اليمن_تاريخ_وثقافة
10.8K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
بئر علي.. تاريخ وجغرافيا في كهوف النسيان


علي سالم بن يحيى (شبوة) تتميز مدينة بئر علي الساحلية في محافظة شبوة، بالطبيعة الخلابة والرمال الذهبية الناعمة على طول ساحلها، وبما حباها به الله من مواقع سياحية كثيرة شاهدة على عبق التاريخ القديم والحديث، ففيها ميناء قنا التاريخي، وحصن الغراب، وبحيرة شوران والحلانية، وعدد آخر من الجزر البحرية كانت في وقت سابق قبلة ومزاراً للعديد من السياح من شتى بلدان العالم. يحلو للبعض تسميتها «بوابة شبوة الاقتصادية» لموقعها ومكانتها الاقتصادية والسياحية ، لكنها لم تجد من يتعامل معها بما تستحق، وقيل عنها «جوهرة بيد فحام»، إذ لم تجد الاهتمام اللائق بها من السلطات المسؤولة المتعاقبة على المحافظة . اتسمت هذه المدينة بالهدوء والسكينة، ويتميز مواطنوها بالمدّنية والحضارة وروح التعايش السلمي، ولم يعرف الطابع القبلي طريقاً إلى قلب المواطنين فيها الذين يشتغل جلهم في مجال صيد الأسماك الذي ارتبطوا به منذ القدم لإعالة أسرهم، حيث تشتهر بئر علي بكثرة الأسماك وتنوعها وجودتها. يقول جاسم الرويشان الخليفي، مدير عام مكتب السياحة بمحافظة شبوة لـ «الاتحاد» عن بئر علي ومينائها: «هذه المدينة هي الواجهة الساحلية الشرقية، تربط محافظة شبوة بمحافظة حضرموت، ويوجد بها عدد من الاستثمارات في المجال السمكي والسياحي، وبهذه المدينة يقع ميناء قنا التاريخي، ويتكون قنا من الميناء، وحصن أقيم على قمة الجبل الذي يعلوها من الجهة الجنوبية الشرقية، أطلقت عليه النقوش اسم «عر مويت»، وكلمة عر تعني جبل، أما اسم قنا فقد جاء في النقوش القديمة بصيغة «ق ن أ»، إلا أن الاسم الذي يطغى حالياً على ذلك الميناء هو «بير علي» نسبة لقرية «بئر علي» التي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة قنا، والتي تبعد عنها بحوالي 3 كيلو مترات. كان قنا الميناء الرئيس لمملكة حضرموت، خصوصاً في النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد، وكان ينقل منه البخور واللبان عن طريق البر إلى دول البحر الأبيض المتوسط بواسطة القوافل وعن طريق البحر في الفترات المتأخرة، وكانت تنقل إليه توابل الهند وسلع شرق أفريقيا، وكان أفضل موانئ الجزيرة العربية بعد عدن». مركز تجاري دوليويضيف الخليفي: «كانت المدينة تضم ثقافات مختلفة لأقوام جاؤوا من مختلف أرجاء المعمورة ليمارسوا التجارة، ونستطيع أن نتصور من ذلك أنها كانت تمثل أقدم سوق حرة في العالم القديم. ظل ميناء قنا محافظاً على أهميته في التجارة البحرية كمركز تجاري دولي إلى أن تغيرت خطوط طرق التجارة البحرية والبرية وهبوط الطلب على سلعة اللبان في القرنين السابع والثامن الميلاديين، فأخذت أهميته تتراجع تدريجياً كميناء، وحل مكانه ميناء الشحر بمحافظة حضرموت». وعن حصن الغراب، يقول مدير عام مكتب السياحة: «تم اكتشافه - بحسب مؤرخين - في صباح السادس عشر من شهر مايو عام 1834م، ألقى بحارة السفينة الإنجليزية «بالينورس» المرساة في ممر ضيق قصير مغلق من أحد جانبيه بجزيرة منخفضة، ومن الجانب الآخر بصخرة قائمة وعرة عليها بقايا حصن قديم، وقال لهم البحار العربي المرافق للبحارة الإنجليز، إن هذا المكان هو «حصن الغراب»، وكان البحارة الإنجليز ثلاثة هم: «ولستد»، و«هاملتن»، و«كروتندن»، فقد أوكل إليهم القبطان «هينس» الذي استولى على عدن عام 1839م مهمة استكشاف الساحل الجنوبي للجزيرة العربية، ولكن البحارة تمادوا في مهمتهم إلى البحث عن المواقع الأثرية والنقوش، وفي الطريق الصاعد إلى قمة جبل حصن الغراب عُثر فيه على كتابة أثرية، ووجدوا على القمة بيوتاً وجدراناً وصهريجاً «كريفاً» للماء وبقايا تحصينات، وعلى الأجزاء البارزة من القمة كانت تقوم عليها أبراج ضخمة مربعة الشكل تتجه للبحر، ومن ذلك تبين لأولئك البحارة أنها كانت عبارة عن حصن«قلعة» تحمي الميناء من جهة البحر، ذلك هو ملخص لقصة اكتشاف آثار حصن الغراب». تنوع بيولوجي نادرووفقاً لمحمد أحمد السدلة، مدير عام فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بمحافظة شبوة، فإن بئر علي الساحلية من أهم المناطق الاقتصادية اليوم في اليمن عموماً والجنوب خصوصاً، فهي تضم أكبر منشأة اقتصادية باليمن «ميناء بلحاف لتصدير الغاز المسال»، وهي بهذه الأهمية الاقتصادية الكبيرة تعيدنا إلى مجدها الغابر في التاريخ القديم، حيث كان يقع بهذه المنطقة الساحلية أهم ميناء بحري في جزيرة العرب وهو ميناء التاريخي الذي بدأ نشاطه في القرن الثاني قبل الميلاد، ولعب دوراً كبيراً في اقتصادات الممالك اليمنية القديمة. ويعد مشروع الغاز الطبيعي المسال أكبر مشروع اقتصادي في تاريخ اليمن الحديث، وبه وضع اليمن أقدامه بنادي الدول المصدرة للغاز الطبيعي بالعالم، وبلغت كلفته 4,5 مليار دولار. وعن حال بئر علي اليوم، يقول مدير عام فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية بمحافظة شبوة: « تعد منطقة بئر علي اليوم من أهم المناطق السياحية، وتمتلك تنوعاً بيولوجياً بحرياً نادراً، حيث إن سواحلها غنية ب
الشعب المرجانية ومجتمعات الشعب المرجانية، هذا ما كشفته دراسات علمية حديثة ، كما تشتهر بئر علي بوجود بئر «برهوت» أو بحيرة «شوران» تلك الفوهة البركانية المذهلة». ويعتقد أن انفجاراً بركانياً قد تعرضت له هذه المنطقة قديماً في الأزمنة الجيولوجية السحيقة، نتج عنها التشكيل التضاريسي الخلاب الذي جعلها آية في الجمال الأخاذ، فهنا يلتقي طرف هذه البحيرة عبر برزخ صغير مع مياه البحر العربي، بينما يحيط بها الجبل من كل الجهات، وتنتشر أشجار المنجروف بشكل حلزوني». وبحسب مجلة «بيئتنا» الصادرة عن الهيئة العامة للبيئة في دولة الكويت، فالبحيرة عبارة عن فوهة بركان خامد، هذه الفوهة عريضة تقع في أعماق جبل ضخم على ارتفاع شاهق يتطلب بلوغ قمته للإطلالة على البحيرة اجتياز مسافة تقدر بحوالي 200م، بخطوات تحكمها الخفة والمهارة المقرونة بالتأني والحذر، وما أن تصل إلى أعالي الجبل وأنفاسك تكاد أن تنقطع حتى تفاجأ بمشهد البحيرة الهادئة التي تتناثر على ضفتيها نباتات وأشجار لا تبدو مألوفة، مياهها لا تشبه على الإطلاق مياه البحر، فمياه بحيرة شوران كبريتية، والأشجار المحيطة بالبحيرة لا يوجد لها مثيل في الحجم والشكل، فكأنها لوحة خضراء ممتدة من أشجار السيبسان، والمياه المكونة للبحيرة مصدرها خليط من مياه البحر العربي والأمطار، ويعزى اللون الزمردي للبحيرة إلى المخلفات الكبريتية والعضوية والعوالق والطحالب وفتات أشجار المنجروف، وهي أشجار استوائية تتجدد جذورها من أفرعها وهي واسعة الانتشار في أميركا الجنوبية ولها استخدامات في إنتاج الوقود. معاناة وهموم بشيء من الأسى، يواصل الشاب يسلم الحفشاء الحديث عن مدينة بئر علي معدداً الكثير من النواقص والاحتياجات الضرورية لمدينة حبلى بالثروات: «ما ينقص هذه المدينة أنها مهملة ومنسية، ولم تحظ بأي مشروع خدمي أو تنموي من قبل الحكومات المتعاقبة»، مواصلاً سرد معاناتها: «بئر علي مدينة بدأت في التوسع والتكاثر السكاني، وهي تحتل أهمية اقتصادية، وتعد المرفأ الأول في محافظة شبوة، غير أنها تعاني معاناة كبيرة من جراء حرمانها من العديد من الخدمات التنموية، فالمدينة يوجد بها مشروع مياه متهالك، أنابيبه تالفة، لا تصل الماء إلى منازل الأهالي لسد احتياجاتهم من المياه، وفي الجانب الصحي توجد وحدة صحية تفتقر إلى الأدوية والأجهزة الطبية، وفي الجانب التعليمي تحتاج المدينة إلى مدرسة للبنات، وكذلك إضافة صفوف لمدرسة البنين، كما تفتقد المدينة إلى أعمال النظافة والتحسين، رغم وجود سيارتين إلا أن المشكلة عدم اعتماد مخصص للنظافة، لذا تجد أكواماً من القمامة والمخلفات المكدسة في أماكن مختلفة من المدينة التي تحولت من مدينة ساحلية سياحية جميلة إلى مدينة تكتظ بكل الصور السلبية وغير الجمالية . وطالب الحفشاء بإصلاح شبكة المياه المتهالكة، وإنشاء خزان لتوفير المياه، وكذلك تطوير الوحدة الصحية وتوفير الأدوية والأجهزة الطبية، والدعوة لتبني حملات لمكافحة البعوض المنتشر بكثرة فيها، كما أنها تفتقر إلى مشروع للصرف الصحي رغم الحاجة الملحة لها». وتفتقد المدينة للعديد من الخدمات، رغم وجودها بالقرب من ميناء تصدير الغاز الطبيعي المسال، حيث أنها لم تنل استفادة حقيقة من هذا المشروع الحيوي بحسب العديد من الأهالي، وعلى العكس تماماً هناك أضرار بيئية وصحية على سكان المدينة، ومن المفترض أن تتحمل الشركات العاملة إقامة كل المشاريع التنموية والحيوية التي يحتاج إليها أهالي بئر علي. وتشتهر مدينة بئر علي بالصيد الوفير من الأسماك، حيث يتوافد إليها مئات القوارب وأفواج الصيادين من كل حدب وصوب، غير أن الصيادين يشكون من أن وضع الصيد لم يعد على ما يرام نتيجة عدد من الأخطار التي تواجههم، خاصة أعمال القرصنة التي وصل ضررها إلى صيادي المنطقة، كما يشكو البعض من بعض القوارب والشركات الأجنبية التي تعبث بمراعي الصيد في مناطق الاصطياد. ويقول الصياد علي محمد، والحسرة تملأ وجهه: « بئر علي مرفأ ومركز صيد لا يستهان به على مستوى اليمن، ولك أن ترى هذه الجموع الغفيرة من الصيادين ليسوا من أبناء المنطقة وإنما من جميع المحافظات، يتوافدون إلى بئر علي لممارسة الصيد، باعتبار أن سواحلها والمناطق المجاورة لها من أغنى مناطق الثروة السمكية، مبيناً المشكلة الحقيقية التي يعاني منها جل الصيادين في المنطقة والتي تكمن في عدم وجود حماية أمنية للاصطياد، حيث يعاني معظم الصيادين تدني مستوى الإنتاج السمكي الملحوظ، والذي يزداد عاماً بعد عام ، مشيراً إلى عدد من الأسباب التي تقف وراء ذلك التدني، أهمها استخدام بعض الصيادين طرقاً ووسائل اصطياد جديدة مخالفة وغير قانونية تضر بالثروة السمكية، وللأسف الشديد يتم العمل بها تحت حماية بعض من أفراد القبائل، وكذا بعض من الصيادين ضعاف النفوس، كما يشكو بعض الصيادين من ارتفاع أسعار المحروقات ومعدات ووسائل الصيد، وأن أكثر ما ضاعف قلة الإنتاج تسرب الديزل إلى مياه البحر، إضافة إلي الأضرار الناتجة عن ميناء تصد
ير الغاز والذي يشغل مساحات شاسعة من أماكن الصيد المهمة. إعادة النظروناشد المواطن عوض سالم السلطة المحلية بمحافظة شبوة والمنظمات الدولية وإدارة مشروع الغاز الطبيعي بالحاف، إعادة النظر في الوضع المأساوي الذي يعيشه صيادو بئر علي، وإيلائهم ما يستحقوه من رعاية واهتمام. ويؤكد الناشط سعيد جعفوس، أهمية بئر علي المتعددة، مشيراً في حديثه لـ «الاتحاد» إلى أنه يوجد فيها أيضاً ميناء «المجدحة» الذي إذا أحسنت الدولة استخدامه وقامت بتطويره، سيغني تجار شبوة ومواطنيها عن ميناءي عدن والمكلا، وسيعود بمردود مالي كبير للدولة، داعياً في الإطار ذاته إلى الاهتمام بالإنتاج المحلي لصيد الأسماك، والذي سيحل الكثير من مشكلات الأهالي، وستنتهي معه قصة الشباب العاطلين عن العمل. وأشار جعفوس إلى عدم إعطاء السلطات المعنية بئر علي شيئاً من الاهتمام، مع أن الاهتمام بها سيعود بالنفع على المحافظة بشكل خاص والوطن بشكل عام، مبيناً عدم تركيز الدولة على تطوير البنية التحتية والخدمية والعديد من مقومات الحياة في بئر علي بصورة لافتة ، فهي تعاني من عدم وجود المياه الصالحة للشرب، والمشروع الذي قامت بتمويله الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، لم يكن ملبياً لاحتياجات المواطنين على الرغم من المبلغ المالي الضخم الذي دفعته الشركة من أجل هذا المشروع، كذلك هي بحاجة إلى خدمات الاتصالات، وغيرها الكثير في المجالات الأخرى، كما أن البطالة وعدم الاهتمام بالشباب وخلق فرص عمل لتيسير حياتهم المعيشية، أمر مهم تعانيه هذه المدينة. ورغم كل ذلك تظل مدينة بئر علي الجوهرة المطلة على البحر العربي ورحيق الشهد، وآية الجمال، قد تعجز الكلمات عن وصفها، لأنها بئر علي المدينة الاستثنائية والجغرافيا الاستثنائية والتاريخ الاستثنائي.. ويعرب أهلها عن تمنياتهم في أن تستتب الأوضاع وتنتهي الحرب العبثية التي أشعلتها مليشيات الحوثي وقوات الرئيس المخلوع، حتى تحقق الحكومة الشرعية طموحات أهالي المنطقة وآمالهم ، والمتمثلة في حياة كريمة وتنمية شاملة . بعيداً عن أطلال التاريخ يقول لـ «الاتحاد» الشاب يسلم الحفشاء عن بئر علي: «هي ذات طبيعة خلابة تجذب إحساس الزائرين لها، لتميز شواطئها بالرمال الذهبية الناعمة على طول ساحلها»، واستطرد في وصف روعة هذه المدينة الغاية في الجمال ساحرة المكان والزمان بقوله :«لن تستطيع الأحرف أن تتناسق لكي تعطي كلمات منمقة بجُمل تبين حقيقة وروعة هذه المدينة بمكانتها وموقعها الذي وهبه الله لها ولمن يسكنها من الناس الطيبين، فبئر علي جوهرة البحر العربي، مدينة تطل على البحر العربي والمحيط الهندي، وتقع إدارياً ضمن مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وهي مركز جذب سياحي، نظراً لما تمتاز به من عوامل طبيعية متعددة من شواطئ رائعة ورمال ذهبية ساحرة، إضافة إلى كنوزها التاريخية المتمثلة في حصن الغراب وبحيرة شوران البركانية وميناء قنا التاريخي وجزرها الأسطورية، والتي كانت تقصدها أفواج من السياح الأجانب في الماضي. ويستغرب الحفشاء من التجاهل الكبير من قبل السلطات المتعاقبة لمدينة بئر علي رغم مزاياها الطبيعة الجمالية، حيث أنها لاتزال تعاني وطأة التهميش والحرمان طلية عقود من زمن
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
شبوة مدينه يمنيه قديمة، كانت في السابق عاصمه لدوله حضرموت ..

وأسم شبوة أصبح اليوم يطلق على واحدة من المحافظات اليمنية.. وهي تقع إلى الشرق من مدينه صنعاء وتبعد عن مدينه عدن بحوالي 360 كيلومتراً والى الشرق منها ..

وقد ذكـرت مدينـة شبوة في العديد من المصادر التاريخية القديمــة كالمصــادر الإغريقيــــة والرومانية كما وردت أيضا في العديد من أسفار التوراة ..

وقد ورد ذكر مدينه شبوة لدى العديد من الشعراء العرب في العصر الجاهلي وصدر الإسلام وهنا نقف أمام بعض من الأبيات الشعرية التي ورد فيها ذكر مدينه شبوة لدى بعض الشعـــراء العرب..

وقد ذكرت شبوة في شعر الشاعر العربي الجاهلي عبد الرحمن ابن جهم الاسدي فـي قوله :

عفت روضة الأجداد منها وقد ترى

بشبوة ترعى حيث أفضت لصابها

وورد ذكرها لدى الشاعر بشر بن أبي خازم الاسدي في قوله :

ألا طعن الخليط غداة ريعوا

بشبوة والمطي بنا خضوع

ولدى الشاعر ابن احمر في قوله :

يمانية مران شبوة دونها

وشيخ شام هل يمان بمشئم

فلله من يسري ونجران دونه

إلى دير حسمى أو إلى دير ضمضم

ولدى الشاعر مزاحم بن حارث العقيلي في قوله :

وننعم ولا ينعم علينا ومن يقس

ندانا بأندى من تكلم نفضل

وبالخيل من ايامهى بشبوة

ودهرٍ ومن وقع الصفيح المصقل

كما ورد ذكر شبوة في العديد من المصادر الأخرى ولدى الكثير من الشعراء العرب ..

وورد ذكر شبوة لدى رجل من بني عامر بن عوبثان في قوله :-
طربت وهاجتك الحمول ألبوا كر



مُقفيــة تحــدي بهن الأباعــــــرُ

على كل سهري رباعُ مُنحــــس

لها مشفرُُ رخوُُ وهادي عراعرُ

يذكـَر إظعانا بشبــوة بعـد مــــا

علــون بروجـــاً فوقهـن مناظــرُ

وفي شعر ابن مقبل في قوله :-

منعــوا بابيـن أعلــى شبـــوة

وقصــور الشام بالغـرب الخــدم

وقد ذكر شبوة لدى العديد من الرواة والجغرافيين العرب فقال ياقوت :-

هي بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الواو وهو ــ أي أسم شبوة ــ من أسماء العقرب ..

وقال نصر :- شبوة بلاد من اليمن على الجارة من حضرموت إلى مكة ..

وقال الهمداني شبوة مدينة لحمير وأحد جبلي الملح بها ، والجبل الثاني لأهل مأرب .

وقال :- ولما إحتربت حمير و مذحج خرج أهل شبوة من شبوة وسكنوا حضرموت ، وبهم سميت شبام وكان الأصل في ذلك (شباه) فأبدلت الميم من الهاء ..

وورد ذكر شبوة برسم شبتا لدى المؤرخ الروماني (هيروشيوس) ونقلاً عن أسفار التوراة ، فقال وهو يتحدث عن أولاد (كوش ابن حام ابن نوح عليه السلام) :-

كوش ابن حام قد أولد ستة نفر وهم (شبأ ، وأويلاً ، وشبتا ، ورقما ، وحبكا ، وكورا ) ،، وقال وإن الولد الأول لكوش هو شبأ ومنه السبأئيين أهل اليمن ، وأويلاً ومنه ساكني صحراء أفريقيا ويدعون بطول ،، وقال :- ومن شبتا الأشتيريون وقد بادوا
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
مــــــــدن يمــــــنيه خلدها التاريخ
 

تقع " مدينة شبوة القديمة " في أقصى غرب وادي حضرموت على أطراف مفازة صيهد في أسفل مجرى أحد الأودية الكبيرة التي تصب في اتجاه رملة السبعتين ، وهي بذلك ترتبط مباشرة بثلاث مناطق تضاريسية مختلفة : بالأرض الجبلية المرتفعة ، بالسهول الخصبة بين الوديان ، وبرمال مفازة صيهد .


إن أول من اكتشف هذه المدينة هو الرحالة الإنجليزي ( جون فلبي(Phillby.J. B -عام ( 1936 م ) تلاه بعاميين (هاميلتون ( Hamilton -، أي في عام ( 1938 م ) الذي أجرى فيها بعض الاستكشافات الأثرية ؛ إلا أن أهم الدراسات والأبحاث الأثرية التي أجريت في تلك المدينة كانت من قبل البعثة الأثرية اليمنية الفرنسية التي أجرت فيها حفريات أثرية امتدت قرابة ثلاثة عشر موسماً في الأعوام ( 74 - 1987 م ) .



ومدينة شبوة القديمة جاء ذكرها في النقوش اليمنية القديمة ، ومنها خمسة نقوش التي تم العثور عليها في موقع المدينة القديمة ، باسم ( ش ب و ت ) ، وقد أطلق عليها اصطلاح المدينة المتكاملة حيث وردت بصيغة ( هـ ج ر ن / ش ب و ت ) وقد مثلت قرابة الألف عام عاصمة لمملكة حضرموت ، تلك المملكة التي كانت تمتد أراضيها من وادي حبان ووادي ميفعة ووادي عماقيين ووادي جردان غرباً وحتى مدينة سمهرم ( خور روري ) شــرقـاً التي تـبـعد قـرابة ( 80 كيلو متر ) شرق مدينة شبوة القديمة مروراً بوادي دوعن ووادي عمد ـ أو بمعنى أخر منطقتي الكسر والسرير ـ، وتلك الأراضي المترامية الأطراف والتي تمتد سواحلها من " ميناء قنا" غرباً حتى " مدينة ظفار " ـ في سلطنة عُمان حالياً ـ شرقاً ، كانت مدينة شبوة هي العاصمة الإدارية لتلك المملكة ، وميناء قنا هي ميناؤها الرئيسي ، وهما من أهم مدن مملكة حضرموت القديمة .


بدأ ظهور مملكة حضرموت ـ الدولة ـ في مطلع ( الألف الأول قبل الميلاد ) حيث ورد ذكر حضرموت كدولة في نقش " كرب إل وتر بن ذمار علي " مكرب سبأ المشهور بنقش النصر والموسوم بـRES. 3945 ) ) والذي يعود تاريخه إلى ( القرن السابع قبل الميلاد ) ، وفي هذا النقش ذكر ذلك الحاكم السبئي أنه تحالف مع مملكة حضرموت ومملكة قتبان من أجل القضاء على مملكة أوسان تلك المملكة التي احتلت أجـزاء من أراضي مملكة حضرموت ، وهي الأراضي التي أعـادها " كرب إل وتر " مكرب سبأ إلى حكم مملكة حضرموت عقب القضاء المبرم على مملكة أوسان التي ورثتها لاحقاً مملكة قتبان ، بمعنى أن مملكة حضرموت قد ظهرت قبل ( القرن السابع قبل الميلاد ) ولم تصل حضارتها كدولة في ( القرن السابع قبل الميلاد ) إلا وقد سبقتها قرون عديدة حتى تشكلت خلالها معالم تلك الدولة ، واستمرت قرابة الألف عام ما بين مد وجزر ، فترة تتخللها صراعات دامية من جانب وازدهار اقتصادي واسع واستقرار من جانب آخر ، استطاعت تلك الدولة في تلك الفترة أن تخلق لها هوية مستقلة لها سماتها البارزة وشخصيتها المميزة ، وقد أفل نجم هذه المملكة المترامية الأطراف في ( النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي ) فقد تعرضت عاصمتهم شبوة للنهب والتدمير لأول مرة في عهد الملك السبئي " شعرم أوتر " في نهاية ( القرن الثاني الميلادِي ) ، وهو الملك الذي هجم على شبوة العاصمة فـي حين كان الملك الحضرمي آنـذاك هو " العز يلط " في مدينة " ذات غيلم " في وادي بيحان ، ذلك الملك الذي أسره السبئيون وقادوه إلى مدينة مأرب ، ولكن في مطلع ( القرن الثالث الميلادي ) أعاد الملك الحضرمي " يدع إل بين بن رب شمس " بناء العاصمة شبوة ، وهو الأمر الذي ترتب عليه عودة سكانها الذين غادروها نتيجة للغارات السابقة ، ثم شيد القصر الملكي " شقر " ، ودمرها للمرة الثانية الملك الحميري " شمر يهرعش " في الربع الأخير من ( القرن الثالث الميلادي ) ، كما دمر معظم المدن الحضرمية الأخرى الواقعة في وادي حضرموت ، وبعدها لم نجد لها ذكر في نقوش المملكة المستقلة ومن حينها ، فقد أصبحت الأراضي الحضرمية مقاطعة حميرية ، ولذلك أضاف الملوك الحميريون اسم حضرموت في اللقب الملكي وأصبح " ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
جاكلين بيرن ودورها في البحث عن تاريخ جزيرة العرب وآثارها

بقلم د. مسعود عمشوش

منذ بداية عصر النهضة الأوروبية في القرن الخامس عشر، شرع الأوروبيون في السفر داخل القارة الأوروبية وخارجها. فاتجه جزء منهم غرباً صوب الأمريكتين، وفضّل بعضهم الإبحار في اتجاه الشرق، لاسيما إلى البلدان التي تطل على السواحل الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ومنهم من واصل السفر في اتجاه الشرق الأقصى، ومن بين هؤلاء من توقف في موانئ الجزيرة العربية، وحاول بعض المغامرين الدخول إليها لزيارة مدنها أو استكشاف صحاريها.

فشبه الجزيرة العربية جذبت اهتمام كثير من الرحالة والحجاج والتجار والمغامرين والباحثين من مختلف أرجاء العالم، وذلك لما تمتلكه من مزايا دينية وجغرافية وحضارية واقتصادية. فهي مهد الرسل والديانات السماوية. وجعلها موقعها الجغرافي مركزا للطرق الرئيسة للتجارة في قلب العالم القديم، وفيها ظهر عدد من أشهر الحضارات في العالم. وإذا كانت اليوم تعد احد أهم مخازن النفط ففي الأمس كانت أهم مراكز تصدير البخور واللبان الذي تحتاجه المعابد في روما وأثينا.

ومن المعلوم أن معظم الرحالة الغربيين الذين زاروا الجزيرة العربية قد سجلوا ملاحظات عنها في دراسات أو كتب. ومنهم من قٌام خلال رحلته باقتناء عدد من المخطوطات العربية والقطع الأثرية ونقلها معه للغرب. وكثيرة هي تلك الكتب والدراسات التي ألفها الرحّالة الغربيون عن الجزيرة العربية. بعضهم كتب عنها بشكل عام، ومنهم من اكتفى بتناول جزء منها أو إحدى مدنها.

وهناك عدد من الغربيين الذين في سياق دراستهم للشرق قاموا أولا بقراءة مسحية لأكبر عدد من الكتابات التي ألفها من سبقهم من الغربيين في الكتابة عن الشرق أو عن جزء منه. ومن بين هؤلاء: الباحثة الفرنسية الباحثة جاكلين بيرن التي قضت معظم عمرها في دراسة تاريخ جنوب الجزيرة العربية وبعض مناطق القرن الإفريقي. وفي هذه الدراسة المتواضعة سنقوم أولا بالدور المهم الذي قامت به عالمة الآثار جاكلين بيرن في تنظيم أعمال التنقيب عن آثار مدينة شبوة القديمة ضمن البعثة الفرنسية اليمنية وذلك منذ منتصف سبعينيات الرقن الماضي. وفي الجزء الثاني سنقوم بقراءة تحليلية نقدية أهم كتبها: (اكتشاف جزيرة العرب: خمسة قرون من المغامرة والعلم).

أولا: جاكلين بيرن والتنقيب في شبوة

ولدت جاكلين بيرن عام 1918في (نوييي-سور-سين) إحدى ضواحي باريس. وتحصلت على شهادة الليسانس في الفلسفة من جامعة السوربون سنة 1939. وكان من زملاء دراستها في السوربون جان بول سارتر وصديقه بول نيزان مؤلف كتاب (عدن العربية). وبسبب اهتمامها بتاريخ الجزيرة العربية ولاسيما جنوبها شرعت في قراءة كل ما كتب عنها والتحقت بقسم الدراسات الشرقية في جامعة لوفان الفرنسية وتحصلت منه على ليسانس عام 1951. ومنذ عام 1957 وحتى وفاتها عام 1990 أصبحت مديرة بحث في المركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي الذي فرغها للبحث الميداني في أثيوبيا وجنوب الجزيرة العربية. وخلال عقد السبعينات من القرن الماضي استقرت جاكلين بيرن في عدن وتحديدا في الهيئة العامة للآثار وقامت بتشكيل فريق علمي للتنقيب عن آثار مدينة شبوة عاصمة مملكة حضرموت.

ومن المعلوم أن اهتمام الأفراد والمؤسسات العلمية الغربية بمدينة شبوة القديمة قد بدأ منذ القرن التاسع عشر. وتسابق الرحالة والمستكشفون لإعادة تحديد موقعها اليوم. ويبدو أن الألماني هانس هيلفريتس هو أول من وصل إليها في عام 1935. وفي حين فشلت منافسته البريطانية فريا ستارك إلى الوصول إلى مدينة شبوة، نجح المستكشف البريطاني هاري سانت جون فيلبي المعروف بلقبه الحاج عبد الله فيلبي في الوصول إليها في نهاية عام 1936. (انظر كتابينا: حضرموت في كتابات فريا ستارك 2004، والمستكشف هاري سانت جون فيلبي ورحلته إلى حضرموت 2012، ودراستنا: صورة اليمن في كتابات هانس هيلفريتس في كتابنا صورة اليمن في كتابات الغربيين 2010).

وقد ضم الفريق الأثري الفرنسي-اليمني للتنقيب في مدينة شبوة عاصمة مملكة حضرموت عددا من العاملين في هيئة الآثار بعدن، وعلى رأسهم د.عزة علي عقيل ود.أحمد بن أحمد باطائع ود. محمد صالح بلعفير وخيران الزبيدي. وتوصلت البعثة منذ بدء حفرياتها الأثرية إلى نتائج علمية واكتشافات أثرية في غاية الأهمية، حيث أظهرت التنقيبات التي قامت بها أن المدينة كانت تضم عدداً لا بأس به من المباني وعدد من المعابد منها المعبد المكرس للإله (سين) والقصر الملكي الشهير (شقر) الذي ورد اسمه في النقوش الحميرية وعلى النقود الحضرمية، ويعود بناؤه إلى حوالى القرن الثالث ق. م. ودلت الرسوم الجدارية التي تم العثور عليها في بقايا القصر على أن الحضارة اليمنية القديمة أبعد ما تكون على الانغلاق وكانت على علاقة قوية في مجال الفنون مع الحضارة اليونانية والرومانية. وبينت تنقيبات البعثة في الموقع أن مدينة شبوة كانت الحاضرة الرئيسية لمملكة حضرموت ومركزا لإقامة الملوك، وكانت مدينة محصنة إذ يصل طول سورها الد
اخلي إلى 1500 متر، بينما يصل طول مجمل نظامها الدفاعي 4200م.

وبينت الحفريات التي قامت بها جاكلين بيرن وفريقها العلمي أن مملكة حضرموت القديمة قد شكلت بموقعها المطل على الطرق التجارية البرية والبحرية القديم ومينائها قنا حلقة وصل بين الشرق والغرب. وظلت أرضها تحتفظ بشواهد عدة تبين المستوى الحضاري والرخاء والازدهار الذي بلغته تلك المملكة في عصور ما قبل الميلاد. لذلك ليس غريبا أن يسعى عدد من علماء الآثار والتاريخ والمؤسسات العلمية المحلية والغربية إلى إرسال بعثات أثرية لدراسة آثار وتاريخ تلك المملكة.

كما أظهرت المعطيات الأثرية التي توصلت إليها الحفريات والبحوث والدراسات الميدانية التي أجريت في موقع المدينة المستوى الرفيع الذي وصلت اليه مدينة شبوة من غنى وازدهار في الفترة ما بين القرن الرابع قبل الميلاد. وحتى القرن الثالث الميلادي، وكذلك المستوى الهندسي والعمراني الرفيع، حيث بينت الحفريات أن مباني شبوة كانت تصل إلى عدة طوابق، وأن طريقة بنائها تتم على أساس من الحجر وترتفع على هيكل خشب محشو بالطين إلى عدة طوابق.

وكشفت الحفريات في شبوة عن آثار أخرى تعود الى أوائل الألف الأول قبل الميلاد، وتعطينا تصوراً كاملاً عن فترة تأسيس المدن القديمة أي في بداية الألف الأول ق. م، وكذلك الممالك والنظام السياسي والاجتماعي ونشأة الكتابة بخط المسند وتطورها في القرن الثامن قبل الميلاد وهو ما يتعارض مع بعض ما سبق أن ردده قبل ذلك بعض المؤرخين الذين لم يعتمدوا على الحفريات في أطروحاتهم.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا آخر من الفرنسيين واصل أعمال التنقيب في شبوة؛ منهم فرانسوا بريتون ومنير عربش. وقد قامت الدكتورة عزة علي عقيل وفرانسوا بريتون بإعداد كتاب عن نتائج الحفريات في شبوة وتم نشره عام 1996.

ثانيا: قراءة في كتاب (اكتشاف جزيرة العرب: خمسة قرون من المغامرة والعلم) لجاكلين بيرن)

منذ نهاية القرن الثامن عشر اهتم عدد من الغربيين بدراسة الشرق. وفي إطار دراستهم للشرق قاموا أولا بقراءة مسحية لأكبر عدد من الكتابات التي ألفها من سبقهم من الغربيين عن الشرق أو عن جزء منه. ومن بين هؤلاء: فريا ستارك وفان در ميولن وجوزيف شلحود والباحثة الفرنسية الباحثة جاكلين بيرن، التي قضت معظم عمرها في دراسة تاريخ جنوب الجزيرة العربية، وبعض مناطق القرن الإفريقي، وتركت لنا نحو تسعمائة دراسة وكتاب ووثيقة عن جنوب الجزيرة العربية والجزيرة العربية بشكل عام. ومن أبرز مؤلفاتها كتابها الشهير: (اكتشاف جزيرة العرب؛ خمسة قرون من المغامرة والعلم)، الذي أصدرته سنة 1958، ونشر دار الكاتب العربي – بيروت ترجمة له عام 1963 بقلم قدري قلعجي. وعلى الرغم من أن معظم الذين تخصصوا في آثار الجزيرة العربية قد استفادوا كثيرا مما كتبته جاكلين بيرن لم يحظ كتابها (اكتشاف جزيرة العرب) –حسب علمي- باهتمام أحد من الكتاب العرب باستثناء الأستاذ السعودي حمد الجاسر الذي وضع مقدمة لترجمته العربية.

وعلى الرغم من الحجم الكبير للكتاب الذي يقع في 434ىصفحة، فالمؤلفة لم تتناول فيه إلا أولئك الرحالة الغربين الذين جاءوا إلى الجزيرة بين نهاية القرن الخامس عشر (1470) ونهاية القرن التاسع عشر (1870). لكنها، في الفصل الأول من الكتاب تستعرض بعض المصادر القديمة التي عاد إليها أولئك الرحالة الغربيون الرواد قبل أن يشرعوا في السفر الاستكشافي باتجاه الشرق؛ فهم حاولوا أولا التعرف على الشرق من خلال بعض كتب القدماء، التي تضم التوراة (سفر الملوك الذي يتحدث عن إخضاع مملكة سبأ لحكمه)، وكتابات عدد من الرومانيين القدماء، مثل المؤرخ بليني، والمؤلف المجهول الذي كتب (الطواف حول البحر الإرتيري أي البحر الأحمر).

ولأن موضوع رسالة الماجستير التي أعدتها جاكلين بيرن في جامعة لوفان كان عن (علاقة اليونان بمملكة سبأ)، فقد ضمنت بيرن الفصل الأول من الكتاب (رفع الستار من خلال كتب القدماء) معلومات غزيرة عما رواه اليونانيون القدماء عن جنوب الجزيرة، مثل المؤرخ هيرودوس الذي ولد وعاش في مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، وكذلك المؤرخ اليوناني تيودور الذي تحدث بإسهاب عن الجزيرة العربية ولبانها وصبرها وبخورها وأغنامها الغريبة وثعابينها المجنحة، والقرفة والكافور.(ص28-29) ويمكن أن نشير هنا إلى أن بعض المؤرخين يلمسون انحيازا للحضارة اليونانية في كتابات جاكلين بيرن عند تناولها لمملكة سبأ، إذ أنها، بتأثير الفلسفة الوضعية التي نظـَّـر لها أوجست كونت، تميل إلى تعليل قيام حضارة جنوب الجزيرة العربية بالعناصر الكثيرة التي استمدتها من حضارات اليونانيين والفينيقيين. لكنها لم تشر إلى ذلك في كتابها الذي بين أيدينا: (اكتشاف جزيرة العرب: خمسة قرون من المغامرة والعلم).

ومما لا ريب فيه أن جاكلين بيرن كانت حريصة أن يحظى كتابها بأكبر عدد من القراء الغربيين. لهذا فهي لم تستهدف العلماء المتخصصين في الدراسات الشرقية، بل القراء بشكل عام. وقد دفعها ذلك إلى التركيز على جوانب المغامرة والإثار
ة في ما رواه الرحالة والمستكشفون الغربيون الرواد عن جزيرة العرب. وهذا ما يفسر العنوان الفرعي للكتاب: خمسة قرون من المغامرة والعلم. وقد أكد على هذه السمة للكتاب الأستاذ روبيرت سرجانت في السطور القليلة التي قدم بها الكتاب مجلة مدرسة الدراسات الشرقية والفريقية (المجلد 23 العدد الثاني، يونيو 1960، ص423).

وأولى مغامرة ترويها جاكلين بيرن في كتابها هي مغامرة البولوني لوديفيك دي فارتيما الذي جاء الى الجزيرة العربية وزار مكة بين سنة بين سنتي 1472 و1506. وقد بدأ دي فارتيما رحلته الشهيرة من البندقية سنة 1503 إلى القاهرة، ثم بيروت، فطرابلس، فحلب، فدمشق الذي تعلم فيها العربية، ثم المدينة المنورة فمكة المكرمة فجدة ثم جيزان، واندهش حينما رأى فيها عنبا وسفرجلا وتفاحا ورمانا وليمونا وبرتقالا وكميات وافرة من اللحم والحنطة والشعير والذرة البيضاء التي يصنع منها الأهالي خبزا ممتازا. ومن جيزان سافر إلى عدن فيه تم القبض عليه بتهمة أنه نصراني يتجسس لحساب البرتغاليين، وسيق في اليوم نفسه إلى قصر السلطان كي يعدم، ولكن تأخر تنفيذ الإعدام به لغياب السلطان فقبع في السجن طويلا، قبل أن يتمكن مجددا من نيل حريته ومواصلة رحلاته إلى عدد من المدن اليمنية، قبل أن يغادر إلى الهند ومنها إلى أوربا.

وفي الجزء الموسوم بـ (رواد المصادفة) تسرد جاكلين بيرن مغامرة الراهبين اليسوعيين مونصرات وبائز اللذين تم أسرهما في ظفار في مطلع القرن السادس عشر للميلاد، ومنها نقلا عبر وادي حضرموت ومارب إلى صنعاء. وفيها تمكنا من الفرار.

ومن الأمور الجديرة بالاهتمام في هذا الكتاب حقيقة أن جزءا كبيرا من هؤلاء الرحالة/المغامرين قدموا إلى الجزيرة العربية بإيعاز من الدول الغربية ذات الأطماع الاستعمارية كما هو الحال بالنسبة لدي فارتميا الذي في الحقيقة جاء إلى الجزيرة العربية بأمر من ملك البرتغال.

وتفرد بيرن فصلا كاملا للرحالة التي زاروا الجزيرة بتكليف من شركات الملاحة الغربية (الهولندية والبريطانية وفيما بعد الفرنسية) التي كانت حينها تتصارع فيما بينها. من بين هؤلاء القبطان دي لاروك الذي أرسلته شركة الملاحة الفرنسية إلى ميناء المخا لاستطلاع أماكن زرعة البن. ومع ذلك تقول جاكلين بيرن أن ذلك القبطان كانت له اهتمامات علمية. وترى أن رحلته إلى الشرق تؤرخ لبزوغ فجر الرحلات العلمية، لأنه نشر سنة 1706 ترجمة كتاب وصف جزيرة العرب لابي الفداء عن ترجمة لاتينية.

و تقدم المؤلفة في أطول فصول الكتاب: (كارستن نيبور النموذج الكامل للعالم دي النزعة الإنسانية ص146-180) الذي طلب منه أستاذه في جامعة غونتنغن الألمانية العالم ميخائيليس أن يلتحق بالبعثة الدنماركية إلى جنوبي بلاد العرب، فذهب إلى كوبنهاغن لمواصلة دراسته تأهباً للسفر. وقد مول الملك الدنماركي فريدريك الخامس الرحلة التي كان هدفها استكشاف البلدان المجهولة في الجزيرة العربية، وتولى فيها نيبور مهام الأرصاد الفلكية والجغرافية لغرض رسم الخرائط للمناطق المكتشفة وغيرها، وكان أميناً لصندوق الرحلة. وأبحرت البعثة عام 1761، فمرت في طريقها بالبوسفور فالقسطنطينية فالإسكندرية، ثم اليمن، وفيها أصيب بعض أعضائها بالملاريا، ومات فون هافن رئيس البعثة عالم اللسانيات، فترأس نيبور المجموعة، ثم مات السويدي فورسكال عالم الطبيعيات والنبات فأبحر الأربعة الباقون إلى بومباي، وقبل الوصول توفي في سومطرة باورنفيند الرسام والنقاش الألماني وبيرغرين الضابط السويدي، وفي بومباي توفي كارل كرامر طبيب البعثة الدنماركي عام 1764، فواصل نيبور اكتشافاته وحيداً. في عام 1765 قرر نيبور العودة إلى بلاده، فبعث مع أول باخرة تقصد لندن جميع الأوراق والتحقيقات والتقارير والخرائط التي جمعتها مجموعته للحفاظ عليها من الضياع والتلف، ثم غادر بومباي إلى بندر عباس ثم بوشهر، وفي طريق عودته دخل إلى العراق فزار أطلال آشور ونينوى وبابل وبرسيبوليس وغيرها، وزار قبرص ومدن ساحل بلاد الشام ثم دمشق واللاذقية، ومنها توجه إلى حلب فإصطنبول، حيث امتطى جواده عبر أوربا إلى أن وصل إلى كوبنهاغن في عام 1767، وتفرغ لنشر نتائج أبحاثه حتى تُوفي في ملدورف عام 1815. وكان لرحلة نيبور نتائج علمية مهمة، فقد كان أول من كشف عن الخط اليمني المسند، ووصفه وصفاً علمياً ساعد على جلاء غموضه. كما رسم نيبور خرائط لعدد من المناطق والمدن التي زارها كاليمن والعراق وإمارات الخليج العربي ودمشق والقدس ووصف عادات أهلها وأحوالهم المعاشية والاجتماعية، وبعض هذه الخرائط يستفاد منها إلى هذا اليوم. ونشر نيبور نتائج رحلته في عدة كتب ومقالات، كان أهمها: «وصف بلاد العرب» عام 1772، و«أخبار السفر في بلاد العرب وما جاورها» في مجلدين، ونُشر مجلد ثالث بعد موته، وقد نشر نيبور كتاب فورسكال في وصف حيوانات مصر وبلاد العرب ونباتاتها وأزهارها مصحوباً بالصور.

وتكرس جاكلين بيرن فصلا آخر من كتابها للرحالة الذين زاروا المدن المقدسة (مكة والمدينة) بوصفهم حجاجا. من هؤلاء: وا
لإنجليزي (جوزف بيتس دكستير) الذي قدم إلى مكة المكرمة في نهايات القرن السابع عشر. ويزعم أن اختطف قرصانا جزائريا اختطفه سنة 1678 وهو في الخامسة عشرة من عمره، ثم باعه إلى ضابط من الخيالة قرر أن يجعل منه مسلما، فاصطحبه إلى الأماكن المقدسة بعد ذلك، وهناك اعتقه من الرق. وقد تمكن دكستير بعد عناء من العودة إلى بلاده ونشر قصته في عام 1704.

وفي الفصل الموسوم بـ(المنافسة بين شركات الهند ص72)، تتناول جاكلين بيرن من التفصيل رحلة القبطان الهولندي فان دن بروكه الذي أرسله سلطان بنتام في مستعمرات جزر الهند الشرقية ليستطلع موانئ الجزيرة العربية في مطلع القرن السابع عشر للميلاد. وبعد أن استقبله حاكم عدن العثماني بحفاوة توجه إلى مدينة، وذكر أنها كانت المينا الرئيس لحضرموت، لكن السلطان يقيم في [داخل] مدينة حضرموت. وكتب يصف السكان قائلا “إنهم ذوو استقامة ولطف، يحبون مصادقة الغير، ومتواضعون، وذوو طبيعة هادئة، ومؤمنون إيمانا ثابتا برسالة النبي محمد. ونساء الطبقة العليا محجبات وشديدات الإغراء، جميلات المحيا، ورشيقات القوام. ويقبل أهلهن بتزويجهن من الغرباء مقابل قليل من المال وهن في سن مبكرة”ص79

وفي رحلته الثانية إلى الجزيرة العربية سنة 1616، زار دي بروكه الحاكم التركي في صنعاء. وقدم وصفا شيقا لأسوارها وأبراجها ومساجدها وحماماتها التركية، “حيث يغتسل فيها الرجال أولا قبل ظهر الشفق، ثم تغتسل النساء من بعدهم. ولاحظ أن الحركة التجارية كانت نشطة في المدينة، ويقوم بها البانيان والهنود والفرس واليهود، وأن النساء محجبات ترافقهن الإماء العديدات، كما هي الحال في تركيا. وهؤلاء الإماء جلهن من المسيحيات اللواتي يختطفهن الأتراك من أنحاء الشرق, وبهذه الطريقة عمرت هذه البلاد” 83-84

أما الرحالة الأخير الذي تتناوله جاكلين بيرن في كتابها فهو البارون الألماني أدولف فون فريده الذي التحق بخدمة ملك اليونان: أوتون. وقد لخصت بيرن أهم ما جاء في مذكرات هذا المغامر الذي تؤكد أنه أول من توغل في المناطق الداخلية من حضرموت في نهاية شهر يونيو من عام 1943، قائلة: “أراد فون فريده أن يجرب حظه بالتزيي بزي مسلم، والتظاهر بالرغبة في الحج إلى قبر هود، نبي حضرموت الشهير، الذي كان قد اتخذه له نصيرا فأسمى نفسه: عبد الهود. وقد وصل فعلا إلى وادي دوعن ووصف مشارفه على النحو الآتي: “إن النزول إلى الوادي خطر، لاسيما عند فوهته، حيث يساير الطريق الذي لا يتجاوز عرضه أربعة أقدام في أماكن كثرة هوة هائلة إلى اليمين والجانب الصخري إلى الشمال. ويدعى هذا الوادي الأول: وادي دوعن”.ص395 ويذكر فريده أنه بلغ وادي عمد وزار المدينة التي تحمل الاسم نفسه. وزار مدينة الحوطة، ثم اتجه غربا وسار مشيا على القادم أربعة أيام حينما بلغ منطقة (صوا؟؟)، “وأصبح على مسيرة يوم واحد من صحراء البحر السافي. وكتب “يستمد هذا القسم من الصحراء اسمه من الملك السافي الذي انطلق على رأس جيشه من بلاد سبأ وواديان ورأس الغول، وأراد اجتياز هذا القفر فهلك جيشه. وكان الناس يزعمون أن فيه أماكن كثيرة يختفي فيها كل شيء عن سطح الأرض ويغور في الرمال… وقد أسرعت في اليوم التالي للتأكد من هذه المزاعم. وبلغت حد الصحراء بعد مسيرة ست ساعات، وهي سهل فسيح من الرمال يقدر انخفاضها عن النجد بألف قدم. وتكومت في بعض أجزائه تلال من الرمال كالأمواج بدت لناظري كالبحر المضطرب، ولم نرَ فيها أي نبات أو طير يقطع بشدوه صمت الموت الذي كان يخيم على قبور الجيش السبئي. ورأيت ثلاثة أماكن امتازت ببياضها الناصع، وقد قال لي رفاقي البدو: هذا هو البحر السافي. إن هذه الهوة السحيقة تسكنها الجن التي غطت الكنوز المودعة في حراستها بالرمل الخداع، ولا شك في أن من يجسر على الدنو منها تجتذبه الرمال فلا تذهب إليها! ومن الطبيعي أنني لم أعر هذه النصيحة أي اهتمام”. وعبثا حاول فريده أن يقنع مرشديه بالتقدم معه إلى الأمام. ويضيف “لذا قررت الذهاب إليها وحدي مخاطرا بنفسي، حاملا معي مسبرا يزن نصف كيلو جرام ربطت إليه حبلا رفيع طوله ستون باعا. وبأقصى ما يمكن من الحذر اقتربت من الرمال الدقيقة جدا، وقذفت لمسبري ابعد ما أمكنني فأختفي في الحال، وقد تضاءلت سرعة اختفاء الحبل شيئا فشيئا إلا أنه بعد انقضاء خمس دقائق اختفى تماما”!!(ص397)

وعلى الرغم من جاكلين بيرن لم تتناول في كتابها هذا الرحلات التي قام بها الغربيون إلى حضرموت في القرن العشرين فهي تضمنه الملاحظات التي أوردها الجغرافي فايسمان وفان در ميولن في كتابهما (حضرموت وإزاحة النقاب عن غموضها). وبعد أن يفسر ميولن ما قاله فريده بشأن أطراف صحراء الربع الخالي بشكل علمي يقول: “استطعنا في الوقت نفسه تدقيق الأقسام الأخرى من رحلته إلى صيف ووادي دوعن، وهو أبعد نقطه بلغها إلى الشمال وإلى وادي حجر، ووجدنا أن وصفه للبلاد حسن وصحيح، ورأينا في فون فريده رائد حضرموت الكبير”ص401.

وينبغي أن نشير هنا إلى جاكلين بيرن قد أعطت للفصل الرابع من كتابها هذا العنوان: (ال
عربية القفراء والعربية البتراء). وتناولت فيه رحلة الأسباني (علي بك في مكة والوهابيون الأول)، ثم رحلتي البريطاني ستيرن وبوركهارت إلى وسط الجزيرة العربية. وبما أن السعودي حمد الجاسر قد أسهب في الحديث عن الفصل في مقدمته للكتاب (ص5-16)، فلن نتناوله هنا.

وفي هذه المقدمة تناول الأستاذ حمد الجاسر جانب الإثارة في كتاب بيرن قائلا” “لا أدري أيؤخذ قارئ هذا الكتاب – كما أخذت – بوضوح تصويره نماذح من مغامرات عدد غير قليل من الرحالة الراغبين، ممن استهوتهم جزيرة العرب بسحرها، فهاموا في قفارها، سعيا وراء المجهول من أخبارها، حتى أصبحت سيرهم وأخبار رحلاتهم جزءا من أساطير تلك الجزيرة، في غرابتها واستهوائها للباحثين؟ ولكنني لا أشك بأنه سيستمتع حقا بما أبرزه هذا الكتاب من حياة بعض أولئك الرواد، وبما تميزت به تلك الحياة –بنوع خاص من التضحية، والاستهانة بكل مشقة، في سبيل الوصول إلى نتائج عادت بفوائد جمة على كل باحث في تاريخ الجزيرة، ودارس لأحوال سكانها، بصرف النظر عن بواعث السعي للوصول إليها”.

ثم يعود حمد الجابر لأهمية الجانب العلمي لتلك الرحلات الأولى قائلا: “لا يحتاج القارئ إلى السير معه في ثنايا الكتاب ليدرك الجوانب المهمة من نتائج تلك الرحلات؛ كالكشف عن آثار آثار الحضارة العربية القديمة في جنوبي الجزيرة، والوصول إلى حل رموز الأبجدية الحميرية (خط المسند) حلا أضاف معلومات جيدة عن حلقة كانت مجهولة لدى العرب أنفسهم، من تاريخ ذلك الجزء من بلادهم”. ص8

ومن اللافت أن حمد الجاسر، الذي كرس جزءا كبيرا من المقدمة للإشادة بالمستشرقين ودورهم في تحقيق المخطوطات العربية بدقة ومنهجية علمية، وكذلك في اكتشاف كثيرا من آثار الجزيرة العربية، صنف الرحالة والمستكشفين المغامرين الرواد الذين تناولتهم جاكلين بيرين ضمن المستشرقين. وفي الواقع لم يكن أحد منهم مستشرقا فعلا. وقد اختتم الأستاذ حمد الجاسر المقدمة قائلا “إن القارئ العربي كثيرا ما تعتريه حالة من الريبة والشك حيال كتابات الغربيين عن العرب، وهي حالة مع منافاتها للحكمة العربية القديمة (الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها)، لا تتفق مع المنطق القويم في شيء، فالحق يجب قبوله أيا كان مصدره، والباطل لا يتوقف رفضه على معرفة مصدره، وأولئك –بحكم بعدهم عنـّا، وجهلهم لأحوالنا في الماضي- تشوب كتاباتهم عنا أخطاء لا ينبغي أن تكون حائلا بيننا وبين المعرفة، بل الأجدر بها أن تكون من الحوافز التي تدفعنا إلى معرفة كل ما يكتب عن بلادنا وتاريخنا، لنقبل الحق وننتفع به، وننفي الزيف ونأباه”.ص16

ونحن هنا نتفق تماما مع حمد الجاسر، ونرى أن ما دونه المستكشفون والرحالة الغربيون حول جزيرة العرب بين عام 1470 و1870 يعد ذا قيمة علمية مهمة. لكن، لكي نستفيد منها فعلا وكما ينبغي، علينا العودة إلى نصوص أولئك الرحالة وتحليلها وقراءتها وترجمتها. فنحن مقتنعون تمام أن كثيرا من سلبياتنا لا يمكن أن نكتشفها إلا من خلال عيون الآخر. وكذلك هويتنا، لا نستطيع أن ندركها كما يجب إلا من خلال اكتشافنا لاختلافنا وتميزنا عن ذلك الآخر.

ومن المؤكد أن عددا كبيرا من الباحثين والمترجمين في المملكة العربية السعود وعمان واليمن قد تنبهوا إلى هذه الحقيقة، وشرعوا – خلال العقدين الماضيين، في دراسة أو ترجمة عدد من تلك الكتابات التي أشارت إليها جاكلين بيرن في كتابها (اكتشاف جزير العرب..). ومن المؤسف أن كثيرا من كتابات الغربيين عن جزيرة العرب التي لم تذكرها جاكلين بيرن في كتابها لم تحظ حتى اليوم باهتمام الباحثين والمترجمين العرب. وفي اعتقادنا أن على المؤسسات والمراكز البحثية العربية أن تبادر هي بنفسها للقيام بمسح كل ما كتب عن بلاد العرب في الغرب والشرق ودراسته وترجمة ما يستحق أن يطلع عليه أبناء العروبة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
لماذا سميت ردفان بهذا الاسم؟

 

كانت تورد في بعض النقوش الاوسانية والقتبانية واليزنية التي ترجمتها تسمية تدل من خلال سرد النقوش للمناطق انها تشير لمنطقة ردفان. ولكنني لم استطع ان اجزم بذلك كما حدث عندما كانت ترد كلمة (ذي السفال) ولم اجزم انها تسمية يافع العليا فقد وردت لها عدة تسميات في النقوش.. ولكن تبين لي فيما بعد انها تعني مناطق يافع العليا.

 

في المصادر الاسلامية كانت ترد تسمية (صهيب) واحيانا ( صهيب سبأ) وهي تسمية  تدل انها تطلق على اجزاء من ردفان.. فتوجهت بهذا السؤال الى الاستاذ والمؤرخ الكبير راشد ذيبان اطال الله في عمره.. فتكرم مشكورا بالتعريف ان ارض صهيب تمتد من عقبة الربوة في شرق مدينة الحبيلين الى جبل منيف غرب قاعدة العند.. وهي المنطقة التي اطلقت عليها الجبهة القومية أثناء الثورة جبهة ردفان الغربية.

 

اما لماذا سميت ردفان بهذا الاسم ؟

 تكمن الاجابة بان كلمة ردفان ورد معناها في المعاجم اللغوية: الجبال الترادفة.. او الجبال المتلاصقة.. وهي تسمية تنطبق على منطقة ردفان.. فمن يقف اليوم في مدينة الحلبيلين وينظر جنوبا باتجاه عدن سيرى سلسلة جبلية شاهقة ومتلاصقة ومترادفة تبدأ من المنطقة المطلة على العند في الجنوب الغربي الى منطقة حالمين والضالع في الشمال الشرقي لردفان.. وبهذا فان كلمة ردفان تعني منطقة الجبال الشاهقة والمترادفة
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM