اليمن_تاريخ_وثقافة
10.7K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
وتثير أسطورة محلية بعض تلك الروابط، وإن دارت حول كيفية انتقال القصيدة الحُمينية إلى أول شاعر حُميني صنعاني، أو كوكباني، هو محمد بن شرف الدين، وينتسب إلى عائلة حاكمة زيدية، فجده الإمام شرف الدين، وعمه الإمام المطهر بن شرف الدين. وبحسب الأسطورة، فإن الشاعر أبو بكر المزاح، وهو شاعر عاش قبله بما يزيد على مئة عام زاره في المنام شاعر حُميني عاش قبله بأكثر من مئة عام وعاصر آخر الحكام الرسوليين، ولقنه تعاليم القصيدة الحُمينية. لكن محمد بن شرف الدين أدخل في أواخر القرن السابع عشر شكلاً باروكياً محلياً للموشحات الحُمينية، مسبوكة بالمحسنات البديعية.

وعلاوة على وجود شعراء حمينيين ينتسبون إلى الأسر الحاكمة، كان عملاقان آخران في القصيدة الحُمينية يعملان في مناصب رفيعة، هما العنسي والآنسي؛ إذ استطاعت أن تعيش وتزدهر في حماية النخب الحاكمة في مناطق الحكم الزيدي في اليمن، وتنكمش نتيجة تعرضها لقمع الأئمة الزيود.

حتى إن بعض المغنين وجدوا ملاذاً من قمع بعض الأئمة عند الأتراك، في فترة وجودهم. ويستشهد مؤلف كتاب "شعر الغناء الصنعاني" بمخطوطة "سفينة كولان" لعيسى بن لطف الله؛ إذ إنه في الفترة التي عاش فيها الشاعر الحُميني محمد بن شرف الدين، بحسب المخطوطة، كان الحاكم التركي في صنعاء يقيم حفلات موسيقية يستضيف فيها مغنين محليين.

وربما كانت بين الأغاني المُقدمة هناك قصائد لذلك الشاعر، بينما كان عمه الإمام يقود حرباً ضد الحاكم التركي. وظهر شاعران من أصول تركية عاشا بعد خروج أول استقلال يمني من الحكم التركي، أحدهما حيدر آغا. وهو صاحب قصيدة تقول "كم بدور صنعاء بدور" وفيها جناس تام: أي كم في منازل صنعاء أقمار. وقيل إن آغا كان عازفاً ويعرف بالتلحين، وربما أدخل ألحاناً تركية إلى الغناء الصنعاني.

عندما واجه الأتراك ضغطاً من القبائل بداية القرن العشرين، وتعرض المغنون لاضطهاد الإمام يحيى حميد الدين، هاجر كثير منهم إلى عدن، ووجدوا فيها الرعاية، ومع ظهور التسجيلات في ثلاثينيات ذلك القرن، حوفظ على كثير من الألحان الصنعانية التي لم يعد بعضها معروفاً في صنعاء نفسها.

ففي السياق العام، ظلت الأغنية الصنعانية شكلاً فنياً عبّر عن ذائقة نخب الحُكم، فكانت بشكلها العام اشتقاقاً عن غناء القرون الوسطى في اليمن الذي انتقل من بلاط إلى آخر ومن نُخب حاكمة إلى أخرى. إلا أنه ظل يتأثر ببيئة المنطقة التي تحتضنه، وبلهجاتها.

يشير محمد عبده غانم إلى أن الغناء الصنعاني ظل سائداً في اليمن لفترة طويلة، ففي عدن ظلت الأعراس تبدأ بأغانٍ صنعانية حتى الثلاثينيات، وذلك لكونه الغناء الراقي في اليمن، مقارنة بالأشكال الأخرى. تلك المركزية تعرضت للمزاحمة من الداخل عبر الغناء اللحجي والحضرمي، ومن الخارج من خلال انتشار الأغاني المصرية والهندية. فالقرن العشرون شهد محاولة للخروج عن النظام القروسطي للغناء الصنعاني، وإن كان محتفلاً بأسلوب باروكي محلي يعتد بالزخرف والتطريب، وفي أواخر خمسينيات القرن العشرين المواكب لثورة سبتمبر، شهدت الأغنية الصنعانية تثويراً من داخلها نفسه.

تلك العلاقة بين التأثير السياسي والغنائي، ربما حضرت اليوم في مركزية مختلفة استعادت صيغ بدائية مثل الزوامل، وهو نشيد الحرب الخاص بالحوثيين، ولم يقتصر انتشارها على مناطق سيطرة الحوثي. وأخيراً عاد الغناء الصنعاني ليطغى انتشاره مع بروز جيل من المغنين الشباب الذين يقدمون خليطاً من أغاني التراث الصنعاني وأغانيهم الخاصة. فالغناء في اليمن أيضاً شهد مرحلة تراجع من عصر الثورة إلى الحنين، وقفت بينهما عهد صالح تعبيراً عن مرحلة ركود فني وثقافي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
للتراث الثقافي غير المادي للبشرية (أعلنت أصلاً في 2003)

أغنية صنعاء المعروفة ايضاً باسم “الغناء الصنعاني” عبارة عن مجموعة من الأغاني تنتمي الى تقليد موسيقي غني تنتشر ممارسته في مجمل انحاء اليمن. ويشكّل هذا النوع الغنائي المشتق من تقاليد شعرية متنوعة ترتقي الى القرن الرابع عشر جزءاً لا يتجزأ من المناسبات الاجتماعية، كحفلات زفاف السمرا والمجيال حيث يجتمع الأصدقاء والزملاء بعد الظهر.

ويؤدي الأغاني مغن منفرد ترافقه آلتان موسيقيتان قديمتان هما القنبوس (العود اليمني) والصحن النحاسي، وهو صينية نحاسية يحملها العازف بين ابهاميه بتوازن ويضرب عليها برفق بأصابعه الثمانية الأخرى. وفيما تتعدد الأنماط اللحنية، يندر التنقل بين الطبقات الصوتية خلال العرض، لكن موهبة المؤدي الفنية تقيّم حسب قدرته على تجميل اللحن بغية إلقاء الضوء على معنى النص وتحريك مشاعر المستمعين. وتزخر المجموعة الشعرية المكتوبة بكل من اللهجة العامية اليمنية والعربية الكلاسيكية باللعب على الكلمات وتُعرف بمضمونها الوجداني. وتشكل نصوص الأغاني مجموعة الأشعار التي تحظى بأكبر قدر من التقدير والتي غالباً ما يتم الاستشهاد بها في اليمن. ومع ان الأغاني ترتبط ارتباطاً مباشراً بعاصمة اليمن التاريخية صنعاء، يمكن سماعها في العديد من البلدات والقرى اليمنية. وفي الواقع، غالباً ما تستحضر المجموعة الشعرية لهجات عامية من مختلف أنحاء البلاد، كما يعمد الى استعارة الألحان التقليدية مؤدون في مجالات فنية أخرى، كالرقص القروي والموسيقى العصرية.

ومع أن اليمنيين يفتخرون للغاية بتقليد اغنية صنعاء، فقد تقلصت نسبة الحضور وبات موسيقيو اليوم يعمدون، رغم تزايد عددهم، الى عزف حفنة من الأغاني القديمة يدخلونها في عروضهم قبل الانتقال الى مقطوعات عصرية أكثر خفة. ولم يتبق من الموسيقيين المسنين الذين حافظوا على شمولية تقليد اغنية صنعاء وعلى دقة ادائها سوى عدد ضئيل
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
محمد عبده و"الغناء الصنعاني" أي علاقة؟

ظهر متشرباً مقاماته وألحانه وأبعاده والفن اليمني الصعب قدّمه للجماهير

كنعان الحميري 

يرى خبراء الأغنية اليمنية أن الفنان السعودي أجاد "الغناء الصنعاني" ببراعة.

ينظر عدد من خبراء الفن اليمني إلى المطرب السعودي محمد عبده باعتباره "أسطورة فنية استثنائية"، لقدرته على جمع محاسن الطرب العربي، وإمساكه بمجد الأغنية من أطرافها الأربعة، فهو الذي غنى التراثي والفولكلور واليمني والصنعاني والعدني والنجدي والبدوي، ثقيله ورجزه، والحجازي بمجساته البديعة.

إلى جانب ذلك، تفرد محمد عبده بمواويله البديعة وسلطنات سجوعه التي تحلّق بشجون الأفئدة في دروب الأماكن وأزقة الذكريات والطرقات العتيقة وعطور الأزمنة، ولهذا استحق لقب "فنان العرب" بجدارة.

إجادة وتجديد

عندما نتطرق لفن محمد عبده الخاص بالتراث اليمني، والصنعاني منه خصوصاً، فلا نقصد أنه أجاده فقط من دون سواه، فهو يتميز بكونه فناناً شاملاً جمع ما تفرّق في غيره، مثل الصوت العذب الذي ينسل في الصبابة رقّة وشجناً، وهو الملحن الذي قدم ألحاناً عظيمة سواء التقليدية منها أو الكلاسيكية في سنّ مبكرة، كموهبة فنية جمعت بين جمال الصوت والقدرة الفائقة على التلحين.

إلا أن اللافت أكثر هو إجادته للون عُرف بصعوبته وجذوره العميقة، وجدده مصحوباً بالتوزيع الموسيقي الذي أضاف له جمالاً ورونقاً بديعاً. فالغناء الصنعاني، نسبة إلى مدينة صنعاء، نوع من الغناء الذي يمتلك مميزات تقنية وجمالية عدة، وذات إيقاع ثقيل، إضافة إلى تميز كلماته وشعره، مما جعله متفرداً عن الألوان الغنائية اليمنية الأخرى. وقد عدته منظمة "يونيسكو" من روائع التراث الثقافي اللامادي الإنساني، بهدف المحافظة عليه وصيانته.

وعلى ذكر تجربة محمد عبده اللحنية، فأجمل أغانيه هي التي من ألحانه، مثل "انشودة المطر، صوتك يناديني، جمرة غضى، الرسائل، إلى من يهمها أمري، حبيبتي ردي سلامي، يا شبيه صويحبي، يا زهور العشب"، وغيرها من الأغاني التي لحنها غيره، على غرار "ليلة خميس، كلك نظر، صمت الشفايف، لنا الله، درب المحبة، عيون الليل، أيووه، اغنم زمانك، كل ما نسنس"، وغيرها كثير.

موشح وإنشاد

يطلق على الشعر الصنعاني تسمية الشعر "الحميني" الذي لا يلتزم بالفصحى وقواعدها، وبعض الباحثين أعادوا تاريخه إلى ما يزيد على 400 عام، وتحديداً إلى فترة الشاعر محمد بن شرف الدين، الذي ظهر نتاجه خلال النصف الثاني من القرن الـ 16.

ويرى عدد من الباحثين أنه ظهر نتيجة المزج بين الموشحات والإنشاد الديني الذي يبدأ عادة بالدعاء، ثم التدرج في الغزل أو العتب، قبل أن يختم بالصلاة على النبي محمد، كما هو الحال في أغنية، "يا مستجيب للداعي...

جب دعوتي بإسراع...

واشفِ جميع أوجاعي...

يا مرتجى يا رحمن...".

ولهذا اقترح معجزة الأدب العربي، مصطفى صادق الرافعي، تسميته بالموشح الملحون لمزجه بين الشعر والموشح، وعادة ما تدور قصائد الشعر "الحميني" حول الحب والغزل، ويسمى بـ "الحميني" نسبة إلى "حُمن" التابعة لمنطقة حيس بمحافظة الحديدة، ومن أبرز شعرائه محسن فايع وابن فليتة والقاضي عبدالرحمن الآنسي والقاضي محمد شرف الدين والقاضي علي العنسي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
منذ عقود طويلة كانت اليمن ولّادةً على الدوام للفن الموسيقي و الأدبي، فقد وهب اليمنيون الثقافة العربية موروثاً أدبيّاً رائعاً وخالداً من أغانٍ وقصائدَ شعريّة كانوا يتغنون بها في كل موطنٍ حلوا به قبل الإسلام وبعده. 

فن الغناء الصنعاني

اتكأَ فنُ الأغنيةِ الصنعانية منذ نشأته على موروث هائل من الثقافة الفنية و الإجتماعية في اليمن، ونظراً لما تفرّد به هذا الفن من الخصائص الفنية و الموسيقية حظي باهتمام العديد من الباحثين الغربيين امثال جورج كولان و جوليان دوفر و الباحث جان لامبير الذي اصدر كتاباً قبل سنوات بعنوان "طب النفوس .. فن الغناء الصنعاني" وهو كتاب يحمل النظرة الغربية تجاه هذا الفن العريق الذي استهوى الكثير، وكتاب لامبير واحد من عشرات الكتب التي بحثت في تاريخ الغناء الصنعاني على رأسها الكتاب الموسوعي "شعر الغناء الصنعاني" للدكتور الباحث محمد عبده غانم الذي يعرّف الأغنية الصنعانية بقوله "هي أغانٍ صادرة من صنعاء او مستلهمة منها وهي تعرف بما لها من مميزات موسيقية معينة تميّزها عن غيرها من الاغاني اليمنية." وفي السابع من شهر فبراير من العام ٢٠٠٣م ادرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" فن الغناء الصنعاني الى قائمة روائع التراث العالمي الشفهي غير الملموس.

تميّز فن الغناء الصنعاني ببنية مستقلة بدايةً من صناعة الكلمات الى استخدامه لآلات موسيقية خاصة محلّية الصنع، القنبوس أو الطربي وهو العود الصنعاني القديم ذو الأربعة أوتار، الذي ارتبط ارتباطاً تاريخياً بالأغنية الصنعانية وميّزها بإبقائها في المدى المحدود من الأنغام الموسيقية التي يمكن أن تعزف على العود ويمكن استنتاج ذلك من أنّ أغلب الأغاني الصنعانية يمكن عزفها على الأوتار الثلاث الأولى للعود في مدى إحدى عشر نغمة من الخمسة عشر نغمة.

ومن خلال نقوش ورسوم سبئيّة قديمة يُرجِع بعض الباحثين أنّ عمر هذه الآلة يعود الى الألف الأول قبل الميلاد.

يصاحب آلة الطربي صحن نحاسي يعتبر آلة ايقاعية يتم عزفها عبر نقره بالأصابع لتشكيل الإيقاع. ارتبطت هذه الآلات الموسيقية بالغناء الصنعاني منذ نشأته على بلاط الدولة الرسوليّة قبل حوالي خمسة قرون لكفاءتها في أداء الأغاني الصنعانية بتناغم إلى وقت قريب حتى تم استبدالها بالعود و الآلات الحديثة.

وفي الحقيقة يصعب تحديد نشأة الغناء الصنعاني لعراقته فقد عرفت اليمن بموسيقاها منذ عصور قديمة، فإن تتبعنا صفحات التاريخ في العصر الاموي وفي مستهل العصر العباسي  لن نجد من بين كبار العازفين و المغنين ذلك الوقت من عزة الميلاء الى اسحاق الموصلي من يأتي من جنوب الجزيرة الا " ابن طنبورة " يمني الأصل الذي امتاز بأغاني الهزج1. لكن بسبب النظرة المتزمّتة التي كان ينظرها رجال الدين نحو الموسيقى ذلك الوقت ظل الفراغ يلازم سجل الموسيقيين اليمنيين  ولم تبرز اسماء ارباب العزف والغناء حتى في سجلات عصر الدولة الرسولية التي لا تخلو احتفالاتها من فن الموسيقى وفن الرقص.

وعادةً ما يحمّل اليمنيين مسؤولية هذه النظرة لفترة حكم الأئمة لليمن التي ضيّقت الخناق على الغناء والمغنيين و فرضت عقوبات مشددة على الموسيقيين تبعاّ لفقة الحسبة الزيدي. ففي عهد الإمام يحيى حميد الدين (١٩١٨- ١٩٤٨) قام بمعاقبة الفنانيين والتشهير بهم2 حتى صارت جلساتهم لا تتم الا بسريّة تامة، وربما هذا يفسر صغر حجم آلة الطربي ليتنقل بها الفنان بسهولة دون لفت الأنظار.

بين الحُميني و الحَكمي

لفترة من الزمن فضّل الكثير في اليمن قصائد الشعر الحكمي وهو الشعر الفصيح الذي يلتزم بقواعد اللغة الفصحى ومفرداتها وعروضها، على الشعر الحُميني الفصيح الملحون الذي لا يلتزم بقواعد اللغة الفصحى. وظلّ البعض ينظر الى القصيدة الحُمينية نظرة دونية كونها لا ترقى إلى قول المثقفين و النخبة، بحجة انها خرجت من الريف من بين عامة الناس و اقلّهم مكانة. لكن سرعان ما تغيرت هذه النظرة بعد أن برزت شخصيات هامة كتبت القصيدة الحُمينية مثل محمد شرف الدين، ابن فليتة، العنسي، و الآنسي فشكّلت كتاباتهم دفعة قوية للقصيدة الحُمينية و غدا عصرهم عصراً ذهبياً لها ومثلت نسبة كبيرة من الأغاني الصنعانية متخطيةً بذلك القصائد الحكمية.

احمد محمد بن فليتة الحكمي

يعتبر ابن فليتة من روّاد القصيدة العامية في اليمن و احد أشهر مؤسسيّ هذا النوع من الشعر. كان كاتباً للإنشاء وشاعراً للدولة الرسولية على زمن الملك المجاهد علي بن يوسف بن رسول ثالث ملوك الرسوليين. 

له ديوان شعري يقع في مجلدين الأول خصصه للشعر الحكمي، والثاني للحُميني. وجمع انواعاً كثيرة من الشعر العاميّ في اليمن مثل البالة و الساحلي و الدوبيت والموشحات. و اسهم ابن فليتة في الغناء الصنعاني بقصيدة مغنّاة يقول مطلعها: 

* لي في ربا حاجز غُزيل أغيد ساجي الرنا

نهده على قده يقدني قدّه اذا انثنى*


عبدالله بن ابي بكر المزّاح
ثاني شعراء القصيدة العامية الرواد تاريخياً في اليمن واقواهم شاعريّة، واكثرهم تأثيراً فيمن جاء بعد جيل الرواد فقد كانت قصائده نموذجاً يسير عليه كل ناظم. ويعترف محمد ابن شرف الدين (القادم ذكره احد الشعراء الكبار بتأثير المزّاح عليه ويستحسن شعره ويفضّله على شعر فليتة و العلوي ومن نهج نهجهم في نظم الحُميني. 

و له قصيدة وحيدة مغنّاة على الطريقة الصنعانية مطلعها:

* ياغص ما يس ياقمر مصور في حندس الفينان

جل الذي انشاك كذا وصور يافاتني سبحان*


ابو بكر العيدروس

شاعر متصوف من أقطاب الصوفية في اليمن، امضى الجانب الأكثر من حياته في عدن و كان كبير الأولياء الصوفية فيها. من قصائده الحمينية قصيدة "حي روضة" التي تغنى بها الحارثي

* حي روضة بها رسول قلبي سكّان

قد علاها البهاء و المسرة افنـان *


 علي بن محمد العنسي

شاعر تحول عنده الشعر الى غناء و الغناء الى شعر. ولد في صنعاء ونشأ في مدينة العُدين وهي مدينة ريفية تقع في الشمال الغربي لمدينة تعز، وولاه الإمام يحيى حميد الدين القضاء في العدين و وصاب و الحَيمَة، فقبل ان يشتهر بتفوقه في الشعر، اشتهر بتفوقه في مجال علوم الشريعة وفي تدريس هذه العلوم. وقد مكنته ثقافته الواسعة من اصطناع لهجة عامية تجمع بين الفصاحة و الرقة، بين البساطة و التعقيد، ليس عنده الانفصام الظاهر في افتعال العامية كما في بعض قصائد شعراء الحميني، فالعامية عند العنسي تبدو وكأنها جزء من الفصحى او كأن الفصحى جزء منها. وقد خرج من ذلك المزيج ومن الامتلاك المطبوع للهجة و اللغة معًا بشعر لا ينفر منه الفصيح ولا يستعصي فهمه على العامي. 

له عدة قصائد غنائية لكن اكثرها شهرةً قصيدة "وا مغرد بوادي الدور" التي تغنّى بها عدة شعراء من اليمن و الخليج ابرزهم الفنان الكبير ابوبكر سالم رحمه الله.

عبدالرحمن بن يحيى الآنسي

شاعر رقيق الطبع و لامع الحرف، ثالث الثلاثة الكبار من شعراء العامية في اليمن و اوسعهم شهرة في عصره وعصرنا، ولشهرته الواسعة تنسب اليه اشعار زميليه الكبيرين ابن شرف الدين و العنسي واشعار آخرين ممن سبقوه و ممن جاءوا بعده. وتعود شهرة الآنسي - في عصرنا- الى انتشار بعض قصائده الغنائية المتداولة شعبيًا والتي حققت نجاحًا منقطع النظير في مختلف الاوساط. 

من قصائد الآنسي الشهيرة المغنّاة بكائية ياحمامي أمانة مادهاك:


و قد تكون قصيدة "أحبة ربا صنعاء" التي غناها فقيد اليمن ابو بكر سالم اشهر قصائده.


محمد عبدالله شرف الدين

يبقى شرف الدين شاعر الحُميني الأول الغني عن التعريف الذي سبق وتكلّمت عنه في الجزء الأول. هو أكثر شعراء الحميني عطاءً للأغنية الصنعانية، فقصائده تشكّل حوالي نصف الشعر الحُميني المغنّى في الغناء الصنعاني فهو من أحسن ناظميّ هذا النوع من الشعر. كما انه اول من استخدم القصة و الحوار في القصيدة الحُمينية. له العديد من القصائد المغنّاة لكن نذكر اجملها و اكثرها شهرة قصيدة "عليك سمّوني" التي تغنت بها اصوات يمنية لامعة بألحان مختلفة ابتداءً بالمرشدي و الحارثي و وصولاً إلى حسين محب.


قصائد حُمينية لشعراء مغموريين

خلّدت بعض القصائد الحمينية المغنّاة لشعراء يمنيين مغمورين، ولاقت شهرةً واسعة في اليمن و خارجه عندما تغنّى بها الكثير من الفنانيين اليمنيين و الخليجيين وبعضها نُسب الى شعراء آخرين كما هو الحال مع الاغاني والالحان اليمنية القديمة. من هذه القصائد قصيدة "الشوق أعياني" التي كانت عنواناً لألبوم الفنان الراحل محمد حمود الحارثي عند اصداره في ٢٠٠٥، تعود هذه القصيدة للشاعر اليمني يحيى ابراهيم جحاف  وغناها الشيخ أحمد سعيد قعطبي و أيوب طارش و محمد سعد عبدالله و الحارثي.


ايضًا قصيدة الفقيه مهير الزبيدي الناس "ياريم عليك أقلقوني" التي غناها الفنان ايوب طارش و الفنان محمد عبده. 


و قصيدة الشاعر الحسن الهبل المتوفي سنة ١٦٦٩م "ياقلبي المضنى" التي غناها الشيخ الراحل علي ابوبكر باشراحيل، و كانت اول اغنية يؤديها الفنان علي الآنسي عزفًا و غناء. 


يعود فضل ظهور هذه القصائد و انتشارها بين اليمنيين و تحقيق نجاح منقطع النظير الى الأصوات اليمنية الشجية التي برزت في الأربعينات و الخمسينات كـ ابراهيم الماس، علي ابوبكر باشراحيل، هادي سبيت، احمد عبيد القعطبي و قاسم الأخفش. ثم يصل هذا الإمتداد العريق لفن الاغنية الصنعانية الأصيلة الى فترة الستينات و السبعينات و رموز هذه الفترة: علي الآنسي، أحمد السينيدار، أيوب طارش، محمد حمود الحارثي، محمد مرشد ناجي "المرشدي"، وعلي عبدالله السمة.

وبذلك فإن التراث الغنائي الصنعاني بخصائصه و اصالته تعود جذور مدرسته الحُمينية إلى ثمانية قرون و اكثر و استطاع بآفاقه الواسعة تحقيق مكانة وبصمة خاصة في التراث العربي الكبير، وقد تغنى به وبـحُمينياته الكثير من فناني الجزيرة العربية، ولا ننسى ايضاً دوره الكبير في ولادة الأغنية الخليجية
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#عيد_الحب

سَعْد السُّعود هو عيد الحب عند قدماء اليمنيين ولازالت العادة متوارثة بطقوسها الرائعة لدى بعض الفلاحين في الارياف المنعزلة ...
تبدأ مناسبة سعد السعود .
وهو يصادف انحسار الشتاء وبدء تغير الجو ونزول بعض الامطار الخفيفة بعد الثلث الاول من فبراير
وكان يعرف بنجم سعد السعود ومطلعه او بظهور زهرة حمراء كروية الشكل بساق أخضر بخطوط بنية كجلد الأفعى ، تختلف تسميتها من منطقة لأخرى ففي مديرية الحزم من محافظة إب يسمونها القِتْقِتِه وفي مناطق أخرها يسمونها زهرة الحنش كون الحنش يرمز للصحة والقوة ، مصحوبة بمثل سائر يقولون ( القِتْقِتِه والمَرَةْ المُوْقِتِه) في إشارة إلى موسم الفرح والابتهاج والتزاوج المختلف عن الأيام العادية بطقوسه ، المتمثلة : بالاغتسال منذ الصباح الباكر ، وحملة نظافة لداخل البيوت وخارجها يقوم بها الأبناء والبنات العزاب ، وشراء مالذ وطاب ، والتباري في صنع أطايب الطعام وتبادله مع الجيران ، ثم قيلولة من بعد الغداء وصلاة الظهر ، ثم جلسة عائلية ، يتخللها الرقص وترديد الأهازيج الشعبية و النكات ، ومن بعد صلاة العشاء ، تبدأ خلوة الأزواج الخاصة لعزف موسيقى لايسمعها غيرهم ، وفي صباح اليوم الثاني يخرج الأزواج مع زوجاتهم وما عليهن من زينة إلى الحقول لقضاء إجازة ممتعة ، يتبعهم الأبناء بالطعام ، وتنتهي الإجازة في اليوم الثالث ، ليبدأ العمل في الحقول ...

كل هذه الطقوس تكاد تختفي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM