معنى كلمة "يمن" وحداثة استخدامها كاسم لدولة واحدة شاملة لكل المنطقة.
أرسل الي اليوم أحد أبناء عالم الآثار الدكتور بافقيه، مقالة غير منشورة للدكتور يؤكد فيها على نفس الفكرة، بل ويضرب مثال تسمية الكعبة كما ذكرت تماماً ويضيف أمثلة أخرى. علماً أن الدكتور بافقيه هو أول من أثار هذا النقاش عام 1980. أنقل هنا نص المقالة غير المنشورة، وبانتظار نشرها قريباً ضمن مسودات الراحل المتبقية بحوزة الورثة:
نص المقال:
لعله من المفيد أن نحاول في البداية تحديد المقصود بلفظ يمن التي يقابلها في النقوش لفظة "يمنت" وهي لفطة تستخدم للدلالة على جهة الجنوب ولا شيء آخر. وقد عالجنا لفظة "يمن" ومعها "يمنت" بإسهاب في دراسات أخرى منشورة أثبتنا بها "كما نعتقد" هذا المفهوم للفظتي يمن ويمنت. ونكتفي هنا بمثال واحد عظيم الدلالة في هذا الاتجاه وهو "يمن الدار" بمعنى الجانب الجنوبي منها وهي عبارة جاءت في كتاب ابن الديبع. وهناك مثال آخر لا يقل دلالة عن سابقه جاء في كتاب جديد - قديم عن صنعاء يقول فيه مؤلفه جمال الدين علي بن عبد الله ابن القاسم وهو يصف "مفارج صنعاء" بانها: "مفتحات من الغرب واليمن والشرق الخ" ومعلوم إنه بسبب من ذلك المفهوم أن سمي الركن الجنوبي من الكعبة بالركن اليماني وسمي الباب الجنوبي لصنعاء بباب اليمن، وحين أُريد التفريق بين قريتين متجاورتين في بلاد هذيل بجنوب الحجاز سُميت الشمالية منها بنخلة الشامية فيما سُميت الجنوبية بنخلة اليمانية. ولعله للسبب ذاته أن سميت قرية في جزيرة كمران تقع قريباً من طرفها الجنوبي باليمن، وتأنيث اللفظة الدالة على الجنوب في النقوش اليمانية وهي يمنت من تذكيرها "أي يمن" ليس ببدعة وقد تكون مجرد لهجة فالمدينة على سبيل المثال في لهجات النقوش اليمنية القديمة المعروفة هي "هجر" وهي لفظة تأتي مؤنثة في النقوش السبئية والحميرية مثلاً ولكنها في النقوش القتبانية على الأقل تأتي مذكرة، الأمر الذي جعل النقوش التي وجدت في أرض قتبان تسمي مدينة معينة ذات أهمية بـ ذي غيل وتسميها النقوش السبئية المعاصرة ذات غيل، مما أوقع الباحثين في حيرة عند ظهور ذلك فاعتقدوا بأنها مدينتان مختلفتان. هذا ولدينا من أرض قتبان القديمة نقش فريد جاءت فيه لفظتا يمن وشأم، ولم يتبين لنا بصفة قاطعة هل ذلك نتيجة اختلاف لهجوي أم أن له دلالة أخرى وهو ما قمنا بالتعليق عليه بعض الشيء في محله.
وتحدثت نقوش أخرى عديدة عن ممالك كندة والأزد (وهما عند الإخباريين يمانيتان) ونزار وغسان بأنها جميعاً من ممالك شأمة أي الشام، ولم يكن المقصود طبعاً الشام بالمفهوم الساري في وقتنا هذا ومنذ حين، وإنما لكونهما تقع في الشمال بالنسبة إلى المكان الذي يقف فيه صاحب النقش، تماماً كحال حقل صعدة بالنسبة للملك السبئي الهمداني في ناعط أو مأرب صاحب النقش C308 ولقد ظل اليمنيون حتى عهد قريب، ولعلهم مازالوا كذلك، يصفون كل موقع يقع إلى الجنوب منهم بأنه في اليمن. ومن أمثلة ذلك أن سلطان العوالق أواخر القرن الماضي كان يطالب بحقوق له في اليمن ويقصد بما قاله عمر بن أبي ربيعة وقد همّ بالسفر إلى لحج حين افترض أنه سئل أمنتهى الأرض ياهذا تريد بنا؟ فكان رده: لا ولكن منتهى اليمن.
وإذا جئنا إلى ألقاب الملوك حتى بعد توحيد ممالك اليمن كلها في مطلع القرن الرابع فل نجد بينهم من يحمل لقب "ملك اليمن" ولا حتى لقب "ملك يمنت" وإنما جاءت (يمنت) في لقب شمر يهرعش موحد تلك الممالك في مطلع القرن الرابع الميلادي. جاءت مقترنة بحضرموت، وفسرناها نحن بأنها تعني الساحل الجنوبي التابع لمملكة حضرموت، والمعروف في المصادر الإسلامية باسم الشحر. إذ كان لقب ذلك الملك التبع بل أول التبابعة هو (ملك سبأ وذي ريدان) أي النصف الغربي من اليمن هضباته وشعابه، "وحضرموت" وهو الوادي المعروف، و"يمنت" وهي المناطق الساحلية الموازية لذلك الوادي وربما بلاد مهرة وما يسمى قديماً بالسأكل وهي ظفار التابعة في وقتنا هذا لسلطنة عمان. وكلا الجزئين يمثلان معاً النصف الشرقي من اليمن الذي كانت تشغله مملكة حضرموت الممتدة حتى جبال عمان الغربية شاملة بعض المناطق الواقعة شرقي صيهد أو (رملة السبعتين في أيامنا هذه) ثم الهضبة الشرقية المنقسمة الى سهلين مرتفعين بسبب اختراق وادي حضرموت الكبير لها مكوناً على رأي الهمداني منفهاً من الأرض. إحدى هاتين الهضبتين أو السهلين المرتفعين يُعرف بالجول الشمالي والآخر بالجول الجنوبي. ثم الساحل الذي قلنا أنه يعرف بالشحر وهو غير، ثم سلاسل جبال بلاد السأكل (سأكلن أو ساكلهن في النقوش) وهي منطقة أجود أنواع اللبان. وهكذا يتضح أنه حتى القرن الرابع لم تكن لفظة "يمنت" وهي تساوي يمن اسماً لكيان سياسي موحد، وإنما كانت تطلق على أية منطقة تقع جنوب المتحدث أو الكاتب وهو يزبر نقشاً أو يخط كتاباً.
أرسل الي اليوم أحد أبناء عالم الآثار الدكتور بافقيه، مقالة غير منشورة للدكتور يؤكد فيها على نفس الفكرة، بل ويضرب مثال تسمية الكعبة كما ذكرت تماماً ويضيف أمثلة أخرى. علماً أن الدكتور بافقيه هو أول من أثار هذا النقاش عام 1980. أنقل هنا نص المقالة غير المنشورة، وبانتظار نشرها قريباً ضمن مسودات الراحل المتبقية بحوزة الورثة:
نص المقال:
لعله من المفيد أن نحاول في البداية تحديد المقصود بلفظ يمن التي يقابلها في النقوش لفظة "يمنت" وهي لفطة تستخدم للدلالة على جهة الجنوب ولا شيء آخر. وقد عالجنا لفظة "يمن" ومعها "يمنت" بإسهاب في دراسات أخرى منشورة أثبتنا بها "كما نعتقد" هذا المفهوم للفظتي يمن ويمنت. ونكتفي هنا بمثال واحد عظيم الدلالة في هذا الاتجاه وهو "يمن الدار" بمعنى الجانب الجنوبي منها وهي عبارة جاءت في كتاب ابن الديبع. وهناك مثال آخر لا يقل دلالة عن سابقه جاء في كتاب جديد - قديم عن صنعاء يقول فيه مؤلفه جمال الدين علي بن عبد الله ابن القاسم وهو يصف "مفارج صنعاء" بانها: "مفتحات من الغرب واليمن والشرق الخ" ومعلوم إنه بسبب من ذلك المفهوم أن سمي الركن الجنوبي من الكعبة بالركن اليماني وسمي الباب الجنوبي لصنعاء بباب اليمن، وحين أُريد التفريق بين قريتين متجاورتين في بلاد هذيل بجنوب الحجاز سُميت الشمالية منها بنخلة الشامية فيما سُميت الجنوبية بنخلة اليمانية. ولعله للسبب ذاته أن سميت قرية في جزيرة كمران تقع قريباً من طرفها الجنوبي باليمن، وتأنيث اللفظة الدالة على الجنوب في النقوش اليمانية وهي يمنت من تذكيرها "أي يمن" ليس ببدعة وقد تكون مجرد لهجة فالمدينة على سبيل المثال في لهجات النقوش اليمنية القديمة المعروفة هي "هجر" وهي لفظة تأتي مؤنثة في النقوش السبئية والحميرية مثلاً ولكنها في النقوش القتبانية على الأقل تأتي مذكرة، الأمر الذي جعل النقوش التي وجدت في أرض قتبان تسمي مدينة معينة ذات أهمية بـ ذي غيل وتسميها النقوش السبئية المعاصرة ذات غيل، مما أوقع الباحثين في حيرة عند ظهور ذلك فاعتقدوا بأنها مدينتان مختلفتان. هذا ولدينا من أرض قتبان القديمة نقش فريد جاءت فيه لفظتا يمن وشأم، ولم يتبين لنا بصفة قاطعة هل ذلك نتيجة اختلاف لهجوي أم أن له دلالة أخرى وهو ما قمنا بالتعليق عليه بعض الشيء في محله.
وتحدثت نقوش أخرى عديدة عن ممالك كندة والأزد (وهما عند الإخباريين يمانيتان) ونزار وغسان بأنها جميعاً من ممالك شأمة أي الشام، ولم يكن المقصود طبعاً الشام بالمفهوم الساري في وقتنا هذا ومنذ حين، وإنما لكونهما تقع في الشمال بالنسبة إلى المكان الذي يقف فيه صاحب النقش، تماماً كحال حقل صعدة بالنسبة للملك السبئي الهمداني في ناعط أو مأرب صاحب النقش C308 ولقد ظل اليمنيون حتى عهد قريب، ولعلهم مازالوا كذلك، يصفون كل موقع يقع إلى الجنوب منهم بأنه في اليمن. ومن أمثلة ذلك أن سلطان العوالق أواخر القرن الماضي كان يطالب بحقوق له في اليمن ويقصد بما قاله عمر بن أبي ربيعة وقد همّ بالسفر إلى لحج حين افترض أنه سئل أمنتهى الأرض ياهذا تريد بنا؟ فكان رده: لا ولكن منتهى اليمن.
وإذا جئنا إلى ألقاب الملوك حتى بعد توحيد ممالك اليمن كلها في مطلع القرن الرابع فل نجد بينهم من يحمل لقب "ملك اليمن" ولا حتى لقب "ملك يمنت" وإنما جاءت (يمنت) في لقب شمر يهرعش موحد تلك الممالك في مطلع القرن الرابع الميلادي. جاءت مقترنة بحضرموت، وفسرناها نحن بأنها تعني الساحل الجنوبي التابع لمملكة حضرموت، والمعروف في المصادر الإسلامية باسم الشحر. إذ كان لقب ذلك الملك التبع بل أول التبابعة هو (ملك سبأ وذي ريدان) أي النصف الغربي من اليمن هضباته وشعابه، "وحضرموت" وهو الوادي المعروف، و"يمنت" وهي المناطق الساحلية الموازية لذلك الوادي وربما بلاد مهرة وما يسمى قديماً بالسأكل وهي ظفار التابعة في وقتنا هذا لسلطنة عمان. وكلا الجزئين يمثلان معاً النصف الشرقي من اليمن الذي كانت تشغله مملكة حضرموت الممتدة حتى جبال عمان الغربية شاملة بعض المناطق الواقعة شرقي صيهد أو (رملة السبعتين في أيامنا هذه) ثم الهضبة الشرقية المنقسمة الى سهلين مرتفعين بسبب اختراق وادي حضرموت الكبير لها مكوناً على رأي الهمداني منفهاً من الأرض. إحدى هاتين الهضبتين أو السهلين المرتفعين يُعرف بالجول الشمالي والآخر بالجول الجنوبي. ثم الساحل الذي قلنا أنه يعرف بالشحر وهو غير، ثم سلاسل جبال بلاد السأكل (سأكلن أو ساكلهن في النقوش) وهي منطقة أجود أنواع اللبان. وهكذا يتضح أنه حتى القرن الرابع لم تكن لفظة "يمنت" وهي تساوي يمن اسماً لكيان سياسي موحد، وإنما كانت تطلق على أية منطقة تقع جنوب المتحدث أو الكاتب وهو يزبر نقشاً أو يخط كتاباً.
ولعل السبئيين لقلة اتصالهم بتلك المنطقة اكتفوا بالإشارة إليها وإلى أهلها على أنها "يمنت" كما يفعل البعض إلى اليوم بالنسبة إلى المناطق التي تقع إلى الجنوب منهم. وفي اعتقادنا أن شبه الجزيرة كلها كانت بالنسبة إلى أهل الشام، بالمعنى الشائع الآن، يمن أو يمنه أو ربما تيمن، لأنها تقع إلى الجنوب منهم.
وبذلك يمكن أن تكون الحجاز بالنسبة إلى الشوام يمناً أيضاً كما كانت المناطق الواقعة إلى الجنوب من الحجاز بالنسبة لأهلها كلها "يمن" أيضاً. ومن ثم فان بعض ما جاء في الأحاديث الشريفة التي ذكر فيها اليمن قد لا يعني منطقة معينة بذاتها وإنما يعني كل المناطق الواقعة إلى الجنوب من المكان الذي كان فيه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. ولما ان معركة الإسلام الأولى تمت في الحجاز وأطراف نجد قبل ان تُحسم بالفتح المبين -فتح مكة- فإن نشر الدعوة خارج تلك المنطقة إنما حدث بعد ذلك الفتح وخاصة في "عام الوفود". وفي ظننا أن الإشارة إلى اليمن واليمنيين في المصادر الإسلامية التي تتحدث عن المغازي وحركات الدعاة والحروب (حروب الردة) إنما كانت تعني كل المناطق الواقعة جنوب أرض هذيل. وهنا لا ينبغي أن تغيب عن أنظارنا حقيقة هامة وهي أن مذحج مثلاً التي انتهى المطاف بها في سرو أصبح يعرف بسرو مذحج إنما توغلت جنوباً في اليمن في وقت متأخر نسبياً، وان كان من المحتمل أن البعض منهم قد انتشر في الأودية، فيما نجران والجوف كما يظهر من أخبار عبهلة بن كعب "الأسود العنسي" ووجوده في خبان أو خب. وهذا قد يكون مرجعه انخراط مذحج مع قبائل كثيرة من أهل المناطق الواقعة بين أرض هذيل ونجران في جيش الأعراب الحميري الكبير. وكانت منازل مذحج الأصلية لا تتجاوز أنحاء تثليث شمال نجران
وبذلك يمكن أن تكون الحجاز بالنسبة إلى الشوام يمناً أيضاً كما كانت المناطق الواقعة إلى الجنوب من الحجاز بالنسبة لأهلها كلها "يمن" أيضاً. ومن ثم فان بعض ما جاء في الأحاديث الشريفة التي ذكر فيها اليمن قد لا يعني منطقة معينة بذاتها وإنما يعني كل المناطق الواقعة إلى الجنوب من المكان الذي كان فيه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. ولما ان معركة الإسلام الأولى تمت في الحجاز وأطراف نجد قبل ان تُحسم بالفتح المبين -فتح مكة- فإن نشر الدعوة خارج تلك المنطقة إنما حدث بعد ذلك الفتح وخاصة في "عام الوفود". وفي ظننا أن الإشارة إلى اليمن واليمنيين في المصادر الإسلامية التي تتحدث عن المغازي وحركات الدعاة والحروب (حروب الردة) إنما كانت تعني كل المناطق الواقعة جنوب أرض هذيل. وهنا لا ينبغي أن تغيب عن أنظارنا حقيقة هامة وهي أن مذحج مثلاً التي انتهى المطاف بها في سرو أصبح يعرف بسرو مذحج إنما توغلت جنوباً في اليمن في وقت متأخر نسبياً، وان كان من المحتمل أن البعض منهم قد انتشر في الأودية، فيما نجران والجوف كما يظهر من أخبار عبهلة بن كعب "الأسود العنسي" ووجوده في خبان أو خب. وهذا قد يكون مرجعه انخراط مذحج مع قبائل كثيرة من أهل المناطق الواقعة بين أرض هذيل ونجران في جيش الأعراب الحميري الكبير. وكانت منازل مذحج الأصلية لا تتجاوز أنحاء تثليث شمال نجران
اليمن " تيمن " مسمى و إسم قديم و عريق في عمق الحضارة الإنسانية ترجع إلى آلاف السنيين منذ الألف الرابع و الثالث قبل الميلاد على أقل تقدير )
( اليمن " تيمن " مسمى و إسم قديم و عريق في عمق الحضارة الإنسانية ترجع إلى آلاف السنيين منذ الألف الرابع و الثالث قبل الميلاد على أقل تقدير )
• و ردت عدة نظريات خلف تسمية اليمن و أول النصوص المكتشفة حتى الآن التي تشير لهذا الإسم يعود للقرن الثالث الميلادي في كتابات الحِميَّريين - العهد القديم - ذكر مملكة سبأ كثيراً و أشار العهد الجديد إلى ملكة سبأ الأسطورية بـملكة تيمن و لا زال اليهود يسمون يهود اليمن " بـتيمانيم " و يسمون اليمن تيمن و تعني الجنوب و في أيام الإمبراطورية الرومانية كانت البلاد تُعرف باسم العربية السعيدة في أدبيات الرومان والإغريق في الأدبيات العربية إختلف اللسانيون و أهل الأخبار في تحديد معنى اليمن و لهم عدة نظريات بخصوص ذلك فقيل أنه مشتق من اليُمن أي البركة و هو نقيض الشؤم و قيل كذلك أنه سمي باليمن لأنه يمين الكعبة و قيل سمي نسبة اليمن بن قحطان و قالوا أن قحطان أبو اليمن و قالوا كذلك أن قحطان هذا نفسه إسمه يمن و منهم من قال أن كل العرب كانوا بمكة فتيامن بنو يقطن في رواية و بنو يمن في رواية أخرى فسميت اليمن على ذلك .
• يقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة : -
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما إستقلت ... و سهيل إذا استقل يماني
فيما يخص أول ذكر للفظ اليمن ( يمنت ) يلاحظ يذكر البعض بأن اللفظ يؤرخ قبل 300 عام ميلادية بحيث يقولون : و يؤكد علماء اليمنيات أن كلمة يمنت لم ترد قبل هذا العهد لا في المسند و لا في كتب الكلاسيكيين نرد عليهم و نقول إن مسمى اليمن كما سيأتي في سياق الحديث هو مسمى قدم و عريق يرجع منذ آلاف السنين و الحقيقة النقوش تذكر اليمن منذ من قبل الميلاد تذكر لفظ ( يمنت = جنوب ) ومنها النقوش التالية :
ورد لفظ ( يمنت ) بمعنى الجنوب و لفظ ( شأمت ) بمعنى الشمال
في النقش RES 3022 الذي يعود إلى عهد الملك المعيني يدع أب يثع
و الذي كان زمن حكمه حوالي عام 343 قبل الميلاد حيث جاء في السطر الثاني :
و بن/ ضرم / كون/ بين / ذ يمنت / و ذشأمت
التفسيـر : ومن الحرب التي حدثت بين الجنــــــوب و الشمــــــــال
هنا نجد أن الإشارة إلى ( يمنت = جنوب ) هو أقدم بكثير مما هو معروف وبالمناسبه هذا النقش RES 3022 يتحدث عن رحلة تجارية قام بها بعض التجار المعينيين إلى مصر و أشور و سوريا و غزة و فلسطين و هذا أيضا يدل على قِدم العلاقات التجارية
و لا أنسى أيضاً أن أشير بأن النقش يذكر حدث تاريخي هام جداً هو الحرب بين المصريين القدماء و الفرس عند غزو مصر من قبل الملك الفارسي أرتح ششتا الثالث
ولمعلومات أكثر هذا رابط النقش RES 3022
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php?id=dasi_prj_epi
أيضاً هناك نقوش في فترات لا حقه من قبل الميلاد تذكر ( يمنت = جنوب )
و منها النقش زيد عنان 16 = ZI 16
الذي يعود إلى عهد الملك شعر أوتر حوالي ( 25ق.م )
و الذي كان معاصراً للملك الشرح يحضب ( 60-20 ق.م )
النقش ZI 16 يتحدث طبعاً عن حرب حيث جاء في السطور 12و13 :
ضرم / بعلي / مرأهمو / بن / ذيمنت / وبن / ذشأمت / وبن / ذ بحرم / ويبسم
والتفسير : والحرب ضد سيدهم من (قبائل) الجنوب والشمال ومن البحر واليابسة
رابط النقش ZI 16
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php?id=dasi_prj_epi
المصطلحين يمنت و شامت قديمين جدا و الرحالة إبن مجاور رحمه الله قال إن زبيد و تهامة كانت تسمى شام اليمن و في اليمن مناطق باسم : أفلح الشام و يقال تشاءمت العرب أي إتجهت شمالا و تيامنت إتجهت جنوبا و في القرآن الكريم لدينا : أصحاب الميمنة و أصحاب المشئمة هذه مصطلحات من عمق الموروث اللغوي للعرب اليمنيين القدماء و هم من نقلوها إلى أهل الشام و ليس العكس .
• و هناك نقوش و نصوص ذكرت اليمن بلفظ تيمن عند الأكاديين القدماء بالعراق ترجع إلى ٢٨٠٠ قبل الميلاد و يرد المصطلحان بنفس المعنى بالنسبة لليمن و الشام و كذلك بالآرامية وردت منذ الألف الآولى قبل الميلاد
• و لو تحرينا معنى كلمة " يمن " في العربية لوجدنا أنها تتضمن كل معاني الخصب و المن و العطاء و البركة و الأرض التي بورك فيها و حولها ففي قاموس محيط المحيط نجد يمنه الله ييمنه يمنا جعله مباركا و يمن كان مباركا و اليمين القوة و المنزلة الحسنة و اليمن ناحية اليمين و التيمن القبلة و في القاموس السرياني يمن جعله عن اليمين يمينو يمين عهد أمان يمينوي : ميمون مبارك صالح خير مختار يميني يمينيوت صالحات خيرات فضائل تيمن قبلة جنوب إلى آخره و اليمن من أساميها القديمة التي وردت في النقوش و النصوص القديمة هي " تيمن - يمن - يمنت - يمنات - يمنيت - يمنوت - بونت - العربية السعيدة و غيرها و تعني أرض الآله الأعظم الأرض المباركة الطيبة المقدسة أرض اللبان و البخور و المر و العطور .
( اليمن " تيمن " مسمى و إسم قديم و عريق في عمق الحضارة الإنسانية ترجع إلى آلاف السنيين منذ الألف الرابع و الثالث قبل الميلاد على أقل تقدير )
• و ردت عدة نظريات خلف تسمية اليمن و أول النصوص المكتشفة حتى الآن التي تشير لهذا الإسم يعود للقرن الثالث الميلادي في كتابات الحِميَّريين - العهد القديم - ذكر مملكة سبأ كثيراً و أشار العهد الجديد إلى ملكة سبأ الأسطورية بـملكة تيمن و لا زال اليهود يسمون يهود اليمن " بـتيمانيم " و يسمون اليمن تيمن و تعني الجنوب و في أيام الإمبراطورية الرومانية كانت البلاد تُعرف باسم العربية السعيدة في أدبيات الرومان والإغريق في الأدبيات العربية إختلف اللسانيون و أهل الأخبار في تحديد معنى اليمن و لهم عدة نظريات بخصوص ذلك فقيل أنه مشتق من اليُمن أي البركة و هو نقيض الشؤم و قيل كذلك أنه سمي باليمن لأنه يمين الكعبة و قيل سمي نسبة اليمن بن قحطان و قالوا أن قحطان أبو اليمن و قالوا كذلك أن قحطان هذا نفسه إسمه يمن و منهم من قال أن كل العرب كانوا بمكة فتيامن بنو يقطن في رواية و بنو يمن في رواية أخرى فسميت اليمن على ذلك .
• يقول الشاعر عمر بن أبي ربيعة : -
أيها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما إستقلت ... و سهيل إذا استقل يماني
فيما يخص أول ذكر للفظ اليمن ( يمنت ) يلاحظ يذكر البعض بأن اللفظ يؤرخ قبل 300 عام ميلادية بحيث يقولون : و يؤكد علماء اليمنيات أن كلمة يمنت لم ترد قبل هذا العهد لا في المسند و لا في كتب الكلاسيكيين نرد عليهم و نقول إن مسمى اليمن كما سيأتي في سياق الحديث هو مسمى قدم و عريق يرجع منذ آلاف السنين و الحقيقة النقوش تذكر اليمن منذ من قبل الميلاد تذكر لفظ ( يمنت = جنوب ) ومنها النقوش التالية :
ورد لفظ ( يمنت ) بمعنى الجنوب و لفظ ( شأمت ) بمعنى الشمال
في النقش RES 3022 الذي يعود إلى عهد الملك المعيني يدع أب يثع
و الذي كان زمن حكمه حوالي عام 343 قبل الميلاد حيث جاء في السطر الثاني :
و بن/ ضرم / كون/ بين / ذ يمنت / و ذشأمت
التفسيـر : ومن الحرب التي حدثت بين الجنــــــوب و الشمــــــــال
هنا نجد أن الإشارة إلى ( يمنت = جنوب ) هو أقدم بكثير مما هو معروف وبالمناسبه هذا النقش RES 3022 يتحدث عن رحلة تجارية قام بها بعض التجار المعينيين إلى مصر و أشور و سوريا و غزة و فلسطين و هذا أيضا يدل على قِدم العلاقات التجارية
و لا أنسى أيضاً أن أشير بأن النقش يذكر حدث تاريخي هام جداً هو الحرب بين المصريين القدماء و الفرس عند غزو مصر من قبل الملك الفارسي أرتح ششتا الثالث
ولمعلومات أكثر هذا رابط النقش RES 3022
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php?id=dasi_prj_epi
أيضاً هناك نقوش في فترات لا حقه من قبل الميلاد تذكر ( يمنت = جنوب )
و منها النقش زيد عنان 16 = ZI 16
الذي يعود إلى عهد الملك شعر أوتر حوالي ( 25ق.م )
و الذي كان معاصراً للملك الشرح يحضب ( 60-20 ق.م )
النقش ZI 16 يتحدث طبعاً عن حرب حيث جاء في السطور 12و13 :
ضرم / بعلي / مرأهمو / بن / ذيمنت / وبن / ذشأمت / وبن / ذ بحرم / ويبسم
والتفسير : والحرب ضد سيدهم من (قبائل) الجنوب والشمال ومن البحر واليابسة
رابط النقش ZI 16
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php?id=dasi_prj_epi
المصطلحين يمنت و شامت قديمين جدا و الرحالة إبن مجاور رحمه الله قال إن زبيد و تهامة كانت تسمى شام اليمن و في اليمن مناطق باسم : أفلح الشام و يقال تشاءمت العرب أي إتجهت شمالا و تيامنت إتجهت جنوبا و في القرآن الكريم لدينا : أصحاب الميمنة و أصحاب المشئمة هذه مصطلحات من عمق الموروث اللغوي للعرب اليمنيين القدماء و هم من نقلوها إلى أهل الشام و ليس العكس .
• و هناك نقوش و نصوص ذكرت اليمن بلفظ تيمن عند الأكاديين القدماء بالعراق ترجع إلى ٢٨٠٠ قبل الميلاد و يرد المصطلحان بنفس المعنى بالنسبة لليمن و الشام و كذلك بالآرامية وردت منذ الألف الآولى قبل الميلاد
• و لو تحرينا معنى كلمة " يمن " في العربية لوجدنا أنها تتضمن كل معاني الخصب و المن و العطاء و البركة و الأرض التي بورك فيها و حولها ففي قاموس محيط المحيط نجد يمنه الله ييمنه يمنا جعله مباركا و يمن كان مباركا و اليمين القوة و المنزلة الحسنة و اليمن ناحية اليمين و التيمن القبلة و في القاموس السرياني يمن جعله عن اليمين يمينو يمين عهد أمان يمينوي : ميمون مبارك صالح خير مختار يميني يمينيوت صالحات خيرات فضائل تيمن قبلة جنوب إلى آخره و اليمن من أساميها القديمة التي وردت في النقوش و النصوص القديمة هي " تيمن - يمن - يمنت - يمنات - يمنيت - يمنوت - بونت - العربية السعيدة و غيرها و تعني أرض الآله الأعظم الأرض المباركة الطيبة المقدسة أرض اللبان و البخور و المر و العطور .
• يقول العالم ديلا بورت في كتابة ميسو فوطاميا : إن السومريين و الأكاديين أكدوا في وثائقهم هبوط وافدين من السماء بمركبة و في المكان الذي هبطت فية المركبة التي دعوها كولما حددوا الموقع من آثارها و تلك الحدود آثارها دعوها تيمن و جعلوها منطقة مقدسة يحجون إليها و يحتفلون عندها بأعيادهم بعد أن أقاموا على المكان معبدا أو هيكلا دعي حيجي كولما كما أنشأوا في الهيكل أيضا مركبة تمثيلا لها و زينوها بالذهب و الأحجار الكريمة و ينقل لنا ديلا بورت في نفس السياق حيث ينقل أحد النصوص التي خلفها نابو نيد أحد الملوك البابليين جاء فيه ما يلي : و قادني قلبي إلى أن أعني بمدن جميع الآلهة العظام فمجدت سيدي لوجال ماراعدا المحارب الصنديد و البطل الرائع الكامل القوة الإعصار الذي لا يقاوم الذي يغرق الأرض المعادية و يقوض أرض الأعداء الذي يسكن في معبد ال حيجي كولما الذي كان قد أقامه ملك سابق و رفع رأسه و لكن لم يحط الأسوار بحوائط تسندها و لم يدعم حائط الحراسة فقد كان هيكله مخربا و أحجار عتبة بابه غير متماسكة فقد هدمتها و فحصت ال تيمن القديم و حددت أساسه على تيمنه و أعدت بناء الأسوار و قويت حائط الحراسة و حددته و رفعت قمته أعلى ما كانت أي لوجال مارعدا أيها السيد العظيم و المحارب القوي حين تدخل فرحا إلى معبدك و حين تشهد كل الأعمال الطاهرة التي أقمتها ألا فلتكرر كل يوم أمام مردوك ملك السماء و الأرض ما يسعدني ألا فلتطل أيام حياتي ألا فلأكلل بذرية ضخمة ألا فلتسحق أعدائي بذراعيك القويتين و تقضي على كل أعدائي إن حيجي كولما تعني معبد العربة أو المركبة و حيجي تعني مكان مقدس حج عيد إحتفال معبد أي معبد العربة أو المركبة و كلمة مارعدا تعني الراعد الصاعق المخيف و كلمة تيمن تعني الجنوب القبلة هذا التيمن تيمن الذي وصفه السومريين و الأكاديين هي اليمن نفسها حيث تقع جنوب أراضيهم و إعتبروها أرض مقدسة عظيمة و أن أصلهم منها و قد دعا قدماء السومريين و المصريين القدماء أرض اليمن بأرض الآلهة أرض الأسلاف أرض الأجداد أرض بونت ( عند قدامى المصريين كانت شجرة المر التي نمت في بونت أرض الإله رمزا للإلهة حتحور بإعتبارها كانت سيدة العطور الذكية و كانت تعتبر سيدة بونت و بلاد بونت هي اليمن " معجم المعبودات و الرموز في مصر القديمة لوركر " ) أرض اللبان و البخور و المر أرض الجنة أرض الأرباب أرض الأحياء أرض الخلود مقر الأبرار الأرض المقدسة أرض الشروق الأرض الذي تطلع عليه الشمس و الأرض الذي تشرق منه الشمس إن النصوص السومرية و الأكدية و المصرية القديمة كلها تؤكد على أن لفظ اليمن قديم جدا و أن اليمن هي منبع و مهد لتلك الأقوام في الأصل و من المعروف أن اليمن هي أرض الطيب و المر و اللبان .
• يروي السفر المقدس أن ملكة سبأ قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت عن حكمته (ملوك الأول 10) و يسميها المسيح ملكة التيمن أي اليمن بمعنى ملكة الجنوب (متى 12: 42) : ((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه)) تيمن تعني اليمن و هي موجودة كتب العهد القديم بنفس الصيغة في التوراة و الإنجيل " تيمن " و هذا يدل على أن هذا الإسم أو اليمن بشكلا عام قديم جدا منذ آلاف السنيين
• يروي السفر المقدس أن ملكة سبأ قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت عن حكمته (ملوك الأول 10) و يسميها المسيح ملكة التيمن أي اليمن بمعنى ملكة الجنوب (متى 12: 42) : ((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه)) تيمن تعني اليمن و هي موجودة كتب العهد القديم بنفس الصيغة في التوراة و الإنجيل " تيمن " و هذا يدل على أن هذا الإسم أو اليمن بشكلا عام قديم جدا منذ آلاف السنيين
سيطرة شمر يهرعش على شبوة عاصمة حضرموت وبداية توحيد الحميرين لليمن:
منذ المرحلة الثانية من حكم شمر يهرعش بدأ الحميريون يسعون لتوحيد الارض اليمنية تحت نفوذهم اذ واجه شمر يهرعش خصماً عنيداً في هذه المرحلة هو دولة حضرموت المسيطرة على الجزء الشرقي من اليمن وقاسمته السيادة عليها وأدى التنافس بين الكيانين إلى قيام شمر يهرعش بالسيطرة على عاصمة حضرموت شبوه(1) بطريقة غير معروفة ويبدو انه استغل موت ملك حضرموت الغير معروف او انشقاق بين اهلها فسيطر عليها ونتيجة لذلك اضاف إلى لقبه الملكي "حضرموت ويمنة" واحتلاله لمدينة شبوه فقط يدل ان سيطرته على حضرموت كانت جزئية(2) ولم تتعدى الاجزاء الغربية منها كما ان بقاء شبوه وعدم تعرضها للتدمير يدل على ان سيطرة شمر يهرعش عليها لم تكن نتيجة لغزو عسكري(3) وانما تم بدون عنف وبطريقة سلمية(4).
ومهما يكن من امر فان الملك شمر يهرعش بدأ يوسع نفوذ حمير السياسي في جنوب الجزيرة العربية(5) لتصبح حضرموت ويمنه ضمن المشروع التوحيدي الذي جمع سبأ وحمير منذ الربع الاخير من القرن 3م(6) ونتيجة لذلك تلقب بملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه(7) وهو اول ملك حمل هذا اللقب(8).
ويرى فلبي(9) ان ضم شبوه تم في عام 290م والارجح ان ذلك حدث في السنوات الاخيرة من القرن 3م حيث يذكر نقش يمن (13) المؤرخ بعام 294م(10) شمر يهرعش وهو متلقباً بذلك اللقب وقد شكلت هذه الخطوة بداية لتوحيد اليمن سياسياً تحت حكم حمير(11) وعين شمر يهرعش (يعمراشوع) سيد سبأ حاكماً على مدينة شبوه لحمايتها والمحافظة على الامن فيها(12).
وقد دخل شمر يهرعش إلى وادي حجر في جنوب غرب حضرموت اشرف على جمع اللبان منه(13) وهذا يدل على عدم سيطرته على اراضي حضرموت جميعها بل سيطر على عاصمتها شبوه والمناطق القريبة من حضرموت بينما انسحبت المقاومة الحضرمية إلى داخل حضرموت وحالت دون سيطرته على الاراضي الحضرمية.
اما يمنه التي يرى البعض بأنها تابعة لحضرموت(14) فيختلف الباحثون في مدلولها فمنهم من يقول انها القسم الجنوبي من مملكة حضرموت(15) والبعض الاخر يعتقد انها المناطق الجنوبية من اليمن الممتدة من عدن حتى حضرموت(16).
ويميل الباحث إلى الرأي الثاني فقد حرر ياسر يهنعم عدن وما جاورها من الاحباش(17) ثم تمكن شمر يهرعش من ضم المناطق الجنوبية من اليمن إلى كيانه والممتدة من عدن غرباً حتى المناطق الجنوبية الغربية من حضرموت، بينما جنوب حضرموت يمتد من ميفعة إلى ظفار عمان وهذه المنطقة لم تدخل ضمن سيطرته.
وظل ملوك حضرموت برغم خسارة شبوه والمناطق الجنوبية الغربية لحضرموت متحصنين في المناطق الداخلية ومنها ظلوا يقاومون التوسع الحميري حيث قام ملكا حضرموت (شرح آل وربشمس) بإعلان الحرب على حمير وشمر يهرعش الا انهما خسرا الحرب التي وقعت في وادي السر (وادي حضرموت)- والحقت الهزيمة بهم(18).
وثار الحضارم مرة اخرى بقيادة (شرح آل) وهددوا السيطرة الحميرية على شبوه فاضطر الملك شمر يهرعش إلى قيادة حملة جديدة على حضرموت واستطاع هزيمتهم(19). ورغم هذه الهزائم الا ان السلطة الحميرية في حضرموت لم تتوطد وظل الحضارم يسعون للاستقلال مما جعل الملوك الحميرين بعد شمر يهرعش يرسلون عدة حملات عسكرية إلى مدن حضرموت للقضاء على ثورات الحضارم(20).
وبالمقابل استغلت القبائل في شمال غرب اليمن انشغال شمر يهرعش بحروبه ضد حضرموت فتمردت على الدولة الحميرية(21) إذ قامت عشائر خولان بمحاربة الملك شمر يهرعش فارسل اليهم قائديه (ابو شمر ورفا) فتمكنا من اخضاعها وامر الملك بوضع حامية عسكرية في مدينة صعده لحمايتها(22) ومنع الخولانيين من التمرد ثم انطلق القائدان بحملة ضد عشيرة سنحان في وادي دفا* واخضعاها(23) ثم زحفا مع عدد من الاقيال وكبار القوم على السهره والحره فحاربوا عشائر نشدايل في وادي عتود بالشمال(24)، وبهذه الحملة حقق شمر يهرعش نصراً اخر على القبائل المناوئة له ووطد حكمه شمالا إذ عاد الهدوء والاستقرار للمناطق الشمالية الغربية من اليمن الممتدة من صعده إلى وادي دفا ووادي عتود(25).
يرى بعض الباحثين ان امرؤ القيس بن عمرو المذكور في نقش النماره والمتوفي سنة 328م كان معاصراً لشمر يهرعش في فترة حكمه الثانية ما بين 310-316م(26) وانه وصل بتوسعاته جنوباً إلى نجران مدينة شمر(27) وان قتالاً دار حول نجران بين قوات امرئ القيس وقوات شمر يهرعش وان النصر كان حليفاً لامرئ القيس(28) وتلك الحرب اشير اليها في النقش الموسوم جام (658) وان القائد نشدايل المذكور في النقش هو قائد عربي شمالي يحتمل انه قائد من قواد امرئ القيس(29) ويعتمد اولئك الباحثون على نقش شرف الدين (31)(30) والذي يذكر ان قوات من الاعراب الهجانة والخيالة قد قامت بالإغارة على ملك الاسد في ارض تنوخ ووصلت حملاته إلى قط وصف دكوك بمملكة فارس وارض تنوخ وقد انزل بها اعراب شمر خسائر فادحة ثم عاد القائد إلى نجران مما يؤيد روايات الاخباريين التي تذكر ان شمر غزا ارض الفرس(31) وان هذه الحملة جاءت
منذ المرحلة الثانية من حكم شمر يهرعش بدأ الحميريون يسعون لتوحيد الارض اليمنية تحت نفوذهم اذ واجه شمر يهرعش خصماً عنيداً في هذه المرحلة هو دولة حضرموت المسيطرة على الجزء الشرقي من اليمن وقاسمته السيادة عليها وأدى التنافس بين الكيانين إلى قيام شمر يهرعش بالسيطرة على عاصمة حضرموت شبوه(1) بطريقة غير معروفة ويبدو انه استغل موت ملك حضرموت الغير معروف او انشقاق بين اهلها فسيطر عليها ونتيجة لذلك اضاف إلى لقبه الملكي "حضرموت ويمنة" واحتلاله لمدينة شبوه فقط يدل ان سيطرته على حضرموت كانت جزئية(2) ولم تتعدى الاجزاء الغربية منها كما ان بقاء شبوه وعدم تعرضها للتدمير يدل على ان سيطرة شمر يهرعش عليها لم تكن نتيجة لغزو عسكري(3) وانما تم بدون عنف وبطريقة سلمية(4).
ومهما يكن من امر فان الملك شمر يهرعش بدأ يوسع نفوذ حمير السياسي في جنوب الجزيرة العربية(5) لتصبح حضرموت ويمنه ضمن المشروع التوحيدي الذي جمع سبأ وحمير منذ الربع الاخير من القرن 3م(6) ونتيجة لذلك تلقب بملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه(7) وهو اول ملك حمل هذا اللقب(8).
ويرى فلبي(9) ان ضم شبوه تم في عام 290م والارجح ان ذلك حدث في السنوات الاخيرة من القرن 3م حيث يذكر نقش يمن (13) المؤرخ بعام 294م(10) شمر يهرعش وهو متلقباً بذلك اللقب وقد شكلت هذه الخطوة بداية لتوحيد اليمن سياسياً تحت حكم حمير(11) وعين شمر يهرعش (يعمراشوع) سيد سبأ حاكماً على مدينة شبوه لحمايتها والمحافظة على الامن فيها(12).
وقد دخل شمر يهرعش إلى وادي حجر في جنوب غرب حضرموت اشرف على جمع اللبان منه(13) وهذا يدل على عدم سيطرته على اراضي حضرموت جميعها بل سيطر على عاصمتها شبوه والمناطق القريبة من حضرموت بينما انسحبت المقاومة الحضرمية إلى داخل حضرموت وحالت دون سيطرته على الاراضي الحضرمية.
اما يمنه التي يرى البعض بأنها تابعة لحضرموت(14) فيختلف الباحثون في مدلولها فمنهم من يقول انها القسم الجنوبي من مملكة حضرموت(15) والبعض الاخر يعتقد انها المناطق الجنوبية من اليمن الممتدة من عدن حتى حضرموت(16).
ويميل الباحث إلى الرأي الثاني فقد حرر ياسر يهنعم عدن وما جاورها من الاحباش(17) ثم تمكن شمر يهرعش من ضم المناطق الجنوبية من اليمن إلى كيانه والممتدة من عدن غرباً حتى المناطق الجنوبية الغربية من حضرموت، بينما جنوب حضرموت يمتد من ميفعة إلى ظفار عمان وهذه المنطقة لم تدخل ضمن سيطرته.
وظل ملوك حضرموت برغم خسارة شبوه والمناطق الجنوبية الغربية لحضرموت متحصنين في المناطق الداخلية ومنها ظلوا يقاومون التوسع الحميري حيث قام ملكا حضرموت (شرح آل وربشمس) بإعلان الحرب على حمير وشمر يهرعش الا انهما خسرا الحرب التي وقعت في وادي السر (وادي حضرموت)- والحقت الهزيمة بهم(18).
وثار الحضارم مرة اخرى بقيادة (شرح آل) وهددوا السيطرة الحميرية على شبوه فاضطر الملك شمر يهرعش إلى قيادة حملة جديدة على حضرموت واستطاع هزيمتهم(19). ورغم هذه الهزائم الا ان السلطة الحميرية في حضرموت لم تتوطد وظل الحضارم يسعون للاستقلال مما جعل الملوك الحميرين بعد شمر يهرعش يرسلون عدة حملات عسكرية إلى مدن حضرموت للقضاء على ثورات الحضارم(20).
وبالمقابل استغلت القبائل في شمال غرب اليمن انشغال شمر يهرعش بحروبه ضد حضرموت فتمردت على الدولة الحميرية(21) إذ قامت عشائر خولان بمحاربة الملك شمر يهرعش فارسل اليهم قائديه (ابو شمر ورفا) فتمكنا من اخضاعها وامر الملك بوضع حامية عسكرية في مدينة صعده لحمايتها(22) ومنع الخولانيين من التمرد ثم انطلق القائدان بحملة ضد عشيرة سنحان في وادي دفا* واخضعاها(23) ثم زحفا مع عدد من الاقيال وكبار القوم على السهره والحره فحاربوا عشائر نشدايل في وادي عتود بالشمال(24)، وبهذه الحملة حقق شمر يهرعش نصراً اخر على القبائل المناوئة له ووطد حكمه شمالا إذ عاد الهدوء والاستقرار للمناطق الشمالية الغربية من اليمن الممتدة من صعده إلى وادي دفا ووادي عتود(25).
يرى بعض الباحثين ان امرؤ القيس بن عمرو المذكور في نقش النماره والمتوفي سنة 328م كان معاصراً لشمر يهرعش في فترة حكمه الثانية ما بين 310-316م(26) وانه وصل بتوسعاته جنوباً إلى نجران مدينة شمر(27) وان قتالاً دار حول نجران بين قوات امرئ القيس وقوات شمر يهرعش وان النصر كان حليفاً لامرئ القيس(28) وتلك الحرب اشير اليها في النقش الموسوم جام (658) وان القائد نشدايل المذكور في النقش هو قائد عربي شمالي يحتمل انه قائد من قواد امرئ القيس(29) ويعتمد اولئك الباحثون على نقش شرف الدين (31)(30) والذي يذكر ان قوات من الاعراب الهجانة والخيالة قد قامت بالإغارة على ملك الاسد في ارض تنوخ ووصلت حملاته إلى قط وصف دكوك بمملكة فارس وارض تنوخ وقد انزل بها اعراب شمر خسائر فادحة ثم عاد القائد إلى نجران مما يؤيد روايات الاخباريين التي تذكر ان شمر غزا ارض الفرس(31) وان هذه الحملة جاءت
رداً على غزوة امرئ القيس التي وصلت حتى نجران(32).
ويرى الباحث عدم حدوث صدام بين الملكين فبالرغم من تعاصرهما خلاف نهاية القرن 3م الا ان شمر يهرعش لم يمتد به العمر إلى بداية القرن 4م ويبدو انه مات في نهاية القرن 3م(33) لعدم وجود نقوش تتحدث عنه خلال هذه الفترة. كما ان نقش جام 658 يذكر (نشد ال) ليس كقائد لجند بل عشائر تسكن في وادي عتود(34). اما بخصوص نقش شرف الدين فان صاحبه (ريمان ذو حزفر) لم يذكر اية حروب مع هذه المناطق بل يصف لنا الطريق التي سلكها باتجاه فارس كما لم يذكر اية غنائم أو اسرى مما تذكره النقوش الحربية. كما ان حملة موجهة إلى هذه المناطق لابد ان يتولاها شمر يهرعش نفسه ويحشد لها عدد كبير من مناصريه وهذا ما لا نجده في النقش مما يجعلنا نقول ان الباحثين فهموا النقش بانه حملة عسكرية مقصودة بينما لا يعطي ذلك الانطباع فالجزء المتعلق بهذه المسألة لا يعدو العبارات التالية "وحدم/ بذت/ اتو/ بوخيم/ عدي/ قط/ وصف/ دكوك/ مملكت/ فرس/ وارض تنخ/ وفمرهمو المقه/ اتو/ بوخيم/ وخعش/ بكل/ ذبلتهمو/ مراهمو"(35) وهي تعني الوصول إلى تلك البقاع في مهمة سلمية سياسية ثم العودة منها مكللين بالنجاح وتحقيق كل ما اوفدهم من اجله سيدهم(36). ولا نعرف طبيعة هذه المهمة السياسية. كما ان صاحب النقش لم يعود إلى نجران كما ضن ويزمن(37) ولكنه عاد إلى صعده وارض خولان(38) لهذا لا يوجد مؤشر على حدوث مواجهة عسكرية بين شمر يهرعش وامرئ القيس ويبدو ان هناك شمراً اخر كان يحكم نجران في فترة ما بعد شمر يهرعش لا نعرف عنه شيئا ربما حدثت حملة امرئ القيس في عهده اضافة الى ان شمر يهرعش كان مشغول انذاك بحروبه ضد القبائل المناوئة له في شمال غرب اليمن.
ومهما يكن من امر فقد كانت هناك منجزات عسكرية إضافة إلى المنجز السياسي لشمر يهرعش وهو بداية توحيد اليمن هو بداية تكوين جيش الاعراب الرديف للجيش النظامي ومن اهم قادة ذلك الجيش (وهب اوام) وهو كبير اعراب حضرموت وكنده ومذجح ويهلم وحدان ورحنوم واظلم واحرم(39). ومعظم هذه القبائل لم يعدلها وجود ماعدا كنده ومذجح.
وهذه الاعمال العظيمة لشمر يهرعش تركت أثراً باقياً وذكرى عميقة عند الاخباريين العرب فأحاطوه بهالة كبيرة من البطولة فاقت شهرة ابيه فهو عندهم فاتح كبير خرج في جيش عظيم حتى دخل العراق واختط الحيرة(40) ثم غزا فارس وقاتل قباذ ملك الفرس واسره وسيطر على بلاد الروم واستعمل عليهم ماهان قيصر(41). ثم توجه لغزو الصين فسار في طريق فارس وسجستان وخراسان فاقتتح المدن والقلاع وقتل وسبا ووصل مدينة الصغد فهدمها فسميت شمركند أي شمر خربها فعربها الناس فقالوا سمرقند(42) ثم بناها(43) ثم توجه منها لغزو الصين(44) ووصل إلى التبت ووضع بها قوماً من قبائل اليمن(45) ومات في غزوه للصين(46). وسمي شمر يرعش لارتعاش كان به(47)، وقيل لانه كان يرعش من رأه رهبة(48).
وعلى الرغم من هذه المبالغات الكثيرة الا ان نفوذ شمر يهرعش لم يصل إلى تلك المناطق البعيدة عن اليمن ولم يقم بتلك الاعمال العسكرية الضخمة التي خلده بها اخباريو العرب والظاهر ان ما تنسبه إليه الروايات العربية من الفتوحات انما هي تعبير عن اصداء فتوحاته وانتصاراته في اليمن وجهوده الحربية التي اخضع بها قبائل عسير وتهامة ونجران المناصرة للأحباش في غرب اليمن(49) وضمه لأجزاء من حضرموت وبداية توحيده لليمن لأول مرة في تاريخه القديم تحت سلطة واحدة(50).
وابتداءاً من عهده بدا ما سمي بعصر التبابعة الذي استمر قرنين من الزمان اشتمل على مرحلتين الاولى بدأت بضم حضرموت ويمنه والاخرى تم فيها ضم الاعراب في تهامة وجبال عسير(51) وتوسع نفوذ حمير إلى اواسط شبه الجزيرة العربية.
اجراءات الحميريين لتدعيم توحيد اليمن:
بتوحيد سبأ وحمير(52) وحضرموت(53) منذ نهاية القرن 3م بدأ دور سياسي جديد لحمير لم يعد نطاقه يشمل الاراضي الحميرية والسبأية بل تعداه ليشمل كل مناطق اليمن تم التعبير عنه بعدة جوانب هي:
1- الجانب السياسي: اصبح ملوك حمير حكام اليمن وانتقل مركز الثقل السياسي من مارب وشبوه إلى ظفار التي اصبحت عاصمة لليمن بعد ان تسلم ياسر يهنعم وابنه شمر يهرعش قصر سلحين(54) واصبح قصر ريدان مركز السلطة الفعلية(55) في اليمن الموحد.
2- الجانب الديني: بعد وحدة الارض اليمنية لم يفرض ملوك حمير عبادة الاله الرئيسي لحمير بل اعترفوا بجميع الالهة الموجودة في مارب(56) وشبوه(57) واتخذ ذلك الاجراء طابع سياسي كان الهدف منه حماية الدولة الجديدة وترسيخ دعائمها. ويرى بعض الباحثين ان (المقه) اصبح هو الاله الوحيد المشترك والمقبول من قبل كل القبائل في دولة حمير(58) الا اننا نرى ان كل منطقة اعترف لها بالهتها من قبل حكام حمير فاليزنيون مثلا كانت لهم الهتهم(59) وظلت القرابين تقدم لاله حضرموت سين وانما كثر ذكر (المقه) في النقوش لان اكثر القادة الذي ظهروا خلال هذه الفترة هم سبئيون كما ان القبائل البدوية التي استوطنت اليمن في نهاية القرن 3م كانت مواطنها قريبة من
ويرى الباحث عدم حدوث صدام بين الملكين فبالرغم من تعاصرهما خلاف نهاية القرن 3م الا ان شمر يهرعش لم يمتد به العمر إلى بداية القرن 4م ويبدو انه مات في نهاية القرن 3م(33) لعدم وجود نقوش تتحدث عنه خلال هذه الفترة. كما ان نقش جام 658 يذكر (نشد ال) ليس كقائد لجند بل عشائر تسكن في وادي عتود(34). اما بخصوص نقش شرف الدين فان صاحبه (ريمان ذو حزفر) لم يذكر اية حروب مع هذه المناطق بل يصف لنا الطريق التي سلكها باتجاه فارس كما لم يذكر اية غنائم أو اسرى مما تذكره النقوش الحربية. كما ان حملة موجهة إلى هذه المناطق لابد ان يتولاها شمر يهرعش نفسه ويحشد لها عدد كبير من مناصريه وهذا ما لا نجده في النقش مما يجعلنا نقول ان الباحثين فهموا النقش بانه حملة عسكرية مقصودة بينما لا يعطي ذلك الانطباع فالجزء المتعلق بهذه المسألة لا يعدو العبارات التالية "وحدم/ بذت/ اتو/ بوخيم/ عدي/ قط/ وصف/ دكوك/ مملكت/ فرس/ وارض تنخ/ وفمرهمو المقه/ اتو/ بوخيم/ وخعش/ بكل/ ذبلتهمو/ مراهمو"(35) وهي تعني الوصول إلى تلك البقاع في مهمة سلمية سياسية ثم العودة منها مكللين بالنجاح وتحقيق كل ما اوفدهم من اجله سيدهم(36). ولا نعرف طبيعة هذه المهمة السياسية. كما ان صاحب النقش لم يعود إلى نجران كما ضن ويزمن(37) ولكنه عاد إلى صعده وارض خولان(38) لهذا لا يوجد مؤشر على حدوث مواجهة عسكرية بين شمر يهرعش وامرئ القيس ويبدو ان هناك شمراً اخر كان يحكم نجران في فترة ما بعد شمر يهرعش لا نعرف عنه شيئا ربما حدثت حملة امرئ القيس في عهده اضافة الى ان شمر يهرعش كان مشغول انذاك بحروبه ضد القبائل المناوئة له في شمال غرب اليمن.
ومهما يكن من امر فقد كانت هناك منجزات عسكرية إضافة إلى المنجز السياسي لشمر يهرعش وهو بداية توحيد اليمن هو بداية تكوين جيش الاعراب الرديف للجيش النظامي ومن اهم قادة ذلك الجيش (وهب اوام) وهو كبير اعراب حضرموت وكنده ومذجح ويهلم وحدان ورحنوم واظلم واحرم(39). ومعظم هذه القبائل لم يعدلها وجود ماعدا كنده ومذجح.
وهذه الاعمال العظيمة لشمر يهرعش تركت أثراً باقياً وذكرى عميقة عند الاخباريين العرب فأحاطوه بهالة كبيرة من البطولة فاقت شهرة ابيه فهو عندهم فاتح كبير خرج في جيش عظيم حتى دخل العراق واختط الحيرة(40) ثم غزا فارس وقاتل قباذ ملك الفرس واسره وسيطر على بلاد الروم واستعمل عليهم ماهان قيصر(41). ثم توجه لغزو الصين فسار في طريق فارس وسجستان وخراسان فاقتتح المدن والقلاع وقتل وسبا ووصل مدينة الصغد فهدمها فسميت شمركند أي شمر خربها فعربها الناس فقالوا سمرقند(42) ثم بناها(43) ثم توجه منها لغزو الصين(44) ووصل إلى التبت ووضع بها قوماً من قبائل اليمن(45) ومات في غزوه للصين(46). وسمي شمر يرعش لارتعاش كان به(47)، وقيل لانه كان يرعش من رأه رهبة(48).
وعلى الرغم من هذه المبالغات الكثيرة الا ان نفوذ شمر يهرعش لم يصل إلى تلك المناطق البعيدة عن اليمن ولم يقم بتلك الاعمال العسكرية الضخمة التي خلده بها اخباريو العرب والظاهر ان ما تنسبه إليه الروايات العربية من الفتوحات انما هي تعبير عن اصداء فتوحاته وانتصاراته في اليمن وجهوده الحربية التي اخضع بها قبائل عسير وتهامة ونجران المناصرة للأحباش في غرب اليمن(49) وضمه لأجزاء من حضرموت وبداية توحيده لليمن لأول مرة في تاريخه القديم تحت سلطة واحدة(50).
وابتداءاً من عهده بدا ما سمي بعصر التبابعة الذي استمر قرنين من الزمان اشتمل على مرحلتين الاولى بدأت بضم حضرموت ويمنه والاخرى تم فيها ضم الاعراب في تهامة وجبال عسير(51) وتوسع نفوذ حمير إلى اواسط شبه الجزيرة العربية.
اجراءات الحميريين لتدعيم توحيد اليمن:
بتوحيد سبأ وحمير(52) وحضرموت(53) منذ نهاية القرن 3م بدأ دور سياسي جديد لحمير لم يعد نطاقه يشمل الاراضي الحميرية والسبأية بل تعداه ليشمل كل مناطق اليمن تم التعبير عنه بعدة جوانب هي:
1- الجانب السياسي: اصبح ملوك حمير حكام اليمن وانتقل مركز الثقل السياسي من مارب وشبوه إلى ظفار التي اصبحت عاصمة لليمن بعد ان تسلم ياسر يهنعم وابنه شمر يهرعش قصر سلحين(54) واصبح قصر ريدان مركز السلطة الفعلية(55) في اليمن الموحد.
2- الجانب الديني: بعد وحدة الارض اليمنية لم يفرض ملوك حمير عبادة الاله الرئيسي لحمير بل اعترفوا بجميع الالهة الموجودة في مارب(56) وشبوه(57) واتخذ ذلك الاجراء طابع سياسي كان الهدف منه حماية الدولة الجديدة وترسيخ دعائمها. ويرى بعض الباحثين ان (المقه) اصبح هو الاله الوحيد المشترك والمقبول من قبل كل القبائل في دولة حمير(58) الا اننا نرى ان كل منطقة اعترف لها بالهتها من قبل حكام حمير فاليزنيون مثلا كانت لهم الهتهم(59) وظلت القرابين تقدم لاله حضرموت سين وانما كثر ذكر (المقه) في النقوش لان اكثر القادة الذي ظهروا خلال هذه الفترة هم سبئيون كما ان القبائل البدوية التي استوطنت اليمن في نهاية القرن 3م كانت مواطنها قريبة من
مارب فاتخذت المقه الهاً لها(60) بينما الاله الاخرى لم تذكر لان اتباعها ظلوا في حالة حرب مع حمير كالحضارم أو ان ما كتبوه لالهتهم لم يصلنا بعد لكن الاعتراف بها كان موجوداً من قبل الحميرين(61). وعموماً كان الاعتراف بآلهة المناطق جزء من سياسة الدولة ويعبر عن الصيغة الاتحادية لليمن القديم كما كان عاملاً لانضواء جميع القبائل في ظل دولة حمير الوحدوية.
3- وحدة التقويم: بتوحيد سبأ وحمير ثم حضرموت اصبح التقويم الحميري الذي يبدأ بعام 115ق.م(62) هو السائد في الدولة الواحدة منذ القرن 4م وأرخت به جميع الاحداث واختفت التقاويم المحلية للكيانات السياسية السابقة سبأ وحضرموت والتي تقوم على تدوين الاعوام بأسماء الاشخاص(63) فاصبح لليمن تقويم واحد دال على تعاظم دور حمير السياسي في الساحة اليمنية. كما اخذت لغة حضرموت بالاختفاء وسادت لغة سبأ وحمير(64) منذ مطلع القرن 4م(65) للروابط القوية بين الجانبين منذ عصر ما قبل الميلاد وبعده ولتقارب مناطقهما واستمرار السبئيين في خدمة الدولة الحميرية وكتابتهم لنقوشهم بها.
4- انشاء جيش الاعراب الحميري: منذ عهد شمر يهرعش تم دمج الاعراب القاطنين في تخوم الممالك القديمة سبأ وحضرموت واعراب القبائل البدوية النازحة إلى اليمن في جيش واحد اصبح رديف للجيش النظامي ووضعوا تحت قيادة واحدة برئاسة (سعد تالب يتلف الجدني) الذي لقب بكبير اعراب كنده ومذجح وحرمم وباهل وزيدال واعراب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه(66) وقد هدف ملوك حمير من تشكيل هذه القوة مد النفوذ السياسي لحمير ليشمل كل اليمن فتم بها اخضاع ما تبقى من حضرموت(67) كما شاركت في اخضاع قبائل وسط الجزيرة العربية(68) فاصبح للدولة جيشان الاول يتكون من رجال القبائل اليمنية الرئيسية سبا وحمير وحضرموت إضافة إلى جيش البدو "الاعراب" كندة ومذحج(69). وهذه السياسة تجاه البدو التي شكلت منهم جيشاً ساعدت على سيطرت الحميرين على كافة مناطق اليمن من جهة وتوسع النفوذ السياسي الحميري شمالاً إلى وسط الجزيرة العربية. كما سمحت باختلاط اولئك الاعراب باليمنيين واندماجهم معهم. واستيطانهم في مناطق عدة من اليمن وخاصة حضرموت ومارب والجوف بعد اعترافهم بسلطة ملوك حمير(70).
5- رمز الدولة الحميرية الموحدة: كان رمز دولة سبأ ذي ريدان يشبه نخلة زخرفية لها ساق وغصنان وما يشبه الثمر زينت به نقوش الحميريين(71) وقد اشار إلى وحدة سبأ وحمير وقصريهما سلحين وريدان وبتمكن شمر يهرعش من ضم شبوه وسيطرته على قصرها الملكي شقير(72) لقب نفسه بملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه فتم وضع رمز القصر شقير وهو القصر الملكي لحضرموت إلى جوار رمز قصري ريدان وسلحين وعرف ذلك الرمز بخاتم ملوك حمير أو خاتم التبابعة(73) والذي ختمت به نقوشهم وتكون من ثلاثة رموز. متعاقبة الاول: جمع حروف كلمة بحلف(74) وتعني المعاهدة على التعاضد والتآزر والاتفاق(75) والثاني: رمز دولة سبأ وذي ريدان(76) والثالث كلمة شقير وهو اسم القصر الملكي لحضرموت في عاصمتها القديمة شبوه(77).
ويقرأ الخاتم بحلف سبأ وحمير وحضرموت أي بالحلف الذي آخى بين تلك القبائل المعبر عنها في الرموز(78). مما يدل على الصيغة الاتحادية للدولة الحميرية والتي جاءت نتيجة طبيعية لدور حمير السياسي في توحيد اليمن، فقبائل (شعوب) سبأ وحمير وحضرموت كانت تحتل مكانة مرموقة منذ توحيد اليمن وعليها يعتمد ملوك حمير في تنفيذ سياستهم العسكرية(79) التوسعية والاقتصادية وخاصة بناء السدود ومنشآت الري(80).
ومن هنا نجد الدور السياسي التوحيدي لحمير في القرنين 4 و 5م قد عبر عنه ملوكها في الرموز، الثلاثة التي مثلت رمز لوحدة الشعوب الاساسية في الدولة وهي تشير إلى الكيانات الرئيسة في الدولة عاكسة الطبيعة الاتحادية لنظام حكم حمير وتتماشى في الوقت نفسه مع صيغة اللقب الملكي(81) ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه.
وقد اشار مؤرخي العرب لهذه الصيغة التوحيدية ونعتو ملوكها بالتبابعة بالرغم من انهم اعطوا تفاسير مختلفة لكلمة التبابعة منها ان الناس يتبعونهم(82) أو لأنهم يتبع بعضهم بعضا(83) ولا يسمى الملك منهم تبعاً حتى يملك اليمن والشحر وحضرموت ومن لم يكن له شيء من هذا الامر فيسمى ملكاً ولا يقال له تبع(84). وهذا الرمز يعطي بعض الصحة فيما ذهب إليه المؤرخين العرب بقولهم بان ملك اليمن لا يسمى تبعاً حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير(85).
ومهما يكن من آمر فان تلك الاجراءات السياسية التي بدأت منذ مطلع عهد شمر يهرعش واستمرت في عهد خلفائه جعلت قبيلة حمير تلعب دور سياسي ريادي في اليمن القديم لم تقم به اية قوة سياسة اخرى، واصبح دور الملوك الحميريين لا تمثيل مصالح حمير ومناطقها فحسب بل رعاية مصالح اليمنيين كافة في طول الارض اليمنية وعرضها والاستفادة من جهودهم جميعاً في كافة المجالات سواء أكانت سياسية أم اقتصادية مما جسد دون شك الوحدة الحقيقية التي عمل ملوك حمير على ترسيخها منذ اواخر القرن 3م(86) واستمرت قرنين من الزمان.
3- وحدة التقويم: بتوحيد سبأ وحمير ثم حضرموت اصبح التقويم الحميري الذي يبدأ بعام 115ق.م(62) هو السائد في الدولة الواحدة منذ القرن 4م وأرخت به جميع الاحداث واختفت التقاويم المحلية للكيانات السياسية السابقة سبأ وحضرموت والتي تقوم على تدوين الاعوام بأسماء الاشخاص(63) فاصبح لليمن تقويم واحد دال على تعاظم دور حمير السياسي في الساحة اليمنية. كما اخذت لغة حضرموت بالاختفاء وسادت لغة سبأ وحمير(64) منذ مطلع القرن 4م(65) للروابط القوية بين الجانبين منذ عصر ما قبل الميلاد وبعده ولتقارب مناطقهما واستمرار السبئيين في خدمة الدولة الحميرية وكتابتهم لنقوشهم بها.
4- انشاء جيش الاعراب الحميري: منذ عهد شمر يهرعش تم دمج الاعراب القاطنين في تخوم الممالك القديمة سبأ وحضرموت واعراب القبائل البدوية النازحة إلى اليمن في جيش واحد اصبح رديف للجيش النظامي ووضعوا تحت قيادة واحدة برئاسة (سعد تالب يتلف الجدني) الذي لقب بكبير اعراب كنده ومذجح وحرمم وباهل وزيدال واعراب ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه(66) وقد هدف ملوك حمير من تشكيل هذه القوة مد النفوذ السياسي لحمير ليشمل كل اليمن فتم بها اخضاع ما تبقى من حضرموت(67) كما شاركت في اخضاع قبائل وسط الجزيرة العربية(68) فاصبح للدولة جيشان الاول يتكون من رجال القبائل اليمنية الرئيسية سبا وحمير وحضرموت إضافة إلى جيش البدو "الاعراب" كندة ومذحج(69). وهذه السياسة تجاه البدو التي شكلت منهم جيشاً ساعدت على سيطرت الحميرين على كافة مناطق اليمن من جهة وتوسع النفوذ السياسي الحميري شمالاً إلى وسط الجزيرة العربية. كما سمحت باختلاط اولئك الاعراب باليمنيين واندماجهم معهم. واستيطانهم في مناطق عدة من اليمن وخاصة حضرموت ومارب والجوف بعد اعترافهم بسلطة ملوك حمير(70).
5- رمز الدولة الحميرية الموحدة: كان رمز دولة سبأ ذي ريدان يشبه نخلة زخرفية لها ساق وغصنان وما يشبه الثمر زينت به نقوش الحميريين(71) وقد اشار إلى وحدة سبأ وحمير وقصريهما سلحين وريدان وبتمكن شمر يهرعش من ضم شبوه وسيطرته على قصرها الملكي شقير(72) لقب نفسه بملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه فتم وضع رمز القصر شقير وهو القصر الملكي لحضرموت إلى جوار رمز قصري ريدان وسلحين وعرف ذلك الرمز بخاتم ملوك حمير أو خاتم التبابعة(73) والذي ختمت به نقوشهم وتكون من ثلاثة رموز. متعاقبة الاول: جمع حروف كلمة بحلف(74) وتعني المعاهدة على التعاضد والتآزر والاتفاق(75) والثاني: رمز دولة سبأ وذي ريدان(76) والثالث كلمة شقير وهو اسم القصر الملكي لحضرموت في عاصمتها القديمة شبوه(77).
ويقرأ الخاتم بحلف سبأ وحمير وحضرموت أي بالحلف الذي آخى بين تلك القبائل المعبر عنها في الرموز(78). مما يدل على الصيغة الاتحادية للدولة الحميرية والتي جاءت نتيجة طبيعية لدور حمير السياسي في توحيد اليمن، فقبائل (شعوب) سبأ وحمير وحضرموت كانت تحتل مكانة مرموقة منذ توحيد اليمن وعليها يعتمد ملوك حمير في تنفيذ سياستهم العسكرية(79) التوسعية والاقتصادية وخاصة بناء السدود ومنشآت الري(80).
ومن هنا نجد الدور السياسي التوحيدي لحمير في القرنين 4 و 5م قد عبر عنه ملوكها في الرموز، الثلاثة التي مثلت رمز لوحدة الشعوب الاساسية في الدولة وهي تشير إلى الكيانات الرئيسة في الدولة عاكسة الطبيعة الاتحادية لنظام حكم حمير وتتماشى في الوقت نفسه مع صيغة اللقب الملكي(81) ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنه.
وقد اشار مؤرخي العرب لهذه الصيغة التوحيدية ونعتو ملوكها بالتبابعة بالرغم من انهم اعطوا تفاسير مختلفة لكلمة التبابعة منها ان الناس يتبعونهم(82) أو لأنهم يتبع بعضهم بعضا(83) ولا يسمى الملك منهم تبعاً حتى يملك اليمن والشحر وحضرموت ومن لم يكن له شيء من هذا الامر فيسمى ملكاً ولا يقال له تبع(84). وهذا الرمز يعطي بعض الصحة فيما ذهب إليه المؤرخين العرب بقولهم بان ملك اليمن لا يسمى تبعاً حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير(85).
ومهما يكن من آمر فان تلك الاجراءات السياسية التي بدأت منذ مطلع عهد شمر يهرعش واستمرت في عهد خلفائه جعلت قبيلة حمير تلعب دور سياسي ريادي في اليمن القديم لم تقم به اية قوة سياسة اخرى، واصبح دور الملوك الحميريين لا تمثيل مصالح حمير ومناطقها فحسب بل رعاية مصالح اليمنيين كافة في طول الارض اليمنية وعرضها والاستفادة من جهودهم جميعاً في كافة المجالات سواء أكانت سياسية أم اقتصادية مما جسد دون شك الوحدة الحقيقية التي عمل ملوك حمير على ترسيخها منذ اواخر القرن 3م(86) واستمرت قرنين من الزمان.