#صنعاء وبذور التشيع
#جمال_أنعم
ثمة امر يكاد يفوت كثيرين وهو أن بذور التشيع بدأت في قلب صنعاء داخل بيئة الأبناء وانتشرت منها الى همدان والتى كانت قد دخلت في حلف مع الفرس قبل الأسلام وهمدان من القبائل التى واجهت الفرس في البدايات لكنها مالبثت أن شعرت بالإنهاك ثم ولتعويض ضعف صلتهم بالسلطة المركزية لجأ الفرس بقيادة باذان للبحث عن حليف محلي قوي فكانت همدان ويعرف هذا الحلف بحلف الفرس وهمدان ويرد ضمن الوثائق السياسية اليمنية للقاضي محمد علي الأكوع ومثل حاشد وبكيل زعيماها انداك ويذكران بأسميهما في الحلف وهذا التحالف جعل همدان تقف في مواجهة كل القبائل اليمنية وكانت معركة" الرزم " من نتائج ذلك الحلف على الأرجح . ولقد دخلت همدان في مصاهرة مع الأبناء تجاوزت الشرط الذي وضعه ملك الفرس على سيف بن ذي يزن بعد الخراج مقابل دعمه وهو ان يتزوج
الفرس من اليمنيين في حين يمنع تزويج اليمنيين منهم والثابت أن مصاهرات حدثت بينهم وهمدان فيما بعد متجاوزة ذلك الشرط.
اذ يروي الرازي في كتابه تاريخ صنعاء أن أحد وجهاء الأبناء -يذكر اسمه في كتابه -خطب ابنته احد الأبناء وكان ثريا لكنه لم يكن مرضي السلوك وتقدم لها شاب فقير من همدان من ال لعوة وقد استشار الأب وهب بن منبه فاشار عليه بتزويجها الشاب من ال لعوه لحكمة ذكرها الرازي يمكن العودة اليها في الكتاب وهو ما يدل انهم كانوا قد دخلوا مع همدان في علاقة مصاهرة حقيقية.
وفيما يخص التاثيرات الشيعية فقد بدأ الأمر اولا بوصول الحرورية اصحاب حروراء وهم الروافض واذا تجاوزنا هذه الحركة الرافضة الى الحضرمي الأعور وكان اباضيا دخل صنعاء في منتصف القرن الثاني للهجرة وارتكب مجازر. ثم يجي العنصر الأهم وهو ارسال ابن طباطبا الجد إبنه ابراهيم العلوي والذي سمي بالجزار الى صنعاء والذي وصلها في نهاية القرن الثاني للهجرة لكنه سرعان مااخرج منها ونحن اذ نذكر بدايات دخول الرسي الى صعدة المرة الاولى في العام 282 ننسى دخول ابراهيم العلوي الجزارقبل اكثر من 85سنة من دخوله.
ثم تبقى اشارة اراها مهمة وهي انك تجد في كتاب الرازي ترجمة لاحد شيوخ الأبناء يشير اليه على انه جد اولاد الشيعي ويقيني انه جد ابي عبدالله الشيعي والذي ارسله ابو الحسن منصور بن حوشب داعيا لابي عبيد الله المهدي في بلاد المغرب وهو الذي مهد لقيام الدولة الفاطمية هناك كما نعرف.
واضيف امرين يكرسان فرضية ان بيئة الأبناء في صنعاء كانت مهاد التشيع بشقيه العلوي والاسماعيلي وهي من اسباب انتشارهما وسط همدان والتى شكلت الحاضنة الأم للفصيلين.
وما اود اضافته هنا يتعلق اولا بالأمير عبد الله بن قحطان بن يعفر وهو ابن معاذة بنت علي بن الفضل فكما هو ثابت ان اسعد بن يعفر. حين دخل المذيخرة في 303هـ كان لعلي بن الفضل بنتان ويقال ثلاث وولد اسمه الفأفاء. لعيب في نطقه .خلف والده بعد مقتله وكانت اكبر بناته معاذة زوجها اسعد لابن عمه قحطان والأخرى لاحد قادته من بعدان.
معاذة هذه ولدت لقحطان الأمير عبدالله وقد عمر طويلا وكان حكم آل يعفر وهم سنة شافعية قد تراجع في منتصف القرن الرابع للهجرة لكن عبدالله هذا استعاد الكثير مما كانوا قد فقدوه فقد استعاد صنعاء والتى سلمت اليه من بني حاتم حينها ثم استعاد زبيد وتعز ومخلاف جعفر. والملفت أن عبدالله هذا منع الخطبة للخليفة العباسي واقر الخطبة للمعز لدين الله الفاطمي وفيما يشبه الحنين لميراث جده لأمه علي بن الفضل قام بحماية الاسماعليين ورعاهم وقد كانوا دخلوا دائرة الاستتار. بعد عقود من مطاردة ابن عبد الحميد والزيدية والحكام المحليين لهم وفي عهد عبدالله بن قحطان هذا شهدوا فترة رخاء عاودوا خلالها الظهور والنشاط.
الأمر الأخر المتعلق بشيوع التشيع في البيئة الصنعانية بقسميه العلوي والفاطمي.
يمكن الاشارة اليه من خلال قرينة هامة للغاية وهي تحول القائد التركي بردسار والذي خلف اسماعيل بن طغتكين في صنعاء في اواخر القرن السادس تحوله للإسماعيلية وقد كانت فترة ولايته على صنعاء من اسوأ الفترات وعدوه من اسوأ قادة الإيوبيين عموما.
ويؤكد تحوله للاسماعلية في صنعاء أثناء توليه لها بقاء بؤرة اسماعلية نشطة في قلب صنعاء استمرت في الدعوة بعد انتهاء الدولة الصليحية بموت السيدة في 532هـ ثم انتهاء حكم آل زريع في الجنوب ومناطق من الشمال على يد توران شاه الأيوبي الذي وصل زبيد سنة 569وشنق عبدالنبي ابن مهدي ثم اتجه صوب عدن وسيطر عليها وواصل جيشه الزحف الى اكثر مناطق اليمن
#جمال_أنعم
ثمة امر يكاد يفوت كثيرين وهو أن بذور التشيع بدأت في قلب صنعاء داخل بيئة الأبناء وانتشرت منها الى همدان والتى كانت قد دخلت في حلف مع الفرس قبل الأسلام وهمدان من القبائل التى واجهت الفرس في البدايات لكنها مالبثت أن شعرت بالإنهاك ثم ولتعويض ضعف صلتهم بالسلطة المركزية لجأ الفرس بقيادة باذان للبحث عن حليف محلي قوي فكانت همدان ويعرف هذا الحلف بحلف الفرس وهمدان ويرد ضمن الوثائق السياسية اليمنية للقاضي محمد علي الأكوع ومثل حاشد وبكيل زعيماها انداك ويذكران بأسميهما في الحلف وهذا التحالف جعل همدان تقف في مواجهة كل القبائل اليمنية وكانت معركة" الرزم " من نتائج ذلك الحلف على الأرجح . ولقد دخلت همدان في مصاهرة مع الأبناء تجاوزت الشرط الذي وضعه ملك الفرس على سيف بن ذي يزن بعد الخراج مقابل دعمه وهو ان يتزوج
الفرس من اليمنيين في حين يمنع تزويج اليمنيين منهم والثابت أن مصاهرات حدثت بينهم وهمدان فيما بعد متجاوزة ذلك الشرط.
اذ يروي الرازي في كتابه تاريخ صنعاء أن أحد وجهاء الأبناء -يذكر اسمه في كتابه -خطب ابنته احد الأبناء وكان ثريا لكنه لم يكن مرضي السلوك وتقدم لها شاب فقير من همدان من ال لعوة وقد استشار الأب وهب بن منبه فاشار عليه بتزويجها الشاب من ال لعوه لحكمة ذكرها الرازي يمكن العودة اليها في الكتاب وهو ما يدل انهم كانوا قد دخلوا مع همدان في علاقة مصاهرة حقيقية.
وفيما يخص التاثيرات الشيعية فقد بدأ الأمر اولا بوصول الحرورية اصحاب حروراء وهم الروافض واذا تجاوزنا هذه الحركة الرافضة الى الحضرمي الأعور وكان اباضيا دخل صنعاء في منتصف القرن الثاني للهجرة وارتكب مجازر. ثم يجي العنصر الأهم وهو ارسال ابن طباطبا الجد إبنه ابراهيم العلوي والذي سمي بالجزار الى صنعاء والذي وصلها في نهاية القرن الثاني للهجرة لكنه سرعان مااخرج منها ونحن اذ نذكر بدايات دخول الرسي الى صعدة المرة الاولى في العام 282 ننسى دخول ابراهيم العلوي الجزارقبل اكثر من 85سنة من دخوله.
ثم تبقى اشارة اراها مهمة وهي انك تجد في كتاب الرازي ترجمة لاحد شيوخ الأبناء يشير اليه على انه جد اولاد الشيعي ويقيني انه جد ابي عبدالله الشيعي والذي ارسله ابو الحسن منصور بن حوشب داعيا لابي عبيد الله المهدي في بلاد المغرب وهو الذي مهد لقيام الدولة الفاطمية هناك كما نعرف.
واضيف امرين يكرسان فرضية ان بيئة الأبناء في صنعاء كانت مهاد التشيع بشقيه العلوي والاسماعيلي وهي من اسباب انتشارهما وسط همدان والتى شكلت الحاضنة الأم للفصيلين.
وما اود اضافته هنا يتعلق اولا بالأمير عبد الله بن قحطان بن يعفر وهو ابن معاذة بنت علي بن الفضل فكما هو ثابت ان اسعد بن يعفر. حين دخل المذيخرة في 303هـ كان لعلي بن الفضل بنتان ويقال ثلاث وولد اسمه الفأفاء. لعيب في نطقه .خلف والده بعد مقتله وكانت اكبر بناته معاذة زوجها اسعد لابن عمه قحطان والأخرى لاحد قادته من بعدان.
معاذة هذه ولدت لقحطان الأمير عبدالله وقد عمر طويلا وكان حكم آل يعفر وهم سنة شافعية قد تراجع في منتصف القرن الرابع للهجرة لكن عبدالله هذا استعاد الكثير مما كانوا قد فقدوه فقد استعاد صنعاء والتى سلمت اليه من بني حاتم حينها ثم استعاد زبيد وتعز ومخلاف جعفر. والملفت أن عبدالله هذا منع الخطبة للخليفة العباسي واقر الخطبة للمعز لدين الله الفاطمي وفيما يشبه الحنين لميراث جده لأمه علي بن الفضل قام بحماية الاسماعليين ورعاهم وقد كانوا دخلوا دائرة الاستتار. بعد عقود من مطاردة ابن عبد الحميد والزيدية والحكام المحليين لهم وفي عهد عبدالله بن قحطان هذا شهدوا فترة رخاء عاودوا خلالها الظهور والنشاط.
الأمر الأخر المتعلق بشيوع التشيع في البيئة الصنعانية بقسميه العلوي والفاطمي.
يمكن الاشارة اليه من خلال قرينة هامة للغاية وهي تحول القائد التركي بردسار والذي خلف اسماعيل بن طغتكين في صنعاء في اواخر القرن السادس تحوله للإسماعيلية وقد كانت فترة ولايته على صنعاء من اسوأ الفترات وعدوه من اسوأ قادة الإيوبيين عموما.
ويؤكد تحوله للاسماعلية في صنعاء أثناء توليه لها بقاء بؤرة اسماعلية نشطة في قلب صنعاء استمرت في الدعوة بعد انتهاء الدولة الصليحية بموت السيدة في 532هـ ثم انتهاء حكم آل زريع في الجنوب ومناطق من الشمال على يد توران شاه الأيوبي الذي وصل زبيد سنة 569وشنق عبدالنبي ابن مهدي ثم اتجه صوب عدن وسيطر عليها وواصل جيشه الزحف الى اكثر مناطق اليمن
ابتداء دولة #العبيديين من كتاب العبر للمؤرخ إبن خلدون
عبد القادر حادوش
وأولهم عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر الصادق بن محمد المكتوم بن جعفر الصادق ولا عبرة بمن أنكر هذا النسب من أهل القيروان وغيرهم وبالمحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر بالطعن في نسبهم، وشهد فيه أعلام الائمة. وقد مرّ ذكرهم فإن كتاب المعتضد إلى ابن الأغلب بالقيروان، وابن مدرار بسجلماسة، يغريهم بالقبض عليه لمّا سار إلى المغرب شاهد بصحّة نسبهم. وشعر الشريف الرضيّ مسجّل بذلك. والذين شهدوا في المحضر فشهادتهم على السماع، وهي ما علمت. وقد كان نسبهم ببغداد منكرا عند أعدائهم شيعة بني العباس منذ مائة سنة، فتلّون الناس بمذهب أهل الدولة، وجاءت شهادة عليه مع أنها شهادة على النفي، ميم أنّ طبيعة الوجود في الانقياد إليهم، وظهور كلمتهم حتى في مكة والمدينة أدل شيء على صحة نسبهم
وأما من يجعل نسبهم في اليهودية والنصرانية ليعمون القدح وغيره فكفاه ذلك إثماً وسفسفة. وكان شيعة هؤلاء العبيديين بالمشرق واليمن وأفريقية. وكان أصل ظهورهم بأفريقية دخول الحلواني وأبي سفيان من شيعتهم إليها أنفذهما جعفر الصادق، وقال لهما بالمغرب أرض بور فاذهبا واحرثاها حتى يجيء صاحب البذر فنزل أحدهما ببلد مراغة، والآخر ببلد سوف جمار وكلاهما من أرض كتامة ففشت هذه الدعوة في تلك النواحي، وكان محمد الحبيب ينزل سلمية من أرض حمص، وكان شيعتهم يتعاهدونه بالزيارة إذا زاروا قبر الحسين، فجاء محمد بن الفضل من عدن لاعة من اليمن لزيارة محمد الحبيب، فبعث معه رستم بن الحسن بن حوشب من أصحابه لإقامة دعوته باليمن، وأنّ المهدي خارج في هذا الوقت، فسار وأظهر الدعوة للمهدي من آل محمد بنعوته . المعروفة عندهم، واستولى على أكثر اليمن، وتّسمى بالمنصور، وابتنى حصناً بجبل لاعة وملك صنعاء من بني يعفر، وفرّق الدعاة في اليمن واليمامة والبحرين والسند والهند ومصر والمغرب. وكان أبو عبد الله الحسين بن محمد بن زكريا المعروف بالمحتسب، وكان محتسباً بالبصرة، وقيل أنما المحتسب أخوه أبو العباس المخطوم وأبو عبد الله. هذا يعرف بالمعلم لأنه كان يعلم مذهب الإمامية، فاتصل أبو عبد الله بمحمد الحبيب، ورأى ما فيه من الاهليّة فأرسله إلى ابن حوشب باليمن ليأخذ عنه، ثم يذهب إلى المغرب، يقصد بلد كتامة فيظهر بينهم الدعوة. فجاء أبو عبد الله إلى ابن حوشب ولزمه، وشهد مجالسه، وأفاد علمه.
ثم خرج مع حاج اليمن إلى مكة فلقي بالموسم رجالات كتامة ورؤساءهم، وفيهم من القي الحلواني وابن بكّار واخذوا عنهما فقصدهم أبو عبد الله في رحالهم، وكان منهم موسى بن حريث كبير بني سكان من جملة أحد شعوبهم وأبو القاسم الورنجومي من أحلافهم
ومسعود بن عيسى بن ملال المساكتي، وموسى بن تكاد فجلس إليهم وسمعوا منه مذاهبهم، ورأوا ما هو عليه من العبادة والزهد فعلق ببقلوبهم، وصار يتعهدهم في رحالهم فاغتبطوا به واغتبط بهم. ولما أرادوا الرحلة إلى بلادهم سألوه الصحبة فوافقهم طاوياً وجه مذهبه عنهم، بعد أن سألهم عن قومهم وعصابتهم وبلادهم وملكة السلطان فيهم فكشفوا له علم ذلك وأنهم أنما يعطون السلطان طاعة معروفة فاستيقن تمام أمره فيهم، وخرج معهم إلى المغرب، وسلكوا طريق الصحراء، وعدلوا عن القيروان إلى أن وصلوا بلد سوماثة، وبها محمد بن حمدون بن سماك الاندلسيّ من بجاية الأندلس نزيلا عندهم، وكان قد أدرك الحلواني وأخذ عنه. فنزل أبو عبد الله الشيعي عليه فاكرمه، وفاوضه، وتفرس ابن حمدون فيه أنه صاحب الدولة
ثم ارتحلوا وصحبهم ابن حمدون، ودخلوا بلد كتامة منتصف ربيع سنة ثمان وثمانين ومائتين فنزل على موسى بن حريث ببلده انكجان في بلد بني سكتان من جبيلة، وعين له مكان منزله بفج الأخيار، وأن النص عنده من المهدي بذلك، وبهجرة المهدي، وأن أنصار الأخيار من أهل زمانه، وأن إسمهم مشتق من الكتمان. واجتمع إليه الكثير من أهل كتامة، ولقي علماءهم واشتمل عليه الكثير من أهوائهم فجاهر بمذهبه، وأعلن بإمامة أهل البيت، دعا للرضا من آل محمد، واتبعه أكثر كتامة، وكانوا يسمّونه بأبي عبد الله الشيعي والمشرقيّ. وبلغ خبره إلى أمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، فبعث إليه بالتهديد والوعيد، فأساء الرد عليه، وخاف رؤساء كتامة عادية ابن الأغلب، وأغراهم عمال بلادهم بالشيعي، مثل موسى بن عياش صاحب مسيلة، وعليّ بن حفص بن عسلوجة صاحب سريف. وجاء ابن تميم صاحب يلزمة فاجتمعوا وتفاوضوا في شأنه، وحضريحى المساكتي وكان يدعى الأمير، ومهديّ بن أبي كمارة رئيس لهيعة، وفرج بن حيران رئيس أجانة، وثمل بن بحل رئيس لطانة. وراسلوا بيان بن صفلان رئيس بني سكتان، وأبو عبد الله الشيعي عندهم بجبل ايكجان، في أن يسلمه إليهم أو يخرجه من بلدهم، وحذروه عاقبة أمره فردّ أمره إلى أهل العلم، فجاؤوا بالعلماء وهمّوا باغتياله فلم يتم لهم ذلك، وأطبقت بجيلة على مظاهرته فهزموا هؤلاء المثيرين عليه وردّوهم خائبين
عبد القادر حادوش
وأولهم عبيد الله المهدي بن محمد الحبيب بن جعفر الصادق بن محمد المكتوم بن جعفر الصادق ولا عبرة بمن أنكر هذا النسب من أهل القيروان وغيرهم وبالمحضر الذي ثبت ببغداد أيام القادر بالطعن في نسبهم، وشهد فيه أعلام الائمة. وقد مرّ ذكرهم فإن كتاب المعتضد إلى ابن الأغلب بالقيروان، وابن مدرار بسجلماسة، يغريهم بالقبض عليه لمّا سار إلى المغرب شاهد بصحّة نسبهم. وشعر الشريف الرضيّ مسجّل بذلك. والذين شهدوا في المحضر فشهادتهم على السماع، وهي ما علمت. وقد كان نسبهم ببغداد منكرا عند أعدائهم شيعة بني العباس منذ مائة سنة، فتلّون الناس بمذهب أهل الدولة، وجاءت شهادة عليه مع أنها شهادة على النفي، ميم أنّ طبيعة الوجود في الانقياد إليهم، وظهور كلمتهم حتى في مكة والمدينة أدل شيء على صحة نسبهم
وأما من يجعل نسبهم في اليهودية والنصرانية ليعمون القدح وغيره فكفاه ذلك إثماً وسفسفة. وكان شيعة هؤلاء العبيديين بالمشرق واليمن وأفريقية. وكان أصل ظهورهم بأفريقية دخول الحلواني وأبي سفيان من شيعتهم إليها أنفذهما جعفر الصادق، وقال لهما بالمغرب أرض بور فاذهبا واحرثاها حتى يجيء صاحب البذر فنزل أحدهما ببلد مراغة، والآخر ببلد سوف جمار وكلاهما من أرض كتامة ففشت هذه الدعوة في تلك النواحي، وكان محمد الحبيب ينزل سلمية من أرض حمص، وكان شيعتهم يتعاهدونه بالزيارة إذا زاروا قبر الحسين، فجاء محمد بن الفضل من عدن لاعة من اليمن لزيارة محمد الحبيب، فبعث معه رستم بن الحسن بن حوشب من أصحابه لإقامة دعوته باليمن، وأنّ المهدي خارج في هذا الوقت، فسار وأظهر الدعوة للمهدي من آل محمد بنعوته . المعروفة عندهم، واستولى على أكثر اليمن، وتّسمى بالمنصور، وابتنى حصناً بجبل لاعة وملك صنعاء من بني يعفر، وفرّق الدعاة في اليمن واليمامة والبحرين والسند والهند ومصر والمغرب. وكان أبو عبد الله الحسين بن محمد بن زكريا المعروف بالمحتسب، وكان محتسباً بالبصرة، وقيل أنما المحتسب أخوه أبو العباس المخطوم وأبو عبد الله. هذا يعرف بالمعلم لأنه كان يعلم مذهب الإمامية، فاتصل أبو عبد الله بمحمد الحبيب، ورأى ما فيه من الاهليّة فأرسله إلى ابن حوشب باليمن ليأخذ عنه، ثم يذهب إلى المغرب، يقصد بلد كتامة فيظهر بينهم الدعوة. فجاء أبو عبد الله إلى ابن حوشب ولزمه، وشهد مجالسه، وأفاد علمه.
ثم خرج مع حاج اليمن إلى مكة فلقي بالموسم رجالات كتامة ورؤساءهم، وفيهم من القي الحلواني وابن بكّار واخذوا عنهما فقصدهم أبو عبد الله في رحالهم، وكان منهم موسى بن حريث كبير بني سكان من جملة أحد شعوبهم وأبو القاسم الورنجومي من أحلافهم
ومسعود بن عيسى بن ملال المساكتي، وموسى بن تكاد فجلس إليهم وسمعوا منه مذاهبهم، ورأوا ما هو عليه من العبادة والزهد فعلق ببقلوبهم، وصار يتعهدهم في رحالهم فاغتبطوا به واغتبط بهم. ولما أرادوا الرحلة إلى بلادهم سألوه الصحبة فوافقهم طاوياً وجه مذهبه عنهم، بعد أن سألهم عن قومهم وعصابتهم وبلادهم وملكة السلطان فيهم فكشفوا له علم ذلك وأنهم أنما يعطون السلطان طاعة معروفة فاستيقن تمام أمره فيهم، وخرج معهم إلى المغرب، وسلكوا طريق الصحراء، وعدلوا عن القيروان إلى أن وصلوا بلد سوماثة، وبها محمد بن حمدون بن سماك الاندلسيّ من بجاية الأندلس نزيلا عندهم، وكان قد أدرك الحلواني وأخذ عنه. فنزل أبو عبد الله الشيعي عليه فاكرمه، وفاوضه، وتفرس ابن حمدون فيه أنه صاحب الدولة
ثم ارتحلوا وصحبهم ابن حمدون، ودخلوا بلد كتامة منتصف ربيع سنة ثمان وثمانين ومائتين فنزل على موسى بن حريث ببلده انكجان في بلد بني سكتان من جبيلة، وعين له مكان منزله بفج الأخيار، وأن النص عنده من المهدي بذلك، وبهجرة المهدي، وأن أنصار الأخيار من أهل زمانه، وأن إسمهم مشتق من الكتمان. واجتمع إليه الكثير من أهل كتامة، ولقي علماءهم واشتمل عليه الكثير من أهوائهم فجاهر بمذهبه، وأعلن بإمامة أهل البيت، دعا للرضا من آل محمد، واتبعه أكثر كتامة، وكانوا يسمّونه بأبي عبد الله الشيعي والمشرقيّ. وبلغ خبره إلى أمير إفريقية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب، فبعث إليه بالتهديد والوعيد، فأساء الرد عليه، وخاف رؤساء كتامة عادية ابن الأغلب، وأغراهم عمال بلادهم بالشيعي، مثل موسى بن عياش صاحب مسيلة، وعليّ بن حفص بن عسلوجة صاحب سريف. وجاء ابن تميم صاحب يلزمة فاجتمعوا وتفاوضوا في شأنه، وحضريحى المساكتي وكان يدعى الأمير، ومهديّ بن أبي كمارة رئيس لهيعة، وفرج بن حيران رئيس أجانة، وثمل بن بحل رئيس لطانة. وراسلوا بيان بن صفلان رئيس بني سكتان، وأبو عبد الله الشيعي عندهم بجبل ايكجان، في أن يسلمه إليهم أو يخرجه من بلدهم، وحذروه عاقبة أمره فردّ أمره إلى أهل العلم، فجاؤوا بالعلماء وهمّوا باغتياله فلم يتم لهم ذلك، وأطبقت بجيلة على مظاهرته فهزموا هؤلاء المثيرين عليه وردّوهم خائبين
ثم راجعوا بيات بن صقلاب في أمره ولاطفوه حتى صفا إليهم، وشعر بذلك أبو عبد الله الشيعيّ وأصحابه، فبعثوا إلى الحسن بن هارون الغسّاني يسألونه الهجرة إليهم فأجابهم، ولحق ببلدة تازروت من بلادهم واجتمعت غسّان لنصرته مع بطون كتامة الذين بايعوه من قبل، فاعتز وامتنع وعظم أمره. ثم انتفض على الحسن بن هارون أخوه محمد منافسة له في الرياسة، وكان صديقاً لمهدي بن أبي كمارة فداخله في التثريب على أبي عبد الله، وعظمت الفتنة بين لهيعة وغسّان، وولّى أبو عبد الله الشيعي الحسن بن هارون على حروبه، وظهر بعد أن كان مختفياً
وكان لمهدي بن أبي كمارة شيخ لهيعة إخ اسمه أبو مديني، وكان من أحباب أبي عبد الله فقتل اخاه مهديا ورأس على لهيعة مكانه فصاروا جميعاً إلى ولاية أبي عبد الله وأبي مديني شيخهم.
ثم تجمعت كتامة لحرب الشيعي وأصحابه، ونازلوه بمكانه من تازروت، وبعث الشيعي سهل بن فوكاش إلى فحل بن نوح رئيس لطانة، وكان صهره، لينجد له عن حربهم في السلم فمشى إلى كتامة، وأبوا إلأ أن يناجزوهم الحرب، فغلبهم أبو عبد الله وأصحابه، وانهزمت كتامة وابلى عروبة بن يوسف الملوشي في ذلك اليوم بلاءً حسناً، واجتمعت إلى أبي عبد الله غسانّ كلها ويلزمة ولهيعة وعامّة بجاية ورئيسهم يومئذ ماكنون بن ضبارة وأبو زاكي تمام بن معارك. ولحق بجيلة من بجاية فرج بن خيران، ويوسف بن محمد من لطانة، وفحل بن نوح، واستقام أمر الباقي للشيعي وجمع فتح بن يحمى من أطاعه من قومه مسالمة لحرب الشيعي فسار إليهم وأوقع بهم، ولحق فلهم بسطيف.
ثم استأمنوا إليه فأمنهم ودخلوا في أمره، وولّى منهم هارون بن يونس على حروبه، ولحق رئيسهم فتح بن يحيى بعجيسة، وجمع ثانية لحربه الشيعي فسار إليه ومعه جموع كتامة، وتحصّن منه فتح ببعض قلاعهم فحاصره الشيعي وفتحها، واجتمعت إليه عجيسة وزواوة وجميع قبائل كتامة، ورجع إلى تازروت وبثّ دعاته في كل ناحية فدخل الناس في أمره طوعا وكرها. ولحق فتح بن يحى بالأمير إبراهيم بن احمد بتونس، واستحثه لحرب الشيعي. ثم فتح أبو عبد الله مساكتة بمداخلة بعض أهلها، وقتل صاحبها موسى بن عيّاش وولّى عليها ماكنون بن ضبارة الجاي وهو أبو يوسف ولحق إبراهيم بن موسى بن عيّاش بأبي العبّاس إبراهيم بن الاغلب بتونس، بعد خروج أبيه إلى صقلية. وكان فتح بن يحيى المساكتي قد نزع إليه من قبل ذلك، ووعده المظاهرة فجهز العساكر، وعقد عليها لابنه أبي خوال، وزحف من تونس سنة تسع وثمانين فدوّخ كتامة، ثم صمد إلى تازروت فلقيه أبو عبد الله الشيعي في جموعه ببلد ملوسة فهزمهم أبو خوال، وفرّ الشيعي من قصر تازروت إلى ايكجان
فامتنع بها، فهدم أبو خوال القصر، واتبعه. وتوغل أبو خوال في بلاد كتامة فاضطرب أمره، وتوقع البيات
وسار إبراهيم بن موسى بن عيّاش من عسكر أبي خوال إلى نواحي مسيلة يتجسّس الاخبار فتواقع مع طائفة من أصحاب الشيعي فهزموه، واتبعوه إلى المعسكر فاضطرب، وأجفل أبو خوال، وخرج من بلاد كتامة، واستوطن أبو عبد الله ايكجان، وبنى بها بلدا وسمّاها دار الهجرة. واستبصر الناس في امره، ودخلوا في دعوته. ثم هلك الحسن بن هارون، وجهز أبو العباس العساكر ثانية مع ابنه أبي خوال، ورده لحرب الشيعي وكتامة فسار في بلادهم، ورجع منهزماً، وأقام قريباً منهم يدافعهم، ويمنعهم من التقدم. وفي خلال ذلك هلك إبراهيم بن أحمد بن الاغلب، وقتل ابنه أبو العبّاس، وقام بالامر ابنه زيادة الله فاستدعى اخاه أبا خوال وقتله، وانتقل من تونس إلى وقادة، وانهمك في لذاته، وانتشرت جيوش الشيعي في البلاد، وعلا أمره وبشّرهم بأنّ المهدي قرب ظهوره فكان كما قال.
وصول المهدي إلى المغرب واعتقاله بسجلماسة ثم خروجه من الاعتقال وبيعته:
ولما توفي محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسمعيل الإمام، عهد إى ابنه عبيد الله وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بغيدة، وتلقى محنا شديدة. واتصل خبره بسائر دعاته في إفريقية واليمن، وبعث إليه أبو عبد الله رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم، وانهم في انتظاره. وشاع خبره، واتصل بّالعباسيّين ،فطلبه المكتفي ففر، من أرض الشام إلى العراق. ثم لحق بمصر ومعه ابنه أبو القاسم غلاما حدثا وخاصته ومواليه، بعد أن كان أراد قصد اليمن فبلغه ما أحدث بها عليّ بن الفضل من بعد ابن حوشب، وانه أساء السيرة فانثنى عن ذلك، واعتزم على اللحاق بابي عبد الله الشيعي بالمغرب فارتحل من مصر إلى الإسكندرية، ثم خرج من الإسكندرية في زي التجّار. وجاء كتاب المكتفي إلى عامل مصر، وهو يومئذ عيسى النوشري بخبرهم، والقعود لهم بالمراصد، وكتب نعته وحليته فسرح في طلبهم حتى وقف عليهم، وامتحن أحوالهم فلم بقف على اليقين في شيء منها فخلى سبيلهم
وكان لمهدي بن أبي كمارة شيخ لهيعة إخ اسمه أبو مديني، وكان من أحباب أبي عبد الله فقتل اخاه مهديا ورأس على لهيعة مكانه فصاروا جميعاً إلى ولاية أبي عبد الله وأبي مديني شيخهم.
ثم تجمعت كتامة لحرب الشيعي وأصحابه، ونازلوه بمكانه من تازروت، وبعث الشيعي سهل بن فوكاش إلى فحل بن نوح رئيس لطانة، وكان صهره، لينجد له عن حربهم في السلم فمشى إلى كتامة، وأبوا إلأ أن يناجزوهم الحرب، فغلبهم أبو عبد الله وأصحابه، وانهزمت كتامة وابلى عروبة بن يوسف الملوشي في ذلك اليوم بلاءً حسناً، واجتمعت إلى أبي عبد الله غسانّ كلها ويلزمة ولهيعة وعامّة بجاية ورئيسهم يومئذ ماكنون بن ضبارة وأبو زاكي تمام بن معارك. ولحق بجيلة من بجاية فرج بن خيران، ويوسف بن محمد من لطانة، وفحل بن نوح، واستقام أمر الباقي للشيعي وجمع فتح بن يحمى من أطاعه من قومه مسالمة لحرب الشيعي فسار إليهم وأوقع بهم، ولحق فلهم بسطيف.
ثم استأمنوا إليه فأمنهم ودخلوا في أمره، وولّى منهم هارون بن يونس على حروبه، ولحق رئيسهم فتح بن يحيى بعجيسة، وجمع ثانية لحربه الشيعي فسار إليه ومعه جموع كتامة، وتحصّن منه فتح ببعض قلاعهم فحاصره الشيعي وفتحها، واجتمعت إليه عجيسة وزواوة وجميع قبائل كتامة، ورجع إلى تازروت وبثّ دعاته في كل ناحية فدخل الناس في أمره طوعا وكرها. ولحق فتح بن يحى بالأمير إبراهيم بن احمد بتونس، واستحثه لحرب الشيعي. ثم فتح أبو عبد الله مساكتة بمداخلة بعض أهلها، وقتل صاحبها موسى بن عيّاش وولّى عليها ماكنون بن ضبارة الجاي وهو أبو يوسف ولحق إبراهيم بن موسى بن عيّاش بأبي العبّاس إبراهيم بن الاغلب بتونس، بعد خروج أبيه إلى صقلية. وكان فتح بن يحيى المساكتي قد نزع إليه من قبل ذلك، ووعده المظاهرة فجهز العساكر، وعقد عليها لابنه أبي خوال، وزحف من تونس سنة تسع وثمانين فدوّخ كتامة، ثم صمد إلى تازروت فلقيه أبو عبد الله الشيعي في جموعه ببلد ملوسة فهزمهم أبو خوال، وفرّ الشيعي من قصر تازروت إلى ايكجان
فامتنع بها، فهدم أبو خوال القصر، واتبعه. وتوغل أبو خوال في بلاد كتامة فاضطرب أمره، وتوقع البيات
وسار إبراهيم بن موسى بن عيّاش من عسكر أبي خوال إلى نواحي مسيلة يتجسّس الاخبار فتواقع مع طائفة من أصحاب الشيعي فهزموه، واتبعوه إلى المعسكر فاضطرب، وأجفل أبو خوال، وخرج من بلاد كتامة، واستوطن أبو عبد الله ايكجان، وبنى بها بلدا وسمّاها دار الهجرة. واستبصر الناس في امره، ودخلوا في دعوته. ثم هلك الحسن بن هارون، وجهز أبو العباس العساكر ثانية مع ابنه أبي خوال، ورده لحرب الشيعي وكتامة فسار في بلادهم، ورجع منهزماً، وأقام قريباً منهم يدافعهم، ويمنعهم من التقدم. وفي خلال ذلك هلك إبراهيم بن أحمد بن الاغلب، وقتل ابنه أبو العبّاس، وقام بالامر ابنه زيادة الله فاستدعى اخاه أبا خوال وقتله، وانتقل من تونس إلى وقادة، وانهمك في لذاته، وانتشرت جيوش الشيعي في البلاد، وعلا أمره وبشّرهم بأنّ المهدي قرب ظهوره فكان كما قال.
وصول المهدي إلى المغرب واعتقاله بسجلماسة ثم خروجه من الاعتقال وبيعته:
ولما توفي محمد الحبيب بن جعفر بن محمد بن إسمعيل الإمام، عهد إى ابنه عبيد الله وقال له: أنت المهدي وتهاجر بعدي هجرة بغيدة، وتلقى محنا شديدة. واتصل خبره بسائر دعاته في إفريقية واليمن، وبعث إليه أبو عبد الله رجالا من كتامة يخبرونه بما فتح الله عليهم، وانهم في انتظاره. وشاع خبره، واتصل بّالعباسيّين ،فطلبه المكتفي ففر، من أرض الشام إلى العراق. ثم لحق بمصر ومعه ابنه أبو القاسم غلاما حدثا وخاصته ومواليه، بعد أن كان أراد قصد اليمن فبلغه ما أحدث بها عليّ بن الفضل من بعد ابن حوشب، وانه أساء السيرة فانثنى عن ذلك، واعتزم على اللحاق بابي عبد الله الشيعي بالمغرب فارتحل من مصر إلى الإسكندرية، ثم خرج من الإسكندرية في زي التجّار. وجاء كتاب المكتفي إلى عامل مصر، وهو يومئذ عيسى النوشري بخبرهم، والقعود لهم بالمراصد، وكتب نعته وحليته فسرح في طلبهم حتى وقف عليهم، وامتحن أحوالهم فلم بقف على اليقين في شيء منها فخلى سبيلهم
وجدّ المهدي في السير، وكان له كتب في الملاحم منقولة عن آبائه سرقت من رحله في طريقه، فيقال إن ابنه أبا القاسم استردّها من برقة حين زحف إلى مصر، ولما انتهى إلى طرابلس وفارقه التجّار أهل الرفقة بعث معهم أبا العباس أخا أبي عبد الله الشيعي إلى أخيه بكتامة، ومرّ بالقيروان، وقد سبق خبرهم إلى زيادة الله، وهو يسأل عنهم فقبض على أبي العباس، وساءله فانكر فحبسه. وكتب إلى عامل طرابلس بالقبض على المهدي ففاته، وسار إلى قسنطينة. ثم عدل عنها خشية على ابم العبّاس، أخي الشيعي المعتقل بالقيروان فذهب إلى سجلماسة، وبها اليسع بن مدرار فأكرمه ثم جاء كتاب زيادة الله، ويقال كتاب المكتفي بأنه المهدي الذي داعيته في كتامة فحبسه اليسع، ثم إن أبا عبد الله الشيعي بعد مهلك أبي خوال الذي كان مضايقاً لهم اجتمعت إليه سائركتامة، وزحف إلى سطيف فحاصرها مدة، وكان بها علي بن جعفر بن عسكوجة صاحبها، وأخوه أبو حبيب فملكها وكان بها ايضا داود بن جاثة من كبار لهيعة، لحق بها فيمن لحق من وجوه كتامة فقام بها من بعد علي وأخيه، واستأمن أهل سطيف فأمّنهم أبو عبد الله ودخلها فهدمها، وجهز زيادة الله العساكر إلى كتامة مع قريبه إبراهيم بن حشيش، وكانوا أربعين ألفا فانتهى إلى قسنطينة، فأقام بها وهم متحصنون بجبلهم. ثم زحف إليهم وواقعهم عند مدينة يلزمة فانهزم إلى باغاية، ولحق بالقيروان. وكتب الشيعي بالفتح إلى المهدي مع رجال من كتامة، اخفوا أنفسهم حتى وصلوا إليه وعرّفوه بالخبر. ثم زحف الشيعي إلى طبنة فحاصرها وقتل فتح بن يحيى المساكتي، ثم افتتحها على الأمان. ثم زحف إلى يلزمة فملكها عنوة.
وجهّز زيادة الله العساكر مع هارون الطبني عامل باغاية فانتهوا إلى مدينة أزمول، وكانوا في طاعة الشيعي فهدمها هارون وقتل أهلها، وزحف إليه عروبة بن يوسف من أصحاب الشيعي فهزمه وقتله. ثم فتح الشيعي مدينة ينجبت كلّها على يد يوسّف الغساني، ولحق عسكرها بالقيروان. وشاع عن الشيعي وفاؤه بالأمان فافنه الناس، وكثر الارجاف بزيادة الله فجهز العساكر وأزاح العلل، وأنفق ما في خزائنه وذخائره، وخرج بنفسه سنة خمس وتسعين، ونزل الأريس
ثم حاد عن اللقاء، وأشار عليه أصحابه بالرجوع إلى القيروان، ليكون ردءاً للعساكر فرجع، وقدم على العساكر إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته، وأمره بالمقام هنالك. ثم زحف الشيعي إلى باغاية فهرب عاملها وملكها صلحاً، وبعث إلى مدينة قرطاجنة فافتتحها عنوة، وقتل عاملها، وسرح عساكره في إفريقية فردّدوا فيها الغارات على قبائل البربر من نفزة وغيرهم. ثم استأمن إليه أهل
تيفاش فأمّنهم، واستعمل عليهم صواب بن أبي القاسم السكتاني فجاء إبراهيم بن الأغلب واقتحمها عليه. ثم نهض الشيعي في احتفال من العساكر إلى باغاية، ثم إلى سكتانة، ثم إلى تبسة ففتحها كفها على الأمان. ثم إلى القصرين من قمودة فأمّن أهلها وأطاعوه، وسار يريد رقادة فخشي إبراهيم بن أبي الأغلب على زيادة الله لقلة عسكره، فنهض إلى الشيعي واعترضه في عساكره واقتتلوا، ثم تحاجزوا، ورجع الشيعي إلى ايكجان، وإبراهيم إلى الأريس
ثم سار الشيعي ثانية بعساكره إلى قسنطينة فحاصرها، واقتحمها على الأمان، ثم إلى قفصة كذلك، ثم رجع إلى باغاية فأنزل بها عسكراً مع أبي مكدولة الجيلي. ثم سار إلى إيكجان، وخالفه إبراهيم إلى باغاية، وبلغ الخبر إلى الشيعي فسرح لقتاله أبا مديني بن فروخ اللهيمي، ومعه عروبة بن يوسف الملوشي، ورجاء بن أبي قنة في اثني عشر ألفاً فقاتلوا ابن أبي الاغلب، ومنعوه من باغاية فرحل عنها، واتبعوه إلى فجّ العرعر ورجعوا عنه. ثم زحف أبو عبد الله الشيعي سنة ست وتسعين في مائتي الف من العساكر إلى إبراهيم بن أبي الاغلب بالاريس. ثم اقتتلوا أياما، ثم انهزم إبراهيم، واستبيح عسكره، وفرّ إلى القيروان، ودخل الشيعي الأريس فاستباحها، ثم سار فنزل قمودة، واتصل الخبر بزيادة الله وهو برقادة ففرّ إلى المشرق، ونهبت قصوره. وافترق أهل رقادة إلى القيروان وسوسة. ولما وصل إبراهيم بن أبي الاغلب إلى القيروان نزل قصر الإمارة، وجمع الناس، وأرادهم على البيعة له على أن يعينوه بالاموال فاعتدوا، وتصايحت به العامّة ففر عنها، ولحق بصاحبه. وبلغ أبا عبد الله الشيعي خبر فرارهم بسبيبة فقدّم إلى رقادة، وقدم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا، وأمّنوا الناس، وجاء على أثرهم
وخرج أهل رقادة والقيروان للقائه فأفمّهم وأكرمهم، ودخل رقادرة في رجب سنة ست وتسعين، ونزل قصرها، وأطلق أخاه أبا العبّاس من الاعتقال ونادى بالأمان فتراجع الناس، وفر العمّال في النواحي. وطلب أهل القيروان فهربوا، وقسّم دور البلد، على
كتامة فسكنوها، وجمع أموال زيادة الله وسلاحه فأمر بحفظها وحفظ جواريه، واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعين أحداً. ونقش على السكة من أحد الوجهين بلغت حجة الله، ومن الآخرّ تفرق أعداء الله، وعلى لسلاح عدة في سبيل الله، وفي وسم الخيل، الملك لله.
وجهّز زيادة الله العساكر مع هارون الطبني عامل باغاية فانتهوا إلى مدينة أزمول، وكانوا في طاعة الشيعي فهدمها هارون وقتل أهلها، وزحف إليه عروبة بن يوسف من أصحاب الشيعي فهزمه وقتله. ثم فتح الشيعي مدينة ينجبت كلّها على يد يوسّف الغساني، ولحق عسكرها بالقيروان. وشاع عن الشيعي وفاؤه بالأمان فافنه الناس، وكثر الارجاف بزيادة الله فجهز العساكر وأزاح العلل، وأنفق ما في خزائنه وذخائره، وخرج بنفسه سنة خمس وتسعين، ونزل الأريس
ثم حاد عن اللقاء، وأشار عليه أصحابه بالرجوع إلى القيروان، ليكون ردءاً للعساكر فرجع، وقدم على العساكر إبراهيم بن أبي الأغلب من قرابته، وأمره بالمقام هنالك. ثم زحف الشيعي إلى باغاية فهرب عاملها وملكها صلحاً، وبعث إلى مدينة قرطاجنة فافتتحها عنوة، وقتل عاملها، وسرح عساكره في إفريقية فردّدوا فيها الغارات على قبائل البربر من نفزة وغيرهم. ثم استأمن إليه أهل
تيفاش فأمّنهم، واستعمل عليهم صواب بن أبي القاسم السكتاني فجاء إبراهيم بن الأغلب واقتحمها عليه. ثم نهض الشيعي في احتفال من العساكر إلى باغاية، ثم إلى سكتانة، ثم إلى تبسة ففتحها كفها على الأمان. ثم إلى القصرين من قمودة فأمّن أهلها وأطاعوه، وسار يريد رقادة فخشي إبراهيم بن أبي الأغلب على زيادة الله لقلة عسكره، فنهض إلى الشيعي واعترضه في عساكره واقتتلوا، ثم تحاجزوا، ورجع الشيعي إلى ايكجان، وإبراهيم إلى الأريس
ثم سار الشيعي ثانية بعساكره إلى قسنطينة فحاصرها، واقتحمها على الأمان، ثم إلى قفصة كذلك، ثم رجع إلى باغاية فأنزل بها عسكراً مع أبي مكدولة الجيلي. ثم سار إلى إيكجان، وخالفه إبراهيم إلى باغاية، وبلغ الخبر إلى الشيعي فسرح لقتاله أبا مديني بن فروخ اللهيمي، ومعه عروبة بن يوسف الملوشي، ورجاء بن أبي قنة في اثني عشر ألفاً فقاتلوا ابن أبي الاغلب، ومنعوه من باغاية فرحل عنها، واتبعوه إلى فجّ العرعر ورجعوا عنه. ثم زحف أبو عبد الله الشيعي سنة ست وتسعين في مائتي الف من العساكر إلى إبراهيم بن أبي الاغلب بالاريس. ثم اقتتلوا أياما، ثم انهزم إبراهيم، واستبيح عسكره، وفرّ إلى القيروان، ودخل الشيعي الأريس فاستباحها، ثم سار فنزل قمودة، واتصل الخبر بزيادة الله وهو برقادة ففرّ إلى المشرق، ونهبت قصوره. وافترق أهل رقادة إلى القيروان وسوسة. ولما وصل إبراهيم بن أبي الاغلب إلى القيروان نزل قصر الإمارة، وجمع الناس، وأرادهم على البيعة له على أن يعينوه بالاموال فاعتدوا، وتصايحت به العامّة ففر عنها، ولحق بصاحبه. وبلغ أبا عبد الله الشيعي خبر فرارهم بسبيبة فقدّم إلى رقادة، وقدم بين يديه عروبة بن يوسف وحسن بن أبي خنزير فساروا، وأمّنوا الناس، وجاء على أثرهم
وخرج أهل رقادة والقيروان للقائه فأفمّهم وأكرمهم، ودخل رقادرة في رجب سنة ست وتسعين، ونزل قصرها، وأطلق أخاه أبا العبّاس من الاعتقال ونادى بالأمان فتراجع الناس، وفر العمّال في النواحي. وطلب أهل القيروان فهربوا، وقسّم دور البلد، على
كتامة فسكنوها، وجمع أموال زيادة الله وسلاحه فأمر بحفظها وحفظ جواريه، واستأذنه الخطباء لمن يخطبون فلم يعين أحداً. ونقش على السكة من أحد الوجهين بلغت حجة الله، ومن الآخرّ تفرق أعداء الله، وعلى لسلاح عدة في سبيل الله، وفي وسم الخيل، الملك لله.
ثم ارتحل إلى سجلماسة في طلب المهدي، واستخلف على إفريقية أخاه أبا العبّاس، وترك معه أبا زاكي تمام بن معارك الألجائي، واهتزّ المغرب لخروجه، وفرت زناتة من طريقه. ثم بعثوا إليه بالطاعة فقبلهم، وأرسل إلى اليسع بن مدرار صاحب سجلماسة يتلطفه فقتل الرسل، وخرج للقائه. فلمّا تراءى الجمعان انفض معسكره، وهرب هو وأصحابه وخرج أهل البلد من الغد للشيعي، وجاؤوا معه إلى محبس المهدي وابنه فأخرجهما وبايع للمهدي، ومشى للمهدي، ومشى مع رؤساء القبائل بين أيديهما وهو يبكي من الفرح ويقول: هذا مولاكم، حتى أنزله بالمخّيم، وبعث في طلب اليسع فأدرك ،وجيء به فقتل، وأقاموا بسجلماسة اربعين يوماً، ثم ارتحلوا إلى إفريقية، ومروا بأيكجان، فسلم الشيعي ما كان بها من الاموال للمهدي.
ثم نزلوا رقادة في ربيع سبع وتسعين، وحضر أهل القيروان، وبويع للمهدي البيعة العامة، واستقام أمره، وبث دعاته في الناس فأجابوا إلا قليلا عرض عليهم السيف، وقسم الأموال والجواري في رجال كتامة، واقطعهم الأعمال، ودوّن الدواوين وجبى الأموال، وبعث العفال على البلاد فبعث على طرابلس ماكنون بن ضبارة الألجائي، وعلى صقلية الحسن بن احمد بن أبي خنزير، فسار إليها ونزل البحر، ونزل مازر في عيد الأضحى من سنة سبع وتسعين، فاستقضى إسحاق بن المنهال، وولّى اخاه على كريت. ثم أجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلي العدوة الشمالية، ونزل بسيط قلورية من بلاد الافرنج فاثخن فيها، ورجع إلى صقلّية فاساء السيرة في أهلها فثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي فقبل عذرهم، وولّى عليهم مكانه علي بن عمر البلويّ فوصل خاتم تسع وتسعين.
مقتل أبي عبل الله الشيعي وأخيه
لما استقام سلطان عبيد الله المهدي بإفريقية استبدّ بأمره، وكفح أبا عبد الله الشيعي واخاه أبا العبّاس عن الاستبداد عليه، والتحكم في أمره فعظم ذلك عليهما، وصرّح أبو العبّاس بما في نفسه فنهاه أخوه أبو عبد الله عن ذلك فلم يصر إليه. ثم استماله أبو العباس لمثل رأيه فأجابه، وبلغ ذلك إلى المهدّي فلم يصدقه. ثم نهى أبا عبد الله عن مباشرة الناس، وقال إنه مفسد للهيبة فتلطّف في ردّه ولم يجبه إليه ففسدت النية بينهما، واستفسدوا كتامة وأغروهم به وذكروهم بما اخذه من أموال أيكجان، واستأثر به دونهم وألقوا اليهم ان هذا ليس هو الإمام المعصوم الذي دعونا إليه، حتى بعث إلى المهدي رجل كان في كتامة يعرف بشيخ المشايخ، وقال له :جئنا بآية على أمرك فقد شككنا فيك، فقتله المهدي، ثم عظمت استرابتهم واتفقوا على قتل المهدي، وداخلهم في ذلك أبو زاكي تمام بن معارك، وغيره من قبائل كتامة.
ونمي الخبر إلى المهدي فتلطفّ في أمرهم وولّى من داخلهم من قّواد كتامة على البلاد، فبعث تمام بن معارك على طرابلس، وبعث إلى عاملها ماكنون بقتله، فقتله عند وصوله. ثم اتهم المهدي ابن الغريم بمداخلتهم، وكان من أصحاب زيادة الله فأمر بقتله واستصفاء أمواله، وكان أكثرها لزيادة الله. ثم إنّ المهدي استدعى عروبة بن يوسف، وأخاه حباسة، وأمرهما بقتل الشيعي وأخيه فوقفا لهما عند القصر، وحمل عروبة على أبي عبد الله فقال له: لا تفعل! فقال :الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك! ثم أجهز عليهما في نصف جمادى سنة ثمان وتسعين. ويقال إن المهدي صلىّ على أبي عبد الله وترحم عليه، وعلم أن الذي حمله على ذلك اغراء أبي العبّاس أخيه، وثارت فتنة بسبب قتلهما من أصحابهما فركب المهدي وسكنها. ثم ثارت فتنة أخرى بين كتامة وأهل القيروان، وفشا القتل فيهم فركب المهدي وسكّنها، وكف الدعاة عن طلب التشيع من العامة، وقتل جماعة من بني الأغلب برقادة لما رجعوا إليها بعد زيادة الله.
بقية أخبار المهدي بعد الشيعي
ولما استقام أمر المهدي بعد الشيعي، جعل ولاية عهده لابنه أبي القسم نزار، وولى على برقة وما إليها حباسة بن يوسف. وعلى المغرب أخاه عروبة، وأنزله باغاية فسار إلى تاهرت فاقتحمها، وولّى عليها دواس بن صولات اللهيص. ثم انتقضت عليه كتامة بقتله أبا عبد الله الشيعي، ونصبوا طفلاً لقبوه المهدي، وزعموا أنه نبيّ، وأن أبا عبد الله الشيعي لم يمت فجهز ابنهّ أبا القاسم لحربهم فقاتلهم وهزمهم، وقتل الطفل الذي نصبوه، وأثخن فيهم ورجع ثم انتقض أهل طرابلس سنة ثلاثمائة وأخرجوا عاملهم ماكنون فبعث إليهم ابنه أبا القاسم فحاصرها طويلاً، ثم فتحها وأثخن فيهم وأغرمهم ثلاثمائة ألف دينار. ثم أغزى ابنه أبا القاسم وجموعه كتامة سنة إحدى وثلاثمائة إلى الإسكندرية ومصر، وبعث أسطوله في البحر في مائتين من المراكب، وشحنها بالإمداد، وعقد عليها لحباسة بن يوسف، وسارت العساكر فملكوا برقة ثم الإسكندرية والفيوم.
وبعث المقتدر العساكر من بغداد مع سبكتكين ومؤنس الخادم فتواقعوا مّرات، وأجلاهم عن مصر فرجعوا إلى المغرب. ثم عاد حباسة في العساكر في البحر سنة اثنتين إلى الإسكندرية فملكها، وسار يريد مصر فجاء مؤنس الخادم من بغداد لمحاربته فتواقعوا مّرات، وكان الظهور آخراً لمؤنس، وقتل من أصحابه نحو من سبعة آلاف.
ثم نزلوا رقادة في ربيع سبع وتسعين، وحضر أهل القيروان، وبويع للمهدي البيعة العامة، واستقام أمره، وبث دعاته في الناس فأجابوا إلا قليلا عرض عليهم السيف، وقسم الأموال والجواري في رجال كتامة، واقطعهم الأعمال، ودوّن الدواوين وجبى الأموال، وبعث العفال على البلاد فبعث على طرابلس ماكنون بن ضبارة الألجائي، وعلى صقلية الحسن بن احمد بن أبي خنزير، فسار إليها ونزل البحر، ونزل مازر في عيد الأضحى من سنة سبع وتسعين، فاستقضى إسحاق بن المنهال، وولّى اخاه على كريت. ثم أجاز البحر سنة ثمان وتسعين إلي العدوة الشمالية، ونزل بسيط قلورية من بلاد الافرنج فاثخن فيها، ورجع إلى صقلّية فاساء السيرة في أهلها فثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي فقبل عذرهم، وولّى عليهم مكانه علي بن عمر البلويّ فوصل خاتم تسع وتسعين.
مقتل أبي عبل الله الشيعي وأخيه
لما استقام سلطان عبيد الله المهدي بإفريقية استبدّ بأمره، وكفح أبا عبد الله الشيعي واخاه أبا العبّاس عن الاستبداد عليه، والتحكم في أمره فعظم ذلك عليهما، وصرّح أبو العبّاس بما في نفسه فنهاه أخوه أبو عبد الله عن ذلك فلم يصر إليه. ثم استماله أبو العباس لمثل رأيه فأجابه، وبلغ ذلك إلى المهدّي فلم يصدقه. ثم نهى أبا عبد الله عن مباشرة الناس، وقال إنه مفسد للهيبة فتلطّف في ردّه ولم يجبه إليه ففسدت النية بينهما، واستفسدوا كتامة وأغروهم به وذكروهم بما اخذه من أموال أيكجان، واستأثر به دونهم وألقوا اليهم ان هذا ليس هو الإمام المعصوم الذي دعونا إليه، حتى بعث إلى المهدي رجل كان في كتامة يعرف بشيخ المشايخ، وقال له :جئنا بآية على أمرك فقد شككنا فيك، فقتله المهدي، ثم عظمت استرابتهم واتفقوا على قتل المهدي، وداخلهم في ذلك أبو زاكي تمام بن معارك، وغيره من قبائل كتامة.
ونمي الخبر إلى المهدي فتلطفّ في أمرهم وولّى من داخلهم من قّواد كتامة على البلاد، فبعث تمام بن معارك على طرابلس، وبعث إلى عاملها ماكنون بقتله، فقتله عند وصوله. ثم اتهم المهدي ابن الغريم بمداخلتهم، وكان من أصحاب زيادة الله فأمر بقتله واستصفاء أمواله، وكان أكثرها لزيادة الله. ثم إنّ المهدي استدعى عروبة بن يوسف، وأخاه حباسة، وأمرهما بقتل الشيعي وأخيه فوقفا لهما عند القصر، وحمل عروبة على أبي عبد الله فقال له: لا تفعل! فقال :الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك! ثم أجهز عليهما في نصف جمادى سنة ثمان وتسعين. ويقال إن المهدي صلىّ على أبي عبد الله وترحم عليه، وعلم أن الذي حمله على ذلك اغراء أبي العبّاس أخيه، وثارت فتنة بسبب قتلهما من أصحابهما فركب المهدي وسكنها. ثم ثارت فتنة أخرى بين كتامة وأهل القيروان، وفشا القتل فيهم فركب المهدي وسكّنها، وكف الدعاة عن طلب التشيع من العامة، وقتل جماعة من بني الأغلب برقادة لما رجعوا إليها بعد زيادة الله.
بقية أخبار المهدي بعد الشيعي
ولما استقام أمر المهدي بعد الشيعي، جعل ولاية عهده لابنه أبي القسم نزار، وولى على برقة وما إليها حباسة بن يوسف. وعلى المغرب أخاه عروبة، وأنزله باغاية فسار إلى تاهرت فاقتحمها، وولّى عليها دواس بن صولات اللهيص. ثم انتقضت عليه كتامة بقتله أبا عبد الله الشيعي، ونصبوا طفلاً لقبوه المهدي، وزعموا أنه نبيّ، وأن أبا عبد الله الشيعي لم يمت فجهز ابنهّ أبا القاسم لحربهم فقاتلهم وهزمهم، وقتل الطفل الذي نصبوه، وأثخن فيهم ورجع ثم انتقض أهل طرابلس سنة ثلاثمائة وأخرجوا عاملهم ماكنون فبعث إليهم ابنه أبا القاسم فحاصرها طويلاً، ثم فتحها وأثخن فيهم وأغرمهم ثلاثمائة ألف دينار. ثم أغزى ابنه أبا القاسم وجموعه كتامة سنة إحدى وثلاثمائة إلى الإسكندرية ومصر، وبعث أسطوله في البحر في مائتين من المراكب، وشحنها بالإمداد، وعقد عليها لحباسة بن يوسف، وسارت العساكر فملكوا برقة ثم الإسكندرية والفيوم.
وبعث المقتدر العساكر من بغداد مع سبكتكين ومؤنس الخادم فتواقعوا مّرات، وأجلاهم عن مصر فرجعوا إلى المغرب. ثم عاد حباسة في العساكر في البحر سنة اثنتين إلى الإسكندرية فملكها، وسار يريد مصر فجاء مؤنس الخادم من بغداد لمحاربته فتواقعوا مّرات، وكان الظهور آخراً لمؤنس، وقتل من أصحابه نحو من سبعة آلاف.
وانصرف إلى المغرب فقتله المهدي وانتقض لذلك أخوه عروبة بالمغرب، واجتمع إليه خلق كثير من كتامة والبربر. وسرح إليهم المهدي مولاه غالبا في العساكر فهزمهم، وقتل عروبة وبني عمه في أمم لا تحصى. ثم انتقض أهل صقلية وتقبضوا على عاملهم عليّ بن عمرو، وولوا عليهم أحمد بن قهرب فدعا للمقتدار العبّاسي، وذلك سنة أربع وثلاثمائة، وخلع طاعة المهديّ وجهز إليه الأسطول مع الحسن بن أبي خنزير فلقيه أسطول بن قهرب فغلبه، وقتل ابن أبي خنزير
ثم راجع أهل صقلية أمرهم وكاتبوا المهدي وثاروا بابن قهرب فخلعوه، وبعثوا به إلى المهدي فقتله على قبر ابن أبي خنزير، وولّى على صقلية علي بن موسى بن أحمد، وبعث معه عساكركتامة، ثم اعتزم المهدي على بناء مدينة على ساحل البحر يتخّذها معصماً لاهل بيته لما كان يتوقعه على الدولة من الخوارج. ويحكى عنه أنه قال: بنيتها لتعتصم بها الفواطم ساعة من نهار، وأراهم موقف صاحب الحمار بساحتها فخرج بنفسه يرتاد موضعاً لبنّائها، ومربتونس وقرطاجنة حتى وقف على مكانها جزيرة متصلة بالبر كصورة كف اتصلت بزند، فاختطّ المهدية بها، وجعلها دار ملكه، وأدار بها سوراً محكماً، وجعل لها أبواباً من الحديد وزن كل مصراع مائة قنطار، وابتدأ ببنائها آخر سنة ثلاث. ولما ارتفع السور رمى من فوقه بسهم إلى ناحية المغرب، ونظر إلى منتهاه وقال: إلى هذا الموضع يصل صاحب الحمار يعني أبا يزيد. ثم أمر أن يبحث في الجبل لإنشاء السفن تسعمائة سفين، وبحث في أرضها
أهراء للطعام ومصانع للماء، وبنى فيها القصور والدور فكملت سنة ست، ولما فرغ منها قال :اليوم أمنت على الفواطم.
ثم جهز إبنه أبا القاسم بالعساكر إلى مصر مرّة ثانية سنة سبع وثلاثمائة فملك الإسكندرية، ثم سار فملك الجيزة والاشمونين وكثيراً من الصعيد. وكتب إلى أهل مكة بطلب الطاعة فلم يجيبوا إليها، وبعث المقتدر مؤنساً الخادم في العساكر وكانت بينه وبين أبي القاسم عدة وقعات ظهر فيها مؤنس، وأصاب عسكر أبي القاسم الجهد من الغلاء والوباء فرجع إلى إفريقية، وكانت مراكبهم قد وصلت من المهدّية إلى الإسكندرية في ثمانين اسطولاً مدداً لأبي القاسم، وعليها سليمان الخادم ويعقوب الكتامي، وكانا شجاعين، وسار الأسطول من طرسوس للقائهم في خمسة وعشرين مركباً والتقوا على رشيد وظفرت مراكب طرسوس، واحرقوا وأسروا سليمان ويعقوب فمات سليمان في حبس مصر، وهرب يعقوب من حبس بغداد إلى إفريقية.
ثم اغزى المهدي سنة ثمان مضالة بن حبوس في رجالات مكناسة إلى بلاد المغرب، فأوقع بملك فاس من الأدارسة، وهو يحيى بن إدريس بن إدريس بن عمرو، واستنزله عن سلطانه إلى طاعة المهدي فأعطى بها صفقته، وعقد لموسى بن أبي العافية المكناسى من رجالات قومه على أعمال المغرب ورجع. ثم عاود غزو المغرب سنة تسع فدوخّه ومهد جوانبه، وأغراه قريبه عامل المغرب موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس صاحب فاس، فتقبّض عليه، وضم فاس إلى أعمال موسى، ومحا دعوة الإدريسيّة من المغرب، وأجهضهم عن أعماله فتحيزوا إلى بلاد الريف وغمارة واستجدّوا بها ولاية كما نذكره في أخبار غمارة
ومنهم كان بنو حمود العلويون المستولون على قرطبة عند انقراض ملك الأمويين في سنة ثلاث وأربعمائة، كما نذكر هنالك ثم صمد مضالة إلى بلاد سجلماسة فقتل أميرها من آل مدرار المكناسيين المنحرف عن طاعة الشيعة، وعقد لابنّ عمه كما نذكر في أخبارهم. وسار في أتباعه زناتة في نواحي المغرب فكانت بينه وبينهم حروب، هلك مضالة في بعضها على يد محمد بن خرز. واضطرب المغرب فبعث المهدي ابنه أبا القاسم غازيا إلى المغرب في عساكره كتامة وأولياء الشيعة سنة خمس عشرة وثلاثمائة ففرّ
محمد بن خزر، وأصحابه إلى الرمال
وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوّارة
وسائر الإباضيّة والصفريّة ونواحي تاهرت قاعدة المغرب الأوسط إلى ما وراءها ثم عاج إلى الريف فافتتح بلد لكور من ساحل المغرب الأوسط. ونازل صاحب جراوة من آل إدريس وهو الحسن بن أبي العيش، وضيّق عليه ودوخ أقطار المغرب، ورجع ولم يلق كيداً. ومر بمكان بلد المسيلة وبها بنو كملان من هوّارة، وكان يتوقع منهم الفتنة فنقلهم إلى فجّ القيروان، وقضى الله أن يكونوا أولياء لصاحب الحمار عند خروجه. ولما نقلهم أمر ببناء المسيلة في بلدهم وسمّاها المحمّديّة، ودفع علي بن حمدون الاندلسي من صنائع دولتهم إلى بنائها، وعقد له عليها وعلى الزاب بعد اختطاطها فبناها وحصّنها وشحنها بالأقوات ،فكانت مددا للمنصور في حصار صاحب الحمار كما يذكر
ثم انتقض موسى بن أبي العافية عامل فاس والمغرب، وخلع طاعة الشيعة، وانحرف إلى الأمويّة من وراء البحر، وبثّ دعوتهم في أقطار المغرب فنهض إليه أحمد ابن بصلين المكناسيّ قائد المهدي، وسار في العساكر فلقيه ميسور وهزمه، وأوقع به وبقومه بمكناسة، وأزعجه عن الغرب إلى الصحارى وأطراف البلاد، ودوّخ المغرب، وثقف أطرافه ورجع ظافراً.
وفاة عبيد الله المهدي وولاية ابنه أبي القاسم
ثم راجع أهل صقلية أمرهم وكاتبوا المهدي وثاروا بابن قهرب فخلعوه، وبعثوا به إلى المهدي فقتله على قبر ابن أبي خنزير، وولّى على صقلية علي بن موسى بن أحمد، وبعث معه عساكركتامة، ثم اعتزم المهدي على بناء مدينة على ساحل البحر يتخّذها معصماً لاهل بيته لما كان يتوقعه على الدولة من الخوارج. ويحكى عنه أنه قال: بنيتها لتعتصم بها الفواطم ساعة من نهار، وأراهم موقف صاحب الحمار بساحتها فخرج بنفسه يرتاد موضعاً لبنّائها، ومربتونس وقرطاجنة حتى وقف على مكانها جزيرة متصلة بالبر كصورة كف اتصلت بزند، فاختطّ المهدية بها، وجعلها دار ملكه، وأدار بها سوراً محكماً، وجعل لها أبواباً من الحديد وزن كل مصراع مائة قنطار، وابتدأ ببنائها آخر سنة ثلاث. ولما ارتفع السور رمى من فوقه بسهم إلى ناحية المغرب، ونظر إلى منتهاه وقال: إلى هذا الموضع يصل صاحب الحمار يعني أبا يزيد. ثم أمر أن يبحث في الجبل لإنشاء السفن تسعمائة سفين، وبحث في أرضها
أهراء للطعام ومصانع للماء، وبنى فيها القصور والدور فكملت سنة ست، ولما فرغ منها قال :اليوم أمنت على الفواطم.
ثم جهز إبنه أبا القاسم بالعساكر إلى مصر مرّة ثانية سنة سبع وثلاثمائة فملك الإسكندرية، ثم سار فملك الجيزة والاشمونين وكثيراً من الصعيد. وكتب إلى أهل مكة بطلب الطاعة فلم يجيبوا إليها، وبعث المقتدر مؤنساً الخادم في العساكر وكانت بينه وبين أبي القاسم عدة وقعات ظهر فيها مؤنس، وأصاب عسكر أبي القاسم الجهد من الغلاء والوباء فرجع إلى إفريقية، وكانت مراكبهم قد وصلت من المهدّية إلى الإسكندرية في ثمانين اسطولاً مدداً لأبي القاسم، وعليها سليمان الخادم ويعقوب الكتامي، وكانا شجاعين، وسار الأسطول من طرسوس للقائهم في خمسة وعشرين مركباً والتقوا على رشيد وظفرت مراكب طرسوس، واحرقوا وأسروا سليمان ويعقوب فمات سليمان في حبس مصر، وهرب يعقوب من حبس بغداد إلى إفريقية.
ثم اغزى المهدي سنة ثمان مضالة بن حبوس في رجالات مكناسة إلى بلاد المغرب، فأوقع بملك فاس من الأدارسة، وهو يحيى بن إدريس بن إدريس بن عمرو، واستنزله عن سلطانه إلى طاعة المهدي فأعطى بها صفقته، وعقد لموسى بن أبي العافية المكناسى من رجالات قومه على أعمال المغرب ورجع. ثم عاود غزو المغرب سنة تسع فدوخّه ومهد جوانبه، وأغراه قريبه عامل المغرب موسى بن أبي العافية بيحيى بن إدريس صاحب فاس، فتقبّض عليه، وضم فاس إلى أعمال موسى، ومحا دعوة الإدريسيّة من المغرب، وأجهضهم عن أعماله فتحيزوا إلى بلاد الريف وغمارة واستجدّوا بها ولاية كما نذكره في أخبار غمارة
ومنهم كان بنو حمود العلويون المستولون على قرطبة عند انقراض ملك الأمويين في سنة ثلاث وأربعمائة، كما نذكر هنالك ثم صمد مضالة إلى بلاد سجلماسة فقتل أميرها من آل مدرار المكناسيين المنحرف عن طاعة الشيعة، وعقد لابنّ عمه كما نذكر في أخبارهم. وسار في أتباعه زناتة في نواحي المغرب فكانت بينه وبينهم حروب، هلك مضالة في بعضها على يد محمد بن خرز. واضطرب المغرب فبعث المهدي ابنه أبا القاسم غازيا إلى المغرب في عساكره كتامة وأولياء الشيعة سنة خمس عشرة وثلاثمائة ففرّ
محمد بن خزر، وأصحابه إلى الرمال
وفتح أبو القاسم بلد مزاتة ومطماطة وهوّارة
وسائر الإباضيّة والصفريّة ونواحي تاهرت قاعدة المغرب الأوسط إلى ما وراءها ثم عاج إلى الريف فافتتح بلد لكور من ساحل المغرب الأوسط. ونازل صاحب جراوة من آل إدريس وهو الحسن بن أبي العيش، وضيّق عليه ودوخ أقطار المغرب، ورجع ولم يلق كيداً. ومر بمكان بلد المسيلة وبها بنو كملان من هوّارة، وكان يتوقع منهم الفتنة فنقلهم إلى فجّ القيروان، وقضى الله أن يكونوا أولياء لصاحب الحمار عند خروجه. ولما نقلهم أمر ببناء المسيلة في بلدهم وسمّاها المحمّديّة، ودفع علي بن حمدون الاندلسي من صنائع دولتهم إلى بنائها، وعقد له عليها وعلى الزاب بعد اختطاطها فبناها وحصّنها وشحنها بالأقوات ،فكانت مددا للمنصور في حصار صاحب الحمار كما يذكر
ثم انتقض موسى بن أبي العافية عامل فاس والمغرب، وخلع طاعة الشيعة، وانحرف إلى الأمويّة من وراء البحر، وبثّ دعوتهم في أقطار المغرب فنهض إليه أحمد ابن بصلين المكناسيّ قائد المهدي، وسار في العساكر فلقيه ميسور وهزمه، وأوقع به وبقومه بمكناسة، وأزعجه عن الغرب إلى الصحارى وأطراف البلاد، ودوّخ المغرب، وثقف أطرافه ورجع ظافراً.
وفاة عبيد الله المهدي وولاية ابنه أبي القاسم
ثم توفي عبيد الله في ربيع سنة اثنتين وعشرين، لاربع وعشرين سنة من خلافته، وولّي ابنه أبو القاسم محمد، ويقال نزار بعده، ولقب القائم بأمر الله فعظم حزنه على أبيه حتى يقال أنه لم يركب سائر أيامه إلاًمرتين، وكثر عليه الثوّار. وثار بجهات طرابلس ابن طالوت القرشي، وزعم أنه ابن المهدي، وحاصر طرابلس. ثم ظهر للبربر كذبه فقتلوه. ثم أغزى المغرب وملكه، وولّى على فاس أحمد بن بكر بن أبي سهل الجذابي، وحاصرا الأدارسة ملوك الريف وغوارة فنهض ميسور الخصيّ من القيروان في العساكر، ودخل المغرب، وحاصر فاس، واستنزل عاملها أحمد بن بكر. ثم نهض في اتباع موسى فكانت بينهما حروب، وأخذ الثوري بن موسى في بعضها أسيراً، وأجلاه ميسور عن المغرب، وظاهره عليه الأدارسة الذين بالريف، وانقلب ميسورا إلى القيروان سنة أربع وعشرين، وعقد للقاسم بن محمد كبير أدارسة الريف من ولد محمد بن إدريس على أعمال بن أبي العافية، وما يفتحه من البلاد فملك المغرب كلها ما عدا فاس، واقام دعوة الشيعة بسائر أعماله. ثم جهّز أبو القاسم اسطولًا ضخماً لغزو ساحل الإفرنجة، وعقد عليه ليقرب بن إسحاق فأثخن في بلاد الإفرنجة، وسبى ونازل بلد جنوة وافتتحها، وعظم صنع الله في شأنها، ومروا بسردانية من جزر الفرنج فأثخنوا فيها. ثم مروا بقرقيسا من سواحل الشام فاحرقوا مراكبها. ثم بعث عسكراً إلى مصر مع خادمه زيران فملكوا الإسكندرية، وجاءت عساكر الأخشيد من مصر فأزعجوهم عنها ورجعوا إلى المغرب. أخبار أبي يزيد الخارجي:
وهو أبو يزيد مخلد بن كيراد، وكان أبوه كيراد من أهل قسطيلة من مدائن بلد توزر، وكان يختلف إلى بلاد السودان بالتجارة وبها ولد ولده أبو يزيد ونشأ بتوزر. وتعلم القرآن وخالط النكاريّة من الخوارج، وهم الصفريّة فمال إلى مذهبهم، واخذ به ثم سافر إلى تاهرت، وأقام بها يعلّم الصبيان. ولما صار الشيعي إلى سجلماسة في طلب المهدي انتقل هو إلى تقيوس، واقام يعلم. فيها. وكان يذهب إلى تكبير أهل ملّته، واستباحة الاموال والدماء والخروج على السلطان. ثم اخذ نفسة بالحسبة على الناس، وتغيير المنكر بسنة ست عشرة وثلاثمائة فكثر أتباعه. ولمّا مات المهدي خرج بناحية جبل أوراس، وركب الحمار، وتلقّب بشيخ المؤمنين، ودعا للناصر صاحب الأندلس من بني أمّية فاتبعه أمم من البربر. وزحف إليه عامل باغاية فلقيه في جموع البربر وهزمه، وزحف إلى باغاية فحاصرها ثم انهزم عنها، وكتب إلى بني واسى من قبائل زناتة بضواحي قسنطينة يأمرهم بحصارها فحاصروها سنة ثلاث وثلاثين. ثم فتح تبسة صلحاً، ومجانة كذلك، وأهدى له رجل من أهل مرماجنة حمارا اشهبّ فكان يركبه وبه لقب. وكان يلبس جبة صوف قصيرة ضيّقة الكميّن
وكان عسكر الكتاميين على الأريس فانفضوا، وملكها أبو يزيد واحرقها ونهبها، وتتل في الجامع من لجأ إليه، وبعث عسكراً إلى سبيبة ففتحها وقتل عاملها. وبلغ الخبر إلى القاسم فقال لا بدّ أن
يبلغ المصلى من المهدية. ثم جهز العساكر وبعثها إلى رقادة والقيروان، وبعث خادمه ميسوراً الخصيّ لحربه0 وبعث عسكرا مع خادمه بشرى إلى باجة فنهض إليه أبو يزيد وهزمه إلى تونس، ودخل أبو يزيد باجة فنهبها وأحرقها، وقتل الأطفال وسبى النساء، واجتمع إليه قبائل البربر، واتخذ الأبنية والبيوت وآلات الحرب، وبعث إليه بشرى عسكراً من تونس. وبعث أبو يزيد للقائهم عسكراً آخر فانهزم أصحاب أبي يزيد وظفر أصحاب بشرى.
ثم ثار أهل تونس ببشرى فهرب فاستأمنوا لأبي يزيد فأمنّهم وولّى عليهم، وسار إلى القيروان، وبعث القائم خديمه بشرى للقائه وأمره أن يبعث من يتجسس عن أخباره فبعث طائفة، وبعث أبو يزيد طائفة أخرى فانهزم عسكر أبي يزيد، وقتل منهم أربعة آلاف، وجيء بأسراهم إلى المهديّة فقتلوا فسار أبو يزيد إلى قتال الكتاميّين فهزم طلائعهم، واتبعهم إلى القيروان، ونزل على رقادة في مائتي ألف مقاتل، وعاملها يومئذ خليل بن إسحاق، وهو ينتظر وصول ميسور بالعساكر، ثم ضايقه أبو يزيد وأغراه الناس بالخروج فخرج، وهزمه أبو يزيد فمضى إلى القيروان. ودخل أبو يزيد رقادة فعاث فيها وبعث أيوب الزويلي في عسكر إلى القيروان فملكها في صفر سنة ثلاث وثلاثين، ونهبها وأمن خليلاً فقتله أبو يزيد، وخرج إليه شيوخ أهل القيروان فأمنهم ورفع النهب عنهم وزحف ميسور إلى أبي يزيد، وكان معه أبو كملان فكاتبوا أبا يزيد، وداخلوه في الغدر بميسور، وكتب إليه القائم بذلك فحذّرهم فطردهم عنه. ولحقوا بأبي يزيد، وسار معه إلى ميسور فانهزم ميسور، وقتله بنو كملان وجاؤوا برأسه فاطافه بالقيروان، وبعث بالبشرى إلى البلاد.
وبلغت هزيمة ميسور إلى القائم بالمهدية فاستعد للحصار، وأمر بحفر الخنادق، وأقام أبو يزيد سبعين عاماً في مخيم ميسور، وبث السرايا في كل ناحية يغنمون ويعودون، وارسل سرية إلى سوسة ففتحوها عنوة واستباحوها، وخّرب عمران افريقية من سائر الضواحي، ولحق فلهم بالقيروان حفاة عراة. ومات أكثرهم جوعاً وعطشاً.
وهو أبو يزيد مخلد بن كيراد، وكان أبوه كيراد من أهل قسطيلة من مدائن بلد توزر، وكان يختلف إلى بلاد السودان بالتجارة وبها ولد ولده أبو يزيد ونشأ بتوزر. وتعلم القرآن وخالط النكاريّة من الخوارج، وهم الصفريّة فمال إلى مذهبهم، واخذ به ثم سافر إلى تاهرت، وأقام بها يعلّم الصبيان. ولما صار الشيعي إلى سجلماسة في طلب المهدي انتقل هو إلى تقيوس، واقام يعلم. فيها. وكان يذهب إلى تكبير أهل ملّته، واستباحة الاموال والدماء والخروج على السلطان. ثم اخذ نفسة بالحسبة على الناس، وتغيير المنكر بسنة ست عشرة وثلاثمائة فكثر أتباعه. ولمّا مات المهدي خرج بناحية جبل أوراس، وركب الحمار، وتلقّب بشيخ المؤمنين، ودعا للناصر صاحب الأندلس من بني أمّية فاتبعه أمم من البربر. وزحف إليه عامل باغاية فلقيه في جموع البربر وهزمه، وزحف إلى باغاية فحاصرها ثم انهزم عنها، وكتب إلى بني واسى من قبائل زناتة بضواحي قسنطينة يأمرهم بحصارها فحاصروها سنة ثلاث وثلاثين. ثم فتح تبسة صلحاً، ومجانة كذلك، وأهدى له رجل من أهل مرماجنة حمارا اشهبّ فكان يركبه وبه لقب. وكان يلبس جبة صوف قصيرة ضيّقة الكميّن
وكان عسكر الكتاميين على الأريس فانفضوا، وملكها أبو يزيد واحرقها ونهبها، وتتل في الجامع من لجأ إليه، وبعث عسكراً إلى سبيبة ففتحها وقتل عاملها. وبلغ الخبر إلى القاسم فقال لا بدّ أن
يبلغ المصلى من المهدية. ثم جهز العساكر وبعثها إلى رقادة والقيروان، وبعث خادمه ميسوراً الخصيّ لحربه0 وبعث عسكرا مع خادمه بشرى إلى باجة فنهض إليه أبو يزيد وهزمه إلى تونس، ودخل أبو يزيد باجة فنهبها وأحرقها، وقتل الأطفال وسبى النساء، واجتمع إليه قبائل البربر، واتخذ الأبنية والبيوت وآلات الحرب، وبعث إليه بشرى عسكراً من تونس. وبعث أبو يزيد للقائهم عسكراً آخر فانهزم أصحاب أبي يزيد وظفر أصحاب بشرى.
ثم ثار أهل تونس ببشرى فهرب فاستأمنوا لأبي يزيد فأمنّهم وولّى عليهم، وسار إلى القيروان، وبعث القائم خديمه بشرى للقائه وأمره أن يبعث من يتجسس عن أخباره فبعث طائفة، وبعث أبو يزيد طائفة أخرى فانهزم عسكر أبي يزيد، وقتل منهم أربعة آلاف، وجيء بأسراهم إلى المهديّة فقتلوا فسار أبو يزيد إلى قتال الكتاميّين فهزم طلائعهم، واتبعهم إلى القيروان، ونزل على رقادة في مائتي ألف مقاتل، وعاملها يومئذ خليل بن إسحاق، وهو ينتظر وصول ميسور بالعساكر، ثم ضايقه أبو يزيد وأغراه الناس بالخروج فخرج، وهزمه أبو يزيد فمضى إلى القيروان. ودخل أبو يزيد رقادة فعاث فيها وبعث أيوب الزويلي في عسكر إلى القيروان فملكها في صفر سنة ثلاث وثلاثين، ونهبها وأمن خليلاً فقتله أبو يزيد، وخرج إليه شيوخ أهل القيروان فأمنهم ورفع النهب عنهم وزحف ميسور إلى أبي يزيد، وكان معه أبو كملان فكاتبوا أبا يزيد، وداخلوه في الغدر بميسور، وكتب إليه القائم بذلك فحذّرهم فطردهم عنه. ولحقوا بأبي يزيد، وسار معه إلى ميسور فانهزم ميسور، وقتله بنو كملان وجاؤوا برأسه فاطافه بالقيروان، وبعث بالبشرى إلى البلاد.
وبلغت هزيمة ميسور إلى القائم بالمهدية فاستعد للحصار، وأمر بحفر الخنادق، وأقام أبو يزيد سبعين عاماً في مخيم ميسور، وبث السرايا في كل ناحية يغنمون ويعودون، وارسل سرية إلى سوسة ففتحوها عنوة واستباحوها، وخّرب عمران افريقية من سائر الضواحي، ولحق فلهم بالقيروان حفاة عراة. ومات أكثرهم جوعاً وعطشاً.
ثم بعث القائم إلى رؤساء كتامة والقبائل، وإلى زيري بن مناد ملك صنهاجة بالمسير إلى المهدية فتأهّبوا لذلك، وسمع أبو يزيد بخبرهم فنزل على خمسة فراسخ من المهدية، وبثّ السرايا في جهاتها، وسمع كتامة بافتراق عسكره في الغارة فخرجوا لبياته آخر جمادى الاول. وكان ابنه فضل قد جاء بالمدد من القيروان فبعثه للقاء كتامة، وركب في أثرهم، ولقي أصحابه منهزمين. ولما رآه الكتاميون انهزموا بغير قتال
وأتبعهم أبو يزيد إلى باب المهدية ورجع. ثم جاء أيام لقتالهم فوقف على الخندق المحدث، وعليه جماعة من العبيد فقاتلهم ساعة، وهزمهم وجاوز السور إلى البحر، ووصل المصلى على رمية سهم من البلد، والبربر يقاتلون من الجانب الاخر. ثم حمل الكتاميون عليهم فهزموهم، وبلغ ذلك أبا يزيد، وسمع بوصول زيري بن مناد فاعتزم ان يمر بباب المهدية، ويأتي زيري وكتامة من ورائهم فقاتلوا أهل الأرباض، ومالوا عليه لما عرفوه ليقتلوه، وتخلّص بعد الجهد، ووصل إلى منزله فوجدهم يقاتلون العبيد كما تركهم فقوي أصحابه وانهزم العبيد.
ثم رحل وتأخّر قليلا وحفر على معسكره خندقاً، واجتمع عليه خلق عظيم من البربر ونفوسة والزاب واقاصي المغرب، وضيق على أهل المرية، ثم زحف إليها آخرّ جمادى فقاتلها وتورط في قتالها يومه ذلك. ثم خلص، وكتب إلي عامل القيروان أن يبعث إليه مقاتلتها فجاؤوا، وزحف بهم آخر رجب فانهزم، وقتل من أصحابه. ثم زحف الزحف الرابع آخر شوال ولم يظفرّ، ورجع إلى معسكره، واشتد الحصار على أهل المهدية حتى أكلوا الميتات والدواب وافترق اهلها في النواحي، ولم يبق بها إلا الجند. وفتح القائم أهراء الزرع التي أعدهّا المهدي وفرقها فيهم. ثم اجتمعت كتامة وعسكروا بقسنطينة فبعث إليهم أبو يزيد بعثاً من ورجومة وغيرهم فهزموا كتامة ووافت أبا يزيد حشود البربر من كل ناحية واحاط بسوسة وضيّق عليها.
ثم انتقض البربر عليه بما كان منه من المجاهرة بالمحرّمات والمنافسة بينهم فانفضوا عنه، ورجع إلى القيروان سنة أربع وثلاثين. وغنم أهل المهديّة معسكره، وكثر عبث البربر في امصار إفريقية وضواحيها، وثار أهل القيروان بهم، وراجعوا طاعة القائم. وجاء علي بن حمدون من المسيلة بالعساكر فبيته أيوب بن أبي يزيد وهزمه، وسار إلى نونس وجاءت عساكر القائم فواقعوه مرّات، وانهزم إلى القيروان في ربيع سنة أربع وثلاثين. فبعث ايوب ثانية لقتال عليّ بن حمدون ببلطة. وكانت حروبه معه سجالاً إلى ان اقتحم عليه البلد بمداخلة بعض أهلها. ولحق ابن حمدون ببلاد كتامة، واجتمعت قبائل كتامة ونفزة ومزاتة وعسكروا بقسطنطينة. وبعث ابن حمدون العساكر إلى هوارة فأوقعوا بهم، وجاءهم مدد أبي يزيد فلم يغن عنهم. وملك ابن حمدون مدينة يتجست وباغاية
ثم زحف أبو يزيد
إلى سوسة في جمادى الاخر من سنته وبها عسكر القائم، وتوفي القائم وهو بمكانه من حصارها
وفاة القائم وولاية ابنه المنصور:
ثم توفي القائم أبو القاسم محمد بن عبيد الله المهدي صاحب أفريقية، بعد أن عهد إلى ولده إسمعيل بعده، وتلقّب بالمنصور، وكتم موت أبيه حذراً أن يطلع عليه أبو يزيد وهو بمكانه من حصار سوسة، فلم يسمّ بالخليفة، ولا غّير السكة ولا الخطبة ولا البنود إلى أن فرغ من أمر أبي يزيد كما يذكر
بقية أخبار أبي يزيد ومقتله
ولمّا مات القائم كان أبو يزيد محاصراً لسوسة كما تقدّم، وقد جهد أهلها الحصار، فلمّا وليّ إسمعيل المنصور، وكان أول عمله أن بعث الأساطيل من المهديّة إلى سوسة مشحونة بالمدد من المقاتلة والأمتعة والميرة مع رشيق الكاتب، ويعقوب بن إسحق، وخرج بنفسه في أثرهم وأشار أصحابه بالرجوع فرجع ووصل الاسطول إلى سوسة، وخرجوا لقتال أبي يزيد، وعساكر سوسة معهم فانهزم أبو يزيد، واستُبيح معسكره نهبا وإحراقاً، ولحق بالقيروان فمنعه أهلها من الدخول، وثاروا بعامله فخرج إليه، ورحل إلى سبيبة وذلك أواخر شّوال سنة أربع. وجاء المنصور إلى القيروان وأمّن أهلها، وأبقى على حرم أبي يزيد وأولاده، وأجرى عليهم الرزق، وخرجت سرية من عسكر المنصور لاستكشاف خبر أبي يزيد. وجاءت أخرى من عسكر أبي يزيد لمثل ذلك، فالتقوا وانهزمت سرية المنصور، فقوي أبو يزيد بذلك، وكثر جمعه، وعاد فقاتل القيروان وخندق المنصور على عساكره، وقاتلهم أبو يزيد فكان الظفر أول يوم للمنصور ثم قاتلهم ثانياً فانهزموا وثبت المنصور وراجع أصحابه من طريق المهديّة وسوسة.ولما رأى أبو يزيد امتناعهم عليه رحل آواخر ذي القعدة، ثم رجع فقاتلهم، وكانت الحرب سجالا، وبعث السرايا إلى طريق المهديّة وسوسة نكاية فيهم، وبعث إلى المنصور في حرمه وأولاده فبعثهم إليه بعد أن وصلهم
وأتبعهم أبو يزيد إلى باب المهدية ورجع. ثم جاء أيام لقتالهم فوقف على الخندق المحدث، وعليه جماعة من العبيد فقاتلهم ساعة، وهزمهم وجاوز السور إلى البحر، ووصل المصلى على رمية سهم من البلد، والبربر يقاتلون من الجانب الاخر. ثم حمل الكتاميون عليهم فهزموهم، وبلغ ذلك أبا يزيد، وسمع بوصول زيري بن مناد فاعتزم ان يمر بباب المهدية، ويأتي زيري وكتامة من ورائهم فقاتلوا أهل الأرباض، ومالوا عليه لما عرفوه ليقتلوه، وتخلّص بعد الجهد، ووصل إلى منزله فوجدهم يقاتلون العبيد كما تركهم فقوي أصحابه وانهزم العبيد.
ثم رحل وتأخّر قليلا وحفر على معسكره خندقاً، واجتمع عليه خلق عظيم من البربر ونفوسة والزاب واقاصي المغرب، وضيق على أهل المرية، ثم زحف إليها آخرّ جمادى فقاتلها وتورط في قتالها يومه ذلك. ثم خلص، وكتب إلي عامل القيروان أن يبعث إليه مقاتلتها فجاؤوا، وزحف بهم آخر رجب فانهزم، وقتل من أصحابه. ثم زحف الزحف الرابع آخر شوال ولم يظفرّ، ورجع إلى معسكره، واشتد الحصار على أهل المهدية حتى أكلوا الميتات والدواب وافترق اهلها في النواحي، ولم يبق بها إلا الجند. وفتح القائم أهراء الزرع التي أعدهّا المهدي وفرقها فيهم. ثم اجتمعت كتامة وعسكروا بقسنطينة فبعث إليهم أبو يزيد بعثاً من ورجومة وغيرهم فهزموا كتامة ووافت أبا يزيد حشود البربر من كل ناحية واحاط بسوسة وضيّق عليها.
ثم انتقض البربر عليه بما كان منه من المجاهرة بالمحرّمات والمنافسة بينهم فانفضوا عنه، ورجع إلى القيروان سنة أربع وثلاثين. وغنم أهل المهديّة معسكره، وكثر عبث البربر في امصار إفريقية وضواحيها، وثار أهل القيروان بهم، وراجعوا طاعة القائم. وجاء علي بن حمدون من المسيلة بالعساكر فبيته أيوب بن أبي يزيد وهزمه، وسار إلى نونس وجاءت عساكر القائم فواقعوه مرّات، وانهزم إلى القيروان في ربيع سنة أربع وثلاثين. فبعث ايوب ثانية لقتال عليّ بن حمدون ببلطة. وكانت حروبه معه سجالاً إلى ان اقتحم عليه البلد بمداخلة بعض أهلها. ولحق ابن حمدون ببلاد كتامة، واجتمعت قبائل كتامة ونفزة ومزاتة وعسكروا بقسطنطينة. وبعث ابن حمدون العساكر إلى هوارة فأوقعوا بهم، وجاءهم مدد أبي يزيد فلم يغن عنهم. وملك ابن حمدون مدينة يتجست وباغاية
ثم زحف أبو يزيد
إلى سوسة في جمادى الاخر من سنته وبها عسكر القائم، وتوفي القائم وهو بمكانه من حصارها
وفاة القائم وولاية ابنه المنصور:
ثم توفي القائم أبو القاسم محمد بن عبيد الله المهدي صاحب أفريقية، بعد أن عهد إلى ولده إسمعيل بعده، وتلقّب بالمنصور، وكتم موت أبيه حذراً أن يطلع عليه أبو يزيد وهو بمكانه من حصار سوسة، فلم يسمّ بالخليفة، ولا غّير السكة ولا الخطبة ولا البنود إلى أن فرغ من أمر أبي يزيد كما يذكر
بقية أخبار أبي يزيد ومقتله
ولمّا مات القائم كان أبو يزيد محاصراً لسوسة كما تقدّم، وقد جهد أهلها الحصار، فلمّا وليّ إسمعيل المنصور، وكان أول عمله أن بعث الأساطيل من المهديّة إلى سوسة مشحونة بالمدد من المقاتلة والأمتعة والميرة مع رشيق الكاتب، ويعقوب بن إسحق، وخرج بنفسه في أثرهم وأشار أصحابه بالرجوع فرجع ووصل الاسطول إلى سوسة، وخرجوا لقتال أبي يزيد، وعساكر سوسة معهم فانهزم أبو يزيد، واستُبيح معسكره نهبا وإحراقاً، ولحق بالقيروان فمنعه أهلها من الدخول، وثاروا بعامله فخرج إليه، ورحل إلى سبيبة وذلك أواخر شّوال سنة أربع. وجاء المنصور إلى القيروان وأمّن أهلها، وأبقى على حرم أبي يزيد وأولاده، وأجرى عليهم الرزق، وخرجت سرية من عسكر المنصور لاستكشاف خبر أبي يزيد. وجاءت أخرى من عسكر أبي يزيد لمثل ذلك، فالتقوا وانهزمت سرية المنصور، فقوي أبو يزيد بذلك، وكثر جمعه، وعاد فقاتل القيروان وخندق المنصور على عساكره، وقاتلهم أبو يزيد فكان الظفر أول يوم للمنصور ثم قاتلهم ثانياً فانهزموا وثبت المنصور وراجع أصحابه من طريق المهديّة وسوسة.ولما رأى أبو يزيد امتناعهم عليه رحل آواخر ذي القعدة، ثم رجع فقاتلهم، وكانت الحرب سجالا، وبعث السرايا إلى طريق المهديّة وسوسة نكاية فيهم، وبعث إلى المنصور في حرمه وأولاده فبعثهم إليه بعد أن وصلهم
مديرية زبيد
( أ ) مدينة زبيــد :
التسمية : زبيد سميت باسم الوادي زبيد لأنها في منتصفه ، والوادي زبيد سمي باسم زبيد مشتق من قبيلة زُبيد بالضم ورأسه وادٍ بأرض السحول يسمى الزبيدي .
وأن ما يطلق عليه زبيد هو ما كان يسمى بمنطقة الحُصَيْبْ ، والحُصَيْبْ هو اسم لأرض زبيد بتهامة الغربية تقع في منتصف الوادي زبيد ، والحُصَيْبْ بالتصغير نسبة إلى " الحُصَيْبْ عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن يقطن بن غريب بن زهير بن ايمن بن الهميسع بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان " أحد أقيال اليمن ، وسميت أرض الحُصَيْبْ باسم الوادي زبيد فغلب عليها اسم الوادي وأصبحت تدعى زبيد نسبة إلى الوادي زبيد . ذلك ما استنتجه الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " .
أمَّا " ابن المجاور " فقد أورد في كتابه " تاريخ المستبصر " ص 69 ، ص 70 ما لفظه : }} حدثني " أحمد بن سعيد بن عمرو بن عويل " قال حدثني شيخ كبير قد ناطح عمره المائة قال حدثني أبي عن جدي قال : إنَّي كَنتُ أرعى عند مسجد الأشاعر وبها حينئذ عُقدة شجر وغدير ماء . ويقال لمَّا تعَّدى " ابن زياد " مكة صار كل منزل ينزله يأخذ تراب أرضه يشمَّه ويبني في ذلك المنزل قرية ، ولا زال على حاله إلى أن قدم أرض الحُصَيْبْ فأخذ من أرضه كفَّ تراب فشمَّه وقال لأهل الدولة : أقيموا بنا هاهنا ! قالوا : ولِمَ ؟ قال : لأن هذه الأرض أرض نزه زَبدهُ هذه البلاد . قالوا : وبِمَ صحّ عندك ذلك ؟ قال : لأنَّها طيبة بين واديين يعني وادي زبيد ووادي رمع . فلمَّا سكن المكان بناه مديَّنة سماها زبيد ، وما اشتُقَّ زبيد إلا أنَّها الزُبدة على ما جرى في اليوم الأول { .
وقال " ابن المجاور " ما لفظه : } حدثني " أحمد بن علّي بن عبدالله الجماعي الواسطيَّ " قال : ملك اليمن ملك من التبابعة يُسمى الزبا فسأل رجل أخر فقال : ما فعل الله بزبا ؟ فقال : بيد أي هلك فسمّى البلد زَب بِيد .
وقال آخرون : إنما سُمّيت زَبيدُ زبيد لأنّ لها وادّيا يُسَّمى زبيد فسُمّيت البلد باسم الوادي .
وقال أخر : بل كانت الإبل ترعى في العُقدة وفي جمع الإبل ناقة تسمى زبيد عضّت الناقة في العقدة فعُرف الموضع باسم الناقة .
وقال آخرون : بل كانت امرأة تسكن رأس وادي زَبيد تسمَّى زبيدة . وقال ابن المجاور : ما أضنَّها إلا " زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور " فإنَّ " محمد المنصور بن زياد " بنى لها داراً ما بين وادي زبيد ورِمَع وهي التي سَعَتْ في بناء المكان في دولة أمير المؤمنيين الأمين {{ انتهى ما أورده " ابن المجاور" .
الموقع : تقع مدينة زبيد على مرتفع متوسط بين واديين هما وادي زبيد من الجنوب ووادي رمع من الشمال ، جنوب مدينة الحديدة على بعد حوالي ( 100 كيلومتر ) ، على طريق الحديدة تعز في منتصف المسافة ما بين الجبل والبحر .
النشأة : أورد الأستاذ المرحوم " الحضرمي " في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " تقرير البعثة الأثرية الكندية ـ التي عملت في مدينة زبيد والمنطقة المحيطة بها برئاسة الدكتور " أدوارد كيل " خلال الفترة ( 82 - 1984 ميلادية ) ـ وقد عثرت البعثة على وجود أدلة تؤيد ما ذهب إليه المؤرخون مثل " ابن الديبع " عن مدينة زبيد بأنها كانت في الأصل عبارة عن عدد من القرى السكنية لقبيلة الأشاعرة ، وقد ساعد وجود الوادي زبيد على وفرة المياه التي تعتبر من العوامل اللازمة لأي مجتمع سكاني قبل أن يقوم " ابن زياد " بتخطيط المدينة ذاتها بالقرب من جامع الأشاعرة في عام (( 204 هجرية ) - ( 819 ميلادية )) ، كما أن البعثة الكندية عثرت على مواقع أثرية متناثرة في أرجاء المدينة أهمها الموقع الأثري في الجهة الشمالية للمدينة يعرف بمنطقة القصر فيه بعض القطع الفخارية السوداء يعود تاريخها إلى ما قبل (القرن الثالث الهجري) أي قبل وصول " ابن زياد " وبعضها إلى العصر الحميري والبعض الأخر إلى العصر الحجري .
كانت مدينة زبيد في العصور التاريخية القديمة عبارة عن عقدة طرفاً وأراك وحول العقدة قصوراً وقرى سكنية متناثرة في أرض الحُصَيْبْ لقبيلة الأشاعرة قُبل وبعد الإسلام إلى أن أصبحت قاعدة مُلك الدويلات الإسلامية المتعاقبة لفترة دامت حوالي ( 841 سنة ) مُنذ اختطاطها بأمر الخليفة العباسي " المأمون بن هارون الرشيد " يوم الاثنين الرابع من شهر شعبان سنة (( 204 هجرية ) - ( 819 ميلادية )) على يد الأمير " محمد بن عبدالله بن زياد " مؤسس الدولة الزيادية حتى عصر الدولة القاسمية وتحديداً عام ( 1045 هجرية ) في عهد الأمام المؤيد " محمد بن القاسم " ابن مؤسس الدولة القاسمية الأمام المنصور " القاسم بن محمد " مروراً بالدويلات الإسلامية المتعاقبة حسب تتابعها وهي : (( الدولة النجاحية ، والدولة الصليحية ، والدولة المهدية ، والدولة الأيوبية ، والدولة الرسولية ، والدولة الطاهرية ، والعثمانيين ـ الفترة الأولى لحكم اليمن ـ )) ، وعلى مدى تاريخها الطويل كانت شاهداً حضارياً متميزاً جابت شهرتها الأفاق
( أ ) مدينة زبيــد :
التسمية : زبيد سميت باسم الوادي زبيد لأنها في منتصفه ، والوادي زبيد سمي باسم زبيد مشتق من قبيلة زُبيد بالضم ورأسه وادٍ بأرض السحول يسمى الزبيدي .
وأن ما يطلق عليه زبيد هو ما كان يسمى بمنطقة الحُصَيْبْ ، والحُصَيْبْ هو اسم لأرض زبيد بتهامة الغربية تقع في منتصف الوادي زبيد ، والحُصَيْبْ بالتصغير نسبة إلى " الحُصَيْبْ عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن يقطن بن غريب بن زهير بن ايمن بن الهميسع بن سبأ بن يشحب بن يعرب بن قحطان " أحد أقيال اليمن ، وسميت أرض الحُصَيْبْ باسم الوادي زبيد فغلب عليها اسم الوادي وأصبحت تدعى زبيد نسبة إلى الوادي زبيد . ذلك ما استنتجه الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " .
أمَّا " ابن المجاور " فقد أورد في كتابه " تاريخ المستبصر " ص 69 ، ص 70 ما لفظه : }} حدثني " أحمد بن سعيد بن عمرو بن عويل " قال حدثني شيخ كبير قد ناطح عمره المائة قال حدثني أبي عن جدي قال : إنَّي كَنتُ أرعى عند مسجد الأشاعر وبها حينئذ عُقدة شجر وغدير ماء . ويقال لمَّا تعَّدى " ابن زياد " مكة صار كل منزل ينزله يأخذ تراب أرضه يشمَّه ويبني في ذلك المنزل قرية ، ولا زال على حاله إلى أن قدم أرض الحُصَيْبْ فأخذ من أرضه كفَّ تراب فشمَّه وقال لأهل الدولة : أقيموا بنا هاهنا ! قالوا : ولِمَ ؟ قال : لأن هذه الأرض أرض نزه زَبدهُ هذه البلاد . قالوا : وبِمَ صحّ عندك ذلك ؟ قال : لأنَّها طيبة بين واديين يعني وادي زبيد ووادي رمع . فلمَّا سكن المكان بناه مديَّنة سماها زبيد ، وما اشتُقَّ زبيد إلا أنَّها الزُبدة على ما جرى في اليوم الأول { .
وقال " ابن المجاور " ما لفظه : } حدثني " أحمد بن علّي بن عبدالله الجماعي الواسطيَّ " قال : ملك اليمن ملك من التبابعة يُسمى الزبا فسأل رجل أخر فقال : ما فعل الله بزبا ؟ فقال : بيد أي هلك فسمّى البلد زَب بِيد .
وقال آخرون : إنما سُمّيت زَبيدُ زبيد لأنّ لها وادّيا يُسَّمى زبيد فسُمّيت البلد باسم الوادي .
وقال أخر : بل كانت الإبل ترعى في العُقدة وفي جمع الإبل ناقة تسمى زبيد عضّت الناقة في العقدة فعُرف الموضع باسم الناقة .
وقال آخرون : بل كانت امرأة تسكن رأس وادي زَبيد تسمَّى زبيدة . وقال ابن المجاور : ما أضنَّها إلا " زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور " فإنَّ " محمد المنصور بن زياد " بنى لها داراً ما بين وادي زبيد ورِمَع وهي التي سَعَتْ في بناء المكان في دولة أمير المؤمنيين الأمين {{ انتهى ما أورده " ابن المجاور" .
الموقع : تقع مدينة زبيد على مرتفع متوسط بين واديين هما وادي زبيد من الجنوب ووادي رمع من الشمال ، جنوب مدينة الحديدة على بعد حوالي ( 100 كيلومتر ) ، على طريق الحديدة تعز في منتصف المسافة ما بين الجبل والبحر .
النشأة : أورد الأستاذ المرحوم " الحضرمي " في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " تقرير البعثة الأثرية الكندية ـ التي عملت في مدينة زبيد والمنطقة المحيطة بها برئاسة الدكتور " أدوارد كيل " خلال الفترة ( 82 - 1984 ميلادية ) ـ وقد عثرت البعثة على وجود أدلة تؤيد ما ذهب إليه المؤرخون مثل " ابن الديبع " عن مدينة زبيد بأنها كانت في الأصل عبارة عن عدد من القرى السكنية لقبيلة الأشاعرة ، وقد ساعد وجود الوادي زبيد على وفرة المياه التي تعتبر من العوامل اللازمة لأي مجتمع سكاني قبل أن يقوم " ابن زياد " بتخطيط المدينة ذاتها بالقرب من جامع الأشاعرة في عام (( 204 هجرية ) - ( 819 ميلادية )) ، كما أن البعثة الكندية عثرت على مواقع أثرية متناثرة في أرجاء المدينة أهمها الموقع الأثري في الجهة الشمالية للمدينة يعرف بمنطقة القصر فيه بعض القطع الفخارية السوداء يعود تاريخها إلى ما قبل (القرن الثالث الهجري) أي قبل وصول " ابن زياد " وبعضها إلى العصر الحميري والبعض الأخر إلى العصر الحجري .
كانت مدينة زبيد في العصور التاريخية القديمة عبارة عن عقدة طرفاً وأراك وحول العقدة قصوراً وقرى سكنية متناثرة في أرض الحُصَيْبْ لقبيلة الأشاعرة قُبل وبعد الإسلام إلى أن أصبحت قاعدة مُلك الدويلات الإسلامية المتعاقبة لفترة دامت حوالي ( 841 سنة ) مُنذ اختطاطها بأمر الخليفة العباسي " المأمون بن هارون الرشيد " يوم الاثنين الرابع من شهر شعبان سنة (( 204 هجرية ) - ( 819 ميلادية )) على يد الأمير " محمد بن عبدالله بن زياد " مؤسس الدولة الزيادية حتى عصر الدولة القاسمية وتحديداً عام ( 1045 هجرية ) في عهد الأمام المؤيد " محمد بن القاسم " ابن مؤسس الدولة القاسمية الأمام المنصور " القاسم بن محمد " مروراً بالدويلات الإسلامية المتعاقبة حسب تتابعها وهي : (( الدولة النجاحية ، والدولة الصليحية ، والدولة المهدية ، والدولة الأيوبية ، والدولة الرسولية ، والدولة الطاهرية ، والعثمانيين ـ الفترة الأولى لحكم اليمن ـ )) ، وعلى مدى تاريخها الطويل كانت شاهداً حضارياً متميزاً جابت شهرتها الأفاق
ووفد إليها طلاب العلوم والمعارف من كل حدب وصوب ، باعتبارها مركزاً للعلم والإشعاع الحضاري الإسلامي فأصبحت بحق زهرة مدائن تهامة واليمن حتى وصفها " ابن الديبع " بأنها (( بلد العلم والعلماء والفقه والفقهاء والدين والصلاح والخير والفلاح )) وانعكس ذلك على جميع جوانب النهوض الحضاري في مجال الفنون والعمارة والتصنيع والتجارة والزراعة والحصون والقلاع والأسوار وغير ذلك وضمت مدينة زبيد روائع الفن المعماري حيث لم تزل منازلها تحتفظ بتراثها المعماري الفريد فواجهات منازلها وبواباتها وزخارفها المتنوعة من الداخل ، وما نراه حول منابر ومحاريب وجدران وسقوف مساجدها ، وما بقى من مباني وقصور تاريخية عظيمة مثل دار الناصر الكبير والقلعة وبعض الأبراج ، جميع تلك المعالم تحكي قصص إضافات ما تفردت به كل دولة من الدول المتعاقبة عليها ، والمخطط العام للمدينة يتخذ شكل الاستدارة محاطة بسور به أربعة أبواب رئيسية لا تزال بعض أجزاءها قائمة تغلق عليها وقت الخطر ، وكان حجم المدينة أكبر من حجمها الحالي ، أمَّا بناؤها فمعظمه بالآجر والنورة البيضاء وتتميز بأزقتها الصغيرة وحارتها الضيقة ومن أبرز معالم مدينة زبيد السوق القديم ، وقد تغير وعد السوق من يوم الجمعة إلى يوم الأحد من كل أسبوع بأمر الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " في شهر شوال سنة ( 796 هجرية ) كما أنه قام بتجديد عمارة السوق في ربيع الأول سنة ( 798 هجرية ) ، والسوق القديم لمدينة زبيد التاريخية كان مقسماً بحسب نوع السلعة أو الصنعة حيث اشتهرت زبيد على مدى تاريخها الطويل كمركز لصناعة النسيج والحياكة بأنواعها المختلفة الحرير والديباج والقطن ودباغة الجلود وصناعة السكر والصابون والصناعات الفضية والصناعات الخزفية والحصير بأنواعه وصناعة الصباغة والتي وصل عددها في سنة ( 1355 هجرية ) حوالي ( 155 مصباغة ) ، ويأتي توسع صناعة الصباغة نظراً للاهتمام بزراعة الحور الذي يستخدم في صباغة الأقمشة وصناعة النيلة ، كما أن زبيد تميزت بعادات وتقاليد وفلكلور شعبي وغنائي ورقصات تراثية تتميز بها المنطقة .
ومن أهم المعالم التاريخية والأثرية والسياحية في مدينة زبيد هي :-
1 - أسوار وأبواب مدينة زبيد : قال ابن المجاور في كتابه " تاريخ المستبصر " ص 73 ، ص 74 ما لفظه : }( أن أول من أدار سور على زبيد " الحسين بن سلامة " وبعده الحبشة(( النجاحيين ـ وبعدهما )) مُعاذ وعبد النبي فأنهما أدارا على زبيد سوراً ثالثاً (( المهديين ، وبعد ذلك )) فأن سيف الإسلام "طغتكين بن أيوب" أدار على البلد (( زبيد )) سوراً وركب على السور أربعة أبواب :
ـ باب غُلافقة ينفذ إلى غُلافقة . ـ باب سهام ينفذ إلى سهام .
ـ باب الشُبارق ينفذ إلى حصن قوارير . ـ باب القُرْتُب ينفذ إلى الجبل .
(( وكانت عمارته )) بالطين واللبن في عرض عشرة أذرع . وقال : ( عددت أبراج زبيد فوجدتها ماتة بُرْج وتسعة أبراج بين كل بُرْج وبُرْج ثمانون ذراعاً ويدخل في كلَّ بُرْج عشرون ذراعاً إلا بُرْج فإنه ماتة ذراع يصحّ دَورُ البلاد عشرة آلاف ذراع وتسعمائة ذراع )} انتهى ما أورده ابن المجاور.
وقال " ابن الديبع " في كتابه " بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد " ص 35 ما لفظه : {( أول من أدار عليها سوراً " الحسين بن سلامة " وزير ولد " أبي الجيش " كما حكاه بن المجاور في كتابه المستبصر نصاً . ثم أدار عليها أسواراً أخو الوزير " أبو منصور من الله الفاتكي " في سنة ( بضع وعشرين وخمسمائة ) . ثم أدير سوراً ثالثاً في أيام "بني مهدي" . ثم أدار عليها سوراً رابعاً سيف الإسلام " طغتكين بن أيوب " في سنة ( تسع وثمانيين وخمسمائة ) وركب على السور أربعة أبواب :
أحدهما ينفذ إلى المشرق وهو المسمى باب الشبارق ينفذ إلى الشبارق قرية من قرى الوادي زبيد ثم إلى حصن قوارير وغيره .
والثاني إلى الشام وهو المسمى باب سهام ينفذ إلى وادي رمع وسهام وهو وجه المدينة وغرتها .
والثالث إلى الغرب وهو الذي يسمى الآن باب النخل وكان من قبل يسمى باب غُلافقة ينفذ إلى غُلافقة وإلى الأهواب .
والرابع إلى اليمن وهو المسمى باب القُرْتُب ينفذ إلى وادي زبيد ثم إلى قرية القُرْتُب وهي قرية من قرى الوادي زبيد . وكان بناء السور المذكور باللبن والطين وأبوابه وشراريفه بالآجر في الهوى نحواً من عشرة أذرع )} انتهى ما أورده ابن الديبع.
وما استنتجه الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " أن " الحسين بن سلامة " لم يكن أول من أدار سوراً على زبيد وإنما كان مجدداً للسور مستنداً في ذلك على ما ذكره العلامة المؤرخ " محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء الشامي المقدسي المعروف بالبشاري " في كتابه " أحسن التقاسيم " المتوفى عام ( 337 هجرية ) يقول المقدسي : ( زبيد قصبة تهامة وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن لهم أدنى ظرف وبه تجار كبار وعلماء وأدباء مفيد لمن وصله مبارك على
ومن أهم المعالم التاريخية والأثرية والسياحية في مدينة زبيد هي :-
1 - أسوار وأبواب مدينة زبيد : قال ابن المجاور في كتابه " تاريخ المستبصر " ص 73 ، ص 74 ما لفظه : }( أن أول من أدار سور على زبيد " الحسين بن سلامة " وبعده الحبشة(( النجاحيين ـ وبعدهما )) مُعاذ وعبد النبي فأنهما أدارا على زبيد سوراً ثالثاً (( المهديين ، وبعد ذلك )) فأن سيف الإسلام "طغتكين بن أيوب" أدار على البلد (( زبيد )) سوراً وركب على السور أربعة أبواب :
ـ باب غُلافقة ينفذ إلى غُلافقة . ـ باب سهام ينفذ إلى سهام .
ـ باب الشُبارق ينفذ إلى حصن قوارير . ـ باب القُرْتُب ينفذ إلى الجبل .
(( وكانت عمارته )) بالطين واللبن في عرض عشرة أذرع . وقال : ( عددت أبراج زبيد فوجدتها ماتة بُرْج وتسعة أبراج بين كل بُرْج وبُرْج ثمانون ذراعاً ويدخل في كلَّ بُرْج عشرون ذراعاً إلا بُرْج فإنه ماتة ذراع يصحّ دَورُ البلاد عشرة آلاف ذراع وتسعمائة ذراع )} انتهى ما أورده ابن المجاور.
وقال " ابن الديبع " في كتابه " بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد " ص 35 ما لفظه : {( أول من أدار عليها سوراً " الحسين بن سلامة " وزير ولد " أبي الجيش " كما حكاه بن المجاور في كتابه المستبصر نصاً . ثم أدار عليها أسواراً أخو الوزير " أبو منصور من الله الفاتكي " في سنة ( بضع وعشرين وخمسمائة ) . ثم أدير سوراً ثالثاً في أيام "بني مهدي" . ثم أدار عليها سوراً رابعاً سيف الإسلام " طغتكين بن أيوب " في سنة ( تسع وثمانيين وخمسمائة ) وركب على السور أربعة أبواب :
أحدهما ينفذ إلى المشرق وهو المسمى باب الشبارق ينفذ إلى الشبارق قرية من قرى الوادي زبيد ثم إلى حصن قوارير وغيره .
والثاني إلى الشام وهو المسمى باب سهام ينفذ إلى وادي رمع وسهام وهو وجه المدينة وغرتها .
والثالث إلى الغرب وهو الذي يسمى الآن باب النخل وكان من قبل يسمى باب غُلافقة ينفذ إلى غُلافقة وإلى الأهواب .
والرابع إلى اليمن وهو المسمى باب القُرْتُب ينفذ إلى وادي زبيد ثم إلى قرية القُرْتُب وهي قرية من قرى الوادي زبيد . وكان بناء السور المذكور باللبن والطين وأبوابه وشراريفه بالآجر في الهوى نحواً من عشرة أذرع )} انتهى ما أورده ابن الديبع.
وما استنتجه الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله في كتابه المخطوط " تهامة عبر التاريخ " أن " الحسين بن سلامة " لم يكن أول من أدار سوراً على زبيد وإنما كان مجدداً للسور مستنداً في ذلك على ما ذكره العلامة المؤرخ " محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء الشامي المقدسي المعروف بالبشاري " في كتابه " أحسن التقاسيم " المتوفى عام ( 337 هجرية ) يقول المقدسي : ( زبيد قصبة تهامة وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن لهم أدنى ظرف وبه تجار كبار وعلماء وأدباء مفيد لمن وصله مبارك على
من سكنه ،أبارهم حلوه، وحماماتهم نظيفة ، عليه حصن من الطين بأربعة أبواب باب غُلافقه ، وباب عدن ، وباب سهام ، وباب الشبارق ، وحولهم قرى ومزارع أهم من مكة وأكبر وأرفق أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة ) وبهذا فإن " المقدسي " ذكر وجود السور وأبوابه قبل " الحسين بن سلامة " المتوفى ( 391 هجرية ) وقيل ( 404 هجرية ) .
وأن الثابت تاريخياً أن الأسوار التي عمرت لزبيد ثلاثة أسوار في الدولة الزيادية والدولة النجاحية والدولة المهدية وأن السلطان " طغتكين بن أيوب " كان مجدداً لبناء السور الثالث ، ونظراً لأهمية السور العسكرية في حماية وتحصين المدينة ، فأن الدويلات المتعاقبة أولًّت العناية والاهتمام بتجديد عمارة السور وأبوابه ففي عهد الدولة الرسولية جدد بناء السور وأبوابه مرات عديدة ففي أيام السلطان الملك المجاهد " علي بن داود " ( 721 - 764 هجرية ) جدد بناء السور وأبوابه في سنة ( 739 هجرية ) ، وفي أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) جدد بناء السور في سنة ( 791 هجرية ) ، وفي أيام الملك الظاهر " يحيى بن إسماعيل " ( 831 - 842 هجرية ) جدد بناء السور ، وفي عهد الدولة الطاهرية وفي أيام الملك الظافر " عامر بن عبد الوهاب " ( 894 - 923 هجرية ) جدد بناء ما خرب من السور ، ومما سبق فأن أسوار مدينة زبيد ظلت تجدد بين الحين والآخر ، إلى أن قدم إلى زبيد " الحسن بن القاسم " عام ( 1045 هجرية ) لحصار مدينة زبيد أثر انهيار الحكم العثماني الأول في اليمن فاستعصت عليه فطوق على زبيد بحصار شديد ، ودخلها فهدم الأسوار الثلاثة وظلت بلا أسوار حتى عام ( 1222 هجرية ) جدد عمارة سور زبيد الأمير الشريف " حمود بن محمد الخيراتي " - أمير المخلاف السليماني - وذلك حسب ما أورده العلامة " عبد الرحمن بن أحمد البهكلي " في مؤلفه " نفح العود " بقوله : (( جدد عمارة سور مدينة زبيد عام ( 1222 هجرية ) وأسند القيام بعمارته إلى القاضي " الحسين بن عقيل الحازمي " قاضي زبيد ، واستطرد قائلاً أخبرني بعض من له خبرة بالتاريخ أن السور الأول كان بينه وبين العمران فسحة ، وهذا أي الشريف " حمود " ألصقه بالبيوت حتى أن بعض المحلات يكتفى فيها بعمارة البيت الذي اتصل به )) ، وعليه ظل السور يرمم إلى عام ( 1382 هجرية ) - ( 1962 ميلادية ) .
وقال الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله : أن صفة عمارة سور مدينة زبيد كانت تختلف عن أسوار المدن التاريخية باليمن التي عمرت بالزابور والطين مثل سور مدينة صنعاء القديمة وسور مدينة صعدة ، أما سور مدينة زبيد فعمارته كانت على شكل دائري مبني بالآجر والطين والجص ـ النورة البلدي ـ وبين كل ذراعين فتحة مستقيمة على ارتفاع متر ، وفتحتين منحنيتين الأولى فتحة تتجه إلى اليسار والثانية فتحة تتجه لليمين تسمى متاريس للرمي ، وارتفاع السور ( 3 أمتار ) من مستوى سطح الأرض ، وبين كل ( خمسين ومأه متر ) حصناً تسمى نوبة ، وبين كل باب ثكنة عسكرية تسمى كاووش -لعلها لغة تركية-سكن للجنود والباب يتوسطها ، وبأعلى الباب غرفة عُليا تسمى أيضاً كاووش للجنود بها المتاريس وفوق الغرفة تجواب محاط بسور له متاريس للرمى .
وقد أدرك الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله من النوب الكبار المحاطة بالأبواب والسور ، نوبة " الكدف " وكانت تعرف نوبة الشريف " الحسين " تقع شمال باب الشبارق تطل على قارعة الطريق بطابقين وبها ساحة وفتحات للمدافع وهي قديمة ، وتبعد عنها نوبة مستطيلة بطابقين تسمى نوبة " شبيط " سميت باسم عريف يسمى " شبيط " استقر بها مع جنوده ، ونوبةشرق باب سهام من الشمال تسمى " الجربة " بها فتحات كبيرة للمدافع - قام التعاون الأهلي بإصلاحها مكتباً له - ، وغرب سهام وشمال باب النخل نوبة تسمى نوبة " أبو حسين " بجوارها مقبرة داخل السور تسمى " مقبرة أبو حسين " ، وثمة نوبة مواجه لمسجد الغصينية تسمى نوبة " الغصينية " ، ونوبة " الصديقية " وتقع شرق باب القُرْتُب مدوره وبأعلاها تجواب بها متارس ، ونوبة "المدافع" تقع شمال الدار الناصري الكبير ـ مبنى الحكومة ـ ملتصقة بها خصصت للمدافع الثقيلة ، وكلها مبنية بالآجر والطين والنورة .
2- المساجد والمدارس الإسلامية :
مُنذ فجر الإسلام بدأ إنشاء المساجد والمدارس العلمية في مدينة زبيد ، وأستمر بناؤها في مختلف الحقب التاريخية حتى بلغت ذروتها في عصر الدولة الرسولية وتحديداً في عهد الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) فكان يوجد في مدينة زبيد آنذاك ما يقارب من ( 236 مسجداً ومدرسةً ) كانت تضاهي أكبر المدن الإسلامية أن لم تكن فاقتها جميعاً إلا أن عدد تلك المساجد والمدارس العلمية تراجع في الوقت الحالي إلى ( 82 مسجداً ومدرسةً ) علمية .
وأن الثابت تاريخياً أن الأسوار التي عمرت لزبيد ثلاثة أسوار في الدولة الزيادية والدولة النجاحية والدولة المهدية وأن السلطان " طغتكين بن أيوب " كان مجدداً لبناء السور الثالث ، ونظراً لأهمية السور العسكرية في حماية وتحصين المدينة ، فأن الدويلات المتعاقبة أولًّت العناية والاهتمام بتجديد عمارة السور وأبوابه ففي عهد الدولة الرسولية جدد بناء السور وأبوابه مرات عديدة ففي أيام السلطان الملك المجاهد " علي بن داود " ( 721 - 764 هجرية ) جدد بناء السور وأبوابه في سنة ( 739 هجرية ) ، وفي أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) جدد بناء السور في سنة ( 791 هجرية ) ، وفي أيام الملك الظاهر " يحيى بن إسماعيل " ( 831 - 842 هجرية ) جدد بناء السور ، وفي عهد الدولة الطاهرية وفي أيام الملك الظافر " عامر بن عبد الوهاب " ( 894 - 923 هجرية ) جدد بناء ما خرب من السور ، ومما سبق فأن أسوار مدينة زبيد ظلت تجدد بين الحين والآخر ، إلى أن قدم إلى زبيد " الحسن بن القاسم " عام ( 1045 هجرية ) لحصار مدينة زبيد أثر انهيار الحكم العثماني الأول في اليمن فاستعصت عليه فطوق على زبيد بحصار شديد ، ودخلها فهدم الأسوار الثلاثة وظلت بلا أسوار حتى عام ( 1222 هجرية ) جدد عمارة سور زبيد الأمير الشريف " حمود بن محمد الخيراتي " - أمير المخلاف السليماني - وذلك حسب ما أورده العلامة " عبد الرحمن بن أحمد البهكلي " في مؤلفه " نفح العود " بقوله : (( جدد عمارة سور مدينة زبيد عام ( 1222 هجرية ) وأسند القيام بعمارته إلى القاضي " الحسين بن عقيل الحازمي " قاضي زبيد ، واستطرد قائلاً أخبرني بعض من له خبرة بالتاريخ أن السور الأول كان بينه وبين العمران فسحة ، وهذا أي الشريف " حمود " ألصقه بالبيوت حتى أن بعض المحلات يكتفى فيها بعمارة البيت الذي اتصل به )) ، وعليه ظل السور يرمم إلى عام ( 1382 هجرية ) - ( 1962 ميلادية ) .
وقال الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله : أن صفة عمارة سور مدينة زبيد كانت تختلف عن أسوار المدن التاريخية باليمن التي عمرت بالزابور والطين مثل سور مدينة صنعاء القديمة وسور مدينة صعدة ، أما سور مدينة زبيد فعمارته كانت على شكل دائري مبني بالآجر والطين والجص ـ النورة البلدي ـ وبين كل ذراعين فتحة مستقيمة على ارتفاع متر ، وفتحتين منحنيتين الأولى فتحة تتجه إلى اليسار والثانية فتحة تتجه لليمين تسمى متاريس للرمي ، وارتفاع السور ( 3 أمتار ) من مستوى سطح الأرض ، وبين كل ( خمسين ومأه متر ) حصناً تسمى نوبة ، وبين كل باب ثكنة عسكرية تسمى كاووش -لعلها لغة تركية-سكن للجنود والباب يتوسطها ، وبأعلى الباب غرفة عُليا تسمى أيضاً كاووش للجنود بها المتاريس وفوق الغرفة تجواب محاط بسور له متاريس للرمى .
وقد أدرك الأستاذ " الحضرمي " رحمه الله من النوب الكبار المحاطة بالأبواب والسور ، نوبة " الكدف " وكانت تعرف نوبة الشريف " الحسين " تقع شمال باب الشبارق تطل على قارعة الطريق بطابقين وبها ساحة وفتحات للمدافع وهي قديمة ، وتبعد عنها نوبة مستطيلة بطابقين تسمى نوبة " شبيط " سميت باسم عريف يسمى " شبيط " استقر بها مع جنوده ، ونوبةشرق باب سهام من الشمال تسمى " الجربة " بها فتحات كبيرة للمدافع - قام التعاون الأهلي بإصلاحها مكتباً له - ، وغرب سهام وشمال باب النخل نوبة تسمى نوبة " أبو حسين " بجوارها مقبرة داخل السور تسمى " مقبرة أبو حسين " ، وثمة نوبة مواجه لمسجد الغصينية تسمى نوبة " الغصينية " ، ونوبة " الصديقية " وتقع شرق باب القُرْتُب مدوره وبأعلاها تجواب بها متارس ، ونوبة "المدافع" تقع شمال الدار الناصري الكبير ـ مبنى الحكومة ـ ملتصقة بها خصصت للمدافع الثقيلة ، وكلها مبنية بالآجر والطين والنورة .
2- المساجد والمدارس الإسلامية :
مُنذ فجر الإسلام بدأ إنشاء المساجد والمدارس العلمية في مدينة زبيد ، وأستمر بناؤها في مختلف الحقب التاريخية حتى بلغت ذروتها في عصر الدولة الرسولية وتحديداً في عهد الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) فكان يوجد في مدينة زبيد آنذاك ما يقارب من ( 236 مسجداً ومدرسةً ) كانت تضاهي أكبر المدن الإسلامية أن لم تكن فاقتها جميعاً إلا أن عدد تلك المساجد والمدارس العلمية تراجع في الوقت الحالي إلى ( 82 مسجداً ومدرسةً ) علمية .
أ - المساجد الإسلامية القديمة : يوجد في مدينة زبيد الآن حوالي ( 29 مسجداً ) اشهرها جامع الأشاعر الذي أسسه الصحابي الجليل " أبو موسى الأشعري " في ( السنة الثامنة للهجرة ) بأمر من النبي " محمد بن عبدالله " ( صلَعم ) ، والجامع الكبير بزبيد الذي أسسه " محمد بن زياد " في عام ( 225 هجرية ) ، ومسجد الصحابي الجليل " معاذ بن جبل " الذي أسسه حين قدم إلى اليمن ، في قرية " معاذ بن جبل " التي تقع برأس وادي زبيد جنوب الفازة ، وسوف نتطرق بالتفصيل إلى جامع الأشاعرة ، والجامع الكبير بزبيد لما تميزا به من هندسة معمارية فريدة .
(1) جامع الأشاعر : يعتبر جامع الأشاعر من أول وأقدم المساجد في زبيد قبل أختطاطها من قبل " محمد بن عبدالله بن زياد " عام ( 204 هجرية ) ، وقد تأسس المسجد في السنة ( الثامنة للهجرة ) بأمر من الرسول ( صلَعم ) على يد جماعة من قبيلة الأشاعرة وفي مقدمتهم الصحابي الجليل " أبو موسى الأشعري " ، وقد حصل على شهرة واسعة باعتباره من المساجد المباركة ، وعلى مدى تعاقب الأجيال والحقب التاريخية استمر بقاء الجامع بفضل الترميم والتجديد الذي شمله في مراحل تاريخية متعددة منها على سبيل المثال عناية ملوك ووزراء الدولة الزيادية خاصة القائد " الحسين بن سلامة " مولى ووزير الزياديين الذي جدد عمارته في أواخر عهد الدولة الزيادية وتحديداً قبل عام (( 403 هجرية ) ـ ( 1016 ميلادية )) ، وفي عام ( 695 هجرية ) إنشاء الأمير شهاب الدين منبر الحديث والوعظ ، وفي أيام الملك الظاهر " يحيى بن إسماعيل " ( 831 - 842 هجرية ) جدد عمارته خازندار زبيد الأمير سيف الدين " برقوق الطاهري" في عام (( 832 هجرية ) - ( 1429 ميلادية )) ، فعمره عمارة متقنة وزاد فيه زيادات مستحسنة منها أجنحته الشرقي والغربي واليماني ومقصورة النساء وجعل للمسجد خزانة جيدة لحفظ أمتعته وقضضه بالنورة وزخرفها وزخرف جداره القبلي بأنواع النقوشات ونصب في المسجد منبراً مزين بالآيات القرآنية وجعل نظر ذلك إلى المعمار " الصديق بن عمر الموزعي " وفي شهر جمادى الأول سنة (( 891 هجرية ) - ( 1486 ميلادية )) قام بهدمه وإعادة عمارته الملك المنصور تاج الدين " عبد الوهاب بن داود بن طاهر " فبني بناءاً حسناً ورفعه عن الأرض نحو سبعة أذرع وزيدت فيه زيادات من جانبه الأيمن وجعل في جداره القبلي شباكان من حديد عظيمان أضاءت منهما جوانب المسجد وأبدل ما تلف وجعل للبركة رواق يماني زيادة على الرواق الأول الشرقي وجعل للبركة باب خارج عن المسجد يدخل منه الناس أيام المطر صيانة للمسجد من النجاسات ، وتم إصلاح وترميم منبر الخطابة على يد الوالي العثماني " مصطفى باشا النشار " في عام (( 949 هجرية ) ( 1542 ميلادية )) ، كما تم تجديد وإصلاح بعض سقوف الجامع في عام (( 1276 هجرية ) ( 1859 ميلادية )) خلال العهود الأخيرة للعثمانيين في اليمن .
الوصف التخطيطي : تبلغ مساحته الداخلية ( 35.50 × 24.50 متر ) ، ويتوسط تلك المساحة ( فناء ) صحن صغير مكشوف يبلغ مقاسه ( 11 × 5.35 متر ) ، ويتكون رواق القبلة من ثلاث بلاطات بواسطة ثلاثة صفوف من الأعمدة بعضها مستدير والآخر مضلع من ( 16 ضلع ) وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة واسعة زُخرفت بواطنها بالزخارف الجُصية ، ويغطي هذا الرواق سقف خشبي على بعض حشواته آثار الألوان التي كانت تزخرفه .
ويتوسط جدار القبلة تجويف المحراب يعلوه عقدان على شكل نصف دائري ، كما يوجد في جدار القبلة منبر قديم من الخشب داخل تجويف في الجدار الشمالي يعلوه عقد مفصص ، ويتكون الرواق الجنوبي المقابل لرواق القبلة الشمالي من ثلاث بلاطات مقابل بلاطتين في الرواقين الشرقي والغربي وتغطيهما سقوف مسطحة من الخشب ، ويغلب على عقود البائكات النوع المدبب المحمول على أعمدة ودعائم ، ومئذنة جامع الأشاعر تشبه إلى حد ما مأذنة الجامع الكبير بزبيد في بعض تفاصيلها المعمارية رغم صغر حجمها ، ويتم الصعود إليها عبر مدخل صغير من داخل المسجد ، وتزدان بالمقرنصات والفتحات الصماء وغيرها من العناصر الزخرفية التي تتميز بها مآذن زبيد ، ومنبر الخطابة مصنوع من خشب الحط يحتوي على تاريخ بناؤه واسم صانعه ، إلا أن موقعه قد تغير إلى زاوية في الجامع وتم نزع أرضيته واستبدلت بخشب عادي وبقية المنبر في طريقها إلى الزوال ، ولجامع الأشاعر ثلاثة أبواب باب جنوبي ، وباب شرقي يطل على ممر طويل ـ طارود ـ ينعطف متجهاً للشمال ، وباب شمالي ينفذ إلى السوق ، وتوجد للجامع بركتان الأولى باتجاه الشرق وتسمى الحربية ، وقد أنشأتها الحرة جهة الطواشي " آمنة بنت جمال الدين فرحان " أم الملوك وزوجة الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، وقد ردمت في السنوات الأخيرة ، وتم الاستعاضة عنها بمياه الصنابير - الحنفيات - ، والبركة الثانية باتجاه الغرب ولا تزال قائمة ، وقد أرخ لجامع الأشاعر مؤذنه وخطيبه " محمد بن عبد الوهاب المقداد " المعروف " بابن النقيب الزبيدي " الذي عاش في ( القرن
(1) جامع الأشاعر : يعتبر جامع الأشاعر من أول وأقدم المساجد في زبيد قبل أختطاطها من قبل " محمد بن عبدالله بن زياد " عام ( 204 هجرية ) ، وقد تأسس المسجد في السنة ( الثامنة للهجرة ) بأمر من الرسول ( صلَعم ) على يد جماعة من قبيلة الأشاعرة وفي مقدمتهم الصحابي الجليل " أبو موسى الأشعري " ، وقد حصل على شهرة واسعة باعتباره من المساجد المباركة ، وعلى مدى تعاقب الأجيال والحقب التاريخية استمر بقاء الجامع بفضل الترميم والتجديد الذي شمله في مراحل تاريخية متعددة منها على سبيل المثال عناية ملوك ووزراء الدولة الزيادية خاصة القائد " الحسين بن سلامة " مولى ووزير الزياديين الذي جدد عمارته في أواخر عهد الدولة الزيادية وتحديداً قبل عام (( 403 هجرية ) ـ ( 1016 ميلادية )) ، وفي عام ( 695 هجرية ) إنشاء الأمير شهاب الدين منبر الحديث والوعظ ، وفي أيام الملك الظاهر " يحيى بن إسماعيل " ( 831 - 842 هجرية ) جدد عمارته خازندار زبيد الأمير سيف الدين " برقوق الطاهري" في عام (( 832 هجرية ) - ( 1429 ميلادية )) ، فعمره عمارة متقنة وزاد فيه زيادات مستحسنة منها أجنحته الشرقي والغربي واليماني ومقصورة النساء وجعل للمسجد خزانة جيدة لحفظ أمتعته وقضضه بالنورة وزخرفها وزخرف جداره القبلي بأنواع النقوشات ونصب في المسجد منبراً مزين بالآيات القرآنية وجعل نظر ذلك إلى المعمار " الصديق بن عمر الموزعي " وفي شهر جمادى الأول سنة (( 891 هجرية ) - ( 1486 ميلادية )) قام بهدمه وإعادة عمارته الملك المنصور تاج الدين " عبد الوهاب بن داود بن طاهر " فبني بناءاً حسناً ورفعه عن الأرض نحو سبعة أذرع وزيدت فيه زيادات من جانبه الأيمن وجعل في جداره القبلي شباكان من حديد عظيمان أضاءت منهما جوانب المسجد وأبدل ما تلف وجعل للبركة رواق يماني زيادة على الرواق الأول الشرقي وجعل للبركة باب خارج عن المسجد يدخل منه الناس أيام المطر صيانة للمسجد من النجاسات ، وتم إصلاح وترميم منبر الخطابة على يد الوالي العثماني " مصطفى باشا النشار " في عام (( 949 هجرية ) ( 1542 ميلادية )) ، كما تم تجديد وإصلاح بعض سقوف الجامع في عام (( 1276 هجرية ) ( 1859 ميلادية )) خلال العهود الأخيرة للعثمانيين في اليمن .
الوصف التخطيطي : تبلغ مساحته الداخلية ( 35.50 × 24.50 متر ) ، ويتوسط تلك المساحة ( فناء ) صحن صغير مكشوف يبلغ مقاسه ( 11 × 5.35 متر ) ، ويتكون رواق القبلة من ثلاث بلاطات بواسطة ثلاثة صفوف من الأعمدة بعضها مستدير والآخر مضلع من ( 16 ضلع ) وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة واسعة زُخرفت بواطنها بالزخارف الجُصية ، ويغطي هذا الرواق سقف خشبي على بعض حشواته آثار الألوان التي كانت تزخرفه .
ويتوسط جدار القبلة تجويف المحراب يعلوه عقدان على شكل نصف دائري ، كما يوجد في جدار القبلة منبر قديم من الخشب داخل تجويف في الجدار الشمالي يعلوه عقد مفصص ، ويتكون الرواق الجنوبي المقابل لرواق القبلة الشمالي من ثلاث بلاطات مقابل بلاطتين في الرواقين الشرقي والغربي وتغطيهما سقوف مسطحة من الخشب ، ويغلب على عقود البائكات النوع المدبب المحمول على أعمدة ودعائم ، ومئذنة جامع الأشاعر تشبه إلى حد ما مأذنة الجامع الكبير بزبيد في بعض تفاصيلها المعمارية رغم صغر حجمها ، ويتم الصعود إليها عبر مدخل صغير من داخل المسجد ، وتزدان بالمقرنصات والفتحات الصماء وغيرها من العناصر الزخرفية التي تتميز بها مآذن زبيد ، ومنبر الخطابة مصنوع من خشب الحط يحتوي على تاريخ بناؤه واسم صانعه ، إلا أن موقعه قد تغير إلى زاوية في الجامع وتم نزع أرضيته واستبدلت بخشب عادي وبقية المنبر في طريقها إلى الزوال ، ولجامع الأشاعر ثلاثة أبواب باب جنوبي ، وباب شرقي يطل على ممر طويل ـ طارود ـ ينعطف متجهاً للشمال ، وباب شمالي ينفذ إلى السوق ، وتوجد للجامع بركتان الأولى باتجاه الشرق وتسمى الحربية ، وقد أنشأتها الحرة جهة الطواشي " آمنة بنت جمال الدين فرحان " أم الملوك وزوجة الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، وقد ردمت في السنوات الأخيرة ، وتم الاستعاضة عنها بمياه الصنابير - الحنفيات - ، والبركة الثانية باتجاه الغرب ولا تزال قائمة ، وقد أرخ لجامع الأشاعر مؤذنه وخطيبه " محمد بن عبد الوهاب المقداد " المعروف " بابن النقيب الزبيدي " الذي عاش في ( القرن
العاشر الهجري ) في كتابه ( قرة العيون وانشراح الخواطر فيما حكاه الصالحون في فضل مسجد الأشاعر ) والذي انتهى من تأليفه في عام (( 968 هجرية ) - ( 1560 ميلادية )) ، وقام بتحقيقه والتعليق عليه المؤرخ المعاصر العلامة الأستاذ عبد الرحمن عبدالله صالح الحضرمي طيب الله ثراه ، ويوجد بالجامع مكان مخصص للتعليم ( رباط ) ، ومكتبة تحتوي أمهات الكتب في مختلف العلوم الدينية يرجع التاريخ الحقيقي لتأسيس هذه المكتبة إلى ( منتصف القرن الحادي عشر الهـجري ) ، وكان التأسيس عن طريق مبادرة علماء زبيد الأفاضل وذلك بأن قاموا بإيقاف ـ وهب ـ كتبهم ومؤلفاتهم بغية استفادة طلاب العلم والباحثين ، وذلك في إطار مكتبة للبحث العلمي والاستفادة من فيض بحور العلوم الحياتية والدينية وباقي مختلف العلوم والفنون وذلك خوفاً من اندثارها ، وفي عام ( 1408 هجرية ) ، قام المجلس المحلي لمدينة زبيد بإعادة بنائها وتأثيثها .
(2) الجامع الكبير : يعتبر الجامع الكبير بزبيد أكبر الجوامع باليمن بعد جامع صنعاء ويأتي في مقدمة الآثار الإسلامية العديدة التي تحتفظ بها مدينة زبيد العريقة ذات التاريخ المتواصل من العلم والعلماء وهذا الجامع تعرض للعديد من الإضافات والتجديدات على مر العصور الإسلامية المتعاقبة فقد أسسه " محمد بن عبدالله بن زياد " في عام ( 225 هجرية ) ، ولكن أهميته برزت كمسجد جامع حين جدده القائد " الحسين بن سلامة " عام ( 393 هجرية ) وفي أيام السلطان شمس الدولة " توران شاه بن أيوب " قام نائبه على زبيد سيف الدولة مجد الدين " المبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني " بإعادة بنائه في عام ( 569 هجرية ) ، وجدده أيضاً سيف الإسلام " طغتكين بن أيوب " عام ( 579 هجرية ) بنى المؤخر والجناحين الشرقي والغربي والمنارة ، وفي أيام السلطان الملك الأشرف الرابع " إسماعيل بن يحيى " ( 842 - 845 هجرية ) وفي عام ( 842 هجرية ) أمر بعمارة بركة جديدة وبتجديد ما خربه الدهر ، ثم هدمه السلطان الظافر " عامر بن عبد الوهاب " ( 894 - 923 هجرية ) يوم السبت الثامن عشر من شهر شوال سنة ( 897 هجرية ) وقام بعمارته يوم الأحد الخامس والعشرين منه فعمره عمارة عظيمة لم يسبق إلى مثلها على يد المعلم " علي بن حسن المعمار " المعروف بالعكباز ، رفعه عن الأرض نحو سبعة أذرع وجعل الجناحين والمؤخر عقوداً فسيحة على أعمدة من الآجر والنورة وزاد في مقدمة إدخال الرواق القبلي من الشمسية فيه وزاد الأروقة الباقية في تفسيح الشمسية واتسعت اتساعاً عظيماً اضاق منه السبيل وسقف سقفاً عجيباً وزخرف بأنواع النقوشات وزخرف جداره القبلي ومحرابه وجعل في مقدمه قبتين عظيمتين شرقية وغربية وزخرفتا بأنواع النقوشات وجعل في الشرقية دائرين خشب وأبواباً وعلقا ليصلي بها السلطان إذا كان بمدينة زبيد واشترى بُرقع الكعبة المشرفة وأمر بتعليقه على باب محراب الجامع المبارك ، كما إنشاء مكتبة بالجامع ، فاحتوي الجامع بعد هذه العمارة على ( 270 عقداً ) ، ( 140 دعامةً ) ، ( 90 أسطوانةً ) ، ( 12 قبةً ) ، ( 13 باباً ) ، ( 40 شباكاً ) ، ( 7 مقاصير ) ، ( 3 برك ) ، ومما تجدر الإشارة إليه وجود النص التأسيسي الذي يشير إلى أسمه على طول يمين ويسار كتلة المحراب في رواق القبلة بخط النسخ ، وفي عام ( 1131 هجرية ) عمرت المقاصير لطلاب العلم بداخل الجامع بالجناح الشرقي وعددها ( أربعة عشر مقصورة ) ورباط آخر خارج الجامع ، وفي عام ( 1185 هجرية ) جدد الإمام " المهدي العباس " (( 1161 - 1189 هجرية ) - ( 1748 - 1775 ميلادية )) سقوف وعقود أربعة طواريد بالمقدم مملؤة بالزخرفة ، وفي عام ( 1291 هجرية ) جددت بعض سقوف الجناح الغربي، وفي عام ( 1399 هجرية ) أعيد ترميم سقوف المؤخر والجناح الغربي والجناح الشرقي وطارود المقدم بالجناح الشرقي وله منبر لا مثيل له باليمن كان يتصدر الجامع مرتفع بأربعة عشر درجة حيث يرى المصلي الخطيب ويسمع صوته ومن هذا الارتفاع يوجد به فتحة واسعة يمتد من تحتها الصف الأول دون انقطاع وظل على شكله وعلى وضعه عبر مراحل التاريخ ، وعلى الرغم من تجديد عمارة الجامع عام ( 897 هجرية ) إلا أن المنبر لم يتغير فكان من الخشب الجيد المنقوش ، وفي عام ( 1400 هجرية ) استبدل المنبر بمنبر آخر مكون من مواد خشبية جديدة ومنقوشة ومزخرفة تشابهه الأول من حيث الشكل والوضع السابق ، وله بئرين وإحدى عشر مرحاضاً وله مدب إلى خارج باب النخل للمياه والقاذورات .
الوصف التخطيطي : شيد الجامع بمادتي الآجر والنورة البلدي ، وتبلغ مساحته من الداخل ( 59 × 57 متر ) ، يتوسطه فناء مكشوف مساحته ( 26.90 × 14 متر ) ، تحيط بالفناء أربعة أروقة ، يتكون الرواق الشمالي ( رواق القبلة ) : من ست بلاطات ترجع البلاطة الأخيرة المطلة على الفناء إلى فترة متأخرة إذ يعلو سقفها سقف البلاطات الخمس وتتكون البائكات من صفوف من الأعمدة المستديرة الضخمة الشكل محيط العمود ( 2.70 متر ) وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة
(2) الجامع الكبير : يعتبر الجامع الكبير بزبيد أكبر الجوامع باليمن بعد جامع صنعاء ويأتي في مقدمة الآثار الإسلامية العديدة التي تحتفظ بها مدينة زبيد العريقة ذات التاريخ المتواصل من العلم والعلماء وهذا الجامع تعرض للعديد من الإضافات والتجديدات على مر العصور الإسلامية المتعاقبة فقد أسسه " محمد بن عبدالله بن زياد " في عام ( 225 هجرية ) ، ولكن أهميته برزت كمسجد جامع حين جدده القائد " الحسين بن سلامة " عام ( 393 هجرية ) وفي أيام السلطان شمس الدولة " توران شاه بن أيوب " قام نائبه على زبيد سيف الدولة مجد الدين " المبارك بن كامل بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني " بإعادة بنائه في عام ( 569 هجرية ) ، وجدده أيضاً سيف الإسلام " طغتكين بن أيوب " عام ( 579 هجرية ) بنى المؤخر والجناحين الشرقي والغربي والمنارة ، وفي أيام السلطان الملك الأشرف الرابع " إسماعيل بن يحيى " ( 842 - 845 هجرية ) وفي عام ( 842 هجرية ) أمر بعمارة بركة جديدة وبتجديد ما خربه الدهر ، ثم هدمه السلطان الظافر " عامر بن عبد الوهاب " ( 894 - 923 هجرية ) يوم السبت الثامن عشر من شهر شوال سنة ( 897 هجرية ) وقام بعمارته يوم الأحد الخامس والعشرين منه فعمره عمارة عظيمة لم يسبق إلى مثلها على يد المعلم " علي بن حسن المعمار " المعروف بالعكباز ، رفعه عن الأرض نحو سبعة أذرع وجعل الجناحين والمؤخر عقوداً فسيحة على أعمدة من الآجر والنورة وزاد في مقدمة إدخال الرواق القبلي من الشمسية فيه وزاد الأروقة الباقية في تفسيح الشمسية واتسعت اتساعاً عظيماً اضاق منه السبيل وسقف سقفاً عجيباً وزخرف بأنواع النقوشات وزخرف جداره القبلي ومحرابه وجعل في مقدمه قبتين عظيمتين شرقية وغربية وزخرفتا بأنواع النقوشات وجعل في الشرقية دائرين خشب وأبواباً وعلقا ليصلي بها السلطان إذا كان بمدينة زبيد واشترى بُرقع الكعبة المشرفة وأمر بتعليقه على باب محراب الجامع المبارك ، كما إنشاء مكتبة بالجامع ، فاحتوي الجامع بعد هذه العمارة على ( 270 عقداً ) ، ( 140 دعامةً ) ، ( 90 أسطوانةً ) ، ( 12 قبةً ) ، ( 13 باباً ) ، ( 40 شباكاً ) ، ( 7 مقاصير ) ، ( 3 برك ) ، ومما تجدر الإشارة إليه وجود النص التأسيسي الذي يشير إلى أسمه على طول يمين ويسار كتلة المحراب في رواق القبلة بخط النسخ ، وفي عام ( 1131 هجرية ) عمرت المقاصير لطلاب العلم بداخل الجامع بالجناح الشرقي وعددها ( أربعة عشر مقصورة ) ورباط آخر خارج الجامع ، وفي عام ( 1185 هجرية ) جدد الإمام " المهدي العباس " (( 1161 - 1189 هجرية ) - ( 1748 - 1775 ميلادية )) سقوف وعقود أربعة طواريد بالمقدم مملؤة بالزخرفة ، وفي عام ( 1291 هجرية ) جددت بعض سقوف الجناح الغربي، وفي عام ( 1399 هجرية ) أعيد ترميم سقوف المؤخر والجناح الغربي والجناح الشرقي وطارود المقدم بالجناح الشرقي وله منبر لا مثيل له باليمن كان يتصدر الجامع مرتفع بأربعة عشر درجة حيث يرى المصلي الخطيب ويسمع صوته ومن هذا الارتفاع يوجد به فتحة واسعة يمتد من تحتها الصف الأول دون انقطاع وظل على شكله وعلى وضعه عبر مراحل التاريخ ، وعلى الرغم من تجديد عمارة الجامع عام ( 897 هجرية ) إلا أن المنبر لم يتغير فكان من الخشب الجيد المنقوش ، وفي عام ( 1400 هجرية ) استبدل المنبر بمنبر آخر مكون من مواد خشبية جديدة ومنقوشة ومزخرفة تشابهه الأول من حيث الشكل والوضع السابق ، وله بئرين وإحدى عشر مرحاضاً وله مدب إلى خارج باب النخل للمياه والقاذورات .
الوصف التخطيطي : شيد الجامع بمادتي الآجر والنورة البلدي ، وتبلغ مساحته من الداخل ( 59 × 57 متر ) ، يتوسطه فناء مكشوف مساحته ( 26.90 × 14 متر ) ، تحيط بالفناء أربعة أروقة ، يتكون الرواق الشمالي ( رواق القبلة ) : من ست بلاطات ترجع البلاطة الأخيرة المطلة على الفناء إلى فترة متأخرة إذ يعلو سقفها سقف البلاطات الخمس وتتكون البائكات من صفوف من الأعمدة المستديرة الضخمة الشكل محيط العمود ( 2.70 متر ) وتحمل هذه الأعمدة عقوداً مدببة
واسعة من مركزين يرتكز عليها سقف الرواق المصنوع من الخشب ويمتاز سقف هذا الرواق أو بالأصح ما تبقى منه بأجمل الكتابات والزخارف الهندسية المتأثرة بمجمل المدارس الفنية وملونة بألوان مختلفة ، ويتكون الرواق الجنوبي : من خمس بلاطات ، ويتكون الرواق الشرقي : من أربعة بلاطات ولعل أهم ما يميز هذا الرواق وجود حجرات تعلوا البلاطة الأولى جهة الجدار الشرقي يطلق عليها مقاصير وعددها ( 14 مقصورة ) ، ويتكون الرواق الغربي : من أربعة بلاطات تتعامد بائكاتها على رواق القبلة .
(ب) المدارس الإسلامية : يوجد في مدينة زبيد حوالي ( 53 مدرسةً ) علمية إسلامية كانت تضم كافة المدارس الفكرية والدينية التي تمثل المذاهب الإسلامية المختلفة وتعتبر مدينة زبيد من أشهر المراكز الفكرية العالمية ليس في اليمن فحسب بل على مستوى العالم الإسلامي ولا تزال بعض تلك المدارس موجودة بمسمياتها الحقيقة ، ولا تزال المكتبات الخاصة بزبيد تضم دوراً من المخطوطات النادرة وأمهات الكتب في مختلف العلوم ، وعبر تاريخها الطويل أبرزت فطاحل العلماء أمثال شيخ الإسلام " إسماعيل بن أبي بكر المقري " الذي كان مفخرة عصره بعلمه وحجم مؤلفاته الشهيرة واهتمامات الجامعات الأوروبية بمؤلفات علماء زبيد في الطب والزراعة والرياضة والتي تنتسب كلمة جبر المعروفة إلى عالم من زبيد ، فارتبطت زبيد بالمدارس الدينية والفكرية والعلمية وبرزت مجموعة من مشاهير علماء الدين والتفسير والحديث واللغة وأصبح لها قيمتها التاريخية كمزارات لهولاء الأئمة الأوائل ومن مزاراتها قبر الزبيدي أحد رواة الحديث المشهورين والفيروزبادي صاحب المحيط وأحد فقهاء اللغة العربية وآخرون غيرهم كثيرون ومن هنا اكتسبت أهميتها ، ومن الأربطة التي مازالت موجودة في المدينة ـ الرباط : يطلق على الأبنية التي يأدى فيها الطلاب وترتبط بالمساجد التي يتلقون فيها الدروس عن العلماء ـ ، رباط يحيى بن عمر الأهدل ، ورباط الجامع الكبير ، ورباط الأشاعرة ، ورباط البطاح ، ورباط علي يوسف ، ورباط المهادلة ، ورباط الفرحانية ، ورباط الخوازم ، ورباط الدارة ، ورباط الغصيني ، ورباط ومسجد الوهابية ، وهذه الأربطة وأمثالها من المقاصير التابعة بالمساجد كانت مشاعل للفكر الإسلامي ، وسوف نتطرق بالتفصيل إلى عدد من تلك المدارس :-
(1) المدرسة الإسكندرية : كان يطلق عليها في السابق مدرسة الميلين ويعود بناء وتأسيس هذه المدرسة الإسلامية إلى عهد السلطان " المعز بن طغتكين " ( 593 ـ 598 هجرية ) الذي قام ببناءها شرقي رحبة الدار الناصري الكبير ، وقام بتجديدها الملك المسعود صلاح الدين " يوسف بن أيوب " في عام ( 612 هجرية ) ، كما أعيد ترميمها في عهد الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، وأعاد ترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود " ، وفي عهد حكم العثمانيين الأول لليمن قام الوالي" إسكندر موز " ( 930 ـ 943 هجرية ) الذي قام ببعض الإصلاحات عليها أو أوقف لها أموالاً وأملاكاً لإدارة ورعاية شئونها ، فأطلق الأهالي عليها المدرسة الإسكندرية نسبة إليه .
الوصف التخطيطي : تعد مدرسة الإسكندرية من المدارس الإسلامية الهامة بزبيد ، تقع المأذنة في الجزء الجنوبي الغربي من سور المدرسة ويبدوا أنها أضيفت على العمارة الأصلية ويوجد بها تاريخ بناء المئذنة المكتوب على أحد جوانبها عام ( 744 هجرية ) ، الذي ينتمي لفترة حكم السلطان الملك المجاهد " علي بن داود " ( 721 - 764 هجرية )-( 1321 - 1362 ميلادية )، والساحة الوسطى لبيت الصلاة مغطاة بقبة كبيرة وعالية تحيط بها أربعة قباب صغيرة جانبية أقل ارتفاعاً ، وفي مقدمة بيت الصلاة فناء مكشوف أبعاده ( 9.85 × 6.42 متر ) ، محاط بأربعة صفوف البائكات من النواحي الأربعة تماثل الطراز المعماري في الدولة الرسولية ، أمَّا الزخارف في داخل القبة فهي تمثل طرازاً فنياً أزدهر في اليمن ووصل ذروته في الدولة الطاهرية .
(2) المدرسة المنصورية : سميت المدرسة المنصورية العليا (الشرقية) بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها وبانيها السلطان الملك المنصور " عمر بن علي بن رسول " ( 626 - 647 هجرية ) ، أي أن اسم المدرسة أتى من لقب السلطان الذي اتخذه لنفسه ، وقد خصصت لتدريس فقه المذهب الشافعي ؛ وبطلب من الفقيه " أبوبكر بن عيسى بن عثمان الأشعري " ـ المعروف بابن حنكْاس ـ المتوفى في عام (( 664 هجرية ) ـ (1265 ميلادية )) قام ببناء مدرسة أخرى سماها باسمه أيضاً ، وهي المدرسة المنصورية السفلى (الغربية) قد خصصت لتدريس فقه المذهب الحنفي ، وكان الفقيه المذكور أول من درس بها ، وعينه بها السلطان مُدرساً وإماماً وقد أقام فيها مؤذناً وقيماً ومعلماً ، وأيتاماً يتعلمون القرآن الكريم وأوقف للمدرسة وقفاً لرعايتها ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " ( 883 - 894 هجرية ) .
(ب) المدارس الإسلامية : يوجد في مدينة زبيد حوالي ( 53 مدرسةً ) علمية إسلامية كانت تضم كافة المدارس الفكرية والدينية التي تمثل المذاهب الإسلامية المختلفة وتعتبر مدينة زبيد من أشهر المراكز الفكرية العالمية ليس في اليمن فحسب بل على مستوى العالم الإسلامي ولا تزال بعض تلك المدارس موجودة بمسمياتها الحقيقة ، ولا تزال المكتبات الخاصة بزبيد تضم دوراً من المخطوطات النادرة وأمهات الكتب في مختلف العلوم ، وعبر تاريخها الطويل أبرزت فطاحل العلماء أمثال شيخ الإسلام " إسماعيل بن أبي بكر المقري " الذي كان مفخرة عصره بعلمه وحجم مؤلفاته الشهيرة واهتمامات الجامعات الأوروبية بمؤلفات علماء زبيد في الطب والزراعة والرياضة والتي تنتسب كلمة جبر المعروفة إلى عالم من زبيد ، فارتبطت زبيد بالمدارس الدينية والفكرية والعلمية وبرزت مجموعة من مشاهير علماء الدين والتفسير والحديث واللغة وأصبح لها قيمتها التاريخية كمزارات لهولاء الأئمة الأوائل ومن مزاراتها قبر الزبيدي أحد رواة الحديث المشهورين والفيروزبادي صاحب المحيط وأحد فقهاء اللغة العربية وآخرون غيرهم كثيرون ومن هنا اكتسبت أهميتها ، ومن الأربطة التي مازالت موجودة في المدينة ـ الرباط : يطلق على الأبنية التي يأدى فيها الطلاب وترتبط بالمساجد التي يتلقون فيها الدروس عن العلماء ـ ، رباط يحيى بن عمر الأهدل ، ورباط الجامع الكبير ، ورباط الأشاعرة ، ورباط البطاح ، ورباط علي يوسف ، ورباط المهادلة ، ورباط الفرحانية ، ورباط الخوازم ، ورباط الدارة ، ورباط الغصيني ، ورباط ومسجد الوهابية ، وهذه الأربطة وأمثالها من المقاصير التابعة بالمساجد كانت مشاعل للفكر الإسلامي ، وسوف نتطرق بالتفصيل إلى عدد من تلك المدارس :-
(1) المدرسة الإسكندرية : كان يطلق عليها في السابق مدرسة الميلين ويعود بناء وتأسيس هذه المدرسة الإسلامية إلى عهد السلطان " المعز بن طغتكين " ( 593 ـ 598 هجرية ) الذي قام ببناءها شرقي رحبة الدار الناصري الكبير ، وقام بتجديدها الملك المسعود صلاح الدين " يوسف بن أيوب " في عام ( 612 هجرية ) ، كما أعيد ترميمها في عهد الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، وأعاد ترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود " ، وفي عهد حكم العثمانيين الأول لليمن قام الوالي" إسكندر موز " ( 930 ـ 943 هجرية ) الذي قام ببعض الإصلاحات عليها أو أوقف لها أموالاً وأملاكاً لإدارة ورعاية شئونها ، فأطلق الأهالي عليها المدرسة الإسكندرية نسبة إليه .
الوصف التخطيطي : تعد مدرسة الإسكندرية من المدارس الإسلامية الهامة بزبيد ، تقع المأذنة في الجزء الجنوبي الغربي من سور المدرسة ويبدوا أنها أضيفت على العمارة الأصلية ويوجد بها تاريخ بناء المئذنة المكتوب على أحد جوانبها عام ( 744 هجرية ) ، الذي ينتمي لفترة حكم السلطان الملك المجاهد " علي بن داود " ( 721 - 764 هجرية )-( 1321 - 1362 ميلادية )، والساحة الوسطى لبيت الصلاة مغطاة بقبة كبيرة وعالية تحيط بها أربعة قباب صغيرة جانبية أقل ارتفاعاً ، وفي مقدمة بيت الصلاة فناء مكشوف أبعاده ( 9.85 × 6.42 متر ) ، محاط بأربعة صفوف البائكات من النواحي الأربعة تماثل الطراز المعماري في الدولة الرسولية ، أمَّا الزخارف في داخل القبة فهي تمثل طرازاً فنياً أزدهر في اليمن ووصل ذروته في الدولة الطاهرية .
(2) المدرسة المنصورية : سميت المدرسة المنصورية العليا (الشرقية) بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها وبانيها السلطان الملك المنصور " عمر بن علي بن رسول " ( 626 - 647 هجرية ) ، أي أن اسم المدرسة أتى من لقب السلطان الذي اتخذه لنفسه ، وقد خصصت لتدريس فقه المذهب الشافعي ؛ وبطلب من الفقيه " أبوبكر بن عيسى بن عثمان الأشعري " ـ المعروف بابن حنكْاس ـ المتوفى في عام (( 664 هجرية ) ـ (1265 ميلادية )) قام ببناء مدرسة أخرى سماها باسمه أيضاً ، وهي المدرسة المنصورية السفلى (الغربية) قد خصصت لتدريس فقه المذهب الحنفي ، وكان الفقيه المذكور أول من درس بها ، وعينه بها السلطان مُدرساً وإماماً وقد أقام فيها مؤذناً وقيماً ومعلماً ، وأيتاماً يتعلمون القرآن الكريم وأوقف للمدرسة وقفاً لرعايتها ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " ( 883 - 894 هجرية ) .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيلة الشكل يتوسطها فناء " صحن " مستطيل المدرسة أبعاده من الشرق إلى الغرب ( 11.30 متر ) ، ومن الشمال إلى الجنوب حوالي ( 9.90 متر ) ، ويقع بيت الصلاة في الجهة الشمالية من المدرسة ، وتقع المأذنة في الجهة الشرقية من الفناء ، أما قاعة الدرس فتقع في الجهة الجنوبية من الفناء ، ويقع المدخل الرئيسي للمدرسة في الجزء الشرقي من الواجهة الشمالية ؛ إضافة إلى ذلك هناك البرك والدهليز وباقي المرافق الأخرى ، وتعد المدرسة المنصورية السفلى مع العليا من أٌقدم المدارس الإسلامية في اليمن .
(3) المدرسة التاجيــة : سميت المدرسة التاجية بهذا الاسم نسبة إلى من قام بتشييدها ، وهو تاج الدين " بدر بن عبدالله المظفري " المتوفى عام (( 654 هجرية ) ـ ( 1256 ميلادية ))، وهو من الأتباع المقربين للملك المظفر " يوسف بن عمر " ( 647 - 694 هجرية ) وقد خصصت لتدريس الفقه الشافعي ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيلة الشكل وغير منتظمة الأضلاع و أقرب إلى المسجد منه إلى المدرسة ، ويقع المدخل في الزاوية الجنوبية الغربية من سور المدرسة ، ومن المدخل يوجد ممر يؤدي باتجاه الشمال إلى فناء المدرسة، ويحتل الفناء مساحة كبيرة من المدرسة ، ويأخذ شكلاً شبه دائري حول بيت الصلاة من الجهتين الجنوبية والشرقية ، يقع بيت الصلاة في الجهة الشمالية من الفناء ، والمادة المستخدمة في البناء هي الآجر المغطى بالجص من الداخل والخارج.
(4) المدرسة الدعاسية : تقع المدرسة الدعاسية باتجاه الجنوب من مسجد الأشاعر المعروف وقد أنشأها الفقيه سراج الدين " أبوبكر بن إبراهيم بن دعسين " المتوفى عام (( 667 هجرية ) ( 1268 ميلادية )) وسميت نسبة إليه ، وقد خصصت لتدريس فقه المذهب الحنفي وقد أوقف عليها أملاكاً كثيرة ، وقد كان الفقيه المذكور من المقربين للملك المظفر " يوسف بن عمر " ( 647 - 694 هجرية ) ، وقد قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " ( 883 - 894 هجرية ) .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيلة الشكل تتكون من بيت الصلاة له باب من الجهة الغربية وتقابله قاعة الدرس وبينها فناء ( صحن ) مكشوف ، أما مدخل المدرسة فيقع في الجزء الجنوبي من الجدار الشرقي متصل به ممر يؤدي إلى فناء المدرسة الذي تبلغ أطواله من الشرق إلى الغرب ( 5 أمتار ) ، ومن الشمال إلى الجنوب حوالي ( 12 متر ) ، أما بيت الصلاة الذي يقع في الجزء الشمالي الشرقي من المدرسة وهو مربع الشكل ويبلغ طول ضلعه حوالي ( 5.55 متر ) ، وبالنسبة للقاعة المخصصة للدرس فهي تقع في الجهة الغربية من الفناء وهي مستطيلة وتبلغ أبعادها من الشمال إلى الجنوب حوالي ( 7 أمتار ) ومن الشرق إلى الغرب حوالي ( 2.50 متر ) ، وهنالك مرافق أخرى بالمدرسة هي السبيل ( السقاية ) وهو ملاصق لبيت الصلاة من جهة الجنوب، وكذلك هناك الميضاءة وتقع بالقرب من السبيل .
(5) المدرسة العفيفية : تقع ببرحة المندوب شيدتها السيدة " مريم أبنت الشيخ شمس الدين العفيف " زوجة الملك المظفر " يوسف بن عمر " الذي حكم خلال الفترة ( 647 - 694 هجرية )، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى لقب أسرتها ، كما عرفت المدرسة بأسماء أخرى منها " مدرسة مريم " ، وهي اليوم تسمى " مسجد العافية " ، وقد أوقفت السيدة المذكورة أموالاً وأملاكاً لإدارة ورعاية شئون المدرسة ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيل الشكل ، ويقع المدخل الرئيسي في منتصف الواجهة الشرقية للمدرسة ، ويتوسط المدرسة فناء مكشوف منخفض مستطيل الشكل تبلغ أبعاده من الشرق إلى الغرب ( 10.50 متر ) ، ومن الشمال إلى الجنوب ( 6.30 متر ) ، أما بيت الصلاة فيقع في الجهة الشمالية من المدرسة ، وأمّا قاعة الدرس فتقع في المؤخرة ، وهي مستطيلة الشكل طول أبعادها من الشرق إلى الغرب ( 7 أمتار ) ، ومن الشمال إلى الجنوب ( 3.20 متر ) ، وهناك مرافـق أخرى تابعة للمدرسة " المسجد حالياً " منها السبيل والميضأة وهما يقعان في الجزء الجنوبي من الفناء ويلاصقان الجدار الشرقي لسور المدرسة ، والبناء مشيد من الطابوق المغطى بالجص من الداخل والخارج .
(6) المدرسة الجبرتيـة : تأسست المدرسة الجبرتية على يد الشيخ " إسماعيل بن عبد الصمد الجبرتي " ( 722 – 806 هجرية ) وهو أحد رجالات الصوفية في عهد الدولة الرسولية ، وقد أسهم في بنائها السلطان الملك الأشرف الثاني" إسماعيل بن العباس "( 778 ـ 803 هجرية ) وجدد عمارتها السلطان الملك الظافر " عامر بن عبد الوهاب بن داود " ( 894 - 923 هجرية ) في عام ( 909 هجرية ) ، وأورد الإشارة إليها " ابن الديبع " بقوله : ( فعمرت عمارة حسنه متقنة في غاية
(3) المدرسة التاجيــة : سميت المدرسة التاجية بهذا الاسم نسبة إلى من قام بتشييدها ، وهو تاج الدين " بدر بن عبدالله المظفري " المتوفى عام (( 654 هجرية ) ـ ( 1256 ميلادية ))، وهو من الأتباع المقربين للملك المظفر " يوسف بن عمر " ( 647 - 694 هجرية ) وقد خصصت لتدريس الفقه الشافعي ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيلة الشكل وغير منتظمة الأضلاع و أقرب إلى المسجد منه إلى المدرسة ، ويقع المدخل في الزاوية الجنوبية الغربية من سور المدرسة ، ومن المدخل يوجد ممر يؤدي باتجاه الشمال إلى فناء المدرسة، ويحتل الفناء مساحة كبيرة من المدرسة ، ويأخذ شكلاً شبه دائري حول بيت الصلاة من الجهتين الجنوبية والشرقية ، يقع بيت الصلاة في الجهة الشمالية من الفناء ، والمادة المستخدمة في البناء هي الآجر المغطى بالجص من الداخل والخارج.
(4) المدرسة الدعاسية : تقع المدرسة الدعاسية باتجاه الجنوب من مسجد الأشاعر المعروف وقد أنشأها الفقيه سراج الدين " أبوبكر بن إبراهيم بن دعسين " المتوفى عام (( 667 هجرية ) ( 1268 ميلادية )) وسميت نسبة إليه ، وقد خصصت لتدريس فقه المذهب الحنفي وقد أوقف عليها أملاكاً كثيرة ، وقد كان الفقيه المذكور من المقربين للملك المظفر " يوسف بن عمر " ( 647 - 694 هجرية ) ، وقد قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " ( 883 - 894 هجرية ) .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيلة الشكل تتكون من بيت الصلاة له باب من الجهة الغربية وتقابله قاعة الدرس وبينها فناء ( صحن ) مكشوف ، أما مدخل المدرسة فيقع في الجزء الجنوبي من الجدار الشرقي متصل به ممر يؤدي إلى فناء المدرسة الذي تبلغ أطواله من الشرق إلى الغرب ( 5 أمتار ) ، ومن الشمال إلى الجنوب حوالي ( 12 متر ) ، أما بيت الصلاة الذي يقع في الجزء الشمالي الشرقي من المدرسة وهو مربع الشكل ويبلغ طول ضلعه حوالي ( 5.55 متر ) ، وبالنسبة للقاعة المخصصة للدرس فهي تقع في الجهة الغربية من الفناء وهي مستطيلة وتبلغ أبعادها من الشمال إلى الجنوب حوالي ( 7 أمتار ) ومن الشرق إلى الغرب حوالي ( 2.50 متر ) ، وهنالك مرافق أخرى بالمدرسة هي السبيل ( السقاية ) وهو ملاصق لبيت الصلاة من جهة الجنوب، وكذلك هناك الميضاءة وتقع بالقرب من السبيل .
(5) المدرسة العفيفية : تقع ببرحة المندوب شيدتها السيدة " مريم أبنت الشيخ شمس الدين العفيف " زوجة الملك المظفر " يوسف بن عمر " الذي حكم خلال الفترة ( 647 - 694 هجرية )، وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى لقب أسرتها ، كما عرفت المدرسة بأسماء أخرى منها " مدرسة مريم " ، وهي اليوم تسمى " مسجد العافية " ، وقد أوقفت السيدة المذكورة أموالاً وأملاكاً لإدارة ورعاية شئون المدرسة ، وأعيد ترميمها في أيام الملك الأشرف الثاني " إسماعيل بن العباس " ( 778 - 803 هجرية ) ، كما قام بترميمها الملك المنصور " عبد الوهاب بن داود بن عامر " .
الوصف التخطيطي :المدرسة مستطيل الشكل ، ويقع المدخل الرئيسي في منتصف الواجهة الشرقية للمدرسة ، ويتوسط المدرسة فناء مكشوف منخفض مستطيل الشكل تبلغ أبعاده من الشرق إلى الغرب ( 10.50 متر ) ، ومن الشمال إلى الجنوب ( 6.30 متر ) ، أما بيت الصلاة فيقع في الجهة الشمالية من المدرسة ، وأمّا قاعة الدرس فتقع في المؤخرة ، وهي مستطيلة الشكل طول أبعادها من الشرق إلى الغرب ( 7 أمتار ) ، ومن الشمال إلى الجنوب ( 3.20 متر ) ، وهناك مرافـق أخرى تابعة للمدرسة " المسجد حالياً " منها السبيل والميضأة وهما يقعان في الجزء الجنوبي من الفناء ويلاصقان الجدار الشرقي لسور المدرسة ، والبناء مشيد من الطابوق المغطى بالجص من الداخل والخارج .
(6) المدرسة الجبرتيـة : تأسست المدرسة الجبرتية على يد الشيخ " إسماعيل بن عبد الصمد الجبرتي " ( 722 – 806 هجرية ) وهو أحد رجالات الصوفية في عهد الدولة الرسولية ، وقد أسهم في بنائها السلطان الملك الأشرف الثاني" إسماعيل بن العباس "( 778 ـ 803 هجرية ) وجدد عمارتها السلطان الملك الظافر " عامر بن عبد الوهاب بن داود " ( 894 - 923 هجرية ) في عام ( 909 هجرية ) ، وأورد الإشارة إليها " ابن الديبع " بقوله : ( فعمرت عمارة حسنه متقنة في غاية