مأساة #المطرفية
المطرفية تيار زيدي تعرض للإبادة بشكل ممنهج خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين في اليمن، إذ اعتُبر من قبل خصومه، فرقة مارقة ومرتدة وكافرة، ثم على يد الإمام المتطرف عبدالله بن حمزة تم إرهابها واجتثاثها بسبب آرائها المختلفة
. وتنسب المطرفية إلى مطرف الشهابي، من أعلام تلك الفترة، ومن آرائهم أن الله أوجد العناصر الأربعة: الماء، والنار، والهواء، والتراب، في حين جاءت المخلوقات بعد ذلك نتيجة تفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض. ويجمع الباحثون على أن نشوء البدايات الأولى للمطرفية سببه الرئيس أن اليمن كانت تخضع لسيطرة الدولة الصليحية التي سمحت بقدر كبير من الحرية الدينية والمذهبية في اليمن.
على أن إجازة الإمامة في غير آل البيت، هو ما أغاظ خصوم المطرفية بشكل خاص، ما جعلهم يصنَّفون كغُرماء أساسيين للإماميين. في الواقع، تتكئ الإمامة الزيدية على احتكار العرفان ووراثة الحكم وفقاً لشرف النسب الهاشمي. والشاهد ان المطرفية يتبعون الإمام الهادي في آرائه واجتهاداته، لكنهم وقفوا ضد حصر الإمامة في سلالة بعينها.
تذكيراً.. تأسست الدولة الزيدية في طبرستان لكنها انهارت سريعاً، وهروباً من المدينة وبطش العباسيين. وفرّ إلى طبرستان يحيى بن الحسين الهاشمي العلوي الحسني، ثم حين فشلت دعوته لإحياء الدولة الزيدية هناك عاد الى المدينة مرة أخرى، وسريعاً ما سنحت له فرصة تاريخية لا تتكرر في نقل المذهب إلى اليمن. توجه إلى صعدة، حيث رحبت به قبائل يمنية، فيما رفضته قبائل عديدة بالمقابل. لكنه استطاع تأسيس دولة زيدية في اليمن العام 284 للهجرة، بمساندة أولئك الذين جلبهم معه من طبرستان، واتخذ من صعدة حاضنة روحية لدولته، وخاض يحيى معارك ضارية ضد خصومه تعزيزاً لسلطة آل البيت. وكان أول من اختلف بشكل مباشر مع المطرفية، ومذاك استمرت الحروب سجالاً، فتارة يجتاح الأئمة مناطق شاسعة في اليمن، وتارة ينحسرون.
وأتى الإمام عبد الله بن حمزة، الذي أطلق على نفسه لقب "المنصور بالله" وعرف بالتعصب الشديد لنظرية حصر الإمامة في البطنين، على عكس المطرفية الذين قالوا بان الإمامة تصلح في عموم الناس، ولم ينظروا إلى الحكم كحق سماوي اصطفائي، بمعنى أن هذا المنصب يصلح له كل مسلم ولا يختص به قوم ولا يحصر في سلالة أو أسرة.
ويتفق الباحثون على أن عبد الله بن حمزة هو من أباد فرقة المطرفية، إذ قام بملاحقة أعلامها أينما كانوا، وفي أي منطقة حلوا، فضلاً عن انه أتلف تراثهم العلمي وهدم مساجدهم، وصادر ممتلكاتهم، وسبى نساءهم وأطفالهم. الجدير ذكره ان فكر وارث المطرفية انتشر في مناطق همدان، عمران، ارحب، ذمار، آنس، صنعاء، وحجة، تحديداً "قلب اليمن شمالاً".
حتى الآن ما زالت قضية الاضطهاد الذي تعرضت له فرقة المطرفيين قيد الهمس واللامكاشفة الصريحة. يزداد الأمر إشكالا بسبب أن معظم المشتغلين في التاريخ أحجموا عن الإضاءة على المطرفيين، ربما لحساسية الموضوع أو لندرة المصادر. ومن أبرز الذين تجرأوا على طرح القضية، الباحث علي محمد زيد، تبعه الدكتور عبد الغني عبد العاطي، ولا ننسى إثارة المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير للقضية. ويقول زيد الوزير: "من المستحيل تجاهل فكر ضخم كفكر المطرفية، وحدث جسيم كإبادتهم". ويضيف: "ان الإمام عبدالله بن حمزة أباد المطرفية بالسيف بعدما عجز عن التغلب عليهم بالقلم، ولعمري أن الاحتكام إلى السيف هي حجة المفلس".
ومحنة المطرفية بمثابة العار في تاريخ الزيدية داخل اليمن. في حين يرى خصوم المطرفية أن ابادتهم قول فيه مبالغة. والحاصل أن غلاة الموافقين لفكر عبد الله بن حمزة التشددي الدموي، يرونه على حق في ما أقدم عليه ضد المطرفيين، ثم أن غالبية المناوئين للمطرفية هم من الذين يحصرون الإِمامة في أحد أبناء البطنين. والمنقول عن عبد الله بن حمزة هو انه نعتهم بالفرقة الملعونة، وزعم انهم يقولون أن النبوة فعل النبي. على ان مثل هذا ا لتشويه التحريضي في مجتمع مغلق كاليمن هو ما سهّل دحضهم واستئصالهم من الناحية المعرفية.
يعتبر الباحث علي محمد زيد في كتاب "كتاب تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري" أن المطرفية أخطر وأهم انشقاق فكري وعقيدي في مدرسة الاعتزال اليمنية. إنها حركة فكرية ذات جذور تنويرية دأبت على نشر الفكر الزيدي في أوساط القبائل والمزارعين، وعدّت ذلك رسالتها في الحياة. فقد نشرت التعليم في أوساط شعبية لم تكن تاريخياً من الأُسر والبيوت التي تهتم بالتحصيل العلمي. وكان رجالها، كما يشير المؤلف، في الغاية من الاجتهاد في الدرس، والمثابرة في طلب المعرفة، وفي العبادة والزهد ومجاهدة النفس.
كانت منطلقات المطرفية وطنية يمنية، ولم يؤمنوا بالعنف، كما لم يخوضوا غمار الصراع السياسي الحربي، بل عمدوا إِلى أسلوب الدعوة ونشر التعليم حتى بين الفلاحين والجهلة. لكنهم تعرضوا إِلى أسوأ عملية قتل وقوبلوا بتنكيل واضطهاد شديدين. وكانت المطرفية ذات اجتهادات مستنيرة علمياً وفقهياً أبرزها عدم اشتراط النسب
المطرفية تيار زيدي تعرض للإبادة بشكل ممنهج خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين في اليمن، إذ اعتُبر من قبل خصومه، فرقة مارقة ومرتدة وكافرة، ثم على يد الإمام المتطرف عبدالله بن حمزة تم إرهابها واجتثاثها بسبب آرائها المختلفة
. وتنسب المطرفية إلى مطرف الشهابي، من أعلام تلك الفترة، ومن آرائهم أن الله أوجد العناصر الأربعة: الماء، والنار، والهواء، والتراب، في حين جاءت المخلوقات بعد ذلك نتيجة تفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض. ويجمع الباحثون على أن نشوء البدايات الأولى للمطرفية سببه الرئيس أن اليمن كانت تخضع لسيطرة الدولة الصليحية التي سمحت بقدر كبير من الحرية الدينية والمذهبية في اليمن.
على أن إجازة الإمامة في غير آل البيت، هو ما أغاظ خصوم المطرفية بشكل خاص، ما جعلهم يصنَّفون كغُرماء أساسيين للإماميين. في الواقع، تتكئ الإمامة الزيدية على احتكار العرفان ووراثة الحكم وفقاً لشرف النسب الهاشمي. والشاهد ان المطرفية يتبعون الإمام الهادي في آرائه واجتهاداته، لكنهم وقفوا ضد حصر الإمامة في سلالة بعينها.
تذكيراً.. تأسست الدولة الزيدية في طبرستان لكنها انهارت سريعاً، وهروباً من المدينة وبطش العباسيين. وفرّ إلى طبرستان يحيى بن الحسين الهاشمي العلوي الحسني، ثم حين فشلت دعوته لإحياء الدولة الزيدية هناك عاد الى المدينة مرة أخرى، وسريعاً ما سنحت له فرصة تاريخية لا تتكرر في نقل المذهب إلى اليمن. توجه إلى صعدة، حيث رحبت به قبائل يمنية، فيما رفضته قبائل عديدة بالمقابل. لكنه استطاع تأسيس دولة زيدية في اليمن العام 284 للهجرة، بمساندة أولئك الذين جلبهم معه من طبرستان، واتخذ من صعدة حاضنة روحية لدولته، وخاض يحيى معارك ضارية ضد خصومه تعزيزاً لسلطة آل البيت. وكان أول من اختلف بشكل مباشر مع المطرفية، ومذاك استمرت الحروب سجالاً، فتارة يجتاح الأئمة مناطق شاسعة في اليمن، وتارة ينحسرون.
وأتى الإمام عبد الله بن حمزة، الذي أطلق على نفسه لقب "المنصور بالله" وعرف بالتعصب الشديد لنظرية حصر الإمامة في البطنين، على عكس المطرفية الذين قالوا بان الإمامة تصلح في عموم الناس، ولم ينظروا إلى الحكم كحق سماوي اصطفائي، بمعنى أن هذا المنصب يصلح له كل مسلم ولا يختص به قوم ولا يحصر في سلالة أو أسرة.
ويتفق الباحثون على أن عبد الله بن حمزة هو من أباد فرقة المطرفية، إذ قام بملاحقة أعلامها أينما كانوا، وفي أي منطقة حلوا، فضلاً عن انه أتلف تراثهم العلمي وهدم مساجدهم، وصادر ممتلكاتهم، وسبى نساءهم وأطفالهم. الجدير ذكره ان فكر وارث المطرفية انتشر في مناطق همدان، عمران، ارحب، ذمار، آنس، صنعاء، وحجة، تحديداً "قلب اليمن شمالاً".
حتى الآن ما زالت قضية الاضطهاد الذي تعرضت له فرقة المطرفيين قيد الهمس واللامكاشفة الصريحة. يزداد الأمر إشكالا بسبب أن معظم المشتغلين في التاريخ أحجموا عن الإضاءة على المطرفيين، ربما لحساسية الموضوع أو لندرة المصادر. ومن أبرز الذين تجرأوا على طرح القضية، الباحث علي محمد زيد، تبعه الدكتور عبد الغني عبد العاطي، ولا ننسى إثارة المفكر الإسلامي زيد بن علي الوزير للقضية. ويقول زيد الوزير: "من المستحيل تجاهل فكر ضخم كفكر المطرفية، وحدث جسيم كإبادتهم". ويضيف: "ان الإمام عبدالله بن حمزة أباد المطرفية بالسيف بعدما عجز عن التغلب عليهم بالقلم، ولعمري أن الاحتكام إلى السيف هي حجة المفلس".
ومحنة المطرفية بمثابة العار في تاريخ الزيدية داخل اليمن. في حين يرى خصوم المطرفية أن ابادتهم قول فيه مبالغة. والحاصل أن غلاة الموافقين لفكر عبد الله بن حمزة التشددي الدموي، يرونه على حق في ما أقدم عليه ضد المطرفيين، ثم أن غالبية المناوئين للمطرفية هم من الذين يحصرون الإِمامة في أحد أبناء البطنين. والمنقول عن عبد الله بن حمزة هو انه نعتهم بالفرقة الملعونة، وزعم انهم يقولون أن النبوة فعل النبي. على ان مثل هذا ا لتشويه التحريضي في مجتمع مغلق كاليمن هو ما سهّل دحضهم واستئصالهم من الناحية المعرفية.
يعتبر الباحث علي محمد زيد في كتاب "كتاب تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري" أن المطرفية أخطر وأهم انشقاق فكري وعقيدي في مدرسة الاعتزال اليمنية. إنها حركة فكرية ذات جذور تنويرية دأبت على نشر الفكر الزيدي في أوساط القبائل والمزارعين، وعدّت ذلك رسالتها في الحياة. فقد نشرت التعليم في أوساط شعبية لم تكن تاريخياً من الأُسر والبيوت التي تهتم بالتحصيل العلمي. وكان رجالها، كما يشير المؤلف، في الغاية من الاجتهاد في الدرس، والمثابرة في طلب المعرفة، وفي العبادة والزهد ومجاهدة النفس.
كانت منطلقات المطرفية وطنية يمنية، ولم يؤمنوا بالعنف، كما لم يخوضوا غمار الصراع السياسي الحربي، بل عمدوا إِلى أسلوب الدعوة ونشر التعليم حتى بين الفلاحين والجهلة. لكنهم تعرضوا إِلى أسوأ عملية قتل وقوبلوا بتنكيل واضطهاد شديدين. وكانت المطرفية ذات اجتهادات مستنيرة علمياً وفقهياً أبرزها عدم اشتراط النسب
في الإمامة، وهو ما قاله قبل مطرف بن شهاب بعقود، نشوان بن سعيد الحميري، أحد أهم أعلام تلك المرحلة والمساهمين في أحداثها الفكرية والسياسية لاحقاً.
والحاصل أن المطرفية تخاصمت مع فقه الغلبة الموروثة سياسياً. أما علمياً، فلها اجتهادات مبكرة ورائدة. ويرى علي محمد زيد أن أهم أفكار المطرفية قد أكدها العلم الحديث وأصبحت من المسلمات البديهية، مثل القول بأن الأمطار ليست سوى أبخرة البحار والأنهار تحملها الرياح، والقول إن البَرَد قطرات ماء تجمدت في الهواء. كما يرى أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقع على عاتق أولئك الذين أبادوا المطرفية أو يوشكون أن يعيدوا انتاج ذلك التراث الدامي. ومن آرائهم، في وسط يستشري بالجهل والتخلف كاليمن وقتذاك، أن الأمراض ناتجة عن مسببات في الوسط المحيط، تصيب بدن الإنسان فيعتل، وان التداوي بالعلاج ليس سوى التعامل مع تلك الأسباب، وهو ليس رداً لإرادة الله.
ويعتبر الباحث محمد عزان ان "أتباع المطرفية سبقوا عصرهم في فهم أسرار الحياة، واستخدام أساليب التربية والتوجيه، وتعمقوا في النظر في القرآن حتى خرجوا بمفاهيم لم يستوعبها معاصروهم فشككوا في عقولهم واتهموهم في دينهم". وأما في الجانب السياسي "فإنهم يرون أن المقامات سواء كانت الدينية أم الاجتماعية والسياسية، تأتي باستحقاق نتيجة العمل، وليست بالتعيين الإلهي". كذلك، يؤكد الباحث عبد الباري طاهر أن التطور بلغ ذروته في تيار المطرفية التي، لولا قمعها بضراوة ووحشية، لمثّلت إضافة جد عميقة إلى التفكير الإسلامي في العصور الوسطي. وبرأيه أيضاً فان محنة المطرفية هي محنة الإبادة الجماعية لفرقة بكاملها لم تشهر السلاح، محنة الفكر والتفكير في كل زمان ومكان بين من يعتمد العلم والمعرفة كقيمة أساسية للشرف والفضل ومن يستل سيوف العصبية والقبائلية وخناجرها، ويستنجد بعصور الغابة ووحشيتها ليأتي عل الحرث والنسل، ويسكت الحياة، ويقضي على لغة العقل والحوار والتفتح والتسامح.
ويرى الباحث علي محمد زيد أن إنصاف المطرفية لا يكون إلا بالإقلاع عن إعادة إنتاج ذلك التراث الاستبدادي من خلال ذبح كل مطرفية مماثلة أو محتملة، في الحاضر والمستقبل، والإقلاع عن إغلاق باب الحوار والتعايش الضروري بين فئات المجتمع.
والمطرفية قطرة شبه منسية من بحر ما تعرض له الفكر الحر والثقافة غير الاستلابية في اليمن. صفحة من الصراع الفكرى فى اليمن بين الزيدية والمطرفية. والمفارقة المرعبة –كما يقول طاهر- أن اضطهاد فرقة بكاملها وتشريدها وإبادتها قد مر "بسلام" ولم يجد صدى في التاريخ العربي الإسلامي، لا لشيء إلا لأن الواقعة "الكارثة" قد حدثت في "جزر واق الواق –اليمن" بينما خلّدت مأساة ابن حنبل وهي امتحان لفرد أو أفراد قلائل. وتحول الحلاج إلى رمز للفادي، وخُلّد السهروردي وغيلان الدمشقي وابن السكيت. لكن مجزرة المطرفية الشبيهة مرّت، ولم تجد الصدى الكافي في التاريخ العربي. لكأن اليمن جزيرة معزولة عن كل ما حولها
والحاصل أن المطرفية تخاصمت مع فقه الغلبة الموروثة سياسياً. أما علمياً، فلها اجتهادات مبكرة ورائدة. ويرى علي محمد زيد أن أهم أفكار المطرفية قد أكدها العلم الحديث وأصبحت من المسلمات البديهية، مثل القول بأن الأمطار ليست سوى أبخرة البحار والأنهار تحملها الرياح، والقول إن البَرَد قطرات ماء تجمدت في الهواء. كما يرى أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقع على عاتق أولئك الذين أبادوا المطرفية أو يوشكون أن يعيدوا انتاج ذلك التراث الدامي. ومن آرائهم، في وسط يستشري بالجهل والتخلف كاليمن وقتذاك، أن الأمراض ناتجة عن مسببات في الوسط المحيط، تصيب بدن الإنسان فيعتل، وان التداوي بالعلاج ليس سوى التعامل مع تلك الأسباب، وهو ليس رداً لإرادة الله.
ويعتبر الباحث محمد عزان ان "أتباع المطرفية سبقوا عصرهم في فهم أسرار الحياة، واستخدام أساليب التربية والتوجيه، وتعمقوا في النظر في القرآن حتى خرجوا بمفاهيم لم يستوعبها معاصروهم فشككوا في عقولهم واتهموهم في دينهم". وأما في الجانب السياسي "فإنهم يرون أن المقامات سواء كانت الدينية أم الاجتماعية والسياسية، تأتي باستحقاق نتيجة العمل، وليست بالتعيين الإلهي". كذلك، يؤكد الباحث عبد الباري طاهر أن التطور بلغ ذروته في تيار المطرفية التي، لولا قمعها بضراوة ووحشية، لمثّلت إضافة جد عميقة إلى التفكير الإسلامي في العصور الوسطي. وبرأيه أيضاً فان محنة المطرفية هي محنة الإبادة الجماعية لفرقة بكاملها لم تشهر السلاح، محنة الفكر والتفكير في كل زمان ومكان بين من يعتمد العلم والمعرفة كقيمة أساسية للشرف والفضل ومن يستل سيوف العصبية والقبائلية وخناجرها، ويستنجد بعصور الغابة ووحشيتها ليأتي عل الحرث والنسل، ويسكت الحياة، ويقضي على لغة العقل والحوار والتفتح والتسامح.
ويرى الباحث علي محمد زيد أن إنصاف المطرفية لا يكون إلا بالإقلاع عن إعادة إنتاج ذلك التراث الاستبدادي من خلال ذبح كل مطرفية مماثلة أو محتملة، في الحاضر والمستقبل، والإقلاع عن إغلاق باب الحوار والتعايش الضروري بين فئات المجتمع.
والمطرفية قطرة شبه منسية من بحر ما تعرض له الفكر الحر والثقافة غير الاستلابية في اليمن. صفحة من الصراع الفكرى فى اليمن بين الزيدية والمطرفية. والمفارقة المرعبة –كما يقول طاهر- أن اضطهاد فرقة بكاملها وتشريدها وإبادتها قد مر "بسلام" ولم يجد صدى في التاريخ العربي الإسلامي، لا لشيء إلا لأن الواقعة "الكارثة" قد حدثت في "جزر واق الواق –اليمن" بينما خلّدت مأساة ابن حنبل وهي امتحان لفرد أو أفراد قلائل. وتحول الحلاج إلى رمز للفادي، وخُلّد السهروردي وغيلان الدمشقي وابن السكيت. لكن مجزرة المطرفية الشبيهة مرّت، ولم تجد الصدى الكافي في التاريخ العربي. لكأن اليمن جزيرة معزولة عن كل ما حولها
المُطَرّفِيَّة
تأريخ مسلم اللحجي ، أثر علمي هام في تراجم رجال المُطَرَّفيّة الزيديّة المتحرّرة من داء السُّلالية ، كتبه أحد أعلامهم الروّاد ؛ مُسَلّمة اللحجي .
والمُطَرَّفيَّة هي نسبة إلى أحد أعلامهم العلماء الفلاسفة المؤسسين ، وهو مُطَرَّف بن شهاب ، والذي كان عائشاً شيخاً عجوزا إبان الدولة الصليحية ، أيام مؤسسها علي بن محمد الصليحي .
ورغم أن المطرفية فرقة زيدية ، إنشغلت بالعلم والفلسفة وكذا العلوم الطبعية وتفسير أسرار الحياة والكائنات ، وكانت في غاية الزهد والتفرغ العلمي ، إلاّ أنها لاقت حرباً شعواء من الأئمة السّلاليين المتأثرين بمنقولات الكتب السّلالية الواردة من بلاد فارس في القرن السادس الهجري الى اليمن .
ولأن المطرفية كانت ترفض التقسيم السلالي للمجتمع ، واعتبرت أن الناس سواسية ، لذافقد لاقت هذه الفرقة حرباً ضدها ؛ بالكلام والسنان .
وصل الأمر بأبرز الأئمة السّلاليين ، وهو عبد الله بن حمزة ( م 614 هج ) أن يكفّرهم ويسفك دماءهم ، ويهتك أعراض نساءهم ، ويخرب مدارسهم ودورهم ومساجدهم ، وينهب أموالهم .
ولم ينجدهم من حرب الإبادة ضدهم ، إلاّ جند الأيوبيين ، الذين وردوا لإنقاذهم من بلاد الشام ومصر .
فشكراً للدكتور المحقق مقبل الأحمدي لإخراجه هذا السفر الرائع والذي ترجم وعرّف برائعين نفخر بهم ، ليس في اليمن فحسب ، بل في المنطقة العربية ،
الكتاب من مطبوعات مجمع العربية السعيدة ..
الدكتور Abdullah Al-Shamahi
تأريخ مسلم اللحجي ، أثر علمي هام في تراجم رجال المُطَرَّفيّة الزيديّة المتحرّرة من داء السُّلالية ، كتبه أحد أعلامهم الروّاد ؛ مُسَلّمة اللحجي .
والمُطَرَّفيَّة هي نسبة إلى أحد أعلامهم العلماء الفلاسفة المؤسسين ، وهو مُطَرَّف بن شهاب ، والذي كان عائشاً شيخاً عجوزا إبان الدولة الصليحية ، أيام مؤسسها علي بن محمد الصليحي .
ورغم أن المطرفية فرقة زيدية ، إنشغلت بالعلم والفلسفة وكذا العلوم الطبعية وتفسير أسرار الحياة والكائنات ، وكانت في غاية الزهد والتفرغ العلمي ، إلاّ أنها لاقت حرباً شعواء من الأئمة السّلاليين المتأثرين بمنقولات الكتب السّلالية الواردة من بلاد فارس في القرن السادس الهجري الى اليمن .
ولأن المطرفية كانت ترفض التقسيم السلالي للمجتمع ، واعتبرت أن الناس سواسية ، لذافقد لاقت هذه الفرقة حرباً ضدها ؛ بالكلام والسنان .
وصل الأمر بأبرز الأئمة السّلاليين ، وهو عبد الله بن حمزة ( م 614 هج ) أن يكفّرهم ويسفك دماءهم ، ويهتك أعراض نساءهم ، ويخرب مدارسهم ودورهم ومساجدهم ، وينهب أموالهم .
ولم ينجدهم من حرب الإبادة ضدهم ، إلاّ جند الأيوبيين ، الذين وردوا لإنقاذهم من بلاد الشام ومصر .
فشكراً للدكتور المحقق مقبل الأحمدي لإخراجه هذا السفر الرائع والذي ترجم وعرّف برائعين نفخر بهم ، ليس في اليمن فحسب ، بل في المنطقة العربية ،
الكتاب من مطبوعات مجمع العربية السعيدة ..
الدكتور Abdullah Al-Shamahi
عن مِحنة المُطرَّفية
.. بلال الطيب
تجسدت الخلافات «الزيدية ـ الزيدية» بصورة أعنف، بتمدد «المُطرَّفية»، وهي جماعة تنسب إلى مُطرف بن شهاب، خالفوا السائد من عقائد الاعتزال، وعقائد «الزيدية»، وتخلوا عن شرط «البطنين»، والتفضيل بمجرد النسب، وسعوا لتجريد المذهب «الزيدي» من طبيعته السلالية، وهم مسلمون ورعون بعيدون عن أية شائبة عُنصرية مُبتذلة.
أنكروا على عبدالله بن حمزة مُخالفته لبعض نُصوص «الهادي»، واختياراته في الفروع، ليدخل معهم في نقاشات طويلة، قادته إلى تكفيرهم، رغم أنَّهم سبق وبايعوه، وهي حقيقة أكدها كثير من المؤرخين، وأكدها ذات الإمام بقوله: «وأن الشيعة المُطرَّفية أول من أجاب دعوتنا، وأعطى بيعتنا، وشهد بالسر والجهر بإمامتنا».
تنكر «ابن حمزة» بعد ذلك لهم، وقال فيهم: «فإن كانوا صدقوا في الابتداء؛ فقد كذبوا في الانتهاء، وإن كذبوا أولاً؛ فما المانع أن يكونوا في الحالين كاذبين سواء»، وقال في عقيدتهم:
مُطرَّفة عاصت مقال نبيها
ولم تخش في العصيان لومة لائم
فكم فيهم من جاهل متفيهق
كريه المحيا كالكباع حراصم
غدا يدعي أن النبي شبيهه
فأعظم بهذا من عظيمة زاعم
كما اتهمهم «كاتب سيرته» بالنفاق، وقال فيهم: «والشيعة المُطرَّفية مع كثرة عددهم، واتساع هجرهم، يثبطون عنه، ويتربصون به، فإن وقع نصر من الله، واستظهار الإمام عليه السلام، جاءوا إليه يشهدون بالإمامة، ويطلبون الولاية، وإن انتزح عن البلاد، لم يقوموا لله بفرض يلزمهم من جهاد، ولا إقامة جمعة، ولا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر».
بعد هذا التضارب المُسف؛ وجب التذكير أنَّ «المُطرَّفية» لم يتخلوا عن مُناصرة «ابن حمزة»؛ إلا حين توقف عن محاربة «الأيوبيين»، قالوا عنه أنَّه طالب سُلطة، ثم تعاضدوا حول العلامة محمد بن المفضل «العفيف»، الذي كان حينها من أبرز المُتعاطفين معهم، ألزموه الحجة؛ فجدد دعوته احتساباً.
وزادوا على ذلك بأن جاهروا بمعارضتهم لـ «ابن حمزة»، وهجاه أحدهم ويدعى الحسن بن محمد النساخ بأرجوزة طويلة، شكك فيها بنسبه، وصلنا منها:
فيما روته إن حفظت العلما
ويح الطغاة إن دعوك قيما
في نسب مسترق مذبذب
ملفَّق مروق مضطرب
يقول أصلي من علي والنبي
ما صححت هذا رواة النسبي
صارت مناطق «المُطرَّفية» مثل «سناع، ووقش، وقاعة في جبل عيال يزيد، وبلاد البستان» خاضعة لحكم مُحتسبهم، وهي بمجملها مناطق زراعية توفر فائضاً يسمح بالحصول على موارد، إلا أن وفاة «العفيف» مطلع العام «600هـ» حالت دون قيام «دولة المطرَّفية»، أو بمعنى أصح تمددها.
بدأ «ابن حمزة» بعد ذلك يتربص بأصحاب «العفيف» شراً، نهض إلى «مُدع ـ ثلا»، وخطب هناك خطبة في الناس، أفتى فيها بردة «المُطرَّفية»، وكفرهم، وكتب على جدران إحدى المساجد:
ولقد حلفت وعادتي أني وفي
لا يـدخلنك ما حييت مُطرَّفي
فكتب أحد «المُطرَّفية» تحتها:
أو مـا علمت بأنَّ كـل مُطرَّفي
عما عمـرت من الكنـائس مُكتفي
أنتم ومسجـدكم ومذهبكم معا
كـذبالة في وسط مصباح طُفي
بعد أن اصطلح مع «الأيوبيين»، تفرغ «ابن حمزة» لجماعة «المُطرَّفية»، الذين تكاثروا تحت قيادة أبي الفتح العباسي، وصارت لهم صولات وجولات فكرية في معظم المناطق «الزيدية»، وعزم على التنكيل بهم، وحين بادروا بإرسال مجموعة من زعمائهم وعلمائهم للمناظرة، ونزع فتيل الخلاف قبل أن ينفجر، اعتذر عن ملاقاتهم؛ مُتحججاً بذهابه إلى الجوف، ثم ما لبث أن قال مُهدداً:
لست ابـن حمزة إن تركت جماعة
مُتجمعين بـقاعة للمنكر
ولأتركنهم كمثل عجـائز
يبكين حـول جنازة لم تقبر
ولأروين البيـض من أعناقهم
وسنابك الخيل الجيـاد الضمر
لم تمض أيام قلائل، حتى نفذ تهديده، أرسل إلى هجرة «قاعة» بجيش كبير، بقيادة شقيقه يحيى، قام ذلك الجيش بمجزرة عظيمة في حق سكان تلك المنطقة «603هـ»، وإمعاناً في إذلالهم، ألزم ذات الأمير من استسلم منهم بوضع «الزنار» علامة لهم، تماماً كاليهود.
أجبرت تلك التصرفات من تبقى على قيد الحياة من «المُطرَّفيية»، على الهرب إلى «مسور، ووقش»، أو الالتجاء بـ «الأيوبيين»، وعن ذلك قال أحد شعرائهم:
فأعجب لنا ملك الأكراد يكرمنا
وبني النبي علينا أي جبار
ونحن أنصاره الحامون حوزته
فمن لأنصاره يوماً بأنصار
وقال نحن ذو كفر وقد علمت
هذي البرية أنَّا غير كفار
كتب «ابن حمزة» حينها رسالة إلى «ورد سار» ـ أحد القادة «الأيوبيين» ـ مُعاتباً، عارضاً عليه أن يتحالفا معاً للتنكيل بـ «المُطرَّفية»، جاء فيها: «وأما الذي يوحشنا فتسليمك للمُطرَّفية المرتدة الغوية، مع قدرتك عليهم.. والقوم كفار في دار الإسلام، ولقد كتموا مذهبهم، ولقوا دونه الأيمان، والله يشهد أنهم لكاذبون، فإن رأيت قطع دابرهم؛ فأنا شريكك في دمائهم، ألقى الله بذلك».
اعترض حينها مجموعة من علماء «الزيدية» على «ابن حمزة»، لقيامه بجريمته تلك، فما كان منه إلا أن كفرهم بالإلزام، وكفر كل من أحب «المُطرَّفية»، أو قلدهم، أو أحسن الظن بهم، أو شكك في كفرهم، وشمل تكفيره جميع
.. بلال الطيب
تجسدت الخلافات «الزيدية ـ الزيدية» بصورة أعنف، بتمدد «المُطرَّفية»، وهي جماعة تنسب إلى مُطرف بن شهاب، خالفوا السائد من عقائد الاعتزال، وعقائد «الزيدية»، وتخلوا عن شرط «البطنين»، والتفضيل بمجرد النسب، وسعوا لتجريد المذهب «الزيدي» من طبيعته السلالية، وهم مسلمون ورعون بعيدون عن أية شائبة عُنصرية مُبتذلة.
أنكروا على عبدالله بن حمزة مُخالفته لبعض نُصوص «الهادي»، واختياراته في الفروع، ليدخل معهم في نقاشات طويلة، قادته إلى تكفيرهم، رغم أنَّهم سبق وبايعوه، وهي حقيقة أكدها كثير من المؤرخين، وأكدها ذات الإمام بقوله: «وأن الشيعة المُطرَّفية أول من أجاب دعوتنا، وأعطى بيعتنا، وشهد بالسر والجهر بإمامتنا».
تنكر «ابن حمزة» بعد ذلك لهم، وقال فيهم: «فإن كانوا صدقوا في الابتداء؛ فقد كذبوا في الانتهاء، وإن كذبوا أولاً؛ فما المانع أن يكونوا في الحالين كاذبين سواء»، وقال في عقيدتهم:
مُطرَّفة عاصت مقال نبيها
ولم تخش في العصيان لومة لائم
فكم فيهم من جاهل متفيهق
كريه المحيا كالكباع حراصم
غدا يدعي أن النبي شبيهه
فأعظم بهذا من عظيمة زاعم
كما اتهمهم «كاتب سيرته» بالنفاق، وقال فيهم: «والشيعة المُطرَّفية مع كثرة عددهم، واتساع هجرهم، يثبطون عنه، ويتربصون به، فإن وقع نصر من الله، واستظهار الإمام عليه السلام، جاءوا إليه يشهدون بالإمامة، ويطلبون الولاية، وإن انتزح عن البلاد، لم يقوموا لله بفرض يلزمهم من جهاد، ولا إقامة جمعة، ولا أمر بمعروف، ولا نهي عن منكر».
بعد هذا التضارب المُسف؛ وجب التذكير أنَّ «المُطرَّفية» لم يتخلوا عن مُناصرة «ابن حمزة»؛ إلا حين توقف عن محاربة «الأيوبيين»، قالوا عنه أنَّه طالب سُلطة، ثم تعاضدوا حول العلامة محمد بن المفضل «العفيف»، الذي كان حينها من أبرز المُتعاطفين معهم، ألزموه الحجة؛ فجدد دعوته احتساباً.
وزادوا على ذلك بأن جاهروا بمعارضتهم لـ «ابن حمزة»، وهجاه أحدهم ويدعى الحسن بن محمد النساخ بأرجوزة طويلة، شكك فيها بنسبه، وصلنا منها:
فيما روته إن حفظت العلما
ويح الطغاة إن دعوك قيما
في نسب مسترق مذبذب
ملفَّق مروق مضطرب
يقول أصلي من علي والنبي
ما صححت هذا رواة النسبي
صارت مناطق «المُطرَّفية» مثل «سناع، ووقش، وقاعة في جبل عيال يزيد، وبلاد البستان» خاضعة لحكم مُحتسبهم، وهي بمجملها مناطق زراعية توفر فائضاً يسمح بالحصول على موارد، إلا أن وفاة «العفيف» مطلع العام «600هـ» حالت دون قيام «دولة المطرَّفية»، أو بمعنى أصح تمددها.
بدأ «ابن حمزة» بعد ذلك يتربص بأصحاب «العفيف» شراً، نهض إلى «مُدع ـ ثلا»، وخطب هناك خطبة في الناس، أفتى فيها بردة «المُطرَّفية»، وكفرهم، وكتب على جدران إحدى المساجد:
ولقد حلفت وعادتي أني وفي
لا يـدخلنك ما حييت مُطرَّفي
فكتب أحد «المُطرَّفية» تحتها:
أو مـا علمت بأنَّ كـل مُطرَّفي
عما عمـرت من الكنـائس مُكتفي
أنتم ومسجـدكم ومذهبكم معا
كـذبالة في وسط مصباح طُفي
بعد أن اصطلح مع «الأيوبيين»، تفرغ «ابن حمزة» لجماعة «المُطرَّفية»، الذين تكاثروا تحت قيادة أبي الفتح العباسي، وصارت لهم صولات وجولات فكرية في معظم المناطق «الزيدية»، وعزم على التنكيل بهم، وحين بادروا بإرسال مجموعة من زعمائهم وعلمائهم للمناظرة، ونزع فتيل الخلاف قبل أن ينفجر، اعتذر عن ملاقاتهم؛ مُتحججاً بذهابه إلى الجوف، ثم ما لبث أن قال مُهدداً:
لست ابـن حمزة إن تركت جماعة
مُتجمعين بـقاعة للمنكر
ولأتركنهم كمثل عجـائز
يبكين حـول جنازة لم تقبر
ولأروين البيـض من أعناقهم
وسنابك الخيل الجيـاد الضمر
لم تمض أيام قلائل، حتى نفذ تهديده، أرسل إلى هجرة «قاعة» بجيش كبير، بقيادة شقيقه يحيى، قام ذلك الجيش بمجزرة عظيمة في حق سكان تلك المنطقة «603هـ»، وإمعاناً في إذلالهم، ألزم ذات الأمير من استسلم منهم بوضع «الزنار» علامة لهم، تماماً كاليهود.
أجبرت تلك التصرفات من تبقى على قيد الحياة من «المُطرَّفيية»، على الهرب إلى «مسور، ووقش»، أو الالتجاء بـ «الأيوبيين»، وعن ذلك قال أحد شعرائهم:
فأعجب لنا ملك الأكراد يكرمنا
وبني النبي علينا أي جبار
ونحن أنصاره الحامون حوزته
فمن لأنصاره يوماً بأنصار
وقال نحن ذو كفر وقد علمت
هذي البرية أنَّا غير كفار
كتب «ابن حمزة» حينها رسالة إلى «ورد سار» ـ أحد القادة «الأيوبيين» ـ مُعاتباً، عارضاً عليه أن يتحالفا معاً للتنكيل بـ «المُطرَّفية»، جاء فيها: «وأما الذي يوحشنا فتسليمك للمُطرَّفية المرتدة الغوية، مع قدرتك عليهم.. والقوم كفار في دار الإسلام، ولقد كتموا مذهبهم، ولقوا دونه الأيمان، والله يشهد أنهم لكاذبون، فإن رأيت قطع دابرهم؛ فأنا شريكك في دمائهم، ألقى الله بذلك».
اعترض حينها مجموعة من علماء «الزيدية» على «ابن حمزة»، لقيامه بجريمته تلك، فما كان منه إلا أن كفرهم بالإلزام، وكفر كل من أحب «المُطرَّفية»، أو قلدهم، أو أحسن الظن بهم، أو شكك في كفرهم، وشمل تكفيره جميع
من لا يدينون بمذهبه، وقال مقولته الصادمة: «فقد صح لنا كفر أكثر هذه الأمة».
كان من جُملة المُعترضين عليه، وممن نالته تهمة التكفير، العلامة «الهادوي» يحيى بن منصور بن المفضل، وأخاه يحيى المعروف بـ «المشرقي»، ـ ابني أخ «العفيف» السابق ذكره ـ تضامن الأول مع «المُطرَّفية»، وقيل أنَّه أعلن نفسه إماماً «603هـ»، أما الأخير فقد كان شديد التعصب لمذهبهم، صير نفسه نصيراً لهم، وأعلن بعد ستة أعوام نفسه إماماً.
جدد «ابن حمزة» حينها العزم على ملاحقة «المُطرَّفية» إلى عقر ديارهم «609هـ»، وإبادتهم عن بكرة أبيهم، خاض «المشرقي» غمار مواجهته، مُسنوداً بسكان المناطق الواقعة شمال غرب صنعاء، والتي كان غالبيتهم من تلك الجماعة، توجه يحيى بن حمزة إليهم بجيش كبير، التقى الجمعان، وكانت الدائرة على «المشرقي»، هرب إلى جبل مسور، لتسقط المناطق الخاضعة لحكمة الواحدة تلو الأخرى.
حكم «ابن حمزة» على تلك المناطق بأنها دار حرب، «تقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم، ويقتلون بالغيلة والمجاهرة، ولا تقبل توبة أحد منهم»، وأفتى: «وهم بشهادتنا وشهادة من تقدمنا من آبائنا الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، من أخبث الكفرة اعتقاداً، وأظهرهم لأهل بيت النبي.. عناداً، وقد أطلقنا لكافة المسلمين قتلهم، وأخذ أموالهم، وسلبهم فيء، وذممهم حلٌ طلق لكافة المسلمين، وقتل من اعتقد اعتقادهم، أو حسَّن الظن بهم، أو داهنهم، وأمنهم، وخالطهم».
وبموجب تلك الفتوى، قام «ابن حمزة» وعلى مدى عامين بملاحقتهم، وأرتكب جرائمه المروعة في حقهم، قتل أكثر من «100,000» من رجالهم ـ وقيل أقل من ذلك ـ وسبى نساءهم، واستعبد أطفالهم، وهدم دورهم، ومساجدهم، وأخرب مزارعهم، وصادر أملاكهم.
وجاء في إحدى رسائله ما يؤكد ذلك، حيث قال: «وهذه المُطرَّفية قد قتلنا من قدرنا عليه منهم، وأوهن الله كيدهم، وجددنا العزم في المُستقبل على تحريق من وجدنا من علمائهم، وإلى الآن لم نظفر بأحد، ونرجو من الله الظفر»، وأضاف: «وإنما فعلناه تقرباً إلى الله عزَّوجل، لإظهارهم صريح الكفر في بحبوحة الإسلام»، وأقسم على أن «جهادهم، وسفك دمائهم، أقرب إلى الله سبحانه من جهاد الكفار في ثغور الإسلام»، وزاد على ذلك شعراً:
فحل لي قتلُ من أدلى بحجتهم
ممن غدا بالغاً للحلم من ذكر
يامن تحير في شكٍ لقتلهم
اذكر، وكن ذا حفاظٍ قصة النهر
في تلك الأثناء، توجه الحسن النساخ إلى بغداد، طلب من خليفتها «الناصر» أحمد النصرة، والقضاء على «ابن حمزة»، وتحدث عن محنة «المُطرَّفية» قائلاً: «أذكى وقودها قائم من بني الحسن، تمالى مع أهل اليمن على نصرته، وسارعوا إلى جمعته وجماعته، وعقدوا له الألوية والبنود، وأطاعوا أمره كطاعة الملك المعبود، وحشدوا له الرعية والجنود، ولقد قدر علينا واستظهر..».
أرسل الخليفة «العباسي» إلى «الأيوبيين» في مصر «611هـ»، حثهم على نصرة «المُطرَّفية»، وإخماد إمامة «ابن حمزة»، وذلك بالتزامن مع سيطرة الأخير على أغلب مناطق «اليمن الأعلى»، بعد أن استغل مقتل الملك «الناصر» أيوب بن طغتكين مطلع ذلك العام.
توجه الملك الشاب «المسعود» يوسف بحملة كبرى إلى اليمن، ليبدأ حكمه بدخول مدينة تعز «10 صفر 612هـ»، وما إن علم «ابن حمزة» بتوجه الجيش «الأيوبي» نحوه، حتى سارع بالانسحاب من ذمار، ثم من صنعاء، بعد أن خرب دور الأخيرة، وهدم أسوارها، وسبى نساءها.
السبي أسلوب شنيع انتهجه «ابن حمزة» في معظم حروبه، وألف فيه كتاباً أسماه: «الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة»، وروي عنه قوله: «أما السباء فنحن الآمرون به»، واثناء تنكيله بـ «المُطرَّفية» سبى الكثير من نسائهم، وقال فيهن: «إننا لا نستحل فروجهن إلا لأننا نعلم أنهن مغلوبات على أمرهن، ولأنهن قد يخالفن أولياء أمورهن إذا ما تبدت لهن الحقيقة».
ومع هروبه الأخير من صنعاء، سبى عدداً كبيراً من النساء، من العرب ومن العجم، وذكر بعض المؤرخين، أن شقيقه يحيى سبى مجموعة من نساء تهامة في إحدى معاركه، وسبى حوالي «600» امرأة من صنعاء، بعضهن «أيوبيات»، وقسمهن في قاع «طيسان» بين رجاله، اختار «ابن حمزة» واحدة منهن لنفسه، وهي «أيوبية» من «آل قنطور»، وأنجب منها ولداً أسماه سليمان، خاطبه قائلاً:
سليمان بيتاك من هاشم
ومن آل قنطور بيتا شرف
قام عدد من علماء «الزيدية» بانتقاد «ابن حمزة» لتصرفه ذاك، أما أنصاره ممن شاركوه جرائمه المروعة، فلم ينتقدوه إلا حينما امتدت أياديه لسبي حفيدات «الهادي»، من نساء «آل المفضل»، وقد علق على ذلك قائلاً: «قالوا: تسبي بنات الهادي؟ قلنا: نعم، نسبيهن لكفر أهلهن».
كان من جُملة المُعترضين عليه، وممن نالته تهمة التكفير، العلامة «الهادوي» يحيى بن منصور بن المفضل، وأخاه يحيى المعروف بـ «المشرقي»، ـ ابني أخ «العفيف» السابق ذكره ـ تضامن الأول مع «المُطرَّفية»، وقيل أنَّه أعلن نفسه إماماً «603هـ»، أما الأخير فقد كان شديد التعصب لمذهبهم، صير نفسه نصيراً لهم، وأعلن بعد ستة أعوام نفسه إماماً.
جدد «ابن حمزة» حينها العزم على ملاحقة «المُطرَّفية» إلى عقر ديارهم «609هـ»، وإبادتهم عن بكرة أبيهم، خاض «المشرقي» غمار مواجهته، مُسنوداً بسكان المناطق الواقعة شمال غرب صنعاء، والتي كان غالبيتهم من تلك الجماعة، توجه يحيى بن حمزة إليهم بجيش كبير، التقى الجمعان، وكانت الدائرة على «المشرقي»، هرب إلى جبل مسور، لتسقط المناطق الخاضعة لحكمة الواحدة تلو الأخرى.
حكم «ابن حمزة» على تلك المناطق بأنها دار حرب، «تقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم، ويقتلون بالغيلة والمجاهرة، ولا تقبل توبة أحد منهم»، وأفتى: «وهم بشهادتنا وشهادة من تقدمنا من آبائنا الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، من أخبث الكفرة اعتقاداً، وأظهرهم لأهل بيت النبي.. عناداً، وقد أطلقنا لكافة المسلمين قتلهم، وأخذ أموالهم، وسلبهم فيء، وذممهم حلٌ طلق لكافة المسلمين، وقتل من اعتقد اعتقادهم، أو حسَّن الظن بهم، أو داهنهم، وأمنهم، وخالطهم».
وبموجب تلك الفتوى، قام «ابن حمزة» وعلى مدى عامين بملاحقتهم، وأرتكب جرائمه المروعة في حقهم، قتل أكثر من «100,000» من رجالهم ـ وقيل أقل من ذلك ـ وسبى نساءهم، واستعبد أطفالهم، وهدم دورهم، ومساجدهم، وأخرب مزارعهم، وصادر أملاكهم.
وجاء في إحدى رسائله ما يؤكد ذلك، حيث قال: «وهذه المُطرَّفية قد قتلنا من قدرنا عليه منهم، وأوهن الله كيدهم، وجددنا العزم في المُستقبل على تحريق من وجدنا من علمائهم، وإلى الآن لم نظفر بأحد، ونرجو من الله الظفر»، وأضاف: «وإنما فعلناه تقرباً إلى الله عزَّوجل، لإظهارهم صريح الكفر في بحبوحة الإسلام»، وأقسم على أن «جهادهم، وسفك دمائهم، أقرب إلى الله سبحانه من جهاد الكفار في ثغور الإسلام»، وزاد على ذلك شعراً:
فحل لي قتلُ من أدلى بحجتهم
ممن غدا بالغاً للحلم من ذكر
يامن تحير في شكٍ لقتلهم
اذكر، وكن ذا حفاظٍ قصة النهر
في تلك الأثناء، توجه الحسن النساخ إلى بغداد، طلب من خليفتها «الناصر» أحمد النصرة، والقضاء على «ابن حمزة»، وتحدث عن محنة «المُطرَّفية» قائلاً: «أذكى وقودها قائم من بني الحسن، تمالى مع أهل اليمن على نصرته، وسارعوا إلى جمعته وجماعته، وعقدوا له الألوية والبنود، وأطاعوا أمره كطاعة الملك المعبود، وحشدوا له الرعية والجنود، ولقد قدر علينا واستظهر..».
أرسل الخليفة «العباسي» إلى «الأيوبيين» في مصر «611هـ»، حثهم على نصرة «المُطرَّفية»، وإخماد إمامة «ابن حمزة»، وذلك بالتزامن مع سيطرة الأخير على أغلب مناطق «اليمن الأعلى»، بعد أن استغل مقتل الملك «الناصر» أيوب بن طغتكين مطلع ذلك العام.
توجه الملك الشاب «المسعود» يوسف بحملة كبرى إلى اليمن، ليبدأ حكمه بدخول مدينة تعز «10 صفر 612هـ»، وما إن علم «ابن حمزة» بتوجه الجيش «الأيوبي» نحوه، حتى سارع بالانسحاب من ذمار، ثم من صنعاء، بعد أن خرب دور الأخيرة، وهدم أسوارها، وسبى نساءها.
السبي أسلوب شنيع انتهجه «ابن حمزة» في معظم حروبه، وألف فيه كتاباً أسماه: «الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السبي والغنيمة»، وروي عنه قوله: «أما السباء فنحن الآمرون به»، واثناء تنكيله بـ «المُطرَّفية» سبى الكثير من نسائهم، وقال فيهن: «إننا لا نستحل فروجهن إلا لأننا نعلم أنهن مغلوبات على أمرهن، ولأنهن قد يخالفن أولياء أمورهن إذا ما تبدت لهن الحقيقة».
ومع هروبه الأخير من صنعاء، سبى عدداً كبيراً من النساء، من العرب ومن العجم، وذكر بعض المؤرخين، أن شقيقه يحيى سبى مجموعة من نساء تهامة في إحدى معاركه، وسبى حوالي «600» امرأة من صنعاء، بعضهن «أيوبيات»، وقسمهن في قاع «طيسان» بين رجاله، اختار «ابن حمزة» واحدة منهن لنفسه، وهي «أيوبية» من «آل قنطور»، وأنجب منها ولداً أسماه سليمان، خاطبه قائلاً:
سليمان بيتاك من هاشم
ومن آل قنطور بيتا شرف
قام عدد من علماء «الزيدية» بانتقاد «ابن حمزة» لتصرفه ذاك، أما أنصاره ممن شاركوه جرائمه المروعة، فلم ينتقدوه إلا حينما امتدت أياديه لسبي حفيدات «الهادي»، من نساء «آل المفضل»، وقد علق على ذلك قائلاً: «قالوا: تسبي بنات الهادي؟ قلنا: نعم، نسبيهن لكفر أهلهن».
خمر
مسقط رأس الملك السبائي أسعد الكامل
موحد اليمن في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي..
خمر
وردت في قواميس اللغة العربية ( لسان العرب لا ابن منظور بن منظور ، وشمس العلوم لنشوان الحميري) ووردت في كتاب (اليمن في لسان العرب ) كالآتي خمر خَامَرَ الشيءَ قاربه وخالطه، ورجل خَمِرٌ خالطه داء، والخَمَرُ، بالتحريك ما واراك من الشجر والجبال ونحوها. يقال توارى الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، وخَمَرُه ما واراه من جُرُفٍ أو حَبلٍ من حبال الرمل أو غيره؛ ومنه قولهم دخل فلان في خُمار الناسِ أي فيما يواريه ويستره منهم. والخَمَرِ يعني الشجر الملتف…، أخمر الشيء أعطاه إياه قال محمد بن كثير هذا كلام معروف عندنا باليمن لا يكاد يتكلم بغيره يقول الرجل أخمرني كذا وكذا أي أعطينه هبة لي ملكني إياه ونحو هذا..
مدينة خمر
خمر بفتح فكسر فسكون. مدينة مشهورة من بلاد حاشد في شمال مدينة عمران بمسافة 40كم. سُميت نسبةً إلى خَمِر بن دومان بن بكيل بن جُشم بن خيوان إبن نوف بن همدان. وتقوم المدينة الحالية شرقي المدينة القديمة التي صارت أنقاضاً وخرائب تكتنفها الكثير من الآثار الحميرية الهامة فقد كانت من معاقلهم الشهيرة. وتقع مدينة خمر شمال مدينة ريدة بمسافة (22 كيلومتراً)، وهي مدينة أثرية قديمة، يعود تأريخها إلى عصور ما قبل الإسلام، وقد ذكر أحد النقوش اليمنية القديمة الذي عُثر عليه في مدينة خمر، اسم خمر باعتباره اسماً لقبيلة ويحتمل أن ذلك الاسم اسم المدينة القديمة.
يطل على هذه المدينة جبل توجد على قمته بقايا خرائب المدينة القديمة، ويحتمل أنها بقايا أحد معابد الإله السبئي الكبير (المقة) وكان يطلق على هذا المعبد اسم (ريمن)، وقد ذكره الهمداني باعتباره قصراً ملكياً سماه قصر خمر حيث قال (قصر خمر وهو قصر عجيب من عيون ما في بلد همدان، وهو مما يقاس بناعط، وهو أوسع وفيها معازب عظام، المعازب جمع معزب وهي قطع الحجارة الضخمة الموقصة (المهندمة)ـ من (خمسة عشر ذراعاً) إلى (عشرة أذرع طولاً)، وبه آثار، وهو كثير المياه؛ هكذا وصف الهمداني قصر خمر كما رآه في عصره قبل (ألف عام) تقريباً، أما الآن فقد أصبح خرائب.
وينسب إلى خمر الملك الحميري أسعد الكامل ، والذي تطلق عليه النقوش اليمنية القديمة اســم أب كرب أسعد ، وقد حُرف اسمه عند الإخباريين إلى أسعد الكامل ، وأحاطته مؤلفاتهم بالأساطير، فقد ذكر الهمداني على لسان ذلك الملك، شعراً قال فيه
أيها الناس لست أعرف قوماً
مثل همدان خُولتي الأبطالِ
خمر مولـدي وفي مسنديها
مولدي حين تم نور الهلالِ
ويضيف الهمداني وفيهم تربى ونشأ (أي الهمدانيون)، وكانت فصاحته منهم، ذلك ما جاء عند الهمداني ، ولكن يبدو أنه على سبيل الفخر لأن أب كـرب أسعد ـ أسعد الكامل ـ كان ملكاً ريدانياً ينتمي إلى قبائل ذي ريدان التي كانت حاضرتهم ظفار ـ يريم ، وقد ذاع صيته لأنه استطاع أن يوحد اليمن كاملاً في الرُبع الأول من (القرن الخامس الميلادي)، وهو الأمر الذي ترتب عليه إضافة لقب ملكي طويل إلى اسمه (ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات وإعرابهم طوداً وتهامة)، فقد وصل نفوذه إلى الصحراء العربية في الشمال، وشرقاً حتى أراضي نزار في البحرين، وأراضي عُمان، وتهامة اليمن في الغرب؛ ونتيجة لأنه أحد الملوك المتأخرين فقد ذاع صيته عند الإخباريين والمؤرخين المسلمين لدرجة أن الهمداني جعله بنسبه ينتهي إلى الهمدانيين، وهو ما يجعل الهمدانيين يضيفون إلى قبيلتهم الكثير من الكبرياء والشموخ والفخر.
ومن خرائب قصر خمر أخذ الأهالي معظم الأحجار التي بنيت بها منازلهم الحديثة ، وقد سكن خمر أقلية من اليهود إلا أن الكثير منهم قد غادرها ولم يبق منهم إلا القليل يميزون أنفسهم عن غيرهم بظفر خصلتين من شعرهم، وجعلها تنسدل على خدودهم، ولكنهم متساوون في الحقوق والواجبات بموجب الدستور، وي ون عاداتهم وتقاليدهم بحرية تامة، واشتهروا على مر الزمن بصناعاتهم التقليدية من الفضيات التي تُشكل على هيئة حُلي للنساء وغيرها، إضافة إلى مشغولاتهم الجصية كالقمريات التي تُزين نوافذ المباني وغيرها من المشغولات اليدوية والصناعات الحرفية.
وقد ارتبط اسم مدينة خمر تاريخياً بثورة 1962م وما تلاها من اقتتال بين الملكيين والجمهوريين في العديد من المناطق في اليمن، فأقيم فيها مؤتمراً (مؤتمر خمر) أعتبر مدداً لمؤتمر عمران، والذي دعا إليه الشهيد المرحوم القاضي محمد محمود الزبيري ، وعقد خلال الفترة من الثاني إلى الخامس من عام 1965م. وقد كان المؤتمر محاولة جديدة لإقرار السلام في ربوع اليمن وجمع كلمة اليمنيين، وإيقاف عوامل التخريب والتمزق والتناحر. وكان من نتائجه وضع الدستور.
مديرية خمر
إحدى مديريات محافظة عمران تقع في شمال مدينة عمران بمسافة 40كم. يحدها من الشمال مديريتا بني صريم والعشة، ومن الجنوب مديريات خارف، ريدة، جبل عيال سريح، ومن الشرق مديريتا خارف وذيبين، ومن الغرب مديريات السودة، العشة، ظليمة حبور. ومركز المديرية مدينة خمر. وتبلغ مساحة المديري
مسقط رأس الملك السبائي أسعد الكامل
موحد اليمن في الربع الأول من القرن الخامس الميلادي..
خمر
وردت في قواميس اللغة العربية ( لسان العرب لا ابن منظور بن منظور ، وشمس العلوم لنشوان الحميري) ووردت في كتاب (اليمن في لسان العرب ) كالآتي خمر خَامَرَ الشيءَ قاربه وخالطه، ورجل خَمِرٌ خالطه داء، والخَمَرُ، بالتحريك ما واراك من الشجر والجبال ونحوها. يقال توارى الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، وخَمَرُه ما واراه من جُرُفٍ أو حَبلٍ من حبال الرمل أو غيره؛ ومنه قولهم دخل فلان في خُمار الناسِ أي فيما يواريه ويستره منهم. والخَمَرِ يعني الشجر الملتف…، أخمر الشيء أعطاه إياه قال محمد بن كثير هذا كلام معروف عندنا باليمن لا يكاد يتكلم بغيره يقول الرجل أخمرني كذا وكذا أي أعطينه هبة لي ملكني إياه ونحو هذا..
مدينة خمر
خمر بفتح فكسر فسكون. مدينة مشهورة من بلاد حاشد في شمال مدينة عمران بمسافة 40كم. سُميت نسبةً إلى خَمِر بن دومان بن بكيل بن جُشم بن خيوان إبن نوف بن همدان. وتقوم المدينة الحالية شرقي المدينة القديمة التي صارت أنقاضاً وخرائب تكتنفها الكثير من الآثار الحميرية الهامة فقد كانت من معاقلهم الشهيرة. وتقع مدينة خمر شمال مدينة ريدة بمسافة (22 كيلومتراً)، وهي مدينة أثرية قديمة، يعود تأريخها إلى عصور ما قبل الإسلام، وقد ذكر أحد النقوش اليمنية القديمة الذي عُثر عليه في مدينة خمر، اسم خمر باعتباره اسماً لقبيلة ويحتمل أن ذلك الاسم اسم المدينة القديمة.
يطل على هذه المدينة جبل توجد على قمته بقايا خرائب المدينة القديمة، ويحتمل أنها بقايا أحد معابد الإله السبئي الكبير (المقة) وكان يطلق على هذا المعبد اسم (ريمن)، وقد ذكره الهمداني باعتباره قصراً ملكياً سماه قصر خمر حيث قال (قصر خمر وهو قصر عجيب من عيون ما في بلد همدان، وهو مما يقاس بناعط، وهو أوسع وفيها معازب عظام، المعازب جمع معزب وهي قطع الحجارة الضخمة الموقصة (المهندمة)ـ من (خمسة عشر ذراعاً) إلى (عشرة أذرع طولاً)، وبه آثار، وهو كثير المياه؛ هكذا وصف الهمداني قصر خمر كما رآه في عصره قبل (ألف عام) تقريباً، أما الآن فقد أصبح خرائب.
وينسب إلى خمر الملك الحميري أسعد الكامل ، والذي تطلق عليه النقوش اليمنية القديمة اســم أب كرب أسعد ، وقد حُرف اسمه عند الإخباريين إلى أسعد الكامل ، وأحاطته مؤلفاتهم بالأساطير، فقد ذكر الهمداني على لسان ذلك الملك، شعراً قال فيه
أيها الناس لست أعرف قوماً
مثل همدان خُولتي الأبطالِ
خمر مولـدي وفي مسنديها
مولدي حين تم نور الهلالِ
ويضيف الهمداني وفيهم تربى ونشأ (أي الهمدانيون)، وكانت فصاحته منهم، ذلك ما جاء عند الهمداني ، ولكن يبدو أنه على سبيل الفخر لأن أب كـرب أسعد ـ أسعد الكامل ـ كان ملكاً ريدانياً ينتمي إلى قبائل ذي ريدان التي كانت حاضرتهم ظفار ـ يريم ، وقد ذاع صيته لأنه استطاع أن يوحد اليمن كاملاً في الرُبع الأول من (القرن الخامس الميلادي)، وهو الأمر الذي ترتب عليه إضافة لقب ملكي طويل إلى اسمه (ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات وإعرابهم طوداً وتهامة)، فقد وصل نفوذه إلى الصحراء العربية في الشمال، وشرقاً حتى أراضي نزار في البحرين، وأراضي عُمان، وتهامة اليمن في الغرب؛ ونتيجة لأنه أحد الملوك المتأخرين فقد ذاع صيته عند الإخباريين والمؤرخين المسلمين لدرجة أن الهمداني جعله بنسبه ينتهي إلى الهمدانيين، وهو ما يجعل الهمدانيين يضيفون إلى قبيلتهم الكثير من الكبرياء والشموخ والفخر.
ومن خرائب قصر خمر أخذ الأهالي معظم الأحجار التي بنيت بها منازلهم الحديثة ، وقد سكن خمر أقلية من اليهود إلا أن الكثير منهم قد غادرها ولم يبق منهم إلا القليل يميزون أنفسهم عن غيرهم بظفر خصلتين من شعرهم، وجعلها تنسدل على خدودهم، ولكنهم متساوون في الحقوق والواجبات بموجب الدستور، وي ون عاداتهم وتقاليدهم بحرية تامة، واشتهروا على مر الزمن بصناعاتهم التقليدية من الفضيات التي تُشكل على هيئة حُلي للنساء وغيرها، إضافة إلى مشغولاتهم الجصية كالقمريات التي تُزين نوافذ المباني وغيرها من المشغولات اليدوية والصناعات الحرفية.
وقد ارتبط اسم مدينة خمر تاريخياً بثورة 1962م وما تلاها من اقتتال بين الملكيين والجمهوريين في العديد من المناطق في اليمن، فأقيم فيها مؤتمراً (مؤتمر خمر) أعتبر مدداً لمؤتمر عمران، والذي دعا إليه الشهيد المرحوم القاضي محمد محمود الزبيري ، وعقد خلال الفترة من الثاني إلى الخامس من عام 1965م. وقد كان المؤتمر محاولة جديدة لإقرار السلام في ربوع اليمن وجمع كلمة اليمنيين، وإيقاف عوامل التخريب والتمزق والتناحر. وكان من نتائجه وضع الدستور.
مديرية خمر
إحدى مديريات محافظة عمران تقع في شمال مدينة عمران بمسافة 40كم. يحدها من الشمال مديريتا بني صريم والعشة، ومن الجنوب مديريات خارف، ريدة، جبل عيال سريح، ومن الشرق مديريتا خارف وذيبين، ومن الغرب مديريات السودة، العشة، ظليمة حبور. ومركز المديرية مدينة خمر. وتبلغ مساحة المديري
ة 394كم2. وتضم المديرية 65 قرية تشكل بمجموعها 6عزل هي أهلا بالحسين، الجراف (قريتان عامرتان متجاورتان من قرى تسيع الجراف من بني صريم إحدى بطون حاشد ، وهما في الشمال الشرقي من خمر هَجَر حاشد ومركز بني صريم، وهي تعتبر هجرة من هجر العلم؛ ترجم المرحوم القاضي إسماعيل بن علي الأكوع في كتابه (هجر العلم ومعاقله في اليمن) لـ(10) أعلام من أعلامها، وينسب إليها القضاة الأعلام والعلماء الأفاضل من بيت الجرافي المشهورين في مدينة صنعاء منهم المرحوم القاضي أحمد بن أحمد الجرافي وأولاده المرحوم القاضي إسماعيل بن أحمد والمرحوم القاضي محمد بن أحمد)، السنتين والغيل، الظاهر، عشم، غربان. وقد بلغ عدد سكان مديرية خمر (73148نسمة)، في التعداد العام للسكان والمساكن للعام 2004م.
أهم حصون مديرية خمر
ذكر الباحث الأستاذ/ أحمد الغرسي في (موسوعة القلاع والحصون في اليمن – لا زالت تحت الطبع) العديد من الحصون التاريخية في خمر، نورد منها
حصن العظيمة
يقع هذا الحصن ببلاد حاشد على مقربة من خمر ويبعد عن صنعاء بحوالي 90كم.. وهذا الحصن اعطاه الملك الاشرف الرسولي للشريف علي بن عبد الله الحمزي حين ناصره على حرب أخيه المؤيد، ولما توفي الاشرف وتملك المؤيد.. كتب للشريف على بن عبد الله الحمزي
ستعلم ليلى أي دين تداينت
وأي غريم في التقاضي غريمها
فأجابة الشريف
تخير من نعمان عوداً أرى له
لهذا ولكن من يبلغه هذا
حصن الميقاع
يقع في غربي مدينة خمر ببلاد حاشد محافظة عمران، ويعتبر هذا الحصن من أعظم الحصون التى ما تزال محتفظة بأنقاضها إلا أنها في الفترة الأخيرة تعرضت أنقاض هذا الحصن إلى العبث والتخريب وقيل أنه عُثر على مفتاح الحصن وهو مصنوع من النحاس وعليه اسم الملك المظفر .
حصن الصبّه
يقع بمنطقة غربان ببلاد حاشد قضاء خمر عمران (محافظة) محافظة عمران ويوجد خارج هذا الحصن قبر القاضي المرحوم العلامة علي بن عبد الله الارياني المتوفي سنة1322هجري
أهم حصون مديرية خمر
ذكر الباحث الأستاذ/ أحمد الغرسي في (موسوعة القلاع والحصون في اليمن – لا زالت تحت الطبع) العديد من الحصون التاريخية في خمر، نورد منها
حصن العظيمة
يقع هذا الحصن ببلاد حاشد على مقربة من خمر ويبعد عن صنعاء بحوالي 90كم.. وهذا الحصن اعطاه الملك الاشرف الرسولي للشريف علي بن عبد الله الحمزي حين ناصره على حرب أخيه المؤيد، ولما توفي الاشرف وتملك المؤيد.. كتب للشريف على بن عبد الله الحمزي
ستعلم ليلى أي دين تداينت
وأي غريم في التقاضي غريمها
فأجابة الشريف
تخير من نعمان عوداً أرى له
لهذا ولكن من يبلغه هذا
حصن الميقاع
يقع في غربي مدينة خمر ببلاد حاشد محافظة عمران، ويعتبر هذا الحصن من أعظم الحصون التى ما تزال محتفظة بأنقاضها إلا أنها في الفترة الأخيرة تعرضت أنقاض هذا الحصن إلى العبث والتخريب وقيل أنه عُثر على مفتاح الحصن وهو مصنوع من النحاس وعليه اسم الملك المظفر .
حصن الصبّه
يقع بمنطقة غربان ببلاد حاشد قضاء خمر عمران (محافظة) محافظة عمران ويوجد خارج هذا الحصن قبر القاضي المرحوم العلامة علي بن عبد الله الارياني المتوفي سنة1322هجري
اعادة دراسة النقش الموسوم ب (WWM-Balu 1):
اللوح النصي من (هجر ليلى مرخة، شبوة حاليا) وهو من البرونز ربما من القطع الاثرية التي تم اعتراض طريق بيعها من تجار الاثار والنباشون لغير المتاحف الخارجية ، على العموم اللوح عليه كتابة مسندية لم يعرف بعد باليقين هل هو اوساني ام قتباني ، واللوح فقد ثلثه في الجزء السفلي والذي افقدنا معرفة باقي النقش ومحتواها ...على العموم يتحدث عن جوانب دينية وسياسية واجتماعية وزراعية والاهم الجانب الاقتصادي خاصة في ما يتعلق في اسعار البيع والشراء والمقايضة ونص النقش المسندي حسب الاتي:
1-عهلم/ بن/ بعجم/ وختينم/ وهبا/ قيل/ شعبن/ ذحلزوم/ وتلجج/ و
2-غبرسم/ سقني/ بلو/ ذحدثم/ وموتر/ وذت/ غضرن/ والهي/ بيتن/ ح—
3- دثم/ بحلزوم/ حج/ تكربسم/ وبذتم/ سوفي/ بلو/ والهسوو/ عهلم/ ايو—
4- م/ كون/ عهلم/ رشوم/ لبلو/ وبذتم/ شيم/ خرفن/ ودثان/ بخرفو/ عـ
5- هلم/ عد/ سلقب/ كلم/ عد/ كون/ شيط/ تمرن/ واكلن/ بسوت/ يومن
6-/ (تم)رن/ خمس/ وعشري/ بسلعتم/ واكلن/ ثنتو/ وعشرو/ اكلم/ س³ععم
7/ [... ...] باقي اللوح مفقود.(انظر الصورة).
والمفهوم العام للنص السابق يفيد عن مجموعة من الرجال وهم :
عاهل بن باعج وختينى وهبا شيخ (كبير) عشيرة ذي حلزوم وتلاجج .
وغباره يقدموا (بلو) وموتر وذات غضران والهي المعبد
(المسمى) حدثم في حلزوم تقدمة واجبة (للمعبود) ولان (بلو) والاله حفظوا عاهل في ايام
كان فيها عاهل كاهن لبلو ، ولانه رزقهم الخير من محاصيل الخريف والربيع خلال السنتين التي كان فيها عاهل كاهن
حتى انهى فترة توليه،كانت تجارة (بيع وشراء) التمر والحبوب في (ايامه رخيصة الثمن)
التمر خمسه وعشرين (بسلعة) عملة نقدية واحدة، والحبوب اثنتى وعشرون حبوب الشوفان ( ايضا بنفس السعر).
اهمية النقش :
يفيد النقش بان: عاهل بن باعج كان قد تولى وظيفة الكاهن الخاص ببلو وموتر وذات غضران واله المعبد حدثم وذلك في منطقو حلزوم وذلك لمدة عامين كان فيها الخير وفير من حيث المحاصيل الزراعية في فصل الخريف والربيع ، وان الاسعار في فترة توليه كانت رخيصة حيث كان سعر خمسة وعشرين من التمر بعمله نقدية واحدة وكذلك اسعار الحبوب اثنين وعشرون من الحبوب بسلعة واحدة ايضا، وان كل ذلك الخير والرخاء كان خلال فترة وظيفته ككاهن للمعبد ( حدثم) والمقدرة بسنتين.
من ناحية اخرى لم تتضح لنا مقدار التمر التي عددها ب(25) هل هي كيلوا جرام او غير ذلك وكذلك الامر لم تتضح الصورة عن الحبوب والتي عددها (22) هل هي (ثمنة) والتي كانت اداة مماثلة للاناء يكتال بها الحبوب، والذي نعتقد انه قصدها في هذا النقش ، لانه ليس من المعقول ان نعتبرها مثلا (22 قدح ) جواني تزن بحدود 50 كيلوا جرام ، الامر الذي نرجح انه قصد سعر (22 ثمنة) ربما نصف جونية او (شوالة) بسعر عملة واحدة تقربيا.ومن خلال هذا النقش يمكنا التعمق في الجانب المالي والاقتصادي من حيث سعر العملات ومقادير صرفها والمقايضة بها والذي حسب علم الباحث لم تاتي في نقوش اخرى تقربيا، الاسعار لمقادير من التمر والحبوب والذي من السهل تتبعها ومعرفة وسائل بيع التمور قديما اكان اكان مثلا : وقية او رطل او غير ذلك، وكذلك الامر بالنسبة للحبوب ومعرفة المقادير العديدية في هذا النقش اكانت مثلا: اقداح او ثمن بالضم، او غير ذلك...
من ناحية اخرى وهي الاهم ورود اسم (بلو) كاحد مسميات او صفات المعبود في هذا النقش وقد تتبعنا بالبحث عن هذا الاسم ( ب ل و ) فيما بين ايدنيا من نقوش فوجنا الاتي :
جاء الاسم ( ب ل و ) : في نقش سبئي والموسوم ب (DAI Ṣirwāḥ 2005-50) والذي يعود للقرن السابع الثامن قبل الميلاد تقربيا ، وقد جاء اللفظ ( بلو ) في السطر الثالث:
3/ / ت أ ل م / ل أ ل م ق هـ / و ل / س ب أ / و ن ق م / أ و س ن / و م ل ك هـ و / و ل د / ع م / و هـ ث ب / ب ض ع / ب ل و / و أ و س ن / ذ ن م ي / ق ت ب ن / و هـ م ل ك / س م هـ و ت ر / ذ ش م ر / ت م ن ع / ذ أ خ و / أ ل م ق هـ / و س ب أ / و هـ م ل ك / ي خ م / ر د م ن / ذ أ خ و / أ ل م ق هـ / و س ب أ / و ب م / أ ح د / م ن ش أ م / م خ ض / و هـ ف ط ن / ك ل / و ل د / ع م / و ف ر هـ و / و أ د م هـ و / و م خ ض / ك م ن هـ و / و س3و ك / و ج ب ذ / و ن ق م / ن ش ن / و هـ ث ب / ب ض ع / أ ر ن ي د ع / و ن ش ن / ب ن / ك م ن هـ و / و هـ ب ع ل / م ن هـ ي ت م ..
والمفهوم العام لهذا النص:
ان المكرب السئيئ قد اعاد للمعبود المقة ولسبأ وانتقم من اوسان وملكها اولاد عم واستاعاد اراضي (المعبود ) بلو واوسان، والتي كانت قد استولت عليها مملكة قتبان، ......الخ
اذا هنا يتضح لنا ان المعبود ( بلو ) اوساني، وان المكرب السبئي ( يثع امر) قد شن حملة عسكرية على مملكة قتبان وذلك للانها كانت قد احتلت على اراضي اوسانية خاصة بالمعبود ( بلو) ، وقد استطاع مناصرة اوسان واعادة لها كامل اراضيها التابعة للمعبد ( بلو) .....الخ.
وجاء الاسم ( ب ل و ) في النقوش القتبانية
اللوح النصي من (هجر ليلى مرخة، شبوة حاليا) وهو من البرونز ربما من القطع الاثرية التي تم اعتراض طريق بيعها من تجار الاثار والنباشون لغير المتاحف الخارجية ، على العموم اللوح عليه كتابة مسندية لم يعرف بعد باليقين هل هو اوساني ام قتباني ، واللوح فقد ثلثه في الجزء السفلي والذي افقدنا معرفة باقي النقش ومحتواها ...على العموم يتحدث عن جوانب دينية وسياسية واجتماعية وزراعية والاهم الجانب الاقتصادي خاصة في ما يتعلق في اسعار البيع والشراء والمقايضة ونص النقش المسندي حسب الاتي:
1-عهلم/ بن/ بعجم/ وختينم/ وهبا/ قيل/ شعبن/ ذحلزوم/ وتلجج/ و
2-غبرسم/ سقني/ بلو/ ذحدثم/ وموتر/ وذت/ غضرن/ والهي/ بيتن/ ح—
3- دثم/ بحلزوم/ حج/ تكربسم/ وبذتم/ سوفي/ بلو/ والهسوو/ عهلم/ ايو—
4- م/ كون/ عهلم/ رشوم/ لبلو/ وبذتم/ شيم/ خرفن/ ودثان/ بخرفو/ عـ
5- هلم/ عد/ سلقب/ كلم/ عد/ كون/ شيط/ تمرن/ واكلن/ بسوت/ يومن
6-/ (تم)رن/ خمس/ وعشري/ بسلعتم/ واكلن/ ثنتو/ وعشرو/ اكلم/ س³ععم
7/ [... ...] باقي اللوح مفقود.(انظر الصورة).
والمفهوم العام للنص السابق يفيد عن مجموعة من الرجال وهم :
عاهل بن باعج وختينى وهبا شيخ (كبير) عشيرة ذي حلزوم وتلاجج .
وغباره يقدموا (بلو) وموتر وذات غضران والهي المعبد
(المسمى) حدثم في حلزوم تقدمة واجبة (للمعبود) ولان (بلو) والاله حفظوا عاهل في ايام
كان فيها عاهل كاهن لبلو ، ولانه رزقهم الخير من محاصيل الخريف والربيع خلال السنتين التي كان فيها عاهل كاهن
حتى انهى فترة توليه،كانت تجارة (بيع وشراء) التمر والحبوب في (ايامه رخيصة الثمن)
التمر خمسه وعشرين (بسلعة) عملة نقدية واحدة، والحبوب اثنتى وعشرون حبوب الشوفان ( ايضا بنفس السعر).
اهمية النقش :
يفيد النقش بان: عاهل بن باعج كان قد تولى وظيفة الكاهن الخاص ببلو وموتر وذات غضران واله المعبد حدثم وذلك في منطقو حلزوم وذلك لمدة عامين كان فيها الخير وفير من حيث المحاصيل الزراعية في فصل الخريف والربيع ، وان الاسعار في فترة توليه كانت رخيصة حيث كان سعر خمسة وعشرين من التمر بعمله نقدية واحدة وكذلك اسعار الحبوب اثنين وعشرون من الحبوب بسلعة واحدة ايضا، وان كل ذلك الخير والرخاء كان خلال فترة وظيفته ككاهن للمعبد ( حدثم) والمقدرة بسنتين.
من ناحية اخرى لم تتضح لنا مقدار التمر التي عددها ب(25) هل هي كيلوا جرام او غير ذلك وكذلك الامر لم تتضح الصورة عن الحبوب والتي عددها (22) هل هي (ثمنة) والتي كانت اداة مماثلة للاناء يكتال بها الحبوب، والذي نعتقد انه قصدها في هذا النقش ، لانه ليس من المعقول ان نعتبرها مثلا (22 قدح ) جواني تزن بحدود 50 كيلوا جرام ، الامر الذي نرجح انه قصد سعر (22 ثمنة) ربما نصف جونية او (شوالة) بسعر عملة واحدة تقربيا.ومن خلال هذا النقش يمكنا التعمق في الجانب المالي والاقتصادي من حيث سعر العملات ومقادير صرفها والمقايضة بها والذي حسب علم الباحث لم تاتي في نقوش اخرى تقربيا، الاسعار لمقادير من التمر والحبوب والذي من السهل تتبعها ومعرفة وسائل بيع التمور قديما اكان اكان مثلا : وقية او رطل او غير ذلك، وكذلك الامر بالنسبة للحبوب ومعرفة المقادير العديدية في هذا النقش اكانت مثلا: اقداح او ثمن بالضم، او غير ذلك...
من ناحية اخرى وهي الاهم ورود اسم (بلو) كاحد مسميات او صفات المعبود في هذا النقش وقد تتبعنا بالبحث عن هذا الاسم ( ب ل و ) فيما بين ايدنيا من نقوش فوجنا الاتي :
جاء الاسم ( ب ل و ) : في نقش سبئي والموسوم ب (DAI Ṣirwāḥ 2005-50) والذي يعود للقرن السابع الثامن قبل الميلاد تقربيا ، وقد جاء اللفظ ( بلو ) في السطر الثالث:
3/ / ت أ ل م / ل أ ل م ق هـ / و ل / س ب أ / و ن ق م / أ و س ن / و م ل ك هـ و / و ل د / ع م / و هـ ث ب / ب ض ع / ب ل و / و أ و س ن / ذ ن م ي / ق ت ب ن / و هـ م ل ك / س م هـ و ت ر / ذ ش م ر / ت م ن ع / ذ أ خ و / أ ل م ق هـ / و س ب أ / و هـ م ل ك / ي خ م / ر د م ن / ذ أ خ و / أ ل م ق هـ / و س ب أ / و ب م / أ ح د / م ن ش أ م / م خ ض / و هـ ف ط ن / ك ل / و ل د / ع م / و ف ر هـ و / و أ د م هـ و / و م خ ض / ك م ن هـ و / و س3و ك / و ج ب ذ / و ن ق م / ن ش ن / و هـ ث ب / ب ض ع / أ ر ن ي د ع / و ن ش ن / ب ن / ك م ن هـ و / و هـ ب ع ل / م ن هـ ي ت م ..
والمفهوم العام لهذا النص:
ان المكرب السئيئ قد اعاد للمعبود المقة ولسبأ وانتقم من اوسان وملكها اولاد عم واستاعاد اراضي (المعبود ) بلو واوسان، والتي كانت قد استولت عليها مملكة قتبان، ......الخ
اذا هنا يتضح لنا ان المعبود ( بلو ) اوساني، وان المكرب السبئي ( يثع امر) قد شن حملة عسكرية على مملكة قتبان وذلك للانها كانت قد احتلت على اراضي اوسانية خاصة بالمعبود ( بلو) ، وقد استطاع مناصرة اوسان واعادة لها كامل اراضيها التابعة للمعبد ( بلو) .....الخ.
وجاء الاسم ( ب ل و ) في النقوش القتبانية
، اسم معبود، وذلك في (11 نقش قتباني) منها لضرب مثال هذا النقش الموسوم ب (Pi. Ḥuwaydar A) وذلك في نهاية السطر 8: ( وبالهو / رضحم / وب بلو / ذ ريمن ..) أي : وبجاه اله رضحم وبجاه بلو ذي ريمن ...وفي هذا النقش نجد ان بلو جاء من ضمن مسميات المعبود في قتبان مفترنا مع اسم عثتر وابي وعم ...الخ
ومن اجل التاكيد سوف ناتي بنمذج اخر للدلالة على انه اسم لمعبود قتباني كما جاء في النقش القتباني الموسوم ب (Waddingham 1) في السطر الاول:
1-ي ح م ل / ذ ش ع ذ ت / هـ و ف / س ق ن ي / ب ل و / ذ ح د ث م ....
أي : يحم ال ذ شعثت قدم تقدمة (برونية) للمعبود بلو في (معبده المسمى ) حدثم ....
وهنا ياتي السؤال : كيف تم ادراج احد مسميات المعبود الاوساني ضمن معبودات قتبان ؟ هل هنالك جانب ديني مشترك ؟ مثلا مثل اسم المعبود ( عثتر) والذي تشترك فيه جميع ممالك جنوب الجزيرة العربية، ام ان (بلو) بالاصل اوساني وانه من خلال ذلك نستطيع معرفة ان مملكة قتبان قد اعادة الهجمة الحربية على اوسان من جديد اقصد بعد ان اعاد المكرب السبئي في القرن الثامن ان لم يكن التاسع قبل الميلاد اعتبار اوسان وحربه معها ضد قتبان واستعاد كافة اراضيها التي كانت قد بسطت عليها قتبان ، والارجح انه بعد الهجمة الاولى على اوسان وبعد ان اعاد لها تمضوعها السياسي والجغرافي مكربة سبأ،اعادة او شنة قتبان على اوسان الحملة الثانية والتي ربما تكون بعد 300 الى 500 سنه من الحملة الاولى، وهي الحملة ربما الاخيرة التي لم تعد اوسان قادرة على النهوض الى حالها الاول، وان حدث ذلك فسوف يكون ضعيف ومحصور في منطقة جغرافية صغيرة، ونعتقد ان اوسان لم يكن لها أي جيوش وفيلاق عسكرية كبيرة....ولكن سوف يبقى الترجيح قائم ان النقش موضع الدراسة اوساني حتى يثبت عكس ذلك.
ومن جانب اخر يقدم لنا النقش معلومات جديدة والتي ربما كنا نجهلها من قبل وذلك في صلاحية كهنة المعابد في ضبط الاسعار ، فإن كانت رخيصة فهذا بفضل المعبود وحنكة الكاهن في سياسته المتعلقة بالجانب الاقتصادي، اذا ان كانت الاسعار خلال فترة تولي أي كاهن رخيصة، مجد اسمه وتفاخر في ذلك، وان كانت الاسعار غالية والمحاصيل قليلة كانت تحمل المسؤولية على الكاهن تقربيا، على سبيل المثال حدوث الضريب والبرد القارس الذي يتلف الزراعة لم يحدث خلال فترة تولي عاهل منصب الكاهن في المعبد، الامر اذي ربما اعتبره الجميع ذلك الوقت انه رجل دين وصالح ونزيه واين ما تولى وظيفة كاهن في أي معبد فان الخير يتبعه، الامر الذي ربما نعتقد ان عاهل قد رفع شأنه وربما تم نقله من عبد صغير الى معبد اكبر مثل معبد عم او سين او غيره، لانه لا يمكن التسليم بانه قد اعفي من منصبه وتم تعيين غيره بدلا عنه وهو غادر الى منزله بالرغم من فترة الخير التي عمة المنطقة عامة في فترة توليه منصب الكاهن، وفي نفس الوقت نترك فرضية اخرى مفادها ان تولي منصب الكاهن ربما كان بالدور والوراثة وربما كانت محددة سنتين او اكثر، وهي دورية أي انه ربما سوف يعود الدور لتولي عاهل المعبد ككهان من جديد بعد عشر سنوات او اكثر ، او ربما تاتي الدورة من جديد بعد 30 سنه لولده مثلا....الخ
على العموم النقش يحتاج لدراسة تفصيلية لاهميته الدينية والسياسية والاقتصادية وكذلك من حيث الايمان المطلق بالمعبود وانه الرزاق وانه يهب الخير ويمنح الرخاء والحياة المعيشية الكريمة.
وفي الاخير علينا الاشارة على انه من الصعب اعطى النقش التاريخ الحقيقي لصعوبة ذلك، حيث لم يرد اسماء معروفة لملوك او حتى اقيال او أي شخصيات اخرى في نقوش اخرى، ولهذا سوف نعتقد بانه يعود الى فترة ما قبل الميلاد الاولى وربما العريقة في القدم..
وفي الاخير لابد من التنويه بان موقع اللوح البرونزي موضع الدراسة مازال مجهول وغير معروف هل ما زال داخل الوطن ام خارجة وفي كلتى الحالتين ما زال غير معروف مكانه بالضبط حتى لحظة كتابة هذه المقال
ومن اجل التاكيد سوف ناتي بنمذج اخر للدلالة على انه اسم لمعبود قتباني كما جاء في النقش القتباني الموسوم ب (Waddingham 1) في السطر الاول:
1-ي ح م ل / ذ ش ع ذ ت / هـ و ف / س ق ن ي / ب ل و / ذ ح د ث م ....
أي : يحم ال ذ شعثت قدم تقدمة (برونية) للمعبود بلو في (معبده المسمى ) حدثم ....
وهنا ياتي السؤال : كيف تم ادراج احد مسميات المعبود الاوساني ضمن معبودات قتبان ؟ هل هنالك جانب ديني مشترك ؟ مثلا مثل اسم المعبود ( عثتر) والذي تشترك فيه جميع ممالك جنوب الجزيرة العربية، ام ان (بلو) بالاصل اوساني وانه من خلال ذلك نستطيع معرفة ان مملكة قتبان قد اعادة الهجمة الحربية على اوسان من جديد اقصد بعد ان اعاد المكرب السبئي في القرن الثامن ان لم يكن التاسع قبل الميلاد اعتبار اوسان وحربه معها ضد قتبان واستعاد كافة اراضيها التي كانت قد بسطت عليها قتبان ، والارجح انه بعد الهجمة الاولى على اوسان وبعد ان اعاد لها تمضوعها السياسي والجغرافي مكربة سبأ،اعادة او شنة قتبان على اوسان الحملة الثانية والتي ربما تكون بعد 300 الى 500 سنه من الحملة الاولى، وهي الحملة ربما الاخيرة التي لم تعد اوسان قادرة على النهوض الى حالها الاول، وان حدث ذلك فسوف يكون ضعيف ومحصور في منطقة جغرافية صغيرة، ونعتقد ان اوسان لم يكن لها أي جيوش وفيلاق عسكرية كبيرة....ولكن سوف يبقى الترجيح قائم ان النقش موضع الدراسة اوساني حتى يثبت عكس ذلك.
ومن جانب اخر يقدم لنا النقش معلومات جديدة والتي ربما كنا نجهلها من قبل وذلك في صلاحية كهنة المعابد في ضبط الاسعار ، فإن كانت رخيصة فهذا بفضل المعبود وحنكة الكاهن في سياسته المتعلقة بالجانب الاقتصادي، اذا ان كانت الاسعار خلال فترة تولي أي كاهن رخيصة، مجد اسمه وتفاخر في ذلك، وان كانت الاسعار غالية والمحاصيل قليلة كانت تحمل المسؤولية على الكاهن تقربيا، على سبيل المثال حدوث الضريب والبرد القارس الذي يتلف الزراعة لم يحدث خلال فترة تولي عاهل منصب الكاهن في المعبد، الامر اذي ربما اعتبره الجميع ذلك الوقت انه رجل دين وصالح ونزيه واين ما تولى وظيفة كاهن في أي معبد فان الخير يتبعه، الامر الذي ربما نعتقد ان عاهل قد رفع شأنه وربما تم نقله من عبد صغير الى معبد اكبر مثل معبد عم او سين او غيره، لانه لا يمكن التسليم بانه قد اعفي من منصبه وتم تعيين غيره بدلا عنه وهو غادر الى منزله بالرغم من فترة الخير التي عمة المنطقة عامة في فترة توليه منصب الكاهن، وفي نفس الوقت نترك فرضية اخرى مفادها ان تولي منصب الكاهن ربما كان بالدور والوراثة وربما كانت محددة سنتين او اكثر، وهي دورية أي انه ربما سوف يعود الدور لتولي عاهل المعبد ككهان من جديد بعد عشر سنوات او اكثر ، او ربما تاتي الدورة من جديد بعد 30 سنه لولده مثلا....الخ
على العموم النقش يحتاج لدراسة تفصيلية لاهميته الدينية والسياسية والاقتصادية وكذلك من حيث الايمان المطلق بالمعبود وانه الرزاق وانه يهب الخير ويمنح الرخاء والحياة المعيشية الكريمة.
وفي الاخير علينا الاشارة على انه من الصعب اعطى النقش التاريخ الحقيقي لصعوبة ذلك، حيث لم يرد اسماء معروفة لملوك او حتى اقيال او أي شخصيات اخرى في نقوش اخرى، ولهذا سوف نعتقد بانه يعود الى فترة ما قبل الميلاد الاولى وربما العريقة في القدم..
وفي الاخير لابد من التنويه بان موقع اللوح البرونزي موضع الدراسة مازال مجهول وغير معروف هل ما زال داخل الوطن ام خارجة وفي كلتى الحالتين ما زال غير معروف مكانه بالضبط حتى لحظة كتابة هذه المقال