اليمن_تاريخ_وثقافة
10.6K subscribers
142K photos
348 videos
2.17K files
24.6K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
🔵 www.telegram.me/taye5®
📸📸صور_يمنية 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
🔵 www.telegram.me/taye5®
📸📸صور_يمنية 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
🔵 www.telegram.me/taye5®
📸📸صور_يمنية 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
🔵 www.telegram.me/taye5®
📸📸صور_يمنية 🇾🇪🇾🇪🇾🇪
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الحوشبية: هي دعوة إسماعيلية صاحبها الداعي أبو القاسم الحسن بن فرج بن حوشب بن زادان الكوفي النجار الملقب بمنصور اليمن (ت 302هـ/ 913م) بعث به الإمام الحسين بن أحمد الوفي وحجته أحمد بن عبد الله بن ميمون القداح إلى اليمن سنة 266هـ صحبة علي بن الفضل فدخلاها سنة 268هـ، وتوجه ابن حوشب إلى «عدن لاعة» على جبل مسور شمال صنعاء واتخذها دار هجرته وتلقب بالمنصور، وسار ابن الفضل إلى جند ومنها إلى أبين وجبال يافع واتخذها دار هجرته، وأظهر الاثنان التقشف والزهد فالتف حولهما الأتباع والمريدون وعظم شأنهما فجاهرا بالدعوة إلى الإمام المهدي سنة 270هـ، وتقاسما النفوذ كل في منطقته زمناً، واهتم ابن حوشب خاصة بتدريب الدعاة وبثهم في البلاد ومن هؤلاء أبو عبد الله الشيعي الصنعاني الذي قامت على يديه دولة الفاطميين في المغرب. ولما طمح علي بن الفضل إلى الانفراد بالرئاسة والانفصال عن جسم الدعوة أسوة بقرامطة البحرين غير عابئ بابن حوشب ولا بنفوذ عبيد الله المهدي الفاطمي الذي كان قد استقر في المغرب أواخر سنة 296هـ، قامت الحرب بين الداعيين، وحوصر ابن حوشب في قاعدته، واستمر الخلاف بينهما قائماً إلى وفاة ابن حوشب المنصور سنة 302هـ. ولم يطل الأمد بعده لابن الفضل، فقد مات مسموماً سنة 303هـ، وخلفه ابنه الذي لم يلبث أن تمكن منه الخصوم وقضوا عليه، وانتهى أمر دعوته. وأما المنصور فأوصى بالرئاسة قبل وفاته إلى أحد أبنائه أبي الحسن وإلى أحد ثقاته المدعو عبد الله بن العباس الشاوري، وأمرهما أن يكونا في طاعة المهدي فإن ورد أمره بولاية أحدهما أطاعه الباقون، ونجح الشاوري في كسب ود المهدي فأقره على اليمن، في حين أخفق أبو الحسن فحقد على الشاوري وعمل على قتله ثم أعلن رجوعه عن المذهب وأشهد الناس عليه وتتبع أصحاب أبيه ولم يلبث أن اغتيل على يد أحد نوابه، فوثب الناس على أولاد المنصور وأهله فقتلوهم وعاد إسماعيلية اليمن إلى التستر والتقية إلى أن حانت لهم فرصة أخرى للوثوب سنة 439هـ بظهور الدولة الصليحية.
الصليحيون في اليمن: قامت في عهد المستنصر بالله الخليفة الفاطمي الثامن (حكم 427-487هـ/ 1036-1094م) الطويل العهد دولة موالية للفواطم في اليمن على يد الداعي علي بن محمد الصليحي (ت459هـ) الذي استولى على صنعاء وقضى على دولة العبيد من آل نجاح فيها واتخذها حاضرة لملكه كما احتل زبيد ومدناً أخرى، فدانت له قبائل اليمن، وأقام الخطبة في مساجدها للإمام المستنصر سنة 455هـ. وتوالى على الحكم بعده عدد من أفراد أسرته أشهرهم الملك أحمد المكرم بن علي وزوجه الملكة الحرة السيدة أروى بنت أحمد الصليحي (440-532هـ/ 1052-1138م) وظل الصليحيون موالين للأئمة الفاطميين في مصر وعلى اتصال بهم، وانتصروا لحزب المستعلية بعد وفاة المستنصر بالله واستمروا على هذه الحال حتى الإمام الطيب الذي اختار الستر في اعتقادهم، وقامت السيدة أروى برئاسة الدعوة نائبة عنه حتى وفاتها بعد أن وكلت أمر الدعوة إلى داع مطلق هو ذؤيب ابن موسى الوادعي. وقد نشط الصليحيون في بث الدعاة في الحجاز وحضرموت والهند وأسسوا فيها طوائف تهتدي بهم عرفت باسم المستعلية والطيبية، واستمر الأمر على هذا النحو حتى انتقال الدعوة إلى كجرات في الهند سنة 946هـ حيث عرفت باسم البُهرة (أي التجار).

سبل الدعوة

يجد الباحثون من الإسماعيلية  وغيرهم صعوبة في الكشف عن حقائق هذه الدعوة السرية ولاسيما في مراحلها الأولى. وقد أوجب نظام التقية والمغالاة في السرية اتباع أساليب تتواءم مع الأفكار التي يحرص أصحاب الدعوة على كتمانها ومع عقول المستجدين والمستجيبين والأتباع. وأضاف منظرو الإسماعيلية  الأول ودعاتهم  إلى طرائق التقية التي تبناها الشيعة نظماً صارمة في اختيار الأنصار ومن يتوسم ضمّه إلى المذهب أو إلحاقه بتنظيمات الإسماعيلية السرية، وابتكروا لهذه الغاية أساليب ووسائل فعالة كانت تتفاوت وتتباين بتفاوت أحوال الدعوة وتفرعاتها ومناطق نشاطها والقائمين عليها. وجعلوا لتنظيماتهم درجات ومراتب لا يمكن تجاوزها أو الانتقال بالمريد من درجة إلى أخرى إلا بعد الاطمئنان والاختبار.

وكان عبد الله بن ميمون يطلب من دعاته أن يخاطبوا الناس على قدر عقولهم، وأن يكون خطابهم للمثقفين وللمتفقهين في الدين ولأصحاب الديانات الأخرى ولعوام الناس متناسباً مع قدر كل منهم ومستوى تفكيره. فكانوا يستهلون الدعوة بإثارة فضول من يرغبون في استمالته وطرح بعض القضايا التي تبعث على التفكير والتأمل وتثير التساؤل، ثم ينتقلون بمن يتوسمون فيهم الاستجابة تدريجياً حتى يصبح هؤلاء طوع أمرهم وموضع ثقتهم فيبسطون لهم أسرار الدعوة وأهدافها، وقد صنف عبد القاهر البغدادي في كتابه «الفرق بين الفرق» وكذلك الباقلاني والغزالي أسماء هذه المراحل على النحو التالي: التفرس فالتأنيس فالتشكيك فالتعليق فالربط فالتدليس فالتأسيس ثم الميثاق والعهد ثم الخلع والسلخ. وكانت هذه الدرجات سبعاً في أوائل الدعوة ولاسيما عند القرامطة، ثم صارت تسعاً في العهد الفاطمي
. وفي المصطلح الإسماعيلي يصبح المريد مستجيباً إذا أخذ عليه الداعي العهد والميثاق، وتكون استجابته على قدر استعداده ومقدرته على فهم ما يلقى على مسامعه من أسس الدعوة وأفكارها وفلسفتها، ويشغل بذلك المرتبة الدنيا من مراتب الدعوة، فإذا أبدى استعداداً أكبر وتفهماً أكمل صار في عداد المؤمنين، ثم يبدأ بالارتقاء تدريجياً إلى المرتبة التي يستحقها من مراتب الدعوة، ويطلق عليها في المصطلح الإسماعيلي الحدود الجسمانية، ومثلها الحدود الروحية وهي عشرة: المأذون المحدود أو المكاسر، وهو الذي يؤذن له بجذب الأنفس المستجيبة، ويليه في المرتبة المأذون المطلق أو النقيب وهو الذي يفوض إليه أخذ الميثاق والعهد، ثم الداعي المحدود ومهمته تعريف الحدود السفلية والعبادة الظاهرة، ثم الداعي المطلق وهي رتبة النائب عن الإمام في دور الاستتار، ومهمته تعريف الحدود العلوية والتأويل الباطن، ثم داعي البلاغ وهي رتبة الاحتجاج وتعريف المعاد، ثم الحجة أو داعي الدعاة وهو أعلاهم ورتبته الحكم فيما كان حقاً وباطلاً، ثم الباب ورتبته فصل الخطاب، ثم الإمام وبيده الأمر وهو الهادي وصاحب الزمان. ثم الأساس أو الوصي وله رتبة التأويل، ثم الناطق وهو الرسول من أولي العزم وله رتبة التنزيل.

لم يقتصر نشاط الدعوة الإسماعيلية  في تاريخها الطويل على العمل السري والاتصال الفردي بين الداعي والمستجيب، بل كانت لها في دور الظهور مجالس يعقدونها في المساجد والمكتبات والقصور ومدارس متخصصة لتخريج الدعاة وتأهيلهم بإشراف داعي الدعاة وتوجيهه، وكان لهذا المنصب في العهد الفاطمي شأن كبير، وهو يلي قاضي القضاة في المرتبة ويتزيا بزيه. وكانت دار الحكمة في القاهرة جامعة رسمية يتخرج فيها الدعاة ثم يتوزعون في الأقطار لنشر الدعوة.

معتقد الإسماعيلية وفلسفتهم

الإسماعيلية  من الفرق الإمامية التي ترى أن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وأنها أمر واجب فلا يجوز أن يبقى المؤمنون من دون إمام يقودهم إلى طرق النجاة والخلاص. وفي حين توقفت الإمامة في مذهب الشيعة الاثني عشرية عند الإمام الثاني عشر غائباً منتظراً ومهدياً مرتقباً، ماتزال الإمامة في معتقد الإسماعيلية  قائمة عندهم سواء في دور الستر أو في دور الظهور بحسب الأحوال. ويرى الإسماعيلية  أن الإمامة تولية إلهية وفرض من فروض الدين وتقابل درجة الإيمان ولا يكون ثمة شرع أو أحكام إلا بوجودها. وقد ألزم الإسماعيلية  أتباعهم بواجبات نحو الأئمة وفي مقدمها الطاعة التامة فطاعة الإمام من طاعة الله ورسوله، فإن عصاه المؤمن أو كذب به فهو آثم، وتوقير الإمام وتعظيمه واجب، وهم يؤولون ذلك من الآية الكريمة )أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُلي الأمِر مِنْكم( (النساء 59) والمقصود من أولي الأمر هنا هو الأئمة. وعلى المؤمنين أن يخبروا الأئمة بأحوال أنفسهم ويسألوهم في شؤونهم ويلتمسوا لديهم الاستغفار عند الله، وأن يصبروا على ما يمتحن به الأئمة أتباعهم ويشكروهم على ما يولونه من نعم، وأن يجاهدوا معهم ويسلموا أمورهم إليهم قولاً وفعلاً، وأن يحذروا من عقوبتهم وسقوط المنزلة عندهم، وأن يوالوا من والاهم ويعادوا من عاداهم ويتحروا ما يوافقهم وينهوا عن إتيان ما يخالفهم، وأن يتجردوا من سوء الظن، وأن يدفعوا خمس المكسوب إلى الإمام ليصب في بيت المال. ودعائم الإسلام في معتقد الإسماعيلية  سبع هي الولاية ثم الطهارة فالصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد.

وفي اعتقاد الإسماعيلية أن الإمامة تنتقل من الآباء إلى الأبناء ولا يمكن أن تنتقل من أخ إلى أخيه، ويكون انتقالها بالنص والتوقيف من الأب إلى الابن، والإمام بما أوتي من خبرة ومعرفة يعلم أياً من أبنائه يستحقها، وهو لا يخطئ في معرفته هذه. وهم يرون أن الله تعالى لا يمكن أن يترك العالم خلواً من الإمام لأنه حجة الله على خلقه ووارث النبوة. فالإمامة المركز الذي تدور عليه دائرة الفرائض، ولا يبقى الكون لحظة من دونها فهي مستمرة أبد الدهر، وهي تعادل القلب من الجسم والعقل في الرأس. وعندما بحث منظرو الإسماعيلية موضوع الإمامة رأوا أن تسلسلها من الإمام إسماعيل بن جعفر الصادق يجعلها محدثة، ولا يقوم وجودها على أساس أو حقيقة، فجعلوها من بدء الخليقة ومن عهد آدم، واستندوا في تطبيقها إلى النصوص التي وردت في الكتب السماوية وأضافوا إليها قولهم بالأدوار والأكوار (الأمكنة)، وجعلوا لكل دور إماماً مقيماً أو رسولاً ناطقاً وأساساً أو وصياً وسبعة أئمة آخرين يكون آخرهم متماً للدور، وقد يزيد عدد الأئمة على سبعة ولكن الزيادة تحصل في الأئمة المستودعين وليس في الأئمة المستقرين. وتسمى المرحلة التي تقع بين الناطق والناطق دوراً صغيراً وفيه سبعة أئمة، وأما الدور الكبير فيبتدئ من عهد آدم حتى القائم المنتظر ويسمى الدور السابع، ويكون القائم فيه متماً للنطقاء الستة السابقين، وعليه فقد جعل الإسماعيلية الإمامة درجات ومقامات، ولكل درجة صلاحياتها واختصاصاتها المحدودة أحياناً والمطلقة أحياناً أخرى، وحصروا معر
فتها بطبقة خاصة من العلماء والدعاة تقية وكتماناً. وهذه الدرجات هي: الإمام المقيم وهو الذي يقيم الرسول الناطق ويعلمه ويدرجه في مراتب رسالة النطق وينعم عليه بالإمدادات، ويسمونه أحياناً رب الوقت وصاحب العصر وإمام الزمان، ومرتبته أعلى مراتب الإمامة وأرفعها وأكثرها دقة وسرية. ويليه الإمام السادس أو الوصي وهو يرافق الناطق في جميع مراحل حياته ويكون أمين سره، ومنه يتسلسل الأئمة المستقرون في الأدوار الزمنية، وهو المسؤول عن شؤون الدعوة الباطنة المقتصرة على طبقة خاصة ممن عرفوا التأويل وبلغوا درجة العلوم العليا، ثم الإمام المتم الذي يتم أداء الرسالة في نهاية الدور الصغير فيكون سابعاً، ويسمى كذلك ناطق الدور، لأن وجوده يشبه الناطق، ويكون الإمام الذي يأتي بعده قائماً بدور جديد، ويلي المتم في المرتبة الإمام المستقر، وهو الذي يملك حق توريث الإمامة لمن شاء من ولده بالنص والتوقيف، ويسمى صاحب الجوهر، ويتسلم الإمامة بعد زوال الناطق، ويأتي في المرتبة الخامسة الإمام المستودع، وهو الذي يتسلم الإمامة في شروط استثنائية نيابة عن إمام مستقر ولا يستطيع توريث الإمامة واحداً من أولاده، ويسمى لذلك نائب الغيبة.

أدى اختلاف الرأي حول شخص الإمام إلى تفرع الإسماعيلية وتشعب طوائفهم وكانت كل شعبة منهم ترى الإمامة في الذي انتصرت له وهو الأحق بها من سواه. وفي مثل هذا الجو من الخلاف تتجسد الحاجة إلى تأييد الأفعال بالتنظير والبرهان، وهما يلقيان في أسلوب التأويل العون والسند، وعلى هذا الأساس يكون الفكر الباطني حصيلة جهد تجاوز فيه التفسير متح المعاني من الألفاظ الظاهرة ليستشف رموزها فيما وراء الإشارات، معتمداً المحاكمة التمثيلية التي تجعل لكل ظاهر دلالة باطنة، وهي دلالة من وحي أفكار أصحابها بدل كونها دلالة عامة متداولة. والباطنية صفة عامة مشتركة بين كل الفرق التي تقوم على التأويل، وتندرج تحت مذاهب وطوائف عدة يجمع بينها شيء واحد هو تأويل النص الظاهر بمعنى باطن تأويلاً يذهب مذاهب شتى. ومعنى هذا أن النصوص المقدسة رموز وإشارات إلى حقائق خفية وأسرار مكتوبة وشعائر، وأن عامة الناس هم الذين يقنعون بالظواهر والقشور ولا ينفذون إلى المعاني الخفية المستورة التي تبقى وقفاً على أهل العلم والحق: علم الباطن. والغاية من التأويل التحرر من قيد النص للتوفيق بينه وبين ما يذهب إليه صاحب التأويل أو التوفيق بين ما يفهم من صريح النص وما يقتضيه العقل، أو هو الرغبة في التعمق في صريح النص ابتغاء المزيد من العلم فيما يتضمنه من آراء، ولا يلجأ إلى التأويل إلا إذا كان النص مقدساً أو مقيداً، ولولا ذلك  لما كان ثمة داع للتأويل، فعملية التأويل قائمة مادام الإنسان مضطراً إلى الأخذ بنص محدد، ولا يقتصر ذلك على الكتب المقدسة، بل يتعداه إلى النصوص القانونية والآثار الأدبية حين تصبح ذات سلطة.

والتأويل هو مفتاح التفكير الإيماني عند الإسماعيلية على اختلاف درجاته فهو معرفة الظاهر لأهل الظاهر أولاً، ثم معرفة الظاهر لأهل الباطن ثانياً، ثم معرفة الباطن لأهل الباطن ثالثاً. أو هو معرفة الظاهر والباطن وتأويل الباطن بما هو ظاهر. والسبيل إليه ما يسمى نظرية المثل والممثول، أي تفسير الأمور العقلية غير المحسوسة بما يقابلها ويماثلها من الأمور الجسمانية المحسوسة. فَمَثل الإسلام مثل الظاهر، ومثل الإيمان مثل الباطن، والنية مَثَل الولاية، ومثل القلب مثل الإمام، فمن لم يعتقد بولاية إمام زمانه لم ينفعه قول ولا عمل ولم يصح له ظاهر ولا باطن. والقرآن، في معتقد الإسماعيلية، قابل للتأويل، والنبي الناطق هو الذي يعلم تأويله، فهو أول الراسخين في العلم، ويليه الوصي أو الأساس أو الصامت فهو الراسخ في العلم في كل عصر. والأنبياء مواصلون من الله تعالى بالتأييد والعصمة في كل الأحوال. وقد ضربوا الأمثال لما يعرفونه بصيغ يقبلها العالم والجاهل. ولما كان النبي غير باق ليحكم في الناس، فإن الحاجة إلى الإمام تظل متجددة، والعلم الذي خص به الأئمة هو علم الباطن والتأويل دعامته، وتقتصر معرفة أسرار الدين على الأئمة من نسل علي وفاطمة الزهراء، «فهم الكواكب والنجوم والمصابيح ترسل نور المعرفة إلى قلوب الأتباع» ولما سبق فإن الإسماعيلية لا يأخذون بالرأي والقياس والإجماع في التفسير والفقه. وقد تعرض مفهوم الإمامة عند الإسماعيلية إلى تغير تاريخي.

متح الفكر الإسماعيلي أسسه الفلسفية من نظرية الفيض الأفلوطينية، وليس من الغلو التأكيد أن وجهي الفكر الفلسفي الباطني واللاباطني أفادا من اعتماد هذه النظرية لحل المشكلات الميتافيزيقية وإخضاعها لمطلب التوحيد الإسلامي، وبديهي أن يفترق هذان المنحيان بعد انطلاقهما من قاسم مشترك، وأن يأتي المنطق العقلي بثمار مباينة لثمار منطق التأويل. ويصف الإسماعيلية أنفسهم، وكذلك سائر الفرق الباطنية،بأنهم أهل «التوحيد»، وهم يؤكدون هذا المعنى دائماً. ولعل سبب إلحاحهم على هذا التوكيد شعورهم بأن أهم طعن يوجه إليهم هو أنهم أشركوا بالله الواحد
الأحد موجودات قديمة مثل العقل الكلي والنفس الكلية وأنهم قالوا بالحلول، أي حلول روح الله في الأئمة. ولهذا يحرص الإسماعيلية على توكيد معنى «التوحيد» بالنسبة إلى الله، ويذهبون في ذلك إلى حد نفي الصفات عنه تعالى، لأن كل صفة وموصوف مخلوق، وهم لا يكتفون بنفي الشبيه عنه بل يمضون إلى أبعد من ذلك فينفون عنه التسمية والحد والصفات والزمان والمكان، وينفون عنه حتى صفة الوجود الذي يسمونه «أيساً»، وهي الكلمة التي استعملت في ترجمة مؤلفات أرسطو إلى العربية، لأن الأيس، أي الموجود، محتاج إلى ما يستند إليه في وجوده، «وكان هو، عز كبرياؤه، متعالياً عن الحاجة إلى مابه يتعلق، وكان من ذلك الحكم بأنه تعالى خارج عن أن يكون أيساً»، أي أن الله تعالى وراء الآيات المتعلق وجودها بوجوده. وهم يرون كذلك أن نفي الصفات عن الله «معتقد صحيح لا يسوغ تركه، لأن الصفات تلحق بالجوهر إما في الأجسام وإما في النفوس، والصفات تلحق بالموصوف من غيره لا من ذاته، فصفات الأجسام تأتي من خارجها كالأقدار والألوان وما يجري مجراها، وفي النفوس تأتي من داخلها كالعلم والجهل، وهو يتعالى أن يكون له داخل أو خارج». ومن هنا يأتي نفي التسمية عن الله تعالى لأن التسمية وسم يوسم به المخلوقات تميز كلاً منها من الآخر، «والله متعال ليس له صورة ويتعالى عن أن يوسم بماتوسم به أسباب خلقته» فالله هو «الخالق الباري المبدع قديم وقبل الأزل، وأما عالم الموجودات والمبدَعات فمحدث، لأنه إن كان غير محدث فيجب أن يكون شيء سابق قد أحدثه، وإذا كان العالم قديماً قبل الخالق استحال تعلق جبروته بالقدم ووجوده بالعدم، واقتضى موجداً أوجده. وهو المتعالي عن درك الصفات فلا ينال بحس ولا يقع تحت نظر ولا تدركه الأبصار ولا ينعت بجنس ولا يوصف بالحواس ولا يدرك بالقياس، وهو المنزه عن ضد مناف وند مكاف ليس له مثل ولا شبه، وليس له أسماء لأن الأسماء من موجوداته، ولا صفات لأن الصفات من أيسياته، وإن حروف اللغة لا يمكن أن تؤدي إلى لفظ اسمه، أو يطلق عليه شيء منها، لأنها جميعاً من مخترعاته، وهو مبدع المبدعات والفرد المعروف بوحدانيته وصمدانيته، وصاحب فعل الإيجاد للعدد الأول الذي هو أصل الأعداد كما أن العقل أصل الموجودات والناطق أصل عالم الدين. وهو موجود لأنه لا يصح أن يكون غير موجود. وإن توحيد المبدع قد عرّفه الدليل المرسل الذي أرسل هادياً للأمة من دون تشبيه أو تعطيل أو تحديد أو تكييف. وإن من عرف المبدِع والمبدَع الأول الذي هو العقل، ثم الثاني وهو النفس الكلية، ثم الهيولى، ثم الصورة الكلية إلى آخر الحدود السبعة، ثم نزه الخالق واعتقد بطاعته وطاعة الأنبياء المرسلين والأئمة الوارثين يكون قد عرف الله على حقيقته وحاز مرتبة الخلود في جنان عالمي النفس والعقل».

ولما كان «لكل شيء من العوالم غاية ينتهي إليها» فإن غاية البشر هي النبي في وقته والوصي في زمانه والإمام في عصره، وبذا تتصل الحياة السارية من عالم القُدُس إلى عالم الخلق، ومن عالم الإبداع إلى عالم الأجرام، ويتجلى تدبير الله العالم في نسق يمكن تلخيصه في طائفة من الحدود العلوية والسفلية. وتقابل هذه الحدود في نظرية الفيض ما يتصل بعالمي ما فوق القمر وما دونه، وتلتقي هنا فكرتان متلازمتان هما المبدأ والمعاد. فالإسماعيلية  ترى انتظام الزمان كله وعالم الإبداع وعالم الخلق في مجموعة سباعية الأسابيع أو «السوابيع» التي تتألف من مراحل وأدوار وأكوار. إن هذا الجهد التنهيجي بتفاصيله التي تشمل أسابيع الأئمة والشهداء والحدود والدعاة إنما يتوخى دمج التاريخ الإسماعيلي المذهبي في التاريخ العام أو دمج التاريخ الإنساني والكوني في التاريخ الإسماعيلي وأسابيعه السبعة نشداناً لمطلق يصلح تأييداً للدعوة الرامية إلى الإقناع إن قصرت عن البرهان.

تراث الإسماعيلية

يتفق الإسماعيلية الفاطمية والشيعة الإمامية الجعفرية في كثير من المسائل الفقهية مع خلاف بسيط في أمور قليلة من بينها اعتماد الإسماعيلية التقويم الفاطمي في حساب الشهور وهي عندهم ستة علوية وستة سفلية، وأيام الشهر من الأولى ثلاثون يوماً، ومن الثانية تسعة وعشرون يوماً، وشهر رمضان عندهم ثلاثون يوماً، كذلك ينكر الإسماعيلية زواج المتعة الذي يجيزه الاثنا عشرية، وهم يقرون بالمصادر الفقهية المأخوذة عن الأئمة الستة الأول، ويضيفون إليها نتاج اجتهادهم ومحصلة دراساتهم المستندة إلى الفكر الفلسفي والتأويل، وقد ظل نتاجهم مكتوماً ومتوارثاً على مر الزمن إلى أن تكشفت بعض جوانبه من خلال ما نشر أو تسقطه الدارسون في زمن متأخر. وأدى نشاط المتأخرين والمعاصرين من الإسماعيلية  إلى خلع باب الستر عن آثار إسماعيلية شتى، وما يزال جانب كبير منها ـ على أهميتها ـ مضيعاً أو مكتوماً. ويحار الدارس أمام ذلك العدد الكبير من التيارات الفكرية المتباينة والأحكام المضطربة التي تنسب إلى الإسماعيلية في مؤلفاتهم، وتزداد حيرته عندما يصطدم بأسماء علماء وفلاسفة ومصنفين منسوبة إلى الإسماعيلية وليسوا منهم. ولعل
أوضح مثال على ذلك الجدل القائم حول انتماء إخوان الصفا في رسائلهم إلى الفكر الإسماعيلي أو عدمه، وقد نتج عن اضطهاد أصحاب التشيع عامة والإسماعيلية خاصة وملاحقتهم في العصر العباسي ضياع قسم كبير من المؤلفات الإسماعيلية سواء بالمصادرة أو الإتلاف، ومن ذلك مثلاً فقد أكثر ما حوته مكتبة قلعة ألموت بعد سقوطها في يد هولاكو، وكذلك ضياع مكتبة دار الحكمة في القاهرة بعد سقوط الخلافة الفاطمية. أما أقدم المصادر عن كتب الإسماعيلية  فهو ابن النديم الذي عقد فصلاً في الفهرست «لأسماء المصنفين لكتب الإسماعيلية  وأسماء الكتب»، ولا يميز ابن النديم في مؤلفه مؤلفات القرامطة من مؤلفات الإسماعيلية عامة، وقد أورد أسماء عدد منها وذكر أسماء مؤلفيها وألمح إلى أنه اطلع على بعض منها. وثمة مصادر أخرى تعدد مؤلفات الإسماعيلية وأسماء مؤلفيها، ومنها ما يأتي على ذكرها في سياق الترتيب العام من دون تخصيص. ومن أهم المراجع التي عنيت بالمؤلفات الإسماعيلية كتاب «المرشد إلى أدب الإسماعيلية» الذي نشره المستشرق إيفانوف، وكتاب «الفهرست» للشيخ إسماعيل بن عبد الرسول. وتضم المكتبات اليوم عدداً كبيراً من آثار الإسماعيلية التي أتيح لها أن تخرج إلى النور وعني بنشرها باحثون من الإسماعيلية وغيرهم. وأما أشهر من ألّف من القرامطة وأقدمهم فهو عبدان (ت سنة 286هـ)، وكان صهر حمدان قرمط وداعيته الأول، وله كتب كثيرة ذكرها ابن النديم وبعضها منحول نسب إليه، ولم يصل شيء منها إلى العصر الحديث. ويعد القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد بن حيُّون المتوفى عام 363هـ من أغزر مؤلفي الإسماعيلية نِتاجاً، ويعزى إليه وضع أكثر من 42 مؤلفاً منها كتاب «دعائم الإسلام في فكر الحلال والحرام والقضايا والأحكام»، وكتاب «أساس التأويل» و«تأويل الدعائم» وغيرها. ومن مشاهير مؤلفي الإسماعيلية  أيضاً أبو يعقوب إسحاق بن أحمد السجزي أو السجستاني (ت 331هـ) مصنف كتاب «الينابيع» وهو من أهم كتبهم، وأبو منصور اليماني الشاذلي، والداعي حميد الدين أحمد الكرماني الملقب بحجة العراقين (ت 411هـ) صاحب كتاب «راحة العقل» وهو من أهم كتبه في العقيدة والفلسفة، وداعي سرمين أبو المعالي حاتم بن محمود بن زهرة (449ـ 498هـ)، وحاتم بن إبراهيم الحامدي (ت 596) صاحب كتاب «تنبيه الغافلين» وكتاب «زهر بذر الحقائق»، وأبو حاتم الرازي أحمد بن حمدان الورثامي الليثي (ت322هـ) الذي استجاب له جماعة من الديلم وفيهم أسفار بن شيرويه، وله «كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية» ومناظرة مع محمد بن زكريا الرازي الطبيب المشهور نشرها في كتابه «أعلام النبوة»، وأبو القاسم الحسن بن فرج بن حوشب (230-303هـ) ومن مؤلفاته «كتاب أسرار النطقاء»، وناصر خسرو (394-481هـ)، وداعي الدعاة عبد الله موسى بن داود الشيرازي (391-470هـ)، وعبد الله بن أحمد النسفي البردغي (ت331هـ)، والداعي علي بن محمد بن الوليد (522-612هـ) والداعي المطلق عماد الدين إدريس بن الحسن القرشي (ت 872هـ) صاحب كتاب «نزهة الأفكار» وكتاب «عيون الأخبار وفنون الآثار» وهما من أهم مصادر الدعوة الإسماعيلية  في اليمن حتى وفاة المؤلف، والداعي الذؤيب بن موسى الهمذاني (ت 536هـ) أول الدعاة المطلقين من المستعلية، وقد اشتهر باسم «فراص الكتب» لولعه باستخراج دفائنها وفك رموزها، والشيخ أبو فراس شهاب الدين المنيقي (872-937هـ) صاحب كتاب «مناقب المولى راشد الدين سنان»، والداعي حسن بن نوح (ت 929هـ) وغيرهم، وقد يبالغ بعضهم فينسب إلى الإسماعيلية عدداً من كبار المفكرين والفلاسفة المسلمين المعروفين. ويذكر الداعي حسن بن نوح في حديثه عن مراحل «تكونه الفكري» أنه درس ما لايقل عن خمسين كتاباً ورسالة في الشريعة المأثورة عن الأئمة وكتب الوعظ وكتب السير الكريمة في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكتب البراهين والعلوم المكنونة وإبطال الباطل والفضل والفضيلة. وفي ذلك إلماعة إلى غنى الثقافة الإسماعيلية وتنوعها والتزامها بأهدافها.

ج.ت
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الداعي جعفر بن منصور اليمن

الولادة والنشأة
هو جعفر بن (منصور اليمن) الحسن بن فرج بن حوشب بن زادان الكوفي الذي يمت بصلة النسب إلى عقيل ابن أبي طالب ويحدثنا التاريخ انه بعد وفاة والده الداعي الكبير (منصور اليمن) الحسن بن فرج بن حوشب عين الإمام المهدي الداعي  عبدالله بن عباس الشاوري خلفا له للقيام بأمر الدعوة في اليمن إلا ان أخيه أبي الحسن بن منصور اليمن حسد الشاوري الرتبة وانقلب عليه ثم قتله وأعلن العصيان على الإمام المهدي بعد ان قلب مذهبه وعلى اثر ذلك اختلف جعفر مع أخيه أبي الحسن واعتبر أعماله وتصرفاته خروجا عن المذهب وطاعة الإمام فتوجه إلى المغرب سنة 322هـ/933م فوجد الخليفة الفاطمي المهدي قد توفي وقام بعده ابنه القائم, الذي رحب به, وانزله مكانة تليق به اما أخيه أبي الحسن فقد كانت عاقبته وخيمة فقد شك أتباعه الجدد في أمره رغم ارتداده عن المذهب الإسماعيلي وقتلوه هو ومن بقي من أسرته وذلك من منطلق من خان غيرك فلن يخلص لك. ويحدثنا المؤرخ الإسماعيلي الداعي المطلق إدريس عماد الدين عن المكانة التي بلغها جعفر المنصور فيقول.. (... وانتهى إلى ان بلغ مبلغا عظيما عند الأئمة.. وبلغ مراتب الأبواب الفائزين بعلو الدرجات..) وقد ورد في سيرة الأستاذ جوذر ما نصه:.. وكان جعفر بن المنصور صاحب اليمن قريبا من الدولة وقربة من مولانا عليه السلام المحل القريب, ومن المؤكد ان جعفر كان يتمتع بمركز رفيع في الدولة الفاطمية في المغرب ثم في مصر, وكان موضع احترام وتقدير القائم والمنصور, وبلغ الذروة في عهد الخليفة المعز لدين الله حتى اتخذه (باب أبوابه) وهي أعلى رتبة في الدعوة الإسماعيلية وصار أهم رجال الدعوة الذين يشار إليهم بالبنان في الفضل والزهد.
حتى تفوق على القاضي أبي حنيفة النعمان التميمي المغربي نفسه, وليس أدل على ما وصل إليه جعفر بن منصور من مكانة سامية عند الإمام المعز من قول الداعي المطلق إدريس عماد الدين (.. إن القاضي النعمان اعتل بعلة, فزاره جميع الدعاة وأولياء الدولة وقوادها.. ولما زالت علته أتى الإمام المعز لدين الله فسأله عمن زاره, فقال: كلهم زاروني إلا جعفر بن منصور, فأخذ أمير المؤمنين في حديثه, ثم أمر بكتب فأحضرت إليه. ففتح كتبا منها, وقال للنعمان: أنظر في هذا الكتاب فلما تصفحه قال الإمام ما تقول في هذا؟ قال وما عسى ان أقول في قولكم؟ قال المعز لدين الله هذا قول مولاك جعفر, اعلا ما بعالي فضله, وبيانا لسامي محله فلما رأى النعمان جعفر اقر واعترف له بالفضل.
لم يعرف تاريخ ولادته ولكن وفاته كانت في القاهرة المعزية سنة 380 هـ/990م بعد ان ترك الكثير من المصنفات والكتب التي تبحث في العبادة العلمية (التأويل).

مؤلفاته

إذا كان القاضي النعمان هو رائد الشريعة او العبادة العملية بما ألف من كتب في الفقه والشريعة والذي كان معاصرا لجعفر بن منصور اليمن في عهد الإمام المعز فإن الداعي جعفر بن منصور اليمن كان رائد التأويل او العبادة العلمية

ترك الداعي جعفر الكثير من المؤلفات التي لايزال بعضا منها محفوظ على شكل مخطوطات لم يتم تحقيقها بعد ومحفوظة لدى بعض الفرق الإسماعيلية في الهند واليمن وقد وردت مسمياتها في بعض كتب الدعوة ولقد كانت معظم مؤلفات هذا الداعي العظيم تصب في إثبات حقيقة التأويل التي تختلف عن التفسير  لان التأويل في نظره هو الرجوع  إلى الأصل لإدراك معاني القران  واستنباط جوهر الحقيقة  ومعناها الروحي  الذي يوافق العقل والمنطق فالنصوص إذا لم توافق العقل فانه لابد ان يكون لها معنى تأويلي وهو يستند في ذلك على بعض أي الذكر الحكيم في إثبات حقيقة التأويل لقوله تعالى ﴿وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث﴾ وقوله تعالى (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث) وقوله تعالى ﴿وسأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا﴾ وقوله تعالى ﴿وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم﴾ وقوله تعالى ﴿هل ينظرون إلا تأويله...﴾ وذلك من خلال استقراء آيات الذكر الحكيم والتفكر فيها ليتبين فيها معاني  جوهريه كثيرة قد لا تكون ظاهره ولكن بالتمعن وإعمال العقل يتضح المعنى لقوله تعالى ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس  وما يعقلها إلا العالمون﴾ وهذا في نظر دعاة الفكر الإسماعيلي يتطلب الدخول إلى عمق معاني الآيات لمعرفة دلالاتها مسترشدين في ذلك بقوله تعالى ﴿وأسبغ عليكم نعمه ظاهره وباطنه﴾ وقوله تعالى ﴿وذروا ظاهر الإثم وباطنه﴾ وفي ذلك يقينا بآياته ومخلوقاته  لقوله تعالى ﴿وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾
إذا التأويل حقيقة اقرها القران ومن ينكر ذلك فقد جحد آيات الله  ومن هذا المنطلق استقراء علماء ودعاة ومفكري الإسماعيلية هذه الآيات وتمعنوا في التفكر فيما حولهم بإعمال العقل الذي خلقه الله بما لا يتعارض مع ما سنه لخلقه وينسجم مع حكمة الكتاب والشريعة وذلك من خلال ما يسمى بالعبادة العلمية (الإيمانية) والتي تسير مع العبادة العملية (الشرعية) جنبا إلى جنب مستدلين على ذلك ببعض ما ورد
عن ألائمه من الأحاديث النبوية وما دلت عليه معاني القرآن من إشارات ورموز يرتكز عليها علم التأويل والتي يعتبر هذا الداعي احد رواده. وبالإضافة إلى ذلك فقد كان شاعرا تم العثور على قصائد عديدة له من عيون الشعر أوردها الداعي عماد الدين إدريس في السبع الخامس من عيون الأخبار اما مؤلفاته فهي حسب الآتي:

1- سرائر وأسرار النطقاء: وهذا الكتاب يعتبر من أقدم المؤلفات الإسماعيلية التي تبحث في قصص الأنبياء وأسرارهم العرفانية وحكمهم التأويلية المنبثقة من سلوكهم الديني والدنيوي وذلك من خلال القران الكريم والأحاديث الشريفة المروية عن أئمة آل البيت وما ورد في بعض الكتب السماوية وذلك من عهد سيدنا ادم عليه السلام حتى سيدنا محمد عليه وعلى اله أفضل الصلاة والتسليم.

2- كتاب العالم والغلام: وهذا الكتاب من الكتب الحقانية النادرة التي تصور بوضوح المفيد والمستفيد بقالب رمزي يتضمن قصه كتبت في القرن الثالث الهجري لعالم وغلام رمز فيها إلى احد أبناء الملوك الذي استفاد من العلوم الحقانية من قبل أستاذه ومفيدة الذي التقاه صدفه بينما كان يتجول في بعض البلاد وبعد أن درس عليه فتره استطاع أن يقنعه بأفكاره العرفانية ويحوله إلى عنصر صالح مفيد لمجتمعه ومملكته وهذا الكتاب بلا شك يظهر بوضوح التقدير العالي الذي يكنه الإسماعيليون للعلم منذ وقت مبكر وان الدين والعلم مرتبطان ببعض بطريقه لا انفصام لها. وقد اختلف المؤرخون في نسبه الكتاب له وقال بعضهم انه لأبيه الداعي منصور اليمن.

3- كتاب تأويل سورة النساء: والكتاب واضح من عنوانه فهو يفسر صورة النساء من منطوق تأويلي يوضح بعض الحقائق العرفانية التي تضمنتها المعاني حيث يستنبط منها جوهر حقيقة الآيات ألقرانيه ومعناها الروحي.

4- كتاب الشواهد والبيان: وهو كتاب يتعلق بإثبات الوصية للإمام علي بن أبي طالب 
5- كتاب الفرائض وحدود الدين: وهو كتاب يبحث في تأويل الفرائض وما يقابلها في حدود الدين
6- كتاب الفترات والقرانات: وهذا الكتاب يبحث في تاريخ الدعوة أثناء فترة استتارها

وهناك كتب أخرى تنسب إليه وهي حسب الأتي: 
المراتب والمحيط, رسالة في معنى الاسم الأعظم, تأويل الحروف, خزائن الأدلة

خاتمة:
إذا كان القاضي النعمان هو رائد الشريعة او العبادة العملية بما ألف من كتب في الفقه والشريعة والذي كان معاصرا لجعفر بن منصور اليمن في عهد الإمام المعز فإن الداعي جعفر بن منصور اليمن كان رائد التأويل او العبادة العلمية فقد كانت معظم مؤلفات هذا الداعي تصب في إثبات حقيقة التأويل الذي يعد رجوعا إلى الأصل لإدراك معاني القرآن واستنباط جوهر الحقيقة ومعناها الروحي وبما يوافق العقل والمنطق وهو يستند في ذلك على بعض أي الذكر الحكيم في إثبات حقيقته كما بينا سابقا بالإضافة إلى ما ورد عن أئمة آل البيت من أحاديث نبوية . وهي حقيقة تجادل حولها العلماء المسلمون إلا إنهم اعترفوا جميعا بان القران حمال أوجه ولذلك كل يفسره بما يؤيد رأيه وقد ورد في تاريخ المسعودي أن أنصار الإمام علي بن أبي طالب  في معركة صفين كانوا يخاطبون أصحاب معاوية وهم يرتجزون قائلين:
نحن ضربناكم على تنزيله       واليوم نضربكم على تأويله 
ومعنى هذا أن الإمام علي كان يحارب قريش في زمن النبي  على تنزيل القران وهو اليوم يحاربهم على تأويل القرآن وتفسيره
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
1الجزء الأول من عرضنا للمصادر العثمانية والذي حمل عنوان "وثائق عن تاريخ اليمن في العهد العثماني محفوظة في المكتبة الوطنية في بلغاريا، بمدينة صوفيا" تناول بشكل أساس الوثائق ذات الطابع المالي1. وفي هذا الجزء الثاني، سنتناول على نحو جوهري تلك الوثائق ذات العلاقة بالتاريخ السياسي لليمن. وهي أيضاً تقدم معلومات حول وضع الطب والخدمات الطبية في اليمن، إضافةً إلى معلومات عن الكوادر الطبية على مستوى منطقة الحجاز. أما بشأن الجزء الثالث من هذا الموضوع والذي سيُنشر في العدد القادم من حوليات مخطوطات اليمن فسيُكرس للوثائق المكتوبة باللغة العربية.

2الوثائق التي سنتناولها هنا، اُختيرت من بين المقتنيات رقم 320A (يمن)، و278A (حجاز) وأيضاً من مجموعة OAK (مجموعة الأرشيف الشرقي) ومجموعة NPTA (المقتنيات الجديدة للوثائق التركية) في المكتبة الوطنية في بلغاريا، بمدينة صوفيا.

ثلاثة فرمانات من الربع الأخير للقرن السادس عشر

2 حول هذه الفترة من تاريخ اليمن، راجع : G. M. Udalova. Yemen v period Osmanskogo zavoevaniya 1538-163 (...)

3توجد ثلاثة فرمانات للسلطان مراد الثالث (982-1003/1574-1595) وهي تعود بنا إلى الربع الأخير من القرن السادس عشر2.

3 اقچه = 1/3 من الپاره. 120 اقچه = 1 قروش.

4الفرمان الأول، مؤرخ في 20-29 (أواخر) ذي الحجة 991/04-13.01.1584 وموجه إلى عويس، حاكم (بكلربك) إقليم الشام (سوريا)، وهو يتعلق بنظام التمار في العالم العربي. فبحسب أحد الدفاتر التي سلمها " بكلربك" اليمن، حسن، وقُدِّم إلى السلطان، من الواضح أن حامل بندقية (أو جندي راجل توفنكچى tüfenĸčî) من البُلوك رقم 27، آق علي يشارك تماره مع شخص اسمه ابراهيم. وفي الواقع أن هذا الأخير يستلم 2/3 المبلغ السنوي من عائدات التمار التي تصل إلى 18,000 آقچه3 (NPTA XIX 21/87، صورة 1).

4 حول بنية الفرمان من وجهة نظر الدبلوماسية العثمانية، راجع :

5 يساوي اليوك 100,000 قرش تركي.

6 الدفتردار هو الشخص المسؤول عن الشؤون المالية للولاية.

7 يعني مصطلح "قاپوجى" الموظفين الذين يقومون بعدة مهام سواء في السرايا نفسها أو في خارجها وذلك في خدمة (...)

5أما الفرمانان الآخران فهما في غاية الأهمية، ليس بسبب محتواهما وحسب، بل ومن وجهة نظر علم الوثائق العثمانية4. فالمدة الفاصلة بين اصدارهما هي ثلاثة أيام فقط، ويتعلقان بنفس الموضوع، وهو مبلغ 3 يوك5 اقچه، والذي يُفترض أن يُسحب من "بقايا" ضرائب اليمن. وهذا المبلغ ضروري لسفينة حربية (قديرغه) يحتاج لها الأسطول الامبريالي. الفرمان الأول، المؤرخ في 15 جمادى الأول 28.02/1000، 1592، مُوجه إلى الوزير حسن باشا، مسؤول حرس اليمن (f. 320 a, u.a. 138)، والثاني مؤرخ في 18 جمادى الأول 28.02/1000، 1592، ومُوجه إلى "دفتردار"6 اليمن (NPTA XVI 1/15، صورة 2). ولعدم الوفاء بالمبلغ اللازم، أُرسل "مُبشرين" من السلطات وهما اسكندر، قائد بلوك "بلوكباشي" وحسين، حاجب قاپوجى7، لجمع المبلغ في أسرع وقت ممكن وإرساله إلى العاصمة.

وثائق القرن التاسع عشر

6الجزء الأكبر من وثائق الأرشيف الذي نحن بصدد الحديث عنه هنا يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وهو قرن تخللته أحداث في غاية الأهمية على مستوى التاريخ السياسي لليمن. وبعض هذه الوثائق ذات صلة مباشرة بالأحداث.

منعطف نهاية سنوات 1840 وسنوات 1850

8 Caesar E. Farah, The Sultan’s Yemen. Nineteenth-Century Challenges to Ottoman Rule, Londres/New Yor (...)

7في عام 1849، بعد قرنين من الغياب، عززت السلطة العثمانية قبضتها على منطقة تهامة8. وتُقدِم لنا ثلاثة عشر دفتر من عام 1849 إلى عام 1850 معلومات مفصلة حول فرقة المُشاة "الپيّادة" التي يقودها المستشار العسكري ورئيس الفرقة (مشير سر پياده) براتلي مرسين آغا (OAK 262/5، صورة 3). وستة من هذه الدفاتر هي من النوع المُفصل أو "المفرّدات"، ويظهر فيها أسماء الجنود الذين تم توظيفهم في جميع الامبراطورية (البلقان وآسيا الصغرى والأقاليم العربية) وذلك خلال فترة عامين، من غرة محرم 1265 إلى نهاية شهر ذي الحجة 1266/27.11.1848 – 5.11.1850. أما السبعة الدفاتر الأخرى فهي من النوع المختصر أو "إجمالي الدفتر". وهي تخبرنا عن مرتبات الجنود لمدة 9 أشهر، ابتداءً من غرة ربيع الثاني 1265/ 24.02 – 16.11.1849، وبها أيضاً معلومات عن المرتبات لسنة 1266 كاملة 17.11.1849 – 5.11.1850. ويبلغ الراتب الشهري (علوفه) 58 قرش و32 پاره. وقد دُفعت المبالغ من صندق "أموال" مدينة الحديدة. وتحتوي نفس هذه الوِحدة الأرشيفية (OAK 262/5) على ستة سندات بتاريخ 13 صفر 1267/18.12.1850 تؤكد أن مخزن "شونة" اليمن يحتوي على قمح ورز هندي وشعير.

9 اقتبس هنا ما قاله Caesar E. Farah، مرجع سابق، ص 9، حيث ذكر أنه استند على " documents listed in a sp (...)

10 في الواقع يحمل كل من الطبيب والجراح نفس الاسم.

8وفي وثائق أخرى، تظهر أحداث عام 1849 على نحو أقل مباشرةً. ف
بخصوص "المسألة اليمنية9"، أُرسِل بعض الأشخاص ولا سيما الطبيب "الحكيم" الحاج محمد افندي، والجراح الحاج محمد افندي10، وجراح آخر هو الحاج مصطفى افندي والصيدلي الحاج أحمد افندي، أُرسِلوا إلى البلاط الأميري لشريف مكة. وبلغ إجمالي الصرفيات، بما في ذلك مرتباتهم والتعيونات اليومية لمدة 7 أشهر، بين الأول من مارس و30 أيلول 1265/14.03-13.10.1850، وكذا مصاريف الرحلة، 32,483 قرش، وكان مرتب الطبيب في نفس الفترة يعادل 10,500 قرش. ويُضاف إلى ذلك نقل 150 عقاراً طبياً بلغت تكلفتها 13,354 قرش. هذه العقاقير، التي لم تكن تُستخدم، كان أعطاها الطبيب إلى صيدلية الجيش النظامي لفرقة المشاة المُكلفة بالرقابة على الحجاز. وقد حصلنا على مُجمل هذه المعلومات من خلال رسالة مؤرخة في 3 محرم 1266/19.11.1849 وهي صادرة عن والي جدة السيد محمد حسيب. كما تحتوي نفس هذه الوِحدة الارشيفية على وثيقة بتاريخ 24 رجب 1266 وبها قائمة بهذه العقاقير الطبية (F. 320 A, u.a. 211، صورة 4).

11 هو على الأرجح صبري مصطفى باشا. في عام 1266/1850، صار والي اليمن حيث مات في 1267/1851. انظر :

9وتظهر بوضوح في نفس الفترة، ضمن حاشية والي اليمن مصطفى باشا11، أسماء الأطباء حميد افندي وأحمد افندي وحسين افندي والجراح محمد افندي والجراح الآخر أحمد افندي وأيضاً صيدليان آخران. وقد حُرر سند "المحبر" بتاريخ 11 جمادى الأول 1268/04.03.1852 لدفع مرتباتهم (F. 320A, u.a. 44).

10وعلى الأرجح أنه فيما يتعلق بأحداث سنة 1849، أصدر السيد ولي الدين، كابتن (يوزباشي) الدواب (طوپكشان ميري) لدى الجيش النظامي للمدفعية، المُدمَر في الحديدة، أصدر طلب "استدعاء"، بتاريخ 9 جمادي الثاني 1266/22.04.1850. وفي هذا المرة، يُصرف مبلغ 863 قرش و37 بيره لشراء أدوية ومرتبات يومية للأطباء البيطريين الذين فحصوا الدواب (F. 278 A, u.a. 858).

12 لمزيد من التفاصيل حول أنشطته، راجع : Caesar E. Farah, op. cit., pp. 47-48, 53-57, 59, 61, etc.

13 يُمنح هذا اللقب للبشوات الذين يقودون معسكرات (پاشالق) الخاصة بكل واحد منهم والذين يقع تحت إمرتهم بش (...)

11وفي التاريخ السياسي والعسكري لليمن، قام توفيق باشا (توفي في 1266/1850) بلعب دور في غاية الأهمية12. فقد كان على رأس فرقة المشاة المكونة من جنود غير نظاميين "باشيبوزوق" ممن ساهموا في غزو اليمن. ويظهر اسمه، لكن بعد وفاته، في دفترين مؤرخين في 14 جمادى الأول 1267/17.03.1851، ويشتملان على أسماء جنود (عددهم 713 في الدفتر الأول و694 في الآخر) والمبالغ المصروفة عليهم. وبحسب دفتر ثالث مؤرخ في 9 ربيع الأول 1267/12.01.1851، ويشتمل على أسماء 717 جندي، فقد نُقلت قيادة الجنود غير النظاميين إلى يد القائد الأعلى "سر عسكر13" حسن افندي (OAK 209/4، صورة 5).

سنوات 1860، متابعة الفتوحات

12يرتبط الاستيلاء على أبو عريش باسم شريف اليمن حسين بن علي بن حيدر (توفي عام 1267/1851). إذ يُخبرنا تقرير مفصل مؤرخ في 15 شعبان 1276/08.03.1860 عن وفاته واستيلاء الحكومة العثمانية على قِلاع الزهرة وجيزان. وقد أُصيب أربعمئة شخص من الجيش النظامي "موظفه"، ولا سيما من حرس مملحة الزهرة، بما في ذلك كتيبة "الاي" المكونة من الألبان والأتراك، بقيادة رئيس الفرسان "سر سواري" حيدر بيه. ويتناول التقرير أيضاً مسألة مرتبات أفراد حاشية الشريف حسين الذي توفى حينها. وبحسب رسالة مكتوبة على ورقة بترويسة وزارة المالية ومؤرخة في 29 كانون الثاني 1305/29.01.1889، حُدد مبلغ 11,100 قرش لورثة الشريف حسين باشا-زاده، المرحوم محمد بيه، أخيه وأخواته. ودُفع المبلغ من صندوق "أموال" سنجق الحديدة (F. 320A, u.a. 116).

سنوات 1870، السلطة العثمانية وشيوخ القبائل

13تُسلط بعض وثائق عام 1289/1872 (F. 320A, u.a. 60) ضوءً جديداً على العلاقات بين السلطة العثمانية وشيوخ القبائل. وهذه الوثائق هي في المقام الأول عبارة عن "معروض" أرسله بتاريخ 11 جمادى الثاني 1289/16.08.1872 من مدينة صنعاء السيد أحمد محتار، والي الحجاز وولاية اليمن إلى الوزير الأكبر (مدحت باشا، 31.07-19.10.1872). ويفيد أنه تم شراء وإرسال للشيوخ المحليين أثواب "حِلات" وساعات وأقمشة وسيوف بقيمة بلغت 70,000 قرش. أما الهدايا التي قدمها الشيوخ فتم بيعها بالمزاد وسجلت قيمتها كعائدات. وقد اُستخدم هذا المبلغ في ترميم جدران القلاع والسجون، على أغلب الظن في اليمن. وفي رسالة مؤرخة في 7 شعبان 1289/10.10.1872، وموجهة إلى وزارة المالية، معلومات إضافية حول هذا الأمر : وهي خيول قدمها الشيوخ كهدية، وقد أُهديت هذه الخيول في وقت لاحق لضباط الجيش الامبريالي (F. 320 A, u.a. 60، صورة 6).

سنوات 1890

14 حول الأحداث التي وقعت في كوكبان، راجع : Caesar E. Farah, op. cit., pp. 87-90.

14ثمة معلومة غير مباشرة حول أحداث كوكبان14 يزودنا بها ملف يحتوي على نسخة من بروتوكول (مضبطة) المجلس الداخلي للدولة (شوراء دولت داخليه) بتاريخ 2
9 صفر 1310/22.09.1892، وكذلك رسالتين من وزارة الداخلية موجهتين إلى وزارة المالية. ونكتشف فيهما ان أحد المباني قد أُجرَّ لمدة أربعة أشهر، من 1 تشرين الثاني 1307/14.11.1891. وقد اُستخدم كمقر حكومي بعد أن دُمر المقر القديم، وفقاً لهذه الوثائق، من قِبل عصابات ("أشقياء" وتحديداً جماعات معارضة للسلطة الرسمية) وبالتالي توجب ترميمه. وبلغ المبلغ المخصص لترميمه 2,640 قرش، وقد سُحِب من صندوق ولاية اليمن (F. 320 A, u.a. 80).

إصلاحات إدارية وحياة يومية

15 انظر : Caesar E. Farah, op. cit., p. 98.

15في عام 1872، عادت سيطرة الأتراك على جميع الأراضي اليمنية. وحينها شرعت السلطات العثمانية في إصلاحات إدارية استمرت 14 شهراً15. وتشهد ثلاث وثائق أن الثمانية نواحى (ناحيه) من سنجاق تعز أصبحت بعدد 15. وعلى صلة بهذا التغيير، تقدم وثيقة رسمية، صادرة بتاريخ 23 تشرين الثاني 1289/05.12.1873 عن الإدارة المالية "المحاسبة" لولاية اليمن، التقسيم الإداري الجديد وأسماء الموظفين ومرتباتهم (F. 320A, u.a. 101).

16 الكيلة : وحدة وزن، وتساوي الكيلة الاسطنبولي 24,215 كجم.

16وهناك وثيقتان أُخريتان بتاريخ 20 نيسان 1288/02.05.1872 تتعلقان بمسألة أكثر خصوصية ؛ فهما تشهدان أن 64,531 كيلة16 اسطنبولي من الشعير و5,505 كيلة اسطنبولي من القمح قد تم شراؤها من أربعة قضاءات (مديريات) من إقليم دوبروجا الشمالية (حالياً في رومانيا)، وهي أقاليم كوستنجه، مجيديه، بابا طاغى وخيرصوه، وشُحنت على سفينة تحمل العلم الإنجليزي لاحتياجات طاقم اليمن (مرتبات اليمن) (F. 320A, u.a. 135). وبالرغم من أن رسالة محافظ الإسكندرية (مصر) المؤرخة في 16 محرم 1281/20.06.1864 تتعلق للوهلة الأولى بمسألة غير مهمة، إلا إنها تخبرنا عن وجود مستشفى تم بناؤه حديثاً في ولاية اليمن. وتقول لنا أنه قد بدا من الضروري وضع دعامة خاصة (طفره) على باب المستشفى، وقد تم توريدها من شركة مصرية وسُلِمت إلى سليمان آغا وأُرسلت في الأخير إلى محافظ السويس (F. 320A, u.a. 106).

17كما تشهد وثيقة أخرى أن صندوق "مال صندوق" اليمن قد دفع مرتبات ثلاثة أشهر، من 1 أغسطس إلى 31 تشرين الثاني 1287/1871 بإجمالي 8,725 قرش للطبيب عثمان نوري افندي الذي كان يعمل في المركز الصحي في المخا (F. 320A, u.a. 107).

القرن العشرين

18وثيقة واحدة فقط يعود تاريخها إلى بداية القرن العشرين، وتتعلق بمسيرات وتنقلات السرايا العسكرية. ففي رسالة موجهة من سرعسكر رضا وبتاريخ 5 ربيع الثاني 1319/22.07.1901 إلى لجنة الشؤون المالية، نجد تفاصيل حول صرفيات الجيش المُرسلة عبر البحر إلى الحجاز واليمن (NPTA XIX 28/44).

19في هذا الجزء الثاني من موضوعنا، قدمنا وثائق تتعلق بمسائل هي بالأحرى مادية ومن أجل فهم أفضل لأهميتها يجب ربطها بتاريخ اليمن في القرن التاسع عشر. وعلى هذا النحو يمكننا توسيع معرفتنا بالأحداث السياسية التي أثرت في تاريخ هذه المنطقة من العالم.