مطيعون فدونكم اليمن فهذه مفاتيح خزائنها فابعثوا إلى مخاليفها من يقبض لكم الخزائن وأتى بمفاتيح تحملها إبل كثيرة فكتب بذلك كالب إلى النجاشي يشاوره
فكتب إليه النجاشي أنْ يقبل منهم الطاعة وافترقت الحبشة في المخاليف فلما صاروا بها كتب ذو نواس إلى رؤساء حِمْيَرْ أنْ يذبحوا كل ثور اسود عندهم فعلموا ما أراد فوثبوا على الحبشة فقتلوهم حتى أفنوهم وبلغ ذلك النجاشي فعلم أنَّه قد غدر بهم فوجه قائدين بجيش عظيم إلى اليمن يقال لأحدهما إرياط والآخر إبرهة الاشرم فلقيهم ذو نواس بمن معه فقاتلهم فلما رأى أنَّه لا طاقة له بهم أقتحم البحر بنفسه وفرسه فغرق فيه ..
ثم جمع النعمان بن عفير جموعا من أهل اليمن وقاتل الحبشة بالسحول فهزموه إلى شرعة فيمن تبعه من أهل اليمن، ولحقهم الحبشة فقاتلوهم وقتل فلم يكن لهم بهم طاقة واستولت الحبشة على اليمن.... (انتهى)
مما سبق يتضح لنا ما يلي :
الشخص الذي حكم اليمن بعد مقتل الملك يوسف أسار
هو الملك النعمان بن عفير
وهذا مطابق لما ورد في حديث بروكوبيوس في قوله :
وقتل الملك الحميري والعديد من الحميريين
وبعد ذلك أقام عوضا عنه ملك مسيحي حميري الأصل
واسمه (Esimiphaeus = إيسيميفايوس = السميفع)
((أي أن الملك النعمان بن عفير هو الملك السميفع أشوع))
هذا و كنت قد نوهت الى إسم القيل (معد كرب) واعتبرت أنه سيكون دليلا إضافياً في الكشف عن شخصية الملك السميفع
فكما ورد في النقش A 103664 والنقش CIH 621
بأنه (معد كرب بن يعفر) و (يعفر و عفير)
هما نفس الكلمة لنفس الشخص
إلا أن الاولى هي الحقيقيه
فالاسم يعفر وليس عفير كما ورد في كتب المؤرخين والاخباريين
وبالتالي النعمان بن عفير أو النعمان بن يعفر
هو شقيق معد كرب بن عفير أو معد كرب بن يعفر
وهنـــــــــــــــا إتضــــــــــــح لنـــــــا وبما لا يدع مجالاً للشـــك أو الريب
أن الملك السميفع أشوع بن ذو يزن
هو نفسه الملك النعمان بن يعفر بن ذو يزن
وهذه أيضاً إحدى الحقائق الهــامه التي لم يذكرها الاخباريين
--------------------------------------------------
أخيراً وحتى لا أطيل كثيراً سوف أورد الحقيقة الثالثة وهي
أن الملك النعمان بن يعفر أو الملك السميفع أشوع
هو والد الملك (سيف بن ذي يزن )
وبالأصح سيف بن السميفع أشوع بن ذي يزن الحميري
أو سيف بن النعمان بن يعفر بن ذي يزن الحميري
وهو آخر الملوك الحميريين وهو الذي طرد الأحباش من اليمن ربما ثأراً منه لوالده الذي قتلوه الاحباش المدعومين من البيزنطيين ولذلك لجاء الى ملك الفرس وهذا يؤيد ما ذكره المؤرخ البيزنطي
(بروكوبيوس) حول الحرب التجارية بين الروم و الفرس ..
أما الدليل على صحة ذلك فيتمثل في ما ذكره أبو الحسن الهمداني
عندما تحدث عن نسب الملك سيف حيث قال :
فأولد النعمان بن عفير (سيف بن النعمان)
وهو أبا المنذر الذي وفد عليه عبد المطلب وهو النازع إلى كسرى أنوشروان
وأولد النعمان أيضاً : عمرو بن النعمان بن عفير... الخ
وأيضاً ما ذكره نشوان الحميري في حديثه عن نسب الملك سيف بأنه :
سيف بن النعمان بن عفير بن زرعة بن الحارث بن النعمان بن قيس بن
عبيد بن سيف الأكبر بن عامر ذي يزن ..
وحول عودة الملك سيف من بلاد الفرس يقول نشوان الحميري :
وقد كان كسرى عهد إلى وهرز وأعطاه تاجا وخلعة ومنطقة وقال له :
إذا صرت إلى اليمن فاسأل أهل اليمن عن هذا الرجل يعني سيفا
فإنَّ كان من الملوك فسلم إليه الأمر وألبسه التاج والخلعة والمنطقة
وإنْ لم يكن من الملوك فابعث إليَّ برأسه واضبط البلاد إلى أنْ يأتيك أمري
فلما اجتمع أهل اليمن سألهم وهرز عن سيف ؟
فقالوا : ملكنا وبن ملكنا والقائم بثأرنا ..
فألبسه وهرز التاج والمنطقة والخلعة وسلم الأمر له ..
--------------------------------------------------
الخلاصـــــــة والاستنتاجــــــات :
1 - هناك معضله حقيقة تتمثل في تكرار نقوش تتحدث عن موضوع واحد
2 - الى الان لم أعثر على كتاب أو مؤلَّف أو دراسة أو بحث يوثق النقوش المؤرخة تسلسلياً من الأقدم الى الأحدث وهذا يعتبر نقص فظيع في توثيق النقوش وما يرتبط بها من أحداث تاريخيه ..
3- الكثير من النقوش اليمنيه تم قرائتها قديما من بعض الباحثين الأجانب وبالتالي ينبغي إعادة النظر في ماورد فيها وخاصة ان العديد من الألفاظ يتم تفسيرها بما يخالف المراد منها
4 - الاختلافات بين الحكام والملوك هي سبب البلاء قديماً وحديثاً وخاصة إذا إرتبط ذلك بالدين ..
5- التمردات والانقلابات وتغليب المصالح الشخصية من الحكام على حساب مصلحة الوطن والشعب وما يصاحب ذلك من تحالفات وتمزق وحدة الصف سبب هام في وقوع البلدان تحت الاستعمار ..
5- للاسف ان العصبية القبلية طغت على بعض ما أورده المؤرخين والاخباريين ولم يذكروا الحوادث بحقيقتها وهذه دعوة لكل مهتم بالتاريخ أن يكتب ويوثق ما يحدث بكل حيادية وتجرُّد فالتاريخ ملك للجميع
6- كانت وما تزال اليمن محط أنظار القوى الاستعماريه قديماً وحديثاً نظراً لموقعها الاستراتيجي
فكتب إليه النجاشي أنْ يقبل منهم الطاعة وافترقت الحبشة في المخاليف فلما صاروا بها كتب ذو نواس إلى رؤساء حِمْيَرْ أنْ يذبحوا كل ثور اسود عندهم فعلموا ما أراد فوثبوا على الحبشة فقتلوهم حتى أفنوهم وبلغ ذلك النجاشي فعلم أنَّه قد غدر بهم فوجه قائدين بجيش عظيم إلى اليمن يقال لأحدهما إرياط والآخر إبرهة الاشرم فلقيهم ذو نواس بمن معه فقاتلهم فلما رأى أنَّه لا طاقة له بهم أقتحم البحر بنفسه وفرسه فغرق فيه ..
ثم جمع النعمان بن عفير جموعا من أهل اليمن وقاتل الحبشة بالسحول فهزموه إلى شرعة فيمن تبعه من أهل اليمن، ولحقهم الحبشة فقاتلوهم وقتل فلم يكن لهم بهم طاقة واستولت الحبشة على اليمن.... (انتهى)
مما سبق يتضح لنا ما يلي :
الشخص الذي حكم اليمن بعد مقتل الملك يوسف أسار
هو الملك النعمان بن عفير
وهذا مطابق لما ورد في حديث بروكوبيوس في قوله :
وقتل الملك الحميري والعديد من الحميريين
وبعد ذلك أقام عوضا عنه ملك مسيحي حميري الأصل
واسمه (Esimiphaeus = إيسيميفايوس = السميفع)
((أي أن الملك النعمان بن عفير هو الملك السميفع أشوع))
هذا و كنت قد نوهت الى إسم القيل (معد كرب) واعتبرت أنه سيكون دليلا إضافياً في الكشف عن شخصية الملك السميفع
فكما ورد في النقش A 103664 والنقش CIH 621
بأنه (معد كرب بن يعفر) و (يعفر و عفير)
هما نفس الكلمة لنفس الشخص
إلا أن الاولى هي الحقيقيه
فالاسم يعفر وليس عفير كما ورد في كتب المؤرخين والاخباريين
وبالتالي النعمان بن عفير أو النعمان بن يعفر
هو شقيق معد كرب بن عفير أو معد كرب بن يعفر
وهنـــــــــــــــا إتضــــــــــــح لنـــــــا وبما لا يدع مجالاً للشـــك أو الريب
أن الملك السميفع أشوع بن ذو يزن
هو نفسه الملك النعمان بن يعفر بن ذو يزن
وهذه أيضاً إحدى الحقائق الهــامه التي لم يذكرها الاخباريين
--------------------------------------------------
أخيراً وحتى لا أطيل كثيراً سوف أورد الحقيقة الثالثة وهي
أن الملك النعمان بن يعفر أو الملك السميفع أشوع
هو والد الملك (سيف بن ذي يزن )
وبالأصح سيف بن السميفع أشوع بن ذي يزن الحميري
أو سيف بن النعمان بن يعفر بن ذي يزن الحميري
وهو آخر الملوك الحميريين وهو الذي طرد الأحباش من اليمن ربما ثأراً منه لوالده الذي قتلوه الاحباش المدعومين من البيزنطيين ولذلك لجاء الى ملك الفرس وهذا يؤيد ما ذكره المؤرخ البيزنطي
(بروكوبيوس) حول الحرب التجارية بين الروم و الفرس ..
أما الدليل على صحة ذلك فيتمثل في ما ذكره أبو الحسن الهمداني
عندما تحدث عن نسب الملك سيف حيث قال :
فأولد النعمان بن عفير (سيف بن النعمان)
وهو أبا المنذر الذي وفد عليه عبد المطلب وهو النازع إلى كسرى أنوشروان
وأولد النعمان أيضاً : عمرو بن النعمان بن عفير... الخ
وأيضاً ما ذكره نشوان الحميري في حديثه عن نسب الملك سيف بأنه :
سيف بن النعمان بن عفير بن زرعة بن الحارث بن النعمان بن قيس بن
عبيد بن سيف الأكبر بن عامر ذي يزن ..
وحول عودة الملك سيف من بلاد الفرس يقول نشوان الحميري :
وقد كان كسرى عهد إلى وهرز وأعطاه تاجا وخلعة ومنطقة وقال له :
إذا صرت إلى اليمن فاسأل أهل اليمن عن هذا الرجل يعني سيفا
فإنَّ كان من الملوك فسلم إليه الأمر وألبسه التاج والخلعة والمنطقة
وإنْ لم يكن من الملوك فابعث إليَّ برأسه واضبط البلاد إلى أنْ يأتيك أمري
فلما اجتمع أهل اليمن سألهم وهرز عن سيف ؟
فقالوا : ملكنا وبن ملكنا والقائم بثأرنا ..
فألبسه وهرز التاج والمنطقة والخلعة وسلم الأمر له ..
--------------------------------------------------
الخلاصـــــــة والاستنتاجــــــات :
1 - هناك معضله حقيقة تتمثل في تكرار نقوش تتحدث عن موضوع واحد
2 - الى الان لم أعثر على كتاب أو مؤلَّف أو دراسة أو بحث يوثق النقوش المؤرخة تسلسلياً من الأقدم الى الأحدث وهذا يعتبر نقص فظيع في توثيق النقوش وما يرتبط بها من أحداث تاريخيه ..
3- الكثير من النقوش اليمنيه تم قرائتها قديما من بعض الباحثين الأجانب وبالتالي ينبغي إعادة النظر في ماورد فيها وخاصة ان العديد من الألفاظ يتم تفسيرها بما يخالف المراد منها
4 - الاختلافات بين الحكام والملوك هي سبب البلاء قديماً وحديثاً وخاصة إذا إرتبط ذلك بالدين ..
5- التمردات والانقلابات وتغليب المصالح الشخصية من الحكام على حساب مصلحة الوطن والشعب وما يصاحب ذلك من تحالفات وتمزق وحدة الصف سبب هام في وقوع البلدان تحت الاستعمار ..
5- للاسف ان العصبية القبلية طغت على بعض ما أورده المؤرخين والاخباريين ولم يذكروا الحوادث بحقيقتها وهذه دعوة لكل مهتم بالتاريخ أن يكتب ويوثق ما يحدث بكل حيادية وتجرُّد فالتاريخ ملك للجميع
6- كانت وما تزال اليمن محط أنظار القوى الاستعماريه قديماً وحديثاً نظراً لموقعها الاستراتيجي
سيف بن ذي يزن
فبراير 1, 2012ya4435
سيف بن ذي يزن
سيرة شعبية خيالية تروي حكاية سيف بن ذي يزن الملك اليمني الذي طرد الأحباش من اليمن. و بعيداً عن التاريخ، تُحلق السيرة بعيداً في الأسطورة، فتلبس الملك سيف بن ذي يزن لباساً غير بشري، و تجعل له أصولاً جنية، فأمه إحدى ملكات الجن، و له أخت منهن. و تحكي السيرة عن زوجة سيف منية النفوس، و كيف اختطفها الأحباش و استعادها سيف منهم، كما تحكي عن ولده معد يكرب. و تجعل السيرة من سيف موحداً مسلماً على دين إبراهيم الخليل، و من الأحباش وثنيين يعبدون الكواكب و النجوم، رغم أن دين الأحباش كان النصرانية.
و في السيرة إشارات قومية واضحة،كما أن الخيال يجمح بها فيجعل من سيف بن ذي يزن ملكاً متوجاً على الإنس و الجن. و تشير السيرة إلى اختفاء سيف في آخر أيامه لاحقاً بأمه في عالمها. امتدت تأثيرات هذه السيرة على امتداد العالم الإسلامي، فدخلت الأدب الماليزي على أنها سيرة الملك يوسف ذي الليزان، و أثرت في الأدب القصصي في تلك البلاد مع السير العربية الأخرى. تقع السيرة في تسعة عشر مجلداً، و هي واحدة من أطول السير العربية. أنتجت اليمن مسلسلاً عن سيرة حياة سيف بن ذي يزن بالتعاون مع خبرات فنية من سوريا.
“سيف بن ذي يزن”
ملك يمني حميري عاش في الفترة بين 516 – 574، اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، و تولى الملك فيها. نسبه الكلبي فقال: سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد، من أذواء حمير.
دخل سيف بن ذي يزن القصص الشعبية، فسيرته مشهورة، و هي من أضخم السير العربية، و فيها اختلط الخيال بالوقائع التاريخية، و جمح، فأصبح سيف بن ذي يزن ابناً لأم من الجن، و صاحب سيادة فيهم. و غير ذلك من أفانين الخيال.
حكم الأحباش اليمن فترة طويلة من الزمان، فطغوا و تجبروا، و أرهقوا أهل اليمن، فخرج سيف بن ذي يزن إلى قيصرالروم ليرجوه أن يكف يد الأحباش عن اليمن، و يولي عليها من يشاء من الروم، فأجابه أن الأحباش على دين النصارى كالروم. فعاد سيف و وفد على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة، فشكى إليه، و استمهله النعمان حتى وفادته على كسرى، فلما وفد قدمه إليه، و أخبره بمسألته، فقال كسرى عن أرض اليمن إنما هي أرض شاه و بعير، و لا حاجة لنا بها، و أعطى سيفاً بعض الدنانير فنثرها سيف، و قال: إنما جبال بلادي ذهب و فضة. فشاور كسرى رجاله في الأمر، فأشاروا عليه بإرسال السجناء الذي سجنوا لاتهامهم بالقتل للقتال مع سيف بن ذي يزن، فإن هلكوا، كان ذلك ما يريده كسرى، و إن ظفروا باليمن من الأحباش انضمت ولاية جديدة إلى أعمال فارس. فعمل كسرى بالمشورة، و أرسل مع سيف جيشاً من المحكومين بالقتل.
فنزل سيف باليمن، و جمع من قومه من استطاع جمعهم، فخرج إليه مسروق بن أبرهه في مائة ألف من الأحباش، و من أوباش اليمن، فهزمهم سيف و أذهب ريحهم، و تملك على اليمن بأمر من كسرى على فريضة يؤديها له كل عام، و أبقى كسرى نائباً فارسياً للدولة في جماعة من الفرس في اليمن.
و جاءت وفود العرب إلى سيف بن ذي يزن لتهنئه بالملك، و فيهم وفد من قريش فيه عبد المطلب، فأكرم وفادتهم، و أجزل لهم العطايا.
و قيل أن سيفاً دخل الحبشة، فأمعن في أهلها تقتيلاً، و استرق جماعة من الرجال الأحباش فأخصاهم و جعلهم يمشون بين يديه و يتقدمون مواكبه.
و قيل قتله هؤلاء الرجال غدراً في غفلة منه عن مراقبتهم، فلما عرف بذلك نائب كسرى على اليمن ركب إليهم، و قتلهم، ثم جاءه كتاب كسرى أن يقتل كل الأحباش، و كل من انتسب إليهم في اليمن، ففعل، و تولى على اليمن، و بعدها صار الحكم للفرس، فزالت دولة العرب، و لم تقم لملوك حمير قائمة بعدها. و قيل تآمر الفرس على قتله لتصير اليمن ولاية فارسية بالكامل.
لمّا اشتد البلاء على أهل اليمن, خرج سيف بن ذي يزن وكنيته أبو مرة حتى قدم إلى قيصر الروم. و قد فضّل الذهاب إليه بدلا عن كسرى لإبطاء هذا الأخير عن نصر أبيه. فإن أباه كان قد قصد كسرى “أنوشروان” لما أُخِذت زوجته يستنصره على الحبشة فوعده فأقام ذو يزن عنده دون جدوى إلى أن مات على بابه.
وتربى سيف مع أمه في حجر أبرهة الحبشي وهو يحسب أنه ابنه فسبه ذات مرة ولد لأبرهة وسب أباه فسأل أمه عن أبيه فأعلمته خبره بعد مراجعة بينهما فأقام حتى مات أبرهة وابنه يكسوم ثم سار إلى الروم فلم يجد عند ملكهم ما يحب لموافقته الحبشة في الدين فعاد إلى كسرى فاعترضه يومًا وقد ركب فقال له: إن لي عندك ميراثًا فدعا به كسرى لما نزل فقال له: من أنت وما ميراثك قال: أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصرة فمات ببابك فتلك العدة حق لي وميراث.
فرق كسرى له وقال له: بعدت بلادك عنا وقل خيرها والمسلك إليها وعرٌ ولست أغرر بجيشي.
وأمر له بمال فخرج وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى فسأله ما حمله على ذلك فقال: لم آتك للمال وإنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل والهوان وإن جبال بلادنا ذهب وفضة.
فأعجب كسرى بقوله وقال: يظن المسكين أنه أعرف ببلاده مني واستشار وزراء
فبراير 1, 2012ya4435
سيف بن ذي يزن
سيرة شعبية خيالية تروي حكاية سيف بن ذي يزن الملك اليمني الذي طرد الأحباش من اليمن. و بعيداً عن التاريخ، تُحلق السيرة بعيداً في الأسطورة، فتلبس الملك سيف بن ذي يزن لباساً غير بشري، و تجعل له أصولاً جنية، فأمه إحدى ملكات الجن، و له أخت منهن. و تحكي السيرة عن زوجة سيف منية النفوس، و كيف اختطفها الأحباش و استعادها سيف منهم، كما تحكي عن ولده معد يكرب. و تجعل السيرة من سيف موحداً مسلماً على دين إبراهيم الخليل، و من الأحباش وثنيين يعبدون الكواكب و النجوم، رغم أن دين الأحباش كان النصرانية.
و في السيرة إشارات قومية واضحة،كما أن الخيال يجمح بها فيجعل من سيف بن ذي يزن ملكاً متوجاً على الإنس و الجن. و تشير السيرة إلى اختفاء سيف في آخر أيامه لاحقاً بأمه في عالمها. امتدت تأثيرات هذه السيرة على امتداد العالم الإسلامي، فدخلت الأدب الماليزي على أنها سيرة الملك يوسف ذي الليزان، و أثرت في الأدب القصصي في تلك البلاد مع السير العربية الأخرى. تقع السيرة في تسعة عشر مجلداً، و هي واحدة من أطول السير العربية. أنتجت اليمن مسلسلاً عن سيرة حياة سيف بن ذي يزن بالتعاون مع خبرات فنية من سوريا.
“سيف بن ذي يزن”
ملك يمني حميري عاش في الفترة بين 516 – 574، اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، و تولى الملك فيها. نسبه الكلبي فقال: سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد، من أذواء حمير.
دخل سيف بن ذي يزن القصص الشعبية، فسيرته مشهورة، و هي من أضخم السير العربية، و فيها اختلط الخيال بالوقائع التاريخية، و جمح، فأصبح سيف بن ذي يزن ابناً لأم من الجن، و صاحب سيادة فيهم. و غير ذلك من أفانين الخيال.
حكم الأحباش اليمن فترة طويلة من الزمان، فطغوا و تجبروا، و أرهقوا أهل اليمن، فخرج سيف بن ذي يزن إلى قيصرالروم ليرجوه أن يكف يد الأحباش عن اليمن، و يولي عليها من يشاء من الروم، فأجابه أن الأحباش على دين النصارى كالروم. فعاد سيف و وفد على النعمان بن المنذر عامل فارس على الحيرة، فشكى إليه، و استمهله النعمان حتى وفادته على كسرى، فلما وفد قدمه إليه، و أخبره بمسألته، فقال كسرى عن أرض اليمن إنما هي أرض شاه و بعير، و لا حاجة لنا بها، و أعطى سيفاً بعض الدنانير فنثرها سيف، و قال: إنما جبال بلادي ذهب و فضة. فشاور كسرى رجاله في الأمر، فأشاروا عليه بإرسال السجناء الذي سجنوا لاتهامهم بالقتل للقتال مع سيف بن ذي يزن، فإن هلكوا، كان ذلك ما يريده كسرى، و إن ظفروا باليمن من الأحباش انضمت ولاية جديدة إلى أعمال فارس. فعمل كسرى بالمشورة، و أرسل مع سيف جيشاً من المحكومين بالقتل.
فنزل سيف باليمن، و جمع من قومه من استطاع جمعهم، فخرج إليه مسروق بن أبرهه في مائة ألف من الأحباش، و من أوباش اليمن، فهزمهم سيف و أذهب ريحهم، و تملك على اليمن بأمر من كسرى على فريضة يؤديها له كل عام، و أبقى كسرى نائباً فارسياً للدولة في جماعة من الفرس في اليمن.
و جاءت وفود العرب إلى سيف بن ذي يزن لتهنئه بالملك، و فيهم وفد من قريش فيه عبد المطلب، فأكرم وفادتهم، و أجزل لهم العطايا.
و قيل أن سيفاً دخل الحبشة، فأمعن في أهلها تقتيلاً، و استرق جماعة من الرجال الأحباش فأخصاهم و جعلهم يمشون بين يديه و يتقدمون مواكبه.
و قيل قتله هؤلاء الرجال غدراً في غفلة منه عن مراقبتهم، فلما عرف بذلك نائب كسرى على اليمن ركب إليهم، و قتلهم، ثم جاءه كتاب كسرى أن يقتل كل الأحباش، و كل من انتسب إليهم في اليمن، ففعل، و تولى على اليمن، و بعدها صار الحكم للفرس، فزالت دولة العرب، و لم تقم لملوك حمير قائمة بعدها. و قيل تآمر الفرس على قتله لتصير اليمن ولاية فارسية بالكامل.
لمّا اشتد البلاء على أهل اليمن, خرج سيف بن ذي يزن وكنيته أبو مرة حتى قدم إلى قيصر الروم. و قد فضّل الذهاب إليه بدلا عن كسرى لإبطاء هذا الأخير عن نصر أبيه. فإن أباه كان قد قصد كسرى “أنوشروان” لما أُخِذت زوجته يستنصره على الحبشة فوعده فأقام ذو يزن عنده دون جدوى إلى أن مات على بابه.
وتربى سيف مع أمه في حجر أبرهة الحبشي وهو يحسب أنه ابنه فسبه ذات مرة ولد لأبرهة وسب أباه فسأل أمه عن أبيه فأعلمته خبره بعد مراجعة بينهما فأقام حتى مات أبرهة وابنه يكسوم ثم سار إلى الروم فلم يجد عند ملكهم ما يحب لموافقته الحبشة في الدين فعاد إلى كسرى فاعترضه يومًا وقد ركب فقال له: إن لي عندك ميراثًا فدعا به كسرى لما نزل فقال له: من أنت وما ميراثك قال: أنا ابن الشيخ اليماني الذي وعدته النصرة فمات ببابك فتلك العدة حق لي وميراث.
فرق كسرى له وقال له: بعدت بلادك عنا وقل خيرها والمسلك إليها وعرٌ ولست أغرر بجيشي.
وأمر له بمال فخرج وجعل ينثر الدراهم فانتهبها الناس فسمع كسرى فسأله ما حمله على ذلك فقال: لم آتك للمال وإنما جئتك للرجال ولتمنعني من الذل والهوان وإن جبال بلادنا ذهب وفضة.
فأعجب كسرى بقوله وقال: يظن المسكين أنه أعرف ببلاده مني واستشار وزراء
ه في توجيه الجند معه فقال له “موبذان موبذ” : أيها الملك إن لهذا الغلام حقًا بنزوعه إليك وموت أبيه ببابك وما تقدم من عدته بالنصرة وفي سجونك رجال ذوو نجدة وبأس فلو أن الملك وجههم معه فإن أصابوا ظفرًا كان للملك وإن هلكوا فقد استراح وأراح أهل مملكته منهم.
فقال كسرى: هذا الرأي.
فأمر بمن في السجون فأحضروا فكانوا ثمانمائة فقود عليهم قائدًا من أساورته يقال له “وهرز” وقيل: بل كان من أهل السجون سخط عليه كسرى لحدث فحبسه وكان يعدله بألف أسوار وأمر بحملهم في ثماني سفن فركبوا البحر فغرق سفينتان وخرجوا بساحل حضرموت ولحق بابن ذي يزن بشرٌ كثير وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعراب وجعل “وهرز” البحر وراء ظهره وأحرق السفن لئلا يطمع أصحابه في النجاة وأحرق كل ما معهم من زاد وكسوة إلا ما أكلوا وما على أبدانهم وقال لأصحابه: إنما أحرقت ذلك لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم تقاتلون معي وتصبروني أعلمتموني ذلك وإن كنتم لا تفعلون اعتمدت على سيفي حتى يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه.
قالوا: بل نقاتل معك حتى نموت أو نظفر.
وقال لسيف بن ذي يزن: ما عندك قال: ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي مع رجلك حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا.
قال: أنصفت.
فجمع إليه سيف من استطاع من قومه فكان أول من لحقه السكاسك من كندة.
وسمع بهم مسروق بن أبرهة فجمع إليه جنده فعبأ “وهرز” أصحابه وأمرهم أن يوتروا قسيهم وقال: إذا أمرتكم بالرمي فارموا رشقًا.
وأقبل مسروق في جمع لا يرى طرفاه وهو على فيل وعلى رأسه تاج وبين عينيه ياقوتة حمراء مثل البيضة لا يرى دون الظفر شيئًا.
وكان وهرز كل بصره فقال: أروني عظيمهم.
فقالوا: هذا صاحب الفيل ثم ركب فرسًا فقالوا: ركب فرسًا ثم انتقل إلى بلغة فقالوا: ركب بغلة.
فقال وهرز: ذل وذل ملكه! وقال وهرز: ارفعوا لي حاجبي وكانا قد سقطا على عينيه من الكبر فرفعوهما له بعصابة ثم جعل نشابة في كبد قوسه وقال: أشيروا إلى مسروق فأشاروا إليه فقال لهم: سأرميه فإن رأيتم أصحابه وقوفًا لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوؤذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتموهم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبته فاحملوا عليهم.
ثم رماه فأصاب السهم بين عينيه ورمى أصحابه فقتل مسروق وجماعة من اصحابه فاستدارت الحبشة بمسروق وقد سقط عن دابته وحملت الفرس عليهم فلم يكن دون الهزيمة شيء وغنم الفرس من عسكرهم ما لا يحد ولا يحصى.
وقال وهرز: كفوا عن العرب واقتلوا السودان ولا تبقوا منهم أحدًا.
وهرب رجل من الأعراب يومًا وليلة ثم التفت فرأى في جعبته نشابة فقال: لأمك الويل! أبعدٌ أم طول مسير! وسار وهرز حتى دخل صنعاء وغلب على بلاد اليمن وأرسل عماله في المخاليف.
وكان مدة ملك الحبشة اليمن اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة ملوك: أرياط ثم أبرهة ثم ابنه يكسوم ثم مسروق بن أبرهة وقيل: كان ملكهم نحوًا من مائتي سنة وقيل غير ذلك والأول أصح.
فلما ملك وهرز اليمن أرسل إلى كسرى يعلمه بذلك وبعث إليه بأموال وكتب إليه كسرى يأمره أن يملك سيف بن ذي يزن وبعضهم يقول معدي كرب بن سيف بن ذي يزن على اليمن وأرضها وفرض عليه كسرى جزية وخراجًا معلومًا في كل عام فملكه وهرز وانصرف إلى كسرى وأقام سيف على اليمن ملكًا يقتل الحبشة ويبقر بطون الحبال عن الحمل ولم يترك منهم إلا القليل جعلهم خولًا فاتخذ منهم جمازين يسعون بين يديه بالحراب فمكث غير كثير ثم إنه خرج يومًا والحبشة يسعون بين يديه بحرابهم فضربوه بالحراب حتى قتلوه فكان ملكه خمس عشرة سنة ووثب بهم رجل من الحبشة فقتل باليمن وأفسد فلما بلغ ذاك كسرى بعث إليهم وهرز في أربعة آلاف فارس وأمره أن لا يترك باليمن أسود ولا ولد عربية من أسود إلا قتله صغيرًا أو كبيرًا ولا يدع رجلًا جعدًا قططًا قد شرك فيه السودان إلا قتله وأقبل حتى دخل اليمن ففعل ما أمره وكتب إلى كسرى يخبره فأقره على ملك اليمن فكان يجيبها لكسرى حتى هلك وأمر بعده كسرى ابنه المرزبان بن وهرز حتى هلك ثم أمر بعده كسرى التينجان بن المرزبان ثم أمر بعده خر خسرة بن التينجان بن المرزبان.
ثم إن كسرى أبرويز غضب عليه فأحضره من اليمن فلما قدم تلقاه رجل من عظماء الفرس فألقى عليه سيفًا كان لأبي كسرى فأجاره كسرى بذلك من القتل وعزله عن اليمن وبعث باذان إلى اليمن فلم يزل بها حتى بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن أنوشروان استعمل بعد وهرز زرين وكان مسرفًا إذا أراد أن يركب قتل قتيلًا ثم سار بين أصواله فمات أنوشروان وهو على اليمن فعزله ابنه هرمز.
خروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن
سيف وشكواه لقيصر
فلما طال البلاء على أهل اليمن ، خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم ، فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من ش
فقال كسرى: هذا الرأي.
فأمر بمن في السجون فأحضروا فكانوا ثمانمائة فقود عليهم قائدًا من أساورته يقال له “وهرز” وقيل: بل كان من أهل السجون سخط عليه كسرى لحدث فحبسه وكان يعدله بألف أسوار وأمر بحملهم في ثماني سفن فركبوا البحر فغرق سفينتان وخرجوا بساحل حضرموت ولحق بابن ذي يزن بشرٌ كثير وسار إليهم مسروق في مائة ألف من الحبشة وحمير والأعراب وجعل “وهرز” البحر وراء ظهره وأحرق السفن لئلا يطمع أصحابه في النجاة وأحرق كل ما معهم من زاد وكسوة إلا ما أكلوا وما على أبدانهم وقال لأصحابه: إنما أحرقت ذلك لئلا يأخذه الحبشة إن ظفروا بكم وإن نحن ظفرنا بهم فسنأخذ أضعافه فإن كنتم تقاتلون معي وتصبروني أعلمتموني ذلك وإن كنتم لا تفعلون اعتمدت على سيفي حتى يخرج من ظهري فانظروا ما حالكم إذا فعل رئيسكم هذا بنفسه.
قالوا: بل نقاتل معك حتى نموت أو نظفر.
وقال لسيف بن ذي يزن: ما عندك قال: ما شئت من رجل عربي وسيف عربي ثم اجعل رجلي مع رجلك حتى نموت جميعًا أو نظفر جميعًا.
قال: أنصفت.
فجمع إليه سيف من استطاع من قومه فكان أول من لحقه السكاسك من كندة.
وسمع بهم مسروق بن أبرهة فجمع إليه جنده فعبأ “وهرز” أصحابه وأمرهم أن يوتروا قسيهم وقال: إذا أمرتكم بالرمي فارموا رشقًا.
وأقبل مسروق في جمع لا يرى طرفاه وهو على فيل وعلى رأسه تاج وبين عينيه ياقوتة حمراء مثل البيضة لا يرى دون الظفر شيئًا.
وكان وهرز كل بصره فقال: أروني عظيمهم.
فقالوا: هذا صاحب الفيل ثم ركب فرسًا فقالوا: ركب فرسًا ثم انتقل إلى بلغة فقالوا: ركب بغلة.
فقال وهرز: ذل وذل ملكه! وقال وهرز: ارفعوا لي حاجبي وكانا قد سقطا على عينيه من الكبر فرفعوهما له بعصابة ثم جعل نشابة في كبد قوسه وقال: أشيروا إلى مسروق فأشاروا إليه فقال لهم: سأرميه فإن رأيتم أصحابه وقوفًا لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوؤذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتموهم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبته فاحملوا عليهم.
ثم رماه فأصاب السهم بين عينيه ورمى أصحابه فقتل مسروق وجماعة من اصحابه فاستدارت الحبشة بمسروق وقد سقط عن دابته وحملت الفرس عليهم فلم يكن دون الهزيمة شيء وغنم الفرس من عسكرهم ما لا يحد ولا يحصى.
وقال وهرز: كفوا عن العرب واقتلوا السودان ولا تبقوا منهم أحدًا.
وهرب رجل من الأعراب يومًا وليلة ثم التفت فرأى في جعبته نشابة فقال: لأمك الويل! أبعدٌ أم طول مسير! وسار وهرز حتى دخل صنعاء وغلب على بلاد اليمن وأرسل عماله في المخاليف.
وكان مدة ملك الحبشة اليمن اثنتين وسبعين سنة توارث ذلك منهم أربعة ملوك: أرياط ثم أبرهة ثم ابنه يكسوم ثم مسروق بن أبرهة وقيل: كان ملكهم نحوًا من مائتي سنة وقيل غير ذلك والأول أصح.
فلما ملك وهرز اليمن أرسل إلى كسرى يعلمه بذلك وبعث إليه بأموال وكتب إليه كسرى يأمره أن يملك سيف بن ذي يزن وبعضهم يقول معدي كرب بن سيف بن ذي يزن على اليمن وأرضها وفرض عليه كسرى جزية وخراجًا معلومًا في كل عام فملكه وهرز وانصرف إلى كسرى وأقام سيف على اليمن ملكًا يقتل الحبشة ويبقر بطون الحبال عن الحمل ولم يترك منهم إلا القليل جعلهم خولًا فاتخذ منهم جمازين يسعون بين يديه بالحراب فمكث غير كثير ثم إنه خرج يومًا والحبشة يسعون بين يديه بحرابهم فضربوه بالحراب حتى قتلوه فكان ملكه خمس عشرة سنة ووثب بهم رجل من الحبشة فقتل باليمن وأفسد فلما بلغ ذاك كسرى بعث إليهم وهرز في أربعة آلاف فارس وأمره أن لا يترك باليمن أسود ولا ولد عربية من أسود إلا قتله صغيرًا أو كبيرًا ولا يدع رجلًا جعدًا قططًا قد شرك فيه السودان إلا قتله وأقبل حتى دخل اليمن ففعل ما أمره وكتب إلى كسرى يخبره فأقره على ملك اليمن فكان يجيبها لكسرى حتى هلك وأمر بعده كسرى ابنه المرزبان بن وهرز حتى هلك ثم أمر بعده كسرى التينجان بن المرزبان ثم أمر بعده خر خسرة بن التينجان بن المرزبان.
ثم إن كسرى أبرويز غضب عليه فأحضره من اليمن فلما قدم تلقاه رجل من عظماء الفرس فألقى عليه سيفًا كان لأبي كسرى فأجاره كسرى بذلك من القتل وعزله عن اليمن وبعث باذان إلى اليمن فلم يزل بها حتى بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إن أنوشروان استعمل بعد وهرز زرين وكان مسرفًا إذا أراد أن يركب قتل قتيلًا ثم سار بين أصواله فمات أنوشروان وهو على اليمن فعزله ابنه هرمز.
خروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن
سيف وشكواه لقيصر
فلما طال البلاء على أهل اليمن ، خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم ، فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من ش
بن ذي يزن الحميري :
يظن الناس بالملكين
أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأمهما
فإن الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا
وروينا الكثيب دما
وإن القيل قيل النا
س وهرز مقسم قسما
يذوق مشعشعا حتى
يفيء السبي والنعما
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في أبيات له . وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتا لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها له .
وذكر قدوم سيف مع وهرز على صنعاء في ستمائة وقد قدمنا قول ابن قتيبة أنهم كانوا سبعة آلاف وخمسمائة وانضافت إليهم قبائل من العرب .
صنعاء
وذكر دخول وهرز صنعاء وهدمه بابها ، وإنما كانت تسمى قبل ذلك أوال .
قال ابن الكلبي وسميت صنعاء لقول وهرز حين دخلها : صنعة صنعة يريد أن الحبشة أحكمت صنعها ، قال ابن مقبل يذكر أوال :
عمد الحداة بها لعارض قرية
وكأنها سفن بسيف أوال
وقال جرير
وشبهت الحدوج غداة قو
سفين الهند روح من أوالا
وقال الأخطل
خوص كأن شكيمهن معلق
بقنا ردينة أو جذوع أوال
وقد قيل إن صنعاء اسم الذي بناها ، وهو صنعاء بن أوال بن عبير بن عابر بن شالخ فكانت تعرف تارة بأوال وتارة بصنعاء .
قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، قال ابن هشام : وتروى لأمية بن أبي الصلت
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن
ريم في البحر للأعداء أحوالا
يمم قيصر لما حان رحلته
فلم يجد عنده بعض الذي سالا
ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة
من السنين يهين النفس والمالا
متى أتى ببني الأحرار يحملهم
إنك عمري لقد أسرعت قلقالا
لله درهم من عصبة خرجوا
ما إن أرى لهم في الناس أمثالا
بيضا مرازبة غلبا أساورة
أسدا تربب في الغيضات أشبالا
يرمون عن شدف كأنها غبط
بزمخر يعجل المرمي إعجالا
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد
أضحى شريدهم في الأرض فلالا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
في رأس غمدان دارا منك محلالا
واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
وأسبل اليوم في برديك إسبالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
قال ابن هشام : هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها ، إلا آخرها بيتا قوله :
تلك المكارم لا قعبان من لبن
فإنه للنابغة الجعدي . واسمه [ حبان بن ] عبد الله بن قيس ، أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، في قصيدة له .
قال ابن إسحاق : وقال عدي بن زيد الحيري ، وكان أحد بني تميم . قال ابن هشام : ثم أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ، ويقال عدي من العباد من أهل الحيرة :
ما بعد صنعاء كان يعمرها
ولاة ملك جزل مواهبها
رفعها من بنى لدى قزع ال
مزن وتندى مسكا محاربها
محفوفة بالجبال دون عرى ال
كائد ما ترتقى غواربها
يأنس فيها صوت النهام إذا
جاوبها بالعشي قاصبها
ساقت إليه الأسباب جند بني الأح
رار فرسانها مواكبها
وفوزت بالبغال توسق بال
حتف وتسعى بها توالبها
حتى رآها الأقوال من طرف ال
منقل مخضرة كتائبها
يوم ينادون آل بربر وال
يكسوم لا يفلحن هاربها
وكان يوم باقي الحديث وزا
لت إمة ثابت مراتبها
وبدل الفيج بالزرافة والأيا
م جون جم عجائبها
بعد بني تبع نخاورة
قد اطمأنت بها مرازبها
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . وأنشدني أبو زيد الأنصاري ورواه لي عن المفضل الضبي قوله يوم
ينادن آل بربر واليكسوم
وهذا الذي عنى سطيح بقوله ” يليه إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك أحدا منهم باليمن ” . والذي عنى شق بقوله ” غلام ليس بدني ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن “
يظن الناس بالملكين
أنهما قد التأما
ومن يسمع بلأمهما
فإن الخطب قد فقما
قتلنا القيل مسروقا
وروينا الكثيب دما
وإن القيل قيل النا
س وهرز مقسم قسما
يذوق مشعشعا حتى
يفيء السبي والنعما
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في أبيات له . وأنشدني خلاد بن قرة السدوسي آخرها بيتا لأعشى بني قيس بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينكرها له .
وذكر قدوم سيف مع وهرز على صنعاء في ستمائة وقد قدمنا قول ابن قتيبة أنهم كانوا سبعة آلاف وخمسمائة وانضافت إليهم قبائل من العرب .
صنعاء
وذكر دخول وهرز صنعاء وهدمه بابها ، وإنما كانت تسمى قبل ذلك أوال .
قال ابن الكلبي وسميت صنعاء لقول وهرز حين دخلها : صنعة صنعة يريد أن الحبشة أحكمت صنعها ، قال ابن مقبل يذكر أوال :
عمد الحداة بها لعارض قرية
وكأنها سفن بسيف أوال
وقال جرير
وشبهت الحدوج غداة قو
سفين الهند روح من أوالا
وقال الأخطل
خوص كأن شكيمهن معلق
بقنا ردينة أو جذوع أوال
وقد قيل إن صنعاء اسم الذي بناها ، وهو صنعاء بن أوال بن عبير بن عابر بن شالخ فكانت تعرف تارة بأوال وتارة بصنعاء .
قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي ، قال ابن هشام : وتروى لأمية بن أبي الصلت
ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن
ريم في البحر للأعداء أحوالا
يمم قيصر لما حان رحلته
فلم يجد عنده بعض الذي سالا
ثم انثنى نحو كسرى بعد عاشرة
من السنين يهين النفس والمالا
متى أتى ببني الأحرار يحملهم
إنك عمري لقد أسرعت قلقالا
لله درهم من عصبة خرجوا
ما إن أرى لهم في الناس أمثالا
بيضا مرازبة غلبا أساورة
أسدا تربب في الغيضات أشبالا
يرمون عن شدف كأنها غبط
بزمخر يعجل المرمي إعجالا
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد
أضحى شريدهم في الأرض فلالا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا
في رأس غمدان دارا منك محلالا
واشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم
وأسبل اليوم في برديك إسبالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
قال ابن هشام : هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها ، إلا آخرها بيتا قوله :
تلك المكارم لا قعبان من لبن
فإنه للنابغة الجعدي . واسمه [ حبان بن ] عبد الله بن قيس ، أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، في قصيدة له .
قال ابن إسحاق : وقال عدي بن زيد الحيري ، وكان أحد بني تميم . قال ابن هشام : ثم أحد بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم ، ويقال عدي من العباد من أهل الحيرة :
ما بعد صنعاء كان يعمرها
ولاة ملك جزل مواهبها
رفعها من بنى لدى قزع ال
مزن وتندى مسكا محاربها
محفوفة بالجبال دون عرى ال
كائد ما ترتقى غواربها
يأنس فيها صوت النهام إذا
جاوبها بالعشي قاصبها
ساقت إليه الأسباب جند بني الأح
رار فرسانها مواكبها
وفوزت بالبغال توسق بال
حتف وتسعى بها توالبها
حتى رآها الأقوال من طرف ال
منقل مخضرة كتائبها
يوم ينادون آل بربر وال
يكسوم لا يفلحن هاربها
وكان يوم باقي الحديث وزا
لت إمة ثابت مراتبها
وبدل الفيج بالزرافة والأيا
م جون جم عجائبها
بعد بني تبع نخاورة
قد اطمأنت بها مرازبها
قال ابن هشام : وهذه الأبيات في قصيدة له . وأنشدني أبو زيد الأنصاري ورواه لي عن المفضل الضبي قوله يوم
ينادن آل بربر واليكسوم
وهذا الذي عنى سطيح بقوله ” يليه إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن ، فلا يترك أحدا منهم باليمن ” . والذي عنى شق بقوله ” غلام ليس بدني ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن “
اء من الروم ، فيكون له ملك اليمن ، فلم يشكه .
شفاعة النعمان لدى كسرى
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر – وهو عامل كسرى على الحيرة ، وما يليها من أرض العراق – فشكا إليه أمر الحبشة ، فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى ، وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم – فيما يزعمون – يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.
كسرى يعاون ابن ذي يزن
قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه ؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا لهمي ، لأنه يضيق عنه كل شيء .
قال ابن إسحاق : ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة ، فقال له كسرى : أي الأغربة : الحبشة أم السند ؟ فقال بل الحبشة ، فجئتك لتنصرني ، ويكون ملك بلادي لك ، قال بعدت بلادك مع قلة خيرها ، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب ، لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ، ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ؟ ما جبال أرضي التي جثت منها إلا ذهب وفضة – يرغبه فيها
فجمع كسرى مرازبته فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له ؟ فقال قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته ، فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمانمائة رجل .
سيف بن ذي يزن وكسرى وذكر سيف بن ذي يزن وخبره مع النعمان وكسرى ، وقد ذكرنا قصته في أول حديث الحبشة ، وأنه مات عند كسرى ، وقام ابنه مقامه في الطلب وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجح وهو
حمير بن سبأ ، وكسرى هذا هو أنوشروان بن قباذ ومعناه مجدد الملك لأنه جمع ملك فارس بعد شتات . والنعمان اسم منقول من النعمان الذي هو الدم . قاله صاحب العين والقنقل الذي شبه به التاج هو مكيال عظيم . قال الراجز يصف الكمأة
ما لك لا تجرفها بالقنقل
لا خير في الكمأة إن لم تفعل
وفي الغربيين للهروي القنقل مكيال يسع ثلاثة وثلاثين منا ، ولم يذكر كم المنا ، وأحسبه وزن رطلين وهذا التاج قد أتى به عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حين استلب من يزدجرد بن شهريار تصير إليه من قبل جده أنوشروان المذكور فلما أتى به عمر رضي الله عنه دعا سراقة بن مالك المدلجي ، فحلاه بأسورة كسرى ، وجعل التاج على رأسه وقال له ” قل الحمد لله الذي نزع تاج كسرى ، ملك الأملاك من رأسه ووضعه في رأس أعرابي من بني مدلج وذلك بعز الإسلام وبركته لا بقوتنا ” وإنما خص عمر سراقة بهذا ; لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان قال له ” يا سراق كيف بك إذا وضع تاج كسرى على رأسك وإسواره في يديك ” أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
انتصار سيف وقول الشعراء فيه
واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا ، فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا ، أو نظفر جميعا . قال له وهرز أنصفت ، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن ، وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء ؟ قال نعم قالوا : ذاك ملكهم فقال اتركوه قال فوقفوا طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على الفرس ، قال اتركوه . فوقفوا طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على البغلة . قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا ، فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم . ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها ، وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه
ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس ، وانهزموا ، فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء ، حتى إذا أتى بابها ، قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا ، اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته فقال سيف
شفاعة النعمان لدى كسرى
فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر – وهو عامل كسرى على الحيرة ، وما يليها من أرض العراق – فشكا إليه أمر الحبشة ، فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى ، وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم – فيما يزعمون – يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.
كسرى يعاون ابن ذي يزن
قال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة أن سيفا لما دخل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الأحمق يدخل علي من هذا الباب الطويل ثم يطأطئ رأسه ؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنما فعلت هذا لهمي ، لأنه يضيق عنه كل شيء .
قال ابن إسحاق : ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة ، فقال له كسرى : أي الأغربة : الحبشة أم السند ؟ فقال بل الحبشة ، فجئتك لتنصرني ، ويكون ملك بلادي لك ، قال بعدت بلادك مع قلة خيرها ، فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب ، لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ، ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ؟ ما جبال أرضي التي جثت منها إلا ذهب وفضة – يرغبه فيها
فجمع كسرى مرازبته فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له ؟ فقال قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته ، فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمانمائة رجل .
سيف بن ذي يزن وكسرى وذكر سيف بن ذي يزن وخبره مع النعمان وكسرى ، وقد ذكرنا قصته في أول حديث الحبشة ، وأنه مات عند كسرى ، وقام ابنه مقامه في الطلب وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجح وهو
حمير بن سبأ ، وكسرى هذا هو أنوشروان بن قباذ ومعناه مجدد الملك لأنه جمع ملك فارس بعد شتات . والنعمان اسم منقول من النعمان الذي هو الدم . قاله صاحب العين والقنقل الذي شبه به التاج هو مكيال عظيم . قال الراجز يصف الكمأة
ما لك لا تجرفها بالقنقل
لا خير في الكمأة إن لم تفعل
وفي الغربيين للهروي القنقل مكيال يسع ثلاثة وثلاثين منا ، ولم يذكر كم المنا ، وأحسبه وزن رطلين وهذا التاج قد أتى به عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حين استلب من يزدجرد بن شهريار تصير إليه من قبل جده أنوشروان المذكور فلما أتى به عمر رضي الله عنه دعا سراقة بن مالك المدلجي ، فحلاه بأسورة كسرى ، وجعل التاج على رأسه وقال له ” قل الحمد لله الذي نزع تاج كسرى ، ملك الأملاك من رأسه ووضعه في رأس أعرابي من بني مدلج وذلك بعز الإسلام وبركته لا بقوتنا ” وإنما خص عمر سراقة بهذا ; لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان قال له ” يا سراق كيف بك إذا وضع تاج كسرى على رأسك وإسواره في يديك ” أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
انتصار سيف وقول الشعراء فيه
واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا ، فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا ، أو نظفر جميعا . قال له وهرز أنصفت ، وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن ، وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء ؟ قال نعم قالوا : ذاك ملكهم فقال اتركوه قال فوقفوا طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على الفرس ، قال اتركوه . فوقفوا طويلا ، ثم قال علام هو ؟ قالوا : قد تحول على البغلة . قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا ، فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم . ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها ، وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه
ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس ، وانهزموا ، فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء ، حتى إذا أتى بابها ، قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا ، اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته فقال سيف
تاريخ الديانات عبر العصور
.
الكتابة كانت جزءا من طقوس دينية (حيث كان الدين هو الدستور الذي يجب احترامه حتى لا تغضب الآلهة).. وهكطا كانت محاولته (الانسان) الأولى بالرسم على جدران الكهوف ثم بالرسم بأظافره على الطين ثم باكتشافه اللغة المسمارية, التي أخدت أشكالا متعددة مع تنقلات الإنسان وهجراته التي حملته إلى عوالم جديدة تعدى معها المعجم اللغوي الذي انتقل به وكان لبد من اختراع رموز جديدة تعبر عنه وعن معتقداته الدينية والفكرية.
ومع تطور احتياجات تلك الحضارات التي انتقلت من مفهوم الجماعة إلى مفهوم الدولة صار لزاما تسهيل الأبجديات لكي يسهل التدوين لشعائرها الدينية وسيرة الدولة, والمراسلات كمفهوم جديد للخاطب الدبلوماسي والسياسي بين الدول.
أما تاريخ ما قبل الكتابة فبقي رهن الاكتشافات الجيولوجية والأثرية وما أنزلت به الكتب السماوية في ذكر لأخبار الأمم السابقة وهي التوراة لدى اليهود (1), الإنجيل لدى المسحيين (2) , صحف المندائية لدى الصابئة(3), والقرآن لدى المسلمين (4).
فالتاريخ بشموليته له تعريفين : علمي حدد عمره في أكثر من 9600سنة و ديني كانت بدايته عند الأديان السماوية بنزول آدم وحواء (عليهما السلام) على الأرض و اختلفت بدايته في الأديان الموضوعة بين حكايات خلق الإنسان وخلق إلههم لذاته.
وظلت الإكتشافات الأثرية التي أوصلت العلماء إلى طقوسهم الدينية وحياتهم سابقا المرجع التاريخي الحي عنهم, إذ كانت الدراسات التي ربطت تلك الإكتشافات بالقصص المذكورة في الكتب السماوية قليلة, وذلك لأن هناك لاتراتبية ولا منطقية بين الأحداث المذكورة في الثوراة والانجيل وأماكن الأحداث التي أثبتت الأبحات التاريخية والحفريات عدم تطابقها, أو بمعنى آخر أثبتت عدم مصداقية التاريخ الذي دون وفسر بناء على كتابات وتفسيرات خاطئة مند البداية. فالأمانة العلمية تقتضي مني أن أذكر الأبحاث التي تلاقت مع بحثي في تاريخ الجماعات السرية, والتي بدأت مند سنوات في هذا المجال على يد باحثين كان من بينهم الباحث اليمني علي بن علي حسين الآنسي والذي وصلني عبره بعض التحقيقات والتصحيحات التاريخية التي توصل لها هو وغيره من الباحثين عن الجغرافية الحقيقية لدولة فلسطين اليهودية في الثوراة والتي سنفرد لها مساحة خاصة في هذا المقال, حتى نتمكن من فهم المثولوجيا العقائدية لدى الجماعات السرية وما كانت الدوافع الفعلية والعقائدية لتحريكهم نحو أهداف معينة لصالح سياسات ومنافع اقتصادية بالدرجة الأولى.
تنقلات الانسان والاماكن المقدسة
لطالما قسم الباحثون تاريخنا إلى حقب وثنية (ما قبل الديانة السماوية) وتاريخ ما بعد الديانة السماوية, لكن في الواقع كان تاريخا واحد لا يتطلب التجزئة وإلا سنظل ندور في دوائر مفرغة كل منا يحمل من ذلك التاريخ جزءا ونخشى التوقف جميعا لجمع تلك الأجزاء لنشكل بها الصورة الكاملة التي صار كل منا يصنع لها في مخيلته شكلا وماهية تستند في العموم على مخزوننا الثقافي وتراكمية لمعلومات مشوهة لا ترشدنا إلى الحقيقية التي نبحث عنها جميعا والتي تخصنا جميعا ومن حقنا جميعا باعتبارها إرث إنساني تشارك في تطويره كل الحضارات السابقة كل حسب احتياجاتها وإمكانياتها, فأي شيء نملكه اليوم أو امتلكه أجدادنا سابقا كان بفضل نقل صحيح لمعلومة ومهارة تابعت تطورها مع تنقلات الإنسان في كل الإتجهات بحثا عن الأمن والاستقلالية أو الأسواق الجديدة أو مطرودين كنوع من العقاب القبلي عند خروج أحد أفرادها عن العرف فيكون النفي أقصى الأحكام التي ساهمت بشكل أو بأخر بنقل الثقافات وشيوعيتها, فأسلوب حياة هؤلاء المنفيين كان طقسا دينيا في حد ذاته فكان ينتقل إلى مكانه الجديد مع كل ما يخصه , أسماء الأماكن وديانته ومهاراته..
البداية الأولى لحياة الإنسان على وجه البسيطة حسب الحفريات والأبحاث الأخيرة (التي أفرزت عن إيجاد أقدم بقايا لرفات عظام بشرية) كانت إما في اليمن في مدينة عدن أو سوريا بمدينة دمشق والتي بدأت بشكل عائلي ثم قبلي وصنع معها أدواته الحجرية وكان له نظام وقانون إلهي ضاع مع اندثار المعلومة جيلا بعد جيل إلى أن تحول ذلك المجتمع إلى مجتمع وثني بخمسة آلهة كانت أسماء أبناء لنبي الله أدم حيث يظهر أن الديانات الوثنية انبعثت ببداية تأليه الأشخاص المميزين بعد موتهم وتحويلهم إلى آلهة عند ضياع المعلومة التي يستغل غيابها كل طامع في السلطة المعنوية ويبني انطلاقا من مشاعر الحب والاحترام التي يكنها من حوله لذاك الشخص ديانة مبتدعة والتي تستمر بالتركيز على الخوف مما يجهلونه وحاجتهم للحماية, والاستمرار.
وكانت أماكن عبادتها جبالا متفرقة يتم الحج إليها لأداء الطقوس وربما رغبة في الوصول إلى أقرب مكان للإلهة التي تسكن السماء حسب اعتقادهم. وحسب بحث اللواء علي بن علي #الانسي
قد كان ل #اليمن نصيب في استقبال كل الديانات المنزلة والموضوعة والتي انتقل بها الإنسان اليمني في كل الاتجاهات وقد يستغرب البعض قوله وقول بعض الباحثين أن شعوب حضارات الأست
.
الكتابة كانت جزءا من طقوس دينية (حيث كان الدين هو الدستور الذي يجب احترامه حتى لا تغضب الآلهة).. وهكطا كانت محاولته (الانسان) الأولى بالرسم على جدران الكهوف ثم بالرسم بأظافره على الطين ثم باكتشافه اللغة المسمارية, التي أخدت أشكالا متعددة مع تنقلات الإنسان وهجراته التي حملته إلى عوالم جديدة تعدى معها المعجم اللغوي الذي انتقل به وكان لبد من اختراع رموز جديدة تعبر عنه وعن معتقداته الدينية والفكرية.
ومع تطور احتياجات تلك الحضارات التي انتقلت من مفهوم الجماعة إلى مفهوم الدولة صار لزاما تسهيل الأبجديات لكي يسهل التدوين لشعائرها الدينية وسيرة الدولة, والمراسلات كمفهوم جديد للخاطب الدبلوماسي والسياسي بين الدول.
أما تاريخ ما قبل الكتابة فبقي رهن الاكتشافات الجيولوجية والأثرية وما أنزلت به الكتب السماوية في ذكر لأخبار الأمم السابقة وهي التوراة لدى اليهود (1), الإنجيل لدى المسحيين (2) , صحف المندائية لدى الصابئة(3), والقرآن لدى المسلمين (4).
فالتاريخ بشموليته له تعريفين : علمي حدد عمره في أكثر من 9600سنة و ديني كانت بدايته عند الأديان السماوية بنزول آدم وحواء (عليهما السلام) على الأرض و اختلفت بدايته في الأديان الموضوعة بين حكايات خلق الإنسان وخلق إلههم لذاته.
وظلت الإكتشافات الأثرية التي أوصلت العلماء إلى طقوسهم الدينية وحياتهم سابقا المرجع التاريخي الحي عنهم, إذ كانت الدراسات التي ربطت تلك الإكتشافات بالقصص المذكورة في الكتب السماوية قليلة, وذلك لأن هناك لاتراتبية ولا منطقية بين الأحداث المذكورة في الثوراة والانجيل وأماكن الأحداث التي أثبتت الأبحات التاريخية والحفريات عدم تطابقها, أو بمعنى آخر أثبتت عدم مصداقية التاريخ الذي دون وفسر بناء على كتابات وتفسيرات خاطئة مند البداية. فالأمانة العلمية تقتضي مني أن أذكر الأبحاث التي تلاقت مع بحثي في تاريخ الجماعات السرية, والتي بدأت مند سنوات في هذا المجال على يد باحثين كان من بينهم الباحث اليمني علي بن علي حسين الآنسي والذي وصلني عبره بعض التحقيقات والتصحيحات التاريخية التي توصل لها هو وغيره من الباحثين عن الجغرافية الحقيقية لدولة فلسطين اليهودية في الثوراة والتي سنفرد لها مساحة خاصة في هذا المقال, حتى نتمكن من فهم المثولوجيا العقائدية لدى الجماعات السرية وما كانت الدوافع الفعلية والعقائدية لتحريكهم نحو أهداف معينة لصالح سياسات ومنافع اقتصادية بالدرجة الأولى.
تنقلات الانسان والاماكن المقدسة
لطالما قسم الباحثون تاريخنا إلى حقب وثنية (ما قبل الديانة السماوية) وتاريخ ما بعد الديانة السماوية, لكن في الواقع كان تاريخا واحد لا يتطلب التجزئة وإلا سنظل ندور في دوائر مفرغة كل منا يحمل من ذلك التاريخ جزءا ونخشى التوقف جميعا لجمع تلك الأجزاء لنشكل بها الصورة الكاملة التي صار كل منا يصنع لها في مخيلته شكلا وماهية تستند في العموم على مخزوننا الثقافي وتراكمية لمعلومات مشوهة لا ترشدنا إلى الحقيقية التي نبحث عنها جميعا والتي تخصنا جميعا ومن حقنا جميعا باعتبارها إرث إنساني تشارك في تطويره كل الحضارات السابقة كل حسب احتياجاتها وإمكانياتها, فأي شيء نملكه اليوم أو امتلكه أجدادنا سابقا كان بفضل نقل صحيح لمعلومة ومهارة تابعت تطورها مع تنقلات الإنسان في كل الإتجهات بحثا عن الأمن والاستقلالية أو الأسواق الجديدة أو مطرودين كنوع من العقاب القبلي عند خروج أحد أفرادها عن العرف فيكون النفي أقصى الأحكام التي ساهمت بشكل أو بأخر بنقل الثقافات وشيوعيتها, فأسلوب حياة هؤلاء المنفيين كان طقسا دينيا في حد ذاته فكان ينتقل إلى مكانه الجديد مع كل ما يخصه , أسماء الأماكن وديانته ومهاراته..
البداية الأولى لحياة الإنسان على وجه البسيطة حسب الحفريات والأبحاث الأخيرة (التي أفرزت عن إيجاد أقدم بقايا لرفات عظام بشرية) كانت إما في اليمن في مدينة عدن أو سوريا بمدينة دمشق والتي بدأت بشكل عائلي ثم قبلي وصنع معها أدواته الحجرية وكان له نظام وقانون إلهي ضاع مع اندثار المعلومة جيلا بعد جيل إلى أن تحول ذلك المجتمع إلى مجتمع وثني بخمسة آلهة كانت أسماء أبناء لنبي الله أدم حيث يظهر أن الديانات الوثنية انبعثت ببداية تأليه الأشخاص المميزين بعد موتهم وتحويلهم إلى آلهة عند ضياع المعلومة التي يستغل غيابها كل طامع في السلطة المعنوية ويبني انطلاقا من مشاعر الحب والاحترام التي يكنها من حوله لذاك الشخص ديانة مبتدعة والتي تستمر بالتركيز على الخوف مما يجهلونه وحاجتهم للحماية, والاستمرار.
وكانت أماكن عبادتها جبالا متفرقة يتم الحج إليها لأداء الطقوس وربما رغبة في الوصول إلى أقرب مكان للإلهة التي تسكن السماء حسب اعتقادهم. وحسب بحث اللواء علي بن علي #الانسي
قد كان ل #اليمن نصيب في استقبال كل الديانات المنزلة والموضوعة والتي انتقل بها الإنسان اليمني في كل الاتجاهات وقد يستغرب البعض قوله وقول بعض الباحثين أن شعوب حضارات الأست
يك والمايا في أمريكا اللاثينة هي من أصول يمنية انتقلت من #حضرموت عبر المحيط الهادي. ويدعي بعض الهنود الحمر أنهم منحدرين من جماعة من بني إسرائيل في رحلة تهيهم في الصحراء التي ربما تكون صحراء الربع الخالي وليس صحراء سيناء الحالية, لكن بالنسبة للباحثين في أصول الديانات والتاريخ وجدوا منطقية في هذا حين قارنوا تلك الحضارات وطقوس دياناتها مع الحضارات الشرقية وخصوصا #اليمنية, فمطابقة أوصاف الآلهة الخمسة لدى شعب المايا للآلهة قوم نوح الخمسة يرجح صدق تلك الفرضية.
فهناك العديد من الباحثين الميدانين الذين ابتعدوا عن التاريخ المدون حين وجدوا عدم تطابق المكتوب بالواقع معللين قولهم بان هناك تاريخ مدون على أحجار المعابد أو المخطوطات سرق بطرق عديدة في أوائل هذا القرن من بلدان كاليمن والعراق وسوريا ومصر والجزيرة العربية حتى يظل مدفونا للأبد, إلا أن الأماكن التاريخية التي شهدت تلك الأحداث ظلت حية في ذاكرة تلك الشعوب بأسمائها الأولى وأثارها التي استطاعت المختبرات التأكيد حقيقتها و علم الجيولوجيا على عمرها. وحتى نصل جميعا إلى الأسباب التي جعلت هذا التاريخ يدفن بكل الأشكال لبد أن نستعرض ما تقوله الأبحاث عن الأرض المقدسة والاكتشافات الأثرية.
منشأ الديانات والجزيرة العربية
تطرق فرج الله الديب في جريدة النهار (لبنان) الأحد، 8 ديسمبر 2002 . لأصل اليهودية هل هي ذات منشأ يمني، أم أنها قادمة من خارج جزيرة العرب كما تعارف عليه الكل, أم أن الزجليات التوراتية نتاج عربي مسرحها اليمن؟!! فيما بدأت تخرج إلى العلن نتائج الابحاث الأثرية الاسرائيلية التي تؤكد غياب أي اثر يدعم إسقاطات التوراة على الجغرافية الفلسطينية.
ويميل معظم الباحثين في هذه المسألة إلى أن تسمية اليهود جاءت نسبة للنبي هُود, وذلك كما جاء في قاموس "الصحاح" للجوهري، وهو الأقدم بين القواميس العربية، ان: "هاد يهود هوداً: تاب ورجع الى الحق. فهو هائد مقدم هُود. وقال ابو عبيدة: التهود: التوبة والعمل الصالح. وهاد وتهوَّد إذا صار يهودياً. وهُود أسم نبي ينصرف. والهُود: اليهود. والنبي هُود يرد ذكره في القرآن في عدة سور: (هود، الاعراف، ق، الشعراء، الأحقاف). وهو نبي مرسل الى قوم عادٍ في الاحقاف، شمال شرق حضرموت. يؤكد المؤرخ اليمني القاضي محمد بن علي #الاكوع الحوالي، ان الآية 129 من سورة الشعراء تورد "كيف خص الله عاداً، قوم نبي الله هود عليه السلام بالتعنيف عن قبول دعوة نبيهم الى العمارة واشادة القصور... ولا ريب ان هوداً وقومه من أصل العرب اليمنيين، وانهم كانوا في أرض الأحقاف من حضرموت ويقول ايضاً: "الأحقاف اليوم، ومن قبله بآلاف السنين، مناطق جرداء محرقة، وقبيلة عاد باجماع المؤرخين والمفسرين، قبيلة يمنية. كما يورد إبن واضح في كتابه (تاريخ اليعقوبي) "أن ملوك اليمن كانوا يدينون بعبادة الاصنام في صدر ملكهم، ثم دانوا بدين اليهودية، وتلوا التوراة".الاختلاف في نسب النبي هوديقول #الهمداني في كتابه "الإكليل"، إفترق الناس في نسب هود، فمنهم من قال "أن قحطان هو ابن هود بن إرم بن سام بن نوح (قحطان وعدنان اصل العرب) ومن قال، ان هود غير قحطان (الذي يرد في التوراة باسم قطن)، ومن قال، أنه هو قحطان بن عابر بن شالح... بن سام. اما الشاعر اليثربي حسان بن ثابت الانصاري الذي كان يهودياً وأسلم، فقد قال : فنحن بنو قحطان والملك والعلاومنا نبي الله هُود الأخايروإدريس ما إن كان في الناس مثلهولا مثل ذي القرنين إبنا #عابر وصالح والمرحوم يونس بعدماألات به حوتٌ باخلب زاخرشعيب والياس وذو الكفل كلهم يمانيون قد فازوا بطيب السرائروذو القرنين في شعر حسان هو الفاتح العظيم الصعب بن رائش الحميري، فيما ذو المكفل هو دانيال صاحب السفر في التوراة والذي يقع قبره حتى اليوم في قرية هارون جنوب اليمن. واذا كانت قرية وقبر النبي هود في منطقة الحقف قرب حضرموت، فإن قبيلة باسم هود ما زالت تقيم في حضرموت بين قريتي هود وظفار، في حين ان اليهودية التي تسقط تعسفاً على انها اسم الضفة الغربية الفلسطينية، فما زالت في اليمن، حيث حصن اليهودية في مخلاف العرافة من بلاد خبّان جنوب شرق ظفار، ويشعب اليهود يسكنها بنو زيد في يافع السفلى جنوب اليمن. فابرهيم عبراني، وموسى آرامي، فاين اليهودي؟اذاً النبي هود واليهودية المنسوبة له كعشيرة نتاج يمني، لكنه لا يرد في التوراة، فسفر التكوين، وهو اول اسفار التوراة، يتكلم عن ابرهيم وإبرام ويعقوب ويوسف العبرانيين، فيما عدا يعقوب الذي بدل نسبه وانتسب الى جدته سارة (ساراي من بني ساري) وبات اسمه اسرائيل. اما موسى الذي كان يعبد البركان في مرحلة من سيرته، فإنه يقول في سفر التثنية: "آرامياً تائهاً كان أبي فانحدر الى مصر وتغرب هناك". والسؤال اين النسب اليهودي في الاسفار؟ في رسائل القديس بولس العربي (بولس في انساب العشائر اليمنية) الملحقة بالاناجيل، رسالة الى العبرانيين، لكن "بيير رويسي" يرى ان "الرسالة الى العبرانيين مرفوضة من شراح الكتا
فهناك العديد من الباحثين الميدانين الذين ابتعدوا عن التاريخ المدون حين وجدوا عدم تطابق المكتوب بالواقع معللين قولهم بان هناك تاريخ مدون على أحجار المعابد أو المخطوطات سرق بطرق عديدة في أوائل هذا القرن من بلدان كاليمن والعراق وسوريا ومصر والجزيرة العربية حتى يظل مدفونا للأبد, إلا أن الأماكن التاريخية التي شهدت تلك الأحداث ظلت حية في ذاكرة تلك الشعوب بأسمائها الأولى وأثارها التي استطاعت المختبرات التأكيد حقيقتها و علم الجيولوجيا على عمرها. وحتى نصل جميعا إلى الأسباب التي جعلت هذا التاريخ يدفن بكل الأشكال لبد أن نستعرض ما تقوله الأبحاث عن الأرض المقدسة والاكتشافات الأثرية.
منشأ الديانات والجزيرة العربية
تطرق فرج الله الديب في جريدة النهار (لبنان) الأحد، 8 ديسمبر 2002 . لأصل اليهودية هل هي ذات منشأ يمني، أم أنها قادمة من خارج جزيرة العرب كما تعارف عليه الكل, أم أن الزجليات التوراتية نتاج عربي مسرحها اليمن؟!! فيما بدأت تخرج إلى العلن نتائج الابحاث الأثرية الاسرائيلية التي تؤكد غياب أي اثر يدعم إسقاطات التوراة على الجغرافية الفلسطينية.
ويميل معظم الباحثين في هذه المسألة إلى أن تسمية اليهود جاءت نسبة للنبي هُود, وذلك كما جاء في قاموس "الصحاح" للجوهري، وهو الأقدم بين القواميس العربية، ان: "هاد يهود هوداً: تاب ورجع الى الحق. فهو هائد مقدم هُود. وقال ابو عبيدة: التهود: التوبة والعمل الصالح. وهاد وتهوَّد إذا صار يهودياً. وهُود أسم نبي ينصرف. والهُود: اليهود. والنبي هُود يرد ذكره في القرآن في عدة سور: (هود، الاعراف، ق، الشعراء، الأحقاف). وهو نبي مرسل الى قوم عادٍ في الاحقاف، شمال شرق حضرموت. يؤكد المؤرخ اليمني القاضي محمد بن علي #الاكوع الحوالي، ان الآية 129 من سورة الشعراء تورد "كيف خص الله عاداً، قوم نبي الله هود عليه السلام بالتعنيف عن قبول دعوة نبيهم الى العمارة واشادة القصور... ولا ريب ان هوداً وقومه من أصل العرب اليمنيين، وانهم كانوا في أرض الأحقاف من حضرموت ويقول ايضاً: "الأحقاف اليوم، ومن قبله بآلاف السنين، مناطق جرداء محرقة، وقبيلة عاد باجماع المؤرخين والمفسرين، قبيلة يمنية. كما يورد إبن واضح في كتابه (تاريخ اليعقوبي) "أن ملوك اليمن كانوا يدينون بعبادة الاصنام في صدر ملكهم، ثم دانوا بدين اليهودية، وتلوا التوراة".الاختلاف في نسب النبي هوديقول #الهمداني في كتابه "الإكليل"، إفترق الناس في نسب هود، فمنهم من قال "أن قحطان هو ابن هود بن إرم بن سام بن نوح (قحطان وعدنان اصل العرب) ومن قال، ان هود غير قحطان (الذي يرد في التوراة باسم قطن)، ومن قال، أنه هو قحطان بن عابر بن شالح... بن سام. اما الشاعر اليثربي حسان بن ثابت الانصاري الذي كان يهودياً وأسلم، فقد قال : فنحن بنو قحطان والملك والعلاومنا نبي الله هُود الأخايروإدريس ما إن كان في الناس مثلهولا مثل ذي القرنين إبنا #عابر وصالح والمرحوم يونس بعدماألات به حوتٌ باخلب زاخرشعيب والياس وذو الكفل كلهم يمانيون قد فازوا بطيب السرائروذو القرنين في شعر حسان هو الفاتح العظيم الصعب بن رائش الحميري، فيما ذو المكفل هو دانيال صاحب السفر في التوراة والذي يقع قبره حتى اليوم في قرية هارون جنوب اليمن. واذا كانت قرية وقبر النبي هود في منطقة الحقف قرب حضرموت، فإن قبيلة باسم هود ما زالت تقيم في حضرموت بين قريتي هود وظفار، في حين ان اليهودية التي تسقط تعسفاً على انها اسم الضفة الغربية الفلسطينية، فما زالت في اليمن، حيث حصن اليهودية في مخلاف العرافة من بلاد خبّان جنوب شرق ظفار، ويشعب اليهود يسكنها بنو زيد في يافع السفلى جنوب اليمن. فابرهيم عبراني، وموسى آرامي، فاين اليهودي؟اذاً النبي هود واليهودية المنسوبة له كعشيرة نتاج يمني، لكنه لا يرد في التوراة، فسفر التكوين، وهو اول اسفار التوراة، يتكلم عن ابرهيم وإبرام ويعقوب ويوسف العبرانيين، فيما عدا يعقوب الذي بدل نسبه وانتسب الى جدته سارة (ساراي من بني ساري) وبات اسمه اسرائيل. اما موسى الذي كان يعبد البركان في مرحلة من سيرته، فإنه يقول في سفر التثنية: "آرامياً تائهاً كان أبي فانحدر الى مصر وتغرب هناك". والسؤال اين النسب اليهودي في الاسفار؟ في رسائل القديس بولس العربي (بولس في انساب العشائر اليمنية) الملحقة بالاناجيل، رسالة الى العبرانيين، لكن "بيير رويسي" يرى ان "الرسالة الى العبرانيين مرفوضة من شراح الكتا
ب المقدس، لأنها مضافة هامشياً، وليس من اتفاق على تفسير معنى (عبري)، لأنه يصعب ان نعرف العبرانيين بواسطة المكان او الزمان او بمعونة علم الاجتماع او الاديان، لكن الحقيقة ان العبران هناك في عُمان ومن الدلائل: 1- يورد الباحث اليمني مطهر الارياني في كتابه "نقوش مسندية وتعليقات" محتوى النقش رقم 32 الذي يتكلم عن حملة سعد تالب كبير اعراب ملك سبأ وكندة ومذجح الى عبران حيث عاد ورابط في مدينة نشق التي تقع في الجوف شرق اليمن. وعبران الواردة في النقش هي اليوم ولاية "عبري" العُمانية وقربها ولاية سمائل (صموئيل في التوراة). 2- ان كلمة عبران لا تشذ عن جذر عبر اللغوي. فالعابر هو غير المستقر، البدوي المتنقل، الذي كان على تناقض مع الكنعان الثابتين المزارعين، حيث الكنعان من جذر كنع: ثبت، لصق. وفي الجغرافية التاريخية العربية التي تغلب الصحراء فيها على المناطق الزراعية، دلالات على الصراع بين البداوة والحضر، تم اختصارها في مصطلحات: قايين وهابيل، العبران والكنعان، إعرابي ونبطي، بداوة وحضر، وقبلها قحطان وعدنان . أليست اسفار التوراة روايات لعشائر رحّالة اقحطت اراضيها؟ 3- ابرهيم بدوي عبراني عربي، وكذلك ذريته. فيعقوب اسم كما إيهود ويهود، وآمن ويا من، اساسه أعقوب بدلت الهمزة فيه الى ياء، كما اسحق يتسحاق، وصائغ وصيّاغ . وفي صحاح الجوهري، هو من جذر عقب، "فاليعقوب ذكر الحجل، والعقاب طائر، وجمع القلة أعقُب وسواء كان يعقوب نسبة لذكر الحجل، او لأنه اعقب توأمه عيسو في الولادة، فإنه اسم عربي التسمية. وحتى عندما بدل اسمه وانتمى الى عشائر جدته سارة، ساري، فإن الجمع النسبي العشائري كان السرايين، وبالهمز اسرائين واسرائيل وما زال "بنو ساري من قرى بلاد يريم جنوب صنعاء على مسافة من مدينة حبرون في منطقة الواحدي شمال عدن، قرب مدينة الروضة التي ما زال يسكنها حتى اليوم عشائر آل بن اسرائيل وآل النجار وحبرون تسقط اليوم تعسفاً على انها مدينة الخليل.
اذاً في الاسفار الاولى الاساسية التي يختصرها معظم الباحثين على انها التوراة، وتسمى الناموس (والناموس مصطلح شائع في لغة اليومية، حيث يقال: فلان بلا ناموس، اي بلا اخلاق وضوابط وشرائع)، وهي أسفار: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية (قرية بيت لاوي غرب صنعاء وليس في فلسطين)، يرد مصطلح العبراني، الآرامي، بني اسرائيل، ولا ترد عبارة يهود ابداً. فحتى في السفر السابع وهو سفر القضاة، يرد اسم (إهود بن جيرا)، وفي السفر الثاني عشر المسمى الملوك الثاني، يرد ان "اليهود طردوا من أيلة التي جاءها الآراميون"، وفي السفر نفسه (الإصحاح 18 الفقرة 26): "فقال الياقيم (علقمة بالعربي) بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقي، كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه، ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور". وربشاقي هذا مرسل من ملك لخيش (اي ملك لحج وهي منطقة يمنية). وبالمحصلة، كان موسى آرامياً، لكن عشائر الآراميين كانت في حال صراع مع بني اسرائيل، ومع عشائر اليهود ايضاً، لكن الآرامية كانت لهجة البعض في الوقت نفسه! فكيف اصبحت الزجليات التي تتحدث عن ترحال ابرهيم العبراني وذريته، وموسى وشرائعه، كتاباً دينياً لعشيرة اليهود غير الواردة في التوراة، وكيف فرضت على عشائر اخرى ومتى؟
لا آثار توراتية في فلسطين بل في النقوش اليمنيةفي عدد 5/12/1995 من مجلة "التايم" تحقيق بعنوان "هل التوراة حقيقة ام خيال" يخلص الى انه ليس من اثار في فلسطين تدل على مسرح انبياء التوراة كذلك مجلة نوفال اوبزرفاتور الفرنسية عدد 11-17/7/.2002 كما ان المسود في الفكر التوراتي اليوم، ان ابرهيم جاء من حرّان في العراق الى فلسطين وقطع الصحراء دونما اشارة الى احداث هذا الانتقال، في حين ان ترحاله الى "مصر عبر صحراء سيناء" وعودته من لدن الفرعون (اي فرعون؟ في الأقصر والكرنك جنوب القاهرة ام أين؟) عبر هذه الصحراء لا اشارة له في التوراة. والسبب ان مسرح هذه البداوة المتنقلة لم يكن هنا، بل في جنوب اليمن. لكن السؤال الذي يطرح هو: هل في النقوش اليمنية المسندية التي تبلغ الآلاف اشارة الى انبياء التوراة او الى عشائر اليهود؟ والجواب كلاّ رغم ورود اسماء توراتية، الا ان اسماء المدن والقرى الكنعانية وغير الكنعانية الواردة في الزجليات التوراتية ما زالت موجودة في اليمن، وهذه أهم من النقوش، ومنها: يراخ (أريما، وهي يريخو بالسريانية المستخدمة في عبرية اليوم) وعراد وآكام المرايم، ومدفن يشوع بن نون، وحبرون (المسقطة على مدينة الخليل) وجرار (حيث تقرب ابرهيم ولا وجود لها في فلسطين)، والنيل وهو نهر شمال شرق مأرب، وصحراء سناء في حضرموت التي اسقطت في ما بعد على اسم سيناء بين مصر (بلاد القبط تاريخياً) وفلسطين واليهودية جنوب صنعاء... ومئات من الاسماء التي لا وجود لها في فلسطين ومحيطها، كما ان المؤرخين العرب من الطبري الى الهمداني يحددون اسماء فراعنة مدينة مصر ايام يوسف وموسى! اما في النقوش الاثرية اليمنية ذات اللغة والحرف الكنعاني و
اذاً في الاسفار الاولى الاساسية التي يختصرها معظم الباحثين على انها التوراة، وتسمى الناموس (والناموس مصطلح شائع في لغة اليومية، حيث يقال: فلان بلا ناموس، اي بلا اخلاق وضوابط وشرائع)، وهي أسفار: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية (قرية بيت لاوي غرب صنعاء وليس في فلسطين)، يرد مصطلح العبراني، الآرامي، بني اسرائيل، ولا ترد عبارة يهود ابداً. فحتى في السفر السابع وهو سفر القضاة، يرد اسم (إهود بن جيرا)، وفي السفر الثاني عشر المسمى الملوك الثاني، يرد ان "اليهود طردوا من أيلة التي جاءها الآراميون"، وفي السفر نفسه (الإصحاح 18 الفقرة 26): "فقال الياقيم (علقمة بالعربي) بن حلقيا وشبنة ويواخ لربشاقي، كلم عبيدك بالآرامي لأننا نفهمه، ولا تكلمنا باليهودي في مسامع الشعب الذين على السور". وربشاقي هذا مرسل من ملك لخيش (اي ملك لحج وهي منطقة يمنية). وبالمحصلة، كان موسى آرامياً، لكن عشائر الآراميين كانت في حال صراع مع بني اسرائيل، ومع عشائر اليهود ايضاً، لكن الآرامية كانت لهجة البعض في الوقت نفسه! فكيف اصبحت الزجليات التي تتحدث عن ترحال ابرهيم العبراني وذريته، وموسى وشرائعه، كتاباً دينياً لعشيرة اليهود غير الواردة في التوراة، وكيف فرضت على عشائر اخرى ومتى؟
لا آثار توراتية في فلسطين بل في النقوش اليمنيةفي عدد 5/12/1995 من مجلة "التايم" تحقيق بعنوان "هل التوراة حقيقة ام خيال" يخلص الى انه ليس من اثار في فلسطين تدل على مسرح انبياء التوراة كذلك مجلة نوفال اوبزرفاتور الفرنسية عدد 11-17/7/.2002 كما ان المسود في الفكر التوراتي اليوم، ان ابرهيم جاء من حرّان في العراق الى فلسطين وقطع الصحراء دونما اشارة الى احداث هذا الانتقال، في حين ان ترحاله الى "مصر عبر صحراء سيناء" وعودته من لدن الفرعون (اي فرعون؟ في الأقصر والكرنك جنوب القاهرة ام أين؟) عبر هذه الصحراء لا اشارة له في التوراة. والسبب ان مسرح هذه البداوة المتنقلة لم يكن هنا، بل في جنوب اليمن. لكن السؤال الذي يطرح هو: هل في النقوش اليمنية المسندية التي تبلغ الآلاف اشارة الى انبياء التوراة او الى عشائر اليهود؟ والجواب كلاّ رغم ورود اسماء توراتية، الا ان اسماء المدن والقرى الكنعانية وغير الكنعانية الواردة في الزجليات التوراتية ما زالت موجودة في اليمن، وهذه أهم من النقوش، ومنها: يراخ (أريما، وهي يريخو بالسريانية المستخدمة في عبرية اليوم) وعراد وآكام المرايم، ومدفن يشوع بن نون، وحبرون (المسقطة على مدينة الخليل) وجرار (حيث تقرب ابرهيم ولا وجود لها في فلسطين)، والنيل وهو نهر شمال شرق مأرب، وصحراء سناء في حضرموت التي اسقطت في ما بعد على اسم سيناء بين مصر (بلاد القبط تاريخياً) وفلسطين واليهودية جنوب صنعاء... ومئات من الاسماء التي لا وجود لها في فلسطين ومحيطها، كما ان المؤرخين العرب من الطبري الى الهمداني يحددون اسماء فراعنة مدينة مصر ايام يوسف وموسى! اما في النقوش الاثرية اليمنية ذات اللغة والحرف الكنعاني و
دي المستند الى المحفوظ من الزجليات التوراتية في البقاع التي شملتها سلطتها وفتوحاتها البرية والبحرية. لذلك نلاحظ ان حملة ابرهة الاشرم الحبشي المسيحي ضد مملكة اليمن المتهودة، امتدت الى نجران والحجاز، حيث توقفت قبل مكة ويثرب. اما في يثرب "المدينة" حيث قبر "هاشم" الجد الاكبر للنبي محمد (ص) فكانت العشائر اليمنية من الأوس والخزرج تتعاطى الزراعة، وكانت على تدين يهودي ايضا. لكن ذلك لم يمنع ان تسلم معظم هذه العشائر وان تناصر النبي باعتباره من عشيرة الاخوال، بعد ان قاتله وتخلى عنه الاعمام في قريش. وقد اجمع المؤرخون من القاضي محمد بن علي الاكوع الحوالي، الى الهمداني في كتاب الاكليل، ان الاوس والخزرج بطون من عشائر حارثة بن ثعلبة من عشائر الأزد السبائية اليمنية )، وان التهود لم يأت من فلسطين بل عبر ممالك حمير اليمنية. ومن الذين اسلموا من مشاهير يهود الاوس والخزرج كان : أُبي بن كعب بن قيس بن عبيد الانصاري كان قبل اسلامه حبراً من احبار اليهود. ولما اسلم اصبح من كتاب الوحي. اسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد الانصاري الخزرجي، وكان نقيب بني النجار. بشر المريسي، فقيه معتزلي قيل ان اباه كان يهودياً. حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الانصاري. سعد بن عبادة بن حارثة الخزرجي وكان سيد الخزرج.
ابو سعيد الخدري الخزرجي، اصبح مفتي المدينة. سعيد بن اوس بن ثابت الانصاري. سند بن علي اليهودي. عبدالله بن سبأ، رأس الطائفة السبئية التي تقول بألوهية علي بن ابي طالب. قيل انه كان يهوديا واسلم. عبدالله بن سلام بن الحارث الاسرائيلي ثم الانصاري، وكان احد احبار اليهود. كعب بن الاشرف الطائي، تزوج من يهود المدينة، ولم يسلم. كعب الاحبار بن ماتع بن ذي هجن الحميري اليماني، كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن. نعيم بن مسعود الاشجعي. هذه العينة من الممالك الحميرية ويهود الأوس والخزرج تؤكد المنشأ العربي لليهودية التي كانت اكثر انتشاراً من المسيحية في اليمن والجزيرة وعلى عكس بلاد الشام. فالمسيحية اخذت مؤمنيها من العشائر المتهودة والوثنية، والاسلام كان مؤمنوه من الاديان التي سبقته ومن الوثنية، وهكذا ظلت في ثنايا العشائر العربية مجموعات يهودية استقرت في المدن غالبا حيث القرب من السلطة، وفي المرافئ القريبة والبعيدة، وظل بعضها على الشكل العشائري كما في تونس واليمن حتى اليوم. هذا التدين اليهودي الشعبي، كان يستند في غياب تدوين التوراة، وفي غياب سلطة كهنوتية منظمة، على الزجليات التوراتية المحفوظة تماما كسيرة بني هلال، التي تحدثت عن عشائر يمنية وما صادفها في ترحالها من اليمن حتى المغرب العربي، والتي كان يحفظ سيرتها اجدادنا، تماما كما كانوا يروون حكايات سيدنا ابرهيم ويوسف وموسى وايوب. وبما ان التشريعات التوراتية لا تخرج بغالبها عن الثقافة الشعبية، فان التدين كان سهلا رقيقا حفظه المثل الشعبي المقدسي على انه رقيق "رق دين اليهودي".
خلاصة
فإذا وضعنا هذه الابحاث والدراسات موضع الجد والتي تؤكد عروبة الديانات السماوية الاربعة, سنجد أنها دخلت في صراع فيما بينها لنقص المعلومات لدى أتباعها أو توصلهم بمعلومات مشوهة عن الاخر.. والهدف كان توجيههم ضد عدو ما أو بعينه, وذلك لأن الصراع الديني هو ما يبقي على السلطة الدينية في يد عدد من الاشخاص الذين استغلوا أسطورة دينية وإيمان أتباع ذلك الدين للوصول إلى السلطة الكاملة أو السيطرة على مجتمع ما.
ابو سعيد الخدري الخزرجي، اصبح مفتي المدينة. سعيد بن اوس بن ثابت الانصاري. سند بن علي اليهودي. عبدالله بن سبأ، رأس الطائفة السبئية التي تقول بألوهية علي بن ابي طالب. قيل انه كان يهوديا واسلم. عبدالله بن سلام بن الحارث الاسرائيلي ثم الانصاري، وكان احد احبار اليهود. كعب بن الاشرف الطائي، تزوج من يهود المدينة، ولم يسلم. كعب الاحبار بن ماتع بن ذي هجن الحميري اليماني، كان في الجاهلية من كبار علماء اليهود في اليمن. نعيم بن مسعود الاشجعي. هذه العينة من الممالك الحميرية ويهود الأوس والخزرج تؤكد المنشأ العربي لليهودية التي كانت اكثر انتشاراً من المسيحية في اليمن والجزيرة وعلى عكس بلاد الشام. فالمسيحية اخذت مؤمنيها من العشائر المتهودة والوثنية، والاسلام كان مؤمنوه من الاديان التي سبقته ومن الوثنية، وهكذا ظلت في ثنايا العشائر العربية مجموعات يهودية استقرت في المدن غالبا حيث القرب من السلطة، وفي المرافئ القريبة والبعيدة، وظل بعضها على الشكل العشائري كما في تونس واليمن حتى اليوم. هذا التدين اليهودي الشعبي، كان يستند في غياب تدوين التوراة، وفي غياب سلطة كهنوتية منظمة، على الزجليات التوراتية المحفوظة تماما كسيرة بني هلال، التي تحدثت عن عشائر يمنية وما صادفها في ترحالها من اليمن حتى المغرب العربي، والتي كان يحفظ سيرتها اجدادنا، تماما كما كانوا يروون حكايات سيدنا ابرهيم ويوسف وموسى وايوب. وبما ان التشريعات التوراتية لا تخرج بغالبها عن الثقافة الشعبية، فان التدين كان سهلا رقيقا حفظه المثل الشعبي المقدسي على انه رقيق "رق دين اليهودي".
خلاصة
فإذا وضعنا هذه الابحاث والدراسات موضع الجد والتي تؤكد عروبة الديانات السماوية الاربعة, سنجد أنها دخلت في صراع فيما بينها لنقص المعلومات لدى أتباعها أو توصلهم بمعلومات مشوهة عن الاخر.. والهدف كان توجيههم ضد عدو ما أو بعينه, وذلك لأن الصراع الديني هو ما يبقي على السلطة الدينية في يد عدد من الاشخاص الذين استغلوا أسطورة دينية وإيمان أتباع ذلك الدين للوصول إلى السلطة الكاملة أو السيطرة على مجتمع ما.
ليس العبري فترد اشارة الى (عبران)، كما يرد في نقش "بيت الأشول" الذي يعود الى عصر ملوك سبأ، اسم صاحب النقش وهو (يهودا يكف) واسماء مثل: أشوع و يشوع، في حين ان الآلهة الوثنية المتعددة تصاحب كل نقش، فيما عدا نقش متأخر عثر عليه الباحث مطهر الإرياني في منطقة ناعط، وردت فيه عبارة الإله الذي في السماء، وعبارة آمين فالنقوش اليمنية كتبت من أقيال (وكلاء) او قادة يكرسّون حدثاً لأسيادهم وادعية للآلهة لحفظهم، او كتبت بمناسبة حفر بئر (مصنع او كريف) او رحلة صيد، او صد غارات او العودة من معارك. لكن الوثنية ظاهرة بوضوح. يقابل ذلك التساؤل البسيط وهو; متى عبدت عشائر العبران او بنو اسرائيل إلهاً واحداً؟ فكل الاسفار ليست الا تقريعاً لهؤلاء بسبب عودتهم الى عبادة الاوثان وتخليهم عن الشرائع. ويبقى التساؤل المهم هو: متى تحولت الزجليات التوراتية التي ظلت محفوظة باللهجة السريانية (لهجة ملوك حمير من سبأ) الى كتاب ديني التزمته عشائر اليهود، ومتى فرض على عشائر اخرى، وباية سلطة او كهنوت؟ إن الاجابة على هذا التساؤل مسألة ليست بالمتناول حتى الآن، علماً ان صراع البداوة والحضر الذي طبع تاريخ المنطقة واليمن تحديداً، والامبراطوريات اليمنية التي غزت مشارق الارض ومغاربها والحضارات اليمنية العظيمة التي انتجت الحرف والكتابة والسدود وتدجين الحيوانات وتأصيل النباتات وتقنيات قطع الاحجار الكبيرة ، كل ذلك أدى في النهاية الى عزلة اليمن منذ ما قيل الاسلام حتى اليوم حيث اندثرت حضارات ومزقت شعوب وتفرقت "أيادي سبأ" كما يقول المثل. اضافة الى وجود انبياء ورسالات حفظت كزجليات لا يستدعي فرض دين، اذا لم تفرضه سلطة ما. فالمسيحية كانت منتشرة قبل قسطنطين لكنه فرضها على الدولة الرومانية وشعوبها عام 350م حيث أرسيت سلطاتها الكهنوتية، وشاعت مفاهيمها بعد فترة إضطهاد حادة، وانتشرت أناجيلها المدوّنة باتساع. في حين ان السريانية كانت حافظة لزجليات التوراة وليس العبرية التي لا اثر لها في المنطقة، والتي بطل استخدامها حوالى 300 ق.م. من ناحية ثانية، فإن شجرة نسب اولاد سبأ بن قحطان بن هود (حسب المؤرخ الحوّالي)، تشمل عشائر حمير وكهلان. الأزد، همدان، حاشد. وخولان والسكاسك وقضاعة وعمران وعذرة. وعبد شمس وجشم. وملوك حمير: الحارث الرائش، ابرهة ذو المنار، افريقش، شمر يرعش، تبع الأقرن، تبع الاكبر، ملكي كرب، اسعد الكامل، حسان، عمرو الاصغر، زرعة، حسان الاصغر، زرعة الاصغر، زرعة ذو نواس، سيف بن ذي يزن. وهذه العشائر وغيرها من نسل سبأ لم تشمل بني اسرائيل ولا "العبران"، وكانت في ممالكها خلال الالف عام من ورود اسم سبأ وملوك حمير في النقوش اليمنية والبابلية تعبد الشمس والهلال والنار وآلهة لا حصر لها. واذا كان المؤرخ العربي "ابن واضح اليعقوبي" قد حدّد كما اسلفنا ان ملوك اليمن دانوا بعبادة الاصنام في صدر ملكهم، ثم دانوا باليهودية، فمن الواضح ان "يوسف ذو نواس" الملك الحميري كان على الديانة اليهودية التي كانت دين اليمن الرسمي، وهو يسمى صاحب الأخدود الذي نظم مجازر بحق مسيحيي اليمن ونجران، والذي احرق بعضهم في ما يسمى الاخدود الذي ورد في القرآن في سورة البروج: "قتل اصحاب الاخدود. النار ذات الوقود. اذ هم عليها قعود. وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود. وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد". ولهذا القهر والاحراق والقمع ضد المسيحية في نجران واليمن اسباب كانت وراء حملة القائد المسيحي ابرهة الاشرم اليمني الاصل الحبشي الموطن، الذي شنّ حملة على غرب اليمن ونجران والحجاز، ادت الى تدمير مدن وحصون، والى موت ذي نواس. وكان ذلك عام 570 م او عام الفيل. وقد استمرت سيطرة الاحباش المسيحيين علي اليمن حتى 575م حين استطاع ابن احد وكلاء ملوك حمير، سيف بن ذي يزن ان يتحالف مع الفرس عبدة النار في طرد الاحباش وتدمير كنائس حضرموت وظفار وصنعاء، بعد ان خذله المسيحيون من غسّان ولخم وعشائر سبأ في بلاد الشام ورفضوا مساندته ضد الاحباش. كما ان "التبع اسعد الكامل" الذي يتصدر "سيرة الملوك التباعنة" والذي غزا مشرق الارض حتى الصين وكان يسمى "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت واعرابهم طودا وتهامهَ"، كان يهوديا ايضا وكان بينه وبين ذي نوأس تسعة ملوك من بني حمير وقد اشارت النقوش الى بعض مآثره عام 428م. واذا كانت ممالك بني حمير قد امتدت من 115 ق م حتى 575م، فاننا لا نستطيع تحديد جعل اليهودية دينا لهذه الممالك، وان كنا نميل الى ان نعتبر ظهور المسيحية بعد الميلاد بقليل شكّل التحدي للمفاهيم التوراتية، وان جعل المسيحية دينا رسميا للدولة الرومانية عام 350م ومحاولاتها السيطرة على اليمن وانتشار المسيحية فيها، شكلت التحدي الذي ايقظ الديانة اليهودية اليمنية. هذا مع الاشارة الى ان اليهودية قبل 350م لم تكن مستنكرة على الصعيد الرسمي او الشعبي. بل ان الكثير من نساء العرب كن ينذرن اذا ما رزقن بمولود ذكر ان يهوِّدنه. عبر هذه الممالك اليمنية انتشر نوع من التديّن اليهو