ال حمزة
بعض المعلومات عن ( آل حمزة )، وبخاصة مع تشابه بعض الأسماء الموجودة بعمود نسبك المذكور هنا، وبالإضافة لكون أصولكم الكريمة وكما ذكرت هي من صنعاء، مع ما وجدته من معلومات في كتاب معجم البلدان والقبائل اليمنية، وأتمني بإذن الله أن تكون مفيدة لك في الإجابة عن استفسارك الكريم ...
( ولكن مع تحري الدقة الواجبة من طرفك للتأكد من وجود صلة لكم بما يلي .. إن شاء الله ) ..
وإليك كل ما يتعلق باسم حمزة كما ورد في " معجم البلدان والقبائل اليمنية - للمقحفي " :
(( الحمزات : هم من البيوت المنحدرة من سلالة حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين الرسي، من أحفاد الحسب بن على بن أبي طالب، والمتوفي سنة 458 هـ . نذكر منهم بيت الأمير بصنعاء، بيت أبي منصر في ذيبين وثلا، بيت إدريس، بيت غمضان، بيت القحوطة، بيت الكبسي، بيت الكحلاني بكحلان عفار، بيت الهجوه في صنعاء، بيت الضمين بالجوف، بيت الجلبي في الحيمه، بيت الحمزي في الحيمه وصنعاء وقرية القابل وذيفان وفي ثلا والجوف وغيرها، بيت الخيواني، بيت السياني، بيت الشويع بصنعاء، بيت الظفري، بيت عقبات، بيت المسوري، بيت المطهر بذمار، بيت النونو بصنعاء، بيت وهاس بصنعاء، بيت الرضي بحجه، بيت الوزان بحجه، بيت الصيلمي بصعده، بيت الذارحي بصنعاء وكوكبان، بيت الحيفي وغيرهم .
وينسب إلى حمزة بن أبي هاشم :
1 – آل حمزة أهل مدينة صنعاء، ومنهم العميد الركن عبد الرحمن محمد حمزة، وأخيه الدكتور الطبيب لطف محمد حمزة المتوفي سنة 1420 هـ .
2 – آل الحمزي في صنعاء وغيرها، ومنهم الشيخ العلامة محمد بن محسن الّذي ينشر كتاباته في صحيفة البلاغ . كما أن منهم الشاعر محمد بن حسين الحمزي الكوكباني، وهو من شعراء الشعر الحكمي والحميني في القرن الثاني عشر الهجري . )
بعض المعلومات عن ( آل حمزة )، وبخاصة مع تشابه بعض الأسماء الموجودة بعمود نسبك المذكور هنا، وبالإضافة لكون أصولكم الكريمة وكما ذكرت هي من صنعاء، مع ما وجدته من معلومات في كتاب معجم البلدان والقبائل اليمنية، وأتمني بإذن الله أن تكون مفيدة لك في الإجابة عن استفسارك الكريم ...
( ولكن مع تحري الدقة الواجبة من طرفك للتأكد من وجود صلة لكم بما يلي .. إن شاء الله ) ..
وإليك كل ما يتعلق باسم حمزة كما ورد في " معجم البلدان والقبائل اليمنية - للمقحفي " :
(( الحمزات : هم من البيوت المنحدرة من سلالة حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين الرسي، من أحفاد الحسب بن على بن أبي طالب، والمتوفي سنة 458 هـ . نذكر منهم بيت الأمير بصنعاء، بيت أبي منصر في ذيبين وثلا، بيت إدريس، بيت غمضان، بيت القحوطة، بيت الكبسي، بيت الكحلاني بكحلان عفار، بيت الهجوه في صنعاء، بيت الضمين بالجوف، بيت الجلبي في الحيمه، بيت الحمزي في الحيمه وصنعاء وقرية القابل وذيفان وفي ثلا والجوف وغيرها، بيت الخيواني، بيت السياني، بيت الشويع بصنعاء، بيت الظفري، بيت عقبات، بيت المسوري، بيت المطهر بذمار، بيت النونو بصنعاء، بيت وهاس بصنعاء، بيت الرضي بحجه، بيت الوزان بحجه، بيت الصيلمي بصعده، بيت الذارحي بصنعاء وكوكبان، بيت الحيفي وغيرهم .
وينسب إلى حمزة بن أبي هاشم :
1 – آل حمزة أهل مدينة صنعاء، ومنهم العميد الركن عبد الرحمن محمد حمزة، وأخيه الدكتور الطبيب لطف محمد حمزة المتوفي سنة 1420 هـ .
2 – آل الحمزي في صنعاء وغيرها، ومنهم الشيخ العلامة محمد بن محسن الّذي ينشر كتاباته في صحيفة البلاغ . كما أن منهم الشاعر محمد بن حسين الحمزي الكوكباني، وهو من شعراء الشعر الحكمي والحميني في القرن الثاني عشر الهجري . )
أحمد بن حمزة الرسي
الإمام أحمد بن حمزة بن الحسن الحمزي الرسي الحسني الهاشمي القرشي، الملقب ب (شمس الدين) و(شرف آل الرسول) و(المنصور بالله). من الجيل السابع من سلالة القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا. تولى الإمامة في اليمن مابين عام 503 هـ، وعام 504 هـ على الولايات الثلاث صعدة و صنعاء و زبيد ، ثم هرب من زبيد إلى صعدة فارا من الخوارج بني مهدي الذي كادوا هم ورجالهم أن يقتلوه، وتوفي في نفس العام الذي هرب فيه إلى صعدة. وبعد وفاته، رحل ابنه مالك إلى حضرموت. الإمام أحمد بن حمزة هو ثاني أكبر أبناء أبيه، وهو آخر من توفي منهم.
نسبه
أحمد بن حمزة بن الحسن بن عبدالرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين الحافظ بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج الأكبر الشريف الخلاص بن إبراهيم الشبه الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
وأمه هي السيدة: فاطمة بنت الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد الأصغر النقيب بن الحسن الأعور بن عبد الله الأشتر بن محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
إخوته لأمه وأبيه
محمد: (أكبر أبناء أبيه وأحب الإخوة إليه)، من ذريته الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة.
يحيى: (ذي الشرفين - أبو المظفر)، (وهو ذو علم وأخلاق وأدب ) وهو جد الأشراف الكباسية.
مالك: عالم فاضل ونسابة، وكان يحب ابن أخيه مالك بن أحمد، وهو ثاني أحب الإخوة إلى الإمام أحمد. ومن ذريته النسابة المقرء بالمدينة المنورة السيد محمد بن الحسين بن قتادة بن مزروع بن علي بن مالك بن حمزة الرسي.
سليمان.
علي: (كان ورعا تقيا، ومن أعلم أبناء الإمام حمزة بالدين).
إخوته لأبيه فقط
عبد الله.
جعفر.
عبد الرحمن.
الحسن.
الحسين.
الناصر.
داود.
إبراهيم.
وزينة (عالمة فاضلة تقية صالحة).
ويقال ببأن جميع إخوته بلا إستثناء هم من أمه وأبيه، والله أعلم.
سيرته
في فترة فتن اليمن، والتي كانت دائما ومنذ القدم تشعل من قبل الإسماعيلية الشيعة، وبعد مقتل والده الإمام حمزة وأخيه الأكبر والشقيق الإمام محمد، ثأر لهم أحمد بن حمزة، وأفلح قليلا في ثأره لوالده، رغم أنه لم يستطع قتل الشيعي عامر بن سليمان الزواحي قاتل أبيه وأخيه، وبعد سقوط دولة بني صليح باليمن، ومنذ أن أصبح الملوك بني النجاح متملكين على اليمن. وكان وقتها أحمد بن حمزة في بمكة المكرمة يحج ويعتمر، وعاد إلى اليمن متملكا على صعدة و صنعاء كما كان آبائه وأجداده متملكين عليهما مسبقا ، ولم يكن إماما في ذلك الوقت.
بيعته للإمامة وإمامته ووفاته
استدعى أهل زبيد الإمام أحمد بن حمزة بن الحسن الرسي لينصرهم على علي بن مهدي الخارجي حين حاصرهم و بها فاتك بن محمد من بني نجاح فأجابهم على أن يقتلوا فاتكا فقتلوه سنة 503 هـ و ملكوا عليهم أحمد بن حمزة إماما وأميرا للمؤمنين، ولقب بشرف آل الرسول والمنصور بالله، وكان يلقب قبل ذلك بشمس الدين.
في شهر رجب سنة 504هـ، أتى علي بن مهدي الخارجي للمعركة، فلم يطق الإمام أحمد بن حمزة الأول مقاومة علي بن مهدي الخارجي، ففر عن زبيد وملكها ابن مهدي، وعاد إلى صعدة، ولكن علي بن مهدي أرسل رجاله لقتل الإمام أحمد لسببين:
"كافر" بالنسبة لعلي بن مهدي، لأنه على الزيدية.
لا يريد علي الخارجي عودة الإمام أحمد إلى الإمامة والسلطة مرة أخرى، (لأنه كان كالشوكة في حلقه) فأراد اغتياله بإرسال رجاله، إلا أنه توفي بصعدة وسلم من القتل.
كتاب ابن خلدون ذكر ابن خلدون
"وجعل يشن الغارات على أرض تهامة وأعانه على ذلك خراب النواحي بزبيد فأخرب سابلتها ونواحيها وانتهى إلى حصن الدائر على نصف مرحلة من زبيد وأعمل الحيل في قتل مسرور مدبر الدولة فقتل كما مر وأقام يخيف زبيد بالزحوف قال عمارة: زاحفها سبعين وحفا وحاصرها طويلا واستمدوا الشريف أحمد بن حمزة الرسي صاحب صعدة فأمدهم وشرط عليهم قتل سيدهم فاتك فقتلوه سنة ثلاث وخمسمائة وملك عليهم الشريف ثم عجز وهرب عنهم واستولى علي بن مهدي عليها في رجب سنة أربع وخمسمائة ومات لثلاثة من ولايته".
وذكر ابن خلدون أيضا
"قال عمارة: وفي سنة إحدى وخمسمائة توفي فاتك بن المنصور وولي بعده ابن عمه وسميه فاتك بن محمد بن فاتك وسـرور قائـم بوزارتـه وتدبيـر دولتـه ومحاربة أعدائه. وكان يلازم المسجد إلى أن دس عليه علي بن مهدي الخارجي من قتله في المسجد وهو يصلي العصر يوم الجمعة ثاني عشر صفر سنة إحدى وخمسمائة. وثار ال
الإمام أحمد بن حمزة بن الحسن الحمزي الرسي الحسني الهاشمي القرشي، الملقب ب (شمس الدين) و(شرف آل الرسول) و(المنصور بالله). من الجيل السابع من سلالة القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا. تولى الإمامة في اليمن مابين عام 503 هـ، وعام 504 هـ على الولايات الثلاث صعدة و صنعاء و زبيد ، ثم هرب من زبيد إلى صعدة فارا من الخوارج بني مهدي الذي كادوا هم ورجالهم أن يقتلوه، وتوفي في نفس العام الذي هرب فيه إلى صعدة. وبعد وفاته، رحل ابنه مالك إلى حضرموت. الإمام أحمد بن حمزة هو ثاني أكبر أبناء أبيه، وهو آخر من توفي منهم.
نسبه
أحمد بن حمزة بن الحسن بن عبدالرحمن بن يحيى بن عبدالله بن الحسين الحافظ بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج الأكبر الشريف الخلاص بن إبراهيم الشبه الغمر بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
وأمه هي السيدة: فاطمة بنت الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد الأصغر النقيب بن الحسن الأعور بن عبد الله الأشتر بن محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنهما بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
إخوته لأمه وأبيه
محمد: (أكبر أبناء أبيه وأحب الإخوة إليه)، من ذريته الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة.
يحيى: (ذي الشرفين - أبو المظفر)، (وهو ذو علم وأخلاق وأدب ) وهو جد الأشراف الكباسية.
مالك: عالم فاضل ونسابة، وكان يحب ابن أخيه مالك بن أحمد، وهو ثاني أحب الإخوة إلى الإمام أحمد. ومن ذريته النسابة المقرء بالمدينة المنورة السيد محمد بن الحسين بن قتادة بن مزروع بن علي بن مالك بن حمزة الرسي.
سليمان.
علي: (كان ورعا تقيا، ومن أعلم أبناء الإمام حمزة بالدين).
إخوته لأبيه فقط
عبد الله.
جعفر.
عبد الرحمن.
الحسن.
الحسين.
الناصر.
داود.
إبراهيم.
وزينة (عالمة فاضلة تقية صالحة).
ويقال ببأن جميع إخوته بلا إستثناء هم من أمه وأبيه، والله أعلم.
سيرته
في فترة فتن اليمن، والتي كانت دائما ومنذ القدم تشعل من قبل الإسماعيلية الشيعة، وبعد مقتل والده الإمام حمزة وأخيه الأكبر والشقيق الإمام محمد، ثأر لهم أحمد بن حمزة، وأفلح قليلا في ثأره لوالده، رغم أنه لم يستطع قتل الشيعي عامر بن سليمان الزواحي قاتل أبيه وأخيه، وبعد سقوط دولة بني صليح باليمن، ومنذ أن أصبح الملوك بني النجاح متملكين على اليمن. وكان وقتها أحمد بن حمزة في بمكة المكرمة يحج ويعتمر، وعاد إلى اليمن متملكا على صعدة و صنعاء كما كان آبائه وأجداده متملكين عليهما مسبقا ، ولم يكن إماما في ذلك الوقت.
بيعته للإمامة وإمامته ووفاته
استدعى أهل زبيد الإمام أحمد بن حمزة بن الحسن الرسي لينصرهم على علي بن مهدي الخارجي حين حاصرهم و بها فاتك بن محمد من بني نجاح فأجابهم على أن يقتلوا فاتكا فقتلوه سنة 503 هـ و ملكوا عليهم أحمد بن حمزة إماما وأميرا للمؤمنين، ولقب بشرف آل الرسول والمنصور بالله، وكان يلقب قبل ذلك بشمس الدين.
في شهر رجب سنة 504هـ، أتى علي بن مهدي الخارجي للمعركة، فلم يطق الإمام أحمد بن حمزة الأول مقاومة علي بن مهدي الخارجي، ففر عن زبيد وملكها ابن مهدي، وعاد إلى صعدة، ولكن علي بن مهدي أرسل رجاله لقتل الإمام أحمد لسببين:
"كافر" بالنسبة لعلي بن مهدي، لأنه على الزيدية.
لا يريد علي الخارجي عودة الإمام أحمد إلى الإمامة والسلطة مرة أخرى، (لأنه كان كالشوكة في حلقه) فأراد اغتياله بإرسال رجاله، إلا أنه توفي بصعدة وسلم من القتل.
كتاب ابن خلدون ذكر ابن خلدون
"وجعل يشن الغارات على أرض تهامة وأعانه على ذلك خراب النواحي بزبيد فأخرب سابلتها ونواحيها وانتهى إلى حصن الدائر على نصف مرحلة من زبيد وأعمل الحيل في قتل مسرور مدبر الدولة فقتل كما مر وأقام يخيف زبيد بالزحوف قال عمارة: زاحفها سبعين وحفا وحاصرها طويلا واستمدوا الشريف أحمد بن حمزة الرسي صاحب صعدة فأمدهم وشرط عليهم قتل سيدهم فاتك فقتلوه سنة ثلاث وخمسمائة وملك عليهم الشريف ثم عجز وهرب عنهم واستولى علي بن مهدي عليها في رجب سنة أربع وخمسمائة ومات لثلاثة من ولايته".
وذكر ابن خلدون أيضا
"قال عمارة: وفي سنة إحدى وخمسمائة توفي فاتك بن المنصور وولي بعده ابن عمه وسميه فاتك بن محمد بن فاتك وسـرور قائـم بوزارتـه وتدبيـر دولتـه ومحاربة أعدائه. وكان يلازم المسجد إلى أن دس عليه علي بن مهدي الخارجي من قتله في المسجد وهو يصلي العصر يوم الجمعة ثاني عشر صفر سنة إحدى وخمسمائة. وثار ال
سلطان بالقاتل فقتل جماعة من أهل المسجد ثم قتل واضطرب موالي نجاح بالدولة وثار عليهم ابن مهدي الخارجـي وحاربهـم مـراراً وحاصرهـم طويـلاً واستعانـوا بالشريـف المنصـور أحمـد بـن حمـزة الرسي (ومكتوب السليماني خطأ وهو من الأشراف بني الرسي وليس من الأشراف بني سليمان) وكـان يملـك صعدة فأغاثهم على أن يملكوه ويقتلوا سيدهم فاتك بن محمد فقتلوه سنة ثلاث وخمسمائة وملكوا عليهم الشريف أحمد فعجز عن مقاومة ابن مهدي وفر تحت الليل وملكها علي بن مهدي سنة أربع وخمسمائة".[1]
وفاته
في عام 504 هـ، عاد الخارجي علي بن مهدي مرة أخرى لاستعادة مدينة زبيد وانتزاعها من يد الإمام أحمد، وقد زحف إلى زبيد بجيش هائل لا قدرة للإمام أحمد وابنه مالك على مواجهته، أو حتى الدفاع عن أهل مدينة زبيد الضعفاء، فخرج هو وأبنة تحت جنح الليل إلى مدينة صعدة.
وفي صعدة، أوصى الإمام أحمد ابنه بوصايا عديدة منها: أن يبتعد عن الإمامة الزيدية وما فيها، وعن الملوك والأمراء، وأن لا يبحث عن الملك والسلطة، وأن يرحل عن صعدة إلى حضرموت، وبعدها توفي الإمام أحمد، ورحل مالك بعد دفن أبيه إلى حضرموت.
وقد أرسل ابن مهدي الخارجي ورائهم رجال لقتل الإمام أحمد حتى لا يعود إماما مرة أخرى، ولأنه كافر يحل دمه، ولكن عند وصولهم لصعدة، فوجئوا بأن الإمام أحمد قد توفي قبل وصولهم بأيام.
عقبه
من أعقاب الإمام أحمد مالك (المتوكل على الله) والذي هرب إلى حضرموت وتوفي فيها
وفاته
في عام 504 هـ، عاد الخارجي علي بن مهدي مرة أخرى لاستعادة مدينة زبيد وانتزاعها من يد الإمام أحمد، وقد زحف إلى زبيد بجيش هائل لا قدرة للإمام أحمد وابنه مالك على مواجهته، أو حتى الدفاع عن أهل مدينة زبيد الضعفاء، فخرج هو وأبنة تحت جنح الليل إلى مدينة صعدة.
وفي صعدة، أوصى الإمام أحمد ابنه بوصايا عديدة منها: أن يبتعد عن الإمامة الزيدية وما فيها، وعن الملوك والأمراء، وأن لا يبحث عن الملك والسلطة، وأن يرحل عن صعدة إلى حضرموت، وبعدها توفي الإمام أحمد، ورحل مالك بعد دفن أبيه إلى حضرموت.
وقد أرسل ابن مهدي الخارجي ورائهم رجال لقتل الإمام أحمد حتى لا يعود إماما مرة أخرى، ولأنه كافر يحل دمه، ولكن عند وصولهم لصعدة، فوجئوا بأن الإمام أحمد قد توفي قبل وصولهم بأيام.
عقبه
من أعقاب الإمام أحمد مالك (المتوكل على الله) والذي هرب إلى حضرموت وتوفي فيها
#المطهر
يخروج المماليك من صنعاء أواخر العام «923هـ» دانت معظم مناطق «اليمن الأعلى» عدا صعدة للإمام شرف الدين، الذي بدوره استغل مساندة القبائل له، ووجه في العام التالي ولده «المطهر» ذا الـ «16» عاماً لمحاربة بقايا الطاهريين، نجح الأخير في السيطرة على «ذمار، ويريم، ورداع»، وأخرب عددا من الحصون والقلاع، ونهب مكتبة السلطان عامر العامرة بآلاف المُصنفات.
في العام «934هـ» خرج أهالي «خولان» عن طاعة الإمام شرف الدين، فأحضر «المطهر» ثمانين طفلا من رهائنهم المُحتجزين لديه، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم، وحين قام أحدهم بإحراق أحد الأبواب الخشبية لصنعاء، خرج إلى ذات القبيلة بجيش كبير، دمر المنازل، وقطع الأشجار، وقبض على «300» رجل، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
بعد أكثر من «15» عاماً من الحروب والصراعات بينه وبين الأشراف «الحمزات» و«آل المؤيدي»، نجح الإمام شرف الدين في السيطرة على مناطق شمال الشمال، وتسنى له بداية العام «940هـ» دخول صعدة.
غادر «الحمزات» صعدة، وجيشوا من «وائلة، ويام، ووداعة» أكثر من «15,000» مقاتل، ودارت بينهم وقوات «المطهر» معركة كبرى، عُرفت بواقعة «المخلاف»، هزموا فيها، وسقط منهم «1,000» قتيل.
اشتهر «المطهر» بجبروته وقتله للأسرى بصورة مُريعة في أكثر من واقعة، وذكر المؤرخون أنه قام بعد تلك المعركة بحز رأس «600» أسير، وقد مدحه لذلك أحد الشعراء:
ألف من القتلى ظلت خيلنا
ترعى السنابك منهم اللمات
موتاهم قد عاينوا مثواهم
في النار والأحياء كالأموات
فاجز المطهر يا إله الخلق عن
دين حماه بأجزل الحسنات
يا آل حمزة كم نرى غفلاتكم
عن رشدكم ما أقبح الغفلات
استغل الأمير الطاهري عامر بن داؤود الطامح حينها لاستعادة دولة آبائه، استغل توجه الإمام شرف الدين شمالاً، فأرسل جنوده للهجوم على الأطراف الجنوبية لـ «الدولة الزيدية»، مُستفيداً من انضمام الأمير يحيى السراجي إلى صفه؛ بل وصير الأخير قائداً لإحدى حملاته.
سيطر «السراجي» على «رداع»، ثم «موكل»، وهناك باغته «المطهر» بجيش جرار «14 ربيع الآخر 941هـ»، هزمه شرَّ هزيمة، وقتل «300» جندي من أصحابه، واقتاده و«2,300» أسير إلى ساحة الإعدام.
أمر «المطهر» جنوده بحزَّ رأس «1,000» من الأسرى، حتى اغتمرت حوافر بغلته بالدم، ثم أجبر من تبقى بحمل الرؤوس الدامية إلى صنعاء، ليأمر فور وصوله باحة قصر والده بإلحاقهم بزملائهم، وفي ذلك قال يحيى بن الحسين: «ولما وصلت الأسارى والرؤوس إلى المقام الإمامي المحروس، وجه الإمام ببعضها إلى صعدة.. فعظم شأن هذه القضية في النفوس، وإنفاذ النافر الشموس، وقيلت فيها الأشعار الرائعة، والمدائح الفائقة».
وللشاعر المطهر الحمزي قصيدة طويلة في تلك الواقعة، جاء فيها:
يا وطية وطى الإله بموكل
أنحت على حزب الضلال بكلكل
طحنتهم طحن الرحى بثقالها
أو طحن طود هدَّ أرض من عل
حتى أحان الله أعداء الهدى
يحنون بين مجدل ومكبل
توجه «المطهر» بعد ذلك صوب «اليمن الأسفل»، مُتذرعاً بملاحقة بقايا الطاهريين، مُبيحاً لجحافله نهب كل ما يصادفهم من أموالٍ ومواشٍ وزروع، مُسيطراً على إب وتعز «شعبان 941هـ»، محاولاً بـ «20,000» مقاتل السيطرة على زبيد «943هـ»، إلا أنه مني في أحراشها بهزيمة ماحقة، نكل المماليك به وبعساكره، وأصابوه إصابة بالغة، أختل بسببها قوامه، وأضحت الإمامة محرمة عليه.
وفي مطلع العام «945هـ» قاد «والي مصر» الثمانيني سليمان باشا حملة عسكرية كبرى إلى الهند، عرج على عدن بأوامر من السلطان سليمان القانوني، وقتل غدراً الأمير «عامر»، وذكر «الموزعي» أنه قتله بوشاية من الإمام شرف الدين وولده «المطهر»، اللذين راسلاه واتهما ذات الأمير بالتحالف مع البرتغاليين.
جعل سليمان باشا على عدن بهرام بيك، ثم أكمل مسيره، ليعود أدراجه منتصف العام التالي خائباً، مُتماً سيطرته على معظم الموانئ اليمنية، مُتذرعاً بحمايتها والأراضي المُقدسة من خطر البرتغاليين المتحالفين حينها مع «الدولة الصفوية» بإيران، مكملاً مسيره إلى «استانبول»، ليخلفه على اليمن أويس باشا.
امتدت سيطرة الإمام شرف الدين إلى «جازان، وأبي عريش»، قسم ما تحت يديه بين أولاده «948هـ»، مُوجهاً بذكر أسمائهم في الخطبة بعد اسمه، وما هي إلا أشهرا معدودة حتى استعر الخلاف بينهم، إنحاز «الأب» لصالح ولده الأصغر شمس الدين علي، مُتحمساً لتوليته الإمامة، كون ولده الأكبر «المطهر» غير مستوفٍ شروطها.
أعلن «المطهر» تمرده، وراسل أويس باشا في زبيد طالباً المساندة، وكتب في ليلة واحدة «80» كتاباً إلى قبائل اليمن حثهم فيها على المخالفة، ثم وجه جنوده إلى «الجراف» لمحاصرة والده «953هـ»، خلعه عن الإمامة، وفرغه للعبادة، وأصبح الحاكم الفعلي، تلقب بـ «الناصر»، وصك العملة باسمه، وصار «الإمام الأعرج» في سابقة لم تشهدها الإمامة الزيدية من قبل.
في نهاية ذات العام، وفي صبيحة يوم عيد الأضحى دخل أُوَيس باشا مدينة تعز، متجاوزاً التحصينات التي سبق لـ «المطهر» أن استحدثها، أرفد ذات الوالي ق
يخروج المماليك من صنعاء أواخر العام «923هـ» دانت معظم مناطق «اليمن الأعلى» عدا صعدة للإمام شرف الدين، الذي بدوره استغل مساندة القبائل له، ووجه في العام التالي ولده «المطهر» ذا الـ «16» عاماً لمحاربة بقايا الطاهريين، نجح الأخير في السيطرة على «ذمار، ويريم، ورداع»، وأخرب عددا من الحصون والقلاع، ونهب مكتبة السلطان عامر العامرة بآلاف المُصنفات.
في العام «934هـ» خرج أهالي «خولان» عن طاعة الإمام شرف الدين، فأحضر «المطهر» ثمانين طفلا من رهائنهم المُحتجزين لديه، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم، وحين قام أحدهم بإحراق أحد الأبواب الخشبية لصنعاء، خرج إلى ذات القبيلة بجيش كبير، دمر المنازل، وقطع الأشجار، وقبض على «300» رجل، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
بعد أكثر من «15» عاماً من الحروب والصراعات بينه وبين الأشراف «الحمزات» و«آل المؤيدي»، نجح الإمام شرف الدين في السيطرة على مناطق شمال الشمال، وتسنى له بداية العام «940هـ» دخول صعدة.
غادر «الحمزات» صعدة، وجيشوا من «وائلة، ويام، ووداعة» أكثر من «15,000» مقاتل، ودارت بينهم وقوات «المطهر» معركة كبرى، عُرفت بواقعة «المخلاف»، هزموا فيها، وسقط منهم «1,000» قتيل.
اشتهر «المطهر» بجبروته وقتله للأسرى بصورة مُريعة في أكثر من واقعة، وذكر المؤرخون أنه قام بعد تلك المعركة بحز رأس «600» أسير، وقد مدحه لذلك أحد الشعراء:
ألف من القتلى ظلت خيلنا
ترعى السنابك منهم اللمات
موتاهم قد عاينوا مثواهم
في النار والأحياء كالأموات
فاجز المطهر يا إله الخلق عن
دين حماه بأجزل الحسنات
يا آل حمزة كم نرى غفلاتكم
عن رشدكم ما أقبح الغفلات
استغل الأمير الطاهري عامر بن داؤود الطامح حينها لاستعادة دولة آبائه، استغل توجه الإمام شرف الدين شمالاً، فأرسل جنوده للهجوم على الأطراف الجنوبية لـ «الدولة الزيدية»، مُستفيداً من انضمام الأمير يحيى السراجي إلى صفه؛ بل وصير الأخير قائداً لإحدى حملاته.
سيطر «السراجي» على «رداع»، ثم «موكل»، وهناك باغته «المطهر» بجيش جرار «14 ربيع الآخر 941هـ»، هزمه شرَّ هزيمة، وقتل «300» جندي من أصحابه، واقتاده و«2,300» أسير إلى ساحة الإعدام.
أمر «المطهر» جنوده بحزَّ رأس «1,000» من الأسرى، حتى اغتمرت حوافر بغلته بالدم، ثم أجبر من تبقى بحمل الرؤوس الدامية إلى صنعاء، ليأمر فور وصوله باحة قصر والده بإلحاقهم بزملائهم، وفي ذلك قال يحيى بن الحسين: «ولما وصلت الأسارى والرؤوس إلى المقام الإمامي المحروس، وجه الإمام ببعضها إلى صعدة.. فعظم شأن هذه القضية في النفوس، وإنفاذ النافر الشموس، وقيلت فيها الأشعار الرائعة، والمدائح الفائقة».
وللشاعر المطهر الحمزي قصيدة طويلة في تلك الواقعة، جاء فيها:
يا وطية وطى الإله بموكل
أنحت على حزب الضلال بكلكل
طحنتهم طحن الرحى بثقالها
أو طحن طود هدَّ أرض من عل
حتى أحان الله أعداء الهدى
يحنون بين مجدل ومكبل
توجه «المطهر» بعد ذلك صوب «اليمن الأسفل»، مُتذرعاً بملاحقة بقايا الطاهريين، مُبيحاً لجحافله نهب كل ما يصادفهم من أموالٍ ومواشٍ وزروع، مُسيطراً على إب وتعز «شعبان 941هـ»، محاولاً بـ «20,000» مقاتل السيطرة على زبيد «943هـ»، إلا أنه مني في أحراشها بهزيمة ماحقة، نكل المماليك به وبعساكره، وأصابوه إصابة بالغة، أختل بسببها قوامه، وأضحت الإمامة محرمة عليه.
وفي مطلع العام «945هـ» قاد «والي مصر» الثمانيني سليمان باشا حملة عسكرية كبرى إلى الهند، عرج على عدن بأوامر من السلطان سليمان القانوني، وقتل غدراً الأمير «عامر»، وذكر «الموزعي» أنه قتله بوشاية من الإمام شرف الدين وولده «المطهر»، اللذين راسلاه واتهما ذات الأمير بالتحالف مع البرتغاليين.
جعل سليمان باشا على عدن بهرام بيك، ثم أكمل مسيره، ليعود أدراجه منتصف العام التالي خائباً، مُتماً سيطرته على معظم الموانئ اليمنية، مُتذرعاً بحمايتها والأراضي المُقدسة من خطر البرتغاليين المتحالفين حينها مع «الدولة الصفوية» بإيران، مكملاً مسيره إلى «استانبول»، ليخلفه على اليمن أويس باشا.
امتدت سيطرة الإمام شرف الدين إلى «جازان، وأبي عريش»، قسم ما تحت يديه بين أولاده «948هـ»، مُوجهاً بذكر أسمائهم في الخطبة بعد اسمه، وما هي إلا أشهرا معدودة حتى استعر الخلاف بينهم، إنحاز «الأب» لصالح ولده الأصغر شمس الدين علي، مُتحمساً لتوليته الإمامة، كون ولده الأكبر «المطهر» غير مستوفٍ شروطها.
أعلن «المطهر» تمرده، وراسل أويس باشا في زبيد طالباً المساندة، وكتب في ليلة واحدة «80» كتاباً إلى قبائل اليمن حثهم فيها على المخالفة، ثم وجه جنوده إلى «الجراف» لمحاصرة والده «953هـ»، خلعه عن الإمامة، وفرغه للعبادة، وأصبح الحاكم الفعلي، تلقب بـ «الناصر»، وصك العملة باسمه، وصار «الإمام الأعرج» في سابقة لم تشهدها الإمامة الزيدية من قبل.
في نهاية ذات العام، وفي صبيحة يوم عيد الأضحى دخل أُوَيس باشا مدينة تعز، متجاوزاً التحصينات التي سبق لـ «المطهر» أن استحدثها، أرفد ذات الوالي ق
واته بعسكر محليين فكانت نهايته نهاية العام التالي على أيديهم، وهو في طريقه إلى صنعاء، وقيل أن قاتله من بني جلدته، ويدعى «بهلوان»، وقد خلفه على ولاية اليمن أزدمر باشا.
استغل الأتراك تجدد الخلاف بين «المطهر» وأخيه شمس الدين وتوغلوا شمالاً، ليدخلوا صنعاء منتصف العام «955هـ»، بقيادة أزدمر باشا، وبطلب ومعاونة من الأمير المتمرد، الذي استمر بدعم من أبيه مسيطراً على بعض الحصون، موالياً للأتراك.
انسحب «المطهر» إلى «ثُلا»، وفيها تحصن، ثم وقَّع مع «أزدمر» معاهدة صلح، لم تستمر طويلاً، تجددت الحرب، واستمرت سجالاً، وقيل أنها وصلت لحدود «40» واقعة، حتى جيء بـ مصطفى باشا المعروف بـ «النشار» والياً على اليمن «958هـ».
في ذات العام، أعلن من «الطويلة» صلاح بن أحمد تمرده، ثم ما لبث أن آثر هو وأصحابه الاستسلام، وكان جزاؤه أن ضرب «المطهر» عنقه، وأمر بأن تبقى جثته في العراء، أما أصحابه فقد ربطت أرجلهم على الجمال، وسحلوا على وجوههم، حتى تمزقت أجسادهم، وتناثرت أشلاؤهم في الطرقات.
بدأ «النشار» عهده بمراسلة «المطهر»، حثه على الموالاة، وحين أبى أرسل إليه بجيش كبير بقيادة أزدمر باشا، حاصره الأخير في «ثلا» مدة، ثم آل الأمر إلى الصلح، عاد «النشار» إلى «الاستانة»، وعاد «أزدمر» لإكمال مهامه، دخل صعدة سلما «960هـ»، ودانت له اليمن حتى جازان.
في ذات العام، أعلن الحسن بن حمزة نفسه إماماً، تلقب بـ «المهدي»، وكان كأسلافه «الحمزات» ضعيفاً قليل الأنصار، استقر بـ «الأهنوم» مدة، استأمنهم على زكاته، وخرج لبعض المشاغل، ليجدهم بعد عودته قد استهلكوا أمواله، وتنكروا لعشرته، فعاش فقيراً معوزاً لا يأكل إلا أوراق الشجر، وزاد من مصيبته مطاردة «المطهر» له، وتدميره منزله، ليصطلحا بعد ذلك، أعمر له الأخير منزلاً، وأجرى له كفايته حتى وفاته «961هـ».
في أواخر ذات العام، تم عزل أزدمر باشا، وجيء بـ «النشار» مرة أخرى، توفى الأخير بعد وصوله اليمن بعدة أشهر، فجيء بالوالي العادل مصطفى عزت، أمر الأخير بحذف «حي على خير العمل» من الأذان، ولم يحصل بينه و«المطهر» أية حروب.
بالعودة إلى الإمام شرف الدين، فقد استقر بعد عزله في «الظفير»، وفيها توفي «965هـ»، عن «88» عاماً، ودفن بجوار جده «المهدي»، أصابه أواخر عمره العمى، وشاهد أفول دولته، وعاش بعد أن تخلى أقرب الناس عنه على الصدقات.
عُزل مصطفى عزت «967هـ»، فحل محمود باشا محله، ويعد الأخير من أسوأ الولاة وأكثرهم فساداً، استمرت ولايته لأربع سنوات، جيء بـ رضوان بن مصطفى عزت بدلاً عنه، تجددت في عهد الأخير الحرب، ثم آل الأمر إلى الصلح، وبموجبه ضم «المطهر» إلى حكمه عدة مناطق، الأمر الذي أنعش مطامعه للتمدد أكثر، وقد جاءت الرياح بالفعل بما تشتهي سفنه.
اتسم التواجد التركي في تلك الفترة بعدم الاستقرار، بسبب كثرة الولاة، وخلافات القادة، وتمرد العسكر، الأمر الذي جعل الدولة تبدو بمظهر الضعف، زالت هيبتها، وزادت التمردات القبلية عليها، حاول «الباب العالي» إصلاح الوضع مقسماً اليمن بداية العام «974هـ» إلى إقليمين: «تهامة» وعاصمته زبيد، بقيادة مراد باشا، و«المناطق الجبلية» وعاصمته صنعاء بقيادة رضوان باشا، أما عدن وتعز فقد كانتا تابعتين للإقليم الأخير.
استعر الخلاف بين «مراد» و«رضوان»، وعُزل الأخير، فانسحب نهاية ذات العام بقواته من صنعاء إلى «الاستانة»، فيما توجه الأول بجيش كبير شمالاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مني في ذمار بهزيمة ماحقة، انسحب على إثرها إلى «بعدان»، وهناك تعرض لكمين، حزَّ أنصار «المطهر» رأسه، وأرسلوه هدية لإمامهم المُحاصر لصنعاء.
أرسل «المطهر» بالرأس الدامي إلى الأتراك المُحاصرين، فما كان منهم إلا أن رفعوا مطلع العام التالي راية الاستسلام، سقطت صنعاء، وصارت باقي البلاد سهلة المنال. وجه الإمام قواته «جنوباً، وغرباً، وشمالاً»، سقطت «تعز، ثم عدن، ثم جيزان»، فيما انحصرت سلطة الأتراك في زبيد وما حولها من مناطق تهامة، وأرسل «الباب العالي» بـ حسن باشا والياً، ثم أتبعه بـ عثمان بن أزدمر باشا.
حاول علي بن الشويع عامل «المطهر» على تعز السيطرة على زبيد بداية العام «976هـ»، إلا أنه مني بهزيمة نكراء، خسر فيها «300» من عساكره، الأمر الذي حفز أهالي الحجرية على التمرد بقيادة أحمد بن عبدالوهاب الحجري، ليستعيد الأتراك مدينة تعز في «شعبان» من ذات العام، فيما تحصن من تبقى من عساكر «المطهر» في قلعة القاهرة، وتكريماً للأهالي الذين تعاونوا معه، جعل عثمان باشا مدينتهم بيتا من بيوت السلطنة، وليس عليهم «بدعة، ولا مضرة، ولا ضيفة، ولا سخرة».
ما إن سقطت مدينة تعز حتى استشعر «المطهر» بالخطر؛ حشد الحشود، وأرسل المدد تلو المدد إسناداً لابن أخيه محمد بن شمس الدين المرابط حينها في «الجندية العليا»، وفي ذلك قال صاحب «روح الروح»: «ولما علم المطهر بهذه الحادثة العظيمة، والكادحة الجسيمة، شنَّ الغارات من جميع الجهات، واستصرخ العرب، وانتخب للقتال كلّ بيهس أغلب، وضمهم إلى محمد ب
استغل الأتراك تجدد الخلاف بين «المطهر» وأخيه شمس الدين وتوغلوا شمالاً، ليدخلوا صنعاء منتصف العام «955هـ»، بقيادة أزدمر باشا، وبطلب ومعاونة من الأمير المتمرد، الذي استمر بدعم من أبيه مسيطراً على بعض الحصون، موالياً للأتراك.
انسحب «المطهر» إلى «ثُلا»، وفيها تحصن، ثم وقَّع مع «أزدمر» معاهدة صلح، لم تستمر طويلاً، تجددت الحرب، واستمرت سجالاً، وقيل أنها وصلت لحدود «40» واقعة، حتى جيء بـ مصطفى باشا المعروف بـ «النشار» والياً على اليمن «958هـ».
في ذات العام، أعلن من «الطويلة» صلاح بن أحمد تمرده، ثم ما لبث أن آثر هو وأصحابه الاستسلام، وكان جزاؤه أن ضرب «المطهر» عنقه، وأمر بأن تبقى جثته في العراء، أما أصحابه فقد ربطت أرجلهم على الجمال، وسحلوا على وجوههم، حتى تمزقت أجسادهم، وتناثرت أشلاؤهم في الطرقات.
بدأ «النشار» عهده بمراسلة «المطهر»، حثه على الموالاة، وحين أبى أرسل إليه بجيش كبير بقيادة أزدمر باشا، حاصره الأخير في «ثلا» مدة، ثم آل الأمر إلى الصلح، عاد «النشار» إلى «الاستانة»، وعاد «أزدمر» لإكمال مهامه، دخل صعدة سلما «960هـ»، ودانت له اليمن حتى جازان.
في ذات العام، أعلن الحسن بن حمزة نفسه إماماً، تلقب بـ «المهدي»، وكان كأسلافه «الحمزات» ضعيفاً قليل الأنصار، استقر بـ «الأهنوم» مدة، استأمنهم على زكاته، وخرج لبعض المشاغل، ليجدهم بعد عودته قد استهلكوا أمواله، وتنكروا لعشرته، فعاش فقيراً معوزاً لا يأكل إلا أوراق الشجر، وزاد من مصيبته مطاردة «المطهر» له، وتدميره منزله، ليصطلحا بعد ذلك، أعمر له الأخير منزلاً، وأجرى له كفايته حتى وفاته «961هـ».
في أواخر ذات العام، تم عزل أزدمر باشا، وجيء بـ «النشار» مرة أخرى، توفى الأخير بعد وصوله اليمن بعدة أشهر، فجيء بالوالي العادل مصطفى عزت، أمر الأخير بحذف «حي على خير العمل» من الأذان، ولم يحصل بينه و«المطهر» أية حروب.
بالعودة إلى الإمام شرف الدين، فقد استقر بعد عزله في «الظفير»، وفيها توفي «965هـ»، عن «88» عاماً، ودفن بجوار جده «المهدي»، أصابه أواخر عمره العمى، وشاهد أفول دولته، وعاش بعد أن تخلى أقرب الناس عنه على الصدقات.
عُزل مصطفى عزت «967هـ»، فحل محمود باشا محله، ويعد الأخير من أسوأ الولاة وأكثرهم فساداً، استمرت ولايته لأربع سنوات، جيء بـ رضوان بن مصطفى عزت بدلاً عنه، تجددت في عهد الأخير الحرب، ثم آل الأمر إلى الصلح، وبموجبه ضم «المطهر» إلى حكمه عدة مناطق، الأمر الذي أنعش مطامعه للتمدد أكثر، وقد جاءت الرياح بالفعل بما تشتهي سفنه.
اتسم التواجد التركي في تلك الفترة بعدم الاستقرار، بسبب كثرة الولاة، وخلافات القادة، وتمرد العسكر، الأمر الذي جعل الدولة تبدو بمظهر الضعف، زالت هيبتها، وزادت التمردات القبلية عليها، حاول «الباب العالي» إصلاح الوضع مقسماً اليمن بداية العام «974هـ» إلى إقليمين: «تهامة» وعاصمته زبيد، بقيادة مراد باشا، و«المناطق الجبلية» وعاصمته صنعاء بقيادة رضوان باشا، أما عدن وتعز فقد كانتا تابعتين للإقليم الأخير.
استعر الخلاف بين «مراد» و«رضوان»، وعُزل الأخير، فانسحب نهاية ذات العام بقواته من صنعاء إلى «الاستانة»، فيما توجه الأول بجيش كبير شمالاً لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مني في ذمار بهزيمة ماحقة، انسحب على إثرها إلى «بعدان»، وهناك تعرض لكمين، حزَّ أنصار «المطهر» رأسه، وأرسلوه هدية لإمامهم المُحاصر لصنعاء.
أرسل «المطهر» بالرأس الدامي إلى الأتراك المُحاصرين، فما كان منهم إلا أن رفعوا مطلع العام التالي راية الاستسلام، سقطت صنعاء، وصارت باقي البلاد سهلة المنال. وجه الإمام قواته «جنوباً، وغرباً، وشمالاً»، سقطت «تعز، ثم عدن، ثم جيزان»، فيما انحصرت سلطة الأتراك في زبيد وما حولها من مناطق تهامة، وأرسل «الباب العالي» بـ حسن باشا والياً، ثم أتبعه بـ عثمان بن أزدمر باشا.
حاول علي بن الشويع عامل «المطهر» على تعز السيطرة على زبيد بداية العام «976هـ»، إلا أنه مني بهزيمة نكراء، خسر فيها «300» من عساكره، الأمر الذي حفز أهالي الحجرية على التمرد بقيادة أحمد بن عبدالوهاب الحجري، ليستعيد الأتراك مدينة تعز في «شعبان» من ذات العام، فيما تحصن من تبقى من عساكر «المطهر» في قلعة القاهرة، وتكريماً للأهالي الذين تعاونوا معه، جعل عثمان باشا مدينتهم بيتا من بيوت السلطنة، وليس عليهم «بدعة، ولا مضرة، ولا ضيفة، ولا سخرة».
ما إن سقطت مدينة تعز حتى استشعر «المطهر» بالخطر؛ حشد الحشود، وأرسل المدد تلو المدد إسناداً لابن أخيه محمد بن شمس الدين المرابط حينها في «الجندية العليا»، وفي ذلك قال صاحب «روح الروح»: «ولما علم المطهر بهذه الحادثة العظيمة، والكادحة الجسيمة، شنَّ الغارات من جميع الجهات، واستصرخ العرب، وانتخب للقتال كلّ بيهس أغلب، وضمهم إلى محمد ب
ن شمس الدين ومن لديه».
تصدى عثمان باشا ببسالة لتلك الزحوفات، بمساندة مائزة من قبل أهالي جبل «صبر»، فكانت هزيمة عساكر «المطهر»، وفي ذلك قال ذات المؤرخ: «فجمع عثمان عسكره وخيله، واشتد بحبله وحوله، فما شعر محمد بن شمس الدين إلا بهزيمة من في الحصن ـ قلعة القاهرة ـ من عساكر الزيدية، بعد أن قتل منهم عدة في تلك العزمة، وأول الصدمة، وخالف عليه أهل جبل صبر، ورمي بيوم نحس مُستمر».
في تلك الأثناء، جهز الأتراك حملة عسكرية كبرى بقيادة الوزير الأعظم سنان باشا «والي مصر»، وقد استطاع الأخير خلال فترة وجيزة من استرداد أغلب المناطق اليمنية حتى صنعاء، وفي عدن سبق لـ قاسم بن الشويع عامل «المطهر» عليها أن تحالف مع البرتغاليين لصد الأتراك، إلا أنَّ محاولاته باءت بالفشل، وكان مصيره الموت.
بعد أن يئس من الفتك به، صالح سنان باشا «المطهر»، واعترف به حاكما عل بعض المناطق الشمالية، كما عمل على إصلاح ما أفسده أسلافه، كسب ولاء اليمنيين، وأبرز صورة مشرفة لـ «الدولة العثمانية»، وبُنيت خلال تلك الفترة المساجد والمدارس، وجعلت الوقفيات الكثيرة عليها، وصرفت المعاشات للفقهاء ورجالات العلم.
توزعت الانجازات «العثمانية» لتشمل أغلب مناطق اليمن، وكان اهتمامهم بتعز أكثر من غيرها، فهي -حد وصفهم- «بستان الصالحين»، والموروث الصوفي حافل بالإشادة والتقديس لذلك التواجد، يقول أحد الشعراء:
وما يمن إلا ممالك تبع
وناهيك من ملك قديم ومن فخر
تملكها من آل عثمان إذ مضت
بنو طاهر أهل الشآمة والذكر
فهل يطمع الزيدي في ملك تبع
ويأخذه من آل عثمان بالمَكر
بعد مضي عامين من تواجده في اليمن، توجه سنان باشا إلى تونس فاتحاً ونصيراً لأهلها ضد زحوفات الأسبان، وقد سبق مغادرته إرسال «الباب العالي» بـ بهرام باشا بدلاً عنه، كان الأخير بطاشاً عنيفاً، وقد استمرت ولايته لثلاث سنوات.
لم يسلم من ظلم الطاغية «المطهر» حتى أقرب الناس إليه؛ عزل أباه، وحارب إخوته، وحبس بنيه، وفيه قال الشاعر حسن بن إدريس:
ماذا نظن بمن الوى بوالده
حتى أقر له بالطوع والقود
وحاز إخوته قهراً فأوردهم
ببطشه مورد الأحزان والنكد
نعم وأولاده في السجن خلدهم
لما طوى قلبه القاسي على الجلد
وكل أملاك هذا القطر دمرهم
وصال في الكل منهم صولة الأسد
انتهت بوفاة «المطهر» منتصف العام «980هـ» إمامة أسرة «شرف الدين»، ولم يستطيعوا النهوض من جديد رغم عدة محاولات يائسة. سيطر أبناؤه على عدد من الحصون، لطف الله «حصن ذي مرمر»، وغوث الدين «حصن غفار»، وعبدالرحيم «حصن مبين»، أما حصنا «ثلا» و«كحلان»، فقد كانا تحت سيطرة علي بن يحيى بن المطهر، والحسن بن شرف الدين.
دارت بين الإخوة الأعداء حروب وخطوب، كان الناصر بن المطهر أحد ضحاياها، وقد عبر عن ذلك أحد الشعراء:
وتفرقوا شعباً فكل قبيلة
فيها أمير المؤمنين ومنبر
تصدى عثمان باشا ببسالة لتلك الزحوفات، بمساندة مائزة من قبل أهالي جبل «صبر»، فكانت هزيمة عساكر «المطهر»، وفي ذلك قال ذات المؤرخ: «فجمع عثمان عسكره وخيله، واشتد بحبله وحوله، فما شعر محمد بن شمس الدين إلا بهزيمة من في الحصن ـ قلعة القاهرة ـ من عساكر الزيدية، بعد أن قتل منهم عدة في تلك العزمة، وأول الصدمة، وخالف عليه أهل جبل صبر، ورمي بيوم نحس مُستمر».
في تلك الأثناء، جهز الأتراك حملة عسكرية كبرى بقيادة الوزير الأعظم سنان باشا «والي مصر»، وقد استطاع الأخير خلال فترة وجيزة من استرداد أغلب المناطق اليمنية حتى صنعاء، وفي عدن سبق لـ قاسم بن الشويع عامل «المطهر» عليها أن تحالف مع البرتغاليين لصد الأتراك، إلا أنَّ محاولاته باءت بالفشل، وكان مصيره الموت.
بعد أن يئس من الفتك به، صالح سنان باشا «المطهر»، واعترف به حاكما عل بعض المناطق الشمالية، كما عمل على إصلاح ما أفسده أسلافه، كسب ولاء اليمنيين، وأبرز صورة مشرفة لـ «الدولة العثمانية»، وبُنيت خلال تلك الفترة المساجد والمدارس، وجعلت الوقفيات الكثيرة عليها، وصرفت المعاشات للفقهاء ورجالات العلم.
توزعت الانجازات «العثمانية» لتشمل أغلب مناطق اليمن، وكان اهتمامهم بتعز أكثر من غيرها، فهي -حد وصفهم- «بستان الصالحين»، والموروث الصوفي حافل بالإشادة والتقديس لذلك التواجد، يقول أحد الشعراء:
وما يمن إلا ممالك تبع
وناهيك من ملك قديم ومن فخر
تملكها من آل عثمان إذ مضت
بنو طاهر أهل الشآمة والذكر
فهل يطمع الزيدي في ملك تبع
ويأخذه من آل عثمان بالمَكر
بعد مضي عامين من تواجده في اليمن، توجه سنان باشا إلى تونس فاتحاً ونصيراً لأهلها ضد زحوفات الأسبان، وقد سبق مغادرته إرسال «الباب العالي» بـ بهرام باشا بدلاً عنه، كان الأخير بطاشاً عنيفاً، وقد استمرت ولايته لثلاث سنوات.
لم يسلم من ظلم الطاغية «المطهر» حتى أقرب الناس إليه؛ عزل أباه، وحارب إخوته، وحبس بنيه، وفيه قال الشاعر حسن بن إدريس:
ماذا نظن بمن الوى بوالده
حتى أقر له بالطوع والقود
وحاز إخوته قهراً فأوردهم
ببطشه مورد الأحزان والنكد
نعم وأولاده في السجن خلدهم
لما طوى قلبه القاسي على الجلد
وكل أملاك هذا القطر دمرهم
وصال في الكل منهم صولة الأسد
انتهت بوفاة «المطهر» منتصف العام «980هـ» إمامة أسرة «شرف الدين»، ولم يستطيعوا النهوض من جديد رغم عدة محاولات يائسة. سيطر أبناؤه على عدد من الحصون، لطف الله «حصن ذي مرمر»، وغوث الدين «حصن غفار»، وعبدالرحيم «حصن مبين»، أما حصنا «ثلا» و«كحلان»، فقد كانا تحت سيطرة علي بن يحيى بن المطهر، والحسن بن شرف الدين.
دارت بين الإخوة الأعداء حروب وخطوب، كان الناصر بن المطهر أحد ضحاياها، وقد عبر عن ذلك أحد الشعراء:
وتفرقوا شعباً فكل قبيلة
فيها أمير المؤمنين ومنبر
تاريخ دخول الكرد إلى اليمن
قَـدِم «الأيوبيون» أنصار السنة – كما أسماهم بعض المؤرخين – إلى اليمن «شوال 569هـ / مايو 1174م»، بِقيادة الأخ الأكبر لصلاح الدين الأيوبي، شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وبطلب من قاسم بن غانم بن وهاس، حاكم «المخلاف السليماني – جيزان»، المهزوم حينها من قبل عبدالنبي بن علي بن مهدي.
قضى توران شاه في أقل من عام على جميع الدويلات اليمنية الـمُتصارعة ، «بنو مهدي في زبيد – خوارج»، و«بنو زريع في عدن – إسماعلية»، و«بنو حاتم في صنعاء – إسماعلية» « »، واستبقى «آل وهاس» على إقليمهم الشمالي.
كان الملك «الأيوبي» قد سيطر بعد شهر من وصوله على مدينة «عدينة – تعز» دون حرب، فأنشد «الرعيني» قائدها المـُستسلم قائلاً:
تَعزُ علينا يا عدينة جنة … نُفارقها قَسراً وأدمُعنا تَجري
ظن توران شاه من صدر البيت أنّ تعز هو اسم المدينة، فأطلق عليها ذات التسمية، ومن لحظتها صار مُتداولاً بين ألسنة العامة، وكتب المؤرخين، ولطيب هوائها؛ نصحه الأطباء – بعد أن طلب منهم اختيار المكان المناسب لإقامته – بالمكوث فيها، فاختطها، وآثر فيها المقام « ».
بعد عامين من مقدمه، قرر توران شاه العودة إلى بلاد الشام « »، وأناب عنه أربعة من رجالاته، استمروا يبعثون له الأموال حتى وفاته في الاسكندرية «576هـ»، اختلفوا بعد ذلك، واستقل كل نائب بما لديه من أعمال، وحاولوا الخروج عن طاعة «الدولة الأيوبية»، ولم تعد اليمن لأحضان تلك الدولة؛ إلا بِمقدم الشخصية «الأيوبية» الأقوى، الأخ الأصغر لصلاح الدين، سيف الإسلام طغتكين «رمضان 579هـ / ديسمبر 1183م».
ابتنى طغتكين مدينتي تعز والجند، واتخذهما مقراً لحكمه، وبه أشاد كثيرٌ من المؤرخين، لينجح بعد سبع سنوات من مقدمه في توحيد اليمن للمرة الثالثة في تاريخها « »، بعد حروب وخطوب مع معارضيه، وما أكثرهم، وكان للانتصارات المتسارعة التي حققها صلاح الدين على «الصليبيين»، وتحرير بيت المقدس «583هـ / 1187م»؛ الأثر الأكبر في ذلك.
تصدر المعارضة «الزيدية» حينها الأمير «الهادوي» محمد بن مفضل، المعروف بـ «العفيف»، أعلن نفسه مُحتسباً، وتلقب بـ «المنتصر بالله»، وإليه ينسب «بيت الوزير»، وهي أسرة معروفة حوت عدداً كبيراً من الأعلام، جعل من حصن «بيت بوس» مقراً له، واستمر بمحاربة «الأيوبيين» ردحاً من الزمن، مُسنوداً بجماعة «الـمُطرّفية»، إلا أنَّه لم يظفر بنصر.
وكان يحيى بن «المـُـتوكل» أحمد بن سليمان قد أعلن عقب وفاة والده من صعدة نفسه إماماً، رغم أنَّه لم يستوفِ شروطها، تلقب بـ «المعتز بالله»، حارب «الأيوبيين»، وقيل هادنهم، فجعلوه حاكماً باسمهم على ذات المنطقة، واستمر على ولائه لهم حتى آخر لحظة من عمره.
ومن براقش أعلن عبدالله بن حمزة « » نفسه مُحتسباً «583هـ»، وعمره آنذاك «22» عاماً، وقيل أنَّه حاول قبل ذلك أن يستنهض الأميرين «الهادويين» يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى، الشهيرين بـ «شيخي آل الرسول» لتولي الأمر، ولم يورد المؤرخون ردهما عليه، إلا أنهم أوردوا قصيدة طويلة له، خاطب بها الأمير شمس الدين يحيى بن محمد، تؤكد ما ذكرناه، جاء فيها:
يا ابـن علـي بـن أبي طالب … قم فانصر الحـق علـى الباطـل
فأنــت لا أنطقهــا كاذبـاً … عالم أهـل البيـت والعامـل
وادع فعنـدي أنهــا دعــوة … كاملــة في رجــل كامــل
وقال فيه وفي أخيه «بدر الدين» محمد:
يا يحيى يا ابن إمام الناس كلهم … أنت الذي نوره تجلى به الظلـم
فأنت صفوة أهل البيـت كلهم … وصنوك الفاضل العلامـة العلـم
أنتم سنام بني الزهـراء فاطمـة … والرأس إذ في بنيها الرأس والقـدم
تحدث بعض المؤرخين عن خلاف نشب حينها بين الأميرين و«ابن حمزة»، خاصةً عندما عزم الأخير على التوجه إلى صعدة، معقل «آل الهادي» الحصين، التقاه الأميران بجيش كبير، ثم ما لبثا أن أذعنا لسلطته، التي هي الأخرى لم تدم في جولتها الأولى طويلاً؛ تخلت القبائل بعد عامين عن نصرته؛ خوفاً من قوة «الأيوبيين» وسطوتهم، وبعد أن قتل الأخيرون أخاه الأكبر محمد في إحدى توغلاتهم «585هـ».
توفي الملك طغتكين في الجند «23 شوال 593هـ / سبتمبر 1197م»، ليُعلن في الشهر التالي عبدالله بن حمزة من «دار معين – صعدة» نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المنصور»، كان الأميران «الهادويان» يحيى ومحمد هذه المرة من أبرز أعوانه، إلا أن المودة بينهم لم تستمر طويلاً، ولم يذكر المؤرخون سبباً لذلك الخلاف.
قبل حلول العام «594هـ»، توجه «ابن حمزة» إلى ثُلا، فوفد إليه عدد من أنصار «الزيدية» مُبايعين، إلا أنَّ «الأيوبيين» أحاطوا بقواته المتحفزة، وقتلوا قائد جيشه الأمير محمد بن علي، وأجبروه ومن معه على التراجع إلى صعدة، ومنها بعث عماله إلى المناطق القريبة، مُكتفياً لبعض الوقت بِحكمها.
ساهمت الخلافات «الأيوبية – الأيوبية» بداية العام التالي؛ في تمدد «ابن حمزة» حتى صنعاء وذمار، بمساعدة كبيرة من قبل الأمير حكو بن مح
قَـدِم «الأيوبيون» أنصار السنة – كما أسماهم بعض المؤرخين – إلى اليمن «شوال 569هـ / مايو 1174م»، بِقيادة الأخ الأكبر لصلاح الدين الأيوبي، شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وبطلب من قاسم بن غانم بن وهاس، حاكم «المخلاف السليماني – جيزان»، المهزوم حينها من قبل عبدالنبي بن علي بن مهدي.
قضى توران شاه في أقل من عام على جميع الدويلات اليمنية الـمُتصارعة ، «بنو مهدي في زبيد – خوارج»، و«بنو زريع في عدن – إسماعلية»، و«بنو حاتم في صنعاء – إسماعلية» « »، واستبقى «آل وهاس» على إقليمهم الشمالي.
كان الملك «الأيوبي» قد سيطر بعد شهر من وصوله على مدينة «عدينة – تعز» دون حرب، فأنشد «الرعيني» قائدها المـُستسلم قائلاً:
تَعزُ علينا يا عدينة جنة … نُفارقها قَسراً وأدمُعنا تَجري
ظن توران شاه من صدر البيت أنّ تعز هو اسم المدينة، فأطلق عليها ذات التسمية، ومن لحظتها صار مُتداولاً بين ألسنة العامة، وكتب المؤرخين، ولطيب هوائها؛ نصحه الأطباء – بعد أن طلب منهم اختيار المكان المناسب لإقامته – بالمكوث فيها، فاختطها، وآثر فيها المقام « ».
بعد عامين من مقدمه، قرر توران شاه العودة إلى بلاد الشام « »، وأناب عنه أربعة من رجالاته، استمروا يبعثون له الأموال حتى وفاته في الاسكندرية «576هـ»، اختلفوا بعد ذلك، واستقل كل نائب بما لديه من أعمال، وحاولوا الخروج عن طاعة «الدولة الأيوبية»، ولم تعد اليمن لأحضان تلك الدولة؛ إلا بِمقدم الشخصية «الأيوبية» الأقوى، الأخ الأصغر لصلاح الدين، سيف الإسلام طغتكين «رمضان 579هـ / ديسمبر 1183م».
ابتنى طغتكين مدينتي تعز والجند، واتخذهما مقراً لحكمه، وبه أشاد كثيرٌ من المؤرخين، لينجح بعد سبع سنوات من مقدمه في توحيد اليمن للمرة الثالثة في تاريخها « »، بعد حروب وخطوب مع معارضيه، وما أكثرهم، وكان للانتصارات المتسارعة التي حققها صلاح الدين على «الصليبيين»، وتحرير بيت المقدس «583هـ / 1187م»؛ الأثر الأكبر في ذلك.
تصدر المعارضة «الزيدية» حينها الأمير «الهادوي» محمد بن مفضل، المعروف بـ «العفيف»، أعلن نفسه مُحتسباً، وتلقب بـ «المنتصر بالله»، وإليه ينسب «بيت الوزير»، وهي أسرة معروفة حوت عدداً كبيراً من الأعلام، جعل من حصن «بيت بوس» مقراً له، واستمر بمحاربة «الأيوبيين» ردحاً من الزمن، مُسنوداً بجماعة «الـمُطرّفية»، إلا أنَّه لم يظفر بنصر.
وكان يحيى بن «المـُـتوكل» أحمد بن سليمان قد أعلن عقب وفاة والده من صعدة نفسه إماماً، رغم أنَّه لم يستوفِ شروطها، تلقب بـ «المعتز بالله»، حارب «الأيوبيين»، وقيل هادنهم، فجعلوه حاكماً باسمهم على ذات المنطقة، واستمر على ولائه لهم حتى آخر لحظة من عمره.
ومن براقش أعلن عبدالله بن حمزة « » نفسه مُحتسباً «583هـ»، وعمره آنذاك «22» عاماً، وقيل أنَّه حاول قبل ذلك أن يستنهض الأميرين «الهادويين» يحيى ومحمد ابني أحمد بن يحيى، الشهيرين بـ «شيخي آل الرسول» لتولي الأمر، ولم يورد المؤرخون ردهما عليه، إلا أنهم أوردوا قصيدة طويلة له، خاطب بها الأمير شمس الدين يحيى بن محمد، تؤكد ما ذكرناه، جاء فيها:
يا ابـن علـي بـن أبي طالب … قم فانصر الحـق علـى الباطـل
فأنــت لا أنطقهــا كاذبـاً … عالم أهـل البيـت والعامـل
وادع فعنـدي أنهــا دعــوة … كاملــة في رجــل كامــل
وقال فيه وفي أخيه «بدر الدين» محمد:
يا يحيى يا ابن إمام الناس كلهم … أنت الذي نوره تجلى به الظلـم
فأنت صفوة أهل البيـت كلهم … وصنوك الفاضل العلامـة العلـم
أنتم سنام بني الزهـراء فاطمـة … والرأس إذ في بنيها الرأس والقـدم
تحدث بعض المؤرخين عن خلاف نشب حينها بين الأميرين و«ابن حمزة»، خاصةً عندما عزم الأخير على التوجه إلى صعدة، معقل «آل الهادي» الحصين، التقاه الأميران بجيش كبير، ثم ما لبثا أن أذعنا لسلطته، التي هي الأخرى لم تدم في جولتها الأولى طويلاً؛ تخلت القبائل بعد عامين عن نصرته؛ خوفاً من قوة «الأيوبيين» وسطوتهم، وبعد أن قتل الأخيرون أخاه الأكبر محمد في إحدى توغلاتهم «585هـ».
توفي الملك طغتكين في الجند «23 شوال 593هـ / سبتمبر 1197م»، ليُعلن في الشهر التالي عبدالله بن حمزة من «دار معين – صعدة» نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المنصور»، كان الأميران «الهادويان» يحيى ومحمد هذه المرة من أبرز أعوانه، إلا أن المودة بينهم لم تستمر طويلاً، ولم يذكر المؤرخون سبباً لذلك الخلاف.
قبل حلول العام «594هـ»، توجه «ابن حمزة» إلى ثُلا، فوفد إليه عدد من أنصار «الزيدية» مُبايعين، إلا أنَّ «الأيوبيين» أحاطوا بقواته المتحفزة، وقتلوا قائد جيشه الأمير محمد بن علي، وأجبروه ومن معه على التراجع إلى صعدة، ومنها بعث عماله إلى المناطق القريبة، مُكتفياً لبعض الوقت بِحكمها.
ساهمت الخلافات «الأيوبية – الأيوبية» بداية العام التالي؛ في تمدد «ابن حمزة» حتى صنعاء وذمار، بمساعدة كبيرة من قبل الأمير حكو بن مح
مد، وبعض القادة «الأيوبيين» المتمردين، وهي سيطرة لم تدم سوى بضعة أشهر؛ وكانت سبباً لأن يُوحد «الأيوبيون» صفوفهم، تحت راية أسوأ ملوكهم، إسماعيل بن طغتكين « »، الذي استقل بحكم اليمن، وتلقب بـ «المـُـعز لدين الله».
أثناء دخوله الأول مدينة صنعاء، قال «ابن حمزة»:
فجاءت آزال جمع الله شملها … وأسدى إليها الصالحات وأنعما
فجادوا بفتح الباب وابتهجوا بنا … وقالوا لنا أهلا وسهلاً ومغنما
وقال أيضاً:
وصارت لنا صنعاء داراً وهجرة … وجاء لنا فتح بذاك سريع
وقدنا إلى شطي ذمار فوارساً … عليها من الصبر الكريم دروع
ففي اليمن الميمون ملك مسيبٌ … وجند لأمر الآمرين مطيع
وفي ذمار، استعد «ابن حمزة» لملاقاة «الأيوبيين»، وقد جمع – كما ذكر «ابن كثير» – نحو «12,000» فارس، ومن الرجالة جمعاً كثيراً، فأرسل الله صاعقة نزلت عليهم، ولم يبق منهم سوى طائفة، غشيهم «المعز»، وقتل منهم نحو «6,000»، وكان الأمير حكو من جملة القتلى، وهي رواية لم يشر إليها أحد من المؤرخين اليمنيين.
دخل «المعز» إسماعيل صنعاء مُنتصراً، وانسحب «المنصور» عبدالله بن حمزة إلى خمر مُنكسراً، وهناك وفي منتصف العام «595هـ» جاءه يحيى بن «المـُـتوكل» أحمد بن سليمان خاضعاً مُبايعاً، وفيه قال علي بن نشوان الحميري:
دلتك همتك الشريفة للتقى … ولمرتقى في المجد أعلى مرتقى
ودعتك أنساب زكت علوية … نبوية للعز في دار البقا
صدَّقت حسن الظن فيك ولم تزل … أبداً لراجي الخير فيك مصدِّقا
سبق لـ يحيى أن أعلن تمرده على «ابن حمزة»، وتحصن في «مبين – حجة»، طلب منه – هذه المرة – ولاية صعدة، المدينة التي سبق وأن ولاه طغكتين إياها، فأعطيها، ثم ما لبث أن جدد من «بيت مساك – الجوف» تمرده، وقيل دعوته، ثم يمم صوب صنعاء خطاه.
بعد أن حظي بدعم «الأيوبيين»، عاد يحيى أدراجه مُنتشياً، آخذاً في نشر الدعوة لإسماعيل بن طغكتين، جاعلاً من هجرة «قاعة – عيال يزيد» مقراً له، ومنها راسل «ابن حمزة»، وسبه سباً فاحشاً، ودعاه بـــ «مسيلمة الكذاب»، لتدور على تخوم ذات المنطقة معركتان، كانت الأخيرة في «جنات – عمران»، انتهت بأسره، حُبس في خمر، وفي مسجد ذات المدينة قام يحيى بن حمزة بقتله خنقاً بعمامة كان يرتديها.
تَعمق بعد ذلك الخِلاف بين «الحمزات» و«آل الهادي»، وانضم بعض الأمراء «الهادويين» كـعلي بن يحيى، وسليمان بن محمد – فيما بعد – لصفِ «الأيوبيين»، وفي شهارة وقف أحفاد القاسم العياني أيضاً ضد الإمام «الحمزي»، وتصدر جعفر بن القاسم تلك المعارضة، وفي «المخلاف السليماني» ناصر «آل وهاس» – وهم سنيون – «الأيوبيين»، وحاربوا معهم «ابن حمزة» في أكثر من موقعة.
وقد دعاهم «ابن حمزة» أكثر من مرة لنصرته، وقال في إحدى قصائده:
تعالوا نقاتل عن مقام أبيكم … وندفع عنه بالقنا وظبا الهند
فما قمت إلا ثائراً بدمائكم … فإن لم تعينوني ثأرت به وحدي
وفي المقابل، كان السلطان «الإسماعيلي» علي بن حاتم اليامي من أبرز مُناصري «ابن حمزة»، كانت بينهما مُصاهرة، وقيل أنَّه أول من حفزه ليُعلن نفسه إماماً، وأن يتصدر مشهد محاربة «الأيوبيين»، وأعطاه لأجل ذلك بعض الحصون، ليعتزل «اليامي» الحرب؛ وذلك بعد أن رفض «الحمزي» تسليمه صنعاء، قبل أن يخرجهم «المعز» إسماعيل منها، استقر في حصنه «ذي ذمرمر – الغراس»، وفيه كانت وفاته «597هـ».
عمل «ابن حمزة» على تأسيس جيش نظامي، إلا أن محاولته باءت بالفشل، كما أنَّه لم يقد معظم معاركه بنفسه؛ بل كان يعتمد على أقربائه، ولم يستقر في منطقة بعينها؛ بل ظل مُتنقلاً ما بين «الجوف، وصعدة، وحوث، وحجة، وشبام كوكبان، وثلا، وخمر، وبراقش»، إما ساعياً لتثبيت سلطانه، أو هارباً من مطاردة «الأيوبيين» له.
أثناء مكوثه في براقش – مُنطلق دعوته – عزم «ابن حمزة» على ضم مأرب وبيحان لسلطته، وقد أرسل لذات الغرض جيشاً بقيادة الأمير سليمان بن حمزة، وقعت بين الأخير وبين أهل تلك البلاد حروب كثيرة، كانت الدائرة فيها على الأخيرين، وحين امتنعوا عن الأذان بـ «حي على خير العمل»، كتب «ابن حمزة» إليهم عدة رسائل، هددهم فيها بالعدول عن ذلك.
أذعن أهل مأرب لتهديداته، فارتجز قائلاً:
إذا بدت مثل السعالى من دغل … وطلعت فوق الرماح كالشعل
وأيقنوا أن الحِمام قد نزل … نادى مُناديهم على خير العمل
أما أهل بيحان فقد أصروا على الامتناع، وفي ذلك قال صاحب «أنباء الزمن»: «نهض الإمام بنفسه إلى أهل بيحان، بعد أن كرر الكتب إليهم يأمرهم بلزوم الطاعة، وإقامة الجمعة والجماعة، والأذان بحي على خير العمل، فلم يمتثلوا، واجتمعوا للمحاربة، ففرق الله شملهم، وأمر الإمام بقطع نخيلهم، وزروعهم، وعاد إلى براقش ظافراً».
اغتيل «المعز» إسماعيل بن طغتكين «18 رجب 598هـ»، فاضطر الأمراء الأكراد إلى تنصيب أخيه الأصغر أيوب – الذي تلقب بـ «الناصر» – خلفاً له، وعينوا الأمير سيف الدين «سنقر» – مملوك والده – أتابكاً، اضطربت حينها أمور الب
أثناء دخوله الأول مدينة صنعاء، قال «ابن حمزة»:
فجاءت آزال جمع الله شملها … وأسدى إليها الصالحات وأنعما
فجادوا بفتح الباب وابتهجوا بنا … وقالوا لنا أهلا وسهلاً ومغنما
وقال أيضاً:
وصارت لنا صنعاء داراً وهجرة … وجاء لنا فتح بذاك سريع
وقدنا إلى شطي ذمار فوارساً … عليها من الصبر الكريم دروع
ففي اليمن الميمون ملك مسيبٌ … وجند لأمر الآمرين مطيع
وفي ذمار، استعد «ابن حمزة» لملاقاة «الأيوبيين»، وقد جمع – كما ذكر «ابن كثير» – نحو «12,000» فارس، ومن الرجالة جمعاً كثيراً، فأرسل الله صاعقة نزلت عليهم، ولم يبق منهم سوى طائفة، غشيهم «المعز»، وقتل منهم نحو «6,000»، وكان الأمير حكو من جملة القتلى، وهي رواية لم يشر إليها أحد من المؤرخين اليمنيين.
دخل «المعز» إسماعيل صنعاء مُنتصراً، وانسحب «المنصور» عبدالله بن حمزة إلى خمر مُنكسراً، وهناك وفي منتصف العام «595هـ» جاءه يحيى بن «المـُـتوكل» أحمد بن سليمان خاضعاً مُبايعاً، وفيه قال علي بن نشوان الحميري:
دلتك همتك الشريفة للتقى … ولمرتقى في المجد أعلى مرتقى
ودعتك أنساب زكت علوية … نبوية للعز في دار البقا
صدَّقت حسن الظن فيك ولم تزل … أبداً لراجي الخير فيك مصدِّقا
سبق لـ يحيى أن أعلن تمرده على «ابن حمزة»، وتحصن في «مبين – حجة»، طلب منه – هذه المرة – ولاية صعدة، المدينة التي سبق وأن ولاه طغكتين إياها، فأعطيها، ثم ما لبث أن جدد من «بيت مساك – الجوف» تمرده، وقيل دعوته، ثم يمم صوب صنعاء خطاه.
بعد أن حظي بدعم «الأيوبيين»، عاد يحيى أدراجه مُنتشياً، آخذاً في نشر الدعوة لإسماعيل بن طغكتين، جاعلاً من هجرة «قاعة – عيال يزيد» مقراً له، ومنها راسل «ابن حمزة»، وسبه سباً فاحشاً، ودعاه بـــ «مسيلمة الكذاب»، لتدور على تخوم ذات المنطقة معركتان، كانت الأخيرة في «جنات – عمران»، انتهت بأسره، حُبس في خمر، وفي مسجد ذات المدينة قام يحيى بن حمزة بقتله خنقاً بعمامة كان يرتديها.
تَعمق بعد ذلك الخِلاف بين «الحمزات» و«آل الهادي»، وانضم بعض الأمراء «الهادويين» كـعلي بن يحيى، وسليمان بن محمد – فيما بعد – لصفِ «الأيوبيين»، وفي شهارة وقف أحفاد القاسم العياني أيضاً ضد الإمام «الحمزي»، وتصدر جعفر بن القاسم تلك المعارضة، وفي «المخلاف السليماني» ناصر «آل وهاس» – وهم سنيون – «الأيوبيين»، وحاربوا معهم «ابن حمزة» في أكثر من موقعة.
وقد دعاهم «ابن حمزة» أكثر من مرة لنصرته، وقال في إحدى قصائده:
تعالوا نقاتل عن مقام أبيكم … وندفع عنه بالقنا وظبا الهند
فما قمت إلا ثائراً بدمائكم … فإن لم تعينوني ثأرت به وحدي
وفي المقابل، كان السلطان «الإسماعيلي» علي بن حاتم اليامي من أبرز مُناصري «ابن حمزة»، كانت بينهما مُصاهرة، وقيل أنَّه أول من حفزه ليُعلن نفسه إماماً، وأن يتصدر مشهد محاربة «الأيوبيين»، وأعطاه لأجل ذلك بعض الحصون، ليعتزل «اليامي» الحرب؛ وذلك بعد أن رفض «الحمزي» تسليمه صنعاء، قبل أن يخرجهم «المعز» إسماعيل منها، استقر في حصنه «ذي ذمرمر – الغراس»، وفيه كانت وفاته «597هـ».
عمل «ابن حمزة» على تأسيس جيش نظامي، إلا أن محاولته باءت بالفشل، كما أنَّه لم يقد معظم معاركه بنفسه؛ بل كان يعتمد على أقربائه، ولم يستقر في منطقة بعينها؛ بل ظل مُتنقلاً ما بين «الجوف، وصعدة، وحوث، وحجة، وشبام كوكبان، وثلا، وخمر، وبراقش»، إما ساعياً لتثبيت سلطانه، أو هارباً من مطاردة «الأيوبيين» له.
أثناء مكوثه في براقش – مُنطلق دعوته – عزم «ابن حمزة» على ضم مأرب وبيحان لسلطته، وقد أرسل لذات الغرض جيشاً بقيادة الأمير سليمان بن حمزة، وقعت بين الأخير وبين أهل تلك البلاد حروب كثيرة، كانت الدائرة فيها على الأخيرين، وحين امتنعوا عن الأذان بـ «حي على خير العمل»، كتب «ابن حمزة» إليهم عدة رسائل، هددهم فيها بالعدول عن ذلك.
أذعن أهل مأرب لتهديداته، فارتجز قائلاً:
إذا بدت مثل السعالى من دغل … وطلعت فوق الرماح كالشعل
وأيقنوا أن الحِمام قد نزل … نادى مُناديهم على خير العمل
أما أهل بيحان فقد أصروا على الامتناع، وفي ذلك قال صاحب «أنباء الزمن»: «نهض الإمام بنفسه إلى أهل بيحان، بعد أن كرر الكتب إليهم يأمرهم بلزوم الطاعة، وإقامة الجمعة والجماعة، والأذان بحي على خير العمل، فلم يمتثلوا، واجتمعوا للمحاربة، ففرق الله شملهم، وأمر الإمام بقطع نخيلهم، وزروعهم، وعاد إلى براقش ظافراً».
اغتيل «المعز» إسماعيل بن طغتكين «18 رجب 598هـ»، فاضطر الأمراء الأكراد إلى تنصيب أخيه الأصغر أيوب – الذي تلقب بـ «الناصر» – خلفاً له، وعينوا الأمير سيف الدين «سنقر» – مملوك والده – أتابكاً، اضطربت حينها أمور الب
لاد عليهم، ليتقوى في المقابل أمر «ابن حمزة».
سيطر «ابن حمزة» بسرعة خاطفة على أغلب مناطق «اليمن الأعلى»، بمساعدة كبيرة من قبل بعض قبائل «همدان»، الذين قال فيهم:
من الصيد من فرعي بكيل وحاشد … مقاول حرب حين تدعى مقاوله
هم نصروا آل النبي محمد … وراح بهم عصر الضلال وباطله
استجمع «الأيوبيون» بعد ذلك قواهم، واستطاع الأمير «سنقر» أن يلَّم شتاتهم، استعادوا في ذات العام ذمار ثم صنعاء، وصولاً إلى «البون الأعلى»، صالحوا «بني حاتم»، واعترفوا بسلطات «ابن حمزة» – بعد معارك محدودة – على «الظاهران، والجوف، وصعدة»، على أن يدفع «مائة جمل محملة حديداً من صعدة، وعشرين رأساً من الخيل»، وعقد الصلح بينهما على ذلك، إلا أنَّه لم يدم طويلاً.
تجددت المواجهات، وفي قرية «الصف» – مشرق نهم – دارت معركة كبرى «8 شعبان 600هـ / 12 إبريل 1204م»، هزمت فيها قوات «ابن حمزة»، وقُتل فيها خلق كثير من أنصاره، على رأسهم شقيقه إبراهيم قائد جيشه، احتز «الأيوبيون» رأس الأخير، وأرسلوه إلى تعز، حيث يقطن ملكهم الصغير.
كان «ابن حمزة» حينها في «شُوابة – ذيبين»، ومن هناك حرض أنصاره على الثأر بقصيدة طويلة، جاء فيها:
لنعم الفتى ودعت يوم شُوابةٍ … وداعاً تلاقينا له صيحةُ الحشرِ
فيا راكباً وجناء حرفا شِمِلةٌ … أموناً على قطع المفاوز والقفرِ
تحمل إلى قحطان عني رسالة … وعدنان فتيان الصباح ذوي الفخرِ
أترضون أنَّ العُجم فيكم تحكموا … وأنتم صميم العُرب بالقتلِ والأسرِ
استمرت المواجهات بين «الحمزات» و«الأيوبيين»، وهي بِمُجملها معارك كر وفر، وصل الأخيرون خلالها إلى «شبام كوكبان، وحجة، وحوث، وخمر، وبراقش، وصعدة»، وأخربوا في بعضها دوراً عامرة لـ «ابن حمزة»، إلا أنَّ الأخير تمكّن من استعادة أغلب تلك المناطق، لتتجدد المصالحة مطلع العام «602هـ».
نُقضت المصالحة، وقام «الحمزات» في العام التالي بعدة عمليات دفاعية وهجومية، توجهوا صوب تهامة، وعاثوا في منطقة «المهجم» – على ضفاف وادي سردد – قتلاً، ونهباً، وحرقاً، وخراباً، وامتدت أيديهم إلى الأطفال والنساء، سبوا العشرات، وعادوا متباهيين بما كسبوا، ليصالحوا «الأيوبيين» مطلع العام «605هـ»، على نفس شروط المصالحة الأولى، أما القبائل الشمالية فقد تأرجحت موالاتها بين الجانبين، ولم تستقر كعادتها على حال.
توفي «ابن حمزة» بمدينة كوكبان «12 محرم 614هـ»، عن «52» عاماً، بعد أن نقض صلحه مع الملك «المسعود»، وقبل أن يحقق طموحاته التوسعية، فخلفه ولده الشاب عز الدين محمد، والذي كان حينها في جبل «كنن – خولان العالية» يقود إحدى معاركه الخاسرة مع «الأيوبيين»، اختبره بعض فقهاء مذهبه في علمه، فوجدوه ضعيفاً ناقصاً عن رتبة الإمامة، فلم يخطبوا له، إلا أنّه أعلن نفسه مُحتسباً، وتلقب بــ «الناصر».
تنفس «الأيوبيون» بعد وفاة «ابن حمزة» الصعداء، انقضوا بسرعة خاطفة على أغلب مدن وحصون «اليمن الأعلى»، ساهمت الخلافات «الزيدية – الزيدية» في تمددهم، فيما بقي «الحمزات» مُسيطرين على بعض الحصون، صالحهم الملك «المسعود» مرتين، ونجح في استمالة قريبهم الأمير سليمان بن موسى «617هـ/ 1220م»، فكانت نهاية الأخير قتيلاً على أيديهم.
بعد تسع سنوات من الانكماش، قاد عز الدين محمد «1,700» من مُقاتليه – وقيل أكثر – لاجتياح صنعاء، وفي «عَصر» هزمه «الأيوبيون» بقيادة عمر بن علي رسول – مؤسس «الدولة الرسولية» كما سيأتي – هزيمة نكراء «26 رجب623هـ / يوليو 1226»، وهي معركة «لم يسمع بمثلها فيما مضى»، حد توصيف صاحب «السمط الغالي»، وأضاف ذات المؤرخ: «فيقال أن الذين أمكن جزّ رؤوسهم ألف أو يزيدون.. وانهزم الأشراف لا يلوي أحد منهم على أحد».
أصيب عز الدين محمد في تلك المعركة بإحدى عينيه، ولم يعد معه من مقاتليه سوى «40» فرداً، جلهم من أسرته، انسحب بهم إلى ثلا، وفي حوث وقبل أن ينتهي ذلك العام كانت وفاته، عن «32» عاماً، وقيل مات متأثراً بجراحه.
وقف «بنو حاتم» إلى جانب «الأيوبيين» في معاركهم الأخيرة، وسبق لـ علوان بن بشر بن حاتم اليامي أن أرسل إلى عز الدين محمد بعد تلك المعركة ناصحاً ومُتشفياً:
فإن تقبل نصيحة ذي واداد … فإن النصح من شيم الكرام
أتيتم طائعين إلى مليك … شريف النفس ذي منن جسام
فتى هُزّت بنو أيوب منِهُ … حسامُ مَصىً يفُلُّ شبا الحسام
فأجابه عز الدين محمد:
وكيف تعدُّ هذا القول نصحاً … وقد صدعت له صمُّ السِلاّم
فوا عجباً تدافع عن حمانا … وتنُسبنا إلى فعل اللئام
وإن كانوا لعمر أبيك أسداً … بني لدى الوقائع بالصُّرام
استعصت صعدة قبل ذلك على «الأيوبيين»، ومنها أعلن يحيى بن المحسن بن محفوظ « » نفسه إماماً «صفر 614هـ / مايو 1217»، مُسنوداً بقبائلها، ومشايخها، وعلمائها، وعدد من بني عمومته، وهو أحد تلاميذ محمد بن نشوان الحميري، وأحد أحفاد «الهادي» يحيى بن الحسين، وإليه ينسب «آل الشامي» و«آل الأخفش».
قال مُعتداً
سيطر «ابن حمزة» بسرعة خاطفة على أغلب مناطق «اليمن الأعلى»، بمساعدة كبيرة من قبل بعض قبائل «همدان»، الذين قال فيهم:
من الصيد من فرعي بكيل وحاشد … مقاول حرب حين تدعى مقاوله
هم نصروا آل النبي محمد … وراح بهم عصر الضلال وباطله
استجمع «الأيوبيون» بعد ذلك قواهم، واستطاع الأمير «سنقر» أن يلَّم شتاتهم، استعادوا في ذات العام ذمار ثم صنعاء، وصولاً إلى «البون الأعلى»، صالحوا «بني حاتم»، واعترفوا بسلطات «ابن حمزة» – بعد معارك محدودة – على «الظاهران، والجوف، وصعدة»، على أن يدفع «مائة جمل محملة حديداً من صعدة، وعشرين رأساً من الخيل»، وعقد الصلح بينهما على ذلك، إلا أنَّه لم يدم طويلاً.
تجددت المواجهات، وفي قرية «الصف» – مشرق نهم – دارت معركة كبرى «8 شعبان 600هـ / 12 إبريل 1204م»، هزمت فيها قوات «ابن حمزة»، وقُتل فيها خلق كثير من أنصاره، على رأسهم شقيقه إبراهيم قائد جيشه، احتز «الأيوبيون» رأس الأخير، وأرسلوه إلى تعز، حيث يقطن ملكهم الصغير.
كان «ابن حمزة» حينها في «شُوابة – ذيبين»، ومن هناك حرض أنصاره على الثأر بقصيدة طويلة، جاء فيها:
لنعم الفتى ودعت يوم شُوابةٍ … وداعاً تلاقينا له صيحةُ الحشرِ
فيا راكباً وجناء حرفا شِمِلةٌ … أموناً على قطع المفاوز والقفرِ
تحمل إلى قحطان عني رسالة … وعدنان فتيان الصباح ذوي الفخرِ
أترضون أنَّ العُجم فيكم تحكموا … وأنتم صميم العُرب بالقتلِ والأسرِ
استمرت المواجهات بين «الحمزات» و«الأيوبيين»، وهي بِمُجملها معارك كر وفر، وصل الأخيرون خلالها إلى «شبام كوكبان، وحجة، وحوث، وخمر، وبراقش، وصعدة»، وأخربوا في بعضها دوراً عامرة لـ «ابن حمزة»، إلا أنَّ الأخير تمكّن من استعادة أغلب تلك المناطق، لتتجدد المصالحة مطلع العام «602هـ».
نُقضت المصالحة، وقام «الحمزات» في العام التالي بعدة عمليات دفاعية وهجومية، توجهوا صوب تهامة، وعاثوا في منطقة «المهجم» – على ضفاف وادي سردد – قتلاً، ونهباً، وحرقاً، وخراباً، وامتدت أيديهم إلى الأطفال والنساء، سبوا العشرات، وعادوا متباهيين بما كسبوا، ليصالحوا «الأيوبيين» مطلع العام «605هـ»، على نفس شروط المصالحة الأولى، أما القبائل الشمالية فقد تأرجحت موالاتها بين الجانبين، ولم تستقر كعادتها على حال.
توفي «ابن حمزة» بمدينة كوكبان «12 محرم 614هـ»، عن «52» عاماً، بعد أن نقض صلحه مع الملك «المسعود»، وقبل أن يحقق طموحاته التوسعية، فخلفه ولده الشاب عز الدين محمد، والذي كان حينها في جبل «كنن – خولان العالية» يقود إحدى معاركه الخاسرة مع «الأيوبيين»، اختبره بعض فقهاء مذهبه في علمه، فوجدوه ضعيفاً ناقصاً عن رتبة الإمامة، فلم يخطبوا له، إلا أنّه أعلن نفسه مُحتسباً، وتلقب بــ «الناصر».
تنفس «الأيوبيون» بعد وفاة «ابن حمزة» الصعداء، انقضوا بسرعة خاطفة على أغلب مدن وحصون «اليمن الأعلى»، ساهمت الخلافات «الزيدية – الزيدية» في تمددهم، فيما بقي «الحمزات» مُسيطرين على بعض الحصون، صالحهم الملك «المسعود» مرتين، ونجح في استمالة قريبهم الأمير سليمان بن موسى «617هـ/ 1220م»، فكانت نهاية الأخير قتيلاً على أيديهم.
بعد تسع سنوات من الانكماش، قاد عز الدين محمد «1,700» من مُقاتليه – وقيل أكثر – لاجتياح صنعاء، وفي «عَصر» هزمه «الأيوبيون» بقيادة عمر بن علي رسول – مؤسس «الدولة الرسولية» كما سيأتي – هزيمة نكراء «26 رجب623هـ / يوليو 1226»، وهي معركة «لم يسمع بمثلها فيما مضى»، حد توصيف صاحب «السمط الغالي»، وأضاف ذات المؤرخ: «فيقال أن الذين أمكن جزّ رؤوسهم ألف أو يزيدون.. وانهزم الأشراف لا يلوي أحد منهم على أحد».
أصيب عز الدين محمد في تلك المعركة بإحدى عينيه، ولم يعد معه من مقاتليه سوى «40» فرداً، جلهم من أسرته، انسحب بهم إلى ثلا، وفي حوث وقبل أن ينتهي ذلك العام كانت وفاته، عن «32» عاماً، وقيل مات متأثراً بجراحه.
وقف «بنو حاتم» إلى جانب «الأيوبيين» في معاركهم الأخيرة، وسبق لـ علوان بن بشر بن حاتم اليامي أن أرسل إلى عز الدين محمد بعد تلك المعركة ناصحاً ومُتشفياً:
فإن تقبل نصيحة ذي واداد … فإن النصح من شيم الكرام
أتيتم طائعين إلى مليك … شريف النفس ذي منن جسام
فتى هُزّت بنو أيوب منِهُ … حسامُ مَصىً يفُلُّ شبا الحسام
فأجابه عز الدين محمد:
وكيف تعدُّ هذا القول نصحاً … وقد صدعت له صمُّ السِلاّم
فوا عجباً تدافع عن حمانا … وتنُسبنا إلى فعل اللئام
وإن كانوا لعمر أبيك أسداً … بني لدى الوقائع بالصُّرام
استعصت صعدة قبل ذلك على «الأيوبيين»، ومنها أعلن يحيى بن المحسن بن محفوظ « » نفسه إماماً «صفر 614هـ / مايو 1217»، مُسنوداً بقبائلها، ومشايخها، وعلمائها، وعدد من بني عمومته، وهو أحد تلاميذ محمد بن نشوان الحميري، وأحد أحفاد «الهادي» يحيى بن الحسين، وإليه ينسب «آل الشامي» و«آل الأخفش».
قال مُعتداً
بنفسه:
أنا كنز الله في الأرض وما … قلت في دعواي هذا كذبا
وأمين الله في الخلق فهل … بعد هذا ابتغي لي مكسبا
تلقب الإمام الجديد بـ «المعتضد بالله»، عارضته غالبية قبائل «همدان»، وناصرته قبائل «خولان الشام»، أمدته الأخيرة بالمال والرجال، خاض بهم حروبه، وحقق بعض الانتصارات، وقال فيهم:
وناد بخولان ابن عمرو إمامهم … فلبت سراعاً نحوه صيد خولان
قبائل حلت في قتام ويسنم … وبين فقيع قد أقاموا وقيوان
مآثرهم في الجوف تحكي وحجة … وفي شظب تروى وفي رأس يونان
وهم فتحوا مقراً معاً وسحولها … وهم عسكر يزهو بهم كل سلطان
رغم أنَّ عبدالله بن حمزة قال بأنَّه لا يعلم في دار الإسلام من هو أعلم من يحيى بن المحسن، وأنَّ معه علم أربعة أئمة، إلا أنَّ «الحمزات» بقيادة ولده عز الدين محمد حاربوه، ألبوا عليه قبائل «همدان»، وأخذوا منه مدينة صعدة عنوة، وقتلوا في «الجبجب» علي بن يحيى بن أحمد بن سليمان، أحد أبرز أنصاره.
طالب حينها «المعتضد» يحيى النصرة من الأمير أحمد بن القاسم آل هاس حاكم «المخلاف السليماني»، وخاطبه في إحدى أشعاره قائلاً:
فعارضها أبنا حمزة عنوة … ومالوا إلى الشتوي جهلاً وقلدوا
أترضى بهذا يا سلالة قاسم … وكشف حريم جدهن محمد
وقتل أمير من بني الحسن الرضى … إمام الهدى جد له ليس يجحد
هم حسدوا إرثنا من جدودنا … ضلالاً وأرباب الرئاسة تحسد
ثلاثون منا من إمام نعده … ومُحتسب هل فيهم ذاك يوجد
تنقل «المعتضد» يحيى ما بين «خولان الشام، والأهنوم، وشهارة»، وفي الأخيرة حظي بمساندة أحفاد القاسم العياني، شاركوه بعض حروبه، حقق بهم بعض الانتصارات، فيما كانت معاركه في جولتها الثانية مع «الحمزات» سجالاً، حاول استعادة مدينة صعدة منهم أكثر من مرة، ليُحصر بعد هزيمته في ضواحيها.
كان «المعتضد» يحيى بشهادة كثير من المؤرخين سيء الحظ، تفرق بعد ثلاث سنوات من الصراع أصحابه عنه، وكذلك بنو عمومته، فقال فيهم:
يا شيعة الهادي إلى الحق هل لكم … إذا سأل الله العباد جواب
رجوتكم أن تنصروا وتعاضدوا … ونصركم لي غيبة وسباب
أيعجزكم حمل المواضي لنصرتي … فأثقل من سيف عصا وجراب
وقد كان في غربان يوم … وفي الجبجب المعمور فهو خراب
استقر «المعتضد» يحيى بعد ذلك في «خولان الشام»، وتفرغ للتأليف والعبادة، وقيل أنَّه اعتزل الأمر، لتعود بتنحيه «الإمامة الزيدية» إلى حالة الضعف والانكماش، وفي منطقة «ساقين» كانت وفاته «رجب 636هـ / 1239م»، وذلك بعد ثمان سنوات من ميلاد «الدولة الرسولية»
كان عهد السلطان الرسولي الخامس «المجاهد» علي « » بن «المؤيد» داؤود ، الذي تَولى الحكم أواخر العام «721هـ / 1321م» مَليئاً بالتمردات الصادمة، وكان أقساها تمرد عدد من أبناء عمومته، ثم ثلاثة من أولاده عليه، ليتشجع بعض مشايخ الدولة، ورجالاتها الفاعلين على رفع راية العصيان، استغل «الإماميون» ذلك، دعموا بعض الأمراء المـُـتمردين، وبدأوا يخططون للتوسع على حساب الدولة المـُـنهكة أكثر فأكثر.
وقد صور صاحب «مسالك الأبصار» ذلك العصر بقوله: «واليمن مفرق الملك، بعضه بيد الشرفاء المطيعين لإمام الزيديّة لا يطيعون إلاّ لأئمتهم القائمين منهم إمام بعد إمام، وقاعدة مملكته صنعاء، وبعضه بيد أكراد عصاة على ملوك اليمن، وبعضه بأيدي عرب لا تطيع».
قويت في المـُـقابل شوكة «المهدي» محمد بن «المـُـتوكل» المـُطهر، وذلك بعد «22» عاماً من إمامته، تحول من الدفاع إلى الهجوم، حارب «الإسماعيليين»، وخرَّب مَنازلهم، واستولى على صنعاء «شعبان 723هـ / أغسطس 1323م»، وأنهى في العام التالي سيطرة «الرسوليين» على معظم مناطق «اليمن الأعلى»، وتوجه بداية العام «726هـ» إلى عدن بآلاف المقاتلين لمـُـناصرة أحد الأمراء المـُـتمردين.
لم يَستمر تواجد «المهدي» محمد « » المسنود من قبل «الأكراد» في عدن كثيراً، غادرها بعد عدة أيام إلى ماوية، ومن الأخيرة عاد مُنكسراً دون أن يظفر بطائل، ليراسل السلطان «المملوكي» محمد بن قلاوون طالباً نصرته ضد «المجاهد» علي، مُستغلاً الخلاف بينهما، ممنياً «سلطان مصر» بالكثير من الغنائم، لم يحقق الأخير له طلبه، واكتفى بالرد عليه قائلاً: «إنَّه لا رغبة لنا في السلب، وأنَّ النصرة تكون لله خالصة».
استقر «المهدي» محمد بعد ذلك في حصن «ذي مرمر»، وفيه كانت وفاته «22 ذو الحجة 728هـ»، عن «64» عاماً، ودفن في صنعاء، ليعلن من بلاد «شظب – السودة» علي بن صلاح بن «المهدي» إبراهيم بن تاج الدين نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «الناصر»، وهو كسلفه من نسل «الهادي» يحيى، تأججت بدعوته نار المـُـنازعات، وثارت حوله الاعتراضات، ولم يطل بقاؤه كثيراً.
سيطر «الحمزات» في تلك الأثناء على مدينة صنعاء، ومن ضواحي الأخيرة، وبدعم منهم، أعلن يحيى بن حمزة بن علي « » نفسه إماماً «2 رجب 729هـ»، تلقب بـــ «المؤيد»، وهو أول «حسيني» يتولى «الإمامة الزيدية» في اليمن، قدم جده وأبوه من العراق مع الإمام يحيى السراجي،
أنا كنز الله في الأرض وما … قلت في دعواي هذا كذبا
وأمين الله في الخلق فهل … بعد هذا ابتغي لي مكسبا
تلقب الإمام الجديد بـ «المعتضد بالله»، عارضته غالبية قبائل «همدان»، وناصرته قبائل «خولان الشام»، أمدته الأخيرة بالمال والرجال، خاض بهم حروبه، وحقق بعض الانتصارات، وقال فيهم:
وناد بخولان ابن عمرو إمامهم … فلبت سراعاً نحوه صيد خولان
قبائل حلت في قتام ويسنم … وبين فقيع قد أقاموا وقيوان
مآثرهم في الجوف تحكي وحجة … وفي شظب تروى وفي رأس يونان
وهم فتحوا مقراً معاً وسحولها … وهم عسكر يزهو بهم كل سلطان
رغم أنَّ عبدالله بن حمزة قال بأنَّه لا يعلم في دار الإسلام من هو أعلم من يحيى بن المحسن، وأنَّ معه علم أربعة أئمة، إلا أنَّ «الحمزات» بقيادة ولده عز الدين محمد حاربوه، ألبوا عليه قبائل «همدان»، وأخذوا منه مدينة صعدة عنوة، وقتلوا في «الجبجب» علي بن يحيى بن أحمد بن سليمان، أحد أبرز أنصاره.
طالب حينها «المعتضد» يحيى النصرة من الأمير أحمد بن القاسم آل هاس حاكم «المخلاف السليماني»، وخاطبه في إحدى أشعاره قائلاً:
فعارضها أبنا حمزة عنوة … ومالوا إلى الشتوي جهلاً وقلدوا
أترضى بهذا يا سلالة قاسم … وكشف حريم جدهن محمد
وقتل أمير من بني الحسن الرضى … إمام الهدى جد له ليس يجحد
هم حسدوا إرثنا من جدودنا … ضلالاً وأرباب الرئاسة تحسد
ثلاثون منا من إمام نعده … ومُحتسب هل فيهم ذاك يوجد
تنقل «المعتضد» يحيى ما بين «خولان الشام، والأهنوم، وشهارة»، وفي الأخيرة حظي بمساندة أحفاد القاسم العياني، شاركوه بعض حروبه، حقق بهم بعض الانتصارات، فيما كانت معاركه في جولتها الثانية مع «الحمزات» سجالاً، حاول استعادة مدينة صعدة منهم أكثر من مرة، ليُحصر بعد هزيمته في ضواحيها.
كان «المعتضد» يحيى بشهادة كثير من المؤرخين سيء الحظ، تفرق بعد ثلاث سنوات من الصراع أصحابه عنه، وكذلك بنو عمومته، فقال فيهم:
يا شيعة الهادي إلى الحق هل لكم … إذا سأل الله العباد جواب
رجوتكم أن تنصروا وتعاضدوا … ونصركم لي غيبة وسباب
أيعجزكم حمل المواضي لنصرتي … فأثقل من سيف عصا وجراب
وقد كان في غربان يوم … وفي الجبجب المعمور فهو خراب
استقر «المعتضد» يحيى بعد ذلك في «خولان الشام»، وتفرغ للتأليف والعبادة، وقيل أنَّه اعتزل الأمر، لتعود بتنحيه «الإمامة الزيدية» إلى حالة الضعف والانكماش، وفي منطقة «ساقين» كانت وفاته «رجب 636هـ / 1239م»، وذلك بعد ثمان سنوات من ميلاد «الدولة الرسولية»
كان عهد السلطان الرسولي الخامس «المجاهد» علي « » بن «المؤيد» داؤود ، الذي تَولى الحكم أواخر العام «721هـ / 1321م» مَليئاً بالتمردات الصادمة، وكان أقساها تمرد عدد من أبناء عمومته، ثم ثلاثة من أولاده عليه، ليتشجع بعض مشايخ الدولة، ورجالاتها الفاعلين على رفع راية العصيان، استغل «الإماميون» ذلك، دعموا بعض الأمراء المـُـتمردين، وبدأوا يخططون للتوسع على حساب الدولة المـُـنهكة أكثر فأكثر.
وقد صور صاحب «مسالك الأبصار» ذلك العصر بقوله: «واليمن مفرق الملك، بعضه بيد الشرفاء المطيعين لإمام الزيديّة لا يطيعون إلاّ لأئمتهم القائمين منهم إمام بعد إمام، وقاعدة مملكته صنعاء، وبعضه بيد أكراد عصاة على ملوك اليمن، وبعضه بأيدي عرب لا تطيع».
قويت في المـُـقابل شوكة «المهدي» محمد بن «المـُـتوكل» المـُطهر، وذلك بعد «22» عاماً من إمامته، تحول من الدفاع إلى الهجوم، حارب «الإسماعيليين»، وخرَّب مَنازلهم، واستولى على صنعاء «شعبان 723هـ / أغسطس 1323م»، وأنهى في العام التالي سيطرة «الرسوليين» على معظم مناطق «اليمن الأعلى»، وتوجه بداية العام «726هـ» إلى عدن بآلاف المقاتلين لمـُـناصرة أحد الأمراء المـُـتمردين.
لم يَستمر تواجد «المهدي» محمد « » المسنود من قبل «الأكراد» في عدن كثيراً، غادرها بعد عدة أيام إلى ماوية، ومن الأخيرة عاد مُنكسراً دون أن يظفر بطائل، ليراسل السلطان «المملوكي» محمد بن قلاوون طالباً نصرته ضد «المجاهد» علي، مُستغلاً الخلاف بينهما، ممنياً «سلطان مصر» بالكثير من الغنائم، لم يحقق الأخير له طلبه، واكتفى بالرد عليه قائلاً: «إنَّه لا رغبة لنا في السلب، وأنَّ النصرة تكون لله خالصة».
استقر «المهدي» محمد بعد ذلك في حصن «ذي مرمر»، وفيه كانت وفاته «22 ذو الحجة 728هـ»، عن «64» عاماً، ودفن في صنعاء، ليعلن من بلاد «شظب – السودة» علي بن صلاح بن «المهدي» إبراهيم بن تاج الدين نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «الناصر»، وهو كسلفه من نسل «الهادي» يحيى، تأججت بدعوته نار المـُـنازعات، وثارت حوله الاعتراضات، ولم يطل بقاؤه كثيراً.
سيطر «الحمزات» في تلك الأثناء على مدينة صنعاء، ومن ضواحي الأخيرة، وبدعم منهم، أعلن يحيى بن حمزة بن علي « » نفسه إماماً «2 رجب 729هـ»، تلقب بـــ «المؤيد»، وهو أول «حسيني» يتولى «الإمامة الزيدية» في اليمن، قدم جده وأبوه من العراق مع الإمام يحيى السراجي،
وهذا الأخير جده لأمه.
كان «المؤيد» يحيى بن حمزة عالماً غزير التصنيف، كثير الأنصار، وصلت دعوته إلى «بلاد الظاهر، وصعدة، والشرف»، وفي حصن «هران – ذمار» آثر الاستقرار، وأقسم ذات نهار أمام محبيه: أنَّه «ما يعلم من أمير المؤمنين – يقصد علي بن أبي طالب – إلى وقته من هو أعلم منه».
ومن «حرف سفيان» أعلن أحمد بن علي الفتحي – من نسل أبي الفتح الديلمي – نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المـُـتوكل»، وعارضه في ذات الوقت المـُطهر بن «المهدي» محمد، مُتلقباً بـ «الواثق»، كان الاثنان ضعيفين، قليلي الأنصار؛ وقيل أنَّهما تنحيا بسبب ذلك لـ «المؤيد» يحيي، ومن أشعار «الواثق» التي توضح منهجه العُنصري، قوله:
لا ترتضي غير آل المصطفى وزرا… فالآل حق وغـير الآل كـالآل « »
فآيـة الـود والـتطهير أنزلتـا… فيهم كما قد رووا من غيرِ إشكال
وهم سفينة نوح كل من حملـت … أنجته من أزل أهـواء وأهـوال
والمصطفى قال إنَّ العلم في عقبي … فاطلبه ثَمَّ وخل الناصب القـالي
رغم انشغال «الرسوليين» خلال تلك الحقبة بصراعتهم البينية، وجه «المجاهد» علي حملة عَسكرية قوامها «11,400» مقاتل مسنودة بـ «المنجنيق» للسيطرة على ذمار « ذي الحجة 738هـ»، نجحوا في ذلك، واقتحموا حصن «هران» معقل «المؤيد» يحيى، واستمر زين الدين قراجا قائد تلك الحملة والياً على تلك الجهة لأقل من عام، تمرد عليه «الأكراد»، وعادت ذمار لحكم «الإمامة الزيدية» من جديد.
كان «المؤيد» يحيى مُسالماً للغاية، لم يُسجل عليه المؤرخون أي أعمال عدائية، عدا محاربته بداية حكمه لــ «الاسماعليين»، وذكروا أنَّه تفرَّغ بعد ذلك للتأليف والعبادة، وأنَّه كان إمام علم أكثر مما هو إمام قتال وسياسة، توفي في «29 رمضان 749هـ»، عن «82» عاماً، ودفن في حصن «هران»، وعلى ظهر قبته كتب «الواثق» المـُطهر قصيدة طويلة، جاء فيها:
نـور النبـوة والهـدى المـُـتهلل … أرسـى كلاكلـه ولم يتحــول
في قبةٍ نصبت على خير الـورى … قدراً وأشرف في الفخار وأفـضل
يا زائراً يرجو النجاة من الـردى … عن قـبره وضـريحه لا تعـدل
شرفت ذمار بقبر يحيى مثـل مـا … شرفت مدينة يثـرب بالمرسـل
فليهن أهل ذمار حـسن جـواره … فيما مضى وكذاك في المـُـستقبل
جدد «الواثق» المـُطهر بداية العام التالي دعوته، وذلك بالتزامن مع إعلان علي بن محمد بن علي من ثلا نفسه إماماً، تلقب الأخير بـ «المهدي»، وهو من نسل «الهادي» يحيى، كان قوياً عكس أسلافه، عارضه «الحمزات»، وناصره كثيرون.
تنحى له «الواثق» المـُطهر بعد أشهر من دعوته، وقال في خطبة تنحيه: «فأبى الله أن يجعل البسط والقبض، والإبـرام والـنقض، والرفع والخفض، وإقامة السنة والفرض، إلا في مستودع سره، وترجمان ذكره، وولي نهيه وأمره، ومنفذ تهديده وزجره، علم الشرف الأطول، وطراز العترة الأهول، وصفوة المصطفى، وسبط الأئمة الخلفاء، الخليفة الولي، المهدي لدين الملك العلي، علي بـن محمد بن علي صلوات الله عليه وسلامه».
كعادة أي إمام «زيدي»، طلب «المهدي» علي من أنصاره بذل أنفسهم وأموالهم لنصرته، وحين رأى من أهالي صعدة فتوراً، وعدم استجابة، طلب من القاضي جمال الدين علي بن محمد الدواري أن يكتب إليهم قصيدة شعرية، يحرضهم فيها على الجهاد، فقال الأخير:
تخاذل أهل الدين عن نصر دينهم … وأجمع أهل المنكرات على النكر
فأين حماة الدين من آل أحمد … وشيعتهم أهل الفضائل والذكر
وأين ليوث الحرب من آل حيدر … وأبناء قحطان الجحاجحة الزهر
وأين الكرام المنفقون تضرعاً … لكسب المعالي والمحامد والذكر
ولإكمال المشهد أترككم مع ما قاله صاحب «مأثر الأبرار»: «فبكى عند سماعها – يقصد القصيدة – جماعة من القوم حتى اخضلت لحاهم، وتعاقدوا في ذلك الوقت، وتعاهدوا عنده على بذل الأموال والأرواح بين أيدي إمامهم.. وجعلوا ما يحتاجون إليه من ذلك على مقاسم، وألزموا أنفسهم في ذلك مائة ألف درهم».
بدأ «المهدي» علي عهده بمحاربة «الحمزات»، واستئصال شأفتهم، وأجبر معظمهم على الهروب إلى «اليمن الأسفل»، كما نكل بـ «الإسماعليين»، وخرَّب مناطقهم، وذكر مؤرخو «الزيدية» أنَّه «أزال سبع عشرة دولة ظالمة»، حتى دانت له غالبية مناطق «اليمن الأعلى» عدا صنعاء، وأنَّه جعل من ذمار مقراً لحكمه؛ بسبب مصاهرته لـ «أكرادها»، وليسهل له التمدد جنوباً وغرباً على حساب «الدولة الرسولية» (3).
وبالعودة إلى أخبار «الدولة الرسولية»، فقد تولى السلطان «الأفضل» عباس « » بن «المجاهد» علي، زمامها وذلك بعد وفاة أبيه في عدن «25 جمادي الأولى 764هـ / مارس 1363م»، رغم وجود من هو أكبر منه سناً، ورث عن سلفه تلك الأوضاع المضطربة، وانفتح له – حد توصيف الخزرجي – في كل ناحية باب فساد.
لم يستسلم السلطان «الرسولي» الجديد لليأس، اهتم ببناء الجيش، وعمل بكل ما أوتي من عزيمة وصبر وقوة على تهدئة الأوضاع، أعاد السيطرة خلال الثلاث السنوات الأولى من حكمه على كثير من المناطق التهامية، التي سبق
كان «المؤيد» يحيى بن حمزة عالماً غزير التصنيف، كثير الأنصار، وصلت دعوته إلى «بلاد الظاهر، وصعدة، والشرف»، وفي حصن «هران – ذمار» آثر الاستقرار، وأقسم ذات نهار أمام محبيه: أنَّه «ما يعلم من أمير المؤمنين – يقصد علي بن أبي طالب – إلى وقته من هو أعلم منه».
ومن «حرف سفيان» أعلن أحمد بن علي الفتحي – من نسل أبي الفتح الديلمي – نفسه إماماً، مُتلقباً بـ «المـُـتوكل»، وعارضه في ذات الوقت المـُطهر بن «المهدي» محمد، مُتلقباً بـ «الواثق»، كان الاثنان ضعيفين، قليلي الأنصار؛ وقيل أنَّهما تنحيا بسبب ذلك لـ «المؤيد» يحيي، ومن أشعار «الواثق» التي توضح منهجه العُنصري، قوله:
لا ترتضي غير آل المصطفى وزرا… فالآل حق وغـير الآل كـالآل « »
فآيـة الـود والـتطهير أنزلتـا… فيهم كما قد رووا من غيرِ إشكال
وهم سفينة نوح كل من حملـت … أنجته من أزل أهـواء وأهـوال
والمصطفى قال إنَّ العلم في عقبي … فاطلبه ثَمَّ وخل الناصب القـالي
رغم انشغال «الرسوليين» خلال تلك الحقبة بصراعتهم البينية، وجه «المجاهد» علي حملة عَسكرية قوامها «11,400» مقاتل مسنودة بـ «المنجنيق» للسيطرة على ذمار « ذي الحجة 738هـ»، نجحوا في ذلك، واقتحموا حصن «هران» معقل «المؤيد» يحيى، واستمر زين الدين قراجا قائد تلك الحملة والياً على تلك الجهة لأقل من عام، تمرد عليه «الأكراد»، وعادت ذمار لحكم «الإمامة الزيدية» من جديد.
كان «المؤيد» يحيى مُسالماً للغاية، لم يُسجل عليه المؤرخون أي أعمال عدائية، عدا محاربته بداية حكمه لــ «الاسماعليين»، وذكروا أنَّه تفرَّغ بعد ذلك للتأليف والعبادة، وأنَّه كان إمام علم أكثر مما هو إمام قتال وسياسة، توفي في «29 رمضان 749هـ»، عن «82» عاماً، ودفن في حصن «هران»، وعلى ظهر قبته كتب «الواثق» المـُطهر قصيدة طويلة، جاء فيها:
نـور النبـوة والهـدى المـُـتهلل … أرسـى كلاكلـه ولم يتحــول
في قبةٍ نصبت على خير الـورى … قدراً وأشرف في الفخار وأفـضل
يا زائراً يرجو النجاة من الـردى … عن قـبره وضـريحه لا تعـدل
شرفت ذمار بقبر يحيى مثـل مـا … شرفت مدينة يثـرب بالمرسـل
فليهن أهل ذمار حـسن جـواره … فيما مضى وكذاك في المـُـستقبل
جدد «الواثق» المـُطهر بداية العام التالي دعوته، وذلك بالتزامن مع إعلان علي بن محمد بن علي من ثلا نفسه إماماً، تلقب الأخير بـ «المهدي»، وهو من نسل «الهادي» يحيى، كان قوياً عكس أسلافه، عارضه «الحمزات»، وناصره كثيرون.
تنحى له «الواثق» المـُطهر بعد أشهر من دعوته، وقال في خطبة تنحيه: «فأبى الله أن يجعل البسط والقبض، والإبـرام والـنقض، والرفع والخفض، وإقامة السنة والفرض، إلا في مستودع سره، وترجمان ذكره، وولي نهيه وأمره، ومنفذ تهديده وزجره، علم الشرف الأطول، وطراز العترة الأهول، وصفوة المصطفى، وسبط الأئمة الخلفاء، الخليفة الولي، المهدي لدين الملك العلي، علي بـن محمد بن علي صلوات الله عليه وسلامه».
كعادة أي إمام «زيدي»، طلب «المهدي» علي من أنصاره بذل أنفسهم وأموالهم لنصرته، وحين رأى من أهالي صعدة فتوراً، وعدم استجابة، طلب من القاضي جمال الدين علي بن محمد الدواري أن يكتب إليهم قصيدة شعرية، يحرضهم فيها على الجهاد، فقال الأخير:
تخاذل أهل الدين عن نصر دينهم … وأجمع أهل المنكرات على النكر
فأين حماة الدين من آل أحمد … وشيعتهم أهل الفضائل والذكر
وأين ليوث الحرب من آل حيدر … وأبناء قحطان الجحاجحة الزهر
وأين الكرام المنفقون تضرعاً … لكسب المعالي والمحامد والذكر
ولإكمال المشهد أترككم مع ما قاله صاحب «مأثر الأبرار»: «فبكى عند سماعها – يقصد القصيدة – جماعة من القوم حتى اخضلت لحاهم، وتعاقدوا في ذلك الوقت، وتعاهدوا عنده على بذل الأموال والأرواح بين أيدي إمامهم.. وجعلوا ما يحتاجون إليه من ذلك على مقاسم، وألزموا أنفسهم في ذلك مائة ألف درهم».
بدأ «المهدي» علي عهده بمحاربة «الحمزات»، واستئصال شأفتهم، وأجبر معظمهم على الهروب إلى «اليمن الأسفل»، كما نكل بـ «الإسماعليين»، وخرَّب مناطقهم، وذكر مؤرخو «الزيدية» أنَّه «أزال سبع عشرة دولة ظالمة»، حتى دانت له غالبية مناطق «اليمن الأعلى» عدا صنعاء، وأنَّه جعل من ذمار مقراً لحكمه؛ بسبب مصاهرته لـ «أكرادها»، وليسهل له التمدد جنوباً وغرباً على حساب «الدولة الرسولية» (3).
وبالعودة إلى أخبار «الدولة الرسولية»، فقد تولى السلطان «الأفضل» عباس « » بن «المجاهد» علي، زمامها وذلك بعد وفاة أبيه في عدن «25 جمادي الأولى 764هـ / مارس 1363م»، رغم وجود من هو أكبر منه سناً، ورث عن سلفه تلك الأوضاع المضطربة، وانفتح له – حد توصيف الخزرجي – في كل ناحية باب فساد.
لم يستسلم السلطان «الرسولي» الجديد لليأس، اهتم ببناء الجيش، وعمل بكل ما أوتي من عزيمة وصبر وقوة على تهدئة الأوضاع، أعاد السيطرة خلال الثلاث السنوات الأولى من حكمه على كثير من المناطق التهامية، التي سبق
وأن سيطر عليها قبل عامين الأمير المـُــتمرد محمد بن ميكائيل، لتستعيد الدولة بذلك بعضاً من عافيتها.
وذكر المؤرخ الخزرجي أنَّ «الأكراد» وبعض الأمراء «الإماميين» ــ بشقيهم «الحمزي» و«الهادوي» ــــ ساندوا «السلطان الرسولي» في حربه تلك، ولم يشر إلى وجود تحالف بينه وبين «الواثق» محمد ضد «المهدي» علي، كما ذكر بعض المؤرخين، وللإمام المتنحي قصائد كثيرة تؤكد طبيعة علاقته مع الجانبين، وتثبت أنَّ تحالفه الأخير كان وقتياً، انتهى بانتهاء ذلك القتال.
قال «الواثق» محمد في إحدى قصائده:
فلما استوى العباس في الملك وانجلت … دياجير للنظار في جنحها أعشى
دعانا فلبينا نداه بعصبة … ترُش الثرى من ضربها رشا
بهاليل من أبناء فاطمة التي … قضى فضلها في الخلق من خلق العرشا
وفي المقابل، كانت علاقة «المهدي» علي مع «الرسوليين» شديدة التوتر، تربص بـ «الأفضل» عباس وبدولته شراً، ساند «ابن ميكائيل»، وعمل على دعم «المـُظفر» يحيى ضد أخيه السلطان، وأمد الأمير المـُـتمرد بالمقاتلين الأشداء «صفر 766هـ»؛ من أجل الاستيلاء على مدينة حرض، إلا أنَّ محاولتهما وتحالفهما باء بالفشل.
وحين أعلن أشراف «المخلاف السليماني» بعد خمس سنوات تمردهم على «الدولة الرسولية»، أرسل «المهدي» علي بقوات كثيرة لمساندتهم، اسقطوا حرض، ثم واصلوا تقدمهم جنوباً حتى زبيد، حاصروها «جمادي الأولى 771 هـ / ديسمبر 1369م»، لينسحبوا بعد أن عجزوا عن السيطرة عليها إلى «الكدراء»، وفي الأخيرة استقروا لخمسة أشهر.
أرسل السلطان «الأفضل» حملة عسكرية كبيرة لمطاردتهم، بقيادة الأمير أمين الدين أهيف المجاهدي، والأمير ابو بكر السنبلي، أدرك «الإماميون» حينها أن لا طاقة لهم بمواجهة تلك القوات، ولوا هاربين إلى «المهجم»، وعادوا قبل أن ينتهي ذلك العام من حيث أتوا.
أعاد «الإماميون» بعد عامٍ وبضعة أشهر الكرة على تهامة، تصدى «الرسوليون» لهم بحزم هذه المرة، هزموهم هزيمة مُنكرة، وقتلوا قائدهم محمد بن إدريس، و«100» من أصحابه، وأجبروهم ومعهم الأمير المـُـتمرد محمد بن ميكائيل على الهروب، التجأ الأخير إلى «المهدي» علي، أعطاه حصن «المفتاح – حجة»، وظل والياً عليه حتى وفاته.
كما تبادل شعراء الدولتين خلال تلك الحقبة مُساجلات شعرية فيها الكثير من التحريض، وهي بمجملها توضح مرارة ذلك الصراع، وفضاعة العداء المستشري بين الجانبين، وحين قال الشاعر «الرسولي» محمد بن الراعي مُخاطباً الإمام «الزيدي»:
أبى الرحمن إلا أن ترانا … لأهل السنة البيضاء سناما
ومن مدح الملوك ينال عزاً … ويَلقى الذُل من مَدح الإماما
وما كالأفضل العباس تلقى … مليكاً لا وراء ولا أماما
عدمنا خيلنا إن لم تروها … على أبواب صعدتكم قياما
وكل جدوده لكم استباحوا … فسوف يكون في هذا لزاما
رد عليه الشاعر «الإمامي» يحيى بن الحسن الصعدي بقصيدة طويلة، خاطب فيها السلطان «الرسولي» على لسان سيده الإمام قائلاً:
فيا ابن التركمان بأي وجه … تحوز الفضل خلفاً أو أماما
تطاولني وباعك في المعالي … قصير ما بلغت به مراما
أنا وجه المفاخر حين تبدو … أنا ساق الهدى حين استقاما
أنا السيف المهند قد علمتم … إذا طلع الضلال إلي هاما
فإن أحببت تشبه عبد عبدي … فسر نحو العلى سبعين عاما
فكم من وقعة دارت عليكم … تركنا المحصنات بها أياما
ويوم زبيد خيمنا عليها … وأقعدنا معاقلها القياما
وأخربنا المساكن حين كنا … بدار الكفر لا نهوى المقاما
ولـمَّـا كان «المهدي» علي «جارودياً» مُتعصباً، صرح بعض فقهاء «الزيدية» وبتحريض منه بتكفير مُخالفيهم، وكتب الفقيه يحيى الصعدي رسالة طويلة مليئة بالمفردات المـُـقززة، خاطب بها أتباع المذهب «الشافعي» قائلاً: «تركتم سفن النجاة، وسلالة الرسول، وتسميتم بأهل السنة والجماعة، من الوقاحة وكثرة الخلاعة».
وأضاف: «أليس مذهبكم التجويز والجبر، فأخبرونا ما معنى النهي والأمر.. مقالات أخذتموها عن أرسطا طاليس، وعقائد شيخكم فيها إبليس، لتهجمن بكم طرق الغواية إلى النار، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار».
كما شبه أولئك الغلاة المـُـتعصبون إمامهم بالملاك الآتي من السماء، «لما خصه الله به من البهاء، وأتم له من النور»، حد توصيف أحدهم، وألصقوا به معجزات خارقة، منها: أنَّه مسح على رجل يبست يده حتى أعاد لها الحياة، والمفارقة الصادمة أنَّه – أي الإمام – أصيب في آخر عمره بالشلل، ولم تُغن مُعجزاته الخارقة عنه شيئاً!!.
أثناء مرضه الأخير، وفي نهاية عقده السابع، أناب «المهدي» علي ولده، وقائد جنده، وولي عهده الأمير صلاح الدين محمد بدلاً عنه، وحين أثر المرض على عقله؛ أعلن نائبه من ذمار نفسه إماماً «صفر 773هـ / أغسطس 1371م»، مُتلقباً بـ «الناصر»، وذلك قبل عام واحد من وفاة سلفه، نقل جثمان والده المتوفي إلى صعدة، ودفنه بوصية منه جوار «الهادي» يحيى، وكان بشهادة كثير من المؤرخين أسوأ منهما بكثير.
موعد مع الجحيم
«أنا لكم ما ش
وذكر المؤرخ الخزرجي أنَّ «الأكراد» وبعض الأمراء «الإماميين» ــ بشقيهم «الحمزي» و«الهادوي» ــــ ساندوا «السلطان الرسولي» في حربه تلك، ولم يشر إلى وجود تحالف بينه وبين «الواثق» محمد ضد «المهدي» علي، كما ذكر بعض المؤرخين، وللإمام المتنحي قصائد كثيرة تؤكد طبيعة علاقته مع الجانبين، وتثبت أنَّ تحالفه الأخير كان وقتياً، انتهى بانتهاء ذلك القتال.
قال «الواثق» محمد في إحدى قصائده:
فلما استوى العباس في الملك وانجلت … دياجير للنظار في جنحها أعشى
دعانا فلبينا نداه بعصبة … ترُش الثرى من ضربها رشا
بهاليل من أبناء فاطمة التي … قضى فضلها في الخلق من خلق العرشا
وفي المقابل، كانت علاقة «المهدي» علي مع «الرسوليين» شديدة التوتر، تربص بـ «الأفضل» عباس وبدولته شراً، ساند «ابن ميكائيل»، وعمل على دعم «المـُظفر» يحيى ضد أخيه السلطان، وأمد الأمير المـُـتمرد بالمقاتلين الأشداء «صفر 766هـ»؛ من أجل الاستيلاء على مدينة حرض، إلا أنَّ محاولتهما وتحالفهما باء بالفشل.
وحين أعلن أشراف «المخلاف السليماني» بعد خمس سنوات تمردهم على «الدولة الرسولية»، أرسل «المهدي» علي بقوات كثيرة لمساندتهم، اسقطوا حرض، ثم واصلوا تقدمهم جنوباً حتى زبيد، حاصروها «جمادي الأولى 771 هـ / ديسمبر 1369م»، لينسحبوا بعد أن عجزوا عن السيطرة عليها إلى «الكدراء»، وفي الأخيرة استقروا لخمسة أشهر.
أرسل السلطان «الأفضل» حملة عسكرية كبيرة لمطاردتهم، بقيادة الأمير أمين الدين أهيف المجاهدي، والأمير ابو بكر السنبلي، أدرك «الإماميون» حينها أن لا طاقة لهم بمواجهة تلك القوات، ولوا هاربين إلى «المهجم»، وعادوا قبل أن ينتهي ذلك العام من حيث أتوا.
أعاد «الإماميون» بعد عامٍ وبضعة أشهر الكرة على تهامة، تصدى «الرسوليون» لهم بحزم هذه المرة، هزموهم هزيمة مُنكرة، وقتلوا قائدهم محمد بن إدريس، و«100» من أصحابه، وأجبروهم ومعهم الأمير المـُـتمرد محمد بن ميكائيل على الهروب، التجأ الأخير إلى «المهدي» علي، أعطاه حصن «المفتاح – حجة»، وظل والياً عليه حتى وفاته.
كما تبادل شعراء الدولتين خلال تلك الحقبة مُساجلات شعرية فيها الكثير من التحريض، وهي بمجملها توضح مرارة ذلك الصراع، وفضاعة العداء المستشري بين الجانبين، وحين قال الشاعر «الرسولي» محمد بن الراعي مُخاطباً الإمام «الزيدي»:
أبى الرحمن إلا أن ترانا … لأهل السنة البيضاء سناما
ومن مدح الملوك ينال عزاً … ويَلقى الذُل من مَدح الإماما
وما كالأفضل العباس تلقى … مليكاً لا وراء ولا أماما
عدمنا خيلنا إن لم تروها … على أبواب صعدتكم قياما
وكل جدوده لكم استباحوا … فسوف يكون في هذا لزاما
رد عليه الشاعر «الإمامي» يحيى بن الحسن الصعدي بقصيدة طويلة، خاطب فيها السلطان «الرسولي» على لسان سيده الإمام قائلاً:
فيا ابن التركمان بأي وجه … تحوز الفضل خلفاً أو أماما
تطاولني وباعك في المعالي … قصير ما بلغت به مراما
أنا وجه المفاخر حين تبدو … أنا ساق الهدى حين استقاما
أنا السيف المهند قد علمتم … إذا طلع الضلال إلي هاما
فإن أحببت تشبه عبد عبدي … فسر نحو العلى سبعين عاما
فكم من وقعة دارت عليكم … تركنا المحصنات بها أياما
ويوم زبيد خيمنا عليها … وأقعدنا معاقلها القياما
وأخربنا المساكن حين كنا … بدار الكفر لا نهوى المقاما
ولـمَّـا كان «المهدي» علي «جارودياً» مُتعصباً، صرح بعض فقهاء «الزيدية» وبتحريض منه بتكفير مُخالفيهم، وكتب الفقيه يحيى الصعدي رسالة طويلة مليئة بالمفردات المـُـقززة، خاطب بها أتباع المذهب «الشافعي» قائلاً: «تركتم سفن النجاة، وسلالة الرسول، وتسميتم بأهل السنة والجماعة، من الوقاحة وكثرة الخلاعة».
وأضاف: «أليس مذهبكم التجويز والجبر، فأخبرونا ما معنى النهي والأمر.. مقالات أخذتموها عن أرسطا طاليس، وعقائد شيخكم فيها إبليس، لتهجمن بكم طرق الغواية إلى النار، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار».
كما شبه أولئك الغلاة المـُـتعصبون إمامهم بالملاك الآتي من السماء، «لما خصه الله به من البهاء، وأتم له من النور»، حد توصيف أحدهم، وألصقوا به معجزات خارقة، منها: أنَّه مسح على رجل يبست يده حتى أعاد لها الحياة، والمفارقة الصادمة أنَّه – أي الإمام – أصيب في آخر عمره بالشلل، ولم تُغن مُعجزاته الخارقة عنه شيئاً!!.
أثناء مرضه الأخير، وفي نهاية عقده السابع، أناب «المهدي» علي ولده، وقائد جنده، وولي عهده الأمير صلاح الدين محمد بدلاً عنه، وحين أثر المرض على عقله؛ أعلن نائبه من ذمار نفسه إماماً «صفر 773هـ / أغسطس 1371م»، مُتلقباً بـ «الناصر»، وذلك قبل عام واحد من وفاة سلفه، نقل جثمان والده المتوفي إلى صعدة، ودفنه بوصية منه جوار «الهادي» يحيى، وكان بشهادة كثير من المؤرخين أسوأ منهما بكثير.
موعد مع الجحيم
«أنا لكم ما ش