اليمن_تاريخ_وثقافة
10.5K subscribers
141K photos
348 videos
2.17K files
24.5K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
#اليمن_تاريخ_وثقافة

صفحات منسية من تاريخ حرب ظفار: قتيل مظلوم يحيى في كتاب

محمد عبدالله العليان *

” إننا ندرس التاريخ ليس لإثارة الضغائن و لكن كي نتعلم منه الدروس”.
الرئيس الصيني السابق (هو جنتاو)

في 3 سبتمبر 2005 في خطاب للشعب بمناسبة ذكرى احتلال اليابان للصين (1)

انتقلت منى بنت احمد جمعان الراعي الى رحمة الله منذ مدة بعد صراع مع مرض السرطان. خلفت و رائها أمها الصبورة و شقيقتها الصغرى( أم احمد) و زوجها و أبناء و بنات. يجمعنا هي و أنا كتيب ألفته هو( ذكرى السنبوق: توثيق طريقة حياة ) الذي نشرته الجمعية التاريخية العمانية باللغتين العربية و الانجليزية عام 2006 ليوافق عام تسمية مدينة مسقط عاصمة للثقافة العربية. و قد أهديت الكتيب الى ذكرى والدها الربان الراحل احمد بن جمعان الراعي ربان فرضة طاقة المشهور بأحمد الشقر. و قد سألتني ابنته الصغرى( أم احمد) التي لم تره قط لماذا أهديت الكتاب إلى والدي؟ لماذا والدي؟ قلت لها آنذاك سأجيبها يوما ما على سؤالها و في خاتمة هذه المقالة الطويلة تجد هي و تجدون انتم الجواب.

لقد كان وراء هذا الإهداء ذكرى طفولة و مأساة من مآسي حرب ظفار العديدة.

في سبتمبر عام 1968 في مؤتمر حمرير عند نبع ماء قريب من ريثوت في المنطقة الوسطى من جبال ظفار عقدت جبهة تحرير ظفار مؤتمرها الثاني . و قد خرج المؤتمرون بتوصيات من بينها توصيتين خطيرتين (بل هما الأخطر) سيكون احمد بن جمعان الراعي من بين أول ضحاياهما في طاقة و ظفار الطبيعية. القرار الأول كان تبني الاشتراكية العلمية نهجا فكريا للثورة التي استعرت عام 1962 على أساس قومي عربي غايتها انتزاع ظفار من نير السلطان سعيد بن تيمور الذي اتسم بالقسوة و الإعراض عن معاناة السكان و الغاية الأخرى إخراج البريطانيين من قاعدة صلالة الجوية . الاشتراكية العلمية هو الاسم الذي أطلقه انجلز على نظرية ماركس بغية إضفاء صفة العلمية على النظرية الماركسية رغم ان ماركس نفسه لم يصف نظريته بأنها علمية. على كل حال فإننا نعرف ان النظرية الماركسية نظرية مادية بحتة بكل ما في الكلمة من معنى فهي تعتمد على فهم حركة التاريخ كصراع طبقي على ما اسماه ماركس بالمادية الجدلية (أو الديالتيك المادي) بمعنى ان الطبيعة ( بما فيها البشر) في غير حاجة إلى خالق أو اله لأنه لا شي هناك غير المادة نفسها التي جدليتها ذاتية. فإذا عندما نقول الاشتراكية العلمية فإننا بتعبير ابسط نعنى الشيوعية.
نعرف طبعا ان الشيوعية كانت تميل الى الديكتاتورية التي لا تترد في إهدار الحياة البشرية مع استثناءات قليلة. فالرفيق ستالين (ثاني قائد للاتحاد السوفييتي بعد موت لينين) اعدم 20 مليون فلاح سوفييتي في سبيل ما اسماه بالإصلاح الزراعي! الثورة الثقافية في الصين في عهد الرفيق ماو تسي تونج قتلت 40 مليون صيني بما فيهم الذين كانت عندهم مكتبات خاصة! الخمير الحمر في كمبوديا قتلوا مليوني مواطن بما فيهم من يضع النظارات الطبية ! القرار الثاني الذي اتخذه مؤتمر حمرير كان استحداث لجنة أمنية مع لائحة داخلية تقرر أحكام الإعدامات و مصادرة الأموال بحق من يرتكب الخيانة العظمى و عرفتها اللائحة الداخلية ” بالتعامل مع الحكومة و الإدلاء بمعلومات للحكومة تؤدي الى قتل مقاتل أو مواطن”. لكن هذا التعريف لم يلتزم به قط و لم تجرى أي محاكمات مرعية للقواعد السليمة. لم يكن نظاما امنيا على أسس استخبارات صحيحة و إنما كان نظاما يعتمد على الوشايات و استغل لتصفية و تغييب كل من بدرت منه أدنى معارضة لنهج الجبهة الجديد. فتدحرجت الرؤوس البريئة و بدأت القبور المجهولة تنكت في تربة الجبل من شرقه الى غربه. و بدأ الشعب الذي حضن الجبهة يخافها على نفسه و دينه. لقد كان القراران بحق بداية النهاية للثورة التي اتخذت بعد مؤتمر حمرير (عام 1968) اسما جديدا هو الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل ثم (عام 1970) الاسم الجبهة الشعبية لتحرير عمان و الخليج العربي المحتل ثم (عام 1974) الاسم الجبهة الشعبية لتحرير عمان، و قصد بعمان في الاسم عمان التاريخية التي كانت تشمل رؤوس الجبال ( مسندم) و ساحل عمان (دولة الإمارات حاليا). كان احمد بن جمعان الراعي ربان سنبوق جمارك فرضة طاقة هذا الرجل البسيط الذي ليس له احد يذب عنه شبح الإعدام و الذي كان لا يريد إلا ان يعف نفسه و يسعى على عياله و يعبد ربه كان سيكون من أول ضحايا سياسة الإعدامات سيئة الذكر . اقتيد من بيته المتواضع بالليل الى الجبل حيث قتل و دفن في قبر مجهول. لم يعد أبدا. كان ذلك في أواخر عام 1968 بعد ذلك المؤتمر المشئوم. و إني أتصوره الآن و هو يمشي أمامهم في ظلام الليل الى حيث سيقتل أتصوره يفكر في ابنته الصغيرة منى و زوجته الحامل اللتان تركهما ورائه. و أتصوره و هو واقف عند قبره أتصوره يفكر فيهما من سيكون لهما من بعده. وقف وحيدا و قد أدار ظهره للعالم و لم يبقى في فكره إلا زوجه و بنته، أغلى ما ملك من دنيانا الفانية. كان إعداما سريا فلم يشهد احد الإع
دام غير الذين أعدموه و لا شك عندي انه عندما واجه البنادق التي ستقتله نطق شهادة الحق :اشهد ان لا اله إلا الله و اشهد ان محمدا رسول الله. أتصور زوجته و ابنته ينتظرانه ان يدخل من الباب عائدا إليهما. لكن الانتظار طال فلم يعد أبدا. و انتقلت الزوجة المفجوعة و ابنتها التي لا تدري أين أبوها انتقلت الى عند أخيها في صلاله.
ما زال بيته المتواضع مهجورا في طاقة شاهدا على مأساة لن تكون الأخيرة في تاريخ الجبهة. فقد اعدم من طاقة وحدها 12 بينهم ثلاث نساء (2) و اعدم من جبل طاقة وحده 47 اغلبهم من قبيلة بيت المعشني كريمة المحتد و كان على رأس المعدومين الشيخ محمد بن سالم فنخار المعشني شيخ عام بيت المعشني عضو اللجنة المركزية للجبهة و قائد المنطقة الشرقية الذي قاد في سبتمبر 1970 انشقاقا عن الجبهة احتجاجا على عدم مراعاتها الشعائر الإسلامية و احتجاجا على تجنيد النساء و احتجاجا على برنامجها التثقيفي لشرح المفاهيم الماركسية للسكان. و عقد وفد من قيادة الجبهة مع المنشقين بقيادة سالم بن مبارك المعشني القائد العسكري للمنطقة اجتماعا للصلح في وادي دربات كان من بين عقوده التوقف عن كل نشاط أيديولوجي و احترام الشعائر الإسلامية و كشف اللوائح الداخلية. و لم تفي الجبهة بالعهد فأنحاز سالم مبارك و طائفة معه الى صف حكومة صاحب الجلالة السلطان قابوس و شكلوا أول فرقة وطنية، فرقة صلاح الدين، للقتال الى جانب الجيش. و الذين بقوا في الجبل من حركة الانشقاق تم إعدامهم جميعا. ثم توالت الانشقاقات أفرادا تلو الأفراد و تشكلت فرقة خالد بن الوليد من المنشقين من بيت المعشني. و بحلول عام 1974 لم يبقى من مقاتلي الجبهة سوى 600 مقاتل فقط و لم يتجند فيها مقاتلون جدد.

و كان صاحب الجلالة السلطان قابوس عندما تولى مقاليد الأمور في السلطنة في يوليو 1970 قد أعلن عفوا عاما عن الثوار و وقفا لإطلاق النار من جانب واحد بغية إجراء مفاوضات مع الجبهة التي رفضت العرض. اضطر رفض قيادة الجبهة عرض التفاوض حكومة السلطنة إلى الخيار العسكري لحسم الصراع فرفعت عدد القوات المسلحة من 4000 عسكري الى 15 ألف و عززت مدفعية سلطان عمان ببطاريات جديدة و اقتنت لأول مرة مروحيات (بل) طراز (هيوي) لإبرار الجنود و المؤن و العتاد و إخلاء الجرحى. و انتقلت من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم التي استغرقت خمس سنوات (منذ عام 1970 شاركت في هذه المرحلة تجريدة من القوات البريطانية الخاصة SAS لا يزيد عددها على 80 عسكريا يتم تبديلهم كل ثلاثة أشهر بتجريدة أخرى قوامها العدد نفسه يلحق أفرادها بالفرق الوطنية، و شارك منذ عام 1973 ثلاث كتائب من الجيش الأردني كتيبتي قوات خاصة و كتيبة هندسة، و لواء مظليين إيراني مدعوم بالمدفعية و الطائرات المروحية كما رابط سرب من طائرات الفانتوم F-4 الإيرانية في قاعدة مصيرة الجوية و سرب آخر في قاعدة ثمريت الجوية و شارك هذا السرب الأخير إلى جانب قاذفات سلاح سلطان عمان الجوي (تم تغيير هذا الاسم عام 1998) في غارات جوية عامي 1974-1975 و عام 1976 على مواقع تابعة للجبهة داخل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الاشتراكية (اليمن الجنوبية) في مدينة حوف الحدودية و على مواقع تابعة للواء المشاة اليمني في كل من حوف و جادب و دمقوت و حضاب. كما حلقت هذه الطائرات فوق مدينة الغيضة لكن بدون ان تغير.انتهت هذه الغارات في أكتوبر 1976 باتفاقية لوقف إطلاق النار عبر الحدود الدولية بين السلطنة و جارتها برعاية المملكة العربية السعودية. قد أعرج على ملابسات هذه الغارات الجوية في مقال لاحق منفصل)(3).

كانت أول عملية كبرى في مرحلة الهجوم هي العملية جاجوار(أسد الجبل) حيث اجتمع في ثمريت ألف جندي من الجيش و فرقتين وطنيتين احدهما فرقة خالد بن الوليد و تجريدة من القوات البريطانية الخاصة قوامها 80 عسكريا نقلوا بالسيارات حتى سفح الجبل من جهة الشمال و كانت تلك مفاجأة تكتيكية حيث أنها المرة الأولى التي يشن فيها الجيش هجوما من الشمال في هذا القاطع في حين كانت كل هجماته في العهد السابق تتم من الجنوب من السهل الى الجبل. كما شنت كتيبة أخرى من الجيش هجوما لصرف الأنظار باتجاه منطقة طوي آعتير من الشرق من جهة مرباط. و قامت بطاريات مدفعية سلطان عمان التي تم نشرها في سهل الخدور في طاقة بإسناد القوات في الميدان الى جانب قاذفات (سترايك ماستر) النفاثة. و قد نجح الهجوم في تأسيس مركز جبجات و مركز مدينة الحق (خصال سابقا) حيث لأول مرة احتفظت قوات السلطان المسلحة بوجود دائم في الجبل في حين جرت العادة في العهد السابق على الانسحاب الى صلاله عند حلول الخريف . و كان صاحب هذه الفكرة كل من سالم مبارك المعشني رحمه الله و محمد سعيد قطن اللذان اقنعا قائد لواء ظفار آنذاك البريجادير مايك هارفي (هو نفسه الذي وضع إجراءات طوارئ ظفار في عهد السلطان سعيد بن تيمور عندما كان قائدا لكتيبة الحدود الشمالية، ضابط معار حسب اتفاقية عام 1958 العسكرية بين السلطنة و بريطانيا. قد أعرج في مقال
لاحق منفصل على ملابسات هذه الاتفاقية) أقنعاه بأنه ما لم تحتفظ الحكومة بمواقع على مدار العام في الجبل فلن يتمكن السكان من التحرر من خوف انتقام الجبهة و بالتالي الانضمام الى صف الحكومة. و يفصل اللواء (توني جبز) الذي خدم مرتين في ظفار قائدا لتجريدة القوات البريطانية الخاصة يفصل هذا اللقاء الفارق في تاريخ حرب ظفار في كتابه الشائق ( اس ئى اس : عملية عمان) كما يذكر انه في هذا الاجتماع ولد اسم فرقة صلاح الدين و هو اقتراح سالم بن مبارك رحمه الله. و كان هذا الهجوم الناجح الخطوة الأولى الكبرى نحو هزيمة الجبهة عسكريا في 2 ديسمبر 1975 بسقوط قرية ضلكوت بدون مقاومة (في 11 ديسمبر 1975 أعلن صاحب الجلالة السلطان قابوس النصر في خطاب أمام جموع المواطنين الغفيرة في ميدان الفتح و اتخذ تاريخ هذا الإعلان يوما سنويا للقوات المسلحة).

من المفارقات ان اللجنة التي شكلتها قيادة الجبهة في عدن للتحقيق في أسباب الهزيمة خلصت الى ان السبب الرئيس هو عدم قيام حزب ماركسي لينيني داخل الجبهة! و كانت الجبهة في مؤتمرها الثالث في رخيوت عام 1971 قد أقرت توصية سرية بإنشاء حزب ماركسي لينيني سري داخل الجبهة لا ينضم إليه إلا من وصل الى مستوى مقبول من فهم الأفكار الماركسية. و ذكر لي رجل كريم من الكثير (قبيلة عربية يعود أصلها الى قبيلة همدان اليمانية) ذكر لي انه بعد انشقاق سبتمبر 1970 و ما تلته من إعدامات استحرت في بيت المعشني الكرام في جبل طاقه سرت في الجبل كله شائعة ان الجبهة شيوعية فلما زارهم احد القادة الميدانيين و هم في سهل ( إتين) سأله هذا الرجل بأننا سمعنا ان الجبهة شيوعية فكان رد القائد ” ان الشيوعية أشعت بالنور و العدالة”! و لم يدر انه لم يبقى من عمرها القصير في العالم إلا 20 عاما فقط حيث انهارت عام 1990 في عهد جورباتشوف انهيارا ذريعا( مفاجأ و غير متوقع) تفكك على أثره الاتحاد السوفييتي الى دول غير شيوعية بما فيها روسيا و تخلت جميع دول أوروبا الشرقية عن الشيوعية اثر انهيار سور برلين. و إني لأذكر تلك الرسالة التي بعثها إلي من الولايات المتحدة احد أساتذتي في جامعة توليدو الدكتور الراحل (كرومباك) الذي درست على يديه مساقين مهمين في الإعلام يقول لي فيها: “هل تصدق ما يحدث ؟ هل كان احد يتخيل ان تنهار الشيوعية في زماننا؟” لقد انهارت فعلا و لم تبلغ بعد عامها الثمانين و تم إخراج جثمان لينين المحنط من قبره الزجاجي في سور الكرملين حيث اعتاد السوفييت ان يقفوا كل يوم في طوابير من اجل رؤيته أخرجوه الى قبر مجهول (من المفارقات ان اللجنة الرسمية التي كانت تشرف على الجدث المحنط كانت تسمى لجنة الخلود!) و أصبحت كتاباته، أي لينين، التي كانت مقدسة كائنا منقرضا. و كانت الجبهة قد أسمت احد وحداتها العسكرية بوحدة لينين و أسمت مدرستها في مدينة الغيضة اليمنية بمدرسة لينين ( تم لاحقا تغيير الاسمين باسم المرحوم علي مسعود القائد العسكري لقوات الجبهة (جيش التحرير الشعبي) الذي قضى في معركة مرباط 29 يوليو 1972. كما اتخذت الجبهة قرارا متأخرا جدا(عام 1973) بوقف سياسة الإعدامات لكن سبق السيف العذل كما يقول المثل العربي)(5).


لم اعد أره. لم اعد أره على ساحل الفرضة. لم اعد أره في السنبوق جالسا في المؤخرة يدير الدفة. لم أعد أره قائما يصلي العصر على رمل الشاطئ. لم اعرف انه اعدم في الجبل إلا بعد حين. بعد حين فعلا. و قد أحزنني الخبر و ظل يحي في نفسي ذكراه دائما. كان رفيق الوالد حيث كان والدي الراحل عبدالله بن عبدالرحمن بن علي العليان مأمورا لجمرك فرضة طاقة ( خدم في جمارك ظفار 36 عاما منها سبعة أعوام في عهد صاحب الجلالة السلطان قابوس حيث بلغ سن التقاعد عام 1977). رحل في ظلمة الليل و لم يعد، احمد بن جمعان الراعي. اذكر مساء يوم بعد العصر جاء الى البيت، أي احمد بن جمعان، البيت الذي كنا نسكنه ( دار الشيخ عيسى بن احمد المعشني رحمه الله و رفع درجته خال صاحب الجلالة السلطان أخو أمه السيدة الجليلة ميزون بنت احمد المعشني نور الله مرقدها ). رآني أي احمد بن جمعان في النافذة فقال: يا محمد هل أبوك في البيت ؟ نزل إليه الوالد و سارا معا و أنا خلفهم غلام لم ابلغ الثامنة بعد سرنا الى الفرضة لتفقد سنبوق الجمرك خشية ان يصله مد بحر الخريف فيجرفه و كان ذلك في بداية الخريف. مررنا بالسوق ثم بمسجد الشيخ العفيف ثم سرنا في الطريق بين بئر حمدان الشكيلي رحمه الله و بئر ضبية ثم رأينا مبنى الفرضة يحفه ضباب الرياح الموسمية الجنوبية الغربية و ضباب البحر الهائج. انتظارا للموسم القادم عندما ينتهي الخريف و تبدأ المراكب العمانية في الوصول مرة أخرى الى فرضة طاقه و فرض ظفار ( الفرضة بضم الفا و تسكين الراء هي محطة السفن بالعربية الفصحى).

أذكر انه عندما هممنا ان نقفل لاحظت بطرف عيني شيئا ابيضا في جفاء المد. شيئا لم أره من قبل في حياتي قط: مضخة إبرة، syringe، فتناولتها و أنا أتأملها، ما هذا الشيء؟ لكن لم اعرف ما هو إلا بعد ان تولى جلالة السل
طان قابوس مقاليد الأمور في السلطنة فافتتحت العيادات في البلدات خارج صلاله منها عيادة طاقه فعرفت ماذا كان ذلك الشيء الذي وجدته ذلك اليوم على ساحل الفرضة. حملتها و اتخذتها لعبة فلم يكن لدينا وقتها العاب أطفال مثل اليوم بل كنا نصنع ألعابنا بأنفسنا! لذا من نافلة القول أني كلما رأيت مضخة إبرة أتذكر احمد بن جمعان نور الله مرقده المجهول. قبر مجهول لكن ليس بمجهول عند الله . بعد ذلك الخريف ربما في أكتوبر أو نوفمبر 1968 أرخى الليل سدوله و اختفى. لم أره بعدها قط. ذهب ضحية وشاية قاتله.


كان الوالد رحمه الله عبدالله بن عبدالرحمن العليان مرشحا ممتازا للإعدام. فهو مأمور جمرك الفرضة و احمد بن جمعان موظف عنده (انظر2 في الهامش). فهو إذا يتعامل مع الحكومة. لكنه لم يدلي بمعلومات تسببت في قتل مواطن أو مقاتل. لم يكن هذا طبعه كان رجلا أمينا صدوق اللسان كثير التوجه إلى الله ( و لا أزكيه على الله ). لكن كانت هناك عدة عوامل درأت عنه شبح الإعدام سرا في الجبل أولها ان خالي اخو أمي كان قياديا في المنطقة الشرقية التي تتبعها طاقه في تنظيم الجبهة. ذكر لي والدي مرة انه لولا ان الله قيض له خالي لكانت الجبهة قد أعدمته. نعم كان والدي مأمورا على جمرك فرضة طاقة و موظف قديم في جمارك ظفار(منذ عام 1942) لكنه كان أيضا لا يأخذ أي ضريبة جمركية على أمتعة المسافرين الأفراد الذي كانوا يرجعون من الخليج إلى ذويهم في الجبل و طاقه. كان يأخذ العشور على بضائع التجار. أسر لي بعدها بسنين و قد انتقلنا إلى صلاله في سنة من السنين بعد عام 1981 انه لما زاد عدد المعدومين من طاقه بعث مع رسول من سكان الجبل برسالة إلى الشيخ محمد بن سالم فنخار رحمه الله ( اعدم أواخر عام 1970 في منطقة حوف المدينة اليمنية الحدودية التي كانت فيها قواعد الجبهة الخلفية) رسالة مفادها انه إذا كانت الجبهة لا تريدني ان اعمل في جمرك الفرضة فسأترك هذا العمل. كان جواب الشيخ محمد: من أزعج هذا الرجل في بيته؟ عامل آخر انه بعد تطبيق حكومة السلطنة و قوات السلطان المسلحة العاملة في ظفار (إجراءات طوارئ ظفار ERD) بعد مؤتمر حمرير (انظر الوثيقة المرفقة) بعد ان اقرها السلطان سعيد بن تيمور و كان من بينها تقنين وصول الطعام من مدن الساحل إلى الجبل (كان هذا الإجراء القاسي فعلا شبه حصار اقتصادي على سكان الجبل الذين كان اغلبهم مدنيين و ليسوا مقاتلين في صفوف الجبهة). بعدها بسنة في آخر الموسم جاءت سفينة صديقه الربان الصوري الراحل محمد بن عبدالله الغيلاني رحمه الله من عدن بشحنة 200 كيس زنة خمسين كيلوجراما من طحين القمح الأبيض طعمها قار بسبب قرب انتهاء صلاحيته فسمح له والدي بإنزال الحمولة و بيعها. و باع التجار الحمولة كلها عند الساحل و ظل الناس يشترون حتى دخول الليل بل حتى إلى ما بعد صلاة العشاء مواطنون من المدينة و من الجبل. بيع من فوره على ساحل الفرضة قبل ان يصل إلى الدكاكين. أسمى الناس الخبز الذي خبز منه ( يويو مني) التي تعني باللغة الشحرية : كم أنا مسكين! حينها قال الشيخ محمد بن سالم في الجبل: ان بن عليان أنقذ امة من الهلاك. الوشاية التي وصلت إلى السلطان سعيد بن تيمور ان بن عليان أمر بإنزال شتى صنوف الأطعمة بما في ذلك الأناناس المعلب و أكياس السكر و قطع البسكويت و غيرها! و ان اغلب هذه الأطعمة قد وصلت إلى الجبل (الترجمة: وصلت إلى الثوار). صحيح وصل الطحين إلى الجبل. لكن لم يكن هناك من أطعمة سواء ذلك الطحين القار طحين (يويو مني)! استدعاه السلطان سعيد بن تيمور إلى الحصن و وضعه قيد الإقامة الجبرية في منطقة الحصن شهرا. أذن له مرة واحدة ان يصعد إلى صلاله لزيارة أمه المريضة نور بنت عامر مرعي الشنفري التي كانت تعيش مع أخيها (جدي خال أبي ) الشيخ فرج من سعيد الكتيني الرواس طبيب الأعشاب المشهور و احد وجهاء ظفار المعدودين رحمه الله. بشرط ان يعود إلى الحصن قبل حلول الظلام. و خلال هذه الزيارة قدمت خالاته للسلام عليه و سؤاله عن حبسه خالته (جدتي) أم السعد و خالته (جدتي) طفلة رحمهما الله. بعد شهر أذن له السلطان سعيد بالعودة إلى عمله في طاقة. و كانت قد سرت شائعة في صلاله تناقلتها الألسن في طاقه ان السلطان سعيد قرر إرسال والدي إلى سجن قلعة (كوت) الجلالي في مسقط، باستيل عمان، و لما سمعت بهذا الكلام صدمت و اعتراني حزن لم يسكن حتى رجع ألينا بعد شهر. بعد إنزال ذلك الطحين و إقامته الجبرية في الحصن لم يعد احد يريد ان يعدم هذا الرجل الذي قال عنه الشيخ محمد بن سالم فنخار قائد المنطقة الشرقية عضو اللجنة المركزية للجبهة حينها ” انه أنقذ امة من الهلاك”. العامل الأخير هو ان باب دار الشيخ عيسى بن احمد بن علي تمان المعشني رحمه الله التي كنا نسكنها كانت مستقبلة حصن حامية طاقة تماما ليس بين بابها و بين الحصن سوى شجرة تين بري ( ما زالت قائمة ) و بضعة أمتار. أي ان بابها كان في مرمى بنادق الحراس تماما. و هو الباب الذي كان يحكم إغلاقه بعد المغرب مباشرة و يسده بعد ذلك
بأكياس رمل حصل عليها من الجيش. و اذكره هو و أحد الخدم كل ليلة بغد المغرب يسدان نوافذ البيت بأكياس الرمل لاتقاء الرصاص عند حصول هجمات على حصن الحامية. و كان رحمه الله لا يخرج من البيت بعد صلاة المغرب و يصلى العشاء و الفجر في المنزل. و كان يذهب صباحا إلى مبنى جمرك فرضة طاقه على الساحل و معه بندقيته فقد كان الموظف الوحيد ثم يحضر لا حقا احد عسكر الحصن (كان حينها الشيخ ماجد بن مصبح المعمري رحمه الله واليا على طاقه (1966-1970) و قد جمعته بالوالد صحبة. كان قبلها واليا على رخيوت (1958-1966) و بذلك أنجاه الله من موت محقق إذ عندما استولت قوات الجبهة على رخيوت عام 1968 أعدمت واليها بتهمة ” العمالة للاستعمار”! بالمناسبة الشيخ ماجد رحمه الله كان آخر والي عماني على مقاطعة جوادر (1948-1958). ” لما كنت خائفا على نفسك من الإعدام لماذا إذا لم تهاجر إلى صلاله حيث أقربائك و رحمك ؟” سألته ذات يوم بعد سنوات طويلة فقد كان يفضي لي بأسراره و مكنونات صدره. فكان جوابه: “خشيت ان اترك لأولادي من بعدي سمعة يعايرهم بها الناس بان والدهم قد هرب”!
ربما يمكنني الآن ان أجيب على سؤال ابنته فاطمة (أم احمد ): لقد أهديت الكتاب إلى ذكرى والدها الراحل احمد بن جمعان الراعي حتى تبقى ذكرى هذا الرجل الذي لم يكن له ظهر يلجأ إليه يذب عنه الإعدام حتى تبقى ذكراه دائمة لا تموت لان من قتلوه ظنوا أنهم بقتله قد أماتوا ذكره كذلك : فلتدم إذا ذكرى الإنسان الضعيف الذي قتل ظلما لضعفه فلتدم ذكراه مباركة ما دام الكتاب باق و يقرأ حتى نعلم جميعنا ان المعاملة الانتقائية نوع من الظلم و انتقاء الضعيف اشد أنواع هذا الظلم فكيف إذا كانت المعاملة، في هذه الحال القتل (الإعدام)، نفسها ظلم لأنها مبنية على وشايات أو وشاية لم تقم عليها قرينة أو قرائن بينة ينتفي معها الشك ؟ فهل حقق كتيب (ذكرى السنبوق: توثيق طريقة حياة) غاية الإهداء؟ هذا يجيب عليه كل من بلغه الكتاب و ان كان الجواب بنعم جوابا لا يجافي الحق. و لتمحيض النية فإنني لم استفد ريالا واحدا من الكتاب فقد تنازلت عن حقوقه للجمعية التاريخية العمانية التي باعت النسخة الواحدة بريال و نص الريال. و قد نفذت الطبعة الأولى، ألف نسخة. و تم إصدار طبعة ثانية، ألف نسخة أخرى، اشترت منها وزارة التربية و التعليم ثمانمائة نسخة لمكتبات مصادر التعلم في المدارس. تم إهداء نسخ لمدرسة حطين الثانوية في طاقة و لمكتبة المديرية العامة للتراث و الثقافة في صلاله و لمكتبة جامعة توليدو (الولايات المتحدة الأمريكية) و لمركز السلطان قابوس الثقافي في العاصمة الأمريكية واشنطن.

لم يعد احمد بن جمعان قط إلى طاقه بعد تلك الليلة المظلمة. و كلما مررت بمنى جمرك الفرضة على طريق طاقه البحري (الكورنيش) يهيج ذكره في نفسي. كنت دائما و لا زلت مع الضعيف و المظلوم. مع ملح الأرض من الكادحين البسطاء و المساكين الذين حب المسلمين منهم قربى إلى الله تبارك و تعالى نفسه حيث كان رسول الله يقول في دعائه كما صح عنه صلى الله عليه و سلم: اللهم أسألك فعل الخيرات و ترك المنكرات وحب المساكين. و انه لمن المفارقات الصارخة ان تنفذ جبهة تتبنى رسميا الاشتراكية العلمية ( عقيدة الطبقات الكادحة بزعم الشيوعيين) إعدامات واسعة النطاق يكون اغلب ضحاياها من الكادحين و ان تسمي هذه الجبهة نفسها شعبية و في الوقت نفسه تذل الشعب بالخوف من الإعدامات. و اذكر مؤخرا أني وقعت في كتاب باللغة الانجليزية عن تاريخ عمان البحري ( كتاب بتجليد فاخر و صفحات من القياس الكبير) وقعت على صورة هذا السنبوق (انظر الصورة النادرة المرفقة مع المقال) الذي كان الراحل احمد بن جمعان ربانه فحلقت عيناي بالدمع و ذكرت أبيات للصمة قالها عندما رحل عن مضعن أحبابه فتصرفت فيها فقلت:

أمن ذكر سنبوق بطاقة أصبحت
به عاصفات الصيف بدأ و رجعا
حننت إلى احمد و الغدر باعــد
مزاره عنك و قلبيكما معــــــــــــا
و اذكر أيام الصرب ثم انثنــي
على كبدي خشية أن يتصدعــــــا
و ليست عشيات الصرب عليك
رواجع و لكن خل عينيك تدمعـــا

+ اهدي هذا المقال إلى طيار (طائرة النقل السكاي فان Skyvan) البريطاني (جون ماركوز) الذي أبدى بادرة لطف فريدة (و غير متوقعة) نحو صبي على متن طائرته المتوجه من مدرج سطح الخدور في طاقة إلى صلاله هو هذا الكاتب لما اصطحبه أبوه للعلاج من التهاب قزحية العين المزمن (التهاب يفضي إلى العمى) إلى المستشفى الذي افتتح حديثا في صلاله.

• إعلامي عماني في الإذاعة و التلفزيون منذ عام 1977، عضو الجمعية التاريخية العمانية OHA ،عضو الرابطة الدولية للكتاب العمليين ISWA، عضو الرابطة البريطانية للكتاب العلميين BSWA
(1) وقعت على هذه الجملة في نص خطابه الذي نشرته جريدة ديلي شانيا، Daily China، الرسمية الناطقة بالانجليزية و أنا على متن طائرة للخطوط الجوية الصينية في رحلة من دبي إلى بكين مع الشيخ خليفة بن جحوم اليافعي الداعية العماني الراحل و جماعة من آهل الدعوة في رحلة دعوية إلى
بعض مناطق المسلمين في الصين.

(2) قائمة المعدومين من طاقه (1968- 1970):

1- احمد بن جمعان الرعي ( شهرته احمد الشقر)
2- بخيت بن مستهيل العمري (والد الشيخ عوض بن بخيت العمري رحمه الله ابن خالة صاحب الجلالة السلطان قابوس حفظه الله و رعاه)
3- احمد بن محمد آجهام
4- عبدالله بن علي صواخرون ( شهرته عبدالله الصومالي)
5- السيد محسن بن علي بن محسن آل حفيظ
6- جمعة بنت سالم بن سعيد الشب
7- سيلام بن إيتاع
8- سعيد ين مسعود معاطان المعشني
9- سعيدة بنت سعد
10- الصرب بنت مستهيل بامعالق
11- سعيد بن عوض بن سالم الشب ( شهرته وشاعه)
12- سعد بن عنيدوه ( مملوك الشيخ علي بن محاد عوبد المعشني )

(3) شارك في هذا الجهد كذلك و لكن على نطاق محدود جدا (بالترتيب) كل من: دولة الإمارات العربية المتحدة، السعودية، باكستان، الهند، الولايات المتحدة الأمريكية ( قد أعرج على هذه المشاركات في مقال لاحق).

(4) لم تكن الهزيمة ناجمة عن نقص في بسالة الثوار أو ضعف في مهارتهم التكتيكية (بيد ان الجبهة بشهادة المراقبين نقصتها ستراتيجية عسكرية) فقد كانوا أفضل رجال حرب عصابات عرفهم العالم في تاريخه الحديث و شهد بجلدهم و بشجاعتهم منقطعة النظير و ببراعتهم التكتيكية الأعداء (بما فيهم الضباط البريطانيين أنفسهم) قبل الأصدقاء. بل ان اللواء (كوران بوردون) الذي قاد قوات السلطان المسلحة فترة (1967-1970) (ضابط معار) كتب عنهم قائلا في مذكراته: ” إنهم رماة بارعون. و المهارة الميدانية لهذا العدو الجبلي لم أرى مثلها قط طوال خدمتي (العسكرية) كلها” كتاب List The Bugle، ص 192. و هي لعمري شهادة ذات وزن إذا أخذنا في الاعتبار ان الشاهد قاتل أثناء الحرب العالمية الثانية في صفوف الكوماندوز البريطاني و شارك في الغارة الشهيرة على الحوض الجاف التي تستعمله البحرية الألمانية في (سانت نيزير) على ساحل فرنسا و أصيب أثناء هذه الغارة الناجحة و وقع في أسر القوات الألمانية و منح نظير شجاعته، بعد تحريره من الأسر على يد قوة أمريكية، وسام الصليب العسكري MC (وسام الشجاعة الذي يقلده قائد رفيع في الجيش البريطاني و ليس الملكة، وسام الشجاعة الذي تقلده الملكة فقط هو الصليب الفكتوري VC). كما انه قاد القوات البريطانية في حربها الناجحة في سرواك ( جزء من ماليزيا حاليا) ضد الثوار الماويين و قاد لاحقا، حتى تقاعده، القوات البريطانية في الشرق الأدنى. خسارة الجبهة الحرب لها عدة أسباب رئيسية ليس هنا موضع بسطها لكني قد ابسطها في مقال لاحق. لكن من نافلة القول ان أهمها: تولي صاحب الجلالة السلطان قابوس السلطنة و إطلاقه برنامجا ضخما للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية و العاملان الآخران المهمان هما تبني الجبهة النظرية الماركسية نهجا فكريا (و هي عقيدة تتصادم مع الإسلام دين الشعب و تعاديه حيث يعتبر الماركسيون الدين أفيون الشعوب) و الإعدامات واسعة النطاق التي نفذتها بحق المواطنين(انظر التالي). المؤلفان العمانيان محمد دريبي العمري و سعيد الهاشمي لم يبسطا، في كتابيهما، ظاهرة الإعدامات بسطا يقضي حقها ( نحو صفحة في كلا الكتابين) لكنهما أبانا بوضوح أنها سببا رئيسا من أسباب فشل الجبهة التي غربت حاضنتها الشعبية بأعمال وصمها لينين نفسه في كتاباته بالماركسية الطفيلية!

(5) بلغ عدد الذين أعدمتهم الجبهة فترة (1969-1973) في ثلاث مناطق فقط ، طاقة و جبلها و رخيوت و جبلها و ضلكوت و جبلها: 209 مواطنين في حين بلغ عدد قتلى قوات السلطان المسلحة (بما في ذلك قوات الفرق الوطنية) الفترة نفسها حتى نهاية الحرب في ديسمبر 1975: 204 بالإضافة إلى 36 عسكريا بريطانيا قتلوا فترة 1965-1975)! أي ان الجبهة قتلت من الشعب الذي تريد ان تحرره مثل ما قتلته من الجيش. عدد 209 معدوم في ثلاث مناطق عدد يعده الخبراء صدمة سكانية أي إذا قورن بعدد السكان في تلك المناطق آنذاك. في حين ان عدد 140 إعداما في منطقتي رخيوت و ضلكوت وحدهما اشد صدمة. من المفارقات ان السلطان سعيد بن تيمور الذي كانت الجبهة تحارب نظامه لم يعدم خلال فترة حكمة (1932-1970) مواطنا واحدا قط بما في ذلك المعارضين الذين اعتقلتهم استخبارات القوة( الاسم الرسمي آنذاك لجهاز الأمن الداخلي حاليا و كانت استخبارات القوة، FI، تتبع قوات السلطان المسلحة أما جهاز الأمن الداخلي حاليا فهو جهاز أمني مستقل) أو وقعوا في اسر القوات المسلحة سواء من شمال عمان أومن جنوبها! و درس هذا المقال لنا جميعا و قبل ذلك لولاة أمرنا و لكل ناصح لهذا الوطن و أهله ان بداية النهاية الثالوث غير المقدس : الفقر و الظلم و معاداة دين الشعب
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ثورة ظفار

ثورة ظفارالموقع

الإصابات والخسائرغير معروفق‌و
2,000 أسير

ثورة ظفار قامت في اقليم ظفار ضد حكومةسلطنة عُمان والتي كانت تدعمها بريطانيا، من1962 إلى 1975، في فترة حكم السلطان سعيد بن تيمور. انتهت الثورة بهزيمة الثوار، وبدأت سلطنة عمان في القيام بإصلاحات وجذرية في البلاد.

خلفية

تعد ثورة ظفار التي انطلقت في عام 1965 في الجزء الجنوبي من سلطنة عمان، واحدة من أطول الثورات العربية، حيث امتدت زهاء ما يقارب عشرة أعوام، وقد واكبت حقبة الثورات التحررية من الاستعمار العالمي والتي شهدتها المنطقة العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.

أسباب قيام الثورة

مجموعة من الثوار في ظفار.

تتعد الأسباب التي أدت الى قيام الثورة في ظفار على حكم السلطان سعيد بن تيمور، وكان أهمها حالة التخلف التي سادت سلطنة مسقط وعمانبشكل عام واقليم ظفار بشكل خاص، وكثرة الممنوعات والمعاناة من ضرائب السلطان الباهظة التي أثقلت كاهل العمانيين. وكانت عمان معزولة عن العالم الخارجي والمحيط الاقليمي وحتى العزلة الداخلية بين مناطق السلطنة ذاتها، وبعدما تعرف المهاجرون الظفاريون على أنماط المعيشة المختلفة في دول الخليج التي يعملون بها والراقية قياسا بالوضع في عمان خلقت لديهم الرغبة الجامحة في التغيير.

كما أن الأوضاع التي عاشتها المنطقة آنذاك وانتشار المد القومي العربي بزعامة جمال عبد الناصر أدى الى تأثر أبناء الأمة العربية ومن ضمنهم الظفاريين بأفكار القومية العربية المنادية بالوحدة والتحرر من الاستعمار ومقاومته بشتى الوسائل، مما ولد لدى الظفاريين النزعة نحو الثورة ضد الوجود البريطاني في عمان.

كل هذه العوامل ساعدت على قيام الثورة في ظفار، والتي عمل الظفاريون على تنفيذها من خلال تشكيل تنظيمات سرية متعددة كان لها دوافع وانتمائات مختلفة، فبعضها كان قوميا عربيا هدفه مقاومة الامبريالية البريطانية وتمثل في التنظيم المحلي لحركة القوميين العرب.

والآخر كان هدفه تحسين الأوضاع الاجتماعية في عمان وتمثل في الجمعية الخيرية الظفارية. أما المجموعة الثالثة فقد كان هدفها غير واضح وكانت تدعى منظمة جنود ظفار وكانت تتكون من عناصر الجنود العمانيين السابقين وعناصر من الشرطة كانوا يعملون في الامارات الساحلية.

إندلاع الثورة

الدعاية البريطانية - "يد الله تحطم الشيوعية"

تنسب الرصاصة الأولى في الثورة إلى مسلم بن نفلالذي كان يعمل في مزرعة قصر السلطان سعيد بن تيمور والذي اقصاءه من عمله في القصر السلطاني في عام 1963 أثر شعوره المناهض للسلطان سعيد، و عمق ذلك الشعور وجود فريق أجنبي للتنقيب عن النفط في المناطق التي تقطن فيها قبيلته. مع وجود تقارير بأعتداءات بسيطه على قاعدة السلاح الجوي البريطاني في المرابط في عام 1962 إلا إن أول طلقة مسجلة إيذاناً ببدء حرب ظفار كانت في أبريل 1963 من خلال هجوم مسلح على حافلات شركة النفط، خطط له وقام بقيادته مسلم بن نفل.

بعدها لجأ مسلم بن نفل مع 30 رجلا من جماعته إلى المملكة العربية السعودية وقام بالإتصال بالإمامغالب بن علي الهنائي، مدعوماً بالمال السعودي، أنضم بن نفل إلى مجموعة أخرى من المناهضين الظفاريين، ورحلوا إلى العراق التي كانت تحكم من قبل النظام البعثي حيث تلقوا تدريباً عسكري.

وفي صيف 1964 عادت المجموعة بقيادة بن نفل إلى ظفار مع وعود من الحكومة السعودية بزيادة الدعم المالي والعسكري. ولم يقتصر الدعم على السعودية، بل كان أيضا من الكويت وجمهورية مصرالعربية، ودعت تلك الدول المجموعات الظفارية المناهضة إلى توحيد جهودهم في جبهة واحدة.

ولم يلبث عام 1965 أن شهد إعلان قيام الجبهة الشعبية لتحرير ظفار حيث عقد مؤتمر شعبي في 9 يونيو من نفس العام وانتهت جلساته بإعلان قيام الثورة الظفارية. حيث دعا البيان الظفاريين إلى الأنضمام إلى الجبهة من أجل تحرير الوطن من حكم السلطان سعيد بن تيمور وتحرير البلاد من البطالة والفقر والجهل واقامة حكم وطني ديمقراطي.

وهكذا بدأت حرب ظفار بين عمليات الكر والفر التي أستخدمتها الجبهة ضد أهداف السلطان سعيد بن تيمور بين عامي 1965 و1967.

الحرب في عهد السلطان سعيد بن تيمور

في 28 أبريل 1966 وقعت محاولة لاغتيال السلطان سعيد بن تيمور حين كان يستعرض حرسه الخاص والذي كان يوجد به بعض الظفاريين المنتمين للجبهة، وبعد هذه الحادثة احتجب السلطان سعيد عن الظهور الأمر الذي جعل العمانيين يعتقدون أنه قتل وأن السلطات البريطانية هي التي أصبحت تدير شؤون السلطنة. إلا أنهم تلقوا هزائم متكررة و ضغوط شديدة من قبل قوات السلطان حتى ربيع 1967.

إلى جانب ذلك تلقت الجبهة ضربة أخرى بسبب توقف الملك فيصل بن عبدالعزيز عن دعم الجبهة لتخوفه من الأهداف الثورية للجبهة على أنظمة الحكم الوراثية المحافظة في الخليج العربي وقد أعطت تلك الأحداث السلطان سعيد تفوقاً تكتيكياً ومساحة أكبر لتنفس الصعداء.

ومع إنحسار الإمبراطورية البريطانية وتصاعد الثورات في مستعمرات بريط
انيا السابقة وخصوصا عدن و ظهور الجبهة الوطنية للتحرير في اليمن الجنوبي التي كانت تتخذ مبادئها من ثورة أكتوبر للينين، وتسلمها السلطة فيما سمي حينها بالجمهورية الشعبية لجنوب اليمن، زادت عزلة السلطان سعيد تيمور وتوجسه من أن تنقل الجبهة الوطنية للتحرير في عدن مبادئها الماركسية و تمنح مساعداتها العسكرية إلى جبهة تحرير ظفار.

وشاءت الأقدار أن يحدث ذلك، فقد قامت جبهة تحرير ظفار، وقد ظهرت تلك الاتجاهات واضحة عند انعقاد المؤتمر الثاني الذي عقدته الجبهة في حمرين في سبتمبر 1968 حيث تبنت برنامجا ماركسيا لينينيا . وكذلك اتخذ المؤتمر قرارا بعدم اقتصار الثورة على ظفار وانا امتدادها الى رحاب الخليج ومن ثم عمدت الى تغيير أسمها من الجبهة الشعبية لتحرير ظفار إلى "الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل وهكذا أصبحت الجبهة مسيسه كاملا على عقائد الجناح اليساري. عند نهاية 1969 عاد قادة العصابات والسياسيين من مدرسة "أعداء الإمبريالة" في بكين، ودخلوا ظفار مع 15 مجموعة من المسلحين والمؤهلين عسكرياً. قامت المجموعات بشن هجمات منظمة على قوات السلطان والتي بدورها كانت تنصب مجموعات مسلحة من مسقط على الحدود لمنع خروقات جديدة.

ومع تغير نوع الحرب ودخول أطراف غريبة على جبهة تحرير ظفار، تقلص الدعم الشعبي للجبهة بسبب تقارير عن وحشيتهم في معاملة أهالي بعض القرى.مع ذلك رفض السلطان سعيد إرسال المزيد من الدعم المادي أو العسكري للقضاء على الجبهة ظناً منه أن القتال هو تمرد قبلي مشابه لما حصل في الجبل الأخضر والمسألة هي مجرد وقت وستنتهي الثورة. لكن الأحداث القادمة أثبتت سوء تقدير السلطان سعيد في حكمه على الجبهة.

في 23 سبتمبر 1969، تمكن المتمردون من دخول المدينة الساحلية رخيوت مع مقاومة ضئيلة. و تم أعدام واليها حامد بن سعيد بعد محاكمة عسكرية وذلك بعد أدانته بخيانة الوطن والعمالة لبريطانيا.وقتل معه معظم الرجال في المدينة.

ومع تواصل هطول الأمطارالموسمية، وغياب القوات الحكومية، تمكنت الجبهة من التوغل داخل ظفار و زرع الألغام في الطريق المؤدي إلى ثمريت وعاصمة المحافظة صلالة، و قامت الجبهة بشن هجمات بالأسلحة الآلية و مدافع الهاون على قوافل جيش السلطان.

وقامت الجبهة في صيف العام الذي تلاه بأحتلال حبروت وتدمير القلعة التي كان السلطان قد أمر ببنائها منذ مايقارب العامين. وهكذا تتابعت هجمات الجبهة على نحو الكر والفر والإنسحاب إلى حدود اليمن الجنوبي.

عند ذلك قام الطيران البريطاني بشن غارة جوية على مدينة حنوف (هنوف) داخل حدود اليمن، وجهت فيها ضربات موجعة للجبهة وقامت بتدمير "المدرسة الثورية للتدريب" التي تخرج منها العديد من أعضاء الجبهة.

برغم الإنتصار المحدود لقوات السلطان إلا أن قوات السلطان بدأت تواجه موقفاً صعباً جداً، مع وجود ما يقارب 5000 مقاتل للجبهة مقارنة بما لا يزيد عن 1000 مقاتل من جيش السلطان و ذلك في عام 1969. لهذا و في أكتوبر 1969 أصدر السلطان سعيد أوامره بشراء طائرات عمودية وزيادة صفوف الفصيل الرابع في الجيش.

وتزامنت التحديثات العسكرية لجيش السلطان مع إكتشاف عناصر جديدة في حرب ظفار وهو اتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوڤيتية. وجاءت تقارير المخابرات الحكومية أن الإتحاد السوڤيتية وعن طريق سفارته في عدن قد قرر دخول الحرب بسبب الوجود الصيني مع الجبهة و لمنع إستحواذ الصين على مجريات الأحداث في منطقة مهمة من العالم كالخليج العربي. وبهذا التدخل فقد حصلت الجبهة على دعم عسكري عظيم وأسلحة في غاية التقدم.

وفي ذلك الوقت أنتقلت حرب العصابات إلى شمال عمان في 12 يونيو 1970، عندما قامت مجموعة جديدة باسم الجبهة الوطنية الديموقراطية لتحرير الخليج العربي المحتل التي أسسها عمانيون كانوا في بغداد. هاجمت الجبهة معسكرا للجيش في إزكي ومن ثم ردع الهجوم من قبل قوات السلطان، ألا أن الهجوم كان له أثراً معنويا كبيرا في الحركات الثورية المناهضة وقدرتها على شن هجوم جرئ ومباغت.

وبعد إلقاء القبض على بعض أعضاء الجبهة الجديدة، تمت الإغارة على بيت في مطرح والعثور على أسلحة متطورة. بعد ذلك قرر أعضاء الجبهة الإنضمام إلى الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل. ورغم الامدادت البريطانية فقد كانت قوة السلطنة في وضع دفاعي أكثر من كونه وضعاً هجومياً اذ لم يكن السلطان يسيطر على أكثر من مدينة صلالة والتي أحاطها بأسوار من الأسلاك الشائكة وكان سلاح الجو الملكي البريطاني يقوم بحماية مطارها.

الحرب في عهد قابوس بن سعيد
مسلم بن نفل.

بعد تولي السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في 23 يوليو 1970 وكمحاولة منه لإنهاء حرب ظفار، قام في أول سبتمبر 1970 بإعلان العفو العام عن جميع المتمردين ووعد اي ظفاري مشترك في حركة التمرد بمعاملة حسنة، ووعد كذلك بتحقيق مطالب المتمردين الرئيسية وفق برنامج إصلاحي اجتماعي .

وقد تزامنت مبادرة العفو التي طرحها جلالة السلطان مع إختلافات قبلية في الجبهة. حيث أعلنت بعض
القبائل أن هدفها الأصلي كان من أجل تغيير أجتماعي في البلاد ولم يكن سياسيا. هذا الإختلاف نتج عنه حملة أعدامات جماعية في حق عدد من أعضاء الجبهة قدر عددهم ب 300 عضواً في عام 1970. وقدمت في نفس الفترة أكبر هدية للجيش السلطاني وذلك بقيام مسلم بن نفل بتسليم نفسه الى قوات السلطان.

تزايدت الإغتيالات في صفوف الجبهة حيث تم تنفيذ أحكام الإعدام على مجموعة كبيرة من الظفاريين وصلت الى مايقرب من 40 شخصاً ورغم ذلك فقد تزايد عدد الأعضاء الذين قرروا الأستفادة من عرض العفو المقدم من جلالة السلطان قابوس.

كان الأعضاء الذي يستسلمون للجيش السلطاني يجلبون معهم أسلحتهم، ومن ثم إنضم هؤلاء إلى ما يسمى بالفرق الوطنية لمحاربة قادتهم السياسيين في الجبهة وبلغ عددهم إلى ما يقارب 2000 مقاتلاً.

ومن أهم الثوار الذين سلموا أنفسهم وسلاحهم مسلم بن نفل الذي كان واحد من مؤسسي الجبهة ولم يلبث هؤلاء أن انخرطوا في القوات السلطانية ضد قيادات الجبهة لم تكن الوسائل السلمية التي لجأ اليها السلطان قابوس كافية وحدها لقمع حركة التمرد ولذلك اتجه السلطان الى استخدام الاسلوب العسكري والذي كان اكثر حسماً في قمع الحركة من أساسها.

وكان الدافع من وراء إهتمام السلطان قابوس بقواته الدفاعية يرجع الى تصاعد العمليات العسكرية التي قام بها الثوار، حيث لم تكد تمضي بضعة أشهر على تقلده الحكم حتى أحرزوا انتصارات حاسمة على قوات السلطنة التي اضطرت الى التراجع وراء الأسلاك الشائكة التي كانت تحيط بمدينة صلالة عاصمة الاقليم تاركة الجبال والسهول في أيدي الثوار. غير أن الفترة الموسمية بما يكتنفها من ضباب وأمطار ساعدت قوات السلطنة مع بداية عام 1972 على تعزيز امداداتها ومراكز اتصالاتها اللاسلكية الى جانب تخلي بعض العناصر عن الجبهة استجابة للعفو الذي أعلنه السلطان قابوس عند تسلمه الحكم.

وفي 30 نوفمبر 1973، وصل 3000 عسكري إيراني الى سلطنة عمان للمشاركة في قمع الثورة هناك بناء على طلب السلطان قابوس

محاولة الانقلاب 1972

القاعدة البريطانية في المربط حيث وقعت معركة المربطالمروعة.

بعد الهزائم التي منيت بها الجبهة توجهت إلى التخطيط لانقلاب في نظام الحكم في السلطنة، وقد تم التخطيط للانقلاب في العراق في أكتوبر1972 عن طريق بعض العناصر التي أوفدتها الجبهة الى هناك بالاضافة الى بعض أعضاء المكتب السياسي في اليمن الجنوبي، وقد تم تحديد موعد الانقلاب في 31 ديسمبر 1972.

غير أن هذه المحاولة انتهت بالفشل الذريع وتم القبض على العديد من عنصر الجبهة ، وكشفت التحقيقات التي أجريت بشأنها أن المؤامرة كانت تستهدف القيام بحملة اغتيالات تستهدف السلطان ومستشاريه وضباط الجيش والولاة وكبار التجار.

وكشفت التحقيقات كذلك عن امتداد التنظيمات السرية إلى دولة الإمارات حيث تم إكتشاف عناصر معارضة داخل القوات الدفاعية للدولة. وقد قامت السلطنة آثر هذه المحاولة الانقلابية بحركة اعتقالات شملت عشرات المنتمين للجبهة بلغ عددهم 77 متهما قدموا للمحاكمة في يناير 1973م ، حيث صدرت أحكام الاعدام على 10 منهم بينما صدرت أحكام بالسجن المؤبد أو لمدد مختلفة بالنسبة لبقية المتهمين.

وبعد هذه الأحداث وفي أغسطس 1974 قامت الجبهة بعقد مؤتمر طارىء لها تم فيه تغيير اسم الجبهة من الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي الى الجبهة الشعبية لتحرير عمان فقط، وكان الهدف من ذلك مهادنة دول الخليج العربي وخاصة الكويت.

دور الدول الاقليمية في الحرب

إيران

قام السلطان قابوس في شهر اكتوبر عام 1971 بزيارة رسمية إلى إيران للمشاركة في الإحتفالات التي أقامها الشاه محمد رضا بهلوي بمناسبة مرور 2500 سنة على عرش الطاؤوس في بلاد فارس، فالتقى بشاه ايران محمد رضا بهلوي، وقد طلب السلطان قابوس مساعدة الشاه له لمواجهة الثوار ، وقد أبدى الشاه لستعداده للمساهمة بما لدى ايران من امكانات عسكرية والوقوف الى جانب قوات السلطان في حربها ضد الثوار.

وكان من أهم الدوافع التي دفعت الشاه الإيراني التدخل في الحرب هو طموحه في أن يحل محل بريطانيا كحام للمنطقة بعد انسحابها منها عاد 1971، وخشيته من تعرض مضيق هرمز للخطر في حالة نجاح الثورة في اقامة نظام راديكالي في عمان وما قد يؤدي اليه ذلك من تهديد لأمن الخليج وتجارة النفط.

وفي يوليو 1972 أرسل السلطان قابوس وفدا رسمياً إلى إيران برئاسة السيد ثويني بن شهاب وتم التوصل إلى وضع اتفاقية التدخل العسكري الإيراني في السلطنة مستقبلا عند الطلب للقضاء على الثورة المسلحة.

وفي 30 نوفمبر 1973 وصلت الى السلطنة أولى طلائع القوات الإيرانية التي بلغت ما يقدر بثلاثة الآلآف عسكري إيراني. ورغم عدم رضا الدول العربية عن التدخل الإيراني إلا أن السلطان قابوس كان مضطرا لقبول المساعدة الايرانية نظرا لضعف تسليح الجيش العماني وتخاذل الدول العربية عن دعم السلطنة ودعم بعضها لجبهة تحرير ظفار، بالإضافة إلى امتلاك ايران ترسانة ضخمة من الأسلحة الحديثة، وبالفعل كانت المساع
دة الايرانية مؤثرة في قمع الثورة في ظفار.

اليمن الجنوبي

أخذت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عاتقها مهمة دعم الثوار في ظفار وذلك منذ استقلالها سنة 1967م عن بريطانيا ، ويعد الانتماء المشترك للجبهة القومية في اليمن الجنوبي والجبهة الشعبية لتحرير ظفار الى الجناح اليساري في حركة القوميين العرب عاملا مهما في دعم علاقاتها وتوطيدها.

وقد ساهمت اليمن الجنوبي في دعم الثوار سياسيا فأعلنت إستعدادها لتقديم كل الدعم للمعارضة العمانية بإعتبار أن ذلك جزء من أهدافها الوطنية. وعسكرياً وفرت اليمن الجنوبي قواعد للجبهة في كل من حوف والغيظة والمكلا وعدن اضافة الى وسائل التدريب العسكري، بالاضافة الى تحمل حكومة اليمن الجنوبي جزءا كبيرا من ميزانية الجبهة ، كما كانت أغلب الوسائل الاعلامية للجبهة تقع على الأراضي اليمنية فمحطة الاذاعة في المكلا وصحيفة صوت الشعب في عدن هذا بالاضافة الى ما تقدمه وسائل الاعلام اليمنية من دعم وإعلام.

نهاية الحرب 1975

ببداية عام 1975 الثوار باتوا غير قادرين على مواجهة قوات السلطان المدعومة بالقوات الايرانية على جميع جبهات القتال " فالأول مرة منذ اندلاع الثورة في ظفار عام 1965 سيطرت القوات الحكومية على سلسلة الجبال في فترة الأمطار الموسمية فقد استطاعت قوات السلطان والقوات الصديقة لها انشاء مزيد من المواقع الى الغرب من خط " داما فاند " الذي أقامه الايرانيون بعد سيطرتهم على مدينة رخيوت .

وبنهاية فصل الخريف بدأت قوات السلطان بمحاولة ثالثة لاستعادة كهوف شرشيتي ونجحت العملية بعد مقاومة مستميتة من جيوب الثوار المنتشرة في المنطقة واستولت القوات الحكومية على كميات كبيرة من المؤن والأسلحة والذخيرة كانت بداخل تلك الغارات الجبلية

وفي نوفمبر 1975 زحفت قوات السلطان الموجودة في صرفيت شرقا للالتقاء بالقوات القادمة من شرشيتي غربا، وفي أول ديسمبر استعادت قوات السلطان بلدة ضلكوت الساحلية دون مقاومة تذكر.

ولأول مرة منذ 10 أعوام أصبح كل أقليم ظفار تحت سيطرة الحكومة . هذا على جبهة القتال ،أما على الجانب السياسي فقد توصلت السلطنة واليمن الجنوبي برعاية سعودية الى اتفاق ينهي الخلافات القائمة فيما بينهما وكان ذلك في 11 مارس 1976م " وليس من شك أن التوصل الى تلك الاتفاقية كان يعني انهاء اليمن الجنوبي دعمها للثوار، وقد ترتب على ذلك انهيار واضح في موقفها وأدى الى استسلام العديد من قياداتها للسلطنة كان من أبرزهم عمر بن سليم العمري المكنى بأرض الخير وكان من القادة المتنفذين في الجبهة منذ عام 1970م وكان نفوذه قويا بين الثوار ، وحين سئل عن سبب استسلامه أجاب بأنه لم يكن أمام الجبهة أي هدف تناضل من آجله وأنه ورفاقه تبين لهم أخيرا بأنهم لم يكونول أكثر من مخالب سياسية في أيدي اليمن الجنوبي".

وهكذا لم يمض عام 1976م حتى تمت التصفية النهائية للثورة في ظفار، وكان من الطبيعي بعد القضاء على الحركة أن يعلن السلطان قابوس في العيد الوطني السادس للسلطنة في نوفمبر 1976م دمج اقليم ظفار في سلطنة عمان التي أصبحت تتمتع منذ ذلك الوقت بالوحدة والاستقرار
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
رسالة للمرة العاشرة، مفادها عن أصل تسمية تعز، ومن أين جاءت التسمية، وهذه الرسالة كما وردت:  
" تــعــــز  .. 
سبب التسمية  
بعد أن قضى علي بن مهدي بمحمد الرعيني على دولة بني نجاح الحبشية وخلّص اليمنيين في تهامة من "شرورها"، أخذت قواته تجتاح المناطق الجبلية بقيادة ابنه عبد النبي حتى استولى على عُدينة (التي تسمى اليوم تعز، وكان اسمها عُدينة تصغير لعدن، لأن التجار العدنيون كانوا يتخذونها منتجعا سياحيا لهم)!! 
وقام ببناء قلعة القاهرة المطلة على عدينة، وانطلق منها نحو المناطق الشمالية يضمها إلى الدولة المهدية، حتى وصل إلى يريم وهناك انقادت له القبائل من كل حدب وصوب مرحبة به فأرسل قواته نحو الضالع والبيضاء ووصابين وعتمة في الوقت الذي حصّن يريم واتخذ لها ابواب منها باب ذو رعين (الذي تم تحريف اسمه لاحقا إلى "باب الظورين" ولا يزال يحمل الاسم المحرف حتى اليوم)، وكان السادة القُرشيين في صنعاء آنذاك يراقبون التوسع السريع لعبدالنبي بقلق بالغ واستشعروا خطر البعث الحميري باليمن في ظل الإسلام فأسرعوا الى صلاح الدين الأيوبي واشتكوا إليه شكوى مُرّة من أفعال عبدالنبي ويقال إنهم احرقوا شعور نسائهم أمامه وقالوا إن عبدالنبي ينتهك حرمة رسول الله بالاعتداء على نسائهم، وأغروا صلاح الدين بغزو اليمن ووعدوه بمساندة قواته بالمئونة اللازمة، ولاقت دعوتهم صدى في نفس صلاح الدين فقد كان يرغب في ضم اليمن إلى سلطانه، فحرك جيشا قويا لهذا الغرض، ولكن عبد النبي استطاع بقواته التصدي للجيش القادم من بلاد الشام ودحره وهزمهم شر هزيمة. 
فأخذت العزة بالسلطان صلاح الدين فجمع جيوشاً ضخمة وأمّر عليها أخاه توران شاه ووجهها لتأديب عبدالنبي والاستيلاء على مملكته فانطلق هذا الجيش العرمرم ودارت بينه وبين قوات عبدالنبي معارك شرسة جعلت عبد النبي وقواته يتقهقرون نحو قلعة القاهرة وصمدوا فيها تحت الحصار المضروب عليهم مدة يصدون الجيش الأيوبي الذي وصله مدد آخر بقوات ضخمة، واستغل توران شاه ضعف قوات عبدالنبي نتيجة الحصار وتقدم نحو القلعة لاقتحامها مضحياً بالكثير من قواته، حتى اقتحمها وأمر عبدالنبي بالتسليم حقناً لدمه ودماء من بقي معه على أن يخرج من عُدينة هو وذريته ونساءه وحاشيته بثيابهم ومركوبهم فقط.. فنظر عبدالنبي إلى عُدينة وقال وهو مُتأثر اشد التأثر 
تَـعِــزُّ علينا ياعُـدينةُ جنةٌ 
نُفارقها قَسراً وأدمُعنا تجري 
فظن القائد الأيوبي أن عبدالنبي يقول"نفارق تعز" فأرسل إلى أخيه يقول لقد هزمنا عبدالنبي واستولينا على معقله " تعز" 
فسُمِّيت "تـعـز" بهذا الاسم من ذلك التاريخ حتى اليوم. 
الخلاصة: إن الكثيرين جدا من اليمنيين لا يعرفون سبب تسمية تعز بهذا الاسم ولا من الذي سماها"..انتهت الرسالة.

.......................... 

رد على الرسالة 
باختصار شديد: الحقيقة أن معلومات الرسالة قاصرة جداً ولا تمت لحقيقة التسمية بصلة، فلم يأتِ مهدي بن مهدي للاستيلاء على تعز إلا والتسمية موجودة من قبله بقرون، وفي المصادر التاريخية كأول تسمية وردت لحصن تعز بهذا الاسم جاءت مع عبدالله بن محمد الصليحي الذي ولى أخاه أبا الفتوح حصن تعز، كما ورد ذلك في الكتب التاريخية وعلى رأسها كتاب(قرة العيون في أخبار اليمن الميمون: لابن الديبع الشيباني – صـ229)، وكان ذلك ما بين 480 – 485هـ، أما مهدي بن مهدي وأخوه عبدالنبي بن مهدي لم يظهرا في عدينة ويستوليا على حصنها (تعز) إلا سنة 561هـ.

تسمية "تعز": 
"تعزّ" -بفتح التاء وخفض العين وتشديد الزاي مع الضم- هو اسم لذلك الحصن الواقع على تلة ذي عدينة على سفح جبل صبر (فقط)، كما هي أسماء حصون بقية اليمن (كالتعكر، والعروس، وذمرمر، وعزان، العزاعز، وغيرها)، إلا أن هذه التسمية طغت على "ذي عدينة" وأعمالها من المدينة القديمة أسفل ذلك الحصن فصار اسماً لها منذ بداية الدولة الرسولية، وتحديداً في عهد الملك الثاني للدولة المظفر- يوسف بن عمر بن علي رسول- صاحب جامع المظفر، الذي شهدت اليمن في عهده نهضة علمية قوية، وتوسعة نفوذ ممتد على كامل الجزيرة العربية حتى حدود مصر شمالاً والقرن الأفريقي جنوباً. 
فما معنى اللفظ "تعز"، ومن أين جاءت تلك التسمية؟! 
تذكر الروايات الشعبية المتواترة على لسان الأجيال المتعاقبة عن أن هذه التسمية جاءت على لسان امرأة من جبل صبر كان لها ابناً وحيداً مضطهداً في قومه قبل عصر الإسلام، فقالت له: "أنزل تعز": أي تخل عن هؤلاء القوم بنزولك إلى المدينة أو حصنها تعز نفسك منهم (تصير في مكانة عزيزة) عندهم وتصير عزيزاً شامخاً، ثم صار بعد ذلك يتداول الاسم على الألسن. 
غير أن هذه التسمية والقصة ليست علمية ولا يمكن أن يسلم بها المنطق، وقد وجدنا إشارات وقرائن ترتقي إلى مستوى الأدلة على أن هذه التسمية لها مدلولات دينية ومكانية ذات منعة وحصانة. 
فبالنظر إلى كثير من أسماء مكانية من ذات الاشتقاق للفظ "عز" نجد أن واقع حال الحصن (حصن تعز) ينطبق عليه الحال من المنعة؛ حيث إن كثيراً من قمم الجبال