اليمن_تاريخ_وثقافة
10.5K subscribers
141K photos
348 videos
2.17K files
24.5K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#اليمن والغزو الاجنبي

بحث مقارن لحملات الغزاة المتعاقبة على اليمن عبر التاريخ خلص إلى أن الغزاة لايستفيدون من التجارب
لقد تركت الممالك اليمنية صراعها مع البيني جانباً واتحدث ضد الاحتلال الحبشي بعد ان تأكدت ان مملكة اكسون تدير وتستغل ذلك الصراع لصالحها
من اهم اسباب رفض القبائل العربية دعوة اليمنيين الى التوحد حالة الضعف الناتجة عن تباين ولائها للفرس والروم
نستكمل حلقتنا لهذ العدد عرض الفصل السابع من هذا البحث والذي تناولنا في حلقات سابقة استعراض الجزء الأكبر منه والذي خصصه الباحث للغزو الأيوبي لليمن في القرن الحادي عشر الميلادي لنضع القارئ أمام صورة مكبرة ومقربة لتصرفات الولاة الأيوبيين وفسادهمومجازرهم الفضيعة الذي أدى إلى ثورة الشعب اليمني عليهم في معارك عديدة، فإلى الحصيلة:

عرض/ امين ابو حيدر
ومما يمكن الاستفادة منه من خلال قراءة تلك المراحل الثلاث وما كتب عنها استنادا إلى النقوش والآثار وما نقل عبر الإخباريين ما يلي :
خلافات اليمنيين أو بالأصح الممالك والدويلات كانت من أهم العوامل المساعدة للأجنبي في تحقيق أهدافه وبلوغ الأرض اليمنية وإدارة الصراع بين تلك الممالك فقد كان الخلاف بين سبأ وحضرموت من جهة والقوة الصاعدة وقتها الريدانيين وهم حمير من جهة ثانية إضافة إلى تطلع مراكز نفوذ أخرى للحكم كهمدان هذا في المرحلة الأولى وتكررت بقوى أخرى في المرحلة الثانية.
إن كل تلك المراكز سرعان ما اتحدت ضد الأحباش بعد أن تأكد لها أن مملكة أكسوم تعمل على إدارة واستغلال الصراع بين كل تلك القوى فتارة تتحالف مع سبأ ضد حمير وتارة مع حمير ضد سبأ ومع أقيال ضد آخرين وهكذا .
إن الممالك أو الدويلات اليمنية وقتها انشغلت بالصراعات فيما بينها فتركت أمر البحر وتخلت عن مهامها في تعزيز القوة العسكرية البحرية إذ يرى بعض المؤرخين أن عدم امتلاك الدولة الحميرية وقتها أسطولا بحرياً كان من أهم العوامل المساعدة للأحباش في السيطرة على الساحل الغربي ... والإهمال هنا لا يعود بحسب ما نعتقد إلى قصور في الرؤية بل إلى أولويات أخرى رأت مراكز الحكم وقتها أنها أكثر أهمية من غيرها، فالصراع الداخلي والغزوات وإخضاع المناطق وبسط السيطرة تصدر قائمة الأولويات يليه الوضع العمراني والزراعي..
ثم إن تاريخ الممالك اليمنية القديمة يؤكد أنها كانت المسيطرة على طرق التجارة البحرية وكان اليمنيون من يتحكمون بالبحرين الأحمر والعربي وأجزاء من المحيط الهندي وكانت السفن والبضائع لا تمر من باب المندب إلا بعد أن تأخذ موافقة اليمنيين وهذا الاهتمام بالبحر تضاءل بعد الميلاد سيما بعد الحملة الرومانية وضعف الممالك القديمة.
إن اليمنيين لم يتوقفوا عن الثورة ضد الاحتلال حتى في تلك اللحظة التي حاول فيها المحتل أن يصور لهم أن هناك روابط تجمعهم ،فها هو أبرهة رغم ادعائه أنه ملك اليمن وتلقب بلقب الملوك الحميريين وأعاد بناء سد مأرب وأعلن انفصاله عن مملكة أكسوم إلا أن ذلك لم يؤدِ إلى توقف الثورة ضده ،ويقول بعض المؤرخين إن الأحباش القادمين إلى اليمن ادعوا أن أصولهم يمنية وذلك لتبرير حكمهم لليمن وسيطرتهم عليه ثم إن محاولة أبرهه الانفصال باليمن عن مملكة أكسوم يعود إلى أن خيرات اليمن كانت تكفي لإقامة إمبراطورية مستقلة فاليمن وقتها كان يمتلك الثروات والعوامل والأسباب المؤهلة لنشوء دولة قوية كالزراعة والموقع الجغرافي والشعب.
فتح المجال للتبشير الديني أو الغزو الثقافي كارثة كبيرة على الكيان الوطني ومقدمة للاحتلال العسكري فنشر الدين أمر ثانوي في جميع الحركات التبشيرية ولا غرو فالمبشر يسبق الجيش إلى كل مكان .
بقاء الاحتلال الحبشي واستمراره لسنوات لا يعود إلى قوة الأحباش بل إلى وقوف جزء من اليمنيين مع المحتل الذي كان يستخدم عملاءه وأتباعه في القضاء على الثوار وتبرير بقائه وشرعنة حكمه وهو ما ساهم في إضعاف الروح المعنوية للثوار ودفعهم للبحث عن وسائل تضمن حسم المعركة بشكل سريع.

الفصل الخامس:
نفوذ الإمبراطورية الساسانية القرن السادس الميلادي
عقب طرد الأحباش برزت في الساحة اليمنية قوة خارجية جديدة سرعان ما أصحبت جزءاً من منظومة الحكم مستفيدةً مما قدمته من دور في طرد الاحتلال الحبشي ويكاد يجمع أغلب المؤرخين وكذلك المصادر التاريخية المختلفة على أن الحضور الفارسي في اليمن لم يكن احتلالا عسكرياً بقدر ما كان نفوذاً وهيمنة وتحكماً بالقرار اليمني على الأقل في المرحلة الأولى من ذلك الحضور وفي تلك المرحلة تمثلت التبعية اليمنية للإمبراطورية الساسانية في دفع الجزية السنوية ، ثم انتقل ذلك الحضور إلى سيطرة كاملة عبر الاستفراد بالحكم الذي اقتصر على العاصمة صنعاء وعدد من المدن كعدن والجند، وقد أدى النفوذ الفارسي في بداية الأمر إلى تأجيج الخلافات بين اليمنيين وكان اغتيال ذي يزن مقدمة للاستيلاء على الحكم بشكل فعلي الأمر الذي سيدفع اليمنيين إلى إشعال عدة ثورات لاستعادة الحكم وتحرير البلاد من سطوة المحتلين الجدد.
وحتى يتمكن القارئ من تش
كيل صورة كاملة عن تلك المرحلة فإننا نجملها في النقاط الآتية:
المرحلة الأولى: منذ طرد الأحباش وتنصيب سيف بن ذي يزن ملكاً أي أن الحاكم يمني، إلا أنه أصبح مرتبطاً بفارس من جهة دفع الجزية والخراج السنوي إضافة إلى وجود عدد من الفرس بجواره كمستشارين وقادة عسكريين ويمكن اعتبار تلك المرحلة بأنها ما بين الاستقلال والتبعية وتنتهي تلك المرحلة باغتيال ذي يزن وهناك 3 روايات حول اغتياله فمنهم من يتهم الفرس بتدبير الاغتيال للسيطرة الكاملة على الحكم وآخرون يتهمون الأحباش الذين انتقموا لما حل بهم من تنكيل .
وقول آخر يتهم أحد الأقيال اليمنيين ويسمى فروة بن مسيك المرادي بالوقوف وراء العملية وما بين كل تلك الآراء من يتحدث أن الأحباش أو القيل اليمني الذي تولى عملية الاغتيال لم يكن إلا أداة لصالح الفرس.
المرحلة الثانية: وتبدأ منذ اغتيال سيف بن ذي يزن وسيطرة الفرس على الحكم واستمرت هذه المرحلة حتى إسلام باذان وفيها أصبحت اليمن تحت السيطرة الفارسية (صنعاء وعدن) وهناك روايات أن كسرى أرسل بجيش إلى اليمن بعد اغتيال ذي يزن لتأكيد السيطرة على اليمن.
المرحلة الثالثة : وهي مرحلة انتهاء السيطرة الفارسية على الحكم في صنعاء وبعض المناطق المجاورة لها وذلك بوصول الإسلام إلى اليمن ودخول اليمنيين في دين الله أفواجا.

إشكالية المصادر :
يعود اختلاف المؤرخين بشأن شخصية سيف بن ذي يزن إلى عدم وجود نقوش أثرية تذكر تلك الفترة وتتحدث عنها وتنحصر المصادر التاريخية عن تلك المرحلة في روايات الإخباريين العرب إضافة إلى الموروث الشعبي وعلى ما يبدو أن التطور الذي حدث في تلك الفترة من ناحية الكتابة قد أدى إلى توقف اليمنيين عن زبر النقوش التي تسطر أهم الأحداث والتحولات، غير أن هناك ما يشير بالفعل إلى التواجد الفارسي باليمن وهو ما لا يمكن التشكيك به بأي حال من الأحوال، فقد اعتنق اليمنيون الإسلام في الفترة التي كان فيها باذان يحكم صنعاء وكان هناك تواجد كبير للفرس في صنعاء وعدن ولا يزال الصراع حاضراً في تلك الفترة بين اليمنيين والفرس وهذا ما نستطيع استنتاجه من تحركات اليمنيين قبل وبعد وفاة الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم .
ومن هذا المنطلق فسنعتمد على العديد من المصادر منها مؤلفات وآراء باحثين تناولوا تلك الفترة من الناحية الاجتماعية والسياسية.

ظهور ذي يزن :
عن ظهور هذه الشخصية في تلك الفترة هناك الكثير من الروايات منها من ينظر إلى سيف بن ذي يزن مجرد شخصية أسطورية لا وجود لها إلا في مخيلة الأساطير الشعبية وهناك مراجع تاريخية تشير إلى وجودها مع الاختلاف في أحداث تلك الفترة وكذلك في أسماء آخر ملك حميري.
ويذكر محمد بن علي الأكوع بكتابه اليمن الخضراء مهد الحضارة نقلاً عن الهمداني بأن النعمان بن عفير هو والد سيف بن ذي يزن وكان قد جمع فلول الجيش بعد هزيمة ذي نواس ومن تبعه من أهل اليمن فقاتل الأحباش قتالاً مريراً في معارك عدة منها السحول التي اندحرت فيها قوات الحميريين وتتبع الأحباش آثار الفلول ثم نشبت معركة في حقل شرعة وكانت شديدة وشرسة ولكن توالي الهزائم قد خامرت نفوس اليمنيين فلم يتمكنوا من الصمود طويلاً وانتصرت الأحباش استولوا على جميع سهول اليمن فيما بين صنعاء وعدن دون معاقلها وحصونها .
ويقول المؤرخ شرف الدين: وبالرغم من قوات الأحباش المتدفقة على اليمن فقد استمر من بقي من الأقيال في مناضلتهم وقتالهم بعزائم ثابتة، فقد جاء في نقش أبرهة ذكر بعض التحركات التي قام بها اليزنيون وكان سيف بن ذي يزن النعمان بن عفير أحد سلالة ملوك حمير وكان أبوه النعمان بن عفير قد ثبت على جزء صغير من اليمن بعد موت يوسف ذي نواس ثم بعد موت أبيه النعمان تمكن الأحباش من انتزاع الملك من يده .

الاستعانة بالإمبراطورية الساسانية :
أدت عدة عوامل محلية ودولية إلى توجه سيف بن ذي يزن للقوى العالمية طالباً المساعدة في تحرير اليمن من الاحتلال الحبشي فتوجه نحو الدويلات العربية في شمال الجزيرة العربية وانتهى به المطاف إلى الدولة الساسانية التي قررت تقديم المساعدة مقابل دفع الجزية ، ولم يكن ذو يزن ينوي التوجه إلى فارس ابتداءً، وهو ما يتضح من خلال نتائج زيارات ذي يزن وغيره من الأقيال إلى الممالك العربية الشمالية والتي على ما يبدو رفضت ولعوامل عدة الاستجابة لطلب اليمنيين لكنها في ذات الوقت ولخبرتها بالصراع الروماني الفارسي نصحت ذي يزن بالتوجه إلى فارس .
ومن أهم أسباب رفض القبائل العربية دعوة اليمنيين إلى التوحد حالة الضعف الناتجة عن تقاسم كلٍ من فارس والروم النفوذ والهيمنة على تلك الكيانات، ولهذا فإن الحركة اليمنية بقيادة ذي يزن على ما يبدو كانت تحمل مشروعاً يتجاوز الجغرافيا اليمنية ويبدأ ذلك المشروع بطرد الأحباش ثم تأسيس الكيان العربي القادر على حماية الجزيرة العربية من نفوذ وهيمنة القوى الخارجية سيما وتلك الكيانات العربية هي بالأصل يمنية وكان لها ارتباط سياسي بالدولة الحميرية وتاريخي باليمن.
وقد عملت بعض الأحداث على خروج
الوفود اليمنية إلى القبائل والكيانات في شمال الجزيرة وكان ذلك محصلة لحركة دؤوبة داخل القبائل اليمنية تهدف إلى الخلاص من الاحتلال الحبشي ولهذا فإن حركة ذي يزن لم تكن فريدة كما حاول الفكر العربي الميتافيزيقي تصوريها بل حركة جماعية .
وقد تصدى الكثير من المؤرخين لأي اتهامات قد تطال ذي يزن بسبب لجوئه إلى فارس واعتبروا أن ذلك اللجوء لم يكن إلا آخر الحلول سيما بعد ما وصلت إليه الروح المعنوية اليمنية من ضعف وعدم استجابة القبائل العربية له وكل ذلك أجبره على طلب المعونة العسكرية من دولة فارس التي كانت عدوة لدولة الرومان .
ويقول المؤرخ جواد علي : لقد عجل الحبش بنهايتهم باليمن وعملوا بأيديهم على هدم ما أقاموه بأنفسهم من حكومة باعتدائهم على أعراض الناس وأموالهم وأخذها عنوة .. حتى صاح أهل اليمن وضجروا فهبوا يريدون تغيير الحال وطرد الحبش من أرضهم وقد أدى بهم هذا إلى تبديلهم بأناس أعاجم أيضا مثل الروم أو الفرس إذ عجزوا عن طردهم فلعل الحكام الجدد من قد يكون أهون شراً من الحبش، وإن كان كلاهما شراً ولكن إذا كان لابد من أحد الشرين فإن أهونهم الخيار ولا شك .
ودافع عن ذي يزن أيضا مؤرخون أجانب والذين أشاروا إلى الرأي القائل بأن اليمنيين عندما طلبوا المعونة العسكرية من الخارج كانوا على استعداد لاستبدال النفوذ الحبشي بنفوذ آخر حتى العظم غير صحيح ذلك لأن سيف بن ذي يزن والمقاومة الشعبية اليمنية كانت تسعى لتحرير الأرض من نير الاحتلال وتحرير الشعب من الاضطهاد الحبشي والأجنبي بكل أشكاله .

المفاوضات مع كسرى :
مما يؤكد ما ذهب إليه الكثير من المؤرخين بأن طلب الاستعانة بفارس لم يكن يد،ر في تفكير الحركة اليمنية المقاومة للأحباش بل جاء بنصيحة أحد الملوك العرب، هو أن الفرس أنفسهم لم يكونوا على استعداد للرد على الطلب اليمني وهو ما يتضح من خلال رفض كسرى الاستجابة لطلب ذي يزن، وبعد أخذ ورد استجاب أخيراً وقرر المساعدة، وبمعنى أشمل أن القيادة الساسانية لم تكن تفكر باحتلال اليمن غير أنها عادت وقررت تقديم المساعدة لما لذلك من نتائج إيجابية على النفوذ الفارسي في المنطقة وعلى ما يبدو أن تأخر كسرى في الرد ومن ثم اقتصار المساعدة على عدد قليل من الجنود مرده خشية الفرس من ردة الفعل الرومانية سيما وهناك اتفاقية هدنة بين الطرفين كانت سارية في تلك الفترة وبعد إلحاح ذي يزن قرر كسرى ضرب عصفورين بحجر الأول إبعاد اليمن عن دائرة النفوذ الروماني من خلال طرد الأحباش والثاني بالتخلص من المعارضة السياسية داخل فارس، فقرر مساعدة ذي يزن بمجموعة من المستشارين وكذلك المعارضة السياسية التي كانت في السجون وكما يقول الدكتور العودي: إن المعارضين كانوا دهاة وليسوا لصوصاً أو مجرمين وكان كسرى قد قال لهم اذهبوا مع ذي يزن وعينوه بالاستشارة لن تقاتلوا ولن تُقتلوا لكن عينوه بالرأي والاستشارة والجانب المعنوي، إذا انتصر فسيكون لكم شأن في اليمن مع فارس ونوسع علاقات فارس وإمكانياتها ونفوذها، وإذا هُزم يقول كسرى في نفسه «نخلص منكم» .

حجم القوة الفارسية القادمة إلى اليمن :
هناك اختلاف كبير في تقدير حجم القوات العسكرية القادمة مع سيف بن ذي يزن للمشاركة في طرد الأحباش فمنهم من يتحدث عن 7500مقاتل منهم 800سجين نقلوا عبر السفن إلى الساحل اليمني فيما روايات متداولة بشكل كبير تتحدث عن 800مقاتل أغلبهم كانوا سجناء نُقلوا في 8سفن إلى ساحل حضرموت باليمن ، وكان ما يقارب 200منهم قد غرقوا في البحر.
حديث العودي المذكور سابقاً يؤكد أن المقاومة اليمنية تمكنت من طرد الأحباش بفعل الجانب المعنوي الذي أحدثته عودة سيف بن ذي يزن بقوات رمزية من فارس وهو ما أوحى وقتها لليمنيين والأحباش بأن الفرس بأكملهم يقفون مع سيف بن ذي يزن ويتفق مع هذا الطرح المفكر عبد الباري طاهر الذي يقول عن تلك المرحلة : إن الفرس لم يسيطروا على اليمن بالقول:
أما مسألة الفرس الذين تم الاستنجاد بهم، فإن دخولهم ليس بتلك القوة ولم يسيطروا على اليمن، كان لهم وجود في سيف البحر ولهم وجود في البحرين وفي الإحساء وامتد إلى اليمن ولكن امتد بشكل ضعيف ولفترة زمنية قصيرة، وكان وجوداً ضئيلاً، ويكاد يكون في صنعاء وبعض مناطق اليمن فقط وليس في كل اليمن ، وأيضا المؤرخ صادق علي يشير إلى أن حكم الفرس لليمن لم يكن حكماً فعلياً واقعياً فلم يكن ولاتهم يحكمون اليمن كلها وإنما كان حكمهم اسمياً صورياً يقتصر على صنعاء وما والاها فضلاً عن عدن ، وتركزت سلطة الفرس على صنعاء وعدن واستوطنوا على طول الطرق التجارية الرئيسية وفرضوا الرسوم الجمركية ونظموا استخراج خام الفضة واستفاد الفرس من حالة الانقسام والفوضى بين اليمنيين وذلك في السيطرة على المراكز الاقتصادية المزدهرة كعدن والجند.

اغتيال ذي يزن والسيطرة على الحكم :
اختلف المؤرخون حول مدة حكم سيف بن ذي يزن فمنهم من قال 15عاماً ومنهم من قال عاماً واحداً فقط بعدها أصبح الحكم في صنعاء وعدن للفرس وبعد اغتيال ذي يزن تولى الفرس الحكم منهم الم
رزبان بن وهرز كعامل من قبل كسرى ثم التيجان ابن المرزبان ثم خسروا بن التيجان ثم باذان الذي استمر حتى قدوم الإسلام .
وتختلف الروايات حول مقتل سيف بن ذي يزن فمنهم من يتهم الفرس بتدبير العملية سيما بعد أن بدأ سيف في معارضة النفوذ الفارسي في البلاد ، وهناك روايات تتحدث عن تورط بقايا الأحباش في العملية انتقاماً لما حل بهم من تنكيل على أيدي اليمنيين ، والرواية الثالثة تتهم أحد الأقيال الذين كانوا يعارضون سيف بن ذي يزن.
بحسب رأي الدكتور حمود العودي فإن الفرس كانوا وقتها قد تجذرت مصالحهم واستقرارهم في اليمن سواء كبطانة سياسية أو تجارية واقتصادية، سيطروا على التجارة وسيطروا على المناجم وبالذات مناجم الذهب والفضة والصناعات والحرف بدرجة كبيرة، توافقت مصالح الطرفين الأقيال والأذواء من جهة والجالية الفارسية من جهة على التخلص من ذي يزن وتولى تلك المهمة فروة بن مسيك المرادي الذي كان يمثل إقليم مذحج وبحكم النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري للفرس في تلك الفترة تمكنوا من السيطرة على السلطة المركزية وتركوا الأقيال والأذواء على حالهم قبائل وإقطاعيات ومناطق نفوذ .
فيما يشير مؤرخون عرب إلى أن من تولى الحكم بعد سيف بن ذي يزن ما يعرف بالمثامنة وهي ثمانية من الأسر اقتسمت الملك بعد سيف حسب رواية أوردها ابن رسول في طرفة الأصحاب ولعلهم بحسب بافقيه كانوا أبرز الأذواء في المناطق الغربية في تلك المرحلة .
ويضيف عن مصير الفرس بالقول: أما عن الفرس فقد اضطروا إلى التخلي عن فكرة الاحتماء وراء ملك محلي ربما لاستحالة ذلك واقتنعوا بحكم صنعاء وما حولها حيث كانت تتمركز قواتهم فكانت تلك حصتهم من اقتسام تركة التبابعة ولم يكن عاملهم فيها عندما جاء الإسلام أكبر مكانة من غيره من الأذواء الذين توجه إليهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالدعوة.

ثورة خولان ومذحج ونجران ضد الفرس :
ركز الفرس على الجانب الاقتصادي وذلك من خلال محاولة مد نفوذهم إلى أهم المراكز التجارية فكانوا يحتكرون النشاط التجاري لصالحهم قبل أن يحاولوا ترسيخ تواجدهم بالسيطرة على بعض المناطق الزراعية في محيط صنعاء وكل ذلك لم يحدث إلا بعد أن أصبحوا هم السلطة الفعلية ومن هنا اصطدموا بالقوى اليمنية سواءً في صنعاء أو في مختلف المناطق وقد تمكن الفرس من استمالة بعض القبائل اليمنية والدخول معها في تحالفات كقبيلة همدان إلا أن ذلك لم ينجح في إيقاف التحركات الثورية لدى بقية القبائل التي بدأت تنظر إلى الهيمنة الفارسية كخطر ينبغي مواجهته ولهذا كانت الدعوات تنطلق من قبيلة إلى أخرى للمواجهة وكل ذلك أدى إلى حصر النفوذ الفارسي في صنعاء والجند وعدن أما بقية المناطق فقد كانت تحت سيطرة الأقيال وعلى ما يبدو أن القبضة الفارسية على الجوانب الاقتصادية كانت وراء الثورة والمواجهة فالضرائب المرتفعة التي فرضها الفرس دفعت القبائل إلى شن هجمات مختلفة على صنعاء وعدن فيما يرى البعض أن الزيادة في الضرائب كان نتيجة تلك الهبات الشعبية ومحاولة تحرير صنعاء من النفوذ الفارسي وهو ما كلف الدولة أعباء جديدة اضطرت معها إلى مضاعفة حجم الضرائب ، وعلى رأس التحركات القبلية ضد الفرس ثورة قبائل مذحج وخولان ونجران وهي ذات القبائل التي احتشد أقيالها إلى منطقة المذاب بالجوف للتشاور وعقد التحالف ضد الفرس .
وعلى ما يبدو أن ذلك التحالف لم يحدث إلا بعد أن كانت الخلافات مع الفرس قد بلغت ذروتها ووصلت حد المصادمات العسكرية وبالتالي فإن التحالف سيعمل على تأجيج الغضب الشعبي ويؤدي إلى مواجهات عنيفة لم نستطع الوصول إلى تفاصيلها الكاملة لكن هناك من المراجع ما يشير إلى وقوع معركة في الجوف تسمى معركة الروم ، وتذكر بعض المراجع . أسماء عدد من الأقيال تصدروا قائمة الثائرين ضد الحكم الفارسي وهم عمرو بن معدي كرب الزبيدي وعنبة بن زيد الخولاني والحصين بن قنان بن يزيد الحارثي ويزيد بن عبدالمدان وشهاب بن الحصين، وعلى ما يبدو أن وقوف همدان مع الفرس كان وراء فشل الثورة فهناك من يشير إلى أن همدان جمعت ما يقارب عشرة آلاف مقاتل بقيادة عمرو بن الحارث بن الحصين الشاكري وعمرو بن يزيد بن الربيع الحاشدي ورغم ذلك التحالف إلا أن قبيلة مذحج التي كانت القوة الأساسية في مناهضة الفرس ومعها خولان ونجران ستواصل التحركات ضد الفرس ،فما إن تتوقف حركة حتى تشتعل ثورة تعبر عن رفض تلك القبائل للسيطرة الفارسية ومنها ثورة عبهلة بن كعب التي تُعد من أقوى الثورات ضد الفرس رغم ما أحيط بها أو بالأصح ما أحيط بقائدها من جدل مستمر حتى يومنا هذا كون تلك الثورة جاءت في مراحل متزامنة مع دخول الإسلام اليمن ومنهم من اعتبرها ضد الإسلام ومنهم من أكد أنها استمرار للثورات اليمنية ضد الاحتلال الفارسي.
لقد تمكن عبهلة من استثارة كافة القبائل التي التفت حوله وامتد نفوذه إلى عدن وإلى نجران قبل أن يقرر دخول صنعاء والقضاء على الحاكم الفارسي فيها إلى أن قُتل بعد ذلك في ظل استمرار اعتناق اليمنيين للإسلام وعلى رأسهم بالطبع الأقيال و
الأذواء .
وبعد مقتل عبهلة قاد تلك الثورة قيس بن مكشوح المرادي الذي كان قد أعلن إسلامه ووفد إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ثم عاد إلى اليمن وشارك في مقاومة الفرس ولايوجد حتى اللحظة ما يؤكد أن عبهلة كان قد دخل الإسلام فكيف نحكم بردته ثم إن مناهضة التواجد الفارسي في تلك الفترة باليمن كانت قد أجبرت عدداً من الفرس مغادرة البلاد أو اللجوء إلى بعض القبائل اليمنية ما يعني أن مشكلة اليمنيين مع الفرس استمرت إلى ما بعد دخول الإسلام وأن وفاة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- حالت دون أن يقف على هذه المشكلة وأن يحلها والدليل على ذلك هو ما يؤكده العديد من المؤرخين من أن وفداً كان قد وصل إلى مشارف المدينة يقصد الرسول الأكرم لطرح مشكلة الرفض اليمني لبقاء باذان حاكماً في صنعاء إلا أن الرسول كان قد التحق بالرفيق الأعلى.
ولهذا نجد أن اليمنيين عادوا وطرحوا هذه القضية على الخليفة أبي بكر الصديق الذي اهتم وقتها بدفع اليمنيين إلى الانخراط في الفتوحات بحسب وصية النبي وبالتالي تأجل حل هذه القضية غير أن تداعياتها استمرت فقد أدت إلى اضطرابات في صنعاء بين اليمنيين والفرس في عهد الخلفاء الراشدين بل وفي مراحل لاحقة، ويؤكد الدكتور نزار الحديثي أستاذ التاريخ الإسلامي في كلية الآداب بجامعة صنعاء .

بأن ما حدث في اليمن في عهد أبي بكر الصديق لم يكن ردة بل معارضة سياسية
ويذهب مع غيره إلى القول إن أبا بكر وفي سبيل حل القضية اليمنية جمع كبار اليمنيين وذكرهم بوصية النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - الذي أكد فيها على فتح الشام والعراق بأهل اليمن فيما اليمنيون طرحوا على أبي بكر قضيتهم المتعلقة برفض أي حاكم فارسي على بلادهم إضافة إلى أن تكون أرضهم عشرية تؤخذ منها الزكاة وليست خراجية ، وفي النهاية فقد أدت التحركات اليمنية ضد الفرس إلى تقليص نفوذهم ثم ذاب من تبقى منهم في المجتمع اليمني ولم يعودوا أصحاب القرار الأول فمنهم من انتقل من صنعاء إلى ضواحيها وبدأ في ممارسة الزراعة وآخرون انتقلوا إلى مناطق أخرى لممارسة النشاط التجاري بمعنى أن صفة الاحتلال أو الهيمنة لم تعد مناسبة أو تتوافق مع واقع ما بعد الإسلام وهو الواقع الذي من خلاله استعادت القبائل اليمنية ملكية منجم الرضراض في نهم للفضة والذي كان يتفوق على مناجم خراسان المشهورة وكان جزء كبير منه تابعاً للفرس إلا أنه بعد الإسلام أصبح ملكاً للقبائل اليمنية .
ويمكن القول إن دخول الإسلام إلى اليمن واعتناق اليمنيين لهذا الدين طواعية جعلهم يقبلون بالدولة الإسلامية الجديدة التي مقرها المدينة المنورة وهي الدولة التي انصهرت فيها كافة الكيانات بالمنطقة بما في ذلك فارس نفسها في مرحلة لاحقة، أما عن مصير الأبناء فقد أصبحوا جزءاً من النسيج المجتمعي اليمني فلا يوجد ما يربطهم بأي كيان سياسي خارجي عدا ارتباطهم باليمن وبنشاطهم الاقتصادي والزراعي ولم يعودوا يشكلون أية خطر على كيان الدولة اليمنية والصراعات التي حدثت فيما بعد كانت لأسباب حقوقية وليس سياسة .

نتائج الاحتلال الفارسي :
تأثر الاقتصاد اليمني على وجه التحديد من الاحتلال الفارسي وكان لهذا الاحتلال أيضا نتائج على كافة المستويات أبرزها السياسية والاجتماعية فعلى المستوى السياسي أصبحت اليمن في تلك الفترة محسوبة على الإمبراطورية الساسانية وأما اقتصاديا فقد أشار المؤرخ صادق علي إلى حجم التداعيات الكارثية لاحتكار الفرس التجارة معتبراً أن ذلك أدى إلى التضييق على اليمنيين ودفعهم إما إلى اللجوء للأقيال والأذواء في المناطق غير الخاضعة للفرس أو إلى الهجرة نحو شمال الجزيرة العربية وقد كسب الفرس كثيراً من سيطرتهم على اليمن لأنهم بذلك أصبحوا يسيطرون على الطريق التجاري إلى الهند عبر البحر الأحمر كما سيطروا على الطريق البري أو طريق الحجاز .
ويتحدث مؤرخون عن تلك الفترة بالإشارة إلى الهجرات الجماعية لليمنيين جراء التدهور الكبير الذي أصاب القطاع الزراعي والذي أدى إلى مشاكل غذائية وعانت بعض القبائل من شبح المجاعة وانتشر الفقر وكان من أسباب إهمال الزراعة تحول الفلاحين إلى جنود تابعين للأقيال والأذواء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
نقش الحقائق التاريخيه

إذا كان بالامكان إطلاق تسمية مجازية لأي نقش فإنه يمكن ان نطلق على هذا النقش إسم كاشف الحقائق
نعم .. لا تستغربون من ذلك فسوف تطالعون الكثير من الحقائق في هذا البحث المتواضع الذي أضعه بين أيديكم آملاً أن يكون فيه بعض الفائده للمهتمين بالتاريخ اليمني القديم ..
النقش JAM 1028
1- ل ي ب ر ك ن / ا ل هـ ن / ذ ل هـ و / ذ س م ي ن / و ا ر ض ن / م ل ك ن / ي و س ف / ا س ا ر / ي ث ا ر / م ل ك / ك ل / ا ش ع ب ن / و ل ي ب ر ك ن / ا ق و ل ن /
2- ل ح ي ع ت / ي ر خ م / و س م ي ف ع / ا ش و ع / و ش ر ح ا ل / ي ق ب ل / و ش ر ح ب ا ل / ا س ع د / ب ن ي / ش ر ح ا ل / ي ك م ل / ا ل هـ ت / ي ز ا ن / و ج د ن م / خ
3- ص ر و / م ر ا هـ م و / م ل ك ن / ي و س ف / ا س ا ر / ي ث ا ر / ك د هـ ر / ق ل س ن / و هـ ر ج / أ ح ب ش ن / ب ظ ف ر / و ع ل ي / ح ر ب / ا ش ع ر ن / و ر ك ب ن / و ف ر
4- س ن / و م خ و ن / و ع ل ي / ح ر ب / و م ق ر ن ت / ن ج ر ن / و ت ص ن ع / س س ل ت ن / م د ب ن / و ك هـ م و / ع م هـ و / و ك ي ذ ك ي ن هـ م و / ب ج ي ش م / و ك ذ هـ ف ل ح
5- و هـ ف ا ن / م ل ك ن / ب هـ ي ت / س ب ا ت ن / خ م س / م ا ت م / و ث ن ي / ع ش ر / أ ا ل ف م / م هـ ر ج ت م / و أ ح د / ع ش ر / أ ا ل ف م / س ب ي م / و ت س ع ي
6- و ث ت ي / م ا ت ن / أ ا ل ف م / ا ب ل م / و ب ق ر م / و ض ا ن م / و ت س ط ر و / ذ ن / م سَ ن د ن / ق ي ل ن / ش ر ح ا ل / ي ق ب ل / ذ ي ز ا ن / ك ق ر ن / ب ع ل ي / ن ج ر ن
7- ب ش ع ب / ذ هـ م د ن / هـ ج ر ن / و ع ر ب ن / و ن ق ر م / ب ن / أ ز ا ن ن / و أ ع ر ب / ك د ت / و م ر د م / و م ذ ح ج م / و ا ق و ل ن / ا خ و ت هـ و / ب ع م / م ل ك ن / ق ر ن م /
8- ب ح ر ن / ب ن / ح ب ش ت / و ي ص ن ع ن ن / س س ل ت / م د ب ن / و ك ك ل / ذ ذ ك ر و / ب ذ ن / م سَ ن د ن / م هـ ر ج ت م / و غ ن م م / و م ق ر ن ت م / ف ك س ب ا ت م / أ ح
9- د هـ / ذ ق ف ل و / ا ب ت هـ م و / ب ث ل ث ت / ع ش ر / ا و ر خ م / و ل ي ب ر ك ن / ر ح م ن ن / ب ن ي هـ و / ش ر ح ب ا ل / ي ك م ل / و هـ ع ن / ا س ا ر / ب ن ي / ل ح ي ع ت
10- و ل ح ي ع ت / ي ر خ م / ب ن / س م ي ف ع / و م ر ث د ا ل / ي م ج د / ب ن / ش ر ح ا ل / ا ل هـ ت / ي ز ا ن / و ر خ هـ و / ذ م ذ ر ا ن / ذ ل ث ل ث ت / و ث ل ث ي /
11- و س ث / م ا ت م / و ك ب خ ف رت / س م ي ن / و ا ر ض ن / و ا ا ذ ن / أ س د ن / ذ ن / م س ن د ن / ب ن / ك ل / خ س س م / و م خ د ع م / و ر ح م ن ن / ع ل ي ن / ب
12- ن / ك ل / م خ د ع م / ذ ن / م س ن د ن / و ت ف / و س ط ر / و ق د م / ع ل ي / س م / ر ح م ن ن / و ت ف / ت م م م / ذ ح ض ي ت / ر ب هـ د / ب م ح م د .
--------------------------------------------------
القراءة والتفسير :
[1] ليبارك الله إله السماوات والارض (الذي له ملك السماوات والارض ) الملك يوسف أسار يثأر ملك كل القبائل ويبارك الأقيال
[2] لحي عت يرخم وسميفع أشوع وشرح ال يقبل وشرحبيل أسعد أبناء شرحبيل يكمل (كبار قبائل) ذو يزن و ذو جدن (الذين كانوا )
[3] رفاق سلاح سيدهم الملك يوسف أسار يثأر (عندما) تم احراق الكنيسة وقتل الأحباش في (معركة) ظفار وفي حرب الأشاعر و في حرب ركاب
[4] وفي جزيرة فرسان وفي المخا وفي حرب وحصار نجران (ويباركهم لمشاركتهم) في صنع سلسلة (من التحصينات) في المندب ، وكانوا مجتمعين مع الملك وأرسلهم (للإلتحاق) بالجيش (الرسمي) وكذلك أفلح ونجح (جيش الملك)
[5] في الحصول على الفيء وما إمتلكوه (من الغنائم) بهذه الحملات (مقداره) اثنا عشر ألف وخمس مائة قتيل وأحد عشر ألف من السبي (الأسرى) وتسعين
[6] ومائتين ألف من الإبل والبقر والضأن وكُتِبَ هذا النقش (عندما كان) القيل شرح إل يقبل ذو يزن مرابطاً على (حصار) نجران
[7] ومعه قبائل همدان (من أهل) المدينة والبدو (ومعه أيضاً) صفوة الجنود من (رجال) ذو يزن و معه أيضاً بدو كنده و(رجال قبيلة) مراد و(رجال قبيلة) مذحج و الأقيال حلفائهم (الذين كانوا) مرابطين مع الملك على
[8] (ساحل) البحر وتم عمل سلسلة تحصينات في المندب ، وهذا النقش (تخليداً) لذكر القتلى والغنائم والحملات والغزوات ..
[9] وفي ختام الحملة / الحملات عادوا إلى منازلهم بعد ثلاثة عشر شهراً ، وليبارك الرحمن أبنائهم شرحبيل يكمل وهعان أسار أبناء لحي عت
[10] ولحي عت يرخم بن سميفع ومرثد ال يمجد بن شرح اليزنيين (كُتب هذا) النقش بتاريخ شهر ذو المذرأ (من سنة) ثلاثة وثلاثين
[11] وستمائة حميريه (وهذا النقش) بحماية ( إله ) السماوات والأرض وحماية جنوده (الملائكة) لهذا النقش من كل خسيس ومخرب (أو من يزور في النقش) والرحمن العلي (ينظر ويرى)
[12] ويحمي (النقش) من كل من يخربه أو يشوهه ، كتب وتقدم لتدوين (النقش) بإسم الرحمن الكاتب تمام (الحائز على) الحظ (والرضى) من رب اليهود والشاكر (له نعمته)
----------------------------------------
----------
الملاحظات والتوضيحات العـــامه :
أولاً :
يجب التنويه إلى ان العبارات والكلمات بين الاقواس (...) في التفسير أعلاه هي إضافات لم ترد في نص النقش وتم أو إضافتها حتى يستقيم معنى النص والتفسير كما أن هناك تقديم وتأخير لبعض الكلمات في إطار السطر الواحد حتى يتناسق المعنى ..
ثانيـــــــــــــــــــــاً :
الكلمات التي لم أعثر لها على تفسير في المعجم وهي :
<*> ذ حضيت : هذه الكلمة لم أعثر على تفسيرها في المعجم
وبإعتقادي ان التفسير يحمل أكثر من معنى :
الإحتمال الأول : ربما يقصد بها عائلة / عشيرة / قبيلة كاتب النقش تمام ..
ولكن ما ورد في السطر الأخير من النقش Ry 507 ينفي هذا الإحتمال
حيث ذكر الكاتب إسم قبيلته ولقبه أيضاً (تمام ذو قاسم اللات السبئي)
الإحتمال الثاني : هو المعنى الوارد في التفسير أعلاه
وينصرف المعنى هنا الى ان الكاتب حباه الله بالحظ والرضى والنعمة لكونه من كتب هذا النقش كما أن الكلمات التاليه لها تؤيد هذا التفسير ..
--------------------------------------------------
ثالثــــــــــــــاً وهــو الأهــــــــــــــم :
عند مطالعة السطور الاولى في النقش سيذهب الظن إلى أن هذا النقش نسخة مكررة للنقش Ry 507.. ولكن الاختلاف يكمن في الاسماء والقبائل والمناطق التي وردت في هذا النقش ولم ترد في النقش Ry 507 ..
ما يهمنا في البداية هنا أسماء الأشخاص وهم
1- لحي عت يرخم 2- سميفع أشوع 3- شرح ال بن أشوع
4- شرحبيل أسعد 5- شرحبيل يكمل ..
فبعض هؤلاء الاشخاص تكرر ذكرهم في عدد من النقوش التي كتبت خلال تلك الفترة الزمنيه وكانوا قاده في عدد من المعارك بل وصانعين أحداث تاريخيه هامه جداً ..
وواحد من أهم تلك الاسماء هو (سميفع أشوع) والذي أصبح ملكاً على جزء من اليمن في فترة لاحقه ويتركز حوله هذا البحث المتواضع الذي يهدف إلى كشف بعض الحقائق التاريخيه من خلال النقوش التي سيتم الاستشهاد بها في السياق فالملك السميفع أشوع وبعض أقاربه ورد ذكرهم في عدد من النقوش الهامه التي تبين وبكل جلاء أن هناك مواقف وأحداث في غاية الأهمية حولت مسار التاريخ اليمني القديم ..
حول تلك الأحداث ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار تاريخ كل نقش ورد فيها اسم الملك السميفع وأسماء أقاربه فيها حتى نتمكن من كشف بعض الحقائق التاريخيه أو (الالغاز المحيره) ..
في البداية يجب أن نعرف ما هي تلك النقوش وتاريخ كل نقش وهي :
A- النقش JAM 1028المؤرخ في 633 حميريه الموافق 518 ميلاديه
B- النقش Ry 507 المؤرخ بنفس تاريخ النقش السابق ..
C- النقش A 103664 للأسف لم يذكر فيه تاريخ محدد ، علماً بأن بعض الباحثين يعتبرونه مكمل للنقش RES 3904 فهو يتحدث عن ذات الموضوع بإختلاف بسيط
D- النقشRES 3904 وهذا أيضاً كسابقه غير مؤرخ
ولكن من خلال السياق يمكن الاستنتاج الى انه يعود الى نفس الفتره التي كتب فيها النقش CIH 621 وإن كنت أعتقد أنه أقدم منه بفتره بسيطه
E- النقش CIH 621والمؤرخ في 640 حميريه الموافق 525 ميلاديه
F- النقش CIH 541والمؤرخ في 657 حميريه الموافق 542 ميلاديه
--------------------------------------------------
الآن سوف نعمل على مناقشة وتوضيح ما ورد في تلك النقوش بشيء من التفصيل على النحو الآتي :
A- النقش JAM 1028
وهو موضوع هذا البحث وكما إطلعنا أنه يتحدث عن معارك الملك يوسف أسار ضد الأحباش وبأن سميفع أشوع كان واحداً من قادة تلك المعارك بل وأن هناك من الصلوات والأدعية لمباركته وأقاربه وبقية الاقيال لبلائهم في تلك الحروب ..
من ذلك يتضح لنا وبكل تأكيد بأن السميفع والذي أصبح ملك في فترة لاحقة
كان حينها من أبرز زعماء المقاومه اليمنيه ضد الإحتلال الحبشي
--------------------------------------------------
B- النقشRy 507
تم نشره مسبقاً ولكن يلاحظ فيه شيء غريب و بعض الغموض ..
فعلى الرغم من أنه مؤرخ بنفس تاريخ النقش JAM 1028
إلا أنه لم يرد فيه مثلاً
إسم السميفع أشوع أو بعض القبائل المذكورة في النقش JAM 1028
هنا أورد بعض التساؤلات :
لماذا هناك نقشين يتحدثان عن موضوع واحد مع وجود إختلاف بسيط
بينهما والمحير أنهما مكتوبان في نفس التاريخ ؟
ولماذا لم يرد إسم الملك السميفع أشوع في النقشRy 507 ؟
وماذا يعني الفراغ الموجود في السطر 3 من النقشRy 507
بعد أسماء لحي عت ومرثد إل بني....؟
بالطبع الإجابة عن هذه التساؤلات سوف تزيل بعض الغموض واللبس ،
وربما تقودنا إلى ماهو أبعد من ذلك ، والاجابات من وجهة نظري هي :
عندما تم كتابة النقش JAM 1028 كان حينها كلٍ من الملك السميفع
والملك يوسف أسار على وفاق تام وكلمتهما واحده في مقاومة الاحتلال الحبشي لليمن ..ولكن حدث شيء ما جعل خلافاً ينشب أو عدم إتفاق في الآراء أو ما شابه بين الملك السميفع والملك يوسف ..مما أدى إلى افتراقهما ومن نتائج الخلاف وقوف بعض أقارب الملك السميفع في صف الملك يوسف أسار و وقوف بعض القبائل مع الملك السميفع ..
وكان هذا الخلاف بعد كتابة النقش
JAM 1028
ولمَّا كان النقش محمي بصلوات وتعويذات شديدة اللهجة تمنع تخريبه او تشويهه ..الخ
صدر أمر من الملك يوسف أسار بكتابة نقش آخر وهو Ry 507
لم يذكر فيه إسم الملك السميفع ويذكر فيه قريبه لحي عت فقط
وأيضاً لم يذكر أسماء القبائل التي أعلنت ولائها للملك السميفع وهي
قبائل كنده وقبيلة مراد وقبيلة مذحج وحلفائهم الآخرين من الأقيال
وأيضاً النقش لم يذكر المناطق الساحلية التي تتبع حكم الملك السميفع وهي المخا وجزر فرسان ..
ذلك ما يخص وجود نقشين أحدهما لا يذكر الملك السميفع
أما عن الفراغ الموجود في السطر الثالث من النقش
فيبدو أن الكاتب ذكر اسم لحي عت (بن أشوع) وربما كان خطأ كتابي غير مقصود وبعد أن وقف الملك يوسف على النقش أمر بخدش كلمة أشوع ..
ولذلك ظهر فراغ بعد كلمة بني وقبل كلمة (مراهمو) في نفس السطر ..
وهنا ملاحظة أعتقد أن فيها ما يؤيد الرأي المذكور آنفاً
فهذا النقش لا يذكر الكثير من الصلوات والتعويذات ضد من يخرِّب أو يزوِّر أو يخدش النقش مثل الصلوات المذكورة في النقش JAM 1028
والسبب باعتقادي يعود الى ان الكاتب أو ربما الملك يوسف أخذ إحتياطه في إحتمال تبدل موقف لحي عت وإمكانية اللحاق بالملك السميفع وبالتالي فوجود الكثير من الصلوات تعتبر عائقاً أمام خدش و حذف بعض الاسماء من النقش خوفاً من إصابة من يخدش النقش أو يزور فيه بلعنة إلهية ..
------------------------------------------------
C- النقش A 103664
هذا النقش للأسف غير مؤرخ وأيضاً هوامش الجزء الايمن والايسر منه غير موجوده تجعل من الصعب تفسيره بشكل كامل ..
وما يظهر فيه الكلمات التاليه :
ليقر/ وليستخلف[....]ورحمنن / وبنهو [....]ذن / ملكن / كعدي/ أخهمو / و... [....] حبشت/ بن/صنعو/ كضبع [....] واحزب / هجرهمو/ أكسمن / [....] وسجد / لهمو / ليسَخلن [....] ... هـ / و شرحم / ولحي عت / ذ هصبح [....] ..ال / وشرح ال / ونوفم / وبرلم [....] شرحب ال / بن / أب شمر /
ذ ريدن / وارمن / وعمرم / و...[....] ... ينن / وعمرم / وبنهو / مرثد ال /
ذي ... [....] ... م / وموهب ال / ذي موضع / وبنتهمو [....] ... د هو /
... أو / ينوحنهو/ ... أو / يخل ... [....] شرحب ال / ومعد كرب / وسميفع / الهت [....] ي / ... بايدي / ملكم / وخي / قي ... /... حم ... (انتهى)
ونظراً لان النقش التالي يعتبر مكملاً للنقش أعلاه فسوف يتم مناقشتهما معاً
فما يهمنا من هذا النقش أسماء الأقيال معد كرب و سميفع ..
D- النقش RES 3904
هذا النقش أيضاً كسابقه غير مؤرخ إلا أنه من خلال سياق النص يمكن الاستنتاج الى انه يعود الى أوائل عام 640 حميريه الموافق 525 ميلاديه
وهذا نص النقش :
بطهارة وقدسية سميفع أشوع ملك سبأ أجار وحمى سميفع اشوع بني شرحبيل [....] سيدهم نجاشي أكسوم وأمر بتأسيس جيش ملكي قيلي واتمام المهمة والملك مع قوة جيشه لمن نصَّبه ملكاً [....] وتمليك الاصبحه ملك الحبشة [....] ملكاً لحمير وعقبه (ابنائه) لنجاشي أكسوم [....]وتابعين لملك أكسوم وكستهـ [.....] خلهمو؟؟ على البحر لما فيه صلاح أمر حمير [....] ذو يزن وحسان وشرحبيل ذي معافر [....]لأنهم الأسياد سميفع وذو عبدان و [....] ذي خليل وزرعة ذو مرحب والملك نسـ [....] رم والحارث ومرثد الذين هم من ثعلبة وم [....] أصبحه نجاشي أكسوم وجعلهم في حمايته ورعايته[....] والنبيل المولد أبوهم شرحبيل يكمل وهـ[....] باسم الرحمن وابنه المسيح الغالب [....] .......(انتهى)
من الرائع ان النقشين يكشفان عدة اشياء :
1- وجود إتفاقية حماية بين الأقيال شرحبيل و معد كرب والسميفع
(وهم أبناء القيل شرحبيل يكمل) مع ملك الحبشة أصبحه النجاشي
و مجرد ذكر إسم الملك الاصبحه نجاشي أكسوم يقطع الطريق أمام قادة جيش الأحباش المتواجدين في اليمن من التعرض للاراضي التابعه للملك السميفع .. أو القبائل المتحالفه معه
2- مذكور في النقش صدور أمر بتأسيس جيش قيلي نسبة الى القيل = الأقيال وهذا يعني أن هناك جيش تحت إمرة الاقيال المذكورين ..
3- يحدد النقش بل ويؤكد على أن الملك السميفع هو المسئول عن الساحل البحري لليمن وبإعتقادي ان ذلك يشمل مناطق المخا وجزر فرسان ..
والتي لم تذكر في النقشRy 507 وهذا يشير الى أن اليمن حينها بدأت تتقسم الى دويلات متعدده لكل مملكة ديانتها ..
4- يُظهر النقش RES 3904 إسم (زرعه)
فهل يكون هذا الشخص هو زرعة بن عُفير ذو يزن ؟؟
فهنالك شخص يحمل نفس الاسم وهو الذي كتب إليه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام رساله عندما جاء الصحابي معاذ بن جبل الى اليمن.
عموماً هذا ليس موضوعنا ولا اريد أن يتشعب الموضوع أكثر ..
ولنرجع الى باقي النقوش التي ورد فيها اسم الملك السميفع ..
--------------------------------------------------
E- النقش CIH 621
النقش مكتوب على صخره كبيره بالقرب في عر مويت (حصن الغراب حالياً) بالقرب من ميناء قنا التاريخي ويتحدث النقش عن الملك السميفع أشوع وعدد من القبائل والاشخاص وهذا نص النقش : سم
يفع أشوع وابنه شرحبيل يكمل ومعد كرب يعفر بني لحي عثت يرخم من ذو الكلاع وذو يزن وذو جدن ومثلان وشرقان وحبام ويثعان و يشرم ويراسَ ومكارب وعقهات وبسَاين ويغلب وغيمان ويصبر وشباح وجدوين وكسَران و رخيت وجردان وقبلان وشرجي وبني ملاح وقبائلهم وحظات والهان وسفلان وذي فتان و رثحام و ركبان ومثل فتان وساكلن وسقطرى وكبير وحاكم سيبان ذو نصف .. هؤلاء كتبوا هذا المسند في عر مويت عندما تم أصلاح سور الحصن والبوابات والسدود وطريق الجبل عندما تحصنوا فيه بعد رجوعهم من أرض الحبشة (أسيو) الاحباش زرافات بأرض حمير عندما قتل ملك حمير (يوسف أسار) وأقياله أحمرن وأرحبن.. كتب هذا المسند في ذو الحله لأربعين وستمائة حميريه (يوافق شهر فبراير 525 ميلاديه) ... (انتهى)
هذا النقش هــــام جدا.. للأسباب الاتية :
1- يذكر النقش حادثة مقتل الملك (يوسف أسار يثأر)
وبحسب ملاحظات Stammen Nebe في مدونة DASI
مذكور بأن قبيلة أرحب هم الذين قتلوا الملك يوسف أسار
ولكن عبارة (أحمرن وأرحبن) قد تشير الى أن أقيال حمير وأرحب
قُتِلوا جميعهم مع الملك .. أو قد تشير إلى أن أقيال حمير وأرحب والاحباش هم من قتل الملك .. وعلى الرغم من ذلك الاختلاف إلا أن المهم هو
كشـــــــف حقيقــــــة واضحـــــــه وضـــــــوح الشـمــــس
وهي مقتل الملك يوسف أسار في معركة عسكرية
تلك إحدى الحقائق التي كنت قد وعدت بكشفها في هذا البحث
هكذا اتضح لنا بأن الملك يوسف أسار يثأر الذي قاد المقاومة ضد الاحتلال الحبشي لم ينتحر كما قيل في البحر بل أنه قتل وهو يدافع عن وطنه .. وسأطرح هذا التساؤل :لماذا مذكور في بعض الكتب التاريخيه بأن الملك ذي نواس(يوسف أسار) عندما وجد أنه لا قدرة لديه بمواجهة الأحباش إقتحم بفرسه عرض البحر ومات ؟
بإعتقادي أن الاجابة المنطقية ستكون كما يلي :
إذا كانت جريمة إغتيال / مقتل الملك حدثت في منطقة أرحب
فحدث كهذا سيكون سبباً يصم تلك القبيله وباقي الأقيال الذين كانوا مع الملك يوسف بوصمة عار كونهم جبناء أوهربوا من المعركة
أو لم يدافعوا عن ملكهم الذي قاد المقاومة ضد الاحتلال الحبشي والدفاع
عن كرامة أرضه ووطنه ،
ونتيجة للتعصب القبلي من بعض المؤرخين الذي أراد أن يُغطي على
ذلك الحادث أو كان من الأفضل (برأيه) لدفن تلك الحقيقه أن يكتب بأن
الملك يوسف أسار ركب بفرسه عرض البحر ومات منتحراً ..
ولم يدُر بخلدهم أن النقوش سوف تفضحهم يوماً ما !!!
ولذلك نجد كثير من المؤرخين يحددون عام 525م كتاريخ للإحتلال الحبشي لليمن ولكن من خلال هذا النقش وغيره من النقوش (التي سوف نستشهد بها لاحقاً) يتضح أن ذلك كان خطأ تاريخي من المؤرخين من ناحيتين مقتل الملك والإحتلال الحبشي لليمن فالمقاومة اليمنية لم تهدأ ولم تتوقف ولم يستسلم أقيال وملوك اليمن أبداً في محاولات دحر الاحتلال والتحرر بل أن الملك السميفع بنفسه قاد المقاومة وقتل في إحدى المعارك في منطقة السحول التي تقع حالياً ما بين المخا ومحافظة إب كما سيتضح لاحقاً
3- السبب الثالث لأهمية هذا النقش ما يلي :
عند التمعن بشيء من التركيز في النقش نجده يذكر بأن الملك السميفع والأقيال تحصنوا في عر مويت بعد عودتهم من الحبشه و(أسيو= شاهدوا = وجدوا) الجيش الحبشي كالزرافات على أرض حمير وعلموا بمقتل الملك يوسف أسار وبالتالي إتضح لهم أن الأحباش من المحتمل أن يبطشوا بالملك السميفع والأقيال الاخرين معه حتى تكتمل خطة الأحباش في إحتلال اليمن وذلك بقتل كل شخص من الممكن أن يحاربهم ..
إذ لو كان الملك السميفع والاقيال التابعين له على وفاق مع الاحباش
فلماذا إذاً يتحصنوا في الحصن؟
فمن المعلوم أن الاستعداد والتحصُن لا يكون إلا عند الشعور أو الخوف
من هجوم مرتقب وبإعتقادي كان هذا الخوف مبعثه هجوم جيش من
الأحباش (عن طريق البحر) على بقية مناطق اليمن واستكمال السيطرة والاحتلال فأسرع الملك السميفع الى الدعوة لمؤتمر وطني جمع فيه
كافة القبائل والاقيال المذكورين في النقش حتى يتم إتخاذ قرار جماعي
في ما حدث فكان القرار الاول هو ترميم الحصن لتقوية وسائل الدفاع
كون الحصن قريب من البحر ويطل على الميناء الذي قد تصل اليه سفن الجيش الحبشي ، ومن ثم الاستعداد لما قد يستجد من الاحداث ويبدو أن مقاومة الاحتلال كانت الطريق الذي سلكه الملك السميفع ومن معه
--------------------------------------------------
وفيما يتصل بموضوع التواجد الحبشي على الارض اليمنيه وحتى تتضح الصورة أكثر ينبغي أن نعود بالزمن الى الوراء للبحث عن البدايات والأسباب الحقيقية التي ساهمت في الإحتلال الحبشي لليمن
فبحسب ما ورد في بحث للدكتور/ رشاد محمود بغدادي ..
بعنوان : العلاقات العسكرية بين سبأ وأكسوم في القرن الثالث الميلادي
البحث منشور في مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة 2003م ص459 وما يليها (ومع بعض التصويبات والاضافات على ما ورد في البحث)
نستخلص ما يلي :
تسجل النقوش اليمنيه أول ذكر للأحباش في عهد الملك علهان ﻧﻬفان بن يريم أيمن
بن أوسلت رفشان بن همدان ..
وهناك اختلاف بين الباحثين حول فترة حكم الملك علهان ﻧﻬفان ..
حيث يقول فلبي أﻧﻬا كانت حوالي عام(135 ق.م)
ويقول البرت جام إلى أﻧﻬا كانت كانت في الفترة(85-86ق.م)
ويرى فون ويسمان أﻧﻬا كانت في النصف الأول من القرن الأول قبل الميلاد
في حين يحددها وليم أولبرايت بعام (60ق.م)
ويقول أدولف جرومان بأن حكم الملك شعر أوتر بن الملك علهان
كان حوالي عام (50 أو60 ميلادية)
وفي كل الأحوال يعني هذا أن حكم الملك علهان ﻧﻬفان لا يتعدى القرن الأول الميلادي ..وإن كانت هناك مصادر يمكن أن نستدل من خلالها ان حكم الملك علهان كان في القرن الثاني للميلاد فالملك علهان عقد إتفاقية دفاع مشترك مع الملك الحبشي (جدرت) والذي كان ملكاً على الاحباش خلال الفتره من 200 الى 220ميلاديه.وبالتالي كان الملك علهان حينها حاكماً في اليمن .
فالملك علهان نهفان كان هو أول من عقد إتفاقية دفاع مشترك بين اليمنيين والاحباش وكانت تلك الاتفاقيه نتيجة لــ (تمرد) الملك علهان على ملوك سبأ وأعلان نفسه ملكًا ، ولكي يقاوم محاولات إزاحته عن الحكم الذى إغتصبه بدأ يقوّي مركزه ونفوذه بالتحالفات مع الملوك الاخرين ..
فتحالف مع ملك حضرموت (يدع أب غيلان)
وكان ذلك على طلبًا للحماية من الحميريين ضد السبئيين
وأيضًا تطلع الملك علهان ﻧﻬفان بنظره إلى ملك الحبشة للتحاف معه ..
فقد كان الموضوع الاساسي للنقش CIH 308 الذي سجله الملك علهان معاهدة التحالف مع الاحباش ومكتوب في النقش : أن الملك علهان نهفان وأبنيه شعرأوتر ويرم أيمن قدموا إلى (تألب ريام بعل ترعت) ثلاثين تمثالا من الذهب لإصلاح حرم معبد المقه وقاموا بإصلاحات كثيرة في فنائه وفي أملاكه لأنه أجاب طلباﺗﻬم ومنَّ عليهم بتوفيقه في عقد تحالف مع ملك أكسوم جدرت
وذلك لانه وفَّق الوفد الذي ذهب الى الحبشة من اجل المفاوضات فتمكن من عقد إتفاقية بين الطرفين للتعاون في أيام السلم والحرب ولرد كل إعتداء يقع على أحد الطرفين ومحاربة كل عدو يريد شراً بأحدهما..الخ(انتهى)
هكذا كانت البدايه إذاً فتلك الاتفاقيه هي ما أتاح للأحباش فرصة سانحة للتدخل في شئون الممالك اليمنيه ،
وتذكر العديد من النقوش عدد من المعارك والحروب بين اليمنيين والاحباش في فترات متقطعه وخاصة بعد وفاة الملك علهان وتولى إبنه الملك (شعر أوتر) الحكم في سبأ تقريباً خلال الفترة (205 الى230 م)
حينها سجلت النقوش بدايات التحرش الحبشي باليمن فقد تحولت الصداقة بين البلدين إلى عداوة تحركت لها الجيوش وسقط في معاركها القتلى بالمئات ومن تلك النقوش على سبيل المثال :
1- النقش (IR 12) والذي تقدم به القائد العسكري (وافي أذرح)
في هذا النقش يتحدث القائد وافي أذرح عن تعيينه قائداً القوات المرابطة على حدود حاشد وأن من أصدرهذا القرار هو الملك (شعر أوتر) وكذلك تعيين وافي أذرح قائداً لقوات الإنتقام من الأكسوميين والعرب المتحالفين معهم ..
2- النقش (JAM 635) وهو نقش طويل ولكنه هــــام جداً
تقدم بهذا النقش القائد العسكري (أبو كرب أحرس) الذي يذكر أنه قدَّم للمقه تمثالا من الغنائم التي حصل عليها في منطقة (قرية/قريتم) وكذلك مواد عطريه وكان ذلك حمداً للمقه على نصرة الملك شعر أوتر في كل المعارك حيث طارد الأحباش ومن كان معهم حتى وصل إلى قرى كهال حيث قاتل هناك قوات ربيعة (آل ثور) ملك كندة وقحطان كما حارب الأعراب وغيرهم ..
ويذكر القائد أبو كرب أن معركة بحرية حدثت بين الجيش اليمني والاحباش
كما يذكر مطاردة العدو في الساحل وان معارك كانت حول مدينة نجران
حيث قتلوا جيش الأحباش ... الخ .... (انتهى)
(للمزيد من التوضيح حول هذا النقش يرجى مراجعة ملاحظة أدنى الارض في نهاية البحث)
وهكذا يتضح لنا أن التدخل الحبشي في الشئون اليمنيه لم يكن وليد عام 525م ولكن كان قبل ذلك بكثير ..
وكانت الحروب مستمرة طوال ما يزيد عن 200 عــام من تاريخ اليمن القديم ..
--------------------------------------------------
F- النقش CIH 541
بالطبع هذا النقش تم نشره مسبقاً ويمكن الاستدلال عن بعض الاسماء
التي وردت فيه ومنها إسم (معد كرب) الذي ورد في السطور 16+17
(وأزأنن / أقولن / معد كرب / بن / سميفع)
(ومن اليزنيين القيل معد كرب بن سميفع)
إذاً معد كرب في هذا النقش هو نجل الملك السميفع أشوع
وكان قد لجأ الى ملك كنده (يزيد بن كبشه) وكان من أمره أن شارك في الثورة ضد الأحباش المؤرخه عام657حميريه الموافق 542 ميلاديه ..
مع العلم بان (معد كرب) هذا غير (معد كرب)
المذكور في النقش A 103664 والنقش CIH 621
فالاخير هو شقيق الملك السميفع ،وسوف يكون دليل إضافي يؤكد لنا من
هو الملك السميفع لاحقاً ..
ولكن هذه التساؤلات تطرح نفسها وبشده ..
ما الذي دفع القيل معد كرب الى الثورة ضد الأحباش بعد أن كان حليفهم ؟
والأهم أين ذهب الملك السميفع أشوع ؟
وهل هناك حادثاً لم تؤرخه النقوش أو أنها أرخته ولكن تم تدميرها ؟
وما مصير الاتفاقيه التي أشارت اليها النقوش
RES 3904+A 103664 ؟
في الحقيقةهناك حلقه مفقوده أو بالأصح فجوة زمنية لم أعثر (حتى الان) على نقوش تذكر أحداثها .. ومقدار هذه الفجوة الزمنية تتحدد بالفارق
الزمني بين النقوش الوارده في هذا البحث وهي فجوتين
الاولى الفارق بين تاريخ النقشين [Ry 507] ، [JAM 1028 ]
وبين تاريخ النقش [CIH 621] ومقدارها حوالي (7 أعوام)
والفجوة الثانية تتمثل بالفارق الزمنى بين تاريخ النقوش
[A 103664] و [RES 3904] و [CIH 621]
وبين زمن تاريخ النقش [CIH 541] ومقدارها حوالي (17 عاماً)
فكل الذي حدث خلال تلك السنوات يظل مجهولاً الى الان ..
وحتى تكتمل السلسله ونردم تلك الفجوات ويكتمل سفر من أسفار التاريخ اليمني فلا بد من الاجابة عن التساؤلات السابقة حول معد كرب والملك السميفع ونظراً لأن النقوش التي بين أيدينا (الى الان)لا تسعفنا في الاجابه
فسوف نعتمد على بعض المراجع التاريخيه من المؤلفات العربية
وتكمن الاجابات عن تلك الاسئلة بل ومرتبطه إرتباطاً وثيقاً بالتعريف عن شخص الملك السميفع أشوع ...فمن هو إذاً الملك السميفع أشوع ؟؟
فعند مراجعة كافة كتب الاخباريين نجد أنها لا تذكر الملك السميفع بهذا الاسم لكنهم ذكروه بإسم آخر يختلف عن اسمه الحقيق (السميفع)
وقبل أن نذكر ما كتبه عنه ابو الحسن الهمداني ونشوان الحميري
وسوف أبداء في الجزء الأول بما ذكره المؤرخ الروماني (بروكوبيوس PROCOPIUS) وهو فلسطيني الأصل روماني الجنسية عاش خلال الفترة (500- 560ميلاديه) كان محامي ومستشار قانوني للإمبراطور جستنيان وله العديد من المؤلفات يعتبر أشهرها كتاب
History of the wars and The Secret Story of the Court of Justinian
(تاريخ الحروب والقصه السرية لمحكمة جستنيان)
ففي كتابه هذا يوثق أحداث تاريخيه هامه جداً منها ما يتعلق باليمن والملك السميفع ومنها ما يتعلق الصراع العالمي بين القوى العظمى حينها وهي الفرس والرومان ، وفي معرض سرده عن حروب الإمبراطور جستنيان مع الفرس وفكرة الإمبراطور للتحالف مع الاثيوبيين والحميريين من أجل قطع الطريق البحري أمام الفرس (ابتداء من الصفحة 36 وما يليها)
وبعد أن أسهب بروكوبيوس في شرح الاهميه الاستراتيجية للسيطرة على
البحر الاحمر والطرق التجاريه وما هي الدول التي تقع على ساحل البحر
من الاتجاهين العربي والافريقي ..الخ يصل في حديثه الى أن قال :
وفي وقت هذه الحرب كان Hellestheaeus ملك الأثيوبيين مسيحياً مخلصاً ومؤمناً فاكتشف أن عددا من الحميريين على الأراضي المقابلة للبر الرئيسي (للبحر الاحمر) كانوا يقمعون المسيحيين هناك وكان إضطهاد شنيع للمسيحيين من الأوغاد اليهود ولذلك فقد جمع الملك Hellestheaeus أسطولاً من السفن وجيشاً وجاء ضد اليهود وغزاهم وفي إحدى المعارك قُتل الملك الحميري والعديد من الحميريين معه (بروكوبيوس يقصد هنا مقتل الملك يوسف أسار) وبعد ذلك أقام ملك أثيوبيا عوضا عنه (أي عن الملك يوسف) ملك مسيحي حميري الأصل واسمه إيسيميفايوس= Esimiphaeus
= (أي أن إيسيميفايوس هو الملك السميفع أشوع)
وعاد الملك (إيسيميفايوس= السميفع) إلى ارض حِمْيَرْ
وفي ذلك الوقت عندما Hellestheaeus ملكاً على أثيوبيا وكان الملك السميفع
(إيسيميفايوس) ملكاً على حِمْيَرْ أرسل الإمبراطور جستنيان السفير
(جوليانوس Julianus) مطالبا الأثيوبيين والحميريين المشاركة مع الرومان
في الحرب ضد الفرس وقطع العلاقات التجارية معهم لأنهما والإمبراطور
على دين واحد وعليهما مساعدة أبناء دينهم الرومان والاشتراك معهم
في قضيتهم وهي قضية عامة مشتركة على النصارى جميعاً الدفاع عنها ..
وكان قصد الإمبراطور أن يقوم الأثيوبيين بشراء الحرير من الهند وبيعه للرومان فالأثيوبيين أنفسهم يكسبون الكثير من المال بينما الرومان يربحون عدم وصول الحرير الى الفرس ، وطلب من ملك حِمْيَرْ بشكل خاص أن يُعَيِّن شخص يدعى Caïsus كايسوس = (قيس) سيداً على قبيلة Maddeni = (معد)
وهو شجاعاً وقديراً وكفؤاً لكنه كان قد قتل أحد أقارب الملك (إيسيميفايوس = السميفع) وكان هاربا في البادية وطلب أيضاً تجهيز جيش كبير يشترك مع قبيلة معد في غزو ارض الفرس ، وقد وعد الملك (إيسيميفايوس=السميفع) خيراً ، ورجع السفير فرحاً مستبشراً بنجاح مهمته التي لم تنفذ فيها طلبات الإمبراطور فلم يغزو الحميريين والاثيوبيين الفرس ولم يعين السميفع قيس رئيساً لقبيلة معد وتعلل بأنه من الصعب عليه اجتياز أرض واسعة بعيدة وطرق طويلة تمر بصحارى وقفار لمحاربة أناس أقدر من قومه في الحرب ..
وحدث بعد عودة الملك (إيسيميفايوس = السميفع) إلى ارض حِمْيَرْ بفترة (أي بعد مقابلة السفير جوليانوس مع الملك السميفع)
أنه كان في الجيش الاثيوبي العديد من الجنود العبيد وعندما جاء الأمر بعودتهم الى أكسوم رفض الكثير العودة الى أثيوبيا مرة أخرى ورغبوا في البقاء على أرض الحميريين لأنها أرض حسنة للغاية ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى قام هؤلاء العبيد مع آخرين منهم بالتمرد ومحاصرة الملك (إيسيميفايوس =
السميفع) ووضعوه في زنزانة في أحد الحصون هناك ، وأقاموا ملكاً آخر على الحميريين إسمه Abramus أبراموس (أبرهة الاشرم)
وكان ابراموس هذا مسيحياً ولكنه كان عبداً لمواطن روماني يعمل في مجال النقل البحري في مدينة(Adulis = عدوليس) في أثيوبيا ،وعندما علم الملك الأثيوبي بهذا كان حريصاً على معاقبة ابراموس مع أولئك الذين ثاروا معه ضد (إيسيميفايوس = السميفع) وأرسل عليهم جيشا من ثلاثة آلاف رجل مع أحد أقاربه كقائد لهذا الجيش ، ولكن حتى هؤلاء الاخرين لم يكونوا على استعداد للعودة إلى ديارهم ويرغبون في البقاء حيث كانوا في أرض حسنة ودون علم قائدهم فتحوا مفاوضات مع ابراموس ، ثم عندما جاء إلى المعركة مع ابراموس بدأ القتال وقتل قائدهم وانضم الجنود الى صفوف ابراموس وهكذا بقي الجيش هناك ولكن الملك النجاشي كان غاضبا إلى حد كبير ولا يزال يرسل جيش بعد آخر ضدهم وإحدى هذه القوات اشتبكت مع ابراموس ورجاله وبعد تعرضهم لهزيمة قاسية في إحدى المعارك عادت بقايا ذلك الجيش الى ملك الاثيوبيين الذي أصبح خائفا من إرسال أية حملات أخرى ضد ابراموس ،وبعد وفاة Hellestheaeus جاء ملك أثيوبي خلفاً له فارسل له ابراموس الاموال والهدايا وهو ما يعتبره تعزيزاً لحكمه على الحميريين ولكن هذا حدث بعد فتره (موت الملك وارسال الهدايا)
وفي وقت لاحق بعدما كان أبراموس قد فرض سلطته على معظم ارض حِمْيَرْ وعد الإمبراطور جستنيان عدة مرات بإعداد جيش لغزو بلاد فارس ولكن لمرة واحدة فقط قام برحلة ثم عاد إلى الوراء ولم يواصل ..هكذا كانت العلاقات
بين الرومان والحميريين والأثيوبيين ..... (انتهى)
حول ما ورد أعلاه أستعرض التوضيحات التاليه :
1- يتضح لنا أن الملك (إيسيمفايوس هو نفسه الملك السميفع أشوع) ويظهر ذلك جلياً في لفظ إيسيمفايوس
2- لو عُدنا الى ما ورد في النقش RES 3904 وتحديداً عبارة(سيدهم نجاشي أكسوم وأمر بتأسيس جيش ملكي قيلي أي للقيل السميفع)
فهذا يتطابق مع ما ورد في كتاب بروكوبيوس عن الجيش الذي تمرد على الملك السميفع علماً أن تفسير لفظ (جيش قيلي = للقيل) كان إجتهاد شخصي ولكنني إطمئنت عندما وجدت ذلك مطابقاً لحديث بروكوبيوس عن الجيش الحبشي الذي كان تحت إمرة الملك السميفع والذي تمرد عليه وحاصره في الحصن .
3- يظهر جلياً أنه بعد عودة السفير (جوليانوس Julianus) الى روما و علم الإمبراطور بأن توجيهاته لم ينفذها الملك السميفع (بغزو الفرس وتعيين قيس سيداً على معد ) حدث ذلك التمرد ومحاصرة الملك في القلعة ولم يكن ذلك إلا تنحية للملك السميفع عن الحكم لرفضه الزج باليمن في حرب مع الرومان والفرس .. وأعتقد أنها كانت خطة مرسومة بدقة تهدف لاحتلال اليمن فبعد أن رفض الملك السميفع لتوجيهات الإمبراطور وعلم الروم والاحباش بأن الملك السميفع لن يكون كما أرادوا ، فتم تحريض الجنود على التمرد ومحاصرة الملك واستبداله بشخص آخر ، وكان التمرد سبباً لارسال المزيد والمزيد من الجيش الحبشي الى اليمن بحجة معاقبة المتمردين ولكن الهدف الحقيقي تعزيز قواتهم في اليمن تمهيداً للسيطرة الكاملة والاحتلال والدليل على ذلك
ان كل قوة عسكرية ارسلت لمعاقبتهم اعلنت ولائها لـ أبراموس = أبرهة ولا يمنع ذلك من افتعال معركة تظهر ان جيش الملك الحبشي انهزم وعاد بقاياه الى أكسوم وهي حقيقة (كـ إجازة) لمن أدى مهمته في اليمن !!!
وكما يقال ضرب عصفورين بحجر فالملك الحبشي تخلص وبسهولة من أحد أقاربه وأرسل بتعزيزات لجيشه ..
لكن الملك السميفع كان ذكياً فأدرك ما يراد باليمن مما جعله يحمل راية المقاومة مع أشقائه وبقية الاقيال من جديد حتى قُتل في معركة السحول وهو يدافع عن إستقلال وكرامة وحرية اليمن ودفع روحه ثمناً لهذا الهدف النبيل (لتتقدس روحه بسلام في ملكوت الرب)
4- ليس ببعيد أن هذا الحادث أرخته نقوش ولكن دمرها الاحباش بعد إستكمال السيطرة على اليمن ومثل ذلك فعل الفرس فلم نعثر على نقوش (الى الان) تتحدث عن الملك سيف بن ذي يزن !!!
5- بخصوص الإتفاقيه التي أشارت اليها النقوش A 103664 +RES 3904
فلم تعد ذات قيمة أو أهمية خاصة بعد التمرد وحصار الملك السميفع فقد كان حمل راية الكفاح مع الأقيال الآخرين وإتجهوا جميعاً الى المقاومة والنضال في سبيل التحرر من الاستعمار الحبشي لليمن
--------------------------------------------------
الجزء الثاني من التعريف بشخصية الملك السميفع ما يذكره الاخباريين عنه
مع العلم بأنهم لم يذكرو بإسم الملك السميفع ولم يتحدثوا عنه بشكل كبير ولكن بلمحه بسيطة و اسردها سريعاً في ما يلي :
1- ما يذكره الحسن الهمداني في الإكليل بقوله :
والنعمان بن عفير هو الذي قام باليمن هو وأولاده بعد (ذي نواس)
(ذي نواس هو الملك يوسف أسار)
2- ما يقوله نشوان الحميري من كتابه ملوك حمير واقيال اليمن
الصفحة (148 وما يليها) :
فبعث النجاشي مع ذي ثعلبة قائداً يقال له كالب ويقال بربكي في ثلاثين الفاً إلى اليمن فلقيهم ذو نواس فقال لهم: نحن سماعون مطيعون فدونكم اليمن
بيوس في كتابه تاريخ الحروب أكبر شاهد على تلك الاطماع ..
7- الاحتلال الحبشي لليمن لم يكن وليد لحظة أو بسبب حادثة معينه وإنما كان قبل ذلك بكثير وعلى مراحل مختلفه
8- لم يكن الملك يوسف أسار و الملك السميفع سبباً في الاحتلال الحبشي لليمن بل أنهما من قاد المقاومة وبذلا روحهما في سبيل الوطن واستمر من جاء بعدهما بالكفاح والنضال حتى التحرر
9- كانت دراسة النقش JAM 1028 وما ارتبط به في كل ما ورد أعلاه السبب في كشف العديد من الحقائق وتعرفنا على ملوك وحكام ورموز تركوا إرثاً تاريخياً وبصمة لا تمحى في تاريخ اليمن القديم
10- أدعوا كافة المهتمين الذين لديهم أي كتب أو مراجع عربية أو أجنبية تتحدث عن تاريخ اليمن القديم ان لا يبخلوا علينا بنشرها لما فيه الفائده العامه للجميع ..
--------------------------------------------------
ملاحظات هـــامــــة
1- (ملاحظــــــــــة أدنى الارض)
يرد في النقش (JAM 635) نقش أبو كرب بن احرس
حول المعارك مع الاحباش إسمأ ووصفاً له دلالته الهـــامه فقال :
[أنه حارب جنود بني يون وقاتلهم في كنف أرض الأحباش]
السؤال الذي يطرح نفسه ..
من هؤلاء بني يون الذي حاربهم أبو كرب أحرس ؟؟
أعتقد ... لا.. بل أجزم أن لفظ يون يقصد به اليونان
وأن معنى كنف الارض ينصرف الى (أدنى الارض)
وذلك يرتبط إرتباطاً وثيقاً بما هو مذكور في كتاب الله عزوجل
في قوله تعالى في سورة الروم [غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ] صدق الله العظيم
فالروم هم اليونان وكنف الارض ادنى الارض أليس كذلك ؟؟
عموماً لا أطيل عليكم وأترك البحث عن هذه الحقيقه للمهتمين بذلك ..
2- المراجع والمصادر التي اعتمدت عليها في البحث مذكورة خلال السياق التي وردت فيه ..
ولمن يرغب في الاطلاع على ما ورد في موقع مدونة DASI من معلومات حول النقوش الوارده في البحث فهذه هي الروابط :
* رابط النقش JAM 1028
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php
* رابط النقش RES 3904
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php
* رابط النقش A 103664 Wellcome Museum
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php
* رابط النقش CIH 621
http://dasi.humnet.unipi.it/index.php
3- لمن يرغب في تحميل كتاب بروكوبيوس History of the wars
هذا رابط مباشر للتحميل ..
http://www.cristoraul.com/MY-PDFs/PROCOPIUS.pdf

معمر الشرجبي
فهذه مفاتيح خزائنها فابعثوا إلى مخاليفها من يقبض لكم الخزائن وأتى بمفاتيح تحملها إبل كثيرة فكتب بذلك كالب إلى النجاشي يشاوره
فكتب إليه النجاشي أنْ يقبل منهم الطاعة وافترقت الحبشة في المخاليف فلما صاروا بها كتب ذو نواس إلى رؤساء حِمْيَرْ أنْ يذبحوا كل ثور اسود عندهم فعلموا ما أراد فوثبوا على الحبشة فقتلوهم حتى أفنوهم وبلغ ذلك النجاشي فعلم أنَّه قد غدر بهم فوجه قائدين بجيش عظيم إلى اليمن يقال لأحدهما إرياط والآخر إبرهة الاشرم فلقيهم ذو نواس بمن معه فقاتلهم فلما رأى أنَّه لا طاقة له بهم أقتحم البحر بنفسه وفرسه فغرق فيه ..
ثم جمع النعمان بن عفير جموعا من أهل اليمن وقاتل الحبشة بالسحول فهزموه إلى شرعة فيمن تبعه من أهل اليمن، ولحقهم الحبشة فقاتلوهم وقتل فلم يكن لهم بهم طاقة واستولت الحبشة على اليمن.... (انتهى)
مما سبق يتضح لنا ما يلي :
الشخص الذي حكم اليمن بعد مقتل الملك يوسف أسار
هو الملك النعمان بن عفير
وهذا مطابق لما ورد في حديث بروكوبيوس في قوله :
وقتل الملك الحميري والعديد من الحميريين
وبعد ذلك أقام عوضا عنه ملك مسيحي حميري الأصل
واسمه (Esimiphaeus = إيسيميفايوس = السميفع)
((أي أن الملك النعمان بن عفير هو الملك السميفع أشوع))
هذا و كنت قد نوهت الى إسم القيل (معد كرب) واعتبرت أنه سيكون دليلا إضافياً في الكشف عن شخصية الملك السميفع
فكما ورد في النقش A 103664 والنقش CIH 621
بأنه (معد كرب بن يعفر) و (يعفر و عفير)
هما نفس الكلمة لنفس الشخص
إلا أن الاولى هي الحقيقيه
فالاسم يعفر وليس عفير كما ورد في كتب المؤرخين والاخباريين
وبالتالي النعمان بن عفير أو النعمان بن يعفر
هو شقيق معد كرب بن عفير أو معد كرب بن يعفر
وهنـــــــــــــــا إتضــــــــــــح لنـــــــا وبما لا يدع مجالاً للشـــك أو الريب
أن الملك السميفع أشوع بن ذو يزن
هو نفسه الملك النعمان بن يعفر بن ذو يزن
وهذه أيضاً إحدى الحقائق الهــامه التي لم يذكرها الاخباريين
--------------------------------------------------
أخيراً وحتى لا أطيل كثيراً سوف أورد الحقيقة الثالثة وهي
أن الملك النعمان بن يعفر أو الملك السميفع أشوع
هو والد الملك (سيف بن ذي يزن )
وبالأصح سيف بن السميفع أشوع بن ذي يزن الحميري
أو سيف بن النعمان بن يعفر بن ذي يزن الحميري
وهو آخر الملوك الحميريين وهو الذي طرد الأحباش من اليمن ربما ثأراً منه لوالده الذي قتلوه الاحباش المدعومين من البيزنطيين ولذلك لجاء الى ملك الفرس وهذا يؤيد ما ذكره المؤرخ البيزنطي
(بروكوبيوس) حول الحرب التجارية بين الروم و الفرس ..
أما الدليل على صحة ذلك فيتمثل في ما ذكره أبو الحسن الهمداني
عندما تحدث عن نسب الملك سيف حيث قال :
فأولد النعمان بن عفير (سيف بن النعمان)
وهو أبا المنذر الذي وفد عليه عبد المطلب وهو النازع إلى كسرى أنوشروان
وأولد النعمان أيضاً : عمرو بن النعمان بن عفير... الخ
وأيضاً ما ذكره نشوان الحميري في حديثه عن نسب الملك سيف بأنه :
سيف بن النعمان بن عفير بن زرعة بن الحارث بن النعمان بن قيس بن
عبيد بن سيف الأكبر بن عامر ذي يزن ..
وحول عودة الملك سيف من بلاد الفرس يقول نشوان الحميري :
وقد كان كسرى عهد إلى وهرز وأعطاه تاجا وخلعة ومنطقة وقال له :
إذا صرت إلى اليمن فاسأل أهل اليمن عن هذا الرجل يعني سيفا
فإنَّ كان من الملوك فسلم إليه الأمر وألبسه التاج والخلعة والمنطقة
وإنْ لم يكن من الملوك فابعث إليَّ برأسه واضبط البلاد إلى أنْ يأتيك أمري
فلما اجتمع أهل اليمن سألهم وهرز عن سيف ؟
فقالوا : ملكنا وبن ملكنا والقائم بثأرنا ..
فألبسه وهرز التاج والمنطقة والخلعة وسلم الأمر له ..
--------------------------------------------------
الخلاصـــــــة والاستنتاجــــــات :
1 - هناك معضله حقيقة تتمثل في تكرار نقوش تتحدث عن موضوع واحد
2 - الى الان لم أعثر على كتاب أو مؤلَّف أو دراسة أو بحث يوثق النقوش المؤرخة تسلسلياً من الأقدم الى الأحدث وهذا يعتبر نقص فظيع في توثيق النقوش وما يرتبط بها من أحداث تاريخيه ..
3- الكثير من النقوش اليمنيه تم قرائتها قديما من بعض الباحثين الأجانب وبالتالي ينبغي إعادة النظر في ماورد فيها وخاصة ان العديد من الألفاظ يتم تفسيرها بما يخالف المراد منها
4 - الاختلافات بين الحكام والملوك هي سبب البلاء قديماً وحديثاً وخاصة إذا إرتبط ذلك بالدين ..
5- التمردات والانقلابات وتغليب المصالح الشخصية من الحكام على حساب مصلحة الوطن والشعب وما يصاحب ذلك من تحالفات وتمزق وحدة الصف سبب هام في وقوع البلدان تحت الاستعمار ..
5- للاسف ان العصبية القبلية طغت على بعض ما أورده المؤرخين والاخباريين ولم يذكروا الحوادث بحقيقتها وهذه دعوة لكل مهتم بالتاريخ أن يكتب ويوثق ما يحدث بكل حيادية وتجرُّد فالتاريخ ملك للجميع
6- كانت وما تزال اليمن محط أنظار القوى الاستعماريه قديماً وحديثاً نظراً لموقعها الاستراتيجي وما كتبه المؤرخ بروكو