اليمن_تاريخ_وثقافة
10.7K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
‏لوح عثر عليه في مدينة سمهرم التاريخية في ظفار فتره تواجدها ضمن أراضي مملكة حضرموت القديمه .

‏قراءة النقش الذي ثبت بمدخل بوابة سمهرم الرئيس:
١-أسدم ثلعن بن قومم عبد العزيلط ملك حضرموت
٢-ضرمت بن حور هجرن شبوت قتدم هجر
٣-هن سمرم جريتث ونهمتث وهيعث بن ر
٤-بيم اد شقرم ومبرا واجسم سيث بموصت
٥-وتحرج مرأس ابيثع سلحن بن ذمر علي
٦-قدم جيش حضرمت بأرض سأكلن

‏ومضمون قراءة النقش التذكاري لمدينة سمهرم التالي:

أن أسد بن ثعلن بن قومم مولى العزيلط ملك حضرموت والمقيم بمدينة شبوه قام بأعمال بناء في مدينة سمهرم، وبأمر من أب يثع سلحن بن ذمار علي مقّدم جيش حضرموت بأرض (ظفار).
📚🌹🖋


الوزير حسين بن حامد المحضار : -1865 –1927م = 1283 – 1345ه :
هو الوزير حسين بن حامد بن احمد المجضار بن الشيخ ابوبكر بن سالم العلوي الحسيني ، ولد في قرية الجبيل بوادي دوعن الايمن و توفى بقرية القويرة بدوعن الايسر ،  تولى وزارة الدولة القعيطية مدة خمسة و عشرين عاما ، لم يتركها حتى وفاته ،قال ابن عبيد الله ( و كان يعاونه في الوزارة اخوه عبدالرحمن و ابن اخيه علي بن حسن بن حامد المحضار .- . ( ابن عبيد الله : ادام القوت -330-) .
غير أن المؤرخ عيدروس بن محمد باهارون المحضار يقول : ( أنه قاد سفينة الدولة القعيطية زهاء أربعين عاما ، بل سفينة حضرموت بكاملها .) – بحمدان : اشعار السيد الوزير حسين بن حامد المحضار – 12 . و هذا يعني أنه المؤسس الفعلي للسلطنة القعيطية ، خاصة و أن السلاطين الذين استوزر لهم قضوا أغلب حياتهم في الهند ، و كان الوزير المحضار مفوضا عنهم قاطعا ما نعا ، فقد كان بحق سلطان حضرموت غير المتوج وطاغية متجبر و عميلا مخلصا لأسياده الانجليز ....
كان عنصريا مفتخرا بعنصريته و ينظر الى شعبه نظرة دونية تحقيرية   و يراهم (لفالف = لفاليف ) ، أي سوقة لا قيمة لهم و لا وزن و رعاع لا أصل لهم ، و هو بهذا يكون أشبه برئيس عصابة  و أبعد من أن يكون رجل دولة وطني ، و لابد أنه أدار مهامة السياسية بهذه العقلية المريضة . لبس غطاء الرأس الأسود دلالة على تشيعه ، بخلاف عشيرته التي لم يعرف عنها لبس هذا الغطاء ، و خلافا لمذهب أهل حضرموت .
كما كان يسعى الى تحويل الحكم و السلطة في الدولتين القعيطية و الكثيرية الى الدائرة العلوية . جاء في قصيدة له الى أحد القيادات العلوية في اندونيسيا من آل المحضار :
اللفالف لا يهمون قلبك... ...........كلهم في اليد قبضة قوية
بانشل الحكم الى تحت رجلك..... من دولنا و القبل و الرعية      - باحمدان : نفسه 19- 35 -.  حول طموحات العلويين السلطوية : أنظر -: السلطان غالب بن عوض القعيطي : تأملات عن تاريخ حضرموت - 49 – جدة1996م .
و لأنه ينظر الى الشعب الحضرمي تلك النظرة الاستعلائية التحقيرية العنصرية و لا يرى فيهم الا قوما من المهمشين لا يستحقون الرعاية و الاهتمام ، فكان من الطبيعي و المنطقي أن يكون التطوير و التنمية و التعليم أبعد ما يكون في اهتماماته السلطوية ، ففي المكلا و نواحيهاعاصمة سلطته و حكمه ( لم يكن للعلم شأن يذكر لانصراف وزير الحكومة القعيطية اذ ذاك عن هذه الناحية ، بل كان يتعمد ذلك ، لأن في العلم و المدارس تنبيه الأفكار ، و هو يكره النابغين ، لئلا يزاحموه و يغلبوه على السلطان ، أو يطالبوه بحقوقهم .) – السقاف : ادام القوت – 125 – 126 .
و في عهده لم يكن للأمن بسط و لا للعدل نشر و لا للخير عموم و لا للشر دفع و لا للعطاء رجاء و لا للفوة هيبة و خشية – السقاف : نفسه – 190 .
حدث أن اختلف الوزير مع السلطان غالب و انقبض السلطان عليه  ، حين رفض الوزير توجيهات السلطان ،  فاعتكف الوزير المحضار في بيته فترة من الزمن ، فكان لابد أن يرضخ السلطان لارضاء الوزير ، لأنه لا سلطة للسلطان عليه ، فأمر تعيينه أو اقالته هو شأن بريطاني لا علاقة له بالسلطنة أو السلطان ، فكان أن رضخ السلطان للوزير ، فزاره في بيته  فقال الوزير من مصدر قوة مخاطبا السلطان :
صاحبي عيّاب و نا ما عبت به .... صلي معه من حيث ما صلى امام
و نا معي شيخ الجهة مقطور به..... ما نا حقيبة بانطرح فوق السنام      - باحمدان : نفسه – 17 .
و من تلك الابيات نعلم أن الوزير المحضار كان اختيارا بريطانيا (شيخ الجهة ) و ليس قعيطيا (و هو يفتخر بذلك ) ، فلهذا لا سلطة للقعيطي عليه ، فهو ليس (حقيبة باتنطرح فوق السنام ) بقصد أنه لا يتبع السلطان بحال . و من غير المستغرب أن يطلق الوزير المحضار رمز (شيخ الجهة ) للدلالةعلى بريطانيا ، فقد (كانت حضرموت لدى العامة تسمى0دولة انجرامس لأنه كان الحاكم الفعلي ) – محمد سعيد داؤود : نفسه -60 - . و في كل الاحوال ، فقد أدار الوزير المحضار السياسة الاستعمارية البريطانية التدميرية الخبيثة في حضرموت بكل حنكة و اقتدار يستحيل أن يتم ذلك بدون تدريب و تأهيل سياسي و اداري ، في ظل ضعف سلاطين الدولتين ،الذين قال عنهم انجرامس نفسه بانهم كانوا غير متأهلين للحكم و ضعفاء و امعات – داؤود : نفسه  .  كما  كان الوزير المحضار مولعا بزرع الفتن و الدسائس و النزاعات الاجتماعية و السياسية في البادية و الحضر ، و هو يعترف بذلك كتكليف استعماري بذلك السلوك المدمرملتزم به بناء على اتفاقيات موثقة مع الدول التي يقصد به الانجليز ، فمن أشعاره المشهورة في ذلك قوله :
سيد و لا لي بالفتن مقصود ..... يشهد عليا الواحد المعبود
لكننا في حكم الدول مقيود...... وش با يفك الرجل لي هي ماكنة بالقيود ؟
و حسب قول المستشار البريطا
ني انجرامس (فقد كان للعلويين مصلحة تقليدية في استمرار الصراعات لتوقف دخلهم عليها كمصلحين .) – محمد سعيد داؤود : وثائق الندوة العلمية التاريخية – 47 - .
عرفت فترة وزارته بشدة الجور و فساد القضاء و ضياع الحقوق و سوء الادارة . أنظر – السقاف : ادام القوت -372-126- 133 .
و يصف القاضي محسن بن محمد بن عبدالله بن محسن بن سالم بن أبي بكر العطاس حال القضاء و الادارة في عهد الوزارة المحضارية حيث كان معاصرا لها بقوله :
( و قد كثر في وقتنا هذا غمط الحق و اخفاء الصدق ، و صار القضاء تجارة و سبة و عارة ، و قل الاصلاح و عدم المنادي بحي على الفلاح ، ما همهم الا اجتلاب أموال العباد و الاكثار في الأرض الفساد ، قلّ القائم المقيم على الصراط المستقيم . و عمت هذه المخزيات القضاة و الولاة ...) -عبدالرحمن بن عبدالله بكير : القضاء في حضرموت في ثلت قرن – 45 .
و في عهده لم يكن للتعليم شأن يذكر حتى في العاصمة المكلا ( لانصراف وزير الحكومة السيد حسين بن حامد المحضار اذ ذاك عن هذه الناحية ، بل كان رحمه الله يتعمد ذلك ، لأن في العلم و المدارس تنبيه الأفكار ، و هو يكره وجود النابغين ،ائلا يزاحموه أو يغلبوه على السلطان ، أو يطالبوه بحقوقهم .) – السقاف : ادام القوت – 126 .
و لعل حكم (المحاضير الثلاثة ) للدولة القعيطية ، هو الذي دعا المؤرخ ابن عبيدالله ان يطلق على فترة حكمهم فترة (الوزارة المحضارية ) ، و في وقت مبكر من عهد هذه الوزارة المحضارية بدأ مشروع و نشاط الاربطة الدينية .
 و كان يعاونه في وزارته أخوه و ابن أخية – السقاف : نفسه -330 -  ،  ولما توفى الوزير المحضار خلفه في الوزارة ابنه أبوبكر ثم الحفيد حامد ابوبكر  ، و كان حامد ( كأبيه و جده لا يرجعون في أحكامهم الى قانون قط ، و انما يعملون بما تملي عليهم أغراضهم و أهواؤهم . ) – السقاف : ادام القوت – 353 . أما النائب على وادي دوعن في عهد الوزارة المحضارية فهو عمر بن أحمد باصرة  الذي مدعوما بقوة من الوزير حسين بن حامد  - نفسه - 352  ، فقد  ( جرى في أيامه من الظلم و الجور لاسيما على أهل الوادي الأيسر ما لا تبرك عليه الابل .– نفسه – 352 .
من كتاب :
قضايا تاريخية من حضرموت
من التاريخ السري للاستعمار البريطاني
التزوير و استلاب الهوية
المؤلف : سالم فرج مفلح
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#تاريخ_اليمن_الإسلامي

الجور وولّاهم ، وانه يريد الانتقام منه لقيامه على الظلمة ، وكثر الأخذ والرد بهذا ، واضطرب حبل الأمن فخاف الإمام على ولده جعفر عامله على صنعاء ومخلافها ، وسارع إلى صنعاء لتهدية الحال وتسكين الأمور ، فأقام بها قراب شهر ، وكتبه إلى الزيدي غير منقطعة ، ولكنها لم تزد الطين إلّا بلة ، والزّيدي جفاء وغلظة ، وجاء الى الإمام أسعد بن ابي الفتوح مسلما وشاكيا من الزّيدي ؛ فقابله الإمام بالاكرام ، ووعده مخاطبة الزيدي فيما شكاه ، وأراد الصلح بينهما ، وكتب بذلك الى الزيدي ، فكان حظّ الوساطة والكتاب من الزيدي الإهمال وعدم الإحتفال.

الدسائس والمؤامرات

في أثناء إقامة الإمام بصنعاء جاء اليه محمد بن سلمة (١) الشهابي صاحب قلعة بيت بوس مبايعا ، وطلب منه أن يرسل إبنه الأمير جعفر لإحتلال القلعة خوفا من الزيدي ، فسار إليها جعفر بن الإمام واسعد بن أبي الفتوح ، ومكث بها أيّاما ، ثم صح لهما ميل الشهابي إلى الغدر بهما ، فسارعا بمبارحة القلعة ليلا إلى صنعاء لإطلاع الامام على ما لاح لهما من غدر الشهابي وموالاته للزّيدي ، وتركا عسكرهما وخدمهما في القلعة ، ولما أحس الشّهابي بخروجهما أرسل جماعة من أصحابه وأمرهم أن يكمنوا في الطريق للفتك بهما فافتضح أمر الكمين وبلغ الإمام الواقع فأمر بهدم القلعة ورجوع من بها إلى صنعاء.

انتقاض الاشراف وبقية أخبار الإمام

بينما الإمام القاسم يفكر في مسألة الزيدي ، ويعاني من جفوته وتعاليه ما يعاني إذ بأنباء صعدة توافيه بما هو أدهى وأمر ، وذلك أنه كتب إليه ابنه

______

(١) تقدم الى محمد بن سلمة قتله الإمام الداعي (بصنعاء (ص
سليمان (١) ، وكان إليه امر تلك الجهة بأن الأشراف بني المختار وآل يحيى وبعض أهل صعدة تأمّروا على طلب المليح من نجران وادخلوه صعدة ، وكان الإمام قد توثّق من الأشراف بالعهود المغلظة والمواثيق المؤكدة ، وعلى الخصوص الداعي يوسف ، وجعل له ربع خراج صعدة كما جعل لغيره من الاشراف ، ولم يبق منابذا له سوى المليح الفار من صعدة ، كما تقدّم ، ولذلك اشتد قلق الإمام ، وآلمه نكث الأشراف وتناسيهم العهود وميلهم إلى الشرور وتربصهم به وبدولته ، رغما على ما يسديه إليهم من البر والإحسان ، ويعاملهم به من اللطف والحنان : ومن البليّة ان تدان بما كرهت ولن تدينا قال كاتب سيرته (٢) : اشتد إهتمام الإمام بذلك وقال ما يعذرني الله وكافة أمّة جدّي هؤلاء القرابة الذين قطعوا رحمي ، وكفروا إحساني وكافؤوني السّيء بالإحسان ، اتيت من الحجاز وأهل بيتي مطرّد أكثرهم ، فرددتهم (٣) وملّكتهم ، وأمّنتهم ، ووجدتهم متفرقين (٤) متباغضين ، فجمعتهم ولففت شملهم ، وأصلحت ذات بينهم ، ووجدتهم مسفوهين ، ومطرّحين عند أهل اليمن ، فرفعتهم واكرمتهم ، وجبرت فقيرهم ، ومكّنت غنيهم ، وقويت ضعيفهم ، ولا أمن ذلك عليهم لواجبة عليّ ، لكن ليعلم من بلغه ذلك ، انه لا حجّة لهم عليّ ، وأكثر عجبي من شيخهم الشريف يوسف بن يحيى بعد أن عاهدني وخلف ، وكذلك عاهدته وأبلغته مراده الخ وكتب بهذا إلى جميع العشائر ليطلعهم على أعمال الأشراف.

ثم أنه كتب إلى اهل طاعته من اليمنيّين كتابا ذمّ فيه سلوكهم ، وتخاذلهم عنه ، وميلهم الى عدائه وتساهلهم فيما عاهدوه عليه إلى آخر ما فيه

______

(١) عن اللآلىء المضيئة للشرفي.

(١) عن اللآلىء المضيئة للشرفي.

(٢) في اللآلى : فوددتهم.

(٣) اللآلىء مفترقين.
من التقريع والتنديد ، وطلب من همدان الجوار والحمايد من غوائل الأعداء ، والحفظ والمتعة إلى أن يتسنّى له الخروج من بينهم ، والتحول عن أرضهم ، ولم يهمل الدّاعي يوسف بل كتب اليه وعاتبه ولاطفه ولقبه بالإمام ، وذكره بسالف العهد ، فأجاب عليه الدّاعي يوسف بكتاب جارح اطال فيه العتب والملام (١) (ورب ملوم لا ذنب له : ومظلوم خيّب الدهر أمله)

خروج الامام القاسم من صنعاء وانتشار دعاية الزيدي

لما تحقق الإمام اضطراب أمر الجهة الشّمالية بادر بالخروج من صنعاء ، وأقام بريدة ، لتدبير أمر بقيّة البلاد ، فوصل اليه رجل من بكيل بكتاب من الزّيدي أرسله إلى البكيلي ، وإلى أصحابه وفيه شكوى حارّة من الإمام ، وانه غدر به ، ورجع عن امر الله ووالى أعداء الله ، واختار ابن أبي الفتوح عليه وركن إلى الظلمة وسألهم النصرة على الإمام والمعذرة له في المخالفة عليه ، ووعدهم ومنّاهم ، ولم يقتصر على بكيل وحدها ، بل أذاع هذه الرسائل بين كافة القبائل ونشر دعايته في عرض البلاد وطولها ، فاضطر الامام الى الرد على دعاية الزيدي ، والإشتغال بالمعارك القلمية ، وسرد الأدلّة والبراهين على خطأ الزيدي وغيره من المشاغبين ، ولكن الزّيدي لم يقف عند تلك الغاية ، وانما جنح إليها لتخدير العقول شأن الصائد الماهر (لا يحكم اشباكه الا اذا عكّر صفو الغدير).

وذلك لئلّا تثور عليه رجالات اليمن لمجاذبته الإمام ، فقد هجم على صنعاء ، وأسر الأمير جعفر بن الامام وحبسه في قلعة بني شهاب وحبس معه عامل القلعة من قبل الإمام.

______

(١) انظر هذه الرسائل في اللآلى المضيئة.
ولما علم الإمام بما فعله الزّيدي استصرخ القبائل واستثار همهم والهب حماستهم ، فلم يجبه إلّا القليل الشاذ الذي لا غنى فيه ولا منعة ، فمال إلى السّكون وانتظار العواقب ، وكتب إلى وادعة وبكيل يسألهم الإستقامة وكرم الجوار له ولذويه ، حتى يحكم الله بينه وبين خصومه وهو خير الحاكمين.

من كان ذا عضد يدرك ظلامته 

ان الذليل الذي ليست له عضد

تنبو يداه إذا ما قلّ ناصره 

وتأنف الضيم ان اثرى له عضد

فأسعفته بكيل ووادعة بما رام ، وكان قد اقترح عليهم عدة منازل في بطون متفرقة ، منها منزل في آل الدّعام ، ومنزل في بني سلمان ومنزل في بلاد سفيان ، ومنزل في بني معمر ، ومنزل في بني عبد بن الهرا ثم من بلاد وادعة ، وآخر في بلد بني ربيعة وبني حريم ، فبادروا بالتّلبية واوسعوا له في بلدانهم ما أراد.

اطلاق الزيدي جعفر بن الإمام وطلبه الصلح

ودخلت سنة ٣٩٢ فيها نهض الإمام من ريدة ، فسلك طريق المشرق ونزل بمدر ، ثم سار إلى ورور واطلق الزيدي ولده وابن عمه ، وكتب إليه يسأله الصلح وتسكين الفتنة فقال الامام اما انا فقدومي انصارى ونكث أهل بيعتي ، وهو يعلم ذلك منهم فليس بمحتاج إلى صلحي إلّا ليستقيم له أمر الرّعايا في اليمن بإسمي ، ولو لا الضّرورة إلى صلحه لما رأيت ذلك ولا استحللته فالله المستعان على ما تدعو إليه الضرورة والإمتحان ، ورد الجواب بالإيجاب.

من تضجر البلوى فغاية جهده 

رجعي إلى الأقدار واستسلام 

فطلب الزيدي لقياه والإتّفاق به في ريدة فكره الإمام الإتّفاق بها ورسم له موضع اللقاء بأعلا الصّيد ، فكان اتفاقهما هنالك ، وذلك في صفر من العام المذكور ، وقد وصل الزّيدي في جند عظيم ، وأبهة كبيرة وعلى رأسه
ظلل سود من الخزّ ، وأمامه الجباجب (١) والصنوج والطبول تقدمه الرايات الصفر ، وكان الإمام في قلة من الجنود فخاف الغدر ، وأرسل إليه أن يقف مكانه ويلقاه منفردا إن أراد الصّلاح والسّلامة فامتثل الزّيدي إشارته وجاءه على فرس ليس معه إلا خادم ورجل من همدان ، واعتذر للإمام وأظهر النّدم على ما فرط منه ، وعرض على الإمام الدخول معه فاحترز منه وقال له لا أفعل معك في هذه اللقيا غير الصّلح حتى ننظر في الأمور بعد ، وتمّ الإتفاق على عدم الشقاق وسارا معا إلى ريدة وافترقا منها ، فسار الزيدي إلى اليمن ورجع الإمام إلى ورور ، ثم سار منها الى وادعة فأقام في بلد بني ربيعة ، وعمر بها دارا لبعض أهله وترك الزّعامة ، وتخلّى عن متاعبها وتربّص بالظالمين ، وجعل الخيار في الطّاعة إلى الرعايا ، فمن أراد منهم برضا وطواعية والاه ودفع إليه زكاته وسلم ذلك لسعاته ، ومن كره ذلك لم يسأله شيئا ، وما برح يرجو ويأمل مواتات الأيام ومساعدة الأقدار وإبتسام الحظّ بالإنتصار على الشرفاء بني المختار ، لبغيهم عليه ، وإقدامهم على نهب حصنه وهدمه ، وكفراتهم إحسانه :

وظلم ذوي القربا أشد مضاضة

على المرء من وقع الحسام المهنّد

وكانت بعض قبائل خولان تعده المأزرة (٢) فتحرّك من همدان ونزل على بطون بكيل ووادعة فالتف حوله منهم عسكر لا يصل بهم وحدهم شيئا من بني المختار ، واعوانهم أهل صعدة ، فجعل طريقه ناحية بني شاكر شرقي صعدة ، حتى وصل بمن اجتمع معه بلد بني مالك بالحقل ونزل على المدلهم بن الفحيش رئيس بني سعد ، وكان قد خالف عليه وانضم إلى بني المختار ، فلم يحصل له ما أمّل لا من المدلّهم ولا من خولان :

______

(١) الطبل والضخم من الأبواق ميل واحد ، جبجبه وجبجاب.

(٢) الموازرة.
من خانه الدّهر خانته صنائعه 

وعاوذ نباله ما كان إحسانا (١)

رجوع الإمام القاسم إلى عيان ووفاته عليه السلام

ولما أيس من القبائل ووعودها الخلّابة ، رجع الى عيان وقد تفهت (٢) نفسه من ممارسة الخطوب وملابسة الحروب ، ولسان حاله تنشد :

فررت من العداة الى العداة

وكنت عددتهم رمز الثقات 

لقد خابت ظنوني عند قوم 

يروي محاسني من سيآتي 

يهيجون الغواة عليّ هيجا

وهم شرّ لديّ من الغواة

وعكف على تأليف الردّ على روافضته الذين طعنوا في سيرته من الشيعة وأسماء مؤلفه هذا (كتاب الرد على الرافضة) وهو آخر كتاب وضعه من كتب العلوم.

وبعد ان اصطدم (٣) بمصائب جسيمة محطّمة ، وامور نكراء جبارة وساءه الدّهر بصنيعه ، وتنكرت له الأيّام ، وخذله الأقارب ، وخانته الأنصار ، وأحاطت المشكلات وحوالك الخطوب بسماواته وجهاته ، بحيث يحار القدمة الشجاع في الخروج منها ، نزل على حكم القضاء وانكمش في دار عزلته يتردّد ما بين مذاب (٤) وعيان ، إلى ان وافته المنية بعيان لتسع خلون من رمضان سنة ٣٩٣ ، ولم يخلف درهما ، ولا دينارا سوى سلاحه ودوابه وثيابه :

فعفت منابره وحط سروجه 

عن كل طامحة وطرف طامح 

______

(١) من أبيات لأمير الشعراء احمد شوقي يقول فيها :

ولا ترى الدهر إلّا حرب مضطهد

وحالبين على المخذول خذلانا

والخط يبني لك الدنيا بلا عمد

ويهدم الدعم الطول اذا خانا

(٢) ضعفت وصغرت.

(٣) في الأصل اصتدم.

(٤) مذاب : واد يسقي الجوف.
قال الزحيف : مات الإمام القاسم وخطب له (١) في نواحي مخلاف جعفر وكحلان وما يليه ، ولم يزل دأبه إقامة قناة الدين ، وإخماد نار الملحدين ، وكان إذا حضر معركة نازل الأقران ، وكان راعيا لأرباب العلم ، وازعا لأرباب الظلم كثير اللطف واللين ، دمث الشمائل جزل النائل ، ومن رسائله عليه السلام قوله : الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لا يرتبطان بغير زمام ، ولا يؤدي فرضهما بغير امام ، الاقرار بالنبوءة لا يصح إلّا مع الاقرار بالذريّة ، والإقرار بالكتاب ، لا يصح بغير نصاب ، طالب العلم من غير أهله كمشتري الدرّ بغير خبره ، والمؤتم بغير العترة كأعمى يتبع الأعمى :

ومشهده بعيان مشهور مزور وأولاده عليه السلام ستة وهم : يحيى وجعفر ، وعلي وسليمان ، وعبد الله والحسين ، وسيأتي طرف من تفصيل اخبارهم ان شاء الله

بقية أخبار الداعي يوسف

بعد موت الإمام القاسم بن علي العياني انتعش أمر الإمام الداعي ، وبادر إلى صنعاء خامس شوال من السنة ، وأمر البوسي فخطب له ، وأقام بصنعاء خمسة عشر يوما.

ثم تنكرت له همدان فخرج من صنعاء إلى حاز (٢) ، ثم صار إلى مدر من شرق همدان وأمر عمّاله ان يرفعوا أيديهم وصار إلى ريدة ومنها إلى صعدة واستقر أمره فيها حتى توفي في التاريخ الآتي (٣).

ودخلت سنة ٣٩٤ (٤) فيها مات القاسم الزيدي في مدينة ذمار ، ودفن

______

(١) كذا بالأصل وصواب العبارة بعد ان حطب له (ص).

(٢) قرية اثرية مشهورة في ناحية همدان على طرف قاع المنقب.

(٣) اللآلىء المضيئة.

(٤) انباء الزمن
عدني (١) الجامع ، وقام بالأمر بعده ولده محمد بن القاسم وسيأتي ذكر أخباره في موضعها ، ومن آثار الشريف القاسم الزيدي غيل آلاف جنوبي صنعاء.

تهافت المتغلّبين على صنعاء واضطراب أحوالها

فيها وصل ابن أبي حاشد إلى صنعاء وخطب للشريف الزيدي ، ثم تغيّرت عليه الأحوال ، فخرج منها وتركها بغير سلطان ، ولم تزل كذلك حتى اصطلح ابن ابي حاشد وابن عمه أبو جعفر ، فسارت إليه همدان ودخل صنعاء سنة ٣٩٥ وصالح ابن أبي الفتوح.

ودخلت سنة ٣٩٧ فيها تجهز ابن ابي الفتوح (٢) في جيش عظيم يريد الهان ، ولما صار في بعض الطريق ، وثب عليه غلمانه فقتلوه ، فأعيد إلى نعظ ، ودفن بها ، وتولّى بعده ، ابنه منصور بن أبي الفتوح ، وحلفت له خولان واستقامت أموره ، وخلت صنعاء من السلطان إلى سنة ٣٩٧ فدخلها احمد بن سعيد بن الضّحاك واليا عليها من قبل ابن عمه أبي جعفر ، ثم غلبه عليها ابن أبي حاشد ، ثم دخلها محمد الزيدي ، ومعه الإمام يوسف الداعي فأقاما بها نصف شهر ، ولم يتم لهما أمر ، فخرج الإمام نحو مدر ، ورجع الزّيدي إلى ذمار ، وأقامت الفتنة على صنعاء من همدان وخولان وحمير والأنباء وبني شهاب ، في كل شهر لها أمير وعليهم رئيس وفي اكثر أوقاتها تخلو من الأمراء والغالب عليها آل الضّحاك إلى سنة اربعمائة ، ثم سار جماعة من همدان وبني شهاب إلى الشريف الزّيدي الى ذمار يستدعونه فسار معهم إليها ودخلها في ذي القعدة من السنة المذكورة.

دعوة الإمام المهدي الحسن بن العلم العياني

ودخلت سنة ٤٠١ فيها وصل الإمام المهدي الحسين بن القاسم بن

______

(١) جنوبية.

(٢) المصدر نفسه والخزرجي وقرة العيون.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM