) ٨٩ / ١٣٣ / ٣٣٣.
(٢) ١٤٢
(٣) ٨ / ١٥.
(٤) ٧٧ / ٩٨.
(٥) ١٨ / ١٤٢.
(٦) «صفة الجزيرة» ٤٠١.
(٧) «الاكليل» ٢ / ٣٥٩ و ٨ / ١٠١
(٨) المصدر ٨ / ٢١٨
(٩) «صفة الجزيرة» ٣١٣
(١٠) «الاكليل» ٨ / ٢٥٢٣ قد زيفنا هذه المناقشة في كتابنا «لسان اليمن من اعلام العرب».
والهمداني ـ فيما عدا بلاد اليمن ـ لا يتجاوز علمه حد ما ينقله او يستنتجه ، ولهذا وقع في كلامه عن بلاد نجد ، وعن منازل القبائل في جهات الجزيرة أخطاء كثيرة ، لأنه اعتمد في ذلك ما ورد في الشعر ، فنسب الى بعض القبائل ما ورد من أسماء المواضع في شعر شعرائها ، بل قد يحاول أن يخطّىء غيره فيقع في الخطأ ، ومن أمثلة ذلك ، أنه أورد لعامر بن الطفيل يخاطب عمرو بن معدي كرب :
إلى أطم ظبي (١) يعتلكن شكائما
مقانب يهديها اليك مقانب 
وقال : (الأطم الحصن الحصين المبنيّ ، وظبي موضع عمرو ، وهو بيبمبم ، وهو الذي ذكره امرؤ القيس : وحلّت سليمى بطن ظبي فعرعرا. والناس بروون طبي (٢) وذا غلط : ظبي وعرعر من أودية نجد وقد يسميه من يجهله طب.
صلته بعلماء العراق : قال القفطي (٣) : وارتفع له صيت عظيم ، صحب أهل زمانه من العلماء وراسلهم وكاتبهم فمن العلماء الذين كان يكاتبهم ويعاشرهم أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري ، وكان يختلف بين صنعاء وبغداد ، وهو أحد عيون العلماء باللغة وأشعار العرب وأيامها وكذلك أبو القاسم وكان يكاتب أبا عمر النحوي صاحب ثعلب ، وأبا عبد الله الحسين بن حالويه. وسار الى العراق واجتمع بالعلماء ، واجتمعوا به فيما قيل ـ ا ه. ويظهر أن مسيره الى العراق محلّ شكّ ، ولعله تعرف ببعض علمائه أثناء اقامته بمكة ، وفي كتب الهمداني ما يدل على جهله بمواضع طريق العراق ، ولو سلكه لما جهلها كقوله في «الجوهرتين» : (ومنها معدن محجة العراق ، بين العمق وأفيعية ، ولا أدري أهو معدن النقرة أم هو غيره ، أم معدن اسم ، فلا يكون فيه معدن ، ومنها معدن بني سليم) ا ه ومعدن المحجة هو معدن بني سليم ، وهو غير معدن النقرة إذ بينهما مراحل.
في صعدة : لما عاد الهمداني الى اليمن استقر في صعدة ، وهي إذ ذاك قاعدة أئمة الزيدية وكانت تتنازع اليمن في ذلك العهد تيارات سياسيّة : (٤) فالأئمة
______
(١) مهملة من الإعجام.
(٢) «شرح الدامغة» ص ١٨٣
(٣) ص ١٤١
(٤) ورقة ١٠٢.
الزيديون طارئون على البلاد منذ ما يقرب من ربع قرن ، ويؤازرهم بعض القبائل اليمنية ، مع الأبناء من الفرس الأمراء اليعفريين وقاعدتهم صنعاء أمراء آخرون من رؤساء القبائل ، يميلون مع هؤلاء اونة ، ومع أولئك أخرى ، وينضمون الى غير الفئتين في بعض الأحيان ، كما فعلوا من القرامطة. وكان الخلاف بين أصحاب هذه التيارات يتجاوز حدّ المقارعة بالسّنان ، الى المجادلة بالحجة واللسان ، فكان ان اشتعلت نار العصبية بين القحطانية والعدنانية ، فكان بعض الأنباء من الفرس يذكي أوارها ، وليس بعيدا أن يوجد من وراء هؤلاء من ذوي النفوذ في بغداد من له أثر في ذلك.
والذي يعنينا من الأمر ما له صلة بالهمداني لقد خاض المعمعة ، بل لعله الوحيد الذي نستطيع أن نتبين آثاره فيها ، فيما وصل الينا من كتبه ـ «الإكليل» و «الدامغة» و «شرحها» وكان من أثر ذلك أن أوذي وسجن. وفي «الدر الكمين» (١) : (وكان صاحب أمرها ـ يعني صعدة ، في ذلك الوقت الامام الناصر لدين الله .. وكان في صعدة عدة من الشعراء المنتسبين الى عدنان منهم الشريف الحسين بن علي بن الحسن بن القاسم الرسّي ، وأبو الحسن بن أبي الأسد السلمي ، وأيوب بن محمد اليرسمي ، وكان أيوب ينسب الى الفرس ، فبلغ الهمداني أيام إقامته في صعدة أن هؤلاء يتعصبون على قبائل اليمن ، ويتناولون أعراضهم بالأذى ، فكتب لكل واحد من الثلاثة قصيدة فلما بلغهم قوله اشتد ذلك عليهم ، ونصبوا له ، ووبخوه بالكلام ، وتألبوا عليه ، فقال فيهم أبياتا ، فلما تفاقم الأمر بينه وبين الشعراء المذكورين وأفحمهم جمعا وفرادى دخلوا على الامام الناصر لدين الله وقالوا : ان ابن يعقوب هجا النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) فتوعده الناصر ، فخرج من صعدة الى صنعاء ، وكانت يومئذ للأمير أبي الفتوح الخطاب بن عبد الرحيم بن يعفر الحوالي (٢) من قبل عمه الأمير أسعد بن ابي يعفر ، وكتب الناصر الى الأمير أسعد ـ وكانت بينهما مودة شديدة ـ يشكو إليه ابن يعقوب ، ويقول : إنه هجا النبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) فأمر أسعد ابن أخيه الخطاب بسجنه فسجنه ، وكان له في السجن اشعار كثيرة ، من التحريض والتوبيخ وغير
______
(١) ورقة ١٠٢.
(٢) صواب العبارة للأمير أبي الفتوح بن عبد الرحيم بن أبي يعفر إبراهيم بن محمد بن يعفر الحوالي.
15
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#دولة_بني_رسول
عرفت اليمن في العصر الرسولي (626- 858ه/1229-1454م) نهضة علمية وثقافية واستقراراً اقتصادياً وسياسياًً، وتطوراً في الزراعة والصناعة، وشهدت مدن اليمن المختلفة توسعاً وتطوراً في العمران والبناء غير مسبوق1، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الملوك الرسوليين كانوا علماء، اجتهدوا في طلب العلم وجَدّوا في اكتساب المعارف حتى بلغوا درجات جهابذة العلماء ومكانتهم العظيمة، فصنفوا المؤلفات الجليلة النافعة المفيدة في مجالات وفروع العلوم المختلفة، وكرموا العلماء من عامة الناس وأنزلوهم في المكانة التي تليق بحالهم، وكافؤوهم على مصنفاتهم، واستضافوا الكثير من العلماء المشهورين واستقدموهم من مختلف أقطار العالم الإسلامي، ورغبوهم وحببوا إليهم البقاء والعيش في اليمن بغية الاستفادة والاستزادة من علومهم. انتشرت في عصر هؤلاء العلماء الملوك مجالس العلم والأدب، وظهرت وانتشرت مئات المنشآت التعليمية المختلفة من مدارس وأربطة علم وخانقات وغيرها، ودُرست العلوم المختلفة فيها، وزخرت الجوامع والمساجد بحلقات الدرس، وتحولت منازل بعض الفقهاء إلى مدارس علم، وتعلم الملك والغني والأمير والفقير واليتيم.

حرص العلماء الملوك من بني رسول على تعيين مستشاريهم من العلماء، وولوهم أهم وأعلى المناصب والوظائف، ومنحوهم كامل الحرية الفكرية: يكتبون ويقولون أراءهم بصدق وأمانة دون خوف أو تردد، وكان إذا وجه عالم نصيحة أو نقدا أو مقترحاً يصحح مسارا أو يفيد الناس تقبله الملك وعمل به وقدر صاحبه وقربه منه.

كانت أولى وأهم خطوات ملوك الدولة الرسولية لنشر العلم هي القيام بإنشاء وعمارة مدارس للعلوم الإسلامية في العديد من المدن والمناطق اليمنية، وقد أنشأ مؤسس الدولة الرسولية وأول ملوكها المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول (626-647ه/1229- 1249م) ثمان مدارس هي: مدرسة للفقه في مكة المكرمة، ومدرستان في مدينة تعز، وثلاث مدارس في مدينة زبيد، ومدرسة في مدينة عدن، وأخرى في حد المنسكية بوادي سهام في محافظة الحديدة، وعمل الملوك الرسوليون الذين توارثوا الحكم من بعد الملك "المنصور عمر" على نشر العلم والمعارف من خلال قيامهم ببناء المدارس والجوامع والخانقات والأربطة وحرصوا على تجديد وترميم وإصلاح هذه المنشآت التعليمية. حذا بعض الأمراء من بني رسول حذو ملوكهم في بناء وعمارة مدارس العلوم الإسلامية فشيدوا أكثر من خمس عشرة مدرسة؛ وشاركت الأميرات الرسوليات في الحياة السياسية والدينية والعلمية والثقافية، وكان لها دور بارز في نشر العلم والثقافة في اليمن في العصر الرسولي، حيث قامت الكثير من الأميرات بإنشاء العشرات من مدارس العلوم الإسلامية والمساجد، وقد بلغ عدد المدارس التي أنشأتها الأميرات الرسوليات أربعة وثلاثون مدرسة ؛ وأوقفوا على تلك المدارس أوقافاً جليلة مكنت غالبية هذه المدارس من الاستمرار في أداء وظيفتها حتى يومنا هذا، كما ساهم الكثير من العلماء والقضاة والفقهاء والتجار في العصر الرسولي في بناء الكثير من المدارس وربط العلم. وبشكل عام فقد بنيت مدارس العلوم الإسلامية في العصر الرسولي في عدد من المدن والقرى اليمنية، وعلى وجه الخصوص في بعض قرى ومدن تهامة في محافظة الحديدة وفي محافظات تعز وإب وعدن ؛ ويبلغ عدد المدارس التي أنشئت في مدينة زبيد أكثر من خمسين مدرسة، وبُنيت في مدينة تعز وضواحيها حوالي ثلاثين مدرسة، وبنيت في محافظة إب أكثر من أربعين مدرسة منها عشر مدارس في مدينة إب وتسع مدارس في مدينة ذي جبلة، بالإضافة إلى عدد كبير من مدارس العلوم الإسلامية التي بنيت في العصر الرسولي في أماكن مختلفة من اليمن، وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة.
حرص الملوك والأميرات والأمراء الرسوليين على نشر العلم وبناء المنشآت التعليمية والاهتمام بالعلماء والمدرسين وطلبة العلم والإنفاق عليهم بسخاء يعد واحدا من أبرز مظاهر مشاركتهم الرائدة في تطوير الحياة العلمية والثقافية في اليمن في عهدهم.

كان الاشتغال بالعلم والمعرفة في العصر الرسولي أهم الخيارات وأفضلها على الإطلاق، وكان ملوك الدولة الرسولية علماء، وبفضل العلم وهؤلاء العلماء الملوك صارت اليمن واحدة من أقوى دول الشرق في العصور الوسطى، بل إن اليمن تميزت، عن غيرها من شعوب العالم الإسلامي في تلك الفترة، بأنها صنعت نموذجا علمياً وثقافيا عربياً إسلاميا عظيما، قام على أساس وجود توازن سياسي بل وشراكة سياسية بين أولئك العلماء الملوك وعامة الشعب، وجعلوا من طلب العلم ونشره سلوكا وثقافة شكلت جزءا هاما من حياة الحكام والمحكومين. من المؤكد بأن اشتغال هؤلاء العلماء الملوك بالعلم لم يؤثر على أدائهم في الحكم بل كان من أهم عوامل نجاحهم في حكم البلاد وحمايتها وتطويرها وبنائها ؛ كانوا قريبين من الرعية يعالجون قضاياهم ويخففون معاناتهم، وإن ضاقت أحوالهم بسبب الجفاف أو القحط أو التهم الجراد محاصيلهم أمدهم ملوكهم بالمساعدات المادية والعينية التي تعينهم وأعفوهم من الرسوم التي كانوا يدفعونها للدولة، وإن شكا أحد الرعية إليهم والياً أو عاملاً من عمالهم عزلوه.
الملك المنصور عمر بن علي بن رسول

الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول هو مؤسس الدولة الرسولية وأول ملوكها. كان الملك المنصور عمر بن علي بن رسول نائبا للملك المسعود يوسف بن الملك الكامل آخر ملوك الدولة الأيوبية على اليمن، وبعد مرور سنة على وفاة الملك المسعود (سنة 625ه/1228م)، استقل الملك المنصور عمر بحكم اليمن معلنا بذلك نهاية الحكم الأيوبي لليمن وقيام الدولة الرسولية سنة 626ه/1229م. كان المنصور ملكاً شجاعاً حازماً وسياسياً حكيماً، تمكن من بسط نفوذه على سائر اليمن والحجاز وحكمهما، وأخرج الأمراء والعساكر المصريين من مكة المكرمة وكافة بلاد الحجاز، فعاد بعضهم إلى مصر ودخل البعض الآخر في طاعته. استمر الملك المنصور في الحكم حتى تاريخ مقتله، في قصره بمدينة الجند على يد بعضٍ من جنوده المماليك، سنة 647ه/1249م.

آثار الملك المنصور عمر

كان الملك المنصور عمر بن علي بن رسول يحب العلم ويقدر العلماء ويجلهم ويكرمهم، وقد أنشأ ثمان مدارس لتدريس العلوم الإسلامية، وهذه المدارس هي: المدرسة المنصورية في مكة المكرمة بناها سنة 641ه/1243م، وثلاث مدارس في مدينة زبيد: المدرسة المنصورية العليا لتدريس المذهب الشافعي وهي المعروفة في وقتنا الحاضر باسم العلوية العليا، والمدرسة المنصورية السفلى التي تعرف حاليا باسم المدرسة العلوية السفلى وخصصها لتدريس المذهب الحنفي، وأنشأ الملك المنصور كذلك مدرسة ثالثة في مدينة زبيد لتدريس الحديث، كما ابتنى مدرسة في مدينة عدن ومدرستين في مدينة تعز والمدرسة المنصورية في حد المنسكية بوادي سهام في محافظة الحديدة، و أمر الملك المنصور ببناء مسجدٍ في كل قرية من قرى تهامة، كما شيد العديد من الحصون والقلاع في مناطق مختلفة من بلاد اليمن والحجاز. 2
الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول

هو الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول ثاني ملوك الدولة الرسولية، ولد في مدينة مكة المكرمة سنة 619ه/1222م. . قُتل والده الملك المنصور عمر على يد بعض مماليكه في سنة 647ه/1249م، وكان المظفر حينها والياً على مدينة المهجم3، فتوجه إلى مدينة زبيد واستعان ببعض القبائل فحاصر المدينة حتى استسلمت فدخلها، فتولى الحكم وتلقب بالملك المظفر واستقام له الأمر وتمكن من القضاء على معارضيه ؛ ورد في بعض المصادر التاريخية بأن الملك المظفر كان عالماً فقيهاً زاهداً ماهراً في كثيرٍ من العلوم وألف مصنفات عدة في علوم شتى منها علم الحديث، وعلوم الطب والأدوية والعقاقير، وفي علم الفلك والمخترعات والصناعة والفراسة، وتذكر هذه المصادر كذلك بأنه كان ملكاً عادلا يأمر ولاته بالعدل وتبجيل العلماء، وكان محسنا ومحباً للرعية يحسن إليهم، كما كان محبوباً بين الناس، إذا شكا أحدهم عامله عزله وأدبه ولا يعيد تعيينه مرة أخرى، وكان وفارساً شجاعاً مقداماً وكريماً جواداً. توفي الملك المظفر سنة 696ه/1296م.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
رسول (بنو -)
(626-858هـ/1229-1454م)
 
بنو رسول اسم أسرة حكمت اليمن نحو قرنين ونيف، امتد سلطانها حتى الحجاز وحضرموت، وتوالى على سدة الحكم منها أربعة عشر سلطاناً غير المنافسين لهم من الأسرة نفسها. يرجع نسب الأسرة إلى محمد بن هارون بن أبي الفتح يوحى بن رستم، الذي وفد إلى اليمن سنة 569هـ مع أسرته وأولاده في حاشية الملك المعظم طوران شاه بن أيوب أخي السلطان صلاح الدين الأيوبي ونائبه في اليمن. وكان الخليفة العباسي في بغداد قد انتدب محمد بن هارون المذكور رسولاً في بعض المهام إلى الشام ومصر أكثر من مرة فاشتهر بهذا اللقب، وصار ذلك علماً على أسرته، ويزعم أبناء رسول من هذه الأسرة أنهم من نسل جبلة بن الأيهم الغساني، والراجح أنهم من قبيلة مجك التركمانية.
أما مؤسس الدولة الرسولية في اليمن فهو الملك المنصور نور الدين عمر ثاني أربعة أبناء لشمس الدين علي بن محمد رسول، وكانت لهم شوكة ومكانة عند بني أيوب. وقد اختار الملك المسعود صلاح الدين يوسف بن الملك الكامل آخر ملوك الأيوبيين في اليمن[ر. الأيوبيون] نور الدين أتابكاً واستنابه على اليمن كله ثم رحل قاصداً مصر، وتوفي في الطريق إليها سنة 626هـ، فاستقل نور الدين بأمر اليمن وتلقب بالملك المنصور، وأخضع صنعاء واتخذ تعز حاضرة له، ثم مد سلطانه إلى أكثر أنحاء البلاد ودانت له حضرموت ومكة المكرمة عام 638هـ، وكانت له وقائع عدة مع أشراف الزيدية وبعض أفراد أسرته من المنشقين تغلب عليهم فيها، ودام حكمه واحداً وعشرين عاماً ومات غيلة سنة 647هـ على يد مماليكه في مدينة جَنَد.
بايع قتلة المنصور عمر، ابن أخيه أسد الدين وساروا به إلى زبيد، غير أن ولد المنصور الملك المظفر شمس الدين يوسف تمكن من استعادة زمام الأمور والثأر لأبيه من قتلته، ومن ثم إعادة فتح البلاد من جديد لتمرد أخوته وأبناء عمومته واستقلالهم بما تحت أيديهم ومناوأة الأشراف، وتمكن بعد ثلاث سنين من الصراع من استرداد صنعاء وتعز وحصن دملوة، ودانت له بقية البلاد، غير أن الأشراف ظلوا يناصبونه العداء حيناً ويحالفونه حيناً آخر مدة حكمه الذي دام سبعاً وأربعين سنة، وكانت وفاته سنة 694هـ. وتولى الحكم من بعده ولده الملك الأشرف عمر بن يوسف (694-696هـ) ثم الملك المؤيد هزبر الدين داوود بن يوسف (696-721ﻫـ) بعد وفاة أخيه. وتوالت في عهد هذا الأخير المناوشات وأعمال التمرد في الجبال والسهول، خاض فيها معارك دامية ومدمرة مع خصومه من الأئمة والأشراف والكرد والمماليك والقرامطة، ولحق بالبلاد دمار غير يسير. توفي المؤيد في آخر سنة 721هـ وجلس على كرسي الحكم بعده ابنه الملك المجاهد سيف الدين علي (721-764هـ)، غير أنه سرعان ما وقع ضحية تمرد قاده عمه وأولاد عمه وبعض أمرائه ومماليكه، وظل رهن الإقامة مدة إلى أن نجح بعض أصدقائه في تخليصه وإعادته إلى عرشه سنة 724هـ، ولكنه لم يستعد كامل سلطاته، واستقل بعض أبناء عمومته بما تحت أيديهم وخرج عليه ثلاثة من أولاده وبعض أقاربهم وتمرد عليه العسكر والمماليك فحاول تأديبهم، وظل الأشراف وبعض الأئمة على عصيانهم ومناوشاتهم كلما سنحت لهم الفرص، وعمت البلاد الفوضى والقلاقل لانعدام القوة الرادعة. ولما خرج المجاهد إلى الحج سنة 751هـ أجبر على الذهاب إلى مصر ولم يتمكن من العودة إلى اليمن إلا بعد عام.
توفي الملك المجاهد في عدن وهو يقود حملة لتأديب ابنه المظفر، وحمل جثمانه إلى تعز حيث دفن وخلفه في الحكم ولده الملك الأفضل ضرغام الدين عباس بن علي (764-778هـ)، وثار عليه أخوه الملك المظفر وانضم إلى الأشراف الذين فرضوا سيطرتهم على مناطق كبيرة من اليمن، واستولى بعض العرب على زبيد.
بعد وفاة الأفضل
اختار الأعيان والقضاة ولده الملك الأشرف ممهد الدين إسماعيل سلطاناً (778-803هـ)، ومع أن الأمور ظلت على نحو ما كانت عليه في عهد والده وجده فقد شهد عهد الأشرف سنوات من الهدوء والاستقرار وحسن الإدارة وهيمنة السلطة على سائر البلاد حتى مكة، ونشطت الحياة الدبلوماسية في زمنه وتبادل الرسائل والهدايا مع ملوك الهند والصين والحبشة ومصر، وسار في الرعية سيرة حسنة حتى اشتهر بلقب الملك العادل، وخلفه ولده الملك الناصر صلاح الدين أحمد (803-827هـ) الذي نهج على سياسة أبيه، وحمل خصومه على الاعتراف به وإطاعته، وانتقض عليه أحد إخوته فسمل الناصر عينيه. غير أن دولته سرعان ما تفككت بعد وفاته وتقلص سلطانها. وتوالى على العرش بعده ستة سلاطين من نسله حكموا مدداً قصيرة، لم يكن لبعضهم من الملك إلا الاسم، وهم على التوالي الملك المنصور عبد الله بن أحمد (827-830هـ) فالملك الأشرف إسماعيل بن أحمد (830-831هـ) الذي خلع عن العرش ومات في السجن، ثم الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل (831-842هـ) الذي اجتاح الطاعون البلاد في أواخر عهده (سنة 839هـ) وتولى الملك بعده ابنه الملك الأشرف إسماعيل بـن يحيى (842-845هـ) وخلفه ابن عمه الملك المظفر يوسف بن عمر بن إسماعيل (845-854هـ) الذي ثار عليه المماليك وانتهبوا مدينة زبيد، وبايعوا
أحد أقربائه فيها، فانتقم منهم السلطان وقتل من أهل المدينة خلقاً كثيراً وتفرق أهلها، فلقب بالخاسر. ولم يطل به المقام في زبيد فأخرج منها هو وأولاده سنة 847هـ فأقام بتعز، وفي عهده اشتدت شوكة بني طاهر في لحج الذين ساندوه في صراعه على السلطة. وقام بالأمر في زبيد الملك المسعود أبو القاسم بن الأشرف إسماعيل (847-858هـ) وتوجه منها إلى عدن ودخل لحج، ثم توجه إلى تعز محاصرا لها فاستعان الملك المظفر ببني طاهر ودارت بين الطرفين وقائع متفرقة وعانى السكان منها معاناة عظيمة وحصلت مجاعة وغلاء شديد، واستقل المماليك والعبيد بأمورهم وولوا عليهم الملك المؤيد حسين بن يحيى في آخر سنة 855هـ، وأخفق الملك المسعود في تأديبهم، واستمرت الحرب بينه وبين بني طاهر سجالاً إلى أن أيقن بعقم محاولاته فخلع نفسه وخرج من عدن وتوجه إلى مكة المكرمة منفياً. واستولى بنو طاهر على الحكم في اليمن.
كان بعض سلاطين بني رسول واسع المعرفة، يقدم الأدباء وأهل العلم ويجاريهم في علومهم، ومال معظمهم إلى العمارة وإنشاء المدارس والمساجد والترب وجاراهم في ذلك نساؤهم وجواريهم ومماليكهم وكبار الأمراء والأئمة وشيوخ القبائل. ودرج السلاطين في أيام العز والقوة على أن تكون تعز حاضرتهم ومستودع خزائنهم، وعلى قضاء بعض أوقاتهم في زبيد وعلى ساحل البحر، وتولى إدارة البلاد في عهدهم ولاة يخضعون للسلطان مباشرة، ويدفعون له الخراج وما يفرضه عليهم من أتاوى، وإلى جانب الوالي في كل مدينة كبيرة ناظر أو زمام على ما جرت عليه العادة في مصر. أما الجيش فكان كبيراً نسبياً ويعد نحو ألف فارس وعشرة آلاف راجل ويتألف من البوابين حراس الأسوار والمماليك من الأكراد والغز، ومن المتطوعة والمجندين من العرب ومن أهل البلاد.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM