#اليمن والاتراك
عاشت الإمامة الزيدية خلال أواخر القرن الثامن عشر الميلادي لحظات عصيبة، تولى حكمها أئمة ضعاف، انصرفوا إلى شؤونهم الخاصة، حتى ضعفت سلطتهم، وسقطت هيبتهم، وانقسم أنصارهم شيعاً وأحزابا، تأمروا ضد بعضهم، وقضى المنتصر على المنكسر، وكثيرا ما كانوا يستنجدون برجال القبائل، مما عرض مدينة صنعاء وغيرها من المدن لغارات عديدة، كثر فيها السلب والنهب والتخريب.
دفعت تلك الأوضاع المضطربة عدد من العلماء والزعماء والتجار للاستنجاد بالسلطان العثماني عبدالعزيز بن عبدالحميد، ودعوته لحكم اليمن، وضبط أمورها، وكان عدد من الأئمة ضمن قائمة المستنجدين، كـ «الهادي» غالب بن محمد، وعلي بن «المهدي» عبدالله، والحسين بن «المتوكل» أحمد، فيما تولى «شريف مكة» محمد بن عون زمام الوساطة، وقد جاء في وثيقة الاستنجاد: «أن العرب حول صنعاء قد شقوا عصا الطاعة، واستبدوا بالبلاد بالعتو والفساد، فنرجو أن تمدونا ببعض العساكر، لإنقاذ اليمن من الفوضى والإنهيار».
عاود الأتراك استيلائهم على صنعاء و«اليمن الأسفل»، وذلك بعد ثلاث سنوات من افتتاح قناة السويس، بقيادة الوالي أحمد مختار باشا «25 ابريل 1872»، ويعزوا بعض المؤرخين ذلك كسبب رئيس لذلك التمدد، والمفارقة العجيبة أن الأئمة السابق ذكرهم كانوا في استقبال الوالي العثماني وجنده، بل أن بعضهم عمل تحت إدارته، كـ «الهادي» غالب، الذي عين «قائم مقام» على بلاد خمر وما إليها من بلاد حاشد.
بقضائه على المتمرد حسين الدفعي في «بني الحارث»، أستطاع أحمد مختار أن يكسب قلوب اليمنيين، وكان صاحب الإشارة في ذلك محسن معيض، لتتشكل حكومة عثمانية لتسيير دفة الحكم، بعد أن أجتاح البلاد شعور بالرهبة والخوف، حتى أن القبائل العاتية هالها وروعها ما كان مع الأتراك من مدافع وآلات.
لم يكتفِ الأتراك بالسيطرة على صنعاء، بل قاموا بعد أربعة أشهر من دخولها بعدة عمليات حربية توسعية، في البدء سيطروا على «كوكبان» ثم «الحدا» ثم «خولان»، نكلوا بالمشايخ المتمردين، وأرهبوا كل من يفكر بالخروج عليهم، وتسنى لهم بعد ثمانية أشهر تنظيم أمور صنعاء، كولاية رابعة، بعد «عسير، والحديدة، وتعز»، وكانت هي العاصمة.
لم تصل سيطرة الأتراك إلى صعدة وما جاورها، فقد ظلت تلك المناطق تحت سلطة الإمام «مُحسن الشهاري»، الذي تظاهر بادئ الأمر بمولاته للأتراك، فيما كان يعمل خيفة على تحشيد الأنصار، مُتخذاً من «قفلة عذر» مقراً له، وفي ذلك قال محمد أنعم غالب: «وفي الوقت الذي سيطر فيه العثمانيون على العاصمة اليمنية، فإن ذلك لم يعطهم سيطرة فعلية على اليمن بأكمله، فقد ظلت الإمامة الزيدية في الشمال، وفي صعدة ـ الحصن الحصين للمذهب الزيدي منذ ظهوره في البلاد ـ تواصل جهودها لتؤكد حقها المقدس في الحكم».
في العام «1873»، عينت الحكومة التركية أحمد أيوب والياً على اليمن، لم يستمر الأخير كثيراً، ليتم استبداله بعد ثلاث سنوات من مقدمه بالوالي مصطفى عاصم، أتخذ الأخير سياسة جديدة، فيها الكثير من العنف والقسوة، خاصة بعد أن جاهر «محسن الشهاري» بعدائه للأتراك، وتبعاً لذلك فقد وجه «مصطفى» باعتقال «40» من علماء صنعاء، بسبب معاونتهم لـ «الشهاري»، وأرسلهم إلى سجن الحديدة، وقد ظلوا هناك لعامين وثلاثة أشهر.
قاد «مصطفى» بعد ذلك حملة عسكرية شمالاً، إلا أنه لم يستطع إخضاع «حاشد»، ولم يستطع الظفر بـ «محسن الشهاري»، الذي لم يستقر بمكان معين، وفيه قال «الشماحي»: «لا مقر له، ولا قصر، ولا حصن، ولا عاصمة، إلا سرج حصانه يغادي به الأتراك ويراوحهم، وله من قلب كل زيدي عاصمة لا يخرق سورها».
في عهد هذا الوالي، زار اليمن المصور الإيطالي «رينزو مانزوني»، بالغ بإشادته بصنعاء، وجاء وصفه للمدينة مُدهشاً، بل لا يصدق، يقول «مانزوني»: «المدينة تبدو لي جميلة جداً، فالبيوت رائعة وكبيرة، الطرقات الواسعة والجميلة نظيفةٌ جداً، عندما أتواجد في حيّ المقاهي التركية، والدكاكين اليونانية، يخيّل إليّ وكأنني في ضاحية أوروبية، ألتقي بجنود أتراك في كل مكان، هم لطفاء مع العرب المغزوّين، ولا يحدث أبدا أيّ صدام ولا أيّة مشاجرة، والجميع يمدح هذا التصرف، العرب اليمنيون الذين ألتقي بهم أنيقون وجليلون، يبدو وكأنهم لا يهتمون أبدا بوجود أجنبي غريب، ألتقي أيضا بالعديد من الضباط الأتراك، الذين بمرورهم يتركون وراءهم رائحة زكيّة للسجائر التي يدخنونها كالفنانين المحترفين، وإجمالا نجد في صنعاء كل ما يحتاج إليه، يوجد في البازار مقهيان تركيان، ومقهى يوناني، واحد فيه بلياردو، ومحلان للحلاقة، ومحل ساعاتي».
كانت اليمن بالنسبة لبعض الولاة العثمانيين منفى وعقاب، إما لجرم اقترفوه، أو لوشايات تجاوزت عتبة «الباب العالي»، ولهذا فإن هؤلاء لم يحسنوا إدارة البلاد، مارسوا الرشوة والفساد، وسعوا للإثراء الفاحش على حساب العباد، كان الوالي مصطفى أحدهم، تم عزله، وجيء بالوالي العادل إسماعيل حقي باشا «1878»، الذي يعد من أفضل الولاة، أمر بإخراج العلماء من السجن، وامتدحه
عاشت الإمامة الزيدية خلال أواخر القرن الثامن عشر الميلادي لحظات عصيبة، تولى حكمها أئمة ضعاف، انصرفوا إلى شؤونهم الخاصة، حتى ضعفت سلطتهم، وسقطت هيبتهم، وانقسم أنصارهم شيعاً وأحزابا، تأمروا ضد بعضهم، وقضى المنتصر على المنكسر، وكثيرا ما كانوا يستنجدون برجال القبائل، مما عرض مدينة صنعاء وغيرها من المدن لغارات عديدة، كثر فيها السلب والنهب والتخريب.
دفعت تلك الأوضاع المضطربة عدد من العلماء والزعماء والتجار للاستنجاد بالسلطان العثماني عبدالعزيز بن عبدالحميد، ودعوته لحكم اليمن، وضبط أمورها، وكان عدد من الأئمة ضمن قائمة المستنجدين، كـ «الهادي» غالب بن محمد، وعلي بن «المهدي» عبدالله، والحسين بن «المتوكل» أحمد، فيما تولى «شريف مكة» محمد بن عون زمام الوساطة، وقد جاء في وثيقة الاستنجاد: «أن العرب حول صنعاء قد شقوا عصا الطاعة، واستبدوا بالبلاد بالعتو والفساد، فنرجو أن تمدونا ببعض العساكر، لإنقاذ اليمن من الفوضى والإنهيار».
عاود الأتراك استيلائهم على صنعاء و«اليمن الأسفل»، وذلك بعد ثلاث سنوات من افتتاح قناة السويس، بقيادة الوالي أحمد مختار باشا «25 ابريل 1872»، ويعزوا بعض المؤرخين ذلك كسبب رئيس لذلك التمدد، والمفارقة العجيبة أن الأئمة السابق ذكرهم كانوا في استقبال الوالي العثماني وجنده، بل أن بعضهم عمل تحت إدارته، كـ «الهادي» غالب، الذي عين «قائم مقام» على بلاد خمر وما إليها من بلاد حاشد.
بقضائه على المتمرد حسين الدفعي في «بني الحارث»، أستطاع أحمد مختار أن يكسب قلوب اليمنيين، وكان صاحب الإشارة في ذلك محسن معيض، لتتشكل حكومة عثمانية لتسيير دفة الحكم، بعد أن أجتاح البلاد شعور بالرهبة والخوف، حتى أن القبائل العاتية هالها وروعها ما كان مع الأتراك من مدافع وآلات.
لم يكتفِ الأتراك بالسيطرة على صنعاء، بل قاموا بعد أربعة أشهر من دخولها بعدة عمليات حربية توسعية، في البدء سيطروا على «كوكبان» ثم «الحدا» ثم «خولان»، نكلوا بالمشايخ المتمردين، وأرهبوا كل من يفكر بالخروج عليهم، وتسنى لهم بعد ثمانية أشهر تنظيم أمور صنعاء، كولاية رابعة، بعد «عسير، والحديدة، وتعز»، وكانت هي العاصمة.
لم تصل سيطرة الأتراك إلى صعدة وما جاورها، فقد ظلت تلك المناطق تحت سلطة الإمام «مُحسن الشهاري»، الذي تظاهر بادئ الأمر بمولاته للأتراك، فيما كان يعمل خيفة على تحشيد الأنصار، مُتخذاً من «قفلة عذر» مقراً له، وفي ذلك قال محمد أنعم غالب: «وفي الوقت الذي سيطر فيه العثمانيون على العاصمة اليمنية، فإن ذلك لم يعطهم سيطرة فعلية على اليمن بأكمله، فقد ظلت الإمامة الزيدية في الشمال، وفي صعدة ـ الحصن الحصين للمذهب الزيدي منذ ظهوره في البلاد ـ تواصل جهودها لتؤكد حقها المقدس في الحكم».
في العام «1873»، عينت الحكومة التركية أحمد أيوب والياً على اليمن، لم يستمر الأخير كثيراً، ليتم استبداله بعد ثلاث سنوات من مقدمه بالوالي مصطفى عاصم، أتخذ الأخير سياسة جديدة، فيها الكثير من العنف والقسوة، خاصة بعد أن جاهر «محسن الشهاري» بعدائه للأتراك، وتبعاً لذلك فقد وجه «مصطفى» باعتقال «40» من علماء صنعاء، بسبب معاونتهم لـ «الشهاري»، وأرسلهم إلى سجن الحديدة، وقد ظلوا هناك لعامين وثلاثة أشهر.
قاد «مصطفى» بعد ذلك حملة عسكرية شمالاً، إلا أنه لم يستطع إخضاع «حاشد»، ولم يستطع الظفر بـ «محسن الشهاري»، الذي لم يستقر بمكان معين، وفيه قال «الشماحي»: «لا مقر له، ولا قصر، ولا حصن، ولا عاصمة، إلا سرج حصانه يغادي به الأتراك ويراوحهم، وله من قلب كل زيدي عاصمة لا يخرق سورها».
في عهد هذا الوالي، زار اليمن المصور الإيطالي «رينزو مانزوني»، بالغ بإشادته بصنعاء، وجاء وصفه للمدينة مُدهشاً، بل لا يصدق، يقول «مانزوني»: «المدينة تبدو لي جميلة جداً، فالبيوت رائعة وكبيرة، الطرقات الواسعة والجميلة نظيفةٌ جداً، عندما أتواجد في حيّ المقاهي التركية، والدكاكين اليونانية، يخيّل إليّ وكأنني في ضاحية أوروبية، ألتقي بجنود أتراك في كل مكان، هم لطفاء مع العرب المغزوّين، ولا يحدث أبدا أيّ صدام ولا أيّة مشاجرة، والجميع يمدح هذا التصرف، العرب اليمنيون الذين ألتقي بهم أنيقون وجليلون، يبدو وكأنهم لا يهتمون أبدا بوجود أجنبي غريب، ألتقي أيضا بالعديد من الضباط الأتراك، الذين بمرورهم يتركون وراءهم رائحة زكيّة للسجائر التي يدخنونها كالفنانين المحترفين، وإجمالا نجد في صنعاء كل ما يحتاج إليه، يوجد في البازار مقهيان تركيان، ومقهى يوناني، واحد فيه بلياردو، ومحلان للحلاقة، ومحل ساعاتي».
كانت اليمن بالنسبة لبعض الولاة العثمانيين منفى وعقاب، إما لجرم اقترفوه، أو لوشايات تجاوزت عتبة «الباب العالي»، ولهذا فإن هؤلاء لم يحسنوا إدارة البلاد، مارسوا الرشوة والفساد، وسعوا للإثراء الفاحش على حساب العباد، كان الوالي مصطفى أحدهم، تم عزله، وجيء بالوالي العادل إسماعيل حقي باشا «1878»، الذي يعد من أفضل الولاة، أمر بإخراج العلماء من السجن، وامتدحه
«الواسعي» بقوله: «فرح الناس به، ونشر لواء العدل والإنصاف، وقطع دابر الارتشاء والاعتساف».
في ذات العام، مات في «الخمري» الإمام «محسن الشهاري»، ودفن في «حوث»، ليخلفه أحد أنصاره، ويدعى محمد بن قاسم الحوثي، المعروف بـ «البرطي»، وهو من نسل الإمام يحيى بن حمزة الحسيني، تلقب بـ «المهدي»، وكان من جملة العلماء الذين حبسهم الأتراك في الحديدة، أستمر في دعوته، ولم يسانده أحد في إمامته، لأن الأنظار كانت متجهة حينها صوب العلامة شرف الدين محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، الشهير بـ «عشيش».
بعد وفاة «الشهاري» بستة أشهر اُختير «عشيش» إماماً، تلقب بـ «الهادي»، وهو من نسل الإمام يحيى بن حمزة، أصله من صنعاء، ومولده بجدة، بدأ دعوته من مدينة «الظفير» في حجة، ثم غادرها إلى جبل «الأهنوم»، وهناك بايعه علماء الزيدية، والزموا الناس بطاعته، ليتوجه بعد عامين إلى صعدة، بنى فيها حصناً، أسماه «السنارة» أو «سنار»، وجعله مقراً لحكمه، كان ولده الأكبر «محمد» الشهير بـ «أبو نيب» قائداً لقواته، وقد خلد القاضي عبدالله بن علي العنسي سيرته في كتاب أسماه: «تحفة الفكر والنظر في سيرة مجدد المئة الثالثة عشر».
يُحسب للوالي «اسماعيل» إنشائه لـ «مكاتب رشدية» لتعليم أبناء اليمن وتهذيبهم، كما يحسب له تشكيله لأول جيش يمني في الشمال، سماهم «حميدية»، نسبة إلى السلطان عبدالحميد بن عبدالمجيد، اعتنى بتربيتهم، وتهذيب عقولهم، حتى كان يسميهم البعض بأولاده، وكان لهم دور بارز في تهدئة الأوضاع، وحين أراد الوالي أن يستبدلهم بالعساكر التركية، جاءت الأوامر بتسريح ذلك الجيش، ثم عزله «1881»، لتبدأ بعد ذلك التمردات القبلية العاصفة، مسنودة بإمامة «عشيش».
لم يستطع الوالي الجديد محمد عزت باشا إخماد تلك التمردات، دارت بينه وبين أنصار الإمام «عشيش» حروباً كثيرة، نجحت قواته في إحداها بالسيطرة على «ظفير ـ حجة»، بقيت فيها سبعة أشهر، ثم عادت أدراجها خائبة، وحين لم يتحقق له في تلك الجهات ظفر ولا نصر، مات كمداً، وذلك بعد ثلاث سنوات من مقدمه، ودفن بصنعاء، أما «عشيش» فقد أتسعت رقعة حكمه، لتشمل «الأهنوم، وحجور الشام، وذيبين، والجوف، وبرط»، وقد توجه إليه بدافع عقائدي عدد من العلماء والأعيان.
ورث خلف «عزت» أحمد فيضي باشا تلك الأوضاع المضطربة، زادت الأوضاع الاقتصادية الجائرة التي عصفت البلاد من تذمر العامة، لم يعمل الوالي الجديد على حلحلتها، كثر شاكوه، وقل شاكروه، قام السلطان العثماني بعزلة، وذلك بعد عام واحد من توليته، جيء بعزيز باشا بدلاً عنه، وقد أبتدأ الأخير عهده بمحاربه الإمام «عشيش».
شهدت منطقة «عيال يزيد» معركة كُبرى بين الجانبين، هُزم فيها الأتراك، وانسحبوا على إثرها إلى عمران، الحد الفاصل بينهم وبين دولة الإمامة، ليقوم السلطان عبدالحميد بعزل «عزيز» وتعيين عثمان نوري بدلا عنه «1888»، وفي عهد الأخير أراد «محمد» بن الإمام «محسن الشهاري» أن يحصل على حماية الدولة العثمانية، وأن يقيم في صنعاء، مقابل راتب شهري يصرف له، إلا أن عزل الوالي الجديد حال دون ذلك، وقد كان «محمد» فيما بعد من أبرز قادة الإمام محمد حميد الدين، أما «نوري» فقد استمرت ولايته لحولين كاملين، تماماً كسلفه.
جيء بعد ذلك بعثمان خيري، كان من أكثر الولاة تديناً، أمتدحه «الواسعي» بقوله: «لم يأت في اليمن والٍ مثله، كثرت في زمنه الخيرات والبركات، وانقطعت الفتن والمحاربات، ومنع المأمورين من الظلم والارتشاء»، وتبعاً لذلك عمل هؤلاء على الوشاية به، ليأتي قرار عزله بعد عام واحد من توليته، جيء بعد ذلك بإسماعيل حقي باشا مرة أخرى والياً على اليمن، ليتزامن وصوله مع بزوغ دولة «بيت حميد الدين».
في ذات العام، مات في «الخمري» الإمام «محسن الشهاري»، ودفن في «حوث»، ليخلفه أحد أنصاره، ويدعى محمد بن قاسم الحوثي، المعروف بـ «البرطي»، وهو من نسل الإمام يحيى بن حمزة الحسيني، تلقب بـ «المهدي»، وكان من جملة العلماء الذين حبسهم الأتراك في الحديدة، أستمر في دعوته، ولم يسانده أحد في إمامته، لأن الأنظار كانت متجهة حينها صوب العلامة شرف الدين محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، الشهير بـ «عشيش».
بعد وفاة «الشهاري» بستة أشهر اُختير «عشيش» إماماً، تلقب بـ «الهادي»، وهو من نسل الإمام يحيى بن حمزة، أصله من صنعاء، ومولده بجدة، بدأ دعوته من مدينة «الظفير» في حجة، ثم غادرها إلى جبل «الأهنوم»، وهناك بايعه علماء الزيدية، والزموا الناس بطاعته، ليتوجه بعد عامين إلى صعدة، بنى فيها حصناً، أسماه «السنارة» أو «سنار»، وجعله مقراً لحكمه، كان ولده الأكبر «محمد» الشهير بـ «أبو نيب» قائداً لقواته، وقد خلد القاضي عبدالله بن علي العنسي سيرته في كتاب أسماه: «تحفة الفكر والنظر في سيرة مجدد المئة الثالثة عشر».
يُحسب للوالي «اسماعيل» إنشائه لـ «مكاتب رشدية» لتعليم أبناء اليمن وتهذيبهم، كما يحسب له تشكيله لأول جيش يمني في الشمال، سماهم «حميدية»، نسبة إلى السلطان عبدالحميد بن عبدالمجيد، اعتنى بتربيتهم، وتهذيب عقولهم، حتى كان يسميهم البعض بأولاده، وكان لهم دور بارز في تهدئة الأوضاع، وحين أراد الوالي أن يستبدلهم بالعساكر التركية، جاءت الأوامر بتسريح ذلك الجيش، ثم عزله «1881»، لتبدأ بعد ذلك التمردات القبلية العاصفة، مسنودة بإمامة «عشيش».
لم يستطع الوالي الجديد محمد عزت باشا إخماد تلك التمردات، دارت بينه وبين أنصار الإمام «عشيش» حروباً كثيرة، نجحت قواته في إحداها بالسيطرة على «ظفير ـ حجة»، بقيت فيها سبعة أشهر، ثم عادت أدراجها خائبة، وحين لم يتحقق له في تلك الجهات ظفر ولا نصر، مات كمداً، وذلك بعد ثلاث سنوات من مقدمه، ودفن بصنعاء، أما «عشيش» فقد أتسعت رقعة حكمه، لتشمل «الأهنوم، وحجور الشام، وذيبين، والجوف، وبرط»، وقد توجه إليه بدافع عقائدي عدد من العلماء والأعيان.
ورث خلف «عزت» أحمد فيضي باشا تلك الأوضاع المضطربة، زادت الأوضاع الاقتصادية الجائرة التي عصفت البلاد من تذمر العامة، لم يعمل الوالي الجديد على حلحلتها، كثر شاكوه، وقل شاكروه، قام السلطان العثماني بعزلة، وذلك بعد عام واحد من توليته، جيء بعزيز باشا بدلاً عنه، وقد أبتدأ الأخير عهده بمحاربه الإمام «عشيش».
شهدت منطقة «عيال يزيد» معركة كُبرى بين الجانبين، هُزم فيها الأتراك، وانسحبوا على إثرها إلى عمران، الحد الفاصل بينهم وبين دولة الإمامة، ليقوم السلطان عبدالحميد بعزل «عزيز» وتعيين عثمان نوري بدلا عنه «1888»، وفي عهد الأخير أراد «محمد» بن الإمام «محسن الشهاري» أن يحصل على حماية الدولة العثمانية، وأن يقيم في صنعاء، مقابل راتب شهري يصرف له، إلا أن عزل الوالي الجديد حال دون ذلك، وقد كان «محمد» فيما بعد من أبرز قادة الإمام محمد حميد الدين، أما «نوري» فقد استمرت ولايته لحولين كاملين، تماماً كسلفه.
جيء بعد ذلك بعثمان خيري، كان من أكثر الولاة تديناً، أمتدحه «الواسعي» بقوله: «لم يأت في اليمن والٍ مثله، كثرت في زمنه الخيرات والبركات، وانقطعت الفتن والمحاربات، ومنع المأمورين من الظلم والارتشاء»، وتبعاً لذلك عمل هؤلاء على الوشاية به، ليأتي قرار عزله بعد عام واحد من توليته، جيء بعد ذلك بإسماعيل حقي باشا مرة أخرى والياً على اليمن، ليتزامن وصوله مع بزوغ دولة «بيت حميد الدين».
ملامسة لكتاب "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان ": محمد ناجي أحمد
إن أهمية كتاب "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان "لمؤلفه عبد الصمد بن اسماعيل الموزعي تأتي من أهمية الحقبة التاريخية التي يؤرخ لها ،وكذلك للأمكنة التي ارتبطت بتلك الأحداث ،فصار هذا الكتاب مهما في قراءة تاريخ الحملة العثمانية على اليمن في القرن العاشر ،والأحداث التي مرت بها بعض المدن اليمنية بشكل عام ولواء تعز بشكل خاص .أضف إلى ذلك ولع الكاتب بذكر الأمكنة وتحديدها ،وكذلك ولعه بالعمارة والبنيان .
والموزعي واحد من أبناء المدرسة العثمانية ،وواحد من قضاتهم ،وممن عاشوا في نعيمهم هو وأبوه من قبله ،فكان الكتاب ذكرا لمناقبهم ووصفا للأحداث التي مرت على بعض "الأ لوية "اليمنية ...
فالمؤلف وهو يفتتح كتابه يرى أن قدوم العثمانيين إلى اليمن "إحسانا وإفضالا "قدر لإطفاء نيران المحن والفتن ،ورفع مواد النزاع عن إقليم اليمن وتأييدعقائد أهل دين الإسلم ...وعندما يؤرخ لمقتل عامر بن داود من قبل سليمان باشا فإنه يرجع الغدر والإثم على "شرف الدين "وابنه "مطهر "فيقول "وما ذلك من الإمام شرف الدين وولده مطهر الاّ من قبيل العداوة والبغضاء فحاولا قتله ،ليتمكنا من أخذ اليمن جملة "والغريب أن من أخذ اليمن هم العثمانيون ومن غدر ب"عامر بن داود "هو سليمان باشا "الذي لم ينتقده الموزعي لفعلته هذه التي تتسق والسياسة العثمانية في السلم والحرب ،وأما تعيين واليين على اليمن من قبل السلطان فييعود تخطئة المؤلف له بسبب تحيزه مع "حسن باشا "الوالي المقيم في اليمن ،ولأن وجود واليين سوف يعطي الفرصة للأمير "مطهر بن الإمام شرف الدين "لأخذ اليمن جميعه من يد العثمانيين ،حيث شبه الولاة بالآلهة حين يقول نقدا لهذا التعيين مستشهدا بقوله تعالى "ولو كان فيهما آلهة الاّ الله لفسدتا ".
وحين يؤرخ المؤلف لبعض المنازعات التي تجري بين الأمراء العثمانيين والأغوات فإنه لا يحمّل أي منهم سبب هذا الخلاف وإنما الرعية هم الذين يتحملون اللوم ،فعندما مال "جعفر آغا "عن الطاعةحمّل أبناء الحجرية سبب هذا العصيان قائلا "قلبت الحجرية رأسه "وهذا الاستخدام "قلبت "بمعنى غيّرت أفكاره موجود في المحكية اليمنية حتى يومنا .
توظيف العثمانيين للخطاب الصوفي :
إن ارتباط التصوف في اليمن بالعثمانيين يبدأ من حملتهم الأولى إلى اليمن حيث يروى عن الشيخ "عبد الهادي السودي "الموصوف "بصاحب تعز "أنه كان يهدى له حلة كل عام من قبل السلطان "عامر بن عبد الوهاب "وأنه دب خلاف بينهما فكان يصعد إلى مقام الشيخ "محمد الطيار "في جبل القاهرة ،ويرمي بحجر أملس إلى جهة بلاد الروم "تركيا "وكانت تعود إلييه ،ويقول :
كنّا مع عامر واليوم على عامر يا دولة الأتراك ذودي بني عامر
وهذا الموروث الشعبي الذي حفظ هذا النظم ،وتلك الحجر التي يتداوى بهابعض أبناء تعز حتى وقت قريب من الأمراض التي تصيبهم ،-تحمل إشارة لتلك العلاقة التي أخذت رمزيتها الصوفية ...لقد كان دخول الأتراك اليمن في القرن العاشر الهجري مصاحبا لأسطورة تروى بين الناس ويرويها "الموزعي "في كتابه هذا ،وهي أن العثمانيين قد أرسلوا إلى أحد الصوفة في مقبرة "الأجيناد "وقام هذا الصوفي بإعطائهم سلما لدخول المدينة ،وببركة هذا السلم تم أخذ تعز من "الإمام شرف الدين وولده "ويطنب "الموزعي "في إعطاء هالة قدسية وعقدية على هذا الدخول من قبل "عثمان باشا "وكيف أن الملائكة خاطبتهم بقول رب العالمين "ادخلوها بسلام آمنين "ثم نجد الموزعي يصف الأمراء العثمانيين والبشوات بكل ما تسعفه اللغة من مدح بالعدل والرخاء الذي جاؤا به .
لقد كان كل والي عثماني ،بل كل أمير يعمل على وقف الوقفيات وتجديد أضرحة الأولياء وصرف رواتب لمن يقيمون الأذكار في الزوايا والروابط ،وكان التصوف قد صار جيشا يعضد من أزر العثمانيين كما صنع "نظام الملك "جيشا ليليا يدعون للسلطان "محمد ملك شاه السلجوقي "وهو ما يوازي جيش النهار ،أي جيشا للأذكار والدعوات وتهيئة النفوس لتقبل العثمانيين والاعتقاد بهم خلفاء لله ،يوازي جيوش السيف !
لكن الحال يتغير مع التصوف الذي ينشأ بعيدا عن قصر السلطان والوالي والأمراء ورغباتهم ...
الشيخ الرباني عبد الرحمن الصافية :
لكن الحال يتغير مع التصوف الذي ينشأ بعيدا عن قصر السلطان والوالي والأمراء ورغباتهم ...فعندما كثر المريدون للشيخ /عبد الرحمن الصافية من عزلة بني علي حزم العدين -خاف العثمانيون من هذا الصوفي أن يدعو لنفسه بالإمامة بعد أن اجتمع له مريدون كثيرون ،فسارع العثمانيون للتمثيل به وقتله من قبل الوالي العادل !"سنان باشا "عام 1014ه فبعث إليه "جلادا نزعت من قبله الرحمة ليسلخ الجلد عن اللحم ،فسلخه والعين ترى العين ،وصيره بعد أن كان واحدا اثنين ،ثم أدخل إلى صنعاء بهذه الهيئة المهينة ولا شك في أن ذلك صدر بإلهام رباني الهمه الله الوزير سنان "ثم يسوق الموزعي مجموعة من الحيثيات التبريرية والتأصيلية لقتل هذا الصوفي الذي يص
إن أهمية كتاب "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان "لمؤلفه عبد الصمد بن اسماعيل الموزعي تأتي من أهمية الحقبة التاريخية التي يؤرخ لها ،وكذلك للأمكنة التي ارتبطت بتلك الأحداث ،فصار هذا الكتاب مهما في قراءة تاريخ الحملة العثمانية على اليمن في القرن العاشر ،والأحداث التي مرت بها بعض المدن اليمنية بشكل عام ولواء تعز بشكل خاص .أضف إلى ذلك ولع الكاتب بذكر الأمكنة وتحديدها ،وكذلك ولعه بالعمارة والبنيان .
والموزعي واحد من أبناء المدرسة العثمانية ،وواحد من قضاتهم ،وممن عاشوا في نعيمهم هو وأبوه من قبله ،فكان الكتاب ذكرا لمناقبهم ووصفا للأحداث التي مرت على بعض "الأ لوية "اليمنية ...
فالمؤلف وهو يفتتح كتابه يرى أن قدوم العثمانيين إلى اليمن "إحسانا وإفضالا "قدر لإطفاء نيران المحن والفتن ،ورفع مواد النزاع عن إقليم اليمن وتأييدعقائد أهل دين الإسلم ...وعندما يؤرخ لمقتل عامر بن داود من قبل سليمان باشا فإنه يرجع الغدر والإثم على "شرف الدين "وابنه "مطهر "فيقول "وما ذلك من الإمام شرف الدين وولده مطهر الاّ من قبيل العداوة والبغضاء فحاولا قتله ،ليتمكنا من أخذ اليمن جملة "والغريب أن من أخذ اليمن هم العثمانيون ومن غدر ب"عامر بن داود "هو سليمان باشا "الذي لم ينتقده الموزعي لفعلته هذه التي تتسق والسياسة العثمانية في السلم والحرب ،وأما تعيين واليين على اليمن من قبل السلطان فييعود تخطئة المؤلف له بسبب تحيزه مع "حسن باشا "الوالي المقيم في اليمن ،ولأن وجود واليين سوف يعطي الفرصة للأمير "مطهر بن الإمام شرف الدين "لأخذ اليمن جميعه من يد العثمانيين ،حيث شبه الولاة بالآلهة حين يقول نقدا لهذا التعيين مستشهدا بقوله تعالى "ولو كان فيهما آلهة الاّ الله لفسدتا ".
وحين يؤرخ المؤلف لبعض المنازعات التي تجري بين الأمراء العثمانيين والأغوات فإنه لا يحمّل أي منهم سبب هذا الخلاف وإنما الرعية هم الذين يتحملون اللوم ،فعندما مال "جعفر آغا "عن الطاعةحمّل أبناء الحجرية سبب هذا العصيان قائلا "قلبت الحجرية رأسه "وهذا الاستخدام "قلبت "بمعنى غيّرت أفكاره موجود في المحكية اليمنية حتى يومنا .
توظيف العثمانيين للخطاب الصوفي :
إن ارتباط التصوف في اليمن بالعثمانيين يبدأ من حملتهم الأولى إلى اليمن حيث يروى عن الشيخ "عبد الهادي السودي "الموصوف "بصاحب تعز "أنه كان يهدى له حلة كل عام من قبل السلطان "عامر بن عبد الوهاب "وأنه دب خلاف بينهما فكان يصعد إلى مقام الشيخ "محمد الطيار "في جبل القاهرة ،ويرمي بحجر أملس إلى جهة بلاد الروم "تركيا "وكانت تعود إلييه ،ويقول :
كنّا مع عامر واليوم على عامر يا دولة الأتراك ذودي بني عامر
وهذا الموروث الشعبي الذي حفظ هذا النظم ،وتلك الحجر التي يتداوى بهابعض أبناء تعز حتى وقت قريب من الأمراض التي تصيبهم ،-تحمل إشارة لتلك العلاقة التي أخذت رمزيتها الصوفية ...لقد كان دخول الأتراك اليمن في القرن العاشر الهجري مصاحبا لأسطورة تروى بين الناس ويرويها "الموزعي "في كتابه هذا ،وهي أن العثمانيين قد أرسلوا إلى أحد الصوفة في مقبرة "الأجيناد "وقام هذا الصوفي بإعطائهم سلما لدخول المدينة ،وببركة هذا السلم تم أخذ تعز من "الإمام شرف الدين وولده "ويطنب "الموزعي "في إعطاء هالة قدسية وعقدية على هذا الدخول من قبل "عثمان باشا "وكيف أن الملائكة خاطبتهم بقول رب العالمين "ادخلوها بسلام آمنين "ثم نجد الموزعي يصف الأمراء العثمانيين والبشوات بكل ما تسعفه اللغة من مدح بالعدل والرخاء الذي جاؤا به .
لقد كان كل والي عثماني ،بل كل أمير يعمل على وقف الوقفيات وتجديد أضرحة الأولياء وصرف رواتب لمن يقيمون الأذكار في الزوايا والروابط ،وكان التصوف قد صار جيشا يعضد من أزر العثمانيين كما صنع "نظام الملك "جيشا ليليا يدعون للسلطان "محمد ملك شاه السلجوقي "وهو ما يوازي جيش النهار ،أي جيشا للأذكار والدعوات وتهيئة النفوس لتقبل العثمانيين والاعتقاد بهم خلفاء لله ،يوازي جيوش السيف !
لكن الحال يتغير مع التصوف الذي ينشأ بعيدا عن قصر السلطان والوالي والأمراء ورغباتهم ...
الشيخ الرباني عبد الرحمن الصافية :
لكن الحال يتغير مع التصوف الذي ينشأ بعيدا عن قصر السلطان والوالي والأمراء ورغباتهم ...فعندما كثر المريدون للشيخ /عبد الرحمن الصافية من عزلة بني علي حزم العدين -خاف العثمانيون من هذا الصوفي أن يدعو لنفسه بالإمامة بعد أن اجتمع له مريدون كثيرون ،فسارع العثمانيون للتمثيل به وقتله من قبل الوالي العادل !"سنان باشا "عام 1014ه فبعث إليه "جلادا نزعت من قبله الرحمة ليسلخ الجلد عن اللحم ،فسلخه والعين ترى العين ،وصيره بعد أن كان واحدا اثنين ،ثم أدخل إلى صنعاء بهذه الهيئة المهينة ولا شك في أن ذلك صدر بإلهام رباني الهمه الله الوزير سنان "ثم يسوق الموزعي مجموعة من الحيثيات التبريرية والتأصيلية لقتل هذا الصوفي الذي يص
فه بكل مفردات الافتراء وقائمة الجرائم الجاهزة !
إن مقتل الصافية يدل على أن العثمانيين كانوا يبجلون الأولياء الأموات بأرواحهم وأجسادهم المنتجة لخطاب الاتباع ،أي ذلك الخطاب الذي يدور في سياق العثمانيين ويشرع لجرائمهم ،أو يصمت عنها ،ويحمل المقتول وزر القاتل !
لقد حكم العثمانيون العامة عن طريق وقف الأراضي والعقارات لخدمة أضرحة ومزارات الأولياء لا الذين يحملون سيفا على العثمانيين ،وهو ما يعد علامة فارقة مع التصوف "الرسولي "أياك دولة بني رسول ،حين كان لصوت "ابن علوان "في نقد المظالم أثرها في توجيه السلطان وليس العكس !
إن إحصاء بسيطا للأضرحة والروابط والزوايا التي عمل العثمانيون على إحيائها تعطي للقارئ دلالة ما على نوع العلاقة بين التصوف والعثمانيين في اليمن !فمن رباط الجيلاني إلى مقام "صاحب تعز"الشيخ عبد الهادي السودي ،إلى تربة "محمد مقاتل "إلى جمع "ابن علوان "وقبره ،والشاذلي صاحب بندر المخا ،والشيخ "السندي "
وقبة الشيخ "سلمان الفارسي "في الضباب وغيرها الكثير .وإذا كان الموزعي يصرح بأن هذه المدينة "تعز "سميت "ببستان الصالحين " لكثرة الأولياء فيها فهي كلمة حق أريد بها تحويل المدينة "تعز "إلى بستان للعثمانيين ،وهو الذي حدث ،فالعلاقة بين العثمانيين وبين أهالي المدينة كثمرة لسياسة العثمانيين تجاه التصوف -كان قائمة على وئام ،أساسه الغيبوبة والمنفعة المتبادلة !
موقف الموزعي من لواء الحجرية :
لقد كان موقف الموزعي من "لواء الحجرية "آنذاك موقف سلبي ،فهو ينعتهم بأنهم سبب الفتن وأن أميرهم "علي الشرجبي "الذي قاد الخروج على العثمانيين واستمر في معارك معهم من أواخر القرن العاشر حتى الغدر به ثلاثينيات القرن الحادي عشر بعد أن عاهدوه على الصلح هو وابنه "جهلان "وأن أميرهم يستحق الغدر كما يقول الموزعي ،حين يستعين بعبارة نسبها زورا إلى الإمام "علي بن ابي طالب "تقول "الوفاء لأهل الغدر غدر ،والغدر بأهل الغدر وفاء "لقد كان الموزعي أحوج إلى كلمة الحق بدلا من التأصيل للغدر ،لكنه ذهب الوالي وحب الدنيا ،وهو لا يألوا جهدا في كيل المدائح للوزير الذي غدر بالأمير الشرجبي وابنه وأعوانهم من مشائخ الحجرية -فهو يصف هذا الوزير ب"المكرم محمد باشا .
تبقى هناك إشارة إلى أن عنوان الطبعة الصادرة عن وزارة الأوقاف "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل آل عثمان "وكانت الطبعة الثانية الصادرة عن منشورات المدينة ببيروت "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان
إن مقتل الصافية يدل على أن العثمانيين كانوا يبجلون الأولياء الأموات بأرواحهم وأجسادهم المنتجة لخطاب الاتباع ،أي ذلك الخطاب الذي يدور في سياق العثمانيين ويشرع لجرائمهم ،أو يصمت عنها ،ويحمل المقتول وزر القاتل !
لقد حكم العثمانيون العامة عن طريق وقف الأراضي والعقارات لخدمة أضرحة ومزارات الأولياء لا الذين يحملون سيفا على العثمانيين ،وهو ما يعد علامة فارقة مع التصوف "الرسولي "أياك دولة بني رسول ،حين كان لصوت "ابن علوان "في نقد المظالم أثرها في توجيه السلطان وليس العكس !
إن إحصاء بسيطا للأضرحة والروابط والزوايا التي عمل العثمانيون على إحيائها تعطي للقارئ دلالة ما على نوع العلاقة بين التصوف والعثمانيين في اليمن !فمن رباط الجيلاني إلى مقام "صاحب تعز"الشيخ عبد الهادي السودي ،إلى تربة "محمد مقاتل "إلى جمع "ابن علوان "وقبره ،والشاذلي صاحب بندر المخا ،والشيخ "السندي "
وقبة الشيخ "سلمان الفارسي "في الضباب وغيرها الكثير .وإذا كان الموزعي يصرح بأن هذه المدينة "تعز "سميت "ببستان الصالحين " لكثرة الأولياء فيها فهي كلمة حق أريد بها تحويل المدينة "تعز "إلى بستان للعثمانيين ،وهو الذي حدث ،فالعلاقة بين العثمانيين وبين أهالي المدينة كثمرة لسياسة العثمانيين تجاه التصوف -كان قائمة على وئام ،أساسه الغيبوبة والمنفعة المتبادلة !
موقف الموزعي من لواء الحجرية :
لقد كان موقف الموزعي من "لواء الحجرية "آنذاك موقف سلبي ،فهو ينعتهم بأنهم سبب الفتن وأن أميرهم "علي الشرجبي "الذي قاد الخروج على العثمانيين واستمر في معارك معهم من أواخر القرن العاشر حتى الغدر به ثلاثينيات القرن الحادي عشر بعد أن عاهدوه على الصلح هو وابنه "جهلان "وأن أميرهم يستحق الغدر كما يقول الموزعي ،حين يستعين بعبارة نسبها زورا إلى الإمام "علي بن ابي طالب "تقول "الوفاء لأهل الغدر غدر ،والغدر بأهل الغدر وفاء "لقد كان الموزعي أحوج إلى كلمة الحق بدلا من التأصيل للغدر ،لكنه ذهب الوالي وحب الدنيا ،وهو لا يألوا جهدا في كيل المدائح للوزير الذي غدر بالأمير الشرجبي وابنه وأعوانهم من مشائخ الحجرية -فهو يصف هذا الوزير ب"المكرم محمد باشا .
تبقى هناك إشارة إلى أن عنوان الطبعة الصادرة عن وزارة الأوقاف "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل آل عثمان "وكانت الطبعة الثانية الصادرة عن منشورات المدينة ببيروت "الإحسان في دخول مملكة اليمن تحت ظل عدالة آل عثمان
زبيد العام 1901م
بعدسته هيرمان بورشارت
.
والرحاله هيرمان بورشارت
قتل ودفن
في العدين .. 7 / 10 / 1910م
الموافق 6 / 12 / 1328ه
وبعدها
نبش قبره واستخرجت جثته
لتنقل الى موطنه المانيا
ويعد ارشيفه من الصور
من اهم المراجع الفوتوغرافيه
التي تشمل اليمن
في تلك الفتره
من تأريخ 1901م الى 1909م
يذكر انه زار اليمن ثلاث مرات
في خلال ذلك التأريخ اعلاه
بعدسته هيرمان بورشارت
.
والرحاله هيرمان بورشارت
قتل ودفن
في العدين .. 7 / 10 / 1910م
الموافق 6 / 12 / 1328ه
وبعدها
نبش قبره واستخرجت جثته
لتنقل الى موطنه المانيا
ويعد ارشيفه من الصور
من اهم المراجع الفوتوغرافيه
التي تشمل اليمن
في تلك الفتره
من تأريخ 1901م الى 1909م
يذكر انه زار اليمن ثلاث مرات
في خلال ذلك التأريخ اعلاه