اليمن_تاريخ_وثقافة
10.8K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
بتقصف الركب , حتى من قبل من لم تقرقع ركبه , لان كل طفل يكون مهتما في الأساس بسماع الصوت الذي ستحدثه ركبتيه دون أن يركز على سماع قرقعات ركب الآخرين , ومع ذلك تتم البهجة , ويستمتع الجميع بقضاء وقت جميل في اللعب والمرح .

لعبة المافي(4-4)
- المافي : هو التَّنور.. (( الَمَوْفَى )).
- كلمات اللعبة .
صوت منفرد : مِنَ كَلْ غَدَا سَالِمْ ؟ , أي . من أكل غداء سالم ؟
المجموعة : الدُّمَيْمَ . أي القط . والدميم بضم الدال ففتح فسكون مرتين تصغير الدِّم , بكسر الدال فسكون . وهو الهر باللهجة اليمنية .
- الأدوات المستخدمة في اللعبة
1- خرقة طويلة أو شال يعجر طرفه . وتقوم مقام أداة التعذيب وانزال العقاب في القط الشرير .
2- جفنة من خزف , أو قصعة مملؤة بالتراب أو نحوه , أو أي رمز آخر يقوم مقام جفنة الطعام .
طريقة اللعب
ينقسم الأطفال إلى فريقين (أ) و (ب) . الفريق (أ) يشكل دائرة في ساحة اللعب حول جفنة الطعام , وذلك بأن يقف كل طفل ويضع يديه على كتفي الطفلين المجاورين له في الدائرة , وترمز هذه الدائرة إلى (( المافي )) التنور . ويمثل أحد الإجفال دور (( الدم )) القط , و آخر دور سالم , مالك الأرض أو المضيف . أما المجموعة (( ب)) من الأطفال فتنتشر خارج الدائرة وتتفق فيما بينها إما على تمثيل دور ضيوف سالم , أو دور العمال الزراعيين في أرض سالم .
فان اتفقوا على تمثيل دور الضيوف , جلسوا على الأرض واتكأوا على الحجارة وتبادلوا أطراف الحديث في انتظار وجبة الطعام . وأن اتفقوا على تمثيل دور العمال الزراعيين باشروا العمل وأدوا حركات تنم عن العمل في حرث الأرض أو تنقية الزرع من الحشائش مع أداء الأغاني الزراعية المناسبة وبين الفينة والأخرى يسأل أحدهم عن موعد تناول الطعام . في تلك الأثناء يتسلل الطفل الذي يمثل دور ( الدم ) القط إلى وسط الدائرة ( المافي ) التنور ويأكل الطعام من الجفنة ثم يهرب ويختفي في مخبأ بعيد عن موقع دائرة التنور . بعد برهة من الوقت يدعو الطفل الذي يمثل دور سالم المضيف أو مالك الأرض ضيوفه أو عماله لتناول الطعام . وبعد أن يخرج الجفنة من وسط دائرة التنور ويقدمها لضيوفه أو لعماله , يجد بعد أن يفتح غطائها أنها خالية من الطعام فيصرخ الأطفال : (( من أكل غدا سالم )). آنئذ يمؤ القط من موضعه فيعرف الجميع انه المتهم في آكل غدائهم فيتوجه أطفال المجموعة (ب) مع سالم إلى حيث يختبئ ويمسكون به ثم يأتون به مجرورا إلى وسط دائرة التنور فيأخذ سالم الخرقة أو الشال – أداة التعذيب – فيما تنضم المجموعة (ب) إلى المجموعة (أ) وتتسع دائرة التنور , تسأل دائرة التنور : (( من كل غدا سالم )) فيجب سالم (( الدُّميم )) أي القط ويبدأ في إنزال العقاب بالقط وضربه , يهرب القط من خلال أفراد دائرة التنور ويتبعه سالم فيما كلمات اللعبة تتردد ويرتفع مواء القط من شدة العقاب الذي ينزله سالم به وهو يجري خلفه دخولاً وخروجاً من وسط الدائرة وإلى خارجها ثم العودة إلى وسطها حتى ينهار القط وتبلغ اللعبة ذروتها عندما يسقط القط في وسط دائرة التنور ويلفظ أنفاسه فتضج ساحة اللعب بالضحك والتصفيق دلالة على انتهاء هذه اللعبة الجميلة .
************************
* حاليا مديرية حيفان.
و السَّمْنُ عِنْدَ البَقَرُ
و البَقَرُ تِشْتِي حَشِيْشُ
و الحَشِيْشُ عِنْدَ الجَبَلُ
و الجَبَلُ يِشْتِي مَطَرُ
و المَطَرُ مِنْ عِنْدَ اللَّهْ
لا إِله إلاَّ اللَّهْ
************************
أمثلة شعبية من منطقة الوازعية .
هيا تغدى وتيني
لهذا المثل قصة طريفة
وهي أنه كان هناك بتول يلقب ( أم تيني ) من المشاولة ( الوازعية )،
كان يحرث أرضه بالضمد
وعندما حمي اليوم جاءته زوجته بالغداء ( فتة لبن وسمن )،
فجلس في وسط الحول
وجلست زوجته أمامه والغداء بينهما ..
وقبل أن يتناول البتول غداءه تلفت يمنة ويسرة فرأى
المكان فاضي .. فطلب من زوجته قبلة..فلم تستجب..
وألحت عليه كي يتغدى لأن الغداء سيبرد،
وحذرته من عمل الصبيان هذا، فلم يحذر وأبى إلا القبلة ..
فأومأ برأسه نحوها وأراد أن يتناولها بيديه لكي يضمها إليه لكي يقبلها ..
فقفد بالغداء برجليه بين التراب ..فقامت هي مغضبة، وهي تقول:
- هيا تغدى وتيني ..
والنتيجة لا غداء ولا قبلة
************************
اغنيه من التراث اليمني
امسيت اناجي القمر والناس جمعه رقود
ادعي لربي وقول ايحين حبيبي شعود

كتبت لك الف خط ولا وصلني جواب
والقلب من فرقته خلا حياتي عذاب

بالله عليك وا مسافر اذا لقيت الحبيب
بلغ سلامي اليه وقولو كام شاتغيب
************************
أمثال شعبية يمنية باللهجة البلدي اليمنية

سوف أقوم بكتابة ما أذكره الأن من الأمثال الشعبية اليمنية باللهجة الخاصة بأصحاب الحجرية و كل واحد يكتب أمثال شعبية كلا حسب منطقته حتى أذا كان نفس المثل مذكور في المنطقة الأخري و لكن بلهجة مختلفة فالأفضل أن يذكر المثال و هذه دعوة لمشاركة الجميع ....

( إخبط الوطاف يفهم الحمار )
( قي كسبة قالوا نمر )
( قي كسب
ة و لو طارات )
( ألي مايدريش يقول بلسن )
( لو كأن حبيبك عسل ما تلحسوش كلة )
( مخطوا يجدمك زرو يعرفك )
( جزعت سعيدة وادي الغيل )
( ضربني و بكي و سبقني بالشكا )
( ضربتين بالراس توجع )
(من دق الباب لقاء جواب )
************************
ولد الويل ليوم الويل

عميا تخضب مجنونه والصورا تسمع

أبن ابني لي وأبن بنتي فلا
شعر في جوبا يدي وراحت ايدي لا

[قضى المحرات واجب

االخاله خلال

اابوزيد معروف بشملتة

صاحب ما ينفع مثل وطن مايزرع

من زبطه بندقه ما وجعه

لا تقول بر الا لا قده في الصر

جمل بميئه قال فروه

الديك الفصيح من البيضه يصيح

تنسب الخال ياتيك الولد والبنت تاتي لعماتها

المدن ولو جارت والعذارى ولو بارت

النسم تحب خناقها

لحيه احشمها ولحيه احشم نفسك منها
يومه عيده

اذا لك جار مؤذي اصبر وربي يزيله

قال اصبر قال قدي في الصابر

ويش الطاير ويش مرقه

شارد من الموت لا حضرموت

الحميد شارد من الموت ومامن الموت مشرد


مخطي بين اخوتك ولا وحدك مصيب

خيار العلم قولة مادريت

صاحب الحاجة أعنى بالطلب

لا انته علي وانا علي من يسوق الطلي

صبه رده

صحنا من طمطم جانا اخس والطم

يقصه في ظهر جمل

لا شفت صاحبك عسل خل منه وسل

ما يعرف رطني الا ابن بطني

الجنان تعلمه

من صوبه بأيده الله يزيده


(امثال شعبية يمنية
عمي تخضب مجنونه )

القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود
--------
عوره وبالروشن....

ياويل البدوي لتمسوق....

سمحنالها تتفرج قامت ترقص....

هب لما احور وجاب كلب اعور....

هبله ومسكوها طبله ...

قلنا ماشي ماء قالو اعصدوا....

قلنا ثور قالوا احلبو......

غن بصاع واسكت بذهب....

جينا بنكحلها عميناها....

ياشارد من الموت ياملاقينه....

انا واخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب...

مااخس من قديد الا عسفان....

جبنا العمي نباه يونسنا فزز عيونه وافزعنا....

اف صبرنا عليه بف لا.....

ذي ما يعرف الصقر يشويه ....

من شبع مرض رضي بالموت....
************************
من زرع الحيله حصد الفقر .
جني تعرفه ولا انسي ماتعرفه ..
خيابتي ولا ملاحة الناس .
الصاحب ساحب .
مثل اللي راح يجيب الذري ( طبعاً عاد وقت الحصاد  )
لامزوج سلي ولاعزب مستريح 
شاور في أمرك من يخاف الله ..
من ثنى ثلث 
لاتصادق عسكري ولاتبني امام بيتك شجرة ولاتعطي شورك لمره 
ماتحن إلا وبها لبن ..
من أراد الدادح مايقول أح ..
لو خفنا العصافير مازرعنا الذره .
************************
منيحين لك في القصر قال امس العصر

سمحنا له دخل بحماره

ما من صياد لبن ولو زاعت

أعقم وينقم

أدينا العمي يونسنا بهرر عيونه وفجعنا

من لا يخاف الله خاف منه

من زرع الحيلة صرب الفقر


لو في الهند خير كان ضمت دراويشها

أخرج بثوبك ولا تخرج بجدك

من له عادة ما يبطلها

لا عرفك البدوي غلقت بابك
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
تاريخ اليمن .. مقبرة الغزاة
:للباحث / عبـدالله بـن عامـر
بحث مقارن لحملات الغزاة المتعاقبة على اليمن عبر التاريخ خلص إلى آن الغزاة لايستفيدون من التجارب
اليهود القدماء ومعاصروهم من مرتزقة العرب شاركوا الرومان العدوان على اليمن كما يفعل تماماً أحفادهم من يهود ومرتزقة العرب اليوم
ندرة النقوش القديمة التي تحدثت عن الغزو الروماني هو ما دفع الباحث ابن عامر للاعتماد على تحليل وقائع تلك الفترة لمعرفة ما حدث
المؤرخ الشماحي من أوائل من رصد تعاظم مؤشرات الخطر الروماني والخلافات الداخلية التي شجعته على عدوانه الفاشل لتنبه اليمنيين لما كان يدور حولهم بالتصدي للرومان ودحرهم
الغزو الروماني لليمن هو الفصل الأول من هذا البحث القيم «تاريخ اليمن.. مقبرة الغزاة» وفي الحلقة السابقة استعرضنا جزءاً من هذا الفصل وتعرفنا على القائد الروماني الاسكندر المقدوني أو ما كان يطلق عليه بالاسكندر الأكبر وهو أول من فكر في غزو اليمن وعرضنا ما ذكره الباحث عبدالله بن عامر من أسباب وغايات جرت هذا الإمبراطور ومن تلاه من أباطرة روما للتفكير في غزو اليمن ثم الشروع في الغزو وتوقفنا عند محاولة الرومان ضرب مصالح السبئيين بصورة غير مباشرة بشن عدوانهم على الفينيقيين حلفاء اليمن..
اليمن الذي كان يشكل حينها قطباً ينازع الرومان السيادة على العالم.. في هذه الحلقة سنستكمل العرض ونطلع على ردة فعل السبئيين على غزو الرومان لحلفائهم وما هي الإجراءات المتخذة محتسباً للخطر الخارجي فإلى الحصيلة:

عرض/ امين ابو حيدر
إجراءات في اليمن تحسباً للخطر الخارجي
أن يتمكن الإغريق من إسقاط الفينيقيين (حلفاء السبئيين) واحتلال معظم المنطقة المجاورة فذلك كان مؤشراً كافياً لمعرفة نوايا اليونانيين ومن بعدهم الرومان ومخططاتهم ودافعاً لليمنيين إلى اتخاذ إجراءات تحول دون تحقق تلك المخططات سيما والمضايقات الرومانية للتجارة اليمنية لم تتوقف وكان الوضع الدولي يعبر عن سيطرة مطلقة للإمبراطورية الرومانية إضافة إلى تعاظم مؤشرات الحالة العدوانية تجاه اليمن ، ويكاد يكون المؤرخ القاضي عبد الله الشماحي من القلائل الذين تحدثوا عن تلك الفترة من خلال قراءة ما كان يدور في اليمن من خلافات داخلية ومن خطوات تعبر عن الشعور بالخطر ، إذ لا يمكن أن تحدث كل تلك المتغيرات في المحيط الإقليمي ولا ينتبه إليها اليمنيون وهذا ما يجمع عليه الكثير من المؤرخين الذين حاولوا ملء الفراغ الذي فرضه غياب النقوش الموثقة لأحداث تلك الفترة وكان المؤرخ با فقيه قد أكد انه من الغريب أننا لا نجد لهذا الحادث الخطير (الحملة الرومانية) صدى في النقوش المعروفة حتى الآن (تاريخ اليمن القديم ص 74) ولهذا فإننا سنعتمد على التحليل من واقع أحداث تلك الفترة الممتدة من القرن الرابع قبل الميلاد حتى وقت الحملة الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد والتي شهدت فيها اليمن تحولات عدة وصراعات وكذلك إنجازات وعلى ما يبدو أن التوسع الكبير لليونانيين في القرن الرابع قبل الميلاد وقضائهم على الفينيقيين في حرب تجاوزت العشرين عاما قد لفت انتباه السبئيين على وجه التحديد وغيرهم من القوى اليمنية وكذلك ظهور الإمبراطورية الرومانية وتوسعها في القرن الأول قبل الميلاد فمثل هذه الأحداث لا يمكن التغافل عنها سيما وقد برزت الحالة العدائية تجاه اليمن ولهذا نجد أن التحولات في تلك الفترة لها ارتباط بتلك الحالة العدائية فانتقال التجمعات السكانية الكبيرة من الأودية الشرقية المحاذية للصحراء من الشرق وللجبال من الغرب إلى المنطقة الجبلية الغربية له علاقة بالتهديدات المحلية والخارجية أيضاً.
وما يؤكد ما نذهب إليه هنا هو ظهور مدن وتجمعات عمرانية في تلك الفترة كصنعاء وظفار وغيمان أو بعد تلك الفترة بقليل وأشارت النقوش إلى ذلك ،وكذلك شهدت تلك الفترة بناء قصر غمدان (بناه اليشرح يحصب تاريخ صنعاء للرازي ص 79) ما يعني أن اليمنيين وقتها بدؤوا يتجهون إلى المناطق المحاطة بالجبال والمحصنة طبيعياً حتى تساعدهم هذه الطبيعة على التصدي لأي غزو وذلك يتضح من خلال اهتمامهم بالمدن الداخلية كصنعاء ، وذلك التحول جعل مأرب مدينة ثانوية بعد أن كانت العاصمة وعلى ما يبدو أن انتقال العاصمة مرده إلى أن سبأ أصبحت قوة ثانية بعد القوة الريدانية الحميرية التي كانت تتخذ من ظفار مركزاً لها وهنا يمكن أن نقول جملة أسباب أدت إلى ذلك التغيير منها ما طرأ على طرق التجارة البرية من تحول فرض على كافة التجمعات السكانية إلى التفكير بالانتقال إلى المناطق الجبلية إضافة إلى الأخطار العسكرية التي كانت تهدد مأرب على وجه التحديد وشعور السبئيين بضرره تأمين جبهتهم الداخلية عبر إنشاء تجمعات سكانية في المناطق المحصنة طبيعيا وإيقاف تمدد الريدانيين الحميريين ولهذا كانت صنعاء جبهة أمامية لقربها من الخط الفاصل بين القوتين وكان ذلك الخط يتمثل في نقيل يسلح (للمزيد في تاريخ العربية السعيدة ص 63).

الملك الذي تصدى للغزو الروماني
فكرة نقل العاصمة من مأرب تع
ود إلى الملك اليشرح يحصب الأول الذي رأى أن مأرب غير محصنة فسهلها مكشوف(35ق . م – 15 ق . م ) (للمزيد انظر الشماحي ص 54) وبعد أن تمكن من إنهاء الخلاف مع القوى المناهضة والساعية للسيطرة على الحكم المتحصنة في ذي ريدان ونجد أنها ذاتها المنطقة التي أصبحت تحمل اسم يحصب نسبه إلى هذا الملك (تاريخ اليمن الثقافي ج2 ص 58)وكان هناك محاولات لحل الخلافات وكذلك مساعٍ لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار جراء التحرك الروماني في البحار إضافة إلى بناء الجيش والاستعداد العسكري ناهيك عن عودة الاهتمام ببناء السدود وترميمها وتطوير الزراعة وهو ما يمكن استنتاجه مما ذكرته بعض النقوش ، ومما يؤكد أن الحملة الرومانية حدثت في عهد ملك سبأ وذو ريدان اليشرح يحصب «ما ورد في وصف تلك الحملة من الناحية التاريخية ووصف ماريابا بأنها مدينة الراماينتي (أريمان) التابعين لايلازاروس وهذا الاسم قد يقابل بالعربية اسم الشرح وهو ما ذهب إليه جام(مؤرخ) وبنى عليه تاريخ عهد اليشرح يحصب ملك سبأ وذو ريدان» (تاريخ اليمن القديم محمد عبد القادر بافقيه ص 75) ويذكر المؤرخ الإرياني أن اليشرح أو إيل شرح هو الذي تصدى للغزو الروماني ويطلق عليه اسم أيل شرح ذو ريمان وينتمي لنبي سخيم المذكورين في الكثير من النقوش المسندية فهم من الأقيال الذين كان لكبارهم دور في مختلف المراحل التاريخية ومنهم أسياد القصر ريمان وعلى رأسهم أيل شرح ذو ريمان (نقوش مسندية ص 505) ونحن بصدد تأكيد الاستعداد اليمني للحملة الرومانية عثرنا على تساؤلات منطقية طرحها المؤرخ محمد عبد القادر بافقيه ووجدنا ما يشبه إجابات لها في تناولات المؤرخ الشماحي للغزو الروماني وذلك من خلال تركيزه على الملك اليشرح يحصب الثاني وتقديمه له كبطل نظراً لما حققه من انتصارات واستعدادات ، وأطروحات بافقيه تؤكد استحالة أن يكون اليمنيون وقتها وعلى وقع خلافاتهم الداخلية قد تركوا بلادهم مفتوحة للغازي «أن زحفاً يستغرق ستة أشهر في الصحارى العربية لا يمكن أن يفاجأ به أهل اليمن ولا يسمعون به من قبل أن يصل إلى حدودهم فما هي يا ترى حقيقة تلك الغزوة الفاشلة؟» ( بافقيه ص 76)ويمكن الرد على القائلين بأن النقوش المسندية لم تتطرق إلى أي نتائج أو تداعيات للفتوحات التوسعية التي قادها الإسكندر أو أغسطس فيجب أن نتذكر أنه لا يمكن أن نعثر على كافة الأحداث في النقوش المكتشفة وهناك لا يزال الكثير منها لم يكتشف حتى الآن ثم إن المكانة المهمة التي كانت تحتلها اليمن وتطورها الاقتصادي والسياسي والحضاري لا يشجعنا أبدا على التسليم بما ورد في الكتابات الرومانية عن أحداث تلك الحملة بل إنه ومن غير المنطقي أن نرى مركزاً حضارياً رغم الخلافات فيه لا يهتم بأحداث العالم من حوله سيما وقد كانت أغلب المناطق إن لم يكن معظمها تحت الاحتلال الروماني ناهيك عما تخبرنا به الكتابات الرومانية من نوايا عدوانية تجاه اليمن إضافة إلى القضاء على حلفاء السبئيين واحتلال أراضٍ واسعة ظلت مناطق عبور للقوافل التجارية بفعل اتفاقيات ومعاهدات مع الدول اليمنية فهل يعقل أن كل ذلك يحدث في الوقت الذي لا تتحرك فيه الدولة اليمنية على الأقل لحماية نفسها ودرء الخطر عنها ثم إن الكتابات الرومانية كانت تتحدث وقتها أن اليمن لم تخضع من قبل لأي قوة وهذا يؤكد ما وصلت إليه اليمن من قوة عسكرية ونفوذ سياسي واقتصادي ولا تبلغ الدول تلك المرحلة من التطور إلا بفضل العقلية القيادية القادرة على التسيير والترتيب والتنظيم وإدارة البلاد وتطويرها ومن ضمن مهامها بالتأكيد استشعار الأخطار الخارجية والتعامل معها قبل حدوثها أي ولا تزال تلك الأخطار في مرحلة الإعداد المبكر ولهذا نجد أن القرن الأول وكذلك القرن الثاني قبل الميلاد كان مرحلة استشعار الخطر فلم تأتِ حملة أغسطس إلا وكانت اليمن قد مرت بمراحل عدة منها ما كان في إطار الاستعداد للمواجهة ومنها ما كان طارئاً بفعل الخلافات بين المراكز النافذة.

وتمثل أمامنا حقائق بشأن تلك المرحلة أبرزها :
الحقيقة الأولى : منذ القرن الأول قبل الميلاد (أي قبل الحملة الرومانية) شهدت المراكز الحضارية اليمنية عملية انتقال إلى المناطق الداخلية ورغم أن البعض يفسر ذلك بأنه كان نتيجة التحولات في طرق التجارة من جهة و الصراع بين اليمنيين أنفسهم من جهة أخرى كظهور الحميريين في ظفار وتصدع النفوذ السبئي في مأرب إلا أن جميع تلك الأسباب مجتمعة تشير إلى العقلية الحربية التي كان يتميز بها اليمنيون سواءً تعلق الأمر بصراعاتهم الداخلية أم بصراعهم من القوى الخارجية فانتقال المدن والتجمعات السكانية إلى ما بين الجبال يحمي تلك التجمعات من أي أخطار ويساهم في عملية الدفاع عنها.
الحقيقة الثانية : لم يسبق لأي قوة عسكرية أن وصلت إلى مأرب قبل الحملة الرومانية فقد كانت الممالك اليمنية تغزو المناطق الأخرى ولم تتعرض مناطقها للغزو الخارجي قبل ذلك التاريخ أبداً ثم إن وجود قوتين تتصارعان فيما بينهما أو أكثر خلال فترة زمنية واحدة على اللقب الملكي الذي
ا الرومان ضمن مقاطعاتهم أما في الوقت الحاضر(القرن الأول قبل الميلاد) فإن الأنباط والسبئيين قد أصبحوا أسوة بالسوريين ممن قدموا ولاءهم للرومان ، ويتضح من خلال هذا النص أن سترابون لم يذكر الحقيقة حين ادعى أن السبئيين قد أصبحوا ضمن النفوذ الروماني لأنه لو كان ذلك صحيحاً فلماذا الحملة العسكرية عليهم إذاً ؟ ويقول في هذا الدكتور عبد اللطيف الأدهم : شرع سترابون بعد هذه الفقرة مباشرة بالحديث عن الحملة الرومانية وأهدافها ولو كان السبئيون قد أصبحوا فعلا من بين من قدم الولاء للرومان فهل كان سيجري القيام بمثل هذه الحملة ؟ أما عن المشاركة اليهودية فقد كانت مملكة هيرود أيضا من الممالك المتحالفة مع الرومان وكان اليهود لهم نشاط تجاري ويسعون لتوسيع نفوذهم بأساليب عدة في مختلف البقاع.

خط سير الحملة
اخترقت الحملة الأودية والصحارى والجبال الوعرة في مناطق شمال الجزيرة العربية من جهتها الغربية في طريقها إلى نجران ومن ثم إلى الجوف فمأرب، وبحسب أغلب المصادر التاريخية منها الرومانية فإن الحملة تمكنت من المرور من المناطق الشمالية للجزيرة العربية بحكم تبعيتها للأنباط وكذلك أراضي الملك الحارث بسلام بل إن الملك الحارث استقبل الجيش وقدم له العون والمساعدة .
ويدعي استرابون أن الجيش الروماني أستمر في المسير إلى نجران لمدة ستة أشهر نتيجة سببين الأول تعمد مرشد الحملة الوزير سلي اتخاذ طرق وعرة وغير مأهولة إضافة إلى ما أصاب الجيش من الأمراض والتعب والإرهاق ويضيف : عند بلوغ الجيش نجران تمكن من اقتحامها بسهولة ومن ثم اتجه في ستة أيام إلى منطقة يؤكد الكثير من المؤرخين أنها غيل الخارد في محافظة الجوف شمال اليمن حالياً وفيها اندلعت المواجهات بين اليمنيين والرومان ومن معهم من المرتزقة، أعقب ذلك توجه الجيش الروماني نحو مأرب الذي تمكن من حصارها لمدة ستة أيام وهنا يتوقف سترابون عن سرد تفاصيل ما بعد ذلك سوى القول: إن الجيش انسحب دون أن يعطي تفاصيل عن عملية الانسحاب وأسبابها الحقيقية ، إلا أن معظم من كتبوا عن تلك المرحلة أكدوا أن الحملة الرومانية فشلت واندحرت على أسوار مأرب وتعرض الجيش الروماني لخسائر كبيرة ، وقبل أن نتحدث عن مسار العودة والفرار ينبغي أن نشير إلى أن أحد المؤرخين الرومانيين(بيستون) قد أشار إلى أن الجيش الروماني توجه إلى أرض البخور عبر طريق صعب إلى صحراء صهيد بحضرموت وهناك هزمت الحملة (يعتقد البعض أن مكان هزيمة الجيش الروماني هو منطقة العبر - قروم)
كان يجمع كلا القوتين (سبأ وذي ريدان) يعني أن حالة الشعور بالوحدة ظلت مرافقة لكافة القوى المحلية في تلك الفترة فكل قوة لا يمكن لها أن تستقل بنفسها عن الأخرى نتيجة ذلك الشعور بل قد تتجه إلى التصادم فيما بينها من أجل الحصول على كامل السلطة في ظل الوحدة وكان بإمكان كل مركز أو قوة أن تعلن نفسها دولة مستقلة وأن يتلقب ملكها بلقب خاص به إلا أن ذلك لم يحدث فقد ظل الصراع على اللقب الجامع حتى في تلك اللحظات التي كانت فيها القوى فعلياً تتقاسم المناطق والنفوذ وكانت شبه كيانات مستقلة.
الحقيقة الثالثة : وجدنا في قائمة ملوك سبأ وريدان (115ق . م – 275ب . م) (أحمد شرف الدين اليمن عبر التاريخ ص 91) أن الملك الذي شهدت فترته الغزو الروماني هو اليشرح يحصب بن فرع ينهب وهو ما ذكره بالفعل المؤرخ الشماحي وأشار إليه المؤرخ بافقيه وتطرق له كتاب الإكليل 8/19 بأن بناء قصر غمدان يعود إليه وهذا يؤكد إلى أن اليمنيين في تلك الفترة انتقلوا إلى المناطق الجبلية (شارل سان برو العربية السعيدة ص 24) ومن ضمن التجمعات الجديدة التي ظهرت في تلك الفترة أو بعدها بفترة بسيطة مدينة ذمار وتجمعات أخرى بين صنعاء وظفار (تاريخ اليمن الثقافي ج2 ص 66) وبالتأكيد أن هذا الانتقال كان لأغراض عسكرية وأيضا اقتصادية وسياسية.
وإضافة إلى ما سبق فإن الكتابات الرومانية نفسها تشير إلى قبيلة ريمان أو اسم ريمان وهو الاسم الذي أطلقه سترابون على مأرب لسبب هو أن الذي حارب ودافع عن مدينة مأرب هو قائد ريماني أي من ريمان فظن استرابون أنها مأرب مدينة من مدنه فنسبها إليه وكان ذلك في عهد الملك اليشرح يحصب (المفصل ج3 ص 57) وكل ذلك يشير إلى أن الريمانيين إضافة إلى قبائل من غيمان وغيرها تولت مهمة الدفاع عن مأرب أمام الغزو الروماني.

القوى المشاركة في الغزو
من خلال قراءة الكثير من المصادر عن الحملة الرومانية فإن الإمبراطورية الرومانية تولت مهمة التخطيط للحملة والإعداد لها ومن ثم السير في تنفيذها وتحقيق أهدافها مع المشاركين بها من الأتباع والحلفاء ، ومن خلال ما كتبه سترابون وكذلك من خلال الإطلاع على تركيبة الجيش الروماني فإن قائد الحملة اليوسجاليوس أستدعى أفضل الخبرات في الجيش الروماني للمشاركة في الحملة أي ما يعرف اليوم بقوات النخبة وتجمع الكثير من المصادر أن عدد الجنود من الجيش الروماني المشاركين في الحملة بلغ عشرة آلاف مقاتل(يذكر الأكوع في اليمن الخضراء مهد الحضارة قوام جيش الحملة 100 ألف مقاتل ص 344 ووجدنا في غالبية المراجع 10 آلاف فقط )وأشرف قائد الحملة على إعداد وبناء ما يقارب 80 سفينة ذوات طابقين وثلاثة طوابق وأربعة بمجدافين قبل أن يتراجع وعلى إثر الانتقادات الموجهة لبناء السفن الكبيرة إلى التوقف عن صناعة تلك السفن والتوجيه ببناء 130سفنية من السفن المخصصة لنقل الجنود.

مشاركة اليهود والمرتزقة العرب
كان الإعداد للحملة في مصر وإليها احتشدت القوات المختارة والتي كانت الأكثر تدريباً وتأهيلاً في الجيش الروماني برمته وبعد أن استكملت عملية بناء السفن جُمع الجيش ونقلت المؤن والعتاد من الأسلحة وكل ما يحتاجه الجيش إلى فوق السفن ، وأعطى القائد إشارته بالبدء في الإبحار والتوجه من ميناء ارسينوري/كليوباتريس(شمال شرق خليج السويس حالياً)إلى ميناء لوكي موكي على الساحل الشرقي للبحر الأحمر (في المنطقة ما بين جدة والعقبة) وقد استغرقت الرحلة 14 يوماً ، ولتأكيد تبعيته للرومان كان ملك الأنباط في استقبال الحملة الرومانية وعند وصولها أنضم إليها ألف جندي من عرب الشمال ليصبح عدد الحملة 11 ألف جندي قبل أن ينضم إليهم أيضا 500 من اليهود ، وقد تمثل دور مملكة الأنباط في المشاركة العسكرية عن طريق الجنود الألف المنضمين للحملة إضافة إلى الدعم اللوجيستي واستضافة الحملة وتقديم لها الطعام والمؤنة وكل ما تحتاجه لقطع شبه الجزيرة العربية والوصول إلى مأرب وأصبح الوزير سلي مرشداً للحملة وكان الرومان يثقون فيه ويبدو أنه كان يفكر في اعتلاء العرش بدلاً عن الملك عبادة الثاني بدعم الرومان له أو على الأقل يكون ممثلاً للرومان في جنوب الجزيرة العربية (محاضرات في تاريخ العرب القديم أ.د عبد الله الشيبة ص 152) فقد كان يحظى بثقة الإمبراطور ويعيد البعض أسباب مشاركة الأنباط في غزو اليمن إلى المنافسة التجارية والرغبة في إضعاف اليمن من أجل الحصول على منافع اقتصادية إضافة إلى أن مملكة الأنباط وقتها كانت أداة من أدوات القوة الرومانية الكبرى في المنطقة ولطالما اعتمد الرومان على حكام الأنباط في تنفيذ أجندتهم شمال الجزيرة العربية والشام وفلسطين ، وفي القرون الأولى قبل الميلاد كان الرومان يتهمون اليمنيين بشن غارات متكررة على مناطق نفوذهم فقد وصف سترابون السبئيين بأنهم أعظم قوم في بلاد العرب كما أن (اليمن) أخصب وأسعد جزء في (بلاد العرب) وقال إن الأنباط والسبئيين وهما أول ما نقابله من أقوام ما وراء سوريه يقومون بغارات متكررة على هذه الرقعة الأخيرة قبل أن يدخله
Forwarded from Deleted Account
شبه الجزيرة العربية في العصر الروماني


كان للوجود الروماني في شبه الجزيرة العربية أسس في توسع الإمبراطورية تحت أغسطس، واستمر حتى الفتوحات العربية للأراضي الرومانية الشرقية من عام 620 فصاعدًا. لم يتمكن الرومان من التغلب على شبه الجزيرة.

الاتصالات الأولية

كان حجم التجارة بين روما والهند عبر البحر الأحمر وبحر العرب ضخماً منذ فتح مصر من قبل الرومان في 30 قبل الميلاد، وفقًا للمؤرخ سترابو: فإن 120 سفينة رومانية تبحر سنويًا من برنيس تروجلوديتيكا، ولمست جنوب الجزيرة العربية مرات عديدة في سفرها إلى الهند، أثناء تجارة التوابل.[1] وغالبًا أجل تأمين الطريق البحري من القرصنة، نظم الرومان حملة استكشافية تحت أيليوس غالوس حيث تم احتلال ميناء عدن (الذي كان يسمى آنذاك Eudaemon) في جنوب شبه الجزيرة العربية مؤقتًا. حافظ الرومان أيضا على حامية الفيلق صغيرة في الميناء النبطي ميناء لوكي كومي (التي تعني "القرية البيضاء"، وتقع إلى الشمال من ميناء العربي من جدة) في القرن الأول من أجل السيطرة على تجارة التوابل، وفقًا للأكاديمي تيودور مومسن (انظر العلاقات التجارية الهندية الرومانية).[2]

لا يمكن الحصول على اللبان والمر، وهما توابل تحظى بتقدير كبير في العصور القديمة كعطور، إلا من الأشجار التي تنمو في جنوب الجزيرة العربية وإثيوبيا والصومال. جلب التجار العرب هذه البضائع إلى الأسواق الرومانية بواسطة قوافل الجمال على طول طريق البخور. بدأ طريق البخور هذا في البداية في شبوة في حضرموت، وهي مملكة في أقصى شرق الجزيرة العربية، وانتهى في البتراء. قارن سترابو حركة المرور الهائلة على طول الطرق الصحراوية مع حركة الجيش. يمتد طريق البخور على طول الحافة الغربية من الصحراء العربية الوسطى على بعد حوالي 100 ميل من ساحل البحر الأحمر. ذكر الروماني بلينيوس الأكبر أن الرحلة تتألف من خمسة وستين مرحلة مقسومة على التوقف عن الجمال. نما ثراء كل من الأنباط والعرب الجنوبيين بشكل هائل من خلال نقل هذه البضائع المتجهة إلى الإمبراطورية الرومانية.

بعثة غالوس

كان أيليوس غالوس هو الحاكم الثاني لمصر الرومانية، خلال الفترة من 26 إلى 24 قبل الميلاد، في عهد أغسطس. تحولت بعثته إلى أرابيا فيليكس، والتي قدمها سترابو،[3] وكذلك كاسيوس ديو،[4] وبلينيوس الأكبر[5][6] إلى فشل تام. في هذه الحملة، ذكر سترابو إيلاساروس كوحدة تحكم من حضرموت في ذلك الوقت.

خلال حكم السبئيون، كانت منطقة اليمن المعاصرة تسمى "أرابيا فيليكس" من قبل الرومان الذين أعجبوا برخاءها. تولى غالوس حملة من مصر الرومانية من قبل قيادة أغسطس، من أجل إبرام معاهدات الصداقة مع الشعب العربي أو لإخضاعه إذا كان ينبغي أن تعارض الرومان. في الواقع، كان يُعتقد في ذلك الوقت أن الجزيرة العربية كانت مليئة بجميع أنواع الكنوز: كان نجاح مملكة سبأ يعتمد على زراعة وتوابل التوابل والعطريات بما في ذلك اللبان والمر.

عندما انطلق أيليوس غالوس مع جيشه في عام 26 قبل الميلاد، كان يثق في توجيهات دليل من الأنباط يدعى سلايوس، والذي خدعه وضلله. يقدم سترابو[7][8] قصة طويلة عن هذه الحملة المثيرة للاهتمام عبر الصحراء — والتي استمد معظم معلوماته عن الجزيرة العربية من أيليوس غالوس نفسه، الذي كان صديقه.

لقد دمر مرض غير معروف للرومان بين الجنود الجزء الأكبر من الجيش الروماني. لم يخضع العرب فقط، ولكن أيليوس غالوس، بعد أن أمضى ستة أشهر في مسيرته إلى البلاد بسبب دليله الغادر، كان قادرًا على محاصرة مأرب (عاصمة "مملكة سبأ") لمجرد أسبوع. وفي الوقت نفسه، احتل أسطوله الروماني ميناء عدن ودمره من أجل ضمان الطريق التجاري الروماني إلى الهند. ثم أُجبر على التراجع في غضون ستين يومًا، واضطر للعودة إلى الإسكندرية بعد أن فقد الجزء الأكبر من قوته.

تيودور مومسن كتب أن أيليوس غالوس أبحر مع 10،000 الفيلق من مصر وهبطت في لوتسي كومي، وهو ميناء تجاري يملكه الأنباط في الساحل الشمالي الغربي العربي. ثم غزا دون صعوبة يثرب (المدينة المنورة) وقرية مكة (مكة المكرمة). ومن هناك قام بمسيرة تقارب ألف كيلومتر إلى الجنوب حتى مأرب، لكنه اضطر إلى التخلي عن تلك الفتوحات - وفقًا لمومسن - ليس فقط بسبب الأمراض والأوبئة، ولكن أيضًا لأنه تخطى خطه الإمدادات من مصر في أرض مليئة الصحاري
الحملة الرومانية على #اليمن

إنه اذا كان بين الاحداث التاريخية،أحداث كبيرة وخطيرة، تظلمها مرجعيتها المدونة والمفقودة ظلما فادحا، فيتحول الحدث ذو الأهمية البالغة منها، إلى حدث مجهول، أو عابر، أو صغير. . فإن(الحملة الرومانية على اليمن) هي هذا الحدث الذي ظلمته مرجعيته، سواء منها مرجعيته (الاسترابونية) أحادية الجانب والمغرضة، أو مرجعيته المتوقعة دون وقوع فهي معدومة حتى اليوم، وذلك في نقوش المسند اليمنية، أو مرجعيته المحدثة، ممثلة فيما أُتيحت قراءته، مما كتبه عنها الدارسون المحدثون والمعاصرون، من أجانب وعرب ويمنيين، حيث يجد القارئ أنهم جميعا ينتقدون مرجعيته الأولى على تفاوت في الجرأة، ثم يتكبلون بأغلالها على السوية في الخضوع، مع أنهم يعلمون قبل غيرهم، أن الحقيقة ليس لها إلا وجه واحد، فإذا قُدم هذا الوجه، مشوها، وزائفا، وغير أمين ولا مؤتمن على صفحات كتاب، فإن صورة الحقيقة الصحيحة والصادقة لابد أن تبدأ بالتجلي للدارس المتأمل حتى من خلال الصورة المزيفة نفسها، ثم من خلال مختلف المصادر الممكنة، وشتى وسائل الاستنباط.


والآن نحاول أن نرسم صورة إن لم تكن هي الصورة الأقرب إلى الصحة، فإنها لا تجافي المنطق، ولا تخلو من الموضوعية ولا الموضوعية تتخلى عنها، ومن خلال هذه الصورة، نحاول أن نتعرف لعلنا نعرف، شيئا من حقيقة ما جرى، في (اليمن)، منذ أن وصلت اخبار الحملة إلى أصحاب الشأن فيه، وحتى اندحارها من أمام (مأرب).


ولعل أول ما يقال في هذا الأمر، ان صلات اليمن بدول العالم القديم كانت قوية، وبالخارج بصفة عامة، وكانت حركة الذهاب والإياب من اليمن وإليه، حركة دؤوبة، ولهذا فإن خبر الاعداد، والتجهيز للغزو، لا يحتاج من الزمن إلا ما يحتاجه المسافر ألآيب من مصرعند صدورقرار الاعداد، حتى يصل الاراضي اليمنية؛ ولاشك أن وصول هذا الخبر، قد دفع أولي الشأن إلى البدء في الاستعداد لمواجهة هذا الغزو.


وتذكر المصادر الرومانية الكلاسيكية، أن الحملة تكتمت على هدفها المباشر الذي تقصده وهو العاصمة (مأرب) نفسها، ولهذا التكتم فلنا ان نتصور حيرة اصحاب الشأن، في تخمين المنفذ الذي سيقتحم الغزاة منه الأراضي اليمنية، والمنافذ المحتملة كثيرة، منها ما هو بحري في الشمال الغربي والغرب والجنوب الغربي وحتى في الجنوب، ومنها ماهو بري في الشمال، والشمال الغربي، والشمال الشرقي، وهذه الحيرة أدت إلى التردد في اختيار المكان المناسب، أو الأماكن المناسبة لوضع الترتيبات والرتب العسكرية اللازمة فيه، أو فيها، ولعلهم اتخذوا اجراءاتهم في عدد من الاماكن، ولكن نزول الحملة في الميناء النبطي استبعد المنافذ البحرية، وبقيت احتمالات المنافذ البرية، فلما توجه الجيش الروماني نحو (نجران) اتضحت الرؤية وتبين لأصحاب الشأن (والملأ من سبأ) أن هدف الحملة المباشر هو (مأرب) وأنها ستتوجه اليها من الشمال الغربي عبر سهول (الجوف) المتصلة بسهول (مأرب).


وهنا اتضحت لذوي الرأي، حقيقة لم يكونوا بحاجة الى الالتفات اليها من قبل، وهي أن عاصمتهم العريقة مدينة سهلية مفتوحة، وليس لها من التحصينات الطبيعية كالجبال والمضايق والوديان، ما يساعد على حمياتها والدفاع عنها، إذ أن أيّ جيش قوي كالجيش الروماني، إن هو وصل إلى (الجوف)، يستطيع التقدم نحوها في أرض مبسوطة ممهدة، لا تساعد المحاربين الذين تعودوا على الحروب الجبلية في الدفاع المضمون عنها.


والذي يبدو، وتدل عليه الوقائع والقرائن، هو: أن (الملأ) من أهل الرأي والحكمة، رأوا، أولا: أن ينتقل الملك -عمدان يهقبض- الى العاصمة الثانية -(ظفار)- ذات التحصين الطبيعي الفعال ، لأن احتمال سقوط العاصمة الأولى وأسر الملك أو قتله، سيحدث فراغا في الشرعية، وتضاربا في الآراء، مما يكون سببا في احباط المقاومة وإضعاف الهمم. ثانيا: أن يتولى (الأقيال) الدفاع عن العاصمة.


هذا والمراجع الرومانية الكلاسيكية، والنقوش المسندية، ومراجع التراث العربي اليمنية، فيها كلها ما يدل على أنه تم اختيار القيل (إلي شرح ذي ريمان السخيمي) المعروف في المصادر الرومانية التي لم تذكر علماً يمنياً غيره باسم (ilssarus of rhamma


nite = إلي شرح ذو ريمان) والمعروف جيدا في


النقوش بعد أن أصبح ملكا فيما بعد، باسم (إلي شرح يُحْضِب ملك سبأ وذي ريدان) -وهو الأول-، والمعروف جيدا أيضا في كتب التراث اليمني، وفي مقدمتها مؤلفات الهمداني ونشوان بن سعيد بالاسم نفسه-إلي شرح يُحْضِب-كأول ملك يذكر فيها باسمه الملكي الصحيح، وفي ذكرهِ هاله تنويه به، وإشادة بسيرته وأعماله وهذا امر له دلالاته الهامة. . نعم: أختير (إلي شرح) فأسندت-أو أسند الملك- اليه قيادة الخميس والأقيال، وقيادة المقاومة والنهوض لمواجهة الحملة الرومانية، ورغم ما يظهر من انه لم يكن أكبر الاقيال سنا، إلا أنه اختير لأسباب أهمها اخلاصه لنظام (الحكم الائتلافي)، ثم لأن قيالته هي واسطة العقد في (تحالف سمعاء) الذي يضم أهم القيالات في الهضبة الواسعة بين (صنعاء) و(مأرب).


وغادر الملك
مفيدة لهذا او ذاك من الدارسين، وهي كما يلي:-


اولاً: نلاحظ أن العاصمة الأولى (مأرب)، بعد اندحار الحملة، مرت بفترة فراغ قد تبلغ عشرين عاماً تزيد قليلاً او تنقص، وهي فترة يكتنفها الغموض، ويحيط بها الإبهام؛ وتوقف فيها التدوين المسندي في معبد (اوام) بالذات؛ ونعتقد أن خلافا نشب أولا بين عدد من (الأقيال) الذين تولوا الدفاع عن العاصمة الأولى العتيدة من جانب، وبين الملك الشرعي (عمدان بين يُهَقْبِض) الممثل لاستمرار شرعية الحكم (الائتلافي التناوبي) الذي كان قائما قبل الغزو، كما نعتقد أن انقساماً وخلافاً نشب ثانياً بين الاقيال انفسهم
-عمدان- (مأرب)؛ أما الأقيال فإن النقوش تذكر من أسمائهم إلى جانب (إلي شرح الريماني السخيمي)، اسم كبير أقيال (بني جرت) الذي بويع فيما بعد ملكا باسم (كربئيل بيّن)، وقيل (بني جرت) الثاني الذي يذكر في النقوش بصيغة (نشأ كرب بن جرت وأخيه ثوبان) ، وتذكر قيل حملان حاشد(سِمُهُ يفع بن تبع) ولا بد ان النقوش -مما لم يصلنا-ذكرت غيرهم ك(بني أقيان) أصحاب قيالة (شبام-شبام كوكبان-) و(بني همدان) أصحاب (ناعط) وعلى رأسهم (ناصر يهأمن بن همدان) الذي تذكره النقوش، كمناصر ل(نشأ كرب الجرتي) حينما أصبح ملكاً - «سي(C)-» لأن المذكورين جميعاً داخلون في (تحالف سمعاء) الحميري الكهلاني، الذي اسندت اليه -وإلى خميس سبأ و ذي ريدان- مهمة الدفاع عن العاصمة (مأرب).


وبعد أن وصلت (الحملة) إلى (نجران) حيث خاضت هناك أولى معاركها الحقيقية، ولكنها كانت معركة محدودة، ضد مقاومة محلية بادر إليها والي (نجران).


وبعد اتضاح رؤية المسار الذي ستتقدم فيه (الحملة) نحو (مأرب)، كان قرار (الأقيال) هو أن يواجهوا الجيش الروماني في (الجوف)، فجهزوا القوة اللازمة، من الخميس -الجيش- ومن رجال (القيالات) المقاتلين، ولا شك أن القائمين على إعداد هذه القوة وقادتها، قاموا بعملهم وهم على علم بقوة الجيش الروماني، وقدراته القتالية، فعملوا جهدهم على أن تكون قوة قادرة على مواجهته.


وانطلقت هذه القوة المجهزة، من (مأرب)، فتلاقت قوة الدفاع القادمة من الجنوب - بالتحديد الجنوب الشرقي- بالقوة الغازية القادمة من الشمال او الشمال الغربي، على ضفاف وادي (الخارد) - كما ذكر استرابون- ب(غيلِه) الكبير دائم الجريان، وهناك دارت رحى الحرب، فكانت بكل تأكيد معركة شرسة حامية الوطيس، قاتل فيها الجيش الروماني قتال جيش محترف مدرب كبير القدرات، وقتال المستميت لأن الانهزام والحرب دائرة تعني الإبادة عبر مسافة تبلغ اكثر من الف وخمسمئة، من الكيلومترات وذلك من أرض المعركة، إلى اوائل أراضي الأمان في مملكة الأنباط شمال الحجاز؛ وقاتل فيها اليمنيون قتال قومٍ هم ((أولو قوة وأولو بأس شديد)) وقتال قوم أحرار لم تطأ بلادهم قدم غاز كائنا من كان، وقتال المستبسل المستميت في الدفاع عن بلاده وشرفه؛ وأول دليل على ضراوة المعركة وشدة اوارها، هو تلك المبالغة غير المنطقية بل السخيفة، والتي اطلقها (استرابون) عن نتيجتها وخسائرها في الجانبين، والتي لا ننظر اليها إلا بمثابة قنبلة دخانية تصرف الأنظار عن أمر فيه ما فيه، وتحاول بدخانها أن تحجب الأكمة، لأن وراء الأكمة ما وراءها.


صحيح أن الجيش الروماني لم ينهزم مولياً الأدبار، ولكنه لم ينتصر، فالمحاربون اليمنيون بعد أن ألحقوا به ضعفا إلى ضعف، ووهنا على وهن، واحتكوا به، وأمنوا قوة تفوقٍ لا طاقة لهم بها. . . أعادوا الانتشار في بلادهم ونحو عاصمتهم، وأكبر دليل على تضعضع احوال الجيش الروماني، وخور قواه بعد هذه المعركة ان المحاربين اليمنيين، ألحقوا به الهزيمة التي سماها (استرابون) فشلاً، وأجبروه على الفرار الذي سماه (استرابون) انسحاباً، وذلك بعد أيام قليلة عند أبواب (مأرب).


إن تسمية الاشياء بأسمائها، هو واجب علمي وأخلاقي، و إلا كيف نفهم اندحار الجيش الروماني من أمام (مأرب)، بحجة انعدام الماء الباطلة! إن لم نسمه (الهزيمة)؟ وكيف نعقل أن يطوي الجيش الروماني المسافة التي طواها في اكثر من ستة اشهر وهو مقبل، في شهرين وهو مدبر، إن لم نسمه (الفرار)؟؟


إذا كان قد مس الرومان قَرْحٌ للمصير التعس الذي حل بجيشهم ونزعاتهم التوسعية؛ وذلك في الأراضي اليمنية؛ فقد مس اليمنيين من حملتهم هذه قَرْحان، قرح ما الحقته بهم من ضرّ بحكم كونها فعل عدواني عليهم لا يحمل لهم إلا الشَّرَّ: وقرح ما أصاب مسيرتهم التاريخية، التي كانت تسير في دروبها آمنة، نحو مزيد من التطور والتقدم، فجاء هذا العدوان لا ليضع العقبات والعوائق أمامها فحسب، بل وليثير من المشاكل الاجتماعية ما كانت خلفته وراءها، وما كانت في طريقها إلى تجاوزه، مما أدى إلى أن تكون (المرحلة الثانية) من (العصر السبئي الثالث)، مختلفة إلى حد كبير عن مرحلته الأولى.


لقد انكسرت الحملة الرومانية على اليمن، فوق ارض اليمن، وانكسر معها من مطامح الرومان ومطامعهم ما انكسر. واندحرت عن ارض اليمن إلى غير رجعة، وجرّت على ابنائه من الآثار السلبية ما جرت.


وما جنته على مرتكبيها من شر، هو من شأن المؤرخين للإمبراطورية الرومانية، ولن نعود إليه فيما بعد إلا بإيجاز؛ وأما ما جنته على اليمن، فإن نقوش المسند الوافرة والعائدة إلى المرحلة الثانية من العصر الذي نحن بصدده، تجسده خير تجسيد، وتصوره أصدق تصوير، واما تفاصيل ذلك، فهي مهمة من يتصدى لكتابة تاريخ هذا العصر كتابة كاملة وشاملة، طبقاً لما هو منتظر من اي مؤرخ يمني متخصص، في هذا المجال الصعب من مجالات العلوم الإنسانية.


أما في هذا (المدخل)، وقبل إيراد (القائمة) التي نراها لملوك هذا العصر بمرحلتيه، مع التعليق عليها، فنضيف بعض النقاط، التي قد تكون
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
منزل الشريفة تقية بنت الامام يحي
صنعاء - بير العزب. بجوار مقر مجلس النواب حاليا
تهامه 1962م