#اليمن_تاريخ_وثقافة
هل ثبت تاريخياً مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام في 12 ربيع أول؟
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد بن عبد الله ورضي الله على أصحابه الغر الميامين.
أما بعد :
قال تعالى "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران(32).
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
"وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال { قل إن كنتم تحبون الله } أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص) تيسير الكريم الرحمن- ص 128..
وقال الله تعالى :(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) آل عمران (115).
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: أي: ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعانده فيما جاء به { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية.
{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله.
كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ....
تفسير السعدي - (ص / 202)
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) متفق عليه.
اشتهر في كتب السير و التواريخ أن تاريخ مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام 12 ربيع الأول، ورتب على ذلك ما يقوم به بعض المسلمون من احتفالات وابتهاج بهذه الذكرى، وهي بدعة سيئة لم يفعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه الكرام ولا علماء السلف من بعدهم مع شدة حبهم وتعظيمهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام .
قال الشيخ العلامة صالح السحيمي حفظه الله تعالى :
" أصل بدعة المولد :
ولما كانت البدع كثيرة يجل عنها الحصر فإني سوف أقصر الكلام بإيجاز على بدعة خطيرة ومحدثة عظيمة تمس شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة الاحتفال بعيد مولده صلى الله عليه وسلم .
وإن المتتبع للتاريخ الإسلامي يجد أن مثل هذه الاحتفالات لم تكن موجودة عند المسلمين الأوائل بل ولا في القرون المفضلة حتى جاءت الدولة الفاطمية والتي انتسبت إلى فاطمة ظلما وعدوانا بل إن المحققين من المؤرخين يرون أنهم ينحدرون من أصل يهودي يقال لهم العبيديون وهم أبناء ميمون بن ديصان المشهور بالقداح قيل إنه يهودي وقيل مجوسي وقد استمرت دولتهم في مصر من (357- 467هـ).
وقد احتفل الفاطميون بأربعة موالد : مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين -رضي الله عنهم- جميعا . فهم أول من أحدث ذلك كما ذكر المقريزي وغيره . وظلت هذه البدعة يعمل بها حتى جاء ( بدر الجمالي ) الوزير الأول للخليفة الفاطمي ( المستعلي بالله ) وكان هذا الوزير شديد التمسك بالسنة ، فأصدر أمرا
بإلغاء هذه الموالد ، وما أن مات ( بدر الجمالي ) حتى عادت البدعة من جديد .
واستمر الأمر على هذا الحال حتى جاء عهد صلاح الدين الأيوبي ، وكان أيضا من المتمسكين بالسنة ، فألغى هذه الاحتفالات ، وتم تنفيذ هذا الإلغاء في كل أنحاء الدولة الأيوبية ، ولم يخالف في ذلك إلا الملك المظفر الذي كان متزوجا من أخت صلاح الدين .
وقد ذكر المؤرخون أن احتفالات الملك المظفر بالمولد كان يحضرها المتصوفة حيث يكون الاحتفال من الظهر إلى الفجر ، وكان ما ينفق في هذا الاحتفال يزيد عن ثلاثمائة ألف دينار(انظر البداية والنهاية-ابن كثير –ج7-ص186-حوادث سنة630 هـ) .
من مقال ( البدع وأثرها في انحراف التصور الإ
هل ثبت تاريخياً مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام في 12 ربيع أول؟
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد بن عبد الله ورضي الله على أصحابه الغر الميامين.
أما بعد :
قال تعالى "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران(32).
قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :
"وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال { قل إن كنتم تحبون الله } أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها، وبهذه الآية يوزن جميع الخلق، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله، وما نقص من ذلك نقص) تيسير الكريم الرحمن- ص 128..
وقال الله تعالى :(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) آل عمران (115).
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى: أي: ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم ويعانده فيما جاء به { مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى } بالدلائل القرآنية والبراهين النبوية.
{ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ } وسبيلهم هو طريقهم في عقائدهم وأعمالهم { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى } أي: نتركه وما اختاره لنفسه، ونخذله فلا نوفقه للخير، لكونه رأى الحق وعلمه وتركه، فجزاؤه من الله عدلا أن يبقيه في ضلاله حائرا ويزداد ضلالا إلى ضلاله.
كما قال تعالى: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } وقال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ....
تفسير السعدي - (ص / 202)
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) متفق عليه.
اشتهر في كتب السير و التواريخ أن تاريخ مولد رسول الله عليه الصلاة والسلام 12 ربيع الأول، ورتب على ذلك ما يقوم به بعض المسلمون من احتفالات وابتهاج بهذه الذكرى، وهي بدعة سيئة لم يفعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه الكرام ولا علماء السلف من بعدهم مع شدة حبهم وتعظيمهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام .
قال الشيخ العلامة صالح السحيمي حفظه الله تعالى :
" أصل بدعة المولد :
ولما كانت البدع كثيرة يجل عنها الحصر فإني سوف أقصر الكلام بإيجاز على بدعة خطيرة ومحدثة عظيمة تمس شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة الاحتفال بعيد مولده صلى الله عليه وسلم .
وإن المتتبع للتاريخ الإسلامي يجد أن مثل هذه الاحتفالات لم تكن موجودة عند المسلمين الأوائل بل ولا في القرون المفضلة حتى جاءت الدولة الفاطمية والتي انتسبت إلى فاطمة ظلما وعدوانا بل إن المحققين من المؤرخين يرون أنهم ينحدرون من أصل يهودي يقال لهم العبيديون وهم أبناء ميمون بن ديصان المشهور بالقداح قيل إنه يهودي وقيل مجوسي وقد استمرت دولتهم في مصر من (357- 467هـ).
وقد احتفل الفاطميون بأربعة موالد : مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين -رضي الله عنهم- جميعا . فهم أول من أحدث ذلك كما ذكر المقريزي وغيره . وظلت هذه البدعة يعمل بها حتى جاء ( بدر الجمالي ) الوزير الأول للخليفة الفاطمي ( المستعلي بالله ) وكان هذا الوزير شديد التمسك بالسنة ، فأصدر أمرا
بإلغاء هذه الموالد ، وما أن مات ( بدر الجمالي ) حتى عادت البدعة من جديد .
واستمر الأمر على هذا الحال حتى جاء عهد صلاح الدين الأيوبي ، وكان أيضا من المتمسكين بالسنة ، فألغى هذه الاحتفالات ، وتم تنفيذ هذا الإلغاء في كل أنحاء الدولة الأيوبية ، ولم يخالف في ذلك إلا الملك المظفر الذي كان متزوجا من أخت صلاح الدين .
