#حضرموت
بذلك أشدّ كثيرا من فرح ابن ميّادة إذ توارد مع الحطيئة في قوله [من الطّويل] :
مفيد ومتلاف إذا ما أتيته
تهلّل واهتزّ اهتزاز المهنّد (١)
وبما تقرّر مع قول الشّافعيّ : (إذا صحّ الحديث .. فهو مذهبي) يتحقّق المنصف أنّ مقابل الأصحّ هو الأصحّ ، ولا سيّما في هذه القضيّة ؛ لما مرّ بك من المرجّحات الخارجيّة إن لم تنته إلى دفع بافضل عن الولاية رأسا.
أمّا إذا كان الأمر كما في السّؤال .. فلا شكّ أنّه ساقط عن الولاية ، وإنّما كان كلامي مبنيّا على بقائه بصفتها ، وبكلام ابن القيّم ازداد قلبي طمأنينة ، وصدري انشراحا ، وما أظنّ مؤمنا يطّلع عليه ثمّ يداخله شكّ بعد فيما استوضحته.
وقد بلغني أنّ القطب الحدّاد ـ والله أعلم ـ كان لا يزوّج أبكار بناته البالغات إلّا بعد الاستئذان ، ويتأكّد ذلك بما عرف من حاله أنّه لا يفارق «الزّاد» حضرا ولا سفرا ، وكذلك كان أستاذي الأبرّ رضوان الله عليهم.
وما أنا إلّا من غزيّة إن غوت
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (٢)
على أنّ الغيّ عن أولئك بعيد ، وإنّما ذكرناه للتّأكيد ، على حدّ قوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
ولو أردت الاستقصاء وأن أذكر مثل أولاد سيّدي عيدروس بن علويّ (٣) الثلاثة : محمّد ، وعمر (٤) ، وعبد الله (٥) ، الدّاخلين تحت قول حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٤٤ من الكامل] :
______
(١) روى صاحب «الإيضاح في علوم البلاغة» (٣٨٠): (أنشد ابن ميّادة لنفسه : «مفيد ومتلاف إذا ما أتيته ....» البيت ، فقيل له : أين يذهب بك؟ هذا للحطيئة ، فقال : الآن علمت أنّي شاعر ؛ إذ وافقته على قوله ولم أسمعه).
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لدريد بن الصّمّة ، كما في «ديوان الحماسة» (١ / ٣٣٧).
(٣) هو السيد الشريف عيدروس بن علوي بن عبد الله بن علوي ، مولده بتريم سنة (١٢٥٠ ه) ، ووفاته بها في (٢٧) رجب (١٣٢٠ ه). ترجمته في : «إتحاف المستفيد».
(٤) السيد عمر بن عيدروس ، مولده بتريم سنة (١٢٨١ ه) ، ووفاته بها في (٢١) ذي الحجة سنة (١٣٢٨ ه) ، كان فاضلا ذا هيبة وكلمة نافذة ، حافظا لكتاب الله ، يصدع بالحق ، آمرا بالمعروف ناه عن المنكر. مترجم في «الإتحاف» (٣٨ ـ ٣٩) ، «تعليقات» ضياء شهاب (١ / ١٢٠).
(٥) ولد الحبيب عبد الله بتريم سنة (١٢٨٤ ه) ، وبها توفي يوم السبت (٥) محرم سنة (١٣٤٧ ه) ،
بذلك أشدّ كثيرا من فرح ابن ميّادة إذ توارد مع الحطيئة في قوله [من الطّويل] :
مفيد ومتلاف إذا ما أتيته
تهلّل واهتزّ اهتزاز المهنّد (١)
وبما تقرّر مع قول الشّافعيّ : (إذا صحّ الحديث .. فهو مذهبي) يتحقّق المنصف أنّ مقابل الأصحّ هو الأصحّ ، ولا سيّما في هذه القضيّة ؛ لما مرّ بك من المرجّحات الخارجيّة إن لم تنته إلى دفع بافضل عن الولاية رأسا.
أمّا إذا كان الأمر كما في السّؤال .. فلا شكّ أنّه ساقط عن الولاية ، وإنّما كان كلامي مبنيّا على بقائه بصفتها ، وبكلام ابن القيّم ازداد قلبي طمأنينة ، وصدري انشراحا ، وما أظنّ مؤمنا يطّلع عليه ثمّ يداخله شكّ بعد فيما استوضحته.
وقد بلغني أنّ القطب الحدّاد ـ والله أعلم ـ كان لا يزوّج أبكار بناته البالغات إلّا بعد الاستئذان ، ويتأكّد ذلك بما عرف من حاله أنّه لا يفارق «الزّاد» حضرا ولا سفرا ، وكذلك كان أستاذي الأبرّ رضوان الله عليهم.
وما أنا إلّا من غزيّة إن غوت
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (٢)
على أنّ الغيّ عن أولئك بعيد ، وإنّما ذكرناه للتّأكيد ، على حدّ قوله : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
ولو أردت الاستقصاء وأن أذكر مثل أولاد سيّدي عيدروس بن علويّ (٣) الثلاثة : محمّد ، وعمر (٤) ، وعبد الله (٥) ، الدّاخلين تحت قول حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٤٤ من الكامل] :
______
(١) روى صاحب «الإيضاح في علوم البلاغة» (٣٨٠): (أنشد ابن ميّادة لنفسه : «مفيد ومتلاف إذا ما أتيته ....» البيت ، فقيل له : أين يذهب بك؟ هذا للحطيئة ، فقال : الآن علمت أنّي شاعر ؛ إذ وافقته على قوله ولم أسمعه).
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لدريد بن الصّمّة ، كما في «ديوان الحماسة» (١ / ٣٣٧).
(٣) هو السيد الشريف عيدروس بن علوي بن عبد الله بن علوي ، مولده بتريم سنة (١٢٥٠ ه) ، ووفاته بها في (٢٧) رجب (١٣٢٠ ه). ترجمته في : «إتحاف المستفيد».
(٤) السيد عمر بن عيدروس ، مولده بتريم سنة (١٢٨١ ه) ، ووفاته بها في (٢١) ذي الحجة سنة (١٣٢٨ ه) ، كان فاضلا ذا هيبة وكلمة نافذة ، حافظا لكتاب الله ، يصدع بالحق ، آمرا بالمعروف ناه عن المنكر. مترجم في «الإتحاف» (٣٨ ـ ٣٩) ، «تعليقات» ضياء شهاب (١ / ١٢٠).
(٥) ولد الحبيب عبد الله بتريم سنة (١٢٨٤ ه) ، وبها توفي يوم السبت (٥) محرم سنة (١٣٤٧ ه) ،
بثلاثة كثلاثة الرّاح استوى
لك لونها ومذاقها وشميمها (١)
وثلاثة الشّجر الجنيّ تكافأت
أفنانها وثمارها وأرومها (٢)
وثلاثة الدّلو استجيد لماتح
أعوادها ورشاؤها وأديمها (٣)
والشّابّ النّاشىء في طاعة الله عبد الله بن زين العابدين بن أحمد العيدروس (٤) المتوفّى سنة (١٣١٦ ه) ، والفاضل العلّامة الصّوفيّ عبد الباري بن شيخ العيدروس (٥) المتوفّى سنة (١٣٥٨ ه) ، ومن على غرارهم من السّابقين واللّاحقين ، لو أردت ذلك .. لزاد السّيل ، وطفح الكيل.
وقد أخرج السّيّد أحمد الجنيد بسنده إلى القطب الحدّاد أنّه كان يقول : (وددت لو أنّ هؤلاء الأربعة تفرّقوا بنواحي تريم ؛ ليعمّ بهم الخير ويكثر بهم دفع الشّرّ) ، ولكنّهم كانوا كلّهم جيرانا بالنّويدرة ، وهم : محمّد بن عبد الله بن حسين باهارون (٦) ، والجنيد بن عليّ باهارون (٧) ، ومحمّد بن أحمد مشهور بن شهاب
______
ترجمته في : «إتحاف المستفيد» (٣٩) ، و «لوامع النور» (٢ / ٢٦) ، وغيرها.
(١) بثلاثة : بممدوحين ثلاثة.
(٢) الأروم : الأصول.
(٣) الماتح : الّذي يخرج الماء من البئر. رشاؤها : حبلها. أديمها : جلدها.
(٤) هو السيد الشريف عبد الله بن زين العابدين بن أحمد بن الحسين بن مصطفى بن شيخ ، وجده الحسين أخو الإمام عبد الرحمن صاحب مصر. كان المترجم سيدا شريفا فاضلا عفيفا ، له جاه وحشمة ، توفي بتريم في (٢٨) جمادى الأولى سنة (١٣١٦ ه).
(٥) السيد الشريف الحبيب عبد الباري بن شيخ بن عيدروس بن محمد بن عيدروس بن شيخ بن محمد المصطفى بن زين العابدين .. إلخ ، يجتمع مع ابن مصطفى في جده شيخ. ولد المترجم بتريم سنة (١٢٩٠ ه) ، وتوفي بها في (١٥) محرم (١٣٥٨ ه) ، وجمع تلميذه السيد محمد بن سقاف بن زين بن محسن الهادي مجموعا سماه : «بهجة النفوس» اشتمل على نبذة من مواعظه وترجمته ، وجمع حفيده سيدي يحيى جزءا في ترجمته. انظر : «إتحاف المستفيد» (٦٠) ، و «تعليقات» السيد ضياء (١ / ١١٠) ، و «الخبايا في الزوايا» (٦٠ ـ ٦١).
(٦) الملقب : الصويلح ، كان معاصرا للإمام الحداد ، لا يعلم تاريخ وفاته ، وهو غير السيد محمد بن عبد الله الصويلح باهارون صاحب «مسجد باهارون» بنويدرة تريم.
(٧) من السادة الأفاضل الأخيار الصالحين ، مولده ووفاته بروغة سنة (١١١٧ ه) ، وقبر بتريم
لك لونها ومذاقها وشميمها (١)
وثلاثة الشّجر الجنيّ تكافأت
أفنانها وثمارها وأرومها (٢)
وثلاثة الدّلو استجيد لماتح
أعوادها ورشاؤها وأديمها (٣)
والشّابّ النّاشىء في طاعة الله عبد الله بن زين العابدين بن أحمد العيدروس (٤) المتوفّى سنة (١٣١٦ ه) ، والفاضل العلّامة الصّوفيّ عبد الباري بن شيخ العيدروس (٥) المتوفّى سنة (١٣٥٨ ه) ، ومن على غرارهم من السّابقين واللّاحقين ، لو أردت ذلك .. لزاد السّيل ، وطفح الكيل.
