اليمن_تاريخ_وثقافة
10.7K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
وجوارب، وسروال أسود وقميص ”فانيلة“ خضراء قصيرة الكمين.

53

وكان المسئول عن النشاط الرياضي والكشفي في المدرسة الأستاذ غانم علي ثابت، وما زلت أذكره وأنا طفل لم التحق بالمدرسة بعد عندما كان يأتي بفريق كرة القدم الى جربة واسعة في قرية الهَوْب تسمى ”عَقْمة العَدَنَة“ فيؤدون بعض التمارين الرياضية الخفيفة قبل أن يبدئوا لعب كرة القدم التي تأخذ وقتا، وكان ذلك يسر أهل القرية رجالا ونساء وأطفالا فيجلسون للفرجة على أطراف المدرجات الزراعية حتى تتم المباراة، وينصرف الأستاذ والفريق. وكانت العقمة المقابلة لقرية دار النَّمْلة بالقرب من المدرسة وعقمة العدنة هما ملعبا كرة القدم قبل أن ينشأ ”ميدان مقبرة العسقة“ في ستينيات القرن الماضي، والذي نشأ بجهد بذله الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان وهيئة التدريس حينها، وكان الموضع المسمى ”مَقْبرة العَسْقة“ موضع كبير لمقبرة قديمة داثرة غطتها منذ أزمنة قديمة أشجار العمق والصبار المشوكة، وكان في منتصفها طريق ضيق يسلكه البشر والحيوانات، ولا يوجد سبيل للتنقل فيها لكثافة وكثرة النباتات المشوكة.

54

حدثني الأستاذ ياسين محمد سعيد حينها بأن أدارة المدرسة وهيئة التدريس اجتمعوا وقاموا بكتابة مذكرة وجهوها الى القاضي الحاكم في محكمة ناحية القبيطة (حَيْفَان) يستفتونه في جواز تحويل مقبرة العسقة الداثرة الى ملعب لكرة القدم، وقد تحرى القاضي الأمر ومن ثم أصدر فتوى بجواز ذلك انطلاقا من مبدأ أن مصلحة ”الحي أقدم من الميت“. فسارع التلاميذ وأساتذتهم وفي مقدمتهم الأستاذ عبد الواحد باجتثاث الأشجار، ونبشها، وقلع ما في المكان من صخور وأحجار، وبادر بعض الأهالي فأحضروا ثيرتهم فحرثوا وحرو الموضع المطلوب للملعب، وأقبل كاسرو الصخور والأحجار والبنائين فأقاموا في الجهة الشرقية من الملعب جدارا طويلا يمتد طولا لأكثر من ثمانين مترا وبارتفاع بلغ المترين، وبذلك أوجد الجميع ملعبا للكرة بمواصفات الملاعب الحديثة، يتسع لاثنان وعشرون لاعباً، وركب في طرفيه مرميان للأهداف من الحديد ومغطاة بالشباك أحضرت من عدن، واستقبل الملعب في الستينيات والسبعينيات مباريات كرة القدم بين مدارس المنطقة التي برز فيها التنافس الرياضي وبلغ أوجه في تلك السنين، واستمر الملعب يؤدي دوره الرائد الى سنة 1980م عندما بنيت في موضعه مدرسة الحرية للبنين، ففقدت قرية بني على والمنطقة ملعبها ولم يتمكنوا من تعويضه الى اليوم.

الصورة رقم 12: مدرسة الحرية بنين بنيت عام 1980م مكان ملعب كرة القدم على نفقة دولة الكويت.

فريق الكشافة

55

ظهرت الحركة الكشفية مع البدايات الأولى لمدرسة البعث، وكان رائدها أيضا الأستاذ غانم علي ثابت، وأتذكر وأنا طفل أولئك الطلاب الذين يرتدون القمصان القصيرة الأكمام والسراويل القصيرة الى ما فوق الركبة ذات اللون البُني، ويضعون خرقة زرقاء على أعناقهم، لم يكن عددهم كبيرا وربما كان بعضهم من تشكيل كرة القدم، فقد كان الطالب في تلك الحقبة يمكن له أن يكون عضوا في أكثر من نشاط مدرسي كالمسرح وكرة القدم والكشافة وخاصة ممن تكون منازلهم قريبة من المدرسة من أمثالي.

56

وكان لفريق الكشافة خيمة ضخمة الحجم وردية اللون شفافة القماش ولكنها مع هذا لا تسمح للمطر بالنفاذ الى داخلها، كما كانت خفيفة الوزن، فقد كان يخصص لحملها مع أدوات نصبها بالتناوب طالبان، وفي البداية كان فريق الكشافة ينصب الخيمة في ساحة المدرسة أو في المدرجات القريبة من المدرسة، وكان من مهام فريق الكشافة أن يساعد الأهالي اذا لزم الأمر في حالة وقوع الكوارث الطبيعية أو الحرائق، ومساعدة الطلاب المرضى والكبار في السن، والتدرب على صنع الحبال من نباتات محلية، واتقان بعض الأعمال البناء بما فيها بناء واصلاح المدرجات الزراعية التي تبقرها السيول، الى غير ذلك من المهام، وفي أواخر الستينيات كان رائد فريق الكشافة الأستاذ أمين أحمد محمد، وكان الفريق يتكون من خمس فرق سميت بأسماء حيوانات وطيور، ولكل منها علم مثلث رسم عليه شعارها، وأذكر منها فرقة الصَّقْر، وفرقة الفَهْد التي كنت أنتمي اليها، أما البقية فزال من ذهني أسمائها، وكنا عندما نسير للتخييم نرفع تلك الأعلام ونغرسها في مكان التخييم، وكنا في البداية نخيم قرب المدرسة، ثم انتقلنا للتخييم في جبل الرِّيامي في المُصَيْنِعة، وسرنا ذات مرة للتخييم فوق قمة جبل الجاح الشاهق وبقينا هناك مدة ثلاثة أيام وسط برد شديد قارس، وكنا نقيم هناك داخل مسجد ولي الله الصالح الوَحْداني.

