#تاريخ_اليمن_الإسلامي
المذكورة ، فضبط البلاد ووجّه العمال إلى المخاليف ، وقدم عليه عبد الرحمن بن علي بن عيسى (١) بن ماهان ، وقد أشرك معه في العمل ، فأقام مع منصور في اليمن برهة ، ثم عزل جعفر بن دينار بايتاخ التركي ، مولى المعتصم ، فأقر منصور ، وعبد الله على عملهما فلم يزالا إلى أن مات المعتصم سنة ٢٢٧.
أول دولة الحواليين (٢)
لما تولى الخلافة الواثق بن المعتصم ، أقر ايتاخ التركي على اليمن فوجه أبا العلاء العامري ، فلما وصل صعدة أرسل الأمير يعفر (٣) بن عبد الرحيم الحوالي غلامه طريف بن ثابت في عسكر نحو صنعاء فخرج إليهم منصور بن عبد الرحيم في أهل صنعاء فهزمهم وقتل من موالي آل يعفر بن عبد الرحيم نحوا من ألف رجل وأسروا آخرين ، فضرب أعناقهم ، وقدم أبو العلاء صنعاء بعد الوقعة فأقام بها حتى مات واستخلف أخاه عمر بن العلاء ، فأقام بها مدة ثم ان ايتاخ استعمل على اليمن هرثمة ، مولى المعتصم ، فوصل في آخر المحرم سنة ٢٣٠ ثلاثين وماءتين ، ومكث أياما ثم خرج لمحاربة الأمير يعفر بن عبد الرحيم ، وهو بشبام ، فحاربه أياما ، وعاد إلى صنعاء ثم إن الواثق عزل ايتاخ عن اليمن واستعمل عليها جعفر بن دينار ، فسار إلى اليمن وحاصر يعفر بن عبد الرحيم مدة بشبام ، ثم كان الصلح بينهما ، وعاد العامل إلى صنعاء فلبث فيها إلى أن توفى الواثق آخر ذي الحجة سنة ٢٣٠ (٤).
______
(١) في العسجد عبد الله بن محمد بن علي بن عيسى بن ماهان والمثبت هنا في غاية الاماني ص ١٥٤.
(٢) الخزرجي.
(٣) هذا أول من ظهر من بني الحوالي مناهضا للسلطة العباسية وتدل هذه الحادثة على تمكن وقوة لا بأس بها فقد بلغت القتلى من أصحابه نحو الألف فكتب الموفق فكم يكون مقدار الجيش (ص).
(٤) انظر هذا الكلام بنصّه في العسجد ص ٣١ ـ ٣٢.
المذكورة ، فضبط البلاد ووجّه العمال إلى المخاليف ، وقدم عليه عبد الرحمن بن علي بن عيسى (١) بن ماهان ، وقد أشرك معه في العمل ، فأقام مع منصور في اليمن برهة ، ثم عزل جعفر بن دينار بايتاخ التركي ، مولى المعتصم ، فأقر منصور ، وعبد الله على عملهما فلم يزالا إلى أن مات المعتصم سنة ٢٢٧.
أول دولة الحواليين (٢)
لما تولى الخلافة الواثق بن المعتصم ، أقر ايتاخ التركي على اليمن فوجه أبا العلاء العامري ، فلما وصل صعدة أرسل الأمير يعفر (٣) بن عبد الرحيم الحوالي غلامه طريف بن ثابت في عسكر نحو صنعاء فخرج إليهم منصور بن عبد الرحيم في أهل صنعاء فهزمهم وقتل من موالي آل يعفر بن عبد الرحيم نحوا من ألف رجل وأسروا آخرين ، فضرب أعناقهم ، وقدم أبو العلاء صنعاء بعد الوقعة فأقام بها حتى مات واستخلف أخاه عمر بن العلاء ، فأقام بها مدة ثم ان ايتاخ استعمل على اليمن هرثمة ، مولى المعتصم ، فوصل في آخر المحرم سنة ٢٣٠ ثلاثين وماءتين ، ومكث أياما ثم خرج لمحاربة الأمير يعفر بن عبد الرحيم ، وهو بشبام ، فحاربه أياما ، وعاد إلى صنعاء ثم إن الواثق عزل ايتاخ عن اليمن واستعمل عليها جعفر بن دينار ، فسار إلى اليمن وحاصر يعفر بن عبد الرحيم مدة بشبام ، ثم كان الصلح بينهما ، وعاد العامل إلى صنعاء فلبث فيها إلى أن توفى الواثق آخر ذي الحجة سنة ٢٣٠ (٤).
______
(١) في العسجد عبد الله بن محمد بن علي بن عيسى بن ماهان والمثبت هنا في غاية الاماني ص ١٥٤.
(٢) الخزرجي.
(٣) هذا أول من ظهر من بني الحوالي مناهضا للسلطة العباسية وتدل هذه الحادثة على تمكن وقوة لا بأس بها فقد بلغت القتلى من أصحابه نحو الألف فكتب الموفق فكم يكون مقدار الجيش (ص).
(٤) انظر هذا الكلام بنصّه في العسجد ص ٣١ ـ ٣٢.
وفي أنباء الزّمن (١) ان الذي حارب يعفر بن عبد الرحيم هو هرثمة وانه بقي إلى أن مات الواثق سنة ٢٣٠ ، وقام بعده المتوكل فاستعمل على اليمن جعفر بن دينار ، فأقام فيها أياما واستخلف ولده محمد ، وخرج إلى العراق ، فلم يزل ولده محمد على اليمن حتى قتل المتوكل واستمر على اليمن مدة المنتصر والمستعين والمهتدي إلى أيام المعتمد ، فكتب الموفق وكان هو المتولي شؤون الخلافة إلى الأمير محمد بن يعفر الحوالي بولاية اليمن فوجّه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وكانت قد تمنعت من قبل ، قال الخزرجي : هذه رواية الشريف ادريس (٢) في كتابه «كنز الأخبار» ، وقال الجندي : لما مات الواثق وقام بالأمر بعده المتوكل أقر جعفر بن دينار على اليمن مدة ، ثم عزله واستعمل حمير بن الحرث فلم يتم له الأمر مع الأمير يعفر بن عبد الرحيم وعاد حمير إلى العراق هاربا ، واستولى يعفر بن عبد الرحيم على صنعاء ومخاليفها ، وقتل المتوكل عقيب ذلك إلى أن قال ولما ولي الخلافة المعتمد على الله واستوثقت له البلاد ، وامتدت أيامه ، أخذ البيعة له في اليمن الأمير محمد بن يعفر بن عبد الرحيم الحوالي ، وتابع له الخطبة ، فلما وصل خبره إلى المعتمد كتب إليه بنيابته على صنعاء ومخاليفها ، فغلب على صنعاء والجند وحضرموت وكان مع ذلك يوالي ابن زياد ويحمل إليه الخراج ، ويظهر أنه نائب عنه لعجزه عن مقاومته ، وكان وصول كتاب المعتمد سنة ٢٥٧ سبع وخمسين ومائتين ، فأقام على عمله إلى سنة ٢٦٢ ، وعزم للحج واستخلف ابنه ابراهيم بن محمد.
وفي أيامه حصل في صنعاء سيل عظيم وهو السيل الثاني في الإسلام وأخرب دورا كثيرة.
قال الجندي (٣) : وفي سنة ٢٦٥ بنى الأمير محمد بن يعفر جامع صنعاء
______
(١) غاية الأماني ص ١٥٤.
(٢) من كبار المؤرخين توفى سنة ٦١٤ وسيأتي ذكره في الكتاب.
(٣) النقل هنا بواسطة الخزرجي في العسجد ص ٣٣.
وفي أيامه حصل في صنعاء سيل عظيم وهو السيل الثاني في الإسلام وأخرب دورا كثيرة.
قال الجندي (٣) : وفي سنة ٢٦٥ بنى الأمير محمد بن يعفر جامع صنعاء
______
(١) غاية الأماني ص ١٥٤.
(٢) من كبار المؤرخين توفى سنة ٦١٤ وسيأتي ذكره في الكتاب.
(٣) النقل هنا بواسطة الخزرجي في العسجد ص ٣٣.
على الحال الذي هو عليه الآن (١) (في القرن السابع) ، ولم يزل ابراهيم بن محمد بن يعفر على ولايته الى سنة ٢٧٠ ، ثم أمره جدّه يعفر بن عبد الرحيم بقتل محمد بن يعفر واحمد بن يعفر فقتلا بعد المغرب ، في صومعة شبام فانتشرت على يعفر بن عبد الرحيم الأمور ، وخالف عليه الفضل بن نفيس المرادي بالجوف وولد طريف غلامه بيحصب ورعين والمكر مال ببيحان ، ومالوا إلى جعفر بن احمد المناخي ، فجهز لمحاربتهم ابراهيم بن محمد بن يعفر ، فكانت الحرب بينهم سجالا واستعمل بن يعفر على الجوفين الدّعام بن ابراهيم ، فتغير له الدعام ، ونصب له الحرب فسار إليه عسكر ابراهيم بن محمد بن يعفر والتقوا بورود فهزمهم الدعام وقتل منهم كثيرا ، وفي كفران الدعام لما أولاه هذا الأمير الحوالي يقول الشاعر :
______
(١) هذا يؤيد ما ذهبنا إليه من ان الحسين بن سلامة لم يكن هو الباني لجامع صنعاء او لم يكن من بناته ، فان عصر الجندي قريب بالنسبة الى عصر ابن سلامة ، وايضا فان الجندي روى تلك العبارة. ومع قوله على الصفة التي هو عليها الآن عن القاضي السّري بن ابراهيم ، وهذا القاضي هو قاضي الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ولّاه القضاء بصنعاء ومن البعيد أن يجهل من عمر جامع صنعاء وهو مؤرّخ أيضا فيقول انه بناه ابن يعفر على الصفة التي هو عليها الآن (أي في ايامه) ويهمل ذكر الحسين بن سلامة ، وأغرب من هذا ما ذكره صاحب أنباء الزمن مؤرخ اليمن في القرن الحادي عشر من ان الجناح الشرقي من جامع صنعاء الكبير عمارة السيدة بنت احمد الصليحية الموجودة أول القرن السادس وقد شاعت رواية صاحب أنباء الزمن لشهرة تاريخه في اليمن ، وأصبحت تلك القضية مسلمة ، وقد انفرد بهذه الرواية ، ورواية الجندي عن القاضي السري تخالف ذلك والجناح الشرقي يعدّ من عجائب الآثار الاسلامية وابدعها ، لكثرة ما على اخشاب سقفه من الحفر والنقش ، والأصباغ الملونة ، وقد رسمت بالحفر بعض سور القرآن الكبار ، على اطراف جدرانه فيما يلي السقف بالخط الكوفي ، وهو يقوى ما ذهبنا إليه من ان عمارته في ايام محمد بن يعفر ، وان كان لا يصح الاستدلال به وقد ذكرنا في خبر اسلام أهل اليمن انه عمر بأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله في بستان باذان ثم توسيعه أيام الوليد بن عبد الملك الأموي على يد عالمه باليمن أيوب بن يحيى الثقفي ، ثم تبويبه على يد عمر بن عبد المجيد نائب عامل السفاح ، وفي أيام ابن يعفر حصل السيل العظيم في صنعاء وخرب الجامع فعمره ابن يعفر كما سبق (ص).
______
(١) هذا يؤيد ما ذهبنا إليه من ان الحسين بن سلامة لم يكن هو الباني لجامع صنعاء او لم يكن من بناته ، فان عصر الجندي قريب بالنسبة الى عصر ابن سلامة ، وايضا فان الجندي روى تلك العبارة. ومع قوله على الصفة التي هو عليها الآن عن القاضي السّري بن ابراهيم ، وهذا القاضي هو قاضي الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ولّاه القضاء بصنعاء ومن البعيد أن يجهل من عمر جامع صنعاء وهو مؤرّخ أيضا فيقول انه بناه ابن يعفر على الصفة التي هو عليها الآن (أي في ايامه) ويهمل ذكر الحسين بن سلامة ، وأغرب من هذا ما ذكره صاحب أنباء الزمن مؤرخ اليمن في القرن الحادي عشر من ان الجناح الشرقي من جامع صنعاء الكبير عمارة السيدة بنت احمد الصليحية الموجودة أول القرن السادس وقد شاعت رواية صاحب أنباء الزمن لشهرة تاريخه في اليمن ، وأصبحت تلك القضية مسلمة ، وقد انفرد بهذه الرواية ، ورواية الجندي عن القاضي السري تخالف ذلك والجناح الشرقي يعدّ من عجائب الآثار الاسلامية وابدعها ، لكثرة ما على اخشاب سقفه من الحفر والنقش ، والأصباغ الملونة ، وقد رسمت بالحفر بعض سور القرآن الكبار ، على اطراف جدرانه فيما يلي السقف بالخط الكوفي ، وهو يقوى ما ذهبنا إليه من ان عمارته في ايام محمد بن يعفر ، وان كان لا يصح الاستدلال به وقد ذكرنا في خبر اسلام أهل اليمن انه عمر بأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله في بستان باذان ثم توسيعه أيام الوليد بن عبد الملك الأموي على يد عالمه باليمن أيوب بن يحيى الثقفي ، ثم تبويبه على يد عمر بن عبد المجيد نائب عامل السفاح ، وفي أيام ابن يعفر حصل السيل العظيم في صنعاء وخرب الجامع فعمره ابن يعفر كما سبق (ص).
ام جدّ أبناء يعفر
رفعوه في عظيم المنزله
كان في طوداتان ساكنا
صاحبا للفقر لا حيلة له
فحباه ملك ابنا يعفر
بهباة جمة متصله
ثم ولّاه بوادي غرق
فغدا يعمل فيه عمله
ثم جازاه بأن خالفه
من تجرّى جر وسوء اكله
وقدم (١) عهد يعفر بن ابراهيم بن محمد بن يعفر على صنعاء ومخاليفها من صاعد بن مخلد وزير المعتمد ، فاعتزل ابراهيم بن محمد عن الإمارة وولي ابراهيم بن عبد الرحيم فأقام بصنعاء مدة واستعمل على صنعاء ولاة كثرا ، وكان أكثر مقامه بشبام ، ثم اجتمع أهل صنعاء من الأبناء وغيرهم والشهابيين على عمال ابي يعفر فقاتلوهم واخرجوهم من صنعاء ونهبوا دار أبي يعفر واحرقوها ، ولم يلبث ابو يعفر ان قتل بشبام آخر المحرم سنة ٢٧٧ ، فقام بالأمر بعده ابن عمه عبد القاهر بن احمد بن يعفر اياما حتى قدم من العراق احمد بن الحسين جفتم عاملا على صنعاء ، وكان قدومه في صفر سنة ٢٧٩ ، فقاتله الدّعام في صنعاء فهزمه جفتم ، ودخل عليه صنعاء وطرده عنها ، ودامت صنعاء في يد جفتم الى ان توفى المعتمد في رجب سنة ٢٧٩ ، فقام بالخلافة المعتضد بن الموفق طلحة فأقر جفتم على ولايته بصنعاء فلم يزل بها إلى سنة ٢٨٢ ، وكان حازما شديد الحذر ولما عاد إلى العراق في السنة المذكورة ، وثب الدّعام على صنعاء ثم هرب منها ، ورجع الأمر الى بني يعفر ، ولم يزل إبراهيم بن يعفر على صنعاء ومخاليفها ، وهو يهادن ابن زياد ولم تطل مدّته ، وقام بعده إبنه أسعد بن ابي يعفر بن ابراهيم بن محمد يعفر بن عبد الرحيم ، وفي أيامه ظهرت القرامطة فخرج قوم من اليمن إلى
______
(١) اعتمدنا في هذه الأنباء على رواية الخزرجي وفيها من الإضطراب مالا يخفى وقد راجعنا أنباء الزمن وقرة العيون وبغية المستفيد وغيرها فوجدنا من الاختلاف ما تعذر معه الوفاق والملائمة (ص).
رفعوه في عظيم المنزله
كان في طوداتان ساكنا
صاحبا للفقر لا حيلة له
فحباه ملك ابنا يعفر
بهباة جمة متصله
ثم ولّاه بوادي غرق
فغدا يعمل فيه عمله
ثم جازاه بأن خالفه
من تجرّى جر وسوء اكله
وقدم (١) عهد يعفر بن ابراهيم بن محمد بن يعفر على صنعاء ومخاليفها من صاعد بن مخلد وزير المعتمد ، فاعتزل ابراهيم بن محمد عن الإمارة وولي ابراهيم بن عبد الرحيم فأقام بصنعاء مدة واستعمل على صنعاء ولاة كثرا ، وكان أكثر مقامه بشبام ، ثم اجتمع أهل صنعاء من الأبناء وغيرهم والشهابيين على عمال ابي يعفر فقاتلوهم واخرجوهم من صنعاء ونهبوا دار أبي يعفر واحرقوها ، ولم يلبث ابو يعفر ان قتل بشبام آخر المحرم سنة ٢٧٧ ، فقام بالأمر بعده ابن عمه عبد القاهر بن احمد بن يعفر اياما حتى قدم من العراق احمد بن الحسين جفتم عاملا على صنعاء ، وكان قدومه في صفر سنة ٢٧٩ ، فقاتله الدّعام في صنعاء فهزمه جفتم ، ودخل عليه صنعاء وطرده عنها ، ودامت صنعاء في يد جفتم الى ان توفى المعتمد في رجب سنة ٢٧٩ ، فقام بالخلافة المعتضد بن الموفق طلحة فأقر جفتم على ولايته بصنعاء فلم يزل بها إلى سنة ٢٨٢ ، وكان حازما شديد الحذر ولما عاد إلى العراق في السنة المذكورة ، وثب الدّعام على صنعاء ثم هرب منها ، ورجع الأمر الى بني يعفر ، ولم يزل إبراهيم بن يعفر على صنعاء ومخاليفها ، وهو يهادن ابن زياد ولم تطل مدّته ، وقام بعده إبنه أسعد بن ابي يعفر بن ابراهيم بن محمد يعفر بن عبد الرحيم ، وفي أيامه ظهرت القرامطة فخرج قوم من اليمن إلى
______
(١) اعتمدنا في هذه الأنباء على رواية الخزرجي وفيها من الإضطراب مالا يخفى وقد راجعنا أنباء الزمن وقرة العيون وبغية المستفيد وغيرها فوجدنا من الاختلاف ما تعذر معه الوفاق والملائمة (ص).
جبل الرّس بالمدينة فقدم مولانا الإمام الهادي إلى الحق عليه السلام (١).
ظهور الدولة العلوية الإمام الهادي نسبه ومناقبه
آثاره العلمية فتوحه وحروبه
مؤسس الدولة العلوية الامام المجتهد المطلق الهادي الى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام قال فيه الفقيه حميد الشهيد (٢) رحمه الله في كتابه الحدائق الوردية (٣) بعد ان ذكر صفاته ونعوته (فضله عليه السلام لا يخفى ونور مجده لا يطفى ، وظهور حاله يغني عن ذكر محاسن خلاله ، إلّا انا نذكر من أحواله طرفا ، رعاية لحقه الواجب ، وهو الذي فقأ عين الضّلال ، وأجرى معين العلم السّلسال ، وضارب عن الدين كافة الجاحدين ، حتى عرف الله من أنكره ، ومناقبه أكبر من أن تنظم في سلك المدائح ، وقد روينا عن بعض علمائنا رحمهم الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال يخرج من هذا النّهج وأشار بيده إلى اليمن رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، يحيي الله به الحق ويميت به الباطل : فكان عليه السلام هو الذي نشر الاسلام في أرض اليمن بعد أن كانت ظلمات الكفر فيه متراكمة ، وموجات الالحاد متلاطمة ، حتى انهل من نحورهم الأسل الناهلة ، وأنقع من هامهم السيوف الضامية فانتعش الحق بعد عثاره ، وعلا بحميد سعيه مناره فسلام الله على شخصه الكريم)
______
(١) الخزرجي وفي ابناء الزمن ان المقتول بشبام والذي نهل أهل صنعاء داره هو ابراهيم بن محمد.
(٢) هو العلامة شيخ الاسلام حسام الدين حميد بن احمد بن محمد بن محمد المحلي الهمداني الوادعي ولد سنة ٨٢ ، وتوفى شهيدا قتيلا سة ٦٥٢.
(٣) الحدائق الوردية ج ٢ ص ١٣ ط المؤيد.
ظهور الدولة العلوية الإمام الهادي نسبه ومناقبه
آثاره العلمية فتوحه وحروبه
مؤسس الدولة العلوية الامام المجتهد المطلق الهادي الى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن ابي طالب عليهم السلام قال فيه الفقيه حميد الشهيد (٢) رحمه الله في كتابه الحدائق الوردية (٣) بعد ان ذكر صفاته ونعوته (فضله عليه السلام لا يخفى ونور مجده لا يطفى ، وظهور حاله يغني عن ذكر محاسن خلاله ، إلّا انا نذكر من أحواله طرفا ، رعاية لحقه الواجب ، وهو الذي فقأ عين الضّلال ، وأجرى معين العلم السّلسال ، وضارب عن الدين كافة الجاحدين ، حتى عرف الله من أنكره ، ومناقبه أكبر من أن تنظم في سلك المدائح ، وقد روينا عن بعض علمائنا رحمهم الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه قال يخرج من هذا النّهج وأشار بيده إلى اليمن رجل من ولدي اسمه يحيى الهادي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، يحيي الله به الحق ويميت به الباطل : فكان عليه السلام هو الذي نشر الاسلام في أرض اليمن بعد أن كانت ظلمات الكفر فيه متراكمة ، وموجات الالحاد متلاطمة ، حتى انهل من نحورهم الأسل الناهلة ، وأنقع من هامهم السيوف الضامية فانتعش الحق بعد عثاره ، وعلا بحميد سعيه مناره فسلام الله على شخصه الكريم)
______
(١) الخزرجي وفي ابناء الزمن ان المقتول بشبام والذي نهل أهل صنعاء داره هو ابراهيم بن محمد.
(٢) هو العلامة شيخ الاسلام حسام الدين حميد بن احمد بن محمد بن محمد المحلي الهمداني الوادعي ولد سنة ٨٢ ، وتوفى شهيدا قتيلا سة ٦٥٢.
(٣) الحدائق الوردية ج ٢ ص ١٣ ط المؤيد.
وقال فيه السيد صارم الدين الوزير (١) فى بسامته (٢)
وفى إمام الهدى الهادي المتوج
بالعليا اكرم داع من بني مضر
من خص بالجفر من أبناء فاطمة
وذي الفقار ومن اروى ظما الفقر
وصاحب المذهب المذكور في اليمن
المشهور من غير لا إفك ولا نكر
ومنها في ذكر وقائعه عليه السلام :
وفي ابن فضل ومن لبى لدعوته
وفي مسودة تدعو إلى سقر
قضت بتسع مع التسعين معركة
غر كبدر وأوطاس وكالنهر
قضى بها نحبه صيد غطارفه
مضوا وأشياع صدق من بني الطبر
سائل شباما وصنعاء وصعدة
مع نجران منه وسفح القاع من عصر
وسل بني يعفر عنه وكندتهم
وغلب همدان والأخلاف من مضر
تخبرك عن ضربات منه قاطعة
قدت دروعا وأودت كل ذي صعر
ذو الفقار سيف امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خرج بعد الإمام الهادي إلى اليمن وتقدم الكلام على ذي الفقار عند كلامنا على صمصامة عمرو بن معدي كرب الزّبيدي والجفر جلد ثور صغير مكتوب فيه علم ما سيقع لأهل البيت عليهم السلام مروى عن جعفر الصادق قال أبو العلاء المعري :
لقد عجبوا لأهل البيت لما
أتاهم علمهم في سك جفر
ومرآة المنجم وهي صغرى
أرته كل غامرة وقفر
كان خروج الإمام الهادي عليه السلام إلى اليمن المرة الأولى سنة
______
(١) هو العلامة ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن علي الوزير ولد سنة ٨٣٤ وتوفى سنة ٩١٤ وقصيدته البسامة تسمى الجواهر المضيئة في سيرة الأئمة الأخبار المرضية جعلها على وزن قصيدة ابن عبدون الفهري في رثاء بني الأفطس وأول بسامة ابن الوزير :
الدهر ذو عبر عظمى وذو عبر
وصرفه شامل للبدو والحضر
(٢) البسامة قصيدة للسيد صارم الدين ذكر فيها ائمة أهل البيت عليهم السلام (ص)
75
وفى إمام الهدى الهادي المتوج
بالعليا اكرم داع من بني مضر
من خص بالجفر من أبناء فاطمة
وذي الفقار ومن اروى ظما الفقر
وصاحب المذهب المذكور في اليمن
المشهور من غير لا إفك ولا نكر
ومنها في ذكر وقائعه عليه السلام :
وفي ابن فضل ومن لبى لدعوته
وفي مسودة تدعو إلى سقر
قضت بتسع مع التسعين معركة
غر كبدر وأوطاس وكالنهر
قضى بها نحبه صيد غطارفه
مضوا وأشياع صدق من بني الطبر
سائل شباما وصنعاء وصعدة
مع نجران منه وسفح القاع من عصر
وسل بني يعفر عنه وكندتهم
وغلب همدان والأخلاف من مضر
تخبرك عن ضربات منه قاطعة
قدت دروعا وأودت كل ذي صعر
ذو الفقار سيف امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام خرج بعد الإمام الهادي إلى اليمن وتقدم الكلام على ذي الفقار عند كلامنا على صمصامة عمرو بن معدي كرب الزّبيدي والجفر جلد ثور صغير مكتوب فيه علم ما سيقع لأهل البيت عليهم السلام مروى عن جعفر الصادق قال أبو العلاء المعري :
لقد عجبوا لأهل البيت لما
أتاهم علمهم في سك جفر
ومرآة المنجم وهي صغرى
أرته كل غامرة وقفر
كان خروج الإمام الهادي عليه السلام إلى اليمن المرة الأولى سنة
______
(١) هو العلامة ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن علي الوزير ولد سنة ٨٣٤ وتوفى سنة ٩١٤ وقصيدته البسامة تسمى الجواهر المضيئة في سيرة الأئمة الأخبار المرضية جعلها على وزن قصيدة ابن عبدون الفهري في رثاء بني الأفطس وأول بسامة ابن الوزير :
الدهر ذو عبر عظمى وذو عبر
وصرفه شامل للبدو والحضر
(٢) البسامة قصيدة للسيد صارم الدين ذكر فيها ائمة أهل البيت عليهم السلام (ص)
75
#حضرموت
وأهل قرن ماجد يغضبون إذا قيل : (اتقوا الله) ، وسبب ذلك أنّه كان لواحد علب ـ وهو شجرة السّدر ـ في جربة أحدهم ، فعرض عليه فيه أكثر من قيمته .. فامتنع ، فلم يكن إلّا أن سرى بأهل قريته فاجتثّوه من أصله واحتملوه ، ولم يتركوا له أثرا ـ لا ورقة ولا غيرها ـ ثمّ أثاروا الأرض من ليلتهم ، ولمّا جاء صاحبه .. تحيّر في أمره واندهش في نفسه واختلج في عقله ، وظنّ أنّ بصره كذبه ، ثمّ صاح : (اتّقوا الله يا أهل قرن ماجد ، أين علبي؟) ، فصاروا يغضبون من ذلك.
وأمّا الوادي الأيسر : فأوّله على يمين الدّاخل إليه :
العرسمة (١)
وهي من كبريات قرى الوادي الأيسر ، كان بها ناس من آل مقيبل (٢) ، منهم : الإمام الفاضل المجذوب عبد الله بن أبي بكر مقيبل (٣) ، المتوفّى سنة (١١٩٥ ه)
ومنها : آل باشميل ، كانوا مشهورين بالعلم والصّلاح ؛ ومنهم : القاضي المشهور أحمد بن محمّد شميل ، له فتاوى مفيدة جامعة ، يقال : إنّها عند الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد.
______
(١) بفتح العين وسكون الراء ، ثم فتحتين ، وهي في الجانب القبلي ، وحولها شعاب ؛ منها ذلّوت ، وشعب الغبرا ، وشعب كحيلا ، وشعب الأوسط.
(٢) آل مقيبل ـ تصغير مقبل ـ وهم : منسوبون للسيد الشريف أحمد مقيبل ابن علوي الأعين ابن عبد الله بن علوي بن محمد مولى الدويلة .. إلى آخر النسب ، وهو من أهل القرن العاشر ، توفي ابنه عمر شريف سنة (٩٩٦ ه) بتريم ، وعلوي سنة (٩٩٩ ه) ، ومن أبنائه أيضا : عبد الله ، توفي كإخوته بتريم ، وزين ، توفي بالشحر ، وله بها عقب.
(٣) ترجم له في «الشجرة العلوية» : كان إماما فاضلا ، وشريفا ناسكا ، مجذوبا وليا تقيا صالحا صوفيا ، له هيبة عظيمة ، وكرامات جسيمة ، توفي بالعرسمة من وادي دوعن الأيسر ، يوم الجمعة (٢) رجب سنة (١١٩٥ ه) ، ذكره في «فيض الأسرار» اه
وقد أفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل بكتاب سماه : «النفحات السرية البهلوانية والنفثات البلهية البليانية في ترجمة السلالة الهاشمية والبضعة النبوية» تقع في (١٢٨) صفحة (مخطوطة) ، صنفها سنة (١٢٢٢ ه).
وأهل قرن ماجد يغضبون إذا قيل : (اتقوا الله) ، وسبب ذلك أنّه كان لواحد علب ـ وهو شجرة السّدر ـ في جربة أحدهم ، فعرض عليه فيه أكثر من قيمته .. فامتنع ، فلم يكن إلّا أن سرى بأهل قريته فاجتثّوه من أصله واحتملوه ، ولم يتركوا له أثرا ـ لا ورقة ولا غيرها ـ ثمّ أثاروا الأرض من ليلتهم ، ولمّا جاء صاحبه .. تحيّر في أمره واندهش في نفسه واختلج في عقله ، وظنّ أنّ بصره كذبه ، ثمّ صاح : (اتّقوا الله يا أهل قرن ماجد ، أين علبي؟) ، فصاروا يغضبون من ذلك.
وأمّا الوادي الأيسر : فأوّله على يمين الدّاخل إليه :
العرسمة (١)
وهي من كبريات قرى الوادي الأيسر ، كان بها ناس من آل مقيبل (٢) ، منهم : الإمام الفاضل المجذوب عبد الله بن أبي بكر مقيبل (٣) ، المتوفّى سنة (١١٩٥ ه)
ومنها : آل باشميل ، كانوا مشهورين بالعلم والصّلاح ؛ ومنهم : القاضي المشهور أحمد بن محمّد شميل ، له فتاوى مفيدة جامعة ، يقال : إنّها عند الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد.
______
(١) بفتح العين وسكون الراء ، ثم فتحتين ، وهي في الجانب القبلي ، وحولها شعاب ؛ منها ذلّوت ، وشعب الغبرا ، وشعب كحيلا ، وشعب الأوسط.
(٢) آل مقيبل ـ تصغير مقبل ـ وهم : منسوبون للسيد الشريف أحمد مقيبل ابن علوي الأعين ابن عبد الله بن علوي بن محمد مولى الدويلة .. إلى آخر النسب ، وهو من أهل القرن العاشر ، توفي ابنه عمر شريف سنة (٩٩٦ ه) بتريم ، وعلوي سنة (٩٩٩ ه) ، ومن أبنائه أيضا : عبد الله ، توفي كإخوته بتريم ، وزين ، توفي بالشحر ، وله بها عقب.
(٣) ترجم له في «الشجرة العلوية» : كان إماما فاضلا ، وشريفا ناسكا ، مجذوبا وليا تقيا صالحا صوفيا ، له هيبة عظيمة ، وكرامات جسيمة ، توفي بالعرسمة من وادي دوعن الأيسر ، يوم الجمعة (٢) رجب سنة (١١٩٥ ه) ، ذكره في «فيض الأسرار» اه
وقد أفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل بكتاب سماه : «النفحات السرية البهلوانية والنفثات البلهية البليانية في ترجمة السلالة الهاشمية والبضعة النبوية» تقع في (١٢٨) صفحة (مخطوطة) ، صنفها سنة (١٢٢٢ ه).
ومنهم : ابنه عبد الله بن أحمد بن محمّد شميل ، له رسالة في الحراثة ذات فصول ممتعة ، توفّي سنة (١٣٠١ ه).
ومنهم ـ الآن ـ سعيد بن عبد الله شميل ، طلب العلم بتريم ، وهو الآن معلّم مسجد العرسمة والمدرّس بها.
وفيها : آل باخشب منهم : المكرّم محمد بن بو بكر باخشب (١) ، له تجارة واسعة ، بأفريقيا وأوروبا وأميركا ومصر والحجاز ، وتصرّف في فنون الأعمال ، واتّصال بأعاظم الرّجال ، ووجاهة ظاهرة لدى الملوك فمن دونهم ، وشمم يبسط كفّه في معالي الأمور إلى حسن طريقة ، وصفاء طبيعة ، وسعة صدر ، وكرم نفس ، وصلة أرحام ، وإعانة على نوائب الحقّ. إلّا أنّني أخاف عليه اندفاعه في المروءة مع انتشار اللّؤم ، وتراذل الزّمان ، والنّاس ما ركبوا ظهرا إلّا أدبروه ، ولا جوادا إلّا عقروه ، وأكبر مؤرقيه وأعوانه على جلائل أعماله بلديّه الشّيخ سالم عبود بلّعمش (٢) ، وهو شابّ نشيط له يقظة حاضرة ، وذكاء غالب ، وتبصّر في الآراء ، ونسيم خفيف ، وكفاية تامّة ، تزيّنها بسطة في الجسم ، وشدّة في الأسر ، وحسن في البيان (٣).
______
(١) محمد أبو بكر عبد الله باخشب ، ولد بالعرسمة ، وتوفي بجدة سنة (١٣٨٨ ه) أو (١٣٩٠ ه). يعد من المساهمين الأساسيين في إنشاء جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، إذ إنه في عام (١٣٨٦ ه) قدم تبرعا بمبلغ مليون ريال سعودي ، ويعد هذا المبلغ كبيرا جدا بمقياس ذلك الوقت ، وتقديرا لهذا فقد أطلقت الحكومة السعودية اسمه على أحد الشوارع الكبرى بقرب الجامعة في مدينة جدة.
(٢) توفي الشيخ سالم عبود بالعمش ب (جدة) سنة (١٣٩٦ ه) ، وهو كما ذكر المصنف من أهل الفضل والمعروف ، وفي «الشامل» : أن آل بالعمش كانوا في الأصل ب (هينن).
(٣) لم يذكر المصنف هنا سوى آل باخشب ، وآل بالعمش ، واختصر جدا كما فعل في بقية قرى الوادي الأيسر ، ربما لأنه لم يجد مسعفا بالمعلومات. ومما يذكر في تاريخ العرسمة كما في «الشامل» : أن حلفا قام بها بين خمس بيوت من بيوتاتها ، وهذه البيوت هي : آل باشميل ، وآل باجخيف ، وآل بالعمش ، وآل باحسن ، وآل بازعزوع. هؤلاء هم الأحلاف.
وتقدم ذكر آل بالعمش وباخشب ، وأما آل باجخيف فكانوا أهل زراعة وحرث ، ولهم عناية بزاوية شهيرة عندهم ، تسمى : زاوية الغزالي ، وقد قام بعمارتها منهم الفاضل الشيخ علي بن أحمد بن عبد الله باجخيف في سنة (١٣١٣ ه) ، ولا زالت معمورة إلى اليوم
ومنهم ـ الآن ـ سعيد بن عبد الله شميل ، طلب العلم بتريم ، وهو الآن معلّم مسجد العرسمة والمدرّس بها.
وفيها : آل باخشب منهم : المكرّم محمد بن بو بكر باخشب (١) ، له تجارة واسعة ، بأفريقيا وأوروبا وأميركا ومصر والحجاز ، وتصرّف في فنون الأعمال ، واتّصال بأعاظم الرّجال ، ووجاهة ظاهرة لدى الملوك فمن دونهم ، وشمم يبسط كفّه في معالي الأمور إلى حسن طريقة ، وصفاء طبيعة ، وسعة صدر ، وكرم نفس ، وصلة أرحام ، وإعانة على نوائب الحقّ. إلّا أنّني أخاف عليه اندفاعه في المروءة مع انتشار اللّؤم ، وتراذل الزّمان ، والنّاس ما ركبوا ظهرا إلّا أدبروه ، ولا جوادا إلّا عقروه ، وأكبر مؤرقيه وأعوانه على جلائل أعماله بلديّه الشّيخ سالم عبود بلّعمش (٢) ، وهو شابّ نشيط له يقظة حاضرة ، وذكاء غالب ، وتبصّر في الآراء ، ونسيم خفيف ، وكفاية تامّة ، تزيّنها بسطة في الجسم ، وشدّة في الأسر ، وحسن في البيان (٣).
______
(١) محمد أبو بكر عبد الله باخشب ، ولد بالعرسمة ، وتوفي بجدة سنة (١٣٨٨ ه) أو (١٣٩٠ ه). يعد من المساهمين الأساسيين في إنشاء جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، إذ إنه في عام (١٣٨٦ ه) قدم تبرعا بمبلغ مليون ريال سعودي ، ويعد هذا المبلغ كبيرا جدا بمقياس ذلك الوقت ، وتقديرا لهذا فقد أطلقت الحكومة السعودية اسمه على أحد الشوارع الكبرى بقرب الجامعة في مدينة جدة.
(٢) توفي الشيخ سالم عبود بالعمش ب (جدة) سنة (١٣٩٦ ه) ، وهو كما ذكر المصنف من أهل الفضل والمعروف ، وفي «الشامل» : أن آل بالعمش كانوا في الأصل ب (هينن).
(٣) لم يذكر المصنف هنا سوى آل باخشب ، وآل بالعمش ، واختصر جدا كما فعل في بقية قرى الوادي الأيسر ، ربما لأنه لم يجد مسعفا بالمعلومات. ومما يذكر في تاريخ العرسمة كما في «الشامل» : أن حلفا قام بها بين خمس بيوت من بيوتاتها ، وهذه البيوت هي : آل باشميل ، وآل باجخيف ، وآل بالعمش ، وآل باحسن ، وآل بازعزوع. هؤلاء هم الأحلاف.
وتقدم ذكر آل بالعمش وباخشب ، وأما آل باجخيف فكانوا أهل زراعة وحرث ، ولهم عناية بزاوية شهيرة عندهم ، تسمى : زاوية الغزالي ، وقد قام بعمارتها منهم الفاضل الشيخ علي بن أحمد بن عبد الله باجخيف في سنة (١٣١٣ ه) ، ولا زالت معمورة إلى اليوم
وأما آل باشميل : فهم من الأسر الشهيرة ، العلمية ، والمآثر الدينية ، وظهر فيهم رجال كانوا مفخرة ل (دوعن) ول (حضرموت) ؛ كالشيخ العلامة الفقيه : أحمد بن محمد باشميل الآتية ترجمته.
وفي «الشامل» : أن آل باشميل قدموا من العبر ، وهم من قبيلة معضّة ـ بالضاد أو الظاء مشددة ـ من قبائل الأزد القحطانية ، والشيخ أحمد باشميل ـ القديم ـ كان ينسب نفسه إلى معضّة حينا ، وإلى الأزد حينا آخر كما صنع في بعض مصنفاته ، ولنذكر أعلامهم :
الشيخ أحمد بن محمد بن علي باشميل ، من أهل القرن الثالث عشر الهجري ، لم يؤرخ أحد لمولده ولا لوفاته ، ولكنه أدرك السيد عبد الله مقيبل صغيرا.
أخذ عن عدد من علماء دوعن وسيئون وتريم ومكة المكرمة ؛ منهم الحبيب عمر البار مولى جلاجل ، والحبيب عمر بن سقاف ، والحبيب عمر بن زين بن سميط شيخ شيوخه ، والحبيب جعفر بن محمد العطاس صاحب (صبيخ).
وله ولدان : محمد وعبد الله. وكلاهما عالم فقيه ، وأشهرهما عبد الله ، الذي طلب العلم ب (مكة المكرمة) بعد أن قرأ وتفقه على والده ، وتولى القضاء في الأيسر مدة ، وله أخبار وحكايات تروى ، وكان يرافقه في طلب العلم ب (مكة) الجمعدار العولقي ، والشيخ القحوم المتقدم ذكره قريبا في قرن ماجد ، كما في «الشامل» ، توفي سنة (١٣٠١ ه) ، ومن الآخذين عنه : الحبيب طاهر بن عمر الحداد.
ومن آل باشميل : الشيخ محمد باعلي الفقيه باشميل ، المتوفى (١٣٨٦ ه) ، والشيخ سعيد بن عبد الله بن سعيد الفقيه باشميل ، المتوفى سنة (١٣٩٠ ه) تقريبا ، وكلاهما كان من أهل العلم ، درسا على يد السيدين العالمين عبد الله وعلوي ابني طاهر الحداد ، وتغربا في جاوة.
هذا وفي العرسمة مساجد ؛ منها : مسجد الذماري ، ينسب للشيخ العلامة عبد الله بن محمد الطيار ابن عثمان بن عمر مولى خضمّ ابن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي ، المتقدم ذكره ووفاته في صيف ، وسمي بالذماري لموته ب (ذمار) ، مدينة مشهورة ب (اليمن).
وفي العصر الحاضر بني مسجد جامع بها هو مسجد خالد بن الوليد بناه الشيخ حنتوش رحمه الله تعالى.
تتميم :
ويأتي في الشق الشرقي تجاه العرسمة :
عقبة حليّه ـ بكسر اللام وتشديد الياء ـ ومنها تتفرع الطرق إلى المكلا ووادي العين.
وبعد العرسمه حصون متفرقة ، منها حصن الريضة للبابلغيث (حالكي) ، وهو تجاه قارة الدخان ، ولهم حصن فوق ساقية الطفله أسفل القارة المذكورة.
قارة الدخان : في الجانب الشرقي ، وهي قارة منفصلة عن الجبل الشرقي ، بجانب عقبة حلية
وفي «الشامل» : أن آل باشميل قدموا من العبر ، وهم من قبيلة معضّة ـ بالضاد أو الظاء مشددة ـ من قبائل الأزد القحطانية ، والشيخ أحمد باشميل ـ القديم ـ كان ينسب نفسه إلى معضّة حينا ، وإلى الأزد حينا آخر كما صنع في بعض مصنفاته ، ولنذكر أعلامهم :
الشيخ أحمد بن محمد بن علي باشميل ، من أهل القرن الثالث عشر الهجري ، لم يؤرخ أحد لمولده ولا لوفاته ، ولكنه أدرك السيد عبد الله مقيبل صغيرا.
أخذ عن عدد من علماء دوعن وسيئون وتريم ومكة المكرمة ؛ منهم الحبيب عمر البار مولى جلاجل ، والحبيب عمر بن سقاف ، والحبيب عمر بن زين بن سميط شيخ شيوخه ، والحبيب جعفر بن محمد العطاس صاحب (صبيخ).
وله ولدان : محمد وعبد الله. وكلاهما عالم فقيه ، وأشهرهما عبد الله ، الذي طلب العلم ب (مكة المكرمة) بعد أن قرأ وتفقه على والده ، وتولى القضاء في الأيسر مدة ، وله أخبار وحكايات تروى ، وكان يرافقه في طلب العلم ب (مكة) الجمعدار العولقي ، والشيخ القحوم المتقدم ذكره قريبا في قرن ماجد ، كما في «الشامل» ، توفي سنة (١٣٠١ ه) ، ومن الآخذين عنه : الحبيب طاهر بن عمر الحداد.
ومن آل باشميل : الشيخ محمد باعلي الفقيه باشميل ، المتوفى (١٣٨٦ ه) ، والشيخ سعيد بن عبد الله بن سعيد الفقيه باشميل ، المتوفى سنة (١٣٩٠ ه) تقريبا ، وكلاهما كان من أهل العلم ، درسا على يد السيدين العالمين عبد الله وعلوي ابني طاهر الحداد ، وتغربا في جاوة.
هذا وفي العرسمة مساجد ؛ منها : مسجد الذماري ، ينسب للشيخ العلامة عبد الله بن محمد الطيار ابن عثمان بن عمر مولى خضمّ ابن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي ، المتقدم ذكره ووفاته في صيف ، وسمي بالذماري لموته ب (ذمار) ، مدينة مشهورة ب (اليمن).
وفي العصر الحاضر بني مسجد جامع بها هو مسجد خالد بن الوليد بناه الشيخ حنتوش رحمه الله تعالى.
تتميم :
ويأتي في الشق الشرقي تجاه العرسمة :
عقبة حليّه ـ بكسر اللام وتشديد الياء ـ ومنها تتفرع الطرق إلى المكلا ووادي العين.
وبعد العرسمه حصون متفرقة ، منها حصن الريضة للبابلغيث (حالكي) ، وهو تجاه قارة الدخان ، ولهم حصن فوق ساقية الطفله أسفل القارة المذكورة.
قارة الدخان : في الجانب الشرقي ، وهي قارة منفصلة عن الجبل الشرقي ، بجانب عقبة حلية
جحي الخنابشة
وهو قرية للخنابشة الآتي ذرو من أخبارهم في آخر قيدون ؛ منهم الآن : الشّيخ عبد الله بن سعيد بن سالم الخنبشيّ ، مضياف ، وله مروءة.
وفيها ناس من السّادة آل مقيبل ، منهم : السّيّد الغريب الحال ، الطّاهر البال : عبد الله بن أبي بكر الملقّب بالنوّام ، لكثرة نومه ، حتّى أنّه لينام على حماره ويسقط ولا يشعر.
وله أحوال شريفة ؛ منها : أنّه تذوكر إشراق النّور عند تلاوة القرآن والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .. فقال : هل ينكر ذلك أحد؟! فقال الحاضرون : هل تقدر أن ترينا ذلك؟ قال : نعم ، فتوضّأ وصلّى ركعتين ، ثمّ أمرهم بإطفاء السّرج ـ وكان الوقت ليلا مظلما ـ وشرع يقرأ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فأشرق المنزل بمثل ضياء الشّمس ، فبهت الحاضرون ، ولمّا انتهى الخبر إلى العلّامة السّيّد عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار .. قال لآل مقيبل : لا تلوموا صاحبكم على شرب الدّخان ؛ وإلّا .. أوشك أن يطير عنكم.
وله مراء صادقة ؛ منها : أنّه انتبه مرّة منزعجا يقول : قتلوه ، قتلوه .. فجاء الخبر بمقتل سليم بن عيبان بالقوينص السّابق ذكر خبره في الكسر في تلك السّاعة.
ومن آل مقيبل بالجحي الآن : السّيّد حسين بن علويّ مقيبل.
ومنها : الشّيخ سعيد باحفظ الله السّابق ذكره في الرّشيد ، وكان يحبّ الخير ، وهو الّذي بنى جامع الجحي ، وله في القراءات إتقان بديع ، ومعرفة جيّدة ، وهو صاحب
______
شمالا ، وفي جوانبها وأعلاها أساسات ديار تدل على أنها كانت بلدا كبيرة ، وفي أسفلها ، جواب عديدة لخزن الماء.
وفي الجانب القبلي بسفح الجبل : كوكه ، وتقدم الكلام عنها.
وبعدها بقليل يلتقي مجرى الوادي الأيسر ومجرى وادي دوعن الأيمن.
ثم مخرج وادي فيل بالجانب الشرقي.
وهو قرية للخنابشة الآتي ذرو من أخبارهم في آخر قيدون ؛ منهم الآن : الشّيخ عبد الله بن سعيد بن سالم الخنبشيّ ، مضياف ، وله مروءة.
وفيها ناس من السّادة آل مقيبل ، منهم : السّيّد الغريب الحال ، الطّاهر البال : عبد الله بن أبي بكر الملقّب بالنوّام ، لكثرة نومه ، حتّى أنّه لينام على حماره ويسقط ولا يشعر.
وله أحوال شريفة ؛ منها : أنّه تذوكر إشراق النّور عند تلاوة القرآن والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .. فقال : هل ينكر ذلك أحد؟! فقال الحاضرون : هل تقدر أن ترينا ذلك؟ قال : نعم ، فتوضّأ وصلّى ركعتين ، ثمّ أمرهم بإطفاء السّرج ـ وكان الوقت ليلا مظلما ـ وشرع يقرأ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فأشرق المنزل بمثل ضياء الشّمس ، فبهت الحاضرون ، ولمّا انتهى الخبر إلى العلّامة السّيّد عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار .. قال لآل مقيبل : لا تلوموا صاحبكم على شرب الدّخان ؛ وإلّا .. أوشك أن يطير عنكم.
وله مراء صادقة ؛ منها : أنّه انتبه مرّة منزعجا يقول : قتلوه ، قتلوه .. فجاء الخبر بمقتل سليم بن عيبان بالقوينص السّابق ذكر خبره في الكسر في تلك السّاعة.
ومن آل مقيبل بالجحي الآن : السّيّد حسين بن علويّ مقيبل.
ومنها : الشّيخ سعيد باحفظ الله السّابق ذكره في الرّشيد ، وكان يحبّ الخير ، وهو الّذي بنى جامع الجحي ، وله في القراءات إتقان بديع ، ومعرفة جيّدة ، وهو صاحب
______
شمالا ، وفي جوانبها وأعلاها أساسات ديار تدل على أنها كانت بلدا كبيرة ، وفي أسفلها ، جواب عديدة لخزن الماء.
وفي الجانب القبلي بسفح الجبل : كوكه ، وتقدم الكلام عنها.
وبعدها بقليل يلتقي مجرى الوادي الأيسر ومجرى وادي دوعن الأيمن.
ثم مخرج وادي فيل بالجانب الشرقي.
التّاريخ الّذي أخذه باصرّة ولم يردّه ، توفّي بعد الثّلاث مئة وألف.
ومنها : صاحبنا الفاضل ، الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد ، طلب العلم بمكّة ، وولي قضاء دوعن والمكلّا عدّة مرّات ، ودرّس مدّة طويلة بمسيلة آل شيخ ، وكان في سنة (١٣٢٥ ه) بحوطة آل أحمد بن زين الحبشيّ يدرّس بها ، وله باع في الفقه ، وبضاعته مزجاة في النّحو ، ومع ذلك فقد درّس فيه بالحوطة ، وكان ليّن العريكة ، سهل الجانب ، عذب الرّوح ، دمث الأخلاق ، واسع الصّدر ، توفّي بالجحي سنة (١٣٥٩ ه) ، وله ولد اسمه محمّد ، تولّى القضاء بالمكلّا ، وكان طلب العلم بمصر ، ثمّ فصل عن قضاء المكلّا وجعل من أعضاء الاستئناف بها.
وآل باجنيد منتشرون في رحاب وهدون والجحي والمكلّا وعدن والحجاز ، ومثراهم بالخريبة ، حتّى لقد روي عن الحبيب حامد بن أحمد المحضار أنّه قال : دخلت الخريبة .. فإذا عالمها : باجنيد ، وقاضيها : باجنيد ، وتاجرها : باجنيد ، ودلّالها : باجنيد ، وقصّابها : باجنيد ، ونجّارها : باجنيد ، وسائر أعمالها بأيدي آل باجنيد.
وكانت الخريبة أولى بأخبارهم ، ولكنّها تدحرجت علينا إلى هنا ، ومنهم اليوم بعدن الشّابّ الغيور عبد الله بن سعيد بن بو بكر بن عبد الباسط ، له دين متين ، واهتمام بأمر المسلمين ، وأخوه المكرّم محمّد ، وابن عمّهم الشّيخ عبد القادر ، والشّيخ جنيد بن محمّد ، وكلّهم طيّبون مشكورون.
ومنهم : العلّامة الجليل الشّيخ عمر بن أبي بكر باجنيد ، الغني باسمه عن كلّ تعريف وهو أحد أكابر علماء مكّة المشرّفة ، بل إليه انتهت رئاسة الشّافعيّة بها بعد شيخه العلّامة الشّيخ محمّد سعيد بابصيل ـ وقد أخذنا عن الاثنين ـ توفّي الشّيخ عمر بمكّة المكرّمة سنة (١٣٥٤ ه) ، وقد سبق في الخريبة عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ما يصرّح برجوع نسبهم إلى مضر.
ومن النّوادر : أنّ الشّيخ سعيد بن بو بكر باجنيد عمل للفاضل السّيّد حسين بن حامد المحضار ضيافة بداره في الخريبة سنة (١٣٣٧ ه) ، وما كاد يستقرّ به المجلس
ومنها : صاحبنا الفاضل ، الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد ، طلب العلم بمكّة ، وولي قضاء دوعن والمكلّا عدّة مرّات ، ودرّس مدّة طويلة بمسيلة آل شيخ ، وكان في سنة (١٣٢٥ ه) بحوطة آل أحمد بن زين الحبشيّ يدرّس بها ، وله باع في الفقه ، وبضاعته مزجاة في النّحو ، ومع ذلك فقد درّس فيه بالحوطة ، وكان ليّن العريكة ، سهل الجانب ، عذب الرّوح ، دمث الأخلاق ، واسع الصّدر ، توفّي بالجحي سنة (١٣٥٩ ه) ، وله ولد اسمه محمّد ، تولّى القضاء بالمكلّا ، وكان طلب العلم بمصر ، ثمّ فصل عن قضاء المكلّا وجعل من أعضاء الاستئناف بها.
وآل باجنيد منتشرون في رحاب وهدون والجحي والمكلّا وعدن والحجاز ، ومثراهم بالخريبة ، حتّى لقد روي عن الحبيب حامد بن أحمد المحضار أنّه قال : دخلت الخريبة .. فإذا عالمها : باجنيد ، وقاضيها : باجنيد ، وتاجرها : باجنيد ، ودلّالها : باجنيد ، وقصّابها : باجنيد ، ونجّارها : باجنيد ، وسائر أعمالها بأيدي آل باجنيد.
وكانت الخريبة أولى بأخبارهم ، ولكنّها تدحرجت علينا إلى هنا ، ومنهم اليوم بعدن الشّابّ الغيور عبد الله بن سعيد بن بو بكر بن عبد الباسط ، له دين متين ، واهتمام بأمر المسلمين ، وأخوه المكرّم محمّد ، وابن عمّهم الشّيخ عبد القادر ، والشّيخ جنيد بن محمّد ، وكلّهم طيّبون مشكورون.
ومنهم : العلّامة الجليل الشّيخ عمر بن أبي بكر باجنيد ، الغني باسمه عن كلّ تعريف وهو أحد أكابر علماء مكّة المشرّفة ، بل إليه انتهت رئاسة الشّافعيّة بها بعد شيخه العلّامة الشّيخ محمّد سعيد بابصيل ـ وقد أخذنا عن الاثنين ـ توفّي الشّيخ عمر بمكّة المكرّمة سنة (١٣٥٤ ه) ، وقد سبق في الخريبة عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ما يصرّح برجوع نسبهم إلى مضر.
ومن النّوادر : أنّ الشّيخ سعيد بن بو بكر باجنيد عمل للفاضل السّيّد حسين بن حامد المحضار ضيافة بداره في الخريبة سنة (١٣٣٧ ه) ، وما كاد يستقرّ به المجلس
حتّى قال له : خبّرونا عن نسبكم إلى من يرجع يا آل باجنيد ، إلى الحبوش أو السّواحليّة؟ فلم يزد الشّيخ سعيد على أن قال له : هذا جزاؤنا لمّا زوّجناك وضيّفناك.
هكذا أخبرني الشّيخ عمر بن أحمد باسودان ـ وكان حاضرا ـ ولو أنّ الشّيخ سعيد بن أبي بكر حفظ شعر الحبيب أحمد المحضار السّابق في الخريبة .. لرماه بحجره.
ثمّ يأتي من قرى الوادي الأيسر عرض باقار (١). ثمّ عرض باهيثم (٢). ثمّ الجديدة (٣). ثمّ جريف (٤) ، وهي قرى صغيرة كما يعرف من الإحصاء الآتي.
ومن جريف : السّيّد محمّد بن شيخ وولده علويّ ، فاضلان جليلان.
ثمّ صبيخ (٥) ، وهي قرية واسعة ـ كما يعرف من الكشف ـ وفيها السّيّد الجليل
______
(١) ويسكنه آل باقار ، وهم من بني حسن السابق ذكرهم في المكلا ، وفيه أيضا : عكابرة ، ويقال : إنه كان في هينن قبيلة من آل باقار.
(٢) وفيه : آل باهيثم وآل بلّعجم : نزحوا إليها من هينن.
(٣) وفيها : آل باحاذق ، وآل باسليمان ، وآل بايعشوت ، وآل باغزال ، ومنهم العالم الفقيه ، القاضي الشيخ : عمر باغزال ، من تلامذة السيد العلامة محسن بونمي ، يسكن الشحر الآن.
(٤) بكسر الجيم وفتح الراء ، فيها سادة من آل باصرة ، وفيها آل باهبري ، وآل بابقي ـ ومنهم جماعة في القرين ، وآل بالّحمر ، بتشديد اللام ـ وجماعة من الحالكة والخنابشة ، وجماعة من آل العمودي ، وباسويد. وبها سادة من آل باصرّة ؛ منهم : السيد محمد بن شيخ ، وابنه علوي ، فاضلان. وآل باهبري حالكة من سيبان ، وكانت لهم أحداث وحركات في التاريخ الحضرمي ، وفي «تاريخ شنبل» ذكر لبعض تلك الحركات ؛ منها إغارتهم سنة (٩٣٧ ه) على الشحر.
(٥) تقع صبيخ في الجانب الغربي للوادي الأيسر ، ويتصل بها من الشمال ساقية البلد وشروجها ونخلها ومالها. ولها تاريخ قديم.
ومن جملة سكانها من آل العمودي : آل باطويل ، وآل باصقر ، وآل المخشّب ، ومن أعيان هؤلاء : الشيخ الفقيه أحمد بن محمد العمودي.
ومنهم : الشيخ محمد بن أحمد المخشّب العمودي. ومنهم : الشيخ الفقيه النجيب : سعيد بن أحمد باصقر العمودي.
ومن آل العمودي أيضا بها : آل باعمر ، وآل بو بكر ، وبها من غيرهم : آل بايسر ، وآل باكوّاسه ، وآل مدهش ، وآل باحرزي ، وبابكور ، وباعويدين ، وباكلكا.
ومن آل باكلكا : الشيخ الفقيه القاضي سعيد بن سالم بن سعيد باكلكا ولد بصبيخ سنة
هكذا أخبرني الشّيخ عمر بن أحمد باسودان ـ وكان حاضرا ـ ولو أنّ الشّيخ سعيد بن أبي بكر حفظ شعر الحبيب أحمد المحضار السّابق في الخريبة .. لرماه بحجره.
ثمّ يأتي من قرى الوادي الأيسر عرض باقار (١). ثمّ عرض باهيثم (٢). ثمّ الجديدة (٣). ثمّ جريف (٤) ، وهي قرى صغيرة كما يعرف من الإحصاء الآتي.
ومن جريف : السّيّد محمّد بن شيخ وولده علويّ ، فاضلان جليلان.
ثمّ صبيخ (٥) ، وهي قرية واسعة ـ كما يعرف من الكشف ـ وفيها السّيّد الجليل
______
(١) ويسكنه آل باقار ، وهم من بني حسن السابق ذكرهم في المكلا ، وفيه أيضا : عكابرة ، ويقال : إنه كان في هينن قبيلة من آل باقار.
(٢) وفيه : آل باهيثم وآل بلّعجم : نزحوا إليها من هينن.
(٣) وفيها : آل باحاذق ، وآل باسليمان ، وآل بايعشوت ، وآل باغزال ، ومنهم العالم الفقيه ، القاضي الشيخ : عمر باغزال ، من تلامذة السيد العلامة محسن بونمي ، يسكن الشحر الآن.
(٤) بكسر الجيم وفتح الراء ، فيها سادة من آل باصرة ، وفيها آل باهبري ، وآل بابقي ـ ومنهم جماعة في القرين ، وآل بالّحمر ، بتشديد اللام ـ وجماعة من الحالكة والخنابشة ، وجماعة من آل العمودي ، وباسويد. وبها سادة من آل باصرّة ؛ منهم : السيد محمد بن شيخ ، وابنه علوي ، فاضلان. وآل باهبري حالكة من سيبان ، وكانت لهم أحداث وحركات في التاريخ الحضرمي ، وفي «تاريخ شنبل» ذكر لبعض تلك الحركات ؛ منها إغارتهم سنة (٩٣٧ ه) على الشحر.
(٥) تقع صبيخ في الجانب الغربي للوادي الأيسر ، ويتصل بها من الشمال ساقية البلد وشروجها ونخلها ومالها. ولها تاريخ قديم.
ومن جملة سكانها من آل العمودي : آل باطويل ، وآل باصقر ، وآل المخشّب ، ومن أعيان هؤلاء : الشيخ الفقيه أحمد بن محمد العمودي.
ومنهم : الشيخ محمد بن أحمد المخشّب العمودي. ومنهم : الشيخ الفقيه النجيب : سعيد بن أحمد باصقر العمودي.
ومن آل العمودي أيضا بها : آل باعمر ، وآل بو بكر ، وبها من غيرهم : آل بايسر ، وآل باكوّاسه ، وآل مدهش ، وآل باحرزي ، وبابكور ، وباعويدين ، وباكلكا.
ومن آل باكلكا : الشيخ الفقيه القاضي سعيد بن سالم بن سعيد باكلكا ولد بصبيخ سنة
جعفر بن محمّد العطّاس ، أحد تلاميذ العلّامة السّيّد عليّ بن حسن العطّاس وزوج إحدى بناته (١) ، وقد سبق ذكر ولده محمّد بن جعفر بغيل باوزير.
وكانت صبيخ مهد علم ومغرس معارف حتّى لقد اجتمع فيها أربعون عذراء يحفظن «إرشاد ابن المقري».
وأكثر سكّانها من آل العموديّ ، ومنهم الشّيخ الوقور محمّد بن أحمد المخشّب ، له مساع مشكورة في إصلاح ذات البين ، وقد تزعّم حركة الإصلاح في وادي الأيسر لمّا اشتدّ عليهم الجور من أيّام الوزارة المحضاريّة ، وكان الشّيخ سالم عبود بلّعمش يساعده ، وهو لسانه وقلمه ، وصلا معا إلى سيئون وأقاما بها نحوا من (١٨) يوما للمفاوضة مع المستشار.
وكانت صبيخ تحت سلطة ابن خالد العموديّ ، وكان مضرب المثل في الجور والظّلم حسبما في «الأصل» ، وفي ذلك يقول شاعرهم :
يا نوب زنحي عامد الحيد البرق
عامد في الغرفه وهي محميّه
لا شي عسل منّه ولا هو ذي فرق
يرعى علوب الناس بالغصبيّه
فأجابه بادحدح بقوله :
الدّبر والعثّة يجيبه بالمدى
والطير لخضر بايجيبه بالدوام
لا عذر ما تمسي جبوحه خاليه
البطل ما له تاليه هو والحرام
و (الدبر) : معروف (٢). و (العثّة) و (الطير الأخضر) : آفات النّوب (٣).
______
(١٣٠٨ ه) ، وتوفي بالطائف سنة (١٣٧٥ ه). قدم إلى الحجاز سنة (١٣٢٠ ه) وهو دون البلوغ ، ودرس في الحرم المكي الشريف ، ثم سنة (١٣٥٢ ه) صدر أمر بتعيينه قاضيا بجدة ، ثم تنقل في الوظائف الحكومية حتى استقر في الطائف إلى وفاته. «تاريخ القضاء في العهد السعودي» عبد الله محمد الزهراني (٤ / ٣٠٢) ، «الطائف في عهد الملك عبد العزيز» محمد آل سرور.
(١) توفي الحبيب جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عمر العطاس بصبيخ سنة (١٢٠٧ ه) ، أفرده بالترجمة تلميذه الفقيه أحمد بن محمد باشميل ، وله ترجمة في «تاج الأعراس».
(٢) أي : الزنابير.
(٣) النّوب : النّحل.
373
وكانت صبيخ مهد علم ومغرس معارف حتّى لقد اجتمع فيها أربعون عذراء يحفظن «إرشاد ابن المقري».
وأكثر سكّانها من آل العموديّ ، ومنهم الشّيخ الوقور محمّد بن أحمد المخشّب ، له مساع مشكورة في إصلاح ذات البين ، وقد تزعّم حركة الإصلاح في وادي الأيسر لمّا اشتدّ عليهم الجور من أيّام الوزارة المحضاريّة ، وكان الشّيخ سالم عبود بلّعمش يساعده ، وهو لسانه وقلمه ، وصلا معا إلى سيئون وأقاما بها نحوا من (١٨) يوما للمفاوضة مع المستشار.
وكانت صبيخ تحت سلطة ابن خالد العموديّ ، وكان مضرب المثل في الجور والظّلم حسبما في «الأصل» ، وفي ذلك يقول شاعرهم :
يا نوب زنحي عامد الحيد البرق
عامد في الغرفه وهي محميّه
لا شي عسل منّه ولا هو ذي فرق
يرعى علوب الناس بالغصبيّه
فأجابه بادحدح بقوله :
الدّبر والعثّة يجيبه بالمدى
والطير لخضر بايجيبه بالدوام
لا عذر ما تمسي جبوحه خاليه
البطل ما له تاليه هو والحرام
و (الدبر) : معروف (٢). و (العثّة) و (الطير الأخضر) : آفات النّوب (٣).
______
(١٣٠٨ ه) ، وتوفي بالطائف سنة (١٣٧٥ ه). قدم إلى الحجاز سنة (١٣٢٠ ه) وهو دون البلوغ ، ودرس في الحرم المكي الشريف ، ثم سنة (١٣٥٢ ه) صدر أمر بتعيينه قاضيا بجدة ، ثم تنقل في الوظائف الحكومية حتى استقر في الطائف إلى وفاته. «تاريخ القضاء في العهد السعودي» عبد الله محمد الزهراني (٤ / ٣٠٢) ، «الطائف في عهد الملك عبد العزيز» محمد آل سرور.
(١) توفي الحبيب جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عمر العطاس بصبيخ سنة (١٢٠٧ ه) ، أفرده بالترجمة تلميذه الفقيه أحمد بن محمد باشميل ، وله ترجمة في «تاج الأعراس».
(٢) أي : الزنابير.
(٣) النّوب : النّحل.
373
#تاريخ_الشحر_بافقيه
ربع ولا لزم ولا غيره مما يعتاده القبائل أبدا.
وفي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الثاني : توفي الفقيه العلامة الصالح عثمان بن محمد العمودي رحمهالله بسبيخ (١) من دوعن ودفن بها.
وفي نحو النّصف من ربيع الثاني (٢) : وصل شخص من زبيد رومي كان بعدن ، وسار منها إلى زبيد ورجع منها بمراسيم إلى عدن أن الباشة ولّاه نظر الأوقاف بعدن ولحج ، وأن يقبضها ويصرفها في مصارفها مع كلام يعرف باطنه من ظاهره فاستولى عليها.
وفيها بشهر رمضان : وصل الخبر أن آل عامر (٣) والشيخ عثمان (٤) وآل المسفله اختلفوا.
وفيها آخر رمضان : وصل الخبر أن السّلطان هجم قيدون ونهبها نهبا ذريعا وفعل فيها عسكره أفعالا قبيحة ، وخرج النساء والصبيان إلى المساجد ، فدخل منهم أعني النساء والصّبيان جماعات إلى جامع قيدون وقت الفجر وامامه القاضي الفقيه الصّالح الزاهد العابد عبد الله بن عم بابشير ، والشيخ عثمان في بضه وعنده جماعة من آل عامر ، ثم أن سيبان باهبري وأصحابه دخلوا قيدون في اللّيل وأخرجوا عبد الله بن الشيخ وأخاه محمد وأخرجوهم من الحصن ومكنوه وأشحنوه طعاما وماء ، والقاضي بابشير يريد يصلي الفجر فلما دخلوا من الباب صاح (٥) في وجهه وولوا فانزعج وشهق ومات فجأة رحمهالله تعالى ، في مقامه ذلك ، ثم أن السلطان وصل وأخرب كريفها (٦) وذكروا أنه يريد يخربها كلها وينقل أهلها
______
(١) سبيخ : يرد اسمها في بعض المصادر بصبيخ بالصاد المهملة (أنظر الحديث عنها بتوسع في الشامل : ١٧٦).
(٢) النفحات المسكية ٢ : ١٢٤.
(٣) ترد آل هنا بمعنى أهل أو (سكان) وهي صحيحة يقال آل الرجل أي أهل الرجل.
(٤) يعني العمودي.
(٥) كذا في الأصول وأصلحه في العدة : «صاحوا».
(٦) كريفها : الكريف. الحوض يجتمع فيه الماء ، وحول هذه اللفظة أنظر بحث الكرملي
ربع ولا لزم ولا غيره مما يعتاده القبائل أبدا.
وفي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الثاني : توفي الفقيه العلامة الصالح عثمان بن محمد العمودي رحمهالله بسبيخ (١) من دوعن ودفن بها.
وفي نحو النّصف من ربيع الثاني (٢) : وصل شخص من زبيد رومي كان بعدن ، وسار منها إلى زبيد ورجع منها بمراسيم إلى عدن أن الباشة ولّاه نظر الأوقاف بعدن ولحج ، وأن يقبضها ويصرفها في مصارفها مع كلام يعرف باطنه من ظاهره فاستولى عليها.
وفيها بشهر رمضان : وصل الخبر أن آل عامر (٣) والشيخ عثمان (٤) وآل المسفله اختلفوا.
وفيها آخر رمضان : وصل الخبر أن السّلطان هجم قيدون ونهبها نهبا ذريعا وفعل فيها عسكره أفعالا قبيحة ، وخرج النساء والصبيان إلى المساجد ، فدخل منهم أعني النساء والصّبيان جماعات إلى جامع قيدون وقت الفجر وامامه القاضي الفقيه الصّالح الزاهد العابد عبد الله بن عم بابشير ، والشيخ عثمان في بضه وعنده جماعة من آل عامر ، ثم أن سيبان باهبري وأصحابه دخلوا قيدون في اللّيل وأخرجوا عبد الله بن الشيخ وأخاه محمد وأخرجوهم من الحصن ومكنوه وأشحنوه طعاما وماء ، والقاضي بابشير يريد يصلي الفجر فلما دخلوا من الباب صاح (٥) في وجهه وولوا فانزعج وشهق ومات فجأة رحمهالله تعالى ، في مقامه ذلك ، ثم أن السلطان وصل وأخرب كريفها (٦) وذكروا أنه يريد يخربها كلها وينقل أهلها
______
(١) سبيخ : يرد اسمها في بعض المصادر بصبيخ بالصاد المهملة (أنظر الحديث عنها بتوسع في الشامل : ١٧٦).
(٢) النفحات المسكية ٢ : ١٢٤.
(٣) ترد آل هنا بمعنى أهل أو (سكان) وهي صحيحة يقال آل الرجل أي أهل الرجل.
(٤) يعني العمودي.
(٥) كذا في الأصول وأصلحه في العدة : «صاحوا».
(٦) كريفها : الكريف. الحوض يجتمع فيه الماء ، وحول هذه اللفظة أنظر بحث الكرملي