وقد ذكر المؤرخون أن احتفالات الملك المظفر بالمولد كان يحضرها المتصوفة حيث يكون الاحتفال من الظهر إلى الفجر ، وكان ما ينفق في هذا الاحتفال يزيد عن ثلاثمائة ألف دينار(انظر البداية والنهاية-ابن كثير –ج7-ص186-حوادث سنة630 هـ) .
من مقال ( البدع وأثرها في انحراف التصور الإ
سلامي ) للدكتور الشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله تعالى.
نشر في مجلة البحوث الإسلامية - (15 / 157) (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 160-161) نسخة المكتبة الشاملة
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ورغم ذلك لم يثبت تاريخيا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولد يوم 12 ربيع الأول ، يقول ابن أبي العز الحنفي في أرجوزته الميئية :
مولِدُهُ في عاشِرِ الفَضِيل
[3]
ربيعٍ الأوَّلِ عامَ الفِيلِ
لكنَّما([1]) المشهُورُ ثَانِي عَشْرِهِ
[4]
في يَوْمِ الاثْنَيْنِ طُلُوعَ فَجْرِهِ
ووَافَقَ العشرينَ من نَيْسانَا
[5]
وقَبلَهُ حَيْنُ أبيهِ حانَا
قال الشيخ عبد الرزاق العباد في شرح هذه الأبيات:
" (مَوْلِدُهُ) أي النَّبيّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فِي عَاشِرِ الْفَضِيلِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ) أي في اليوم العاشر من شهر ربيع الأوَّل، (عَامَ الْفِيلِ) أي في العام المعروف بعام الفيل للقصَّة المعروفة التي وقعت في ذلك العام لأبرهة عندما أتَى مكَّة قاصدًا هدم بيت الله الحرامفذاك العام يُعرف بعام الفيل، ومن عادة العرب والنَّاس عمومًا تأريخ السَّنوات بالحوادث الكبار التي تقع في تلك السَّنوات .
(لَكِنَّمَا الْمَشْهُورُ ثَانِي عَشْرِهِ) أي: المشهور أنّه–عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ولد في اليوم الثَّاني عشر من عام الفيل، مشيرًا إلى أنَّ هناك خلافًا بين أهل العلم في أيِّ يوم –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلد من شهر ربيع الأول، وذكر هنا العاشر والثَّاني عشر، وأشار إلى أنّ الثَّاني عشر هو المشهور عند أهل العلم.
وقيل كذلك: أنَّ مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- في الثَّامن من شهر ربيع الأول، وقيل غير ذلك([2]).
وقد قال الألباني –رحمه الله تعالى- في كتابه صحيح السِّيرة: ((وفي شهره أقوال ذكرها ابن كثير في الأصل (يعني البداية والنهاية([3])، وكلُّها معلَّقة –بدون أسانيد- يمكن النظر فيها ووزنها بميزان علم مصطلح الحديث؛ إلّا قول من قال: إنَّه في الثَّامن من ربيع الأوَّل. فإنَّه رواه مالك وغيره بالسَّند الصَّحيح عن محمَّد بن جُبير بن مطعم وهو تابعي جليل، ولعلَّه لذلك صحَّح هـٰذا القول أصحاب التَّاريخ واعتمدوه)) ثم قال: ((والجمهور على أنَّه في الثَّاني عشر منه والله أعلم))([4]).
وهـٰذا الاختلاف في تحديد اليوم الذي وُلد–عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فيه من شهر ربيع الأوَّل من الأدلَّة التي ذكرها أهل العلم في أنَّ يوم مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أو ليلة مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لا يترتَّب عليها حكم شرعي، وإلّا لو كان يترتَّب على ذلك حكم شرعيّ أو عمل مشروع لما كان في تحديد مولده هـٰذا الاختلاف الذي يُذكر في جميع كتب التَّاريخ.
ومن جزم بيوم معيَّن من شهر ربيع الأوَّل أنَّه هو يوم مولد النَّبي –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فلا دليل واضح عنده على ذلك الجزم.
(فِي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ طُلُوعَ فَجْرِهِ) أي : كانت ولادته يوم الاثنين ، وهـٰذا ثابت في الحديث الصَّحيح عنه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ، كما جاء في صحيح مسلم([5])عن أبي قتادة الأنصاري –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ، قَالَ: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثتُ – أو أُنزل عليّ – فيه » فيوم الاثنين هو اليوم الذي وُلد فيه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وهو اليوم الذي أُنزل عليه فيه، وهو الذي هاجر فيه من مكَّة إلى المدينة، وهو اليوم الذي وصل فيه إلى المدينة، وهو اليوم الذي توفِّي –صلوات الله وسلامه عليه- فيه، وكل ذلك نص عليه الناظم في موضعه المناسب من هٰذا النظم المبارك.
(وَوَافَقَ الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَا) و(نَيْسان) ويقال له: إبريل هو الشَّهر الرَّابع من شُّهور السنة الشَّمسية، قال السُّهيلي في الرَّوض الأنف: ((وأهل الحساب يقولون: وافق مولده من الشُّهور الشَّمسية نيسان، فكانت لعشرين مضت منه))([6])، ولهـٰذا قال النَّاظم هنا رحمه الله تعالى: (وَوَافَقَ الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَا)" ( [7]).
قلت – أبو عمر الفلسطيني-
وافق اليوم العشرين من شهر نيسان : ذكر الشيخ محمد الخضري في كتابه نور اليقين في سيرة سيد المرسلين أن : الباحث محمود باشا الفلكي حقق أن ولادة الرسول –صلى الله عليه وسلم- كانت في صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم العشرين من إبريل سنة 571 م وهو يوافق السنة الأولى من حادثة الفيل ) ص 22-23 ، طبعة دار الحديث، تحقيق: سمير العطار.
***************
الخلاصة :
اختلف المؤرخون القدامى والمعاصرون حول تحديد التاريخ المحدد لمولد رسول الله عليه الصلاة والسلام على أقوال عدة منها :
2 ربيع الأول – 8 ربيع الأول- 9 ربيع الأول- 10 ربيع الأول – 12 ربيع الأول- 17 ربيع الأول – شهر رمضان .
ما صح منها بسند صحيح أو حساب فلكي
8 ربيع الأول – رواه مالك وغيره بالسَّند الصَّحيح عن
نشر في مجلة البحوث الإسلامية - (15 / 157) (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 160-161) نسخة المكتبة الشاملة
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ورغم ذلك لم يثبت تاريخيا أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولد يوم 12 ربيع الأول ، يقول ابن أبي العز الحنفي في أرجوزته الميئية :
مولِدُهُ في عاشِرِ الفَضِيل
[3]
ربيعٍ الأوَّلِ عامَ الفِيلِ
لكنَّما([1]) المشهُورُ ثَانِي عَشْرِهِ
[4]
في يَوْمِ الاثْنَيْنِ طُلُوعَ فَجْرِهِ
ووَافَقَ العشرينَ من نَيْسانَا
[5]
وقَبلَهُ حَيْنُ أبيهِ حانَا
قال الشيخ عبد الرزاق العباد في شرح هذه الأبيات:
" (مَوْلِدُهُ) أي النَّبيّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فِي عَاشِرِ الْفَضِيلِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ) أي في اليوم العاشر من شهر ربيع الأوَّل، (عَامَ الْفِيلِ) أي في العام المعروف بعام الفيل للقصَّة المعروفة التي وقعت في ذلك العام لأبرهة عندما أتَى مكَّة قاصدًا هدم بيت الله الحرامفذاك العام يُعرف بعام الفيل، ومن عادة العرب والنَّاس عمومًا تأريخ السَّنوات بالحوادث الكبار التي تقع في تلك السَّنوات .
(لَكِنَّمَا الْمَشْهُورُ ثَانِي عَشْرِهِ) أي: المشهور أنّه–عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ولد في اليوم الثَّاني عشر من عام الفيل، مشيرًا إلى أنَّ هناك خلافًا بين أهل العلم في أيِّ يوم –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وُلد من شهر ربيع الأول، وذكر هنا العاشر والثَّاني عشر، وأشار إلى أنّ الثَّاني عشر هو المشهور عند أهل العلم.
وقيل كذلك: أنَّ مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- في الثَّامن من شهر ربيع الأول، وقيل غير ذلك([2]).
وقد قال الألباني –رحمه الله تعالى- في كتابه صحيح السِّيرة: ((وفي شهره أقوال ذكرها ابن كثير في الأصل (يعني البداية والنهاية([3])، وكلُّها معلَّقة –بدون أسانيد- يمكن النظر فيها ووزنها بميزان علم مصطلح الحديث؛ إلّا قول من قال: إنَّه في الثَّامن من ربيع الأوَّل. فإنَّه رواه مالك وغيره بالسَّند الصَّحيح عن محمَّد بن جُبير بن مطعم وهو تابعي جليل، ولعلَّه لذلك صحَّح هـٰذا القول أصحاب التَّاريخ واعتمدوه)) ثم قال: ((والجمهور على أنَّه في الثَّاني عشر منه والله أعلم))([4]).
وهـٰذا الاختلاف في تحديد اليوم الذي وُلد–عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فيه من شهر ربيع الأوَّل من الأدلَّة التي ذكرها أهل العلم في أنَّ يوم مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أو ليلة مولده –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لا يترتَّب عليها حكم شرعي، وإلّا لو كان يترتَّب على ذلك حكم شرعيّ أو عمل مشروع لما كان في تحديد مولده هـٰذا الاختلاف الذي يُذكر في جميع كتب التَّاريخ.
ومن جزم بيوم معيَّن من شهر ربيع الأوَّل أنَّه هو يوم مولد النَّبي –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فلا دليل واضح عنده على ذلك الجزم.
(فِي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ طُلُوعَ فَجْرِهِ) أي : كانت ولادته يوم الاثنين ، وهـٰذا ثابت في الحديث الصَّحيح عنه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ، كما جاء في صحيح مسلم([5])عن أبي قتادة الأنصاري –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ، قَالَ: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثتُ – أو أُنزل عليّ – فيه » فيوم الاثنين هو اليوم الذي وُلد فيه –عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وهو اليوم الذي أُنزل عليه فيه، وهو الذي هاجر فيه من مكَّة إلى المدينة، وهو اليوم الذي وصل فيه إلى المدينة، وهو اليوم الذي توفِّي –صلوات الله وسلامه عليه- فيه، وكل ذلك نص عليه الناظم في موضعه المناسب من هٰذا النظم المبارك.
(وَوَافَقَ الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَا) و(نَيْسان) ويقال له: إبريل هو الشَّهر الرَّابع من شُّهور السنة الشَّمسية، قال السُّهيلي في الرَّوض الأنف: ((وأهل الحساب يقولون: وافق مولده من الشُّهور الشَّمسية نيسان، فكانت لعشرين مضت منه))([6])، ولهـٰذا قال النَّاظم هنا رحمه الله تعالى: (وَوَافَقَ الْعِشْرِينَ مِنْ نَيْسَانَا)" ( [7]).
قلت – أبو عمر الفلسطيني-
وافق اليوم العشرين من شهر نيسان : ذكر الشيخ محمد الخضري في كتابه نور اليقين في سيرة سيد المرسلين أن : الباحث محمود باشا الفلكي حقق أن ولادة الرسول –صلى الله عليه وسلم- كانت في صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم العشرين من إبريل سنة 571 م وهو يوافق السنة الأولى من حادثة الفيل ) ص 22-23 ، طبعة دار الحديث، تحقيق: سمير العطار.
***************
الخلاصة :
اختلف المؤرخون القدامى والمعاصرون حول تحديد التاريخ المحدد لمولد رسول الله عليه الصلاة والسلام على أقوال عدة منها :
2 ربيع الأول – 8 ربيع الأول- 9 ربيع الأول- 10 ربيع الأول – 12 ربيع الأول- 17 ربيع الأول – شهر رمضان .
ما صح منها بسند صحيح أو حساب فلكي
8 ربيع الأول – رواه مالك وغيره بالسَّند الصَّحيح عن
محمَّد بن جُبير بن مطعم وهو تابعي جليل ،كما قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى.
9 ربيع الأول – كما حققه الباحث محمود باشا الفلكي ونقله عنه الشيخ محمد الخضري رحمهما الله تعالى.
وعلى أي حال لم يثبت أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولد يوم 12 ربيع الأول والذي يحتفل بمثله من الأيام في كل عام بعض المسلمين بهذه البدعة .
والله أعلم وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
([1]) في (د): ((لكنها)).
([2]) انظر: البداية والنهاية (3/374ـ376).
[3]- ابن كثير في البداية والنهاية ذكر جميع هذه الأقوال في تحديد هذا اليومومنها 2 ربيع الأول- 17 ربيع الأول – وقيل ولد في شهر رمضان أيضاً واستغربه ابن كثير؛ وينظر : ابن هشام، السيرة النبوية، ص128؛ ابن سعد، الطبقات، ص 47.
([4]) صحيح السيرة النبوية (ص13).
([5]) رقم (1159).
([6]) الرّوض الأنف في شرح السِّيرة النَّبوية لابن هشام (2/159).
([7] (-(شرح الأرجوزة الميئية في حال أشرف البرية- شرح الشيخ عبد الرزاق العباد- ص 19-22- ط دار الفضيلة-الجزائر
9 ربيع الأول – كما حققه الباحث محمود باشا الفلكي ونقله عنه الشيخ محمد الخضري رحمهما الله تعالى.
وعلى أي حال لم يثبت أن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولد يوم 12 ربيع الأول والذي يحتفل بمثله من الأيام في كل عام بعض المسلمين بهذه البدعة .
والله أعلم وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
([1]) في (د): ((لكنها)).
([2]) انظر: البداية والنهاية (3/374ـ376).
[3]- ابن كثير في البداية والنهاية ذكر جميع هذه الأقوال في تحديد هذا اليومومنها 2 ربيع الأول- 17 ربيع الأول – وقيل ولد في شهر رمضان أيضاً واستغربه ابن كثير؛ وينظر : ابن هشام، السيرة النبوية، ص128؛ ابن سعد، الطبقات، ص 47.
([4]) صحيح السيرة النبوية (ص13).
([5]) رقم (1159).
([6]) الرّوض الأنف في شرح السِّيرة النَّبوية لابن هشام (2/159).
([7] (-(شرح الأرجوزة الميئية في حال أشرف البرية- شرح الشيخ عبد الرزاق العباد- ص 19-22- ط دار الفضيلة-الجزائر
#اليمن_تاريخ_وثقافة
12 وقفة .. مع المحتفلين بيوم 12 ربيع الأول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، أما بعد : فهذه وقفات مع المحتفلين بميلاد خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم ، أسأل الله أن ينفع بها :
الوقفة الأولى
لقد أمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم باتباع الشريعة الربانية ، وعدم اتباع الهوى ، قال تعالى : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) ، فالعبادات كلها توقيفيّة ، بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها ، بل لا بد أن يكون المشرّع لها هو الله سبحانه وتعالى ، ولذلك أمر الله نبيّه في أكثر من موضع باتباع الوحي : ( إن اتبع إلا ما يوحى إليّ ) ، وقد قرّر العلماء أنّ : العبادات مبنيةٌ على الاتباع لا الابتداع .
الوقفة الثانية
لقد امتنّ الله تعالى على عباده ببعثة الرّسول صلى الله عليه وسلم وليس بميلاده ، قال تعالى : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (آل عمران:164) .
الوقفة الثالثة
السلف الصالح لم يكونوا يزيدون من الأعمال في يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأيام ، ولو فعلوا لنقل إلينا ! ولا يخفى لأنهم أشدّ الناس حبًّا وتعظيمًا واتباعًا .
قال العلامة / أبي عبد الله محمد الحفار المالكي : ( ألا ترى أنّ يوم الجمعة خير يومٍ طلعت عليه الشمس ، وأفضل ما يفعل في اليوم الفاضل صومه ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة مع عظيم فضله ، فدلّ هذا على أنه لا تحدث عبادة في زمان ولا في مكان إلا إذا شرعت ، وما لم يشرع لا يفعل ، إذ لا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها ... والخير كله في اتّباع السلف الصالح ) المعيار المعرب 7 / 99 .
الوقفة الرابعة
انظر إلى فقه الفاروق عمر بن الخطاب حين أرَّخ بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم رمز انتصار دينه ، ولم يؤرّخ بمولده ووفاته ، أتدري لماذا ؟ تقديماً للحقائق والمعاني على الطقوس والأشكال والمباني !!
الوقفة الخامسة
إن أوّل من أحدث بدعة المولد : الخلفاء الفاطميون بالقرن الرابع للهجرة بالقاهرة ، فقد ابتدعوا ستة موالد : المولد النبوي، ومولد الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين ، ومولد الخليفة الحاضر ، وبقيت هذه الموالد على رسومها إلى أن أبطلها الأفضل ابن أمير الجيوش ، ثم أعيدت في خلافة الحاكم بأمر الله سنة 524هـ بعد ما كاد الناس ينسونها .
فعلى هذا لم تعرف الأمة هذا المولد قبل هذه الدولة ، فهل هي أهلٌ للاقتداء بها ؟ والغريب أنّه وصل بالبعض ، تفضيل ليلة المولد النبوي على ليلة القدر !!
الوقفة السادسة
اختلف المؤرخون وأهل السير في الشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل : ولد في شهر رمضان ، والجمهور : على أنه ولد في ربيع الأول ، ثم اختلف هؤلاء في تحديد تاريخ يوم مولده على أقوال :
فقيل : اليوم الثاني من ربيع الأول قاله ابن عبد البرّ ، وقيل : اليوم الثامن ، صححه ابن حزم ، وهو اختيار أكثر أهل الحديث ، وقيل : اليوم التاسع ، وهذا ما رجّحه أبو الحسن الندوي ، وزاهد الكوثري ، وقيل : اليوم العاشر ، اختاره الباقر ، وقيل : اليوم الثاني عشر ، نصّ عليه ابن إسحاق ، وقيل : السابع عشر من ربيع الأول ، وقيل : الثامن عشر من ربيع الأول ...
وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على عدم حرص الصحابة على نقل تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم إلينا ، فلو كان في ذلك اليوم عبادة ، لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها خلاف ، ولنقل إلينا مولده على وجه الدقّة .
قال الشيخ القرضاوي : ( إذا نظرنا إلى هذا الموضوع من الناحية التاريخية : نجد أنّ الصحابة رضوان الله عليهم،لم يحتفلوا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بذكرى إسراءه ومعراجه أو هجرته ، بل الواقع أنهم لم يكونوا يبحثون عن تواريخ هذه الأشياء ! فهم اختلفوا في يوم مولد النبي صلى الله عليه و سلم ، فإن اشتهر أنه الثاني عشر من ربيع الأول ، لكن البعض يقول : لا ، الأصح اليوم التاسع من ربيع الأول وليس يوم الثاني عشر ، وذلك لأنه لا يترتب عليه عبادة أو عمل ، ليس هنالك قيام في تلك الليلة ولا صيام في ذلك اليوم ، فلذلك المعروف أنّ الصحابة والتابعين والقرون الأولى وهي خير قرون هذه الأمة لم تحتفل بهذه الذكريات ! بعد ذلك حدثت بعد عدة قرون بدأت هذه الأشياء .. ) .
ولمراعاة هذا الخلاف ، كان صاحب إربل يحتفل بالمولد ، سنةً في ثامن شهر ربيع الأول ، وسنة ً في ثاني عشرة !!! ( انظر ابن خلكان 1 / 437 ) .
الوقفة السابعة
إنّ التاريخ الذي ولد فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، هو بعينه التاريخ الذي توفي فيه ! : ( يوم الاثنين 12 ربيع الأول ) ، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه ، نبّه على ذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم ابن الحاج ال
12 وقفة .. مع المحتفلين بيوم 12 ربيع الأول
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين ، أما بعد : فهذه وقفات مع المحتفلين بميلاد خير البشر صلى الله عليه وآله وسلم ، أسأل الله أن ينفع بها :
الوقفة الأولى
لقد أمر الله نبيّه صلى الله عليه وسلم باتباع الشريعة الربانية ، وعدم اتباع الهوى ، قال تعالى : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) ، فالعبادات كلها توقيفيّة ، بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها ، بل لا بد أن يكون المشرّع لها هو الله سبحانه وتعالى ، ولذلك أمر الله نبيّه في أكثر من موضع باتباع الوحي : ( إن اتبع إلا ما يوحى إليّ ) ، وقد قرّر العلماء أنّ : العبادات مبنيةٌ على الاتباع لا الابتداع .
الوقفة الثانية
لقد امتنّ الله تعالى على عباده ببعثة الرّسول صلى الله عليه وسلم وليس بميلاده ، قال تعالى : ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (آل عمران:164) .
الوقفة الثالثة
السلف الصالح لم يكونوا يزيدون من الأعمال في يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأيام ، ولو فعلوا لنقل إلينا ! ولا يخفى لأنهم أشدّ الناس حبًّا وتعظيمًا واتباعًا .
قال العلامة / أبي عبد الله محمد الحفار المالكي : ( ألا ترى أنّ يوم الجمعة خير يومٍ طلعت عليه الشمس ، وأفضل ما يفعل في اليوم الفاضل صومه ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة مع عظيم فضله ، فدلّ هذا على أنه لا تحدث عبادة في زمان ولا في مكان إلا إذا شرعت ، وما لم يشرع لا يفعل ، إذ لا يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما أتى به أولها ... والخير كله في اتّباع السلف الصالح ) المعيار المعرب 7 / 99 .
الوقفة الرابعة
انظر إلى فقه الفاروق عمر بن الخطاب حين أرَّخ بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم رمز انتصار دينه ، ولم يؤرّخ بمولده ووفاته ، أتدري لماذا ؟ تقديماً للحقائق والمعاني على الطقوس والأشكال والمباني !!
الوقفة الخامسة
إن أوّل من أحدث بدعة المولد : الخلفاء الفاطميون بالقرن الرابع للهجرة بالقاهرة ، فقد ابتدعوا ستة موالد : المولد النبوي، ومولد الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين ، ومولد الخليفة الحاضر ، وبقيت هذه الموالد على رسومها إلى أن أبطلها الأفضل ابن أمير الجيوش ، ثم أعيدت في خلافة الحاكم بأمر الله سنة 524هـ بعد ما كاد الناس ينسونها .
فعلى هذا لم تعرف الأمة هذا المولد قبل هذه الدولة ، فهل هي أهلٌ للاقتداء بها ؟ والغريب أنّه وصل بالبعض ، تفضيل ليلة المولد النبوي على ليلة القدر !!
الوقفة السادسة
اختلف المؤرخون وأهل السير في الشهر الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل : ولد في شهر رمضان ، والجمهور : على أنه ولد في ربيع الأول ، ثم اختلف هؤلاء في تحديد تاريخ يوم مولده على أقوال :
فقيل : اليوم الثاني من ربيع الأول قاله ابن عبد البرّ ، وقيل : اليوم الثامن ، صححه ابن حزم ، وهو اختيار أكثر أهل الحديث ، وقيل : اليوم التاسع ، وهذا ما رجّحه أبو الحسن الندوي ، وزاهد الكوثري ، وقيل : اليوم العاشر ، اختاره الباقر ، وقيل : اليوم الثاني عشر ، نصّ عليه ابن إسحاق ، وقيل : السابع عشر من ربيع الأول ، وقيل : الثامن عشر من ربيع الأول ...
وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على عدم حرص الصحابة على نقل تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم إلينا ، فلو كان في ذلك اليوم عبادة ، لكانت معلومة مشهورة لا يقع فيها خلاف ، ولنقل إلينا مولده على وجه الدقّة .
قال الشيخ القرضاوي : ( إذا نظرنا إلى هذا الموضوع من الناحية التاريخية : نجد أنّ الصحابة رضوان الله عليهم،لم يحتفلوا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا بذكرى إسراءه ومعراجه أو هجرته ، بل الواقع أنهم لم يكونوا يبحثون عن تواريخ هذه الأشياء ! فهم اختلفوا في يوم مولد النبي صلى الله عليه و سلم ، فإن اشتهر أنه الثاني عشر من ربيع الأول ، لكن البعض يقول : لا ، الأصح اليوم التاسع من ربيع الأول وليس يوم الثاني عشر ، وذلك لأنه لا يترتب عليه عبادة أو عمل ، ليس هنالك قيام في تلك الليلة ولا صيام في ذلك اليوم ، فلذلك المعروف أنّ الصحابة والتابعين والقرون الأولى وهي خير قرون هذه الأمة لم تحتفل بهذه الذكريات ! بعد ذلك حدثت بعد عدة قرون بدأت هذه الأشياء .. ) .
ولمراعاة هذا الخلاف ، كان صاحب إربل يحتفل بالمولد ، سنةً في ثامن شهر ربيع الأول ، وسنة ً في ثاني عشرة !!! ( انظر ابن خلكان 1 / 437 ) .
الوقفة السابعة
إنّ التاريخ الذي ولد فيه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، هو بعينه التاريخ الذي توفي فيه ! : ( يوم الاثنين 12 ربيع الأول ) ، فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه ، نبّه على ذلك غير واحد من أهل العلم ، منهم ابن الحاج ال
مالكي ، والإمام الفاكهاني .
قال ابن الحاج المالكي : ( العجب العجيب : كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور كما تقدّم ، لأجل مولده صلى الله عليه وسلم كما تقدّم في هذا الشهر الكريم ؟ وهو صلى الله عليه وسلم فيه انتقل إلى كرامة ربه عزّ وجل ، وفجعت الأمة وأصيبت بمصابٍ عظيم ، لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا ، فعلى هذا كان يتعيّن البكاء والحزن الكثير ... فانظر في هذا الشهر الكريم ـ والحالة هذه ـ كيف يلعبون فيه ويرقصون ) المدخل 2 / 16 .
الوقفة الثامنة
من الملاحظ أنّ انتشار الاحتفال بالمولد النبوي بين المسلمين ، كان في البلاد التي جاور فيها المسلمون النصارى ، كما في الشام ومصر .. فالنصارى كانوا يحتفلون بعيد ميلاد المسيح في يوم مولده ، وميلاد أفراد أسرته ، فكان ذلك سببًا في سرعة انتشار تلك البدعة بين المسلمين تقليدًا للنصارى .
حتى قال الحافظ السخاوي مؤيدًا الاحتفال بالمولد : ( وإذا كان أهل الصليب اتّخذوا ليلة مولد نبيّهم عيدًا أكبر ، فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر ) !! وقد تعقّبه الملا علي القاري : ( قلت : ممّا يردّ عليه أنّا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب ) المورد الروي في المولد النبوي / 29 .
الوقفة التاسعة
إنّ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لا تتحقّق بالاحتفال بمولده ، وإنّما تتحقّق بالعمل بسنّته ، وتقديم قوله على كل قول ، وعدم ردّ شيء من أحاديثه ، ولنعلم أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد وسعهم دين الله من غير احتفالٍ بمولده ، إذًا فليسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
والفرح بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، لا يمكن أن يقتصر على يومٍ واحدٍ ، بل بكل لحظة من لحظات حياة المسلم ، بالتزام أوامره واجتناب نواهيه ، والخضوع لكل ما جاء به من عند الله تعالى ، فلا تقف الفرحة أمام يومٍ واحدٍ ، بل نجعل لنا من كل يومٍ جديدٍ ، التزامًا أكثر بالسنة ، ، لنحوّل ضعفنا إلى قوةٍ ، ونرسي في أنفسنا قواعدَ عقيدتنا ، ومبادئ الإسلام العظيم .
الوقفة العاشرة
قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبدالله ورسوله ) البخاري .
أكثر تلك الموالد فيها إطراءٌ ومبالغة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، والغريب أنّه حتى المؤيدين للموالد ، قد أقرّوا بوجود الغلو الذي يصل إلى درجة الكفر !! خاصةً عندما تجرّأ البعض على تأليف كتب عن المولد النبوي ، ثم وضع الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ! تأييدًا لذلك يقول عبد الله الغماري ـ أحد كبار الصوفية المعاصرين ـ :
( .. وكتب المولد النبوي ملأى بهذه الموضوعات ، وأصبحت عقيدةً راسخة في أذهان العامة ، وأرجوا أن يوفّقني الله إلى تأليفٍ حول المولد النبوي ، خالٍ من أمرين اثنين : الأحاديث المكذوبة ، والسّجع المتكلّف المرذول ... والمقصود أنّ الغلو في المدح مذمومٌ لقوله تعالى : " لا تغلوا في دينكم " ، وأيضًا فإنّ مادح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر لم يثبت عنه ، يكون كاذبًا عليه ، فيدخل في وعيد : " من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النار " .
وليست الفضائل النبويّة مما يتساهل فيها برواية الضعيف ونحوه ، لتعلقها بصاحب الشريعة ونبي الأمة ، الذي حرّم الكذب عليه وجعله من الكبائر ، حتى قال أبو محمّد الجويني والد إمام الحرمين بكفرِ الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم .
وعلى هذا فما يوجد في كتب المولد النبوي وقصة المعراج من مبالغات وغلوٍ لا أساس له من الواقع : يجب أن تُحرق ، لئلا يُحرق أصحابها وقارئوها في نار جهنّم ، نسأل الله السلامة والعافية ) من نقده لبردة البوصيري ص 75.
وقد جرت العادة في الموالد أن تختم بالعبارات البدعية والتوسلات الشركيّة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الوقفة الحادية عشرة
ما يدور في الموالد من المفاسد ، لا تخفى على مسلم ، من أهمها :
أنّ المحتفلين بالمولد يرمون المخالفين ـ وللأسف ـ بعدم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم !! متناسين بأنّ التعظيم والمحبة تكون بالاتباع لا الابتداع ، وكذلك : ما يجري داخل الموالد من إطفاء الأنوار وهزّ الرؤس وتمايل الأكتاف و .. ناهيك عن الأذكار المكذوبة والقصص الموهومة ، ويقول الشيخ علي محفوظ الأزهري : ( فيها إسراف وتبذير للأموال ، وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة منه ولا خير فيه ) الإبداع / 324 ، والقواعد الشرعية تقضي بأنّ المباح ـ وهذا على فرض أنه مباح ـ إذا أدّى إلى محرّم : فإنّه يحرم من باب سدّ الذرائع ، فكيف وهو يحوي على المنكرات !!
الوقفة الثانية عشرة
وقد أجمع المسلمون على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي ، لكنهم اختلفوا في حسنه وقبحه ، فذهب البعض منهم إلى أنه بدعة حسنة : كابن حجر والسيوطي والسخاوي .. وغيرهم ، نظرا للمصلحة التي ظنوا حصولها !!
لكن العلماء المحقّقين ، المتقدّمين منهم والمتأخرين ، أفتوا بحرمة الاحتفال بالمولد ، عملاً بالأدلة الشرعية التي تحذّر من البدع في الدين ، والأعياد والاحتفا
قال ابن الحاج المالكي : ( العجب العجيب : كيف يعملون المولد بالمغاني والفرح والسرور كما تقدّم ، لأجل مولده صلى الله عليه وسلم كما تقدّم في هذا الشهر الكريم ؟ وهو صلى الله عليه وسلم فيه انتقل إلى كرامة ربه عزّ وجل ، وفجعت الأمة وأصيبت بمصابٍ عظيم ، لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبدًا ، فعلى هذا كان يتعيّن البكاء والحزن الكثير ... فانظر في هذا الشهر الكريم ـ والحالة هذه ـ كيف يلعبون فيه ويرقصون ) المدخل 2 / 16 .
الوقفة الثامنة
من الملاحظ أنّ انتشار الاحتفال بالمولد النبوي بين المسلمين ، كان في البلاد التي جاور فيها المسلمون النصارى ، كما في الشام ومصر .. فالنصارى كانوا يحتفلون بعيد ميلاد المسيح في يوم مولده ، وميلاد أفراد أسرته ، فكان ذلك سببًا في سرعة انتشار تلك البدعة بين المسلمين تقليدًا للنصارى .
حتى قال الحافظ السخاوي مؤيدًا الاحتفال بالمولد : ( وإذا كان أهل الصليب اتّخذوا ليلة مولد نبيّهم عيدًا أكبر ، فأهل الإسلام أولى بالتكريم وأجدر ) !! وقد تعقّبه الملا علي القاري : ( قلت : ممّا يردّ عليه أنّا مأمورون بمخالفة أهل الكتاب ) المورد الروي في المولد النبوي / 29 .
الوقفة التاسعة
إنّ محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لا تتحقّق بالاحتفال بمولده ، وإنّما تتحقّق بالعمل بسنّته ، وتقديم قوله على كل قول ، وعدم ردّ شيء من أحاديثه ، ولنعلم أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد وسعهم دين الله من غير احتفالٍ بمولده ، إذًا فليسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
والفرح بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، لا يمكن أن يقتصر على يومٍ واحدٍ ، بل بكل لحظة من لحظات حياة المسلم ، بالتزام أوامره واجتناب نواهيه ، والخضوع لكل ما جاء به من عند الله تعالى ، فلا تقف الفرحة أمام يومٍ واحدٍ ، بل نجعل لنا من كل يومٍ جديدٍ ، التزامًا أكثر بالسنة ، ، لنحوّل ضعفنا إلى قوةٍ ، ونرسي في أنفسنا قواعدَ عقيدتنا ، ومبادئ الإسلام العظيم .
الوقفة العاشرة
قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبدالله ورسوله ) البخاري .
أكثر تلك الموالد فيها إطراءٌ ومبالغة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ، والغريب أنّه حتى المؤيدين للموالد ، قد أقرّوا بوجود الغلو الذي يصل إلى درجة الكفر !! خاصةً عندما تجرّأ البعض على تأليف كتب عن المولد النبوي ، ثم وضع الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ! تأييدًا لذلك يقول عبد الله الغماري ـ أحد كبار الصوفية المعاصرين ـ :
( .. وكتب المولد النبوي ملأى بهذه الموضوعات ، وأصبحت عقيدةً راسخة في أذهان العامة ، وأرجوا أن يوفّقني الله إلى تأليفٍ حول المولد النبوي ، خالٍ من أمرين اثنين : الأحاديث المكذوبة ، والسّجع المتكلّف المرذول ... والمقصود أنّ الغلو في المدح مذمومٌ لقوله تعالى : " لا تغلوا في دينكم " ، وأيضًا فإنّ مادح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر لم يثبت عنه ، يكون كاذبًا عليه ، فيدخل في وعيد : " من كذب عليّ متعمّدًا فليتبوّأ مقعده من النار " .
وليست الفضائل النبويّة مما يتساهل فيها برواية الضعيف ونحوه ، لتعلقها بصاحب الشريعة ونبي الأمة ، الذي حرّم الكذب عليه وجعله من الكبائر ، حتى قال أبو محمّد الجويني والد إمام الحرمين بكفرِ الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم .
وعلى هذا فما يوجد في كتب المولد النبوي وقصة المعراج من مبالغات وغلوٍ لا أساس له من الواقع : يجب أن تُحرق ، لئلا يُحرق أصحابها وقارئوها في نار جهنّم ، نسأل الله السلامة والعافية ) من نقده لبردة البوصيري ص 75.
وقد جرت العادة في الموالد أن تختم بالعبارات البدعية والتوسلات الشركيّة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الوقفة الحادية عشرة
ما يدور في الموالد من المفاسد ، لا تخفى على مسلم ، من أهمها :
أنّ المحتفلين بالمولد يرمون المخالفين ـ وللأسف ـ بعدم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم !! متناسين بأنّ التعظيم والمحبة تكون بالاتباع لا الابتداع ، وكذلك : ما يجري داخل الموالد من إطفاء الأنوار وهزّ الرؤس وتمايل الأكتاف و .. ناهيك عن الأذكار المكذوبة والقصص الموهومة ، ويقول الشيخ علي محفوظ الأزهري : ( فيها إسراف وتبذير للأموال ، وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة منه ولا خير فيه ) الإبداع / 324 ، والقواعد الشرعية تقضي بأنّ المباح ـ وهذا على فرض أنه مباح ـ إذا أدّى إلى محرّم : فإنّه يحرم من باب سدّ الذرائع ، فكيف وهو يحوي على المنكرات !!
الوقفة الثانية عشرة
وقد أجمع المسلمون على بدعية الاحتفال بالمولد النبوي ، لكنهم اختلفوا في حسنه وقبحه ، فذهب البعض منهم إلى أنه بدعة حسنة : كابن حجر والسيوطي والسخاوي .. وغيرهم ، نظرا للمصلحة التي ظنوا حصولها !!
لكن العلماء المحقّقين ، المتقدّمين منهم والمتأخرين ، أفتوا بحرمة الاحتفال بالمولد ، عملاً بالأدلة الشرعية التي تحذّر من البدع في الدين ، والأعياد والاحتفا
لات من أمور الشريعة ، ووقفوا أمام فتح باب شر متيقّن لخيرٍ موهوم ؟ ثم ما وعاء هذا الخير المزعوم ، عملٌ لم يفعله الرسول ولا صحابته ولا التابعون لهم بإحسان قروناً طويلة !! علمًا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يفرّق بين بدعة حسنة وأخرى سيئة ، بل قال : ( كل بدعة ضلالة ) !
قال الإمام مالك : ( من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة ، فقد زعم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة !! لأن الله يقول : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا ) الاعتصام للشاطبي .
بعض العلماء الذين أفتوا ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي :
• الإمام الشاطبي قال ببدعية المولد النبوي ؟ فقد ذكر بعض أنواع البدع في أول كتابه الاعتصام (1/34) ، وعدّ منها اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وذمّ ذلك .
• الإمام الفاكهاني قال ببدعية المولد النبوي ، في رسالته المفردة / 8-9 .
• والعلامة ابن الحاج المالكي في المدخل قال ببدعية المولد النبوي (2/11-12) .
• وعلامة الهند أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي قال ببدعية المولد النبوي ، وكذلك شيخه العلامة بشير الدين قنوجي الذي ألف كتاباً سماه " غاية الكلام في إبطال عمل المولد والقيام " ( انظر تعليقه على حديث : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " في سنن الدارقطني ) .
• الشيخ العلامة / أبي عبد الله محمد الحفار المالكي ـ من علماء المغرب العربي ـ : ( ليلة المولد لم يكن السلف الصالح ـ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم ـ يجتمعون فيها للعبادة ، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يعظّم إلا بالوجه الذي شرع تعظيمه ، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله ، لكن يتقرّب إلى الله جل جلاله بما شرع .. ) المعيار المعرب 7 / 99 .
• الشيخ العلامة / محمد صالح العثيمين : ( يقيمونها لأنهم كما يقولون يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويريدون إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن نقول لهم : مرحباً بكم إذا أحببتم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومرحباً بكم إذا أردتم إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن !! هناك ميزان وضعه أحكم الحاكمين وإله العالمين ، هناك ميزان للمحبة ألا وهو قول الله تعالى : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " .
فإذا كان الإنسان صادقاً في دعوى محبة الله ورسوله ، فليكن متبعاً لشريعة الله متبعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يكن متبعاً له فإنه كاذب في دعواه ، لأن هذا الميزان ميزان صدق وعدل ، إذن فلننظر هل إحداث احتفال بليلة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو من شريعة الله ؟ هل فعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ هل فعله الخلفاء الراشدون ؟ هل فعله الصحابة هل فعله التابعون لهم بإحسان هل فعله أتباع التابعين ؟ إن الجواب على كل هذه التساؤلات بالنفي المحض القاطع ، ومن ادعى خلاف ذلك فليأت به : " هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ) موقع الشيخ .
• الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي : ( ... وقالوا إن الذي ابتدع هذه الموالد وهذه الأشياء الفاطميون في مصر ، ومن مصر انتقل إلى بلاد أخرى ، وربما كان وراء ذلك أهداف سياسية معينة ! أنهم يريدون أن يشغلوا الجماهير والشعوب بهذه الموالد وهذه الاحتفالات ! حتى لا يبحث الناس في أمور السياسة ولا في أمور القضايا العامة إلى آخره ! ولذلك إذا نظرنا إلى الأمر باعتباره عبادة نقول : أنه لم ترد هذه العبادة ولم تصح ) !! قناة الجزيرة .
• الشيخ محمد الغزالي أفتى ببدعية المولد النبوي ، في كتابه ليس من الإسلام / 252 :
( والتقرب إلى الله بإقامة هذه الموالد عبادة لا أصل لها ... ومن ثمّ فنحن نميل إلى تعميم الحكم على هذه الموالد جميعاً ووصفها بأنها مبتدعات تُرفض ولا يُعتذر لها ... إن إلغاء الموالد ضرورةٌ دينيةٌ ودنيويةٌ ... وهكذا انتظم الاحتفال بليلة المولد النبوي، وليلة الإسراء والمعراج ، وليلة النصف من شبعان ، وليلة القدر، ورأس السنة الهجرية .
وقد حددت لهذه الاحتفالات تواريخ كيفما اتفق ، وجُعل البذل فيها من مظاهر التديّن !! وأحياها العوام والخواص بمزيد من الكلام والطعام ، وهكذا تكون نصرة الإسلام !! ) .
وفي الختام
وختامًا أسأل الله أن يأذنَ لهذه الورقات بالقبول عنده ، وأن يُنْتفع بها ، فإن المُنية الانتفاعُ بها ، وليس وراء القبول مُبْتغى، ولا سواه مُرْتَجى ، فاللهم إن مفزعَنَا إليك لا إلى غيرك، فثبت أقدامنا على الحق ، وبصَّرنا بأنفسنا ، ولا تجعل من عملنا لأحدٍ سواك شيئاً، والله الهادي إلى سواء السبيل ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
قال الإمام مالك : ( من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة ، فقد زعم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة !! لأن الله يقول : " اليوم أكملت لكم دينكم " ، فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا ) الاعتصام للشاطبي .
بعض العلماء الذين أفتوا ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي :
• الإمام الشاطبي قال ببدعية المولد النبوي ؟ فقد ذكر بعض أنواع البدع في أول كتابه الاعتصام (1/34) ، وعدّ منها اتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وذمّ ذلك .
• الإمام الفاكهاني قال ببدعية المولد النبوي ، في رسالته المفردة / 8-9 .
• والعلامة ابن الحاج المالكي في المدخل قال ببدعية المولد النبوي (2/11-12) .
• وعلامة الهند أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي قال ببدعية المولد النبوي ، وكذلك شيخه العلامة بشير الدين قنوجي الذي ألف كتاباً سماه " غاية الكلام في إبطال عمل المولد والقيام " ( انظر تعليقه على حديث : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " في سنن الدارقطني ) .
• الشيخ العلامة / أبي عبد الله محمد الحفار المالكي ـ من علماء المغرب العربي ـ : ( ليلة المولد لم يكن السلف الصالح ـ وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم ـ يجتمعون فيها للعبادة ، ولا يفعلون فيها زيادة على سائر ليالي السنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يعظّم إلا بالوجه الذي شرع تعظيمه ، وتعظيمه من أعظم القرب إلى الله ، لكن يتقرّب إلى الله جل جلاله بما شرع .. ) المعيار المعرب 7 / 99 .
• الشيخ العلامة / محمد صالح العثيمين : ( يقيمونها لأنهم كما يقولون يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويريدون إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونحن نقول لهم : مرحباً بكم إذا أحببتم النبي صلى الله عليه وسلم ، ومرحباً بكم إذا أردتم إحياء ذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن !! هناك ميزان وضعه أحكم الحاكمين وإله العالمين ، هناك ميزان للمحبة ألا وهو قول الله تعالى : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " .
فإذا كان الإنسان صادقاً في دعوى محبة الله ورسوله ، فليكن متبعاً لشريعة الله متبعاً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يكن متبعاً له فإنه كاذب في دعواه ، لأن هذا الميزان ميزان صدق وعدل ، إذن فلننظر هل إحداث احتفال بليلة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو من شريعة الله ؟ هل فعله النبي صلى الله عليه وسلم ؟ هل فعله الخلفاء الراشدون ؟ هل فعله الصحابة هل فعله التابعون لهم بإحسان هل فعله أتباع التابعين ؟ إن الجواب على كل هذه التساؤلات بالنفي المحض القاطع ، ومن ادعى خلاف ذلك فليأت به : " هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ) موقع الشيخ .
• الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي : ( ... وقالوا إن الذي ابتدع هذه الموالد وهذه الأشياء الفاطميون في مصر ، ومن مصر انتقل إلى بلاد أخرى ، وربما كان وراء ذلك أهداف سياسية معينة ! أنهم يريدون أن يشغلوا الجماهير والشعوب بهذه الموالد وهذه الاحتفالات ! حتى لا يبحث الناس في أمور السياسة ولا في أمور القضايا العامة إلى آخره ! ولذلك إذا نظرنا إلى الأمر باعتباره عبادة نقول : أنه لم ترد هذه العبادة ولم تصح ) !! قناة الجزيرة .
• الشيخ محمد الغزالي أفتى ببدعية المولد النبوي ، في كتابه ليس من الإسلام / 252 :
( والتقرب إلى الله بإقامة هذه الموالد عبادة لا أصل لها ... ومن ثمّ فنحن نميل إلى تعميم الحكم على هذه الموالد جميعاً ووصفها بأنها مبتدعات تُرفض ولا يُعتذر لها ... إن إلغاء الموالد ضرورةٌ دينيةٌ ودنيويةٌ ... وهكذا انتظم الاحتفال بليلة المولد النبوي، وليلة الإسراء والمعراج ، وليلة النصف من شبعان ، وليلة القدر، ورأس السنة الهجرية .
وقد حددت لهذه الاحتفالات تواريخ كيفما اتفق ، وجُعل البذل فيها من مظاهر التديّن !! وأحياها العوام والخواص بمزيد من الكلام والطعام ، وهكذا تكون نصرة الإسلام !! ) .
وفي الختام
وختامًا أسأل الله أن يأذنَ لهذه الورقات بالقبول عنده ، وأن يُنْتفع بها ، فإن المُنية الانتفاعُ بها ، وليس وراء القبول مُبْتغى، ولا سواه مُرْتَجى ، فاللهم إن مفزعَنَا إليك لا إلى غيرك، فثبت أقدامنا على الحق ، وبصَّرنا بأنفسنا ، ولا تجعل من عملنا لأحدٍ سواك شيئاً، والله الهادي إلى سواء السبيل ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين