اكبر العوائل الحضرمية ومن الاصول الحضرمية واستقروا في السعودية وشاركوا بتأسيسها ونهضتها من البدايه
اكبر العوائل الحضرمية ومن الاصول الحضرميه وصاروا من نسيج المجتمع السعودي وبنوا النهضة السعودية
ال باعشن
ال بن زقر
ال باناجه
ال باطرفي
ال بن لادن
ال العمودي
ال بن محفوظ
ال باخشب
ال الكثيري
ال بامعوضه
ال باوزير
ال بقشان
ال الكاف
ال العطاس
ال السقاف
هذي من اقدم الاسر التي اتت الي المملكه من قبل ميه وخمسين سنه وسكنت في مدينه جده
منشأ الحضارم
ليس الحضارم عرقا خاصاً بل هم من عرب شبة الجزيرة العربية وبالتحديد من منطقة حضرموت
تفصل بينهم وبين بقية أخوتهم من شتى الأقطار العربية بضعة كيلومترات ..
ركب أجدادهم البحار صوب شواطئ جديدة في شرق آسيا وفي أفريقيا منذ قرون خوال
شخصيات حضرمية بارزة على مدار التاريخ
منهم الشاعر إمرؤ القيس بن حجر الكِندي, والمقنع بن حجر الكِندي ، وأبو العلاء الحضرمي ، وعبد الرحمن الغافقي ومروراً بــأبي عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي وعلي أحمد باكثير و عبدالله بلخير الذي ساهم في الثورة الثقافية في المملكة العربية السعودية في الزمن القريب وأيضا الشيخ محمد أبوبكر باخشب
ساهم في بناء جامعة الملك عبد العزيز، والكثير الكثير من ألمع رجالات الإقتصاد أمثال الشيخ سالم بن محفوظ و أحمد سعيد بقشان ومشايخ آل العمودي و آل بامعوضة ، والشيخ محمد بن لادن الذي أشرف على أعمال أطهر ثلاثة مساجد،
وأيضا في مجال العلوم البروفيسورة د. سهاد باحجري الكِندي، والعديد غيرهم ممن قدموا للمجتمعات التي عاشوا فيها خدمات جليلة >> مشايخ ال بانافع<< مشايخ لها جذور عريقة في ارض الحضارمة.
واغلب من هم في العلم والدعاة والشيوخ السعوديين ولهم صلة بانتشار الاسلام في شرق آسيا وخاصة اندونسيا هم حضارم اصلا
وقد اكتسبو ورث التجارة من اجدادهم من العلم والحرفة وقد انتقل البعض منهم الى السعودية وبالتحديد مدينة جدة
نشر الترات العربي والإسلامي
ينتشر الحضارم في أصقاع الدول العربية أيضا سواء كان الخليج أو الشام وحتى في المغرب العربي الكبير،
وقد أفادوا كثيرا تلك الدول العربية التي أصبحوا ينتمون إليها .
للحضارم تاريخ في الفكر والأدب والدعوة والفقه في البلدان التي إستقروا بها ففي إندونيسيا وسنغافورا وماليزيا وغيرها
من جزر شرق آسيا عشرات المؤلفات وعشرات الصحف وعشرات المعارك الفكرية التي ألفها وأصدرها وخاضها الحضارم .
اليوم نجد الكثير من الحضارم في مناصب سياسية عالية فنجد السلطان بنفسة حضرمي،
وإذا نظرنا كمثال إلى سلطان دولة بروناي فالسلطان بنفسه حضرمي الأصل وينتمي إلى عائلة بلقين .
وقد قال الكاتب الكويتي الدكتور “الحجي” في كتاب عن الشيخ عبد العزيز الرشيد الذي أتصل برجال الدعوة الحضارم هناك ، وأختلط تاريخه بتاريخهم إن الحضارم المسلمين هم رواد الحركة الأدبية الصحفية العربية في المهجر الشرقي مثلما كان الشاميون المسيحيون هم أصحاب الفضل في تأسيس الحركة الأدبية العربية في المهجر الغربي “أمريكا” ولكن الفرق أن أحداً لم يدرس حركة الأدب والصحافة التي أسسها العرب المسلمون في الشرق وإنصبت الدراسات على ما قام به العرب المسيحيون في أمريكا .!
الحضارم والإندماج في المجتمعات الجديدة
لم يعزل الحضارم أنفسهم عن المجتمعات التي هاجروا صوبها ، بل هناك تزاوج و صلة رحم وود بينهم .
وقد إنصهر الكثير منهم في تلك المجتمعات وصاروا من نسيج ذلك المجتمع وجزء من تلك الأمم فوفق منهم الكثير في جانب التجارة والحياة العملية.
وحين إبتدأت الهجرة الحضرمية إلى شبة الجزيرة العربية وبالذات إلى أرض الحجاز،
دخلها الحضارمة وهي أشد فقرا وأعظم تخلفا ، فجاؤها و عملوا فيها وبنوا نهضتها .
الهجرة الحضرمية
هاجر العرب قديما إلى العديد من الدول وقد سميت هذه الهجرات بالشتات العربي،
وكان من أهم هذه الهجرات هجرة الحضارم إلى مجموعة عديدة من البلدان في آسيا وإفريقيا
وحتى أجزاء من أوروبا ، لقد كان أكبر تأثير يظهر للعيان في بعض دول آسيا ومنها ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة و بروناي، وقد إستطاع الحضارمة من تكوين الثروات في هذه البلاد بشكل سريع جدا ، و أيضا وجدوا التقبل والترحيب من شعب الملايو فإستطاعوا أن يغزوا قلوبهم بتعاليم الإسلام السمحة.
أماكن تواجد الحضارمة
يتواجد الحضارمة في السعودية خاصة منطقة الحجاز ودول الخليج منذ بداية القرن التاسع عشر ، وايضا في دول جنوب شرق آسيا إندونيسيا ، ماليزيا ، سنغافورة، بروناي، الهند وأرجاء ستى من العالم.
غالبيتهم إختلطوا مع السكان واصبحوا يحملون ملامحهم ولكن لا يزال بعضهم يتكلم العربية في تلك البلاد ويعتبرون انفسهم حضارمة عرب ويترواح اعدادهم بين 3 و 7 مليون نسمة.
هجرة الحضارمة مفصلة في كتاب عولمة الحضارم ما بين الاستثمار والتوطين لكاتبة د .عبدالله بن مرعي بن محفوظ
دور الحضارم في التجارة الآسيوية
اكبر العوائل الحضرمية ومن الاصول الحضرميه وصاروا من نسيج المجتمع السعودي وبنوا النهضة السعودية
ال باعشن
ال بن زقر
ال باناجه
ال باطرفي
ال بن لادن
ال العمودي
ال بن محفوظ
ال باخشب
ال الكثيري
ال بامعوضه
ال باوزير
ال بقشان
ال الكاف
ال العطاس
ال السقاف
هذي من اقدم الاسر التي اتت الي المملكه من قبل ميه وخمسين سنه وسكنت في مدينه جده
منشأ الحضارم
ليس الحضارم عرقا خاصاً بل هم من عرب شبة الجزيرة العربية وبالتحديد من منطقة حضرموت
تفصل بينهم وبين بقية أخوتهم من شتى الأقطار العربية بضعة كيلومترات ..
ركب أجدادهم البحار صوب شواطئ جديدة في شرق آسيا وفي أفريقيا منذ قرون خوال
شخصيات حضرمية بارزة على مدار التاريخ
منهم الشاعر إمرؤ القيس بن حجر الكِندي, والمقنع بن حجر الكِندي ، وأبو العلاء الحضرمي ، وعبد الرحمن الغافقي ومروراً بــأبي عبدالرحمن بن خلدون الحضرمي وعلي أحمد باكثير و عبدالله بلخير الذي ساهم في الثورة الثقافية في المملكة العربية السعودية في الزمن القريب وأيضا الشيخ محمد أبوبكر باخشب
ساهم في بناء جامعة الملك عبد العزيز، والكثير الكثير من ألمع رجالات الإقتصاد أمثال الشيخ سالم بن محفوظ و أحمد سعيد بقشان ومشايخ آل العمودي و آل بامعوضة ، والشيخ محمد بن لادن الذي أشرف على أعمال أطهر ثلاثة مساجد،
وأيضا في مجال العلوم البروفيسورة د. سهاد باحجري الكِندي، والعديد غيرهم ممن قدموا للمجتمعات التي عاشوا فيها خدمات جليلة >> مشايخ ال بانافع<< مشايخ لها جذور عريقة في ارض الحضارمة.
واغلب من هم في العلم والدعاة والشيوخ السعوديين ولهم صلة بانتشار الاسلام في شرق آسيا وخاصة اندونسيا هم حضارم اصلا
وقد اكتسبو ورث التجارة من اجدادهم من العلم والحرفة وقد انتقل البعض منهم الى السعودية وبالتحديد مدينة جدة
نشر الترات العربي والإسلامي
ينتشر الحضارم في أصقاع الدول العربية أيضا سواء كان الخليج أو الشام وحتى في المغرب العربي الكبير،
وقد أفادوا كثيرا تلك الدول العربية التي أصبحوا ينتمون إليها .
للحضارم تاريخ في الفكر والأدب والدعوة والفقه في البلدان التي إستقروا بها ففي إندونيسيا وسنغافورا وماليزيا وغيرها
من جزر شرق آسيا عشرات المؤلفات وعشرات الصحف وعشرات المعارك الفكرية التي ألفها وأصدرها وخاضها الحضارم .
اليوم نجد الكثير من الحضارم في مناصب سياسية عالية فنجد السلطان بنفسة حضرمي،
وإذا نظرنا كمثال إلى سلطان دولة بروناي فالسلطان بنفسه حضرمي الأصل وينتمي إلى عائلة بلقين .
وقد قال الكاتب الكويتي الدكتور “الحجي” في كتاب عن الشيخ عبد العزيز الرشيد الذي أتصل برجال الدعوة الحضارم هناك ، وأختلط تاريخه بتاريخهم إن الحضارم المسلمين هم رواد الحركة الأدبية الصحفية العربية في المهجر الشرقي مثلما كان الشاميون المسيحيون هم أصحاب الفضل في تأسيس الحركة الأدبية العربية في المهجر الغربي “أمريكا” ولكن الفرق أن أحداً لم يدرس حركة الأدب والصحافة التي أسسها العرب المسلمون في الشرق وإنصبت الدراسات على ما قام به العرب المسيحيون في أمريكا .!
الحضارم والإندماج في المجتمعات الجديدة
لم يعزل الحضارم أنفسهم عن المجتمعات التي هاجروا صوبها ، بل هناك تزاوج و صلة رحم وود بينهم .
وقد إنصهر الكثير منهم في تلك المجتمعات وصاروا من نسيج ذلك المجتمع وجزء من تلك الأمم فوفق منهم الكثير في جانب التجارة والحياة العملية.
وحين إبتدأت الهجرة الحضرمية إلى شبة الجزيرة العربية وبالذات إلى أرض الحجاز،
دخلها الحضارمة وهي أشد فقرا وأعظم تخلفا ، فجاؤها و عملوا فيها وبنوا نهضتها .
الهجرة الحضرمية
هاجر العرب قديما إلى العديد من الدول وقد سميت هذه الهجرات بالشتات العربي،
وكان من أهم هذه الهجرات هجرة الحضارم إلى مجموعة عديدة من البلدان في آسيا وإفريقيا
وحتى أجزاء من أوروبا ، لقد كان أكبر تأثير يظهر للعيان في بعض دول آسيا ومنها ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة و بروناي، وقد إستطاع الحضارمة من تكوين الثروات في هذه البلاد بشكل سريع جدا ، و أيضا وجدوا التقبل والترحيب من شعب الملايو فإستطاعوا أن يغزوا قلوبهم بتعاليم الإسلام السمحة.
أماكن تواجد الحضارمة
يتواجد الحضارمة في السعودية خاصة منطقة الحجاز ودول الخليج منذ بداية القرن التاسع عشر ، وايضا في دول جنوب شرق آسيا إندونيسيا ، ماليزيا ، سنغافورة، بروناي، الهند وأرجاء ستى من العالم.
غالبيتهم إختلطوا مع السكان واصبحوا يحملون ملامحهم ولكن لا يزال بعضهم يتكلم العربية في تلك البلاد ويعتبرون انفسهم حضارمة عرب ويترواح اعدادهم بين 3 و 7 مليون نسمة.
هجرة الحضارمة مفصلة في كتاب عولمة الحضارم ما بين الاستثمار والتوطين لكاتبة د .عبدالله بن مرعي بن محفوظ
دور الحضارم في التجارة الآسيوية
لقد إستطاع العرب بأن يلعبوا دورا مهما في التجارة منذ القرن الخامس عشر في منطقة جنوب شرق آسيا،
وعندما تمكن السيد ستامفورد (Sir Stamford) من إكتشاف سنغافورة في عام 1819 للميلاد،
قام بإجتذاب العرب إلى مدينته الجديدة . وبحلول عام 1824 للميلاد، كان هناك 15 مواطن عربي من أصل عدد سكان المدينة البالغ عددهم 10,683 مواطن،
وقد كان لديه الشعور بأن الهجرة العربية سوف تتزايد بشكل سريع، وتحديدا كان مخططه بأن يجعل من سنغافورة منطقة عربية ،
وفي إعلان لجنة الإسكان لعام 1822 ميلادية ، صرح قائلا ” سوف يتم أخذ العرب بعين الإعتبار ومتطلباتهم ، وأعتقد بأنه من الأفضل أن تكون مقر إقامتهم بجوار مقر سكن السلطان”.
وكما ذكرنا سابقا بأن أوائل العرب قد وصلوا إلى سنغافورة في عام 1819 للميلاد،
وقد كان أو إثنين من التجار شديدوا الثراء، وكانوا من بالمبانج (Palembang) في سومطرة .
وقد تزايدت أعدادهم بشكل تدريجي، وفي عام 1846 للميلاد، كان هناك خمسة عوائل من تجار العرب ، ومنهم عائله الجنيد وهي عائلة غنية ومؤثرة نشأت في سنغافورة ، وكذالك أيضا عائلة الكاف و السقاف وغيرهم.
أيضا قد تم تسمية العديد من الشوارع بأسماء العوائل العربية، إضافة إلى بعض المجالس البلدية.
لقد كانت عائلة السقاف مشهورة بتجارة التوابل العربية، وقد أصبحوا بعد ذالك مع العوائل المؤثرة نتيجة الزواج الحاصل بينهم وبين إحدى العوائل السلطانية من سيليس (Celebes) وبذالك إكتسبوا العديد من الأملاك هناك ، مثلهم مثل العوائل العربية الأخرى هناك ، بالإضافة إلى (Perseverance Estate) حيث تنموا (lemon grass)، وهذه المنطقة تعتبر الآن قلب الجالية الإسلامية في سنغافورة ، بالإضافة إلى كونهم تجار ناجحون ويمتلكون العديد
من الأراضي ، وأصبحت الأسرة تشارك في الشؤون المدنية وقد قام أفراد العائلة على حمل أعباء المكتب المدني بصورة متقطعة منذ عام (1870) للميلاد حتى الإستقلال
لقد وصلت عائلة الكاف في عام (1852) للميلاد ، وقد عاشت جميع هذه العوائل في قصور الثراء الفاحش ، لقد أصبح المنزل الذي كانت يقطنه عائلة الكاف مطعم للأكل وأصبح اسم هذا المطعم “قصر الكاف” (al-Kaff Mansion)،
وكان المغزى من ذالك هو إبقاء اسم العائلة ، مع أنه لايوجد للحضارم قصرفي طريقة شكله المعماري .
اللهجة الحضرمية
يمكن تقسيم اللهجة الحضرمية من حيث المفردات والخصائص الأخرى إلى ثلاثة اقسام :
اللهجة البدوية : وتتواجد في وديان وادي حضرموت وهي لهجة محافظة لم تطرأ عليها مفردات دخيلة .
لهجة الحضر : في وادي حضرموت وهم سكان المدن وفيها بعض المفردات التي جاءت من تأثير الهجرة إلى جنوب شرقي آسيا وافريقيا .
لهجة ساحل حضرموت : وفيها بعض المفردات من تأثير الهجرة إلى الهند . كما توجد في الحضرمية بعض المفردات
التي تعود إلى المرحلة الإستعمارية البريطانية وقد بدأت هذه المفردات الدخيلة على اللهجة في الداخل والساحل في الاختفاء
نتيجة للتغيرات الإجتماعية والاقتصادية في المنطقة
النظام الصوتي لـ اللهجة
تتميز اللهجة الحضرمية بخصائص معينة منها قلب الجيم ياء في بعض مدن وقرى الوادي والساحل .
اما في وادي دوعن وبعض المدن الاخرى فان الجيم تنطق صوتا غاريا انفجاريا مجهورا او جيما معطشة.
كما تنطق القاف صوتا حنكيا انفجاريا مجهورا. اما الضاد والظاء فقد دمجا في صوت واحد هو الظاء في حضرموت الداخل . كما دمجا في الضاد في حضرموت الساحل
وعندما تمكن السيد ستامفورد (Sir Stamford) من إكتشاف سنغافورة في عام 1819 للميلاد،
قام بإجتذاب العرب إلى مدينته الجديدة . وبحلول عام 1824 للميلاد، كان هناك 15 مواطن عربي من أصل عدد سكان المدينة البالغ عددهم 10,683 مواطن،
وقد كان لديه الشعور بأن الهجرة العربية سوف تتزايد بشكل سريع، وتحديدا كان مخططه بأن يجعل من سنغافورة منطقة عربية ،
وفي إعلان لجنة الإسكان لعام 1822 ميلادية ، صرح قائلا ” سوف يتم أخذ العرب بعين الإعتبار ومتطلباتهم ، وأعتقد بأنه من الأفضل أن تكون مقر إقامتهم بجوار مقر سكن السلطان”.
وكما ذكرنا سابقا بأن أوائل العرب قد وصلوا إلى سنغافورة في عام 1819 للميلاد،
وقد كان أو إثنين من التجار شديدوا الثراء، وكانوا من بالمبانج (Palembang) في سومطرة .
وقد تزايدت أعدادهم بشكل تدريجي، وفي عام 1846 للميلاد، كان هناك خمسة عوائل من تجار العرب ، ومنهم عائله الجنيد وهي عائلة غنية ومؤثرة نشأت في سنغافورة ، وكذالك أيضا عائلة الكاف و السقاف وغيرهم.
أيضا قد تم تسمية العديد من الشوارع بأسماء العوائل العربية، إضافة إلى بعض المجالس البلدية.
لقد كانت عائلة السقاف مشهورة بتجارة التوابل العربية، وقد أصبحوا بعد ذالك مع العوائل المؤثرة نتيجة الزواج الحاصل بينهم وبين إحدى العوائل السلطانية من سيليس (Celebes) وبذالك إكتسبوا العديد من الأملاك هناك ، مثلهم مثل العوائل العربية الأخرى هناك ، بالإضافة إلى (Perseverance Estate) حيث تنموا (lemon grass)، وهذه المنطقة تعتبر الآن قلب الجالية الإسلامية في سنغافورة ، بالإضافة إلى كونهم تجار ناجحون ويمتلكون العديد
من الأراضي ، وأصبحت الأسرة تشارك في الشؤون المدنية وقد قام أفراد العائلة على حمل أعباء المكتب المدني بصورة متقطعة منذ عام (1870) للميلاد حتى الإستقلال
لقد وصلت عائلة الكاف في عام (1852) للميلاد ، وقد عاشت جميع هذه العوائل في قصور الثراء الفاحش ، لقد أصبح المنزل الذي كانت يقطنه عائلة الكاف مطعم للأكل وأصبح اسم هذا المطعم “قصر الكاف” (al-Kaff Mansion)،
وكان المغزى من ذالك هو إبقاء اسم العائلة ، مع أنه لايوجد للحضارم قصرفي طريقة شكله المعماري .
اللهجة الحضرمية
يمكن تقسيم اللهجة الحضرمية من حيث المفردات والخصائص الأخرى إلى ثلاثة اقسام :
اللهجة البدوية : وتتواجد في وديان وادي حضرموت وهي لهجة محافظة لم تطرأ عليها مفردات دخيلة .
لهجة الحضر : في وادي حضرموت وهم سكان المدن وفيها بعض المفردات التي جاءت من تأثير الهجرة إلى جنوب شرقي آسيا وافريقيا .
لهجة ساحل حضرموت : وفيها بعض المفردات من تأثير الهجرة إلى الهند . كما توجد في الحضرمية بعض المفردات
التي تعود إلى المرحلة الإستعمارية البريطانية وقد بدأت هذه المفردات الدخيلة على اللهجة في الداخل والساحل في الاختفاء
نتيجة للتغيرات الإجتماعية والاقتصادية في المنطقة
النظام الصوتي لـ اللهجة
تتميز اللهجة الحضرمية بخصائص معينة منها قلب الجيم ياء في بعض مدن وقرى الوادي والساحل .
اما في وادي دوعن وبعض المدن الاخرى فان الجيم تنطق صوتا غاريا انفجاريا مجهورا او جيما معطشة.
كما تنطق القاف صوتا حنكيا انفجاريا مجهورا. اما الضاد والظاء فقد دمجا في صوت واحد هو الظاء في حضرموت الداخل . كما دمجا في الضاد في حضرموت الساحل
هذه قصيده ارسلها #حضرمي للرد على النكت الى تصفهم بالبخل
من حضرموت العلم والفن والحضارة جاني خَبَرْ
نكد على الخاطر وعكر صفو قلبي في السمر
مضمونه إن الحضرمي ماهو كما كل البشر
ما يدري القايل بأن الحضرمي مثل القمر
شارق على كل بحر في شتى بقاع الله وبر
في العلم بارع والتجارة حيث ما حل واستقر
من حيث ما حط القدم للحضرمي يبقى اثر
فيه الأمانة والوفاء والصدق مع بعد النظر
الحضرمي دكتور ومهندس وعالم معتبر
الحضرمي موقعه في أعلى تسلسل للتجر
الطيب طبعه والشهامة في بلاده والسفر
الصين تشهد له وتشهد له بالأخلاق المجر
والدين بفضل الله ثم بالحضارم انتشر
في آسيا وأفريقيا شرع الحضارم ما قصر
أيضا وفي جده وفي نجد وفي الخبر
والعاصمة صنعاء وفي تونس وفي دوحة قطر
الحضرمي صمته ذهب خالص وكلماته دُرر
ما يعرف الهذرة ويهرج بالمفيد المختصر
يا من بلا واقع تدق عالباب هذا والوتر
راجع حساباتك ولا تهبر كما كل من هبر
لا في الحراسة عيب يا هذا وتحميل المَدر
العيب في من خالف السنة وداوم واستمر
الحضرمي روعُه في الإخلاص والعفة بَدَر
في المرجلة قِسمُهْ يعادل قسم ستعشر نفر
الحضرمي لا حط كفه تحت خده تلحف بالشجر
ما يهاب الذيب ولا (هام) ولا عقرب تحت الحجر
الحضرمي سيف ما يحب الخمخمه ولاشغب الوَضَر
لا يجالس النمام وقليل الخاتمه عنده ماله مقر
شوف العسل من وين (ياللقام) ولا ما عندك خبر
هذا عسل دوعن (نُوُبُهْ) يعزف على المدروف في وسط الوصر
الحضرمي سيل في الحق والإنصاف يهدر هدر
مغروم تتخطاه بالقوة ( فقه ) وخل عندك بصر
الحضرمي لا يعرف ( الخَجَهْ) ولا له في لهو السهر
قيم في صلاته ومن (غبشه) كما الطير هلل وفر
يطلب الرحمن ستره ورزقه ويبعده عن كل شر
لا له في التلوان والترزاح وصفطات الغجر
(يُشم) على كف أمه وأبوه ( دُوب) إذا خرج ولا حضر
خزوه عليه إن قال هاي دادي ولا هاي ياماي مذر
الحضرمي التاريخ يشهد له وكتاب السير
ساس الحضارة هو وغيره كما (القمبوس) من غير وتر
والنخل من طرحه طرحلُهْ شِيِ حمر وِشِيِ صفر
والسكني إذشافه في عتمة الليل قال أين المفر
الحضرمي أصل وفصل يا هذا ماهو خُرْ طُرْ
حاسب على قولك واللسان زلاته تودي في خطر
وختامها صلوا على المختار سيد كل البشر
من حضرموت العلم والفن والحضارة جاني خَبَرْ
نكد على الخاطر وعكر صفو قلبي في السمر
مضمونه إن الحضرمي ماهو كما كل البشر
ما يدري القايل بأن الحضرمي مثل القمر
شارق على كل بحر في شتى بقاع الله وبر
في العلم بارع والتجارة حيث ما حل واستقر
من حيث ما حط القدم للحضرمي يبقى اثر
فيه الأمانة والوفاء والصدق مع بعد النظر
الحضرمي دكتور ومهندس وعالم معتبر
الحضرمي موقعه في أعلى تسلسل للتجر
الطيب طبعه والشهامة في بلاده والسفر
الصين تشهد له وتشهد له بالأخلاق المجر
والدين بفضل الله ثم بالحضارم انتشر
في آسيا وأفريقيا شرع الحضارم ما قصر
أيضا وفي جده وفي نجد وفي الخبر
والعاصمة صنعاء وفي تونس وفي دوحة قطر
الحضرمي صمته ذهب خالص وكلماته دُرر
ما يعرف الهذرة ويهرج بالمفيد المختصر
يا من بلا واقع تدق عالباب هذا والوتر
راجع حساباتك ولا تهبر كما كل من هبر
لا في الحراسة عيب يا هذا وتحميل المَدر
العيب في من خالف السنة وداوم واستمر
الحضرمي روعُه في الإخلاص والعفة بَدَر
في المرجلة قِسمُهْ يعادل قسم ستعشر نفر
الحضرمي لا حط كفه تحت خده تلحف بالشجر
ما يهاب الذيب ولا (هام) ولا عقرب تحت الحجر
الحضرمي سيف ما يحب الخمخمه ولاشغب الوَضَر
لا يجالس النمام وقليل الخاتمه عنده ماله مقر
شوف العسل من وين (ياللقام) ولا ما عندك خبر
هذا عسل دوعن (نُوُبُهْ) يعزف على المدروف في وسط الوصر
الحضرمي سيل في الحق والإنصاف يهدر هدر
مغروم تتخطاه بالقوة ( فقه ) وخل عندك بصر
الحضرمي لا يعرف ( الخَجَهْ) ولا له في لهو السهر
قيم في صلاته ومن (غبشه) كما الطير هلل وفر
يطلب الرحمن ستره ورزقه ويبعده عن كل شر
لا له في التلوان والترزاح وصفطات الغجر
(يُشم) على كف أمه وأبوه ( دُوب) إذا خرج ولا حضر
خزوه عليه إن قال هاي دادي ولا هاي ياماي مذر
الحضرمي التاريخ يشهد له وكتاب السير
ساس الحضارة هو وغيره كما (القمبوس) من غير وتر
والنخل من طرحه طرحلُهْ شِيِ حمر وِشِيِ صفر
والسكني إذشافه في عتمة الليل قال أين المفر
الحضرمي أصل وفصل يا هذا ماهو خُرْ طُرْ
حاسب على قولك واللسان زلاته تودي في خطر
وختامها صلوا على المختار سيد كل البشر
ومن مشاهير الحضارم اللذين
لهم بصمة في تاريخ المملكة العربية السعودية
عبدالله عمر بلخير
أول وزير إعلام ومدير عام الإذاعة والصحافة والنشر السعودي
عمر السقاف
أول وزير للخارجية السعودية
أحمد باخشب
المؤسس الفعلي لجامعة الملك عبدالعزيز سنة 1967م
حيث تبرع بمبلغ مليون ريال لتأسيس الجامعة
وهي تساوي الآن مئة مليون ريال
اللواء سالم باريان
قائد ومؤسس الكلية البحرية بالمملكة العربية السعودية
اللواء ركن / عمر بن حسن بابعير
قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في المملكة العربية السعودية
الشيخ جنيد عبد القادر باجنيد
نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي
خلال الفترة من 1963م- 1973م
المعلم الشيخ محمد بن عوض بن لادن رحمة الله
الشيخ محمد بن عبود بن علي العمودي
وغيرهم من الأمثلة التي لاحصر لها
أمثال سالم بن محفوظ الذي بنى إحدى أهم روافد الاقتصاد السعودية واحد أهم مراكز الصرافة بالمملكة التي مولت العديد من المشاريع الخاصة والعامة
وصالح بابكر الذي أسس أكبر شركات استيراد الرز من الهند للمملكة العربية السعودية
وأحمد سعيد بقشان ومساهمته في الثورة العمرانية بشكل ملفت وخصوصا في الحجاز
ومشايخ آل العمودي وآل بامعوضة الصيارفة الذين دفعوا رواتب الدولة في يوما من الايام .
ليس الحضارم عرقا خاصاً بل هم أخواناً لكل العرب من هذه الجزيرة تفصل بينهم وبين بقية أخوتهم من شتى الأقطار العربية بضعة كيلومترات من الرمال،
ركب أجدادهم البحار صوب شواطئ جديدة في شرق آسيا وفي أفريقيا منذ قرون خوال، وكانوا خير بني يعرب تمسكا بالدين ومحافضة على قيمه السامية شرفاً وأمانة.
إن العقلية الحضرمية والتركيبة النفسية الحضرمية، تفرض على إخوانكم الحضارمة أن يكونوا أناس لا يعشقون المظاهر، فبينهم وبينها جفوة كبيرة، هم البسطاء في التفكير والعقلية والحياة والعيش،
ميالون إلى الحياء والخجل كثيرا، يتحملون الأذى والمكاره بالصبر، مقرنين النعمة بالشكر والثناء. جدية في العمل وحرصا على المصلحة وسعياً نحو النجاح .
وهناك الكثير من الناس لا يعلمون أن للحضارم تاريخاً عريقاً ليس في التجارة فحسب بل في الفكر والأدب والدعوة والفقه في البلدان التي استقروا بها
ففي إندونيسيا وسنغافورا وماليزيا والإمارات وغيرها من جزر شرق آسيا عشرات المؤلفات وعشرات الصحف وعشرات المعارك الفكرية التي ألفها وأصدرها وخاضها الحضارم
ومما يحز في النفس أن يتجاهل ويغيب في غياهب التاريخ اجتهاد الحضارم المجيد في خدمة الدعوة الإسلامية واللغة العربية والأدب العربي
تحيه لكل الحضارم
لهم بصمة في تاريخ المملكة العربية السعودية
عبدالله عمر بلخير
أول وزير إعلام ومدير عام الإذاعة والصحافة والنشر السعودي
عمر السقاف
أول وزير للخارجية السعودية
أحمد باخشب
المؤسس الفعلي لجامعة الملك عبدالعزيز سنة 1967م
حيث تبرع بمبلغ مليون ريال لتأسيس الجامعة
وهي تساوي الآن مئة مليون ريال
اللواء سالم باريان
قائد ومؤسس الكلية البحرية بالمملكة العربية السعودية
اللواء ركن / عمر بن حسن بابعير
قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في المملكة العربية السعودية
الشيخ جنيد عبد القادر باجنيد
نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي
خلال الفترة من 1963م- 1973م
المعلم الشيخ محمد بن عوض بن لادن رحمة الله
الشيخ محمد بن عبود بن علي العمودي
وغيرهم من الأمثلة التي لاحصر لها
أمثال سالم بن محفوظ الذي بنى إحدى أهم روافد الاقتصاد السعودية واحد أهم مراكز الصرافة بالمملكة التي مولت العديد من المشاريع الخاصة والعامة
وصالح بابكر الذي أسس أكبر شركات استيراد الرز من الهند للمملكة العربية السعودية
وأحمد سعيد بقشان ومساهمته في الثورة العمرانية بشكل ملفت وخصوصا في الحجاز
ومشايخ آل العمودي وآل بامعوضة الصيارفة الذين دفعوا رواتب الدولة في يوما من الايام .
ليس الحضارم عرقا خاصاً بل هم أخواناً لكل العرب من هذه الجزيرة تفصل بينهم وبين بقية أخوتهم من شتى الأقطار العربية بضعة كيلومترات من الرمال،
ركب أجدادهم البحار صوب شواطئ جديدة في شرق آسيا وفي أفريقيا منذ قرون خوال، وكانوا خير بني يعرب تمسكا بالدين ومحافضة على قيمه السامية شرفاً وأمانة.
إن العقلية الحضرمية والتركيبة النفسية الحضرمية، تفرض على إخوانكم الحضارمة أن يكونوا أناس لا يعشقون المظاهر، فبينهم وبينها جفوة كبيرة، هم البسطاء في التفكير والعقلية والحياة والعيش،
ميالون إلى الحياء والخجل كثيرا، يتحملون الأذى والمكاره بالصبر، مقرنين النعمة بالشكر والثناء. جدية في العمل وحرصا على المصلحة وسعياً نحو النجاح .
وهناك الكثير من الناس لا يعلمون أن للحضارم تاريخاً عريقاً ليس في التجارة فحسب بل في الفكر والأدب والدعوة والفقه في البلدان التي استقروا بها
ففي إندونيسيا وسنغافورا وماليزيا والإمارات وغيرها من جزر شرق آسيا عشرات المؤلفات وعشرات الصحف وعشرات المعارك الفكرية التي ألفها وأصدرها وخاضها الحضارم
ومما يحز في النفس أن يتجاهل ويغيب في غياهب التاريخ اجتهاد الحضارم المجيد في خدمة الدعوة الإسلامية واللغة العربية والأدب العربي
تحيه لكل الحضارم
#باخشب.. أول يمني حضرمي يحصل على لقب الباشا كسعودي
محمد أبوبكر باخشب باشا.
لأسباب كثيرة تراوحت ما بين الجغرافي والديني والاجتماعي والتجاري ارتبطت حضرموت بالحجاز منذ حقبة ما قبل الإسلام. وحينما بدأت أفواج الحضارم هجراتها إلى جنوب شرق آسيا بحثاً عن لقمة العيش وتحسين ظروفها الاجتماعية، اتجه قسم منها صوب الحجاز للعمل والاستقرار، وكان بين هؤلاء من قدم للتتلمذ على يد علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة أو للتدريس في الحرمين الشريفين. وبمرور الأيام وتقادم السنين اندمجت العائلات الحضرمية المهاجرة في المجتمع الحجازي وانصهرت معه وصارت جزءاً من نسيجه الاجتماعي والثقافي، بل برزت بينهم شخصيات بلغت مراتب علمية عالية أهلتها لتولي مناصب دينية رفيعة في الحرمين المكي والمدني، وأيضاً في مدينة جدة، سواء في العهد الهاشمي أو العهد السعودي. من ضمن هؤلاء: عبداللطيف بن أحمد باكثير (قاضي قضاة الشافعية بمكة)، ومحمد بن أبي بكر الشلي (تولى التدريس بالحرم المكي)، وحسين بن محمد الحبشي (تولى الإفتاء للشافعية بمكة)، وعمر أبوبكر باجنيد (تولى التدريس في الحرم المكي ثم عينه الشريف حسين بن علي مستشاراً دينياً له)، ومحمد سعيد بابصيل (تولى مشيخة العلماء في مكة)، وذلك طبقاً لما أورده الأستاذ الدكتور مسعود عمشوش في مقال له نشره في أحد المواقع الإلكترونية بتاريخ 19/6/2011، وقد تضمن المقال أيضاً إشارة إلى كتاب «علماء الحضارم في جدة» لمؤلفه علي بن سالم العميري (توفي سنة 1373 للهجرة)، وهو كتاب يشتمل على تراجم لشخصيات حضرمية عاشت في جدة ولعبت دوراً في شرح كتب العلم الشرعي من بعد تتلمذها على يد علماء الحرم المكي مثل الشيخ سالم بن عفيف الذي درس قرابة العشرين عاماً على يد الشيخ عبدالحق الهاشمي وعلى يد الشيخين علي عبدالرزاق حمزة وحسن المشاط وغيرهم. وفي الكتاب أيضاً ذكر للعالم الشرعي والأديب اللغوي محمد بن أحمد باشميل الذي ولد في حضرموت وقدم للسعودية في عهد الملك عبدالعزيز، حاملاً معه مشاعل العلم والثقافة بشكل ملفت للنظر، فتمكن خلال سنوات محدودة من أن يصبح علامة فارقة في الصحافة السعودية.
الاستقرار في الحجاز
يقول الدكتور عمشوش (مصدر سابق) ما مفاده بأنه في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، قام عدد من الحضارم ممن أثروا من عملهم التجاري في أقطار جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا والملايو وسنغافورة، وتحديداً أولئك المنحدرين من وادي دوعن، بإرسال أبنائهم للاستقرار في الحجاز، بهدف فتح مؤسسات مالية بسيطة تقدم خدمات الصرافة والتحويل والتمويل للمسلمين الذين يأتون من جميع الأقطار الإسلامية إلى الحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة. ويضيف قائلاً: «وقد اختار العثمانيون بعضاً منهم ـ مثل باناجة ـ لإدارة الشؤون المالية لولاية الحجاز. ومن بعدهم نهج الأشراف السلوك نفسه، ففي عهد الشريف عبدالمطلب عُيِّن عبدالله بامصفر وزيراً للمالية، وفي عهد الشريف عبدالله بن عون تولى الوزارة عبدالله باناعمة، وفي عهد الملك حسين بن علي عام 1916 كان عبدالله باشا باناجة وزيراً للمالية». ويستطرد عمشوش قائلا: إنه في هذه الحقبة، وتحديداً في بدايات القرن العشرين، حدث شيء آخر ملفت للانتباه هو إرسال حضارم المهجر الآسيوي لأبنائهم الصغار إلى الحجاز للعمل لدى الأسر الموسرة في مكة والمدينة، فكان أن وصل ثلة ممن ساهموا بنجاج مشهود في مشاريع التنمية الاقتصادية والتجارية والخدمية في المملكة العربية السعودية بعد قيامها مثل: عبدالله بلخير، وأحمد بغلف، ومحمد بن لادن، وسالم بن محفوظ، وأبناء سعيد بقشان وغيرهم.
الجنسية السعودية
وإذا ما تحدثنا عن الحضارم في العهد السعودي الزاهر، نجد أنهم كانوا في مقدمة من أعلن الولاء والطاعة للملك عبدالعزيز آل سعود في الأيام الأولى لدخول جلالته الحجاز، حيث كان عددهم آنذاك نحو خمسة آلاف شخص، طبقاً لبيانات نشرتها الحكومة البريطانية في عام 1930. كما كانوا في مقدمة من اختار حمل الجنسية السعودية بدلاً من الجنسية الحجازية، الأمر الذي جعل الملك عبدالعزيز يدعوهم إلى مجالسه ويعينهم في اللجان الحكومية ويقلدهم المناصب الرسمية. وكان أبرز هؤلاء الأديب والإعلامي والسياسي الشيخ عبدالله عمر بلخير الذي اعتمدت عليه إدارة الملك عبدالعزيز، قبل أن يعينه المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز رئيساً لديوانه، ويكلفه بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عام 1374هـ، ليصبح أول وزير للإعلام في المملكة. وكانت هناك، بالإضافة إلى بلخير، شخصيات أخرى مثل الشيخ سالم بن أحمد بن الشيبة بن محفوظ الذي أسس أول مؤسسة مصرفية في المملكة تحت اسم «البنك الأهلي التجاري»، والمعلم محمد بن لادن الذي أسس «شركة بن لادن السعودية» التي كلفتها الدولة بترميم وتوسعة الحرمين الشريفين وشق الطرق المعبدة نحو المشاعر المقدسة، والشيخ أحمد سعيد بقشان الذي أسهم في تحديث الحياة الاقتصادية والتجارية.
محمد أبوبكر باخشب باشا.
لأسباب كثيرة تراوحت ما بين الجغرافي والديني والاجتماعي والتجاري ارتبطت حضرموت بالحجاز منذ حقبة ما قبل الإسلام. وحينما بدأت أفواج الحضارم هجراتها إلى جنوب شرق آسيا بحثاً عن لقمة العيش وتحسين ظروفها الاجتماعية، اتجه قسم منها صوب الحجاز للعمل والاستقرار، وكان بين هؤلاء من قدم للتتلمذ على يد علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة أو للتدريس في الحرمين الشريفين. وبمرور الأيام وتقادم السنين اندمجت العائلات الحضرمية المهاجرة في المجتمع الحجازي وانصهرت معه وصارت جزءاً من نسيجه الاجتماعي والثقافي، بل برزت بينهم شخصيات بلغت مراتب علمية عالية أهلتها لتولي مناصب دينية رفيعة في الحرمين المكي والمدني، وأيضاً في مدينة جدة، سواء في العهد الهاشمي أو العهد السعودي. من ضمن هؤلاء: عبداللطيف بن أحمد باكثير (قاضي قضاة الشافعية بمكة)، ومحمد بن أبي بكر الشلي (تولى التدريس بالحرم المكي)، وحسين بن محمد الحبشي (تولى الإفتاء للشافعية بمكة)، وعمر أبوبكر باجنيد (تولى التدريس في الحرم المكي ثم عينه الشريف حسين بن علي مستشاراً دينياً له)، ومحمد سعيد بابصيل (تولى مشيخة العلماء في مكة)، وذلك طبقاً لما أورده الأستاذ الدكتور مسعود عمشوش في مقال له نشره في أحد المواقع الإلكترونية بتاريخ 19/6/2011، وقد تضمن المقال أيضاً إشارة إلى كتاب «علماء الحضارم في جدة» لمؤلفه علي بن سالم العميري (توفي سنة 1373 للهجرة)، وهو كتاب يشتمل على تراجم لشخصيات حضرمية عاشت في جدة ولعبت دوراً في شرح كتب العلم الشرعي من بعد تتلمذها على يد علماء الحرم المكي مثل الشيخ سالم بن عفيف الذي درس قرابة العشرين عاماً على يد الشيخ عبدالحق الهاشمي وعلى يد الشيخين علي عبدالرزاق حمزة وحسن المشاط وغيرهم. وفي الكتاب أيضاً ذكر للعالم الشرعي والأديب اللغوي محمد بن أحمد باشميل الذي ولد في حضرموت وقدم للسعودية في عهد الملك عبدالعزيز، حاملاً معه مشاعل العلم والثقافة بشكل ملفت للنظر، فتمكن خلال سنوات محدودة من أن يصبح علامة فارقة في الصحافة السعودية.
الاستقرار في الحجاز
يقول الدكتور عمشوش (مصدر سابق) ما مفاده بأنه في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، قام عدد من الحضارم ممن أثروا من عملهم التجاري في أقطار جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا والملايو وسنغافورة، وتحديداً أولئك المنحدرين من وادي دوعن، بإرسال أبنائهم للاستقرار في الحجاز، بهدف فتح مؤسسات مالية بسيطة تقدم خدمات الصرافة والتحويل والتمويل للمسلمين الذين يأتون من جميع الأقطار الإسلامية إلى الحجاز لأداء مناسك الحج والعمرة. ويضيف قائلاً: «وقد اختار العثمانيون بعضاً منهم ـ مثل باناجة ـ لإدارة الشؤون المالية لولاية الحجاز. ومن بعدهم نهج الأشراف السلوك نفسه، ففي عهد الشريف عبدالمطلب عُيِّن عبدالله بامصفر وزيراً للمالية، وفي عهد الشريف عبدالله بن عون تولى الوزارة عبدالله باناعمة، وفي عهد الملك حسين بن علي عام 1916 كان عبدالله باشا باناجة وزيراً للمالية». ويستطرد عمشوش قائلا: إنه في هذه الحقبة، وتحديداً في بدايات القرن العشرين، حدث شيء آخر ملفت للانتباه هو إرسال حضارم المهجر الآسيوي لأبنائهم الصغار إلى الحجاز للعمل لدى الأسر الموسرة في مكة والمدينة، فكان أن وصل ثلة ممن ساهموا بنجاج مشهود في مشاريع التنمية الاقتصادية والتجارية والخدمية في المملكة العربية السعودية بعد قيامها مثل: عبدالله بلخير، وأحمد بغلف، ومحمد بن لادن، وسالم بن محفوظ، وأبناء سعيد بقشان وغيرهم.
الجنسية السعودية
وإذا ما تحدثنا عن الحضارم في العهد السعودي الزاهر، نجد أنهم كانوا في مقدمة من أعلن الولاء والطاعة للملك عبدالعزيز آل سعود في الأيام الأولى لدخول جلالته الحجاز، حيث كان عددهم آنذاك نحو خمسة آلاف شخص، طبقاً لبيانات نشرتها الحكومة البريطانية في عام 1930. كما كانوا في مقدمة من اختار حمل الجنسية السعودية بدلاً من الجنسية الحجازية، الأمر الذي جعل الملك عبدالعزيز يدعوهم إلى مجالسه ويعينهم في اللجان الحكومية ويقلدهم المناصب الرسمية. وكان أبرز هؤلاء الأديب والإعلامي والسياسي الشيخ عبدالله عمر بلخير الذي اعتمدت عليه إدارة الملك عبدالعزيز، قبل أن يعينه المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز رئيساً لديوانه، ويكلفه بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر عام 1374هـ، ليصبح أول وزير للإعلام في المملكة. وكانت هناك، بالإضافة إلى بلخير، شخصيات أخرى مثل الشيخ سالم بن أحمد بن الشيبة بن محفوظ الذي أسس أول مؤسسة مصرفية في المملكة تحت اسم «البنك الأهلي التجاري»، والمعلم محمد بن لادن الذي أسس «شركة بن لادن السعودية» التي كلفتها الدولة بترميم وتوسعة الحرمين الشريفين وشق الطرق المعبدة نحو المشاعر المقدسة، والشيخ أحمد سعيد بقشان الذي أسهم في تحديث الحياة الاقتصادية والتجارية.
ومع نمو الحركة التجارية في عموم مدن المملكة وأقاليمها، وارتفاع دخول المواطنين وبالتالي تزايد رغباتهم وحاجاتهم الاستهلاكية، استمرت أعداد المهاجرين الحضارم في السعودية في الارتفاع ففاقت في عام 1936 عشرة آلاف شخص أكثرهم في جدة ومكة المكرمة. وقد قام هؤلاء بالمساهمة الفعالة لجهة توفير السلع والبضائع الحديثة جنباً إلى جنب مع توفير الكثير من الخدمات التي كانت المملكة بحاجة ماسة لها في بواكير نهضتها.
لقب «باشا»
كانت المقدمة الطويلة السابقة توطئة للحديث عن علَم من أعلام التنمية من ذوي الأصول الحضرمية في المملكة العربية السعودية، ورائد من رواد النقل والمواصلات فيها في الزمن المبكر، وشخصية كريمة كانت له أيادٍ بيضاء على العلم والمتعلمين، والإشارة هنا إلى الشيخ محمد أبوبكر باخشب باشا. وإذا كان شهبندر تجار الحجاز «عبدالله يوسف باناجة باشا» نال لقب الباشوية من قبل الدولة العثمانية زمن الحكم الهاشمي بسبب أمجاده التجارية وشهرته المدوية التي تجاوزت الحجاز إلى تركيا ومصر والهند، والتي حققها بعصامية فذة منذ أن سكن مع عائلته الأراضي الحجازية قبل أكثر من قرن ونصف القرن من اليوم، فإن الشيخ محمد بن أبوبكر باخشب حصل على لقب الباشوية من لدن الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان كنوع من التقدير لشخصه والاعتراف بجهوده لجهة التبرع لأعمال الخير والبر في المملكة المصرية، ومن هنا قيل إن باخشب هو المواطن السعودي الوحيد الذي نال لقب «باشا».
استيراد «لمبة الغاز»
ولد باخشب في قرية «العرسمة» إحدى قرى وادي ليسر بدوعن في حضرموت في تاريخ غير معروف تحديداً. واضطر كغيره من الحضارم لترك موطن آبائه وأجداده والهجرة بحثاً عن الرزق الحلال، فقادته طموحاته في أربعينات القرن العشرين إلى شرق أفريقيا، وتحديداً إلى أريتريا حينما كانت هذه البلاد خاضعة للاستعمار الإيطالي، وينقصها الكثير من الخدمات. وبسبب ذكائه من جهة ومثابرته من جهة أخرى تمكن من الحصول على امتياز استيراد وتسويق مصابيح الإنارة العاملة بالكيروسين أو ما يُعرف بـ «لمبة الغاز». كان هذا الامتياز بداية لانطلاق باخشب في عالم «البزنس». إذ سرعان ما نجح في تكوين ثروة لا بأس بها استخدمها في تعزيز مركزه التجاري من خلال الاستثمار في أعمال الملاحة والنقل البحري، حيث امتلك أسطولاً من السفن التجارية مكوناً من حوالى 18 باخرة كبيرة ومتوسطة.
في منتصف الأربعينات هُزمت إيطاليا في الحرب الكونية الثانية على يد الحلفاء كما هو معروف، فورثت بريطانيا إدارة المستعمرات الإيطالية في شرق أفريقيا، ومن ضمنها أريتريا التي صارت تحت الانتداب البريطاني. هنا نجد باخشب يشمر عن سواعده ويستغل التطورات الجديدة للتقرب من البريطانيين من أجل الحصول على امتياز تموين سفنهم وبواخرهم وجنودهم، خصوصاً في ظل تمكنه من مخاطبتهم بلغتهم الإنجليزية.
يقولون إن النفوذ التجاري والمالي مقدمة للوجاهة والنفوذ الاجتماعي، وهذا ما انطبق على باخشب في أريتريا، ففي غضون سنوات من العمل والمثابرة قفز من مهاجر قليل الدخل والحيلة في الأربعينات إلى رئيس للجالية العربية في أسمرة في أوائل الخمسينات.
ورغم أن الرجل كان بإمكانه مواصلة الإقامة والعمل وتعزيز موقعه التجاري في أريتريا، إلا أنه لسبب ما آثر أن يخرج منها ويتوجه إلى المملكة العربية السعودية في خمسينات القرن العشرين، وتحديداً في عهد المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي رحب به وشرفه بحمل الجنسية السعودية أسوة بغيره من أبناء حضرموت من ذوي الرغبة والطموح في خدمة بلاد الحرمين الشريفين والاستقرار بها.
لكن هناك روايات تفيد بأن قدومه إلى السعودية كان في الأربعينات، هرباً من ويلات الحرب وتداعياتها الاقتصادية المربكة في أريتريا، وأن الذي رحب بقدومه كان الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، خصوصاً بعدما أفصح لجلالته بأنه يود الاستثمار في خدمات نقل الحجاج إلى مكة المكرمة من خلال إدخال الحافلات الكبيرة والحديثة (بمقاييس ذلك الزمن). حيث كان الملك عبدالعزيز يولي هذا الجانب اهتماماً كبيراً من منطلق حرص جلالته على تأمين أفضل سبل الراحة لضيوف بيت الله الحرام، بدليل ظهور العديد من الشركات وأصحاب الأعمال الذين استثمروا في هذا القطاع آنذاك، بدءاً من مطلع الخمسينات التي سمحت فيها الدولة للمواطنين، شركات وأفراد، بالمساهمة في نقل الحجاج فظهرت شركات مثل: خميس نصار، العربية، المغربي، التوفيق، الكعكي، الداخلي، باخشب (انظر صحيفة المدينة 3/9/2016).
وهكذا، أسس باخشب شركة حملت اسم «شركة محمد أبوبكر باخشب باشا وأولاده» لإدارة أسطول من الحافلات مكون من 92 حافلة.
لقب «باشا»
كانت المقدمة الطويلة السابقة توطئة للحديث عن علَم من أعلام التنمية من ذوي الأصول الحضرمية في المملكة العربية السعودية، ورائد من رواد النقل والمواصلات فيها في الزمن المبكر، وشخصية كريمة كانت له أيادٍ بيضاء على العلم والمتعلمين، والإشارة هنا إلى الشيخ محمد أبوبكر باخشب باشا. وإذا كان شهبندر تجار الحجاز «عبدالله يوسف باناجة باشا» نال لقب الباشوية من قبل الدولة العثمانية زمن الحكم الهاشمي بسبب أمجاده التجارية وشهرته المدوية التي تجاوزت الحجاز إلى تركيا ومصر والهند، والتي حققها بعصامية فذة منذ أن سكن مع عائلته الأراضي الحجازية قبل أكثر من قرن ونصف القرن من اليوم، فإن الشيخ محمد بن أبوبكر باخشب حصل على لقب الباشوية من لدن الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان كنوع من التقدير لشخصه والاعتراف بجهوده لجهة التبرع لأعمال الخير والبر في المملكة المصرية، ومن هنا قيل إن باخشب هو المواطن السعودي الوحيد الذي نال لقب «باشا».
استيراد «لمبة الغاز»
ولد باخشب في قرية «العرسمة» إحدى قرى وادي ليسر بدوعن في حضرموت في تاريخ غير معروف تحديداً. واضطر كغيره من الحضارم لترك موطن آبائه وأجداده والهجرة بحثاً عن الرزق الحلال، فقادته طموحاته في أربعينات القرن العشرين إلى شرق أفريقيا، وتحديداً إلى أريتريا حينما كانت هذه البلاد خاضعة للاستعمار الإيطالي، وينقصها الكثير من الخدمات. وبسبب ذكائه من جهة ومثابرته من جهة أخرى تمكن من الحصول على امتياز استيراد وتسويق مصابيح الإنارة العاملة بالكيروسين أو ما يُعرف بـ «لمبة الغاز». كان هذا الامتياز بداية لانطلاق باخشب في عالم «البزنس». إذ سرعان ما نجح في تكوين ثروة لا بأس بها استخدمها في تعزيز مركزه التجاري من خلال الاستثمار في أعمال الملاحة والنقل البحري، حيث امتلك أسطولاً من السفن التجارية مكوناً من حوالى 18 باخرة كبيرة ومتوسطة.
في منتصف الأربعينات هُزمت إيطاليا في الحرب الكونية الثانية على يد الحلفاء كما هو معروف، فورثت بريطانيا إدارة المستعمرات الإيطالية في شرق أفريقيا، ومن ضمنها أريتريا التي صارت تحت الانتداب البريطاني. هنا نجد باخشب يشمر عن سواعده ويستغل التطورات الجديدة للتقرب من البريطانيين من أجل الحصول على امتياز تموين سفنهم وبواخرهم وجنودهم، خصوصاً في ظل تمكنه من مخاطبتهم بلغتهم الإنجليزية.
يقولون إن النفوذ التجاري والمالي مقدمة للوجاهة والنفوذ الاجتماعي، وهذا ما انطبق على باخشب في أريتريا، ففي غضون سنوات من العمل والمثابرة قفز من مهاجر قليل الدخل والحيلة في الأربعينات إلى رئيس للجالية العربية في أسمرة في أوائل الخمسينات.
ورغم أن الرجل كان بإمكانه مواصلة الإقامة والعمل وتعزيز موقعه التجاري في أريتريا، إلا أنه لسبب ما آثر أن يخرج منها ويتوجه إلى المملكة العربية السعودية في خمسينات القرن العشرين، وتحديداً في عهد المغفور له الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي رحب به وشرفه بحمل الجنسية السعودية أسوة بغيره من أبناء حضرموت من ذوي الرغبة والطموح في خدمة بلاد الحرمين الشريفين والاستقرار بها.
لكن هناك روايات تفيد بأن قدومه إلى السعودية كان في الأربعينات، هرباً من ويلات الحرب وتداعياتها الاقتصادية المربكة في أريتريا، وأن الذي رحب بقدومه كان الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، خصوصاً بعدما أفصح لجلالته بأنه يود الاستثمار في خدمات نقل الحجاج إلى مكة المكرمة من خلال إدخال الحافلات الكبيرة والحديثة (بمقاييس ذلك الزمن). حيث كان الملك عبدالعزيز يولي هذا الجانب اهتماماً كبيراً من منطلق حرص جلالته على تأمين أفضل سبل الراحة لضيوف بيت الله الحرام، بدليل ظهور العديد من الشركات وأصحاب الأعمال الذين استثمروا في هذا القطاع آنذاك، بدءاً من مطلع الخمسينات التي سمحت فيها الدولة للمواطنين، شركات وأفراد، بالمساهمة في نقل الحجاج فظهرت شركات مثل: خميس نصار، العربية، المغربي، التوفيق، الكعكي، الداخلي، باخشب (انظر صحيفة المدينة 3/9/2016).
وهكذا، أسس باخشب شركة حملت اسم «شركة محمد أبوبكر باخشب باشا وأولاده» لإدارة أسطول من الحافلات مكون من 92 حافلة.
وبالتزامن نجده يساير ما شهدته مدينة جدة من انقلاب في ثقافتها وأنماطها الحياتية وغزو المنتجات الغربية لأسواقها التجارية في نهايات الأربعينات ومطلع الخمسينات فيفتتح معرضاً للسيارات من نوع «فيات» الإيطالية، ملحقاً به ورشة كبيرة لصيانتها، ومكتباً لتأجيرها، لينضم بذلك إلى الرجال الأوائل ممن استثمروا في تجارة السيارات والحافلات في جدة من أمثال محمد محمود زاهد وإخوانه (تجارة سيارات جنرال موتورز الأمريكية)، والمقاول محمد علي موصلي (تجارة سيارات فولكس فاغن الألمانية)، والحاج عبدالله علي رضا (تجارة سيارات فورد الأمريكية)، وإبراهيم شاكر (تجارة سيارات كرايسلر الأمريكية)، إضافة إلى الشيخ محمد سرور الصبان الذي أسس «شركة الفلاح للسيارات».
ومما قيل عن باخشب إنه كان بصدد التوسع في أعمال النقل والمواصلات لتشمل امتلاك أسطول من الطائرات لتأمين وصول الحجاج إلى جدة من البلاد البعيدة بطرق ميسرة وأكثر راحة وأقصر زمناً. غير أن الملك عبدالعزيز، طبقاً لإحدى الروايات، فضل أن تكون ملكية الأسطول
الجوي للدولة ومن ضمن مسؤولياتها وإشرافها.
في ذاكرة أبناء جدة
بعيداً عن كل ما سبق تفصيله، يظل الشيخ باخشب اسماً محفوراً في ذاكرة أبناء مدينة جدة لسبب آخر هو فضله الكبير على العلم والمتعلمين. فهو أبرز من ساهموا في عام 1967 في تأسيس جامعة جدة الأهلية التي عُرفت بـ «جامعة الملك عبدالعزيز» بعد تحويلها إلى جامعة حكومية بدءاً من عام 1974، بل كان ضمن لجنتها التأسيسية إلى جانب كل من أحمد شطا وأحمد صلاح الدين وعبدالله الدباغ ووهيب بن زقر ومحمد علي حافظ. فقد تبرع لها بمبلغ مليوني ريال، وهو مبلغ قال عنه الكاتب عبدالله باجبير في مقال له بصحيفة الاقتصادية السعودية (1/5/2009) «لعله الرجل الوحيد الذي تبرع بمليوني ريال أيام كان المليون رقماً تنحني له الجباه. لقد كان باخشب باشا رجلاً من الزمن الجميل».
التبرع السخي لجامعة جدة
عن حيثيات تبرع باخشب السخي لتأسيس الجامعة كتب الدكتور عبدالله صادق دحلان في مدونته الإلكترونية ما مفاده أن الشيخ أحمد صلاح جمجوم وزير التجارة الأسبق والمدير العام الأسبق للخطوط الجوية السعودية تم تكليفه بجمع التبرعات من كبار رجال الأعمال في جدة بهدف تأسيس أول جامعة أهلية في عروس البحر الأحمر، فذهب إلى باخشب باشا الذي كان أكبر تاجر وأكبر مالك سفن بجدة، وعرض عليه الأمر، وكانت الأخبار وقتها تقول إن إحدى أكبر سفن باخشب قد غرقت في البحر وهي محملة بالبضائع، الأمر الذي ألحق به خسائر كبيرة فضلاً عن مطالبة التجار له بتعويضهم، علماً بأن الباخرة لم يكن مؤمناً عليها. هنا تدخل جمجوم وأقنع التجار بالتنازل وأن هذا قضاء وقدر ولا ذنب لباخشب فيه. وبعد محاولات طويلة تنازل التجار عن مطالبهم بالفعل فسارع جمجوم إلى منزل باخشب ليزف له البشرى، قائلا: «لقد تنازل التجار عن حقوقهم في الباخرة التي غرقت فماذا أنت متنازل عنه اليوم؟»، فقال له «أنت أحكم وأنا أنفذ»، قال له «أطلب منك التنازل عن قيمة الباخرة»، فقال له «وأنا قبلت التنازل عن الباخرة» ظناً منه أنها غرقت ولاجدوى منها، وسأله عن قيمتها آنذاك فقال «اثنين مليون ريال». وفي نهاية الزيارة قال جمجوم لباخشب «وبماذا ستتبرع لو علمت أن الباخرة لم تغرق وستصل جدة بعد أسبوع؟»، فقال له «أنت تأمر وأنا جاهز»، فقال له جمجوم «تبرع بقيمتها لبناء جامعة أهلية لأهل جدة»، فوافق باخشب باشا على ذلك وقد كان فعلاً أكبر تبرع.
عمائر باخشب
ومن إسهامات باخشب العمرانية قيامه ببناء المساكن المعروفة بعمائر باخشب بجانب القشلة في جدة، وعمائر باخشب في مدينة الخبر شرق السعودية. وقد أطلق على الشارع الذي يربط بين مطار جدة والدوار المؤدي إلى جامعة الملك عبدالعزيز من جهة وإلى الكيلو 15 على طريق مكة القديم (حيث كان منزل الباشا) من جهة أخرى اسم «شارع محمد أبوبكر باخشب» تكريماً له لتبرعه السخي للجامعة.
توفي باخشب باشا بمدينة جدة في عام 1390 للهجرة الموافق لسنة 1970 وقبل وفاته تم تكريمه من قبل رجل لا يقل عنه مكانة لجهة أعمال البر والخير ودعم صروح العلم، ألا وهو تاجر اللؤلؤ الشيخ محمد علي زينل علي رضا رحمه الله المعروف بتأسيسه وإنفاقه على مدارس الفلاح بمكة وجدة والبحرين ودبي.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين
ومما قيل عن باخشب إنه كان بصدد التوسع في أعمال النقل والمواصلات لتشمل امتلاك أسطول من الطائرات لتأمين وصول الحجاج إلى جدة من البلاد البعيدة بطرق ميسرة وأكثر راحة وأقصر زمناً. غير أن الملك عبدالعزيز، طبقاً لإحدى الروايات، فضل أن تكون ملكية الأسطول
الجوي للدولة ومن ضمن مسؤولياتها وإشرافها.
في ذاكرة أبناء جدة
بعيداً عن كل ما سبق تفصيله، يظل الشيخ باخشب اسماً محفوراً في ذاكرة أبناء مدينة جدة لسبب آخر هو فضله الكبير على العلم والمتعلمين. فهو أبرز من ساهموا في عام 1967 في تأسيس جامعة جدة الأهلية التي عُرفت بـ «جامعة الملك عبدالعزيز» بعد تحويلها إلى جامعة حكومية بدءاً من عام 1974، بل كان ضمن لجنتها التأسيسية إلى جانب كل من أحمد شطا وأحمد صلاح الدين وعبدالله الدباغ ووهيب بن زقر ومحمد علي حافظ. فقد تبرع لها بمبلغ مليوني ريال، وهو مبلغ قال عنه الكاتب عبدالله باجبير في مقال له بصحيفة الاقتصادية السعودية (1/5/2009) «لعله الرجل الوحيد الذي تبرع بمليوني ريال أيام كان المليون رقماً تنحني له الجباه. لقد كان باخشب باشا رجلاً من الزمن الجميل».
التبرع السخي لجامعة جدة
عن حيثيات تبرع باخشب السخي لتأسيس الجامعة كتب الدكتور عبدالله صادق دحلان في مدونته الإلكترونية ما مفاده أن الشيخ أحمد صلاح جمجوم وزير التجارة الأسبق والمدير العام الأسبق للخطوط الجوية السعودية تم تكليفه بجمع التبرعات من كبار رجال الأعمال في جدة بهدف تأسيس أول جامعة أهلية في عروس البحر الأحمر، فذهب إلى باخشب باشا الذي كان أكبر تاجر وأكبر مالك سفن بجدة، وعرض عليه الأمر، وكانت الأخبار وقتها تقول إن إحدى أكبر سفن باخشب قد غرقت في البحر وهي محملة بالبضائع، الأمر الذي ألحق به خسائر كبيرة فضلاً عن مطالبة التجار له بتعويضهم، علماً بأن الباخرة لم يكن مؤمناً عليها. هنا تدخل جمجوم وأقنع التجار بالتنازل وأن هذا قضاء وقدر ولا ذنب لباخشب فيه. وبعد محاولات طويلة تنازل التجار عن مطالبهم بالفعل فسارع جمجوم إلى منزل باخشب ليزف له البشرى، قائلا: «لقد تنازل التجار عن حقوقهم في الباخرة التي غرقت فماذا أنت متنازل عنه اليوم؟»، فقال له «أنت أحكم وأنا أنفذ»، قال له «أطلب منك التنازل عن قيمة الباخرة»، فقال له «وأنا قبلت التنازل عن الباخرة» ظناً منه أنها غرقت ولاجدوى منها، وسأله عن قيمتها آنذاك فقال «اثنين مليون ريال». وفي نهاية الزيارة قال جمجوم لباخشب «وبماذا ستتبرع لو علمت أن الباخرة لم تغرق وستصل جدة بعد أسبوع؟»، فقال له «أنت تأمر وأنا جاهز»، فقال له جمجوم «تبرع بقيمتها لبناء جامعة أهلية لأهل جدة»، فوافق باخشب باشا على ذلك وقد كان فعلاً أكبر تبرع.
عمائر باخشب
ومن إسهامات باخشب العمرانية قيامه ببناء المساكن المعروفة بعمائر باخشب بجانب القشلة في جدة، وعمائر باخشب في مدينة الخبر شرق السعودية. وقد أطلق على الشارع الذي يربط بين مطار جدة والدوار المؤدي إلى جامعة الملك عبدالعزيز من جهة وإلى الكيلو 15 على طريق مكة القديم (حيث كان منزل الباشا) من جهة أخرى اسم «شارع محمد أبوبكر باخشب» تكريماً له لتبرعه السخي للجامعة.
توفي باخشب باشا بمدينة جدة في عام 1390 للهجرة الموافق لسنة 1970 وقبل وفاته تم تكريمه من قبل رجل لا يقل عنه مكانة لجهة أعمال البر والخير ودعم صروح العلم، ألا وهو تاجر اللؤلؤ الشيخ محمد علي زينل علي رضا رحمه الله المعروف بتأسيسه وإنفاقه على مدارس الفلاح بمكة وجدة والبحرين ودبي.
* أستاذ العلاقات الدولية - مملكة البحرين
نهضة #السعودية الاولى ع يد اليمنيين #الحضارم
#السعودية #حضرمية
#باناجة ونهضة ميناء #جدة
باناجة نفي مع أسرته إلى قبرص ومارس التجارة في تركيا وازدهر في #جدة
قراءة: د. عبدالله المدني
لا يمكن لأي باحث في تاريخ منطقة الحجاز أن يتجاوز التاريخ العبق لعائلاتها التجارية، وأعلامها في ميادين الفكر والثقافة، وشخصياتها التي حملت على أكتافها عبء البناء والتطوير والتنمية في الزمن الصعب. وإذا أراد الباحث أن يسرد قائمة بهذه العائلات ورجالاتها الميامين فسيجد صعوبة بالغة لكثرتها من جهة، ومن جهة أخرى لتعدد المجالات التي عملت بها فأبدعت وأثرت وأغنت.
والحقيقة أن كثيرا من هذه العائلات المؤثرة قدمت إلى الحجاز من حضرموت في العهد الهاشمي واستوطنت مكة وجدة والمدينة وما جاورها من مدن وبلدات، حيث عُرف أبناء حضرموت منذ أقدم الأزمنة بالهجرة والتغرب والانتشار في أقطار شبه الجزيرة العربية وبلاد الهند وإندونيسيا والملايو وسنغافورة والفلبين وغيرها.
من هذه العائلات الحضرمية التي استوطنت الحجاز وصارت جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع الحجازي، نذكر على سبيل المثال اللاحصري عائلات: العطاس، السقاف، الصبان، البار، الكاف، الحبشي، بلخير، بن زقر، بن لادن، بن محفوظ، بقشان، الكعكي، عبدالجواد، العامودي، باهارون، باكثير، باغفار، باسمح، باجنيد، باجبير، باوزير، بامعوضة، باقيس، باعشن، بابصيل، باروم، بامصفر، باناعمة، باحمدين، باسلامة، باخشب، وغيرها كثير من تلك التي انخرط بعضها في النشاط التجاري، فيما فضل بعضها الآخر العمل في السلك الحكومي ومجالات التعليم والقضاء والإدارة.
غير أن عائلة باناجة، التي سنركز عليها في هذه المادة من خلال تناول سيرة أحد أعمدتها وهو شهبندر تجار الحجاز عبدالله باشا باناجة، لها ذكر خاص في تاريخ الحجاز بسبب ما مارسه من أنشطة وما تعرض له من أزمات ومتاعب في العهدين العثماني والهاشمي منذ أن استوطن مع عائلته الأراضي الحجازية قبل أكثر من قرن ونصف القرن، ناهيك عما بناه لنفسه من أمجاد تجارية وشهرة مدوية تجاوزت الحجاز إلى تركيا ومصر والهند.
دعونا قبل الغوص في سيرة الرجل بالتفصيل، نقرأ ما كتبه عنه القومندان دافيد جورج هوغارث «David George Hogarth» الأركيولوجي البريطاني الذي كان يعمل لحساب توماس إدوارد لورانس المعروف بـ«لورانس أوف إرابيا»؛ ففي تقرير سري أعده في العامين 1917 و1918 عن الشخصيات الرئيسية في الحجاز أتى هوغارث على ذكر أسرة باناجة فقال (بتصرف): «باناجة الحضارم عائلة من مكة وجدة تعمل في التجارة مع الهند والسواحل، وتمتلك السفن الشراعية، وتسيّر حملات الأسلحة (مثلا إلى القنفذة خلال الحرب التركية ــ الإيطالية). رجالها المهمون هم: عبدالرحمن باناجة من جدة وهو عميد العائلة وقد سجنه الأتراك ذات مرة، أخوه عبدالله باناجة من جدة وهو رجل كبير السن أبيض الشعر ترأس اللجنة العليا لمدينة جدة ومنحه الأتراك لقب باشا، أحمد بن عبدالرحمن باناجة من مكة وهو في الثلاثين من العمر، طويل القامة جاحظ العينين له لحية سوداء متناثرة وشارب معتدل، عهد إليه الشريف بمنصب وزير المالية في أول وزارة له، انفصل عن أبيه وشركته واستقل بعمله، كان يقوم بإدارة أعمال الشريف قبل الثورة (يقصد الثورة العربية الكبرى)».
ولد عبدالله يوسف باناجة (باناجة من مشايخ دوعن وآل رشيد بحضرموت) في جدة في سنة 1270 للهجرة المصادف لسنة 1852 للميلاد، لكنه اضطر أن ينتقل مع والديه وأخيه عبدالرحمن إلى جزيرة قبرص منفيا في أعقاب الأحداث التي اصطلح على تسميتها بـ«فتنة جدة» التي وقعت في السادس من ذي القعدة 1274 المصادف لسنة سنة 1858 للميلاد.
وملخص القصة (نعتمد هنا على ما رواه الباحث منصور العساف في الزميلة «الرياض» (16/ 12/ 2016)، وما سجله الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري في الصفحتين 75 و76 من كتابه «تاريخ مدينة جدة» الصادر في عام 1963) هو أن صالح جوهر أحد تجار جدة، كان له مركب مرفوع عليه علم بريطانيا، فأراد أن يغيره ويرفع عليه العلم العثماني. ولما سمع القنصل البريطاني في جدة بالموضوع منعه، فلم يمتنع، بل نفذ ما يريد بعد أن أخذ إذنا من الوالي العثماني نامق باشا، فما كان من القنصل البريطاني إلا وأن أبحر إلى المركب ونزع العلم العثماني منه وداس عليه بقدمه، الأمر الذي أغضب الحجازيين وعدوها إهانة للمسلمين فقاموا بمداهمة القنصلية البريطانية وقتلوا القنصل ومعه القنصل الفرنسي وبعض الرعايا الغربيين المقيمين في جدة، مما دفع لندن إلى إرسال بوارجها إلى الأخيرة، حيث دكت المدينة ودمرت بعض أجزائها، فيما قامت السلطات العثمانية الحاكمة آنذاك بالتحقيق وإلقاء القبض على المتورطين والمحرضين ومعاقبتهم بالقتل أو النفي. وكان ممن تم نفيهم إلى قبرص يوسف باناجة الذي اصطحب عائلته معه إلى المنفى. وفي المنفى القبرصي تلقى عبدالله باناجة قسطا من التعليم قبل أن يعود إلى جدة مع والدته وأخيه عبدالرحمن في أعقاب وفاة والده يوسف في المنفى.
#السعودية #حضرمية
#باناجة ونهضة ميناء #جدة
باناجة نفي مع أسرته إلى قبرص ومارس التجارة في تركيا وازدهر في #جدة
قراءة: د. عبدالله المدني
لا يمكن لأي باحث في تاريخ منطقة الحجاز أن يتجاوز التاريخ العبق لعائلاتها التجارية، وأعلامها في ميادين الفكر والثقافة، وشخصياتها التي حملت على أكتافها عبء البناء والتطوير والتنمية في الزمن الصعب. وإذا أراد الباحث أن يسرد قائمة بهذه العائلات ورجالاتها الميامين فسيجد صعوبة بالغة لكثرتها من جهة، ومن جهة أخرى لتعدد المجالات التي عملت بها فأبدعت وأثرت وأغنت.
والحقيقة أن كثيرا من هذه العائلات المؤثرة قدمت إلى الحجاز من حضرموت في العهد الهاشمي واستوطنت مكة وجدة والمدينة وما جاورها من مدن وبلدات، حيث عُرف أبناء حضرموت منذ أقدم الأزمنة بالهجرة والتغرب والانتشار في أقطار شبه الجزيرة العربية وبلاد الهند وإندونيسيا والملايو وسنغافورة والفلبين وغيرها.
من هذه العائلات الحضرمية التي استوطنت الحجاز وصارت جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع الحجازي، نذكر على سبيل المثال اللاحصري عائلات: العطاس، السقاف، الصبان، البار، الكاف، الحبشي، بلخير، بن زقر، بن لادن، بن محفوظ، بقشان، الكعكي، عبدالجواد، العامودي، باهارون، باكثير، باغفار، باسمح، باجنيد، باجبير، باوزير، بامعوضة، باقيس، باعشن، بابصيل، باروم، بامصفر، باناعمة، باحمدين، باسلامة، باخشب، وغيرها كثير من تلك التي انخرط بعضها في النشاط التجاري، فيما فضل بعضها الآخر العمل في السلك الحكومي ومجالات التعليم والقضاء والإدارة.
غير أن عائلة باناجة، التي سنركز عليها في هذه المادة من خلال تناول سيرة أحد أعمدتها وهو شهبندر تجار الحجاز عبدالله باشا باناجة، لها ذكر خاص في تاريخ الحجاز بسبب ما مارسه من أنشطة وما تعرض له من أزمات ومتاعب في العهدين العثماني والهاشمي منذ أن استوطن مع عائلته الأراضي الحجازية قبل أكثر من قرن ونصف القرن، ناهيك عما بناه لنفسه من أمجاد تجارية وشهرة مدوية تجاوزت الحجاز إلى تركيا ومصر والهند.
دعونا قبل الغوص في سيرة الرجل بالتفصيل، نقرأ ما كتبه عنه القومندان دافيد جورج هوغارث «David George Hogarth» الأركيولوجي البريطاني الذي كان يعمل لحساب توماس إدوارد لورانس المعروف بـ«لورانس أوف إرابيا»؛ ففي تقرير سري أعده في العامين 1917 و1918 عن الشخصيات الرئيسية في الحجاز أتى هوغارث على ذكر أسرة باناجة فقال (بتصرف): «باناجة الحضارم عائلة من مكة وجدة تعمل في التجارة مع الهند والسواحل، وتمتلك السفن الشراعية، وتسيّر حملات الأسلحة (مثلا إلى القنفذة خلال الحرب التركية ــ الإيطالية). رجالها المهمون هم: عبدالرحمن باناجة من جدة وهو عميد العائلة وقد سجنه الأتراك ذات مرة، أخوه عبدالله باناجة من جدة وهو رجل كبير السن أبيض الشعر ترأس اللجنة العليا لمدينة جدة ومنحه الأتراك لقب باشا، أحمد بن عبدالرحمن باناجة من مكة وهو في الثلاثين من العمر، طويل القامة جاحظ العينين له لحية سوداء متناثرة وشارب معتدل، عهد إليه الشريف بمنصب وزير المالية في أول وزارة له، انفصل عن أبيه وشركته واستقل بعمله، كان يقوم بإدارة أعمال الشريف قبل الثورة (يقصد الثورة العربية الكبرى)».
ولد عبدالله يوسف باناجة (باناجة من مشايخ دوعن وآل رشيد بحضرموت) في جدة في سنة 1270 للهجرة المصادف لسنة 1852 للميلاد، لكنه اضطر أن ينتقل مع والديه وأخيه عبدالرحمن إلى جزيرة قبرص منفيا في أعقاب الأحداث التي اصطلح على تسميتها بـ«فتنة جدة» التي وقعت في السادس من ذي القعدة 1274 المصادف لسنة سنة 1858 للميلاد.
وملخص القصة (نعتمد هنا على ما رواه الباحث منصور العساف في الزميلة «الرياض» (16/ 12/ 2016)، وما سجله الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري في الصفحتين 75 و76 من كتابه «تاريخ مدينة جدة» الصادر في عام 1963) هو أن صالح جوهر أحد تجار جدة، كان له مركب مرفوع عليه علم بريطانيا، فأراد أن يغيره ويرفع عليه العلم العثماني. ولما سمع القنصل البريطاني في جدة بالموضوع منعه، فلم يمتنع، بل نفذ ما يريد بعد أن أخذ إذنا من الوالي العثماني نامق باشا، فما كان من القنصل البريطاني إلا وأن أبحر إلى المركب ونزع العلم العثماني منه وداس عليه بقدمه، الأمر الذي أغضب الحجازيين وعدوها إهانة للمسلمين فقاموا بمداهمة القنصلية البريطانية وقتلوا القنصل ومعه القنصل الفرنسي وبعض الرعايا الغربيين المقيمين في جدة، مما دفع لندن إلى إرسال بوارجها إلى الأخيرة، حيث دكت المدينة ودمرت بعض أجزائها، فيما قامت السلطات العثمانية الحاكمة آنذاك بالتحقيق وإلقاء القبض على المتورطين والمحرضين ومعاقبتهم بالقتل أو النفي. وكان ممن تم نفيهم إلى قبرص يوسف باناجة الذي اصطحب عائلته معه إلى المنفى. وفي المنفى القبرصي تلقى عبدالله باناجة قسطا من التعليم قبل أن يعود إلى جدة مع والدته وأخيه عبدالرحمن في أعقاب وفاة والده يوسف في المنفى.
غير أن إقامة عبدالله في جدة لم تطل، إذ سرعان ما دب الخلاف بينه وبين أخيه الأكبر محمد أفندي باناجة الذي كان يدير شؤون العائلة، فقرر الهجرة إلى عاصمة الدولة العثمانية (إسطنبول)، حيث انطلق الرجل يبني نفسه بعصامية من الصفر، إلى أن غدا اسما لامعا ليس في الأوساط التجارية التركية فقط وإنما أيضا لدى البلاط العثماني. فماذا فعل باناجة يا ترى ليحقق هذا المجد؟
لأن تجارة المجوهرات واللآلئ والأحجار النفيسة كانت رائجة في إسطنبول وقت وصوله إليها في زمن السلطان عبدالحميد، ولأن الرجل كان يتمتع بالذوق الرفيع في الاختيار والتنسيق والتصميم، فقد اشتغل بهذه التجارة، واستطاع أن ينتج من المجوهرات ما لفت أنظار المشترين ومن بينهم رجالات الدولة العثمانية. وهكذا سمع به السلطان عبدالحميد الذي قربه وجعله يعمل في بلاطه قبل أن يعينه في مجلس المبعوثان (البرلمان العثماني الذي أسسه السلطان عبدالحميد في عام 1877 وخصص فيه 71 مقعدا للمسلمين و44 مقعدا للمسيحيين و4 مقاعد لليهود) ويمنحه لقب الباشوية وما له من امتيازات وأوسمة ومكانة رفيعة في المجتمع. وبهذا سجل باناجة اسمه في تاريخ الحجاز كأول واحد من أبنائها، خارج دائرة أشراف مكة المكرمة، يحصل على الباشوية. هذا علما بأن عبدالله باناجة استقر في تركيا مدة ليست بالقصيرة، تزوج خلالها، وكان أثناء ذلك منقطعا عن أهله في الحجاز إلى أن جاءه نبأ وفاة أخيه محمد أفندي، عميد عائلة باناجة، فقرر العودة إلى جدة ليخلفه في العمادة.
ويخبرنا العساف في مقاله المشار إليه آنفا ما مفاده أن عودة الرجل إلى وطنه وأهله من بعد غياب طويل ارتبطت بحمى استملاكه للعقارات والأراضي، وتشييده للقصور والقاعات الكبيرة في جدة ومكة والطائف. حيث بدأ أولا في استملاك البيوت الصغيرة التي كانت تحيط بمنزل عائلته الصغير في «سوق الندى»، ثم اشترى أرضا واسعة أقام عليها بيتا كبيرا للعائلة ومخازن للبضائع ومكاتب لإدارة أنشطته التجارية، وأتبع هاتين الخطوتين بشراء بيت ملاصق للمسجد الحنفي الذي بني في عام 1240 للهجرة (1824 للميلاد) من أجل أن يضيف إليه ما عرف بـ«مقصورة باناجة» التي استخدمت لصلواتهم كما كانت ملتقى لأهل العلم والفكر والأعيان ومكانا تردد عليه الحكام مثل الشريف حسين بن علي وابنه الملك علي بن الحسين والملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) والملك فاروق الأول ملك مصر والسودان وسلطان الدولة القعيطية الحضرمية وغيرهم، علما بأن الملك عبدالعزيز بعد نجاحه في فتح جدة في عام 1924 اتخذ من مقصورة أو صالة باناجة، التي كانت من أبرز المعالم التراثية في المدينة خلال القرن العشرين، مكانا لاستقبال المواطنين والأهالي والأعيان والتشاور معهم وتلبية مطالبهم. وحول الجزئية الأخيرة كتب مؤرخ الحجاز وأديبها الجداوي المرحوم محمد علي مغربي في ترجمته للشيخ عبدالله باناجة في كتابه الموسوم بـ«أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة» الصادر في عام 1980 ما مفاده أنه رأى الملك عبدالعزيز يؤدي أول صلاة له في جدة في مقصورة آل باناجة، وأن آل باناجة كانوا قد استعدوا جيدا لاستقبال الملك الذي ذهب إليهم ماشيا من بيت نصيف وسط اكتظاظ الشوارع بالناس.
نشاطه العقاري تجاوز جدة إلى مكة فالطائف والقاهرة
لم يكتف عبدالله باناجة باستملاك العقارات وبناء القصور في جدة وحدها، بل مد نظره إلى مكة المكرمة أيضا التي اشترى فيها قصرا في منطقة الصفا بمواجهة الحرم المكي، مع ملحق يطل على شارع القشاشية، علما بأن هذا القصر نزل به الخديوي عباس وكذلك سلطان الدولة القعيطية الحضرمية حينما أديا مناسك الحج، ناهيك عن أنه كان قصرا مفتوحا طوال العام لاستقبال كبار الضيوف والشخصيات ولعقد الاجتماعات والندوات والأمسيات الأدبية والاحتفاء بالشعراء والمفكرين.
والمعروف أن هذا القصر الذي عرف باسم (دار باناجة) في مكة اشتراه عبدالله باشا باناجة من ورثة أحمد يكن باشا (ابن أخت محمد علي باشا ووزير ماليته وحربيته) في عام 1301 للهجرة (1884 للميلاد). وبسبب الطريق الضيق بين هذه الدار والدور الواقعة خلفها، قررت الحكومة السعودية شراءها من آل باناجة في عام 1368 للهجرة (1949 للميلاد) كي تهدمها توسعةً للشارع العام. ومن بعد جدة ومكة مد عبدالله باناجة بصره نحو الطائف التي شيد فيها -بما عُرف عنه من ذوق رفيع وحرص على اختيار أفضل المواقع وأكثرها جاذبية واهتماما بمعايير البناء الدقيقة- قصرا على الطراز التركي على شكل باخرة في (منطقة السلامة). والمعروف عند أهل الطائف القدامى أن الوالي التركي على الحجاز ما بين عامي 1893 إلى 1908 (الفريق أحمد راتب باشا) كان ينزل في هذا القصر (قصر الباخرة) كلما أراد الاصطياف في الطائف.
لأن تجارة المجوهرات واللآلئ والأحجار النفيسة كانت رائجة في إسطنبول وقت وصوله إليها في زمن السلطان عبدالحميد، ولأن الرجل كان يتمتع بالذوق الرفيع في الاختيار والتنسيق والتصميم، فقد اشتغل بهذه التجارة، واستطاع أن ينتج من المجوهرات ما لفت أنظار المشترين ومن بينهم رجالات الدولة العثمانية. وهكذا سمع به السلطان عبدالحميد الذي قربه وجعله يعمل في بلاطه قبل أن يعينه في مجلس المبعوثان (البرلمان العثماني الذي أسسه السلطان عبدالحميد في عام 1877 وخصص فيه 71 مقعدا للمسلمين و44 مقعدا للمسيحيين و4 مقاعد لليهود) ويمنحه لقب الباشوية وما له من امتيازات وأوسمة ومكانة رفيعة في المجتمع. وبهذا سجل باناجة اسمه في تاريخ الحجاز كأول واحد من أبنائها، خارج دائرة أشراف مكة المكرمة، يحصل على الباشوية. هذا علما بأن عبدالله باناجة استقر في تركيا مدة ليست بالقصيرة، تزوج خلالها، وكان أثناء ذلك منقطعا عن أهله في الحجاز إلى أن جاءه نبأ وفاة أخيه محمد أفندي، عميد عائلة باناجة، فقرر العودة إلى جدة ليخلفه في العمادة.
ويخبرنا العساف في مقاله المشار إليه آنفا ما مفاده أن عودة الرجل إلى وطنه وأهله من بعد غياب طويل ارتبطت بحمى استملاكه للعقارات والأراضي، وتشييده للقصور والقاعات الكبيرة في جدة ومكة والطائف. حيث بدأ أولا في استملاك البيوت الصغيرة التي كانت تحيط بمنزل عائلته الصغير في «سوق الندى»، ثم اشترى أرضا واسعة أقام عليها بيتا كبيرا للعائلة ومخازن للبضائع ومكاتب لإدارة أنشطته التجارية، وأتبع هاتين الخطوتين بشراء بيت ملاصق للمسجد الحنفي الذي بني في عام 1240 للهجرة (1824 للميلاد) من أجل أن يضيف إليه ما عرف بـ«مقصورة باناجة» التي استخدمت لصلواتهم كما كانت ملتقى لأهل العلم والفكر والأعيان ومكانا تردد عليه الحكام مثل الشريف حسين بن علي وابنه الملك علي بن الحسين والملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) والملك فاروق الأول ملك مصر والسودان وسلطان الدولة القعيطية الحضرمية وغيرهم، علما بأن الملك عبدالعزيز بعد نجاحه في فتح جدة في عام 1924 اتخذ من مقصورة أو صالة باناجة، التي كانت من أبرز المعالم التراثية في المدينة خلال القرن العشرين، مكانا لاستقبال المواطنين والأهالي والأعيان والتشاور معهم وتلبية مطالبهم. وحول الجزئية الأخيرة كتب مؤرخ الحجاز وأديبها الجداوي المرحوم محمد علي مغربي في ترجمته للشيخ عبدالله باناجة في كتابه الموسوم بـ«أعلام الحجاز في القرن الرابع عشر للهجرة» الصادر في عام 1980 ما مفاده أنه رأى الملك عبدالعزيز يؤدي أول صلاة له في جدة في مقصورة آل باناجة، وأن آل باناجة كانوا قد استعدوا جيدا لاستقبال الملك الذي ذهب إليهم ماشيا من بيت نصيف وسط اكتظاظ الشوارع بالناس.
نشاطه العقاري تجاوز جدة إلى مكة فالطائف والقاهرة
لم يكتف عبدالله باناجة باستملاك العقارات وبناء القصور في جدة وحدها، بل مد نظره إلى مكة المكرمة أيضا التي اشترى فيها قصرا في منطقة الصفا بمواجهة الحرم المكي، مع ملحق يطل على شارع القشاشية، علما بأن هذا القصر نزل به الخديوي عباس وكذلك سلطان الدولة القعيطية الحضرمية حينما أديا مناسك الحج، ناهيك عن أنه كان قصرا مفتوحا طوال العام لاستقبال كبار الضيوف والشخصيات ولعقد الاجتماعات والندوات والأمسيات الأدبية والاحتفاء بالشعراء والمفكرين.
والمعروف أن هذا القصر الذي عرف باسم (دار باناجة) في مكة اشتراه عبدالله باشا باناجة من ورثة أحمد يكن باشا (ابن أخت محمد علي باشا ووزير ماليته وحربيته) في عام 1301 للهجرة (1884 للميلاد). وبسبب الطريق الضيق بين هذه الدار والدور الواقعة خلفها، قررت الحكومة السعودية شراءها من آل باناجة في عام 1368 للهجرة (1949 للميلاد) كي تهدمها توسعةً للشارع العام. ومن بعد جدة ومكة مد عبدالله باناجة بصره نحو الطائف التي شيد فيها -بما عُرف عنه من ذوق رفيع وحرص على اختيار أفضل المواقع وأكثرها جاذبية واهتماما بمعايير البناء الدقيقة- قصرا على الطراز التركي على شكل باخرة في (منطقة السلامة). والمعروف عند أهل الطائف القدامى أن الوالي التركي على الحجاز ما بين عامي 1893 إلى 1908 (الفريق أحمد راتب باشا) كان ينزل في هذا القصر (قصر الباخرة) كلما أراد الاصطياف في الطائف.
وبسبب جمال أملاك باناجة العقارية ووجود أغلبها في مواقع متميزة وجودة بنائها، راحت أسعارها ترتفع، والطلب على استئجارها من قبل العقاريين والقنصليات والبعثات الأجنبية المعتمدة في جدة يتزايد، وبالتالي ازداد باناجة ثراء وارتفعت مكانته الاجتماعية. لكن هذه الأملاك آلت، من بعد وفاته في مصر في عام 1344 للهجرة (1926 للميلاد) عن عمر ناهز الرابعة والسبعين، إلى شقيقه عبدالرحمن باناجة لعدم وجود وريث له من صلبه. وفيما يتعلق بمدى ثراء آل باناجة ومكانتهم التجارية بين تجار الحجاز في تلك الحقبة، يمكن الاعتماد على سجلات حملة التبرعات التي جرت في الحجاز في شهر مارس من عام 1919 لصالح منكوبي الديار العربية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وهي حملة أقرها مجلس وكلاء الحجاز برئاسة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن سراج. هذه السجلات نشرتها صحيفة (القبلة) المكية في عدديها رقم 267 و274 الصادرين في عام 1337 للهجرة (الموافق 1919 للميلاد)، ومنها يتبين زعامة بيت باناجة (عبدالله باشا وعبدالرحمن باشا وأحمد أفندي عبدالرحمن باناجة) وبيت زينل (الحاج زينل والحاج عبدالله والحاج حسين) على تجار الحجاز كافة بدليل أن كل بيت منهما تبرع للحملة بمبلغ 500 جنيه إفرنجي، فيما كان مجموع المبالغ التي دفعها 50 كيانا تجاريا غيرهما هو 1729 جنيها إفرنجيا. وعليه فإن من يتبرع بهذا المبلغ الضخم بأسعار تلك الحقبة لا بد أن يكون تاجرا فاحش الثراء وعظيم القدر.
قلنا إن عبدالله باناجة احتفظ بعلاقات متينة مع السلطان العثماني، لكن كيف كانت علاقته مع شريف مكة الحسين بن علي؟ الحقيقة أن علاقته بحكام الحجاز الهاشميين كانت جيدة ولا يعكر صفوها أي أمر إلى أن تم تنصيب الشريف الحسين بن علي أميرا على الحجاز في سرادق ضخم بحي الهجلة في ذي القعدة من عام 1326 للهجرة المصادف لشهر ديسمبر 1908. حينها فقط شعر باناجة أن صلاته القوية المعروفة مع الأتراك قد تتسب له بالمتاعب مع الشريف الكاره لهم، وقد يتم التضييق عليه في رزقه ونشاطه التجاري. وقد ازدادت شكوكه تلك في أعقاب إعلان الشريف حسين تمرده على العثمانيين في عام 1916 في ما عُرف بالثورة العربية الكبرى، فقرر تفاديا للصداع أن يغادر الحجاز ويهاجر إلى مصر، تاركا ابن أخيه أحمد أفندي بن عبدالرحمن باناجة (عينه الشريف حسين لاحقا وزيرا لماليته) ينوب عنه في إدارة أملاكه.
وعلى العكس من هجرته إلى إسطنبول، هاجر باناجة إلى القاهرة وهو صاحب ثروة ومال ويسر، فاستطاع أن يواصل هناك هواية الاستحواذ على العقارات والقصور المصرية الفاخرة. فاشترى مثلا منزلا كبيرا في منطقة العباسية التي كانت آنذاك مقرا لإقامة تجار مصر ووجهائها وأعيانها وباشواتها، وأضاف إليه دارا للضيافة مع تركها متاحة لإقامة القادمين إلى مصر من أصدقائه ومعارفه. ثم استحوذ بالشراء على العديد من الفلل والأراضي والمباني المطلة على النيل. وهكذا، فعندما انتقلت عائلة باناجة كلها من الحجاز إلى مصر خلال الفترة الانتقالية ما بين العهدين الهاشمي والسعودي، لم تجد العائلة أي صعوبات تذكر لجهة العثور على أماكن الإقامة المناسبة.
.. وامتدت تجارة عائلته لتصل الهند والسواحل
تحدثنا في ما سبق عن علاقة عبدالله باشا وعائلته بتركيا العثمانية ومصر الملكية ونشاطه في الحجاز في العهود العثمانية والهاشمية والسعودية، لكن لم نأت على ذكر علاقته بالهند التي لم يكن هناك بد منها؛ كونها أحد أهم مصادر الحصول على الأحجار النفيسة ومهارات صناعة المجوهرات والحلي (مهنة عبدالله باشا).
يربط الباحث السعودي محمود عبدالغني صباغ، في مقال كتبه بجريدة الحياة (11/ 12/ 2014)، ما بين ازدهار جدة وتحولها إلى ميناء للتجارة الهندية وبين بروز وصعود بعض البيوتات التجارية الحجازية (مثل بيت باناجة وبيت زينل)، فيقول إنه مع انتصاف القرن الثامن عشر لم تعد جدة مجرد ميناء للحجاز وأراضي الجزيرة العربية الداخلية، وإنما صارت مركزا رئيسيا لإعادة التصدير إلى الهند عبر ميناء سورات في ولاية كوجرات على المحيط الهندي، الأمر الذي أدى إلى نشوء محور جدة ــ سورات الحيوي للشحن البحري، حيث كانت سورات نقطة انطلاق منتجات الهند نحو جدة، فيما كانت الأخيرة نقطة إعادة تصديرها باتجاه مصر وأوروبا، بدليل أنه في عام 1768 كانت هناك تسع بواخر عملاقة تبحر من سورات إلى جدة بشكل دوري تحمل كل واحدة منها بضاعة يزيد سعرها على 200 ألف جنيه إسترليني.
ويخبرنا الباحث أيضا أن صفقات التجارة الهندية كانت تعقد على أرصفة ميناء جدة نقدا باستخدام الفضة وريال ماريا التريزا، بعيدا عن أشكال المقايضة التي كانت سائدة في موانئ أخرى، لأن جدة كانت بها مع نهايات القرن الثامن عشر بيوتات تجارية تملك من الأموال الطائلة ما تستطيع بها إتمام الصفقات المباشرة مع الهند، بل وإقراض التجار المحليين الأقل شأنا، ناهيك عن حقيقة امتلاء خزائن المدينة بالرساميل الأجنبية القادمة من مسقط وزنجبار ومصر والشام وبلاد المغرب.
قلنا إن عبدالله باناجة احتفظ بعلاقات متينة مع السلطان العثماني، لكن كيف كانت علاقته مع شريف مكة الحسين بن علي؟ الحقيقة أن علاقته بحكام الحجاز الهاشميين كانت جيدة ولا يعكر صفوها أي أمر إلى أن تم تنصيب الشريف الحسين بن علي أميرا على الحجاز في سرادق ضخم بحي الهجلة في ذي القعدة من عام 1326 للهجرة المصادف لشهر ديسمبر 1908. حينها فقط شعر باناجة أن صلاته القوية المعروفة مع الأتراك قد تتسب له بالمتاعب مع الشريف الكاره لهم، وقد يتم التضييق عليه في رزقه ونشاطه التجاري. وقد ازدادت شكوكه تلك في أعقاب إعلان الشريف حسين تمرده على العثمانيين في عام 1916 في ما عُرف بالثورة العربية الكبرى، فقرر تفاديا للصداع أن يغادر الحجاز ويهاجر إلى مصر، تاركا ابن أخيه أحمد أفندي بن عبدالرحمن باناجة (عينه الشريف حسين لاحقا وزيرا لماليته) ينوب عنه في إدارة أملاكه.
وعلى العكس من هجرته إلى إسطنبول، هاجر باناجة إلى القاهرة وهو صاحب ثروة ومال ويسر، فاستطاع أن يواصل هناك هواية الاستحواذ على العقارات والقصور المصرية الفاخرة. فاشترى مثلا منزلا كبيرا في منطقة العباسية التي كانت آنذاك مقرا لإقامة تجار مصر ووجهائها وأعيانها وباشواتها، وأضاف إليه دارا للضيافة مع تركها متاحة لإقامة القادمين إلى مصر من أصدقائه ومعارفه. ثم استحوذ بالشراء على العديد من الفلل والأراضي والمباني المطلة على النيل. وهكذا، فعندما انتقلت عائلة باناجة كلها من الحجاز إلى مصر خلال الفترة الانتقالية ما بين العهدين الهاشمي والسعودي، لم تجد العائلة أي صعوبات تذكر لجهة العثور على أماكن الإقامة المناسبة.
.. وامتدت تجارة عائلته لتصل الهند والسواحل
تحدثنا في ما سبق عن علاقة عبدالله باشا وعائلته بتركيا العثمانية ومصر الملكية ونشاطه في الحجاز في العهود العثمانية والهاشمية والسعودية، لكن لم نأت على ذكر علاقته بالهند التي لم يكن هناك بد منها؛ كونها أحد أهم مصادر الحصول على الأحجار النفيسة ومهارات صناعة المجوهرات والحلي (مهنة عبدالله باشا).
يربط الباحث السعودي محمود عبدالغني صباغ، في مقال كتبه بجريدة الحياة (11/ 12/ 2014)، ما بين ازدهار جدة وتحولها إلى ميناء للتجارة الهندية وبين بروز وصعود بعض البيوتات التجارية الحجازية (مثل بيت باناجة وبيت زينل)، فيقول إنه مع انتصاف القرن الثامن عشر لم تعد جدة مجرد ميناء للحجاز وأراضي الجزيرة العربية الداخلية، وإنما صارت مركزا رئيسيا لإعادة التصدير إلى الهند عبر ميناء سورات في ولاية كوجرات على المحيط الهندي، الأمر الذي أدى إلى نشوء محور جدة ــ سورات الحيوي للشحن البحري، حيث كانت سورات نقطة انطلاق منتجات الهند نحو جدة، فيما كانت الأخيرة نقطة إعادة تصديرها باتجاه مصر وأوروبا، بدليل أنه في عام 1768 كانت هناك تسع بواخر عملاقة تبحر من سورات إلى جدة بشكل دوري تحمل كل واحدة منها بضاعة يزيد سعرها على 200 ألف جنيه إسترليني.
ويخبرنا الباحث أيضا أن صفقات التجارة الهندية كانت تعقد على أرصفة ميناء جدة نقدا باستخدام الفضة وريال ماريا التريزا، بعيدا عن أشكال المقايضة التي كانت سائدة في موانئ أخرى، لأن جدة كانت بها مع نهايات القرن الثامن عشر بيوتات تجارية تملك من الأموال الطائلة ما تستطيع بها إتمام الصفقات المباشرة مع الهند، بل وإقراض التجار المحليين الأقل شأنا، ناهيك عن حقيقة امتلاء خزائن المدينة بالرساميل الأجنبية القادمة من مسقط وزنجبار ومصر والشام وبلاد المغرب.