57

كما كانت هناك أنشطة ثقافية متنوعة كالرسم، والانشاد الفردي والجماعي، والقاء كلمات الصباح، والقراءة الحرة (المطالعة)، كما كان لمكتبة المدرسة دور كبير في توسع مدارك الطلاب وتنبيههم الى وجود عالم كبير وجديد جدير بالمشاهدة يقع بعيدا عن قريتهم، فقد كانت تلك القصص والرسوم البديعة التي تزخر بها مجلات مثل ”بساط الريح“ و ”سمير“ و ”ميكي ماوس“ وقصص المكتبة الخضراء وغيرها، تجعل من استعارتها وقرأتها شغف دائم لكل طالب مما كان
لمسرحية. وبعد ذلك أصبحت ظاهرة التمثيل تقليدا راسخا يقام كل عام فتوالت الاحتفالات السنوية، وقدمت فيها المسرحيات المختلفة التي نالت اعجاب الناس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (طاووس اليماني وهشام بن عبد الملك) و'الناسك الحالم' و'الصبر والايمان' و'بلال مؤذن الرسول' و'المشعوذ' و'عدالة الإسلام' و'القات هو السبب' و'السيف المكسور'.
وكانت تلك العروض المسرحية تجد قبولا واستحسانا من المشاهدين وكان يعاد عرض بعضها، فمسرحية 'البخيل عاشق الذهب' أعيدت ما يزيد عن ثلاث مرات، واعجاب النظارة بها لا يقل ابدا عن اعجابهم في المرات السابقة، ومما يؤكد اعجاب الجماهير بالعروض المسرحية في منطقة الأعبوس هذه الواقعة.. ففي احدى سنوات ما بعد الثورة قدمت مدرسة الحرية (الناسك الحالم) وهي مسرحية من فصل واحد وبطلها ممثل واحد قام به منصور أنعم سيف، ويظهر الممثل على خشبة المسرح بهيئة رجل فقير أنه يمتلك كوزاً من العَسَل معلق في السقف وهو رأسماله الوحيد، وكلما نظر اليه ذهب به خياله بعيدا، وأنه يحلم دائما أن يبيع العسل ليشتري بثمنه دجاجاً فيجعله يتكاثر فيتاجر بها ليشتري أرضاً واسعة فيحرثها ويقوم ببناء دار كبيرة ثم يتزوج امرأة جميلة وينجب منها ولدا ويقوم بتربيته مربون ومعلمون ليصبح مثال للولد المهذب المتعلم، ويحلق الرجل الفقير بعيدا في دنيا الخيال وتبتعد أقدامه عن الواقع فيعيش الحلم سعيدا متفائلا بالحياة ومتفاعلا معها فيحرك عصاه في الهواء وهو بكامل نشوته فتصدم الكوز فينكسر وتتناثر أجزاؤه في أركان الغرفة وبذلك تتبدد وتضيع أحلام الرجل الناسك.. ان هذا الوجه البسيط قد لفت أنظار المشاهدين الذين تمتعوا بالعرض وأعجبوا ايما اعجاب بالممثل الذي قام بدور الناسك، كما أعجبوا ببراعته ومقدرته على تقمص الشخصية وأدائها باتقان.
وبعد انتهاء العرض انبرى رجل من بين الحاضرين لم يستطع أن يخفي اعجابه بالممثل والعرض، انبرى هذا الرجل وصعد منصة العرض وخلع ساعة معصمه وقدمها للمثل كتقدير لبراعته في التمثيل وكحافز مشجع له على الاستمرار51.
هكذا كان حال التمثيل في مدرسة الحرية، وكانت عروضها متنوعة منها المسرحيات الاجتماعية المحلية، وبعضها شعرية، والاخرى نثرية، ولابد من الاشارة الى أننا لم نعثر اثناء بحثنا هذا على بعض أسماء المؤلفين والمخرجين للنصوص والعروض المسرحية السابقة الذكر، الا أننا يمكن أن نقول: أن عبد الواحد عثمان كان له النصيب الأوفر في الاعداد والاخراج وهو يعتبر رائد الظاهرة المسرحية وصاحب الفكرة الاولى في انشاء المسرح المدرسي في قرية الأعبوس»52.

50

وأذكر ممن أخرجوا بعض المسرحيات في مدرسة الحرية الأستاذ ياسين محمد سعيد عندما كان مديرا للمدرسة، وقد مثلتُ في إحداها، وكان شديد المتابعة لنا أثناء التمارين على التمثيل، وممن كتبوا بعض المسرحيات وأخرجوها كان كل من الأستاذ أمين أحمد محمد سعيد، والأستاذ عبد الرشيد محمد أحمد العَواضي.

51

وكان الاعداد للحفل السنوي يبدأ قبل شهرين من موعده ولكون بيوتنا كانت هي الأقرب للمدرسة فقد كنا نذهب كل يوم مساء من أجل القيام بالتمرن على التمثيل، والأناشيد، والقاء الكلمات، وقبل أسبوعين من الحفل ننقل كل ذلك الى المسرح الذي مازال قائما أمام ما كنا نسميه الصف الرابع، وكان هناك (مُلَقِن) يقف خلف ستارة المسرح يحمل أوراق المسرحية ويلقن من لا يحفظ دوره أو ينسى بعض الكلمات، كما كان يتم اصدار بعض الأصوات والمؤثرات الصوتية أو أصوات دق الطبول بواسطة مكبرات صوت أعدت لذلك من قبل شخص أعد مسبقا تلك المؤثرات، وفي نفس الوقت أي قبل أسبوعين من ليلة الاحتفال يتدرب في ساحة المدرسة الفريق الرياضي الذي يقدم عروضه في الساحة أمام الجمهور الذي يحضر للحفل مبكراً قبل أذان المغرب.

