ارس، وحفر آبار، وبناء خزانات للمياه، واعانة المحتاجين والمنكوبين بقدر الامكان على الا تكون النكبة نتيجة سوء تصرف أو سلوك فيما يكرهه الشرع ولأخلاق والقانون المحلي.
4– عدم تدخل النادي بالسياسة11
(واجبات الأعضاء)
17
1– يجب على كل عضو احترام مبادئ النادي.
2– بذل روح الاخاء والتعاون واصلاح ذات بينهم وأن يكونوا كالجسد الواحد.
3– تسديد الاشتراك في نهاية كل شهر بحيث لا يتأخر عن الدفع الى ما بعد عشرة أيام من الشهر الثاني، والا لزم أن يقدم عريضة للإدارة يبين فيها سبب عجزه.
4– كل عضو لا يسدد اشتراكه ثلاثة أشهر متوالية للحاضر، وستة أشهر للغائب بغير عذر معقول يعتبر مفصولا من النادي، وسيقبله النادي في العضوية مرة أخرى اذا دفع الاشتراكات السابقة من حين توقفه.
5– قدر الاشتراك الشهري شلنان اثنان، ويستحسن الزيادة من الموسرين.
6– من فصل أو ستقال فليس له حق المطالبة بأي شيء بمالية النادي، سواء كان فردا أو جماعة.
7– من مات من المشتركين وهو فقير معدم وترك عائلة أو أطفالاً فعلى النادي مساعدتهم بقدر الامكان.
8– يرحب النادي بكل متبرع مطلقا أو مشتركا غير عبسي ذو أخلاق فاضلة على أن يكون عضوا استثنائياً ويمنح حق التصويت كناخب لا مُنْتَخَب.
(هيئة الادارة)
18
تنتخب هيئة ادارية، وتتكون من سبعة عشر عضوا:
رئيس ونائبه، ومدير ونائبه، وأمين صندوق، ومراقب ونائبه، ومستشار، وتسعة أعضاء اداريين وتتعين وظائفهم كما يلي:
1– يرأس الرئيس أو نائبه الجلسات ويشرف على المراسلات وما يتعلق بالنادي، ويمثل النادي في الحفلات والدعوات.
2– على المدير ونائبه ان يتسلم الرسائل الواردة الى النادي ويعرضها على الرئيس أو نائبه، ويحرر الرد عليها، ويتسلم الاشتراكات والتبرعات ويحرر وصولات لدافعيها، ويدعوا الى الجلسات ويديرها ويقوم بتسجيل محاضرها وتقاريرها، وعليه أن يقدم بيانا شاملاً عن مالية النادي موقعاً عليه من أمين الصندوق في كل جلسة شهرية، وعليه أن يدفع الى أمين الصندوق كل ما يصل اليه من تبرعات واشتراكات ويسجل أسماء أصحابها.
3– على أمين الصندوق أن يتسلم من المدير أو نائبه ما تحصلا من وارد الاشتراكات آخر كل شهر بعد خصم خرج النادي، وأن لا يصرف أي مبلغ من مالية النادي الا بموافقة الهيئة الادارية على أن لا يزيد المبلغ على ثمانين شلناً عند الحاجة فان زاد لا يمكن صرفه الا بموافقة الهيئة العامة.
4–على المراقب أو نائبه أن يراقب حركات أعمال الأعضاء المتعلقة بالمصلحة العامة دون أن يمس حريتهم الشخصية، وأن يشرف على نظام النادي ومصالحه، ويقدم بذلك تقريراً شهرياً.
5– يستشار المستشار في أعمال النادي المهمة قبل الاقدام على تنفيذها.
6– على الاعضاء الاداريين ملاحظة سير أعمال النادي عامة وأن يكونوا حلقة اتصال بين النادي والمشتركين، وأن يوقعوا على القرارات الهامة.
7– للهيئة الادارية الحق أن تبت في الأمور الطارئة والمستعجلة دون الرجوع الى رأي الآخرين، كما لها الحق بتعديل القرارات وفصل أي عضو ذو أخلاق سيئة.
(مجلس الادارة)
19
1– ينعقد مجلس هيئة الادارة في كل شهر مرة مالم تدع الحاجة الى جلسات أخر مستعجلة، وتصح الجلسات وتعتبر قراراتها نافذة إذا حضرها الأغلبية من الأعضاء.
2– ينبه المدير ونائبه الأعضاء بمنشور قبل يومين من الجلسة الشهرية.
3– من تخلف من أعضاء الهيئة عن الحضور ثلاث جلسات متوالية بدون سبب معقول فصل من العضوية، فللإدارة أن تعين نائب عنه مؤقتا حتى يأتي الانتخاب العام.
4– اذا اختلف أعضاء الادارة لجأوا الى التصويت وللرئيس صوتان في النهاية.
(المجلس السنوي العام)
12 دستور نادي الاتحاد العبسي، طبع في دار الجهاد للطبع والنشر، شارع الطويلة كريتر عدن، بتاريخ جمادى ال (...)
20
يدعى اليه جميع الأعضاء قبل خمسة عشر يوماً من انعقاده ويصح بحضور الأغلبية، وإذا لم تحضر الأغلبية فيؤجل الاجتماع اسبوعياً ثم يعقد بالحاضرين، ويعتبر هذ الاجتماع قانونيا، وفيه تعرض ميزانية النادي لجميع الاعضاء، وتقرأ عليهم مصروفات السنة الماضية، ويعتمدون ميزانية السنة المقبلة للمشاريع التي تعرض عليهم فيوافقون على القيام بها، ثم ينتخبون هيئة جديدة للإدارة أو يقرون أعضاء الهيئة الأولى. ولكل عضو في هذا الاجتماع أن يبدي ما يرى وجوبه في هذا القانون من اضافة أو حذف أو تعديل على أن يحال رأيه الى النقاش ثم الى التصويت»12.
الصورة رقم 3: صورة غلاف دستور نادي الاتحاد العبسي (أرشيف الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان).
21
لقد شكل تأسيس النادي وما حواه دستوره من أهداف ونظم ادارية نقطة تحول كبرى في حياة أبناء الأعبوس في منطقتهم وفي عدن والمهجر، فقد أدى التزامهم بدفع الاشتراك الشهري الى تراكم المال في صندوق النادي فغدى مرتكزا ماليا عاما يمكن توجيهه لحل العديد من المشاكل التي كانت قبله تثقل كاهل التجار وأصحاب الأموال، وأولها حل مشكلة البطالة وايجاد أعمال لمن لا عمل لهم في عدن، فكان أن بنوا من ميزانية النادي فوق مبناه عدة أدوار لاستيعاب من يتوق
4– عدم تدخل النادي بالسياسة11
(واجبات الأعضاء)
17
1– يجب على كل عضو احترام مبادئ النادي.
2– بذل روح الاخاء والتعاون واصلاح ذات بينهم وأن يكونوا كالجسد الواحد.
3– تسديد الاشتراك في نهاية كل شهر بحيث لا يتأخر عن الدفع الى ما بعد عشرة أيام من الشهر الثاني، والا لزم أن يقدم عريضة للإدارة يبين فيها سبب عجزه.
4– كل عضو لا يسدد اشتراكه ثلاثة أشهر متوالية للحاضر، وستة أشهر للغائب بغير عذر معقول يعتبر مفصولا من النادي، وسيقبله النادي في العضوية مرة أخرى اذا دفع الاشتراكات السابقة من حين توقفه.
5– قدر الاشتراك الشهري شلنان اثنان، ويستحسن الزيادة من الموسرين.
6– من فصل أو ستقال فليس له حق المطالبة بأي شيء بمالية النادي، سواء كان فردا أو جماعة.
7– من مات من المشتركين وهو فقير معدم وترك عائلة أو أطفالاً فعلى النادي مساعدتهم بقدر الامكان.
8– يرحب النادي بكل متبرع مطلقا أو مشتركا غير عبسي ذو أخلاق فاضلة على أن يكون عضوا استثنائياً ويمنح حق التصويت كناخب لا مُنْتَخَب.
(هيئة الادارة)
18
تنتخب هيئة ادارية، وتتكون من سبعة عشر عضوا:
رئيس ونائبه، ومدير ونائبه، وأمين صندوق، ومراقب ونائبه، ومستشار، وتسعة أعضاء اداريين وتتعين وظائفهم كما يلي:
1– يرأس الرئيس أو نائبه الجلسات ويشرف على المراسلات وما يتعلق بالنادي، ويمثل النادي في الحفلات والدعوات.
2– على المدير ونائبه ان يتسلم الرسائل الواردة الى النادي ويعرضها على الرئيس أو نائبه، ويحرر الرد عليها، ويتسلم الاشتراكات والتبرعات ويحرر وصولات لدافعيها، ويدعوا الى الجلسات ويديرها ويقوم بتسجيل محاضرها وتقاريرها، وعليه أن يقدم بيانا شاملاً عن مالية النادي موقعاً عليه من أمين الصندوق في كل جلسة شهرية، وعليه أن يدفع الى أمين الصندوق كل ما يصل اليه من تبرعات واشتراكات ويسجل أسماء أصحابها.
3– على أمين الصندوق أن يتسلم من المدير أو نائبه ما تحصلا من وارد الاشتراكات آخر كل شهر بعد خصم خرج النادي، وأن لا يصرف أي مبلغ من مالية النادي الا بموافقة الهيئة الادارية على أن لا يزيد المبلغ على ثمانين شلناً عند الحاجة فان زاد لا يمكن صرفه الا بموافقة الهيئة العامة.
4–على المراقب أو نائبه أن يراقب حركات أعمال الأعضاء المتعلقة بالمصلحة العامة دون أن يمس حريتهم الشخصية، وأن يشرف على نظام النادي ومصالحه، ويقدم بذلك تقريراً شهرياً.
5– يستشار المستشار في أعمال النادي المهمة قبل الاقدام على تنفيذها.
6– على الاعضاء الاداريين ملاحظة سير أعمال النادي عامة وأن يكونوا حلقة اتصال بين النادي والمشتركين، وأن يوقعوا على القرارات الهامة.
7– للهيئة الادارية الحق أن تبت في الأمور الطارئة والمستعجلة دون الرجوع الى رأي الآخرين، كما لها الحق بتعديل القرارات وفصل أي عضو ذو أخلاق سيئة.
(مجلس الادارة)
19
1– ينعقد مجلس هيئة الادارة في كل شهر مرة مالم تدع الحاجة الى جلسات أخر مستعجلة، وتصح الجلسات وتعتبر قراراتها نافذة إذا حضرها الأغلبية من الأعضاء.
2– ينبه المدير ونائبه الأعضاء بمنشور قبل يومين من الجلسة الشهرية.
3– من تخلف من أعضاء الهيئة عن الحضور ثلاث جلسات متوالية بدون سبب معقول فصل من العضوية، فللإدارة أن تعين نائب عنه مؤقتا حتى يأتي الانتخاب العام.
4– اذا اختلف أعضاء الادارة لجأوا الى التصويت وللرئيس صوتان في النهاية.
(المجلس السنوي العام)
12 دستور نادي الاتحاد العبسي، طبع في دار الجهاد للطبع والنشر، شارع الطويلة كريتر عدن، بتاريخ جمادى ال (...)
20
يدعى اليه جميع الأعضاء قبل خمسة عشر يوماً من انعقاده ويصح بحضور الأغلبية، وإذا لم تحضر الأغلبية فيؤجل الاجتماع اسبوعياً ثم يعقد بالحاضرين، ويعتبر هذ الاجتماع قانونيا، وفيه تعرض ميزانية النادي لجميع الاعضاء، وتقرأ عليهم مصروفات السنة الماضية، ويعتمدون ميزانية السنة المقبلة للمشاريع التي تعرض عليهم فيوافقون على القيام بها، ثم ينتخبون هيئة جديدة للإدارة أو يقرون أعضاء الهيئة الأولى. ولكل عضو في هذا الاجتماع أن يبدي ما يرى وجوبه في هذا القانون من اضافة أو حذف أو تعديل على أن يحال رأيه الى النقاش ثم الى التصويت»12.
الصورة رقم 3: صورة غلاف دستور نادي الاتحاد العبسي (أرشيف الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان).
21
لقد شكل تأسيس النادي وما حواه دستوره من أهداف ونظم ادارية نقطة تحول كبرى في حياة أبناء الأعبوس في منطقتهم وفي عدن والمهجر، فقد أدى التزامهم بدفع الاشتراك الشهري الى تراكم المال في صندوق النادي فغدى مرتكزا ماليا عاما يمكن توجيهه لحل العديد من المشاكل التي كانت قبله تثقل كاهل التجار وأصحاب الأموال، وأولها حل مشكلة البطالة وايجاد أعمال لمن لا عمل لهم في عدن، فكان أن بنوا من ميزانية النادي فوق مبناه عدة أدوار لاستيعاب من يتوق
فون عن العمل ورعايتهم حتي يجدوا عملا، كما قاموا بشراء بيتين تابعين للنادي لنفس الغرض وربما أًجرا ليرفدا ميزانية النادي بالمال.
22
لقد أخذ النادي بعض الوقت ليتمكن من النهوض بالدور المناط به تنفيذه في بلاد الأعبوس، وهو مدة خمس سنوات قبل أن يشرع في تنفيذ أول خطوة لتحقيق الأهداف التي رسمت في دستوره، ممثلة بالشروع في بناء المدارس في العزلة بغرض الوصول الى رفع مستوى التعليم والثقافة فيها لتكون الرافعة المستقبلية لنقلة نوعية على مستوى الوطن اليمني في شمال البلاد.
الأستاذ عبد الواحد وسعيه لبناء مدرسة في قرية بني علي
23
في أثناء تلك السنوات التي تلت مأساة قرية بني علي ظل الأستاذ عبد الحافظ وتلامذته يكدحون دون كلل في تحصيل العلم تحت شجرة التين في قرية النوبة، وشعر بعض التلاميذ بكفايته من العلم هناك فانتقل بعضهم الى مدينة عدن أما طلبا للرزق أو لتطلعه الى مزيدا من العلم، وكان منهم الاستاذ عبد الواحد عبده عثمان، الذي غادر مدرسة النوبة ليلتحق بمحل أبيه لبيع البن والبهارات في مدينة الشيخ عثمان وفرعه في مدينة كريتر عدن فيما بين شارع السٌّوق الطَّوِيْل وشارع الرَّشيد، ومع عمله في المحل فقد ظل وفيا للعلم والتعليم، فقد كان يتابع ما عليه التعليم في عدن من تقدم وحداثة، كما كان يتابع عبر الصحف أخبار المدارس وأنشطتها في حضرموت، وخاصة المدرسة المتوسطة في غَيْل بَاوَزِيْر.
24
لقد دفعه ما عاشه من واقع مُرّ من عدم وجود مدرسة لائقة يدرس بها الطلاب في قريته وما حدث من مأساة هناك لزميله سلطان ليجرد قلمه ليكتب مقالة في صحيفة ”النهضة“ بعدن، يشرح فيها حال التعليم في قرية بني علي ويحث أبنائها من الموسرين الى بناء مدرسة بها لأبنائهم، وكان ذلك بتاريخ 11 ربيع الأول سنة 1375 هجرية 27 أكتوبر 1955م. ونورده فيما يلي لأهميته ودلالته، وهو تحت عنوان ”قصة المدرسة في قرية بني علي أعبوس“:
«منذ ما يزيد على عشر سنوت عينت الحكومة اليمنية مدرساً في قرية بني علي أعبوس وهو الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر الهتاري، ولم تكلف الحكومة نفسها ببناء مدرسة بل اكتفت بتعيين المدرس كأن واجبها ينتهي عند هذا الحد وكأنه يصلح مُدرس من غير مدرسة حدث هذا فعلاً منذ عشر سنوات أو يزيد وحتى يومنا هذا لم تبن مدرسة في هذه القرية التعيسة التي يزيد عدد الأولاد فيها عن مائة وكلهم في سن التعليم. وعندما عينت الحكومة المدرس في ذلك الوقت استحسن الأهالي هذا العمل واعتبروه فاتحت خير لمستقبل أبنائهم، ولكنهم اكتفوا بإرسالهم الى كوخ يقع بمحاذات الطريق لا يصلح قط لأن يكون مكانا للتعليم، ولكن الكوخ أو (الديمة) كما يسمونها هناك بناه أحد الأهالي لتأوي اليه الأغنام في موسم الأمطار ومن المؤسف والمخجل معاً أن أحداً من أهالي القرية لم يحرك ساكنا في كل هذه المدة الطويلة ولم يقوموا ببناء مدرسة في بلادهم حتى يومنا هذا، بل وحتى لم يكلفوا أنفسهم بمطالبة الحكومة ببنائها مادامت قد عينت المدرس، وفي ذلك الكوخ حُشر الطلبة حشرا واستمروا ما يقرب من سنتين يتلقون العلم في جد واجتهاد، ولم يعد الكوخ يتسع للطلبة لكثرتهم واضطروا الى أن يقضوا معظم الوقت في العراء متعرضين لصيف محرق وبرد شتاء قارس.
13 1368 هجرية توافق 1948–1949م.
25
كل هذا يحدث أمام الأهالي والحكومة وكأن الأمر لا يعنيهم في قليل أو كثير، ومن العجيب أن وزارة المعارف اليمنية ترسل مفتشيها كل سنة لتفتيش المدارس في قضاء الحجرية، وكانت مدرسة بني علي المزعومة احدى هذه المدارس الداخلة في برنامج تفتيش وزارة المعارف اليمنية، وأذكر أنني كنت أحد الطلبة في سنة 1368هجرية13 حينما مرا مفتشان في تلك السنة أحدهما في فصل الشتاء ولآخر في فصل الصيف، وكلا المفتشين اختبرا الطلبة في كهف أو (حيد) كما يسمى هناك.
26
وكان هذا الكهف قرب الكوخ الذي أسموه ظلما وعدوانا مدرسة، في ذلك الوقت أظهر كلا من المفتشين أسفهما الشديد على هذه الحال التي لا تليق بكرامة العلم والمتعلمين، وقد وعدا بأن يبلغا الأمر الى وزارة المعارف اليمنية لتقوم بدورها بإنشأ المدرسة، ولكن تلك الوعود تذهب بذهاب كل مفتش من القرية ومضت السنوات وكل سنة يمر مفتش أو أكثر وكل مفتش يعطي وعدا بأنه سيبلغ المسئولين ليأمروا بإنشاء المدرسة.
27
ولكن حتى يومنا هذا لم تبن مدرسة في قرية بني علي وأكتفي بذكر هذا النزر عن قصة المدرسة في قرية بني علي وأترك البقية لأهالي بني علي أنفسهم ليتموها لأن قصة هذه المدرسة تركت وراءها كثير من المآسي يصعب على القلم أن يسجلها.
14 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص7، 8.
28
كلمة أخيرة أتوجه بها الى أهالي بني علي أنه من العار أن تمضي هذه العشر السنوات دون أن تقوموا ببناء مدرسة في بلادكم، ان بناء المدرسة لن يكلفكم كثيرا فباستطاعتكم أن تبنوها أن أردتم لأنفسكم ولأولادكم الخير، فالعلم في وقتنا هذا أصبح ضروريا للإنسان تماما كالماء والهواء نعم باستطاعتكم أن تتعاونوا جميعا وتبنوا المدرسة في
22
لقد أخذ النادي بعض الوقت ليتمكن من النهوض بالدور المناط به تنفيذه في بلاد الأعبوس، وهو مدة خمس سنوات قبل أن يشرع في تنفيذ أول خطوة لتحقيق الأهداف التي رسمت في دستوره، ممثلة بالشروع في بناء المدارس في العزلة بغرض الوصول الى رفع مستوى التعليم والثقافة فيها لتكون الرافعة المستقبلية لنقلة نوعية على مستوى الوطن اليمني في شمال البلاد.
الأستاذ عبد الواحد وسعيه لبناء مدرسة في قرية بني علي
23
في أثناء تلك السنوات التي تلت مأساة قرية بني علي ظل الأستاذ عبد الحافظ وتلامذته يكدحون دون كلل في تحصيل العلم تحت شجرة التين في قرية النوبة، وشعر بعض التلاميذ بكفايته من العلم هناك فانتقل بعضهم الى مدينة عدن أما طلبا للرزق أو لتطلعه الى مزيدا من العلم، وكان منهم الاستاذ عبد الواحد عبده عثمان، الذي غادر مدرسة النوبة ليلتحق بمحل أبيه لبيع البن والبهارات في مدينة الشيخ عثمان وفرعه في مدينة كريتر عدن فيما بين شارع السٌّوق الطَّوِيْل وشارع الرَّشيد، ومع عمله في المحل فقد ظل وفيا للعلم والتعليم، فقد كان يتابع ما عليه التعليم في عدن من تقدم وحداثة، كما كان يتابع عبر الصحف أخبار المدارس وأنشطتها في حضرموت، وخاصة المدرسة المتوسطة في غَيْل بَاوَزِيْر.
24
لقد دفعه ما عاشه من واقع مُرّ من عدم وجود مدرسة لائقة يدرس بها الطلاب في قريته وما حدث من مأساة هناك لزميله سلطان ليجرد قلمه ليكتب مقالة في صحيفة ”النهضة“ بعدن، يشرح فيها حال التعليم في قرية بني علي ويحث أبنائها من الموسرين الى بناء مدرسة بها لأبنائهم، وكان ذلك بتاريخ 11 ربيع الأول سنة 1375 هجرية 27 أكتوبر 1955م. ونورده فيما يلي لأهميته ودلالته، وهو تحت عنوان ”قصة المدرسة في قرية بني علي أعبوس“:
«منذ ما يزيد على عشر سنوت عينت الحكومة اليمنية مدرساً في قرية بني علي أعبوس وهو الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر الهتاري، ولم تكلف الحكومة نفسها ببناء مدرسة بل اكتفت بتعيين المدرس كأن واجبها ينتهي عند هذا الحد وكأنه يصلح مُدرس من غير مدرسة حدث هذا فعلاً منذ عشر سنوات أو يزيد وحتى يومنا هذا لم تبن مدرسة في هذه القرية التعيسة التي يزيد عدد الأولاد فيها عن مائة وكلهم في سن التعليم. وعندما عينت الحكومة المدرس في ذلك الوقت استحسن الأهالي هذا العمل واعتبروه فاتحت خير لمستقبل أبنائهم، ولكنهم اكتفوا بإرسالهم الى كوخ يقع بمحاذات الطريق لا يصلح قط لأن يكون مكانا للتعليم، ولكن الكوخ أو (الديمة) كما يسمونها هناك بناه أحد الأهالي لتأوي اليه الأغنام في موسم الأمطار ومن المؤسف والمخجل معاً أن أحداً من أهالي القرية لم يحرك ساكنا في كل هذه المدة الطويلة ولم يقوموا ببناء مدرسة في بلادهم حتى يومنا هذا، بل وحتى لم يكلفوا أنفسهم بمطالبة الحكومة ببنائها مادامت قد عينت المدرس، وفي ذلك الكوخ حُشر الطلبة حشرا واستمروا ما يقرب من سنتين يتلقون العلم في جد واجتهاد، ولم يعد الكوخ يتسع للطلبة لكثرتهم واضطروا الى أن يقضوا معظم الوقت في العراء متعرضين لصيف محرق وبرد شتاء قارس.
13 1368 هجرية توافق 1948–1949م.
25
كل هذا يحدث أمام الأهالي والحكومة وكأن الأمر لا يعنيهم في قليل أو كثير، ومن العجيب أن وزارة المعارف اليمنية ترسل مفتشيها كل سنة لتفتيش المدارس في قضاء الحجرية، وكانت مدرسة بني علي المزعومة احدى هذه المدارس الداخلة في برنامج تفتيش وزارة المعارف اليمنية، وأذكر أنني كنت أحد الطلبة في سنة 1368هجرية13 حينما مرا مفتشان في تلك السنة أحدهما في فصل الشتاء ولآخر في فصل الصيف، وكلا المفتشين اختبرا الطلبة في كهف أو (حيد) كما يسمى هناك.
26
وكان هذا الكهف قرب الكوخ الذي أسموه ظلما وعدوانا مدرسة، في ذلك الوقت أظهر كلا من المفتشين أسفهما الشديد على هذه الحال التي لا تليق بكرامة العلم والمتعلمين، وقد وعدا بأن يبلغا الأمر الى وزارة المعارف اليمنية لتقوم بدورها بإنشأ المدرسة، ولكن تلك الوعود تذهب بذهاب كل مفتش من القرية ومضت السنوات وكل سنة يمر مفتش أو أكثر وكل مفتش يعطي وعدا بأنه سيبلغ المسئولين ليأمروا بإنشاء المدرسة.
27
ولكن حتى يومنا هذا لم تبن مدرسة في قرية بني علي وأكتفي بذكر هذا النزر عن قصة المدرسة في قرية بني علي وأترك البقية لأهالي بني علي أنفسهم ليتموها لأن قصة هذه المدرسة تركت وراءها كثير من المآسي يصعب على القلم أن يسجلها.
14 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص7، 8.
28
كلمة أخيرة أتوجه بها الى أهالي بني علي أنه من العار أن تمضي هذه العشر السنوات دون أن تقوموا ببناء مدرسة في بلادكم، ان بناء المدرسة لن يكلفكم كثيرا فباستطاعتكم أن تبنوها أن أردتم لأنفسكم ولأولادكم الخير، فالعلم في وقتنا هذا أصبح ضروريا للإنسان تماما كالماء والهواء نعم باستطاعتكم أن تتعاونوا جميعا وتبنوا المدرسة في
بلادكم»14.
تشكيل هيئة تأسيسية لبناء المدرسة
29
ولنرجع الى مذكرات الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان تحدثنا بما جرى من مستجدات بعد ذلك:
15 الحاج حيدرة صالح محمد من قرية العَسْقة بني علي، وكان الأمين العام لنادي الاتحاد العبسي، كان تاجرا (...)
16 الحاج علي جازم مُحُمَّد هادي، الشهير ب "العطار العبسي" من قرية الهَوْب بني علي، وكان تاجرا بالعود (...)
17 الحاج عبده ابراهيم نعمان، من قرية الهوب بني علي، وهو خالي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان (...)
18 الحاج عبد الباقي عبد القادر، من قرية العسقة بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان تاجرا (...)
19 الحاج علي قاسم أحمد، من قرية المِشْراح بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان يملك هو وأخ (...)
20 الحاج سلام قاسم أحمد، من قرية المِشْراح بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان تاجرا يملك (...)
21 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص9، 10.
«كان لحادثة مقتل سلطان عبد الرب علي على ذلك النحو المروع دورا في التحرك نحو بناء مدرسة والسعي لذلك حيث كان البعض يردد لوكان لهؤلاء التلاميذ مدرسة أو مبنى حديث هل سيحدث ما حدث؟ ويرد آخرين هل سيهز الحادث ضمائر الموسرين من أبناء القرية ويبادروا لبناء مدرسة حديثة؟ ولم تكن هناك عقبة لإقناع الموسرين ببناء المدرسة الا الخوف من الامام.. نشرت مقالاً في صحيفة النهضة نددت فيه بموقف التجار من أبناء القرية وذكرتهم بحادث استشهاد سلطان والذي كان ضحية الاهمال وعدم تقدير الموسرين لمسئوليتهم، وكان هذا المقال كافيا لأن يهز الضمائر الحية ويضع الجميع أمام المسئولية التي لا يمكن التهرب منها، وعلى أثر ذلك شكلت أول هيئة تأسيسية من:
-الحاج حيدرة صالح15.
-الحاج علي جازم16.
-الحاج عبده ابراهيم نعمان17.
-الحاج عبد الباقي عبد القادر18.
-الحاج علي قاسم أحمد19.
-الحاج سلَّام قاسم أحمد20.
حدث شيء من التقاعس جعلني أسارع في كتابة مقال آخر في جريدة النهضة هاجمت فيه الأغنياء من أبناء القرية لترددهم في بناء المدرسة فاجتمعت إثر ذلك الهيئة التأسيسية وكنت معهم وأقرت توزيع تكاليف بناء المدرسة على الأعضاء، وتم جمع المال ومباشرة العمل في بناء المدرسة من ثلاث غرف.
تحقق الحلم، حيث تم انشاء مدرسة أهلية في قرية بني علي أعبوس ناحية القَبَيْطة، كأول مدرسة أهلية في الناحية من قبل أفراد الهيئة التأسيسية من أبناء قرية بني علي، وقد دامت المطالبة بإنشاء هذه المدرسة ما يزيد على العشر سنوات، وقد اعترضت مشروع بناء المدرسة كثيرا من العقبات والعراقيل.
وليس من اليسير انشاء مدرسة أهلية في هذا الجزء من الوطن، حيث تسيطر على الناس وعلى أفكارهم قوى رجعية متحجرة، ولكنه نتيجة للمطالبة المتواصلة الملحة والنية الصادقة تم أخيرا التغلب على العراقيل والعقبات، فقد قرر المؤسسون تخطي كل العوائق، وان انشاء المدرسة يعد من أقدس الواجبات عليهم، وبهذا فقد حققوا أمل مواطنيهم في حلم ظل يراودهم أكثر من عشر سنوات وبعملهم هذا استحقوا التقدير وبنوا لأنفسهم أثراً على مدى الزمن. وقد تم بناء المدرسة من ثلاثة فصول كما تقدم تتسع كل غرفة لأربعين طالباً، وأنشئت على النظام الحديث مؤثثة بالكراسي والطاولات، حيث أشرف على بنائها وتأثيثها حيدرة صالح محمد وبلغت تكاليفها 15000 شلن. ولأول مرة تشهد القرية بل الناحية كلها مدرسة تسير وفق النظام الحديث المتبع في المدارس الأهلية بعدن.»21
الصورة رقم 4: لوحة تذكارية لمؤسسي نادي الاتحاد العبسي في عدن (أرشيف الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان).
30
ويلزم التنويه بأن الأرضية التي بنيت عليها المدرسة تبرع بها كل من عبد الرزاق محمد أحمد وأخوه علي محمد أحمد رحمهما الله وطيب ثراهما حسب افادة بعض أبنائهما بذلك22.
31
حدثني خالي عبده ابراهيم نعمان أنهم كانوا يخشون أن يوقف الامام أحمد حميد الدين بناء المدرسة فقام هو والحاج علي جازم باستدعاء الشيخ عبد الرب علي عبده العفوري والد سلطان لزيارة عدن، وانزلاه في غرفة بنادي الاتحاد العبسي وخصصا له سيارة وسائق ومرافق يطوف به أرجاء مدينة عدن ليرياه ما عليه البلاد من حياة وتقدم، وليواسياه أيضا بمصابه بابنه سلطان، فأقام في عدن مدة شهر معززا ومكرما، وهما ينفقان عليه، ومن ثم جهزاه بكافة احتياجاته بما في ذلك الهدايا لأهله عند العودة، واتفقا معه بأن يقوم بالتستر على بناء المدرسة، وأن يعمم على الناس القول فيما اذا سأل عساكر الامام عنها بأنها منزل يبنى لأحد التجار المقيمين في عدن، ووفى الشيخ بوعده وتم بناء المدرسة دون مشاكل تذكر.
32
تم بناء المدرسة وتأثيثها عام 1956م وساهم الأهالي في القرية طواعية بالعمل في انشاءها فحفروا أساساتها وكسرو الأحجار ونقلوها على ظهورهم وساهموا بأعمال البناء وتبرع بعضهم بالمال من أجل ذلك، لقد كان في مخيلة الجميع، تلك الأجيال من الأبناء والبنات الذين سيدرسون داخل هذه الجدران وستكفيهم هذه المدرس
تشكيل هيئة تأسيسية لبناء المدرسة
29
ولنرجع الى مذكرات الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان تحدثنا بما جرى من مستجدات بعد ذلك:
15 الحاج حيدرة صالح محمد من قرية العَسْقة بني علي، وكان الأمين العام لنادي الاتحاد العبسي، كان تاجرا (...)
16 الحاج علي جازم مُحُمَّد هادي، الشهير ب "العطار العبسي" من قرية الهَوْب بني علي، وكان تاجرا بالعود (...)
17 الحاج عبده ابراهيم نعمان، من قرية الهوب بني علي، وهو خالي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان (...)
18 الحاج عبد الباقي عبد القادر، من قرية العسقة بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان تاجرا (...)
19 الحاج علي قاسم أحمد، من قرية المِشْراح بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان يملك هو وأخ (...)
20 الحاج سلام قاسم أحمد، من قرية المِشْراح بني علي، وكان عضوا في نادي الاتحاد العبسي، وكان تاجرا يملك (...)
21 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص9، 10.
«كان لحادثة مقتل سلطان عبد الرب علي على ذلك النحو المروع دورا في التحرك نحو بناء مدرسة والسعي لذلك حيث كان البعض يردد لوكان لهؤلاء التلاميذ مدرسة أو مبنى حديث هل سيحدث ما حدث؟ ويرد آخرين هل سيهز الحادث ضمائر الموسرين من أبناء القرية ويبادروا لبناء مدرسة حديثة؟ ولم تكن هناك عقبة لإقناع الموسرين ببناء المدرسة الا الخوف من الامام.. نشرت مقالاً في صحيفة النهضة نددت فيه بموقف التجار من أبناء القرية وذكرتهم بحادث استشهاد سلطان والذي كان ضحية الاهمال وعدم تقدير الموسرين لمسئوليتهم، وكان هذا المقال كافيا لأن يهز الضمائر الحية ويضع الجميع أمام المسئولية التي لا يمكن التهرب منها، وعلى أثر ذلك شكلت أول هيئة تأسيسية من:
-الحاج حيدرة صالح15.
-الحاج علي جازم16.
-الحاج عبده ابراهيم نعمان17.
-الحاج عبد الباقي عبد القادر18.
-الحاج علي قاسم أحمد19.
-الحاج سلَّام قاسم أحمد20.
حدث شيء من التقاعس جعلني أسارع في كتابة مقال آخر في جريدة النهضة هاجمت فيه الأغنياء من أبناء القرية لترددهم في بناء المدرسة فاجتمعت إثر ذلك الهيئة التأسيسية وكنت معهم وأقرت توزيع تكاليف بناء المدرسة على الأعضاء، وتم جمع المال ومباشرة العمل في بناء المدرسة من ثلاث غرف.
تحقق الحلم، حيث تم انشاء مدرسة أهلية في قرية بني علي أعبوس ناحية القَبَيْطة، كأول مدرسة أهلية في الناحية من قبل أفراد الهيئة التأسيسية من أبناء قرية بني علي، وقد دامت المطالبة بإنشاء هذه المدرسة ما يزيد على العشر سنوات، وقد اعترضت مشروع بناء المدرسة كثيرا من العقبات والعراقيل.
وليس من اليسير انشاء مدرسة أهلية في هذا الجزء من الوطن، حيث تسيطر على الناس وعلى أفكارهم قوى رجعية متحجرة، ولكنه نتيجة للمطالبة المتواصلة الملحة والنية الصادقة تم أخيرا التغلب على العراقيل والعقبات، فقد قرر المؤسسون تخطي كل العوائق، وان انشاء المدرسة يعد من أقدس الواجبات عليهم، وبهذا فقد حققوا أمل مواطنيهم في حلم ظل يراودهم أكثر من عشر سنوات وبعملهم هذا استحقوا التقدير وبنوا لأنفسهم أثراً على مدى الزمن. وقد تم بناء المدرسة من ثلاثة فصول كما تقدم تتسع كل غرفة لأربعين طالباً، وأنشئت على النظام الحديث مؤثثة بالكراسي والطاولات، حيث أشرف على بنائها وتأثيثها حيدرة صالح محمد وبلغت تكاليفها 15000 شلن. ولأول مرة تشهد القرية بل الناحية كلها مدرسة تسير وفق النظام الحديث المتبع في المدارس الأهلية بعدن.»21
الصورة رقم 4: لوحة تذكارية لمؤسسي نادي الاتحاد العبسي في عدن (أرشيف الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان).
30
ويلزم التنويه بأن الأرضية التي بنيت عليها المدرسة تبرع بها كل من عبد الرزاق محمد أحمد وأخوه علي محمد أحمد رحمهما الله وطيب ثراهما حسب افادة بعض أبنائهما بذلك22.
31
حدثني خالي عبده ابراهيم نعمان أنهم كانوا يخشون أن يوقف الامام أحمد حميد الدين بناء المدرسة فقام هو والحاج علي جازم باستدعاء الشيخ عبد الرب علي عبده العفوري والد سلطان لزيارة عدن، وانزلاه في غرفة بنادي الاتحاد العبسي وخصصا له سيارة وسائق ومرافق يطوف به أرجاء مدينة عدن ليرياه ما عليه البلاد من حياة وتقدم، وليواسياه أيضا بمصابه بابنه سلطان، فأقام في عدن مدة شهر معززا ومكرما، وهما ينفقان عليه، ومن ثم جهزاه بكافة احتياجاته بما في ذلك الهدايا لأهله عند العودة، واتفقا معه بأن يقوم بالتستر على بناء المدرسة، وأن يعمم على الناس القول فيما اذا سأل عساكر الامام عنها بأنها منزل يبنى لأحد التجار المقيمين في عدن، ووفى الشيخ بوعده وتم بناء المدرسة دون مشاكل تذكر.
32
تم بناء المدرسة وتأثيثها عام 1956م وساهم الأهالي في القرية طواعية بالعمل في انشاءها فحفروا أساساتها وكسرو الأحجار ونقلوها على ظهورهم وساهموا بأعمال البناء وتبرع بعضهم بالمال من أجل ذلك، لقد كان في مخيلة الجميع، تلك الأجيال من الأبناء والبنات الذين سيدرسون داخل هذه الجدران وستكفيهم هذه المدرس
ة مشاق تحمل تكاليف تدريس أبنائهم في عدن أو بقائهم أميين الى الأبد.
33
مع بداية العام 1957م فتحت المدرسة أبوابها لاستقبال التلاميذ ويبدأ الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر الهتاري بتعليمهم معتمدا على منهج حديث في التدريس كما أشار الى ذلك الاستاذ عبد الواحد وهو على النحو الآتي: «القرآن الكريم مجوداً، أحكام التجويد، المجموعة التوحيدية، سفينة النجاة، اللغة العربية، الخط والاملاء، المُطالعة (القراءة)، النحو، نبذة مبسطة في الجغرافيا، الهندسة والحساب (الرياضيات).»23. وسميت المدرسة حينها (مدرسة البَعْث الأهلية الخيرية الاسلامية)، واستمرت تحمل هذا الاسم الى عام 1962م عند غير اسمها لأسباب تربوية تعليمية الى (مدرسة الحُرِّية).
34
من لوحة الشرف التي أعدها الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان لعدد من الذين مدوا أيديهم بسخاء ليساهموا بوقوف المدرسة في بدايتها على قدميها، نستطيع أن نلمس ذلك الحماس المنقطع النظير للأهالي في اسناد مدرستهم، فقد ذكر أُستاذنا أن الأستاذ عبد القدوس عبد الملك السَّرُوْرِي كان يقوم منذ افتتاح الدراسة بالمدرسة بطبع سندات تسديد الرسوم المدرسية، والشهادات التي تمنح للطلاب سنويا، ودفاتر الرسائل الخاصة بالمدرسة24. أما طاهر أحمد جازم فكان يقوم بجمع المال من العمال وأصحاب الأعمال في مدينة عدن من أجل توفير مرتبات للمدرسين بالمدرسة وذلك في الفترة السابقة لقيام الثورة25.
26 نفسه.
27 نفسه.
35
كما قام الحاج محمد عبد الجبار راشد من قرية مِرْوَة، وكان تاجراً بمدينة عدن ووكيلا لشركة وهيتاشي اليابانية بالتبرع للمدرسة بمصباح بترومكس ألماني، واثني عشرة كرسيا خشبي، ومبلغ مائتي ريال ماري تريزا، لدعم النشاط الرياضي26. أما خالي الحاج محمد ابراهيم نُعمان فقد تبرع باثني عشرة كرسيا للمدرسة عندما كانت أهلية27.
28 نفسه، ص54.
36
وتحدث الأستاذ عبد الواحد عن مكتبة المدرسة وتوفير احتياجاتها من الكتب والقصص وغيرها من ”مكتبة أبو شَيْبَان في المَعَلَّا بعدن“ وقد وضعها وصاحبيها عبده، وردمان ابنا محمد صالح الشَّيْباني في لوحة شرف المدرسة، فقد كانت معرفة الاستاذ عبد الواحد بهما ترجع الى الفترة السابقة لعمله في مدرسة البعث حيث كان يحصل على حاجته من الكتب والمجلات من المكتبة، وبعد افتتاح مدرسة البعث بدأ التعامل رسميا مع المكتبة نظراً للتسهيلات التي قدمها صاحبيها، وكانت أول مجموعة من القصص تدخل مكتبة المدرسة عددها عشرين قصة تبرع بها صاحبي المكتبة، وأسماء هذه القصص مدونة في أول سجل للمدرسة بقلم مدير المدرسة الأستاذ عبد الحافظ، واستمر التعامل مع مكتبة أبو شيبان مدة خمسة عشر عاما تبيع للمدرسة حاجتها من الكتب والقصص والوسائل والأدوات المكتبية بأسعار خاصة، وبأثمان مؤجلة السداد مما كان يقود الى توتر العلاقة بين المدرسة ممثلة بالأستاذ عبد الواحد المعروف بمماطلته وتساهله في تسديد النقود، وبين ممثل المكتبة أكبر الأخوين عبده المعروف بتشدده وعدم التساهل اذا طالت مدة عدم سداد مستحقات المكتبة، وكانت تحدث بين الطرفين مهاترات وتبادل رسائل ذات لهجة حادة، فيرفض ممثل المكتبة تلبية طلبات المدرسة الا بعد السداد، ويرفض ممثل المدرسة السداد الا بعد توفير متطلبات المدرسة أو أنه سيلجأ الى التعامل مع مكتبة أخرى. ويتدخل الأخ الأصغر (رَدْمان) لتهدئة الخلاف والوصول الى حل ودي، ويبدي استعداد لتلبية كافة متطلبات المدرسة ويقول لشقيقه: ”الحق عند عبد الواحد لا يضيع وان تأخر في دفعه. فيجيبه أخوه: هذا مماطل يجمد الفلوس عنده ستة أشهر وأكثر"28. ومع هذا يستمر تعامل الطرفين مع بعضهما وسط المهاترات والصعوبات.
37
وخلد الأستاذ عبد الواحد في لوحة شرف المدرسة أربعة من الطلاب من أبناء الأعبوس نظراً لإسهامهم المميز في العملية التعليمية في بداية نشأة المدرسة وهم:
29 هو عبد الله عبد الولي ناشر، من قرية التبيعة، وقد انخرط هو وأخوه عبد العزيز عبد الولي ناشر في الجبه (...)
-الطالب عبد الله عبد الولي29، وكان طالبا في كلية عدن، قام بدور كبير في مساعدة المدرسين عبد الحافظ وعبد الواحد في بدية عهد المدرسة وكان يقضي العطلة الصيفية في القرية ويحضر الى المدرسة لمساعدة المدرسين في عملهما.
-الطالب عبد الحميد سعيد نُعمان، وكان طالبا في كلية عدن، وكان يحضر في العطلة الصيفية الى المدرسة ويساعد المدرسين في العمل.
-الطالب سعيد عبد الجبار راشد من قرية المَراوِية، وكان طالبا في جامعات مصر، وكان يزور المدرسة عندما يعود في العطلة الصيفية الى القرية. قدم للمدرسة أول مجموعة كتب دراسية قبل الثورة أرسلها من القاهرة وهي في العلوم والاجتماعيات —التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية— والرياضيات، وكانت مقررات وزارة التربية والتعليم في الجمهورية العربية المتحدة
30 غدى أحد أكبر المحاميين والحقوقيين في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
31 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص 53، 54.
-الطالب عبد المولى أح
33
مع بداية العام 1957م فتحت المدرسة أبوابها لاستقبال التلاميذ ويبدأ الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر الهتاري بتعليمهم معتمدا على منهج حديث في التدريس كما أشار الى ذلك الاستاذ عبد الواحد وهو على النحو الآتي: «القرآن الكريم مجوداً، أحكام التجويد، المجموعة التوحيدية، سفينة النجاة، اللغة العربية، الخط والاملاء، المُطالعة (القراءة)، النحو، نبذة مبسطة في الجغرافيا، الهندسة والحساب (الرياضيات).»23. وسميت المدرسة حينها (مدرسة البَعْث الأهلية الخيرية الاسلامية)، واستمرت تحمل هذا الاسم الى عام 1962م عند غير اسمها لأسباب تربوية تعليمية الى (مدرسة الحُرِّية).
34
من لوحة الشرف التي أعدها الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان لعدد من الذين مدوا أيديهم بسخاء ليساهموا بوقوف المدرسة في بدايتها على قدميها، نستطيع أن نلمس ذلك الحماس المنقطع النظير للأهالي في اسناد مدرستهم، فقد ذكر أُستاذنا أن الأستاذ عبد القدوس عبد الملك السَّرُوْرِي كان يقوم منذ افتتاح الدراسة بالمدرسة بطبع سندات تسديد الرسوم المدرسية، والشهادات التي تمنح للطلاب سنويا، ودفاتر الرسائل الخاصة بالمدرسة24. أما طاهر أحمد جازم فكان يقوم بجمع المال من العمال وأصحاب الأعمال في مدينة عدن من أجل توفير مرتبات للمدرسين بالمدرسة وذلك في الفترة السابقة لقيام الثورة25.
26 نفسه.
27 نفسه.
35
كما قام الحاج محمد عبد الجبار راشد من قرية مِرْوَة، وكان تاجراً بمدينة عدن ووكيلا لشركة وهيتاشي اليابانية بالتبرع للمدرسة بمصباح بترومكس ألماني، واثني عشرة كرسيا خشبي، ومبلغ مائتي ريال ماري تريزا، لدعم النشاط الرياضي26. أما خالي الحاج محمد ابراهيم نُعمان فقد تبرع باثني عشرة كرسيا للمدرسة عندما كانت أهلية27.
28 نفسه، ص54.
36
وتحدث الأستاذ عبد الواحد عن مكتبة المدرسة وتوفير احتياجاتها من الكتب والقصص وغيرها من ”مكتبة أبو شَيْبَان في المَعَلَّا بعدن“ وقد وضعها وصاحبيها عبده، وردمان ابنا محمد صالح الشَّيْباني في لوحة شرف المدرسة، فقد كانت معرفة الاستاذ عبد الواحد بهما ترجع الى الفترة السابقة لعمله في مدرسة البعث حيث كان يحصل على حاجته من الكتب والمجلات من المكتبة، وبعد افتتاح مدرسة البعث بدأ التعامل رسميا مع المكتبة نظراً للتسهيلات التي قدمها صاحبيها، وكانت أول مجموعة من القصص تدخل مكتبة المدرسة عددها عشرين قصة تبرع بها صاحبي المكتبة، وأسماء هذه القصص مدونة في أول سجل للمدرسة بقلم مدير المدرسة الأستاذ عبد الحافظ، واستمر التعامل مع مكتبة أبو شيبان مدة خمسة عشر عاما تبيع للمدرسة حاجتها من الكتب والقصص والوسائل والأدوات المكتبية بأسعار خاصة، وبأثمان مؤجلة السداد مما كان يقود الى توتر العلاقة بين المدرسة ممثلة بالأستاذ عبد الواحد المعروف بمماطلته وتساهله في تسديد النقود، وبين ممثل المكتبة أكبر الأخوين عبده المعروف بتشدده وعدم التساهل اذا طالت مدة عدم سداد مستحقات المكتبة، وكانت تحدث بين الطرفين مهاترات وتبادل رسائل ذات لهجة حادة، فيرفض ممثل المكتبة تلبية طلبات المدرسة الا بعد السداد، ويرفض ممثل المدرسة السداد الا بعد توفير متطلبات المدرسة أو أنه سيلجأ الى التعامل مع مكتبة أخرى. ويتدخل الأخ الأصغر (رَدْمان) لتهدئة الخلاف والوصول الى حل ودي، ويبدي استعداد لتلبية كافة متطلبات المدرسة ويقول لشقيقه: ”الحق عند عبد الواحد لا يضيع وان تأخر في دفعه. فيجيبه أخوه: هذا مماطل يجمد الفلوس عنده ستة أشهر وأكثر"28. ومع هذا يستمر تعامل الطرفين مع بعضهما وسط المهاترات والصعوبات.
37
وخلد الأستاذ عبد الواحد في لوحة شرف المدرسة أربعة من الطلاب من أبناء الأعبوس نظراً لإسهامهم المميز في العملية التعليمية في بداية نشأة المدرسة وهم:
29 هو عبد الله عبد الولي ناشر، من قرية التبيعة، وقد انخرط هو وأخوه عبد العزيز عبد الولي ناشر في الجبه (...)
-الطالب عبد الله عبد الولي29، وكان طالبا في كلية عدن، قام بدور كبير في مساعدة المدرسين عبد الحافظ وعبد الواحد في بدية عهد المدرسة وكان يقضي العطلة الصيفية في القرية ويحضر الى المدرسة لمساعدة المدرسين في عملهما.
-الطالب عبد الحميد سعيد نُعمان، وكان طالبا في كلية عدن، وكان يحضر في العطلة الصيفية الى المدرسة ويساعد المدرسين في العمل.
-الطالب سعيد عبد الجبار راشد من قرية المَراوِية، وكان طالبا في جامعات مصر، وكان يزور المدرسة عندما يعود في العطلة الصيفية الى القرية. قدم للمدرسة أول مجموعة كتب دراسية قبل الثورة أرسلها من القاهرة وهي في العلوم والاجتماعيات —التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية— والرياضيات، وكانت مقررات وزارة التربية والتعليم في الجمهورية العربية المتحدة
30 غدى أحد أكبر المحاميين والحقوقيين في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
31 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص 53، 54.
-الطالب عبد المولى أح
9 أولاً، وكان الأستاذ عبد الواحد يتولى ذلك، فكان يقرع الجرس بمطرقة صغيرة بداية بضربات متتالية سريعة وخفيفة لمدة من الزمن، ثم يقرع الجرس ثمان قرعات قوية دلالة على أن الساعة الثامنة، وكان صوت الجرس يتردد في شعاب ووهاد الجبال ويسمع في كافة القرى المجاورة، حتى أنه كان يسمع في وادي السِّيْق على بعد عدة كيلو مترات من المدرسة، لقد كان ”بيج بن“ قرية بني علي وكان الناس هناك يوقتون ساعاتهم عليه، وكان الأستاذ عبد الواحد يقرعه على طريقة بج بن التي كنا نسمع دقاتها من هيئة الاذاعة البريطانية. عند قرع لجرس يترتب الطلاب في صفوف، ويؤدون بعض التمارين الرياضية الخفيفة جماعيا، ويتبعون ما يقوم به استاذ الأنشطة الرياضية الذي من مهامه الاشراف على طابور الصباح، ويأتي المسئول عن الصحة فيقوم بالتفتيش على الطلاب، ويركز التفتيش على هندام الطالب، وشعره وأظفاره ونظافة وجهه وجسمه، ثم ينشد الطلاب جماعياً ”يا رب حمداً وشُكرا“ و ”يسرت لي كل عُسرا“، وكان ذلك قبل الثورة، ثم غدى بعد الثورة ”في ظل راية ثورتي أعلنت جمهوريتي“، وبعد الوحدة ”رددي أيتها الدنيا نشيدي“، ثم يتحرك الطلاب نحو فصولهم الدراسية بنظام الأصغر أولا وهو الصف الأول ابتدائي وانتهاء بالأكبر وهو الصف الثالث اعدادي.
الصورة رقم 11: الجرس الشهير لمدرسة البعث (الحرية) ”بيج بن“ بني علي أعبوس.
43
وكان مجموع الحصص الدراسية اليومية التي يتلقاها الطالب ستة حصص مدة كل منها 45 دقيقة، وينبه الى انتهاء الحصة وبداية الأخرى الجرس الذي يدقه مشرف الدوام يدويا، وبعد الثلاث الحصص الأولى تكون هناك استراحة عامة لكافة الطلاب مدتها نصف ساعة، يخرجون خلالها لتناول الطعام والشراب واللعب وقضاء الحاجة، ثم يعودون لإكمال الحصص الثلاث الأخرى، وقبل الانصراف يردد طلاب الصف الأول والثاني ابتدائي كل على حدة جماعياً وبنغمة واحدة أعداد جدول الضرب لحفظه ابتداء بالعدد واحد وانتهاء بعشرة، وينصرفون الى بيوتهم.
المرافق التابعة للمدرسة
44
بنيت مع بناء المدرسة في الجهة الشمالية منها ولصيقة بها ”سِقَاية“ مغلقة السقف توفر للتلاميذ والمدرسين الماء، وكان مائها نقيا لأنه ينزل اليها من سقوف المدرسة التي مرجت سقوفها بالإسمنت، وحُدرت نحوها، ثم مد من السقوف قصبة ماء تسقط الماء على سقف السقاية فيتسرب الى داخلها، وكان ما بها من ماء يكفي الطلاب والمدرسين طوال العام.
45
وكان للمدرسة ساحة صغيرة غدت داخل المدرسة عند اكتمال بنائها، أما الساحة الخارجية والواسعة فقد اهتم بإنشائها وأنفق عليها الأستاذ ياسين محمد سعيد عندما تولى ادارة المدرسة، وقد أحضر لبنائها عبد القوي مقبل من قرية المَدْهُوْر بالجَاح، وكان رجلاً مشهوراً بالقوة الجسدية الهائلة والقدرة على انجاز الأعمال الشاقة، فقام باقتطاع الصخور من الجزء الداخلي من الساحة وأنشأ بها جدارا متينا يشبه جدران سدود الماء وأخذ يعليه ويوسع الساحة على حساب الجبل، حتى بلغ ارتفاع الجدار تقريبا خمسة أمتار، وبذلك أوجد ساحة واسعة قائمة على قاعدة متينة، ثم غرس على حوافها الخارجية مجموعة من أشجار اللُبان المُرّ التي اقتلعها بجذورها من الجبل، واسمها المحلي ”قَفَل“ الواحدة ”قُفْلِي“ و”قَفَلَة“، فكانت تعطي للساحة والمدرسة منظرا جميلا خاصة في الصيف والخريف، عندما تخضر أوراقها ثم تصفر قبل أن تنفضها في الشتاء. ولم تبن حمامات تابعة للمدرسة لقضاء حاجة التلاميذ والمدرسين الذكور، فقد كانت عادات الناس في منازل بني علي والأعبوس عموماً في ذلك الوقت شبه بدوية، فقد كانوا ينفرون من وجود حمامات لقضاء الحاجة داخل منازلهم، وان وجدت فهي مخصصة فقط للاغتسال، وقد بدأ في منتصف الخمسينيات ادخال الحمامات في المنازل من قبل الأغنياء والأعيان الكبار، ومن ثم شاعت بعد ذلك فغدت جزء أساسيا من كل منزل، وتبعا لذلك ازداد استخدام الماء فألحق بكل منزل سقاية للماء، وأدى تراكم النفايات البشرية والماء بقرب المنازل الى انتشار الناموس في المنطقة وزادت اصابة الناس بمرض الملاريا فغدت اليوم من الأمراض المتوطنة في عموم الأعبوس. وعلى كل عندما التحقت الطالبات بالمدرسة بني لهن في جنوب المدرسة بالقرب منها حمامين، أما الطلاب والمدرسين فكان لهم متسع في برية الجبل والمدرجات الزراعية ومنحدرات السيول.
الحياة الثقافية والرياضية والاجتماعية في مدرسة البعث (الحرية)
46
من أبرز الأنشطة التي ظهرت مع بداية الدراسة في مدرسة البعث الابتدائية كان النشاط الثقافي، والرياضة البدنية، وفريق الكشافة. وازدهر من بين الأنشطة الثقافية، النشاط ”المسرحي“ بفضل اهتمام الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان به، فقد خصه بجل عنايته نظرا لشعوره بأهميته وما يمكن أن يكون له من تأثير على حياة المجتمع، ولفت نظره الى ما يجري من حوله وزيادة وعيه بنفسه، كما يمكن من خلال المسرح طرح ومعالجة الكثير من المشاكل المجتمعية وتقديم
المسرح
47
وثق الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان للمسرح في مدرسة البعث (الحرية)، واحتفظ
الصورة رقم 11: الجرس الشهير لمدرسة البعث (الحرية) ”بيج بن“ بني علي أعبوس.
43
وكان مجموع الحصص الدراسية اليومية التي يتلقاها الطالب ستة حصص مدة كل منها 45 دقيقة، وينبه الى انتهاء الحصة وبداية الأخرى الجرس الذي يدقه مشرف الدوام يدويا، وبعد الثلاث الحصص الأولى تكون هناك استراحة عامة لكافة الطلاب مدتها نصف ساعة، يخرجون خلالها لتناول الطعام والشراب واللعب وقضاء الحاجة، ثم يعودون لإكمال الحصص الثلاث الأخرى، وقبل الانصراف يردد طلاب الصف الأول والثاني ابتدائي كل على حدة جماعياً وبنغمة واحدة أعداد جدول الضرب لحفظه ابتداء بالعدد واحد وانتهاء بعشرة، وينصرفون الى بيوتهم.
المرافق التابعة للمدرسة
44
بنيت مع بناء المدرسة في الجهة الشمالية منها ولصيقة بها ”سِقَاية“ مغلقة السقف توفر للتلاميذ والمدرسين الماء، وكان مائها نقيا لأنه ينزل اليها من سقوف المدرسة التي مرجت سقوفها بالإسمنت، وحُدرت نحوها، ثم مد من السقوف قصبة ماء تسقط الماء على سقف السقاية فيتسرب الى داخلها، وكان ما بها من ماء يكفي الطلاب والمدرسين طوال العام.
45
وكان للمدرسة ساحة صغيرة غدت داخل المدرسة عند اكتمال بنائها، أما الساحة الخارجية والواسعة فقد اهتم بإنشائها وأنفق عليها الأستاذ ياسين محمد سعيد عندما تولى ادارة المدرسة، وقد أحضر لبنائها عبد القوي مقبل من قرية المَدْهُوْر بالجَاح، وكان رجلاً مشهوراً بالقوة الجسدية الهائلة والقدرة على انجاز الأعمال الشاقة، فقام باقتطاع الصخور من الجزء الداخلي من الساحة وأنشأ بها جدارا متينا يشبه جدران سدود الماء وأخذ يعليه ويوسع الساحة على حساب الجبل، حتى بلغ ارتفاع الجدار تقريبا خمسة أمتار، وبذلك أوجد ساحة واسعة قائمة على قاعدة متينة، ثم غرس على حوافها الخارجية مجموعة من أشجار اللُبان المُرّ التي اقتلعها بجذورها من الجبل، واسمها المحلي ”قَفَل“ الواحدة ”قُفْلِي“ و”قَفَلَة“، فكانت تعطي للساحة والمدرسة منظرا جميلا خاصة في الصيف والخريف، عندما تخضر أوراقها ثم تصفر قبل أن تنفضها في الشتاء. ولم تبن حمامات تابعة للمدرسة لقضاء حاجة التلاميذ والمدرسين الذكور، فقد كانت عادات الناس في منازل بني علي والأعبوس عموماً في ذلك الوقت شبه بدوية، فقد كانوا ينفرون من وجود حمامات لقضاء الحاجة داخل منازلهم، وان وجدت فهي مخصصة فقط للاغتسال، وقد بدأ في منتصف الخمسينيات ادخال الحمامات في المنازل من قبل الأغنياء والأعيان الكبار، ومن ثم شاعت بعد ذلك فغدت جزء أساسيا من كل منزل، وتبعا لذلك ازداد استخدام الماء فألحق بكل منزل سقاية للماء، وأدى تراكم النفايات البشرية والماء بقرب المنازل الى انتشار الناموس في المنطقة وزادت اصابة الناس بمرض الملاريا فغدت اليوم من الأمراض المتوطنة في عموم الأعبوس. وعلى كل عندما التحقت الطالبات بالمدرسة بني لهن في جنوب المدرسة بالقرب منها حمامين، أما الطلاب والمدرسين فكان لهم متسع في برية الجبل والمدرجات الزراعية ومنحدرات السيول.
الحياة الثقافية والرياضية والاجتماعية في مدرسة البعث (الحرية)
46
من أبرز الأنشطة التي ظهرت مع بداية الدراسة في مدرسة البعث الابتدائية كان النشاط الثقافي، والرياضة البدنية، وفريق الكشافة. وازدهر من بين الأنشطة الثقافية، النشاط ”المسرحي“ بفضل اهتمام الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان به، فقد خصه بجل عنايته نظرا لشعوره بأهميته وما يمكن أن يكون له من تأثير على حياة المجتمع، ولفت نظره الى ما يجري من حوله وزيادة وعيه بنفسه، كما يمكن من خلال المسرح طرح ومعالجة الكثير من المشاكل المجتمعية وتقديم
المسرح
47
وثق الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان للمسرح في مدرسة البعث (الحرية)، واحتفظ
مد مُرشد30 من قرية الغليبة، وكان طالبا في مصر وكان يزور المدرسة عند عودته لقضاء العطلة الصيفية في القرية، قدم لمكتبة المدرسة مجموعة من الكتب الثقافية أهمها كتاب ”حياة محمد“ لمحمد حسنين هيكل31.
32 نفسه، ص15.
«كان استقبال التلاميذ يستمر طوال العام الدراسي ولم تكن هناك فترة محددة للتسجيل والقبول تتم على أساس السن وتحدد السنة السابعة كسن للقبول ومع ذلك كان هناك قبول لمن تعدوا السابعة نظرا لظروف تلك الفترة وقد استقبلت الفتاة في المدرسة بداء من عام 1960م. وكان العام الدراسي يبدأ من شهر المحرم من كل عام (أول السنة الهجرية) وينتهي في شهر ذو القعدة من كل عام، والعطلة في رمضان الى ذو الحجة، وهذا حسب ما قرره مدير المدرسة حينها الأستاذ عبد الحافظ رحمه الله، واستمر هذ النظام متبعا منذ العام1957م وحتى العام 1962م، ونظام التعليم أربع سنوات وهو شبيه لنظام الدراسة الابتدائية في جنوب الوطن سابقا مع فارق تدريس اللغة الانجليزية في السنة الرابعة هناك) (عدن)»32.
ويتابع الاستاذ عبد الواحد قائلا:
33 هو العلامة محمد سالم البيحاني، وكان اماما لجامع العسقلاني بكريتر عدن، ومؤسس المعهد الديني الاسلامي (...)
34 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص15.
«ومما يجدر ذكره أنه تم التنسيق لإلحاق طلاب مدرسة البعث الأهلية بمدارس الجنوب وذلك بواسطة الأستاذ عبد القدوس عبد الملك الذي كان حينها سكرتير الشيخ البَيْحاني33 رحمهما الله كما التحق بعض الطلاب بالمعهد التجاري بعدن أو في كلية بلقيس بعدن أيضا بواسطة معرفة أولياء الأمور بمديري المؤسسات التعليمية تلك. وبعد قيام الثورة المباركة تغير نظام التعليم وبداية العام الدراسي بحيث أصبحت المرحلة الابتدائية ست سنوات بدلاً من أربع سنوات ويبدأ العام الدراسي في أكتوبر من كل عام على أن تكون الاجازة في الصيف»34.
35 لمعرفة المزيد عن مدارس ومعاهد عدن راجع بلال غلام حسين، مدارس عدن أيام الاسكوله 1858–1967م.
39
علماً أن كلية بلقيس التي ذكرها الاستاذ عبد الواحد أنشأت في عدن وافتتحت عام 1961م أي بعد مدرسة البعث الخيرية بست سنوات، وكان يلتحق بها الطلاب القادمين من شمال البلاد، ولكون مدرسة البعث ابتدائية فقد كان الخريجين بعد افتتاح مدرسة بلقيس يلحقهم آبائهم بها لإكمال دراستهم ولنيل شهادات أعلى. أما المعهد التجاري بعدن فقد تأسس عام 1927م باسم (المعهد التجاري العدني) ولم يفتتح رسميا لا في عام 1951م أي قبل ست سنوات من بناء مدرسة البعث، وكان من المعاهد التي يقبل فيها الطلاب القادمين من شمال البلاد35.
أعداد الطلاب الملتحقين بمدرسة البعث خلال ست سنوات:
اللوحة رقم 1: جدول يوضح اعداد التلاميذ منذ افتتاح المدرسة 1957م–1962م.
الاعوامالسنةالعددملاحظاتذكوراناثفي العام الاول
في العام الثاني
في العام الثالث
في العام الرابع
في العام الخامس
في العام السادس1377هـ/1957م
1378هـ/1958م
1379هـ/1959م
1380هـ/1960م
1381هـ/1961م
1382هـ/1962م93
170
140
146
158
165
1
9
14
40
ويعلق الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان على الجدول الاحصاء السابق الذي أعده قائلا:
36 5 محرم 1378 هجرية توافق يوم الثلاثاء 22 يوليو 1958م.
37 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص16.
«عدد التلاميذ للست السنوات الأولى من عمرها يعتبر احصاءً دقيقاً من واقع السجلات بخط الأستاذ عبد الحافظ رحمه الله، الى حد تسجيل الشهر الذي التحق فيه التلميذ بالمدرسة.
* يلاحظ أن هناك قفزة في العدد في العام الثاني من عمر المدرسة حيث بلغ العدد 170 تلميذاً في نهاية العام وذلك نتيجة لنجاح الحفل السنوي للمدرسة الذي أقيم في 5 محرم 1378 هجرية36، كما سيأتي بالتفصيل.
* يلاحظ أيضا بعد ذلك هبوط العدد في العام الذي يليه 1379 هجرية ذلك أن عدد من التلاميذ تركوا المدرسة وهم من كبار السن لظروف اجتماعية خاصة بأسرهم وذهبوا للعمل، اذ اعتبروا حصيلة سنتين من الدراسة قد أفادهم وأَهَّلَهَم للدخول في معترك العمل.
* نتيجة للشهرة التي حازتها المدرسة وذيوع صيتها والسمعة الحسنة التي تمتعت بها، فقد وفد اليها التلاميذ من صغار السن من مناطق بعيدة، حَيْفان، رأس النَّقِيْل، العَوَّيْضة، الحُرِيْم، الذِّراع، مَعْشَر، بني أحمد، لكنهم بسبب صغر سنهم وبُعد المسافة قد عادوا الى الكتاتيب الموجودة في قراهم.»37.
38 نفسه.
41
وأضاف خالد والمريش أن «عدد الاناث عام 1962م، 14 فتاة بينما عند تخرج أول دفعة من طلاب المدرسة من المرحلة الابتدائية عام 1966م عدد الفتيات 3 فتيات»، وهذا يعني أما انتقال أغلب الفتيات لمدارس مجاورة أو أنهن من كبار السن»38.
الصورة رقم 9: نموذج لاستمارة نيل الشهادة الابتدائية.
42
منذ نشأت المدرسة كانت الدراسة بها ستة أيام ويوم الجمعة اجازة اسبوعية، ويبدأ الدوام اليومي الساعة السابعة والنصف صباحا، وينتهي الواحدة ظهرا، وكانت هناك تقاليد متبعة نشأت مع نشؤ المدرسة، ممثلة بقرع الجرس3
32 نفسه، ص15.
«كان استقبال التلاميذ يستمر طوال العام الدراسي ولم تكن هناك فترة محددة للتسجيل والقبول تتم على أساس السن وتحدد السنة السابعة كسن للقبول ومع ذلك كان هناك قبول لمن تعدوا السابعة نظرا لظروف تلك الفترة وقد استقبلت الفتاة في المدرسة بداء من عام 1960م. وكان العام الدراسي يبدأ من شهر المحرم من كل عام (أول السنة الهجرية) وينتهي في شهر ذو القعدة من كل عام، والعطلة في رمضان الى ذو الحجة، وهذا حسب ما قرره مدير المدرسة حينها الأستاذ عبد الحافظ رحمه الله، واستمر هذ النظام متبعا منذ العام1957م وحتى العام 1962م، ونظام التعليم أربع سنوات وهو شبيه لنظام الدراسة الابتدائية في جنوب الوطن سابقا مع فارق تدريس اللغة الانجليزية في السنة الرابعة هناك) (عدن)»32.
ويتابع الاستاذ عبد الواحد قائلا:
33 هو العلامة محمد سالم البيحاني، وكان اماما لجامع العسقلاني بكريتر عدن، ومؤسس المعهد الديني الاسلامي (...)
34 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص15.
«ومما يجدر ذكره أنه تم التنسيق لإلحاق طلاب مدرسة البعث الأهلية بمدارس الجنوب وذلك بواسطة الأستاذ عبد القدوس عبد الملك الذي كان حينها سكرتير الشيخ البَيْحاني33 رحمهما الله كما التحق بعض الطلاب بالمعهد التجاري بعدن أو في كلية بلقيس بعدن أيضا بواسطة معرفة أولياء الأمور بمديري المؤسسات التعليمية تلك. وبعد قيام الثورة المباركة تغير نظام التعليم وبداية العام الدراسي بحيث أصبحت المرحلة الابتدائية ست سنوات بدلاً من أربع سنوات ويبدأ العام الدراسي في أكتوبر من كل عام على أن تكون الاجازة في الصيف»34.
35 لمعرفة المزيد عن مدارس ومعاهد عدن راجع بلال غلام حسين، مدارس عدن أيام الاسكوله 1858–1967م.
39
علماً أن كلية بلقيس التي ذكرها الاستاذ عبد الواحد أنشأت في عدن وافتتحت عام 1961م أي بعد مدرسة البعث الخيرية بست سنوات، وكان يلتحق بها الطلاب القادمين من شمال البلاد، ولكون مدرسة البعث ابتدائية فقد كان الخريجين بعد افتتاح مدرسة بلقيس يلحقهم آبائهم بها لإكمال دراستهم ولنيل شهادات أعلى. أما المعهد التجاري بعدن فقد تأسس عام 1927م باسم (المعهد التجاري العدني) ولم يفتتح رسميا لا في عام 1951م أي قبل ست سنوات من بناء مدرسة البعث، وكان من المعاهد التي يقبل فيها الطلاب القادمين من شمال البلاد35.
أعداد الطلاب الملتحقين بمدرسة البعث خلال ست سنوات:
اللوحة رقم 1: جدول يوضح اعداد التلاميذ منذ افتتاح المدرسة 1957م–1962م.
الاعوامالسنةالعددملاحظاتذكوراناثفي العام الاول
في العام الثاني
في العام الثالث
في العام الرابع
في العام الخامس
في العام السادس1377هـ/1957م
1378هـ/1958م
1379هـ/1959م
1380هـ/1960م
1381هـ/1961م
1382هـ/1962م93
170
140
146
158
165
1
9
14
40
ويعلق الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان على الجدول الاحصاء السابق الذي أعده قائلا:
36 5 محرم 1378 هجرية توافق يوم الثلاثاء 22 يوليو 1958م.
37 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص16.
«عدد التلاميذ للست السنوات الأولى من عمرها يعتبر احصاءً دقيقاً من واقع السجلات بخط الأستاذ عبد الحافظ رحمه الله، الى حد تسجيل الشهر الذي التحق فيه التلميذ بالمدرسة.
* يلاحظ أن هناك قفزة في العدد في العام الثاني من عمر المدرسة حيث بلغ العدد 170 تلميذاً في نهاية العام وذلك نتيجة لنجاح الحفل السنوي للمدرسة الذي أقيم في 5 محرم 1378 هجرية36، كما سيأتي بالتفصيل.
* يلاحظ أيضا بعد ذلك هبوط العدد في العام الذي يليه 1379 هجرية ذلك أن عدد من التلاميذ تركوا المدرسة وهم من كبار السن لظروف اجتماعية خاصة بأسرهم وذهبوا للعمل، اذ اعتبروا حصيلة سنتين من الدراسة قد أفادهم وأَهَّلَهَم للدخول في معترك العمل.
* نتيجة للشهرة التي حازتها المدرسة وذيوع صيتها والسمعة الحسنة التي تمتعت بها، فقد وفد اليها التلاميذ من صغار السن من مناطق بعيدة، حَيْفان، رأس النَّقِيْل، العَوَّيْضة، الحُرِيْم، الذِّراع، مَعْشَر، بني أحمد، لكنهم بسبب صغر سنهم وبُعد المسافة قد عادوا الى الكتاتيب الموجودة في قراهم.»37.
38 نفسه.
41
وأضاف خالد والمريش أن «عدد الاناث عام 1962م، 14 فتاة بينما عند تخرج أول دفعة من طلاب المدرسة من المرحلة الابتدائية عام 1966م عدد الفتيات 3 فتيات»، وهذا يعني أما انتقال أغلب الفتيات لمدارس مجاورة أو أنهن من كبار السن»38.
الصورة رقم 9: نموذج لاستمارة نيل الشهادة الابتدائية.
42
منذ نشأت المدرسة كانت الدراسة بها ستة أيام ويوم الجمعة اجازة اسبوعية، ويبدأ الدوام اليومي الساعة السابعة والنصف صباحا، وينتهي الواحدة ظهرا، وكانت هناك تقاليد متبعة نشأت مع نشؤ المدرسة، ممثلة بقرع الجرس3
سابعة والنصف والمواطنين لا زالوا يتقاطرون مع تقاطر المطر الخفيف.
وتوقف المطر وتلطف الجو وانتعشت النفوس وغصت الساحة بالحاضرين وملئت المقاعد الموجودة واعتلى الحاضرون سطح المدرسة والأرفُف المجاورة للساحة ووقف البعض خلف المقاعد، وأحيلت أسطح المدرسة وساحتها الى شعلة متوهجة من كثرة الأضواء.
وكنا قد دربنا الطلبة على القاء الخُطب (الكلمات) والتمثيليات المناسبة، وبدأ الحفل في تمام الثامنة مساء بعد أداء صلاة العشاء، واستمر برنامج الحفل أكثر من ساعتين اذ اشتمل على القاء الكلمات والقصائد الشعرية والأناشيد والتمثيليات من قبل الطلاب، حيث قدمت في الحفل تمثيليتين أحداهما 'عاشق الذهب' والأخرى من تأليف الأستاذ عبد الحافظ حول 'ادمان مضغ القات' ولقد كان اعجاب المواطنين كبيرا وسرورهم بالغا لما شاهدوه. نفذ الحفل في قرية بن علي احدى القرى اليمنية الصغيرة في قضاء الحُجَرِيَّة لواء تَعِزّ، والفكرة من هناك من حضرموت البلدة اليمنية أيضاً»45.
48
وأذكر وأنا طفل أولئك الممثلين وهم يضعون على رؤوسهم عِقالات عندما كانوا يمثلون تمثيلية اسلامية، وفي بعض التمثيليات يضعون لحى وشوارب مستعارة، وعندما يتقمص أحدهم دور المرأة كان يظهر من تحت غطاء راسه شعر طويل، وعندما التحقت فيما بعد بفرقة مسرح مدرسة الحرية كان هناك صندوق تحفظ فيه أدوات تنكر مسرحية يحوي ملابس وذقون وعقالات وشعر مستعار، ولا ندري من وفرها للمدرسة حينها.
49
لقد تناول المخرج المسرحي الفلسطيني حسين الأسْمَر مسرح مدرسة الحرية في كتابه ”المسرح في اليمن تجربة وطموح“ وتناول بعض من جوانبه قائلا:
46 أمين محمد سعيد، من طلبة مدرسة البعث، بعد تخرجه ابتعث الى مصر وتخرج من جامعاتها في مجال التجارة، عم (...)
47 محمد شاهر هزاع، درس في مدرسة البعث، وبعد تخرجه درس في مجال الفحوص الطبية المختبرية وعمل مدة في مخت (...)
48 عبد الله عبده صالح، درس بمدرسة البعث، تولى قبل الوحدة مدير عام مكتب الضرائب بصنعاء، ثم غدى وكيلا ل (...)
49 ياسين عبد الوارث هزاع نعمان، درس بمدرسة البعث، أكمل دراسته للطب في الاتحاد السوفيتي، ثم عاد لليمن (...)
50 هو عبد الغني عبده صالح، وكان تاجرا للملابس الجاهزة وصاحب معرض "لُورْد" الشهير في شارع التحرير بتعز
51 لقد كنت ليلتها حاضرا عرض تلك المسرحية، ومن أعطى ساعته للمثل منصور كان الأستاذ الفاضل الحاج محمد را (...)
52 حسين الأسمر، المسرح في اليمن تجربة وطموح، مطابع المنار الجيزة، القاهرة، الطبعة الأولى 1991م، ص56، (...)
«يعتبر عبد الواحد عبده عثمان هو أول من أوجد المسرح المدرسي في الأعبوس في نفس العام الذي التحق فيه بمدرسة البعث الأهلية (الحرية) حالياً حين حاول اعداد مسرحية 'مصرع الخيانة' التي قامت بعرضها المدرسة المتوسطة بغيل باوزير في حضرموت، وكان اختياره لهذه المسرحية يرجع الى النجاح الذي أحرزته عند عرضها من ناحية واعجابه بموضوعها، فقد قدم عبد الواحد عبد عثمان اقتراحا الى مدير المدرسة آنذاك بضرورة تقديم عروض مسرحية في المدرسة ولحسن الحظ أن المدير كان متفهما لطبيعة العمل المسرحي وأهميته فوافق على الاقتراح دون تردد، وفي نهاية العام الأول للمدرسة أقيم حفل وداع الانتهاء العام الدراسي تضمن بعض الخطب والقصائد الشعرية اضافة الى مسرحيتين الأولى بعنوان 'العلم نور والجهل ظُلمة' من تأليف عبد الحافظ محمد طاهر مدير المدرسة في ذلك الوقت، وقد مثل فيها كل من الطلبة أمين محمد سعيد46، وعبد الستار شائف، ومحمد شاهر هزاع47 وآخرون.
أما المسرحية الثانية فتحمل عنوان 'البخيل عاشق الذهب' من اعداد واخراج عبد الواحد عبده عثمان وهو أيضا من رواد التعليم في المنطقة، المسرحية عبارة عن تمثيلية شعرية مأخوذة عن أحد كتب النصوص المدرسية التي كانت ترسل من عدن، وقد مثل فيها كل من الطلاب: عبد الله عبده صالح48 في دور الشحاذ، ومحمد عبده في دور اللص الأول، وياسين عبد الوارث49 في دور اللص الثاني، وقد ابتهج جمهور الحفل بهاذين العرضين، ولم يغادر أحد منهم الاحتفال حتى انتهاء آخر فقرة منه رغم برودة الجو.
عند بداية التمثيل المسرحي المدرسي في منطقة الأعبوس كانت تحدث قصص طريفة سأسوق واحدة منها: عند عرض مسرحية 'البخيل عاشق الذهب' حدث أن الطالب عبد الله عبده صالح وهو ينحدر من أسرة ثرية تتمتع بامتياز اجتماعي كبير كان يقوم بدور الشحاذ في المسرحية، وعندما ظهر على خشبة المسرح بثياب رثة تتناسب وهيئة الشحاذ رآه ولي أمره أخوه الأكبر50 وهو على هذه الشاكلة مما أثار حنقه فما كان منه الا أن حرر مذكرة احتجاج الى المدرسة فور وصوله الى بيتهم يعلن فيها أنه من غير اللائق أن يظهر أخوه أمام الناس بثياب ممزقة ويجمع الفُتات منهم وأن هذا التصرف اهانة كبيرة حقرت من مكانة الأُسرة المرموقة في القرية ولهذا يرفض المدرسة.
هذا الموقف الناتج عن ضيق أفق مطبق قد أثار غضب مدير المدرسة فتعمد أن يعيد عرض المسرحية ذاتها العام التالي، وقد جعل ابنه يقوم بدور الشحاذ في ا
وتوقف المطر وتلطف الجو وانتعشت النفوس وغصت الساحة بالحاضرين وملئت المقاعد الموجودة واعتلى الحاضرون سطح المدرسة والأرفُف المجاورة للساحة ووقف البعض خلف المقاعد، وأحيلت أسطح المدرسة وساحتها الى شعلة متوهجة من كثرة الأضواء.
وكنا قد دربنا الطلبة على القاء الخُطب (الكلمات) والتمثيليات المناسبة، وبدأ الحفل في تمام الثامنة مساء بعد أداء صلاة العشاء، واستمر برنامج الحفل أكثر من ساعتين اذ اشتمل على القاء الكلمات والقصائد الشعرية والأناشيد والتمثيليات من قبل الطلاب، حيث قدمت في الحفل تمثيليتين أحداهما 'عاشق الذهب' والأخرى من تأليف الأستاذ عبد الحافظ حول 'ادمان مضغ القات' ولقد كان اعجاب المواطنين كبيرا وسرورهم بالغا لما شاهدوه. نفذ الحفل في قرية بن علي احدى القرى اليمنية الصغيرة في قضاء الحُجَرِيَّة لواء تَعِزّ، والفكرة من هناك من حضرموت البلدة اليمنية أيضاً»45.
48
وأذكر وأنا طفل أولئك الممثلين وهم يضعون على رؤوسهم عِقالات عندما كانوا يمثلون تمثيلية اسلامية، وفي بعض التمثيليات يضعون لحى وشوارب مستعارة، وعندما يتقمص أحدهم دور المرأة كان يظهر من تحت غطاء راسه شعر طويل، وعندما التحقت فيما بعد بفرقة مسرح مدرسة الحرية كان هناك صندوق تحفظ فيه أدوات تنكر مسرحية يحوي ملابس وذقون وعقالات وشعر مستعار، ولا ندري من وفرها للمدرسة حينها.
49
لقد تناول المخرج المسرحي الفلسطيني حسين الأسْمَر مسرح مدرسة الحرية في كتابه ”المسرح في اليمن تجربة وطموح“ وتناول بعض من جوانبه قائلا:
46 أمين محمد سعيد، من طلبة مدرسة البعث، بعد تخرجه ابتعث الى مصر وتخرج من جامعاتها في مجال التجارة، عم (...)
47 محمد شاهر هزاع، درس في مدرسة البعث، وبعد تخرجه درس في مجال الفحوص الطبية المختبرية وعمل مدة في مخت (...)
48 عبد الله عبده صالح، درس بمدرسة البعث، تولى قبل الوحدة مدير عام مكتب الضرائب بصنعاء، ثم غدى وكيلا ل (...)
49 ياسين عبد الوارث هزاع نعمان، درس بمدرسة البعث، أكمل دراسته للطب في الاتحاد السوفيتي، ثم عاد لليمن (...)
50 هو عبد الغني عبده صالح، وكان تاجرا للملابس الجاهزة وصاحب معرض "لُورْد" الشهير في شارع التحرير بتعز
51 لقد كنت ليلتها حاضرا عرض تلك المسرحية، ومن أعطى ساعته للمثل منصور كان الأستاذ الفاضل الحاج محمد را (...)
52 حسين الأسمر، المسرح في اليمن تجربة وطموح، مطابع المنار الجيزة، القاهرة، الطبعة الأولى 1991م، ص56، (...)
«يعتبر عبد الواحد عبده عثمان هو أول من أوجد المسرح المدرسي في الأعبوس في نفس العام الذي التحق فيه بمدرسة البعث الأهلية (الحرية) حالياً حين حاول اعداد مسرحية 'مصرع الخيانة' التي قامت بعرضها المدرسة المتوسطة بغيل باوزير في حضرموت، وكان اختياره لهذه المسرحية يرجع الى النجاح الذي أحرزته عند عرضها من ناحية واعجابه بموضوعها، فقد قدم عبد الواحد عبد عثمان اقتراحا الى مدير المدرسة آنذاك بضرورة تقديم عروض مسرحية في المدرسة ولحسن الحظ أن المدير كان متفهما لطبيعة العمل المسرحي وأهميته فوافق على الاقتراح دون تردد، وفي نهاية العام الأول للمدرسة أقيم حفل وداع الانتهاء العام الدراسي تضمن بعض الخطب والقصائد الشعرية اضافة الى مسرحيتين الأولى بعنوان 'العلم نور والجهل ظُلمة' من تأليف عبد الحافظ محمد طاهر مدير المدرسة في ذلك الوقت، وقد مثل فيها كل من الطلبة أمين محمد سعيد46، وعبد الستار شائف، ومحمد شاهر هزاع47 وآخرون.
أما المسرحية الثانية فتحمل عنوان 'البخيل عاشق الذهب' من اعداد واخراج عبد الواحد عبده عثمان وهو أيضا من رواد التعليم في المنطقة، المسرحية عبارة عن تمثيلية شعرية مأخوذة عن أحد كتب النصوص المدرسية التي كانت ترسل من عدن، وقد مثل فيها كل من الطلاب: عبد الله عبده صالح48 في دور الشحاذ، ومحمد عبده في دور اللص الأول، وياسين عبد الوارث49 في دور اللص الثاني، وقد ابتهج جمهور الحفل بهاذين العرضين، ولم يغادر أحد منهم الاحتفال حتى انتهاء آخر فقرة منه رغم برودة الجو.
عند بداية التمثيل المسرحي المدرسي في منطقة الأعبوس كانت تحدث قصص طريفة سأسوق واحدة منها: عند عرض مسرحية 'البخيل عاشق الذهب' حدث أن الطالب عبد الله عبده صالح وهو ينحدر من أسرة ثرية تتمتع بامتياز اجتماعي كبير كان يقوم بدور الشحاذ في المسرحية، وعندما ظهر على خشبة المسرح بثياب رثة تتناسب وهيئة الشحاذ رآه ولي أمره أخوه الأكبر50 وهو على هذه الشاكلة مما أثار حنقه فما كان منه الا أن حرر مذكرة احتجاج الى المدرسة فور وصوله الى بيتهم يعلن فيها أنه من غير اللائق أن يظهر أخوه أمام الناس بثياب ممزقة ويجمع الفُتات منهم وأن هذا التصرف اهانة كبيرة حقرت من مكانة الأُسرة المرموقة في القرية ولهذا يرفض المدرسة.
هذا الموقف الناتج عن ضيق أفق مطبق قد أثار غضب مدير المدرسة فتعمد أن يعيد عرض المسرحية ذاتها العام التالي، وقد جعل ابنه يقوم بدور الشحاذ في ا
بسجل للمسرحيات، وكل من تناولوا المسرح كانوا يرجعون أما الى ما كتبه أو الى ما حدثهم عنه وأملاه عليهم، فقد تحدث عن أسباب اهتمامه بالمسرح وبداياته قائلاً:
40 رجب 1377هجرية يوافق يناير–فبراير 1958م.
41 نهاية 1377هجرية توافق 17 يوليو 1958م.
42 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص19، 20.
«في خلال عملي بمدرسة البعث الأهلية الخيرية منذ انضمامي الى العمل فيه برجب 1377هجرية40 الى جانب الاستاذ عبد الحافظ كنا مدرسين اثنين الأستاذ عبد الحافظ يتولى شئون الصف الثاني وأنا أتولى شئون الصف الأول حتى نهاية 1377هجرية41، وعند افتتاح العام الجديد أقمنا حفلة بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الدراسي الأول. وكانت هذه الفكرة قد طرأت لي وأنا في عدن وذلك نتيجة لاحتفال جرى في جزء آخر من الوطن اليمني في حضرموت حيث تقيم مدرسة غيل باوزير المتوسطة حفلا سنوياً عندما تكمل عاما من أعوامها منذ افتتحت أبوابها للتعليم.. وكانت الحفلة تلك السنة ناجحة جداً حيث قام الطلبة بتمثيليات ناجحة وكانت احدى التمثيليات (مصرع الخونة) والتي لاقت استحسانا كبيرا من المواطنين وعبرت عن الارادة المكبوتة، وبينما سر المواطنون من هذه التمثيلية الناجحة والوطنية غضب ممثل الاحتلال الانجليزي هناك وهو المستشار المقيم في السلطنة القُعَيْطِية وسائر الخونة المارقين الضالعين مع الاستعمار. وتحركت الدُّمى حسب أمر المستشار وهدد المدير الوطني وهو من آل باوزير اسمه سالم يعقوب باوزير، ووصف بأقبح الأوصاف والنعوت وأغلقت المدرسة وقام آباء الطلبة بمساعدة المدير وزملائه المدرسين الوطنيين وامتنعوا عن ارسال أولادهم الى المدرسة اذا عزل المدير والمدرسين من مناصبهم ولم يرضخ ممثل الاحتلال لرغبة المواطنين وتصميمهم على بقاء المدير الوطني في المدرسة، أما الدُّمَى فأنها دُمَى لا تتحرك الا بصاحبها عندما يحركها واستمر اضراب الطلبة عن الحضور الى المدرسة مع استمرار تعنت رسول الاحتلال ووقوفه أمام رغبة الأهالي. حتى انتصر الباطل وان كان انتصار الباطل والظلم مؤقتا، وفتحت المدرسة ولكن بمدير غير المدير الوطني باوزير وبمدرسين غير زملاء المدير. ورضخ الأهالي لإرسال أولادهم خوفا من أن تضيع أمامهم فرصة التعليم، وان كانت الوطنية لا تخبو من صدورهم. وقامت ضجة كبرى بحضرموت وعدن بسبب هذه القضية ونشرت الصحف العدنية موضوعات كثيرة، وكان اعجابي شديدا بوطنية الأستاذ باوزير وشجاعته ويكفيه فخرا أن قام الشعب بجانبه يسنده ويشد من أزره، وان كان قد حرم الشعب نتيجة لذلك بتنحية الاستاذ باوزير من حقل التعليم، وان كان أيضا قد برز أمام الاستاذ باوزير شبح التشرد والتعطل عن العمل في بلاده حيث لا محل للعمل أمام المواطنين الشرفاء في بلادهم الا اذا كانوا مطايا للاحتلال»42.
ويتابع الأستاذ عبد الواحد موثقا نشؤ المسرح قائلا:
43 أول السنة الهجرية 1378 توافق الجمعة 18 يوليو 1958م.
44 5 محرم يوافق الثلاثاء 22 يوليو.
45 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص20، 21.
«وعندما التحقت بالعمل بمدرسة 'العبث' كان يدور في خاطري اقامة حفل بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الأول وجعلها عادة متبعة يحتفل بها كل عام. وعندما باشرت العمل في المدرسة وضعت الفكرة أمام الأستاذ عبد الحافظ فاستحسنها وتحمس لها وفي أول السنة الجديدة 1378 هجرية43 وبالضبط في الخامس من محرم44 وضعت الفكرة موضع التنفيذ. وكنا قد وزعنا بطاقات الدعوة على المواطنين في قرية بني علي التي تقع فيها المدرسة وفي القرى المجاورة، وكان أملنا ضعيفا في أن يلبي المواطنين دعوتنا حيث أن مثل هذه الدعوة تعد الأولى من نوعها حيث أن الناس في بلادنا عادة لا يجتمعون الا على مضغ القات في مناسبات زواج أو جَمْع لزيارة بعض الأولياء، وقلما يحضر أبناء قرية الى قرية مجاورة، وقلنا فلتكن تجربة ولا يهمنا أن تفشل ويكفينا أن يحضر مثلاً عشرين شخصاً من جملة الذين دعوناهم وان لم يحضروا فلنجعلها حفلة لنا ولطلبة المدرسة الذين يبلغون أكثر من ستين طالباً وهو عدد لم نكن نحلم به. وكان موعد الحفلة بعد المغرب فهطلت في ذلك اليوم من العصر أمطارا متواصلة حتى بعد المغرب وكنا قد صفينا المقاعد الموجودة بالساحة وهي المقاعد المخصصة للطلبة في صفوفهم.
كان لهطول الأمطار عصر ذلك اليوم الى ما بعد المغرب مع وعورة الطرق في بلادنا وما تسببه الأمطار من المستنقعات والانزلاقات عاملا مثبطا لنا، ولكن والحمد لله فما أن بدأ الظلام يلوح حتى بدأت تلمع في جهات متفرقة الأضواء الكبيرة أضواء مصابيح بترومكس الألمانية واستبشرنا بذلك، وبدأت وفود المواطنين الزاحفة الى المدرسة تصل أفرادا وجماعات وقد استعملوا أغطيتهم على رؤوسهم لتقيهم المطر ومنهم من استعمل الشمسية (المظلة) الواقية من المطر والشمس، وانتظرنا حتى السابعة والنصف وكان موعد ابتداء الحفل هو السابعة كما حددناه في البطاقات، ولكن بعد الطريق ووعورتها مع هطول الأمطار جعلنا نؤخر موعد الحفل حتى ال
40 رجب 1377هجرية يوافق يناير–فبراير 1958م.
41 نهاية 1377هجرية توافق 17 يوليو 1958م.
42 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص19، 20.
«في خلال عملي بمدرسة البعث الأهلية الخيرية منذ انضمامي الى العمل فيه برجب 1377هجرية40 الى جانب الاستاذ عبد الحافظ كنا مدرسين اثنين الأستاذ عبد الحافظ يتولى شئون الصف الثاني وأنا أتولى شئون الصف الأول حتى نهاية 1377هجرية41، وعند افتتاح العام الجديد أقمنا حفلة بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الدراسي الأول. وكانت هذه الفكرة قد طرأت لي وأنا في عدن وذلك نتيجة لاحتفال جرى في جزء آخر من الوطن اليمني في حضرموت حيث تقيم مدرسة غيل باوزير المتوسطة حفلا سنوياً عندما تكمل عاما من أعوامها منذ افتتحت أبوابها للتعليم.. وكانت الحفلة تلك السنة ناجحة جداً حيث قام الطلبة بتمثيليات ناجحة وكانت احدى التمثيليات (مصرع الخونة) والتي لاقت استحسانا كبيرا من المواطنين وعبرت عن الارادة المكبوتة، وبينما سر المواطنون من هذه التمثيلية الناجحة والوطنية غضب ممثل الاحتلال الانجليزي هناك وهو المستشار المقيم في السلطنة القُعَيْطِية وسائر الخونة المارقين الضالعين مع الاستعمار. وتحركت الدُّمى حسب أمر المستشار وهدد المدير الوطني وهو من آل باوزير اسمه سالم يعقوب باوزير، ووصف بأقبح الأوصاف والنعوت وأغلقت المدرسة وقام آباء الطلبة بمساعدة المدير وزملائه المدرسين الوطنيين وامتنعوا عن ارسال أولادهم الى المدرسة اذا عزل المدير والمدرسين من مناصبهم ولم يرضخ ممثل الاحتلال لرغبة المواطنين وتصميمهم على بقاء المدير الوطني في المدرسة، أما الدُّمَى فأنها دُمَى لا تتحرك الا بصاحبها عندما يحركها واستمر اضراب الطلبة عن الحضور الى المدرسة مع استمرار تعنت رسول الاحتلال ووقوفه أمام رغبة الأهالي. حتى انتصر الباطل وان كان انتصار الباطل والظلم مؤقتا، وفتحت المدرسة ولكن بمدير غير المدير الوطني باوزير وبمدرسين غير زملاء المدير. ورضخ الأهالي لإرسال أولادهم خوفا من أن تضيع أمامهم فرصة التعليم، وان كانت الوطنية لا تخبو من صدورهم. وقامت ضجة كبرى بحضرموت وعدن بسبب هذه القضية ونشرت الصحف العدنية موضوعات كثيرة، وكان اعجابي شديدا بوطنية الأستاذ باوزير وشجاعته ويكفيه فخرا أن قام الشعب بجانبه يسنده ويشد من أزره، وان كان قد حرم الشعب نتيجة لذلك بتنحية الاستاذ باوزير من حقل التعليم، وان كان أيضا قد برز أمام الاستاذ باوزير شبح التشرد والتعطل عن العمل في بلاده حيث لا محل للعمل أمام المواطنين الشرفاء في بلادهم الا اذا كانوا مطايا للاحتلال»42.
ويتابع الأستاذ عبد الواحد موثقا نشؤ المسرح قائلا:
43 أول السنة الهجرية 1378 توافق الجمعة 18 يوليو 1958م.
44 5 محرم يوافق الثلاثاء 22 يوليو.
45 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص20، 21.
«وعندما التحقت بالعمل بمدرسة 'العبث' كان يدور في خاطري اقامة حفل بمناسبة بلوغ المدرسة عامها الأول وجعلها عادة متبعة يحتفل بها كل عام. وعندما باشرت العمل في المدرسة وضعت الفكرة أمام الأستاذ عبد الحافظ فاستحسنها وتحمس لها وفي أول السنة الجديدة 1378 هجرية43 وبالضبط في الخامس من محرم44 وضعت الفكرة موضع التنفيذ. وكنا قد وزعنا بطاقات الدعوة على المواطنين في قرية بني علي التي تقع فيها المدرسة وفي القرى المجاورة، وكان أملنا ضعيفا في أن يلبي المواطنين دعوتنا حيث أن مثل هذه الدعوة تعد الأولى من نوعها حيث أن الناس في بلادنا عادة لا يجتمعون الا على مضغ القات في مناسبات زواج أو جَمْع لزيارة بعض الأولياء، وقلما يحضر أبناء قرية الى قرية مجاورة، وقلنا فلتكن تجربة ولا يهمنا أن تفشل ويكفينا أن يحضر مثلاً عشرين شخصاً من جملة الذين دعوناهم وان لم يحضروا فلنجعلها حفلة لنا ولطلبة المدرسة الذين يبلغون أكثر من ستين طالباً وهو عدد لم نكن نحلم به. وكان موعد الحفلة بعد المغرب فهطلت في ذلك اليوم من العصر أمطارا متواصلة حتى بعد المغرب وكنا قد صفينا المقاعد الموجودة بالساحة وهي المقاعد المخصصة للطلبة في صفوفهم.
كان لهطول الأمطار عصر ذلك اليوم الى ما بعد المغرب مع وعورة الطرق في بلادنا وما تسببه الأمطار من المستنقعات والانزلاقات عاملا مثبطا لنا، ولكن والحمد لله فما أن بدأ الظلام يلوح حتى بدأت تلمع في جهات متفرقة الأضواء الكبيرة أضواء مصابيح بترومكس الألمانية واستبشرنا بذلك، وبدأت وفود المواطنين الزاحفة الى المدرسة تصل أفرادا وجماعات وقد استعملوا أغطيتهم على رؤوسهم لتقيهم المطر ومنهم من استعمل الشمسية (المظلة) الواقية من المطر والشمس، وانتظرنا حتى السابعة والنصف وكان موعد ابتداء الحفل هو السابعة كما حددناه في البطاقات، ولكن بعد الطريق ووعورتها مع هطول الأمطار جعلنا نؤخر موعد الحفل حتى ال
وجوارب، وسروال أسود وقميص ”فانيلة“ خضراء قصيرة الكمين.
53
وكان المسئول عن النشاط الرياضي والكشفي في المدرسة الأستاذ غانم علي ثابت، وما زلت أذكره وأنا طفل لم التحق بالمدرسة بعد عندما كان يأتي بفريق كرة القدم الى جربة واسعة في قرية الهَوْب تسمى ”عَقْمة العَدَنَة“ فيؤدون بعض التمارين الرياضية الخفيفة قبل أن يبدئوا لعب كرة القدم التي تأخذ وقتا، وكان ذلك يسر أهل القرية رجالا ونساء وأطفالا فيجلسون للفرجة على أطراف المدرجات الزراعية حتى تتم المباراة، وينصرف الأستاذ والفريق. وكانت العقمة المقابلة لقرية دار النَّمْلة بالقرب من المدرسة وعقمة العدنة هما ملعبا كرة القدم قبل أن ينشأ ”ميدان مقبرة العسقة“ في ستينيات القرن الماضي، والذي نشأ بجهد بذله الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان وهيئة التدريس حينها، وكان الموضع المسمى ”مَقْبرة العَسْقة“ موضع كبير لمقبرة قديمة داثرة غطتها منذ أزمنة قديمة أشجار العمق والصبار المشوكة، وكان في منتصفها طريق ضيق يسلكه البشر والحيوانات، ولا يوجد سبيل للتنقل فيها لكثافة وكثرة النباتات المشوكة.
54
حدثني الأستاذ ياسين محمد سعيد حينها بأن أدارة المدرسة وهيئة التدريس اجتمعوا وقاموا بكتابة مذكرة وجهوها الى القاضي الحاكم في محكمة ناحية القبيطة (حَيْفَان) يستفتونه في جواز تحويل مقبرة العسقة الداثرة الى ملعب لكرة القدم، وقد تحرى القاضي الأمر ومن ثم أصدر فتوى بجواز ذلك انطلاقا من مبدأ أن مصلحة ”الحي أقدم من الميت“. فسارع التلاميذ وأساتذتهم وفي مقدمتهم الأستاذ عبد الواحد باجتثاث الأشجار، ونبشها، وقلع ما في المكان من صخور وأحجار، وبادر بعض الأهالي فأحضروا ثيرتهم فحرثوا وحرو الموضع المطلوب للملعب، وأقبل كاسرو الصخور والأحجار والبنائين فأقاموا في الجهة الشرقية من الملعب جدارا طويلا يمتد طولا لأكثر من ثمانين مترا وبارتفاع بلغ المترين، وبذلك أوجد الجميع ملعبا للكرة بمواصفات الملاعب الحديثة، يتسع لاثنان وعشرون لاعباً، وركب في طرفيه مرميان للأهداف من الحديد ومغطاة بالشباك أحضرت من عدن، واستقبل الملعب في الستينيات والسبعينيات مباريات كرة القدم بين مدارس المنطقة التي برز فيها التنافس الرياضي وبلغ أوجه في تلك السنين، واستمر الملعب يؤدي دوره الرائد الى سنة 1980م عندما بنيت في موضعه مدرسة الحرية للبنين، ففقدت قرية بني على والمنطقة ملعبها ولم يتمكنوا من تعويضه الى اليوم.
الصورة رقم 12: مدرسة الحرية بنين بنيت عام 1980م مكان ملعب كرة القدم على نفقة دولة الكويت.
فريق الكشافة
55
ظهرت الحركة الكشفية مع البدايات الأولى لمدرسة البعث، وكان رائدها أيضا الأستاذ غانم علي ثابت، وأتذكر وأنا طفل أولئك الطلاب الذين يرتدون القمصان القصيرة الأكمام والسراويل القصيرة الى ما فوق الركبة ذات اللون البُني، ويضعون خرقة زرقاء على أعناقهم، لم يكن عددهم كبيرا وربما كان بعضهم من تشكيل كرة القدم، فقد كان الطالب في تلك الحقبة يمكن له أن يكون عضوا في أكثر من نشاط مدرسي كالمسرح وكرة القدم والكشافة وخاصة ممن تكون منازلهم قريبة من المدرسة من أمثالي.
56
وكان لفريق الكشافة خيمة ضخمة الحجم وردية اللون شفافة القماش ولكنها مع هذا لا تسمح للمطر بالنفاذ الى داخلها، كما كانت خفيفة الوزن، فقد كان يخصص لحملها مع أدوات نصبها بالتناوب طالبان، وفي البداية كان فريق الكشافة ينصب الخيمة في ساحة المدرسة أو في المدرجات القريبة من المدرسة، وكان من مهام فريق الكشافة أن يساعد الأهالي اذا لزم الأمر في حالة وقوع الكوارث الطبيعية أو الحرائق، ومساعدة الطلاب المرضى والكبار في السن، والتدرب على صنع الحبال من نباتات محلية، واتقان بعض الأعمال البناء بما فيها بناء واصلاح المدرجات الزراعية التي تبقرها السيول، الى غير ذلك من المهام، وفي أواخر الستينيات كان رائد فريق الكشافة الأستاذ أمين أحمد محمد، وكان الفريق يتكون من خمس فرق سميت بأسماء حيوانات وطيور، ولكل منها علم مثلث رسم عليه شعارها، وأذكر منها فرقة الصَّقْر، وفرقة الفَهْد التي كنت أنتمي اليها، أما البقية فزال من ذهني أسمائها، وكنا عندما نسير للتخييم نرفع تلك الأعلام ونغرسها في مكان التخييم، وكنا في البداية نخيم قرب المدرسة، ثم انتقلنا للتخييم في جبل الرِّيامي في المُصَيْنِعة، وسرنا ذات مرة للتخييم فوق قمة جبل الجاح الشاهق وبقينا هناك مدة ثلاثة أيام وسط برد شديد قارس، وكنا نقيم هناك داخل مسجد ولي الله الصالح الوَحْداني.
57
كما كانت هناك أنشطة ثقافية متنوعة كالرسم، والانشاد الفردي والجماعي، والقاء كلمات الصباح، والقراءة الحرة (المطالعة)، كما كان لمكتبة المدرسة دور كبير في توسع مدارك الطلاب وتنبيههم الى وجود عالم كبير وجديد جدير بالمشاهدة يقع بعيدا عن قريتهم، فقد كانت تلك القصص والرسوم البديعة التي تزخر بها مجلات مثل ”بساط الريح“ و ”سمير“ و ”ميكي ماوس“ وقصص المكتبة الخضراء وغيرها، تجعل من استعارتها وقرأتها شغف دائم لكل طالب مما كان
53
وكان المسئول عن النشاط الرياضي والكشفي في المدرسة الأستاذ غانم علي ثابت، وما زلت أذكره وأنا طفل لم التحق بالمدرسة بعد عندما كان يأتي بفريق كرة القدم الى جربة واسعة في قرية الهَوْب تسمى ”عَقْمة العَدَنَة“ فيؤدون بعض التمارين الرياضية الخفيفة قبل أن يبدئوا لعب كرة القدم التي تأخذ وقتا، وكان ذلك يسر أهل القرية رجالا ونساء وأطفالا فيجلسون للفرجة على أطراف المدرجات الزراعية حتى تتم المباراة، وينصرف الأستاذ والفريق. وكانت العقمة المقابلة لقرية دار النَّمْلة بالقرب من المدرسة وعقمة العدنة هما ملعبا كرة القدم قبل أن ينشأ ”ميدان مقبرة العسقة“ في ستينيات القرن الماضي، والذي نشأ بجهد بذله الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان وهيئة التدريس حينها، وكان الموضع المسمى ”مَقْبرة العَسْقة“ موضع كبير لمقبرة قديمة داثرة غطتها منذ أزمنة قديمة أشجار العمق والصبار المشوكة، وكان في منتصفها طريق ضيق يسلكه البشر والحيوانات، ولا يوجد سبيل للتنقل فيها لكثافة وكثرة النباتات المشوكة.
54
حدثني الأستاذ ياسين محمد سعيد حينها بأن أدارة المدرسة وهيئة التدريس اجتمعوا وقاموا بكتابة مذكرة وجهوها الى القاضي الحاكم في محكمة ناحية القبيطة (حَيْفَان) يستفتونه في جواز تحويل مقبرة العسقة الداثرة الى ملعب لكرة القدم، وقد تحرى القاضي الأمر ومن ثم أصدر فتوى بجواز ذلك انطلاقا من مبدأ أن مصلحة ”الحي أقدم من الميت“. فسارع التلاميذ وأساتذتهم وفي مقدمتهم الأستاذ عبد الواحد باجتثاث الأشجار، ونبشها، وقلع ما في المكان من صخور وأحجار، وبادر بعض الأهالي فأحضروا ثيرتهم فحرثوا وحرو الموضع المطلوب للملعب، وأقبل كاسرو الصخور والأحجار والبنائين فأقاموا في الجهة الشرقية من الملعب جدارا طويلا يمتد طولا لأكثر من ثمانين مترا وبارتفاع بلغ المترين، وبذلك أوجد الجميع ملعبا للكرة بمواصفات الملاعب الحديثة، يتسع لاثنان وعشرون لاعباً، وركب في طرفيه مرميان للأهداف من الحديد ومغطاة بالشباك أحضرت من عدن، واستقبل الملعب في الستينيات والسبعينيات مباريات كرة القدم بين مدارس المنطقة التي برز فيها التنافس الرياضي وبلغ أوجه في تلك السنين، واستمر الملعب يؤدي دوره الرائد الى سنة 1980م عندما بنيت في موضعه مدرسة الحرية للبنين، ففقدت قرية بني على والمنطقة ملعبها ولم يتمكنوا من تعويضه الى اليوم.
الصورة رقم 12: مدرسة الحرية بنين بنيت عام 1980م مكان ملعب كرة القدم على نفقة دولة الكويت.
فريق الكشافة
55
ظهرت الحركة الكشفية مع البدايات الأولى لمدرسة البعث، وكان رائدها أيضا الأستاذ غانم علي ثابت، وأتذكر وأنا طفل أولئك الطلاب الذين يرتدون القمصان القصيرة الأكمام والسراويل القصيرة الى ما فوق الركبة ذات اللون البُني، ويضعون خرقة زرقاء على أعناقهم، لم يكن عددهم كبيرا وربما كان بعضهم من تشكيل كرة القدم، فقد كان الطالب في تلك الحقبة يمكن له أن يكون عضوا في أكثر من نشاط مدرسي كالمسرح وكرة القدم والكشافة وخاصة ممن تكون منازلهم قريبة من المدرسة من أمثالي.
56
وكان لفريق الكشافة خيمة ضخمة الحجم وردية اللون شفافة القماش ولكنها مع هذا لا تسمح للمطر بالنفاذ الى داخلها، كما كانت خفيفة الوزن، فقد كان يخصص لحملها مع أدوات نصبها بالتناوب طالبان، وفي البداية كان فريق الكشافة ينصب الخيمة في ساحة المدرسة أو في المدرجات القريبة من المدرسة، وكان من مهام فريق الكشافة أن يساعد الأهالي اذا لزم الأمر في حالة وقوع الكوارث الطبيعية أو الحرائق، ومساعدة الطلاب المرضى والكبار في السن، والتدرب على صنع الحبال من نباتات محلية، واتقان بعض الأعمال البناء بما فيها بناء واصلاح المدرجات الزراعية التي تبقرها السيول، الى غير ذلك من المهام، وفي أواخر الستينيات كان رائد فريق الكشافة الأستاذ أمين أحمد محمد، وكان الفريق يتكون من خمس فرق سميت بأسماء حيوانات وطيور، ولكل منها علم مثلث رسم عليه شعارها، وأذكر منها فرقة الصَّقْر، وفرقة الفَهْد التي كنت أنتمي اليها، أما البقية فزال من ذهني أسمائها، وكنا عندما نسير للتخييم نرفع تلك الأعلام ونغرسها في مكان التخييم، وكنا في البداية نخيم قرب المدرسة، ثم انتقلنا للتخييم في جبل الرِّيامي في المُصَيْنِعة، وسرنا ذات مرة للتخييم فوق قمة جبل الجاح الشاهق وبقينا هناك مدة ثلاثة أيام وسط برد شديد قارس، وكنا نقيم هناك داخل مسجد ولي الله الصالح الوَحْداني.
57
كما كانت هناك أنشطة ثقافية متنوعة كالرسم، والانشاد الفردي والجماعي، والقاء كلمات الصباح، والقراءة الحرة (المطالعة)، كما كان لمكتبة المدرسة دور كبير في توسع مدارك الطلاب وتنبيههم الى وجود عالم كبير وجديد جدير بالمشاهدة يقع بعيدا عن قريتهم، فقد كانت تلك القصص والرسوم البديعة التي تزخر بها مجلات مثل ”بساط الريح“ و ”سمير“ و ”ميكي ماوس“ وقصص المكتبة الخضراء وغيرها، تجعل من استعارتها وقرأتها شغف دائم لكل طالب مما كان
لمسرحية. وبعد ذلك أصبحت ظاهرة التمثيل تقليدا راسخا يقام كل عام فتوالت الاحتفالات السنوية، وقدمت فيها المسرحيات المختلفة التي نالت اعجاب الناس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (طاووس اليماني وهشام بن عبد الملك) و'الناسك الحالم' و'الصبر والايمان' و'بلال مؤذن الرسول' و'المشعوذ' و'عدالة الإسلام' و'القات هو السبب' و'السيف المكسور'.
وكانت تلك العروض المسرحية تجد قبولا واستحسانا من المشاهدين وكان يعاد عرض بعضها، فمسرحية 'البخيل عاشق الذهب' أعيدت ما يزيد عن ثلاث مرات، واعجاب النظارة بها لا يقل ابدا عن اعجابهم في المرات السابقة، ومما يؤكد اعجاب الجماهير بالعروض المسرحية في منطقة الأعبوس هذه الواقعة.. ففي احدى سنوات ما بعد الثورة قدمت مدرسة الحرية (الناسك الحالم) وهي مسرحية من فصل واحد وبطلها ممثل واحد قام به منصور أنعم سيف، ويظهر الممثل على خشبة المسرح بهيئة رجل فقير أنه يمتلك كوزاً من العَسَل معلق في السقف وهو رأسماله الوحيد، وكلما نظر اليه ذهب به خياله بعيدا، وأنه يحلم دائما أن يبيع العسل ليشتري بثمنه دجاجاً فيجعله يتكاثر فيتاجر بها ليشتري أرضاً واسعة فيحرثها ويقوم ببناء دار كبيرة ثم يتزوج امرأة جميلة وينجب منها ولدا ويقوم بتربيته مربون ومعلمون ليصبح مثال للولد المهذب المتعلم، ويحلق الرجل الفقير بعيدا في دنيا الخيال وتبتعد أقدامه عن الواقع فيعيش الحلم سعيدا متفائلا بالحياة ومتفاعلا معها فيحرك عصاه في الهواء وهو بكامل نشوته فتصدم الكوز فينكسر وتتناثر أجزاؤه في أركان الغرفة وبذلك تتبدد وتضيع أحلام الرجل الناسك.. ان هذا الوجه البسيط قد لفت أنظار المشاهدين الذين تمتعوا بالعرض وأعجبوا ايما اعجاب بالممثل الذي قام بدور الناسك، كما أعجبوا ببراعته ومقدرته على تقمص الشخصية وأدائها باتقان.
وبعد انتهاء العرض انبرى رجل من بين الحاضرين لم يستطع أن يخفي اعجابه بالممثل والعرض، انبرى هذا الرجل وصعد منصة العرض وخلع ساعة معصمه وقدمها للمثل كتقدير لبراعته في التمثيل وكحافز مشجع له على الاستمرار51.
هكذا كان حال التمثيل في مدرسة الحرية، وكانت عروضها متنوعة منها المسرحيات الاجتماعية المحلية، وبعضها شعرية، والاخرى نثرية، ولابد من الاشارة الى أننا لم نعثر اثناء بحثنا هذا على بعض أسماء المؤلفين والمخرجين للنصوص والعروض المسرحية السابقة الذكر، الا أننا يمكن أن نقول: أن عبد الواحد عثمان كان له النصيب الأوفر في الاعداد والاخراج وهو يعتبر رائد الظاهرة المسرحية وصاحب الفكرة الاولى في انشاء المسرح المدرسي في قرية الأعبوس»52.
50
وأذكر ممن أخرجوا بعض المسرحيات في مدرسة الحرية الأستاذ ياسين محمد سعيد عندما كان مديرا للمدرسة، وقد مثلتُ في إحداها، وكان شديد المتابعة لنا أثناء التمارين على التمثيل، وممن كتبوا بعض المسرحيات وأخرجوها كان كل من الأستاذ أمين أحمد محمد سعيد، والأستاذ عبد الرشيد محمد أحمد العَواضي.
51
وكان الاعداد للحفل السنوي يبدأ قبل شهرين من موعده ولكون بيوتنا كانت هي الأقرب للمدرسة فقد كنا نذهب كل يوم مساء من أجل القيام بالتمرن على التمثيل، والأناشيد، والقاء الكلمات، وقبل أسبوعين من الحفل ننقل كل ذلك الى المسرح الذي مازال قائما أمام ما كنا نسميه الصف الرابع، وكان هناك (مُلَقِن) يقف خلف ستارة المسرح يحمل أوراق المسرحية ويلقن من لا يحفظ دوره أو ينسى بعض الكلمات، كما كان يتم اصدار بعض الأصوات والمؤثرات الصوتية أو أصوات دق الطبول بواسطة مكبرات صوت أعدت لذلك من قبل شخص أعد مسبقا تلك المؤثرات، وفي نفس الوقت أي قبل أسبوعين من ليلة الاحتفال يتدرب في ساحة المدرسة الفريق الرياضي الذي يقدم عروضه في الساحة أمام الجمهور الذي يحضر للحفل مبكراً قبل أذان المغرب.
النشاط الرياضي
52
ويعد النشاط الرياضي ثاني أبرز الأنشطة بعد المسرح فقد بدأ مع الدراسة بالمدرسة فقد حظيت الرياضة والعناية بجسم الطالب بأهمية قصوى، فكانت هناك حصة للرياضة في الجدول المدرسي وكان استاذ الرياضة يقود طلابه الى ساحة المدرسة ويقوم بتأدية التمارين الرياضية أمامهم ويطلب منهم أن يؤدونها بعده، وكانت رياضة الجري، والتسابق، و شد الحبل والتنقل عليه بالأيدي رياضة شائعة، وكذلك رياضة القفز والوثب، والسير على اليدين عبر الساحة، ورمي الجَلَّة، ورفع الأثقال المناسبة، ولعب كرة القدم وهي الأبرز من بين الرياضات السابقة، ومن العجيب وقتها أن أدوات هذه الرياضات كانت متوفرة في المدرسة منذ بدايتها الأولى، فقد كان هناك حبل غليظ طويل يتبارى في شده طلاب الفصول، ويرفعونه ليقفزوا عليه ، كما كانوا يشدونه بارتفاع معين على جانبي الساحة ويتبارون بالتنقل عليه بالأيدي، كما كان هناك ثقلين كبير وصغير لرياضة رمي الجَلَّة، وكرة جلدية صماء شديدة الثقل لا نعرف لما تستعمل، وكنا نخدع بها بعض المولعين بركل الكرة فنضعها لهم فيركلونها فتسبب لهم الما شديدا في أقدامهم. وتوفرت لفريق كرة القدم مبكراً الملابس الخاصة بلعب المباريات، من أحذية
وكانت تلك العروض المسرحية تجد قبولا واستحسانا من المشاهدين وكان يعاد عرض بعضها، فمسرحية 'البخيل عاشق الذهب' أعيدت ما يزيد عن ثلاث مرات، واعجاب النظارة بها لا يقل ابدا عن اعجابهم في المرات السابقة، ومما يؤكد اعجاب الجماهير بالعروض المسرحية في منطقة الأعبوس هذه الواقعة.. ففي احدى سنوات ما بعد الثورة قدمت مدرسة الحرية (الناسك الحالم) وهي مسرحية من فصل واحد وبطلها ممثل واحد قام به منصور أنعم سيف، ويظهر الممثل على خشبة المسرح بهيئة رجل فقير أنه يمتلك كوزاً من العَسَل معلق في السقف وهو رأسماله الوحيد، وكلما نظر اليه ذهب به خياله بعيدا، وأنه يحلم دائما أن يبيع العسل ليشتري بثمنه دجاجاً فيجعله يتكاثر فيتاجر بها ليشتري أرضاً واسعة فيحرثها ويقوم ببناء دار كبيرة ثم يتزوج امرأة جميلة وينجب منها ولدا ويقوم بتربيته مربون ومعلمون ليصبح مثال للولد المهذب المتعلم، ويحلق الرجل الفقير بعيدا في دنيا الخيال وتبتعد أقدامه عن الواقع فيعيش الحلم سعيدا متفائلا بالحياة ومتفاعلا معها فيحرك عصاه في الهواء وهو بكامل نشوته فتصدم الكوز فينكسر وتتناثر أجزاؤه في أركان الغرفة وبذلك تتبدد وتضيع أحلام الرجل الناسك.. ان هذا الوجه البسيط قد لفت أنظار المشاهدين الذين تمتعوا بالعرض وأعجبوا ايما اعجاب بالممثل الذي قام بدور الناسك، كما أعجبوا ببراعته ومقدرته على تقمص الشخصية وأدائها باتقان.
وبعد انتهاء العرض انبرى رجل من بين الحاضرين لم يستطع أن يخفي اعجابه بالممثل والعرض، انبرى هذا الرجل وصعد منصة العرض وخلع ساعة معصمه وقدمها للمثل كتقدير لبراعته في التمثيل وكحافز مشجع له على الاستمرار51.
هكذا كان حال التمثيل في مدرسة الحرية، وكانت عروضها متنوعة منها المسرحيات الاجتماعية المحلية، وبعضها شعرية، والاخرى نثرية، ولابد من الاشارة الى أننا لم نعثر اثناء بحثنا هذا على بعض أسماء المؤلفين والمخرجين للنصوص والعروض المسرحية السابقة الذكر، الا أننا يمكن أن نقول: أن عبد الواحد عثمان كان له النصيب الأوفر في الاعداد والاخراج وهو يعتبر رائد الظاهرة المسرحية وصاحب الفكرة الاولى في انشاء المسرح المدرسي في قرية الأعبوس»52.
50
وأذكر ممن أخرجوا بعض المسرحيات في مدرسة الحرية الأستاذ ياسين محمد سعيد عندما كان مديرا للمدرسة، وقد مثلتُ في إحداها، وكان شديد المتابعة لنا أثناء التمارين على التمثيل، وممن كتبوا بعض المسرحيات وأخرجوها كان كل من الأستاذ أمين أحمد محمد سعيد، والأستاذ عبد الرشيد محمد أحمد العَواضي.
51
وكان الاعداد للحفل السنوي يبدأ قبل شهرين من موعده ولكون بيوتنا كانت هي الأقرب للمدرسة فقد كنا نذهب كل يوم مساء من أجل القيام بالتمرن على التمثيل، والأناشيد، والقاء الكلمات، وقبل أسبوعين من الحفل ننقل كل ذلك الى المسرح الذي مازال قائما أمام ما كنا نسميه الصف الرابع، وكان هناك (مُلَقِن) يقف خلف ستارة المسرح يحمل أوراق المسرحية ويلقن من لا يحفظ دوره أو ينسى بعض الكلمات، كما كان يتم اصدار بعض الأصوات والمؤثرات الصوتية أو أصوات دق الطبول بواسطة مكبرات صوت أعدت لذلك من قبل شخص أعد مسبقا تلك المؤثرات، وفي نفس الوقت أي قبل أسبوعين من ليلة الاحتفال يتدرب في ساحة المدرسة الفريق الرياضي الذي يقدم عروضه في الساحة أمام الجمهور الذي يحضر للحفل مبكراً قبل أذان المغرب.
النشاط الرياضي
52
ويعد النشاط الرياضي ثاني أبرز الأنشطة بعد المسرح فقد بدأ مع الدراسة بالمدرسة فقد حظيت الرياضة والعناية بجسم الطالب بأهمية قصوى، فكانت هناك حصة للرياضة في الجدول المدرسي وكان استاذ الرياضة يقود طلابه الى ساحة المدرسة ويقوم بتأدية التمارين الرياضية أمامهم ويطلب منهم أن يؤدونها بعده، وكانت رياضة الجري، والتسابق، و شد الحبل والتنقل عليه بالأيدي رياضة شائعة، وكذلك رياضة القفز والوثب، والسير على اليدين عبر الساحة، ورمي الجَلَّة، ورفع الأثقال المناسبة، ولعب كرة القدم وهي الأبرز من بين الرياضات السابقة، ومن العجيب وقتها أن أدوات هذه الرياضات كانت متوفرة في المدرسة منذ بدايتها الأولى، فقد كان هناك حبل غليظ طويل يتبارى في شده طلاب الفصول، ويرفعونه ليقفزوا عليه ، كما كانوا يشدونه بارتفاع معين على جانبي الساحة ويتبارون بالتنقل عليه بالأيدي، كما كان هناك ثقلين كبير وصغير لرياضة رمي الجَلَّة، وكرة جلدية صماء شديدة الثقل لا نعرف لما تستعمل، وكنا نخدع بها بعض المولعين بركل الكرة فنضعها لهم فيركلونها فتسبب لهم الما شديدا في أقدامهم. وتوفرت لفريق كرة القدم مبكراً الملابس الخاصة بلعب المباريات، من أحذية
يحدونا الى التسجيل المسبق عند مسئول المكتبة للحصول على المجلة بعد عدة أيام.
تفجر المعرفة في الأعبوس ونشؤ المدارس
58
بعد تلك البداية الموفقة والناجحة لمدرسة البعث الأهلية الخيرية، والتي وضعت الأساس المتين لتعليم حديث طالما تطلع اليه أبناء منطقة الأعبوس بدأ وبإسهام من نادي الاتحاد العبسي انشأ مدرستين على نموذج مدرسة البعث هما مدرسة الارشاد في قرية ظَبْي في الجهة الغربية من الأعبوس، و مدرسة النُّور في قرية المَراوِية في الجهة الشرقية من الأعبوس، وقد تحدث الأستاذ عبد الواحد عن هذه المدارس الثلاث التي كانت سابقة في انشائها وافتتاحها لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م قائلاُ:
53 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص18.
«وتجدر الاشارة عند قيام الثورة المباركة في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م، كانت الأعبوس تضم ثلاث مدارس يشع منها نور العلم والمعرفة ويرفرف على مبانيها علم الثورة والجمهورية المجيدة، وقد توجه الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر رحمه الله الى صنعاء وقدم المدارس الثلاث هدية من أبناء عزلة الأعبوس لحكومة الثورة وهي (البعث) الحرية حالياً، والارشاد في ضَبْي، والنور في المراوية، وكانت مدرسة الارشاد قد فتحت قبل الثورة بأربعة أشهر ومدرسة النور قبل الثورة بعام، وعين الأُستاذ عبد الحافظ رحمه الله مديراً لمدارس الأعبوس»53.
59
وتحدث عبد الصمد محمد طاهر عن الاستاذ عبد الحافظ ودوره الريادي وموقف والده الصوفي الجليل محمد طاهر من المناصب التي عرضها الثور عليه قائلاً:
54 نفسه، ص58.
«قامت الثورة فهب بكل طاقته يناشد المواطنين للتبرع والالتفاف حول الثورة وشد الرحال الى صنعاء في أول أسبوع للثورة حاملا معه تبرعات المواطنين في ناحية القَبَّيْطة وألقى من اذاعة صنعاء خطابا رائعا باسم ناحية القبيطة، اختاره مجلس الثورة في صنعاء ليكون وزيراُ للتربية لكن والده رفض ذلك وقال له: انما أردتك أن تكون معلماً ومعلماً فقط. ثم مرة أخرى جاءه تعيين ليكون حاكماُ لناحية القبيطة لكن والده قال له: لا عش معلماً يا بني. عاد الى مسقط رأسه في الهتاري ليؤسس مدرسة جديدة هي مدرسة الاخلاص الهتاري 1969م ولكنه توفي قبل اتمامها»54.
60
علماً بأن أبناء الأعبوس في عدن حينها ممثلين بنادي الاتحاد العبسي، قد بعثوا ممثلين لهم الى حكومة الثورة بصنعاء برئاسة الحاج محمد عبد الجبار راشد وحمل معه تبرعاً لحكومة الثورة قدره ستون ألف شلن من ميزانية النادي، وقدر البعض التبرع بأنه أربعمائة وخمسون ألف شلن، ومن الظريف أن الأستاذ أحمد محمد نعمان عندما التقى بأبناء الأعبوس قبل أن يذهبوا لمقابلة قادة الثورة نصحهم بعدم تسليم المبلغ لهم وأنه من المصلحة أن يبنون به مدارس أو مستشفى في منطقتهم، وبرر قوله ذاك بأن قادة الثورة سيشترون بالمبلغ المذكور شقق لهم في القاهرة، وغضب أبناء الأعبوس من الأستاذ النعمان في وسط حماسهم للثورة والجمهورية، وسلموا التبرع كما هو مرسوم له، وبعد عدت سنين تبين لهم أن الأستاذ النعمان كان على حق فيما ذهب اليه فعادوا وقدموا اعتذارهم له.
61
ان تلك البذرة الصغيرة التي بدأت بثلاثة فصول في مدرسة البعث (الحرية) والتي بدأها ذلك الجيل المنتمي لنادي الاتحاد العبسي، قد قادت مع الزمن الى انقسام خلوي مدهش للمدارس في عزلة الأعبوس وبجهود وتمويل ذاتي وأهلي فيما إذا استثنينا من بينها مدرسة الحرية بنين التي انشأت بمنحة كريمة من دولة الكويت الشقيقة التي لا ولن ينسى فضلها أبناء الأعبوس، فان بقية المدارس التي سنذكرها قد بنيت على نفقة الأهالي ولم تسهم الحكومة اليمنية بإنشاء أيا منها، وهي على النحو الآتي:
مدرسة البعث (الحرية): تواريخ ومهام
62
لم تتوقف مدرسة البعث (الحرية) عن النمو، فقد استمرت بفضل جيل المؤسسين في البداية ومن تلاهم من جيل التربويين من تلامذتهم في النمو والتطور والانتقال من مرحلة الى أخرى لتلبي متطلبات العملية التعليمية والتربوية في المنطقة، ويدل السفر التالي على ذلك:
1956–1962: مدرسة البعث الأهلية الخيرية الاسلامية، مدرسة ابتدائية من الصف الأول الى الصف الرابع.
1963–1966م: مدرسة الحرية الابتدائية، وتخرجت أول دفعة من المرحلة الابتدائية عام 1966م.
1967–1973م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية.
1974–1982م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية.
1983–1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية).
1983–1995م: المبنى الجديد (مدرسة الحرية الاعدادية الثانوية).
1983–1995م: افتتاح (معهد معلمي الأعبوس) في المبنى الجديد للمدرسة الإعدادية والثانوية.
1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية بنات).
55 نفسه، ص17.
63
وتبع مدرسة الحرية في استكمال المهام التعليمية والتربوية بقية مدارس الأعبوس المذكورة آنفا، وحتى ما بني منها مؤخرا فهو يسعى الى استكمال نموه وتطوره بخطوات حثيثة، وفقا للإمكانيات الذاتية مع الاستمرار في متابعة الجهات ا
تفجر المعرفة في الأعبوس ونشؤ المدارس
58
بعد تلك البداية الموفقة والناجحة لمدرسة البعث الأهلية الخيرية، والتي وضعت الأساس المتين لتعليم حديث طالما تطلع اليه أبناء منطقة الأعبوس بدأ وبإسهام من نادي الاتحاد العبسي انشأ مدرستين على نموذج مدرسة البعث هما مدرسة الارشاد في قرية ظَبْي في الجهة الغربية من الأعبوس، و مدرسة النُّور في قرية المَراوِية في الجهة الشرقية من الأعبوس، وقد تحدث الأستاذ عبد الواحد عن هذه المدارس الثلاث التي كانت سابقة في انشائها وافتتاحها لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م قائلاُ:
53 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص18.
«وتجدر الاشارة عند قيام الثورة المباركة في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م، كانت الأعبوس تضم ثلاث مدارس يشع منها نور العلم والمعرفة ويرفرف على مبانيها علم الثورة والجمهورية المجيدة، وقد توجه الأستاذ عبد الحافظ محمد طاهر رحمه الله الى صنعاء وقدم المدارس الثلاث هدية من أبناء عزلة الأعبوس لحكومة الثورة وهي (البعث) الحرية حالياً، والارشاد في ضَبْي، والنور في المراوية، وكانت مدرسة الارشاد قد فتحت قبل الثورة بأربعة أشهر ومدرسة النور قبل الثورة بعام، وعين الأُستاذ عبد الحافظ رحمه الله مديراً لمدارس الأعبوس»53.
59
وتحدث عبد الصمد محمد طاهر عن الاستاذ عبد الحافظ ودوره الريادي وموقف والده الصوفي الجليل محمد طاهر من المناصب التي عرضها الثور عليه قائلاً:
54 نفسه، ص58.
«قامت الثورة فهب بكل طاقته يناشد المواطنين للتبرع والالتفاف حول الثورة وشد الرحال الى صنعاء في أول أسبوع للثورة حاملا معه تبرعات المواطنين في ناحية القَبَّيْطة وألقى من اذاعة صنعاء خطابا رائعا باسم ناحية القبيطة، اختاره مجلس الثورة في صنعاء ليكون وزيراُ للتربية لكن والده رفض ذلك وقال له: انما أردتك أن تكون معلماً ومعلماً فقط. ثم مرة أخرى جاءه تعيين ليكون حاكماُ لناحية القبيطة لكن والده قال له: لا عش معلماً يا بني. عاد الى مسقط رأسه في الهتاري ليؤسس مدرسة جديدة هي مدرسة الاخلاص الهتاري 1969م ولكنه توفي قبل اتمامها»54.
60
علماً بأن أبناء الأعبوس في عدن حينها ممثلين بنادي الاتحاد العبسي، قد بعثوا ممثلين لهم الى حكومة الثورة بصنعاء برئاسة الحاج محمد عبد الجبار راشد وحمل معه تبرعاً لحكومة الثورة قدره ستون ألف شلن من ميزانية النادي، وقدر البعض التبرع بأنه أربعمائة وخمسون ألف شلن، ومن الظريف أن الأستاذ أحمد محمد نعمان عندما التقى بأبناء الأعبوس قبل أن يذهبوا لمقابلة قادة الثورة نصحهم بعدم تسليم المبلغ لهم وأنه من المصلحة أن يبنون به مدارس أو مستشفى في منطقتهم، وبرر قوله ذاك بأن قادة الثورة سيشترون بالمبلغ المذكور شقق لهم في القاهرة، وغضب أبناء الأعبوس من الأستاذ النعمان في وسط حماسهم للثورة والجمهورية، وسلموا التبرع كما هو مرسوم له، وبعد عدت سنين تبين لهم أن الأستاذ النعمان كان على حق فيما ذهب اليه فعادوا وقدموا اعتذارهم له.
61
ان تلك البذرة الصغيرة التي بدأت بثلاثة فصول في مدرسة البعث (الحرية) والتي بدأها ذلك الجيل المنتمي لنادي الاتحاد العبسي، قد قادت مع الزمن الى انقسام خلوي مدهش للمدارس في عزلة الأعبوس وبجهود وتمويل ذاتي وأهلي فيما إذا استثنينا من بينها مدرسة الحرية بنين التي انشأت بمنحة كريمة من دولة الكويت الشقيقة التي لا ولن ينسى فضلها أبناء الأعبوس، فان بقية المدارس التي سنذكرها قد بنيت على نفقة الأهالي ولم تسهم الحكومة اليمنية بإنشاء أيا منها، وهي على النحو الآتي:
مدرسة البعث (الحرية): تواريخ ومهام
62
لم تتوقف مدرسة البعث (الحرية) عن النمو، فقد استمرت بفضل جيل المؤسسين في البداية ومن تلاهم من جيل التربويين من تلامذتهم في النمو والتطور والانتقال من مرحلة الى أخرى لتلبي متطلبات العملية التعليمية والتربوية في المنطقة، ويدل السفر التالي على ذلك:
1956–1962: مدرسة البعث الأهلية الخيرية الاسلامية، مدرسة ابتدائية من الصف الأول الى الصف الرابع.
1963–1966م: مدرسة الحرية الابتدائية، وتخرجت أول دفعة من المرحلة الابتدائية عام 1966م.
1967–1973م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية.
1974–1982م: مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية.
1983–1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية).
1983–1995م: المبنى الجديد (مدرسة الحرية الاعدادية الثانوية).
1983–1995م: افتتاح (معهد معلمي الأعبوس) في المبنى الجديد للمدرسة الإعدادية والثانوية.
1995م: المبنى القديم (مدرسة الحرية الابتدائية الاعدادية الثانوية بنات).
55 نفسه، ص17.
63
وتبع مدرسة الحرية في استكمال المهام التعليمية والتربوية بقية مدارس الأعبوس المذكورة آنفا، وحتى ما بني منها مؤخرا فهو يسعى الى استكمال نموه وتطوره بخطوات حثيثة، وفقا للإمكانيات الذاتية مع الاستمرار في متابعة الجهات ا
لرسمية الممثلة بوزارة التعليم اليمنية. علما بأن مدرسة الحرية وكادرها التعليمي كان له دور نشط في محاولة محو أمية جيل ما قبل الثورة من النساء بواسطة المعلمات الملتحقات بسلك التعليم في المدرسة ومع أن الكثير من المعوقات كانت تحول دون استمرار هذا النشاط بما في ذلك عدم توفر دعم مالي له من قبل الجهات الرسمية، الا أن ما تحقق في هذا السبيل كان مرضيا حينها، أما اليوم فلم يعد هناك تقريبا من أُمي أو أمية في المنطقة.
64
ومع تقدم العملية التعليمية في مدرسة الحرية وبلوغها المستوى المنشود في التعليم الثانوي بما في ذلك استقبالها امتحانات الشهادة الثانوية كمركز امتحاني لطلاب مدارس المنطقة، وتخريجها المعلمين والمدرسين الذين يغطون مدارس مديرية حيفان وما جاورها، الا أنها لم تنس دورها الريادي في العناية بالأطفال في مراحل التعليم الأولى فقد
56 نفسه، ص31، 32.
«تم التركيز على الطفل في المراحل الأولى من التعليم، حيث اعتمدت المدرسة على المعلمات في الأغلب في تعليم تلاميذ الصفوف الأولى بحيث مثلت المعلمات حلقة وصل أولية بين البيت والمدرسة لتساعد في ادماج الأطفال المبتدئين في الحياة المدرسية وبصورة تدريجية باعتبار أن المعلمات هن أكثر حباً واستعدادا ورغبة في التعامل مع الأطفال والأكثر معرفة باحتياجاتهم بسبب ملامستهن لحياتهم الطفولية وخاصة اذاكن أُمهات. ومن أجل تأسيس عملية التعليم عند هؤلاء الأطفال وخاصة في رياض الأطفال وعلى قواعد تربوية سليمة حرصت المدرسة (بنين) على أن تكون احدى المدارس الصديقة للطفل 2007–2010م منتمية للمشروع الذي تدعمه منظمة اليونسيف وتموله.»56
اللوحة رقم 2: عدد الطلاب والطالبات ممن تخرجوا من مدرسة الحرية خلال عشرون عاما 1963–1982م بخط الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان.
العام الدراسيالعددالمجموعذكوراناث1963–1964م258453031964–1965م260503101965–1966م275563311966–1967م312603721967–1968م322563781968–1969م320804001969–1970م3151103251970–1971م3291144431971–1972م3301154451972–1973م3071184251973–1974م3191443631974–1975م3771915681975–1976م4542667201976–1977م4702767461977–1978م5193238421978–1979م4163137291979–1980م4132877001980–1981م4153117261981–1982م429311744
65
وما زالت السجلات المحفوظة في المدرسة تزخر بالعديد من المعلومات عن الأعداد التي تخرجت من مدرسة الحرية الى يومنا، وكل من تخرجوا منها ذكورا واناثا واصل بعضهم تعليمه داخل الوطن وخارجه ونالوا شهادات جامعية وبعضهم شهادات عُليا في مختلف التخصصات الأدبية والعلمية وفي الحقوق والاقتصاد، وهم يعملون في مختلف الأعمال بما في ذلك الأعمال القيادية والريادية في مختلف مؤسسات الدولة والقطاعين العام والمختلط والخاص، ويعود الفضل في ذلك الى تلك الفرصة الصغيرة التي أتيحت لهم في التعلم بقريتهم بني علي.
الصورة رقم 15: سند تسجيل الطالب في مدرسة البعث الخيرية.
66
وقبل أن نتطرق الى ذلك أود أن أشير الى أن أنشاء المدرسة ببنيتها الحديثة والسعة التي كانت عليها فصولها وشكل النوافذ والأبواب التي عملت لها ودخول مواد جديدة في بنائها مثل مادة الإسمنت والأخشاب الطويلة المستوردة من أوربا وألواح السقف قد أحدثت نقلة معمارية كبيرة في بلاد الأعبوس، فقد أتاحت تلك المواد أن يبني الناس مساكن ذات غرف واسعة ونوافذ كبيرة بدلا من تلك الغرف الضيقة التي لا يتجاوز عرض أكبرها المترين والنصف لأن الأخشاب المحلية لم تكن تتيح توسيع عرض الغرف لأكثر من ذلك، ولم تكن المساكن المريحة معروفة قبل بناء المدارس. كما أن دخول مادة الإسمنت واستخدامها بنجاح في سقاية مدرسة الحرية وحفظها للماء بها، أغنى المواطنين عن استخدام مادة القضاض المكلفة وجعل امكانية بناء سقاية لكل منزل أمرا ممكنا فانتشرت بعدها ظاهرة السقايات (خزانات المياه المغلقة) التابعة لكل منزل وغدت لازمة من لوازم البيت المريح المكتمل.
67
أما دور مدرسة الحرية في مجال الوعي المجتمعي والسياسي فلم يكن يقل عن دورها في المجال التربوي والتعليمي، فلقد استقبلت المدرسة قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م بفرح عارم وذهب مديرها ليهديها مع مدرستي النور والارشاد الى حكومة الثورة. كما كانت مكاناً لتجمع الأهالي من مختلف القرى المحيطة بقرية بني علي بعد قيام الثورة بمدة قصيرة ليقرروا مصير مشايخ وأعيان المنطقة الذين كانوا يمثلون مناطقهم لدى النظام الملكي وهم شيخ قرية بني علي، وشيخ قرية الغليبة والتبيعة، وشيخ قرية المشاوز وبني أحمد، وكانت النتيجة بعد نقاش ومداولات أن قرر المجتمعون أن يتخلى أعيان المنطقة عن المَشْيَخَة كتابة وأن يصبحوا في ظل الثورة والجمهورية مواطنين شأنهم شأن سائر الناس، ووقع من حضر من المشايخ والأعيان على ذلك.
68
ولعبت المدرسة دورا هاما وفاعلا في تكريس الجمهورية في نفوس وعقول الطلاب والمواطنين، فقد كانت حناجر التلاميذ تصدح يومياً في طابور الصباح وفي أوقات الاستراحة بالأناشيد الوطنية مثل نشيد ”ف
64
ومع تقدم العملية التعليمية في مدرسة الحرية وبلوغها المستوى المنشود في التعليم الثانوي بما في ذلك استقبالها امتحانات الشهادة الثانوية كمركز امتحاني لطلاب مدارس المنطقة، وتخريجها المعلمين والمدرسين الذين يغطون مدارس مديرية حيفان وما جاورها، الا أنها لم تنس دورها الريادي في العناية بالأطفال في مراحل التعليم الأولى فقد
56 نفسه، ص31، 32.
«تم التركيز على الطفل في المراحل الأولى من التعليم، حيث اعتمدت المدرسة على المعلمات في الأغلب في تعليم تلاميذ الصفوف الأولى بحيث مثلت المعلمات حلقة وصل أولية بين البيت والمدرسة لتساعد في ادماج الأطفال المبتدئين في الحياة المدرسية وبصورة تدريجية باعتبار أن المعلمات هن أكثر حباً واستعدادا ورغبة في التعامل مع الأطفال والأكثر معرفة باحتياجاتهم بسبب ملامستهن لحياتهم الطفولية وخاصة اذاكن أُمهات. ومن أجل تأسيس عملية التعليم عند هؤلاء الأطفال وخاصة في رياض الأطفال وعلى قواعد تربوية سليمة حرصت المدرسة (بنين) على أن تكون احدى المدارس الصديقة للطفل 2007–2010م منتمية للمشروع الذي تدعمه منظمة اليونسيف وتموله.»56
اللوحة رقم 2: عدد الطلاب والطالبات ممن تخرجوا من مدرسة الحرية خلال عشرون عاما 1963–1982م بخط الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان.
العام الدراسيالعددالمجموعذكوراناث1963–1964م258453031964–1965م260503101965–1966م275563311966–1967م312603721967–1968م322563781968–1969م320804001969–1970م3151103251970–1971م3291144431971–1972م3301154451972–1973م3071184251973–1974م3191443631974–1975م3771915681975–1976م4542667201976–1977م4702767461977–1978م5193238421978–1979م4163137291979–1980م4132877001980–1981م4153117261981–1982م429311744
65
وما زالت السجلات المحفوظة في المدرسة تزخر بالعديد من المعلومات عن الأعداد التي تخرجت من مدرسة الحرية الى يومنا، وكل من تخرجوا منها ذكورا واناثا واصل بعضهم تعليمه داخل الوطن وخارجه ونالوا شهادات جامعية وبعضهم شهادات عُليا في مختلف التخصصات الأدبية والعلمية وفي الحقوق والاقتصاد، وهم يعملون في مختلف الأعمال بما في ذلك الأعمال القيادية والريادية في مختلف مؤسسات الدولة والقطاعين العام والمختلط والخاص، ويعود الفضل في ذلك الى تلك الفرصة الصغيرة التي أتيحت لهم في التعلم بقريتهم بني علي.
الصورة رقم 15: سند تسجيل الطالب في مدرسة البعث الخيرية.
66
وقبل أن نتطرق الى ذلك أود أن أشير الى أن أنشاء المدرسة ببنيتها الحديثة والسعة التي كانت عليها فصولها وشكل النوافذ والأبواب التي عملت لها ودخول مواد جديدة في بنائها مثل مادة الإسمنت والأخشاب الطويلة المستوردة من أوربا وألواح السقف قد أحدثت نقلة معمارية كبيرة في بلاد الأعبوس، فقد أتاحت تلك المواد أن يبني الناس مساكن ذات غرف واسعة ونوافذ كبيرة بدلا من تلك الغرف الضيقة التي لا يتجاوز عرض أكبرها المترين والنصف لأن الأخشاب المحلية لم تكن تتيح توسيع عرض الغرف لأكثر من ذلك، ولم تكن المساكن المريحة معروفة قبل بناء المدارس. كما أن دخول مادة الإسمنت واستخدامها بنجاح في سقاية مدرسة الحرية وحفظها للماء بها، أغنى المواطنين عن استخدام مادة القضاض المكلفة وجعل امكانية بناء سقاية لكل منزل أمرا ممكنا فانتشرت بعدها ظاهرة السقايات (خزانات المياه المغلقة) التابعة لكل منزل وغدت لازمة من لوازم البيت المريح المكتمل.
67
أما دور مدرسة الحرية في مجال الوعي المجتمعي والسياسي فلم يكن يقل عن دورها في المجال التربوي والتعليمي، فلقد استقبلت المدرسة قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م بفرح عارم وذهب مديرها ليهديها مع مدرستي النور والارشاد الى حكومة الثورة. كما كانت مكاناً لتجمع الأهالي من مختلف القرى المحيطة بقرية بني علي بعد قيام الثورة بمدة قصيرة ليقرروا مصير مشايخ وأعيان المنطقة الذين كانوا يمثلون مناطقهم لدى النظام الملكي وهم شيخ قرية بني علي، وشيخ قرية الغليبة والتبيعة، وشيخ قرية المشاوز وبني أحمد، وكانت النتيجة بعد نقاش ومداولات أن قرر المجتمعون أن يتخلى أعيان المنطقة عن المَشْيَخَة كتابة وأن يصبحوا في ظل الثورة والجمهورية مواطنين شأنهم شأن سائر الناس، ووقع من حضر من المشايخ والأعيان على ذلك.
68
ولعبت المدرسة دورا هاما وفاعلا في تكريس الجمهورية في نفوس وعقول الطلاب والمواطنين، فقد كانت حناجر التلاميذ تصدح يومياً في طابور الصباح وفي أوقات الاستراحة بالأناشيد الوطنية مثل نشيد ”ف
تولى الأستاذ ياسين محمد سعيد ادارة مدرسة الحرية وكان ذا ميول حزبية يسارية ومتطلعا الى التغيير والحداثة، وكان يكن كراهية عميقة لنظام الحكم في صنعاء الذي دجنته السعودية بعد انقلاب 5 نوفمبر 1965م فغدى يحكم برجال وأدوات هي امتداد لنظام الحكم الملكي ولكن تحت مسمى جمهوري، فقاد مع غيره من أبناء مناطق الحجرية ثورة تغيير انطلاقا من المدارس تحت مسمى ”لجان الاصلاح الخيرية“، وكانت مدرسة الحرية احداها، وقد توقف الناس عن الذهاب الى محاكم النواحي، وقدموا الى المدارس في أوقات نهاية اليوم الدراسي ليحلوا مشاكلهم سواء كانت شخصية، أو تتعلق بقسمة المواريث والتركات، أو مشاكل زوجية، أو سرقات، أو ثارات قديمة، واستعانوا بذوي الخبرة بما في ذلك المشايخ السابقين الذين كتبوهم تنازلات عن المشيخة قبل عدة سنين، وبالفعل تمكنوا من حل الكثير من المشاكل المزمنة، كما سعوا الى انجاز بعض المشاريع في مجال توسعة المدارس ومرافقها، والمطالبة بإنشاء المستوصفات الصحية، ومحاولة شق طرق للسيارات الى القرى. وتنبهت الدولة ورجالاتها من حكام النواحي الذين تعطلت مصالحهم ولم يعد الناس يذهبون إليهم أو يتواصلون معهم الى ما يحدث بأنه يشكل خطراً وامتدادا لتحرك خط اليسار والثورة الذي ضُرب في صنعاء وتعز والحديدة بعد عام 1967م، فشنوا حملة شرسة على الجان الاصلاح الخيرية والمنتمين اليها، فألقوا بالكثيرين منهم في السجون، وتوقف الأستاذ ياسين عن أداء دوره ووقف بجانبه مشايخ وأعيان الناحية الذي كان قد قوى علاقته بهم، فترك وشأنه، وتوقفت عن العمل لجنة الاصلاح العاملة من مدرسة الحرية.
75
وتواصل في نفس الفترة الزمنية يسار الجبهة القومية من أبناء الجنوب وغيرهم مع القوميين من أبناء الأعبوس الذين تركوا عدن وانسحبوا الى قراهم لعدم رضاهم عن ادارة قحطان محمد الشَّعْبِي للسلطة في الجنوب، وحدث حينها أن قامت فرقة كشافة مدرسة الحرية وكان يقودها أمين أحمد محمد، وكنتُ عضوا فيها باحتواء خلاف وقع بين سالم رُبَيِّع علي ومحمد صالح مُطِيْع من جهة، والأهالي في قرية العسقة من جهة أخرى، فما كان منا الا أن قدنا سالم ربيع ورفيقه وتحفظنا عليهم في الصف الثالث ابتدائي في المدرسة وأمسينا نحرسهما حتى الصباح، وفي الصباح وبعد اجتماع مع مدير المدرسة ياسين محمد سعيد وأستاذ التربية الدينية الأستاذ محمد عبد الوهاب، تبين لهما ما يمثله الرجلان، فأكرماهما وطلبا من اثنان من الكشافة أن يوصلاهما الى بيت منصور الصَّراري في قرية ظبي، وبعد أشهر قليلة أطيح بقحطان الشعبي بانقلاب قاده عبد الفتاح اسماعيل من أبناء الأعبوس، وسالم ربيع علي الذي غدى رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وغدى محمد صالح مطيع وزيرا لخارجيتها.
76
وفي بداية السبعينيات (1973–1974م) شنت حملة عسكرية على عدة مدارس في الأعبوس بما فيها مدرسة الحرية بدعوى وجود عناصر حزبية بين طلابها، فسجن بعضهم وفر العديد منهم الى الجنوب ومنها ذهبوا للدراسة في الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، وتخرجوا من جامعاتها في تخصصات عدة ومن ثم غدوا عناصر فاعلة في العديد من مؤسسات ومرافق الدولة في الجنوب.
77
وشهدت مدرسة الحرية العديد من جولات التنافس الحزبي وبطرق ديمقراطية بين أبناء المنطقة، وكان المتنافسين ثلاثة أحزاب تقدمية هم: الاشتراكيون، والناصريون، والبعثيون المنتمون لحزب البعث العراقي، أما الاخوان المسلمون فقد كانوا ولا زالوا الى يومنا أفراداً لا يكادون يذكرون، وكان التنافس الحزبي يقوم على تولي المواقع القيادية لكل من المجالس المحلية، و جمعية أبناء الأعبوس، ومجالس أباء المدارس، وممثل الناحية لعضوية مجلس النواب، وكان التنافس يقوم على من سيقدم الخدمة الأفضل في مجال عمله وما سيحققه من مشاريع تخدم المنطقة وأبنائها، وكان الأمر سجال بين الأحزاب الثلاثة، وقد تمكنوا من تحقيق العديد من المشاريع بما فيها توسعة المدارس واستكمالها وتطويرها علميا وتوفير كافة احتياجاتها، وشق وايصال طرق السيارات الى كل قرية بما في ذلك أنجاز بعض الطرق المسفلتة، وافتتاح وتجهيز العديد من المستوصفات الصحية في أكثر من قرية لمعالجة المرضى واسعاف منهم في حالة خطرة الى المشافي في المدن، وكذلك افتتاح مكاتب الخدمات البريدية، وأكشاك التواصل التلفوني، وانشاء بعض المؤسسات التموينية المرتبطة بالمؤسسة الاقتصادية للدولة، وايصال خطوط الكهرباء العامة وربطها الى كل بيت، وانشاء خط أمداد صحي لايصال مياه الشرب الى المنازل ولكنه لم يستكمل ولم يشغل الى يومنا. لقد كان كل هذا تحقيقا لتلك الأهداف التي دونت بداية في ”دستور نادي الاتحاد العبسي“ في خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم حملت الراية من بعده والى اليوم جمعية أبناء الأعبوس الخيرية التي تنتشر فروعها في المدن اليمنية الرئيسية. وعندما تحققت الوحدة اليمنية كانت مدرسة الحرية مركزا للاستفتاء على دستور دولة الوحدة، كما كانت مركزا انتخابيا للمتنافسين من الأحزاب لعضوية مجلس النواب عن الن
75
وتواصل في نفس الفترة الزمنية يسار الجبهة القومية من أبناء الجنوب وغيرهم مع القوميين من أبناء الأعبوس الذين تركوا عدن وانسحبوا الى قراهم لعدم رضاهم عن ادارة قحطان محمد الشَّعْبِي للسلطة في الجنوب، وحدث حينها أن قامت فرقة كشافة مدرسة الحرية وكان يقودها أمين أحمد محمد، وكنتُ عضوا فيها باحتواء خلاف وقع بين سالم رُبَيِّع علي ومحمد صالح مُطِيْع من جهة، والأهالي في قرية العسقة من جهة أخرى، فما كان منا الا أن قدنا سالم ربيع ورفيقه وتحفظنا عليهم في الصف الثالث ابتدائي في المدرسة وأمسينا نحرسهما حتى الصباح، وفي الصباح وبعد اجتماع مع مدير المدرسة ياسين محمد سعيد وأستاذ التربية الدينية الأستاذ محمد عبد الوهاب، تبين لهما ما يمثله الرجلان، فأكرماهما وطلبا من اثنان من الكشافة أن يوصلاهما الى بيت منصور الصَّراري في قرية ظبي، وبعد أشهر قليلة أطيح بقحطان الشعبي بانقلاب قاده عبد الفتاح اسماعيل من أبناء الأعبوس، وسالم ربيع علي الذي غدى رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وغدى محمد صالح مطيع وزيرا لخارجيتها.
76
وفي بداية السبعينيات (1973–1974م) شنت حملة عسكرية على عدة مدارس في الأعبوس بما فيها مدرسة الحرية بدعوى وجود عناصر حزبية بين طلابها، فسجن بعضهم وفر العديد منهم الى الجنوب ومنها ذهبوا للدراسة في الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية، وتخرجوا من جامعاتها في تخصصات عدة ومن ثم غدوا عناصر فاعلة في العديد من مؤسسات ومرافق الدولة في الجنوب.
77
وشهدت مدرسة الحرية العديد من جولات التنافس الحزبي وبطرق ديمقراطية بين أبناء المنطقة، وكان المتنافسين ثلاثة أحزاب تقدمية هم: الاشتراكيون، والناصريون، والبعثيون المنتمون لحزب البعث العراقي، أما الاخوان المسلمون فقد كانوا ولا زالوا الى يومنا أفراداً لا يكادون يذكرون، وكان التنافس الحزبي يقوم على تولي المواقع القيادية لكل من المجالس المحلية، و جمعية أبناء الأعبوس، ومجالس أباء المدارس، وممثل الناحية لعضوية مجلس النواب، وكان التنافس يقوم على من سيقدم الخدمة الأفضل في مجال عمله وما سيحققه من مشاريع تخدم المنطقة وأبنائها، وكان الأمر سجال بين الأحزاب الثلاثة، وقد تمكنوا من تحقيق العديد من المشاريع بما فيها توسعة المدارس واستكمالها وتطويرها علميا وتوفير كافة احتياجاتها، وشق وايصال طرق السيارات الى كل قرية بما في ذلك أنجاز بعض الطرق المسفلتة، وافتتاح وتجهيز العديد من المستوصفات الصحية في أكثر من قرية لمعالجة المرضى واسعاف منهم في حالة خطرة الى المشافي في المدن، وكذلك افتتاح مكاتب الخدمات البريدية، وأكشاك التواصل التلفوني، وانشاء بعض المؤسسات التموينية المرتبطة بالمؤسسة الاقتصادية للدولة، وايصال خطوط الكهرباء العامة وربطها الى كل بيت، وانشاء خط أمداد صحي لايصال مياه الشرب الى المنازل ولكنه لم يستكمل ولم يشغل الى يومنا. لقد كان كل هذا تحقيقا لتلك الأهداف التي دونت بداية في ”دستور نادي الاتحاد العبسي“ في خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم حملت الراية من بعده والى اليوم جمعية أبناء الأعبوس الخيرية التي تنتشر فروعها في المدن اليمنية الرئيسية. وعندما تحققت الوحدة اليمنية كانت مدرسة الحرية مركزا للاستفتاء على دستور دولة الوحدة، كما كانت مركزا انتخابيا للمتنافسين من الأحزاب لعضوية مجلس النواب عن الن
ي ظل راية ثورتي أعلنت جمهوريتي“ ونشيد ”جيشنا يا جيشنا.. جيشنا يا ذا البطل“ و ”ارفع رأسك يا يماني عاش السلال والبيضاني“ و ”نشيد الحرية ثورة“ و ”بَرَّع يستعمار من أرض الأحرار“ وغيرها.
69
كما كانت منجزات الثورة يعرضها الأساتذة على طلابهم في الفصول الدراسية أو في الساحة، فما زلت أذكر عندما ضربت أول عُملة بعد قيام الجمهورية وهي ”الريال الفضي الجمهوري“ وفكته ”البُقْشَة“ أو ”البُقَش“ النحاسية، فقد أخرجنا من الفصول الدراسية ورتبنا صفوفا في ساحة المدرسة، ومرر الريال الجمهوري على كل طالب منا، وكان الريال الجديد يتلألأ ويبرق تحت ضوء الشمس، وكذلك فكته من البقش، لقد كانوا مدرسينا في غاية السرور يومها لذلك الحدث، وكذلك نحن مع عدم معرفتنا لكوننا أطفال بأبعاد ذلك. كما كانت تعرض علينا صوراً لرجال الثورة اليمنية، وصور جمال عبد النصر وقيادة الثورة في مصر، وصورة عبد الرحمن عارف قائد ثورة العراق، وكانت توزع علينا مجاناً بعض الكراسات الدراسية التي تحمل أغلفتها صوراً لهؤلاء القادة وفي خلفيتها جدول الضرب، كما كانت تعرض علينا صور انشاء بعض المؤسسات الجديدة كالبنوك والمصانع والمدارس ومكاتب البريد.
70
وفي الاحتفال السنوي للمدرسة كان يتم استقبال الجنود والضباط من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة ويجلسون وهم يلبسون الملابس العسكرية في الصف الأول، ومع أن معظمهم شبه أميين فقد كان يطلب منهم أن يلقون كلمات من على المسرح ويصفق لهم الجمهور طويلاً.
71
لقد استمرت مدرسة الحرية طوال فترة الستينيات العصيبة نصيرا للثورة والجمهورية ولمقاومة المستعمر في الجنوب، وعندما رحل الاستعمار البريطاني عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر عام 1967م احتفت مدرسة الحرية بالحدث وبالجمهورية الوليدة، ورفع علم ”جمهورية اليمن الجنوبية الشَّعبية“ على مدرسة الحرية مجاورا لعلم ”الجمهورية العرية اليمنية“ وأذكر أن سارية علم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رفعت أعلى من سارية علم الجمهورية العربية اليمنية فوق المدرسة ربما دون قصد ، وكنا يومها في الاحتفالية السنوية، وكان علينا أن نقدم عرضا رياضيا وكشفياً في الساحة فأوعز الينا بعض زملائنا الأكبر منا بالتوقف عن ذلك حتى يتم المساوة بين ساريتي العلمين، و تحمسنا للفكرة خاصة أن بعضنا كان آبائهم من ”التنظيم الشعبي، الجناح العسكري لجبهة التحرير“ وقد عادو الى القرية بعد أن تلقوا هزيمة من ”الجبهة القومية“ في أطراف مدينة عدن بعد رحيل المستعمر مباشرة، فتوقفنا بجانب الساحة بملابس العرض دون حراك، وبلغ مدير المدرسة ما يحدث، وأعتقد أنه كان حينها الأستاذ ياسين محمد سعيد، فسارع الى المسواة بين ساريتي العلمين، وقمنا بعدها بالعرض الرياضي والكشفي دون أن يحس الجمهور بما جرى.
72
وفي مدرسة الحرية قبل عام 1967م اجتمع عبد الرقيب محمد الحَرْبي وهو من قرية الغليبة، وكان قائدا عسكريا كبيرا متخصصا في التخطيط العسكري، وكان ممن تخرجوا من الكليات العسكرية في مصر في الخمسينيات، و محمد عبده ناشر الملقب ”شيخ الله“ وهو من الغليبة أيضا وكان من قادة قوات الصاعقة بصنعاء، اجتمعا بهيئة التدريس والمواطنين، وابلغوهم أن الجيش المصري والمصريين في اليمن خرجوا عن دورهم في نصرة الثورة والجمهورية وبدأوا يتحولون في سلوكهم وتصرفاتهم مع اليمنيين الى ما يشبه سلوك المحتلين، وأن على الجميع أن يستعدوا لمواجهة هذا الدور والسعي الى التخلص من الهيمنة المصرية، ولم يكن يومها بعض الناس من أبناء المنطقة سعداء بذلك الحديث، خاصة وأنهم كانوا يرون في جمال عبد الناصر زعيماً للأمة وقائدا لها، وسريعا ما غادر الجيش المصري اليمن بعد أن تعرضت جيوش البلدان العربية للهزيمة من اسرائيل في 5 يونيو1967م.
57 جمع (مُقَوِّت) لقب لمن يبيعون القات.
73
وتولت المدارس التحشيد من أجل الدفاع عن الثورة والجمهورية وكانت مدرسة الحرية في طليعتها، وذهب الكثير من أبناء الأعبوس للانخراط في صفوف الدفاع عن الجمهورية، فكانوا في قوات الصاعقة والمظلات والدروع وسلاح المهندسين والتموين العسكري، والتحق الشباب ممن درسوا بمدرسة الحرية في صفوف المقاومة الشعبية في كل من صنعاء وتعز والحديدة، وكان لهم دور في أحداث حصار السبعين يوما في صنعاء، وكانت المدرسة ملتقى للكثير من الناس حينها ممن كنوا يتابعون ما يجري في صنعاء، واستعدوا للانطلاق الى الدفاع عن الجمهورية في حالة ما اذا سقطت صنعاء، وكانت مدينة تعز وقتها قد انتقلت اليها قيادة الدولة ورجالاتها، وكانت صحف ”الثورة“ و”الجمهورية“ تصل من تعز الى القرية يحملها معهم يوميا المَقاوِتة57 من مدينة الراهدة، وكنا نقرأها وآبائنا، وكانت مدرسة الحرية أحد مراكز تداولها، ثم انكسر الملكيين في صنعاء في أوائل عام 1968م، وودعت قرى الأعبوس وبفخر كوكبة من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الثورة والجمهورية وكان منهم الملازم ثاني علي عبده عثمان شقيق الأستاذ عبد الواحد الذي استشهد في قرية حِزْيَز جنوب العاصمة صنعاء.
74
وعندما
69
كما كانت منجزات الثورة يعرضها الأساتذة على طلابهم في الفصول الدراسية أو في الساحة، فما زلت أذكر عندما ضربت أول عُملة بعد قيام الجمهورية وهي ”الريال الفضي الجمهوري“ وفكته ”البُقْشَة“ أو ”البُقَش“ النحاسية، فقد أخرجنا من الفصول الدراسية ورتبنا صفوفا في ساحة المدرسة، ومرر الريال الجمهوري على كل طالب منا، وكان الريال الجديد يتلألأ ويبرق تحت ضوء الشمس، وكذلك فكته من البقش، لقد كانوا مدرسينا في غاية السرور يومها لذلك الحدث، وكذلك نحن مع عدم معرفتنا لكوننا أطفال بأبعاد ذلك. كما كانت تعرض علينا صوراً لرجال الثورة اليمنية، وصور جمال عبد النصر وقيادة الثورة في مصر، وصورة عبد الرحمن عارف قائد ثورة العراق، وكانت توزع علينا مجاناً بعض الكراسات الدراسية التي تحمل أغلفتها صوراً لهؤلاء القادة وفي خلفيتها جدول الضرب، كما كانت تعرض علينا صور انشاء بعض المؤسسات الجديدة كالبنوك والمصانع والمدارس ومكاتب البريد.
70
وفي الاحتفال السنوي للمدرسة كان يتم استقبال الجنود والضباط من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة ويجلسون وهم يلبسون الملابس العسكرية في الصف الأول، ومع أن معظمهم شبه أميين فقد كان يطلب منهم أن يلقون كلمات من على المسرح ويصفق لهم الجمهور طويلاً.
71
لقد استمرت مدرسة الحرية طوال فترة الستينيات العصيبة نصيرا للثورة والجمهورية ولمقاومة المستعمر في الجنوب، وعندما رحل الاستعمار البريطاني عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر عام 1967م احتفت مدرسة الحرية بالحدث وبالجمهورية الوليدة، ورفع علم ”جمهورية اليمن الجنوبية الشَّعبية“ على مدرسة الحرية مجاورا لعلم ”الجمهورية العرية اليمنية“ وأذكر أن سارية علم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية رفعت أعلى من سارية علم الجمهورية العربية اليمنية فوق المدرسة ربما دون قصد ، وكنا يومها في الاحتفالية السنوية، وكان علينا أن نقدم عرضا رياضيا وكشفياً في الساحة فأوعز الينا بعض زملائنا الأكبر منا بالتوقف عن ذلك حتى يتم المساوة بين ساريتي العلمين، و تحمسنا للفكرة خاصة أن بعضنا كان آبائهم من ”التنظيم الشعبي، الجناح العسكري لجبهة التحرير“ وقد عادو الى القرية بعد أن تلقوا هزيمة من ”الجبهة القومية“ في أطراف مدينة عدن بعد رحيل المستعمر مباشرة، فتوقفنا بجانب الساحة بملابس العرض دون حراك، وبلغ مدير المدرسة ما يحدث، وأعتقد أنه كان حينها الأستاذ ياسين محمد سعيد، فسارع الى المسواة بين ساريتي العلمين، وقمنا بعدها بالعرض الرياضي والكشفي دون أن يحس الجمهور بما جرى.
72
وفي مدرسة الحرية قبل عام 1967م اجتمع عبد الرقيب محمد الحَرْبي وهو من قرية الغليبة، وكان قائدا عسكريا كبيرا متخصصا في التخطيط العسكري، وكان ممن تخرجوا من الكليات العسكرية في مصر في الخمسينيات، و محمد عبده ناشر الملقب ”شيخ الله“ وهو من الغليبة أيضا وكان من قادة قوات الصاعقة بصنعاء، اجتمعا بهيئة التدريس والمواطنين، وابلغوهم أن الجيش المصري والمصريين في اليمن خرجوا عن دورهم في نصرة الثورة والجمهورية وبدأوا يتحولون في سلوكهم وتصرفاتهم مع اليمنيين الى ما يشبه سلوك المحتلين، وأن على الجميع أن يستعدوا لمواجهة هذا الدور والسعي الى التخلص من الهيمنة المصرية، ولم يكن يومها بعض الناس من أبناء المنطقة سعداء بذلك الحديث، خاصة وأنهم كانوا يرون في جمال عبد الناصر زعيماً للأمة وقائدا لها، وسريعا ما غادر الجيش المصري اليمن بعد أن تعرضت جيوش البلدان العربية للهزيمة من اسرائيل في 5 يونيو1967م.
57 جمع (مُقَوِّت) لقب لمن يبيعون القات.
73
وتولت المدارس التحشيد من أجل الدفاع عن الثورة والجمهورية وكانت مدرسة الحرية في طليعتها، وذهب الكثير من أبناء الأعبوس للانخراط في صفوف الدفاع عن الجمهورية، فكانوا في قوات الصاعقة والمظلات والدروع وسلاح المهندسين والتموين العسكري، والتحق الشباب ممن درسوا بمدرسة الحرية في صفوف المقاومة الشعبية في كل من صنعاء وتعز والحديدة، وكان لهم دور في أحداث حصار السبعين يوما في صنعاء، وكانت المدرسة ملتقى للكثير من الناس حينها ممن كنوا يتابعون ما يجري في صنعاء، واستعدوا للانطلاق الى الدفاع عن الجمهورية في حالة ما اذا سقطت صنعاء، وكانت مدينة تعز وقتها قد انتقلت اليها قيادة الدولة ورجالاتها، وكانت صحف ”الثورة“ و”الجمهورية“ تصل من تعز الى القرية يحملها معهم يوميا المَقاوِتة57 من مدينة الراهدة، وكنا نقرأها وآبائنا، وكانت مدرسة الحرية أحد مراكز تداولها، ثم انكسر الملكيين في صنعاء في أوائل عام 1968م، وودعت قرى الأعبوس وبفخر كوكبة من الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن الثورة والجمهورية وكان منهم الملازم ثاني علي عبده عثمان شقيق الأستاذ عبد الواحد الذي استشهد في قرية حِزْيَز جنوب العاصمة صنعاء.
74
وعندما
من المدرسين والطلاب بين العمل التربوي والتعليمي والنشاط الحزبي الذي كان ممنوعاً حينها حتى عام 1990م عندما تحققت الوحدة وأفرج عن الديمقراطية والحزبية التي كانت حبيسة النظام الشمولي شمالاً وجنوباً. وكان لرواد مدرسة الحرية دورا في المناداة بالديمقراطية والحزبية، وقد زج بالكثير من طلابها في السجون ودفع بعظهم حياتهم ثمنا لذلك. والعجيب أن تأثير تلك المرحلة ما زالت مؤثرة الى يومنا هذا على النفوس والعقول والدليل على ذلك تركيز كل من كتبوا عن مدرسة الحرية على دورها التربوي والتعليمي واغفالهم دور روادها وطلابها في العمل الحزبي والسياسي وهو دور كبير ومؤثر في الساحة اليمنية شمالاً وجنوبا، وهو لا يقل عن دور المؤسسات المماثلة على امتداد الوطن، وقد تناولت هذا الدور بقدر أكبر من التفصيل في كتاب ذكرياتي
احية، ومازالت تؤدي دورها الطليعي في أكثر من اتجاه الى يومنا.
فرادة مدرسة الحرية ودورها الريادي
78
عندما بلغت مدرسة الحرية عامها العشرون سنة 1977م، دعا الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان أبناء بني علي والأعبوس عموما للاحتفال بهذه المناسبة، وأخرج في المعرض الذي أقيم بتلك المناسبة ما احتفظ به وادخره من تذكارات ونفائس تخص المدرسة من صور متنوعة التقطت للمدرسة ومدرسيها وطلابها الى أن بلغت الى ما هي عليه حينها، وكذلك سجلات تسجيل الطلاب والمدرسين وحوافظ الدوام، والمناهج الدراسية، والمجلات الحائطية، ونماذج من الشهادت، والسندات، وسجل التمثيليات.. الخ.
79
وقد أفرد الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان في مذكراته خلاصة للدور الريادي الذي تفردت به مدرسة الحُرية، ونورده كاملا كما دونه ليكون خاتمة لهذه التناولة لأُم المدارس:
58 ولندلل على أهمية هذا الدور نشير الى الدور الرائع والمتميز الذي مثلته احدى هؤلاء الفتيات، وهي الأست (...)
59 هو قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم استهدف مدارس بلاد الحجرية ومنها الأعبوس خلاصته تجميع طلاب ال (...)
60 كانت الكتب واحتياجات المدرسة من القرطاسية وغيرها تنقل سنويا قبل شق الطرقات على ظهور الحمير، وظهور (...)
61 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص50، 51.
«1– كانت الابتدائية الأولى في المنطقة في العهد الامامي 1376هـ/1956م.
2– فتحت المجال أمام فتاة الريف لأخذ مقعدها الدراسي الى جانب أخيها الفتى وذلك عام 1380هـ/1960م.
3– فتحت مجال التعليم الاعدادي في ظروف قاسية لتتاح للطلاب الفقراء مواصلة دراساتهم لعدم قدرتهم على الدراسة في المدن.
4– فتحت المجال أمام الفتاة وأهلتها للالتحاق في سلك التدريس في المرحلة الابتدائية وكان ذلك عام 1966–1967م58.
5– كانت أول مدرسة تعمل على الحاق عدد من مدرسيها في الدورات التدريبية للمعلمين لكسب الخبرة في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
6– قامت بالحاق مدرساتها في الدورات التدريبية للمعلمات لثلاث سنوات متتالية للاستفادة من الجديد في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
7– اقامة الحفلات السنوية في بداية كل عام دراسي كانت من أهم المجالات التي قامت بها لتعميم الصلة بين المواطنين والمدرسة، وكانت الاحتفالات تقام في شهر محرم من كل عام في عهد الامام وبعد الثورة كانت تقام في عيد الاضحى حيث يصادف وجود الغالبية العظمى من آباء التلاميذ.
8– الأولى في فتح المرحلة الثانوية رغم كل الصعوبات، وكان ذلك بداية عهد جديد تمثل في وصول البعثات التعليمية المصرية للعمل في المدرسة وغيرها من المدارس الاعدادية.
9– كانت الأولى في تخريج ثلاث طالبات من المرحلة الثانوية عام 1976م وتشجيعهن على الالتحاق بجامعة صنعاء.
10– كانت أول مدرسة تتصدى لقرار التجميع59 الجائر الذي صدر نهاية العام الدراسي 1975–1976م والذي قضى بتجميع إعداديتها وثانويتها الى مدارس أخرى، وبعد مرجعة دؤوبة ومضنية استصدرت قرار اعادتها الى وضعها كمدرسة ابتدائية اعدادية ثانوية، فكان هذا النجاح حافزا لمسئولي المدارس الأخرى التي كانت قد رضخت لقرار التجميع أن يتشجعوا ويراجعوا الوزارة بإلغاء قرار التجميع أسوة بإعادة مدرسة الحرية الى وضعها السابق، وبالفعل تم الغاء قرار التجميع.
11– أول مدرسة تقيم حفلا عاما بمناسبة الذكرى العشرين لبدء الدراسة فيها ولم يقتصر الحفل على الترتيب المعتاد، والحفل الساهر، بل اشتمل على عدة معارض، معرض للصور المتعلقة بتطوير المدرسة، ومعرض الوسائل التعليمية، ومعرض المجلات الحائطية، والكتب التي كانت تدرس قبل الثورة، فكانت هي القدوة في منطقة الأعبوس وما جاورها لفتح المجال أمام الفتاة لأخذ قسطها في التعليم وكذا اقامة الاحتفالات السنوية والمعارض وتطوير مدارسهم مترسمين خطى مدرسة الحرية.
12– كانت لها الريادة في انتخاب مجلس الآباء لدعم المدرسة ورعايتها وتوفير الامكانيات التي تساعد على سير العملية التعليمية بشكل جيد60.
13– كانت أول مدرسة تعتمد فيها مدرسة للبنات معترف بها رسمياً وتعين لها المدرسات في كل عام نتيجة كثافة عدد الطالبات في المرحلة الابتدائية، وتوفر المعلمات من خريجات المدرسة من المرحلة الاعدادية والثانوية في الأعوام الأخيرة حيث كان اعتماد مدرسة البنات 1974–1975م.
14– أول مدرسة تعمل على انشاء ملعب خارج حرم المدرسة لمزاولة مختلف الأنشطة الرياضية وتزويده بمعدات رياضية لمزاولة لعبة كرة القدم كأعمدة المرمى مع شباكها، وملابس خاصة وأحذية للفريق الرياضي وذلك عام 1964م»61.
الصورة رقم 17: مجموعة من مدرسات ومدرسين مدرسة الحرية (أرشيف عائلي لمحمد جازم).
80
وتنفرد مدرسة الحرية بوجود متحف فيها خصص له فصل في مدرسة البنين يحتوي على قطع أثرية أقديمة قبل اسلامية، وجمع اليه كل ما يعبر عن تراث المنطقة من ملابس، وحُلي، وأدوات العمل، وأدوات والطعام والشراب، والأسلحة وغيرها.
81
وكانت أيضاً المدرسة الأولى التي جمع معظم العاملين فيها
فرادة مدرسة الحرية ودورها الريادي
78
عندما بلغت مدرسة الحرية عامها العشرون سنة 1977م، دعا الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان أبناء بني علي والأعبوس عموما للاحتفال بهذه المناسبة، وأخرج في المعرض الذي أقيم بتلك المناسبة ما احتفظ به وادخره من تذكارات ونفائس تخص المدرسة من صور متنوعة التقطت للمدرسة ومدرسيها وطلابها الى أن بلغت الى ما هي عليه حينها، وكذلك سجلات تسجيل الطلاب والمدرسين وحوافظ الدوام، والمناهج الدراسية، والمجلات الحائطية، ونماذج من الشهادت، والسندات، وسجل التمثيليات.. الخ.
79
وقد أفرد الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان في مذكراته خلاصة للدور الريادي الذي تفردت به مدرسة الحُرية، ونورده كاملا كما دونه ليكون خاتمة لهذه التناولة لأُم المدارس:
58 ولندلل على أهمية هذا الدور نشير الى الدور الرائع والمتميز الذي مثلته احدى هؤلاء الفتيات، وهي الأست (...)
59 هو قرار اتخذته وزارة التربية والتعليم استهدف مدارس بلاد الحجرية ومنها الأعبوس خلاصته تجميع طلاب ال (...)
60 كانت الكتب واحتياجات المدرسة من القرطاسية وغيرها تنقل سنويا قبل شق الطرقات على ظهور الحمير، وظهور (...)
61 خالد عبد الجبار عبده، وعلي عبد الفتاح المُريش، التعليم، ص50، 51.
«1– كانت الابتدائية الأولى في المنطقة في العهد الامامي 1376هـ/1956م.
2– فتحت المجال أمام فتاة الريف لأخذ مقعدها الدراسي الى جانب أخيها الفتى وذلك عام 1380هـ/1960م.
3– فتحت مجال التعليم الاعدادي في ظروف قاسية لتتاح للطلاب الفقراء مواصلة دراساتهم لعدم قدرتهم على الدراسة في المدن.
4– فتحت المجال أمام الفتاة وأهلتها للالتحاق في سلك التدريس في المرحلة الابتدائية وكان ذلك عام 1966–1967م58.
5– كانت أول مدرسة تعمل على الحاق عدد من مدرسيها في الدورات التدريبية للمعلمين لكسب الخبرة في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
6– قامت بالحاق مدرساتها في الدورات التدريبية للمعلمات لثلاث سنوات متتالية للاستفادة من الجديد في مجال التدريس في الأعوام 1971–1973م.
7– اقامة الحفلات السنوية في بداية كل عام دراسي كانت من أهم المجالات التي قامت بها لتعميم الصلة بين المواطنين والمدرسة، وكانت الاحتفالات تقام في شهر محرم من كل عام في عهد الامام وبعد الثورة كانت تقام في عيد الاضحى حيث يصادف وجود الغالبية العظمى من آباء التلاميذ.
8– الأولى في فتح المرحلة الثانوية رغم كل الصعوبات، وكان ذلك بداية عهد جديد تمثل في وصول البعثات التعليمية المصرية للعمل في المدرسة وغيرها من المدارس الاعدادية.
9– كانت الأولى في تخريج ثلاث طالبات من المرحلة الثانوية عام 1976م وتشجيعهن على الالتحاق بجامعة صنعاء.
10– كانت أول مدرسة تتصدى لقرار التجميع59 الجائر الذي صدر نهاية العام الدراسي 1975–1976م والذي قضى بتجميع إعداديتها وثانويتها الى مدارس أخرى، وبعد مرجعة دؤوبة ومضنية استصدرت قرار اعادتها الى وضعها كمدرسة ابتدائية اعدادية ثانوية، فكان هذا النجاح حافزا لمسئولي المدارس الأخرى التي كانت قد رضخت لقرار التجميع أن يتشجعوا ويراجعوا الوزارة بإلغاء قرار التجميع أسوة بإعادة مدرسة الحرية الى وضعها السابق، وبالفعل تم الغاء قرار التجميع.
11– أول مدرسة تقيم حفلا عاما بمناسبة الذكرى العشرين لبدء الدراسة فيها ولم يقتصر الحفل على الترتيب المعتاد، والحفل الساهر، بل اشتمل على عدة معارض، معرض للصور المتعلقة بتطوير المدرسة، ومعرض الوسائل التعليمية، ومعرض المجلات الحائطية، والكتب التي كانت تدرس قبل الثورة، فكانت هي القدوة في منطقة الأعبوس وما جاورها لفتح المجال أمام الفتاة لأخذ قسطها في التعليم وكذا اقامة الاحتفالات السنوية والمعارض وتطوير مدارسهم مترسمين خطى مدرسة الحرية.
12– كانت لها الريادة في انتخاب مجلس الآباء لدعم المدرسة ورعايتها وتوفير الامكانيات التي تساعد على سير العملية التعليمية بشكل جيد60.
13– كانت أول مدرسة تعتمد فيها مدرسة للبنات معترف بها رسمياً وتعين لها المدرسات في كل عام نتيجة كثافة عدد الطالبات في المرحلة الابتدائية، وتوفر المعلمات من خريجات المدرسة من المرحلة الاعدادية والثانوية في الأعوام الأخيرة حيث كان اعتماد مدرسة البنات 1974–1975م.
14– أول مدرسة تعمل على انشاء ملعب خارج حرم المدرسة لمزاولة مختلف الأنشطة الرياضية وتزويده بمعدات رياضية لمزاولة لعبة كرة القدم كأعمدة المرمى مع شباكها، وملابس خاصة وأحذية للفريق الرياضي وذلك عام 1964م»61.
الصورة رقم 17: مجموعة من مدرسات ومدرسين مدرسة الحرية (أرشيف عائلي لمحمد جازم).
80
وتنفرد مدرسة الحرية بوجود متحف فيها خصص له فصل في مدرسة البنين يحتوي على قطع أثرية أقديمة قبل اسلامية، وجمع اليه كل ما يعبر عن تراث المنطقة من ملابس، وحُلي، وأدوات العمل، وأدوات والطعام والشراب، والأسلحة وغيرها.
81
وكانت أيضاً المدرسة الأولى التي جمع معظم العاملين فيها