جاكلين بيرن ودورها في البحث عن تاريخ جزيرة العرب وآثارها/د مسعود عمشوش
منذ نهاية القرن الثامن عشر اهتم عدد من الغربيين بدراسة الشرق. وفي إطار دراستهم للشرق قاموا أولا بقراءة مسحية لأكبر عدد من الكتابات التي ألفها من سبقهم من الغربيين عن الشرق أو عن جزء منه. ومن بين هؤلاء: فريا ستارك وفان در ميولن وجوزيف شلحود والباحثة الفرنسية الباحثة جاكلين بيرن، التي قضت معظم عمرها في دراسة تاريخ جنوب الجزيرة العربية، وبعض مناطق القرن الإفريقي، وتركت لنا نحو تسعمائة دراسة وكتاب ووثيقة عن جنوب الجزيرة العربية والجزيرة العربية بشكل عام. ومن أبرز مؤلفاتها كتابها الشهير: (اكتشاف جزيرة العرب؛ خمسة قرون من المغامرة والعلم)، الذي أصدرته سنة 1958، ونشر دار الكاتب العربي - بيروت ترجمة له عام 1963 بقلم قدري قلعجي. وعلى الرغم من أن معظم الذين تخصصوا في آثار الجزيرة العربية قد استفادوا كثيرا مما كتبته جاكلين بيرن لم يحظ كتابها (اكتشاف جزيرة العرب) –حسب علمي- باهتمام أحد من الكتاب العرب باستثناء الأستاذ السعودي حمد الجاسر الذي وضع مقدمة لترجمته العربية. وعلى الرغم من الحجم الكبير للكتاب الذي يقع في 434ىصفحة، فالمؤلفة لم تتناول فيه إلا أولئك الرحالة الغربين الذين جاءوا إلى الجزيرة بين نهاية القرن الخامس عشر (1470) ونهاية القرن التاسع عشر (1870). لكنها، في الفصل الأول من الكتاب تستعرض بعض المصادر القديمة التي عاد إليها أولئك الرحالة الغربيون الرواد قبل أن يشرعوا في السفر الاستكشافي باتجاه الشرق؛ فهم حاولوا أولا التعرف على الشرق من خلال بعض كتب القدماء، التي تضم التوراة (سفر الملوك الذي يتحدث عن إخضاع مملكة سبأ لحكمه)، وكتابات عدد من الرومانيين القدماء، مثل المؤرخ بليني، والمؤلف المجهول الذي كتب (الطواف حول البحر الإرتيري أي البحر الأحمر). ولأن موضوع رسالة الماجستير التي أعدتها جاكلين بيرن في جامعة لوفان كان عن (علاقة اليونان بمملكة سبأ)، فقد ضمنت بيرن الفصل الأول من الكتاب (رفع الستار من خلال كتب القدماء) معلومات غزيرة عما رواه اليونانيون القدماء عن جنوب الجزيرة، مثل المؤرخ هيرودوس الذي ولد وعاش في مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، وكذلك المؤرخ اليوناني تيودور الذي تحدث بإسهاب عن الجزيرة العربية ولبانها وصبرها وبخورها وأغنامها الغريبة وثعابينها المجنحة، والقرفة والكافور.(ص28-29) ويمكن أن نشير هنا إلى أن بعض المؤرخين يلمسون انحيازا للحضارة اليونانية في كتابات جاكلين بيرن عند تناولها لمملكة سبأ، إذ أنها، بتأثير الفلسفة الوضعية التي نظـَّـر لها أوجست كونت، تميل إلى تعليل قيام حضارة جنوب الجزيرة العربية بالعناصر الكثيرة التي استمدتها من حضارات اليونانيين والفينيقيين. لكنها لم تشر إلى ذلك في كتابها الذي بين أيدينا: (اكتشاف جزيرة العرب: خمسة قرون من المغامرة والعلم). ومما لا ريب فيه أن جاكلين بيرن كانت حريصة أن يحظى كتابها بأكبر عدد من القراء الغربيين. لهذا فهي لم تستهدف العلماء المتخصصين في الدراسات الشرقية، بل القراء بشكل عام. وقد دفعها ذلك إلى التركيز على جوانب المغامرة والإثارة في ما رواه الرحالة والمستكشفون الغربيون الرواد عن جزيرة العرب. وهذا ما يفسر العنوان الفرعي للكتاب: خمسة قرون من المغامرة والعلم. وقد أكد على هذه السمة للكتاب الأستاذ روبيرت سرجانت في السطور القليلة التي قدم بها الكتاب مجلة مدرسة الدراسات الشرقية والفريقية (المجلد 23 العدد الثاني، يونيو 1960، ص423). وأولى مغامرة ترويها جاكلين بيرن في كتابها هي مغامرة البولوني لوديفيك دي فارتيما الذي جاء الى الجزيرة العربية وزار مكة بين سنة بين سنتي 1472 و1506. وقد بدأ دي فارتيما رحلته الشهيرة من البندقية سنة 1503 إلى القاهرة، ثم بيروت، فطرابلس، فحلب، فدمشق الذي تعلم فيها العربية، ثم المدينة المنورة فمكة المكرمة فجدة ثم جيزان، واندهش حينما رأى فيها عنبا وسفرجلا وتفاحا ورمانا وليمونا وبرتقالا وكميات وافرة من اللحم والحنطة والشعير والذرة البيضاء التي يصنع منها الأهالي خبزا ممتازا. ومن جيزان سافر إلى عدن فيه تم القبض عليه بتهمة أنه نصراني يتجسس لحساب البرتغاليين، وسيق في اليوم نفسه إلى قصر السلطان كي يعدم، ولكن تأخر تنفيذ الإعدام به لغياب السلطان فقبع في السجن طويلا، قبل أن يتمكن مجددا من نيل حريته ومواصلة رحلاته إلى عدد من المدن اليمنية، قبل أن يغادر إلى الهند ومنها إلى أوربا. وفي الجزء الموسوم بـ (رواد المصادفة) تسرد جاكلين بيرن مغامرة الراهبين اليسوعيين مونصرات وبائز اللذين تم أسرهما في ظفار في مطلع القرن السادس عشر للميلاد، ومنها نقلا عبر وادي حضرموت ومارب إلى صنعاء. وفيها تمكنا من الفرار. ومن الأمور الجديرة بالاهتمام في هذا الكتاب حقيقة أن جزءا كبيرا من هؤلاء الرحالة/المغامرين قدموا إلى الجزيرة العربية بإيعاز من الدول الغربية ذات الأطماع الاستعمارية كما هو الحال بالنسبة لدي فارتميا الذي في الحقي
منذ نهاية القرن الثامن عشر اهتم عدد من الغربيين بدراسة الشرق. وفي إطار دراستهم للشرق قاموا أولا بقراءة مسحية لأكبر عدد من الكتابات التي ألفها من سبقهم من الغربيين عن الشرق أو عن جزء منه. ومن بين هؤلاء: فريا ستارك وفان در ميولن وجوزيف شلحود والباحثة الفرنسية الباحثة جاكلين بيرن، التي قضت معظم عمرها في دراسة تاريخ جنوب الجزيرة العربية، وبعض مناطق القرن الإفريقي، وتركت لنا نحو تسعمائة دراسة وكتاب ووثيقة عن جنوب الجزيرة العربية والجزيرة العربية بشكل عام. ومن أبرز مؤلفاتها كتابها الشهير: (اكتشاف جزيرة العرب؛ خمسة قرون من المغامرة والعلم)، الذي أصدرته سنة 1958، ونشر دار الكاتب العربي - بيروت ترجمة له عام 1963 بقلم قدري قلعجي. وعلى الرغم من أن معظم الذين تخصصوا في آثار الجزيرة العربية قد استفادوا كثيرا مما كتبته جاكلين بيرن لم يحظ كتابها (اكتشاف جزيرة العرب) –حسب علمي- باهتمام أحد من الكتاب العرب باستثناء الأستاذ السعودي حمد الجاسر الذي وضع مقدمة لترجمته العربية. وعلى الرغم من الحجم الكبير للكتاب الذي يقع في 434ىصفحة، فالمؤلفة لم تتناول فيه إلا أولئك الرحالة الغربين الذين جاءوا إلى الجزيرة بين نهاية القرن الخامس عشر (1470) ونهاية القرن التاسع عشر (1870). لكنها، في الفصل الأول من الكتاب تستعرض بعض المصادر القديمة التي عاد إليها أولئك الرحالة الغربيون الرواد قبل أن يشرعوا في السفر الاستكشافي باتجاه الشرق؛ فهم حاولوا أولا التعرف على الشرق من خلال بعض كتب القدماء، التي تضم التوراة (سفر الملوك الذي يتحدث عن إخضاع مملكة سبأ لحكمه)، وكتابات عدد من الرومانيين القدماء، مثل المؤرخ بليني، والمؤلف المجهول الذي كتب (الطواف حول البحر الإرتيري أي البحر الأحمر). ولأن موضوع رسالة الماجستير التي أعدتها جاكلين بيرن في جامعة لوفان كان عن (علاقة اليونان بمملكة سبأ)، فقد ضمنت بيرن الفصل الأول من الكتاب (رفع الستار من خلال كتب القدماء) معلومات غزيرة عما رواه اليونانيون القدماء عن جنوب الجزيرة، مثل المؤرخ هيرودوس الذي ولد وعاش في مصر في القرن الخامس قبل الميلاد، وكذلك المؤرخ اليوناني تيودور الذي تحدث بإسهاب عن الجزيرة العربية ولبانها وصبرها وبخورها وأغنامها الغريبة وثعابينها المجنحة، والقرفة والكافور.(ص28-29) ويمكن أن نشير هنا إلى أن بعض المؤرخين يلمسون انحيازا للحضارة اليونانية في كتابات جاكلين بيرن عند تناولها لمملكة سبأ، إذ أنها، بتأثير الفلسفة الوضعية التي نظـَّـر لها أوجست كونت، تميل إلى تعليل قيام حضارة جنوب الجزيرة العربية بالعناصر الكثيرة التي استمدتها من حضارات اليونانيين والفينيقيين. لكنها لم تشر إلى ذلك في كتابها الذي بين أيدينا: (اكتشاف جزيرة العرب: خمسة قرون من المغامرة والعلم). ومما لا ريب فيه أن جاكلين بيرن كانت حريصة أن يحظى كتابها بأكبر عدد من القراء الغربيين. لهذا فهي لم تستهدف العلماء المتخصصين في الدراسات الشرقية، بل القراء بشكل عام. وقد دفعها ذلك إلى التركيز على جوانب المغامرة والإثارة في ما رواه الرحالة والمستكشفون الغربيون الرواد عن جزيرة العرب. وهذا ما يفسر العنوان الفرعي للكتاب: خمسة قرون من المغامرة والعلم. وقد أكد على هذه السمة للكتاب الأستاذ روبيرت سرجانت في السطور القليلة التي قدم بها الكتاب مجلة مدرسة الدراسات الشرقية والفريقية (المجلد 23 العدد الثاني، يونيو 1960، ص423). وأولى مغامرة ترويها جاكلين بيرن في كتابها هي مغامرة البولوني لوديفيك دي فارتيما الذي جاء الى الجزيرة العربية وزار مكة بين سنة بين سنتي 1472 و1506. وقد بدأ دي فارتيما رحلته الشهيرة من البندقية سنة 1503 إلى القاهرة، ثم بيروت، فطرابلس، فحلب، فدمشق الذي تعلم فيها العربية، ثم المدينة المنورة فمكة المكرمة فجدة ثم جيزان، واندهش حينما رأى فيها عنبا وسفرجلا وتفاحا ورمانا وليمونا وبرتقالا وكميات وافرة من اللحم والحنطة والشعير والذرة البيضاء التي يصنع منها الأهالي خبزا ممتازا. ومن جيزان سافر إلى عدن فيه تم القبض عليه بتهمة أنه نصراني يتجسس لحساب البرتغاليين، وسيق في اليوم نفسه إلى قصر السلطان كي يعدم، ولكن تأخر تنفيذ الإعدام به لغياب السلطان فقبع في السجن طويلا، قبل أن يتمكن مجددا من نيل حريته ومواصلة رحلاته إلى عدد من المدن اليمنية، قبل أن يغادر إلى الهند ومنها إلى أوربا. وفي الجزء الموسوم بـ (رواد المصادفة) تسرد جاكلين بيرن مغامرة الراهبين اليسوعيين مونصرات وبائز اللذين تم أسرهما في ظفار في مطلع القرن السادس عشر للميلاد، ومنها نقلا عبر وادي حضرموت ومارب إلى صنعاء. وفيها تمكنا من الفرار. ومن الأمور الجديرة بالاهتمام في هذا الكتاب حقيقة أن جزءا كبيرا من هؤلاء الرحالة/المغامرين قدموا إلى الجزيرة العربية بإيعاز من الدول الغربية ذات الأطماع الاستعمارية كما هو الحال بالنسبة لدي فارتميا الذي في الحقي
