يناهز المئة. وقد أخذت عنه بفضل والدي مرّة في الحجّة من سنة (١٣٠٩ ه) بمكانه ، وأخرى بمكاننا علم بدر ليلة الإثنين (٧) القعدة من سنة (١٣١٣ ه) ، فأجازنا وألبسنا أنا ووالدي والشّيخ محمّد الدّثنيّ وولده عمر ، بعد أن أمرني والدي بقراءة شيء من الكتب ، وقال لوالدي : (لم يسألني الإجازة من سيئون أحد غيرك) ، فذكرت به ما رواه شارح «العينيّة» في (ص ٣٢٠) عن الحبيب عقيل بن عبد الرّحمن أنّه ألبس القطب الحدّاد كوفيّته ، وقال له : (ألبسناك ولم نلبس غيرك) اه
وما روي عن الحبيب عمر بن عبد الرّحمن البارّ أنّه قال : إنّ القطب الحدّاد ألبسني وأذن لي في الإلباس والتّحكيم إذنا مطلقا ، ولم يأذن لأحد غيري إلّا الحبيب أحمد بن زين.
لكن في «المواهب والمنن» : أنّ الحبيب عمر حامد غضب من كلام البارّ هذا ، وقال : إنّ أفضل وأكمل منه قول الحدّاد لولديه علويّ وحسن : أقمتكما مقامي ، وأنبتكما عنّي.
ثمّ رأيت السّيّد محمّد بن حسن عيديد يقول : إنّه أخذ عن شيخنا أحمد بن جعفر ولبس منه.
ولا يغبّر على ما تقدّم ؛ لأنّ النّفي إنّما كان خاصّا بآل سيئون ، وإمّا لأن يكون أخذه بعد التّاريخ السّابق. اه
وفي ذلك المجلس ذكر الحبيب أحمد بن جعفر أنّه : اجتمع بالحبيب طاهر بن حسين ، والحبيب علويّ بن سهل مولى خيله (١) ، والحبيب عبد الله بن أبي بكر
______
سنة (١٢٧١ ه) ، وعلي توفي بسيئون سنة (١٣١١ ه).
وذكروا أنه لما توفي المترجم .. حفروا له عند رأس أخيه علي فوجدوه بعد (٩) سنوات سالما لم يبل جسمه ، ذكر هذا الحبيب عبد الرحمن المشهور في ترجمته له في «الشجرة».
(١) هو السيد الشريف علوي بن محمد بن سهل بن محمد بن أحمد بن سليمان بن عمر بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن مولى خيله العلوي. ولد بتريم سنة (١١٦٦ ه) ، ونشأ بها ، ثم هاجر إلى الهند واستقر بمليبار ، ولم يزل بها يترقى في مراقي الكمال حتى وافاه الحمام سنة (١٢٦٣ ه) ببلدة ترنقالي. جمع نبذة من كراماته العلامة أحمد بن أبي بكر بن سميط وطبعت بمصر ، وله ذكر في «تاج
وما روي عن الحبيب عمر بن عبد الرّحمن البارّ أنّه قال : إنّ القطب الحدّاد ألبسني وأذن لي في الإلباس والتّحكيم إذنا مطلقا ، ولم يأذن لأحد غيري إلّا الحبيب أحمد بن زين.
لكن في «المواهب والمنن» : أنّ الحبيب عمر حامد غضب من كلام البارّ هذا ، وقال : إنّ أفضل وأكمل منه قول الحدّاد لولديه علويّ وحسن : أقمتكما مقامي ، وأنبتكما عنّي.
ثمّ رأيت السّيّد محمّد بن حسن عيديد يقول : إنّه أخذ عن شيخنا أحمد بن جعفر ولبس منه.
ولا يغبّر على ما تقدّم ؛ لأنّ النّفي إنّما كان خاصّا بآل سيئون ، وإمّا لأن يكون أخذه بعد التّاريخ السّابق. اه
وفي ذلك المجلس ذكر الحبيب أحمد بن جعفر أنّه : اجتمع بالحبيب طاهر بن حسين ، والحبيب علويّ بن سهل مولى خيله (١) ، والحبيب عبد الله بن أبي بكر
______
سنة (١٢٧١ ه) ، وعلي توفي بسيئون سنة (١٣١١ ه).
وذكروا أنه لما توفي المترجم .. حفروا له عند رأس أخيه علي فوجدوه بعد (٩) سنوات سالما لم يبل جسمه ، ذكر هذا الحبيب عبد الرحمن المشهور في ترجمته له في «الشجرة».
(١) هو السيد الشريف علوي بن محمد بن سهل بن محمد بن أحمد بن سليمان بن عمر بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن مولى خيله العلوي. ولد بتريم سنة (١١٦٦ ه) ، ونشأ بها ، ثم هاجر إلى الهند واستقر بمليبار ، ولم يزل بها يترقى في مراقي الكمال حتى وافاه الحمام سنة (١٢٦٣ ه) ببلدة ترنقالي. جمع نبذة من كراماته العلامة أحمد بن أبي بكر بن سميط وطبعت بمصر ، وله ذكر في «تاج
صاحب ملاكه (١) ، والسّيّد أحمد بيتي ، والسّيّد أحمد بافقيه ، وابنه شيخ ، والحبيب شيخ بن علويّ بن شيخ بن عبد الرّحمن بن سقّاف ، والحبيب عبد الرّحمن بن حسن بن سقّاف ، والحبيب محمّد بن عمر بن سقّاف (٢) ، والشّيخ عمر بن عبد الرّسول العطّار (٣) ، والسّيّد يوسف البطّاح الأهدل (٤) ، والمعلّم عمر مشغان (٥) ، والشّيخ محمّد باقيس. وغيرهم.
وله مكارم ومآثر ؛ منها : مسجد بسيئون ، ومسجد بسربايا ، وزيادة حسبما سبق في الجامع.
وههنا مسائل :
الأولى : أنّ مسجد السّيّد أحمد بن جعفر بسيئون كان صغيرا محتاجا إلى التّوسعة ، فاستفتاني ولده عمر في ذلك؟ فأفتيته بالجواز تبعا لما استظهره بعضهم ، بل قيل بالوجوب حينئذ إذا قام مال الوقف بذلك.
والثّانية : أنّ هذا المسجد كان فقيرا ، ومسجده بسربايا كان غنيّا ، فأفتيته بجواز الصّرف من مال هذا على ذاك ، مستدلّا بكلام للشّيخ الجليل محمّد بن عبد الله باسودان في ذلك ، وفتوى للخليليّ ناصّة عليه.
وقد نقل عن كثير من علماء اليمن أنّه يجوز صرف الفاضل من ريع الموقوف على مسجد في مصالح المسلمين وإلى عمارة مسجد آخر في موضعه ؛ لأنّ القصد مصلحة المسلمين. وقد نقل ذلك عن العمرانيّ مؤلّف «البيان».
ولئن لم يكن مسجد سيئون بموضع مسجد سربايا .. فإنّه أقرب إلى غرض الواقف
______
الأعراس».
(١) المولود بالشحر ، والمتوفى بملاكه بماليزيا سنة (١٢٥٥ ه) ، وترجمته في «نشر النفحات المسكية» لباحسن (خ).
(٢) مولده سنة (١١٩٨ ه) ، ووفاته (١٢٤٩ ه). «التلخيص» (٧٧ ـ ٧٨).
(٣) وفاته بمكة سنة (١٢٤٧ ه).
(٤) وفاته بمكة سنة (١٢٤٦ ه).
(٥) توفي سنة (١٢٩٣ ه) ، وله بعض مصنفات
704
وله مكارم ومآثر ؛ منها : مسجد بسيئون ، ومسجد بسربايا ، وزيادة حسبما سبق في الجامع.
وههنا مسائل :
الأولى : أنّ مسجد السّيّد أحمد بن جعفر بسيئون كان صغيرا محتاجا إلى التّوسعة ، فاستفتاني ولده عمر في ذلك؟ فأفتيته بالجواز تبعا لما استظهره بعضهم ، بل قيل بالوجوب حينئذ إذا قام مال الوقف بذلك.
والثّانية : أنّ هذا المسجد كان فقيرا ، ومسجده بسربايا كان غنيّا ، فأفتيته بجواز الصّرف من مال هذا على ذاك ، مستدلّا بكلام للشّيخ الجليل محمّد بن عبد الله باسودان في ذلك ، وفتوى للخليليّ ناصّة عليه.
وقد نقل عن كثير من علماء اليمن أنّه يجوز صرف الفاضل من ريع الموقوف على مسجد في مصالح المسلمين وإلى عمارة مسجد آخر في موضعه ؛ لأنّ القصد مصلحة المسلمين. وقد نقل ذلك عن العمرانيّ مؤلّف «البيان».
ولئن لم يكن مسجد سيئون بموضع مسجد سربايا .. فإنّه أقرب إلى غرض الواقف
______
الأعراس».
(١) المولود بالشحر ، والمتوفى بملاكه بماليزيا سنة (١٢٥٥ ه) ، وترجمته في «نشر النفحات المسكية» لباحسن (خ).
(٢) مولده سنة (١١٩٨ ه) ، ووفاته (١٢٤٩ ه). «التلخيص» (٧٧ ـ ٧٨).
(٣) وفاته بمكة سنة (١٢٤٧ ه).
(٤) وفاته بمكة سنة (١٢٤٦ ه).
(٥) توفي سنة (١٢٩٣ ه) ، وله بعض مصنفات
704
#تاريخ_الشحر_بافقيه
نور الدنيا والدين علي بن عبد الرحمن خرد باعلوي بمكة المشرفة ليلة الأحد ثامن شهر صفر ، ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض ، والشيخ عبد الله اليافعي نفعنا الله بهم.
وفيها : توفي السيد الكبير الشهير الولي الصالح السيد الشريف حسين بن محمد بن علوي شنبل باعلوي بمكة المشرفة ثالث ربيع الأول رحمهالله تعالى.
وفيها : توفي الشيخ المجذوب المحبوب الولي العارف السيد الشريف أبو بكر المهدلي بالحديدة في جمادى الأولى رحمهالله تعالى.
نور الدنيا والدين علي بن عبد الرحمن خرد باعلوي بمكة المشرفة ليلة الأحد ثامن شهر صفر ، ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض ، والشيخ عبد الله اليافعي نفعنا الله بهم.
وفيها : توفي السيد الكبير الشهير الولي الصالح السيد الشريف حسين بن محمد بن علوي شنبل باعلوي بمكة المشرفة ثالث ربيع الأول رحمهالله تعالى.
وفيها : توفي الشيخ المجذوب المحبوب الولي العارف السيد الشريف أبو بكر المهدلي بالحديدة في جمادى الأولى رحمهالله تعالى.
سنة ثلاث وثمانين
في المحرم (١) طلب السلطان عبد الله بن بدر الكثيري شيخنا الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن عبد الرحيم الجابري رحمهالله من بلدة بروم إلى الشحر ليوليه تدريس مدرسة أبيه السلطان بها ، وألزمه بذلك ففعل وانتفع بتدريسه الأنام واستنارت بذلك وجوه اللّيالي والأيام ، وما أحسن ما قال سيدنا السيد الشّريف الفاضل الكامل وجيه الدّنيا والدين عبد الرحمن بن أحمد البيض باعلوي رحمهالله تعالى :
شمس الهدى طلعت وغاب رقيبها
ونجوم نحس الجهل آن مغيبها (٢)
بظهور مولانا ومالك عصرنا
نجل الخلافة فحلها ونجيبها
مولى ملوك الأرض غير مدافع
ومدفع لبعيدها وقريبها
عبد الله السلطان منصور اللوا
مردي العداة بكفه تعذيبها
لما أتى للشحر يصلح أمرها
وجميع داعية الفساد يريبها (٣)
ودعا إمام العصر فرد زمانه
شيخ العلوم فقيهها وأديبها
أعنى الفقيه (٤) محمد بن مزاحم
من زاحم العلما وحاز نصيبها
______
(١) النور السافر : ٣١٨ والعدة ١ : ٢١٨.
(٢) الأصل : غاب رقيبها وأصلحناه من النور السافر.
(٣) النور السافر : يذيبها.
(٤) العدة : فقيهها
في المحرم (١) طلب السلطان عبد الله بن بدر الكثيري شيخنا الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن عبد الرحيم الجابري رحمهالله من بلدة بروم إلى الشحر ليوليه تدريس مدرسة أبيه السلطان بها ، وألزمه بذلك ففعل وانتفع بتدريسه الأنام واستنارت بذلك وجوه اللّيالي والأيام ، وما أحسن ما قال سيدنا السيد الشّريف الفاضل الكامل وجيه الدّنيا والدين عبد الرحمن بن أحمد البيض باعلوي رحمهالله تعالى :
شمس الهدى طلعت وغاب رقيبها
ونجوم نحس الجهل آن مغيبها (٢)
بظهور مولانا ومالك عصرنا
نجل الخلافة فحلها ونجيبها
مولى ملوك الأرض غير مدافع
ومدفع لبعيدها وقريبها
عبد الله السلطان منصور اللوا
مردي العداة بكفه تعذيبها
لما أتى للشحر يصلح أمرها
وجميع داعية الفساد يريبها (٣)
ودعا إمام العصر فرد زمانه
شيخ العلوم فقيهها وأديبها
أعنى الفقيه (٤) محمد بن مزاحم
من زاحم العلما وحاز نصيبها
______
(١) النور السافر : ٣١٨ والعدة ١ : ٢١٨.
(٢) الأصل : غاب رقيبها وأصلحناه من النور السافر.
(٣) النور السافر : يذيبها.
(٤) العدة : فقيهها
العالم الحبر المبرّز في العلا
سبّاق غايات الكرام خطيبها
جاء الزمان به علينا فاغتدت
أيامه معلومة من طيبها
غفرت ذنوبك يا زمان جميعها
إذ قد برزت إلى القلوب حبيبها
إن كنت ترغب في العلوم ونقلها
بادر إليه وسله عن تهذيبها
فعلى الخبير بها سقطت فسله عن
ما شئت عن غربيها (١) وغريبها
فالله يبقيه ويصلح شأنه
وجميع أعداه اللئام يصيبها
وفيها : توفي السّيد الشريف الولي الصالح جمال الدين محمد بن عبد الله مولى عيديد ، ضحى يوم الأربعاء تاسع عشر شهر شعبان.
وفيها : أول (٢) ما بدا به السلطان عبد الله بن بدر من التّجهيز إلى بلاد مهرة يوم الثاني والعشرين من ذي الحجة آخر شهور سنة اثنتين وثمانين ، وكور الغربان يوم الثاني من شهر المحرم في هذه السنة المذكورة ، وكان عزمهم ليلة الجمعة العاشر من المحرم المذكور ، وكان مسيرهم من الريدة ليلة الأحد إلى بندر قشن ، وفي ليلة الأحد الحادي والعشرين من المحرم المذكور ، هجم المهرة غربان السّلطان عبد الله قريب حيريج فما قاتل منهم إلّا غراب النّقيب علي بن معوضة رحمهالله والباقيين خفروهم.
وفيها ليلة الأحد السادس عشر شهر شعبان : عزم السلطان عبد الله بن بدر إلى الريدة يريد المشقاص ، خرج وقت العشاء بجميع العساكر ، والبادية والأشراف ومعهم المدفع وزربطانتين (٣) وقد تقدمه ولده السلطا جعفر وجيش بن عبد العزيز ، ومحمد المرهون والعواتق (٤) ، وكان رجوعه من الريدة ليلة السبت الرابع عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة ، هو وجميع العساكر بعد أن اصطلح هو والمهرة بيت زياد صلح كفاية.
______
(١) النور السافر «عزيزها».
(٢) العدة ١ : ٢١٩.
(٣) الزبرطانة آله معدة للضرب من الآلات الحربية في ذلك الوقت.
(٤) كذا ولعله «العوالق
سبّاق غايات الكرام خطيبها
جاء الزمان به علينا فاغتدت
أيامه معلومة من طيبها
غفرت ذنوبك يا زمان جميعها
إذ قد برزت إلى القلوب حبيبها
إن كنت ترغب في العلوم ونقلها
بادر إليه وسله عن تهذيبها
فعلى الخبير بها سقطت فسله عن
ما شئت عن غربيها (١) وغريبها
فالله يبقيه ويصلح شأنه
وجميع أعداه اللئام يصيبها
وفيها : توفي السّيد الشريف الولي الصالح جمال الدين محمد بن عبد الله مولى عيديد ، ضحى يوم الأربعاء تاسع عشر شهر شعبان.
وفيها : أول (٢) ما بدا به السلطان عبد الله بن بدر من التّجهيز إلى بلاد مهرة يوم الثاني والعشرين من ذي الحجة آخر شهور سنة اثنتين وثمانين ، وكور الغربان يوم الثاني من شهر المحرم في هذه السنة المذكورة ، وكان عزمهم ليلة الجمعة العاشر من المحرم المذكور ، وكان مسيرهم من الريدة ليلة الأحد إلى بندر قشن ، وفي ليلة الأحد الحادي والعشرين من المحرم المذكور ، هجم المهرة غربان السّلطان عبد الله قريب حيريج فما قاتل منهم إلّا غراب النّقيب علي بن معوضة رحمهالله والباقيين خفروهم.
وفيها ليلة الأحد السادس عشر شهر شعبان : عزم السلطان عبد الله بن بدر إلى الريدة يريد المشقاص ، خرج وقت العشاء بجميع العساكر ، والبادية والأشراف ومعهم المدفع وزربطانتين (٣) وقد تقدمه ولده السلطا جعفر وجيش بن عبد العزيز ، ومحمد المرهون والعواتق (٤) ، وكان رجوعه من الريدة ليلة السبت الرابع عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة ، هو وجميع العساكر بعد أن اصطلح هو والمهرة بيت زياد صلح كفاية.
______
(١) النور السافر «عزيزها».
(٢) العدة ١ : ٢١٩.
(٣) الزبرطانة آله معدة للضرب من الآلات الحربية في ذلك الوقت.
(٤) كذا ولعله «العوالق
وفيها : توفي الشيخ عمر بن محمد بن طوعري بقشن يوم الخميس واحد وعشرين في شهر ربيع الأول
سنة أربع وثمانين
يوم الاثنين أول يوم في شهر رجب : توصل غرابين رومي قنبطانهم إسمه سنان فيهن نحو مائتين رومي ومثلهم بحرة وهنود إلى بندر الشحر قاصدين رأس الحدّ للافرنج ، فوصلوا مسكت فنهبوها وقتلوا فيها ناسا من الإفرنج وحرقوها ، وحرقوا كنائس الإفرنج ، وأخذوا برشة كبيرة شاحنة أموال في البندر تريد هرموز ، وأخذوا منها غليون وجدوه في البندر وغربان الإفرنج وغربانهم شحنوها الجميع من الأموال الذي أخذوها من البلاد ، وساعدهم الهنود ونهب (١) معهم ، ورجعوا غانمين سالمين ، وكان وصولهم من المسكت إلى الشحر يوم ثلاث وعشرين شهر شعبان ، وصروا إلى المكلا واقتسموا غنائمهم وجلسوا أياما ، وصروا إلى عدن.
وفيها : توصل قاصد إلى الشحر من باشة اليمن الباشه مراد في جلبة من عدن إلى بروم ، ووصل الشحر من طريق البر يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر جمادى الأولى ، والعجب أن السلطان المتولي بالروم كان إسمه السلطان مراد والباشة إسمه مراد.
وفيها (٢) : توفي السيد الشريف العالم الفاضل الكامل عفيف الدين عبد الله الشهير بالنحوي بن عبد الرحمن باهرون باعلوي بتريم رحمهالله
______
(١) كذا في الأصل.
(٢) النور السافر :
سنة أربع وثمانين
يوم الاثنين أول يوم في شهر رجب : توصل غرابين رومي قنبطانهم إسمه سنان فيهن نحو مائتين رومي ومثلهم بحرة وهنود إلى بندر الشحر قاصدين رأس الحدّ للافرنج ، فوصلوا مسكت فنهبوها وقتلوا فيها ناسا من الإفرنج وحرقوها ، وحرقوا كنائس الإفرنج ، وأخذوا برشة كبيرة شاحنة أموال في البندر تريد هرموز ، وأخذوا منها غليون وجدوه في البندر وغربان الإفرنج وغربانهم شحنوها الجميع من الأموال الذي أخذوها من البلاد ، وساعدهم الهنود ونهب (١) معهم ، ورجعوا غانمين سالمين ، وكان وصولهم من المسكت إلى الشحر يوم ثلاث وعشرين شهر شعبان ، وصروا إلى المكلا واقتسموا غنائمهم وجلسوا أياما ، وصروا إلى عدن.
وفيها : توصل قاصد إلى الشحر من باشة اليمن الباشه مراد في جلبة من عدن إلى بروم ، ووصل الشحر من طريق البر يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر جمادى الأولى ، والعجب أن السلطان المتولي بالروم كان إسمه السلطان مراد والباشة إسمه مراد.
وفيها (٢) : توفي السيد الشريف العالم الفاضل الكامل عفيف الدين عبد الله الشهير بالنحوي بن عبد الرحمن باهرون باعلوي بتريم رحمهالله
______
(١) كذا في الأصل.
(٢) النور السافر :
تعالى ونفع به ، وكان العالم علامة عصره وصاحب كرامات ، فمن كراماته أنه كان يوما جالسا وعنده سيدنا السيد الشريف عبد الله بن شيخ العيدروس فقال له : يا عبد الله إن معي خاطر أن فلانا يهم يفعل كذا وكذا ، وذكر شيئا من الأفعال المذمومة الذي لا يبيحها الشرع ، وهذا الخاطر معي أياما ، وهو من المتعلقين بنا وتجب له منا المناصحة فطلب إلى عنده وكلمّه فاعترف بذلك وتاب من وقته وحسنت توبته ، ثم إن السيد المذكور بقي يلوم نفسه على ذلك ، ويقول : أخاف أن يكون ذلك استدراجا.
وفيها (١) في ليلة السّبت ثاني عشر شهر رجب : توفي الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن محمد وهو أخو الشيخ العلامة أحمد العمودي الذي تقدم ذكره ، وهما أبناء الشيخ الكبير العلامة الشّهير عثمان بن محمد العمودي بأحمد أباد ، وكان حسن الأخلاق كريم النّفس كثير التواضع محبوبا مع الناس ذا وجاهة عظيمة وقبولا عند الخاص والعام رحمهالله تعالى ونفع به آمين.
وفيها (٢) : كان إتمام الحرم المكي في أيام السلطان مراد ، وكان ابتدأ في عمارته والده السلطان سليم ، فجاء تاريخه «عمر الحرم سلطان مراد».
______
(١) النور السافر : ٣٢٠.
(٢) العدة ١ : ٢١٩ في حوادث سنة ٩٨٤.
وفيها (١) في ليلة السّبت ثاني عشر شهر رجب : توفي الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن محمد وهو أخو الشيخ العلامة أحمد العمودي الذي تقدم ذكره ، وهما أبناء الشيخ الكبير العلامة الشّهير عثمان بن محمد العمودي بأحمد أباد ، وكان حسن الأخلاق كريم النّفس كثير التواضع محبوبا مع الناس ذا وجاهة عظيمة وقبولا عند الخاص والعام رحمهالله تعالى ونفع به آمين.
وفيها (٢) : كان إتمام الحرم المكي في أيام السلطان مراد ، وكان ابتدأ في عمارته والده السلطان سليم ، فجاء تاريخه «عمر الحرم سلطان مراد».
______
(١) النور السافر : ٣٢٠.
(٢) العدة ١ : ٢١٩ في حوادث سنة ٩٨٤.
سنة خمس وثمانين
يوم (١) الأربعاء رابع وعشرين شهر ربيع الأول : توفي السلطان عبد الله بن بدر بسيؤون رحمهالله ، وتولي بعده السلطان جعفر بن عبد الله بوصية والده.
وفيها (٢) : طلع نجم ذو ذؤابة كهيئة الذنب طويل جدا له شعاع ، ومكث كذلك يطلع كل ليلة نحو شهرين أو أكثر.
ووجدت (٣) بخط بعض السادة : وفي سنة خمس وثمانين ، ظهر نجم وله ذنب ، سادس وعشرين شهر شعبان ، واستمر إلى آخر شوال ، وكان أول ظهوره في الشولة (٤) انتهى.
وفيها ليلة السبت إحدى وعشرين شهر جمادى الأولى : توفي السيد الشريف الولي الصالح الشيخ فخر الدين أبو بكر بن عمر بن عبد الله العيدروس باعلوي ، وتوفي بعده صبح يوم الثلاثاء ثامن وعشرين شهر جمادى الأولى السيد الشريف الصوفي الصالح شهاب الدين أحمد بن زين بن عبد الرحمن بافقيه باعلوي بالشحر وقبر بجنب والده السيد زين بتربة السيد الشيخ شيخ بن إسمعيل باعلوي رحمهالله تعالى.
______
(١) العدة ١ : ٢١٩.
(٢) النور السافر : ٣٢١ والعدة ١ : ٢١٩.
(٣) العدة ١ : ٢٢٠.
(٤) الشولة كوكبان نيّران ينزلهما القمر يقال لهما حمة العقرب
يوم (١) الأربعاء رابع وعشرين شهر ربيع الأول : توفي السلطان عبد الله بن بدر بسيؤون رحمهالله ، وتولي بعده السلطان جعفر بن عبد الله بوصية والده.
وفيها (٢) : طلع نجم ذو ذؤابة كهيئة الذنب طويل جدا له شعاع ، ومكث كذلك يطلع كل ليلة نحو شهرين أو أكثر.
ووجدت (٣) بخط بعض السادة : وفي سنة خمس وثمانين ، ظهر نجم وله ذنب ، سادس وعشرين شهر شعبان ، واستمر إلى آخر شوال ، وكان أول ظهوره في الشولة (٤) انتهى.
وفيها ليلة السبت إحدى وعشرين شهر جمادى الأولى : توفي السيد الشريف الولي الصالح الشيخ فخر الدين أبو بكر بن عمر بن عبد الله العيدروس باعلوي ، وتوفي بعده صبح يوم الثلاثاء ثامن وعشرين شهر جمادى الأولى السيد الشريف الصوفي الصالح شهاب الدين أحمد بن زين بن عبد الرحمن بافقيه باعلوي بالشحر وقبر بجنب والده السيد زين بتربة السيد الشيخ شيخ بن إسمعيل باعلوي رحمهالله تعالى.
______
(١) العدة ١ : ٢١٩.
(٢) النور السافر : ٣٢١ والعدة ١ : ٢١٩.
(٣) العدة ١ : ٢٢٠.
(٤) الشولة كوكبان نيّران ينزلهما القمر يقال لهما حمة العقرب
سنة ست وثمانين
فيها : توفي الشيخ عثمان العمودي (١) ببضة يوم الاثنين سادس شهر صفر ، ودفن بقيدون عند قبر الشيخ سعيد بن عيسى نفع الله به ، وولي بعده الشيخ عبد الله بن عثمان.
وفيها : توفي الفقيه عفيف الدين الأديب الأريب المؤرخ عبد الله بن محمد باسنجلة (٢) ليلة الأحد حادي عشر ذي الحجة رحمهالله تعالى.
وفيها : توفي العالم العلامة الشيخ الشهير الولي الصالح شهاب الدين أحمد بن عمر الحكيم بعدن ، وقبر في قبة الشيخ أبي بكر بن عبد الله العيدروس رحمهالله تعالى.
______
(١) السناء الباهر : ٧٤٦.
(٢) هو العلامة والمؤرخ صاحب التاريخ الذي ينقل عنه المؤلف ، قلت : برد لقبه تارة بباسخلة بخاء معجمة بعد السين وتارة بباسنجلة بالنون بعد السين بعدها جيم معجمة ، ولا يخلو أحدهما من تصحيف. وأغلب الظن أن الصحيح الأول.
فيها : توفي الشيخ عثمان العمودي (١) ببضة يوم الاثنين سادس شهر صفر ، ودفن بقيدون عند قبر الشيخ سعيد بن عيسى نفع الله به ، وولي بعده الشيخ عبد الله بن عثمان.
وفيها : توفي الفقيه عفيف الدين الأديب الأريب المؤرخ عبد الله بن محمد باسنجلة (٢) ليلة الأحد حادي عشر ذي الحجة رحمهالله تعالى.
وفيها : توفي العالم العلامة الشيخ الشهير الولي الصالح شهاب الدين أحمد بن عمر الحكيم بعدن ، وقبر في قبة الشيخ أبي بكر بن عبد الله العيدروس رحمهالله تعالى.
______
(١) السناء الباهر : ٧٤٦.
(٢) هو العلامة والمؤرخ صاحب التاريخ الذي ينقل عنه المؤلف ، قلت : برد لقبه تارة بباسخلة بخاء معجمة بعد السين وتارة بباسنجلة بالنون بعد السين بعدها جيم معجمة ، ولا يخلو أحدهما من تصحيف. وأغلب الظن أن الصحيح الأول.
سنة سبع وثمانين
فيها : توفي (١) السيد الشريف الولي الصالح شجاع الدنيا والدين عمر بن عبد الله بن عمر الهندوان باعلوي بتريم ، وسبب شهرته بالهندوان أنه كان لقوته في دينه وبدنه واجتهاده ، شبيها بالحديد الهندوان ، وكان صاحب عبادة وجد واجتهاد وله كرامات منها [ما](٢) أخبر سيدنا السيد الشريف عبد الله بن شيخ العيدروس عن شيء يقع في (٣) بعض الناس قبل وقوعه ، وذكر ذلك الشخص بعينه ، فكان كما كان بعد موته بيسير.
وفيها توفي (٤) : صاحب أحور (٥) حيدر بن حنش.
وفيها : توفي السيد الشريف الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد مرزّق (٦) باعلوي صاحب زيلع بزيلع ، في سلخ شعبان رحمهالله.
______
(١) النور السافر : ٣٢٤.
(٢) ساقط من الأصول وأضفناه من عندنا.
(٣) النور السافر «من».
(٤) النور السافر : ٣٢٤.
(٥) في الأصول أحوره وأصلحناه من النور السافر.
(٦) السناء الباهر : ٧٥٥.
421
فيها : توفي (١) السيد الشريف الولي الصالح شجاع الدنيا والدين عمر بن عبد الله بن عمر الهندوان باعلوي بتريم ، وسبب شهرته بالهندوان أنه كان لقوته في دينه وبدنه واجتهاده ، شبيها بالحديد الهندوان ، وكان صاحب عبادة وجد واجتهاد وله كرامات منها [ما](٢) أخبر سيدنا السيد الشريف عبد الله بن شيخ العيدروس عن شيء يقع في (٣) بعض الناس قبل وقوعه ، وذكر ذلك الشخص بعينه ، فكان كما كان بعد موته بيسير.
وفيها توفي (٤) : صاحب أحور (٥) حيدر بن حنش.
وفيها : توفي السيد الشريف الصالح شهاب الدين أحمد بن محمد مرزّق (٦) باعلوي صاحب زيلع بزيلع ، في سلخ شعبان رحمهالله.
______
(١) النور السافر : ٣٢٤.
(٢) ساقط من الأصول وأضفناه من عندنا.
(٣) النور السافر «من».
(٤) النور السافر : ٣٢٤.
(٥) في الأصول أحوره وأصلحناه من النور السافر.
(٦) السناء الباهر : ٧٥٥.
421
حضرموت والهند في العصرين الإسلامي والحديث
(التأثير والتأثر)
أ. د. محمد عبدالله بن هاوي باوزير
لا شك أن النشاط التجاري الملاحي لعرب الجزيرة العربية عامة والحضارمة خاصة في العصور الوسطى أدى إلى استقرار الكثير منهم في المراكز التجارية والسياسية الكبرى المطلة على بلدان شرق آسيا، والقرن الأفريقي، وساحل أفريقيا الشرقي([1]).
وقد استمر هذا النشاط التجاري الملاحي، والتواصل الحضاري بين الهند وعرب حضرموت وعُمان طيلة عصر السيادة الإسلامية، بل امتد حتى مطلع العصر الحديث، وفيه كانوا حاملين لواء التجارة والملاحة في الهند وشرق آسيا وشرقي أفريقيا، وقد انبثق عن ذلك تفاعل حضاري نَشِطٌ (تأثيرًا وتأثرًا)([2]). فعلى الصعيد العربي (بلاد العرب) نجد أن ذلك التواصل الحضاري قد ألقى بظلاله عليهم، فانتقلت الكثير من عناصر الثقافة العربية وانتشرت على شواطئ المحيط الهندي والعكس؛ حيث نجد كثيرًا من المصطلحات الملاحية كانت واحدة، وكذا تشابه أسلوب صناعة السفن، كما تبودل كثير من الكلمات في لغات بلدان المحيط، وإنْ كان أكثرها شيوعًا هي الكلمات العربية، وذلك بحكم التأثير الغالب للثقافة الإسلامية([3]).
كذلك نجد عشرات من الكلمات الهندية في الشئون الاقتصادية والاجتماعية والتجارية، قد أخذت طريقها إلى اللغة العربية وانضمَّتْ إليها، وعُرِّبَتْ فيها، مثل: الموز وأصله في السنسكريتية (موجا – Mocha)، والكافور وأصله (كاربورا)، والصندل وأصله (جندن – Chandan)، والمسكة: وأصلها (مشكا – MUSHKA)، والليمون: وأصله (ليمو) والقائمة طويلة([4]). وعلى الصعيد الإقليمي -الجزيرة العربية والخليج العربي عامة وحضرموت خاصة نجد عشرات الكلمات أو المفردات الهندية قد أخذت طريقها إلى لهجاتهم العاميّة.
لقد دخلت الكثير من الكلمات الهندية إلى اللهجة الحضرمية منذ القدم، وذلك لارتباط حضرموت في عصورها القديمة والوسيطة والحديثة بنشاط تجاري بحري كبير مع موانئ الهند المختلفة، فكان للتعامل اليومي المستمر بين ربابنة السفن الحضرمية وبحارتها ورجال الموانئ الهندية وتجارها ومواطنيها كبير الأثر في نقل الكثير من المفردات الهندية إلى اللهجة الحضرمية العامية، وما زال الكثير منها يتردَّدُ في لهجة الحضارم إلى اليوم([5])، ومن هذه المفردات التي ما زالت حاضرة في المجتمع الحضرمي ما يأتي:
آنه أو عانه: جزء من قطعة نقدية هندية تساوي بيزات، وهي جزء من 16 جزءًا من الروبية. وهذه اللفظة كانت تطلق على قطعة نقد معدنية في حضرموت، ظلَّتْ متداولة حتى عام 1990م.
برياني: طبخة أرز مع اللحم والبهارات، وما زالت متداولة في حضرموت، وعدن، وكذا في العربية السعودية، ودول الخليج العربي.
براوطه: نوع من الخبز أو الفطائر المعمول بالدقيق والزيت أو السمن، وما زالت هذه اللفظة متداولة في حضرموت، بل هذا النوع من الفطائر (البراوطه) يُعد من أهم وجبات الفطور، وفي الهند ينطقونها (بْرَاتَا).
بندل: لفظة تطلق على الرُبطة أو الحزمة، التي تضم عددًا محددًا من الأشياء أو البضائع.
بنقله: اللفظة هندية، وتعني قصرًا أو حصنًا.
بَنكة: بنكها، أي مروحة السقف الكهربائية.
بيزة وأردي: البيزة في الهند هي جزء من قطعة نقد هندية، وفي حضرموت تنطق بيسه، وهي جزء من قطعة نقد، ظلَّتْ مستعملة للفترات ما قبل الستينيات من القرن الماضي. أما الأردي فهو أيضًا قطعة نقد هندية استخدمت في حضرموت لمدة من الزمن.
بيْذان أو بيدان: ثمار موسمية أشجارها منتشرة بكثرة في حضرموت.
تيكه أو أنتيكه: وهي من اللفظة الهندية (تكانه)، وتعني الشخص الثقة، أو بمعنى الجيد، أو الممتاز.
توله: عيار صغير لوزن الأشياء الثمينة كالذهب، وما زالت تستخدم حتى اليوم في محلات صاغة الذهب والفضة حتى يوم الناس هذا.
جودري: أو (يودري)، هكذا ينطقها العامة في حضرموت، أي باستبدال حرف الجيم بحرف الياء، وهو بساط أو فراش من القطن، أو الليف الخشن.
جباتي: وتنطق في حضرموت شباتي، وهي نوع من الفطائر المعمولة بالسمن والسكر، اللفظة متداولة في وادي حضرموت.
دوبي: كواء الملابس، ما زالت اللفظة مستعملة في حضرموت وعدن وغيرها من مناطق جنوب اليمن، ويعنون به مغسّل الملابس وكاويها.
رسته: تنطق (رصده)، وتطلق على الشارع، أو الطريق المرصوف.
رمّال: أو رمّان، وهو رداء يوضع على الأكتاف، أو على الرأس (ملوَّن)، وغالبًا ما يستخدم في أثناء الذهاب للمشاركة في الألعاب الشعبية، كلعبتي العدّة والشواني. ويبدو أن العمائم الهندية أو البنجابية وشكلها انتقل تأثيرها إلى حضرموت، بدليل استخدامها من قِبل عسكر الدولة القعيطية، والأهالي لاحقًا.
روتي: لفظة قديمة تطلق على قرص الخبز الطويل أو المستطيل.
(التأثير والتأثر)
أ. د. محمد عبدالله بن هاوي باوزير
لا شك أن النشاط التجاري الملاحي لعرب الجزيرة العربية عامة والحضارمة خاصة في العصور الوسطى أدى إلى استقرار الكثير منهم في المراكز التجارية والسياسية الكبرى المطلة على بلدان شرق آسيا، والقرن الأفريقي، وساحل أفريقيا الشرقي([1]).
وقد استمر هذا النشاط التجاري الملاحي، والتواصل الحضاري بين الهند وعرب حضرموت وعُمان طيلة عصر السيادة الإسلامية، بل امتد حتى مطلع العصر الحديث، وفيه كانوا حاملين لواء التجارة والملاحة في الهند وشرق آسيا وشرقي أفريقيا، وقد انبثق عن ذلك تفاعل حضاري نَشِطٌ (تأثيرًا وتأثرًا)([2]). فعلى الصعيد العربي (بلاد العرب) نجد أن ذلك التواصل الحضاري قد ألقى بظلاله عليهم، فانتقلت الكثير من عناصر الثقافة العربية وانتشرت على شواطئ المحيط الهندي والعكس؛ حيث نجد كثيرًا من المصطلحات الملاحية كانت واحدة، وكذا تشابه أسلوب صناعة السفن، كما تبودل كثير من الكلمات في لغات بلدان المحيط، وإنْ كان أكثرها شيوعًا هي الكلمات العربية، وذلك بحكم التأثير الغالب للثقافة الإسلامية([3]).
كذلك نجد عشرات من الكلمات الهندية في الشئون الاقتصادية والاجتماعية والتجارية، قد أخذت طريقها إلى اللغة العربية وانضمَّتْ إليها، وعُرِّبَتْ فيها، مثل: الموز وأصله في السنسكريتية (موجا – Mocha)، والكافور وأصله (كاربورا)، والصندل وأصله (جندن – Chandan)، والمسكة: وأصلها (مشكا – MUSHKA)، والليمون: وأصله (ليمو) والقائمة طويلة([4]). وعلى الصعيد الإقليمي -الجزيرة العربية والخليج العربي عامة وحضرموت خاصة نجد عشرات الكلمات أو المفردات الهندية قد أخذت طريقها إلى لهجاتهم العاميّة.
لقد دخلت الكثير من الكلمات الهندية إلى اللهجة الحضرمية منذ القدم، وذلك لارتباط حضرموت في عصورها القديمة والوسيطة والحديثة بنشاط تجاري بحري كبير مع موانئ الهند المختلفة، فكان للتعامل اليومي المستمر بين ربابنة السفن الحضرمية وبحارتها ورجال الموانئ الهندية وتجارها ومواطنيها كبير الأثر في نقل الكثير من المفردات الهندية إلى اللهجة الحضرمية العامية، وما زال الكثير منها يتردَّدُ في لهجة الحضارم إلى اليوم([5])، ومن هذه المفردات التي ما زالت حاضرة في المجتمع الحضرمي ما يأتي:
آنه أو عانه: جزء من قطعة نقدية هندية تساوي بيزات، وهي جزء من 16 جزءًا من الروبية. وهذه اللفظة كانت تطلق على قطعة نقد معدنية في حضرموت، ظلَّتْ متداولة حتى عام 1990م.
برياني: طبخة أرز مع اللحم والبهارات، وما زالت متداولة في حضرموت، وعدن، وكذا في العربية السعودية، ودول الخليج العربي.
براوطه: نوع من الخبز أو الفطائر المعمول بالدقيق والزيت أو السمن، وما زالت هذه اللفظة متداولة في حضرموت، بل هذا النوع من الفطائر (البراوطه) يُعد من أهم وجبات الفطور، وفي الهند ينطقونها (بْرَاتَا).
بندل: لفظة تطلق على الرُبطة أو الحزمة، التي تضم عددًا محددًا من الأشياء أو البضائع.
بنقله: اللفظة هندية، وتعني قصرًا أو حصنًا.
بَنكة: بنكها، أي مروحة السقف الكهربائية.
بيزة وأردي: البيزة في الهند هي جزء من قطعة نقد هندية، وفي حضرموت تنطق بيسه، وهي جزء من قطعة نقد، ظلَّتْ مستعملة للفترات ما قبل الستينيات من القرن الماضي. أما الأردي فهو أيضًا قطعة نقد هندية استخدمت في حضرموت لمدة من الزمن.
بيْذان أو بيدان: ثمار موسمية أشجارها منتشرة بكثرة في حضرموت.
تيكه أو أنتيكه: وهي من اللفظة الهندية (تكانه)، وتعني الشخص الثقة، أو بمعنى الجيد، أو الممتاز.
توله: عيار صغير لوزن الأشياء الثمينة كالذهب، وما زالت تستخدم حتى اليوم في محلات صاغة الذهب والفضة حتى يوم الناس هذا.
جودري: أو (يودري)، هكذا ينطقها العامة في حضرموت، أي باستبدال حرف الجيم بحرف الياء، وهو بساط أو فراش من القطن، أو الليف الخشن.
جباتي: وتنطق في حضرموت شباتي، وهي نوع من الفطائر المعمولة بالسمن والسكر، اللفظة متداولة في وادي حضرموت.
دوبي: كواء الملابس، ما زالت اللفظة مستعملة في حضرموت وعدن وغيرها من مناطق جنوب اليمن، ويعنون به مغسّل الملابس وكاويها.
رسته: تنطق (رصده)، وتطلق على الشارع، أو الطريق المرصوف.
رمّال: أو رمّان، وهو رداء يوضع على الأكتاف، أو على الرأس (ملوَّن)، وغالبًا ما يستخدم في أثناء الذهاب للمشاركة في الألعاب الشعبية، كلعبتي العدّة والشواني. ويبدو أن العمائم الهندية أو البنجابية وشكلها انتقل تأثيرها إلى حضرموت، بدليل استخدامها من قِبل عسكر الدولة القعيطية، والأهالي لاحقًا.
روتي: لفظة قديمة تطلق على قرص الخبز الطويل أو المستطيل.
سركال: لفظة هندية وتعني الحكومة، فيقال: عبيد السركال، أي (عبيد الدولة)، كما يُطلق هذا الاسم على أحد معايين الحكومة (قنوات المياه) في منطقة القارة بغيل باوزير، ويعرف بـ(معيان السركال)، وهو ثاني أكبر المعايين في المنطقة، وقد تم شقّه من الحومة المعروفة اليوم بحومة السركال في عهد السلطان غالب بن عوض بن عمر القعيطي (1908- 1921م). (الحُوَم ومفردها حومة وهي نوع من البحيرات الكارستية تحت السطح).
سمبوسك: أو سمبوسة، وهي رقائق من العجين مثلَّثة الشكل، تحشى باللحم والبصل والبهارات. (ما زالت الكثير من المفردات الهندية لأنواع من المأكولات الحضرمية، بل المطبخ الحضرمي يغلب عليه الطابع الهندي.. مع بعض التحوير لتلك المفردات الهندية، ومنها: سامان، راشن). وكذا عادة مضغ التنبل أو التانبول وغير ذلك.
شال: رداء يوضع على الأكتاف، اللفظة فارسية من أصل هندي معربة.
صالونه: أو صانونة أو صانّه – هكذا ينطقها العامة في حضرموت، وهي مرق اللحم والسمك مع الخضار.
صرك: لفظة قديمة تطلق على الشارع المستخدم للسيارات والعربات، قلَّ استعمالها الآن.
طاكة: طاقة، وهي لفة من القماش مطوية على قطعة مستطيلة أو مدورة.
كنكري: أو كرّي كما ينطقها العامة، وهي الحجارة أو الحصى الصغيرة، وتستعمل في البناء بعد خلطه بالإسمنت.
كاري: وتعني في الهند الدراجة الهوائية، وتطلق على العربة والمركبة. وينطقها الحضارم (قاري) وتعني العربة التي تُجر أو تساق دفعًا باليد.
لك: لفظة قديمة، عبارة عن رقم حسابي (انتهى استعمالها).
مُرطبان: جرة أو جرار صغيرة أو كبيرة من الفخار، تستخدم لحفظ الخل وأشياء أخرى.
ململ: قماش رقيق، لعله من ملبوسات الصيف.
مَنْ: وحدة وزن تعادل (140 رطلًا) في الهند، وفي حضرموت المن يعادل (28 رطلًا).
هَمْبَ: أو (أمْبا) هكذا ينطقها الحضارم وهي ثمر المنجة.
أيضًا من أبرز مظاهر التأثير والتأثر في المجتمع الحضرمي، لعبة العدَّة (لعبة شعبية)، التي ما زالت حاضرة في ثقافة الحضارم الشعبية، ويبدو أنها عُرفت في ساحل حضرموت عن طريق الهجرات المتتابعة إلى الهند، حتى الأدوات المستخدمة في هذه اللعبة أصولها هندية كالهاجر والمراويس، والدرق (التروس)، والرماميل (رمامين)، وما زالت هذه اللعبة قائمة في الهند في أفراحهم وزواجاتهم، وبذلك يبدو أن اللعبة من الهند (منيبار)، وانتقلت إلى حضرموت، وربما دخلت عليها بعض التأثيرات الأفريقية([6]).
كذلك سنستعرض بعض المعلومات التاريخية عن الأواصر الموسيقية بين الهند وحضرموت، ويبدو أن ذلك يعود أو يخضع لنظرية الموجات الثقافية نظرًا لما ربط البلدين منذ القدم من علاقات من خلال الأنشطة الملاحية والتجارية… إلخ، ولعلنا بذلك سنقف أمام بعض النماذج للتثقيف الموسيقى بين بلاد الهند وحضرموت في السياق الآتي:
ذكر المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف (ت 1988م) أنه في عام 1522م كانت الشحر المدينة الميناء مركزًا تجاريًا مهمًا، تفد إليه السفن من الهند وشرق أفريقيا وجنوبها وجنوب شرق آسيا والصين، وفي الشحر آنذاك عدد من حانات الشراب الذي يعصر محليًا، وفي المدينة أيضًا مرقصًا يديره أحد الهنود، وتجلب إليه راقصات ومغنيات من الهند ليقدِّمْنَ عروضًا فنية لستة أشهر، ثم ينتقلن إلى مدينة عدن وبعض مدن الحجاز، أو يَعُدْنَ لوطنهن، ويحلُّ محلَّهُنَّ راقصات من جزيرة (لامو) الأفريقية، وذلك بحسب وصف الربّان سالم عوض باسباع (ت 1543م)([7]).
أما العلّامة الحضرمي محمد بن عمر بحرق (869هـ- 930هـ/1525م) فقد كان يتمتع برعاية مظفر شاه الثاني سلطان كجرات، ولهذا العالم رسالة في تحليل السماع الموسيقي، وللشيخ أو الشاعر الغنائي المتصوف عمر بن عبدالله بامخرمة السيباني (ت 1545م) أغنية تدعو الناس إلى مقاومة إغراء الهجرة إلى الهند وترك الوطن كقوله:
ما نَبا الهند لو تُمطر علينا بفضّة * وما نبا إلا الوطن لو عضّنا الجوع عضّة
وظهرت صورة في كتاب لجند حضارمة وعمانيين كُلٌّ بعمامته المميزة يعملون كقوات غير نظامية في إمارة حيدر أباد الإسلامية وهم يرقصون رقصة حضرمية (الشرح)، التي تتطلب أن يرقص الناس أزواجًا ويصفقون (عام 1889م)، ويومها كان رئيس الوزراء للإمارة هو نواب وقار العمارة الثاني (ت 1901م) نقلًا عن: [Claude A Campell, Glimpses of the Nizam,s Dominions, London , 1889.].
وفي مقالة للأستاذ عبدالرحمن الملاحي, يقول: إن المطرب الحضرمي سلطان بن صالح بن الشيخ علي بن هرهرة مات مسمومًا على يد عشيقته الهندية الغيورة في مدينة مومبي، التي قضى فيها قسطًا من عمره القصير، إذ توفي عن عمر 35 عامًا (ت 1954م). عُرف عن ابن هرهرة المولود في الشحر أنه كان يعزف على القنبوس ويردِّدُ الألحان الهندية بطلاقة، وله رحلات فنية إلى الخليج العربي، وكان يرافقه الفنان الحضرمي سعيد علي بامعيبد (ت 1921م).
سمبوسك: أو سمبوسة، وهي رقائق من العجين مثلَّثة الشكل، تحشى باللحم والبصل والبهارات. (ما زالت الكثير من المفردات الهندية لأنواع من المأكولات الحضرمية، بل المطبخ الحضرمي يغلب عليه الطابع الهندي.. مع بعض التحوير لتلك المفردات الهندية، ومنها: سامان، راشن). وكذا عادة مضغ التنبل أو التانبول وغير ذلك.
شال: رداء يوضع على الأكتاف، اللفظة فارسية من أصل هندي معربة.
صالونه: أو صانونة أو صانّه – هكذا ينطقها العامة في حضرموت، وهي مرق اللحم والسمك مع الخضار.
صرك: لفظة قديمة تطلق على الشارع المستخدم للسيارات والعربات، قلَّ استعمالها الآن.
طاكة: طاقة، وهي لفة من القماش مطوية على قطعة مستطيلة أو مدورة.
كنكري: أو كرّي كما ينطقها العامة، وهي الحجارة أو الحصى الصغيرة، وتستعمل في البناء بعد خلطه بالإسمنت.
كاري: وتعني في الهند الدراجة الهوائية، وتطلق على العربة والمركبة. وينطقها الحضارم (قاري) وتعني العربة التي تُجر أو تساق دفعًا باليد.
لك: لفظة قديمة، عبارة عن رقم حسابي (انتهى استعمالها).
مُرطبان: جرة أو جرار صغيرة أو كبيرة من الفخار، تستخدم لحفظ الخل وأشياء أخرى.
ململ: قماش رقيق، لعله من ملبوسات الصيف.
مَنْ: وحدة وزن تعادل (140 رطلًا) في الهند، وفي حضرموت المن يعادل (28 رطلًا).
هَمْبَ: أو (أمْبا) هكذا ينطقها الحضارم وهي ثمر المنجة.
أيضًا من أبرز مظاهر التأثير والتأثر في المجتمع الحضرمي، لعبة العدَّة (لعبة شعبية)، التي ما زالت حاضرة في ثقافة الحضارم الشعبية، ويبدو أنها عُرفت في ساحل حضرموت عن طريق الهجرات المتتابعة إلى الهند، حتى الأدوات المستخدمة في هذه اللعبة أصولها هندية كالهاجر والمراويس، والدرق (التروس)، والرماميل (رمامين)، وما زالت هذه اللعبة قائمة في الهند في أفراحهم وزواجاتهم، وبذلك يبدو أن اللعبة من الهند (منيبار)، وانتقلت إلى حضرموت، وربما دخلت عليها بعض التأثيرات الأفريقية([6]).
كذلك سنستعرض بعض المعلومات التاريخية عن الأواصر الموسيقية بين الهند وحضرموت، ويبدو أن ذلك يعود أو يخضع لنظرية الموجات الثقافية نظرًا لما ربط البلدين منذ القدم من علاقات من خلال الأنشطة الملاحية والتجارية… إلخ، ولعلنا بذلك سنقف أمام بعض النماذج للتثقيف الموسيقى بين بلاد الهند وحضرموت في السياق الآتي:
ذكر المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف (ت 1988م) أنه في عام 1522م كانت الشحر المدينة الميناء مركزًا تجاريًا مهمًا، تفد إليه السفن من الهند وشرق أفريقيا وجنوبها وجنوب شرق آسيا والصين، وفي الشحر آنذاك عدد من حانات الشراب الذي يعصر محليًا، وفي المدينة أيضًا مرقصًا يديره أحد الهنود، وتجلب إليه راقصات ومغنيات من الهند ليقدِّمْنَ عروضًا فنية لستة أشهر، ثم ينتقلن إلى مدينة عدن وبعض مدن الحجاز، أو يَعُدْنَ لوطنهن، ويحلُّ محلَّهُنَّ راقصات من جزيرة (لامو) الأفريقية، وذلك بحسب وصف الربّان سالم عوض باسباع (ت 1543م)([7]).
أما العلّامة الحضرمي محمد بن عمر بحرق (869هـ- 930هـ/1525م) فقد كان يتمتع برعاية مظفر شاه الثاني سلطان كجرات، ولهذا العالم رسالة في تحليل السماع الموسيقي، وللشيخ أو الشاعر الغنائي المتصوف عمر بن عبدالله بامخرمة السيباني (ت 1545م) أغنية تدعو الناس إلى مقاومة إغراء الهجرة إلى الهند وترك الوطن كقوله:
ما نَبا الهند لو تُمطر علينا بفضّة * وما نبا إلا الوطن لو عضّنا الجوع عضّة
وظهرت صورة في كتاب لجند حضارمة وعمانيين كُلٌّ بعمامته المميزة يعملون كقوات غير نظامية في إمارة حيدر أباد الإسلامية وهم يرقصون رقصة حضرمية (الشرح)، التي تتطلب أن يرقص الناس أزواجًا ويصفقون (عام 1889م)، ويومها كان رئيس الوزراء للإمارة هو نواب وقار العمارة الثاني (ت 1901م) نقلًا عن: [Claude A Campell, Glimpses of the Nizam,s Dominions, London , 1889.].
وفي مقالة للأستاذ عبدالرحمن الملاحي, يقول: إن المطرب الحضرمي سلطان بن صالح بن الشيخ علي بن هرهرة مات مسمومًا على يد عشيقته الهندية الغيورة في مدينة مومبي، التي قضى فيها قسطًا من عمره القصير، إذ توفي عن عمر 35 عامًا (ت 1954م). عُرف عن ابن هرهرة المولود في الشحر أنه كان يعزف على القنبوس ويردِّدُ الألحان الهندية بطلاقة، وله رحلات فنية إلى الخليج العربي، وكان يرافقه الفنان الحضرمي سعيد علي بامعيبد (ت 1921م).
وفي أجواء عام 1920م استخلص العازف الهندي (باري) من إرث غناء الجمّت الهندي أغنية نالت شهرة وهي (ما مع المحبة سلام يا خليل السلام)، وقد غناها الكثير من فناني عدن، كذلك نظم الشاعر الغنائي حسين أبوبكر المحضار على منوالها قصيدة غنَّاها الفنان علي الخنبشي وغيره، ويعد الفنان محمد جمعة خان من أشهر الفنانين الحضارم الذين تأثروا بالإيقاع الهندي والمقامات الهندية.. والحديث طويل في مسألة التأثيرات المتبادلة في الموسيقى والغناء بين الهند وحضرموت([8]).
أما على الصعيد الاجتماعي فقد شهدت كل من حضرموت والهند اتصالات متبادلة -كما سبقت الإشارة- واستقر الوافدون الحضارم في الهند، والعكس بالنسبة للوافدين الهنود، وذلك بهدف العمل والاسترزاق، وإن هذه الظاهرة قديمة قدم العلاقات ما بين البلدين، ومما ورد في المصادر التاريخية القديمة، أنه على هامش تنامي الاتصالات التجارية ما بين الهنود والحضارم بوجه خاص، وشعوب الجزيرة والخليج العربي بوجه عام في الحقبة السابقة لظهور الإسلام والحقب اللاحقة، هاجرت أقوام عدة من الهنود إلى منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي، إما لأغراض تجارية، أو هربًا من اضطرابات داخلية، أو بحثًا عن لقمة العيش، واستقرت في الحجاز وعدن وحضرموت والبحرين وعُمان والعراق.
على أن الطفرة الكبرى والواضحة في مثل تلك الهجرات حدثت مع دخول الهند ومنطقة الجزيرة والخليج العربي تحت الهيمنة البريطانية، ومنهم طبقة التجار وغيرهم من رعايا الحكومة البريطانية.. وكذلك الحال بالنسبة للعرب ومنهم الحضارمة استقروا في مناطق عديدة من شبة القارة الهندية، وامتزج العنصران العربي والهندي، وتزاوجوا وتناسلوا، وما زالت الكثير من الأسر (هي الآن أسر حضرمية) ذات الأصل الهندي موجودة في حضرموت وغيرها من مناطق شبه الجزيرة العربية، وكذلك الأسر الهندية ذات الأصل الحضرمي أو العربي موجودة في مناطق عّدة من الهند وبخاصة حيدر أباد([9]).
إذًا من البديهي أن يتمخض عن ذلك التواصل التاريخي بأشكاله الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية بين حضرموت والهند عن وجود الكثير من التأثيرات، من عادات وتقاليد وغيرها، التي لا يمكن أن تولد من فراغ، بل تأسست في الغالب الأعم من رصيد تراكمي من الإرث الحضاري، الذي أفرزه واقع الصلات التاريخية بينهما. والكثير من هذا الإرث ما يزال ماثلًا للعيان إلى هذا اليوم، ومنها تلك النماذج والأمثلة التي سبقت الإشارة لها. ولا شك فإن الشواهد كثيرة حول آثار ذلك التواصل التجاري والحضاري والهجرات المتبادلة بين الهنود والعرب ومنهم الحضارمة، وكذا الهجرات المتبادلة بين حضرموت وجنوب شرقي آسيا. غير أنها اليوم دون المستوى المطلوب، أي تعيش حالة من الركود والجمود. لذا كان لا بد من إحياء الصلات بين حضرموت والمهجر الآسيوي القديم.. ولعل من أبرز المحفزات لإحياء تلك الصلات بالمهجر الآسيوي العديد من الزيارات التي شهدتها حضرموت حديثًا، ومنها: زيارة الوفد الماليزي برئاسة الدكتور مهاتير أو محاضير محمد رئيس وزراء مملكة ماليزيا الأسبق، في شهر ديسمبر 2008م، وذلك على هامش مؤتمر (الصناعة مستقبل اليمن)، الذي عقد في مدينة المكلا خلال المدة من 22- 23 ديسمبر.
وقد قام الوفد الماليزي بجولة استطلاعيه لمدينة المكلا، اطلعوا خلالها على المعالم السياحية والأثرية، ومن المعروف أنه عبر مينائها القديم انطلقت الهجرات الحضرمية إلى دول جنوب شرق آسيا. وقد أكد مهاتير محمد استعداد بلاده لتقديم خبراتها في المجالين الصناعي والتنمية البشرية وغيرها من المجالات لخدمة اليمن، وعلى وجه الخصوص حضرموت أرض الآباء والأجداد، مشيرًا إلى الدور البارز للروَّاد المهاجرين الحضارمة الذين ساهموا في بناء ماليزيا، وقبل ذلك في نشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
كذلك زار الوفد الماليزي مناطق وادي حضرموت برئاسة السيد علي العطاس رئيس غرفة تجارة وصناعة ماليزيا، وقال زيارتنا لأرض الآباء والأجداد حلم تحقَّق تمنَّيناه منذ سنين، موضحًا أن هذه الزيارة تعد الأولى لحضرموت، وأنه كان يحلم بزيارة بلده منذ سنين كون جذوره من هذه الأرض المباركة -حضرموت- وكثير من رجال الأعمال الاقتصاديين في شرقي آسيا ترجع أصولهم من حضرموت([10]). لذا كان لا بد من إحياء العلاقات مع المهجر الآسيوي، والاستفادة من الشخصيات السياسية والاقتصادية وبخاصة من ذوي الأصول الحضرمية وتطويرها بما يخدم مصالحهما.
أيضًا زيارة السفير الهندي لدى اليمن السيد أوصاف سعيد وزوجته، وقد قاما بزيارة مدينة تريم بحضرموت – عاصمة الثقافة الإسلامية، وكان يرافقهما المترجم بالسفارة الهندية الأستاذ نافع المساعدي، وعن قسم المراسيم الأستاذ عبدالرحمن حسان.
أما على الصعيد الاجتماعي فقد شهدت كل من حضرموت والهند اتصالات متبادلة -كما سبقت الإشارة- واستقر الوافدون الحضارم في الهند، والعكس بالنسبة للوافدين الهنود، وذلك بهدف العمل والاسترزاق، وإن هذه الظاهرة قديمة قدم العلاقات ما بين البلدين، ومما ورد في المصادر التاريخية القديمة، أنه على هامش تنامي الاتصالات التجارية ما بين الهنود والحضارم بوجه خاص، وشعوب الجزيرة والخليج العربي بوجه عام في الحقبة السابقة لظهور الإسلام والحقب اللاحقة، هاجرت أقوام عدة من الهنود إلى منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي، إما لأغراض تجارية، أو هربًا من اضطرابات داخلية، أو بحثًا عن لقمة العيش، واستقرت في الحجاز وعدن وحضرموت والبحرين وعُمان والعراق.
على أن الطفرة الكبرى والواضحة في مثل تلك الهجرات حدثت مع دخول الهند ومنطقة الجزيرة والخليج العربي تحت الهيمنة البريطانية، ومنهم طبقة التجار وغيرهم من رعايا الحكومة البريطانية.. وكذلك الحال بالنسبة للعرب ومنهم الحضارمة استقروا في مناطق عديدة من شبة القارة الهندية، وامتزج العنصران العربي والهندي، وتزاوجوا وتناسلوا، وما زالت الكثير من الأسر (هي الآن أسر حضرمية) ذات الأصل الهندي موجودة في حضرموت وغيرها من مناطق شبه الجزيرة العربية، وكذلك الأسر الهندية ذات الأصل الحضرمي أو العربي موجودة في مناطق عّدة من الهند وبخاصة حيدر أباد([9]).
إذًا من البديهي أن يتمخض عن ذلك التواصل التاريخي بأشكاله الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية بين حضرموت والهند عن وجود الكثير من التأثيرات، من عادات وتقاليد وغيرها، التي لا يمكن أن تولد من فراغ، بل تأسست في الغالب الأعم من رصيد تراكمي من الإرث الحضاري، الذي أفرزه واقع الصلات التاريخية بينهما. والكثير من هذا الإرث ما يزال ماثلًا للعيان إلى هذا اليوم، ومنها تلك النماذج والأمثلة التي سبقت الإشارة لها. ولا شك فإن الشواهد كثيرة حول آثار ذلك التواصل التجاري والحضاري والهجرات المتبادلة بين الهنود والعرب ومنهم الحضارمة، وكذا الهجرات المتبادلة بين حضرموت وجنوب شرقي آسيا. غير أنها اليوم دون المستوى المطلوب، أي تعيش حالة من الركود والجمود. لذا كان لا بد من إحياء الصلات بين حضرموت والمهجر الآسيوي القديم.. ولعل من أبرز المحفزات لإحياء تلك الصلات بالمهجر الآسيوي العديد من الزيارات التي شهدتها حضرموت حديثًا، ومنها: زيارة الوفد الماليزي برئاسة الدكتور مهاتير أو محاضير محمد رئيس وزراء مملكة ماليزيا الأسبق، في شهر ديسمبر 2008م، وذلك على هامش مؤتمر (الصناعة مستقبل اليمن)، الذي عقد في مدينة المكلا خلال المدة من 22- 23 ديسمبر.
وقد قام الوفد الماليزي بجولة استطلاعيه لمدينة المكلا، اطلعوا خلالها على المعالم السياحية والأثرية، ومن المعروف أنه عبر مينائها القديم انطلقت الهجرات الحضرمية إلى دول جنوب شرق آسيا. وقد أكد مهاتير محمد استعداد بلاده لتقديم خبراتها في المجالين الصناعي والتنمية البشرية وغيرها من المجالات لخدمة اليمن، وعلى وجه الخصوص حضرموت أرض الآباء والأجداد، مشيرًا إلى الدور البارز للروَّاد المهاجرين الحضارمة الذين ساهموا في بناء ماليزيا، وقبل ذلك في نشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
كذلك زار الوفد الماليزي مناطق وادي حضرموت برئاسة السيد علي العطاس رئيس غرفة تجارة وصناعة ماليزيا، وقال زيارتنا لأرض الآباء والأجداد حلم تحقَّق تمنَّيناه منذ سنين، موضحًا أن هذه الزيارة تعد الأولى لحضرموت، وأنه كان يحلم بزيارة بلده منذ سنين كون جذوره من هذه الأرض المباركة -حضرموت- وكثير من رجال الأعمال الاقتصاديين في شرقي آسيا ترجع أصولهم من حضرموت([10]). لذا كان لا بد من إحياء العلاقات مع المهجر الآسيوي، والاستفادة من الشخصيات السياسية والاقتصادية وبخاصة من ذوي الأصول الحضرمية وتطويرها بما يخدم مصالحهما.
أيضًا زيارة السفير الهندي لدى اليمن السيد أوصاف سعيد وزوجته، وقد قاما بزيارة مدينة تريم بحضرموت – عاصمة الثقافة الإسلامية، وكان يرافقهما المترجم بالسفارة الهندية الأستاذ نافع المساعدي، وعن قسم المراسيم الأستاذ عبدالرحمن حسان.
وقد صرّح سعادة السفير بأنه كان يتمنى زيارة تريم، وها هي الأمنية قد تحققت بزيارتها ورؤية مآثرها العلمية والتاريخية، وزار أيضًا (مكتبة الأحقاف) التي تحمل في مكنوناتها كنوز التراث الحضرمي العلمي من مخطوطات ومؤلفات، واستطلع الكتب التي تحدثت عن علاقة حضرموت بالهند.
وبعد ذلك توجه السفير ومرافقوه إلى (دار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية)، حيث التقى ببعض الأساتذة والدعاة، بل التقى بعدد من الطلاب الهنود الدارسين بالدار وعددهم تسعة. وقد أبدى استعداده للتعاون المتبادل، وتذليل كل المصاعب، التي تواجه الطلاب الدارسين في (دار المصطفى) بحضرموت، ومن جميل ما ذكره السفير في أثناء هذه الزيارة هو الصلات التاريخية بين حضرموت والهند، مؤكِّدًا عمق العلاقات التاريخية الحميمة بينهما، كما تحدَّث عن رحلات الحضارم التجارية إلى الهند، وإسهامهم الحضاري، ونشرهم للإسلام هناك حتى بلغ عدد المسلمين اليوم في الهند (180 مليون) مسلمًا. ومن أهم ما ذكره السفير أيضًا أنه وبحسب الإحصاءات الأخيرة في حيدر أباد يوجد مائتا قبيلة حضرمية فيها([11]). لذا كان لا بد على الحضارم، وبخاصة النخبة منهم، الاستفادة من مثل هذه الزيارات لإحياء العلاقات الحضرمية الهندية وتطويرها بما يخدم الشعبين الحضرمي والهندي معًا.
الخلاصة:
إن الصلات والعلاقات التي كانت تربط شبه الجزيرة العربية عامة وبلاد العرب الجنوبية خاصة بالهند وبغيرها من المناطق الآسيوية والأفريقية (شرقي آسيا وشرقي أفريقيا)، في عصورها التاريخية القديمة والوسيطة والحديثة، قد تمخض عنها اتصال وتفاعل حضاري وثقافي فاعل ونشيط، ولعل أبرزها العلاقات التاريخية القديمة التي تربط الهند بحضرموت، والتي كان لها تأثير قوي على كلا الجانبين، على المستوى الثقافي والاجتماعي، وخصوصًا على المستوى التجاري الذي كان أحد دوافع تلك العلاقات عبر الحركات التجارية بين الهند وعرب الجزيرة العربية وخصوصًا حضرموت وعُمان، واستتبع ذلك تأثير قوي من خلال الاحتكاك بين الثقافتين، تمثل في انتشار الدين الإسلامي، وما ترتب على ذلك من احتكاك بالفكر العربي الإسلامي، وما أسفر عن ذلك كله من تلاقح وتفاعل حضاري وثقافي بين الجانبين، إضافة إلى هجرات العديد من الطرفين في العصرين القديم والإسلامي، بل استمرت تلك الهجرات في العصر الحديث.
لقد ظلت هجرات العديد من الهنود والآسيويين عمومًا مستمرة حتى اليوم للعمل في بعض مناطق شبه الجزيرة العربية وبخاصة منطقة الخليج، وما تسبب في ذلك تأثير متبادل أيضًا بين الجانبين (العلاقات المعاصرة).
وصفوة القول إن العلاقات بين الهند والبلاد العربية (الوطن العربي) ومنها حضرموت -اليوم- نجدها دون المستوى المطلوب، وعلى وجه الخصوص، العلاقات الاقتصادية والثقافية، على الرغم من أهمية الهند وسرعة نموها الاقتصادي، وتقدمها التقني وخصوصًا في مجال البرمجيات، بل وتقدمها النووي, واعتمادها على ثلثي حاجتها من النفط على النفط العربي، وحاجة العرب وبخاصة عرب الجزيرة العربية والخليج العربي، ومنهم الحضارمة للخبرات الفنية والعلمية، وللعمالة الهندية في دول الخليج. كذلك حال العلاقات الثقافية، فهي-اليوم- أيضًا دون المستوى المطلوب؛ لأن العرب ارتبطوا في مجال العلم والثقافة بالغرب بشكل أكبر لأسباب تاريخية أهمها الاستعمار الغربي وسيطرة اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في معظم الوطن العربي.. إذًا لا بد من بذل الجهود لإحياء الاعتبار لتلك العلاقات بين حضرموت والشرق الآسيوي بعامة، والهند بخاصة؛ وذلك بهدف الحفاظ على بقايا مفرداتها الحضارية، والتي ما يزال يشع بريقها الشاهد على ضرورة هذه العلاقات المتداخلة، والمحفز لتطويرها. وهكذا كان لا بد من إعادة النظر في تلك العلاقات القديمة الحديثة، وتنشيطها، وعلى وجه الخصوص الاهتمام بالعلاقات الثقافية والاقتصادية مع المهجر الآسيوي القديم ( الصين، إندونيسيا، وسنغافورا، وماليزيا..) وخصوصًا مع الهند -أقدم المهاجر الحضرمية- بل يجب أن يأتي ذلك على رأس الأوليات بالنسبة للحضارم، فدول مثل الهند والصين وغيرها من دول شرق آسيا تتقدم إلى صدارة الأمم في سرعة كبيرة، لذلك وجب على الحضارم الاستفادة من ذلك من خلال عودة العلاقات وتطويرها مع ما يواكب العصر- تكوين علاقات معاصرة.
الهوامش والمراجع:
([1]) شوقي عبدالقوي: تجارة المحيط الهندي، مرجع سابق، ص7- 8.
([2]) يحيى محمد غالب: الهجرات اليمنية الحضرمية إلى إندونيسيا (1839- 1914م)، مرجع سابق، ص35.
([3]) للإفادة الوافية حول ذلك وكذا عن سيرة أشهر الملاحين في جزيرة العرب (عُمان وحضرموت) وهم: الملاح أحمد بن ماجد، وسليمان المهري الشحري (المولود في الشحر)، انظر: حسن شهاب: فن الملاحة عند العرب، ط1، دار العودة، بيروت، 1982م، ص59- 78؛ وأنور عبدالعظيم: الملاحة وعلوم البحار عند العرب، مرجع سابق، ص139- 147؛ وعن ملاحي الشحر والحامي بحضرموت، انظر: أحمد بن محمد باعباد: الرحلات البحرية لملاحي حضرموت، مرجع سابق، ص5- 21؛ ورزق
وبعد ذلك توجه السفير ومرافقوه إلى (دار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية)، حيث التقى ببعض الأساتذة والدعاة، بل التقى بعدد من الطلاب الهنود الدارسين بالدار وعددهم تسعة. وقد أبدى استعداده للتعاون المتبادل، وتذليل كل المصاعب، التي تواجه الطلاب الدارسين في (دار المصطفى) بحضرموت، ومن جميل ما ذكره السفير في أثناء هذه الزيارة هو الصلات التاريخية بين حضرموت والهند، مؤكِّدًا عمق العلاقات التاريخية الحميمة بينهما، كما تحدَّث عن رحلات الحضارم التجارية إلى الهند، وإسهامهم الحضاري، ونشرهم للإسلام هناك حتى بلغ عدد المسلمين اليوم في الهند (180 مليون) مسلمًا. ومن أهم ما ذكره السفير أيضًا أنه وبحسب الإحصاءات الأخيرة في حيدر أباد يوجد مائتا قبيلة حضرمية فيها([11]). لذا كان لا بد على الحضارم، وبخاصة النخبة منهم، الاستفادة من مثل هذه الزيارات لإحياء العلاقات الحضرمية الهندية وتطويرها بما يخدم الشعبين الحضرمي والهندي معًا.
الخلاصة:
إن الصلات والعلاقات التي كانت تربط شبه الجزيرة العربية عامة وبلاد العرب الجنوبية خاصة بالهند وبغيرها من المناطق الآسيوية والأفريقية (شرقي آسيا وشرقي أفريقيا)، في عصورها التاريخية القديمة والوسيطة والحديثة، قد تمخض عنها اتصال وتفاعل حضاري وثقافي فاعل ونشيط، ولعل أبرزها العلاقات التاريخية القديمة التي تربط الهند بحضرموت، والتي كان لها تأثير قوي على كلا الجانبين، على المستوى الثقافي والاجتماعي، وخصوصًا على المستوى التجاري الذي كان أحد دوافع تلك العلاقات عبر الحركات التجارية بين الهند وعرب الجزيرة العربية وخصوصًا حضرموت وعُمان، واستتبع ذلك تأثير قوي من خلال الاحتكاك بين الثقافتين، تمثل في انتشار الدين الإسلامي، وما ترتب على ذلك من احتكاك بالفكر العربي الإسلامي، وما أسفر عن ذلك كله من تلاقح وتفاعل حضاري وثقافي بين الجانبين، إضافة إلى هجرات العديد من الطرفين في العصرين القديم والإسلامي، بل استمرت تلك الهجرات في العصر الحديث.
لقد ظلت هجرات العديد من الهنود والآسيويين عمومًا مستمرة حتى اليوم للعمل في بعض مناطق شبه الجزيرة العربية وبخاصة منطقة الخليج، وما تسبب في ذلك تأثير متبادل أيضًا بين الجانبين (العلاقات المعاصرة).
وصفوة القول إن العلاقات بين الهند والبلاد العربية (الوطن العربي) ومنها حضرموت -اليوم- نجدها دون المستوى المطلوب، وعلى وجه الخصوص، العلاقات الاقتصادية والثقافية، على الرغم من أهمية الهند وسرعة نموها الاقتصادي، وتقدمها التقني وخصوصًا في مجال البرمجيات، بل وتقدمها النووي, واعتمادها على ثلثي حاجتها من النفط على النفط العربي، وحاجة العرب وبخاصة عرب الجزيرة العربية والخليج العربي، ومنهم الحضارمة للخبرات الفنية والعلمية، وللعمالة الهندية في دول الخليج. كذلك حال العلاقات الثقافية، فهي-اليوم- أيضًا دون المستوى المطلوب؛ لأن العرب ارتبطوا في مجال العلم والثقافة بالغرب بشكل أكبر لأسباب تاريخية أهمها الاستعمار الغربي وسيطرة اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في معظم الوطن العربي.. إذًا لا بد من بذل الجهود لإحياء الاعتبار لتلك العلاقات بين حضرموت والشرق الآسيوي بعامة، والهند بخاصة؛ وذلك بهدف الحفاظ على بقايا مفرداتها الحضارية، والتي ما يزال يشع بريقها الشاهد على ضرورة هذه العلاقات المتداخلة، والمحفز لتطويرها. وهكذا كان لا بد من إعادة النظر في تلك العلاقات القديمة الحديثة، وتنشيطها، وعلى وجه الخصوص الاهتمام بالعلاقات الثقافية والاقتصادية مع المهجر الآسيوي القديم ( الصين، إندونيسيا، وسنغافورا، وماليزيا..) وخصوصًا مع الهند -أقدم المهاجر الحضرمية- بل يجب أن يأتي ذلك على رأس الأوليات بالنسبة للحضارم، فدول مثل الهند والصين وغيرها من دول شرق آسيا تتقدم إلى صدارة الأمم في سرعة كبيرة، لذلك وجب على الحضارم الاستفادة من ذلك من خلال عودة العلاقات وتطويرها مع ما يواكب العصر- تكوين علاقات معاصرة.
الهوامش والمراجع:
([1]) شوقي عبدالقوي: تجارة المحيط الهندي، مرجع سابق، ص7- 8.
([2]) يحيى محمد غالب: الهجرات اليمنية الحضرمية إلى إندونيسيا (1839- 1914م)، مرجع سابق، ص35.
([3]) للإفادة الوافية حول ذلك وكذا عن سيرة أشهر الملاحين في جزيرة العرب (عُمان وحضرموت) وهم: الملاح أحمد بن ماجد، وسليمان المهري الشحري (المولود في الشحر)، انظر: حسن شهاب: فن الملاحة عند العرب، ط1، دار العودة، بيروت، 1982م، ص59- 78؛ وأنور عبدالعظيم: الملاحة وعلوم البحار عند العرب، مرجع سابق، ص139- 147؛ وعن ملاحي الشحر والحامي بحضرموت، انظر: أحمد بن محمد باعباد: الرحلات البحرية لملاحي حضرموت، مرجع سابق، ص5- 21؛ ورزق
الجابري: الحضارم في شرق أفريقية، ط1، دار حضرموت، المكلا، 2011م، ص38- 42.
([4]) محمد الندوي: تاريخ الصلات بين الهند وبلاد العرب، مرجع سابق، ص32- 33.
([5]) وهذا الأثر نجده أيضًا حاضرًا في لهجات دول الخليج العربي للأسباب السابقة الذكر، ولوجود جالية هندية فيها -حتى اليوم- لها اتصال يومي مباشر مع مختلف أفراد المجتمع الخليجي. وقد ورد مثل ذلك التأثَر اللفظي واللهجي في بعض أعداد مجلة الكويت لخالد محمد خالد (عدة حلقات) عن كلمات هندية وفارسية وسواحلية وغيرها، ومنها: العدد (114) من مجلة الكويت، ديسمبر 1992م، ص48- 49؛ والعدد (109) من مجلة الكويت، سبتمبر 1993م، ص40- 41.
([6]) بن هاوي باوزير وبن دحمان: مدينة العرفان.. غيل باوزير، ط1، دار جامعة عدن، 2010م، ص69.
([7]) بامطرف: الشهداء السبعة، مرجع سابق، ص42؛ نزار غانم: التأثيرات المتبادلة في الموسيقى والغناء بين العرب وآسيا (اليمن والهند نموذجًا)، ص38.
([8]) للإفادة الوافية حول تلك التأثيرات المتبادلة في الموسيقى والغناء. انظر: نزار غانم: التأثيرات المتبادلة، ص32- 53؛ وعن أشهر الفنانين المتأثرين بالطابع الهندي انظر: باوزير: الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي, ص291- 302؛ عبدالرحمن الملاحي: الربان بامعيبد ورزنامة الطريق، ص8.
([9]) للإفادة الوافية عن تنامي الاتصالات والهجرات المتبادلة انظر: عبدالله المدني: ثقافة الجاليات الآسيوية في الخليج العربي بين التأثير والتأثر، من كتاب العرب يتجهون شرقًا، ط1، ج2، سلسلة كتاب العرب، الكويت 2011م، ص166- 205؛ وللإفادة حول امتزاج العنصرين العربي والهندي انظر: محمد الندوي: تاريخ الصلات، مرجع سابق، ص43 وما بعدها.
([10]) مجلة (شعاع الأمل)، العدد (88)، مؤتمر مستقبل الصناعة في اليمن، المنعقد في مدينة المكلا..، العدد (88)، المكلا، يناير 2009م، ص12- 19.
([11]) مراد صبيح: السفير الهندي في حضرموت، صحيفة (القضية)، العدد (230)، السنة الرابعة، 4 عدن، مايو 2013م، عدن، ص1- 2.
([4]) محمد الندوي: تاريخ الصلات بين الهند وبلاد العرب، مرجع سابق، ص32- 33.
([5]) وهذا الأثر نجده أيضًا حاضرًا في لهجات دول الخليج العربي للأسباب السابقة الذكر، ولوجود جالية هندية فيها -حتى اليوم- لها اتصال يومي مباشر مع مختلف أفراد المجتمع الخليجي. وقد ورد مثل ذلك التأثَر اللفظي واللهجي في بعض أعداد مجلة الكويت لخالد محمد خالد (عدة حلقات) عن كلمات هندية وفارسية وسواحلية وغيرها، ومنها: العدد (114) من مجلة الكويت، ديسمبر 1992م، ص48- 49؛ والعدد (109) من مجلة الكويت، سبتمبر 1993م، ص40- 41.
([6]) بن هاوي باوزير وبن دحمان: مدينة العرفان.. غيل باوزير، ط1، دار جامعة عدن، 2010م، ص69.
([7]) بامطرف: الشهداء السبعة، مرجع سابق، ص42؛ نزار غانم: التأثيرات المتبادلة في الموسيقى والغناء بين العرب وآسيا (اليمن والهند نموذجًا)، ص38.
([8]) للإفادة الوافية حول تلك التأثيرات المتبادلة في الموسيقى والغناء. انظر: نزار غانم: التأثيرات المتبادلة، ص32- 53؛ وعن أشهر الفنانين المتأثرين بالطابع الهندي انظر: باوزير: الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي, ص291- 302؛ عبدالرحمن الملاحي: الربان بامعيبد ورزنامة الطريق، ص8.
([9]) للإفادة الوافية عن تنامي الاتصالات والهجرات المتبادلة انظر: عبدالله المدني: ثقافة الجاليات الآسيوية في الخليج العربي بين التأثير والتأثر، من كتاب العرب يتجهون شرقًا، ط1، ج2، سلسلة كتاب العرب، الكويت 2011م، ص166- 205؛ وللإفادة حول امتزاج العنصرين العربي والهندي انظر: محمد الندوي: تاريخ الصلات، مرجع سابق، ص43 وما بعدها.
([10]) مجلة (شعاع الأمل)، العدد (88)، مؤتمر مستقبل الصناعة في اليمن، المنعقد في مدينة المكلا..، العدد (88)، المكلا، يناير 2009م، ص12- 19.
([11]) مراد صبيح: السفير الهندي في حضرموت، صحيفة (القضية)، العدد (230)، السنة الرابعة، 4 عدن، مايو 2013م، عدن، ص1- 2.