للاصبحيّين واكثره اليوم للدّعام بن رزام الكتيفي سيّد اود وفي بني معشر من الاصابح اجداده من امه وهم اشرافهم جده محمد بن عبيد بن سالم الاصبحي وهو الذي ناوى محمد بن ابي العلا وانزل مذحجا السرو ودثينة ، صحب واد للنّخع وبني اود فهذا آخر السّرو من الطريق اليمنى ـ ثم الكور إلى دثينة له طرق كثيرة منها الرقب ودمامة ووساحة والبحير وتاران وثرة وعرفان (١) وملعة وبرع وحسرة.
ونعيد الصّفة في دثينة : فأول دثينة اثرة لبني حباب من اود ، ودثينة غائط كغائط مأرب فيه بنو أود لكل بني أب منهم قرية حولها مزارعهم ، فيها قرية بني شبيب وبني قيس وهي الظاهرة ، والموشح وهي اكبر قرية بدثينة وهي مدينة لبني كتيف ، والمعوران لبني مزاحم ولهم الخضراء (٢) ، والقرن لبني كليب ، العارضة لسبأ ، السّوداء وأوديتها للأصبحيين ، ذو الخنينة لبني سويق ، الجبل الاسود (٣) منقطع دثينة وهو للعدويّين والخمسيّين من حمير ، هذه دثينة من هذا الحيز الايسر.
ونعيد الصّفة في احور : أحور اوّلها الجثوة قرية لبني عيذ الله بن سعد (٤) القويع لبني عامر من كندة ، الشرّيرة (٥) لبني عامر ايضا ، المحدث (٦) قريب من البحر لبني عامر من ساحل ، عرقة (٧) لبني عامر ، ثم انتهيت الى حجر وهب من هذه الطريق أيضا فلقيت الطريق الاول هنالك.
ثم رجع إلى الكور يريد الطريق اليمنى الى ابين : اذا انحدرت من برع فهنالك وادي برع به مسلية ، ثم صناع (٨) واد به بنو صريم من أود وقد انتسبوا في
______
(١) عرفان : بضم العين المهملة وتشديد الراء آخره نون : يحمل اسمه الى هذه الغاية ، وأما دمامة فبالتحريك وهي قرية آهلة بالسكان ، ووساحة أيضا كذلك وملعة : بكسر الميم آخره هاء :
(٢) الخضراء : لا تزال تحمل اسمها لهذه الغاية.
(٣) الجبل الأسود : لا يزال يحمل اسمه إلى هذه الغاية. راجع نسب العذريين والخمسيين «الإكليل» ج ٢ ـ ٣٦٩.
(٤) أحور : مخلاف مشهور في منتهى اليمن وشرقي أبين بينهما مسافة مائة وثمانية عشر كيلا ، والجثوة : بكسر الجيم وفتح الواو : بلدة صغيرة ، وعيذ الله : سلف الكلام عليهما ، وقد وهم في الأصول كما سلف.
(٥) الشريرة : بفتح الشين المعجمة المشددة وكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت ثم راء وهاء : بلدة عامرة.
(٦) المحدث : بفتح الميم آخره ثاء مثلثة : كذا في الأصول ولم نعثر عليه وإنما يوجد قرية تسمى المحفد بالفاء بعد الميم والحاء وآخره دال مهملة.
(٧) عرقة : بكسر العين المهملة وسكون الراء ثم قاف وهاء : بلدة عامرة تقع على ساحل البحر كما ذكر المؤلف.
(٨) صناع : معروف ولا أتحقق ضبطه ، وصناع قلعة في يافع فيها تحنث ابن الفضل.
ونعيد الصّفة في دثينة : فأول دثينة اثرة لبني حباب من اود ، ودثينة غائط كغائط مأرب فيه بنو أود لكل بني أب منهم قرية حولها مزارعهم ، فيها قرية بني شبيب وبني قيس وهي الظاهرة ، والموشح وهي اكبر قرية بدثينة وهي مدينة لبني كتيف ، والمعوران لبني مزاحم ولهم الخضراء (٢) ، والقرن لبني كليب ، العارضة لسبأ ، السّوداء وأوديتها للأصبحيين ، ذو الخنينة لبني سويق ، الجبل الاسود (٣) منقطع دثينة وهو للعدويّين والخمسيّين من حمير ، هذه دثينة من هذا الحيز الايسر.
ونعيد الصّفة في احور : أحور اوّلها الجثوة قرية لبني عيذ الله بن سعد (٤) القويع لبني عامر من كندة ، الشرّيرة (٥) لبني عامر ايضا ، المحدث (٦) قريب من البحر لبني عامر من ساحل ، عرقة (٧) لبني عامر ، ثم انتهيت الى حجر وهب من هذه الطريق أيضا فلقيت الطريق الاول هنالك.
ثم رجع إلى الكور يريد الطريق اليمنى الى ابين : اذا انحدرت من برع فهنالك وادي برع به مسلية ، ثم صناع (٨) واد به بنو صريم من أود وقد انتسبوا في
______
(١) عرفان : بضم العين المهملة وتشديد الراء آخره نون : يحمل اسمه الى هذه الغاية ، وأما دمامة فبالتحريك وهي قرية آهلة بالسكان ، ووساحة أيضا كذلك وملعة : بكسر الميم آخره هاء :
(٢) الخضراء : لا تزال تحمل اسمها لهذه الغاية.
(٣) الجبل الأسود : لا يزال يحمل اسمه إلى هذه الغاية. راجع نسب العذريين والخمسيين «الإكليل» ج ٢ ـ ٣٦٩.
(٤) أحور : مخلاف مشهور في منتهى اليمن وشرقي أبين بينهما مسافة مائة وثمانية عشر كيلا ، والجثوة : بكسر الجيم وفتح الواو : بلدة صغيرة ، وعيذ الله : سلف الكلام عليهما ، وقد وهم في الأصول كما سلف.
(٥) الشريرة : بفتح الشين المعجمة المشددة وكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت ثم راء وهاء : بلدة عامرة.
(٦) المحدث : بفتح الميم آخره ثاء مثلثة : كذا في الأصول ولم نعثر عليه وإنما يوجد قرية تسمى المحفد بالفاء بعد الميم والحاء وآخره دال مهملة.
(٧) عرقة : بكسر العين المهملة وسكون الراء ثم قاف وهاء : بلدة عامرة تقع على ساحل البحر كما ذكر المؤلف.
(٨) صناع : معروف ولا أتحقق ضبطه ، وصناع قلعة في يافع فيها تحنث ابن الفضل.
بلحارث بن كعب وهنالك أخلاط من بني منبّه ، ثم ريبان وسنبا والعطف كلها لمراد ، ثم يرامس (١) واد عظيم فيه النخيل والعطب وهو لفرقة من الأصابح من حمير ، ثم ذو سكير لبني مسلية.
ثم بعد ذلك أبين (٢) : ابين أولها شوكان (٣) قرية كبيرة لها أودية وهي للأصبحيّين ، والمدينة الكبيرة خنفر وهي ايضا للأصبحيين وقوم من بني مجيد يدعون الحرميّين وقوم من مذحج يدعون الزّفرّيين ، المضري (٤) قرية يسكنها الأصبحيّون ، الرّواع (٥) يسكنها بنو مجيد ، الملحة (٦) يسكنها بنو مجيد ، والمصنعة (٧) يسكنها الأصبحيون ، الجشير يسكنها الأصبحيّون أيضا ، الطّريّة يسكنها العامريون من ولد الأشرس (٨) ، البادرة (٩) يسكنها قوم يقال لهم الرّبعيّون من كهلان ، الجثوة (١٠) يسكنها الرّبعيّون ايضا ، الحجبور (١١) يسكنها الأخاضر من مذحج ، الفقّ
______
(١) ريبان : بفتح الراء وسكون الياء المثناة من تحت ثم باء موحدة وآخره نون ، وسنبا : بفتح السين المهملة وسكون النون ثم باء موحدة وألف مقصورة ، والعطف : معروف الضبط ، هذه المساكن لا تزال معروفة قائمة البنيان ، والعطف : هو ما يسمى العطفة بإلحاق هاء آخر الحروف ، ويرامس : سلف ذكره وهو كما وصف المؤلف من الخصب والريف ويقع شرقي أبين وفيه جبال وهضاب متناثرة هنا وهناك.
(٢) أبين : بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره نون ، وحكى سيبويه بكسر الهمزة ، وهو بلا شك حجة ، ولا نعرف معاشر اليمنيين غير فتح الهمزة ، وهو مخلاف نفيس جدّا في منتهى اليمن شرقي عدن وإليه تنسب عدن أبين ليحترز عن عدن لاعة ، نسب إلى أبين بن ذي يقدم من حمير ، وبينها وبين عدن مسافة قرابة ثمانين كيلا وطريقها على الساحل شرق عدن وشرقيها أحور ومن غربيها مخلاف لحج وشمالها يافع وجنوبها البحر. قال القاضي مسعود : وأهلها أصح الناس مزاجا وأطيب النواحي ماء وهواء وتربة وفي أهلها شرف النفوس وعلو الهمة ، وانظر «معجم البلدان» و «طبقات ابن سمرة» و «النسبة».
(٣) شوكان : معروفة الضبط وهي اليوم خراب وأنقاض وفيها مآثر حميرية نقب على بعضها العالم الأثري الانجليزي «ميلن» وأخرج منها تماثيل.
(٤) المضري : هي اليوم من أخبار كان.
(٥) الرواع : كان في الأصول كلها الرواغ بالغين المعجمة آخر الحروف فأثبتناه كما ترى بعد الاستقراء.
(٦) الملحة : بفتحات : قرية عامرة بالسكان.
(٧) المصنعة : بفتح الميم وسكون ثانيه : قرية آهلة بالسكان وتسمى اليوم المصينعة بلفظ التصغير.
(٨) الطرية : بتشديد الطاء المهملة وكسر الراء وتشديد الياء المثناة من تحت ثم هاء : بلدة لا تزال عامرة ونسب اليها الفقيه عمرو بن عبد العزيز الأبيني الطريي تولى القضاء في وطنه وهو من اعيان القرن السادس. كذا في الجندي : والأشرس هو من كندة.
(٩) البادرة : بالباء الموحدة والدال والراء المهملتين آخره هاء : كذا في الأصول كلها ، والذي استفدناه من البحث انها البادة بحذف الراء ، وهي قرية مندثرة بجوار قرية الخاملة.
(١٠) الجثوة : سلف ضبطها وهذه من القرى المندرسة.
(١١) الحجبور : بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم وضم الباء الموحدة آخره راء : من القرى المنقرضات ، ولم يبق إلا واديها الذي يسمى باسم البلدة المذكورة. وتقع بجوار خنفر.
ثم بعد ذلك أبين (٢) : ابين أولها شوكان (٣) قرية كبيرة لها أودية وهي للأصبحيّين ، والمدينة الكبيرة خنفر وهي ايضا للأصبحيين وقوم من بني مجيد يدعون الحرميّين وقوم من مذحج يدعون الزّفرّيين ، المضري (٤) قرية يسكنها الأصبحيّون ، الرّواع (٥) يسكنها بنو مجيد ، الملحة (٦) يسكنها بنو مجيد ، والمصنعة (٧) يسكنها الأصبحيون ، الجشير يسكنها الأصبحيّون أيضا ، الطّريّة يسكنها العامريون من ولد الأشرس (٨) ، البادرة (٩) يسكنها قوم يقال لهم الرّبعيّون من كهلان ، الجثوة (١٠) يسكنها الرّبعيّون ايضا ، الحجبور (١١) يسكنها الأخاضر من مذحج ، الفقّ
______
(١) ريبان : بفتح الراء وسكون الياء المثناة من تحت ثم باء موحدة وآخره نون ، وسنبا : بفتح السين المهملة وسكون النون ثم باء موحدة وألف مقصورة ، والعطف : معروف الضبط ، هذه المساكن لا تزال معروفة قائمة البنيان ، والعطف : هو ما يسمى العطفة بإلحاق هاء آخر الحروف ، ويرامس : سلف ذكره وهو كما وصف المؤلف من الخصب والريف ويقع شرقي أبين وفيه جبال وهضاب متناثرة هنا وهناك.
(٢) أبين : بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره نون ، وحكى سيبويه بكسر الهمزة ، وهو بلا شك حجة ، ولا نعرف معاشر اليمنيين غير فتح الهمزة ، وهو مخلاف نفيس جدّا في منتهى اليمن شرقي عدن وإليه تنسب عدن أبين ليحترز عن عدن لاعة ، نسب إلى أبين بن ذي يقدم من حمير ، وبينها وبين عدن مسافة قرابة ثمانين كيلا وطريقها على الساحل شرق عدن وشرقيها أحور ومن غربيها مخلاف لحج وشمالها يافع وجنوبها البحر. قال القاضي مسعود : وأهلها أصح الناس مزاجا وأطيب النواحي ماء وهواء وتربة وفي أهلها شرف النفوس وعلو الهمة ، وانظر «معجم البلدان» و «طبقات ابن سمرة» و «النسبة».
(٣) شوكان : معروفة الضبط وهي اليوم خراب وأنقاض وفيها مآثر حميرية نقب على بعضها العالم الأثري الانجليزي «ميلن» وأخرج منها تماثيل.
(٤) المضري : هي اليوم من أخبار كان.
(٥) الرواع : كان في الأصول كلها الرواغ بالغين المعجمة آخر الحروف فأثبتناه كما ترى بعد الاستقراء.
(٦) الملحة : بفتحات : قرية عامرة بالسكان.
(٧) المصنعة : بفتح الميم وسكون ثانيه : قرية آهلة بالسكان وتسمى اليوم المصينعة بلفظ التصغير.
(٨) الطرية : بتشديد الطاء المهملة وكسر الراء وتشديد الياء المثناة من تحت ثم هاء : بلدة لا تزال عامرة ونسب اليها الفقيه عمرو بن عبد العزيز الأبيني الطريي تولى القضاء في وطنه وهو من اعيان القرن السادس. كذا في الجندي : والأشرس هو من كندة.
(٩) البادرة : بالباء الموحدة والدال والراء المهملتين آخره هاء : كذا في الأصول كلها ، والذي استفدناه من البحث انها البادة بحذف الراء ، وهي قرية مندثرة بجوار قرية الخاملة.
(١٠) الجثوة : سلف ضبطها وهذه من القرى المندرسة.
(١١) الحجبور : بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم وضم الباء الموحدة آخره راء : من القرى المنقرضات ، ولم يبق إلا واديها الذي يسمى باسم البلدة المذكورة. وتقع بجوار خنفر.
يسكنها الأصبحيون ، وقرى ابين كثيرة بين بني عامر من كندة وبين الأصابح من حمير وبني مجيد ومن يخلط الجميع من مذحج وهو يسير ، فإلى السفال إلى البحر ، بوزان (١) يسكنها قوم من حضبر يدعون بني الحضبري وعدادهم في مذحج ، الشريرة يسكنها الأصبحيّون ، نخع (٢) يسكنها بنو مسلية ، الروضة (٣) يسكنها الأصبحيون ، وحلمة (٤) يسكنها الأصبحيون ، قحيضة يسكنها الأحلول من بني مجيد ، قرية تعرف بيوسف بن كثير وبني عمه وهم قوم ربعيون ، قرية تعرف بمحل حميد يسكنها قوم من احور ناجعة (٥) وقد توطنوها ، قرية على ساحل البحر ذهب عني اسمها يسكنها قوم من مذحج ، تمت صفة ابين.
لحج وساكنها (٦) : الحيّب يسكنها بنو أحبل من الأصبحيين ، ونفر من الأيزون ، الرّعيض يسكنها بنو حبيل من الأصبحيين ، الجوار (٧) يسكنها
______
(١) بوزان : بفتح الباء الموحدة ثم واو وزاي آخره نون : هي اليوم أطلال ولا تعرف إلا باسم واديها المسمى باسمها.
(٢) الشريرة : بفتح الشين المشددة وكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت ثم راء وهاء : وهي كسالفتها بلدة مندرسة ولا تعرف إلا بواديها : الشريرة الواقع شرقي مشروع مياه أبين ، ونخع غير معروفة.
(٣) قرية آهلة بالسكان ، وتقع في وادي حسان من أبين ، وفيها معاقل منيعة يسكنها آل فضل.
(٤) حلمة : بفتح الحاء واللام والميم آخره هاء : بلدة عامرة ولها ذكر في الأحداث وهي اليوم مركز ممتاز ورئيسي لتوزيع مياه منطقة أبين بواسطة القوة الكهربائية.
(٥) الناجعة : مشتقة من الانتجاع وهو طلب الماء والمرعى ومساقط الغيث.
(٦) لحج : معروف وهو مخلاف عظيم مشهور في منتهى اليمن. قال الشاعر :
تقول عيسي وقد وافيت مبتهلا
لحجا وبانت لنا الأعلام من عدن
أمنتهى الأرض يا هذا تريد بنا؟
فقلت : كلا ولكن منتهى اليمن
والشعر الجاهلي في لحج كثير ، وهو في الغرب الشمالي من أبين وشمال عدن الواقعة في دلتا واديه وغربيه مخلاف بني مجيد الذي منه العميرة والعارة وهما اليوم من ملحقات لحج وشمالا جبال صهيب سبأ وجبال الحواشب. ومدينته تسمى «الحوطة» وهي على قارعة المحجة. نسب مخلاف لحج إلى لحج بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ (راجع «الاكليل» ج ٢ ـ ٥) وهو مخلاف كريم التربة ومن مشهور منتجاته الموز والبطيخ الحبحب وهو من أجود ما تنتجه أصقاع اليمن وأدخلت اليه فواكه هندية وغيرها ، وهي في غاية الجودة والندرة والحلاوة وكان ذلك على يد سلاطينها العبدليين ، وتعتبر اليوم المحافظة الثانية.
(٧) قال السلطان أحمد بن الفضل العبدلي في «هدية الزمن» بعد أن نقل كلام المؤلف : اعلم أن أغلب هذه القرى درست ، وقد اجتهدت ان أحقق مواقعها بالضبط ، وقد تحققت ان قرية الجوار على مسافة ساعة تحت ملتقى الأودية في رأس وادي لحج ، ذكر الهمداني عند ذكر الأودية ومآتي وادي لحج قال : ثم يخرج الوادي في الجوار ثم ثرى والحيب ثم في وسط «الرعارع» ثم فور ثم يخرج الفائض الى بحر عدن. فتبين ان الحيب فثرى فالجوار على عدوتي الوادي شمال موضع الرعارع وهو على بعد ميل وربع شمال مدينة «الحوطة» وان فور بين الرعارع وعدن ، وأما رأس الوادي فحيث يلتقي ورزان وتبن في حبيل «إمسويدا» فيكون موضع قرية الجوار على مسافة ساعة تحت ملتقى الأودية حوالي الطنان أو قرب الحرقات وهناك توجد إلى الآن شمالي الحرقات بين الطنان وجبل منيف آثار أبنية قديمة تدعى «جوير» ، فلعله موضع قرية «الجوار». والرعيض. لا تعرف.
لحج وساكنها (٦) : الحيّب يسكنها بنو أحبل من الأصبحيين ، ونفر من الأيزون ، الرّعيض يسكنها بنو حبيل من الأصبحيين ، الجوار (٧) يسكنها
______
(١) بوزان : بفتح الباء الموحدة ثم واو وزاي آخره نون : هي اليوم أطلال ولا تعرف إلا باسم واديها المسمى باسمها.
(٢) الشريرة : بفتح الشين المشددة وكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت ثم راء وهاء : وهي كسالفتها بلدة مندرسة ولا تعرف إلا بواديها : الشريرة الواقع شرقي مشروع مياه أبين ، ونخع غير معروفة.
(٣) قرية آهلة بالسكان ، وتقع في وادي حسان من أبين ، وفيها معاقل منيعة يسكنها آل فضل.
(٤) حلمة : بفتح الحاء واللام والميم آخره هاء : بلدة عامرة ولها ذكر في الأحداث وهي اليوم مركز ممتاز ورئيسي لتوزيع مياه منطقة أبين بواسطة القوة الكهربائية.
(٥) الناجعة : مشتقة من الانتجاع وهو طلب الماء والمرعى ومساقط الغيث.
(٦) لحج : معروف وهو مخلاف عظيم مشهور في منتهى اليمن. قال الشاعر :
تقول عيسي وقد وافيت مبتهلا
لحجا وبانت لنا الأعلام من عدن
أمنتهى الأرض يا هذا تريد بنا؟
فقلت : كلا ولكن منتهى اليمن
والشعر الجاهلي في لحج كثير ، وهو في الغرب الشمالي من أبين وشمال عدن الواقعة في دلتا واديه وغربيه مخلاف بني مجيد الذي منه العميرة والعارة وهما اليوم من ملحقات لحج وشمالا جبال صهيب سبأ وجبال الحواشب. ومدينته تسمى «الحوطة» وهي على قارعة المحجة. نسب مخلاف لحج إلى لحج بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ (راجع «الاكليل» ج ٢ ـ ٥) وهو مخلاف كريم التربة ومن مشهور منتجاته الموز والبطيخ الحبحب وهو من أجود ما تنتجه أصقاع اليمن وأدخلت اليه فواكه هندية وغيرها ، وهي في غاية الجودة والندرة والحلاوة وكان ذلك على يد سلاطينها العبدليين ، وتعتبر اليوم المحافظة الثانية.
(٧) قال السلطان أحمد بن الفضل العبدلي في «هدية الزمن» بعد أن نقل كلام المؤلف : اعلم أن أغلب هذه القرى درست ، وقد اجتهدت ان أحقق مواقعها بالضبط ، وقد تحققت ان قرية الجوار على مسافة ساعة تحت ملتقى الأودية في رأس وادي لحج ، ذكر الهمداني عند ذكر الأودية ومآتي وادي لحج قال : ثم يخرج الوادي في الجوار ثم ثرى والحيب ثم في وسط «الرعارع» ثم فور ثم يخرج الفائض الى بحر عدن. فتبين ان الحيب فثرى فالجوار على عدوتي الوادي شمال موضع الرعارع وهو على بعد ميل وربع شمال مدينة «الحوطة» وان فور بين الرعارع وعدن ، وأما رأس الوادي فحيث يلتقي ورزان وتبن في حبيل «إمسويدا» فيكون موضع قرية الجوار على مسافة ساعة تحت ملتقى الأودية حوالي الطنان أو قرب الحرقات وهناك توجد إلى الآن شمالي الحرقات بين الطنان وجبل منيف آثار أبنية قديمة تدعى «جوير» ، فلعله موضع قرية «الجوار». والرعيض. لا تعرف.
الأصبحيون ، الدار يسكنها الواقديون ، الرّعارع يسكنها الواقديون فور يسكنها الأصبحيون ، الغبرا أقرب إلى عدن يسكنها الأصبحيون ، بني أبّة يسكنها الا بقور من يافع ، بنو الحبل يسكنها قوم يعرفون بالاعدون منسوبون الى عدن (١) وبنو طفيل من بني الحبل يسكنها قوم من بني مجيد (٢) ، الشراحي يسكنها الاصبحيون ، ذات الاقبال يسكنها الأصبحيون. تبن (٣) يسكنها الواقديون وهي التي ذكرها السيد ابن محمد (٤) بقوله :
هلّا وقفت على الأجزاع من تبن (٥)
ثم يقول في هذه الكلمة :
لي منزلان بلحج منزل وسط
منها ولي منزل بالعرّ من عدن
حولي به ذو كلاع في منازلها
وذو رعين وهمدان وذو يزن
ثرى يسكنها الواقديون ، جنيب يسكنها الواقديون ، الرحبة يسكنها الواقديون ، دار بني شعيب يسكنها الواقديون ، الراحة يسكنها الاصبحيون والرواغ يسكنها الاصابح (٦).
______
(١) بنو أبة : قريتان متقاربتان ، احداهما بنو أبة العليا والاخرى بنو أبة السفلى ، ولهذا ان في أصلنا بياضا بعد قوله : «بني أبة» مما يدل على ما ذكرنا وذكره المؤرخون. قال الجندي لوحة ١٥٩ : بنو أبة بفتح الهمزة والباء الموحدة المشددة : تنسب إلى بانيها وهو رجل من قريض يقال له أبة ، ومنها ابو عبد الله محمد بن سعيد القريضي مؤلف كتاب «المستصفى في سنن المصطفى» وكتاب «القمر» ومختصر «إحياء علوم الدين» مات سنة ست وسبعين ، وبها جامع عظيم بناه محمد بن موسى بن جامع القريضي ، ويسمى هذه القرية غالب اهل السنة ميبة بفتح الميم ثم ياء مفتوحة ثم هاء ساكنة قبلها باء مشددة ، وفي «تحفة الأهدل» كلام كثير عن هاتين القريتين وفي «هدية الزمن» ، وأما موضع بني أبة فمعروف إلى يومنا هذا في ميبة وهو على نصف ميل غربي مدينة «الحوطة» ، وفي الرعارع وبني أبة وقعت الحرب بين علي بن أبي الغارات والداعي محمد بن سبأ الزريعيين (راجع «تاريخ عمارة» ص ١٨٢).
(٢) في قوله : بنو طفيل الخ ... قلق ، إلا أن يكون اسم القرية بنو طفيل ، فإنه يرتفع الإشكال.
(٣) تبن : زنة زفر وعمر ، وهي خرائب وأنقاض ولا يعرف موقعها وإنما يسمى السيل سيل تبن ووادي تبن.
(٤) هو الملقب السيد الحميري واسمه إسماعيل : شاعر معروف ، أخباره في «الأغاني» وغيره.
(٥) وتمام البيت : وما وقوف كبير السن في الدمن (من قصيدة اوردها صاحب «الأغاني») والأجزاع : بالجيم والزاي : جمع جزع بالكسر ويجوز الفتح وهو منعطف الوادي وهو كذلك في «الإكليل» و «الأغاني» وفي ياقوت : الأجراع بالجيم والراء ، والجرعة : الرملة الطيبة والأصح هو الأول.
(٦) الراحة : قال السلطان احمد فضل : وأما الراحة والمشاريح فباقيتان إلى الآن غربي جبل ردفان والثانية بلاد المناصرة. قلت : والراحة ايضا في الحواشب وهي مربوطة بأعلاها إلى لحج ويسكنها آل يحيى ، والراحة ايضا من محلاف حكم : المخلاف السليماني.
192
هلّا وقفت على الأجزاع من تبن (٥)
ثم يقول في هذه الكلمة :
لي منزلان بلحج منزل وسط
منها ولي منزل بالعرّ من عدن
حولي به ذو كلاع في منازلها
وذو رعين وهمدان وذو يزن
ثرى يسكنها الواقديون ، جنيب يسكنها الواقديون ، الرحبة يسكنها الواقديون ، دار بني شعيب يسكنها الواقديون ، الراحة يسكنها الاصبحيون والرواغ يسكنها الاصابح (٦).
______
(١) بنو أبة : قريتان متقاربتان ، احداهما بنو أبة العليا والاخرى بنو أبة السفلى ، ولهذا ان في أصلنا بياضا بعد قوله : «بني أبة» مما يدل على ما ذكرنا وذكره المؤرخون. قال الجندي لوحة ١٥٩ : بنو أبة بفتح الهمزة والباء الموحدة المشددة : تنسب إلى بانيها وهو رجل من قريض يقال له أبة ، ومنها ابو عبد الله محمد بن سعيد القريضي مؤلف كتاب «المستصفى في سنن المصطفى» وكتاب «القمر» ومختصر «إحياء علوم الدين» مات سنة ست وسبعين ، وبها جامع عظيم بناه محمد بن موسى بن جامع القريضي ، ويسمى هذه القرية غالب اهل السنة ميبة بفتح الميم ثم ياء مفتوحة ثم هاء ساكنة قبلها باء مشددة ، وفي «تحفة الأهدل» كلام كثير عن هاتين القريتين وفي «هدية الزمن» ، وأما موضع بني أبة فمعروف إلى يومنا هذا في ميبة وهو على نصف ميل غربي مدينة «الحوطة» ، وفي الرعارع وبني أبة وقعت الحرب بين علي بن أبي الغارات والداعي محمد بن سبأ الزريعيين (راجع «تاريخ عمارة» ص ١٨٢).
(٢) في قوله : بنو طفيل الخ ... قلق ، إلا أن يكون اسم القرية بنو طفيل ، فإنه يرتفع الإشكال.
(٣) تبن : زنة زفر وعمر ، وهي خرائب وأنقاض ولا يعرف موقعها وإنما يسمى السيل سيل تبن ووادي تبن.
(٤) هو الملقب السيد الحميري واسمه إسماعيل : شاعر معروف ، أخباره في «الأغاني» وغيره.
(٥) وتمام البيت : وما وقوف كبير السن في الدمن (من قصيدة اوردها صاحب «الأغاني») والأجزاع : بالجيم والزاي : جمع جزع بالكسر ويجوز الفتح وهو منعطف الوادي وهو كذلك في «الإكليل» و «الأغاني» وفي ياقوت : الأجراع بالجيم والراء ، والجرعة : الرملة الطيبة والأصح هو الأول.
(٦) الراحة : قال السلطان احمد فضل : وأما الراحة والمشاريح فباقيتان إلى الآن غربي جبل ردفان والثانية بلاد المناصرة. قلت : والراحة ايضا في الحواشب وهي مربوطة بأعلاها إلى لحج ويسكنها آل يحيى ، والراحة ايضا من محلاف حكم : المخلاف السليماني.
192
الميثاق الوطني للجبهة القومية أكد وحدة اليمن منذ عصور بعيدة
في 19 أغسطس 1963م عْقد في مدينة صنعاء اجتماع حضره عدد من قيادات حركة القوميين العرب في اليمن وفي هذا الاجتماع تم إعلان تأسيس ( الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل ) وإلغاء التسمية القديمة للجبهة ( جبهة تحرير جنوب اليمن ) وهي التسمية التي كانت قد أعلنتها الجبهة في بيانها التأسيسي الصادر في 24 فبراير 1963م ..
وكانت ( الجبهة القومية ) قد دعت منذ بداية تشكيلها إلى الأخذ بمبدأ الكفاح المسلح كأسلوب وحيد لتحرير الجنوب اليمني المحتل وكانت الانطلاقة الأولى للكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان وسرعان ما انتشر لهيب الثورة ليعم مناطق الجنوب المختلفة حتى وصل لهيبها إلى مقر القاعدة البريطانية في ( مستعمرة عدن ).
وفي الفترة من ( 22 – 25 يونيو 1965م ) عقدت الجبهة القومية مؤتمرها الأول وفيه أقرت برنامجها السياسي المتمثل في ( الميثاق الوطني لجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) وهو انعكاس لبرنامج ( حركة القوميين العرب ).
الدمج
> وفي 13 يناير 1966م أقدمت عناصر من قيادات الجبهة على التوقيع لدمج الجبهة القومية مع بعض التنظيمات الأخرى وعلى إثره تم الإعلان عن تأسيس ( منظمة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) التي ضمت في عضويتها إلى جانب العناصر المنشقة من الجبهة القومية عناصر أخرى من تنظيمات سياسية أخرى وبعضاٍ من حكام الإمارات والسلطنات الذين انشقوا عن زملائهم ورفضوا التعاطي مع المشاريع التي اقترحتها سلطات الإدارة البريطانية في عدن غير أن قواعد الجبهة القومية رفضت هذا الدمج واعتبرته بمنزلة ردة إلى الوراء في اتجاه الأخذ بالحلول السياسية التي تجاوزتها الأحداث .
وفي المؤتمر الذي انعقد في ( حْمر مديرية قعطبة محافظة الضالع ) في نوفمبر 1966م تقرر انسحاب ( الجبهة القومية ) عن ( جبهة التحرير ) وعادت ( الجبهة القومية ) لتعمل من جديد بصورة مستقلة غير أن هذا الانسحاب قد تسبب في إيقاف الدعم المالي والعسكري عنها من قبل القوات المصرية العاملة في اليمن التي كانت تقدمها لها قبل ذلك .
وتحول هذا الدعم إلى ( جبهة التحرير ) ثم إلى ( التنظيم الشعبي الثوري للقوى الثورية ) المنبثق عن ( جبهة التحرير ) الذي كان قد تأسس في أكتوبر 1966م كرد فعل لانسحاب الجبهة القومية عن ( جبهة التحرير ) معلنا التزامه بالكفاح المسلح . وكانت قيادات ( جبهة التحرير ) تْعنى بالشأن السياسي في حين تركت الكفاح المسلح ( للتنظيم الشعبي للقوى الثورية ) الذي كان ينافس ( الجبهة القومية ) في العمل العسكري وكان كل منهما ينسب لنفسه أية عملية فدائية يتم الإعلان عنها ما أدى في الأخير إلى الاقتتال بينهما وانتصار ( الجبهة القومية ) واندحار ( جبهة التحرير وتنظيمها العسكري ) وكانت قد حصلت الأولى على اعتراف سلطات الاحتلال وانحياز كبار ضباط الجيش والأمن معها في حين تم ملاحقة الأخرى وحظر نشاطها السياسي ومفاوضة الجبهة القومية للتوقيع على وثيقة الاستقلال التي تم إعلانها في الثلاثين من نوفمبر 1967م وقيام ( جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية )
ولما كانت ( الجبهة القومية ) منفردة قد تسلِمت زمام السلطة في الدولة الجديدة في وقت كان النضال فيه من أجل الوحدة اليمنية في جنوب الوطن في أشد عنفوانه ما كان يستوجب اندماج الشطرين وعقب جلاء قوات الاحتلال مباشرة خصوصاٍ أن ( الجبهة القومية ) كانت في طليعة التنظيمات السياسية في جنوب الوطن الداعية إلى وحدة الشطرين في كيان سياسي واحد غير أن ذلك لم يتم في حينهº لأن الظروف لم تكن مهيأة في الشطرين – بحسب زعم القيادات السياسية حينها – أو بالأصح لم تكن الإرادة السياسية جادة لتحقيق هذا الهدف السامي ما جعل مسيرة الوحدة تتأخر لما يزيد على ربع قرن من الزمان .
والعجيب أن وثائق ( الجبهة القومية ) جميعها تؤكد قضية الوحدة اليمنية باعتبارها مسألة إستراتيجية وهذا ما سنحاول إيضاحه في هذا الحيز المتواضعه .
وثائق وحدوية
> لقد نص الميثاق الوطني للجبهة القومية على إن المنطقة – اليمن شمالاٍ وجنوبـاٍ – ظلت وحدة طبيعية متكاملة تجمع شعبها روابط وعوامل كثيرة منها وحدة الأرض ووحدة المعاناة اليومية للحياة ووحدة المصلحة والمصير وقد تجسدت هذه الوحدة على مستواها السياسي في عصر الإسلام في دول متعددة تعاقبت على المنطقة كدولة الزياديين والباطنيين والزيديين والأيوبيين والصليحيين تضم شملها وتعبر عن وحدتها .
في 19 أغسطس 1963م عْقد في مدينة صنعاء اجتماع حضره عدد من قيادات حركة القوميين العرب في اليمن وفي هذا الاجتماع تم إعلان تأسيس ( الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل ) وإلغاء التسمية القديمة للجبهة ( جبهة تحرير جنوب اليمن ) وهي التسمية التي كانت قد أعلنتها الجبهة في بيانها التأسيسي الصادر في 24 فبراير 1963م ..
وكانت ( الجبهة القومية ) قد دعت منذ بداية تشكيلها إلى الأخذ بمبدأ الكفاح المسلح كأسلوب وحيد لتحرير الجنوب اليمني المحتل وكانت الانطلاقة الأولى للكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان وسرعان ما انتشر لهيب الثورة ليعم مناطق الجنوب المختلفة حتى وصل لهيبها إلى مقر القاعدة البريطانية في ( مستعمرة عدن ).
وفي الفترة من ( 22 – 25 يونيو 1965م ) عقدت الجبهة القومية مؤتمرها الأول وفيه أقرت برنامجها السياسي المتمثل في ( الميثاق الوطني لجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) وهو انعكاس لبرنامج ( حركة القوميين العرب ).
الدمج
> وفي 13 يناير 1966م أقدمت عناصر من قيادات الجبهة على التوقيع لدمج الجبهة القومية مع بعض التنظيمات الأخرى وعلى إثره تم الإعلان عن تأسيس ( منظمة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) التي ضمت في عضويتها إلى جانب العناصر المنشقة من الجبهة القومية عناصر أخرى من تنظيمات سياسية أخرى وبعضاٍ من حكام الإمارات والسلطنات الذين انشقوا عن زملائهم ورفضوا التعاطي مع المشاريع التي اقترحتها سلطات الإدارة البريطانية في عدن غير أن قواعد الجبهة القومية رفضت هذا الدمج واعتبرته بمنزلة ردة إلى الوراء في اتجاه الأخذ بالحلول السياسية التي تجاوزتها الأحداث .
وفي المؤتمر الذي انعقد في ( حْمر مديرية قعطبة محافظة الضالع ) في نوفمبر 1966م تقرر انسحاب ( الجبهة القومية ) عن ( جبهة التحرير ) وعادت ( الجبهة القومية ) لتعمل من جديد بصورة مستقلة غير أن هذا الانسحاب قد تسبب في إيقاف الدعم المالي والعسكري عنها من قبل القوات المصرية العاملة في اليمن التي كانت تقدمها لها قبل ذلك .
وتحول هذا الدعم إلى ( جبهة التحرير ) ثم إلى ( التنظيم الشعبي الثوري للقوى الثورية ) المنبثق عن ( جبهة التحرير ) الذي كان قد تأسس في أكتوبر 1966م كرد فعل لانسحاب الجبهة القومية عن ( جبهة التحرير ) معلنا التزامه بالكفاح المسلح . وكانت قيادات ( جبهة التحرير ) تْعنى بالشأن السياسي في حين تركت الكفاح المسلح ( للتنظيم الشعبي للقوى الثورية ) الذي كان ينافس ( الجبهة القومية ) في العمل العسكري وكان كل منهما ينسب لنفسه أية عملية فدائية يتم الإعلان عنها ما أدى في الأخير إلى الاقتتال بينهما وانتصار ( الجبهة القومية ) واندحار ( جبهة التحرير وتنظيمها العسكري ) وكانت قد حصلت الأولى على اعتراف سلطات الاحتلال وانحياز كبار ضباط الجيش والأمن معها في حين تم ملاحقة الأخرى وحظر نشاطها السياسي ومفاوضة الجبهة القومية للتوقيع على وثيقة الاستقلال التي تم إعلانها في الثلاثين من نوفمبر 1967م وقيام ( جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية )
ولما كانت ( الجبهة القومية ) منفردة قد تسلِمت زمام السلطة في الدولة الجديدة في وقت كان النضال فيه من أجل الوحدة اليمنية في جنوب الوطن في أشد عنفوانه ما كان يستوجب اندماج الشطرين وعقب جلاء قوات الاحتلال مباشرة خصوصاٍ أن ( الجبهة القومية ) كانت في طليعة التنظيمات السياسية في جنوب الوطن الداعية إلى وحدة الشطرين في كيان سياسي واحد غير أن ذلك لم يتم في حينهº لأن الظروف لم تكن مهيأة في الشطرين – بحسب زعم القيادات السياسية حينها – أو بالأصح لم تكن الإرادة السياسية جادة لتحقيق هذا الهدف السامي ما جعل مسيرة الوحدة تتأخر لما يزيد على ربع قرن من الزمان .
والعجيب أن وثائق ( الجبهة القومية ) جميعها تؤكد قضية الوحدة اليمنية باعتبارها مسألة إستراتيجية وهذا ما سنحاول إيضاحه في هذا الحيز المتواضعه .
وثائق وحدوية
> لقد نص الميثاق الوطني للجبهة القومية على إن المنطقة – اليمن شمالاٍ وجنوبـاٍ – ظلت وحدة طبيعية متكاملة تجمع شعبها روابط وعوامل كثيرة منها وحدة الأرض ووحدة المعاناة اليومية للحياة ووحدة المصلحة والمصير وقد تجسدت هذه الوحدة على مستواها السياسي في عصر الإسلام في دول متعددة تعاقبت على المنطقة كدولة الزياديين والباطنيين والزيديين والأيوبيين والصليحيين تضم شملها وتعبر عن وحدتها .
ولظروف تاريخية واجتماعية معينة تهاوت هذه الدول وحطم بعضها بعضا وبدأ قادة الجيوش والولاة في مناطق الجنوب يشرفون على إدارتها والاستقرار فيها ثم أخذوا يقتطعون الأرض لملكيتهم الخاصة ويعلنون عن انفصالهم التدريجي عن الحكومة المركزية في صنعاء أو تعز أو زبيد أو عدن « ( المنطقة حتى عام 1839م ).
ونستدل من ذلك على أن الجبهة القومية أقرت في ميثاقها أن اليمن شمالا وجنوبا كياناٍ واحداٍ عبر التاريخ غير أن ظروفا اجتماعية وتاريخية معينة أدت إلى تهاوي ذلك الكيان وقيام دويلات هزيلة في الأجزاء التي اقتطعت من الكيان الواحد .
وفي البيان السياسي الصادر عن القيادة العامة المنبثقة عن المؤتمر الرابع للجبهة القومية المنعقد في مدينة زنجبار في الفترة ( 2 – 8 مارس 1968 ) جاء ما يلي :
على المستوى المحلي لابد أن نسجل الملاحظات التالية :
أولا : بالرغم من أننا حققنا طرد المستعمر والقضاء على النظام السلاطيني شبه الإقطاعي في جمهوريتناº إلا أنه يجب ألا يغرب عن بالنا أن تحررنا الوطني لن يتحقق بشكله السليمº إلا بانتصار ثورتنا في الشمال وتحقيق وحدة الإقليم اليمني .
وهذا يدل على أن وحدة الإقليم اليمني كانت غاية سامية تسعى الجبهة القومية لتحقيقهاº إلا أن الأخطار التي تعرضت لها الثورة في الشمال ربما كانت واحدة من أسباب تأجيل إعلان الوحدة .
وجاء في البيان الوزاري الذي أعلنته حكومة الاستقلال ما يلي :
» انطلاقا من الإيمان بحتمية تحقيق الوحدة اليمنيةº فإن توثيق العلاقات وتطويرها على أسس علمية بين شمال اليمن وجنوبه من خلال التفاعل والالتحام بين مختلف المستويات الرسمية والشعبية لتجسيد المصلحة المشتركة لشعبنا تحتم بالضرورة دراسة القضايا المشتركة والاتفاق حولها وتوحيد وجهات النظر فيها وتطبيقها بين حكومتي الجنوب والشمال بما يتفق والمصلحة العامة للشعب لهذا لابد من إنشاء مكاتب تنسيق تحقق هذه الغاية «
ويفهم من ذلك أن الجبهة تؤكد حتمية الوحدة اليمنية ووجوب تحقيقها على أسس علمية وربما كانت هناك جهود جادة لتحقيق هذه الغاية من خلال العمل على توثيق العلاقات بين الشطرين وتطويرها ومن خلال التفاعل والالتحام بين مختلف المستويات الرسمية والشعبية لولا حصول بعض المتغيرات المتسارعة في الساحة اليمنية . وهذا ما يؤكده برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني الذي أقرته القيادة العامة للجبهة القومية في دورتها العادية المنعقدة في الفترة ( 7 – 11 أكتوبر 1968م ):
عوائق
> لولا الظروف الموضوعية السائدة في الشمال والجنوب عند استقلال الجنوب تلك الظروف التي شكلت عوائق آنية لكان من الضروري قيام الكيان اليمني بتحقيق الوحدة اليمنية التي ظلت وما زالت أمل الشعب اليمني في الشمال والجنوب «.
وكانت الجبهة القومية تطمح إلى تغيير الأوضاع في شمال الوطنº لأنها لم تكن على وئام تام مع النظام القائم في صنعاء المنبثق عن انقلاب 5 نوفمبر 1967م الذي تحالف مع خصومها من البعثيين واستوعب النازحين من عناصر جبهة التحرير والتنظيم الشعبي وهي لذلك كانت ترى أن ذلك يشكل عائقا آنيا لتحقيق الوحدة اليمنية وتتمنى زوال ذلك العائق وتمكين أنصارها من القوميين في شمال الوطن للوصول إلى الحكم وعملت على دعمهم لتشكيل تنظيم سياسي موال لها على أمل أن يكون ذلك التنظيم هو الذي سيخلق التجانس المنشود بين حكومتي الشطرين وفي حالة حصول ذلك فإن معوقات الوحدة ستزول من وجهة نظرها .
وانطلاقا من هذا النهج الخاطئ لخلق الظروف الموضوعية لتحقيق الوحدة بدأت اليمن تدخل في دوامة من الصراع الأيديولوجي والعقائدي والحروب الأهلية أدت إلى إزهاق المئات بل الآلاف من الأرواح البريئة بسبب أن الجبهة القومية كتنظيم شعبي جماهيري – كما وصفت نفسها – كانت قد قررت في برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني أنها » ستعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق الوحدة اليمنية « وهي ترى » أن الوحدة اليمنية تتطلب توافر الأوضاع السياسية والاجتماعية الملائمة كما تتطلب وحدة الإرادة الثورية في الشمال والجنوب التي ستحقق وتحافظ على وحدة اليمن «.
وبناءٍ على ما سبق يمكننا القول أن الجبهة القومية قد وقعت في خطأ إستراتيجي حين ربطت قضية تحقيق الوحدة اليمنية بقضية أخرى هي خلق وحدة الأداة الثورية في الشمال والجنوب فهي بدلاٍ من العمل على تذليل المعوقات التي تحول دون تحقيق الوحدة اليمنية اتجهت اتجاها مغايرا فركزت كل اهتمامها لخلق ( وحدة الأداة الثورية ) واعتبرت ذلك قضية مهمة بالنسبة لها فاقت المساعي لتحقيق الوحدة اليمنية .
ونستدل من ذلك على أن الجبهة القومية أقرت في ميثاقها أن اليمن شمالا وجنوبا كياناٍ واحداٍ عبر التاريخ غير أن ظروفا اجتماعية وتاريخية معينة أدت إلى تهاوي ذلك الكيان وقيام دويلات هزيلة في الأجزاء التي اقتطعت من الكيان الواحد .
وفي البيان السياسي الصادر عن القيادة العامة المنبثقة عن المؤتمر الرابع للجبهة القومية المنعقد في مدينة زنجبار في الفترة ( 2 – 8 مارس 1968 ) جاء ما يلي :
على المستوى المحلي لابد أن نسجل الملاحظات التالية :
أولا : بالرغم من أننا حققنا طرد المستعمر والقضاء على النظام السلاطيني شبه الإقطاعي في جمهوريتناº إلا أنه يجب ألا يغرب عن بالنا أن تحررنا الوطني لن يتحقق بشكله السليمº إلا بانتصار ثورتنا في الشمال وتحقيق وحدة الإقليم اليمني .
وهذا يدل على أن وحدة الإقليم اليمني كانت غاية سامية تسعى الجبهة القومية لتحقيقهاº إلا أن الأخطار التي تعرضت لها الثورة في الشمال ربما كانت واحدة من أسباب تأجيل إعلان الوحدة .
وجاء في البيان الوزاري الذي أعلنته حكومة الاستقلال ما يلي :
» انطلاقا من الإيمان بحتمية تحقيق الوحدة اليمنيةº فإن توثيق العلاقات وتطويرها على أسس علمية بين شمال اليمن وجنوبه من خلال التفاعل والالتحام بين مختلف المستويات الرسمية والشعبية لتجسيد المصلحة المشتركة لشعبنا تحتم بالضرورة دراسة القضايا المشتركة والاتفاق حولها وتوحيد وجهات النظر فيها وتطبيقها بين حكومتي الجنوب والشمال بما يتفق والمصلحة العامة للشعب لهذا لابد من إنشاء مكاتب تنسيق تحقق هذه الغاية «
ويفهم من ذلك أن الجبهة تؤكد حتمية الوحدة اليمنية ووجوب تحقيقها على أسس علمية وربما كانت هناك جهود جادة لتحقيق هذه الغاية من خلال العمل على توثيق العلاقات بين الشطرين وتطويرها ومن خلال التفاعل والالتحام بين مختلف المستويات الرسمية والشعبية لولا حصول بعض المتغيرات المتسارعة في الساحة اليمنية . وهذا ما يؤكده برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني الذي أقرته القيادة العامة للجبهة القومية في دورتها العادية المنعقدة في الفترة ( 7 – 11 أكتوبر 1968م ):
عوائق
> لولا الظروف الموضوعية السائدة في الشمال والجنوب عند استقلال الجنوب تلك الظروف التي شكلت عوائق آنية لكان من الضروري قيام الكيان اليمني بتحقيق الوحدة اليمنية التي ظلت وما زالت أمل الشعب اليمني في الشمال والجنوب «.
وكانت الجبهة القومية تطمح إلى تغيير الأوضاع في شمال الوطنº لأنها لم تكن على وئام تام مع النظام القائم في صنعاء المنبثق عن انقلاب 5 نوفمبر 1967م الذي تحالف مع خصومها من البعثيين واستوعب النازحين من عناصر جبهة التحرير والتنظيم الشعبي وهي لذلك كانت ترى أن ذلك يشكل عائقا آنيا لتحقيق الوحدة اليمنية وتتمنى زوال ذلك العائق وتمكين أنصارها من القوميين في شمال الوطن للوصول إلى الحكم وعملت على دعمهم لتشكيل تنظيم سياسي موال لها على أمل أن يكون ذلك التنظيم هو الذي سيخلق التجانس المنشود بين حكومتي الشطرين وفي حالة حصول ذلك فإن معوقات الوحدة ستزول من وجهة نظرها .
وانطلاقا من هذا النهج الخاطئ لخلق الظروف الموضوعية لتحقيق الوحدة بدأت اليمن تدخل في دوامة من الصراع الأيديولوجي والعقائدي والحروب الأهلية أدت إلى إزهاق المئات بل الآلاف من الأرواح البريئة بسبب أن الجبهة القومية كتنظيم شعبي جماهيري – كما وصفت نفسها – كانت قد قررت في برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني أنها » ستعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق الوحدة اليمنية « وهي ترى » أن الوحدة اليمنية تتطلب توافر الأوضاع السياسية والاجتماعية الملائمة كما تتطلب وحدة الإرادة الثورية في الشمال والجنوب التي ستحقق وتحافظ على وحدة اليمن «.
وبناءٍ على ما سبق يمكننا القول أن الجبهة القومية قد وقعت في خطأ إستراتيجي حين ربطت قضية تحقيق الوحدة اليمنية بقضية أخرى هي خلق وحدة الأداة الثورية في الشمال والجنوب فهي بدلاٍ من العمل على تذليل المعوقات التي تحول دون تحقيق الوحدة اليمنية اتجهت اتجاها مغايرا فركزت كل اهتمامها لخلق ( وحدة الأداة الثورية ) واعتبرت ذلك قضية مهمة بالنسبة لها فاقت المساعي لتحقيق الوحدة اليمنية .
وربما كانت الجبهة القومية تتصور أن » وحدة الأداة الثورية في الشمال والجنوب هي التي ستحقق وتحافظ على وحدة اليمن وعلى المكاسب الثورية التي حققها وسيحققها الشعب اليمني في نضاله لبناء المجتمع اليمني التقدمي «.
برنامج لتحقيق الوحدة
> واستناداٍ لهذا التصور قدم الرئيس قحطان محمد الشعبي - رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الوليدة - برنامجا مكونا من ( عشر نقاط ) حدد فيها الخطوط الرئيسة التي تقوم عليها ومن أجلها الوحدة اليمنية وأعلنها في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الاحتفال بيوم الشهداء في الحادي عشر من فبراير 1969م وهي أقرب ما تكون إلى النقاط التعجيزية منها إلى النقاط الموضوعية لما تشتمل عليه من مطالب غير منطقية من شأنها أن تعمق الفرقة ولا تلم الشمل وليس ذلك فحسب بل ستدخل اليمن في دوامة لا تنتهي من الصراعات الإقليمية .
ولما كانت هذه النقاط قد تجاوزتها الأحداث وصارت من التاريخ فلا مانع من عرضها هنا على اعتبار أنها وثيقة من وثائق حكومة الاستقلال وهي الآن لا تقدم ولا تؤخر لكنها مع ذلك تعتبر وثيقة مهمةº لأنها ترينا جانبا من جوانب تفكير قادتنا في مرحلة تاريخية معينة .
تقول الوثيقة الصادرة في عدن عن وزارة الثقافة والإرشاد أبريل 1969م :
» إذا كان أشقاؤنا في الشمال فعلاٍ متطلعين إلى إيجاد حل وإلى تحقيق الوحدة العربية اليمنية سيرا نحو تحقيق وحدة عربية اشتراكيةº فإن النقاط الآتية هي الأساس :
أولا : لابد أن نقر أن الوحدة بين الجنوب والشمال لابد أن تكون ذات مضمون اجتماعي تقدمي اشتراكي .
ثانيا : لابد أن تجتمع كلمتنا على تصفية الاحتلال الأجنبي من أراضينا هنا في إقليم اليمن كجيزان ونجران وجزر كوريا موريا .
ثالثا : العمل على المساهمة لتصفية الاستعمار أينما كان وفي حدود إمكانياتنا .
رابعا : محاربة الإمبريالية في الوطن العربي والجزيرة العربية والمساهمة في ضربها عالميا .
خامسا : تصفية الإقطاع في الجنوب والشمال وتحقيق المجتمع الاشتراكي ومجتمع الكفاية والعدل ولهذا فإن قانون الإصلاح الزراعي الذي بدأ في الجنوب لابد أن يشمل الشمال أيضا لنقضي على الإقطاع هناك .
سادسا : إيجاد اقتصاد وطني متحرر في الشمال والجنوب وهذا مبدأ من مبادئ ثورة 14 أكتوبر نص عليه الميثاق .
سابعا : محاكمة كل مجاميع الثورة المضادة لثورتي الشمال والجنوب 14 أكتوبر و26 سبتمبر .
ثامنـا : وضع حد نهائي لقواعد الثورة المضادة الموجودة على حدودنا في الشمال في مكيراس وتعز وجيزان وماوية والمفاليس وفي باب المندب .
تاسعا : إقرار برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي الذي أنزلته أداة الثورة الجبهة القومية للشمال والجنوب .
عاشرا : الميثاق الوطني لابد أن يكون الدليل النظري لأداة الثورة في الشمال والجنوبº لأنه يحتوي على تحقيق أهداف الشعب في الشمال والجنوب .
على هذه الأسس نحن على استعداد للسير مع حكام صنعاء لتحقيق الوحدة «
وبعد عرضنا لهذه الوثائق أستطيع القول : إن الوحدة اليمنية كانت غاية وهدفا ساميا في النضال من أجل التحرير لكن الساسة ضلوا الطريق في الوصول إليهاº .
جبهة تحرير جنوب اليمن
> أما جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل فقد تم إنشاء منظمة التحرير سنة 1965م ثم تم إنشاء جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وذلك بسبب رغبة قادة حزب الشعب الاشتراكي في إنقاذ الاتحادات النقابية ( كالمؤتمر العمالي العدني ) التي قوضتها جدياٍ الجبهة القومية للتحرير التي توصلت سنة 1965 إلى كسب ست نقابات من أقوى نقابات عدن إلى جانبها . كانت منظمة التحرير تطمح منذ البدء إلى تجميع كل أحزاب المعارضة في داخلها . وقد نجحت في ذلك نجاحاٍ واسعاٍ في الظاهر على الأقل وفي يناير 1966م تم الاعلان عن اندماج منظمة التحرير والجبهة القومية للتحرير تحت مسمى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل FLOSY دخول الجبهة القومية للتحرير في المنظمة الجديدة لم يكن بموافقة جميع قادتها فلم تلبث المنازعات أن ظهرت بجلاء كان قادة منظمة التحرير السابقة يميلون للنضال السياسي بينما كانت الجبهة القومية للتحرير يفضلون النضال المسلح على السياسة بشكل أكبر .
وتمتعت الجبهة القومية للتحرير منذ تأسسيها في عام 1963 بدعم الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تقدم لها مساعدة مادية لا تْقدر . ولكن هذا الدعم توجه لاحقاٍ لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وحدها وذلك لأن مصر وجدت أنها تتوافق مع توجهاتها السياسية . وأخذت الجبهة القومية للتحرير تبتعد قليلاٍ عن القاهرة غير أنها حرصت على عدم قطع علاقتها مع مصر وعلى عدم مهاجمتها .
برنامج لتحقيق الوحدة
> واستناداٍ لهذا التصور قدم الرئيس قحطان محمد الشعبي - رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الوليدة - برنامجا مكونا من ( عشر نقاط ) حدد فيها الخطوط الرئيسة التي تقوم عليها ومن أجلها الوحدة اليمنية وأعلنها في خطابه الذي ألقاه بمناسبة الاحتفال بيوم الشهداء في الحادي عشر من فبراير 1969م وهي أقرب ما تكون إلى النقاط التعجيزية منها إلى النقاط الموضوعية لما تشتمل عليه من مطالب غير منطقية من شأنها أن تعمق الفرقة ولا تلم الشمل وليس ذلك فحسب بل ستدخل اليمن في دوامة لا تنتهي من الصراعات الإقليمية .
ولما كانت هذه النقاط قد تجاوزتها الأحداث وصارت من التاريخ فلا مانع من عرضها هنا على اعتبار أنها وثيقة من وثائق حكومة الاستقلال وهي الآن لا تقدم ولا تؤخر لكنها مع ذلك تعتبر وثيقة مهمةº لأنها ترينا جانبا من جوانب تفكير قادتنا في مرحلة تاريخية معينة .
تقول الوثيقة الصادرة في عدن عن وزارة الثقافة والإرشاد أبريل 1969م :
» إذا كان أشقاؤنا في الشمال فعلاٍ متطلعين إلى إيجاد حل وإلى تحقيق الوحدة العربية اليمنية سيرا نحو تحقيق وحدة عربية اشتراكيةº فإن النقاط الآتية هي الأساس :
أولا : لابد أن نقر أن الوحدة بين الجنوب والشمال لابد أن تكون ذات مضمون اجتماعي تقدمي اشتراكي .
ثانيا : لابد أن تجتمع كلمتنا على تصفية الاحتلال الأجنبي من أراضينا هنا في إقليم اليمن كجيزان ونجران وجزر كوريا موريا .
ثالثا : العمل على المساهمة لتصفية الاستعمار أينما كان وفي حدود إمكانياتنا .
رابعا : محاربة الإمبريالية في الوطن العربي والجزيرة العربية والمساهمة في ضربها عالميا .
خامسا : تصفية الإقطاع في الجنوب والشمال وتحقيق المجتمع الاشتراكي ومجتمع الكفاية والعدل ولهذا فإن قانون الإصلاح الزراعي الذي بدأ في الجنوب لابد أن يشمل الشمال أيضا لنقضي على الإقطاع هناك .
سادسا : إيجاد اقتصاد وطني متحرر في الشمال والجنوب وهذا مبدأ من مبادئ ثورة 14 أكتوبر نص عليه الميثاق .
سابعا : محاكمة كل مجاميع الثورة المضادة لثورتي الشمال والجنوب 14 أكتوبر و26 سبتمبر .
ثامنـا : وضع حد نهائي لقواعد الثورة المضادة الموجودة على حدودنا في الشمال في مكيراس وتعز وجيزان وماوية والمفاليس وفي باب المندب .
تاسعا : إقرار برنامج استكمال مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي الذي أنزلته أداة الثورة الجبهة القومية للشمال والجنوب .
عاشرا : الميثاق الوطني لابد أن يكون الدليل النظري لأداة الثورة في الشمال والجنوبº لأنه يحتوي على تحقيق أهداف الشعب في الشمال والجنوب .
على هذه الأسس نحن على استعداد للسير مع حكام صنعاء لتحقيق الوحدة «
وبعد عرضنا لهذه الوثائق أستطيع القول : إن الوحدة اليمنية كانت غاية وهدفا ساميا في النضال من أجل التحرير لكن الساسة ضلوا الطريق في الوصول إليهاº .
جبهة تحرير جنوب اليمن
> أما جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل فقد تم إنشاء منظمة التحرير سنة 1965م ثم تم إنشاء جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وذلك بسبب رغبة قادة حزب الشعب الاشتراكي في إنقاذ الاتحادات النقابية ( كالمؤتمر العمالي العدني ) التي قوضتها جدياٍ الجبهة القومية للتحرير التي توصلت سنة 1965 إلى كسب ست نقابات من أقوى نقابات عدن إلى جانبها . كانت منظمة التحرير تطمح منذ البدء إلى تجميع كل أحزاب المعارضة في داخلها . وقد نجحت في ذلك نجاحاٍ واسعاٍ في الظاهر على الأقل وفي يناير 1966م تم الاعلان عن اندماج منظمة التحرير والجبهة القومية للتحرير تحت مسمى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل FLOSY دخول الجبهة القومية للتحرير في المنظمة الجديدة لم يكن بموافقة جميع قادتها فلم تلبث المنازعات أن ظهرت بجلاء كان قادة منظمة التحرير السابقة يميلون للنضال السياسي بينما كانت الجبهة القومية للتحرير يفضلون النضال المسلح على السياسة بشكل أكبر .
وتمتعت الجبهة القومية للتحرير منذ تأسسيها في عام 1963 بدعم الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تقدم لها مساعدة مادية لا تْقدر . ولكن هذا الدعم توجه لاحقاٍ لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وحدها وذلك لأن مصر وجدت أنها تتوافق مع توجهاتها السياسية . وأخذت الجبهة القومية للتحرير تبتعد قليلاٍ عن القاهرة غير أنها حرصت على عدم قطع علاقتها مع مصر وعلى عدم مهاجمتها .
أدى تبدل التحالفات إلى إضعاف وضعية ( الجبهة القومية للتحرير ) في الخارج حيث تمتع خصمها بشهرة واسعة مع ذلك عرفت الجبهة القومية للتحرير أن تعوض عن هذه الخسارة بتقوية وضعها في الداخل . ومنذ عام 1965م نجحت في التغلغل في الحركة النقابية وفي الجيش . ويعود صعودها إلى هذه السنة بالضبط . وحتى عام 1966م كان تقدمها بطيئاٍ ولكنه متواصل . غير أن عام 1967م كان حاسماٍ . فتمرد الجنود والشرطة الذي حدث في 20 يونيو 1967م والذي جعل ( الجبهة القومية للتحرير ) وجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تسيطران على مدينة كريتر طيلة أسبوعين تقريباٍ قوى مجدداٍ نفوذ ( الجبهة القومية للتحرير ).
الصراع مع الجبهة القومية
> وفي 1966 م أثناء مناقشة قضية الجنوب المحتل في القاهرة بحضور قحطان الشعبي وسيف الضالعي وفد ( الجبهة القومية ) وعبد القوي مكاوي وخليفة عبد الله خليفة وفد ( حكومة عدن المقالة ) ووفد ( منظمة التحرير ) اقترحت مصر أن يتولى رئاسة الوفد عبد القوي مكاوي ولكن قحطان الشعبي ظل مصراٍ على أن تكون رئاسة الوفد الجبهة القومية للتحرير باعتبارها التي تقود الثورة المسلحة حيث رأت مصر أن الأمم المتحدة هي ساحة سياسية وليست ميدان قتال وأن عبد القوي مكاوي واجهة سياسية مقبولة لدى الرأي العام الدولي ولكن قحطان الشعبي رفض ذلك .
لذلك فكرت مصر في إيجاد تنظيم جديد على أمل أن يحل محل ( الجبهة القومية ) فراحت تخطط لذلك وقامت بإقناع بعض القياديين في الجبهة القومية بالموافقة على الاندماج مع ( منظمة التحرير ) في إطار ( جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) التي جاء قيامها حصيلة محادثات جرت في تعز بين علي احمد ناصر السلامي كممثل للجبهة القومية وبين عبدالله الأصنج كممثل عن ( منظمة التحرير ) وتولى الجهاز العربي رعاية تلك المحادثات التي دارت بصورة سرية دون علم أو مشاركة معظم قادة ( الجبهة القومية ) وفي الساعة الثامنة من مساء يوم 13 يناير عام 1966 م قامت ( إذاعة تعز ) بقراءة بيان ينص على أن الجبهة القومية ) و(منظمة التحرير ) قد اتفقتا على الاندماج معاٍ في تنظيم واحد تقرر أن يطلق عليه اسم ( جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) وكان البيان يحمل توقيعِيú الأصنج والسلامي . فأثار البيان ردود أفعال غاضبة في صفوف غالبية قادة ( الجبهة القومية ) وتشكيلاتها المختلفة التي فوجئت بالأمر واعتبرته قسرياٍ وغير شرعي وتم بضغوط مصر .
كان الاختلاف الايدلوجي بين قادة الجبهتين واضحاٍ حيث اختلفت الجبهتان في كيفية إدارة الصراع مع الاستعمار البريطاني إضافةٍ للاختلاف في كيفية إدارة البلاد بعد الاستقلال . لهذه الأسباب فسخ التحالف الذي جرى في 13 يناير 1966 في ديسمبر من السنة ذاتها . استعادت بعدها ( الجبهة القومية ) حرية عملها وكثفت نشاطها العسكري في مناطق البلد الداخلية وفي المراكز الحضرية . وفي نفس الوقت عززت ووطدت أوضاعها في الجيش والشرطة والنقابات وفي صفوف المثقفين الشبان وازداد تأصلها في الأرياف . ومع تبني هذا الخط القاسي عرفت الحركة الثورية تحولاٍ حاسماٍ . أما ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد أناطت نفسها بقيادة عسكرية مستقلة ( المنظمة الشعبية ) عهد إليها برعاية النضال المسلح وبمكتب سياسي يقع العمل السياسي على عاتقه . وقد ضاعفت مجهودها على الصعيد الداخلي وبذلت نشاطاٍ دبلوماسياٍ واسع النطاق في الخارج وبالأخص في هيئة الأمم المتحدة .
تراجع
> ونظراٍ لأن قاعدة عدن لم تعد لها أهمية بالنسبة لإنجلترا منذ أن تقرر الجلاء عنها في شهر فبراير 1967م قررت لندن إنهاء وجودها في اليمن الجنوبي . وقد تم اختيار التاسع من يناير 1968 كيوم حصول اليمن الجنوبي على السيادة الدولية .
مضت الأحداث السياسية والميدانية بشكل سريع فقد تفكك النظام الاتحادي على إثر تمرد 20 يونيو 1967م بعدها قامت الجبهة القومية بسرعة بنشر نفوذها على معظم مناطق الاتحاد وكذلك على حضرموت . حاولت بعدها جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل السيطرة على بعض المناطق ولكن بعد فوات الأوان . حيث أدى هذا التسابق إلى اصطدامات دموية بالأخص في لحج ودار سعد والشيخ عثمان .
وبعد أن فشلت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ( جبهة التحرير ) في تصحيح الوضع لصالحها توجب عليها أن تلين مواقفها السابقة . فقد انقطعت عن اعتبار نفسها الممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي وتخلت عن مشروعها الرامي إلى تشكيل حكومة في المنفى .
الصراع مع الجبهة القومية
> وفي 1966 م أثناء مناقشة قضية الجنوب المحتل في القاهرة بحضور قحطان الشعبي وسيف الضالعي وفد ( الجبهة القومية ) وعبد القوي مكاوي وخليفة عبد الله خليفة وفد ( حكومة عدن المقالة ) ووفد ( منظمة التحرير ) اقترحت مصر أن يتولى رئاسة الوفد عبد القوي مكاوي ولكن قحطان الشعبي ظل مصراٍ على أن تكون رئاسة الوفد الجبهة القومية للتحرير باعتبارها التي تقود الثورة المسلحة حيث رأت مصر أن الأمم المتحدة هي ساحة سياسية وليست ميدان قتال وأن عبد القوي مكاوي واجهة سياسية مقبولة لدى الرأي العام الدولي ولكن قحطان الشعبي رفض ذلك .
لذلك فكرت مصر في إيجاد تنظيم جديد على أمل أن يحل محل ( الجبهة القومية ) فراحت تخطط لذلك وقامت بإقناع بعض القياديين في الجبهة القومية بالموافقة على الاندماج مع ( منظمة التحرير ) في إطار ( جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) التي جاء قيامها حصيلة محادثات جرت في تعز بين علي احمد ناصر السلامي كممثل للجبهة القومية وبين عبدالله الأصنج كممثل عن ( منظمة التحرير ) وتولى الجهاز العربي رعاية تلك المحادثات التي دارت بصورة سرية دون علم أو مشاركة معظم قادة ( الجبهة القومية ) وفي الساعة الثامنة من مساء يوم 13 يناير عام 1966 م قامت ( إذاعة تعز ) بقراءة بيان ينص على أن الجبهة القومية ) و(منظمة التحرير ) قد اتفقتا على الاندماج معاٍ في تنظيم واحد تقرر أن يطلق عليه اسم ( جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) وكان البيان يحمل توقيعِيú الأصنج والسلامي . فأثار البيان ردود أفعال غاضبة في صفوف غالبية قادة ( الجبهة القومية ) وتشكيلاتها المختلفة التي فوجئت بالأمر واعتبرته قسرياٍ وغير شرعي وتم بضغوط مصر .
كان الاختلاف الايدلوجي بين قادة الجبهتين واضحاٍ حيث اختلفت الجبهتان في كيفية إدارة الصراع مع الاستعمار البريطاني إضافةٍ للاختلاف في كيفية إدارة البلاد بعد الاستقلال . لهذه الأسباب فسخ التحالف الذي جرى في 13 يناير 1966 في ديسمبر من السنة ذاتها . استعادت بعدها ( الجبهة القومية ) حرية عملها وكثفت نشاطها العسكري في مناطق البلد الداخلية وفي المراكز الحضرية . وفي نفس الوقت عززت ووطدت أوضاعها في الجيش والشرطة والنقابات وفي صفوف المثقفين الشبان وازداد تأصلها في الأرياف . ومع تبني هذا الخط القاسي عرفت الحركة الثورية تحولاٍ حاسماٍ . أما ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد أناطت نفسها بقيادة عسكرية مستقلة ( المنظمة الشعبية ) عهد إليها برعاية النضال المسلح وبمكتب سياسي يقع العمل السياسي على عاتقه . وقد ضاعفت مجهودها على الصعيد الداخلي وبذلت نشاطاٍ دبلوماسياٍ واسع النطاق في الخارج وبالأخص في هيئة الأمم المتحدة .
تراجع
> ونظراٍ لأن قاعدة عدن لم تعد لها أهمية بالنسبة لإنجلترا منذ أن تقرر الجلاء عنها في شهر فبراير 1967م قررت لندن إنهاء وجودها في اليمن الجنوبي . وقد تم اختيار التاسع من يناير 1968 كيوم حصول اليمن الجنوبي على السيادة الدولية .
مضت الأحداث السياسية والميدانية بشكل سريع فقد تفكك النظام الاتحادي على إثر تمرد 20 يونيو 1967م بعدها قامت الجبهة القومية بسرعة بنشر نفوذها على معظم مناطق الاتحاد وكذلك على حضرموت . حاولت بعدها جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل السيطرة على بعض المناطق ولكن بعد فوات الأوان . حيث أدى هذا التسابق إلى اصطدامات دموية بالأخص في لحج ودار سعد والشيخ عثمان .
وبعد أن فشلت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ( جبهة التحرير ) في تصحيح الوضع لصالحها توجب عليها أن تلين مواقفها السابقة . فقد انقطعت عن اعتبار نفسها الممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي وتخلت عن مشروعها الرامي إلى تشكيل حكومة في المنفى .
وفي 2 نوفمبر أعلن وزير الخارجية في مجلس العموم أن حكومته قد قررت تقديم تاريخ استقلال اليمن الجنوبي هذا إلى نهاية نوفمبر 1967م بدلاٍ من 9 يناير1968م وأدى إعلان رحيل البريطانيين القريب إلى تصعيد التوتر من جديد وعادت المنازعات بعنف في عدة أماكن من عدن وأدت إلى سقوط بضع عشرات من الضحايا .
هيمنت الجبهة القومية على كل البلد تقريباٍ ووجدت أنه من غير الطبيعي أن تفلت عدن من نفوذها . وأما جبهة التحرير فقد كانت عدن بالنسبة إليها ذات أهمية حياتية . فالإشراف على منطقة عدن كان أهم بكثير من السيطرة على مناطق البلد الداخلية . وهكذا كان الاستيلاء على عدن مسألة حياة أو موت بالنسبة لجبهة التحرير . وبعد عدة أيام من المعارك الطاحنة خسرت جبهة التحرير معركة عدن وعلى الفور بدأت مطاردة أتباعها ومناضليها .
خرجت الجبهة القومية منتصرة من الصراع الدموي الذي دام من 1 إلى 6 نوفمبر 1967م وبسقوط عدن صار البلد كله تقريباٍ تحت إشرافها . لهذا قررت بريطانيا وهي على وشك الانسحاب أن مصلحتها تكمن في التعاون مع الجبهة القومية وتسليم السلطة لها وهذا ما حصل فعلاٍ إذ استلمت الجبهة القومية من بريطانيا القواعد والمطارات والمنشآت العسكرية وكذلك الإدارات الحكومية المدنية وأعلن عن استقلال اليمن الجنوبي في من عام 1967م .
المراجع /
- دراسه للدكتور / علوي عبدالله طاهر
- أدبيات الجبهة القومية
- أدبيات جبهة التحرير
هيمنت الجبهة القومية على كل البلد تقريباٍ ووجدت أنه من غير الطبيعي أن تفلت عدن من نفوذها . وأما جبهة التحرير فقد كانت عدن بالنسبة إليها ذات أهمية حياتية . فالإشراف على منطقة عدن كان أهم بكثير من السيطرة على مناطق البلد الداخلية . وهكذا كان الاستيلاء على عدن مسألة حياة أو موت بالنسبة لجبهة التحرير . وبعد عدة أيام من المعارك الطاحنة خسرت جبهة التحرير معركة عدن وعلى الفور بدأت مطاردة أتباعها ومناضليها .
خرجت الجبهة القومية منتصرة من الصراع الدموي الذي دام من 1 إلى 6 نوفمبر 1967م وبسقوط عدن صار البلد كله تقريباٍ تحت إشرافها . لهذا قررت بريطانيا وهي على وشك الانسحاب أن مصلحتها تكمن في التعاون مع الجبهة القومية وتسليم السلطة لها وهذا ما حصل فعلاٍ إذ استلمت الجبهة القومية من بريطانيا القواعد والمطارات والمنشآت العسكرية وكذلك الإدارات الحكومية المدنية وأعلن عن استقلال اليمن الجنوبي في من عام 1967م .
المراجع /
- دراسه للدكتور / علوي عبدالله طاهر
- أدبيات الجبهة القومية
- أدبيات جبهة التحرير
جمهورية متعدّدة الأوجه
مايكل يونغ
يناقش نويل بريهوني، في مقابلة معه، دولة جنوب اليمن السابقة ووضع الحراك الجنوبي اليوم.
22 آذار/مارس 2022
نويل بريهوني كاتب ورئيس الجمعية البريطانية اليمنية والجمعية الإنكليزية الأردنية. وفي العام 2011، وضع بريهوني كتابًا عن جنوب اليمن بعنوان Yemen Divided: The Story of a Failed State in South Arabia (اليمن مقسّمًا: قصة دولة مُخفِقة في جنوب الجزيرة العربية) (منشورات آي. بي. توريس). وبعد نيله شهادة الدكتوراه حول الشؤون الليبية، أمضى سنتين في إجراء بحوث ما بعد الدكتوراه في الضفة الغربية قبل الانضمام إلى وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث، حيث ركّز عمله بشكل أساسي على شؤون الشرق الأوسط، وتم تعيينه في مناصب عدة في الكويت واليمن والأردن ومصر. أجرت "ديوان" مقابلة معه في منتصف آذار/مارس للتحدّث عن كتابه حول جنوب اليمن على ضوء عودة زخم الحراك الانفصالي الجنوبي في خضم النزاع الدائر في البلاد.
مايكل يونغ: صدر كتابك حول جنوب اليمن في العام 2011 قبل نشوب النزاع اليمني. كيف أثّرت الحرب التي اندلعت في آذار/مارس 2015 على ما عبّرتَ عنه في كتابك حول الوضع في الجنوب؟
نويل بريهوني: لم تؤثّر الأحداث الجارية منذ العام 2011 بشكل كبير على وجهة النظر التي ناقشتُها في الكتاب، علمًا أنني تساءلت في الفصل الأخير من الكتاب عن احتمال عودة دولة جنوب اليمن السابقة، وأشرت إلى غياب تنظيم جنوبي فعّال أو غالبية مؤيدة لإعادة تقسيم اليمن. نظرتُ إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أي جنوب اليمن سابقًا، على أنها نظام مُخفق عوضًا عن دولة مُخفِقة. وتغيّرت الكثير من الأمور الآن نتيجة سقوط نظام علي عبد الله صالح في الشمال، وطبيعة العملية الانتقالية بين العامَين 2012 و2014، وتنامي نفوذ حركة أنصار الله (الحوثيين)، ولا سيما منذ اندلاع الحرب في آذار/مارس 2015 والانخراط القوي للإمارات العربية المتحدة في الجنوب.
إن توغّل الحوثيين في عدن والجنوب في مطلع العام 2015 أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية في العام 1994، التي أجهزت على ما تبقى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فضلًا عن المحاولات السابقة التي بذلتها الأنظمة في الشمال من أجل التوسّع جنوبًا. وحين تدخّلت الإمارات في صيف العام 2015، ركّزت دعمها على الميليشيات المحلية التي تحارب الحوثيين، غالبًا بقيادة القوميين الجنوبيين. وقد درّب ضباط إماراتيون هذه الميليشيات وزوّدوها بالعتاد وقدّموا لها المشورة. وأكثرها فعاليةً كانت تلك الخاضعة لقيادة عيدروس الزبيدي، وهو ضابط سابق في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يتحدّر من الضالع (في لحج، إذ كانت الضالع جزءًا من لحج خلال حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وتضم محافظة الضالع حاليًا مناطق كانت في لحج في ظل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومناطق شكّلت جزءًا من الجمهورية العربية اليمنية أو شمال اليمن سابقًا). وقد عيّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الزبيدي محافظ عدن في العام 2016، ثم أقاله من منصبه بسبب عصيان الأوامر في العام 2017. وأنشأ الزبيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حظي بدعم صريح من الإمارات.
وفي وقتٍ لاحق، أصبحت الميليشيات في عدن ومحيطها، والتي درّبتها الإمارات، تشكّل بحكم الأمر الواقع الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو إلى عودة دولة جنوب اليمن. ثمة الآن تنظيم جنوبي فعّال وأعتقد أن في الجنوب غالبية ترغب في الانفصال عن الشمال، إما في إطار دولة أو كونفدرالية. لكن تاريخ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يظهر أن وجود أكثر من دولة واحدة في اليمن قد يؤدي إلى تأجيج جذوة الخصومة، والتنافس على الموارد، وزعزعة الاستقرار. ويبدي الحوثيون مؤشرات واضحة على رغبتهم في دولة يمنية موحّدة. ويُشار إلى أن الشمال يضم نسبة 80 في المئة من اليمنيين، فيما تقع معظم احتياطيات النفط والغاز في الجنوب.
يونغ: تناقش في كتابك الحراك الجنوبي الذي انطلق في جنوب اليمن في العام 2007 سعيًا إلى الانفصال عن جمهورية اليمن. إلامَ سيؤدي هذا المسار برأيك؟
بريهوني: قد يدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي أنه الحراك، لكن هذا الأمر متنازع عليه. ثمة مجموعات أخرى أصغر قد تكون مهمة محليًا في مناطق من الجنوب. وفي هذا الإطار، صدر عن مركز كارنيغي تحليل جيّد جدًّا لمختلف المجموعات الجنوبية بقلم أحمد ناجي. واقع الحال أن التحدي الأبرز يتأتى عن حكومة هادي التي تحظى باعتراف دولي. فالرئيس يتحدّر من محافظة أبين الجنوبية حيث يحظى بدعم قوي، إضافةً إلى دعم حزب الإصلاح، الذي يضم عناصر من الإخوان المسلمين ويحظى بدعم من المملكة العربية السعودية نظرًا إلى أهميته في محاربة الحوثيين. وأحكم المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على عدن في العام 2019 بعد مواجهات مع حكومة هادي، لكنه بضغط من السعودية وقّع على اتفاق الرياض الذي قضى بتقاسم السلطة مع هادي.
مايكل يونغ
يناقش نويل بريهوني، في مقابلة معه، دولة جنوب اليمن السابقة ووضع الحراك الجنوبي اليوم.
22 آذار/مارس 2022
نويل بريهوني كاتب ورئيس الجمعية البريطانية اليمنية والجمعية الإنكليزية الأردنية. وفي العام 2011، وضع بريهوني كتابًا عن جنوب اليمن بعنوان Yemen Divided: The Story of a Failed State in South Arabia (اليمن مقسّمًا: قصة دولة مُخفِقة في جنوب الجزيرة العربية) (منشورات آي. بي. توريس). وبعد نيله شهادة الدكتوراه حول الشؤون الليبية، أمضى سنتين في إجراء بحوث ما بعد الدكتوراه في الضفة الغربية قبل الانضمام إلى وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث، حيث ركّز عمله بشكل أساسي على شؤون الشرق الأوسط، وتم تعيينه في مناصب عدة في الكويت واليمن والأردن ومصر. أجرت "ديوان" مقابلة معه في منتصف آذار/مارس للتحدّث عن كتابه حول جنوب اليمن على ضوء عودة زخم الحراك الانفصالي الجنوبي في خضم النزاع الدائر في البلاد.
مايكل يونغ: صدر كتابك حول جنوب اليمن في العام 2011 قبل نشوب النزاع اليمني. كيف أثّرت الحرب التي اندلعت في آذار/مارس 2015 على ما عبّرتَ عنه في كتابك حول الوضع في الجنوب؟
نويل بريهوني: لم تؤثّر الأحداث الجارية منذ العام 2011 بشكل كبير على وجهة النظر التي ناقشتُها في الكتاب، علمًا أنني تساءلت في الفصل الأخير من الكتاب عن احتمال عودة دولة جنوب اليمن السابقة، وأشرت إلى غياب تنظيم جنوبي فعّال أو غالبية مؤيدة لإعادة تقسيم اليمن. نظرتُ إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، أي جنوب اليمن سابقًا، على أنها نظام مُخفق عوضًا عن دولة مُخفِقة. وتغيّرت الكثير من الأمور الآن نتيجة سقوط نظام علي عبد الله صالح في الشمال، وطبيعة العملية الانتقالية بين العامَين 2012 و2014، وتنامي نفوذ حركة أنصار الله (الحوثيين)، ولا سيما منذ اندلاع الحرب في آذار/مارس 2015 والانخراط القوي للإمارات العربية المتحدة في الجنوب.
إن توغّل الحوثيين في عدن والجنوب في مطلع العام 2015 أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية في العام 1994، التي أجهزت على ما تبقى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فضلًا عن المحاولات السابقة التي بذلتها الأنظمة في الشمال من أجل التوسّع جنوبًا. وحين تدخّلت الإمارات في صيف العام 2015، ركّزت دعمها على الميليشيات المحلية التي تحارب الحوثيين، غالبًا بقيادة القوميين الجنوبيين. وقد درّب ضباط إماراتيون هذه الميليشيات وزوّدوها بالعتاد وقدّموا لها المشورة. وأكثرها فعاليةً كانت تلك الخاضعة لقيادة عيدروس الزبيدي، وهو ضابط سابق في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يتحدّر من الضالع (في لحج، إذ كانت الضالع جزءًا من لحج خلال حكم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وتضم محافظة الضالع حاليًا مناطق كانت في لحج في ظل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومناطق شكّلت جزءًا من الجمهورية العربية اليمنية أو شمال اليمن سابقًا). وقد عيّن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الزبيدي محافظ عدن في العام 2016، ثم أقاله من منصبه بسبب عصيان الأوامر في العام 2017. وأنشأ الزبيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي حظي بدعم صريح من الإمارات.
وفي وقتٍ لاحق، أصبحت الميليشيات في عدن ومحيطها، والتي درّبتها الإمارات، تشكّل بحكم الأمر الواقع الجناح العسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يدعو إلى عودة دولة جنوب اليمن. ثمة الآن تنظيم جنوبي فعّال وأعتقد أن في الجنوب غالبية ترغب في الانفصال عن الشمال، إما في إطار دولة أو كونفدرالية. لكن تاريخ جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية يظهر أن وجود أكثر من دولة واحدة في اليمن قد يؤدي إلى تأجيج جذوة الخصومة، والتنافس على الموارد، وزعزعة الاستقرار. ويبدي الحوثيون مؤشرات واضحة على رغبتهم في دولة يمنية موحّدة. ويُشار إلى أن الشمال يضم نسبة 80 في المئة من اليمنيين، فيما تقع معظم احتياطيات النفط والغاز في الجنوب.
يونغ: تناقش في كتابك الحراك الجنوبي الذي انطلق في جنوب اليمن في العام 2007 سعيًا إلى الانفصال عن جمهورية اليمن. إلامَ سيؤدي هذا المسار برأيك؟
بريهوني: قد يدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي أنه الحراك، لكن هذا الأمر متنازع عليه. ثمة مجموعات أخرى أصغر قد تكون مهمة محليًا في مناطق من الجنوب. وفي هذا الإطار، صدر عن مركز كارنيغي تحليل جيّد جدًّا لمختلف المجموعات الجنوبية بقلم أحمد ناجي. واقع الحال أن التحدي الأبرز يتأتى عن حكومة هادي التي تحظى باعتراف دولي. فالرئيس يتحدّر من محافظة أبين الجنوبية حيث يحظى بدعم قوي، إضافةً إلى دعم حزب الإصلاح، الذي يضم عناصر من الإخوان المسلمين ويحظى بدعم من المملكة العربية السعودية نظرًا إلى أهميته في محاربة الحوثيين. وأحكم المجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على عدن في العام 2019 بعد مواجهات مع حكومة هادي، لكنه بضغط من السعودية وقّع على اتفاق الرياض الذي قضى بتقاسم السلطة مع هادي.
ولدى المجلس وزراء في حكومة يرأسها شخص عيّنه هادي. والقوات العسكرية اليمنية في حضرموت وشبوة موالية لهادي، لكن المجلس الانتقالي الجنوبي عمل على تعزيز نفوذه في المحافظتَين. ويشكّل الانقسام القائم بين أنصار هادي في الجنوب ومعظمهم في أبين، وبين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمتع بالنفوذ الأكبر في الضالع وعدن ولحج، خير تعبير عن الانقسامات التي أدّت إلى أحداث العام 1986 التي كانت أشبه بحرب أهلية.
يونغ: تصف في كتابك القيادة المتشرذمة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي لا تزال تُعتبر المجهود الوحيد لإنشاء دولة ماركسية في العالم العربي. ما هي برأيك أبرز خطوط الصدع بين هؤلاء القادة؟ وهل تُعزى هذه الانقسامات إلى اعتبارات قبلية أم مناطقية أم إيديولوجية؟
بريهوني: كانت أبعاد هذه الانقسامات قبلية ومناطقية وإيديولوجية في آن، لكنها تفاقمت بشكل كبير نتيجة الطموحات الشخصية للـ"قادة التاريخيين" في الجبهة القومية للتحرير التي قاومت البريطانيين. وكان أبرزهم سالم ربيع علي المعروف باسم سالمين، المتحدّر من أبين والذي تولّى رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين العامَين 1970 و1978؛ وعبد الفتاح إسماعيل، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في جنوب اليمن من العام 1969 ولغاية العام 1980؛ وعلي عنتر البيشي، وزير الدفاع ونائب رئيس جنوب اليمن المتحدّر من الضالع؛ وعلي ناصر محمد المتحدّر من أبين، الذي تولّى منصب رئيس الوزراء من العام 1970 إلى العام 1985؛ وعلي سالم البيض الذي كان أيضًا الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني والقائد الفعلي بين العامَين 1986 و1990.
ركّزت سياسات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عدن والضالع ولحج وأبين، التي كانت في قلب معارك الجبهة القومية للتحرير ضد البريطانيين والسلاطين. وقد تحدّر معظم عناصر الجبهة القومية (إذ أسقطت الجبهة كلمة "التحرير" عن اسمها في العام 1967 قبل أن تصبح جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في العام 1978) من هذه المحافظات. وعلى خلاف ذلك، ظلت محافظة حضرموت الكبيرة غير ممثّلة بشكلٍ كافٍ، مع أن بعض الحضارمة مثل البيض تمتّعوا بتأثير واسع، وتحدّر منهم بعضٌ من أبرز القادة العسكريين ومسؤولي الدولة، وذلك بفضل مستواهم التعليمي الأعلى وارتباطهم بسكان الشتات. وغالبًا ما اصطفّت شبوة، التي تمتدّ على مساحة جغرافية واسعة إنما يُعتبر عدد سكانها صغيرًا، إلى جانب أبين.
ومن بين العوامل الأخرى التي أثّرت على ديناميكيات الخلاف بين القادة نذكر أولًا، أن كل قائد بنى لنفسه قاعدة نفوذ في مسقط رأسه، ما شكّل انعكاسًا للتحالفات القبلية التي كانت قائمة ضمن السلطنات أو المشيخات أو الإمارات السابقة، أو غيرها من الكيانات التي رسمت معالم منطقة جنوب الجزيرة العربية. لم يكن جنوب اليمن دولةً في العام 1967، بل كيانًا يتألّف من عدن التي كانت مستعمرة بريطانية، ومحميّتين يتألف كلٌّ منها في الغالب من قبائل ضمن إمارات وسلطنات صغيرة تركها البريطانيون في حال سبيلها. وقد حاولت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلغاء القبَلية، لكن تم تقويض ذلك بسبب الطريقة التي بنى من خلالها القادة قواعد نفوذهم كلٌّ في منطقته.
ثانيًا، تغذّت الانقسامات نتيجة واقع أن سياسيي عدن الأكثر نفوذًا في الجبهة القومية للتحرير، مثل إسماعيل، تحدّروا من أصول يمنية شمالية. وأرادوا في المراحل المبكرة تعزيز الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني ليكون مصدر نفوذهم نظرًا لافتقارهم إلى قاعدة نفوذ قبَلية ومناطقية على غرار خصومهم.
لم تشكّل الأبعاد الإيديولوجية مصدر انقسام كبير بعد حزيران/يونيو 1969، حين طرد اليسار المتطرف الاشتراكيين الأكثر براغماتية. وقد أدركت الجبهة القومية الحاجة إلى إعداد كوادر فعّالة وتلقينها المبادئ الماركسية في مدرسة حزبية أُنشئت بناءً على نصيحة الحزب الشيوعي السوفياتي. وحين كنتُ في عدن في العامَين 1970 و1971، التقيت بأشخاص قالوا إنهم ستالينيون أو لينينيون أو تروتسكيون، لكنهم لم يكونوا متشدّدين إيديولوجيًا وغالبًا ما عبّروا عن مواقف قادتهم المحليين في مناطقهم. وكانت مجالات التركيز مختلفة أيضًا، مثلًا: الإيديولوجيا مقابل البراغماتية في الاقتصاد؛ والتوازن بين الاعتماد على موسكو وحلفائها والحاجة إلى نسج علاقات أفضل مع الدول المجاورة الأكثر ثراءً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
علاوةً على ذلك، برزت خلافات أكبر في مواقف قادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حول وحدة اليمن. فقد وضعت الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني الوحدة اليمنية على رأس قائمة أهداف سياستها العامة، وكذلك فعل قادة الجمهورية العربية اليمنية في الشمال. لكن كل طرف رأى أن الوحدة تعني فرض نظامه الحاكم على الآخر، فخاضا حربين في سبعينيات القرن المنصرم، تلت كلًّا منهما اتفاقيات وحدة بقيت حبرًا على ورق.
يونغ: تصف في كتابك القيادة المتشرذمة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي لا تزال تُعتبر المجهود الوحيد لإنشاء دولة ماركسية في العالم العربي. ما هي برأيك أبرز خطوط الصدع بين هؤلاء القادة؟ وهل تُعزى هذه الانقسامات إلى اعتبارات قبلية أم مناطقية أم إيديولوجية؟
بريهوني: كانت أبعاد هذه الانقسامات قبلية ومناطقية وإيديولوجية في آن، لكنها تفاقمت بشكل كبير نتيجة الطموحات الشخصية للـ"قادة التاريخيين" في الجبهة القومية للتحرير التي قاومت البريطانيين. وكان أبرزهم سالم ربيع علي المعروف باسم سالمين، المتحدّر من أبين والذي تولّى رئاسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بين العامَين 1970 و1978؛ وعبد الفتاح إسماعيل، أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في جنوب اليمن من العام 1969 ولغاية العام 1980؛ وعلي عنتر البيشي، وزير الدفاع ونائب رئيس جنوب اليمن المتحدّر من الضالع؛ وعلي ناصر محمد المتحدّر من أبين، الذي تولّى منصب رئيس الوزراء من العام 1970 إلى العام 1985؛ وعلي سالم البيض الذي كان أيضًا الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني والقائد الفعلي بين العامَين 1986 و1990.
ركّزت سياسات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على عدن والضالع ولحج وأبين، التي كانت في قلب معارك الجبهة القومية للتحرير ضد البريطانيين والسلاطين. وقد تحدّر معظم عناصر الجبهة القومية (إذ أسقطت الجبهة كلمة "التحرير" عن اسمها في العام 1967 قبل أن تصبح جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في العام 1978) من هذه المحافظات. وعلى خلاف ذلك، ظلت محافظة حضرموت الكبيرة غير ممثّلة بشكلٍ كافٍ، مع أن بعض الحضارمة مثل البيض تمتّعوا بتأثير واسع، وتحدّر منهم بعضٌ من أبرز القادة العسكريين ومسؤولي الدولة، وذلك بفضل مستواهم التعليمي الأعلى وارتباطهم بسكان الشتات. وغالبًا ما اصطفّت شبوة، التي تمتدّ على مساحة جغرافية واسعة إنما يُعتبر عدد سكانها صغيرًا، إلى جانب أبين.
ومن بين العوامل الأخرى التي أثّرت على ديناميكيات الخلاف بين القادة نذكر أولًا، أن كل قائد بنى لنفسه قاعدة نفوذ في مسقط رأسه، ما شكّل انعكاسًا للتحالفات القبلية التي كانت قائمة ضمن السلطنات أو المشيخات أو الإمارات السابقة، أو غيرها من الكيانات التي رسمت معالم منطقة جنوب الجزيرة العربية. لم يكن جنوب اليمن دولةً في العام 1967، بل كيانًا يتألّف من عدن التي كانت مستعمرة بريطانية، ومحميّتين يتألف كلٌّ منها في الغالب من قبائل ضمن إمارات وسلطنات صغيرة تركها البريطانيون في حال سبيلها. وقد حاولت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلغاء القبَلية، لكن تم تقويض ذلك بسبب الطريقة التي بنى من خلالها القادة قواعد نفوذهم كلٌّ في منطقته.
ثانيًا، تغذّت الانقسامات نتيجة واقع أن سياسيي عدن الأكثر نفوذًا في الجبهة القومية للتحرير، مثل إسماعيل، تحدّروا من أصول يمنية شمالية. وأرادوا في المراحل المبكرة تعزيز الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني ليكون مصدر نفوذهم نظرًا لافتقارهم إلى قاعدة نفوذ قبَلية ومناطقية على غرار خصومهم.
لم تشكّل الأبعاد الإيديولوجية مصدر انقسام كبير بعد حزيران/يونيو 1969، حين طرد اليسار المتطرف الاشتراكيين الأكثر براغماتية. وقد أدركت الجبهة القومية الحاجة إلى إعداد كوادر فعّالة وتلقينها المبادئ الماركسية في مدرسة حزبية أُنشئت بناءً على نصيحة الحزب الشيوعي السوفياتي. وحين كنتُ في عدن في العامَين 1970 و1971، التقيت بأشخاص قالوا إنهم ستالينيون أو لينينيون أو تروتسكيون، لكنهم لم يكونوا متشدّدين إيديولوجيًا وغالبًا ما عبّروا عن مواقف قادتهم المحليين في مناطقهم. وكانت مجالات التركيز مختلفة أيضًا، مثلًا: الإيديولوجيا مقابل البراغماتية في الاقتصاد؛ والتوازن بين الاعتماد على موسكو وحلفائها والحاجة إلى نسج علاقات أفضل مع الدول المجاورة الأكثر ثراءً لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
علاوةً على ذلك، برزت خلافات أكبر في مواقف قادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حول وحدة اليمن. فقد وضعت الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني الوحدة اليمنية على رأس قائمة أهداف سياستها العامة، وكذلك فعل قادة الجمهورية العربية اليمنية في الشمال. لكن كل طرف رأى أن الوحدة تعني فرض نظامه الحاكم على الآخر، فخاضا حربين في سبعينيات القرن المنصرم، تلت كلًّا منهما اتفاقيات وحدة بقيت حبرًا على ورق.
وعندما تأسس الحزب الاشتراكي اليمني في العام 1978، أنشأ فرعًا شماليًا سريًّا كان قادته أعضاء في قيادة الحزب (على الرغم من أنه لم يُعلن عن ذلك). وأعطى سياسيون مثل سالمين وعلي ناصر الأولوية لتعزيز قوة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (التي كانت أقوى من الجمهورية العربية اليمنية في السبعينيات)، وبقيت الوحدة هدفًا طويل الأمد. وعمل هؤلاء عن كثب مع قادة الجمهورية العربية اليمنية لاستباق تأثيرات الكثير من المشاكل التي نشأت أو الحدّ منها، بيد أن عبد الفتاح إسماعيل أراد تحقيق الوحدة بصورة فورية أكثر، على غرار بعض القادة من الضالع ولحج اللتين تقعان على الحدود مع الجمهورية العربية اليمنية التي سعوا إلى تقويض نظامها.
على صعيد آخر، لعب الطموح الشخصي الدور الأكبر. فسالمين كان خلال السبعينيات على خلاف مع قادة آخرين حول دور رئيس الدولة والحزب، وعارض تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، إذ رأى أنه يضعف نفوذه كرئيس. وجاء إعدامه في حزيران/يونيو من العام 1978 في أعقاب اتهامات بضلوعه شخصيًا في اغتيال رئيس الجمهورية العربية اليمنية. أما خلفه إسماعيل، فقد عمد إلى تهميش السياسيين الجنوبيين من خلال إصراره على أنه رئيس الدولة وزعيم الحزب، وتوطيد نفوذ شماليين آخرين، والتقرّب أكثر من اللازم من موسكو. فاحتشد السياسيون الجنوبيون ضده (وهنا بدأ استخدام مصطلحَي "شمالي" و"جنوبي" في سياسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وأرغموه على الاستقالة في العام 1980، ثم نُفي إلى موسكو لكنه أصبح رئيسًا للحزب الاشتراكي اليمني. وبعدئذٍ، تولّى علي ناصر منصب رئيس الدولة وأمين عام الحزب وبقي رئيسًا للوزراء. ونفّذ سياسات أكثر براغماتية منحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سنواتها الذهبية القليلة في أوائل الثمانينيات. وأدّى رفضه تقاسم السلطة إلى تآمر خصومه عليه، واندلاع أحداث مأساوية في كانون الثاني/يناير 1986، كانت بمثابة الضربة القاضية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
يونغ: المُلفت عند الاطلاع على معلومات عن الجبهة القومية للتحرير هو طريقة تأثّرها إيديولوجيًا بالماركسيين من دول عربية أخرى، ولا سيما الفلسطينيين واللبنانيين. هلّا تخبرنا عن أهمية هذا التأثير الخارجي، وتشرح لنا في هذا السياق طبيعة الدور الذي أدّته حركة القوميين العرب في حركة التحرير؟
برهوني: نشأت الجبهة القومية للتحرير في أواخر الخمسينيات، خلال حقبة القومية العربية والاشتراكية اللتين جسّدهما الزعيم المصري جمال عبد الناصر. لقد حوّلت هاتان الحركتان العالم العربي، وساعدهما في ما كان يُعرف آنذاك بالإمامة اليمنية والجنوب العربي الخاضع لبريطانيا الانتشار السريع لراديو الترانزيستور. تأسّست حركة القوميين العرب في بيروت في الخمسينيات، وكان من بين قادتها البارزين الفلسطيني جورج حبش ونايف حواتمة. ورأت نفسها أنها في الطليعة، وتقودها نخبة قومية سعت إلى استبدال الأنظمة العربية القائمة باعتبار ذلك خطوة أولى نحو بناء دولة عربية. وانجذب إلى هذا الفكر يمنيون، ومعظمهم من جنوب اليمن، كانوا يتابعون تحصيلهم العلمي في بيروت والقاهرة، ورأى قادة حركة القوميين العرب أن اليمن أفضل خيار ليكون أول دولة تقودها الحركة.
وسرعان ما بنت حركة القوميين العرب منظمة في عدن وجنوب الجزيرة العربية، وفي العام 1963 تمّ إنشاء الجبهة القومية للتحرير. وقامت فروع الحركة في أماكن أخرى بحشد أفراد من الشتات اليمني (ولا سيما في الكويت) للانضمام إلى الجبهة القومية للتحرير. ويعود الفضل في نجاح الجبهة القومية للتحرير بشكل كبير إلى الدعم العملاتي والتدريبي الذي قدّمته المخابرات المصرية، وإلى قدرة الجبهة على العمل من الجمهورية العربية اليمنية المقرّبة منها. لكن الانقسامات داخل حركة القوميين العرب أثّرت في الجبهة القومية للتحرير، حيث كانت الغلبة لتيار ماركسي قوي. وبعد استقلال جنوب اليمن في العام 1967، اندمجت الجبهة القومية مع حزب البعث الموالي لسورية وفرع الحزب الشيوعي الصغير لكن النافذ في عدن.
أدّى الشيوعيون من دول عربية أخرى، ولا سيما في لبنان، دورًا مؤثّرًا ودرّسوا في مدرسة الحزب. لكن حبش وحواتمة مارسا التأثير الأكبر على الجبهة القومية للتحرير/الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني، إذ ساهما في وضع سياساتها العامة وفي التعامل مع المنافسات داخل قيادة الجبهة القومية - والحفاظ على التوجّه الماركسي، من جهة حواتمة. علاوةً على ذلك، كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مقرّبة من الاتحاد السوفياتي، وجمعتها علاقات دبلوماسية مع أنظمة شيوعية وثورية عدّة. وقد كان مُلفتًا الاهتمام الشخصي الذي أبداه القادة المتعاقبون في الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وكوبا بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقادتها.
على صعيد آخر، لعب الطموح الشخصي الدور الأكبر. فسالمين كان خلال السبعينيات على خلاف مع قادة آخرين حول دور رئيس الدولة والحزب، وعارض تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، إذ رأى أنه يضعف نفوذه كرئيس. وجاء إعدامه في حزيران/يونيو من العام 1978 في أعقاب اتهامات بضلوعه شخصيًا في اغتيال رئيس الجمهورية العربية اليمنية. أما خلفه إسماعيل، فقد عمد إلى تهميش السياسيين الجنوبيين من خلال إصراره على أنه رئيس الدولة وزعيم الحزب، وتوطيد نفوذ شماليين آخرين، والتقرّب أكثر من اللازم من موسكو. فاحتشد السياسيون الجنوبيون ضده (وهنا بدأ استخدام مصطلحَي "شمالي" و"جنوبي" في سياسة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وأرغموه على الاستقالة في العام 1980، ثم نُفي إلى موسكو لكنه أصبح رئيسًا للحزب الاشتراكي اليمني. وبعدئذٍ، تولّى علي ناصر منصب رئيس الدولة وأمين عام الحزب وبقي رئيسًا للوزراء. ونفّذ سياسات أكثر براغماتية منحت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سنواتها الذهبية القليلة في أوائل الثمانينيات. وأدّى رفضه تقاسم السلطة إلى تآمر خصومه عليه، واندلاع أحداث مأساوية في كانون الثاني/يناير 1986، كانت بمثابة الضربة القاضية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
يونغ: المُلفت عند الاطلاع على معلومات عن الجبهة القومية للتحرير هو طريقة تأثّرها إيديولوجيًا بالماركسيين من دول عربية أخرى، ولا سيما الفلسطينيين واللبنانيين. هلّا تخبرنا عن أهمية هذا التأثير الخارجي، وتشرح لنا في هذا السياق طبيعة الدور الذي أدّته حركة القوميين العرب في حركة التحرير؟
برهوني: نشأت الجبهة القومية للتحرير في أواخر الخمسينيات، خلال حقبة القومية العربية والاشتراكية اللتين جسّدهما الزعيم المصري جمال عبد الناصر. لقد حوّلت هاتان الحركتان العالم العربي، وساعدهما في ما كان يُعرف آنذاك بالإمامة اليمنية والجنوب العربي الخاضع لبريطانيا الانتشار السريع لراديو الترانزيستور. تأسّست حركة القوميين العرب في بيروت في الخمسينيات، وكان من بين قادتها البارزين الفلسطيني جورج حبش ونايف حواتمة. ورأت نفسها أنها في الطليعة، وتقودها نخبة قومية سعت إلى استبدال الأنظمة العربية القائمة باعتبار ذلك خطوة أولى نحو بناء دولة عربية. وانجذب إلى هذا الفكر يمنيون، ومعظمهم من جنوب اليمن، كانوا يتابعون تحصيلهم العلمي في بيروت والقاهرة، ورأى قادة حركة القوميين العرب أن اليمن أفضل خيار ليكون أول دولة تقودها الحركة.
وسرعان ما بنت حركة القوميين العرب منظمة في عدن وجنوب الجزيرة العربية، وفي العام 1963 تمّ إنشاء الجبهة القومية للتحرير. وقامت فروع الحركة في أماكن أخرى بحشد أفراد من الشتات اليمني (ولا سيما في الكويت) للانضمام إلى الجبهة القومية للتحرير. ويعود الفضل في نجاح الجبهة القومية للتحرير بشكل كبير إلى الدعم العملاتي والتدريبي الذي قدّمته المخابرات المصرية، وإلى قدرة الجبهة على العمل من الجمهورية العربية اليمنية المقرّبة منها. لكن الانقسامات داخل حركة القوميين العرب أثّرت في الجبهة القومية للتحرير، حيث كانت الغلبة لتيار ماركسي قوي. وبعد استقلال جنوب اليمن في العام 1967، اندمجت الجبهة القومية مع حزب البعث الموالي لسورية وفرع الحزب الشيوعي الصغير لكن النافذ في عدن.
أدّى الشيوعيون من دول عربية أخرى، ولا سيما في لبنان، دورًا مؤثّرًا ودرّسوا في مدرسة الحزب. لكن حبش وحواتمة مارسا التأثير الأكبر على الجبهة القومية للتحرير/الجبهة القومية/الحزب الاشتراكي اليمني، إذ ساهما في وضع سياساتها العامة وفي التعامل مع المنافسات داخل قيادة الجبهة القومية - والحفاظ على التوجّه الماركسي، من جهة حواتمة. علاوةً على ذلك، كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مقرّبة من الاتحاد السوفياتي، وجمعتها علاقات دبلوماسية مع أنظمة شيوعية وثورية عدّة. وقد كان مُلفتًا الاهتمام الشخصي الذي أبداه القادة المتعاقبون في الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وكوبا بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقادتها.
يونغ: تقول إن الصدام الكبير الذي حدث على المستوى القيادي في كانون الثاني/يناير 1986 شكّل بداية النهاية بالنسبة إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. هل يمكنك وصف ما حدث وشرح هذا الاستنتاج الذي خلصت إليه؟
برهوني: لم يكن لعلي ناصر محمد من منازع يُعتدّ به خلال الفترة ما بين 1980 و1983. لكن احتكاره السلطة أدّى إلى تعالي الأصوات المطالبة بتخلّيه عن أحد مناصبه، وفي مقدّمتها علي عنتر الذي دعمه في إطاحة إسماعيل من السلطة. لكن عنتر عمد، بعد أن رأى أن مطالبه لم تلقَ آذانًا صاغية، إلى المساهمة في عودة إسماعيل في مطلع العام 1985 فيما بدأت سيطرة علي ناصر تضعف. فأُرغِم على التنحي من منصبه كرئيس للوزراء وبات عرضةً للإطاحة به من الرئاسة بدءًا من منتصف العام 1985. وازدادت حدّة التنافس بين الطرفَين مع قيام كلٍّ منهما بحشد مؤيديه في الحزب والدولة والجيش (علمًا بأن علي ناصر كان وزيرًا للدفاع خلال معظم الثمانينيات، وكان عنتر كان وزيرًا للدفاع وقائدًا للقوات المسلحة في السابق). وازداد الوضع تأزّمًا في العام نفسه، ما أدّى إلى شلل عملية صنع القرار. وبدا واضحًا أن الطرفَين يستعدان للمواجهة، لكن السؤال تمحور حول من سيوجّه الضربة الأولى. وفي 13 كانون الثاني/يناير 1986، تحرّك علي ناصر، واستدعى خصومه إلى اجتماع حزبي، وقام حرّاسه الشخصيون بقتل عنتر والمقرّبين منه. وتمكّن إسماعيل (والبيض) من الهرب، لكنه لقي حتفه في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وعلى الرغم من وفاة عنتر وإسماعيل، تمكّن خصوم علي ناصر من حشد دعم بعض النخبة من الجيش والوحدات المدرّعة في عدن ومحيطها. ودامت المواجهات العنيفة في عدن ثلاثة أيام، واستمرّت لفترة أطول في مناطق أخرى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لكن بحلول منتصف كانون الثاني/يناير كان واضحًا أن علي ناصر قد مُني بالهزيمة. وأسفرت هذه الحرب الأهلية عن مقتل ما لا يقل عن 5000 شخص، وهلاك عدد كبير من قادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وفرار بعض منهم إلى الجمهورية العربية اليمنية مع علي ناصر، ودمار أجزاء كبيرة من عدن، ناهيك عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد وبشرعية نظام الحزب الاشتراكي اليمني. وتزامن تقهقر الدولة مع تنامي قوة نظام علي عبد الله صالح في الجمهورية العربية اليمنية. وتولّى البيض منصب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني وأصبح حيدر العطاس رئيسًا في دولة ضعيفة للغاية، مع الإشارة إلى أنهما من الحضارمة. ومنذ العام 1986، نصح الاتحاد السوفياتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بأن تحذو حذوها في اعتماد سياسات إصلاحية عُرفت بالغلاسنونت والبيريسترويكا. وأنهى انهيار الاتحاد السوفياتي الدعم الاقتصادي والعسكري من موسكو وحلفائها. ولم يعد أمام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من خيار آخر سوى السير قدمًا في مسار الوحدة الذي انطلقت به من دون استعداد مسبق وخلال فترة قصيرة. أما الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1994 ووقفت فيها الميليشيات المرتبطة بعلي ناصر محمد إلى جانب صنعاء، فقد دقّت المسمار الأخير في نعش ما تبقّى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
يونغ: من برأيك كانت الشخصية أو الشخصيات الأبرز في تجربة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولماذا؟
برهوني: سالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد، نظرًا إلى الدور الذي أدّوه في تأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والحفاظ عليها، على الرغم من الأخطاء التي ارتكبوها. ويُضاف إليهم أشخاص كانوا بعيدين عن الأضواء لكنهم كانوا مؤثرين للغاية، مثل رئيس الحزب الشيوعي في عدن المعروف باسم الاتحاد الشعبي الديمقراطي، عبد الله باذيب، الذي ساهمت أفكاره وآراؤه في تشكيل إيديولوجيا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؛ وجارالله عمر، الذي كان مفكّرًا وشخصية بارزة في الفرع الشمالي السرّي للحزب الاشتراكي اليمني وساهم في رسم فكر كلٍّ من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خلال سنواتها الأخيرة، والجمهورية العربية اليمنية حتى اغتياله في العام 2002.
غالبًا ما يُنسى أن الجبهة القومية للتحرير لم ترث دولة، بل تعيّن عليها بناء دولة قادرة على بسط سلطتها على أجزاء الجنوب كافة، على الرغم من خسارتها جزءًا كبيرًا من إيراداتها من ميناء عدن بسبب إغلاق قناة السويس بين العامَين 1967 و1975، ولا سيما أن الطرقات أو الخدمات الحكومية المتوافرة خارج عدن كانت محدودة للغاية. في غضون ذلك، كانت السعودية تقوم بتمويل الهجمات عبر الحدود في محاولةٍ لإسقاط النظام. ولم تمتلك الجبهة الوطنية للتحرير الوقت الكافي لتشكيل حكومة، واعتبر المراقبون أن نظامها لن يصمد لفترة طويلة. لكنها، على الرغم من ذلك نجحت في أوج حكمها أوائل الثمانينيات، في تقديم خدمات الدولة على نحو فعّال، ومنحت المرأة حقوقها أسوةً بتونس، وأنشأت إدارة علمانية غير فاسدة.
برهوني: لم يكن لعلي ناصر محمد من منازع يُعتدّ به خلال الفترة ما بين 1980 و1983. لكن احتكاره السلطة أدّى إلى تعالي الأصوات المطالبة بتخلّيه عن أحد مناصبه، وفي مقدّمتها علي عنتر الذي دعمه في إطاحة إسماعيل من السلطة. لكن عنتر عمد، بعد أن رأى أن مطالبه لم تلقَ آذانًا صاغية، إلى المساهمة في عودة إسماعيل في مطلع العام 1985 فيما بدأت سيطرة علي ناصر تضعف. فأُرغِم على التنحي من منصبه كرئيس للوزراء وبات عرضةً للإطاحة به من الرئاسة بدءًا من منتصف العام 1985. وازدادت حدّة التنافس بين الطرفَين مع قيام كلٍّ منهما بحشد مؤيديه في الحزب والدولة والجيش (علمًا بأن علي ناصر كان وزيرًا للدفاع خلال معظم الثمانينيات، وكان عنتر كان وزيرًا للدفاع وقائدًا للقوات المسلحة في السابق). وازداد الوضع تأزّمًا في العام نفسه، ما أدّى إلى شلل عملية صنع القرار. وبدا واضحًا أن الطرفَين يستعدان للمواجهة، لكن السؤال تمحور حول من سيوجّه الضربة الأولى. وفي 13 كانون الثاني/يناير 1986، تحرّك علي ناصر، واستدعى خصومه إلى اجتماع حزبي، وقام حرّاسه الشخصيون بقتل عنتر والمقرّبين منه. وتمكّن إسماعيل (والبيض) من الهرب، لكنه لقي حتفه في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وعلى الرغم من وفاة عنتر وإسماعيل، تمكّن خصوم علي ناصر من حشد دعم بعض النخبة من الجيش والوحدات المدرّعة في عدن ومحيطها. ودامت المواجهات العنيفة في عدن ثلاثة أيام، واستمرّت لفترة أطول في مناطق أخرى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، لكن بحلول منتصف كانون الثاني/يناير كان واضحًا أن علي ناصر قد مُني بالهزيمة. وأسفرت هذه الحرب الأهلية عن مقتل ما لا يقل عن 5000 شخص، وهلاك عدد كبير من قادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وفرار بعض منهم إلى الجمهورية العربية اليمنية مع علي ناصر، ودمار أجزاء كبيرة من عدن، ناهيك عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد وبشرعية نظام الحزب الاشتراكي اليمني. وتزامن تقهقر الدولة مع تنامي قوة نظام علي عبد الله صالح في الجمهورية العربية اليمنية. وتولّى البيض منصب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني وأصبح حيدر العطاس رئيسًا في دولة ضعيفة للغاية، مع الإشارة إلى أنهما من الحضارمة. ومنذ العام 1986، نصح الاتحاد السوفياتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بأن تحذو حذوها في اعتماد سياسات إصلاحية عُرفت بالغلاسنونت والبيريسترويكا. وأنهى انهيار الاتحاد السوفياتي الدعم الاقتصادي والعسكري من موسكو وحلفائها. ولم يعد أمام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من خيار آخر سوى السير قدمًا في مسار الوحدة الذي انطلقت به من دون استعداد مسبق وخلال فترة قصيرة. أما الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1994 ووقفت فيها الميليشيات المرتبطة بعلي ناصر محمد إلى جانب صنعاء، فقد دقّت المسمار الأخير في نعش ما تبقّى من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
يونغ: من برأيك كانت الشخصية أو الشخصيات الأبرز في تجربة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولماذا؟
برهوني: سالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد، نظرًا إلى الدور الذي أدّوه في تأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والحفاظ عليها، على الرغم من الأخطاء التي ارتكبوها. ويُضاف إليهم أشخاص كانوا بعيدين عن الأضواء لكنهم كانوا مؤثرين للغاية، مثل رئيس الحزب الشيوعي في عدن المعروف باسم الاتحاد الشعبي الديمقراطي، عبد الله باذيب، الذي ساهمت أفكاره وآراؤه في تشكيل إيديولوجيا جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؛ وجارالله عمر، الذي كان مفكّرًا وشخصية بارزة في الفرع الشمالي السرّي للحزب الاشتراكي اليمني وساهم في رسم فكر كلٍّ من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية خلال سنواتها الأخيرة، والجمهورية العربية اليمنية حتى اغتياله في العام 2002.
غالبًا ما يُنسى أن الجبهة القومية للتحرير لم ترث دولة، بل تعيّن عليها بناء دولة قادرة على بسط سلطتها على أجزاء الجنوب كافة، على الرغم من خسارتها جزءًا كبيرًا من إيراداتها من ميناء عدن بسبب إغلاق قناة السويس بين العامَين 1967 و1975، ولا سيما أن الطرقات أو الخدمات الحكومية المتوافرة خارج عدن كانت محدودة للغاية. في غضون ذلك، كانت السعودية تقوم بتمويل الهجمات عبر الحدود في محاولةٍ لإسقاط النظام. ولم تمتلك الجبهة الوطنية للتحرير الوقت الكافي لتشكيل حكومة، واعتبر المراقبون أن نظامها لن يصمد لفترة طويلة. لكنها، على الرغم من ذلك نجحت في أوج حكمها أوائل الثمانينيات، في تقديم خدمات الدولة على نحو فعّال، ومنحت المرأة حقوقها أسوةً بتونس، وأنشأت إدارة علمانية غير فاسدة.
كيف وحدت ثورة 14 أكتوبر 1963 جنوب اليمن قبل وحدته مع الشمال؟
عندما اندلعت ثورة 14 أكتوبر 1963 ضد الاحتلال البريطاني في الشطر الجنوبي من اليمن، كان الجنوب حينها يعاني من التمزق والتفكك بفعل سياسة الاحتلال البريطاني القائمة على سياسة "فرق تسد"، حيث كان الجنوب مجزأ إلى سلطنات ومحميات ومهددا بانفصال عدن عن الشطر الجنوبي تحت الهيمنة البريطانية، وبالتالي فقد كانت ثورة 14 أكتوبر المنقذ الوحيد للشطر الجنوبي من التفكك والانقسام وأعادت له وحدته، كما رفعت شعار الوحدة الوطنية مع الشطر الشمالي.
ورغم أهمية وعظمة تلك الثورة، إلا أنها أصبحت اليوم عرضة للتهميش والتشويه المتعمد من قبل دعاة الانفصال، الذين انحرفوا عن مبادئها وحولوها إلى مناسبة انفصالية مع أنها جسدت الوحدة الوطنية في أروع صورها، بدءا من توحيد الشطر الجنوبي المجزأ إلى سلطنات ومحميات متنافرة، وانتهاء بتضمين أهدافها إعادة تحقيق وحدة اليمن ومن ثم الوحدة العربية الشاملة.
- 26 سبتمبر و14 أكتوبر.. الثورتان التوأم
تجسدت الوحدة الوطنية في النضال ضد الإمامة الرجعية في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب، حيث فجرت ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 1962 ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ بمثابة ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻻحتلال ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻄﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺟﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﺣﻮﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ، ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ 1963، ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ جيدة ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ "ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ" ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺭﺩﻓﺎﻥ، بقيادة الشيخ راجح غالب لبوزة، فور عودته من شمال الوطن هو ومجموعة من رفاقه الذين شاركوا في الدفاع عن ثورة سبتمبر، ﻭﺑﺪﺃﺕ ثورة 14 أكتوبر ﻛﺼﺪﺍﻡ ﻣﺴﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، أﺣﺪ ﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ.
اندلعت ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ بعد عودة ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، وذلك ﻋﻘﺐ ﺭﻓﻀﻬﻢ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮﺿﻬﻢ ﻻﺣﺘﻜﺎﻙ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮﺍ ﺑﻀﻢ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﻢ ﺭﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻀﺎﻟﻊ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ، ﻓﺎﺗﺨﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ.
- الوحدة الثورية
تجسدت الوحدة الوطنية (الثورية) في مواقف وطنية عظيمة يتمثل أبرزها في أن ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺷﻌﻠﻮﺍ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ شاركوا في الدفاع ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ في الشمال، وكان هؤلاء، المدافعون عن ثورة 26 سبتمبر من أبناء الجنوب، قد اجتمعوا في صنعاء بتاريخ 14 فبراير 1963، وأسسوا "جبهة تحرير الجنوب اليمني"، التي نص ميثاقها الصادر في 8 مارس 1963 على "وحدة إقليم اليمن بعد تحرير الجنوب وعدم الاعتراف بالأشكال الدستورية التي تقترحها بريطانيا لتصفية القواعد العسكرية وإنهاء الوجود البريطاني".
وبعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر، كانت تعز بمثابة القلب النابض لتلك الثورة، نظرا لدورها المحوري في مساندة الثورة، وجمع التبرعات لها، وإمدادها بالمال والسلاح، تدريب وإعداد الأبطال، والمشاركة فيها.
كما أن مدينة تعز كانت تشكل حلقة وصل بين قيادة ثورة 14 أكتوبر والعالم، حيث كان أفراد وقيادات الجبهة القومية وجبهة التحرير ينتقلون عبر المدينة من عدن إلى مصر، وكانت إذاعة تعز بمثابة الناطق الرسمي باسم ثورة 14 أكتوبر، منذ بدء معركة التحرير وحتى جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد.
ومثلما أن مدينة تعز كانت بمثابة القلب النابض لثورة 14 أكتوبر، فإن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻠﺜﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻣﺎﺭﺳﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ، ﻭأشهروا ﺣﺰﺏ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ يونيو 1944، ﻭﺃﺻﺪﺭﻭﺍ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮﺍﺕ، ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃقضت ﻣﻀﺎﺟﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺤﻴﻰ ﻭﻭﻟﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، حيث زار ولي ﻋﻬﺪﻩ، ﻓﻲ 11 أبريل 1946، مدينة ﻋﺪﻥ ﻹﺟﺮﺍﺀ ﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ "ﺭﻳﺠﻨﺎﻟﺪ ﺷﺎﻣﺒﻴﻮﻥ" ﻃﺎﻟﺐ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ، ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﺑﺒﻌﺾ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻋﺎﺩ ﺑﺨﻔﻲ ﺣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺰ.
وبعد نجاح الثورتين، بدأ التطلع لإنهاء حالة الانفصال التي ما كان لها أن تحدث لولا الإمامة السلالية الكهنوتية في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب.
- تشويه وتحريف أهداف ثورة أكتوبر
عندما اندلعت ثورة 14 أكتوبر 1963 ضد الاحتلال البريطاني في الشطر الجنوبي من اليمن، كان الجنوب حينها يعاني من التمزق والتفكك بفعل سياسة الاحتلال البريطاني القائمة على سياسة "فرق تسد"، حيث كان الجنوب مجزأ إلى سلطنات ومحميات ومهددا بانفصال عدن عن الشطر الجنوبي تحت الهيمنة البريطانية، وبالتالي فقد كانت ثورة 14 أكتوبر المنقذ الوحيد للشطر الجنوبي من التفكك والانقسام وأعادت له وحدته، كما رفعت شعار الوحدة الوطنية مع الشطر الشمالي.
ورغم أهمية وعظمة تلك الثورة، إلا أنها أصبحت اليوم عرضة للتهميش والتشويه المتعمد من قبل دعاة الانفصال، الذين انحرفوا عن مبادئها وحولوها إلى مناسبة انفصالية مع أنها جسدت الوحدة الوطنية في أروع صورها، بدءا من توحيد الشطر الجنوبي المجزأ إلى سلطنات ومحميات متنافرة، وانتهاء بتضمين أهدافها إعادة تحقيق وحدة اليمن ومن ثم الوحدة العربية الشاملة.
- 26 سبتمبر و14 أكتوبر.. الثورتان التوأم
تجسدت الوحدة الوطنية في النضال ضد الإمامة الرجعية في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب، حيث فجرت ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 1962 ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ بمثابة ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺿﺪ ﺍﻻحتلال ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ.
ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻄﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻭﻋﻤﻠﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺟﺮﻭﺍ ﺑﻌﺪ ﺛﻮﺭﺓ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﺣﻮﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎﺀ، ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ 1963، ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﺎﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺔ جيدة ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺗﻢ ﺗﺸﻜﻴﻞ "ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ" ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ، ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺮﺍﺭﺓ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻗﺪ ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻻﻧﻄﻼﻕ ﻣﻦ ﺭﺩﻓﺎﻥ، بقيادة الشيخ راجح غالب لبوزة، فور عودته من شمال الوطن هو ومجموعة من رفاقه الذين شاركوا في الدفاع عن ثورة سبتمبر، ﻭﺑﺪﺃﺕ ثورة 14 أكتوبر ﻛﺼﺪﺍﻡ ﻣﺴﻠﺢ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ، أﺣﺪ ﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ.
اندلعت ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ بعد عودة ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، وذلك ﻋﻘﺐ ﺭﻓﻀﻬﻢ ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺳﻼﺣﻬﻢ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮﺿﻬﻢ ﻻﺣﺘﻜﺎﻙ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻊ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﻢ ﻓﻮﺟﺌﻮﺍ ﺑﻀﻢ ﻣﻨﻄﻘﺘﻬﻢ ﺭﺩﻓﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺭﺓ ﺍﻟﻀﺎﻟﻊ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﻟﻬﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ، ﻓﺎﺗﺨﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻟﺮﻓﺾ ﺍﻷﻭﺍﻣﺮ ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮﺓ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ.
- الوحدة الثورية
تجسدت الوحدة الوطنية (الثورية) في مواقف وطنية عظيمة يتمثل أبرزها في أن ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺷﻌﻠﻮﺍ ﺛﻮﺭﺓ 14 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺳﺒﻖ ﻟﻬﻢ ﺃﻥ شاركوا في الدفاع ﻋﻦ ﺛﻮﺭﺓ 26 ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ في الشمال، وكان هؤلاء، المدافعون عن ثورة 26 سبتمبر من أبناء الجنوب، قد اجتمعوا في صنعاء بتاريخ 14 فبراير 1963، وأسسوا "جبهة تحرير الجنوب اليمني"، التي نص ميثاقها الصادر في 8 مارس 1963 على "وحدة إقليم اليمن بعد تحرير الجنوب وعدم الاعتراف بالأشكال الدستورية التي تقترحها بريطانيا لتصفية القواعد العسكرية وإنهاء الوجود البريطاني".
وبعد اندلاع ثورة 14 أكتوبر، كانت تعز بمثابة القلب النابض لتلك الثورة، نظرا لدورها المحوري في مساندة الثورة، وجمع التبرعات لها، وإمدادها بالمال والسلاح، تدريب وإعداد الأبطال، والمشاركة فيها.
كما أن مدينة تعز كانت تشكل حلقة وصل بين قيادة ثورة 14 أكتوبر والعالم، حيث كان أفراد وقيادات الجبهة القومية وجبهة التحرير ينتقلون عبر المدينة من عدن إلى مصر، وكانت إذاعة تعز بمثابة الناطق الرسمي باسم ثورة 14 أكتوبر، منذ بدء معركة التحرير وحتى جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب البلاد.
ومثلما أن مدينة تعز كانت بمثابة القلب النابض لثورة 14 أكتوبر، فإن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻠﺜﻮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻓﺮﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺑﻄﺶ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﻭﻣﺎﺭﺳﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺿﺪ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ، ﻭأشهروا ﺣﺰﺏ ﺍﻷﺣﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ يونيو 1944، ﻭﺃﺻﺪﺭﻭﺍ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻭﺍﻟﻨﺸﺮﺍﺕ، ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃقضت ﻣﻀﺎﺟﻊ ﺍﻹﻣﺎﻡ، ﺣﻴﺚ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻳﺤﻴﻰ ﻭﻭﻟﻲ ﻋﻬﺪﻩ ﺍﺣﺘﻮﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ، حيث زار ولي ﻋﻬﺪﻩ، ﻓﻲ 11 أبريل 1946، مدينة ﻋﺪﻥ ﻹﺟﺮﺍﺀ ﻣﺤﺎﺩﺛﺎﺕ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ "ﺭﻳﺠﻨﺎﻟﺪ ﺷﺎﻣﺒﻴﻮﻥ" ﻃﺎﻟﺐ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ، ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﺑﺒﻌﺾ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻤﺢ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻋﺎﺩ ﺑﺨﻔﻲ ﺣﻨﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﺰ.
وبعد نجاح الثورتين، بدأ التطلع لإنهاء حالة الانفصال التي ما كان لها أن تحدث لولا الإمامة السلالية الكهنوتية في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب.
- تشويه وتحريف أهداف ثورة أكتوبر