قة جاء إلى الجزيرة العربية بأمر من ملك البرتغال. وتفرد بيرن فصلا كاملا للرحالة التي زاروا الجزيرة بتكليف من شركات الملاحة الغربية (الهولندية والبريطانية وفيما بعد الفرنسية) التي كانت حينها تتصارع فيما بينها. من بين هؤلاء القبطان دي لاروك الذي أرسلته شركة الملاحة الفرنسية إلى ميناء المخا لاستطلاع أماكن زرعة البن. ومع ذلك تقول جاكلين بيرن أن ذلك القبطان كانت له اهتمامات علمية. وترى أن رحلته إلى الشرق تؤرخ لبزوغ فجر الرحلات العلمية، لأنه نشر سنة 1706 ترجمة كتاب وصف جزيرة العرب لابي الفداء عن ترجمة لاتينية. و تقدم المؤلفة في أطول فصول الكتاب: (كارستن نيبور النموذج الكامل للعالم دي النزعة الإنسانية ص146-180) الذي طلب منه أستاذه في جامعة غونتنغن الألمانية العالم ميخائيليس أن يلتحق بالبعثة الدنماركية إلى جنوبي بلاد العرب، فذهب إلى كوبنهاغن لمواصلة دراسته تأهباً للسفر. وقد مول الملك الدنماركي فريدريك الخامس الرحلة التي كان هدفها استكشاف البلدان المجهولة في الجزيرة العربية، وتولى فيها نيبور مهام الأرصاد الفلكية والجغرافية لغرض رسم الخرائط للمناطق المكتشفة وغيرها، وكان أميناً لصندوق الرحلة. وأبحرت البعثة عام 1761، فمرت في طريقها بالبوسفور فالقسطنطينية فالإسكندرية، ثم اليمن، وفيها أصيب بعض أعضائها بالملاريا، ومات فون هافن رئيس البعثة عالم اللسانيات، فترأس نيبور المجموعة، ثم مات السويدي فورسكال عالم الطبيعيات والنبات فأبحر الأربعة الباقون إلى بومباي، وقبل الوصول توفي في سومطرة باورنفيند الرسام والنقاش الألماني وبيرغرين الضابط السويدي، وفي بومباي توفي كارل كرامر طبيب البعثة الدنماركي عام 1764، فواصل نيبور اكتشافاته وحيداً. في عام 1765 قرر نيبور العودة إلى بلاده، فبعث مع أول باخرة تقصد لندن جميع الأوراق والتحقيقات والتقارير والخرائط التي جمعتها مجموعته للحفاظ عليها من الضياع والتلف، ثم غادر بومباي إلى بندر عباس ثم بوشهر، وفي طريق عودته دخل إلى العراق فزار أطلال آشور ونينوى وبابل وبرسيبوليس وغيرها، وزار قبرص ومدن ساحل بلاد الشام ثم دمشق واللاذقية، ومنها توجه إلى حلب فإصطنبول، حيث امتطى جواده عبر أوربا إلى أن وصل إلى كوبنهاغن في عام 1767، وتفرغ لنشر نتائج أبحاثه حتى تُوفي في ملدورف عام 1815. وكان لرحلة نيبور نتائج علمية مهمة، فقد كان أول من كشف عن الخط اليمني المسند، ووصفه وصفاً علمياً ساعد على جلاء غموضه. كما رسم نيبور خرائط لعدد من المناطق والمدن التي زارها كاليمن والعراق وإمارات الخليج العربي ودمشق والقدس ووصف عادات أهلها وأحوالهم المعاشية والاجتماعية، وبعض هذه الخرائط يستفاد منها إلى هذا اليوم. ونشر نيبور نتائج رحلته في عدة كتب ومقالات، كان أهمها: «وصف بلاد العرب» عام 1772، و«أخبار السفر في بلاد العرب وما جاورها» في مجلدين، ونُشر مجلد ثالث بعد موته، وقد نشر نيبور كتاب فورسكال في وصف حيوانات مصر وبلاد العرب ونباتاتها وأزهارها مصحوباً بالصور. وتكرس جاكلين بيرن فصلا آخر من كتابها للرحالة الذين زاروا المدن المقدسة (مكة والمدينة) بوصفهم حجاجا. من هؤلاء: والإنجليزي (جوزف بيتس دكستير) الذي قدم إلى مكة المكرمة في نهايات القرن السابع عشر. ويزعم أن اختطف قرصانا جزائريا اختطفه سنة 1678 وهو في الخامسة عشرة من عمره، ثم باعه إلى ضابط من الخيالة قرر أن يجعل منه مسلما، فاصطحبه إلى الأماكن المقدسة بعد ذلك، وهناك اعتقه من الرق. وقد تمكن دكستير بعد عناء من العودة إلى بلاده ونشر قصته في عام 1704. وفي الفصل الموسوم بـ(المنافسة بين شركات الهند ص72)، تتناول جاكلين بيرن من التفصيل رحلة القبطان الهولندي فان دن بروكه الذي أرسله سلطان بنتام في مستعمرات جزر الهند الشرقية ليستطلع موانئ الجزيرة العربية في مطلع القرن السابع عشر للميلاد. وبعد أن استقبله حاكم عدن العثماني بحفاوة توجه إلى مدينة، وذكر أنها كانت المينا الرئيس لحضرموت، لكن السلطان يقيم في [داخل] مدينة حضرموت. وكتب يصف السكان قائلا "إنهم ذوو استقامة ولطف، يحبون مصادقة الغير، ومتواضعون، وذوو طبيعة هادئة، ومؤمنون إيمانا ثابتا برسالة النبي محمد. ونساء الطبقة العليا محجبات وشديدات الإغراء، جميلات المحيا، ورشيقات القوام. ويقبل أهلهن بتزويجهن من الغرباء مقابل قليل من المال وهن في سن مبكرة"ص79 وفي رحلته الثانية إلى الجزيرة العربية سنة 1616، زار دي بروكه الحاكم التركي في صنعاء. وقدم وصفا شيقا لأسوارها وأبراجها ومساجدها وحماماتها التركية، "حيث يغتسل فيها الرجال أولا قبل ظهر الشفق، ثم تغتسل النساء من بعدهم. ولاحظ أن الحركة التجارية كانت نشطة في المدينة، ويقوم بها البانيان والهنود والفرس واليهود، وأن النساء محجبات ترافقهن الإماء العديدات، كما هي الحال في تركيا. وهؤلاء الإماء جلهن من المسيحيات اللواتي يختطفهن الأتراك من أنحاء الشرق, وبهذه الطريقة عمرت هذه البلاد" 83-84 أما الرحالة الأخير الذي تتناوله جاكلين بيرن في
لواقع لم يكن أحد منهم مستشرقا فعلا. وقد اختتم الأستاذ حمد الجاسر المقدمة قائلا "إن القارئ العربي كثيرا ما تعتريه حالة من الريبة والشك حيال كتابات الغربيين عن العرب، وهي حالة مع منافاتها للحكمة العربية القديمة (الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها)، لا تتفق مع المنطق القويم في شيء، فالحق يجب قبوله أيا كان مصدره، والباطل لا يتوقف رفضه على معرفة مصدره، وأولئك –بحكم بعدهم عنـّا، وجهلهم لأحوالنا في الماضي- تشوب كتاباتهم عنا أخطاء لا ينبغي أن تكون حائلا بيننا وبين المعرفة، بل الأجدر بها أن تكون من الحوافز التي تدفعنا إلى معرفة كل ما يكتب عن بلادنا وتاريخنا، لنقبل الحق وننتفع به، وننفي الزيف ونأباه".ص16 ونحن هنا نتفق تماما مع حمد الجاسر، ونرى أن ما دونه المستكشفون والرحالة الغربيون حول جزيرة العرب بين عام 1470 و1870 يعد ذا قيمة علمية مهمة. لكن، لكي نستفيد منها فعلا وكما ينبغي، علينا العودة إلى نصوص أولئك الرحالة وتحليلها وقراءتها وترجمتها. فنحن مقتنعون تمام أن كثيرا من سلبياتنا لا يمكن أن نكتشفها إلا من خلال عيون الآخر. وكذلك هويتنا، لا نستطيع أن ندركها كما يجب إلا من خلال اكتشافنا لاختلافنا وتميزنا عن ذلك الآخر. ومن المؤكد أن عددا كبيرا من الباحثين والمترجمين في المملكة العربية السعود وعمان واليمن قد تنبهوا إلى هذه الحقيقة، وشرعوا - خلال العقدين الماضيين، في دراسة أو ترجمة عدد من تلك الكتابات التي أشارت إليها جاكلين بيرن في كتابها (اكتشاف جزير العرب..). ومن المؤسف أن كثيرا من كتابات الغربيين عن جزيرة العرب التي لم تذكرها جاكلين بيرن في كتابها لم تحظ حتى اليوم باهتمام الباحثين والمترجمين العرب. وفي اعتقادنا أن على المؤسسات والمراكز البحثية العربية أن تبادر هي بنفسها للقيام بمسح كل ما كتب عن بلاد العرب في الغرب والشرق ودراسته وترجمة ما يستحق أن يطلع عليه أبناء العروبه
كتابها فهو البارون الألماني أدولف فون فريده الذي التحق بخدمة ملك اليونان: أوتون. وقد لخصت بيرن أهم ما جاء في مذكرات هذا المغامر الذي تؤكد أنه أول من توغل في المناطق الداخلية من حضرموت في نهاية شهر يونيو من عام 1943، قائلة: "أراد فون فريده أن يجرب حظه بالتزيي بزي مسلم، والتظاهر بالرغبة في الحج إلى قبر هود، نبي حضرموت الشهير، الذي كان قد اتخذه له نصيرا فأسمى نفسه: عبد الهود. وقد وصل فعلا إلى وادي دوعن ووصف مشارفه على النحو الآتي: "إن النزول إلى الوادي خطر، لاسيما عند فوهته، حيث يساير الطريق الذي لا يتجاوز عرضه أربعة أقدام في أماكن كثرة هوة هائلة إلى اليمين والجانب الصخري إلى الشمال. ويدعى هذا الوادي الأول: وادي دوعن".ص395 ويذكر فريده أنه بلغ وادي عمد وزار المدينة التي تحمل الاسم نفسه. وزار مدينة الحوطة، ثم اتجه غربا وسار مشيا على القادم أربعة أيام حينما بلغ منطقة (صوا؟؟)، "وأصبح على مسيرة يوم واحد من صحراء البحر السافي. وكتب "يستمد هذا القسم من الصحراء اسمه من الملك السافي الذي انطلق على رأس جيشه من بلاد سبأ وواديان ورأس الغول، وأراد اجتياز هذا القفر فهلك جيشه. وكان الناس يزعمون أن فيه أماكن كثيرة يختفي فيها كل شيء عن سطح الأرض ويغور في الرمال... وقد أسرعت في اليوم التالي للتأكد من هذه المزاعم. وبلغت حد الصحراء بعد مسيرة ست ساعات، وهي سهل فسيح من الرمال يقدر انخفاضها عن النجد بألف قدم. وتكومت في بعض أجزائه تلال من الرمال كالأمواج بدت لناظري كالبحر المضطرب، ولم نرَ فيها أي نبات أو طير يقطع بشدوه صمت الموت الذي كان يخيم على قبور الجيش السبئي. ورأيت ثلاثة أماكن امتازت ببياضها الناصع، وقد قال لي رفاقي البدو: هذا هو البحر السافي. إن هذه الهوة السحيقة تسكنها الجن التي غطت الكنوز المودعة في حراستها بالرمل الخداع، ولا شك في أن من يجسر على الدنو منها تجتذبه الرمال فلا تذهب إليها! ومن الطبيعي أنني لم أعر هذه النصيحة أي اهتمام". وعبثا حاول فريده أن يقنع مرشديه بالتقدم معه إلى الأمام. ويضيف "لذا قررت الذهاب إليها وحدي مخاطرا بنفسي، حاملا معي مسبرا يزن نصف كيلو جرام ربطت إليه حبلا رفيع طوله ستون باعا. وبأقصى ما يمكن من الحذر اقتربت من الرمال الدقيقة جدا، وقذفت لمسبري ابعد ما أمكنني فأختفي في الحال، وقد تضاءلت سرعة اختفاء الحبل شيئا فشيئا إلا أنه بعد انقضاء خمس دقائق اختفى تماما"!!(ص397) وعلى الرغم من جاكلين بيرن لم تتناول في كتابها هذا الرحلات التي قام بها الغربيون إلى حضرموت في القرن العشرين فهي تضمنه الملاحظات التي أوردها الجغرافي فايسمان وفان در ميولن في كتابهما (حضرموت وإزاحة النقاب عن غموضها). وبعد أن يفسر ميولن ما قاله فريده بشأن أطراف صحراء الربع الخالي بشكل علمي يقول: "استطعنا في الوقت نفسه تدقيق الأقسام الأخرى من رحلته إلى صيف ووادي دوعن، وهو أبعد نقطه بلغها إلى الشمال وإلى وادي حجر، ووجدنا أن وصفه للبلاد حسن وصحيح، ورأينا في فون فريده رائد حضرموت الكبير"ص401. وينبغي أن نشير هنا إلى جاكلين بيرن قد أعطت للفصل الرابع من كتابها هذا العنوان: (العربية القفراء والعربية البتراء). وتناولت فيه رحلة الأسباني (علي بك في مكة والوهابيون الأول)، ثم رحلتي البريطاني ستيرن وبوركهارت إلى وسط الجزيرة العربية. وبما أن السعودي حمد الجاسر قد أسهب في الحديث عن الفصل في مقدمته للكتاب (ص5-16)، فلن نتناوله هنا. وفي هذه المقدمة تناول الأستاذ حمد الجاسر جانب الإثارة في كتاب بيرن قائلا" "لا أدري أيؤخذ قارئ هذا الكتاب – كما أخذت – بوضوح تصويره نماذح من مغامرات عدد غير قليل من الرحالة الراغبين، ممن استهوتهم جزيرة العرب بسحرها، فهاموا في قفارها، سعيا وراء المجهول من أخبارها، حتى أصبحت سيرهم وأخبار رحلاتهم جزءا من أساطير تلك الجزيرة، في غرابتها واستهوائها للباحثين؟ ولكنني لا أشك بأنه سيستمتع حقا بما أبرزه هذا الكتاب من حياة بعض أولئك الرواد، وبما تميزت به تلك الحياة –بنوع خاص من التضحية، والاستهانة بكل مشقة، في سبيل الوصول إلى نتائج عادت بفوائد جمة على كل باحث في تاريخ الجزيرة، ودارس لأحوال سكانها، بصرف النظر عن بواعث السعي للوصول إليها". ثم يعود حمد الجابر لأهمية الجانب العلمي لتلك الرحلات الأولى قائلا: "لا يحتاج القارئ إلى السير معه في ثنايا الكتاب ليدرك الجوانب المهمة من نتائج تلك الرحلات؛ كالكشف عن آثار آثار الحضارة العربية القديمة في جنوبي الجزيرة، والوصول إلى حل رموز الأبجدية الحميرية (خط المسند) حلا أضاف معلومات جيدة عن حلقة كانت مجهولة لدى العرب أنفسهم، من تاريخ ذلك الجزء من بلادهم". ص8 ومن اللافت أن حمد الجاسر، الذي كرس جزءا كبيرا من المقدمة للإشادة بالمستشرقين ودورهم في تحقيق المخطوطات العربية بدقة ومنهجية علمية، وكذلك في اكتشاف كثيرا من آثار الجزيرة العربية، صنف الرحالة والمستكشفين المغامرين الرواد الذين تناولتهم جاكلين بيرين ضمن المستشرقين. وفي ا
نور العيون مختصر من تاريخ #حوطة #قيدون
قيدون بلدة الشيخ سعيد بن عيسى رحمه الله وهي احد بوابات دوعن لمن اراده من السيطان وقيدون القديمة كانت محصورة في قرن السويداء فقط . وقد اشار السيد العلامة الحداد الي وجود نقوشات تدلل علي اهمية قيدون في العصور القديمة وانها كانت علي طريق مهم من طرق القوافل ..
من معالم قيدون القديمة الكريف القديم الذي قام باصلاحه الملك عامر بن عبدالوهاب الحميري بمشورة السيد ابوبكر بن عبدالله العيدروس ويقال ان الملك قد انفق عليه حمل ذهب للاصلاحه ... وقد اسهب الامام الحداد رحمه الله في وصف الماء واخبر ان في عهد الشيخ سعيد رحمه الله لم يكن لدى اهل البلد قيدون كريف يشربون منه انما يشربون من جوابي في الشعاب الجبلية ... ومن معالم قيدون ايضا قرن باعشره وكانت به حصون لهم وهو اسرة كانت لها نفوذ بقيدون ونافسهم بها ال العمودي فيما بعد ولكن لايوجد بقيدون اليوم احد منهم فقد نقل في خراب البلد بغزوة بدر بوطويرق السلطان الكثيري في حملته في رمضان سنة 947هـ .
وبقيدون وفاة الشيخ سعيد بن عيسى العمودي سنة671هـ وبها كانت زاويته ولكن تم نقل الزاوية الي بضه بعد تنازل الشيخ عمر بن احمد بن محمد العمودي عن الامر للاخيه عثمان .
اشتهرت قيدون بانها بلد العلم والعلماء اشتهر منها الشيخ عبدالله بن عثمان العمودي الذماري المتوفي سنة 840هـ وهو الذي حكم في دوعن واراد اقامة الشرع فيه فعزل بمساعدة ال فارس . ومن علمائها الاجلاء الشيخ عمر بن احمد العمودي المتوفي سنة 940هـ بالقنفذه والشيخ عمر بن عبدالقادر العمودي وكانت قيدون محط لطلبة العلم حتى انه قد اوقف بعض اهل الخير وقف من الارض الزراعية في جروب صيف سميت (( جروب الدرسه)) .
واشتهر في نهضتها العلمية الشيخ محمد بن عثمان وابنه احمد ويعرف باحمد القديم ومحمد بن احمد القديم العمودي وله فتاوي وهو الذي وسع جامع قيدون وجلب له صناع من صنعاء اليمن وذلك سنة 803هـ .
والشيخ محمد متوفي سنة 819 هـ كما في تاريخ شنبل .
زمن علماء ومشائخ قيدون ايضا الشيخ عثمان بن محمد بن عثمان بن احمد القديم المتوفي سنة 900هـ
ومن اعيان قيدون الفقية محمد بامعلم فقد كان قائمة بوظيفة التدريس .
وبقيدون عدد من السادة الاشراف من ال باعلوي من ال الحداد وقد اشتهر منهم كوكبة في شتى نواحي العلم منهم السيد عمر بن ابي بكر وابنه السيد طاهر بن عمر المتوفي بقيدون سنة 1319هـ وغيرهم ومن بقيدون من العلويين ال بافقيه وال باعقيل وال الحبشي ..
وممن اشتهر بالطب من اهل قيدون الشيخ أحمد بن سعيد باداهية العمودي ...
هذا مختصر من ذكر قيدون اردنا به التعريف والا فالمجال واسع لمن اراد البحث لكثرة من في هذه البلده من علماء ومشائخ ومشهورين عبر العصور المختلفة
قيدون بلدة الشيخ سعيد بن عيسى رحمه الله وهي احد بوابات دوعن لمن اراده من السيطان وقيدون القديمة كانت محصورة في قرن السويداء فقط . وقد اشار السيد العلامة الحداد الي وجود نقوشات تدلل علي اهمية قيدون في العصور القديمة وانها كانت علي طريق مهم من طرق القوافل ..
من معالم قيدون القديمة الكريف القديم الذي قام باصلاحه الملك عامر بن عبدالوهاب الحميري بمشورة السيد ابوبكر بن عبدالله العيدروس ويقال ان الملك قد انفق عليه حمل ذهب للاصلاحه ... وقد اسهب الامام الحداد رحمه الله في وصف الماء واخبر ان في عهد الشيخ سعيد رحمه الله لم يكن لدى اهل البلد قيدون كريف يشربون منه انما يشربون من جوابي في الشعاب الجبلية ... ومن معالم قيدون ايضا قرن باعشره وكانت به حصون لهم وهو اسرة كانت لها نفوذ بقيدون ونافسهم بها ال العمودي فيما بعد ولكن لايوجد بقيدون اليوم احد منهم فقد نقل في خراب البلد بغزوة بدر بوطويرق السلطان الكثيري في حملته في رمضان سنة 947هـ .
وبقيدون وفاة الشيخ سعيد بن عيسى العمودي سنة671هـ وبها كانت زاويته ولكن تم نقل الزاوية الي بضه بعد تنازل الشيخ عمر بن احمد بن محمد العمودي عن الامر للاخيه عثمان .
اشتهرت قيدون بانها بلد العلم والعلماء اشتهر منها الشيخ عبدالله بن عثمان العمودي الذماري المتوفي سنة 840هـ وهو الذي حكم في دوعن واراد اقامة الشرع فيه فعزل بمساعدة ال فارس . ومن علمائها الاجلاء الشيخ عمر بن احمد العمودي المتوفي سنة 940هـ بالقنفذه والشيخ عمر بن عبدالقادر العمودي وكانت قيدون محط لطلبة العلم حتى انه قد اوقف بعض اهل الخير وقف من الارض الزراعية في جروب صيف سميت (( جروب الدرسه)) .
واشتهر في نهضتها العلمية الشيخ محمد بن عثمان وابنه احمد ويعرف باحمد القديم ومحمد بن احمد القديم العمودي وله فتاوي وهو الذي وسع جامع قيدون وجلب له صناع من صنعاء اليمن وذلك سنة 803هـ .
والشيخ محمد متوفي سنة 819 هـ كما في تاريخ شنبل .
زمن علماء ومشائخ قيدون ايضا الشيخ عثمان بن محمد بن عثمان بن احمد القديم المتوفي سنة 900هـ
ومن اعيان قيدون الفقية محمد بامعلم فقد كان قائمة بوظيفة التدريس .
وبقيدون عدد من السادة الاشراف من ال باعلوي من ال الحداد وقد اشتهر منهم كوكبة في شتى نواحي العلم منهم السيد عمر بن ابي بكر وابنه السيد طاهر بن عمر المتوفي بقيدون سنة 1319هـ وغيرهم ومن بقيدون من العلويين ال بافقيه وال باعقيل وال الحبشي ..
وممن اشتهر بالطب من اهل قيدون الشيخ أحمد بن سعيد باداهية العمودي ...
هذا مختصر من ذكر قيدون اردنا به التعريف والا فالمجال واسع لمن اراد البحث لكثرة من في هذه البلده من علماء ومشائخ ومشهورين عبر العصور المختلفة
أغرب قصة حصلت في حضرموت قبل 97 عام
كتب
عبدالله محسن
دخلت أول سيارة مدينة تريم عام ١٩٢٠م قبل حوالي 97 سنة وهي ملك السيد المرحوم أبوبكر بن شيخ بن عبدالرحمن الكاف.
وكانت السيارة قد دخلت المدينة مفككة، ومحمولة على ظهور الجمال عبر الطريق الذي يمتد حوالي ٣٠٠ كيلومتر من المكلا إلى تريم.
وقد قيل أن الذي قام بتجميع أجزائها شاب صومالي تدرب على هذا العمل.
والمضحك في الأمر أن وصول السيارة تزامن مع مراسيم زواج شخص يدعى باخديم، وفي أثناء مراسيم الزواج، ترك الناس العريس لوحده، وذهبوا ليتفرجون على السيارة التي أذهلتهم
كتب
عبدالله محسن
دخلت أول سيارة مدينة تريم عام ١٩٢٠م قبل حوالي 97 سنة وهي ملك السيد المرحوم أبوبكر بن شيخ بن عبدالرحمن الكاف.
وكانت السيارة قد دخلت المدينة مفككة، ومحمولة على ظهور الجمال عبر الطريق الذي يمتد حوالي ٣٠٠ كيلومتر من المكلا إلى تريم.
وقد قيل أن الذي قام بتجميع أجزائها شاب صومالي تدرب على هذا العمل.
والمضحك في الأمر أن وصول السيارة تزامن مع مراسيم زواج شخص يدعى باخديم، وفي أثناء مراسيم الزواج، ترك الناس العريس لوحده، وذهبوا ليتفرجون على السيارة التي أذهلتهم
يمني يملك متحف خاص للسيارات القديمة في حضرموت
يقضي الحاج اليمني، سالم الحبشي، منذ عقدين من الزمن، أغلب وقته مع 60 سيارة قديمة في مكان بسيط أطلق عليه اسم "متحف اليمن للسيارات الكلاسيكية". هناك، في مسقط رأسه في منطقة حي السحيل بمدينة سيئون حضرموت، شرق اليمن.
يقول الحاج سالم في حديث خاص مع "العربي الجديد": "لقد تعبتُ وأصابني الإحباط. كنت أتوقع أن تصبح لكل سيارة من هذه السيارات التي حاولت شراءها قصة وحكاية وأسطورة شاهدة على التاريخ العريق في المدينة، ويكون هناك بعض الاهتمام، لكن لم يلتفت لنا أحد وكل ما تلقيته هو الوعود". ينشغل سالم بشكل دوري بعملية صيانة تلك السيارات القديمة وتفقدها.
ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه مع الزمن أصبحت هناك علاقة ودية وارتباط وثيق بينه وبين سياراته القديمة التي بدأ بشرائها منذ تسعينيات القرن الماضي. يروي الحاج سالم قصة بداياته الأولى مع تلك السيارات، ويقول إنّه بدأ بشراء أول سيارة قديمة عام 1997، ثم تحمس للفكرة وشرع بعدها بالبحث عن بقية مالكي تلك الأنواع من السيارات. وكان يغامر ويبيع حتى ما يمكله من الأراضي والممتلكات مقابل توفير قيمتها. وأحياناً، كان ينظر إليه البعض من أهالي المدينة باستغراب.
بين كل فترة وأخرى، يخرج الحاج سالم مع عشرات السيارات القديمة، ويتجول بها عند قصر "سيئون"، وهو أبرز معلم تاريخي في المدينة. الأمر الذي جعل الناس أنفسهم الذين كانوا ينظرون إليه بغرابة، يؤمنون بأهمية فكرته أخيراً. حتى أصبحت تلك السيارات محل إعجابهم وانبهارهم. وعند مرووها أمامهم، يصطفون على جنبات الطريق لرؤيتها، وتوثيق تلك اللحظة.
لا يتردد سالم و بالحماسة نفسها التي قال إنها كانت تراوده منذ الوهلة الأولى لطموحه بمشروع يخدم اليمن. يتابع قائلاً: "هذه السيارات ليست عادية. تمكنّا من إصلاح وتشغيل 20 سيارة من أصل 60، ولكل واحدة منها رواية مختلفة. أبرز تلك الأنواع تعود ملكيتها وخصوصيتها لسلاطين حضرموت، وبعض رجال الأعمال، وكذلك العلماء والرحالة الأجانب وملوك الجزيرة العربية".
يؤكد الحبشي أنّ أقدم سيارة في المتحف تعود إلى العام 1938. ويقول إن واحدة من السيارات الموجودة في المتحف تعود صناعتها أيضاً إلى خمسينيات القرن الماضي، وهي من نوع "ويلز". وبحسب ما يتحدث به الآباء القدامى في حضرموت، إذْ استطاع شراءها منهم، فإن تلك السيارة تحديداً تعود للملك فيصل بن عبد العزيز الذي أهداها إلى أحد سلاطين حضرموت.
أما في الجهة المقابلة من المتحف، فتوجد سيارة أخرى، تعود للعالم الأميركي ويندل فيليبس، والذي تتحدث الروايات عن أنه الشخص الذي اكتشف عرش الملكة بلقيس في مدينة مأرب، وسط اليمن. ويفيد الحبشي بأن هناك ما يقارب 14 سيارة صنعت في العام 1949، وكانت متخصصة في اكتشاف المناطق الأثرية.
بحسرة بالغة يبدي الحاج سالم حزنه على ضياع حلمه في أن يكون له متحف خاص، ويكشف عن تفكيره أحياناً ببيع بعض تلك السيارات. إذْ أشار إلى أن هناك عروضاً مستمرة تتوالى عليه من أشخاصٍ أثرياء في عمان والإمارات. وبعضهم يعرض عليه مبالغ كبيرة لشراء تلك السيارات الكلاسيكية، ولكنه كان يرفض ذلك حتى وقت قريب. وبسبب صعوبة الأوضاع حالياً، يجد نفسه في حيرة، ولا يدري هل يحافظ على السيارات، أو يبيع جزءا منها من أجل الاستفادة من قيمتها.
كما لا يزال الحاج سالم يعتقد بأنَّه على كلّ الجهات المعنية ووزارة السياحة اليمنية أن تأخذ موضوعه على محمل الجد، من أجل إعادة النظر إلى ملف مشروعه الذي يحمل في طياته العشرات من التوجيهات والقرارات منذ عشر سنوات لإنشاء متحف رسمي له، والتي بقيت مجرد حبر على ورق، كما يقول سالم. وتعاقبت الحكومات اليمنيَّة واحدة بعد أخرى، وبقي هو وسياراته وحيداً في طي النسيان، يبذل قصارى جهده للحفاظ عليها وعدم التفريط بها، رغم أنه ليس لديه مصدر دخل سوى راتبه كموظف حكومي متقاعد
يقضي الحاج اليمني، سالم الحبشي، منذ عقدين من الزمن، أغلب وقته مع 60 سيارة قديمة في مكان بسيط أطلق عليه اسم "متحف اليمن للسيارات الكلاسيكية". هناك، في مسقط رأسه في منطقة حي السحيل بمدينة سيئون حضرموت، شرق اليمن.
يقول الحاج سالم في حديث خاص مع "العربي الجديد": "لقد تعبتُ وأصابني الإحباط. كنت أتوقع أن تصبح لكل سيارة من هذه السيارات التي حاولت شراءها قصة وحكاية وأسطورة شاهدة على التاريخ العريق في المدينة، ويكون هناك بعض الاهتمام، لكن لم يلتفت لنا أحد وكل ما تلقيته هو الوعود". ينشغل سالم بشكل دوري بعملية صيانة تلك السيارات القديمة وتفقدها.
ويضيف في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه مع الزمن أصبحت هناك علاقة ودية وارتباط وثيق بينه وبين سياراته القديمة التي بدأ بشرائها منذ تسعينيات القرن الماضي. يروي الحاج سالم قصة بداياته الأولى مع تلك السيارات، ويقول إنّه بدأ بشراء أول سيارة قديمة عام 1997، ثم تحمس للفكرة وشرع بعدها بالبحث عن بقية مالكي تلك الأنواع من السيارات. وكان يغامر ويبيع حتى ما يمكله من الأراضي والممتلكات مقابل توفير قيمتها. وأحياناً، كان ينظر إليه البعض من أهالي المدينة باستغراب.
بين كل فترة وأخرى، يخرج الحاج سالم مع عشرات السيارات القديمة، ويتجول بها عند قصر "سيئون"، وهو أبرز معلم تاريخي في المدينة. الأمر الذي جعل الناس أنفسهم الذين كانوا ينظرون إليه بغرابة، يؤمنون بأهمية فكرته أخيراً. حتى أصبحت تلك السيارات محل إعجابهم وانبهارهم. وعند مرووها أمامهم، يصطفون على جنبات الطريق لرؤيتها، وتوثيق تلك اللحظة.
لا يتردد سالم و بالحماسة نفسها التي قال إنها كانت تراوده منذ الوهلة الأولى لطموحه بمشروع يخدم اليمن. يتابع قائلاً: "هذه السيارات ليست عادية. تمكنّا من إصلاح وتشغيل 20 سيارة من أصل 60، ولكل واحدة منها رواية مختلفة. أبرز تلك الأنواع تعود ملكيتها وخصوصيتها لسلاطين حضرموت، وبعض رجال الأعمال، وكذلك العلماء والرحالة الأجانب وملوك الجزيرة العربية".
يؤكد الحبشي أنّ أقدم سيارة في المتحف تعود إلى العام 1938. ويقول إن واحدة من السيارات الموجودة في المتحف تعود صناعتها أيضاً إلى خمسينيات القرن الماضي، وهي من نوع "ويلز". وبحسب ما يتحدث به الآباء القدامى في حضرموت، إذْ استطاع شراءها منهم، فإن تلك السيارة تحديداً تعود للملك فيصل بن عبد العزيز الذي أهداها إلى أحد سلاطين حضرموت.
أما في الجهة المقابلة من المتحف، فتوجد سيارة أخرى، تعود للعالم الأميركي ويندل فيليبس، والذي تتحدث الروايات عن أنه الشخص الذي اكتشف عرش الملكة بلقيس في مدينة مأرب، وسط اليمن. ويفيد الحبشي بأن هناك ما يقارب 14 سيارة صنعت في العام 1949، وكانت متخصصة في اكتشاف المناطق الأثرية.
بحسرة بالغة يبدي الحاج سالم حزنه على ضياع حلمه في أن يكون له متحف خاص، ويكشف عن تفكيره أحياناً ببيع بعض تلك السيارات. إذْ أشار إلى أن هناك عروضاً مستمرة تتوالى عليه من أشخاصٍ أثرياء في عمان والإمارات. وبعضهم يعرض عليه مبالغ كبيرة لشراء تلك السيارات الكلاسيكية، ولكنه كان يرفض ذلك حتى وقت قريب. وبسبب صعوبة الأوضاع حالياً، يجد نفسه في حيرة، ولا يدري هل يحافظ على السيارات، أو يبيع جزءا منها من أجل الاستفادة من قيمتها.
كما لا يزال الحاج سالم يعتقد بأنَّه على كلّ الجهات المعنية ووزارة السياحة اليمنية أن تأخذ موضوعه على محمل الجد، من أجل إعادة النظر إلى ملف مشروعه الذي يحمل في طياته العشرات من التوجيهات والقرارات منذ عشر سنوات لإنشاء متحف رسمي له، والتي بقيت مجرد حبر على ورق، كما يقول سالم. وتعاقبت الحكومات اليمنيَّة واحدة بعد أخرى، وبقي هو وسياراته وحيداً في طي النسيان، يبذل قصارى جهده للحفاظ عليها وعدم التفريط بها، رغم أنه ليس لديه مصدر دخل سوى راتبه كموظف حكومي متقاعد
من تحققنا حاله من الفقهاء والعلماء من أهل ذي جبلة ممن اشتهر وظهر فضله وعلمه وصلاحه في المئة التاسعة من الهجرة النبوية
طبقات صلحاء اليمن تاريخ البريهي
القَوْل فِي من تحققنا حَاله من الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من أهل ذِي جبلة مِمَّن اشْتهر وَظهر فَضله وَعلمه وصلاحه فِي المئة التَّاسِعَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة
فَمنهمْ الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن صَالح بن أبي بكر بن عمر الْهَمدَانِي الْمَشْهُور بِابْن الْخياط كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما قَرَأَ على الْأَئِمَّة من أهل وقته مِنْهُم الإِمَام خطيب الخطباء مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الرخا الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي التدريس وَالْفَتْوَى بِمَدِينَة ذِي جبلة ونواحيها ثمَّ على أقضى الْقُضَاة سيد الوزراء وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن عَبَّاس وعَلى الإِمَام جمال الدّين الريمي فَكَانَ أشهر تلامذته واثنى عَلَيْهِ الإِمَام جمال الدّين بجودة فهمه ودقة نظره حَتَّى جعله معيد درسة بِمَدِينَة تعز وَقد أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم فِي سَائِر فنون الْعلم فدرس وافتى وأضيف إِلَيْهِ أَسبَاب مَدِينَة ذِي جبلة وَبَعض الْأَسْبَاب بِمَدِينَة تعز وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي البلدين وَكَانَ لَهُ اعتراضات وتصويبات على كَلَام الْأَئِمَّة لمن قبله من أهل الْمَذْهَب وَجعل عَلامَة كَلَامه على ذَلِك هَاء مشقوقة باصطلاح درسته وَجمع فصلا فِي معرفَة مَا يحل أكله من الطُّيُور وَمَا لَا يحل قبل دُخُول كتاب حَيَاة
(1/118)
الْحَيَوَان إِلَى الْيمن وامتحن الإِمَام رَضِي الدّين بِولَايَة الْقُضَاة فِي مَدِينَة تعز فباشر ذَلِك بعفاف وَكَانَت إِقَامَته فِي الْمدرسَة المعتبية والمدرسة المجاهدية ثمَّ اعتذر عَن ولَايَته الْقَضَاء إِلَى السُّلْطَان فَلم يعذرهُ فاجتهد بِإِقَامَة ناموس الْحق وَالْحكم على الأكابر فضلا عَن الأصاغر
وَحكي عَنهُ فِي ولَايَته الْقَضَاء أُمُور تدل على فَضله وَأَنه لَا تَأْخُذهُ فِي ذَلِك لومة لائم وَقد ذكرت بعض تَفْصِيل ذَلِك فِي الأَصْل مِمَّا اتّفق فِي ولَايَته للْقَضَاء وَمَا كَانَ قبل ذَلِك مِمَّا اشْتهر بِهِ فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي ذكرهَا الْعلمَاء فِي أَن الرجل إِذا أعتق مملوكته وَمَات فَهَل يحْتَاج إِلَى إِذن جَمِيع وَرَثَة الْمُعْتق فِي تَزْوِيجهَا أم يَكْفِي أذنها لبَعْضهِم ويزوجها من غير إِذن سَائِر الْوَرَثَة من الْعصبَة فَأتى بِالنَّصِّ فِي الْمَسْأَلَة من الْحَاوِي الصَّغِير حَيْثُ قَالَ وكل من عصبَة كل كَهُوَ فِي النِّكَاح
ثمَّ إِن الْفَقِيه رَضِي الدّين اعتذر عَن ولَايَة الْقَضَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان فعين من يصلح لذَلِك فعين الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ وَكَانَ قَاضِيا فِي المهجم فَأرْسل لَهُ السُّلْطَان فولاه على مَدِينَة تعز وانفصل الإِمَام رَضِي الدّين عَن
(1/119)
ذَلِك فتفرغ للتدريس وَالْفَتْوَى
وَمن فَوَائده جَوَابه على السُّؤَال عَن مَذْهَب ابْن عَرَبِيّ وَمن انتحل مذْهبه وَقد ذكرت السُّؤَال والجوابات عَلَيْهِ من السَّادة الْعلمَاء فِي الأَصْل مِمَّا لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمُخْتَصر وَهُوَ قريب خمس وَرَقَات فَمن أحب ذَلِك فلينظره مِنْهُ مَعَ زِيَادَة فَوَائِد وفضائل تدل على غزارة علم هَذَا الإِمَام وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وثمانمئة بِذِي جبلة رَحمَه الله
وَقد مدحه الشُّعَرَاء من ذَلِك قَول بَعضهم من قصيدة طَوِيلَة
(أظهرت دين الله بعد خموله ... بعد النَّبِي فَقَامَتْ الْأَدْيَان)
(مَا زلت للعلياء تكسبها وَمن ... يسْعَى لكسب الْعلم فَهُوَ معَان)
(ونشرت علما جلّ عَن إحصائه ... بل ضَاقَ عَن أتقانه الْبلدَانِ)
ورثاه هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين توفوا بذلك الْوَقْت من الْفُقَهَاء الْفَقِيه موفق الدّين عَليّ بن مُحَمَّد الأصبحي فَقَالَ من قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا
(أوغرت يَا زمني صَدْرِي بأَرْبعَة ... كَانُوا شموس الْهدى فِي ساحة الْيمن)
(أطفأت فِي جبلة مِصْبَاح ظلمتها ... وَبدر لَيْلَتهَا الْهَادِي إِلَى السّنَن)
(قد كَانَ شمسا بهَا تهدى إِلَى سنَن ... وَكَانَ حصنا بِهِ نأوي من الْفِتَن)
(وَكَانَ فِي إب كل الْخَيْر مجتمعا ... بالكاهلي عفيف الدّين ذِي المنن)
(وَفِي شنين إِمَامًا كَانَ مُجْتَهدا ... من حل ساحته الفيحاء لم يهن)
(وَفِي تعز العوادي رَابِعا لَهُم ... سَاد الورى بالتقى مَعَ حكمه الْحسن)
(1/120)
(يَا مزنة الجو سحي فَوق أَرْبَعَة ... إِن الْأَخير يهم بالفقه كالمزن)
وَمن المتوفين فِي ذِي جبلة القَاضِي الْعَلامَة عماد الدّين إِدْرِيس مُحَمَّد بن سعيد بن يُوسُف بن أَحْمد بن عمر بن أسعد بن الْهَيْثَم الوائلي من قَبيلَة بني وائلة سكان وحاضة وجده الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْهَيْثَم هُوَ الْمَذْكُور فِي طَبَقَات ابْن سَمُرَة أَنه شيخ زيد الفايشي المقبور بالجعامي وَهَؤُلَاء بَنو وَائِل بط
طبقات صلحاء اليمن تاريخ البريهي
القَوْل فِي من تحققنا حَاله من الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء من أهل ذِي جبلة مِمَّن اشْتهر وَظهر فَضله وَعلمه وصلاحه فِي المئة التَّاسِعَة من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة
فَمنهمْ الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن صَالح بن أبي بكر بن عمر الْهَمدَانِي الْمَشْهُور بِابْن الْخياط كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما قَرَأَ على الْأَئِمَّة من أهل وقته مِنْهُم الإِمَام خطيب الخطباء مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الرخا الَّذِي انْتَهَت إِلَيْهِ الرِّئَاسَة فِي التدريس وَالْفَتْوَى بِمَدِينَة ذِي جبلة ونواحيها ثمَّ على أقضى الْقُضَاة سيد الوزراء وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن عَبَّاس وعَلى الإِمَام جمال الدّين الريمي فَكَانَ أشهر تلامذته واثنى عَلَيْهِ الإِمَام جمال الدّين بجودة فهمه ودقة نظره حَتَّى جعله معيد درسة بِمَدِينَة تعز وَقد أجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم فِي سَائِر فنون الْعلم فدرس وافتى وأضيف إِلَيْهِ أَسبَاب مَدِينَة ذِي جبلة وَبَعض الْأَسْبَاب بِمَدِينَة تعز وانتفع بِهِ الطّلبَة فِي البلدين وَكَانَ لَهُ اعتراضات وتصويبات على كَلَام الْأَئِمَّة لمن قبله من أهل الْمَذْهَب وَجعل عَلامَة كَلَامه على ذَلِك هَاء مشقوقة باصطلاح درسته وَجمع فصلا فِي معرفَة مَا يحل أكله من الطُّيُور وَمَا لَا يحل قبل دُخُول كتاب حَيَاة
(1/118)
الْحَيَوَان إِلَى الْيمن وامتحن الإِمَام رَضِي الدّين بِولَايَة الْقُضَاة فِي مَدِينَة تعز فباشر ذَلِك بعفاف وَكَانَت إِقَامَته فِي الْمدرسَة المعتبية والمدرسة المجاهدية ثمَّ اعتذر عَن ولَايَته الْقَضَاء إِلَى السُّلْطَان فَلم يعذرهُ فاجتهد بِإِقَامَة ناموس الْحق وَالْحكم على الأكابر فضلا عَن الأصاغر
وَحكي عَنهُ فِي ولَايَته الْقَضَاء أُمُور تدل على فَضله وَأَنه لَا تَأْخُذهُ فِي ذَلِك لومة لائم وَقد ذكرت بعض تَفْصِيل ذَلِك فِي الأَصْل مِمَّا اتّفق فِي ولَايَته للْقَضَاء وَمَا كَانَ قبل ذَلِك مِمَّا اشْتهر بِهِ فِي الْمَسْأَلَة الَّتِي ذكرهَا الْعلمَاء فِي أَن الرجل إِذا أعتق مملوكته وَمَات فَهَل يحْتَاج إِلَى إِذن جَمِيع وَرَثَة الْمُعْتق فِي تَزْوِيجهَا أم يَكْفِي أذنها لبَعْضهِم ويزوجها من غير إِذن سَائِر الْوَرَثَة من الْعصبَة فَأتى بِالنَّصِّ فِي الْمَسْأَلَة من الْحَاوِي الصَّغِير حَيْثُ قَالَ وكل من عصبَة كل كَهُوَ فِي النِّكَاح
ثمَّ إِن الْفَقِيه رَضِي الدّين اعتذر عَن ولَايَة الْقَضَاء فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان فعين من يصلح لذَلِك فعين الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ وَكَانَ قَاضِيا فِي المهجم فَأرْسل لَهُ السُّلْطَان فولاه على مَدِينَة تعز وانفصل الإِمَام رَضِي الدّين عَن
(1/119)
ذَلِك فتفرغ للتدريس وَالْفَتْوَى
وَمن فَوَائده جَوَابه على السُّؤَال عَن مَذْهَب ابْن عَرَبِيّ وَمن انتحل مذْهبه وَقد ذكرت السُّؤَال والجوابات عَلَيْهِ من السَّادة الْعلمَاء فِي الأَصْل مِمَّا لَا يحْتَملهُ هَذَا الْمُخْتَصر وَهُوَ قريب خمس وَرَقَات فَمن أحب ذَلِك فلينظره مِنْهُ مَعَ زِيَادَة فَوَائِد وفضائل تدل على غزارة علم هَذَا الإِمَام وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة إِحْدَى وثمانمئة بِذِي جبلة رَحمَه الله
وَقد مدحه الشُّعَرَاء من ذَلِك قَول بَعضهم من قصيدة طَوِيلَة
(أظهرت دين الله بعد خموله ... بعد النَّبِي فَقَامَتْ الْأَدْيَان)
(مَا زلت للعلياء تكسبها وَمن ... يسْعَى لكسب الْعلم فَهُوَ معَان)
(ونشرت علما جلّ عَن إحصائه ... بل ضَاقَ عَن أتقانه الْبلدَانِ)
ورثاه هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين توفوا بذلك الْوَقْت من الْفُقَهَاء الْفَقِيه موفق الدّين عَليّ بن مُحَمَّد الأصبحي فَقَالَ من قصيدة طَوِيلَة مِنْهَا
(أوغرت يَا زمني صَدْرِي بأَرْبعَة ... كَانُوا شموس الْهدى فِي ساحة الْيمن)
(أطفأت فِي جبلة مِصْبَاح ظلمتها ... وَبدر لَيْلَتهَا الْهَادِي إِلَى السّنَن)
(قد كَانَ شمسا بهَا تهدى إِلَى سنَن ... وَكَانَ حصنا بِهِ نأوي من الْفِتَن)
(وَكَانَ فِي إب كل الْخَيْر مجتمعا ... بالكاهلي عفيف الدّين ذِي المنن)
(وَفِي شنين إِمَامًا كَانَ مُجْتَهدا ... من حل ساحته الفيحاء لم يهن)
(وَفِي تعز العوادي رَابِعا لَهُم ... سَاد الورى بالتقى مَعَ حكمه الْحسن)
(1/120)
(يَا مزنة الجو سحي فَوق أَرْبَعَة ... إِن الْأَخير يهم بالفقه كالمزن)
وَمن المتوفين فِي ذِي جبلة القَاضِي الْعَلامَة عماد الدّين إِدْرِيس مُحَمَّد بن سعيد بن يُوسُف بن أَحْمد بن عمر بن أسعد بن الْهَيْثَم الوائلي من قَبيلَة بني وائلة سكان وحاضة وجده الْمَنْسُوب إِلَيْهِ الْهَيْثَم هُوَ الْمَذْكُور فِي طَبَقَات ابْن سَمُرَة أَنه شيخ زيد الفايشي المقبور بالجعامي وَهَؤُلَاء بَنو وَائِل بط
ن من حمير
أَخْبرنِي بعض ذُرِّيَّة هَذَا الْفَقِيه أَن مولده فِي صنعاء الْيمن وَأَن هَذَا القَاضِي ارتحل إِلَى
(1/121)
مَكَّة المشرفة وَقد كَانَ قَرَأَ فِي الْعلم بِالْيمن فَلَمَّا وصل مَكَّة قَرَأَ على الإِمَام الطَّبَرِيّ وعَلى غَيره من فُقَهَاء مَكَّة فأجازوا لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى الْيمن بِزَمن الْأَفْضَل بن الْمُجَاهِد فأضاف إِلَيْهِ خانقة حيس وَغَيرهَا فَأَقَامَ هُنَالك ثمَّ تولى الْقَضَاء بعدن فَدخل إِلَيْهَا فَجَاءَهُ بعض التُّجَّار بهدية فَلم يقبلهَا وعزل نَفسه من الْقَضَاء من عدن ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة ذِي جبلة فصلى الظّهْر فِي جَامعهَا فَسمع صَوتا يقْرَأ {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض} الاية ثمَّ بعد وُصُوله ذِي جبلة كتب لَهُ السُّلْطَان بِولَايَة ذِي جبلة فَقَرَأَ مَا كتب لَهُ من الْولَايَة فِي ذِي جبلة فَحكم بهَا سبع سِنِين ثمَّ توفّي بهَا سنة أَربع وَسبعين وسبعمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ آمين
وَمِنْهُم وَلَده مُحَمَّد بن إِدْرِيس الوائلي تولى الْقَضَاء فِي ذِي جبلة فَسَار فيهم سيرة حَسَنَة مرضية واشتهر بِالْعلمِ وَالْعَمَل وَإِقَامَة الْحق وَالْعَمَل بِهِ إِلَى أَن توفّي بِأول المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَمِنْهُم المقرىء الصَّالح صفي الدّين أَحْمد بن الْفَقِيه الصَّالح شمس الدّين على الدبية كَانَ مقرئا صَالحا فَاضلا مكرما قَرَأَ على المقرىء ابْن شَدَّاد بِمَدِينَة زبيد ورتب إِمَامًا بِمَسْجِد السّنة انْتفع بِهِ جمَاعَة بِعلم الْقُرْآن وَتُوفِّي على رَأس المئة الثَّامِنَة
وَمِنْهُم الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عمرَان الْمَعْرُوف بالكابة قَرَأَ بِمَدِينَة ذِي جبلة فِي النَّحْو والْحَدِيث والقراءات السَّبع وَالتَّفْسِير على جمَاعَة من فقهائها وعَلى الإِمَام الفرضي يُوسُف الماربي بالفرائض وعَلى الإِمَام مُحَمَّد بن عبد الله بن سليم مُصَنف شرح الْهِنْدِيّ ثمَّ تولى التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الفتحية بعد
(1/122)
موت شَيْخه المأربي وَأفْتى وَكَانَ إِمَامًا جَلِيلًا عَالما وَله قريحة حَسَنَة وَشعر جيد وَكَانَ يؤلف الْخَتْم وَالشعر المسجوع وَتُوفِّي بآخر المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد حمادة قَرَأَ على الإِمَام رَضِي الدّين الْخياط وَأَجَازَ لَهُ فَكَانَ فَقِيها عَاملا عَالما تولى الْقَضَاء بِذِي جبلة بِأول المئة التَّاسِعَة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم أَخُوهُ الْفَقِيه صفي الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمادة قَرَأَ على الإِمَام الْفَقِيه رَضِي الدّين بن الْخياط وَأَجَازَ لَهُ وأضيف إِلَيْهِ التدريس فِي مَسْجِد السّنة فدرس وَأفْتى وَتُوفِّي بِأول المئة التَّاسِعَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَمِنْهُم الإِمَام الصَّالح الْوَلِيّ شمس الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن زُهَيْر الْهَمدَانِي نسبا العتمي بَلَدا كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما اشْتهر بِالْعبَادَة والزهادة ورتب إِمَامًا بِجَامِع ذِي جبلة وَتُوفِّي بآخر المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمِنْهُم المقرىء الإِمَام الْعَلامَة فِي الطِّبّ عَليّ بن عمر بن سلم الْخَولَانِيّ كَانَ رجلا فَاضلا ذَا مَال جزيل أنْفق مِنْهُ على مَا أَخْبرنِي الْفَقِيه جمال الدّين الظراسي صَدَقَة من جِهَات مُتعَدِّدَة وَذَلِكَ مِمَّا أخبرهُ بِهِ المقرىء الْمَذْكُور ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وسبعمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم ابْن أَخِيه الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن سلم قَرَأَ فِي الْفَرَائِض على الإِمَام شمس الدّين يُوسُف المأربي وعَلى الإِمَام الفرضي عَليّ بن عمر بن سعيد العقيبي وَكَانَ أجل من اشْتهر بِالْعلمِ فِي وقتهما فدرس وافتى بِمَسْجِد الدَّار
(1/123)
والفتحية وصنف شرحا للهندي أسماه طوالع السَّعْدِيّ فِي شرح الْهِنْدِيّ وَله مُصَنف أَيْضا فِي ضوابط الْحساب وَتُوفِّي سنة خمس وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم الْفَقِيه الْعَلامَة موفق الدّين عَليّ بن حُسَيْن بن شَمْعُون كَانَ إِمَامًا محققا فِي علم النَّحْو وَقَرَأَ الْفِقْه على الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط ثمَّ على الْفَقِيه رَضِي الدّين بن الكابة وزوجه ابْنَته ودرس فِي مَسْجِد السّنة وَبِه تخرج الإِمَام جمال الدّين الْأَكْبَر ابْن الْخياط توفّي بِأول المئة التَّاسِعَة
وَمِنْهُم الْفَقِيه الْعَالم العابد الصَّالح شرف الدّين إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد غشيم أصل بَلَده قَرْيَة رديع من بلد صهْبَان ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة ذِي جبلة فَقَرَأَ بالفقه على الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وعَلى الْفَقِيه رَضِي الدّين من الكآبة وَكَانَ كثير الصّيام وَالْقِيَام آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم توفّي
وَمن بني كحيل جمَ
أَخْبرنِي بعض ذُرِّيَّة هَذَا الْفَقِيه أَن مولده فِي صنعاء الْيمن وَأَن هَذَا القَاضِي ارتحل إِلَى
(1/121)
مَكَّة المشرفة وَقد كَانَ قَرَأَ فِي الْعلم بِالْيمن فَلَمَّا وصل مَكَّة قَرَأَ على الإِمَام الطَّبَرِيّ وعَلى غَيره من فُقَهَاء مَكَّة فأجازوا لَهُ ثمَّ عَاد إِلَى الْيمن بِزَمن الْأَفْضَل بن الْمُجَاهِد فأضاف إِلَيْهِ خانقة حيس وَغَيرهَا فَأَقَامَ هُنَالك ثمَّ تولى الْقَضَاء بعدن فَدخل إِلَيْهَا فَجَاءَهُ بعض التُّجَّار بهدية فَلم يقبلهَا وعزل نَفسه من الْقَضَاء من عدن ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة ذِي جبلة فصلى الظّهْر فِي جَامعهَا فَسمع صَوتا يقْرَأ {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض} الاية ثمَّ بعد وُصُوله ذِي جبلة كتب لَهُ السُّلْطَان بِولَايَة ذِي جبلة فَقَرَأَ مَا كتب لَهُ من الْولَايَة فِي ذِي جبلة فَحكم بهَا سبع سِنِين ثمَّ توفّي بهَا سنة أَربع وَسبعين وسبعمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ آمين
وَمِنْهُم وَلَده مُحَمَّد بن إِدْرِيس الوائلي تولى الْقَضَاء فِي ذِي جبلة فَسَار فيهم سيرة حَسَنَة مرضية واشتهر بِالْعلمِ وَالْعَمَل وَإِقَامَة الْحق وَالْعَمَل بِهِ إِلَى أَن توفّي بِأول المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَمِنْهُم المقرىء الصَّالح صفي الدّين أَحْمد بن الْفَقِيه الصَّالح شمس الدّين على الدبية كَانَ مقرئا صَالحا فَاضلا مكرما قَرَأَ على المقرىء ابْن شَدَّاد بِمَدِينَة زبيد ورتب إِمَامًا بِمَسْجِد السّنة انْتفع بِهِ جمَاعَة بِعلم الْقُرْآن وَتُوفِّي على رَأس المئة الثَّامِنَة
وَمِنْهُم الإِمَام الْعَلامَة رَضِي الدّين أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عمرَان الْمَعْرُوف بالكابة قَرَأَ بِمَدِينَة ذِي جبلة فِي النَّحْو والْحَدِيث والقراءات السَّبع وَالتَّفْسِير على جمَاعَة من فقهائها وعَلى الإِمَام الفرضي يُوسُف الماربي بالفرائض وعَلى الإِمَام مُحَمَّد بن عبد الله بن سليم مُصَنف شرح الْهِنْدِيّ ثمَّ تولى التدريس بِالْمَدْرَسَةِ الفتحية بعد
(1/122)
موت شَيْخه المأربي وَأفْتى وَكَانَ إِمَامًا جَلِيلًا عَالما وَله قريحة حَسَنَة وَشعر جيد وَكَانَ يؤلف الْخَتْم وَالشعر المسجوع وَتُوفِّي بآخر المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي عفيف الدّين عبد الله بن مُحَمَّد حمادة قَرَأَ على الإِمَام رَضِي الدّين الْخياط وَأَجَازَ لَهُ فَكَانَ فَقِيها عَاملا عَالما تولى الْقَضَاء بِذِي جبلة بِأول المئة التَّاسِعَة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم أَخُوهُ الْفَقِيه صفي الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن حمادة قَرَأَ على الإِمَام الْفَقِيه رَضِي الدّين بن الْخياط وَأَجَازَ لَهُ وأضيف إِلَيْهِ التدريس فِي مَسْجِد السّنة فدرس وَأفْتى وَتُوفِّي بِأول المئة التَّاسِعَة رَحمَه الله تَعَالَى
وَمِنْهُم الإِمَام الصَّالح الْوَلِيّ شمس الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن زُهَيْر الْهَمدَانِي نسبا العتمي بَلَدا كَانَ إِمَامًا فَاضلا عَالما اشْتهر بِالْعبَادَة والزهادة ورتب إِمَامًا بِجَامِع ذِي جبلة وَتُوفِّي بآخر المئة الثَّامِنَة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمِنْهُم المقرىء الإِمَام الْعَلامَة فِي الطِّبّ عَليّ بن عمر بن سلم الْخَولَانِيّ كَانَ رجلا فَاضلا ذَا مَال جزيل أنْفق مِنْهُ على مَا أَخْبرنِي الْفَقِيه جمال الدّين الظراسي صَدَقَة من جِهَات مُتعَدِّدَة وَذَلِكَ مِمَّا أخبرهُ بِهِ المقرىء الْمَذْكُور ثَمَانِينَ ألف دِينَار وَتُوفِّي سنة سِتِّينَ وسبعمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم ابْن أَخِيه الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن سلم قَرَأَ فِي الْفَرَائِض على الإِمَام شمس الدّين يُوسُف المأربي وعَلى الإِمَام الفرضي عَليّ بن عمر بن سعيد العقيبي وَكَانَ أجل من اشْتهر بِالْعلمِ فِي وقتهما فدرس وافتى بِمَسْجِد الدَّار
(1/123)
والفتحية وصنف شرحا للهندي أسماه طوالع السَّعْدِيّ فِي شرح الْهِنْدِيّ وَله مُصَنف أَيْضا فِي ضوابط الْحساب وَتُوفِّي سنة خمس وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم الْفَقِيه الْعَلامَة موفق الدّين عَليّ بن حُسَيْن بن شَمْعُون كَانَ إِمَامًا محققا فِي علم النَّحْو وَقَرَأَ الْفِقْه على الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط ثمَّ على الْفَقِيه رَضِي الدّين بن الكابة وزوجه ابْنَته ودرس فِي مَسْجِد السّنة وَبِه تخرج الإِمَام جمال الدّين الْأَكْبَر ابْن الْخياط توفّي بِأول المئة التَّاسِعَة
وَمِنْهُم الْفَقِيه الْعَالم العابد الصَّالح شرف الدّين إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد غشيم أصل بَلَده قَرْيَة رديع من بلد صهْبَان ثمَّ انْتقل إِلَى مَدِينَة ذِي جبلة فَقَرَأَ بالفقه على الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وعَلى الْفَقِيه رَضِي الدّين من الكآبة وَكَانَ كثير الصّيام وَالْقِيَام آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم توفّي
وَمن بني كحيل جمَ
اعَة ذكرهم الجندي فِي تَارِيخه وَأثْنى عَلَيْهِم وَمن ذُرِّيتهمْ الشَّيْخ عماد الدّين يحيى بن مُحَمَّد عُثْمَان بن كحيل كَانَ ذَا فضل وَصدقَة جزيلة للأرامل وَغَيرهم سرا وجهرا وَلم أتحقق تَارِيخ وَفَاته
وَمن المتوفين بِذِي جبلة الْحَاج الصَّالح شرف الدّين إِسْحَاق بن عبد الله السندي وَفد من السَّنَد إِلَى الْيمن فَاسْتحْسن الْمقَام بِذِي جبلة وَكَانَ يعْتَكف بالجامع وَغَيره من الْمَسَاجِد ويصوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَكثير الصمت عَن الْكَلَام وَظَهَرت لَهُ
(1/124)
كرامات وازدحم النَّاس على حمل جنَازَته وقبر بمحنطان فقبره يزار ويتبرك بِهِ وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاثِينَ وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ آمين
وَمن أهل ذِي جبلة الْفَقِيه الْعَلامَة الصَّالح عفيف الدّين عَطِيَّة بن عبد الرَّزَّاق بن عَليّ النجدي كَانَ عَالما عَاملا عَارِفًا متواضعا زاهدا ذَا سكينَة ووقار قَرَأَ على جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وعَلى الْفَقِيه الصَّالح يُوسُف بن الْمُنْتَشِر الوصابي الشهابي وَالْإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن حمادة وَأخذ الحَدِيث عَن شيخ الْمُحدثين سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْعلوِي وسافر إِلَى الْحَج فَقَرَأَ فِي مَكَّة المشرفة على الإِمَام مُحَمَّد بن مُوسَى المراكشي وَابْن ظهيرة وَأخذ النَّحْو وَالْأُصُول عَن الإِمَام صَالح بن الْحصار واللغة عَن الْأَمِير الْكَبِير إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن حسن الغساني وَأَجَازَ لَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة واثنوا عَلَيْهِ ثمَّ تحكم على يَد الشَّيْخ محيي الدّين عمر بن مُحَمَّد العرابي بِمَكَّة المشرفة ونصبه وَأثْنى عَلَيْهِ وَألبسهُ الْخِرْقَة على عَادَة الصُّوفِيَّة ثمَّ لما تصدر للتدريس وَالْفَتْوَى والخطابة والإمامة بِجَامِع ذِي جبلة قَصده الطّلبَة للْعلم فدرسهم وانتفع بِهِ كل من وصل إِلَيْهِ فدام على ذَلِك يدرس ويفتي مُدَّة طَوِيلَة إِلَى أَن توفّي بِشَهْر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَظَهَرت لَهُ كرامات قبل وَفَاته وَبعدهَا ذكرت بَعْضهَا فِي الأَصْل ورثاه الْوَزير تَقِيّ الدّين عمر بن أبي الْقَاسِم بن معيبد فَقَالَ من قصيدة أَولهَا
(مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار ... سحقا لَهَا بعدا لَهَا من دَار)
(أوما رَأَيْت يَد الْمنون وبطشها ... تفني الْقُرُون بسيفها البتار)
(مثل الإِمَام ابْن الْكِرَام عَطِيَّة ... السَّيِّد الْمَشْهُور بالأقطار)
وَمِنْهُم ابْن عَمه الْفَقِيه شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر النجدي كَانَ إِمَامًا فِي
(1/125)
علم الْفَرَائِض والجبر والمقابلة قَرَأَ على جمَاعَة من مَدِينَة ذِي جبلة ثمَّ نزل تهَامَة فَقَرَأَ على جمَاعَة من بني الْحداد فِي علم الْجَبْر والمقابلة فأجازوا لَهُ وَأفْتى ودرس بِعلم الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة وَكَانَ من أجل الْعلمَاء بِهَذَا الشَّأْن وَتخرج بِهِ جمَاعَة بِهَذَا الْفَنّ فانتفعوا بِهِ وَأَجَازَ لَهُم وَكَانَت الدُّنْيَا منزوية عَنهُ زِيَادَة فِي فَضله وَكَانَ يسْتَأْجر للْقِرَاءَة على الْقُبُور فتورع عَن ذَلِك وَترك الِالْتِزَام بذلك عِنْد الْقُبُور لقصة جرت عَلَيْهِ فِي ذَلِك قد ذكرتها فِي الأَصْل توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بعد سنة ثَلَاثِينَ وثمانمئة وقبر بمحنطان
وَمِنْهُم القَاضِي الْأَجَل الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر الْجريرِي تفقه بِالْإِمَامِ رَضِي الدّين بن الْخياط وَالْإِمَام مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فَأجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم وَحصل كتبا كَثِيرَة ضَبطهَا أحسن ضبط ودرس وَأفْتى وَتَوَلَّى الْقَضَاء بِذِي جبلة فَسَار بهم سيرة مرضية فَكَانَ شَدِيدا من غير عنف لينًا من غير ضعف وآخذا للحق من الأكابر للأصاغر وجدد مَا تشعث ببيوت الْعِبَادَات وَكَانَت لَهُ مكانة عَظِيمَة عمد إِلَى السُّلْطَان النَّاصِر وتصدى لبَعض أُمُوره واستناب بِالْقضَاءِ فِي ذِي جبلة القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد الْأَوْسَط ابْن الْخياط وَلم يزل القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر الحريري معززا مكرما مسموع القَوْل مُطَاع الْكَلِمَة آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر حَتَّى توفّي السُّلْطَان النَّاصِر واستقام السُّلْطَان الْمَنْصُور فَعَزله عَن ولَايَة الْقَضَاء بقول بعض الوشاة عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان الْمَنْصُور من معانديه ثمَّ أَمر بِأخذ مَاله فهسفه وَقَيده وضربه وحبسه فَلَمَّا أطلق انْتقل بأولاده
(1/126)
إِلَى مَدِينَة تعز فَوقف بهَا يدرس ويفتي حَتَّى توفّي الْمَنْصُور واستقام بِالْملكِ السُّلْطَان الْأَشْرَف بن النَّاصِر فَأمر السُّلْطَان القَاضِي جمال الدّين الْجريرِي بوظيفة الْقَضَاء بثغر عدن فَحكم بِالْحَقِّ لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَكَانَ ورعا يسْلك من الْوَرع طَرِيقا حَسَنَة حَمده عَلَيْهَا كل أحد ثمَّ انْفَصل عَن ولَ
وَمن المتوفين بِذِي جبلة الْحَاج الصَّالح شرف الدّين إِسْحَاق بن عبد الله السندي وَفد من السَّنَد إِلَى الْيمن فَاسْتحْسن الْمقَام بِذِي جبلة وَكَانَ يعْتَكف بالجامع وَغَيره من الْمَسَاجِد ويصوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَكثير الصمت عَن الْكَلَام وَظَهَرت لَهُ
(1/124)
كرامات وازدحم النَّاس على حمل جنَازَته وقبر بمحنطان فقبره يزار ويتبرك بِهِ وَكَانَت وَفَاته سنة ثَلَاثِينَ وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ آمين
وَمن أهل ذِي جبلة الْفَقِيه الْعَلامَة الصَّالح عفيف الدّين عَطِيَّة بن عبد الرَّزَّاق بن عَليّ النجدي كَانَ عَالما عَاملا عَارِفًا متواضعا زاهدا ذَا سكينَة ووقار قَرَأَ على جمَاعَة من الْعلمَاء مِنْهُم الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وعَلى الْفَقِيه الصَّالح يُوسُف بن الْمُنْتَشِر الوصابي الشهابي وَالْإِمَام الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن سعيد بن حمادة وَأخذ الحَدِيث عَن شيخ الْمُحدثين سُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيم الْعلوِي وسافر إِلَى الْحَج فَقَرَأَ فِي مَكَّة المشرفة على الإِمَام مُحَمَّد بن مُوسَى المراكشي وَابْن ظهيرة وَأخذ النَّحْو وَالْأُصُول عَن الإِمَام صَالح بن الْحصار واللغة عَن الْأَمِير الْكَبِير إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن حسن الغساني وَأَجَازَ لَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة واثنوا عَلَيْهِ ثمَّ تحكم على يَد الشَّيْخ محيي الدّين عمر بن مُحَمَّد العرابي بِمَكَّة المشرفة ونصبه وَأثْنى عَلَيْهِ وَألبسهُ الْخِرْقَة على عَادَة الصُّوفِيَّة ثمَّ لما تصدر للتدريس وَالْفَتْوَى والخطابة والإمامة بِجَامِع ذِي جبلة قَصده الطّلبَة للْعلم فدرسهم وانتفع بِهِ كل من وصل إِلَيْهِ فدام على ذَلِك يدرس ويفتي مُدَّة طَوِيلَة إِلَى أَن توفّي بِشَهْر ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَظَهَرت لَهُ كرامات قبل وَفَاته وَبعدهَا ذكرت بَعْضهَا فِي الأَصْل ورثاه الْوَزير تَقِيّ الدّين عمر بن أبي الْقَاسِم بن معيبد فَقَالَ من قصيدة أَولهَا
(مَا هَذِه الدُّنْيَا بدار قَرَار ... سحقا لَهَا بعدا لَهَا من دَار)
(أوما رَأَيْت يَد الْمنون وبطشها ... تفني الْقُرُون بسيفها البتار)
(مثل الإِمَام ابْن الْكِرَام عَطِيَّة ... السَّيِّد الْمَشْهُور بالأقطار)
وَمِنْهُم ابْن عَمه الْفَقِيه شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي بكر النجدي كَانَ إِمَامًا فِي
(1/125)
علم الْفَرَائِض والجبر والمقابلة قَرَأَ على جمَاعَة من مَدِينَة ذِي جبلة ثمَّ نزل تهَامَة فَقَرَأَ على جمَاعَة من بني الْحداد فِي علم الْجَبْر والمقابلة فأجازوا لَهُ وَأفْتى ودرس بِعلم الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة وَكَانَ من أجل الْعلمَاء بِهَذَا الشَّأْن وَتخرج بِهِ جمَاعَة بِهَذَا الْفَنّ فانتفعوا بِهِ وَأَجَازَ لَهُم وَكَانَت الدُّنْيَا منزوية عَنهُ زِيَادَة فِي فَضله وَكَانَ يسْتَأْجر للْقِرَاءَة على الْقُبُور فتورع عَن ذَلِك وَترك الِالْتِزَام بذلك عِنْد الْقُبُور لقصة جرت عَلَيْهِ فِي ذَلِك قد ذكرتها فِي الأَصْل توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بعد سنة ثَلَاثِينَ وثمانمئة وقبر بمحنطان
وَمِنْهُم القَاضِي الْأَجَل الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر الْجريرِي تفقه بِالْإِمَامِ رَضِي الدّين بن الْخياط وَالْإِمَام مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فَأجَاز لَهُ هَؤُلَاءِ وَغَيرهم وَحصل كتبا كَثِيرَة ضَبطهَا أحسن ضبط ودرس وَأفْتى وَتَوَلَّى الْقَضَاء بِذِي جبلة فَسَار بهم سيرة مرضية فَكَانَ شَدِيدا من غير عنف لينًا من غير ضعف وآخذا للحق من الأكابر للأصاغر وجدد مَا تشعث ببيوت الْعِبَادَات وَكَانَت لَهُ مكانة عَظِيمَة عمد إِلَى السُّلْطَان النَّاصِر وتصدى لبَعض أُمُوره واستناب بِالْقضَاءِ فِي ذِي جبلة القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد الْأَوْسَط ابْن الْخياط وَلم يزل القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر الحريري معززا مكرما مسموع القَوْل مُطَاع الْكَلِمَة آمرا بِالْمَعْرُوفِ ناهيا عَن الْمُنكر حَتَّى توفّي السُّلْطَان النَّاصِر واستقام السُّلْطَان الْمَنْصُور فَعَزله عَن ولَايَة الْقَضَاء بقول بعض الوشاة عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان الْمَنْصُور من معانديه ثمَّ أَمر بِأخذ مَاله فهسفه وَقَيده وضربه وحبسه فَلَمَّا أطلق انْتقل بأولاده
(1/126)
إِلَى مَدِينَة تعز فَوقف بهَا يدرس ويفتي حَتَّى توفّي الْمَنْصُور واستقام بِالْملكِ السُّلْطَان الْأَشْرَف بن النَّاصِر فَأمر السُّلْطَان القَاضِي جمال الدّين الْجريرِي بوظيفة الْقَضَاء بثغر عدن فَحكم بِالْحَقِّ لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَكَانَ ورعا يسْلك من الْوَرع طَرِيقا حَسَنَة حَمده عَلَيْهَا كل أحد ثمَّ انْفَصل عَن ولَ
ايَة الْقَضَاء بثغر عدن بَعْدَمَا عمر فِيهَا مَا تشعت من بيُوت الله تَعَالَى وانتقل إِلَى مَدِينَة تعز حَتَّى استقام السُّلْطَان المسعود وأقامه بِولَايَة الْقَضَاء أَيْضا بِمَدِينَة تعز فَسَار فيهم سيرة حَسَنَة مرضية وَكَانَ مَعَه شَيْء من الْكتب أرسل بهَا إِلَى الْهِنْد عِنْدَمَا صَار فَقِيرا فبيعت لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف فاستغنى بهَا عَن كل وَاحِد ودامت لَهُ ولَايَة الْقَضَاء فِي ذِي عدينة إِلَى أَن قربت وَفَاته فطلع من تعز إِلَى ذِي جبلة لشَيْء أوجب ذَلِك فعاجلته الْمنية هُنَالك فَتوفي سنة خمسين وثمانمئة رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَحكي أَنه لم يتْرك الصَّلَاة قَائِما فِي مرض مَوته إِلَى أَن توفّي عقب صَلَاة الْعشَاء وَهُوَ على وضوء وَلم يفتر لِسَانه عَن ذكر الله تَعَالَى حَتَّى توفّي
واشتهر لَهُ ولدان أَحدهمَا يُسمى مُحَمَّد ظَهرت فِيهِ النجابة فَتوفي طَالبا للْعلم وَالثَّانِي يُسمى أَحْمد امتحن فِي خلل فِي عقله فِي حَيَاة أَبِيه وَبعد مَوته وَكَانَ لَهُ صلابة على قيام اللَّيْل ودأبه ذكر الله تَعَالَى وَالصَّالِحِينَ وزيارتهم وَتُوفِّي سَاجِدا رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمن المتوفين بِذِي جبلة الْحَاج الصَّالح حَمْزَة الْحرَازِي انْتقل من بَلَده حراز إِلَى مخلاف جَعْفَر فَكَانَ يحفظ كتاب الله حفظا محكما ويقرأه بِصَوْت حسن ثمَّ حدث
(1/127)
عَلَيْهِ خلل فِي عقله فَكَانَ يتَكَلَّم ويخبر عَن أَشْيَاء كَثِيرَة من المغيبات تدل على أَنه من الْمُحدثين وَتشهد لَهُ كرامات كَثِيرَة من ذَلِك أَن شيخ بعدان وَهُوَ عبد النَّبِي بن مُحَمَّد السيري نزل فِي حَال ولَايَته من حصن حب إِلَى مَدِينَة إب بعساكر كَثِيرَة وأهبة عَظِيمَة من آلَة الْحَرْب وَفَرح أهل الْبَلَد بِدُخُولِهِ فَقَالَ الْفَقِيه حَمْزَة الْيَوْم فَرح وبكرة ترح وَجعل يُكَرر هَذِه اللَّفْظَة وَلم يعرف أَكثر النَّاس معنى ذَلِك فَكَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة خَالف عَلَيْهِ صنوه الشَّيْخ الْجلَال بن مُحَمَّد السيري فِي حصن حب فاستقام بِالْولَايَةِ وَخرج الشَّيْخ عبد النَّبِي عَن الْولَايَة فَعرف النَّاس معنى كَلَام الْفَقِيه حَمْزَة وعدوا ذَلِك من كراماته واعتقد فِيهِ النَّاس الْخَيْر اعتقادا جَازِمًا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثمانمئة وقبر بمحنطان وَحمل جنَازَته فُقَهَاء الْبَلَد وصلحاؤها تبركا بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمن أهل ذِي جبلة الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الضراسي محققا مدققا لجَمِيع أَنْوَاع علم الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة والأقدار المتناسبة والخطائن وعالما بفن الطِّبّ والتشريح وَغير ذَلِك وَكَانَ مشاركا فِي الْفِقْه والنحو والْحَدِيث فَمن مشايخه فِي علم الْفَرَائِض الإِمَام جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن سلم مُصَنف شرح الْهِنْدِيّ وَفِي الطِّبّ الْأَمِير صارم الدّين دَاوُد بن قايماز والأمير بدر الدّين حسن بن صَلَاح الدّين الغساني وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ نَفِيس الدّين سُلَيْمَان الْعلوِي وَالشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي علم الحَدِيث ثمَّ غلب عَلَيْهِ معرفَة علم الْفَرَائِض وَمَا إِلَيْهِ وَعلم الطِّبّ واشتهر بذلك وقصده من كل مدرس بِعلم الْفَرَائِض والطب من قطره من درسته أَو
(1/128)
درسة درسته وسلمت لَهُ الرياسة بِهَذَيْنِ الفنين وَأَنه فيهمَا لَا يجارى وَلَا يمارى وَمد الله لَهُ فِي عمره وَبَارك فِيهِ حَتَّى ألحق الأحفاد بالأجداد وانتفع بِهِ الشُّيُوخ وَالْأَوْلَاد ودرس بِهَذَيْنِ الفنين زِيَادَة عَن سِتِّينَ سنة باذلا نَفسه للطلبة وَحفظ الله عَلَيْهِ سَمعه وبصره مَعَ الطعْن بِالسِّنِّ والضعف من أجل حلقته وَله قَوَاعِد وضوابط قررها للمستفيدين يعظم قدرهَا ويجل نَفعهَا وَله الْيَد الطُّولى فِي حل المشكلات وإيضاح الغامضات
وَله شعر وأحاجي تشهد لَهُ بالبلاغة وتوضح أَنه مطبوع على البراعة من ذَلِك مَا ألغزه بِشعرِهِ يمْتَحن بِهِ بعض الطّلبَة فِي اسْم سُلَيْمَان وَقد ذكرته فِي الأَصْل مَعَ زِيَادَة مسَائِل وفوائد وأشعار لَا يحتملها هَذَا الْمُخْتَصر
وَقد أثنى عَلَيْهِ الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط ومدحه بقصيدة أَولهَا
(بِسَمَاع ذكرك كل قلب يطرب ... وبمثل مدحك كل مدح يعذب)
وَهِي طَوِيلَة ذكرتها فِي الأَصْل مَعَ مَا قيل فِيهِ بعد مَوته من المراثي للفقيه بدر الدّين حسن بن عبد الرَّحْمَن الصباحي وَغَيرهَا
توفّي هَذَا الإِمَام جمال الدّين بِشَهْر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وثمانمئة وقبر بمحنطان رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد الْأَوْسَط بن الإِمَام رَضِي الدّين ابْن الْخياط الْمُقدم الذّكر كَانَ إِمَامًا عَالما فَاضلا قَرَأَ على أَخِيه جمال الدّين الْأَكْبَر وَأَجَازَ لَهُ الإِمَام الحريري وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الإِمَام الْفَقِي
وَحكي أَنه لم يتْرك الصَّلَاة قَائِما فِي مرض مَوته إِلَى أَن توفّي عقب صَلَاة الْعشَاء وَهُوَ على وضوء وَلم يفتر لِسَانه عَن ذكر الله تَعَالَى حَتَّى توفّي
واشتهر لَهُ ولدان أَحدهمَا يُسمى مُحَمَّد ظَهرت فِيهِ النجابة فَتوفي طَالبا للْعلم وَالثَّانِي يُسمى أَحْمد امتحن فِي خلل فِي عقله فِي حَيَاة أَبِيه وَبعد مَوته وَكَانَ لَهُ صلابة على قيام اللَّيْل ودأبه ذكر الله تَعَالَى وَالصَّالِحِينَ وزيارتهم وَتُوفِّي سَاجِدا رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمن المتوفين بِذِي جبلة الْحَاج الصَّالح حَمْزَة الْحرَازِي انْتقل من بَلَده حراز إِلَى مخلاف جَعْفَر فَكَانَ يحفظ كتاب الله حفظا محكما ويقرأه بِصَوْت حسن ثمَّ حدث
(1/127)
عَلَيْهِ خلل فِي عقله فَكَانَ يتَكَلَّم ويخبر عَن أَشْيَاء كَثِيرَة من المغيبات تدل على أَنه من الْمُحدثين وَتشهد لَهُ كرامات كَثِيرَة من ذَلِك أَن شيخ بعدان وَهُوَ عبد النَّبِي بن مُحَمَّد السيري نزل فِي حَال ولَايَته من حصن حب إِلَى مَدِينَة إب بعساكر كَثِيرَة وأهبة عَظِيمَة من آلَة الْحَرْب وَفَرح أهل الْبَلَد بِدُخُولِهِ فَقَالَ الْفَقِيه حَمْزَة الْيَوْم فَرح وبكرة ترح وَجعل يُكَرر هَذِه اللَّفْظَة وَلم يعرف أَكثر النَّاس معنى ذَلِك فَكَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة خَالف عَلَيْهِ صنوه الشَّيْخ الْجلَال بن مُحَمَّد السيري فِي حصن حب فاستقام بِالْولَايَةِ وَخرج الشَّيْخ عبد النَّبِي عَن الْولَايَة فَعرف النَّاس معنى كَلَام الْفَقِيه حَمْزَة وعدوا ذَلِك من كراماته واعتقد فِيهِ النَّاس الْخَيْر اعتقادا جَازِمًا وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَعشْرين وثمانمئة وقبر بمحنطان وَحمل جنَازَته فُقَهَاء الْبَلَد وصلحاؤها تبركا بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ
وَمن أهل ذِي جبلة الإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن أبي الْقَاسِم الضراسي محققا مدققا لجَمِيع أَنْوَاع علم الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة والأقدار المتناسبة والخطائن وعالما بفن الطِّبّ والتشريح وَغير ذَلِك وَكَانَ مشاركا فِي الْفِقْه والنحو والْحَدِيث فَمن مشايخه فِي علم الْفَرَائِض الإِمَام جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد الله بن سلم مُصَنف شرح الْهِنْدِيّ وَفِي الطِّبّ الْأَمِير صارم الدّين دَاوُد بن قايماز والأمير بدر الدّين حسن بن صَلَاح الدّين الغساني وَمن شُيُوخه فِي الْفِقْه الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط وَغَيره وَأَجَازَ لَهُ نَفِيس الدّين سُلَيْمَان الْعلوِي وَالشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي علم الحَدِيث ثمَّ غلب عَلَيْهِ معرفَة علم الْفَرَائِض وَمَا إِلَيْهِ وَعلم الطِّبّ واشتهر بذلك وقصده من كل مدرس بِعلم الْفَرَائِض والطب من قطره من درسته أَو
(1/128)
درسة درسته وسلمت لَهُ الرياسة بِهَذَيْنِ الفنين وَأَنه فيهمَا لَا يجارى وَلَا يمارى وَمد الله لَهُ فِي عمره وَبَارك فِيهِ حَتَّى ألحق الأحفاد بالأجداد وانتفع بِهِ الشُّيُوخ وَالْأَوْلَاد ودرس بِهَذَيْنِ الفنين زِيَادَة عَن سِتِّينَ سنة باذلا نَفسه للطلبة وَحفظ الله عَلَيْهِ سَمعه وبصره مَعَ الطعْن بِالسِّنِّ والضعف من أجل حلقته وَله قَوَاعِد وضوابط قررها للمستفيدين يعظم قدرهَا ويجل نَفعهَا وَله الْيَد الطُّولى فِي حل المشكلات وإيضاح الغامضات
وَله شعر وأحاجي تشهد لَهُ بالبلاغة وتوضح أَنه مطبوع على البراعة من ذَلِك مَا ألغزه بِشعرِهِ يمْتَحن بِهِ بعض الطّلبَة فِي اسْم سُلَيْمَان وَقد ذكرته فِي الأَصْل مَعَ زِيَادَة مسَائِل وفوائد وأشعار لَا يحتملها هَذَا الْمُخْتَصر
وَقد أثنى عَلَيْهِ الإِمَام رَضِي الدّين بن الْخياط ومدحه بقصيدة أَولهَا
(بِسَمَاع ذكرك كل قلب يطرب ... وبمثل مدحك كل مدح يعذب)
وَهِي طَوِيلَة ذكرتها فِي الأَصْل مَعَ مَا قيل فِيهِ بعد مَوته من المراثي للفقيه بدر الدّين حسن بن عبد الرَّحْمَن الصباحي وَغَيرهَا
توفّي هَذَا الإِمَام جمال الدّين بِشَهْر جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وثمانمئة وقبر بمحنطان رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد الْأَوْسَط بن الإِمَام رَضِي الدّين ابْن الْخياط الْمُقدم الذّكر كَانَ إِمَامًا عَالما فَاضلا قَرَأَ على أَخِيه جمال الدّين الْأَكْبَر وَأَجَازَ لَهُ الإِمَام الحريري وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الإِمَام الْفَقِي