اليمن_تاريخ_وثقافة
10.6K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
المناضل أبوبكر شفيق منفذ العمليات الفدائية الأولى ضد الإنجليز وأول محافظ لعدن.. تاريخ نضالي وبطولي وتحرري يقابله النكران والجحود والخذلان والنسيان

 باسل عبدالرحمن أنعم:
* مقدمة لابد منها:

قبل نحو شهر وأسبوع من الآن وتحديداً يوم الثلاثاء 24 مايو الماضي قرأت بموقع "عدن الغد" الإلكتروني مقال عن المناضل الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق (حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية وأطال بعمره) أول محافظ لمحافظة عدن بعد الاستقلال. كتبه الزميل الصحفي علي منصور مقراط بعنوان: "زيارة مؤلمة لأول محافظ لعدن في منزله". تحدث فيه عن المناضل الأستاذ أبوبكر شفيق والذي يقترب عمره من العقد التاسع. وعن ظروفه الصعبة في شقته الضيقة والمتواضعة في حي الرياض السكني (المشروع السعودي) في مديرية المعلا بالعاصمة المؤقتة عدن. وعن حالته الصحية والإنهاك والتعب الظاهر عليه والعرق يسيل ويتصبب من أنحاء جسده المتعب والمنهك لإنقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة بعدن بسبب الصيف الحار وعدم توفر لديه ماطور كهربائي لتشغيل المكيف. كما ذكر مقراط بمقاله عن قلة راتبه (معاشه التقاعدي) لأن درجته وكيل وزارة وهو كان محافظ، وأستغرب عدم زيارته وتفقده من قبل قيادات ومسئولي الدولة وأولهم محافظ عدن الحالي أحمد لملس للقيام بزيارته لمنزله؛ بل ووصل بهم الأمر أنهم لم يسمحوا له مقابلته أثناء ذهابه لمكتبه في مبنى المحافظة بالمعلا. الصحفي مقراط تتطرق بمقاله إلى ما يعيشه ويعانيه الرجل من وضع إنساني مولم ترك في نفسي وغيري مزيداً من الآلم والوجع والقهر من جراء هذا النكران والجحود والخذلان والنسيان من قبل القيادة السياسية، والحكومة الشرعية، ومحافظ محافظة عدن لقامة وطنية بحجم المجاهد والزاهد المناضل الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق.

 

الحقيقة لم يحصل لي شرف اللقاء بالمناضل الوطني الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق مخطط ومنفذ عمليات الكفاح المسلح الأولى ضد الإنجليز في عدن وأول محافظ لمحافظة عدن عقب الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م. لكني عرفته كما عرفته الذاكرة الجمعية اليمنية. من خلال إطلاعي المتواضع عن محطات من تاريخه النضالي وسيرته العطرة وسفره الخالد. وقراءة ما تيسر منها الموجودة والمتوفرة في فضاء الأنترنت من مقابلات صحفية معه ومنها مقابلته مع صحيفة السياسية أجريت معه في 7 ديسمبر 2009م وأعاد نشرها موقع سبأ نت، ومقابلة صحفية مع زميله ورفيق دربه المناضل سعيد العكبري ممن شهدوا له في مقابلة أجريت معه بصحيفة 26 سبتمبر في 10 أكتوبر 2021م وأعاد نشرها موقع 26 سبتمبر نت. وكذا كتابات ومقالات صحفية تناولت تاريخه النضالي المشرف ومنها مقال في صحيفة الأيام نشر في 7 أكتوبر 2017م. بإضافة إلى ما زودتني به أبنته الأخت سلفيا أبوبكر شفيق وبكم هائل من المعلومات والحقائق عن والدها من خلال صفحة "رجال صنعوا التاريخ" في الفيسبوك. كما لا أنسى هنا ما كان يجود به والدي ورفيقي وأستاذي عبدالرحمن عباس أنعم (حفظه الله وأطال بعمره) عن بعض المعلومات -والتي لازالت بذاكرتي- عن نضال وكفاح الرجل بحكم إطلاعه الواسع ومعرفته به.

 

وبعد قراءاتي مقال الزميل الصحفي مقراط عن الأستاذ أبوبكر شفيق بادرت مباشرة بإرساله لعمي المهندس محمد طاهر أنعم الصليحي (حفظه الله ورعاه ومتعه بالصحة والعافية وأطال بعمره) وهو بالمناسبة عمه زوج أبنته، كما أرسلته لبعض أصدقائي وزملائي وللأهل. وبعدها أرسل لي عمي محمد طاهر رسالة سرد لي فيها مقتطفات من محطات نضالية بارزة من نضال وكفاح عمه المناضل الأستاذ أبوبكر شفيق ضد الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن وعدن تحديداً وقيامه بالتخطيط والإعداد والتنفيذ والمشاركة في أشهر العمليات الفدائية العسكرية الجرئية والنوعية فترة الكفاح المسلح، أستهدف من خلالها قوات ومعسكرات ومصالح ومواقع هامة لتواجد المستعمر والاحتلال البريطاني، وذكر لي بعض العمليات الفدائية خطط لها ونفذها وشارك فيها. كما أرسل لي عدة مقاطع صوتية عن معاناته الصعبة وظروفه الصحية والمرضية وزهده وشرفه وكما ذكر ذلك الصحفي مقراط بمقاله. ولأنني أمام قامة وطنية وهامة نضالية كبيرة وصاحب رصيد بطولي بحجم المجاهد والفدائي المناضل الوطني الأستاذ أبوبكر شفيق تطلب مني البحث عن تاريخه ونضاله وكفاحه ورصدها وتسجيلها هنا. عن عمليات فدائية أخرى قام بالتخطيط والإعداد لها ونفذها هو بنفسه أو شارك فيه مع رفاقه وزملائه المناضلين والفدائيين وذكر أسماءهم. وكان لها تأثيرها وأثرها القوي على قوات الاحتلال البريطاني وأعوانه. وذلك بعد البحث عنها والرجوع لعدة مصادر وشهادات وروايات متوفرة ذكرتها ووثقتها. ونسردها على النحو التالي:

 
- أولاً: كانت أول عملية فدائية يقوم بها المناضل أبوبكر شفيق والتي أطلق عليها أسم "فلفل على الجرح" والمعروفة بقنبلة "جوشي" حيث قام ومعه المناضلين أحمد هبة الله علي وعبدالرحمن فارع الشيباني ومحمد علي حيدرة وعلي بن الشيخ العراقي بمهاجمة مجموعة من الهندوس المسيحيين كانوا مجتمعين برئاسة وزير الأشغال الهندوكي المعروف بأسم "جوشي" في منزله على شاطئ صيرة بمنطقة الخليج الأمامي (الرزميت) بمدينة كريتر. حيث ألقى قنبلة يدوية على حديقة المنزل وأتبعها بإطلاق النار من مسدسه، فحال جدع شجرة كبيرة في حديقة المنزل فلم تصل القنبلة إلى المجتمعين وكان الوقت ليلاً وعادت بعض الشظايا لتصيب منفذ العملية بعدة إصابات. أما قوة الإنفجار والموجة الإنفجارية للقنبلة فقد أدت إلى تحطم كثير من زجاج النوافذ في عدد من الفلل والعمارات القريبة والبعيدة من منزل جوشي. وقد نشرت صحيفة "فتاة الجزيرة" خبر الحادث تحت عنوان: "قنبلة جوشي واحدة من مليون". موضحة أن تعرض جوشي والمجتمعين معه، لقنبلة بتلك القوة وإلى إطلاق نار يؤدي حتماً إلى هلاك مؤكد، وأن النجاة من مثل هذه الحالات هي نادرة الوقوع، وأن نسبتها واحد من مليون.

- ثانياً: أما العملية الفدائية الثانية التي أعد لها وشارك فيها المناضل شفيق فكانت زرع عبوة ناسفة تحت قارب عسكري تابع للقوات البريطانية أمام بوابة معسكر جبل حديد بمدخل المعلا من جهة خورمكسر وكانت العملية من نصيب الشهيد خالد علي هندي الذي أصر على تنفيذها وكان برفقته المناضلين أبوبكر شفيق وأحمد هبة الله وعبدالرحمن فارع الشيباني ومحمد علي حيدرة الذين قاموا بإنزاله إلى البحر مع العبوة ووضعها تحت القارب، ثم أخذوه وتوجهوا إلى قرن أبو عين قرب محكمة صيرة بمدينة كريتر. وعند إقتراب عقرب الساعة من 12:00 منتصف الليل دوى إنفجار القارب فوثبوا جميعاً بفرحة ليعانق بعضهم بعضاً.

- ثالثاً: كانت العملية الثالثة التي خطط لها المناضل أبوبكر ورفاقه ونفذوها هي الهجوم على معسكر العزاب والذي كان يضم قسماً لصيانة المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة ومنها المدافع. ويقع في خورمكسر ويعرف حالياً بمعسكر طارق مقر قيادة الأمن العام محافظة عدن. ونفذ العملية الفدائي الفقيد محمد علي حيدرة بقنبلة يدوية محلية الصنع. وفي اليوم التالي عُلِمَ أن القنبلة لم تسبب خسائر في الأرواح بل أتلفت كثيراً من المواد والتجهيزات الإدارية والمكتبية، كما أحدثت ثقوباً في عنابر النوم للجنود البريطانيين، إضافة إلى حالة الرعب الكبيرة والنظرات الزائغة وحالات الشرود المصاحبة لحالات التوقع والتخوف من المجهول. وكان الشهيد خالد علي هندي يعمل مع القوات البريطانية في صيانة المعدات العسكرية في المعسكر وشاهداً وراوياً لتلك الحادثة والتفاصيل. وكان مع بعض من زملائه في العمل يقومون بإتلاف الأجزاء الدقيقة في قلب قطع المدفعية الثقيلة وغيرها. وفي عدة حالات تم إعادة بعض قطع المدفعية الثقيلة وغيرها في المعسكرات البريطانية في ردفان وغيرها بعد أن أُكتشف عدم صلاحيتها وجاهزيتها.

- رابعاً: ومن أهم العمليات الفدائية الذي تولى المناضل أبوبكر الإعداد لها وقيادتها عملية قصف وضرب المطار الحربي أو معسكر الطيران العسكري والحربي المعروف بمعسكر بدر حالياً بخورمكسر بصاروخين "بلاندسيت". ونفذ العملية فريقان من عناصر الفدائيين هما الفريق الأول: كان المصوب عوض أحمد سعيدي وملقم الصاروخ في القاذف وتجهيزه للضرب الشهيد خالد علي هندي. والفريق الثاني: كان المصوب الفقيد حسن علي الزغير "بدر" وملقم الصاروخ في القاذف صلاح الدين عبدالرحمن دبعي. وتولى قيادة السيارة علي صالح علي. وكان التصويب إلى عنابر الطائرات وإلى الطائرات الرابضة بجانبها. وكانت العملية مشهداً مثيراً وعلى الطبيعة وليست سينمائية على شاشة سينما "شهناز" المعروفة بسينما ريجل أو سبأ التي تبعد عن موقع العملية بأقل من كيلو متراً واحداً. وتوالت عمليات قصف المطار العسكري؛ وكانت أضخمها تلك التي تم إطلاق قذائف الهوان عبر مواسير صناعية وتوقيت زمني موحد.

- خامساً: قصف مقر نادي ضباط الطيران ويقع قرب معسكر أبو عبيدة في خورمكسر. وكان يزخر بالرواد والموسيقى الصاخبة. وكان المناضل شفيق خطط لعملية جرئية وأشرف على تنفيذها برمي قنبلتين نفذهما المناضلون أحمد هبة الله وعبدالله الخامري ومحمد باشماخ.

- سادساً: قصف مبنى المجلس التشريعي ويقع على حافة مرتفع جبلي فوق ما كان يسمى بمنطقة البنوك حيث كان يوجد بنك الشرق الأوسط والبنك البريطاني والبنك التجاري وغيره بمدينة كريتر. فقد تم قصفه بصاروخ "بلاندسيت" ونفذ العملية كل من المناضلان عبدالرب علي مصطفى وعبدالرحمن فارع الشيباني، وشارك في تحضير السيارة فاروق مكاوي؛ ورغم صغر الفجوة التي أحدثها الصاروخ في سقف المبنى إلا أن كمية الوقود الدافعة المتبقية فيه قد ظل يدور مع غلافي الوقود مسبباً تلفاً كبيراً وأضراراً في محتويات المبنى وتجهيزاته.
وكان لدوي الصاروخ في المدينة القديمة أثره المعنوي لدى الوطنيين.

سابعاً: تفجير اللنش العسكري البريطاني والذي كان يحتاج لإصلاح فتم نقله من ميناء المعلا إلى أمام بوابة معسكر جبل حديد ما بين الشارع الرابط بين مدينتي المعلا وخورمكسر. حيث تم تفجيره عبر قنبلة محلية الصنع تم إعدادها وتجهيزها من قبل الفدائيين أنفسهم ووضعها تحث اللنش العسكري لتحدث إنفجار مدوي هز البريطانيين مسبب لهم ربكة وأبناء وسكان عدن.

- ثامناً: عمليتي إحراق مطبعتي صحيفتي "الكفاح واليقظة" في وقت واحد. وتم عدم المساس بأي شخص ممن كانوا متواجدين من العاملين في المطبعتين وإحراقهما بالكامل. والهدف من عمليتي إحراق المطابعتين العميلة للاستعمار البريطاني ولكونهما لم تلتزما ولم تستجيبا الإنذارات والتحذيرات. وأستخدم الفدائيين أثناء تنفيذ عمليتي الإقتحام للمطبعتين لحماية والدفاع عن أنفسهم رشاشات من نوع "لانكستر" الإنجليزية وهم ملثمين. وبحكم ضخامة وعنفوان أجسام معظم الفدائيين المنفذين للعمليتين فقد شاعت تكهنات بأنهم جزائريون أو مصريون. وكان شرف التنفيذ لتلك العمليتين هو من نصيب مجموعة من الفدائيين التالية أسمائهم: عوض أحمد سعيدي، ومحمد عوض حصافة عولقي، وفضل محسن، أحمد ناجي، علي الهامي، محمد أحمد باشماخ. وقد سبق ذلك قيام خلية إستطلاعية مكونة من الفدائيان محسن وطني، وخالد هندي.

كما خطط ونفذ المناضل أبوبكر شفيق وعدد من رفاقه المناضلين والفدائيين لعدد من العمليات الفدائية المتفرقة والمتتابعة والنوعية في الشارع الرئيسي في المعلا وطريق كالتكس والحسوة والبريقة وأماكن أخرى ضد قوات المستعمر والاحتلال البريطاني.

 

وسأورد هنا نبذة وسيرة، وتاريخ ونضال، ومحطات حياة المجاهد المناضل الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق تتلخص فيما يلي:

* نبذة وسيرة عن حياته:

- أسمه الكامل: أبوبكر علي أحمد شفيق.

- مكان الميلاد: حافة القاضي كريتر عدن جنوب اليمن.

- تاريخ الميلاد: 21 نوفمبر 1933م.

- درس في مدرسة بازرعة الشهيرة بمدينة كريتر بعدن حتى أنهى تعليمه فيها.

- قام بمراسلة معهد الموسيقى العربية في القاهرة للتعلم عن طريق المراسلة؛ لكنه لم يكمل دراسته بسبب ظروف أسرية.

- لديه ستة أبناء ثلاثة ذكور وثلاث إناث.

 

* الوظائف والمهام والأعمال التي شغلها:

- مشرفاً على عمليتي الشحن والتفريغ في ميناء التواهي في عدن من 1952م حتى 1963م.

- أحد مؤسسي وقياديي الجبهة القومية الناصرية في مدينة عدن هو ومعه مجموعة من المناضلون والفدائيون أمثال سعيد عمر العكبري، أحمد هبة الله علي، علي محمد حيدرة، محمد أحمد باشماخ، الشهيد خالد علي هندي، عبدالرحمن فارع الشيباني، سالم الجعفري، خالد هوري، جعفر القوسري، وعبدالله علي المحمدي. وغيرهم من المناضلون والفدائيون. وبادرت الجبهة الناصرية الى تنفيذ عمليات عسكرية فدائية ضد الأهداف البريطانية في عدن وقبل قيام تورة 14 أكتوبر 1963م وقبل حادثة قنبلة المطار الذي نفذها المناضل خليفة عبدالله حسن خليفة.

- في العام 1961م بدأ العمل العسكري والفدائي والجهادي في إطار الجبهة القومية الناصرية ومع ثلة من رفاقه المناضلين والفدائيين في مدينة عدن. حتى عام 1963م حيث تم تأسيس الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن. وحتى قيام الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م.

- تم فصله من وظيفته من قبل رئيسه الهندي بسبب مشاركته في التظاهرات تأييداً لقيام الجمهورية في شمال اليمن وكان في الصفوف الأمامية لتلك التظاهرات. حيث تم ربط علم الجمهورية العربية اليمنية بعلم الجمهورية العربية المتحدة.

- في عام 1964م تلقى تدريباً خاصاً بالقادة في معسكر صالة الخاص بالمضلين المصريين وكان يحضر محاضرات للضباط المصريين ومعه الفقيد محمد علي هيثم وسالم ثومة. وطلب منه تقديم برنامج لطبيعة العمل الفدائي والعسكري لجبهة عدن التي أوكت إليه فوضع برنامجاً مطولاً سُلم لأعضاء القيادة العربية بواسطة المناضلين قحطان الشعبي ومحمد الصماتي وطه مقبل وعلي السلامي.

- تحمل قيادة جبهة عدن في أواخر يوليو 1964م وكان قائد العمليات الميدانية والمسئول عن التدريب وتخزين الأسلحة والمتفجرات المرسلة من مكتب الجبهة القومية بتعز ومن القيادات السبتمبرية اليمنية ومن القيادات المصرية. ومن ضمن المهام التي تولى القيام بها التوسع التنظيمي، وعمليات الرصد للأهداف التابعة والأخرى المتحركة، وتوجيه التحذيرات لرموز الخيانة العميلة مع الإدارة البريطانية.

- أُعتقل في 14 أكتوبر 1964م بعد أن تولت قوات الأحتلال البريطانية تنفيذ حملة عسكرية لملاحقته والقبض عليه بقيادة الضابط البريطاني "هاري بيري" حيث تولت محاصرة مسكن صغير تابع لأحد أصاهره في بوك 8 بمدينة المنصورة أمام سجن المنصورة. والذي كان إلى ما قبل يومين من المداهمة مليئاً بصواريخ البازوكا والمواسير والرشاشات  والمتفجرات، وأحس هو بالمراقبة على المنزل فطلب من رفاقه وزملائه سرعة نقل تلك الأسلحة والمتفجرات إلى أماكن أخرى آمنة.
وعند دخول القوة البريطانية للمنزل لم يجدوا شيئاً غير كومة من الرماد فعرفوا أنها وثائق مهمة تم إحراقها.  وكان معه بالمنزل المرحوم أحمد عبده العريقي والشهيد عوض سعيد الذي مكنه من الفرار من الباب الخلفي. وقد أنتشر طوق من جنود معسكر 20 يونيو والشرطة المسلحة بالخوذات الفولاذية وبنادق ال "بي أف" حيث تم محاصرة ثلاثة بلوكات في المنصورة بحوالي 160 جندياً و 16 ضابطاً بريطانياً كما تم الإستعانة بثلاث مصفحات بريطانية صغيرة من نوع "فارهايت" وطائرة مروحية "هليوكوبتر" ظلت تحوم من بداية وصول الحملة وحتى إنتهاء مهمتها بالقبض عليه مع صديقه ورفيقه المرحوم أحمد عبده طاهر العريقي.

- بعد إلقاء القبض عليه تم سجنه وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي. وعندما شاهده مدير سجن عدن المركزي "الشوذري" أبدى حقده وغضبه وقال له: "كان من المفروض أن تذهب على غرفة المشنقة". وبعد فترة من التعذيب ذهبوا به للتحقيق معه في جهاز الأمن السري ووجهوا له جملة من التهم بالعمليات التي نفذها فأنكر ثم نقلوه إلى سجن مربط بالتواهي ثم أعادوه إلى سجن عدن وبعد عام كامل نقلوه إلى معتقل وسجن المنصورة ومكث فيه حتى الأيام الأخيرة لرحيل وجلاء المستعمر وجاء الاستقلال وخرج من السجن وتم تعيينه أول محافظ لمحافظة عدن.

- صاغ النداء الموجه للشعب للإعتصام من داخل المعتقل بخط يده، لدعوة أبناء عدن رجالاً ونساءً للإعتصام وصيام المناضلين في سجن المنصورة في العاشر من مايو 1967م ليكون يوم للتوحد الوطني بين جبهتي النضال "التحرير والقومية" درءاً للأقتتال وسفك الدماء.

- تم تعيينه في 30 نوفمبر 1967م وعقب الاستقلال الوطني وإعلان قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وحكومتها وعاصمتها عدن. محافظاً للمحافظة الأولى عدن بحسب التقسيم الإداري للمحافظات أنذاك. والتي تضمن ست محافظات.

- في 26 يونيو 1968م تم نقله إلى وزارة الخارجية. بعد أن أمضى ما يقرب من سبعة أشهر محافظاً لمحافظة عدن. وعين بدلاً عنه نورالدين قاسم.

- شارك في إجتماعات الدورة الثالثة والعشرون للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر 1968م ممثلاً عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

- في مارس 1969م شارك في إجتماع الجامعة العربية في القاهرة ممثلاً عن جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

- غادر عدن في مارس 1970م إلى مدينة تعز في شمال اليمن. ولم يشغل أي وظيفة حكومية. بل كان يتقاضى مرتباً كلاجئ سياسي وبقية أبناء الجنوب الذين غادروا وأخرجوا من عدن أو أجبروا على الهروب إلى شمال الوطن.

- ضابط إتصالات في شركة ليلي الألمانية للطرقات في شمال اليمن.

- مديراً لمصنع الكندا دراي للمشروبات الغازية بتعز.

- سكرتيراً لمكتب الدراسات والثقافة والفكر في التجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني ومقره مصر.

- مدير عام لمكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة عدن بعد تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م.

- مستشار لشؤون المساجد في محافظات عدن ولحج وأبين.

 

* شهادات التقدير والأوسمة:

- وسام 30 نوفمبر من الدرجة الثالثة مقدمة من رئيس الجمهورية العام 1997م.

- شهادة تقديرية من حزب جبهة التحرير للدور الكبير في النضال والبسالة والكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني.

- وسام الوحدة من رئيس الجمهورية العام 1995م عن الأعمال البارزة التي قام بها في الدفاع عن الوحدة وحماية الديمقراطية والشرعية الدستورية.

- شهادة تقديرية في مجال النشاط الاجتماعي من جامعة عدن.

- وسام شكر وتقدير في النشاط الاجتماعي من جامعة عدن.

- شهادة تقديرية من أربطة التربية الإسلامية والمعاهد التعليمية مقدمة تحت إشراف السيد العلامة أبوبكر المشهور.

 

* خاتمة يجب أن تقال:

بعد هذا التاريخ النضالي والسيرة العطرة والسفر الخالد للمجاهد والفدائي والقائد المناضل الوطني الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق والذي سجله وعمده بأحرف من نور ببطولة وشجاعة وتضحيات ونضال وكفاح عبر تاربخه وتجربته. هل يستحق الرجل هذا النكران والجحود والخذلان والنسيان من قبل كل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ونوابه، ورئيس مجلس الوزراء دولة الدكتور معين عبدالملك، ورئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني، ورئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد بن دغر، ووزير الدولة ومحافظ محافظة عدن الأخ أحمد لملس لقامة وطنية بحجم المجاهد والزاهد والمناضل الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق؟؟!!

يا وزير الدولة ومحافظ عدن أحمد حامد لملس مكتبك -المكيف دون شك- في مبنى محافظ عدن بمديرية المعلا بالعاصمة المؤقتة عدن لا يبعد ولا يتجاوز عن 300 متر تقريباً وإن لم يكن أقل من ذلك عن منزل المجاهد والفدائي الأول المناضل الأستاذ أبوبكر شفيق أبان الكفاح المسلح ضد المستعمر والمحتل البريطاني لعدن وجنوب اليمن وأول محافظ لمحافظة عدن والذي الآن أنت محافظ لها. والكائن في حي الرياض السكني (المشروع السعودي).
قُم بمسئولتك وواجبك الاخلاقي والديني والإنساني بزيارة الرجل وتفقده في منزله الضيق والمتواضع وتقبيل رأسه، ومعرفه حالته الصحية والمرضية عن قرب، ورعايته وعلاجه على نفقة الدولة، وإعادة تسوية راتبه التقاعدي كونه كان محافظ لعدن وبدرجة وزير وليس وكيل وزارة كما ربط راتبه التقاعدي وهو يستحق بتاريخه النضالي والبطولي والقيادي درجة رئيس وزراء إن لم يكن درجة رئيس جمهورية.

وقبل الختام أقول وحده مدير مكتب رئاسة الجمهورية الدكتور يحيى الشعيبي من بين قيادات ومسئولي الدولة من قام بزيارة المناضل الأستاذ أبوبكر شفيق مؤخراً وقبل شهر وكما هي عادته دوماً ومعروف عنه بتواضعه وأخلاقه وإنسانيته والذي زاره وهو محافظ لعدن سابقاً. فله كل الشكر والتقدير والإجلال والإكبار مني ومعي الكثيرين على ذلك ...
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
حاول المحتل من خلالها إجهاض ثورة 14 أكتوبر
حالة الطوارئ التي فرضها الاحتلال البريطاني كانت بداية النهاية لسقوطه

ما إن انطلق الثوار اليمنيون في مشروع التحرر ومواجهة الاستعمار البريطاني الذي جثم على صدور اليمنيين لعقد من الزمن حتى سارع الاحتلال إلى فرض حالة الطوارئ عام 1963م والتي مثلت آخر المحاولات لإيقاف الثورة وإخماد نشاطها المتسارع، ولمواجهة هذا الزخم الثوري، ومن خلال حالة الطوارئ هذه شنت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل واتّبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة “الأرض المحروقة”، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللاإنسانية.
الثورة/ أحمد السعيدي
أعلن المستعمر البريطاني فرض حالة الطوارئ في العاشر من ديسمبر العام 1963م عندما نفذ خليفة عبد الله حسن خليفة عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن. وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة.
حق المصير
وفي 11 ديسمبر 1963 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أحداث1964
في7 فبراير 1964 بدأت أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج)، وفي 3 أبريل 1964 شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها. وفي 28 أبريل 1964 شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان) ، وقامت طائرات بريطانية في 14 مايو 1964 بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم بـ”الذئاب الحمر”، وفي 22 مايو 1964 أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع “هنتر” النفاثة.
انطلق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964 بقيادة علي احمد ناصر عنتر، عقب عودة عدد من الشباب من تعز الذين خضعوا فيها لدورة تدريبية عسكرية دامت شهرين لينضموا إلى صفوف الرجال العائدين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في صفوف الحرس الوطني. وقد تلقى الثوار كل الدعم من إخوانهم في الشمال، فعاد قادتهم من تعز ومعهم السلاح والذخائر والقنابل اليدوية.
أحداث1965
اشتدت العمليات الفدائية على قوات الاستعمار وأصدرت قانون الطوارىء في 19 يونيو 1965 وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بإبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن.
عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن. واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.
في 30 يوليو 1965 هاجمت فرقة ثورية بقيادة علي احمد ناصر عنتر سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص. وفي 25 أغسطس 1965 رفضت الجبهة القومية نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته بـ”مؤتمر الخيانة”، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب.
أعلنت بريطانيا في 2 أكتوبر 1965 عن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما أدى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة أسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
أحداث 1966
أصدرت الخارجية البريطانية “الكتاب الأبيض” في 22 فبراير 1966 الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968. شكلت الجبهة القومية في 5 أبريل 1966، لجنة لجمع التبرعات من المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة.
في 22 أبريل 1966 أسقط ثوار جيش التحرير طائرة بريطانية أثناء قيامها بعملية استطلاعية لمواقع الثوار في الضالع والشعيب، فأرسلت السلطات الاستعمارية للغاية نفسها طائرة أخرى، فكان مصيرها كسابقتها، ما جعل القوة الاستعمارية وأعوانها تشدد من قصفها للقرى وتنكل بالمواطنين فيها. في 28 يوليو 1966 نفذ فدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبو عماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين.
أعلنت الحكومة البريطانية في أغسطس 1966 اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.
في 31 ديسمبر 1966 قام ثوار جيش التحرير بهجوم مباغت على القاعدة البريطانية في الضالع، أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة ثمانية آخرين، وتدمير ثلاث سيارات “لاند روفر” وإحراق عدد من الخيام بما فيها من مؤن ومعدات. في غضون ذلك وحد ثوار الضالع وردفان والشعيب هجماتهم على القوات الاستعمارية وأعوانها من خلال تشكيل فرقة قتالية مشتركة أسموها “الفرقة المتجولة” بقيادة علي شايع هادي.
في 5 أكتوبر 1966 قدم ثوار الشمال الدعم الشعبي والعسكري الكبير لإخوانهم في الجنوب، وذلك بدءا من الضالع وحتى وصولهم إلى عدن، مما أدى إلى الضرر الأكبر في صفوف القوات البريطانية، والهزيمة الساحقة في نفوس قوات الاحتلال البريطاني.
أحداث 1967
في 15 فبراير 1967 خرجت جماهير غفيرة في عدن في مظاهرات حاشدة معادية للاستعمار البريطاني وهي تحمل جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب (عبود) الذي استشهد أثناء معركة ضد القوات الاستعمارية في مدينة الشيخ عثمان.
أصدرت الجامعة العربية في 8 مارس 1967 قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن. وفي 2 ابريل 1967 حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
في 3 أبريل 1967 نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
تمكن الفدائيون في 20 يونيو 1967 من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
وفي 21 يونيو 1967 سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي أحمد ناصر عنتر. وتبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967 بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
تأسست إذاعة المكلا في 28 سبتمبر 1967 التي انطلقت باسم “صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل”. وفي 5 نوفمبر 1967 أعلنت قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
نيل الاستقلال
أعلن وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) في 14 نوفمبر 1967 أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967 من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
وبدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وتولى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي.
توحيد الكيانات الجنوبية
بعد انتصار الثورة تم توحيد كافة الكيانات الجنوبية تحت مسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ومنها اتحاد الجنوب العربي الذي كان اتحادًا أقيم تحت الحماية البريطانية في 4 أبريل 1962 مكونا من 18 ولاية.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من مذكرات سالمين.. كان له دور ريادي في النضالي والعمليات الفدائية ضد الاستعمار البريطاني.

د. الخضر عبدالله

الحديث عن دور الرئيس " سالمين " النضالي والعمليات الفدائية التي قام بها ضد الاستعمار البريطاني ,يعني الحديث عن التحرر ودحر الاحتلال البريطاني من أرضنا اليمنية الطاهرة وحتى تكتمل صورة الحديث عن هذه الثورة لابد لنا في هذه الحلقة من وقفة مع دور " سالمين " في العمليات الفدائية الذي اسهم في إشعال جذوة ضد الاستعمار

يقول المناضل صالح محمد :"كان " سالمين " قد تحمل المسؤولية المالية الملقاة على عاتقه في قيادة الثورة وظل يتحمل هذه المسؤولية لفترة طويلة ولكن شغفه وحبه للنضال الفدائي لم يظل في هذا الوضع بل انضم للعمل في جيش التحرير التابع للجبهة القومية لتحرير الجنوب حيث استقر به المقام في جبهات القتال والمشاركة والتخطيط بعمليات فدائية ارعبت المستعمر البريطاني في الجنوب اليمن آنذاك "

>العمل الفدائي

ومن جهته قال المناضل محمد علي عريم حول ذكريات النضال والعمل الفدائي مع الرئيس "سالمين" فقال في حديثه :" اتجهت للعمل الفدائي بتوجيه من الأخ المناضل الشهيد الرئيس سالم ربيع علي (سالمين)، قائد جبهة عدن حيث كلفت بتحمل المسؤولية، وجمعت كل الخلايا، والحلقات من مدينة المنصورة، والشيخ عثمان، والبريقة في محافظة عدن، وتعرفت عليهم واطلعت على كافة ظروفهم، وكان أبرز الهموم الأساسية، هي مواصلة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني، وقواته، وتكتيك العمليات الفدائية، وقد تم مناقشة هذه الأمور مع قائد العمل العسكري بعدن الشهيد الرئيس سالمين حيث أكد توفير السلاح للعمل الفدائي، وبدأنا تنفيذ العمليات العسكرية بدقة، وتأمين وصول السلاح المرسل به خارج عدن أي من تعز، والبعض الآخر من مستودعات الجيش، والأمن، ومن الضباط العسكريين المتعاونين إلى الجبهة القومية، وكنا لانعرف هؤلاء الضباط المتعاونين معنا؛ نتيجة السرية العالية التي كنا نتبعها في عملنا السياسي، والفدائي

>"سالمين "يقود العمليات الفدائية

وحول أبرز وأهم العمليات العسكرية التي شارك فيها المناضل " محمد عريم "ضد قوات الاحتلال البريطاني تحدث عنها بعد استذكار قائلاً:"أهم العمليات الفدائية التي كان لي الشرف بالمشاركة فيها ضد قوات الاحتلال مع مجموعة من القيادات الفدائية، وقد اختارنا شخصياً المناضل الشهيد الرئيس سالمين، وكانت هذه العملية محددة بضرب مطار عدن الدولي بواسطة مدفع (ديه تي ون) وقد اشترك فيها سالمين بشكل مباشر، وضرب بأربع قذائف من المدفع، وتم انسحابنا فور إتمام العملية العسكرية إلى منطقة الدرين بالشيخ عثمان، ولم يتم إصابة أي فرد من أفراد المجموعة، رغم تعقب طائرة هيلوكبتر انجليزية لنا بعد العملية مباشرة"

ومضى المناضل " عريم " يسترسل ويقول :" وبعد ذلك تتابعت العمليات العسكرية التي اشتركت فيها بتوجيه من القيادة العامة للجبهة القومية، ومنها العملية العسكرية التي اشتركت فيها.....
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
« #تعز- عدن »
أم الحركة الوطنية القومية الثورية الحديثة


علي نعمان المقطري

كان أحد أسماء تعز القديمة هو "عدنة"، واسم عدن وعدين وعدينة ينتشر في إقليم تعز وإب بكثرة، وهو يعني في الموروثات القديمة الجنات الخضراء الباسقة الغناء النضرة الخصبة، وهو ينطبق مع جغرافية ومناخ "تعز-إب"، ولكنه لا يتفق مع واقع عدن الجنوب التي اعتمدت على موقعها البحري الصحراوي الجاف شديد الحرارة نادر المياه العذبة، ولا يتفق هذا الاسم مع طبيعتها، فمن أين جاءها هذا الاسم الجميل؟ لا شك أن أصله في الجوار الجبلي التعزي الإبي لليمن القديم، فقد كانت ميناء اليمن التجاري الشهير منذ القدم، كما كانت ثغر اليمن على الشرق والغرب.
وهناك رواية تاريخية تقول إن "عدن" هو اسم أحد الملوك العرب القحطانيين السبئيين القدامى الذين حكموها في الماضي، وقد منحها اسمه لتخليده فصار اسماً لها مثل ذمار وسام وعلام وحام ويام... وأياً كان الأصل فإنه مربوط بشدة بالجغرافيا المحيطة بها من اليمن الأم، وأقرب الأقاليم اليمنية المركزية إليها هو "تعز-إب"، فلم تكن لحج مركزاً تاريخياً رئيسياً خارج هيمنة القبائل الحميرية اليافعية التي كانت ترى فيها نقطة زراعية تستقبل العشائر اليافعية الأصل مساقط المياه القادمة من الشمال الجبلي إلى السهل الساحلي للحج، وتستفيد من الدلتا الغرينية الطينية المتكونة عبر الزمن على وادي بنا الكبير.
وظلت نقطة منافسة بين الأصابح واليوافع حتى تغلبت عليها يافع أخيراً بإقامة إقطاعيات زراعية استنادا إلى استغلال الأقنان والفقراء الذين تكفلوا برعاية الأرض وخدمتها لصالح الإقطاعيين والسلاطين لقاء سد الرمق.
كانت لحج هي أهم منفذ بين عدن وتعز وإب والداخل اليمني طوال الزمن، والتاريخ كما يقول علماؤه محكوم بالجغرافيا البشرية والطبيعية معا، ولا يمكن إحداث تغيرات منافية لقواعد وحقائق الجغرافية والتاريخ. ومهما طال الزمن فإن كل متغييرات مناقضة لواقع التاريخ والجغرافيا تصطدم وتسقط ولو بعد حين وتعود الأمور إلى الوضع الطبيعي الأصلي. وهذا ما حصل في عدن والجنوب، وما يزال يحصل، ومازالت عريضة بيعها الإجرامية السلطانية للإنجليز تصفع وجه التاريخ بوحشية وحقارة ونذالة وسفالة لم يعرفها تاريخنا من قبل، فلم يعرف التاريخ من قبل أن تجرأ أحدهم على أن يبيع قطعة من الأرض مهما كانت حالته وهزائمه وخسائره ومعاركه، كما لم يفعل أمراء وسلاطين بلاد ما فعله أولئك السلاطين الجنوبيون في ذلك الزمن، وإذا حدث مثله فقد كان ومازال محل لعنة الأجيال اليمنية، ومحل احتقار الأجيال من أبناء اليمن الغيارى عبر الزمن. وما فعله السلاطين الأنذال الخونة الأرجاس الأوباش ببلادهم اليمنية طوال قرن ونيف من الاحتلال والاعتناق والتواطؤ والتحالف السلاطيني القبلي الخياني قد بعثرته تعز العدنية بأجسادها العارية وهي تواجه الاحتلال والاستيطان البريطاني الهندوسي الآسيوي والأجنبي في ظل تعاون قبيح من بعض أهل البلاد الذين تسلموا سلفا قيمتها مصالح وهدايا ونقوداً ونفوذاً ورعاية وسياسة وشطارة ودعارة.
كان يمانية عدن العاملون المناضلون البائسون الفقراء المحرومون الواعون الوطنيون هم ملح الأرض كما سموهم في الصحافة الوطنية والموضوعية، هؤلاء الذين كانوا يفترشون الأرصفة والخيام والصفيح والأكواخ والشوارع، هم الذين ذاقوا مرارة المحتل المباشرة نيابة عن اليمن كلها، بمن فيهم أبناء الجنوب أنفسهم الذين كانوا غارقين في قبليتهم إلى الأذقان. فلم تشهد مناطق الجنوب جميعها ما حدث في عدن اليمنية طول قرن كامل، وما حدث بعد ذلك كان عدوى عدنية تعزية شملت اليمن كلها من أقصاها إلى أقصاها.
وهذا الدور التاريخي العظيم المجيد، والذي لا يقف عنده طويلا المؤرخون والكتاب، إما جهلا وإما حسدا وأنانية وجحودا، لهو دين في الرقبة العامة على اليمن كلها. وربما كان هذا أحد الأسباب التي شوشت على وعي قطاع كبير من أبناء تعز الحاليين، ذلك أن أهم ملاحم التاريخ الحديث في مواجهة الاستعمار والرجعية كان ذلك الذي خاضته تعز في ساحة وجبهات عدن المحتلة.
وإذا كان الدور الرئيسي في الصراع مع الغزو التركي العثماني وقيادته طوال قرن ونصف، لصنعاء وصعدة والأئمة الوطنيين طوال قرن ونصف، فإن الدور الرئيسي الأكبر في التصدي للإنجليز والاستعمار البريطاني من عدن -تعز ومن تعز- لحج كان لتعز اليمانية المركزية.
وهذه الأقوال ليس فيها أية مبالغة شعورية أو وجدانية، وإن اختلط الوجدان بالعقل والمنطق في هذه الملحمة الوطنية القومية التحررية العظيمة.
لقد حاولت الرجعية والاستعمار أن يشوشا على تاريخ الوطن وتعز وصنعاء وعدن وغيرها.

فشل المواجهات القبلية قصيرة النفس
لقد حاولت قبائل اليمن الجنوبية والشمالية أن تستعيد عدن من الإنجليز، غير أن الاستعمار كان قادراً بأسلحته الحديثة أن يقمع جميع التحركات الشعبية التقليدية المباشرة.
كما حدثت العديد من الانتفاضات القبلية المتفرقة غير الموحدة في عدد من المناطق، لكن المستعمر قضى عليها وكان مصيرها الإخفاق والفشل في مهادها.
لقد كانت تمثل نوعا من المواجهات قد تجاوزه العصر والظروف والزمن، فقد كانت غير موحدة وغير قابلة للتوحد، لأن كل قبيلة تنتفض كانت تصنع ذلك وفقا لتقديرها ومزاجها الخاص وعلاقاتها بالإنجليز والسلاطين المحليين، وكلها كانت تعتمد على دعم حكومة تعز وصنعاء وإسنادها اللوجستي بقيادة شيوخها القبليين، لكن وبسبب أسلوب تفكيرهم الضيق المحدود كان الفشل هو المصير الدائم لجميع التحركات القبلية المحلية، لذلك استقر في أذهان الجنوبيين -للأسف- أن مواجهة الإنجليز مهمة مستحيلة، لكنهم لم يفهموا متطلبات التاريخ الجديدة ولم يستوعبوا قوانينه الجديدة، ولم يفهموا الأهمية القصوى في الكفاح الوطني للمركز الشعبي والتمركز الاجتماعي في الساحة الرئيسية لقاعدة الاحتلال، ولم يدركوا بعد أهمية الدمج بين أشكال الكفاح الشعبي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية والمسلحة.
إن البريطاني مادام يسيطر عسكريا وسياسيا على قاعدته الكبرى في عدن وحواليها سيظل قادرا على مواجهة وقمع كل تحرك يأتي من خارجها مهما كانت قوته المادية المباشرة، فلا يبقى سوى التفكير في أساليب كفاحية جديدة تنبع من داخل ومن قلب عدن وسكانها أنفسهم، ومن خارجها أيضا، ومن أطرافها في وقت واحد، وكانت هذه المتطلبات الجديدة هي التي تتوفر في يمانية "عدن-تعز" وحدهم، فهم الذين يسيطرون على الأرض بحكم حياتهم اليومية وارتباطهم بالأرض والعمل طوال القرن، وتكونت لهم قواعد وجذور ليست لأي جماعة أخرى، وكانوا هم الذين ينتشرون في جميع مسارات مناطق وقواعد ومعسكرات ومؤسسات المستعمر، كعاملين وأجراء وموظفين وشغيلة وتجار وكسبة ومثقفين وكتاب وفنيين، وكانوا مرتبطين بثقافة العصر الاقتصادي العالمي الجديد المسيطر ونقيضه الموضوعي الرئيسي التناحري القادر على مدافعته الطويلة لعقود وقرون عبر كفاح طويل النفس.
وحسب المنطق الفلسفي الجدلي الثوري الحديث يعني ذلك أن هزيمة العدو المستعمر المسيطر ليست تمكنة إلا إذا اخترقت قواعده ومؤخراته ومراكزه الاقتصادية والعسكرية وعانى من استنزاف كفاحي شعبي غواري انتفاضي منظم وواسع وطويل، ويمارسه الشعب كله في مركز الصراع الرئيسي وأطرافه. 
وهذا ما لم تكن تستطيعه أية قبيلة أو سلطنة من خارج عدن ومن داخلها، لأنه ليس لها امتداداتها الاجتماعية في عدن بعد بيعها للاستعمار منذ قرن وانعزالها من البداية عنها بحكم موقعها كميناء صغير بعيد في أقصى الجنوب الغربي للعالم أو في نهاية العالم كما سماها الفيلسوف الفرنسي (رامبو) الذي عاش فيها لفترة من الزمن، أو كما وصفها الشاعر العربي القديم بقوله:
فقالت وقد لاحت ربى الأعلام من عدن
امنتهى الأرض تبغي أم منتهى اليمن؟!
فعدن اسمها منتهى الأرض، ومنتهى اليمن في وجدان الأجيال المتعاقبة، ولكنها وقد صارت إلى سيطرة الاحتلال فقد انعزلت عنها قبائل الجنوب كافة، ولم تحاول سكناها أو العمل والبقاء فيها وتحدي الاحتلال، فقد سلموا له بالأمر الواقع، ولذلك لم تستطع توحيد قواها الوطنية، كما لم تنتج وعيها الوطني القومي التوحيدي الثوري الحديث، لأنها كانت منعزلة في الجيتوهات القبلية المتفرقة المتصارعة المتمثلة في الـ24 سلطنة ومشيخة ودويلة لكل منها حدودها وحكومتها ودويلتها الميكروبية الخاصة، وتنتج كل منها هويتها الخاصة الانقسامية العنصرية المضادة للهويات الأخرى.
وكان البريطاني قد حول عدن إلى مبغى كبير وماخور يستقبل كل من يحتاج إلى الغواية والفسق والفجور. كان يوفر ويشجع ويحمي وينشئ المزيد من الأندية والمواخير وأسواق بيع الرقيق الأبيض والأسمر والأصفر. وكان لكل أمير وشيخ قصره الخاص في شواطئ عدن يأتيه ليقضي أوقاته السعيدة في ضيافة المستعمر البريطاني وتحت حمايته وبإذنه، وقد نقل إليها كل الأسباب التي تجعل من السهل السيطرة على نفوس وغرائز وعقول السكان والنخب التي تخدمه والبؤساء الذين يستغلهم ويمتص دماءهم وحقوقهم.

سلخ عدن عن اليمن
نتيجة الوضع التاريخي لـ"تعز ـ عدن"، قررت مصير عدن التاريخي وهويتها الحديثة بحكم تأثيرها ودورها في مواجهة مشاريع الاستعمار البريطاني الانسلاخية لعدن المحتلة، حين تدفقت مئات الآلاف من أبناء تعز والمناطق المجاورة للالتحاق بمشاريع البناء والصناعات والعمل في المدن الجديدة التي أقامها الإنجليز خدمة لقواته ومتطلباته الاستراتيجية.
وبهذا، وعبر الزمن الذي تواصل لأكثر من قرن، تكونت مع الوقت كتلة بشرية تعزية مشتركة تسكن ضواحي المدينة وتحيط بها إحاطة السوار بالمعصم بطرق تلقائية عفوية ودون تخطيط مسبق، وإنما توجهات تلقائية بحسب متطلبات العمل والحياة المادية والاجتماعية أمام استغلال متضاعف من الإنجليز ومن الجاليات الأجنبية المسيطرة على عدن بإسناد المستعمر لها ضمن مخططات لفصلها عن الوطن وضمها لدويلات الكومنولث البريطاني.
ولمن لا يعرف الكومنولث البريطاني فهو تنظيم بريطاني سياسي يضم جميع المناطق والدويلات والأقاليم التي استعمرتها بريطانيا وحين حانت لحظة فصلها عن أوطانها أعلنتها إقليماً مستقلاً يتبع الكومنولث البريطاني، وترأسها فخريا واستراتيجيا ملكة بريطانيا وحكومتها، وتدعي بريطانيا أنها صارت دويلة مستقلة لها حكومتها الخاصة.
وكانت بريطانيا قد أعلنت عدن مستعمرة مملوكة لبريطانيا وفقا لعقود شراء وبيع لها من جانب سلاطين لحج يافع العبادلة بمبلغ ثلاثة آلاف ريال "فرانصي" (فرانك)، دفعت للسلطان العبدلي سلطان لحج وحليف بريطانيا بعد احتلالها بقوة السلاح والأساطيل، وانتهزت بريطانيا اعترافا باستقلالها الخاص من جميع سلاطين الجنوب العملاء لبريطانيا وأولهم سلاطين لحج وأبين وشبوة وغيرهم، وتأسست مستعمرة عدن التابعة لوزارة المستعمرات البريطانية في لندن، وأصبحت رسميا مسلوخة عن الكيان اليمني منذ دخولها تحت الاستعمار الإنجليزي مطلع القرن لتاسع عشر الميلادي.
وواصلت بريطانيا شراء الأراضي المجاورة لميناء عدن في الشيخ عثمان ودار سعد والبريقة ومدينة الشعب وسواحلها وجوارها تدريجيا بالأموال من سلاطين لحج المتوالين الذين مكنوها بدون مقاومة من التوسع الجغرافي أكثر فأكثر حتى صارت لها تلك لمساحة بحجم دويلة.
لقد كانت عدن مباعة في الواقع من قبل سلاطين لحج وأبين تحديدا مقابل دعم الإنجليز لهم ضد منافسيهم من القبائل والأسر المنافسة وأولاد الأعمام والأخوال، وكان السلاطين يتعاملون مع هذا الواقع على أنه حقيقة قانونية، ولها حدود لا يستطيعون تجاوزها، فإذا قدموا إلى عدن يقدمون كضيوف على الحكومة البريطانية ولا شأن لهم بعدن ولا بأهلها ومشاكلها وامتيازاتها وطبيعتها الجديدة وخصوصياتها وأمورها ومجتمعها الداخلي وعلاقاتها، حتى صارت آنذاك قطعة من الهند البريطانية تحكم من الهند ومن كلكتا وحكومتها وتتبع حاكم الهند البريطاني.
 
فقدان الهوية العربية اليمنية الإسلامية مواجهة غربة وجحود
لم يبق في عدن ما يشي بانتمائها إلى الوطن العربي وإلى اليمن حتى وقت قريب، قبل سيطرة أبناء تعز اليمنيين العرب على أرضها وأرضهم واستعادة العروبة والهوية الوطنية مجددا عبر كفاح طويل عفوي.
إذ إن السلاطين كافة كانوا قد وقعوا معاهدات واتفاقيات تقر صراحة بانسلاخ عدن عن الجنوب وعن اليمن والبلاد العربية كما تقول الوثائق، وأنها بيعت شرعيا للإنجليز تتصرف فيها كما تشاء. وكان هذا متضمنا معاهدات الحماية والصداقة مع بريطانيا العظمى، سيدة نعمتهم الجديدة. 
ونحن إذ نستذكر هذا اليوم، فلأن المؤرخين قد مروا سريعا على تطور الأوضاع في عدن والجنوب ولم يقفوا طويلا وعميقا على حقيقة تطوراتها وظروفها والنتائج التي أحدثتها في مجرى التاريخ الوطني سلبا وإيجابا. ونحن نريد أن نذكر الجاحدين لأفضال تعز على الوطن وعلى الجنوب، خاصة الذين يتحدثون اليوم عن الانسلاخ عن اليمن كأنه حقيقة تاريخية، وقد كانوا كذلك في الواقع، لولا أن تعز اخترقته بجماهيرها العاملة في عدن التي خاضت مع المستعمرين والأجانب المستوطنين معارك ضارية باردة وحارة سياسية واقتصادية وثقافية طوال قرن ونيف من الاحتلال لاستعادة عدن وهويتها العربية والوطنية اليمنية، فأفسدوا على الحلفاء والعملاء والمستعمرين طبخاتهم في اللحظة الأخيرة حين دخلت المعركة ضد الجميع من سلاطين وأجانب ومحليين عملاء لبريطانيا ووكلاء لها، حين سيطروا على الأرض العدنية اليمنية العربية، وحاصروا القصور والعمارات الارستقراطية العميلة، ورفضوا التفريط فيها لحساب هويات غريبة عن الهوية الوطنية اليمنية العربية الإسلامية.

وفي المقابل كان هناك الأيديولوجيات الاستعمارية التي استعانت بالهوية الطائفية المختلفة والتنافرات المذهبية التي اختلقها المستعمر فاستعان بالوهابيين والإخوان والسلفيين والبعث الاستعماري الأصنجي الشهير، الذين أضفى عليهم أسماء وشعارات مضللة على شكل أحزاب وحركات وجماعات مذهبية وإسلامية برعاية المستعمر نفسه، مثل "حزب رابطة أبناء الجنوب العربي"، بزعامة الشيخ والسلطان التاجر والعميل للمخابرات البريطانية عبدالرحمن الجفري وزميله العميل الشيخ السلطان شيخان الحبشي، وهما من كبار عملاء الاستعمار المشهورين، وهما من رجال الإخوان الوهابيين في الجنوب، ومن تربية الشيخ حسن البنا في مصر منذ الثلاثينيات خلال دراستهما هناك على يديه، ومعهما عبدالله الأصنج، رئيس "حزب الشعب" البعثي العميل للاستعمار، ومحمد سالم باسندوة تلميذ التربية البريطانية في مستعمرة عدن