وقد أخرج السّيّد أحمد الجنيد بسنده إلى القطب الحدّاد أنّه كان يقول : (وددت لو أنّ هؤلاء الأربعة تفرّقوا بنواحي تريم ؛ ليعمّ بهم الخير ويكثر بهم دفع الشّرّ) ، ولكنّهم كانوا كلّهم جيرانا بالنّويدرة ، وهم : محمّد بن عبد الله بن حسين باهارون (٦) ، والجنيد بن عليّ باهارون (٧) ، ومحمّد بن أحمد مشهور بن شهاب
______
ترجمته في : «إتحاف المستفيد» (٣٩) ، و «لوامع النور» (٢ / ٢٦) ، وغيرها.
(١) بثلاثة : بممدوحين ثلاثة.
(٢) الأروم : الأصول.
(٣) الماتح : الّذي يخرج الماء من البئر. رشاؤها : حبلها. أديمها : جلدها.
(٤) هو السيد الشريف عبد الله بن زين العابدين بن أحمد بن الحسين بن مصطفى بن شيخ ، وجده الحسين أخو الإمام عبد الرحمن صاحب مصر. كان المترجم سيدا شريفا فاضلا عفيفا ، له جاه وحشمة ، توفي بتريم في (٢٨) جمادى الأولى سنة (١٣١٦ ه).
(٥) السيد الشريف الحبيب عبد الباري بن شيخ بن عيدروس بن محمد بن عيدروس بن شيخ بن محمد المصطفى بن زين العابدين .. إلخ ، يجتمع مع ابن مصطفى في جده شيخ. ولد المترجم بتريم سنة (١٢٩٠ ه) ، وتوفي بها في (١٥) محرم (١٣٥٨ ه) ، وجمع تلميذه السيد محمد بن سقاف بن زين بن محسن الهادي مجموعا سماه : «بهجة النفوس» اشتمل على نبذة من مواعظه وترجمته ، وجمع حفيده سيدي يحيى جزءا في ترجمته. انظر : «إتحاف المستفيد» (٦٠) ، و «تعليقات» السيد ضياء (١ / ١١٠) ، و «الخبايا في الزوايا» (٦٠ ـ ٦١).
(٦) الملقب : الصويلح ، كان معاصرا للإمام الحداد ، لا يعلم تاريخ وفاته ، وهو غير السيد محمد بن عبد الله الصويلح باهارون صاحب «مسجد باهارون» بنويدرة تريم.
(٧) من السادة الأفاضل الأخيار الصالحين ، مولده ووفاته بروغة سنة (١١١٧ ه) ، وقبر بتريم
الدّين (١) ، وعمر بن علويّ عيديد ، وكانوا يصلّون العصر في باعلوي ، ولمّا عجزوا .. صلّوها في المسجد الّذي بناه الحدّاد بالنّويدرة ، فسمّاه «مسجد الأوّابين» ؛ لأنّهم يصلّون فيه.
وفي تريم كثير من المدارس :
منها : مدرسة أبي مريّم (٢) ، وهو السّيّد محمّد بن عمر بن محمّد بن أحمد بن الفقيه المقدّم ، الّذي يقول فيه السّقّاف : (لو وقع اجتهاد محمّد بن عمر في العبادة على جبل .. لدكّه) (٣) ، توفّي سنة (٨٢٢ ه) بعد أن ختم القرآن على يديه ثمان مئة (٤) شخص ، كلّهم يقرأ عليه بعد القرآن ربع «التّنبيه».
وأقدم مدرسة في تريم ـ فيما إخال ـ هي مدرسة الشّيخ سالم بافضل ، الواقعة بحذاء مسجده (٥) ، بجوار دار السّيّد بو بكر خرد (٦) ، المتوفّى بتريم سنة (١٣١٢ ه).
ومنها : مدرسة الشّيخ حسين بن عبد الله الحاجّ (٧) ، وهي الواقعة في غربيّ الجبّانة ، تسمّى اليوم ب «مسجد شكرة».
ومنها : مدرسة باغريب (٨) ؛ من أكابر المعلّمين بها : الشّيخ عمر بن عبد الله
______
(١) أول من لقب بالمشهور من السادة آل شهاب الدين ، وإليه ينسب آل المشهور قاطبة ، أحد الأوابين ، توفي بتريم آخر سنة (١١٣٠ ه) ، وهو حفيد الشيخ شهاب الدين الأصغر.
(٢) وكانت تعرف بمعلامة أبي مريّم ، ينظر ما كتبه عنها السيد عمر الكاف في «الخبايا» (١٧٢ ـ ١٨٣).
(٣) «المشرع» (٢ / ٣٢).
(٤) في «المشرع» : (ثلاث مئة).
(٥) وهي في حارة الخليف في الجهة الغربية الجنوبية ، ويعرف المسجد اليوم باسم : «مسجد الدويّلة» بالتصغير ، نسبة للشيخ محمد الدويّلة بافضل الذي أخربه وعمره من جديد.
(٦) هو السيد أبو بكر بن عبد الله (ت ١٢٤٤ ه) بن علي .. خرد ، ولد بتريم سنة (١٢٣٦ ه) ، وتوفي بها سلخ ذي الحجة سنة (١٣١٢ ه) ، كان عالما عاملا ذكيا نبيها آمرا بالمعروف ، وكانت تعتريه حدة.
(٧) هو ابن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن مؤلف المختصرات ، توفي سنة (٩٧٩ ه) ، ترجمته في «صلة الأهل» (١٧٤ ـ ٢٠٥) ، ولم تذكر هذه المدرسة في «خبايا الزوايا».
(٨) تنسب هذه المدرسة أو المعلامة للشيخ الكبير عبد الله بن أبي بكر العيدروس (ت ٨٦٥ ه) ،
وفي تريم كثير من المدارس :
منها : مدرسة أبي مريّم (٢) ، وهو السّيّد محمّد بن عمر بن محمّد بن أحمد بن الفقيه المقدّم ، الّذي يقول فيه السّقّاف : (لو وقع اجتهاد محمّد بن عمر في العبادة على جبل .. لدكّه) (٣) ، توفّي سنة (٨٢٢ ه) بعد أن ختم القرآن على يديه ثمان مئة (٤) شخص ، كلّهم يقرأ عليه بعد القرآن ربع «التّنبيه».
وأقدم مدرسة في تريم ـ فيما إخال ـ هي مدرسة الشّيخ سالم بافضل ، الواقعة بحذاء مسجده (٥) ، بجوار دار السّيّد بو بكر خرد (٦) ، المتوفّى بتريم سنة (١٣١٢ ه).
ومنها : مدرسة الشّيخ حسين بن عبد الله الحاجّ (٧) ، وهي الواقعة في غربيّ الجبّانة ، تسمّى اليوم ب «مسجد شكرة».
ومنها : مدرسة باغريب (٨) ؛ من أكابر المعلّمين بها : الشّيخ عمر بن عبد الله
______
(١) أول من لقب بالمشهور من السادة آل شهاب الدين ، وإليه ينسب آل المشهور قاطبة ، أحد الأوابين ، توفي بتريم آخر سنة (١١٣٠ ه) ، وهو حفيد الشيخ شهاب الدين الأصغر.
(٢) وكانت تعرف بمعلامة أبي مريّم ، ينظر ما كتبه عنها السيد عمر الكاف في «الخبايا» (١٧٢ ـ ١٨٣).
(٣) «المشرع» (٢ / ٣٢).
(٤) في «المشرع» : (ثلاث مئة).
(٥) وهي في حارة الخليف في الجهة الغربية الجنوبية ، ويعرف المسجد اليوم باسم : «مسجد الدويّلة» بالتصغير ، نسبة للشيخ محمد الدويّلة بافضل الذي أخربه وعمره من جديد.
(٦) هو السيد أبو بكر بن عبد الله (ت ١٢٤٤ ه) بن علي .. خرد ، ولد بتريم سنة (١٢٣٦ ه) ، وتوفي بها سلخ ذي الحجة سنة (١٣١٢ ه) ، كان عالما عاملا ذكيا نبيها آمرا بالمعروف ، وكانت تعتريه حدة.
(٧) هو ابن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن مؤلف المختصرات ، توفي سنة (٩٧٩ ه) ، ترجمته في «صلة الأهل» (١٧٤ ـ ٢٠٥) ، ولم تذكر هذه المدرسة في «خبايا الزوايا».
(٨) تنسب هذه المدرسة أو المعلامة للشيخ الكبير عبد الله بن أبي بكر العيدروس (ت ٨٦٥ ه) ،
با غريب ، المتوفّى سنة (١٢٠٧ ه) ، أطنب في مدحه الحبيب علويّ بن أحمد بن حسن الحدّاد في كتابه «المواهب والمنن» ، وقال : إنّه تعلّم لديه من السّادة أكثر من الألف ؛ منهم الوالد أحمد ، والعمّ حامد بن عمر ، ومن في طبقتهم وأولادهم وأولاد أولادهم فقد تعلّم عنده بعد والده ثلاث طبقات من أهل تريم غير السّادة الألف.
ومن أواخر من علّم بها الشّيخ الصّالح عمر بن سعيد بن أبي بكر باغريب (١) ، توفّي بتريم سنة (١٣٤٧ ه).
ومنها : مدرسة آل باجمعان ، من «المشرع» [٢ / ٦٦] : (ولمّا بنى السّيّد محمّد بن عمر بافقيه المتوفّى بحيدرأباد مدرسته الّتي بتريم .. فوّض تدريسها إلى العلّامة الشّيخ أبي بكر بن عبد الرّحمن بن شهاب ، المتوفّى بتريم سنة (١٠٦١ ه) ، فدرس بها احتسابا أيّاما ، ثمّ ترك ذلك).
وقد جاء في «النّور المزهر» : (أنّ السّيدين أبا بكر وعلويّ (٢) ابن علويّ الكاف ماتا بفلمبان ، وأوصيا بمالهما المقدّر بستّين ألف ريال بحضرموت للأرحام والمساجد والمدارس) اه
وهذا الجمع يدلّ على كثرتها.
وفتحت في الأخير مدرسة على نفقة خيرات المرحوم شيخ بن عبد الرّحمن الكاف (٣) ، إلّا أنّهم لم يبنوا لها منها مكانا ، وقد تخرّج منها جماعة (٤) ؛ أنجبهم :
______
واشتهرت بنسبتها إلى آل باغريب لكونهم لازموا التدريس بها منذ زمن بعيد.
(١) مولده بتريم ، وبها وفاته في التاريخ المذكور ، وأخذ عنه جماعات ، منهم : السيد سالم بن حفيظ ، والسيد محمد بن حسن عيديد ، وترجماه في «ثبتيهما».
(٢) هو السيد علوي الملقب يسرين ، لقّب باسم سفينة شراعية له سمّاها بهذا الاسم .. فأضيف إليها ، توفي سنة (١٣١٢ ه) بفليمبانغ بجاوة ، وكان بها مولده. أما أبو بكر المذكور هنا .. فهو ابن السيد علوي يسرين ، توفي أيضا بفليمبانغ.
(٣) كان افتتاح مدرسة الكاف سنة (١٣٥٢ ه) ، وكانت مدرسة خاصة بأولاد آل شيخ الكاف ، وبني عمومتهم ، ثم أدرجت في مدرسة جمعية الأخوة والمعاونة ، وأطلق اسم الكاف على مدرسة جمعية الحق ، وكان من المدرسين بها السيد عمر الكاف ، والسيد محمد بن حفيظ.
(٤) الذين سيذكرهم المؤلف هنا .. ليسوا من خريجي مدرسة الكاف ، إنما هم خريجو مدرسة جمعية
ومن أواخر من علّم بها الشّيخ الصّالح عمر بن سعيد بن أبي بكر باغريب (١) ، توفّي بتريم سنة (١٣٤٧ ه).
ومنها : مدرسة آل باجمعان ، من «المشرع» [٢ / ٦٦] : (ولمّا بنى السّيّد محمّد بن عمر بافقيه المتوفّى بحيدرأباد مدرسته الّتي بتريم .. فوّض تدريسها إلى العلّامة الشّيخ أبي بكر بن عبد الرّحمن بن شهاب ، المتوفّى بتريم سنة (١٠٦١ ه) ، فدرس بها احتسابا أيّاما ، ثمّ ترك ذلك).
وقد جاء في «النّور المزهر» : (أنّ السّيدين أبا بكر وعلويّ (٢) ابن علويّ الكاف ماتا بفلمبان ، وأوصيا بمالهما المقدّر بستّين ألف ريال بحضرموت للأرحام والمساجد والمدارس) اه
وهذا الجمع يدلّ على كثرتها.
وفتحت في الأخير مدرسة على نفقة خيرات المرحوم شيخ بن عبد الرّحمن الكاف (٣) ، إلّا أنّهم لم يبنوا لها منها مكانا ، وقد تخرّج منها جماعة (٤) ؛ أنجبهم :
______
واشتهرت بنسبتها إلى آل باغريب لكونهم لازموا التدريس بها منذ زمن بعيد.
(١) مولده بتريم ، وبها وفاته في التاريخ المذكور ، وأخذ عنه جماعات ، منهم : السيد سالم بن حفيظ ، والسيد محمد بن حسن عيديد ، وترجماه في «ثبتيهما».
(٢) هو السيد علوي الملقب يسرين ، لقّب باسم سفينة شراعية له سمّاها بهذا الاسم .. فأضيف إليها ، توفي سنة (١٣١٢ ه) بفليمبانغ بجاوة ، وكان بها مولده. أما أبو بكر المذكور هنا .. فهو ابن السيد علوي يسرين ، توفي أيضا بفليمبانغ.
(٣) كان افتتاح مدرسة الكاف سنة (١٣٥٢ ه) ، وكانت مدرسة خاصة بأولاد آل شيخ الكاف ، وبني عمومتهم ، ثم أدرجت في مدرسة جمعية الأخوة والمعاونة ، وأطلق اسم الكاف على مدرسة جمعية الحق ، وكان من المدرسين بها السيد عمر الكاف ، والسيد محمد بن حفيظ.
(٤) الذين سيذكرهم المؤلف هنا .. ليسوا من خريجي مدرسة الكاف ، إنما هم خريجو مدرسة جمعية
الشّيخ سالم سعيد بكيّر (١) ، وامبارك عمر باحريش ، فبها انفتحت أذهانهم ، وإن كانا إنّما توسّعا في الفقه بعد انفصالهم عنها ، وأصلهما من الحرّاثين ، ثمّ تشرّفوا بالعلم والذّكاء والفهم ، إلى تواضع ونسك ، إلّا أنّه مشوب بشيء من التّعصّب ، فتراهم لا يرجعون عن رأي ، ولا يذعنون لحجّة.
ومحمّد بن أحمد بن عمر الشّاطريّ (٢) ، ذكيّ نبيه ، وشاعر فقيه.
ومن اللّطائف : أنّ ناظرها السّيّد عبد الوليّ بن طاهر أراد أن يضحك من السّيّد أحمد بن حسين بن عبد الرّحمن بن سهل ، فاستدعاه وهو مارّ بالطّريق ، وقال له : تكلّم على الطّلبة.
فقال لهم : (لا أزيدكم على كلمة ، لقد دامت شوارع تريم ملأى بمراكيب المدعوّين لعذيرة ختاني ثمانية أيّام ، ثمّ إنّ غدانا اليوم رطلان من التّمر المنزوع النّوى من السّوق ـ وهي هذه ـ فلا يمكن لأحد أن يغترّ بالدّنيا ويسكن إليها ، والسّلام).
______
الحق ، وإنما اشتبه الأمر عليه ؛ لأن جمعية الحق التي أسست سنة (١٣٣٤ ه) قلب اسمها إلى مدرسة الكاف بعد سنة (١٣٥٢ ه) لأسباب عدة .. وهذا الأمر حدث بعد تخرج هؤلاء الأعلام منها بزمن .. فليعلم.
(١) ولد المفتي العلامة الفقيه الشيخ سالم سعيد بكيّر ـ مصغرا مشددا ـ باغيثان بتريم سنة (١٣٢٣ ه) ، والتحق في صغره بمدرسة جمعية الحق ، وتخرج بالعلامة أحمد بن عمر الشاطري ، والعلامة حامد السري ، والشيخ حسن عرفان.
آلت إليه مقاليد الإفتاء سنة (١٣٥٦ ه) عقب وفاة الشيخ أبي بكر الخطيب ـ آنف الذكر ـ ولم يزل على العمل الصالح متجرا في المتجر الرابح حتى دعاه داعي المنون في (١٢) جمادى الثانية سنة (١٣٨٦ ه).
(٢) العلامة الأوحد ، والجهبذ العبقري المسدد ، مؤسس جمعية الأخوة والمعاونة ، ومفتي الدولة الكثيرية ، والقاضي بالمجلس العالي بالمكلا ، والمفتش في المحاكم الشرعية ، ورئيس بلدية تريم ، ثم المشرف الاجتماعي بمدارس الفلاح الثانوية بجدة .. صاحب المؤلفات الرائقة ، والمجالس الزهية الشائقة. كان مولده بتريم يوم الإثنين (٢٨) جمادى الثانية سنة (١٣٣١ ه) ، وحياته حافلة بجلائل الأعمال التي يضيق عنها نطاق هذه الأسطر ، ومن أراد المزيد .. فعليه بمقدمة «شرح الياقوت».
هاجر المترجم إلى السعودية سنة (١٣٩٣ ه) ونال الجنسية السعودية ، ولم يزل بها حتى دعاه داعي المنون فلبى نداء ربه صائما عشية السبت (٣) رمضان المعظم من عام (١٤٢٢ ه).
ومحمّد بن أحمد بن عمر الشّاطريّ (٢) ، ذكيّ نبيه ، وشاعر فقيه.
ومن اللّطائف : أنّ ناظرها السّيّد عبد الوليّ بن طاهر أراد أن يضحك من السّيّد أحمد بن حسين بن عبد الرّحمن بن سهل ، فاستدعاه وهو مارّ بالطّريق ، وقال له : تكلّم على الطّلبة.
فقال لهم : (لا أزيدكم على كلمة ، لقد دامت شوارع تريم ملأى بمراكيب المدعوّين لعذيرة ختاني ثمانية أيّام ، ثمّ إنّ غدانا اليوم رطلان من التّمر المنزوع النّوى من السّوق ـ وهي هذه ـ فلا يمكن لأحد أن يغترّ بالدّنيا ويسكن إليها ، والسّلام).
______
الحق ، وإنما اشتبه الأمر عليه ؛ لأن جمعية الحق التي أسست سنة (١٣٣٤ ه) قلب اسمها إلى مدرسة الكاف بعد سنة (١٣٥٢ ه) لأسباب عدة .. وهذا الأمر حدث بعد تخرج هؤلاء الأعلام منها بزمن .. فليعلم.
(١) ولد المفتي العلامة الفقيه الشيخ سالم سعيد بكيّر ـ مصغرا مشددا ـ باغيثان بتريم سنة (١٣٢٣ ه) ، والتحق في صغره بمدرسة جمعية الحق ، وتخرج بالعلامة أحمد بن عمر الشاطري ، والعلامة حامد السري ، والشيخ حسن عرفان.
آلت إليه مقاليد الإفتاء سنة (١٣٥٦ ه) عقب وفاة الشيخ أبي بكر الخطيب ـ آنف الذكر ـ ولم يزل على العمل الصالح متجرا في المتجر الرابح حتى دعاه داعي المنون في (١٢) جمادى الثانية سنة (١٣٨٦ ه).
(٢) العلامة الأوحد ، والجهبذ العبقري المسدد ، مؤسس جمعية الأخوة والمعاونة ، ومفتي الدولة الكثيرية ، والقاضي بالمجلس العالي بالمكلا ، والمفتش في المحاكم الشرعية ، ورئيس بلدية تريم ، ثم المشرف الاجتماعي بمدارس الفلاح الثانوية بجدة .. صاحب المؤلفات الرائقة ، والمجالس الزهية الشائقة. كان مولده بتريم يوم الإثنين (٢٨) جمادى الثانية سنة (١٣٣١ ه) ، وحياته حافلة بجلائل الأعمال التي يضيق عنها نطاق هذه الأسطر ، ومن أراد المزيد .. فعليه بمقدمة «شرح الياقوت».
هاجر المترجم إلى السعودية سنة (١٣٩٣ ه) ونال الجنسية السعودية ، ولم يزل بها حتى دعاه داعي المنون فلبى نداء ربه صائما عشية السبت (٣) رمضان المعظم من عام (١٤٢٢ ه).
وفي تريم أودية وشعاب مشرقة بالأنوار ؛ لأنّها كانت متهجّد عباد الله الأخيار ، حتّى إنّ من أهل تريم من وقذته العبادة إلى حدّ أنّ صبيانهم يسألون أمّهاتهم عنهم ، فيقلن لهم : أخذتهم الجبال باللّيل للتّهجّد ، والمساجد بالنّهار للاعتكاف والعلم والعبادة ؛ منهم ـ كما في (ص ١٧٥) من «شرح العينيّة» ، والحكاية (١٧٤) من «الجوهر» ـ : السّيّد عليّ بن علويّ بن الفقيه المقدّم ، المتوفّى سنة (٦٧٥ ه) ، فبه يتأكّد قول المغربيّ : إنّهم بالملائكة أشبه.
من تلك الأودية : النّعير (١) ـ كزبير ـ السّابق ذكره في ثناء السّيّد حسن بن شهاب على وحيد حضرموت السّيّد أبي بكر بن شهاب.
ومنها : خيله (٢) ، وسبب تسميته بذلك ـ كما سمعت من أفواه المعمّرين ـ : أنّها لمّا ظهرت نواصي خيل الصّحابة .. قالت امرأة : خيله. قالت الأخرى : خيلتين. وقالت الثّالثة : أربع مئة ما يعتدّين. وأهل تريم إلى اليوم يغضبون من هذا الكلام ، والغوغاء تعيّرهم به.
وما فيه من عار ، ولكن يأتي فيه ما تمثّل به ابن الزّبير لمّا عيّر بأنّه ابن ذات النّطاق وهو :
وعيّرني الواشون أنّي أحبّها
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وتمثّل بعجزه الإمام الغالب أيضا في إحدى رسائله.
وفي حدود سنة (١٣٣٢ ه) ألّفت في تريم (جمعيّة الحقّ) ، وطلبت من
______
(١) يقع شعب النعير إلى الجهة النجدية من شعب خيله ، ويميّز من قبل البعض إلى شعبين ، فيقال : شعب النعير الصغير والكبير. تعبّد فيه كثير من الصالحين ؛ منهم : الشيخ الكبير عبد الرحمن السقاف ، والشيخ عبد الله العيدروس ، وابنه العدني ، والشيخ عبد الرحمن بن علي .. وغيرهم من السادة والمشايخ. ويمر ماء هذا الشعب من حافة النويدرة إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم.
«بغية من تمنى» (ص ٢٦).
(٢) شعب خيله : شعب مبارك ، وكان سيدنا الأستاذ الأعظم الفقيه المقدم ، وحفيده الإمام عبد الله باعلوي ممن يتعبد فيه. ينفذ ماؤه ما بين البيوت ويمر تحت مسجد الشيخ علي إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم. «بغية من تمنى» (٢٥ ـ ٢٦).
928
من تلك الأودية : النّعير (١) ـ كزبير ـ السّابق ذكره في ثناء السّيّد حسن بن شهاب على وحيد حضرموت السّيّد أبي بكر بن شهاب.
ومنها : خيله (٢) ، وسبب تسميته بذلك ـ كما سمعت من أفواه المعمّرين ـ : أنّها لمّا ظهرت نواصي خيل الصّحابة .. قالت امرأة : خيله. قالت الأخرى : خيلتين. وقالت الثّالثة : أربع مئة ما يعتدّين. وأهل تريم إلى اليوم يغضبون من هذا الكلام ، والغوغاء تعيّرهم به.
وما فيه من عار ، ولكن يأتي فيه ما تمثّل به ابن الزّبير لمّا عيّر بأنّه ابن ذات النّطاق وهو :
وعيّرني الواشون أنّي أحبّها
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
وتمثّل بعجزه الإمام الغالب أيضا في إحدى رسائله.
وفي حدود سنة (١٣٣٢ ه) ألّفت في تريم (جمعيّة الحقّ) ، وطلبت من
______
(١) يقع شعب النعير إلى الجهة النجدية من شعب خيله ، ويميّز من قبل البعض إلى شعبين ، فيقال : شعب النعير الصغير والكبير. تعبّد فيه كثير من الصالحين ؛ منهم : الشيخ الكبير عبد الرحمن السقاف ، والشيخ عبد الله العيدروس ، وابنه العدني ، والشيخ عبد الرحمن بن علي .. وغيرهم من السادة والمشايخ. ويمر ماء هذا الشعب من حافة النويدرة إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم.
«بغية من تمنى» (ص ٢٦).
(٢) شعب خيله : شعب مبارك ، وكان سيدنا الأستاذ الأعظم الفقيه المقدم ، وحفيده الإمام عبد الله باعلوي ممن يتعبد فيه. ينفذ ماؤه ما بين البيوت ويمر تحت مسجد الشيخ علي إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم. «بغية من تمنى» (٢٥ ـ ٢٦).
928
#تاريخ_صنعاء
هذا الذي في جبّانة صنعاء ، ووصفه له. ففعل الرجل (١) ، فبينا هو يدعو إذ بالراحلة خلفه (٢) وعليها حمل عنب ، فقال لي محمد بن أحمد (٣) الشّعوبي : ما صليت فيه قط ودعوت إلا رأيت الإجابة.
قال ابن عبد الوارث : وقد أخبرني غير واحد أنه من صلى في مسجد فروة ودعا استجيب له فيما دعا.
حدثني محمد بن أحمد (٤) أيضا قال : كنت أنا وابن الحساس دائما نرى فيه النور في الليل ، وقد ذكر ذلك جماعة كثيرون أيضا ـ أحمد بن عبد الله القائل ذلك ـ منهم رجاء بن فياض عن أبيه وغيره من الناس.
______
(١) ليست في مب.
(٢) ليست في حد.
(٣) الأصول كلها أحمد بن محمد والتصحيح من الصفحة السابقة وص ٢٦٦ حيث ورد فيها «قال علي حدثني محمد بن أحمد ...».
(٤) الأصل با «أحمد بن محمد» والتصحيح من بقية النسخ.
ذكر فضل المساجد القديمة
وبخط أبي الحسن بن عبد الوارث (١) قال محمد بن يوسف الحذاقي قال عبد الرزاق قال لي معمر : خطوت فيما بين هذا المسجد وبين المسجد الآخر فوجدته أقرب فأنا أصلي فيه وكان أحدثهما.
الكشوري ، قال محمد بن يوسف ، عبد الرزاق ، عن التيمي عن مجاهد قال : عليك بالمسجد العتيق. قال (٢) ابن عبد الوارث : قول فبني هنا في حديث معمر : خطوت ما بين هذا المسجد يعني مسجد السماق والآخر مسجد حوذان أو مسجد ابن زيد حتى أنظره للداذوي إن شاء الله تعالى. حدثني به قال ابن عبد الوارث لأنه حدثني به.
______
(١) حد ، صف ، مب زيادة : «الكشوري».
(٢) من هنا إلى آخر الخبر مضطرب قلق المعنى.
هذا الذي في جبّانة صنعاء ، ووصفه له. ففعل الرجل (١) ، فبينا هو يدعو إذ بالراحلة خلفه (٢) وعليها حمل عنب ، فقال لي محمد بن أحمد (٣) الشّعوبي : ما صليت فيه قط ودعوت إلا رأيت الإجابة.
قال ابن عبد الوارث : وقد أخبرني غير واحد أنه من صلى في مسجد فروة ودعا استجيب له فيما دعا.
حدثني محمد بن أحمد (٤) أيضا قال : كنت أنا وابن الحساس دائما نرى فيه النور في الليل ، وقد ذكر ذلك جماعة كثيرون أيضا ـ أحمد بن عبد الله القائل ذلك ـ منهم رجاء بن فياض عن أبيه وغيره من الناس.
______
(١) ليست في مب.
(٢) ليست في حد.
(٣) الأصول كلها أحمد بن محمد والتصحيح من الصفحة السابقة وص ٢٦٦ حيث ورد فيها «قال علي حدثني محمد بن أحمد ...».
(٤) الأصل با «أحمد بن محمد» والتصحيح من بقية النسخ.
ذكر فضل المساجد القديمة
وبخط أبي الحسن بن عبد الوارث (١) قال محمد بن يوسف الحذاقي قال عبد الرزاق قال لي معمر : خطوت فيما بين هذا المسجد وبين المسجد الآخر فوجدته أقرب فأنا أصلي فيه وكان أحدثهما.
الكشوري ، قال محمد بن يوسف ، عبد الرزاق ، عن التيمي عن مجاهد قال : عليك بالمسجد العتيق. قال (٢) ابن عبد الوارث : قول فبني هنا في حديث معمر : خطوت ما بين هذا المسجد يعني مسجد السماق والآخر مسجد حوذان أو مسجد ابن زيد حتى أنظره للداذوي إن شاء الله تعالى. حدثني به قال ابن عبد الوارث لأنه حدثني به.
______
(١) حد ، صف ، مب زيادة : «الكشوري».
(٢) من هنا إلى آخر الخبر مضطرب قلق المعنى.
ذكر فضل المسجد الذي في نقم
وأنه اتخذ على آثار الخضر عليهالسلام
علي [بن الحسن](١) بن عبد الوارث ، قال : حدثني محمد بن محمود القاضي ، أبو اليسع : أن رجلا من الغرباء اشترى ضيعة في المشرق فخرج يطالعها في وقت غيث وأيام حسنة ، فخرج على حمار حتى صار في بعض جبل نقم فإذا برجل حسن الهيئة عليه ثياب خضر وهو يصلي فأعجبه فقال : لو نزلت من دابتي فأتيت هذا الرجل وسألته. فانتظره حتى فرغ من صلاته ، فلمّا فرغ قال له بعد أن سلم عليه : ابلغ إلى الجامع فادخل من باب بني ثمامة فاترك أول أسطوانة وائت الثانية تجد شريفا عندها فقل له : أخوك الخضر يقرئك السلام. فذهبت آتي شريفا فوجدته حيث / قال لي ، فكلمته بصوت مرتفع فأومأ إلي الشريف : اسكت ، وسمعه رجل فقام مسرعا وأخبر الأمير بذلك فأرسل للغريب حتى أراه ذلك الموضع فبنى هنالك مسجدا وأقام فيه ثلاثة أيام معتكفا صائما. وهذا المسجد في مساقط جبل نقم معروف هنالك عند مسيل الماء ، وفيه الآن محاريب كانت مصلى للصالحين (٢) ، وكان سلف أهل صنعاء يذهبون إلى هنالك كل يوم اثنين وخميس فيصلون صلاة الإشراق هنالك ويتباركون حتى إن الطريق إلى هذا المسجد رأيتها كأنها أحد طرقات الأسواق من كثرة الوطء ومشي الناس إلى هذا المسجد ، ثم اتخذ الناس فيه بعد ذلك مساجد من تحته تعرف بالزّبيري وأبي عبد الله الصوفي والبغداني وغيرهم من الصالحين ، وكانوا إذا اجتمعوا لم يفترقوا إلّا
______
(١) من : حد ، صف.
(٢) لا زال هذا المكان معروفا إلى الآن.
وأنه اتخذ على آثار الخضر عليهالسلام
علي [بن الحسن](١) بن عبد الوارث ، قال : حدثني محمد بن محمود القاضي ، أبو اليسع : أن رجلا من الغرباء اشترى ضيعة في المشرق فخرج يطالعها في وقت غيث وأيام حسنة ، فخرج على حمار حتى صار في بعض جبل نقم فإذا برجل حسن الهيئة عليه ثياب خضر وهو يصلي فأعجبه فقال : لو نزلت من دابتي فأتيت هذا الرجل وسألته. فانتظره حتى فرغ من صلاته ، فلمّا فرغ قال له بعد أن سلم عليه : ابلغ إلى الجامع فادخل من باب بني ثمامة فاترك أول أسطوانة وائت الثانية تجد شريفا عندها فقل له : أخوك الخضر يقرئك السلام. فذهبت آتي شريفا فوجدته حيث / قال لي ، فكلمته بصوت مرتفع فأومأ إلي الشريف : اسكت ، وسمعه رجل فقام مسرعا وأخبر الأمير بذلك فأرسل للغريب حتى أراه ذلك الموضع فبنى هنالك مسجدا وأقام فيه ثلاثة أيام معتكفا صائما. وهذا المسجد في مساقط جبل نقم معروف هنالك عند مسيل الماء ، وفيه الآن محاريب كانت مصلى للصالحين (٢) ، وكان سلف أهل صنعاء يذهبون إلى هنالك كل يوم اثنين وخميس فيصلون صلاة الإشراق هنالك ويتباركون حتى إن الطريق إلى هذا المسجد رأيتها كأنها أحد طرقات الأسواق من كثرة الوطء ومشي الناس إلى هذا المسجد ، ثم اتخذ الناس فيه بعد ذلك مساجد من تحته تعرف بالزّبيري وأبي عبد الله الصوفي والبغداني وغيرهم من الصالحين ، وكانوا إذا اجتمعوا لم يفترقوا إلّا
______
(١) من : حد ، صف.
(٢) لا زال هذا المكان معروفا إلى الآن.
عن دعاء وثناء لله إلى أن حصرت صنعاء سنة وخاف أهل صنعاء فانقطع ذلك إلى هذا الوقت وكان من قبل ذلك العباد بصنعاء (١) يصلون فيه قيام الليل ويسمعون فيه : «اللهم احفظ القرية ومن فيها» ثلاث مرات ، يقال : هذا القول سمعه غير واحد منهم ومن غيرهم.
______
(١) «العباد بصنعاء» ليست في : حد ، صف.
272
______
(١) «العباد بصنعاء» ليست في : حد ، صف.
272
سيل العرم وسد مارب القديم.. تساؤلات الانهيار الكبير (الحلقة الخامسة والأخيرة)
توفيق السامعي*
مثّل انهيار سد مارب قديماً، في المصادر التاريخية وعند الإخباريين العرب، حدثاً مزلزلاً ومحطة تاريخية فاصلة ليس في تاريخ اليمن وحسب بل في التاريخ العربي كله، فزيد في الحدث ونقص، ونسجت الروايات المختلفة للحدث حتى تداخل غثها في سمينها، وصار الغث منها والأساطير هي الطاغي الأكبر على الأصل دون تمحيص وروية، ولم يدون الحدث في المصادر المادية كالنقوش المشندي والآثارية التي تعتبر أهم الدلائل المادية والشواهد التاريخية على ذلك.
وفي هذه الدراسة إعادة تمحيص لكتابة تاريخ ذلك الحدث، وتفنيد الكثير من الروايات التاريخية والأساطير الملفقة لنصل إلى الحقيقة.
اندثار مارب وإحياؤها:
بدأت مارب بالاندثار بشكل تدريجي وليس بشكل كلي بعد أن تغلب الحميريون على السبئيين في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت ما تزال تسمى سبأ بالإضافة إلى مسميات مصاحبة مثل مملكة سبأ وذي ريدان ويمنات وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، مع أن هذه التسمية استمرت إلى عهد أبرهة الذي سمى نفسه ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، بحسب نقشه المذكور عند سد مارب، واقتصرت تسمية "دولة حمير" على الإخباريين فقط، وتم نقل العاصمة بعد ذلك بعد الميلاد إلى ظفار، وأحياناً إلى صنعاء وناعط في عمران، وهنا انتهت "سبأ" وبدأت الهجرة الكبيرة من مارب هجرة داخلية وخارجية، وبقي بعض سكانها مقيمين فيها مع وجود السد وبقائه أيضاً، وتم في الفترات المتلاحقة تهدمه وإعماره وإصلاحه عدة مرات حتى آخر بناء له في عهد أبرهة الحبشي، مما يعني أن مارب كانت ما تزال حاضرة وعامرة.
ومن الطبيعي جداً في عهد الدول أن ينزاح بعض السكان من المدن تبعاً للتحولات الجديدة في الحكومات والممالك والتي تجذب عواصمها المتغيرة السكان من كل مكان لارتباط مصالحهم بالمركز سواء كانت مصالح سياسية أو اقتصادية أو إدارية، وقد شاهدنا ذلك مثلاً في تحول العاصمة إلى ظفار أو صنعاء من خلال السكان والارتباط بالدولة هناك، أو ما شاهدناه ولمسناه من التحول بعد ذلك إلى صنعاء في عهد الحميريين المتأخرين، وكذلك الحكم الحبشي وصولاً إلى الحكم الإسلامي حينما ازدهرت صنعاء ونمت بفعل هذه التحولات من عهد سيف بن ذي يزن والفرس والأبناء وعبهلة (الأسود العنسي)، أو بعد ذلك في عهد عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروة بن مسيك المرادي، والذي هو من مارب أساساً، أو وبر بن يحنس الخزاعي، وبعد ذلك عهود ارتباطها بالدولة الأموية فالعباسية وصولاً إلى اليوم. أو كذلك حينما تحولت العاصمة إلى تعز بفعل الدولتين الأيوبية والرسولية وشهدت جذباً للسكان من أنحاء اليمن لارتباطهم ومصالحهم بالدولة هناك.
وكذلك من أسباب تدهور مارب بسبب سيطرة الأحباش على طرق التجارة والقوافل في اليمن وفي البحر الأحمر، أو تحويل طريق التجارة من مارب إلى الغرب والهضبة الشمالية الغربية من قبل أبي كرب أسعد فيما عرف بدرب أسعد الكامل، خاصة طريق التجارة للقوافل القادمة من الموانئ الجنوبية الغربية المخاء وعدن وذو باب.
بعد الإسلام كانت الدفعات الكبيرة من الهجرات سواء إلى عاصمة الدولة الإسلامية في المدينة وما بعدها في دمشق وبغداد بسبب الانخراط في جيوش الفتوحات وما تتناقله الأسماع من الاستقرار والإعمار في أراض جديدة أو حتى إلى عواصم الدولة الإسلامية في اليمن كصنعاء والجند وزبيد وغيرها، وانتقال الجنود أو الدعاة والعلماء أو حتى من سمع بالأراضي الجديدة من بقية الأسر انتقل الجميع بأسرهم إلى البلدان الجديدة وكانت من أعظم وأكبر الهجرات اليمنية عبر التاريخ، وهذه الهجرات مستمرة حتى اليوم.
بسبب هذه الهجرات والصراعات المختلفة علاوة على الظروف الطبيعية من جفاف وتصحر وغيرها زحفت الرمال على مارب وطمرتها ردحاً من الزمن وكل ما يعرف عنها من تاريخ اليوم إنما بفعل الاستكشافات الأثرية والدراسات التاريخية لهذه الاستكشافات، ولم تكن السيول التي هدمت السد عدة مرات أو التي عمت أرجاء اليمن إنما هي واحدة من عشرات الأسباب الأخرى لهذه الهجرات التي لم يعرف زمنها على وجه التحديد حتى اليوم.
واللافت في أمر هذه الهجرات على أن ظاهرها في القرآن الكريم عقوبة إلهية مسلطة عليهم بفعل الإعراض والكفر، والكفر هنا كفر النعمة وليس كفر الدين والعقيدة، كان من وجه آخر رحمة باليمنيين وإيذاناً إلهياً باستزراع شعوب أخرى جديدة من هذا التمزيق، فقد زرعوا قبائل وكونوا شعوباً مختلفة في المنطقة وكانوا أصل العرب بحق.
ولم يكن السبئيون معتمدين على الزراعة فقط حتى يهاجروا بسبب تهدم السد، فقد كانوا رواد التجارة العالمية يومها، وكانت بلادهم على طريق البخور المتحكمين بها، وجعلوا لها محطات يومية يأوون إليها بشكل حاميات عسكرية تابعة للمملكة كما هو الفاو (كندة) مثلاً ودادان العلا وغيرها، وهذا ما وضحته الآيات السابقة أيضاً ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا
توفيق السامعي*
مثّل انهيار سد مارب قديماً، في المصادر التاريخية وعند الإخباريين العرب، حدثاً مزلزلاً ومحطة تاريخية فاصلة ليس في تاريخ اليمن وحسب بل في التاريخ العربي كله، فزيد في الحدث ونقص، ونسجت الروايات المختلفة للحدث حتى تداخل غثها في سمينها، وصار الغث منها والأساطير هي الطاغي الأكبر على الأصل دون تمحيص وروية، ولم يدون الحدث في المصادر المادية كالنقوش المشندي والآثارية التي تعتبر أهم الدلائل المادية والشواهد التاريخية على ذلك.
وفي هذه الدراسة إعادة تمحيص لكتابة تاريخ ذلك الحدث، وتفنيد الكثير من الروايات التاريخية والأساطير الملفقة لنصل إلى الحقيقة.
اندثار مارب وإحياؤها:
بدأت مارب بالاندثار بشكل تدريجي وليس بشكل كلي بعد أن تغلب الحميريون على السبئيين في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت ما تزال تسمى سبأ بالإضافة إلى مسميات مصاحبة مثل مملكة سبأ وذي ريدان ويمنات وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، مع أن هذه التسمية استمرت إلى عهد أبرهة الذي سمى نفسه ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت وتهامة وطود وأعرابهم، بحسب نقشه المذكور عند سد مارب، واقتصرت تسمية "دولة حمير" على الإخباريين فقط، وتم نقل العاصمة بعد ذلك بعد الميلاد إلى ظفار، وأحياناً إلى صنعاء وناعط في عمران، وهنا انتهت "سبأ" وبدأت الهجرة الكبيرة من مارب هجرة داخلية وخارجية، وبقي بعض سكانها مقيمين فيها مع وجود السد وبقائه أيضاً، وتم في الفترات المتلاحقة تهدمه وإعماره وإصلاحه عدة مرات حتى آخر بناء له في عهد أبرهة الحبشي، مما يعني أن مارب كانت ما تزال حاضرة وعامرة.
ومن الطبيعي جداً في عهد الدول أن ينزاح بعض السكان من المدن تبعاً للتحولات الجديدة في الحكومات والممالك والتي تجذب عواصمها المتغيرة السكان من كل مكان لارتباط مصالحهم بالمركز سواء كانت مصالح سياسية أو اقتصادية أو إدارية، وقد شاهدنا ذلك مثلاً في تحول العاصمة إلى ظفار أو صنعاء من خلال السكان والارتباط بالدولة هناك، أو ما شاهدناه ولمسناه من التحول بعد ذلك إلى صنعاء في عهد الحميريين المتأخرين، وكذلك الحكم الحبشي وصولاً إلى الحكم الإسلامي حينما ازدهرت صنعاء ونمت بفعل هذه التحولات من عهد سيف بن ذي يزن والفرس والأبناء وعبهلة (الأسود العنسي)، أو بعد ذلك في عهد عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فروة بن مسيك المرادي، والذي هو من مارب أساساً، أو وبر بن يحنس الخزاعي، وبعد ذلك عهود ارتباطها بالدولة الأموية فالعباسية وصولاً إلى اليوم. أو كذلك حينما تحولت العاصمة إلى تعز بفعل الدولتين الأيوبية والرسولية وشهدت جذباً للسكان من أنحاء اليمن لارتباطهم ومصالحهم بالدولة هناك.
وكذلك من أسباب تدهور مارب بسبب سيطرة الأحباش على طرق التجارة والقوافل في اليمن وفي البحر الأحمر، أو تحويل طريق التجارة من مارب إلى الغرب والهضبة الشمالية الغربية من قبل أبي كرب أسعد فيما عرف بدرب أسعد الكامل، خاصة طريق التجارة للقوافل القادمة من الموانئ الجنوبية الغربية المخاء وعدن وذو باب.
بعد الإسلام كانت الدفعات الكبيرة من الهجرات سواء إلى عاصمة الدولة الإسلامية في المدينة وما بعدها في دمشق وبغداد بسبب الانخراط في جيوش الفتوحات وما تتناقله الأسماع من الاستقرار والإعمار في أراض جديدة أو حتى إلى عواصم الدولة الإسلامية في اليمن كصنعاء والجند وزبيد وغيرها، وانتقال الجنود أو الدعاة والعلماء أو حتى من سمع بالأراضي الجديدة من بقية الأسر انتقل الجميع بأسرهم إلى البلدان الجديدة وكانت من أعظم وأكبر الهجرات اليمنية عبر التاريخ، وهذه الهجرات مستمرة حتى اليوم.
بسبب هذه الهجرات والصراعات المختلفة علاوة على الظروف الطبيعية من جفاف وتصحر وغيرها زحفت الرمال على مارب وطمرتها ردحاً من الزمن وكل ما يعرف عنها من تاريخ اليوم إنما بفعل الاستكشافات الأثرية والدراسات التاريخية لهذه الاستكشافات، ولم تكن السيول التي هدمت السد عدة مرات أو التي عمت أرجاء اليمن إنما هي واحدة من عشرات الأسباب الأخرى لهذه الهجرات التي لم يعرف زمنها على وجه التحديد حتى اليوم.
واللافت في أمر هذه الهجرات على أن ظاهرها في القرآن الكريم عقوبة إلهية مسلطة عليهم بفعل الإعراض والكفر، والكفر هنا كفر النعمة وليس كفر الدين والعقيدة، كان من وجه آخر رحمة باليمنيين وإيذاناً إلهياً باستزراع شعوب أخرى جديدة من هذا التمزيق، فقد زرعوا قبائل وكونوا شعوباً مختلفة في المنطقة وكانوا أصل العرب بحق.
ولم يكن السبئيون معتمدين على الزراعة فقط حتى يهاجروا بسبب تهدم السد، فقد كانوا رواد التجارة العالمية يومها، وكانت بلادهم على طريق البخور المتحكمين بها، وجعلوا لها محطات يومية يأوون إليها بشكل حاميات عسكرية تابعة للمملكة كما هو الفاو (كندة) مثلاً ودادان العلا وغيرها، وهذا ما وضحته الآيات السابقة أيضاً ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا
فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ﴾ سبأ(18)، والظهور يعني هنا القوة والمنعة والنصرة كما هو تفسير اللفظ ودلالاته في بقية الآيات القرآنية: ﴿يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرض﴾ غافر(29)، ﴿كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً﴾ التوبة (8)، ﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ الأحزاب (26)، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ الصف (14)، أي إنها كانت محميات عسكرية لطرق التجارة؛ وأن اليمنيين لم يتأثروا كثيراً بتهدم السد فيكون سبب هجرتهم بل بأسباب أخرى.
حيث إن هذه التجارة كانت تعتبر لهم المورد الأول قبل الزراعة في بعض الأحيان، وبالتالي فبإمكانهم عبر هذه التجارة تأمين توريد أغذيتهم المختلفة كبدائل مؤقتة عن التي تلفت جراء تهدم السد وتلف زراعتهم.
وقد يكون كثير ممن عرف التجارة واشتغل بها ذهاباً وإياباً إلى الأمصار المختلفة في الشام ومصر وأفريقيا وأواسط آسيا وفارس، أعجب بأرض من الأراضي التي تاجروا إليها فاستقروا فيها وهاجروا إليها.
وبالنظر إلى الآثار الظاهرة اليوم في مارب فقد كانت تجمعات بسيطة لا ترقى إلى مستوى المدن العملاقة والتي إن تفرقت نتج عنها شعوب ودول كثيرة، ويبدو أن هناك مدناً مطمورة تحت الأرض الحالية لمارب نتيجة التصحر وعوامل القدم والدهرية الزاحفة وغيرها، وهو ما لم ينقب عنه حتى الآن إلا قليلاً، وعلى سبيل المثال مدينة صغير مطمورة في منطقة "يلا"( ) من مارب والتي كشفت عنها ونقبتها بعثة إيطالية في ثمانينات القرن الماضي برئاسة أليساندرو دي مجريت، وأيضاً الدليل طمر معبدي أوام وبرآن (عرش بلقيس) اللذين لم يكن ظاهراً منهما سوى الرأس فقط، وهناك مدن يمنية كثيرة مطمورة أصبح الناس يزرعون فوقها وفي أسطح منازلها على أنها حقول زراعية كما في الجوف وتعز ولحج وحضرموت.
وقد تكشف التنقيبات الآثارية المستقبلية عن مكان الجنتين اللتين صارتا مطمورتين بالكثبان الرملية وزحف التصحر عليها، وكذلك عن بقية المدن هناك. فحضارة عاد إرم مثلاً مطمورة في رمال حضرموت وشبوة والربع الخالي، وهناك مدينة مطمورة تحت رمال مدينة صبر لحج ظهر بعض آثارها بالتنقيب الصدفي عام 1996 ( )، فما من أرضٍ يمنية يتم اليوم البحث في الأعماق لإرساء مداميك البيوت والأبنية إلا وجد بعض آثار البناء والسكن في الأسفل مطموراَ ما بين 4 و6 أمتار.
معظم الدراسات والأبحاث تفيد أن جزيرة العرب وصحراء الربع الخالي إنما كانت أودية وغابات ومروجاً وأنهاراً قبل 4 آلاف عام، وطمرت بفعل التصحر وعوامل أخرى كعقوبات الأمم البائدة التي كذبت الرسالات السماوية وأفسدت في الأرض فعاقبها الله بعقوبات مختلفة كالخسف والتدمير والإغراق والرياح التي تدمر وتطمر كل شيء، وبالسحب والعواصف الرملية ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الأحقاف(24).
ففي مصر مثلاً كل القصور والمعابد الفرعونية التي تم التنقيب عنها وجدت مطمورة تحت ركام رمال الصحراء في الجيزة وطيبة وغيرها..
فأغلب الظن عندي أن كلاً من محافظات لحج ومارب وأبين وشبوة وحضرموت والجوف فيها مدن مطمورة بالرمال، خاصة ونحن نعلم أن بعض الحضارات القديمة البائدة أقيمت في هذه المحافظات ولم تكشف عنها الأبحاث الآثارية حتى اليوم، ومنها على سبيل المثال سبأ ومعين وأوسان وقتبان التي وجدت بعض نقوشها وما زالت غير مكتملة المعالم والأخص منها أوسان التي تتضارب حولها المعلومات حتى اللحظة.
وكذلك من أسباب وعوامل اندثار مارب تغيير الديانة الرسمية لسبأ من عبادة النجوم والكواكب إلى المسيحية واليهودية، فتم هجران مارب على اعتبار أنها مقر المعابد الكبيرة للسبئيين مثل معبد أوام ومعبد برآن، وبناء الكنائس في ظفار وغيرها وتقلصت أهمية مارب بسبب انهيارات السد المختلفة والتحول في العبادات وتحول العاصمة إلى ظفار وصنعاء وناعط...ودخلت اليمن المسيحية في عهد الملك ثاران يهنعم بين الأعوام 349 و351م بسبب حملة التأثير والتبشير التي قادها ثيوفيلوس مندوب الامبراطور قسطنطين الثاني "الذي كان قد تمكن من إقناع ملك حمير في الدخول في النصرانية، فدان بها وأمر ببناء كنائس في ظفار وفي عدن. وكان القيصر قسطنطين الثاني (350-361م هو الذي أرسله إلى العربية الجنوبية ليدعو إلى النصرانية بين أهلها، ويؤيدون رأيهم بالكتابة المذكورة التي يرجع عهدها إلى سنة 378م أو 384م فهي غير بعيدة عن أيام الملك ثاران يهنعم ويحتمل أن يكون لذلك هو الملك الحميري الذي دخل في ديانة التوحيد"( )..
وبدأت تظهر كتابة إلهن ذي سموي إلى الملك ملك كرب يهأمن ابن الملك ثاران يهنعم( ).
حيث إن هذه التجارة كانت تعتبر لهم المورد الأول قبل الزراعة في بعض الأحيان، وبالتالي فبإمكانهم عبر هذه التجارة تأمين توريد أغذيتهم المختلفة كبدائل مؤقتة عن التي تلفت جراء تهدم السد وتلف زراعتهم.
وقد يكون كثير ممن عرف التجارة واشتغل بها ذهاباً وإياباً إلى الأمصار المختلفة في الشام ومصر وأفريقيا وأواسط آسيا وفارس، أعجب بأرض من الأراضي التي تاجروا إليها فاستقروا فيها وهاجروا إليها.
وبالنظر إلى الآثار الظاهرة اليوم في مارب فقد كانت تجمعات بسيطة لا ترقى إلى مستوى المدن العملاقة والتي إن تفرقت نتج عنها شعوب ودول كثيرة، ويبدو أن هناك مدناً مطمورة تحت الأرض الحالية لمارب نتيجة التصحر وعوامل القدم والدهرية الزاحفة وغيرها، وهو ما لم ينقب عنه حتى الآن إلا قليلاً، وعلى سبيل المثال مدينة صغير مطمورة في منطقة "يلا"( ) من مارب والتي كشفت عنها ونقبتها بعثة إيطالية في ثمانينات القرن الماضي برئاسة أليساندرو دي مجريت، وأيضاً الدليل طمر معبدي أوام وبرآن (عرش بلقيس) اللذين لم يكن ظاهراً منهما سوى الرأس فقط، وهناك مدن يمنية كثيرة مطمورة أصبح الناس يزرعون فوقها وفي أسطح منازلها على أنها حقول زراعية كما في الجوف وتعز ولحج وحضرموت.
وقد تكشف التنقيبات الآثارية المستقبلية عن مكان الجنتين اللتين صارتا مطمورتين بالكثبان الرملية وزحف التصحر عليها، وكذلك عن بقية المدن هناك. فحضارة عاد إرم مثلاً مطمورة في رمال حضرموت وشبوة والربع الخالي، وهناك مدينة مطمورة تحت رمال مدينة صبر لحج ظهر بعض آثارها بالتنقيب الصدفي عام 1996 ( )، فما من أرضٍ يمنية يتم اليوم البحث في الأعماق لإرساء مداميك البيوت والأبنية إلا وجد بعض آثار البناء والسكن في الأسفل مطموراَ ما بين 4 و6 أمتار.
معظم الدراسات والأبحاث تفيد أن جزيرة العرب وصحراء الربع الخالي إنما كانت أودية وغابات ومروجاً وأنهاراً قبل 4 آلاف عام، وطمرت بفعل التصحر وعوامل أخرى كعقوبات الأمم البائدة التي كذبت الرسالات السماوية وأفسدت في الأرض فعاقبها الله بعقوبات مختلفة كالخسف والتدمير والإغراق والرياح التي تدمر وتطمر كل شيء، وبالسحب والعواصف الرملية ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ الأحقاف(24).
ففي مصر مثلاً كل القصور والمعابد الفرعونية التي تم التنقيب عنها وجدت مطمورة تحت ركام رمال الصحراء في الجيزة وطيبة وغيرها..
فأغلب الظن عندي أن كلاً من محافظات لحج ومارب وأبين وشبوة وحضرموت والجوف فيها مدن مطمورة بالرمال، خاصة ونحن نعلم أن بعض الحضارات القديمة البائدة أقيمت في هذه المحافظات ولم تكشف عنها الأبحاث الآثارية حتى اليوم، ومنها على سبيل المثال سبأ ومعين وأوسان وقتبان التي وجدت بعض نقوشها وما زالت غير مكتملة المعالم والأخص منها أوسان التي تتضارب حولها المعلومات حتى اللحظة.
وكذلك من أسباب وعوامل اندثار مارب تغيير الديانة الرسمية لسبأ من عبادة النجوم والكواكب إلى المسيحية واليهودية، فتم هجران مارب على اعتبار أنها مقر المعابد الكبيرة للسبئيين مثل معبد أوام ومعبد برآن، وبناء الكنائس في ظفار وغيرها وتقلصت أهمية مارب بسبب انهيارات السد المختلفة والتحول في العبادات وتحول العاصمة إلى ظفار وصنعاء وناعط...ودخلت اليمن المسيحية في عهد الملك ثاران يهنعم بين الأعوام 349 و351م بسبب حملة التأثير والتبشير التي قادها ثيوفيلوس مندوب الامبراطور قسطنطين الثاني "الذي كان قد تمكن من إقناع ملك حمير في الدخول في النصرانية، فدان بها وأمر ببناء كنائس في ظفار وفي عدن. وكان القيصر قسطنطين الثاني (350-361م هو الذي أرسله إلى العربية الجنوبية ليدعو إلى النصرانية بين أهلها، ويؤيدون رأيهم بالكتابة المذكورة التي يرجع عهدها إلى سنة 378م أو 384م فهي غير بعيدة عن أيام الملك ثاران يهنعم ويحتمل أن يكون لذلك هو الملك الحميري الذي دخل في ديانة التوحيد"( )..
وبدأت تظهر كتابة إلهن ذي سموي إلى الملك ملك كرب يهأمن ابن الملك ثاران يهنعم( ).
- كانت هناك هجرات تدريجية ومتتالية من بعض المناطق اليمنية وخاصة مارب والجوف وما حولهما، وأوسان بفعل التنكيل السبئي بهم، وهجران مدينة مارب قبل الإسلام وبعده وهو ما كشفته الرمال الزاحفة وعوامل التصحر وقلة المياه، وانتقال العاصمة السياسية منها إلى ظفار وصنعاء.
- قصة التمزيق المذكورة في القرآن توحي بعقوبة تجارية (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا)، والسفر والتنقل لم يكن إلا للتجارة التي كان السبئيون روادها، وحينما حلت عليهم العقوبة أقام كثير منهم في البلاد التي كانوا يتاجرون إليها.
- آثار السد الموجودة اليوم ليست للبناء الأول للسد وإنما لبناء الملكين شرحبئل يعفر وأبرهة الحبشي، كون النقشين يذكران إعادة بناء كاملة.
* رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية والاستراتيجية (يمان)
- الصورة لمعبد أوام بعدسة هلال المرقب
- قصة التمزيق المذكورة في القرآن توحي بعقوبة تجارية (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا)، والسفر والتنقل لم يكن إلا للتجارة التي كان السبئيون روادها، وحينما حلت عليهم العقوبة أقام كثير منهم في البلاد التي كانوا يتاجرون إليها.
- آثار السد الموجودة اليوم ليست للبناء الأول للسد وإنما لبناء الملكين شرحبئل يعفر وأبرهة الحبشي، كون النقشين يذكران إعادة بناء كاملة.
* رئيس المركز اليمني للدراسات التاريخية والاستراتيجية (يمان)
- الصورة لمعبد أوام بعدسة هلال المرقب
وبعد الملك ثاران جاء ابنه الملك أب كرب أسعد (أبو كرب أسعد الملقب عند الإخباريين بأسعد الكامل)، والذي اعتنق اليهودية وبدل الديانة المسيحية والكوكبية إلى اليهودية وقتله أخوه عمرو بتآمر مع علية القوم لهذا السبب، ثم انتشرت بعده اليهودية.. فكانت تمارس في اليمن ثلاث ديانات: عبادة الكواكب (الشمس والقمر)، والمسيحية واليهودية، ويطلق على الأخيرتين (التوحيدية).
ويدعم هذا القول دليل مادي مجسم مريم العذراء وابنها عيسى المسيح عبارة عن إطار مرايا من البرونز عليه صورة مريم العذراء وابنها المسيح دون أية إشارة للصليب عليه مما يعني أنه كان في الزمن التوحيدي الأول للمسيحية، وعثرنا عليه في ماوية من محافظة تعز، تم فحصه في مقر المعهد الألماني للدراسات الآثارية بصنعاء وأفادوا بأن تاريخه يعود للخمسين السنة الأولى الميلادية( ).
وتذكر بعض المصادر أنه أقيمت كنيسة في إحدى جبال ماوية شرقي تعز في الفترات الأولى للدولة الحميرية، قبل الاحتلال الحبشي لليمن وقبل انتشار عقيدة التثليث المسيحية. إذ لم تكن هناك بقايا أطلال لكنيسة مسيحية لقلنا إن هذا الدليل ربما جاء عن طريق بعض التجارة التي اشتهر بها اليمنيون في تجارتهم الخارجية قديماً.
***
وتحيا مارب اليوم مجدداً وتنبعث من تحت الركام بفعل عوامل عديدة، منها الاستكشافات النفطية والغازية وتراكم ثروتها، وكذلك عملية إعادة إنشاء السد من جديد بعد بنائه في عام 1984م.
لكن أهم عوامل إحيائها اليوم هو لجوء كل اليمنيين
وتم إحياؤها بشكل لم يسبق له مثيل، وعملية الإحياء هذه تذكرنا بعودة الفرع إلى الأصل، وأن النار المتقدة تحت الرماد إنما كشفت عنها الرياح التغييرية اليوم، وعادت مارب مدينة مكتظة بالسكان من كل مكان، مزدهرة بعوامل البناء والاستقرار والتجارة، خاصة وأن أبناءها لم ينزعوا إلى النزعات العنصرية والمناطقية المقيتة التي شهدتها بعض المناطق اليمنية، وهو عامل جذب للإنسان اليمني.
وتعد محافظة مارب اليوم هي العاصمة الفعلية للشرعية اليمنية التي تأوي كل اليمنيين، ولا أعتقد البتة بعد الاستقرار فيها اليوم أن يتم النزوح منها مجدداً وهجرها كما تم من قبل حتى لو أعيدت العاصمة صنعاء لحكم الشرعية وعاد أهلها المهجرون منها، فهي دورة كونية لإعمار الأرض والمدن تجري سنة الله عليها إيذاناً بإحيائها كما أحيا مكة الجرداء القاحلة شديدة الحرارة بفعل الأماكن المقدسة، فإذا أراد الله إحياء أرض هيأ لها أسباب هذا الإحياء.
الخلاصة:
- سد مارب بني على الأرجح في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.
- لم يكشف حتى اليوم( ) بدليل مادي من نقوش ونحوها عن الزمن الأول لبناء سد مارب التاريخي ولا أول من أنشأه.
- سيل العرم وخراب السد حقيقة واقعة مسلم بها بتسليمنا للنص المقدس في القرآن الكريم كونه أوثق الأدلة والتدوين، عضده نقش شرحبئل يعفر (Glaser 554) بنسبة كبيرة.
- الجنتان عن يمين وشمال قد لا يكون مقصود بهما جنتي مارب وإنما جنان ممتدة على يمين وشمال أرض سبأ التاريخية ويمين وشمال البحر الأحمر في ضفتي الدولة الشرقية اليمن الحالية، والغربية أثيوبيا وأرض الحبشة.
- قصة الفأر الذي ساعد في هدم السد قصة خرافية أسطورية لا يصدقها عقل ولا منطق، ولم توجد أدنى الأدلة عليها، وهي من رواية وتدليس الإخباريين وبفعل التنافس والصراع بين العصبيات التي ظهرت بين القحطانية والعدنانية في فترات الدولتين الأموية والعباسية، وكانت تلفق الكثير من القصص الخرافية تحط من شأن ومكانة كل فريق.
- تهدم السد أكثر من ثماني مرات وبناء وإصلاحات لأكثر من ثماني مرات أيضاً، وبالتالي فلا يستطيع أي باحث كان أن يسقط هذا التهدم المتكرر على سيل العرم لمرة واحدة، ويكون استمرار السيل مهدداً في كل مرة لهذا السد بدليل تعدد الخراب والإصلاحات.
- هجرة اليمنيين لم تكن بسبب تهدم السد وحسب وإنما بفعل الصراعات السياسية بين الممالك المختلفة والأسر الداخلية للملوك، وحب التوسع، والاحتلال الحبشي، وعامل التجارة أيضاً، واستيطان أراضٍ جديدة أكثر خصوبة من بلادهم، وكذلك الجفاف والقحط، وسيل العرم واحد من تلك الأسباب لا كلها، وكانت هجرات على مراحل متعددة تحدث بين فترة وأخرى لأكثر من سبب، وتكون هجرات من مختلف مناطق اليمن لا من منطقة معينة، وهي مستمرة حتى اليوم.
- لم يكن اليمنيون يعتمدون اعتماداً كلياً على الزراعة حتى يهجروا أوطانهم بفعل القحط والجدب وخراب السدود وسيل العرم، فقد كانوا رواد التجارة العالمية القديمة المتحكمين بطرقها البرية والبحرية ومتحكمين بالسلع النادرة، وقد ذكر المؤرخون اليونانيون بذخهم وغناهم اللامحدود بفعل هذه التجارة.
ويدعم هذا القول دليل مادي مجسم مريم العذراء وابنها عيسى المسيح عبارة عن إطار مرايا من البرونز عليه صورة مريم العذراء وابنها المسيح دون أية إشارة للصليب عليه مما يعني أنه كان في الزمن التوحيدي الأول للمسيحية، وعثرنا عليه في ماوية من محافظة تعز، تم فحصه في مقر المعهد الألماني للدراسات الآثارية بصنعاء وأفادوا بأن تاريخه يعود للخمسين السنة الأولى الميلادية( ).
وتذكر بعض المصادر أنه أقيمت كنيسة في إحدى جبال ماوية شرقي تعز في الفترات الأولى للدولة الحميرية، قبل الاحتلال الحبشي لليمن وقبل انتشار عقيدة التثليث المسيحية. إذ لم تكن هناك بقايا أطلال لكنيسة مسيحية لقلنا إن هذا الدليل ربما جاء عن طريق بعض التجارة التي اشتهر بها اليمنيون في تجارتهم الخارجية قديماً.
***
وتحيا مارب اليوم مجدداً وتنبعث من تحت الركام بفعل عوامل عديدة، منها الاستكشافات النفطية والغازية وتراكم ثروتها، وكذلك عملية إعادة إنشاء السد من جديد بعد بنائه في عام 1984م.
لكن أهم عوامل إحيائها اليوم هو لجوء كل اليمنيين
وتم إحياؤها بشكل لم يسبق له مثيل، وعملية الإحياء هذه تذكرنا بعودة الفرع إلى الأصل، وأن النار المتقدة تحت الرماد إنما كشفت عنها الرياح التغييرية اليوم، وعادت مارب مدينة مكتظة بالسكان من كل مكان، مزدهرة بعوامل البناء والاستقرار والتجارة، خاصة وأن أبناءها لم ينزعوا إلى النزعات العنصرية والمناطقية المقيتة التي شهدتها بعض المناطق اليمنية، وهو عامل جذب للإنسان اليمني.
وتعد محافظة مارب اليوم هي العاصمة الفعلية للشرعية اليمنية التي تأوي كل اليمنيين، ولا أعتقد البتة بعد الاستقرار فيها اليوم أن يتم النزوح منها مجدداً وهجرها كما تم من قبل حتى لو أعيدت العاصمة صنعاء لحكم الشرعية وعاد أهلها المهجرون منها، فهي دورة كونية لإعمار الأرض والمدن تجري سنة الله عليها إيذاناً بإحيائها كما أحيا مكة الجرداء القاحلة شديدة الحرارة بفعل الأماكن المقدسة، فإذا أراد الله إحياء أرض هيأ لها أسباب هذا الإحياء.
الخلاصة:
- سد مارب بني على الأرجح في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد.
- لم يكشف حتى اليوم( ) بدليل مادي من نقوش ونحوها عن الزمن الأول لبناء سد مارب التاريخي ولا أول من أنشأه.
- سيل العرم وخراب السد حقيقة واقعة مسلم بها بتسليمنا للنص المقدس في القرآن الكريم كونه أوثق الأدلة والتدوين، عضده نقش شرحبئل يعفر (Glaser 554) بنسبة كبيرة.
- الجنتان عن يمين وشمال قد لا يكون مقصود بهما جنتي مارب وإنما جنان ممتدة على يمين وشمال أرض سبأ التاريخية ويمين وشمال البحر الأحمر في ضفتي الدولة الشرقية اليمن الحالية، والغربية أثيوبيا وأرض الحبشة.
- قصة الفأر الذي ساعد في هدم السد قصة خرافية أسطورية لا يصدقها عقل ولا منطق، ولم توجد أدنى الأدلة عليها، وهي من رواية وتدليس الإخباريين وبفعل التنافس والصراع بين العصبيات التي ظهرت بين القحطانية والعدنانية في فترات الدولتين الأموية والعباسية، وكانت تلفق الكثير من القصص الخرافية تحط من شأن ومكانة كل فريق.
- تهدم السد أكثر من ثماني مرات وبناء وإصلاحات لأكثر من ثماني مرات أيضاً، وبالتالي فلا يستطيع أي باحث كان أن يسقط هذا التهدم المتكرر على سيل العرم لمرة واحدة، ويكون استمرار السيل مهدداً في كل مرة لهذا السد بدليل تعدد الخراب والإصلاحات.
- هجرة اليمنيين لم تكن بسبب تهدم السد وحسب وإنما بفعل الصراعات السياسية بين الممالك المختلفة والأسر الداخلية للملوك، وحب التوسع، والاحتلال الحبشي، وعامل التجارة أيضاً، واستيطان أراضٍ جديدة أكثر خصوبة من بلادهم، وكذلك الجفاف والقحط، وسيل العرم واحد من تلك الأسباب لا كلها، وكانت هجرات على مراحل متعددة تحدث بين فترة وأخرى لأكثر من سبب، وتكون هجرات من مختلف مناطق اليمن لا من منطقة معينة، وهي مستمرة حتى اليوم.
- لم يكن اليمنيون يعتمدون اعتماداً كلياً على الزراعة حتى يهجروا أوطانهم بفعل القحط والجدب وخراب السدود وسيل العرم، فقد كانوا رواد التجارة العالمية القديمة المتحكمين بطرقها البرية والبحرية ومتحكمين بالسلع النادرة، وقد ذكر المؤرخون اليونانيون بذخهم وغناهم اللامحدود بفعل هذه التجارة.