النشاط الرياضي

52

ويعد النشاط الرياضي ثاني أبرز الأنشطة بعد المسرح فقد بدأ مع الدراسة بالمدرسة فقد حظيت الرياضة والعناية بجسم الطالب بأهمية قصوى، فكانت هناك حصة للرياضة في الجدول المدرسي وكان استاذ الرياضة يقود طلابه الى ساحة المدرسة ويقوم بتأدية التمارين الرياضية أمامهم ويطلب منهم أن يؤدونها بعده، وكانت رياضة الجري، والتسابق، و شد الحبل والتنقل عليه بالأيدي رياضة شائعة، وكذلك رياضة القفز والوثب، والسير على اليدين عبر الساحة، ورمي الجَلَّة، ورفع الأثقال المناسبة، ولعب كرة القدم وهي الأبرز من بين الرياضات السابقة، ومن العجيب وقتها أن أدوات هذه الرياضات كانت متوفرة في المدرسة منذ بدايتها الأولى، فقد كان هناك حبل غليظ طويل يتبارى في شده طلاب الفصول، ويرفعونه ليقفزوا عليه ، كما كانوا يشدونه بارتفاع معين على جانبي الساحة ويتبارون بالتنقل عليه بالأيدي، كما كان هناك ثقلين كبير وصغير لرياضة رمي الجَلَّة، وكرة جلدية صماء شديدة الثقل لا نعرف لما تستعمل، وكنا نخدع بها بعض المولعين بركل الكرة فنضعها لهم فيركلونها فتسبب لهم الما شديدا في أقدامهم. وتوفرت لفريق كرة القدم مبكراً الملابس الخاصة بلعب المباريات، من أحذية
يحدونا الى التسجيل المسبق عند مسئول المكتبة للحصول على المجلة بعد عدة أيام.

تفجر المعرفة في الأعبوس ونشؤ المدارس

58

بعد تلك البداية الموفقة والناجحة لمدرسة البعث الأهلية الخيرية، والتي وضعت الأساس المتين لتعليم حديث طالما تطلع اليه أبناء منطقة الأعبوس بدأ وبإسهام من نادي الاتحاد العبسي انشأ مدرستين على نموذج مدرسة البعث هما مدرسة الارشاد في قرية ظَبْي في الجهة الغربية من الأعبوس، و مدرسة النُّور في قرية المَراوِية في الجهة الشرقية من الأعبوس، وقد تحدث الأستاذ عبد الواحد عن هذه المدارس الثلاث التي كانت سابقة في انشائها وافتتاحها لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م قائلاُ:

53 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص18.

«وتجدر الاشارة عند قيام الثورة المباركة في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م، كانت الأعبوس تضم ثلاث مدارس يشع منها نور العلم والمعرفة ويرفرف على مبانيها علم الثورة والجمهورية المجيدة، وقد توجه الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر رحمه الله الى صنعاء وقدم المدارس الثلاث هدية من أبناء عزلة الأعبوس لحكومة الثورة وهي (البعث) الحرية حالياً، والارشاد في ضَبْي، والنور في المراوية، وكانت مدرسة الارشاد قد فتحت قبل الثورة بأربعة أشهر ومدرسة النور قبل الثورة بعام، وعين الأُستاذ عبد الحافظ رحمه الله مديراً لمدارس الأعبوس»53.

59

وتحدث عبد الصمد محمد طاهر عن الاستاذ عبد الحافظ ودوره الريادي وموقف والده الصوفي الجليل محمد طاهر من المناصب التي عرضها الثور عليه قائلاً:

54 نفسه، ص58.

«قامت الثورة فهب بكل طاقته يناشد المواطنين للتبرع والالتفاف حول الثورة وشد الرحال الى صنعاء في أول أسبوع للثورة حاملا معه تبرعات المواطنين في ناحية القَبَّيْطة وألقى من اذاعة صنعاء خطابا رائعا باسم ناحية القبيطة، اختاره مجلس الثورة في صنعاء ليكون وزيراُ للتربية لكن والده رفض ذلك وقال له: انما أردتك أن تكون معلماً ومعلماً فقط. ثم مرة أخرى جاءه تعيين ليكون حاكماُ لناحية القبيطة لكن والده قال له: لا عش معلماً يا بني. عاد الى مسقط رأسه في الهتاري ليؤسس مدرسة جديدة هي مدرسة الاخلاص الهتاري 1969م ولكنه توفي قبل اتمامها»54.

60

علماً بأن أبناء الأعبوس في عدن حينها ممثلين بنادي الاتحاد العبسي، قد بعثوا ممثلين لهم الى حكومة الثورة بصنعاء برئاسة الحاج محمد عبد الجبار راشد وحمل معه تبرعاً لحكومة الثورة قدره ستون ألف شلن من ميزانية النادي، وقدر البعض التبرع بأنه أربعمائة وخمسون ألف شلن، ومن الظريف أن الأستاذ أحمد محمد نعمان عندما التقى بأبناء الأعبوس قبل أن يذهبوا لمقابلة قادة الثورة نصحهم بعدم تسليم المبلغ لهم وأنه من المصلحة أن يبنون به مدارس أو مستشفى في منطقتهم، وبرر قوله ذاك بأن قادة الثورة سيشترون بالمبلغ المذكور شقق لهم في القاهرة، وغضب أبناء الأعبوس من الأستاذ النعمان في وسط حماسهم للثورة والجمهورية، وسلموا التبرع كما هو مرسوم له، وبعد عدت سنين تبين لهم أن الأستاذ النعمان كان على حق فيما ذهب اليه فعادوا وقدموا اعتذارهم له.

61

ان تلك البذرة الصغيرة التي بدأت بثلاثة فصول في مدرسة البعث (الحرية) والتي بدأها ذلك الجيل المنتمي لنادي الاتحاد العبسي، قد قادت مع الزمن الى انقسام خلوي مدهش للمدارس في عزلة الأعبوس وبجهود وتمويل ذاتي وأهلي فيما إذا استثنينا من بينها مدرسة الحرية بنين التي انشأت بمنحة كريمة من دولة الكويت الشقيقة التي لا ولن ينسى فضلها أبناء الأعبوس، فان بقية المدارس التي سنذكرها قد بنيت على نفقة الأهالي ولم تسهم الحكومة اليمنية بإنشاء أيا منها، وهي على النحو الآتي:

مدرسة البعث (الحرية): تواريخ ومهام

62

لم تتوقف مدرسة البعث (الحرية) عن النمو، فقد استمرت بفضل جيل المؤسسين في البداية ومن تلاهم من جيل التربويين من تلامذتهم في النمو والتطور والانتقال من مرحلة الى أخرى لتلبي متطلبات العملية التعليمية والتربوية في المنطقة، ويدل السفر التالي على ذلك:

1956–1962: مدرسة البعث الأهلية الخيرية الاسلامية، مدرسة ابتدائية من الصف الأول الى الصف الرابع.

1963–1966م: مدرسة الحرية الابتدائية، وتخرجت أول دفعة من المرحلة الابتدائية عام 1966م.

1967–1973م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية.

1974–1982م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية.

1983–1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية).

1983–1995م: المبنى الجديد (مدرسة الحرية الاعدادية الثانوية).

1983–1995م: افتتاح (معهد معلمي الأعبوس) في المبنى الجديد للمدرسة الإعدادية والثانوية.

1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية بنات).

55 نفسه، ص17.

63

وتبع مدرسة الحرية في استكمال المهام التعليمية والتربوية بقية مدارس الأعبوس المذكورة آنفا، وحتى ما بني منها مؤخرا فهو يسعى الى استكمال نموه وتطوره بخطوات حثيثة، وفقا للإمكانيات الذاتية مع الاستمرار في متابعة الجهات ا
لرسمية الممثلة بوزارة التعليم اليمنية. علما بأن مدرسة الحرية وكادرها التعليمي كان له دور نشط في محاولة محو أمية جيل ما قبل الثورة من النساء بواسطة المعلمات الملتحقات بسلك التعليم في المدرسة ومع أن الكثير من المعوقات كانت تحول دون استمرار هذا النشاط بما في ذلك عدم توفر دعم مالي له من قبل الجهات الرسمية، الا أن ما تحقق في هذا السبيل كان مرضيا حينها، أما اليوم فلم يعد هناك تقريبا من أُمي أو أمية في المنطقة.

64

ومع تقدم العملية التعليمية في مدرسة الحرية وبلوغها المستوى المنشود في التعليم الثانوي بما في ذلك استقبالها امتحانات الشهادة الثانوية كمركز امتحاني لطلاب مدارس المنطقة، وتخريجها المعلمين والمدرسين الذين يغطون مدارس مديرية حيفان وما جاورها، الا أنها لم تنس دورها الريادي في العناية بالأطفال في مراحل التعليم الأولى فقد

56 نفسه، ص31، 32.

«تم التركيز على الطفل في المراحل الأولى من التعليم، حيث اعتمدت المدرسة على المعلمات في الأغلب في تعليم تلاميذ الصفوف الأولى بحيث مثلت المعلمات حلقة وصل أولية بين البيت والمدرسة لتساعد في ادماج الأطفال المبتدئين في الحياة المدرسية وبصورة تدريجية باعتبار أن المعلمات هن أكثر حباً واستعدادا ورغبة في التعامل مع الأطفال والأكثر معرفة باحتياجاتهم بسبب ملامستهن لحياتهم الطفولية وخاصة اذاكن أُمهات. ومن أجل تأسيس عملية التعليم عند هؤلاء الأطفال وخاصة في رياض الأطفال وعلى قواعد تربوية سليمة حرصت المدرسة (بنين) على أن تكون احدى المدارس الصديقة للطفل 2007–2010م منتمية للمشروع الذي تدعمه منظمة اليونسيف وتموله.»56

اللوحة رقم 2: عدد الطلاب والطالبات ممن تخرجوا من مدرسة الحرية خلال عشرون عاما 1963–1982م بخط الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان.

العام الدراسيالعددالمجموعذكوراناث1963–1964م258453031964–1965م260503101965–1966م275563311966–1967م312603721967–1968م322563781968–1969م320804001969–1970م3151103251970–1971م3291144431971–1972م3301154451972–1973م3071184251973–1974م3191443631974–1975م3771915681975–1976م4542667201976–1977م4702767461977–1978م5193238421978–1979م4163137291979–1980م4132877001980–1981م4153117261981–1982م429311744

65

وما زالت السجلات المحفوظة في المدرسة تزخر بالعديد من المعلومات عن الأعداد التي تخرجت من مدرسة الحرية الى يومنا، وكل من تخرجوا منها ذكورا واناثا واصل بعضهم تعليمه داخل الوطن وخارجه ونالوا شهادات جامعية وبعضهم شهادات عُليا في مختلف التخصصات الأدبية والعلمية وفي الحقوق والاقتصاد، وهم يعملون في مختلف الأعمال بما في ذلك الأعمال القيادية والريادية في مختلف مؤسسات الدولة والقطاعين العام والمختلط والخاص، ويعود الفضل في ذلك الى تلك الفرصة الصغيرة التي أتيحت لهم في التعلم بقريتهم بني علي.

الصورة رقم 15: سند تسجيل الطالب في مدرسة البعث الخيرية.


66

وقبل أن نتطرق الى ذلك أود أن أشير الى أن أنشاء المدرسة ببنيتها الحديثة والسعة التي كانت عليها فصولها وشكل النوافذ والأبواب التي عملت لها ودخول مواد جديدة في بنائها مثل مادة الإسمنت والأخشاب الطويلة المستوردة من أوربا وألواح السقف قد أحدثت نقلة معمارية كبيرة في بلاد الأعبوس، فقد أتاحت تلك المواد أن يبني الناس مساكن ذات غرف واسعة ونوافذ كبيرة بدلا من تلك الغرف الضيقة التي لا يتجاوز عرض أكبرها المترين والنصف لأن الأخشاب المحلية لم تكن تتيح توسيع عرض الغرف لأكثر من ذلك، ولم تكن المساكن المريحة معروفة قبل بناء المدارس. كما أن دخول مادة الإسمنت واستخدامها بنجاح في سقاية مدرسة الحرية وحفظها للماء بها، أغنى المواطنين عن استخدام مادة القضاض المكلفة وجعل امكانية بناء سقاية لكل منزل أمرا ممكنا فانتشرت بعدها ظاهرة السقايات (خزانات المياه المغلقة) التابعة لكل منزل وغدت لازمة من لوازم البيت المريح المكتمل.

67

أما دور مدرسة الحرية في مجال الوعي المجتمعي والسياسي فلم يكن يقل عن دورها في المجال التربوي والتعليمي، فلقد استقبلت المدرسة قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م بفرح عارم وذهب مديرها ليهديها مع مدرستي النور والارشاد الى حكومة الثورة. كما كانت مكاناً لتجمع الأهالي من مختلف القرى المحيطة بقرية بني علي بعد قيام الثورة بمدة قصيرة ليقرروا مصير مشايخ وأعيان المنطقة الذين كانوا يمثلون مناطقهم لدى النظام الملكي وهم شيخ قرية بني علي، وشيخ قرية الغليبة والتبيعة، وشيخ قرية المشاوز وبني أحمد، وكانت النتيجة بعد نقاش ومداولات أن قرر المجتمعون أن يتخلى أعيان المنطقة عن المَشْيَخَة كتابة وأن يصبحوا في ظل الثورة والجمهورية مواطنين شأنهم شأن سائر الناس، ووقع من حضر من المشايخ والأعيان على ذلك.

68

ولعبت المدرسة دورا هاما وفاعلا في تكريس الجمهورية في نفوس وعقول الطلاب والمواطنين، فقد كانت حناجر التلاميذ تصدح يومياً في طابور الصباح وفي أوقات الاستراحة بالأناشيد الوطنية مثل نشيد ”ف
تولى الأستاذ ياسين محمد سعيد ادارة مدرسة الحرية وكان ذا ميول حزبية يسارية ومتطلعا الى التغيير والحداثة، وكان يكن كراهية عميقة لنظام الحكم في صنعاء الذي دجنته السعودية بعد انقلاب 5 نوفمبر 1965م فغدى يحكم برجال وأدوات هي امتداد لنظام الحكم الملكي ولكن تحت مسمى جمهوري، فقاد مع غيره من أبناء مناطق الحجرية ثورة تغيير انطلاقا من المدارس تحت مسمى ”لجان الاصلاح الخيرية“، وكانت مدرسة الحرية احداها، وقد توقف الناس عن الذهاب الى محاكم النواحي، وقدموا الى المدارس في أوقات نهاية اليوم الدراسي ليحلوا مشاكلهم سواء كانت شخصية، أو تتعلق بقسمة المواريث والتركات، أو مشاكل زوجية، أو سرقات، أو ثارات قديمة، واستعانوا بذوي الخبرة بما في ذلك المشايخ السابقين الذين كتبوهم تنازلات عن المشيخة قبل عدة سنين، وبالفعل تمكنوا من حل الكثير من المشاكل المزمنة، كما سعوا الى انجاز بعض المشاريع في مجال توسعة المدارس ومرافقها، والمطالبة بإنشاء المستوصفات الصحية، ومحاولة شق طرق للسيارات الى القرى. وتنبهت الدولة ورجالاتها من حكام النواحي الذين تعطلت مصالحهم ولم يعد الناس يذهبون إليهم أو يتواصلون معهم الى ما يحدث بأنه يشكل خطراً وامتدادا لتحرك خط اليسار والثورة الذي ضُرب في صنعاء وتعز والحديدة بعد عام 1967م، فشنوا حملة شرسة على الجان الاصلاح الخيرية والمنتمين اليها، فألقوا بالكثيرين منهم في السجون، وتوقف الأستاذ ياسين عن أداء دوره ووقف بجانبه مشايخ وأعيان الناحية الذي كان قد قوى علاقته بهم، فترك وشأنه، وتوقفت عن العمل لجنة الاصلاح العاملة من مدرسة الحرية.

75

وتواصل في نفس الفترة الزمنية يسار الجبهة القومية من أبناء الجنوب وغيرهم مع القوميين من أبناء الأعبوس الذين تركوا عدن وانسحبوا الى قراهم لعدم رضاهم عن ادارة قحطان محمد الشَّعْبِي للسلطة في الجنوب، وحدث حينها أن قامت فرقة كشافة مدرسة الحرية وكان يقودها أمين أحمد محمد، وكنتُ عضوا فيها باحتواء خلاف وقع بين سالم رُبَيِّع علي ومحمد صالح مُطِيْع من جهة، والأهالي في قرية العسقة من جهة أخرى، فما كان منا الا أن قدنا سالم ربيع ورفيقه وتحفظنا عليهم في الصف الثالث ابتدائي في المدرسة وأمسينا نحرسهما حتى الصباح، وفي الصباح وبعد اجتماع مع مدير المدرسة ياسين محمد سعيد وأستاذ التربية الدينية الأستاذ محمد عبد الوهاب، تبين لهما ما يمثله الرجلان، فأكرماهما وطلبا من اثنان من الكشافة أن يوصلاهما الى بيت منصور الصَّراري في قرية ظبي، وبعد أشهر قليلة أطيح بقحطان الشعبي بانقلاب قاده عبد الفتاح اسماعيل من أبناء الأعبوس، وسالم ربيع علي الذي غدى رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وغدى محمد صالح مطيع وزيرا لخارجيتها.

76

وفي بداية السبعينيات (1973–1974م) شنت حملة عسكرية على عدة مدارس في الأعبوس بما فيها مدرسة الحرية بدعوى وجود عناصر حزبية بين طلابها، فسجن بعضهم وفر العديد منهم الى الجنوب ومنها ذهبوا للدراسة في الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، وتخرجوا من جامعاتها في تخصصات عدة ومن ثم غدوا عناصر فاعلة في العديد من مؤسسات ومرافق الدولة في الجنوب.

77

وشهدت مدرسة الحرية العديد من جولات التنافس الحزبي وبطرق ديمقراطية بين أبناء المنطقة، وكان المتنافسين ثلاثة أحزاب تقدمية هم: الاشتراكيون، والناصريون، والبعثيون المنتمون لحزب البعث العراقي، أما الاخوان المسلمون فقد كانوا ولا زالوا الى يومنا أفراداً لا يكادون يذكرون، وكان التنافس الحزبي يقوم على تولي المواقع القيادية لكل من المجالس المحلية، و جمعية أبناء الأعبوس، ومجالس أباء المدارس، وممثل الناحية لعضوية مجلس النواب، وكان التنافس يقوم على من سيقدم الخدمة الأفضل في مجال عمله وما سيحققه من مشاريع تخدم المنطقة وأبنائها، وكان الأمر سجال بين الأحزاب الثلاثة، وقد تمكنوا من تحقيق العديد من المشاريع بما فيها توسعة المدارس واستكمالها وتطويرها علميا وتوفير كافة احتياجاتها، وشق وايصال طرق السيارات الى كل قرية بما في ذلك أنجاز بعض الطرق المسفلتة، وافتتاح وتجهيز العديد من المستوصفات الصحية في أكثر من قرية لمعالجة المرضى واسعاف منهم في حالة خطرة الى المشافي في المدن، وكذلك افتتاح مكاتب الخدمات البريدية، وأكشاك التواصل التلفوني، وانشاء بعض المؤسسات التموينية المرتبطة بالمؤسسة الاقتصادية للدولة، وايصال خطوط الكهرباء العامة وربطها الى كل بيت، وانشاء خط أمداد صحي لايصال مياه الشرب الى المنازل ولكنه لم يستكمل ولم يشغل الى يومنا. لقد كان كل هذا تحقيقا لتلك الأهداف التي دونت بداية في ”دستور نادي الاتحاد العبسي“ في خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم حملت الراية من بعده والى اليوم جمعية أبناء الأعبوس الخيرية التي تنتشر فروعها في المدن اليمنية الرئيسية. وعندما تحققت الوحدة اليمنية كانت مدرسة الحرية مركزا للاستفتاء على دستور دولة الوحدة، كما كانت مركزا انتخابيا للمتنافسين من الأحزاب لعضوية مجلس النواب عن الن
ي ظل راية ثورتي أعلنت جمهوريتي“ ونشيد ”جيشنا يا جيشنا.. جيشنا يا ذا البطل“ و ”ارفع رأسك يا يماني عاش السلال والبيضاني“ و ”نشيد الحرية ثورة“ و ”بَرَّع يستعمار من أرض الأحرار“ وغيرها.

69

كما كانت منجزات الثورة يعرضها الأساتذة على طلابهم في الفصول الدراسية أو في الساحة، فما زلت أذكر عندما ضربت أول عُملة بعد قيام الجمهورية وهي ”الريال الفضي الجمهوري“ وفكته ”البُقْشَة“ أو ”البُقَش“ النحاسية، فقد أخرجنا من الفصول الدراسية ورتبنا صفوفا في ساحة المدرسة، ومرر الريال الجمهوري على كل طالب منا، وكان الريال الجديد يتلألأ ويبرق تحت ضوء الشمس، وكذلك فكته من البقش، لقد كانوا مدرسينا في غاية السرور يومها لذلك الحدث، وكذلك نحن مع عدم معرفتنا لكوننا أطفال بأبعاد ذلك. كما كانت تعرض علينا صوراً لرجال الثورة اليمنية، وصور جمال عبد النصر وقيادة الثورة في مصر، وصورة عبد الرحمن عارف قائد ثورة العراق، وكانت توزع علينا مجاناً بعض الكراسات الدراسية التي تحمل أغلفتها صوراً لهؤلاء القادة وفي خلفيتها جدول الضرب، كما كانت تعرض علينا صور انشاء بعض المؤسسات الجديدة كالبنوك والمصانع والمدارس ومكاتب البريد.

70

وفي الاحتفال السنوي للمدرسة كان يتم استقبال الجنود والضباط من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة ويجلسون وهم يلبسون الملابس العسكرية في الصف الأول، ومع أن معظمهم شبه أميين فقد كان يطلب منهم أن يلقون كلمات من على المسرح ويصفق لهم الجمهور طويلاً.

71

لقد استمرت مدرسة الحرية طوال فترة الستينيات العصيبة نصيرا للثورة والجمهورية ولمقاومة المستعمر في الجنوب، وعندما رحل الاستعمار البريطاني عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر عام 1967م احتفت مدرسة الحرية بالحدث وبالجمهورية الوليدة، ورفع علم ”جمهورية اليمن الجنوبية الشَّعبية“ على مدرسة الحرية مجاورا لعلم ”الجمهورية العرية اليمنية“ وأذكر أن سارية علم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رفعت أعلى من سارية علم الجمهورية العربية اليمنية فوق المدرسة ربما دون قصد ، وكنا يومها في الاحتفالية السنوية، وكان علينا أن نقدم عرضا رياضيا وكشفياً في الساحة فأوعز الينا بعض زملائنا الأكبر منا بالتوقف عن ذلك حتى يتم المساوة بين ساريتي العلمين، و تحمسنا للفكرة خاصة أن بعضنا كان آبائهم من ”التنظيم الشعبي، الجناح العسكري لجبهة التحرير“ وقد عادو الى القرية بعد أن تلقوا هزيمة من ”الجبهة القومية“ في أطراف مدينة عدن بعد رحيل المستعمر مباشرة، فتوقفنا بجانب الساحة بملابس العرض دون حراك، وبلغ مدير المدرسة ما يحدث، وأعتقد أنه كان حينها الأستاذ ياسين محمد سعيد، فسارع الى المسواة بين ساريتي العلمين، وقمنا بعدها بالعرض الرياضي والكشفي دون أن يحس الجمهور بما جرى.

72

وفي مدرسة الحرية قبل عام 1967م اجتمع عبد الرقيب محمد الحَرْبي وهو من قرية الغليبة، وكان قائدا عسكريا كبيرا متخصصا في التخطيط العسكري، وكان ممن تخرجوا من الكليات العسكرية في مصر في الخمسينيات، و محمد عبده ناشر الملقب ”شيخ الله“ وهو من الغليبة أيضا وكان من قادة قوات الصاعقة بصنعاء، اجتمعا بهيئة التدريس والمواطنين، وابلغوهم أن الجيش المصري والمصريين في اليمن خرجوا عن دورهم في نصرة الثورة والجمهورية وبدأوا يتحولون في سلوكهم وتصرفاتهم مع اليمنيين الى ما يشبه سلوك المحتلين، وأن على الجميع أن يستعدوا لمواجهة هذا الدور والسعي الى التخلص من الهيمنة المصرية، ولم يكن يومها بعض الناس من أبناء المنطقة سعداء بذلك الحديث، خاصة وأنهم كانوا يرون في جمال عبد الناصر زعيماً للأمة وقائدا لها، وسريعا ما غادر الجيش المصري اليمن بعد أن تعرضت جيوش البلدان العربية للهزيمة من اسرائيل في 5 يونيو1967م.

57 جمع (مُقَوِّت) لقب لمن يبيعون القات.

73

وتولت المدارس التحشيد من أجل الدفاع عن الثورة والجمهورية وكانت مدرسة الحرية في طليعتها، وذهب الكثير من أبناء الأعبوس للانخراط في صفوف الدفاع عن الجمهورية، فكانوا في قوات الصاعقة والمظلات والدروع وسلاح المهندسين والتموين العسكري، والتحق الشباب ممن درسوا بمدرسة الحرية في صفوف المقاومة الشعبية في كل من صنعاء وتعز والحديدة، وكان لهم دور في أحداث حصار السبعين يوما في صنعاء، وكانت المدرسة ملتقى للكثير من الناس حينها ممن كنوا يتابعون ما يجري في صنعاء، واستعدوا للانطلاق الى الدفاع عن الجمهورية في حالة ما اذا سقطت صنعاء، وكانت مدينة تعز وقتها قد انتقلت اليها قيادة الدولة ورجالاتها، وكانت صحف ”الثورة“ و”الجمهورية“ تصل من تعز الى القرية يحملها معهم يوميا المَقاوِتة57 من مدينة الراهدة، وكنا نقرأها وآبائنا، وكانت مدرسة الحرية أحد مراكز تداولها، ثم انكسر الملكيين في صنعاء في أوائل عام 1968م، وودعت قرى الأعبوس وبفخر كوكبة من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الثورة والجمهورية وكان منهم الملازم ثاني علي عبده عثمان شقيق الأستاذ عبد الواحد الذي استشهد في قرية حِزْيَز جنوب العاصمة صنعاء.

74

وعندما
من المدرسين والطلاب بين العمل التربوي والتعليمي والنشاط الحزبي الذي كان ممنوعاً حينها حتى عام 1990م عندما تحققت الوحدة وأفرج عن الديمقراطية والحزبية التي كانت حبيسة النظام الشمولي شمالاً وجنوباً. وكان لرواد مدرسة الحرية دورا في المناداة بالديمقراطية والحزبية، وقد زج بالكثير من طلابها في السجون ودفع بعظهم حياتهم ثمنا لذلك. والعجيب أن تأثير تلك المرحلة ما زالت مؤثرة الى يومنا هذا على النفوس والعقول والدليل على ذلك تركيز كل من كتبوا عن مدرسة الحرية على دورها التربوي والتعليمي واغفالهم دور روادها وطلابها في العمل الحزبي والسياسي وهو دور كبير ومؤثر في الساحة اليمنية شمالاً وجنوبا، وهو لا يقل عن دور المؤسسات المماثلة على امتداد الوطن، وقد تناولت هذا الدور بقدر أكبر من التفصيل في كتاب ذكرياتي
احية، ومازالت تؤدي دورها الطليعي في أكثر من اتجاه الى يومنا.

فرادة مدرسة الحرية ودورها الريادي

78

عندما بلغت مدرسة الحرية عامها العشرون سنة 1977م، دعا الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان أبناء بني علي والأعبوس عموما للاحتفال بهذه المناسبة، وأخرج في المعرض الذي أقيم بتلك المناسبة ما احتفظ به وادخره من تذكارات ونفائس تخص المدرسة من صور متنوعة التقطت للمدرسة ومدرسيها وطلابها الى أن بلغت الى ما هي عليه حينها، وكذلك سجلات تسجيل الطلاب والمدرسين وحوافظ الدوام، والمناهج الدراسية، والمجلات الحائطية، ونماذج من الشهادت، والسندات، وسجل التمثيليات.. الخ.

79

وقد أفرد الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان في مذكراته خلاصة للدور الريادي الذي تفردت به مدرسة الحُرية، ونورده كاملا كما دونه ليكون خاتمة لهذه التناولة لأُم المدارس:

58 ولندلل على أهمية هذا الدور نشير الى الدور الرائع والمتميز الذي مثلته احدى هؤلاء الفتيات، وهي الأست (...)

59 هو قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم استهدف مدارس بلاد الحجرية ومنها الأعبوس خلاصته تجميع طلاب ال (...)

60 كانت الكتب واحتياجات المدرسة من القرطاسية وغيرها تنقل سنويا قبل شق الطرقات على ظهور الحمير، وظهور (...)

61 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص50، 51.

«1– كانت الابتدائية الأولى في المنطقة في العهد الامامي 1376هـ/1956م.
2– فتحت المجال أمام فتاة الريف لأخذ مقعدها الدراسي الى جانب أخيها الفتى وذلك عام 1380هـ/1960م.
3– فتحت مجال التعليم الاعدادي في ظروف قاسية لتتاح للطلاب الفقراء مواصلة دراساتهم لعدم قدرتهم على الدراسة في المدن.
4– فتحت المجال أمام الفتاة وأهلتها للالتحاق في سلك التدريس في المرحلة الابتدائية وكان ذلك عام 1966–1967م58.
5– كانت أول مدرسة تعمل على الحاق عدد من مدرسيها في الدورات التدريبية للمعلمين لكسب الخبرة في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
6– قامت بالحاق مدرساتها في الدورات التدريبية للمعلمات لثلاث سنوات متتالية للاستفادة من الجديد في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
7– اقامة الحفلات السنوية في بداية كل عام دراسي كانت من أهم المجالات التي قامت بها لتعميم الصلة بين المواطنين والمدرسة، وكانت الاحتفالات تقام في شهر محرم من كل عام في عهد الامام وبعد الثورة كانت تقام في عيد الاضحى حيث يصادف وجود الغالبية العظمى من آباء التلاميذ.
8– الأولى في فتح المرحلة الثانوية رغم كل الصعوبات، وكان ذلك بداية عهد جديد تمثل في وصول البعثات التعليمية المصرية للعمل في المدرسة وغيرها من المدارس الاعدادية.
9– كانت الأولى في تخريج ثلاث طالبات من المرحلة الثانوية عام 1976م وتشجيعهن على الالتحاق بجامعة صنعاء.
10– كانت أول مدرسة تتصدى لقرار التجميع59 الجائر الذي صدر نهاية العام الدراسي 1975–1976م والذي قضى بتجميع إعداديتها وثانويتها الى مدارس أخرى، وبعد مرجعة دؤوبة ومضنية استصدرت قرار اعادتها الى وضعها كمدرسة ابتدائية اعدادية ثانوية، فكان هذا النجاح حافزا لمسئولي المدارس الأخرى التي كانت قد رضخت لقرار التجميع أن يتشجعوا ويراجعوا الوزارة بإلغاء قرار التجميع أسوة بإعادة مدرسة الحرية الى وضعها السابق، وبالفعل تم الغاء قرار التجميع.
11– أول مدرسة تقيم حفلا عاما بمناسبة الذكرى العشرين لبدء الدراسة فيها ولم يقتصر الحفل على الترتيب المعتاد، والحفل الساهر، بل اشتمل على عدة معارض، معرض للصور المتعلقة بتطوير المدرسة، ومعرض الوسائل التعليمية، ومعرض المجلات الحائطية، والكتب التي كانت تدرس قبل الثورة، فكانت هي القدوة في منطقة الأعبوس وما جاورها لفتح المجال أمام الفتاة لأخذ قسطها في التعليم وكذا اقامة الاحتفالات السنوية والمعارض وتطوير مدارسهم مترسمين خطى مدرسة الحرية.
12– كانت لها الريادة في انتخاب مجلس الآباء لدعم المدرسة ورعايتها وتوفير الامكانيات التي تساعد على سير العملية التعليمية بشكل جيد60.
13– كانت أول مدرسة تعتمد فيها مدرسة للبنات معترف بها رسمياً وتعين لها المدرسات في كل عام نتيجة كثافة عدد الطالبات في المرحلة الابتدائية، وتوفر المعلمات من خريجات المدرسة من المرحلة الاعدادية والثانوية في الأعوام الأخيرة حيث كان اعتماد مدرسة البنات 1974–1975م.
14– أول مدرسة تعمل على انشاء ملعب خارج حرم المدرسة لمزاولة مختلف الأنشطة الرياضية وتزويده بمعدات رياضية لمزاولة لعبة كرة القدم كأعمدة المرمى مع شباكها، وملابس خاصة وأحذية للفريق الرياضي وذلك عام 1964م»61.

الصورة رقم 17: مجموعة من مدرسات ومدرسين مدرسة الحرية (أرشيف عائلي لمحمد جازم).

80

وتنفرد مدرسة الحرية بوجود متحف فيها خصص له فصل في مدرسة البنين يحتوي على قطع أثرية أقديمة قبل اسلامية، وجمع اليه كل ما يعبر عن تراث المنطقة من ملابس، وحُلي، وأدوات العمل، وأدوات والطعام والشراب، والأسلحة وغيرها.

81

وكانت أيضاً المدرسة الأولى التي جمع معظم العاملين فيها