اليمن_تاريخ_وثقافة
10.4K subscribers
141K photos
348 videos
2.16K files
24.5K links
#اليمن_تاريخ_وثقافة ننشر ملخصات عن تاريخ وثقافة اليمن الواحد الموحد @taye5
@mao777 للتواصل
Download Telegram
أخبار اليمن أخبار اليمن والدول الإسلامية

التي كانت فيه للعباسيين والعبيديين وسائر ملوك العرب وإبتداء ذلك وتصاريفه على الجملة ثم تفصيل ذلك علي مدنه وممالكه واحدة بعد واحدة قد كنا قدمنا في أخبار السير النبوية كيف صار اليمن في ملكة الإسلام بدخول عامله في الدعوة الإسلامية وهو باذان عامل كسرى وأسلم معه أهل اليمن‏.‏ وأمره النبي صلى الله عليه وسلـم علـى جميـع مخاليفها وكان منزله صنعاء كرسي التبابعة‏.‏ ولما مات بعد حجة الوداع قسم النبـي صلـى اللـه عليـه وسلـم اليمـن علـى عمال من قبله‏.‏ وجعل صنعاء لابنه شهربان بن باذان‏.‏ وذكرنـا خبـر الأسود العنسي وكيف أخرج عمال النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن وزحف إلـى صنعـاء فملكهـا‏.‏ وقتـل شهربـان بـن باذان وتزوج إمرأته واستولى على أكثر اليمن وارتد أكثر أهله‏.‏ وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه‏.‏ وعماله وإلى من ثبت على إسلامه فداخلـوا زوجـة شهربـان بـن بـاذان التي تزوجها في أمره على‏.‏ يد ابن عمها فيروز‏.‏ وتولى كبر ذلـك قيس بن عبد يغوث المرادي فبيته هو وفيروز وذاذويه بإذن زوجته فقتلوه‏.‏ ورجع عمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى أعمالهم وذلك قبيل الوفاة‏.‏ واستبـد قيـس بصنعـاء وجمـع الفـل مـن جنـد الأسـود فولـى أبـو بكـر علـى اليمن فيروز فيمن إليه من الأبنـاء وأمـر النـاس بطاعتـه فقاتـل قيـس بـن مكشـوح وهزمـه‏.‏ ثـم ولـى أبو بكر المهاجر بن أبي أمية فقاتل أهل الردة باليمن وكذلك عكرمة بن أبي جهل وأمره أن يبدأ بالمرتدة‏.‏ ثم دعته عائشة فسـار معهـا وحضـر حـرب الجمـل‏.‏ وولـي على اليمن عبيد الله بن عباس ثم أخاه عبد الله‏.‏ ثم ولى معاوية على صنعاء فيروز الديلمي ومات سنة ثلاث وخمسين‏.‏ ثـم جعـل عبـد الملـك اليمـن فـي ولايـة الحجـاج لما بعثه لحرب ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين‏.‏ ولما جاءت دولة بني العباس ولى السفاح على اليمن عمه داود بن علي حتى إذا توفي سنة ثلاث وثلاثيـن ولـى مكانـه محمـد بـن يزيـد بـن عبيـد اللـه بـن عبـد الملك عبد الدار‏.‏ ثم تعاقب الولاة على اليمن وكانوا ينزلون صنعاء حتى انتهت الخلافة إلى المأمون وظهرت دعاة الطالبين بالنواحي وبايـع أبـو السرايـا مـن بنـي شيبان بالعراق لمحمد بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم أخو المهـدي النفـس الزكيـة محمـد بـن عبـد الله بن حسن‏.‏ وكثر الهرج وفرق العمال في الجهات ثم قتل وبويـع محمـد بـن جعفـر الصـادق بالحجـاز‏.‏ وظهـر باليمـن إبراهيـم بـن موسـى الكاظم سنة مائتين ولم يتم أمره وكان يعرف بالجزار لسفكه الدماء‏.‏ وبعث المأمون عساكره إلى اليمن فدوخوا نواحيه وحملوا كثيراً من وجوه الناس فاستقام أمر اليمن كما نذكره‏.‏

  دعوة زياد بالدعوة العباسية

ولما وفد وجوه أهل اليمن على المأمون كان فيهم محمد زياد ولد عبد الله بن أبي سفيان فاستعطف المأمون وضمن له حياطة اليمن من العلويين فوصله وولاه على اليمن وقدمها سنة ثلـاث ومائتيـن‏.‏ وفتـح تهامـة اليمـن وهـي البلد التي على ساحل البحر الغربي‏.‏ واختط بها مدينة زبيد ونزلها وأصارها كرسياً لتلك المملكة‏.‏ وولى على الجبال مولاه جعفراً وفتح تهامة بعد حروب من العرب‏.‏ واشترط على عرب تهامة أن لا يركبوا الخيل واستولى على اليمن أجمع‏.‏ ودخلـت فـي طاعتـه أعمـال حضرمـوت والشحر وديار كندة وصار في مرتبة التبابعة‏.‏ وكان في صنعاء قاعدة اليمن بنو جعفر من حميـر بقيـة الملـوك التبابعـة استبـدوا بهـا مقيميـن بالدعـوة العباسية ولهم مع صنعاء سحان ونجران وجرش‏.‏ وكان أخوهم أسعد بن يعفر ثم أخوه قد دخلـوا فـي طاعـة ابـن زيـاد وولـي بعـده ابنه إبراهيم ثم ابنه زياد بن إبراهيم ثم أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم‏.‏ وطالت مدته إلى أن أسن وبلغ الثمانين‏.‏ وقال عمارة‏:‏ ملك ثمانين سنة باليمـن وحضرمـوت والجزائـر البحريـة‏.‏ ولما بلغه قتل المتوكل وخلع المستعين واستبداد الموالي على الخلفاء مع ارتفاع اليمن ركب بالمظلة شأن سلاطين العجم المستبدين‏.‏ وفـي أيامـه خـرج باليمـن يحيـى بـن الحسيـن بـن القاسم الرسي بن إبراهيم بن طباطبا بدعوة الزيدية جـاء بهـا مـن السنـد وكـان جـده القاسـم قد فر إلى السند بعد خروج أخيه محمد مع أبي السرايا ومهلكـه كمـا مـر فلحـق القاسـم بالسنـد وأعقب بها الحسين ثم ابنه يحيى باليمن سنة ثمان وثمانين ونـزل صعـدة وأظهـر دعـوة الزيديـة وزحف إلى صنعاء فملكها من يد أسعد بن يعفر ثم استردها منه بنو أسعد ورجع إلى صعدة‏.‏ وكان شيعته يسمونه الإمام وعقبه الآن بها‏.‏ وقد تقدم خبرهم‏.‏ فـي أيـام أبـي الجيـش بـن زيـاد أيضـا ظهرت دعوة العبيديين باليمن فأقام بها محمد بن الفضل بعدن لاعـة وجبـال اليمـن إلـى جبـال المديحـرة سنـة أربعيـن وثلاثمائـة‏.‏ وبقـي لـه باليمـن مـن السرجـة إلـى عدن عشرون مرحلة ومن مخلافة إلى صنعاء خمس مراحل‏.‏ ولما غلبه محمد بن الفضل بهذه الدعوة امتنـع أصحـاب الأطـراف عليـه مثـل بنـي أسعد بن يعفر بصنعاء وسلي
مان بن طرف بعثر والإمام الرسي بصعدة فسلك معهـم طريـق المهادنـة‏.‏ ثـم هلـك أبـو الجيـش سنـة إحـدى وسبعيـن وثلاثمائـة بعـد أن اتسعت جبايته وعظم ملكه‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ رأيت مبلغ جبابته وهو ألف ألف مكررة مرتين وثلاثمائة ألف وستة وستون ألفا من الدنانير العشرية ما عدا ضرائبه على مراكب السند وعلى العنبر الواصل بباب المندب وعدن أبين وعلـى مغائـص اللؤلـؤ وعلـى جزيـرة دهلـك ومـن بعضهـا وصائـف‏.‏ وكانـت ملـوك الحبشة من وراء البحر يهادونه ويخطبون مواصلته‏.‏ ولما مات خلف صبياً صغيراً اسمه عبد اللـه وقيـل إبراهيـم وقيـل زيـاد وكفلتـه أختـه ومولـاه رشيـد الحبشـي واستبـد عليهـم إلـى أن انقرضـت دولتهـم سنـة سبـع وأربعمائـة‏.‏ ثـم هلـك هـذا الطفـل فولوا طفلا آخر من بني زياد أصغر منـه‏.‏ وقـال ابـن سعيـد‏:‏ لـم يعـرف عمـارة اسمـه لتوالـي الحجبـة عليـه ويعنـي عمـارة مـؤرخ اليمن وقيل هذا الطفل الأخير اسمه إبراهيم وكفلته عمته ومرجان من موالي الحسن بن سلامة‏.‏ واستبد بأمرهم ودولتهـم وكـان لـه موليـان اسـم أحدهمـا قيـس والآخـر نجـاح فجعـل الطفـل المملـك فـي كفالتـه وأنزلـه معه بزبيد‏.‏ وولى نجاحا على سائر الأعمال خارج زبيد ومنها الكرارة واللجـم‏.‏ وكـان يؤثـر قيسـاً علـى نجـاح ووقـع بينهمـا تنافر ورفع لقيس أن عمة الطفل تميل إلى نجاح وتكاتبه دونه فقبض عليها بإذن مولاه مرجان ودفنها حيـة واستبـد وركـب بالمظلـة وضـرب السكة‏.‏ وانتقض نجاح لذلك فزحف في العساكر وبرز قيـس للقائـه فكانـت بينهمـا حـروب ووقائع انهزم قيس آخرها وقتل في خمسة آلاف من عسكره‏.‏ وملك نجاح زبيد سنة عشر وأربعمائة‏.‏ ودفن قيساً ومولاه مرجاناً مكان الطفل والعمة واستبـد وضـرب السكـة باسمـه‏.‏ وكاتـب ديـوان الخلافـة ببغـداد فعقـد لـه علـى اليمـن‏.‏ ولـم يـزل مالكا لتهامة قاهرا لأهل الجبال وانتزع الجبـال كلهـا مـن مولـاه الحسـن بن سلامة‏.‏ ولم تزل الملوك تتقي صولته إلى أن قتله علي الصليحي القائـم بدعوة العبيديين على يد جارية بعث بها إليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة فقام بالأمر الخبر عن بني الصليحي القائمين بدعوة العبيديين باليمن كان القاضي محمد بن علي الهمداني ثم الصليحي رئيس حران من بلاد همذان وينتسب في بني يام ونشأ له ولد اسمه علي وكان صاحب الدعوة يومئذ عامر بن عبد الله الزوايي نسبة إلـى زوايـة مـن قـرى حـران ويقـال إنـه كـان عنـده كتـاب الجفر من ذخائر أبيهم بزعمهم فزعوا أن علي ابـن القاضـي محمـد مذكـور فيـه فقـرأ علـى علـي عامل الداعي وأخذ عنه‏.‏ ولما توشم فيه الأهليه أراه مكـان اسمـه فـي الجفـر وأوصافـه‏.‏ وقـال لأبيـه القاضـي احتفـظ بابنـك فيملـك جميـع اليمن‏.‏ ونشأ فقيهاً صالحاً وجعل يحج بالناس على طريق الطائف والسروات خمس عشرة سنة فطار ذكره وعظمـت شهرته وألقى على ألسنة الناس أنه سلطان اليمن ومات الداعي عامر الزواي فأوصى له بكتبه وعهد إليه بالدعوة‏.‏ثم حج بالناس سنة ثمان وعشريـن وأربعمائـة علـى عادتـه واجتمع بجماعة من قومه همدان كانوا معه فدعاهم إلى النصرة والقيام معه فأجابوه وبايعوه وكانـوا ستيـن رجـلا مـن رجالات قومهم فلما عادوا قام في مسار وهو حصن بذروة جبل حمام وحصن ذلك الحصن ولم يزل أمره ينمى‏.‏ وكتب إلى المستنصر صاحب مصر يسأله الإذن في إظهار الدعوة فأذن له وأظهرها وملك اليمن كله‏.‏ ونزل صنعاء واختط بها القصور وأسكن عنده ملـوك اليمـن الذيـن غلـب عليهـم وهزم بني طـرف ملـوك عثـر وتهامـة وأعمـل الحيلـة فـي قتـل نجـاح مولـى بنـي زيـاد ملـك زبيـد حتـى تـم له ذلك على يد جارية أهداها إليه كما ذكرناه سنة اثنتين وخمسين‏.‏ ثم سار إلى مكة بأمر المستنصر صاحب مصر ليمحو منهـا الدعـوة العباسيـة والإمـارة الحسنيـة‏.‏ واستخلـف علـى صنعـاء ابنـه المكـرم أحمـد وحمـل معه زوجته أسماء بنت شهاب قد سباها سعيد بن نجاح ليلة البيـات فكتبـت إلـى ابنهـا المكـرم إنـي حبلـى مـن العبد الأحول فأدركني قبل أن أضع وإلا فهو العار الـذي لا يمحـوه الدهـر فسـار المكـرم مـن صنعـاء سنـة خمس وسبعين في ثلاثة آلاف ولقي الحبشة فـي عشريـن ألفـا فهزمهـم‏.‏ ولحـق سعيـد بـن نجـاح بجزيـرة دهلـك‏.‏ ودخـل المكـرم إلـى أمـه وهي جالسة بالطاق الذي عنده رأس الصليحي وأخيه فأنزلهما ودفنهما ورفع السيف‏.‏ وولى خاله أسعد بن شهاب على أعمال تهامة كما كان وأنزله بزبيد منها وارتحل بأمه إلى صنعاء وكانت تدبر ملكه‏.‏ ثم جمع أسعد بن شهاب أموال تهامة وبعث بها مع وزيره أحمد بن سالم ففرقتها أسماء على وفود العرب‏.‏ ثم هلكت أسماء سنة سبع وسبعين وخرجت زبيد من يد المكرم واستردها سعيـد بـن نجـاح سنـة تسـع وسبعيـن‏.‏ ثـم انتقـل المكـرم إلـى ذي جبلـة سنـة ثمانيـن وولى على صنعاء عمران بن الفضل الهمداني فاستبد بهـا وتوارثهـا عقبـه وتسمـى ابنـه أحمـد باسـم السلطـان واشتهـر بـه وبعده ابنه حاتم بن أحمد وليس بعده بصنعاء من له ذكر حتى ملكها بنو سليمان لما غل
بهم الهواشم على مكة كما مر في أخبارهم‏.‏ ولما انتقل المكرم إلى ذي جبلة وهي مدينة اختطها عبد الله بن محمد الصليحي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وكان انتقاله بإشارة زوجه سيدة بنت أحمد التي صار إليها تدبير ملكه بعـد أمـه أسمـاء فنزلهـا وبنـى فيهـا دار العـز وتحيـل على قتل سعيد بن نجاح فتم له كما نذكر في أخبـار ابـن نجـاح‏.‏ وكـان مشغـولا بلذاتـه محجوبـاً بزوجتـه‏.‏ ولمـا حضرتـه الوفـاة سنـة أربـع وثمانيـن عهد إلى ابن عمه المنصور بن أحمد المظفر بن علي الصليحي صاحب معقل أشيح وأقام بمعقله وسيدة بنت أحمد بذي جبلة وخطبهما المنصور سبا وامتنعت منه فحاصرها بذي جبلة وجاءها أخوها لأمها سليمان بن عامر وأخبرها أن المستنصر زوجك منه وأبلغها أمره بذلك وتـلا عليهـا‏:‏ ‏"‏ ومـا كـان لمؤمـن ولا مؤمنـة إذا قضـى اللـه ورسولـه أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ‏"‏ وأن أمير المؤمنين زوجك من الداعي المنصور أبي حمير سبا بن أحمد بن المظفر على مائة ألف دينار وخمسين ألفا من أصناف التحف واللطائف فانعقد النكاح وسار إليها من معقل أشيح إلى ذي جبلة‏.‏ ودخل إليها بدار العز ويقال أنها شبهت بجارية من جواريها فقامت على رأسه ليلها كله وهو لا يرفع الطرف إليها حتى أصبح فرجع إلى معقله‏.‏ وأقامت هي بذي جبلة وكان المتولي عليها المفضل بن أبي البركات مـن بنـي نـام رهـط الصليحـي واستدعـى عشيرتـه جنيـا‏.‏ وأنزلهـم عنـده بـذي جبلـة فكـان يسطـو بهـم وكانـت سيـدة تأتي التعكر في الصيف وبه ذخائرها وخزائنها فإذا جاء الشتاء رجعت إلى ذي جبلة‏.‏ ثم انفرد المفضل لقتال نجاح فرتب في حصن التعكر فقيها يلقب بالجمل مع جماعة من الفقهاء أحدهم إبراهيم بن زيد بن عمر عمارة الشاعـر فبايعـوا الجمـل علـى أن يمحـو الدعـوة الإماميـة فرجـع المفضـل مـن طريقـه وحاصرهـم وجـاءت خولان لنصرتهم وضايقهم المفضل وهلك في حصارهم سنة أربع وخمسمائة فجاءت بعده الحرة سيدة وأنزلتهم على عهد فنزلوا ووفت لهم به وكفلت عقب المفضل وولده وصار معقل التعكر في يد عمران بن الذر الخولاني وأخيه سليمان‏.‏ واستولى عمران على الحرة سيدة مكان المفضل‏.‏ ولما ماتـت استبـد عمـران وأخـوه بحصـن التعكر واستولى منصور بن المفضل بن أبي البركات على في جبلة حتى باعه من الداعي الذريعي صاحب عدن كما يأتي واعتصم بمعقل أشيح الذي كان للداعي المنصور سبا بن أحمد‏.‏ وذلك أن المنصور توفي سنة ست وثمانين وأربعمائة واختلف أولاده من بعده‏.‏ وغلب ابنه علي منهم على المعقل وكان ينازع المفضل بن أبي البركات والحرة سيدة وأعياهما أمره فتحيـل المفضل بسم أودعه سفرجلا أهداه إليه فمات منه واستولى بنو أبي البركات على بني المظفـر فـي أشيـح وحصونـه‏.‏ ثـم بـاع حصـن فـي جبلـة مـن الداعـي الزريعـي صاحـب عـدن بمائـة ألف دينـار‏.‏ ولـم يـزل يبيـع معاقلـه حصنـاً حصنـاً حتـى لـم يبـق لـه غيـر معقـل تعـز أخنـه منـه علـي بـن مهدي بعد أن ملك ثمانين سنة وبلغ من العمر مائة سنة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏

  الخبر عن دولة بني نجاح بزبيد موالي بني زياد ومبادىء أمورهم

وتصاريف أحوالهم ولمـا استولـى الصليحـي علـى زبيـد مـن يـد كهلـان بعد أن أهلكه بالسم على يد الجارية التي بعثها إليـه سنـة اثنتيـن وخمسيـن وأربعمائـة كمـا مـر‏.‏ وكـان لنجـاح ثلاثـة مـن الولـد معـارك وسعيد وجياش‏:‏ فقتـل معـارك نفسـه ولحق سعيد وجياش بجزيرة دهلك وأقاما هنالك يتعلمان القرآن والآداب‏.‏ ثم رجع سعيد إلى زبيد مغاضبا لأخيه جياش واختفى بها في نفق احتفره تحت الأرض ثم استقدم أخاه جياشا فقدم وأقاما هنالك في الإختفاء ثم أن المستنصر العبيدي الخليفة بمصر قطع دعوته بمكة محمد بن جعفر أميرها من الهواشم فكتب إلى الصليحي يأمره بقتاله وحمله علـى إقامة الدعوة العلوية بمكة فسار علي الصليحي لذلك من صنعاء وظهر سعيد وأخوه من الإختفاء وبلغ خبرهم الصليحي فبعث عسكراً نحواً من خمسة آلاف فارس وأمرهم بقتلهما‏.‏ وقـد كـان سعيـد وجيـاش خالفـا العسكـر وسـارا في أتباع الصليحي وهو في عساكره فبيتوه في اللجم وهو متوجه إلى مكة فانتقض عسكره وقتل‏.‏ وتولى قتله جياش بيده سنة ثلاث وسبعين‏.‏ ثـم قتـل عبـد اللـه الصليحي أخا علي في مائة وسبعين من بني الصليحي وأسر زوجته أسماء بنـت عمـه شهـاب في مائة وخمس وثلاثين من ملوك القحطانيين الذين غلبوا باليمن‏.‏ وبعث إلى العسكر الذين ساروا لقتل سعيد وجياش فأمنهم واستخدمهم ورحل إلى زبيد وعليها أسعد بـن شهـاب أخـو زوجـة الصليحـي ففر أسعد إلى صنعاء ودخل سعيد إلى زبيد وأسماء زوجة الصليحي أمامه في هودج ورأس الصليحـي وأخيـه عنـد هودجهـا‏.‏ وأنزلهـا بدارهـا ونصـب الرأسين قبالة طاقها في الدار‏.‏ وامتلأت القلوب منه رعباً وتلقب نصير الدولة وتغلب ولاة الحصـون علـى مـا بأيديهـم‏.‏ ودس المكـرم بـن الصليحـي بـن سعيـد بـن نجـاح بصنعـاء علـى لسان بعض أهـل الثغـور وضمـن لـه الظفر فجاء سعيد لذلك في عشرين ألفا من الحبشة‏.
ه بعده ابن بلاد بن الزريع من مواليه وخشي محمد بن سبا على نفسه ففر إلى منمور بن المفضل من ملوك الجبال الصليحيين بذي جبلة‏.‏ ثـم مـات الأغـر قريبـاً فبعـث بلـال عـن محمد بن سبا فوصل إلى عدن وكان التقليد جاء من مصر باسم الأغر فكتب مكانه محمد بن سبا وكان في نعوته الداعي المعظم المتوج المكنى بسيف أميـر المؤمنيـن فوقعـت كلهـا عليهـا وزوجه بلال بنته ومكنه من الأموال التي كانت في خزائنه‏.‏ ثم مات بلال عن مال عظيم وورثه محمد بن سبا وأنفقه في سبيل الكرم والمروءات‏.‏ واشترى حصن ذي جبلة من منصور بن المفضل بن أبي البركات كما ذكرناه‏.‏ واستولى عليه وهو دار ملـك الصليحييـن وتـزوج سيـدة بنـت عبد الله الصليحي‏.‏ وتوفي سنة ثمان وأربعين‏.‏ وولي ابنه عمـران بـن محمـد بـن سبا‏.‏ وكان ياسر بن بلال يدبر دولته‏.‏ وتوفي سنة ستين وخمسمائة وترك ولدين صغيرين وهما وهما محمد وأبو السعود فحبسهما ياسر بن بلال فـي القصـر واستبـد بالأمر‏.‏ وكان ياسر محمد كثير العطية للشعراء‏.‏ وممن وفد عليه ومدحه ابن قلاقس شاعر الإسكندرية ومن قصائده في مدحه‏:‏ سافـر إذا حاولت قدرا سار الهلال فصار بدراً‏.‏ وهو آخر ملوك الزريعيين‏.‏ ولما دخل سيف الدولة أخو صلاح الدين إلى اليمن سنة ست وستين وستمائة واستولى عليها جاء إلى عدن فملكها وقبض على ياسر بن بلال وانقطعت دولـة بنـي زريـع‏.‏ وصـار اليمـن للمعـز وفيـه ولاتهـم بنـو أيـوب كمـا نذكـر فـي أخبارهم‏.‏ وكانت مدينة الحديدة قرب عدن اختطفها ملوك الزريعيين فلما جاءت دولة بني أيوب تركوها ونزلوا تعز من الجبال كما يأتي ذكره‏.‏
‏ وسار إليه المكرم مـن صنعـاء وهزمـه وحـال بينـه وبيـن زبيـد فهرب إلى جزيرة دهلك ودخل المكرم زبيد وجاء إلى أمه وهي جالسة بالطاق وعندها رأس الصليحي وأخيه فأنزلهما ودفنهما‏.‏ وولى على زبيد خاله أسعد سنة سبع وتسعين‏.‏ وكتـب المكـرم إلى عبد الله بن يعفر صاحب حصن الشعر بأن يغري سعيداً بالمكرم وانتزاع ذي جبلة من يده لاشتغاله بلذاته واستيلاء زوجه سيدة بنت أحمد عليه‏.‏ وأنه بلخ فتمت الحيلة فسـار سعيـد فـي ثلاثيـن ألفـا من الحبشة وأكمن له المكرم تحت حصن الشعر فثاروا به هنالك‏.‏ وانهزمت عساكره وقتل ونصب رأسـه عنـد الطـاق الـذي كـان فيهـا رأس الصليحـي بزبيـد‏.‏ واستولـي عليهـا المكـرم وانقطـع منهـا ملك الحبشة‏.‏ وهرب جياش ومعه وزير أخيه خلف بن أبي الظاهر المرواني ودخلا عدن متنكرين‏.‏ ثم لحقا بالهند وأقاما بها ستة أشهر ولقيـا هنالـك كاهناً جاء من سمرقند فبشرهما بما يكون فرجعا إلى اليمن وتقدم خلف الوزير إلى زبيد وأشاع موت جياش واستأمن لنفسه ولحق جياش فأقاما هنالك مختفيين وعلى زبيد يومئـذ أسعد بن شهاب خال المكرم ومعه علي بن القم وزير المكرم وكان حنقا على المكرم ودولته فداخله الوزير خلف ولاعب ابنه الحسين الشطرنج‏.‏ ثم انتقل إلى ملاعبة أبيه فاغتبط به وأطلعه على رأيه في الدولة وكان يتشيع لآل نجاح‏.‏ وانتمى بعض الأيام وهو يلاعب فسمعه علي بن القم واستكشـف أمـره فكشـف لـه القنـاع واستحلفه وجياش أثناء ذلك يجمع أشياعه من الحبشة وينفق فيهم الأموال حتى اجتمع له خمسـة آلـاف فثـار بهـم فـي زبيـد سنـة اثنتيـن وثمانيـن ونـزل دار الإمارة ومن على أسعد بن شهاب وأطلقـه لزمانة كانت به وبقي ملكاً على زبيد يخطب للعباسيين والصليحيون يخطبون للعبيديين والمكرم يبعث العرب للغارة على زبيد ابنه الفاتك صبياً لم يحتلم وعبروا ملكه‏.‏ وجاء عنه إبراهيم لقتاله وبرزوا له فثار عبد الواحد بالبلد وبعث منصور إلى الفضل بن أبي البركات صاحـب التعكـر فجـاء لنصـره مضمـرا بـه ثـم بلغـه انتقاض أهل التعكر عليه فرجع ولم يزل منصور في ملكه بزبيد إلى أن وزر له أبو منصور عبيد الله فقتله مسموماً سنة سبع عشرة وخمسمائة‏.‏ ونصب فاتكاً ابنه طفلا صغيراً‏.‏ واستبد عليه وقام بضبط الملك وهان عليه التعرض لآل نجاح حتى هربت منه أم فاتك هذا وسكنت خارج المدينة وكان قرماً شجاعاً وله وقائع مع الأعداء‏.‏ وحاربه ابن نجيب داعي العلوية فامتنع عليه وهو الذي شيد المدارس للفقهاء بزبيد واعتنـى بالحـاج‏.‏ ثـم راود مفـارك بنت جياش ولم تجد بداً من إسعافه فأمكنته حتى إذا قضى وطره مسحت ذكره بمنديل مسموم فنثر لحمه‏.‏ وذلك سنة أربع وعشرين وخمسمائة‏.‏ وقام بأمر فاتك بعده زريق من موالي نجاح‏.‏ قال عمارة‏:‏ كان شجاعاً فاتكاً قرماً وكان من موالـي أم فاتـك المختصيـن بهـا‏.‏ قـال عمـارة‏:‏ وفي سنة إحدى وخمسمائة توفي فاتك بن المنصور وولي بعده ابن عمه وسميه فاتك بن محمد بن فاتك وسـرور قائـم بوزارتـه وتدبيـر دولتـه ومحاربة أعدائه‏.‏ وكان يلازم المسجد إلى أن دس عليه علي بن مهدي الخارجي من قتله في المسجد وهو يصلي العصر يوم الجمعة ثاني عشر صفر سنة إحدى وخمسين‏.‏ وثار السلطان بالقاتل فقتل جماعة من أهل المسجد ثم قتل واضطرب موالي نجاح بالدولة وثار عليهم ابن مهدي الخارجـي وحاربهـم مـراراً وحاصرهـم طويـلاً واستعانـوا بالشريـف المنصـور أحمـد بـن حمـزة السليمانـي وكـان يملـك صعدة فأغاثهم على أن يملكوه ويقتلوا سيدهم فاتك بن محمد فقتلوه سنة ثلاث وخمسين وملكوا عليهم الشريف أحمد فعجز عن مقاومة ابن مهدي وفر تحت الليل وملكها علي بن مهدي سنة أربع وخمسين وانقرض أمر آل نجاح والملك لله الخبر عن دولة بني الزريع بعدن من دعاة العبيديين باليمن وأولية أمرهم ومصائرهم وعدن هذه من أمنع مدائن اليمن وهي على ضفة البحر الهندي‏.‏ وما زالت بلد تجارة من عهد التبابعة وأكثر بنائهم بالأخصاص ولذلك يطرقها تجار الحرير كثيراً وكانت صدر الإسلام دار ملك لبني معن ينتسبون إلى معن بن زائدة وملكوها من أيام المأمون وامتنعوا على بني زياد وقنعوا منهم بالخطبة والسكة‏.‏ ولما استولى الداعي علي بن محمد الصليحي رعى لهم ذمـام العروبيـة وقرر عليهم ضريبة يعطونها‏.‏ ثم أخرجهم منها ابنه أحمد المكرم وولى عليها بني المكـرم مـن عشيـرة جسـم بن يام من همذان وكانوا أقرب عشائره إليه فأقامت في ولايتهم زمناً‏.‏ ثم حدثت بينهم الفتنة وانقسموا إلى فئتين بني مسعود بن المكرم وبني الزريع بن العباس بن المكرم‏.‏ وغلب بنو الزريع بعد حروب عظيمة‏.‏ قال ابن سعيد‏:‏ وأول مذكور منهم الداعي بن أبي السعود بن الزريع أول من اجتمع له الملك بعد بني الصليحي وورثه عنه بنوه وحاربه ابن عمه علي بن أبي الغارات بن مسعود بن المكرم صاحب الزعازع فاستولى على عدن من يده بعد مقاساة ونفقات في الأعراب‏.‏ ومات بعد فتحها بسبعة أشهر سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة‏.‏ وولي ابنه الأغر وكان مقيما بحصن الدملوة المعقل الذي لا يرام وامتنع علي
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
{هوامش على تاريخ الامامه في اليمن }

بقلم :- زيد محمد حسين الفرح
*في عام 284 هـ بايعت احد قبائل صعده الهادي يحي بن الحسين الرسي العلوي فاصبح إماما فى صعده فتصدى له الزعيم احمد بن عباد الخولانى زعيم قبائل الربيعه بن سعد بن خولان بصعده وبنوالحارث بن كعب زعمأ نجران وتواصلت الحرب في صعده الى عام 287 هـ ثم انسحب احمد بن عباد من صعده واستدعى بعض زعماء صنعاء الامام الهادي فدخل صنعاء عام 288 هـ فدارت معارك عنيفه فاضطر الهادي العوده الى صعده عام 289 هـ بعد ان تحطمت اماله واصبح الحفاظ على الحكم في صعده نفسها ونجران يتم وسط بحر من الدماء والخراب ..
*كان بنوخنفر ( في سرورحمير ) وبنوشهاب ( في صنعاء ) وبنوعباد الاكيلى الخولاني ( في صعده ) وبنوالدعام ( في بكيل / همدان ) وبنوطريق الكباري الحاشدي ( في حاشد ) وبنوالضحاك الحاشدي ( في ريده ) وبنوطريف الحكمي ( في عسير ) وبنوالحارث بن كعب ( في نجران ) وابو الفتوح الخولاني ( في خولان ) يمثلون الزعامه الوطنيه اليمنيه في ذلك العصر .. وقد سقط العشرات من بني خنفر وبني شهاب في المجزره التى قام بها الامام ابراهيم العلوي الجزار بصنعأ واخبارها مذكورة بالتفصيل في كتاب الاكليل ( جـ 2 ) وكان بينهم عدد من عمومة واقارب على بن الفضل .. اما بنو عباد فكان منهم { احمد بن عباد الاكيلي الخولاني } الذي تصدى للامام الهادي في صعده وحاربه عدة سنوات وله قصائد في الاكليل ( جـ 1 ) واما بنوشهاب فكانوا يتصدون للابناء ( الفرس ) بصنعأ وللعمال العباسيين الاعاجم ويمثلون زعامة ادبيه وفكريه وسياسيه للتيار الوطني
*وكان الواقع السياسي ممزق في اليمن وكانت الحروب تعصف باليمن – ( خاصة في محور صنعاء صعده ) بين اليعفريين والهادويين وآل الدعام وبني عباد الخولانيين وبني طريف وكان الصراع داخل صنعأ بين الابنأ ( الفرس ) واشياعهم وبين بني شهاب يكاد لا ينقطع وقد سجلته قصائد ومعارك في كتاب الاكليل .. وقد كان لتلك الحروب والصراعات او المنازعات تأثيراتها الخطيره على الواقع الاقتصادي وصل الى حد المجاعه في بعض الاحايين ، بينما كانت قلة من الزعامات والامراء تكتنز من الاموال ماقد {{ تنؤ بمفاتيحه العصبة اولوا القوه }} خاصة ابن ابى العلأ الاصبحي وجعفر المناخي وابن زياد والابنأ ( في صنعاء ) .. ناهيك عن الظلم والمظالم التى كان من نماذجها ان { جعفر المناخي قام بقطع ايدى ثلثمائة شخص من اهل عزلة دلال في بعدان } – ظلماً وعدواناً – وان الامام الهادي يحى بن الحسين كان يحرق المزارع والقرى ويقطع الاعناب ويهدم المآثر في صعده وصنعأ كما ينطق بذلك كتاب ( سيرة الهادي ) نفسه
*وقاد انصار عهد ابن الفضل حركات قويه شملت احداها كل مناطق سروحمير ورداع ( عام 324 هـ ) – ضد سلطة اسعد بن ابى يعفر المرتبط بالخلافه العباسيه المتعجمه يقول العلامه الامام يحى بن الحسين الهادوىّ في كتاب ( انباء الزمن ) حيث قال {{ لم يشتهر عن على بن الفضل واتباعه من اهل دولته شئ من إباحة المحرمات غير انه اعرض عن التجسس على اهل الفساد ولم يعاقب }} وقد علق القاضي العلامه المؤرخ محمد بن على الاكوع الحوالي على ما جأ في كتاب انبأ الزمن قائلاً انها :- {{ كلمة تبرئ ساحة على بن الفضل من الموبقات وما رموه به من فظائع }} [ ص 188 قرة العيون ] . وقد خاض بنو الدعام معاركاً ضد السلطه الهاديه في اعالى اليمن ، وكذلك { مسلم بن عباد الاكيلي الخولاني } في صعده ونجران ضد سلطة الناصر بن الامام الهادي في صعده .. وحين قام الامام الناصر بن الهادي بحبس لسان اليمن الحسن بن احمد الهمداني في صعده ( بسبب مواقفة الوطنيه ) تلاحمت زعامات محور نجران وصعده وحاشد وقضت على دولة الناصر وعهده في صعده عام 322 هـ قضت على القاسم بن الناصر ( 326 – 345 هـ )
*كانت الفتره التاليه في اليمن [ من حـ / عام 391 هـ الى 438 هـ ] فترة صراع على الحكم ودويلات كان اهمها :-
1 – دولة بني زياد في تهامه ( فقط ) وقد حكمها عبد الله بن اسحاق الزيادى الى عام 409 هـ ثم تولى حكمها مواليهم ( بنو نجاح ) في تهامه
2 – دولة بني معن الحميريين وكانت عاصمتها عدن وتشمل عدن ولحج وابين وحضرموت والشحر
3 – دولة الهادويين في صعده وكانت تمتد احياناً الى صنعأ وغيرها ثم تتراجع الى صعده.. وشهدت اضطرابات سياسيه وتنازع الحكم الهادويون وبنو الضحاك الحاشدي
4 – دولة بنى الضحاك الحاشدي وكان سلطانهم يشمل صنعأ تارة وينحسر تارة اخري وكانت عاصمتهم ريده وكان آخرهم { ابن ابى حاشد } وكان حكمه يشمل صنعاء مراراً
*وفي عام 439 هـ ( 1046 م ) اعلن الصليحي دعوته وبداية عهده في حصن جبل مسار – [ من نواحي صنعاء ] – وبذلك بدا عصر دولة اليمن الصليحيه فاصبح ثالث ثلاثة زعمأ حكام بارزين في قسم مخاليف صنعأ وصعده وهم ( الامام القاسم الرسي الهادوي ) – الذي كان يعتبر نفسه امام اليمن – والزعيم ابن ابى حاشد الضحاكي الحاشدي الهمداني – ابرز الحكام المتغلبين على صنعأ ونواحيها – والزعيم الوحدوي ( الجدي
د ) على بن محمد الصليحي الذي يصفه صاحب كتاب ثغر عدن بانه {{ كان الصليحي حازماً عازماً جواداً شجاعاً فصيحاً بليغاً شاعراً .. }} ومن شعر الصليحي انه لما ارسل اليه الامام الرسي الهادوي رسالة يتهدده ويتوعده فيها ، اجاب عليه الصليحي برسالة اختتمها قائلاً :-
{{ هذا اليقين وخيل الله مُقبلة * تخب في نقعها جرى السراحين
هناك لاتنفع الرسي ندامته * وعض ابهامه في الوقت والحين }}
وانتصر الصليحي انتصاراً ساحقاً على جيش الامام الرسي الهادوي .. ثم على جيش ابن ابي حاشد ومن معه ، ومال الكثيرون اليه .. وقال الصليحي [ بعد ان هزم الامام القاسم واسر ابنه جعفربن القاسم ] ؛ قال الصليحي :-
{{ أنكحت بيض الهند سُمرَ رماحهم * فرؤ وسهم عِوَض النثار نُثارُ
وكذا العُلىَ لايستباح نكاحها * إلا بحيث تُطلقُ الأعمارُ }} .
واقام الصليحي بمدينة صنعأ وارسى دعائم الدوله والعهد الجديد في مخاليف صنعأ .
*وفي عام 532هـ ( 1137م ) توفت الملكه السيده اروى بنت احمد الصليحي عن عمر ناهز الثمانية والثمانين عاماً ، وكان قد ساد البلاد نوعاً من الحكم اللامركزي الواسع وبات النواب ملوكاً على المناطق التى تحت حكمهم فتفككت الدوله وفي ذلك العهد ( عام 545 هـ ) ظهر الامام الهادوي احمد بن سليمان ( الرسي ) بصعده وجهاتها وغزا الى صنعأ فحاربه السلطان { حاتم الهمداني } والحق به هزائماً ساحقه وكانت بينهما محاورات واشعار وحروب مبسوطة في كتب التاريخ .. ولما مات السلطان حاتم ( عام 550 هـ ) تولى ابنه السلطان {{ على بن حاتم الهمداني }} وكان ملكاً زعيماً وقائداً شجاعاً ، ومن اعلام اليمن في ذلك العهد الامير العالم نشوان بن سعيد الحميري مؤلف كتاب { شمس العلوم دواء كلام العرب من الكلوم } وكتاب ( الحور العين ) والقصيده التاريخيه النشوانيه .. وقد تصدى نشوان للهادويه وامامهم { احمد بن سليمان / المتوفى عام 566 هـ } وكان نشوان يحمل لوأ الوطنيه الحميريه القحطانيه وله اشعار وقصائد ومآثر كثيره .. وتوفى نشوان عام 573 هجريه .
*وبعد تلك الفتره كان قدم من مصر الى اليمن اخو صلاح الدين الايوبي تورانشاه بن أيوب وبذلك بدا عصر ولاية اليمن الايوبيه – كما ذكر ابن خلكان – {{ في شهر رجب عام 569هـ }} .. وقد دخل ( زبيد ) وقضى على دولة آل مهدي في ( 9 شوال 569 هـ ) ثم سار الى المعافر والجند ودخل ( عدن) في ذي القعده 569 هـ ثم سار الى ذمار ودخل صنعا في محرم عام 570 هجريه فشمل حكمه اغلب اليمن .. ثم اخذ الضعف يدب في جسم دوله اليمن الفتيه بحيث {{ استولى على ظفار وبلاد حضرموت احمد بن محمد الحبوضي الحميري }} وظهر في صعده ونواحيها الامام عبد الله بن حمزه الهادوي فاشعل الفتن والحروب وامتد نفوذه الى بعض مخاليف صنعاء فحاربه وهزمه المعز اسماعيل – والى اليمن – عام 597 هـ فانسحب الى نواحي صعده واستمر في إثارة الفتن وقام بالفتك بالفرقه المطرفيه المعتزليه وكان متعصباً .. وهزم جيش ابن حمزه هزيمة عجيبه [ ص 27 جـ 13 / البدايه والنهايه ] . .. ثم كانت اليمن قد شهدت في ذلك الزمان قيام ( الامام ) عبد الله بن حمزه ( الهادوي ) في جهات مخالف صنعأ ( 583 – 614هـ ) وهو الذي ضرب جماعة ( المطرفيه / المعتزله ) وقتل الالوف من افرادها وله اقوال وقصيدة مشهوره في عدم جواز الحكم إلا في العلويين وان اى يمني مهما بلغت مكانته وعلومه لا يحق له ان يتولى الحكم واثناء نيابة عمر بن على بن رسول لليمن ( 620 – 624هـ ) كان قد قام بدعوى الاءمامه الهاديه في جهات مخاليف صنعأ { الامام } محمد بن عبد الله بن حمزه وكانت حركته قد استفحلت فقاد عمر بن على بن رسول عدة وقائع كان اشهرها موقعة عصر – [ في ضواحي مدينة صنعأ ] – عام 623هـ حيث انهزم ( الامام ) محمد عبد الله حمزه واتباعه هزيمة ساحقه ولاذ بالفرار الى جهات ثلا وغيرها ، فكتب اليه ( الشيخ ) علوان بن بشر بن حاتم الهمداني قصيدة قال فيها للامام المهزوم :-
فان جموعكم طارت شعاعاً * ولما تخش عاقبة الملام
وولت غير كاسبة ثناءً * فراراً ، لم تكر ولم تحام
.. فان تقبل نصيحة ذي وداد * فان النصح من شيم الكرام
اتيتم طائعين الى مليك * شريف النفس ذي مِنن جسامِ
يقول ابن خلدون {{ وجمع الامام محمد بن عبد الله بن حمزه جموعاً كثيره لغزو صنعاء عام 612 هـ فخاف المسعود بن الكامل وهو يومئذ صاحب اليمن ، واشار امير الجيوش عمر بن على بن رسول بمعاجلته قبل يمك الحصون ، ثم اختلف اصحاب محمد بن عبد الله بن حمزه ولقيه المسعود – وابن رسول – فهزموه }} [ تاريخ ابن خلدون – ص 334 جـ5 ] وقد مدحه الاديب اليمنى الشاعر ابو بكر العندي بقصيدة طويله مطلعها :-
اعساكراً سَيّرتها وجنودا * أم انْجُماً اطلعتهن سُعُودا
ام تلك اقدارُ الاله ونصره * رفعت عليك لوأها المعقودا
واخذ نجم المنصور بن عمر بن على بن رسول في الصعود
*وفي يوم الاثنين 14 جماد الاول عام 626 هجريه ( 1229م ) قامت اعظم دولة يمنية بعد الاسلام وهي دولة اليمن الرسوليه الغسانيه بزعام
ة الملك المنصور عمر بن على بن رسول الجفني الغساني اليعربي القحطاني الذي قال الشاعر محمد بن حمير الهمداني واصفاً اياه وداعياً اليه :-
{{ .. مِيلوا الى المنصور لا تتحدثوا * عن برمك وابى عدى الطائى
نادوا ابا الفتح الذي فتحت له * عدن الدعاة ومكة البطحاء
.. ذا ثالث العُمرين ، هذا ثالث * القمرين ، هذا اعظم العظماء }}
وكان المنصور سُنياّ على مذهب ( ابى حنيفه ) ثم تحول الى المذهب الشافعي دون تعصب لاى مذهب ، وربما كان يدعو الى التقريب بين المذاهب ، ولم يتعرض لاتباع المذاهب الزيديه والهادويه والاسماعيليه في اليمن بل كان يحرم الجميع ويُولى منهم عمالاً ونواباً ومنهم العالم الزيدي يحى بن حمزه الذي ولاه المنصور على مناطق من حجه واقرّه عليها .. وفى اطار ترسيخ الدوله المركزيه انتهج المنصور سياسة ان تكون الحصون الهامه بيد الدوله فكان يشترى الحصون الجبليه المنيعه في ارجأ اليمن باثمان باهضه من الذين تلك الحصون بيدهم ( مثل حصون حجه وغيرها من مخاليف صنعأ والجوف وصعده وذمار واب وغيرها ) وكان بعض من بيدهم الحصون يرفضون تسليمها للدوله مما يؤدي الى معركه تنتهى بتسليم الحصن ومرابطة قوة من الدوله فيها والعفو عن صاحب الحصن وتعويضه باموال كثيره ، وكان من الحصون التى اشتراها المنصور {{ حصن ينبع بالحجاز }} كما قام المنصور ببنأ حصون كثيره في مخاليف صنعا ومكه وغيرها ، وكان السبب في ذلك تعزيز قوة الدوله المركزيه .. وفي عام 628هـ وصل المنصور الى مدينة صنعأ فاقام بها واستدعى الزعامات القبليه والدينيه بمخاليف صنعأ بما في ذلك الزعامات الزيديه والهادويه – [ امثال يحى بن حمزه ، واحمد بن عبد الله بن حمزه – [ شقيق الامام السالف ] – وداوود بن عبد الله بن حمزه ] – فاعلنوا الدخول في طاعته وبايعوه ، وقام بتولية العمال في مخاليف صنعأ الى صعده ونجران وغيرها .. ثم زعزعوا امن واستقرار اليمن مُدعى الامامه المهدي احمد بن الحسين واتباعه المتمردين من الهادويه بين صعده وجهات صنعأ فامر المظفر نائب صنعأ اسد الدين الرسولى والامير احمد بن عبد الله بن حمزه الزيدي بمطاردتهم الى ان سقط المهدي صريعاً فيما بعد ] .. وكانت عشرون سنه قد مرت على قيام دولة اليمن الرسوليه بزعامة المنصور حين بدأت عملية تمرد هادويه بقيادة ( الامام ) المهدى احمد بن الحسين في بعض مخاليف صنعاء فقاد المنصور بنفسه عدة وقعات ضد المتمردين الهادويين بجهات مخاليف صنعاء عام 647هـ ولكن المؤامره لاءسقاط الدوله كانت اكبر من ذلك ومتعددة الاطراف .. فاثناء زيارة الملك المنصور لمدينة زبيد ( 9 ذي القعده 647هـ ) قام مجموعة من المماليك بقتله فاستشهد
و تحركت الطموحات والمطامع لتمزيق وحدة البلاد والدولة اليمنيه الفتيه .. حيث قام بتجديد ادعأ الامامه ( الامام المهدي ) احمد بن الحسين الهادوي في الجوف وحاصر صعده .. فتحمل شمس الدين يوسف بن المنصور مسئولية انقاذ البلاد وتلقب بالملك المظفر وبويع في مدينة المهجم ( 13 ذي القعده 647هـ ) وكان عمره آنذاك 27 سنه .. فاخذ القلم وكتب الى العديد من الامرأ النواب ورؤسأ القبائل فاجتمع اليه عسكر وقبائل انطلق على راسهم وكتب الى من فيها يستميلهم ويعفوعنهم فاستجابوا له وساد حكمه البلاد فاشرق الامل فى النفوس الوطنيه .. وقال الشاعر ابوبكر بن دعاس قصيدة مطلعها :-
إن غاب نور الُملك عن اُفق العلا * فانظر ضيأ الشمس قد ملأ الملأ
او كان جفن الدهر أمسى ارمدا * فاليوم اصبح بالمظفر اكحلا
. وقام الملك المظفر بن المنصور بتوجيه الحملات لمطاردة ( الامام ) المهدى واتباعه المتمردين في جهات الجوف وصعده حيث {{ امد المظفر الامير احمد بن عبد الله بن حمزه بمائة الف درهم مظفريه }} - [ س 655 / غاية الاماني ] – { وقد عاصر المظفر الشاعر القاسم بن على بن هتيمل } ثاني الشعراء الكبار في العصر الرسولي وقد قام الشاعر القاسم علي بن هتيمل بمدح الامام المهدي احمد بن الحسين الذي ادعى الاءمامه وتمرد على الدوله ومدح قاسم بن على الذروي الذي خرج على الدوله وحارب نائب المظفر في المخلاف السليماني محمد بن ابراهيم ، ثم ايقن ابن اهتيمل ان بن على الذروي والامام المهدي ليسوا سوى متمردين مفسدين في الارض فقال يمدح محمد بن ابراهيم عامل المظفر في المخلاف السليمانى بالانتصار الساحق على الذروي :-
علم المظفر فيك ليث خفية * ورآك تُصلح كل امر يفسد
فرمى بك الثغر المخزف ، واهله * هلكى النفوس قريبهم والابعد
انقذت امة احمد من غمرة * يجزيك عنها في القيامة احمد
وفى شوال عام 652هـ كان المظفر في زبيد فوصل اليه {{ داوود بن عبد الله بن حمزه في جماعة الحمزيين .. فاعطاهم المظفر من الاموال والخيول مالاينحصر }} [ ص 441 غاية الاماني ] ذكر الخزرجى في كتاب العقود اللؤلويه انبأ التمردات في عهد المظفر بالتفصيل وقد انتهت جميعها بالاحتواء والفشل وهو ما نكتفى بالاشارة اليه هنا .. فقد دام عهد المظفر نحو نصف قرن وشمل سلطانه كل ربوع اليمن ال
طبيعيه بمساحتها الشاسعه . ورفرفت رايات الدوله في كل ربوع اليمن من اقاصي حضرموت والشحر – شرقاً – الى تخوم مكه شمالاً لذلك فان وقوع تمردات شئ طبيعي وفشلها يدل على قوة الدوله المركزيه في ذلك العهد المجيد .
وقام المظفر بتولية الاشرف اميراً نائباً لصنعأ ومخاليفها ( عام 684 ) ودخل الاشرف صنعاء وذهب الى ( ذيفان ) والى ( الظاهر ) – بنواحى صعده – وامر بعمارة ( الكوله ) – حصن في صعدة – واستعمل عليها الامير ( على عبد الله الحمزي ) وفي ذلك العام ( 684 ) تم {{ سَكَ الدرهم المظفري بصعده }} وقام الاشرف بضبط وتنظيم الامور في جهات صعده كما سار الى مناطق حجه وقام بضبط وتنظيم الامور في حجه وحصونها وعاد الى صنعاء .. وفي عام 685هـ صالح الاشرف المطهر بن يحى ( الذي ادعى الامامه ) فدخل المطهر واتباعه فى طاعة الدوله .. واستمر الاشرف اميراً نائباً لصنعأ ومخاليفها الى عام 687 هجريه ثم سار الاشرف الى حضرة ابيه الملك المظفر بمدينة تعز وعاد الى نيابة المهجم ( تهامه ) بينما تولى اخوه المؤيد صنعأ ومخاليفها ( 687هـ - 693هـ ) وكانت جبال حجه وصعده مكاناً مناسباً لقيام حركات معارضه بين فترة واخرى فكان المؤيد يواجهها بالحزم والاصرار على فرض سلطة وهيبة الدوله منذ كان المؤيد يتولى نيابته صنعاء سنة 692م لانه لما اصبح المؤيد بن المظفر نائباً لصنعاء بدلان عن اخيه الاشرف ( 687 – 693 هـ ) خرج ( الامام ) المطهر بن يحي على الدوله وتمركز اتباعه في ( جبل اللوذ ) بالجوف ، وكان المؤيد بن المظفر فارساً شجاعاً فسار بنفسه مع كوكبة من الفرسان الى ( تنعيم ) في جبال اللوذ بالجوف حيث المطهر واصحابه فهزمهم وقبض على اغلبهم بينما تمكن المطهر من الهرب ، الذين يسميه الهادويون ( المظلل بالغمامه ) فيقول الهادويون {{ ان الله ارسل سحاباً كثيفاً التصق بالارض ، واخفى المطهر عن المؤيد ، فتمكن المطهر ومن معه من النجاة ، وسمى لذلك بالمظلل بالغمامه }} [ ص 50 / بلوغ المرام ] .. وفي سنة 692 هجريه {{ حصلت الوحشه بين المؤيد بن المظفر – نائب صنعاء - و على بن عبد الله بن حمزه - عامل صعده ونواحيها – فكاتب على بن عبد الله بن حمزه ( الامام ) المطهر بن يحي – ( الذي كان هارباً في مايلى الجوف من جهات الربع الخالي – فوصل المطهر الى جهات صعده .. وجمع له على بن عبد الله بن حمزه جمعاً كبيراً فسيطروا على بعض جهات صعده وتمركزوا في جبل ومنطقة ( الظاهر ) بصعده }} وبذلك بات على عبد الله حمزه من اقطاب المعارضين ، وكتب واياهم شعراً الى المؤيد بن المظفر في صنعاء ، منه البيتان التاليان :-
تنح عن الدست الذي انت صدره * وعد عن الملك الذي حزته غصبا
.. ساجلبها شعثاً إليك شوازباً * مضمرة جرداً مطهمةً قبا
فاجاب المؤيد بن المظفر بابيات منها قوله :-
رويدك لاتعجل فما أنت بعلها * سيأتيك فتاك يعلمك الضربا
فاءن كنت ذا عزم فلاتك هارباً * كعادة من قد صرت من بعده عقبا
وسائل جبال اللوذ عني وعنكم * فأفضلكم ولى ، وخلفكم نهبا
فعاملتكم بالصفح إذ هو شيمتى * وما انتم تعفون عن واقع ذنبا
وانطلق المؤيد من صنعاء في الف فارس وعشرة الاف راجل الى منطقة الظاهر في صعده وهزمهم في ( ماجل الصعدي وقام بضبط الامور وتثبيت سلطة الدوله في صعده ومايليها ، وهرب ( المطهر ) وعاد ( على عبد الله حمزه ) الى طاعة الدوله ، ثم قام الملك المظفر بتعيين الاشرف عمر اميراً لصنعاء مرة ثانيه – 693 هـ وقد استأ المؤيد لقيام والده الملك المظفر باستدعائه من صنعأ وتولية الاشرف على صنعاء عام 693هـ -[ وكان سبب ذلك ان المؤيد افرط فى استعمال القوه لاخماد تمرد قام به نائب صعده الامير على بن عبد الله الحمزي الذي خرج عن الطاعه واستدعى ( الامام ) المطهر بن يحي ومن اليها من الاشراف والهادويه عام 692هـ ]- فلما تولى الاشرف صنعأ ومخاليفها بدلاً عن المؤيد عام 693هـ عاد (على بن عبد الله الحمزي ) الى الطاعه وعفا الاشف عن ( الامام ) المطهر واتباعه فاستحسن الملك المظفر وفريق من الناس سياسة الاشرف ... وقد قام المظفر بنقل المؤيد من صنعاء وتعيينه اميراً للشحر ( حضرموت والمهره ) تمهيداً لاستخلاف الاشرف الذي كان اكبر واعلم من المؤيد بينما كان المؤيد هو الاقوى والاشجع ، فلما مات المظفر المظفر بعد عهده الطويل الذي دام زهأ نصف قرن ( 47 سنه ) قال اشد خصومه وهو ( الامام ) المطهر بن يحى الهادوي {{ مات تُبع الاصغر ، مات معاوية الزمان ، مات الذي كانت اقلامه تكسر الرماح }} .. وتم تمليك الاشرف في 13 رمضان 694هـ قاد واعلن المؤيد المعارضه ضد اخيه الاشرف فانضوت المهره وحضرموت وابين وعدن ولحج تحت راية المؤيد في ذي الحجه 694 هجريه وتمركز في منطقة ( الراحه ) قي لحج استعداد للتقدم الى تعز ..
آ نذاك كان على عبد الله حمزه قد اصبح من ابرز امراء وقادة الدوله فتولى قيادة الجيش الذي ارسله الملك الاشرف من تعز بمعية الناصر بن الاشرف – في محرم 695هـ لمواجهة المعارضه التى يقودها المؤيد ، ومالبث ان
استسلم المؤيد ، فسيق الى الاشرف بمدينه تعز ، فأمر الاشرف بايقافه وحبسه في حصن تعز ( قلعة القاهره ) ، فكتب المؤيد من الحبس ( قلعة القاهره ) الى على عبد الله بن حمزه البيت التالى :-
ستعلم ليلى اى دين تداينت * وأى غريم في التقاضى غريمها
فاجاب على عبد الله حمزه بالبيت التالى :-
تخيرت من نعمان عود أراكة * لهند ، ولكن ما يبلغه هندا
ثم مالبث الموقف ان انقلب فقد مات الاشرف بن المظفر في 7 محرم 696هـ وقرر رجال الدوله تمليك المؤيد فتم احضاره من الحبس ( قلعة القاهره ) وتسنم سدة العرش الغساني في ثعبات بتعز ، فانتقل على بن عبد الله بن حمزه الى المعارضه وتغلب على حصن ( منقاع ) وبعض الحصون التى كان يتولاها في جهات حجه وصعده عام 698هـ وكان المؤيد بصنعاء فسار منها وتسلم صعده وحصونها وحاصر حصن ( منقاع ) فسعى الوزير موفق الدين في الصلح فعاد المؤيد الى صنعاء ومعه ادريس بن على بن عبد الله حمزه ثم وصل ابوه الى صنعاء فاعلن الطاعه وقام بتسليم حصون المنقاع واللجام ونعمان وصعده فاستلمها العمال الجدد وابقى المؤيد بعض الحصون بيد الامير على عبد الله الحمزي – عاملاً عليها - وسلم مابيده من الاسلاحه ، فعفا المؤيد عنه واكرمه بالمال والعطاء ، وجعله مع ابنه ادريس نائبين له في حصنى ( منقاع وذيفان ) واعمالها فكان إشراك المعارضه في شئ من السلطة والثروه عاملاً رئيسيا في عودتها الى صف الدوله واستقرار الامور في ذلك العصر ، ولما مات على عبد الله حمزه سنة 699هـ جعل المؤيد ابنه ادريس بن على عبد الله من ابرز رجال وامراء الدوله وتسلم ماكان متبقياً بيد الامير من الحصون بجهات حجه وصعده الى عمال المؤيد ، ومنح المؤيد الامير ادريس بن على الحمزي العطايا الوافره وولاه منطقة القمحه – بتهامه – فاصبح ادريس من خيرة نواب الملك المؤيد ومن اكثرهم اخلاصاً .
وفي وقت لاحق حصل اضطراب في جهات صعده وحجه بسبب موت وتغيير بعض النواب وقام { محمد بن المطهر } بادعاء الامامه ، فعاد المؤيد الى صنعاء ( عام 708هـ ) وبعث الامير عباس بن محمد الى جهات حجه وصعده ثم اردفه بالامير ادريس الحمزي فاذعنت الغالبية للطاعه ثم حوصر { محمد بن المطهر } في منطقه من حجه وطلب الصلح والدخول فى طاعه ( عام 711هـ ) فاستجاب نائب صنعاء { المظفر حسن بن المؤيد } الى ذلك وقام المؤيد بتولية محمد بن المطهر على بعض مناطق حجه ( الشرف والحبر ) ومنحه 3000 دينار فانتهت تلك المشكله .. فباستثناء تلك الحوادث الطفيفه التى تؤكد قوة الدوله المركزيه فقد ساد الهدؤ والاستقرار كل ارجأ اليمن الطبيعيه فى عهد المؤيد الذي {{ كانت ايامه احسن الايام }}
*زيد محمد حسين الفرح
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ملوك مملكة كندة العربية التاريخية

امتد تاريخ قبيلة ومملكة كندة عدة قرون من قبل الإسلام إلى ما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم, فكان من رجالها الملوك والصحابة.

 قبيلة ومملكة كندة

بعد أن هاجرت قبائل كندة بعد انهيار سد مأرب وانتشروا في الجزيرة العربية وأصبح لهم ثلاث مناطق لهم القوة والنفوذ فيها، فكان ابن الجون الكندي معاوية بن عمر بن حجر الزعامة في البحرين، كذلك كان لهم حكمهم في الحجاز ونجد وتولى حجر آكل المرار بن عمر بن معاوية كذلك بنو الأشرس بن ثور بن كندة من قبائل الصدف والسكون وتجيب كانت لهم نفوذهم بحضرموت بعد أن تغلبوا على الدولة الحميرية وكان ذلك بعد أن ضعفت الدولة الحِمْيَرية واستطاعت قبائل كندة من مزاحمتهم في أراضيهم والسيطرة عليها .
وقد قويت سيطرة قبائل كندة على حضرموت بعد قتل ابن الجون الكندي يوم شعب جبلة (1) انتقل سبعا وثلاثين ألف من قبائل كندة إلى حضرموت. والمفهوم أن ذلك لم يكن إلا لأنهم رأوا لهم بحضرموت ظهراً وملجأ يمتون إليه بلحمة النسب وأواصر القرابة . وهم السكاسك والسكون .


ومن هذا العهد الذي أرخ بنهاية الدولة الحميرية سنة 525م استطاعت كندة أن تقيم مملكتها في حضرموت ومنها بدأ اتساع دولة كندة وامتد سلطانها إلى الحجاز ونجد والعراق والشام والحيرة.
وقد كانت لكندة بحضرموت صلات وعلاقات متينة بينهم وبين إخوانهم من أفراد القبائل الكندية فقويت شوكتهم وعلا شأنهم . وقد استطاعت قبائل كندة من إزاحة قبائل حضرموت الحميرية التي كان لها ملك تقارب ملك التبابعة إلى اليمن بعد حروب هائلة أسفرت عن هجرة إلى أرض اليمن واختصاص كندة بحضرموت.


ملوك كندة

عرفت كندة لدى الإخبار يين ( بكندة الملوك ) ربما لأن الملك كان لهم على بادية الحجاز من بني عدنان (2) حيث أنهم نصبوا أولادهم على القبائل ولأنهم كانوا يتعززون بنسبهم إلى كندة وإلى آكل المرار وذلك لأنهم كانوا ملوكاً ولأنهم ساسوا العباد وتمكنوا من البلاد. ومملكة كندة كانت أقرب ما تكون اتحاداً فيدرالياً قبلياً تشغل فيه قبيلة كندة مركز القوة والصدارة وتتولى فيه الحكم أسرة من أسرها (3).


الأول : مرتــع بن معـاوية بن ثـور:

واسمه عمرو ولقب بمرتع لأنه كان يقال له ارتعنا في أرضك فيقول قد أرتعت مكان كذا وكذا. ويقول المؤرخ اليعقوبي : هو أول ملوك كندة بعد أن تأسست في حضرموت فملك عشرين سنة ، ثم ملك ابنه ثور بن مرتع إلا أنه لم يلبث إلا يسيراً حتى مات، فملك بعده معاوية بن ثور وبعده الحارث بن معاوية بن ثور ودام ملكه أربعين سنة، ثم ملك وهب بن الحارث عشرين سنة .



الثاني : حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية:

كان ملكهُ عشرين سنة وهو الذي حالف بين كندة وربيعة العدنانية وكان محالفهم بالذنائب، وآكل المرار هو أول من دانت له الرقاب وذللت له الصعاب واتسع نطاق ملكه بجزيرة العرب حتى كان لكندة الملك باليمن والحجاز والبحرين والمشقر ودومة الجندل ونجران وغمر ذي كندة واليمامة وغيرها .


إن السبب الذي اتسع به ملك حجر هو ما ذكره الكثير كابن خلدون من أن حجر آكل المرار كان أخا حسان بن تُـبّـع لأمه فلما دوّخ حسان بلاد العرب وسار في الحجاز وهم ّ بالانصراف ولّى على معد بن عدنان كلها أخاه حجر بن عمرو هذا وهو آكل المرار فدانوا له، وسار فيهم أحسن سيرة. ذكر هذا ابن خلدون نقلاً عن الطبري عن هشام بن محمد الكلبي وما ذكره أبو الفرج الأصبهاني قال : أخبرني بخبره - يعني آكل المرار - محمد بن الحسن بن دريد إجازة قال : حدثني عمي عن ابن الكلبي عن أبيه، عن الشرقي بن القطامي، قال أقبل تبع أيام سار إلى العراق فنزل بأرض معد، فاستعمل عليهم حجر بن عمرو وهو آكل المرار فلم يزل ملكاً حتى خرف وله من الولد عمرو، وهو المقصور ومعاوية وهو الجون (4) ولقد ذكر المؤرخون أنه في أواخر القرن الخامس للميلاد اتجه حجر بن عمرو إلى قلب نجد وانتزع جانباً من الأرض التي كانت تحت سيطرة المناذرة ثم نزل مكان يدعى بطن عاقل (جنوب وادي الرمة على الطريق بين مكة والبصرة ) (5).


وحجر هذا هو حجر بن عمرو بن معاوية بن ثور بن مرتع (6) وحجر في معظم الروايات هو أول ملوك كندة منذ أن نزل ببطن عاقل (7) وكان السبب تملكه بنجد أن سفهاء بكر بن وائل كانوا قد غلبوا على عقلائها وغلبوهم على الأمر وأكل القوي الضعيف فنظر العقلاء في أمرهم فرأوا أن يملكون عليهم ملكاً يأخذ للضعيف، من القوي، فنهاهم العرب، وعلموا أن هذا لا يستقيم بأن يكون الملك منهم لأنه قد يطيعه قوم ويخالفه آخرون فساروا إلى بعض تبابعه اليمن وكانوا للعرب بمنزلة الخلفاء للمسلمين وطلبوا منه أن يملك عليهم ملكاً فملك عليهم حجر بن عمرو آكل المرار فقدم عليهم ونزل ببطن عاقل وأغار ببكر فانتزع عامة ما كان بأيدي اللخميين من أرض بكر وبقي كذلك إلى أن مات فدفن ببطن عاقل، فلما مات صار عمرو بن حجر آكل المرار وهو المقصور ملكاً بعد أبيه (8)، ولقد عرف حجر بن عمرو بآكل المرار وسمي آكل المرار أن بعض أمراء غسان خالفه في بعض غزواته فاكتسح له مالا
ً وسبى له جارية وأوغلوا بالجارية يريدون المال خوف التبع، فأقبلت الجارية تلفت، فقيل لها ما تلفتك؟ فقالت : كأنني بحجر قد كر بكم، فاغراً فاه كأنه جمل أكل مراً فلم يلبس أن لحق على تلك الهيئة فسمي آكل المرار (9).

ويعللون ذلك : أن حجراً قد سار بقبائل ربيعة لغزو البحرين فعلم بذلك (زيادة بن الهبولة) من سليح بن حلوان من قضاعة، فأغار على غمر كندة وقتل من وجد من الرجال، واستولى على الأموال وسبى النساء ومن بينهم هند زوج حجر نفسه، وما أن علم بهذا الأمر، حتى أسرع فأدرك زياد عند (البردان) فنزل على ماء يقال له (الحفير) على مقربة من عين أباغ بين الفرات والشام، وأرسل رجالاً ليأتوه بخبر زياد وهنا يعلم - عن طريق رجل يقال له سدوس أن هنداً إنما راضية عما حدث وأنها قد أجابت زياداً عندما سألها عن موقف حجر إنه والله لن يدع طلبك حتى تعاين القصور الحمر- يعني قصور الشام - وكأنني به في فوارس من بني شيبان، يذمرهم ويذمرونه، وهو شديد الكلب تزيد شفتاه كأنه بعير أكل مرار، فالنجاء النجاء، فإن وراءك طلباً حثيثاً، وجمعاً كثيفاً، وكيداً متيناً ورأياً صليباً وما أن ينتهي (سدوس) من روايته حتى يعبث حجر بالمرار ويأكل منها، غضباً وأسفاً، ولا يشعر أن يأكله من شدة الغضب فسمي يومئذ بآكل المرار. وقد ذكر أن حجر أغار عليهم واسترد ماله وقتل هند غيرة عليها مما قالت لابن هبولة (10).



الثالث : عمرو المقصور الكندي :

هو عمرو بن حجر بن عمرو (11) تولى الملك بعد أبيه وعرف بالمقصور لأنه قصر على ملك أبيه (12) أي اكتفى بما تركه له أبوه من الملك ثم لم يتلقب بلقب ملك بل اكتفى أيضاً بأن يدعى سيد كندة. وتولى معاوية الجون (الأسود أخو عمرو اليمامة) وحسنت سياسة عمرو المقصور نحو اليمن فتزوج بنتاً لحسان بن تبع أسعد الأكبر وحسنت صلاته بالغساسنة فتزوج هند الهنود بنت ظالم بن وهب (وكانت أختها ماريا زوجة للحارث الأكبر الغساني فيما قبل) ثم تقرب إلى القبائل التي كان يحكمها في نجد فتزوج أم إياس بنت عوف بن محلم الشيباني من بكر بن وائل(13).


وكذلك كانت صلات عمرو المقصور بالمناذرة حسنة فقد تزوج الأسود ابن المنذر ملك الحيرة بنتاً لعمرو فولدت له النعمان بن الأسود الذي حكم الحيرة أربع سنوات (499-403) (14) وظلت اليمن تعين آل كندة على حكم نجد، ولكن آل كندة كانوا يضعفون في ذلك الحين وظهر وائل بن ربيعة المعروف بكليب وائل في بني تغلب فانتزع من عمرو المقصور السيطرة على جميع قبائل ربيعة بن نزار فلم يبق لعمرو سلطان إلا على كندة وحدها، كما كان الشأن قبل أيام حجر والد عمرو ويبدو أن قبائل ربيعة انحازت إلى كليب من تلقاء نفسها(15).


وفي رواية في المفصّل تاريخ العرب قبل الإسلام دكتور جواد : أن ربيعة حينما قصرت عمرا عن ملك أبيه، استنجد عمرو المقصور (مرثد بن عبد ينكف الحميري) على ربيعة فأمده بجيش عظيم فالتقوا بـ(الفنان)، فشد عامر الجون على عمرو المقصور فقتله (16).


ويوجد رواية أخرى أن علاقة عمرو المقصور بالغساسنة كانت علاقة عدائية وأن عمرو إنما كان في أحيان كثيرة يكثر من الإغارة على بلاد الغساسنة، فتلقاه الحارث بن أبي شمر الغساني في إحدى هذه الغارات وهزمه وقتله (17).



الرابع : الحارث بن عمرو بن حجر الكندي:

هو أكبر أبناء عمرو المقصور من ابنة حسان بن تُبّع وفقاً لما رواه ابن الأثير وكان الحارث أقوى ملوك كندة على الإطلاق، وأشدهم بأساً وأكثرهم طموحاً (18) وكان الحارث أشهر ملوك كندة وأعظمهم .


وكانت بكر وتغلب في حرب البسوس قد ذهبت بأبطال القبيلتين وشتت جهودهما فاستطاع الحارث أن يعيد سلطان كندة على قبائل ربيعة في نجد وعلى بني أسد وبني كنانة وبني بكر خاصة ثم طمع بغزو التخوم الفارسية والرومية طمعاً بالبلاد التي كان يحكمها المناذرة والغساسنة) (19).

ويذكر الدكتور جواد علي أن قبائل معد لم تعترف برئاسته وبتاجه عليها إلا لما رأته فيه من القوة، وإلا بعد استعمال القوة والعنف مع عدد من القبائل ، فرضيت به ملكاً ما دام قوياً والأمر بيده(20).


وقد نجح الحارث في مد نفوذ كندة حتى الحيرة في الفترة من 524م إلى 528م بموافقة كسرى قباذ (21) وقبل أن ينتهي القرن الخامس الميلادي قبل 125ق.هـ كان ملوك اليمن لا يزالون يعينون آل كندة. وكان على عرش فارس قباذ بن فيروز (488م-531م) وفي الحيرة المنذر بن ماء السماء ، وفي الشام الحارث بن جبلة الغساني. وكان إمبراطور الروم أنسطاسيوس الأول (491م-518م) وكانت بلاد الروم خاصة مشغولة بالقلاقل الداخلية وبالمؤامرات على العرش، وبالنزاع الديني الذي كان حرباً كلامية فأصبح حرباً بالسلاح بين الحزب الحاكم والأحزاب الباقية، وكذلك كانت قبائل البلغار والصقالبة قد بدأت تتغلغل في التخوم الشمالية للإمبراطورية (22) ، وكان الحارث بن عمرو قد أرسل (نحو عام497م) جيشاً بقيادة ابنه حجر لغزو فلسطين، ولكن رومانوس (الحاكم الرومي في فلسطين) هزم حجراً ،وقد كان الحارث بن جبلة الغساني قد سار في نحو ذلك الحين إلى غزو فلسطين أيضاً
فأسره رومانوس(23).


الحـارث الكندي يحكم الحيرة :
ويرجع السبب الذي دعا قباذ إلى استعمال الحارث على الحيرة في رأي ابن الأثير إلى أن مزدك دعا الناس إلى الزندقة في عهد قباذ بن فيروز، فأجابه قباذ إلى ذلك، وأراد قباذ أن يحول المنذر بن ماء السماء ملك الحيرة معه إلى المزدكية فامتنع عن ذلك، فعزله قباذ ونصب الحارث بن عمرو الذي كان قد أبدى قبولاً للمزدكية(24)، ولما ملك الحارث الكندي الحيرة بين عام (524م-528م) (25) فرق أبناءه في القبائل (جعلهم ملوكاً على القبائل : جعل حجراً (والد امرئ القيس) على بني أسد بن خزيمة وعلى غطفان، وجعل شرحبيل على بكر بن وائل بأسرها وعلى عدد من القبائل الأخرى، وجعل معد يكرب (وكان يلقّب "غلفاء" لأنه كان يغلف رأسه بالطيب) على قيس عيلان وطوائف من غيرهم ،وجعل سلمة على بني تغلب بن وائل والنمر بن قاسط وعلى بني سعد بن زيد مناة من تميم (26)


ويروي ابن خلدون رواية لهشام بن محمد قال فيها أن العرب انتهزوا فرصة ضعف قباذ وتوثبوا على المنذر الأكبر ابن ماء السماء وهو ذو القرنين ابن النعمان بن الشقيقة، فخرج المنذر هارباً منهم حتى مات في إياد (27)، وترك ابنه المنذر الأصغر فيهم، واستدعى عرب الحيرة الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار فملكوه على بكر بن وائل وحشدوا له وقاتلوا معه وكان المنذر قد طلب من قباذ أن يمده بجيش، فامتنع عن مساعدته فكتب المنذر إلى الحارث بن عمرو يطلب منه بأن يسمح له بأن يضمه إليه، فحوله الحارث إليه وزوجه ابنته (28) ..

وفي رواية لابن الكلبي أن النعمان بن المنذر بن امرئ القيس لقي مصرعه في المعركة التي دارت بينه وبين الحارث بن عمرو الكندي وأن المنذر ابن النعمان وأمه ماء السماء أفلتا وأصبح الحارث يملك ما كانوا يملكونه ، وطمع الحارث في مد نفوذه في العراق على حساب الفُرس بعد ما رآه من حالة الضعف التي آل إليها ملوكهم، فطمع في ضم إقليم السواد بأرض العراق، فأمر عسكره بأن يقطعوا الفرات ويشنوا الغارة على السواد، فيما وراء الفرات، وبلغ قباذ الخبر، فأدرك أنه قد أصبح تحت رحمة الحارث وأراد أن يدرأه عن نفسه فاستدعاه إليه وأعطاه ستة طساسيج مجاورة للحيرة، فبعث إلى تبع ملك اليمن يطمعه في بلاد الفرس، فلم يتردد عن تلبية رغبته، ونزل الحيرة وحارب تبع وأخوه شمر ذو الجناح كسرى قباذ وهزماه (29).

وقد جاء المنذر الثالث وتتبع الحارث الكندي وأهله حتى أسر اثني عشر أميراً من بني حجر بن عمرو ثم قتلهم في دير بني مرينا- بين دير هند والكوفة في العراق.

إلا أن هناك رواية تذهب إلى أن المنذر قد لحق بالحارث في أرض كلب فهرب الحارث تاركاً ماله وإبله فانتهبها المنذر، وأسر ثمانية وأربعين من بني آكل المرار- من بينهم عمرو ومالك ولدي الحارث- فأمر المنذر بهم فقتلوا في ديار بني مرينا (30).
على أن رواية ثالثة تذهب إلى أن الذين قتلوا الحارث إنما هم بني كلب بينما تذهب رابعة أن الحارث خرج يتصيد فرأى جماعة من حمر الوحش فشد عليها وانفرد منها حماراً فتتبعه وأقسم ألا يأكل شيئاً قبل كبده فطلبته الخيل ثلاثة أيام حتى أدركته، وأتى به وقد كاد يموت من الجوع ثم شوي على النار وأطعم من كبده وهي حارة فمات. ولا تخلو الروايات المتعلقة بموت (الحارث) ونهايته من مؤثرات العواطف القبلية التي صبغت كل الأخبار التي يرويها الإخباريون بهذه الصبغة ،فكلب تدعي أنها هي التي قتلته وكندة تنكر ذلك مدعية أنه مات كما يموت سائر الناس وأهل الحيرة يقولون أنهم هم الذين قتلوه في حرب
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM