#غيول اليمن وانهارها
تعدّ الأنهار، أو الغيول كما يسميها اليمنيون، الشرايين الحيوية للموارد المائية في اليمن. فأرض اليمن هبة الغيول، مثلما مصر هبة النيل. ومنذ آلاف السنين اعتمدت الحضارات اليمنية المتعاقبة على جريان الغيول في الأودية، وعلى ضفافها شيّد الإنسان اليمني حضارته وأقام جنات سبأ ومعين.
ومقارنة بشبه الجزيرة العربية، أضفت الطبيعة الجبلية وكمية المتساقطات والمدرجات الخضراء طوال العام جمالاً وغنى على اليمن، ما جعل الأوروبيين يطلقون عليها لقب الأرض السعيدة. لكن الوضع اليوم مختلف، إذ تربض العاصمة صنعاء فوق حوضها المائي المهدد بالنضوب سنة 2025، وفقاً لدراسة أجراها مشروع إدارة حوض صنعاء، لتصبح أول عاصمة في العالم بلا مياه ربما بحلول سنة 2017.
مدينة صنعاء، الواقعة على ارتفاع 2150 متراً فوق سطح البحر، والمتربعة على قاع منبسط تحيط به الجبال من كل الجهات، كانت قبل أربعين عاماً منبعاً للغيول التي يعتمد عليها السكان في الشرب والزراعة، ولعلّ أشهرها الغيل الأسود الذي ينبع من شمال صنعاء.
تغيّرت ملامح المدينة، واندثرت الأراضي الزراعية تحت مباني الاسمنت المتمددة في كل الاتجاهات، مع ارتفاع عدد سكانها إلى نحو مليون وخمسمئة ألف نسمة، يعتمدون على الآبار الجوفية للحصول على مياه للشرب وللأعمال الإنشائية والصناعية والزراعية. وقد أصبح في سجلات أمانة العاصمة نحو 16 ألف بئر، بعمق بات يتجاوز 1000 متر.
يحكي الحاج حسين علي، من أهالي صنعاء، أنها كانت تعتمد على الغيول والآبار اليدوية التي لا يتجاوز عمقها عشرة أمتار. ويشرح بحسرة كيف جفت آبار صنعاء القديمة بعد «مشروع السائلة»، الذي رصف مجرى السيول وسط العاصمة.
حفر عشوائي للآبار
تتوزع الغيول في اليمن في اتجاهين: اتجاه يصب في البحر الأحمر وأشهر أوديته وادي مور وزبيد، وأودية تتجه شرقاً وجنوباً وتصب في بحر العرب وأشهرها وادي بناء وتبن وغيل باوزير.
ويقدّر إجمالي الموارد المائية المتجدّدة سنوياً في اليمن بنحو 2,5 بليون متر مكعّب، حسب بيانات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011، منها نحو 1,5 بليون متر مكعّب مياه جوفية وبليون متر مكعّب مياه سطحية. وتقدّر المياه المستخدمة بنحو 3,4 بليون متر مكعّب سنوياً، ما يدلّ على فجوة بين ما هو متاح وما يستخدم فعلياً بنحو 900 مليون متر مكعّب.
ووفقاً لعدد السكان، فإن نصيب الفرد الواحد لا يتجاوز 150 متراً مكعّباً في السنة. ويعدّ الضخ الجائر للمياه الجوفية من أهم عوامل الاستنزاف، وإن بدرجات متفاوتة بين الأحواض المائية، حيث يتعرّض بعضها لاستنزاف يتراوح بين 250 و400 في المئة من معدل التجدد. ويقدّر أن هناك نحو 45 ألف بئر خاصة في البلاد ونحو 200 منصّة حفر.
وتعتمد هذه الغيول على وجود قيعان، أي أراض منبسطة في منابعها، تسمح بتدفق المياه طوال السنة. لكن التوجه الحالي نحو حفر الآبار الجوفية في منابع الغيول سبّب جفافها وفقدان السكان الذين يعيشون على أطراف الوديان مصدر دخلهم الوحيد من الزراعة التي تعتمد على جريان الغيول.
أوضح الدكتور نايف أبو لحوم، الباحث في مركز المياه والبيئة في جامعة صنعاء، أن «أهم سبب لجفاف الغيول في اليمن هو الحفر العشوائي للآبار في الأحواض المائية، إلى جانب الاستخدام المفرط للمياه في الزراعة، خصوصاً لري أشجار القات، التي يمضغ اليمنيون أوراقها، وهي تأخذ النصيب الأكبر من هذا الاستنزاف من دون أي مردود اقتصادي». وتابع أن سقوط الأمطار وانجراف التربة في المدرّجات الزراعية، التي كانت تمثل خزانات تغذية، أدى إلى تصحرها وانعدام الغطاء النباتي، ما ساهم في شحّ الغيول.
كذلك عزا مفيد الحالمي، الوكيل المساعد لوزارة المياه والبيئة اليمنية، انحسار الغيول إلى «حفر الآبار الجوفية بصورة عشوائية على الأحواض المائية والقيعان، الى جانب عامل التصحر وانحسار الغطاء النباتي».
وتعتبر هذه الأودية، التي تكونت طبيعياً عبر العصور كمجار طبيعية لسيول الأمطار الهاطلة على سلسلة المرتفعات الجبلية الوسطى والغربية، من أخصب الأودية الزراعية في اليمن. وتمتاز بخصب أراضيها وجودتها العالية وقابليتها لإنتاج مختلف المحاصيل الزراعية. كما تعتبر الغيول التي تمر فيها المصدر الرئيسي لري المزروعات.
غيل وادي بناء، الذي ينبع من المنطقة الوسطى في اليمن في محافظة أب ويصب في خليج عدن ويعد الأكثر غزارة بالمياه، يعاني هو الآخر من انخفاض منسوب المياه الجارية. فقاع الحقل، المخزن الرئيسي لمياهه، انتشرت فيه الآبار الجوفية بشكل لافت. ومثله غيل الرقة في وادي حضر، الذي يبعد عن وادي بناء نحو 50 كيلومتراً، فهو يعاني الجفاف طوال أيام السنة بعدما كان دائم الجريان، ويعتمد عليه السكان في الزراعة وتغذية الآبار الجوفية.
يشكو المزارع محمد أحمد الحداد بمرارة كيف أن «الغيل في وادي حضر كان يكفي طوال أيام السنة للزراعة، والآن لم يعد يجري سوى في موسم الأمطار. ونعتمد في بقية الأشهر على الآبار التي ت
تعدّ الأنهار، أو الغيول كما يسميها اليمنيون، الشرايين الحيوية للموارد المائية في اليمن. فأرض اليمن هبة الغيول، مثلما مصر هبة النيل. ومنذ آلاف السنين اعتمدت الحضارات اليمنية المتعاقبة على جريان الغيول في الأودية، وعلى ضفافها شيّد الإنسان اليمني حضارته وأقام جنات سبأ ومعين.
ومقارنة بشبه الجزيرة العربية، أضفت الطبيعة الجبلية وكمية المتساقطات والمدرجات الخضراء طوال العام جمالاً وغنى على اليمن، ما جعل الأوروبيين يطلقون عليها لقب الأرض السعيدة. لكن الوضع اليوم مختلف، إذ تربض العاصمة صنعاء فوق حوضها المائي المهدد بالنضوب سنة 2025، وفقاً لدراسة أجراها مشروع إدارة حوض صنعاء، لتصبح أول عاصمة في العالم بلا مياه ربما بحلول سنة 2017.
مدينة صنعاء، الواقعة على ارتفاع 2150 متراً فوق سطح البحر، والمتربعة على قاع منبسط تحيط به الجبال من كل الجهات، كانت قبل أربعين عاماً منبعاً للغيول التي يعتمد عليها السكان في الشرب والزراعة، ولعلّ أشهرها الغيل الأسود الذي ينبع من شمال صنعاء.
تغيّرت ملامح المدينة، واندثرت الأراضي الزراعية تحت مباني الاسمنت المتمددة في كل الاتجاهات، مع ارتفاع عدد سكانها إلى نحو مليون وخمسمئة ألف نسمة، يعتمدون على الآبار الجوفية للحصول على مياه للشرب وللأعمال الإنشائية والصناعية والزراعية. وقد أصبح في سجلات أمانة العاصمة نحو 16 ألف بئر، بعمق بات يتجاوز 1000 متر.
يحكي الحاج حسين علي، من أهالي صنعاء، أنها كانت تعتمد على الغيول والآبار اليدوية التي لا يتجاوز عمقها عشرة أمتار. ويشرح بحسرة كيف جفت آبار صنعاء القديمة بعد «مشروع السائلة»، الذي رصف مجرى السيول وسط العاصمة.
حفر عشوائي للآبار
تتوزع الغيول في اليمن في اتجاهين: اتجاه يصب في البحر الأحمر وأشهر أوديته وادي مور وزبيد، وأودية تتجه شرقاً وجنوباً وتصب في بحر العرب وأشهرها وادي بناء وتبن وغيل باوزير.
ويقدّر إجمالي الموارد المائية المتجدّدة سنوياً في اليمن بنحو 2,5 بليون متر مكعّب، حسب بيانات خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011، منها نحو 1,5 بليون متر مكعّب مياه جوفية وبليون متر مكعّب مياه سطحية. وتقدّر المياه المستخدمة بنحو 3,4 بليون متر مكعّب سنوياً، ما يدلّ على فجوة بين ما هو متاح وما يستخدم فعلياً بنحو 900 مليون متر مكعّب.
ووفقاً لعدد السكان، فإن نصيب الفرد الواحد لا يتجاوز 150 متراً مكعّباً في السنة. ويعدّ الضخ الجائر للمياه الجوفية من أهم عوامل الاستنزاف، وإن بدرجات متفاوتة بين الأحواض المائية، حيث يتعرّض بعضها لاستنزاف يتراوح بين 250 و400 في المئة من معدل التجدد. ويقدّر أن هناك نحو 45 ألف بئر خاصة في البلاد ونحو 200 منصّة حفر.
وتعتمد هذه الغيول على وجود قيعان، أي أراض منبسطة في منابعها، تسمح بتدفق المياه طوال السنة. لكن التوجه الحالي نحو حفر الآبار الجوفية في منابع الغيول سبّب جفافها وفقدان السكان الذين يعيشون على أطراف الوديان مصدر دخلهم الوحيد من الزراعة التي تعتمد على جريان الغيول.
أوضح الدكتور نايف أبو لحوم، الباحث في مركز المياه والبيئة في جامعة صنعاء، أن «أهم سبب لجفاف الغيول في اليمن هو الحفر العشوائي للآبار في الأحواض المائية، إلى جانب الاستخدام المفرط للمياه في الزراعة، خصوصاً لري أشجار القات، التي يمضغ اليمنيون أوراقها، وهي تأخذ النصيب الأكبر من هذا الاستنزاف من دون أي مردود اقتصادي». وتابع أن سقوط الأمطار وانجراف التربة في المدرّجات الزراعية، التي كانت تمثل خزانات تغذية، أدى إلى تصحرها وانعدام الغطاء النباتي، ما ساهم في شحّ الغيول.
كذلك عزا مفيد الحالمي، الوكيل المساعد لوزارة المياه والبيئة اليمنية، انحسار الغيول إلى «حفر الآبار الجوفية بصورة عشوائية على الأحواض المائية والقيعان، الى جانب عامل التصحر وانحسار الغطاء النباتي».
وتعتبر هذه الأودية، التي تكونت طبيعياً عبر العصور كمجار طبيعية لسيول الأمطار الهاطلة على سلسلة المرتفعات الجبلية الوسطى والغربية، من أخصب الأودية الزراعية في اليمن. وتمتاز بخصب أراضيها وجودتها العالية وقابليتها لإنتاج مختلف المحاصيل الزراعية. كما تعتبر الغيول التي تمر فيها المصدر الرئيسي لري المزروعات.
غيل وادي بناء، الذي ينبع من المنطقة الوسطى في اليمن في محافظة أب ويصب في خليج عدن ويعد الأكثر غزارة بالمياه، يعاني هو الآخر من انخفاض منسوب المياه الجارية. فقاع الحقل، المخزن الرئيسي لمياهه، انتشرت فيه الآبار الجوفية بشكل لافت. ومثله غيل الرقة في وادي حضر، الذي يبعد عن وادي بناء نحو 50 كيلومتراً، فهو يعاني الجفاف طوال أيام السنة بعدما كان دائم الجريان، ويعتمد عليه السكان في الزراعة وتغذية الآبار الجوفية.
يشكو المزارع محمد أحمد الحداد بمرارة كيف أن «الغيل في وادي حضر كان يكفي طوال أيام السنة للزراعة، والآن لم يعد يجري سوى في موسم الأمطار. ونعتمد في بقية الأشهر على الآبار التي ت
واجه نقصاً في الضخ كلما قلت الأمطار». ويعتبر أن «كل ذلك يعود إلى حفر الآبار الجوفية في منبع الغيل، وهو ما سبّب كارثة للسكان على طول الوادي، سواء في مياه الشرب أو مياه الري».
تلوث الموارد المائية
لم تقتصر مشكلة الغيول على الاستنزاف، فالتلوث أسرف في تدميرها، وأصبحت بعض مجاريها مصبات لمياه الصرف الصحي، وهذا في ذاته كارثة. ويحذر الدكتور أبو لحوم من أن «تلوث الغيول بمياه الصرف الصحي أو من المنشآت المبنية حولها في المدن والقيعان يمثل خطراً عليها وعلى البيئة والإنسان».
الخطر الأكبر الذي يهدّد مستقبل اليمن هو نقص المياه، وهو ما أقرّت به الحكومة في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011، التي كشفت فشل الإصلاحات المؤسسية للقطاع منذ العام 1996. ويواجه قطاع المياه في اليمن مشاكل كبيرة في التمويل وشح الموارد وارتفاع معدل التلوث وحدوث الفيضانات وطول فترات الجفاف، إضافة إلى فشل الإدارة المائية وعدم وجود وعي سكاني لأهمية ترشيد المياه.
غيول اليمن جـزء مهم من مواردها المائية، ويعتبر جفافها نذير خطر مبكر لمستوى استنزاف المياه وما يحمله من انعكاسات خطـيرة على مستقبـل البـلد وسلمه الاجتماعي
تلوث الموارد المائية
لم تقتصر مشكلة الغيول على الاستنزاف، فالتلوث أسرف في تدميرها، وأصبحت بعض مجاريها مصبات لمياه الصرف الصحي، وهذا في ذاته كارثة. ويحذر الدكتور أبو لحوم من أن «تلوث الغيول بمياه الصرف الصحي أو من المنشآت المبنية حولها في المدن والقيعان يمثل خطراً عليها وعلى البيئة والإنسان».
الخطر الأكبر الذي يهدّد مستقبل اليمن هو نقص المياه، وهو ما أقرّت به الحكومة في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الرابعة للتخفيف من الفقر 2011، التي كشفت فشل الإصلاحات المؤسسية للقطاع منذ العام 1996. ويواجه قطاع المياه في اليمن مشاكل كبيرة في التمويل وشح الموارد وارتفاع معدل التلوث وحدوث الفيضانات وطول فترات الجفاف، إضافة إلى فشل الإدارة المائية وعدم وجود وعي سكاني لأهمية ترشيد المياه.
غيول اليمن جـزء مهم من مواردها المائية، ويعتبر جفافها نذير خطر مبكر لمستوى استنزاف المياه وما يحمله من انعكاسات خطـيرة على مستقبـل البـلد وسلمه الاجتماعي
الغيول في اليمن تموت استنزافا!
اليمن ,السعيدة, الجنوب العربي ,دولة سبا وحضرموت, أوسان,معين كلها مسميات على كثرتها تحكي عن دولة ودويلات حكمت ارض اليمن تلك المنطقة العربية التي تقع في الجنوب الغربي من جزيرة العرب وهي منطقة شبة صحراوية فيما عدا المناطق الجبلية وخاصة المنطقة الوسطى والغربية والممتدة من باب المندب إلي تخوم منطقة الطائف بالمملكة العربية السعودية وقد أكرمها الله بتلك الجبال والتي لولاها لكانت اليمن جزء من صحراء الربع الخالي وهو ما ساعد أبنا اليمن على إقامةحضارتهم في تلك المنطقة والتي تتميز بمناخ معتدل ممطر صيفا وشبة بارد شتاء وقد حبا الله اليمن بقيعان زراعية تحيط بها الجبال من جميع الجهات على ارتفاعات مختلفة لتصل بعضها إلي 2000متر فوق مستوى سطح البحر وتسقط عليها الأمطار بكثافة عالية قل أن نجد لها نظير في جزيرة العــــرب و تبدأ الجبال في الانحدار التسلسلي من أعالي المرتفعات متخذه شكل الانحدار التدريجي مكونه بين أخاديدها أودية ومضايق جميلة تتسع أحيانا وتضيق أخرى بين الاستقامة أحيانا والالتواء غالبا ويقع خط تقسيم المياه في هذه الجبال حيث تنحدر المياه عبر عدد من الوديان شرقاً وغرباً وجنوباً ومن أهم هذه الوديان: وادي مور – حرض- زبيد - سهام- ووادي رسيان وهذه تصب جميعها في البحر الأحمر، أما الوديان التي تصب في خليج عدن والبحر العربي فأهمها: وادي تبن ووادي بناء ووادي حضرموت. ولقد كانت هذه الوديان المركز الرئيس لتواجد الانسان العربي الأول الذي حولها إلي مدرجات وأراضي زراعية وقرى معلقة على سفوح الجبال الخضراء وفي بطون الأدوية في مشهد بديع يمزج خضرة المدرجات الزراعية على سفوح الجبال مع وديان تحمل بين جنباتها مزارع وحقول وكأنها لؤلؤ منثور على بساط اخضر وتندفع الغيول وشلالاتها المتدفقة من أعالي الوديان والناتجة عن عملية تساقط الأمطار على القيعان والمرتفعات متخذه منها منطقة تخزين وتغذية لتلك الغيول و الغيول كلمة عربية فصحى لازالت تستخدم في اليمن ويسمي اليمنيون النهر بالغيل، وجذر الكلمة هو/ غ، ي، ل/ (غيل، أي نهر)، وهي كلمة لا تزال حية في اللهجات اليمنية المعاصرة، وهي كذلك عند الهمداني في "الإكليل" وعند ياقوت الغيل هو النهر والغيل هو الماء الذي يجري على وجه الأرض، وهو العين التي تنبع من الأرض. ويجب عند طرح الغيول بالمعنى السابق ذكره ملاحظة أن الغيل في اليمن له معنيان، الأول الماء الجاري الذي ينبثق من العيون وينحدر في الأودية، وهي غيول في الغالب دائمة الجريان، ومياهها تقل كثيراً عن مياه السيول، لهذا كانت الأراضي التي تروى بها محدودة ومساحتها ثابتة إجمالاً. و الغيول بهذا المعنى كثيرة، فلا تكاد تخلو منها جهة من الجهات اليمنية، ومن أشهرها غيل وادي بنا وغيل باوزير ووادي سردود وموزع وهي بالكثرة بحيث يصعب حصرها هنا و الغيول أم غيول مستمرة على مدار العام أو متقطعة و الغيول اقل من النهر من ناحية الكثرة والاستمرارية .
فالأمطار ومياه الغيول في اليمن هي أساس الحياة والزراعة منذ أقدم العصور إلي وقتنا الحاضر الذي تحول الانسان من استخدام الغيول في الزراعة إلي عملية حفر الآبار في مناطق التغذية والتخزين وهو ما أصبح يهدد تلك الغيول والوديان بالجفاف نتيجة الاستخدام الجائر والحفر العشوائي لتلك الآبار سواء كان للزراعة أو للاستخدام المنزلي في ظل تزايد عدد السكان بشكل أصبحت اليمن من ضمن أكثر دول العالم تهديدا بخطر استنزاف المياه كما أوضحت التقارير الدولية الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة .
المياه سواء كانت على شكل غيول أو أبار أو ينابيع هي مصدر الحياة وديمومتها ومما يذكره الباحثون أن المدن عندما لا يتوفر فيها الماء الكافي للري والارتواء، فإنها لا تلبث أن تضمحل وتنتهي، والأمثلة على ذلك كثيرة. فمدينة العمار في صحراء راجاستان بالهند، كانت تعد إحدى المحطات الهامة على طريق القوافل، لكنها هجرت وفقدت أهميتها نتيجة لنقص الماء. وحضارة سبا خير شاهد فعندما انهار سد مآرب انهارت حضارة سبا .
و مع ذلك لازال اليمنيون يهدرون مواردهم المائية والبيئية بأنفسهم محولين الأرض التي سكنها آباؤهم وأجدادهم إلي ارض صحراوية ووديان قاحلة وجافة لا لشيء إلا بسبب الاستنزاف الجائر للأحواض المائية ومناطق التغذية لتلك الغيول من خلال الحفر العشوائي للآبار ليس لغرض الزراعة وحدها ولكن المتسبب الرئيسي لذلك هي تلك الشجرة التي ابتليت بها اليمن منذ قرون ولكن القرن الحادي والعشرون هو قرن "القات "في اليمن الذي يكاد بعد فتره من الزمن أن يهدد بقائها من خلال استنزاف ما تبقى من مخزون المياه وما تبقى من وجوه البشر التي يهتك بها مرض السرطان الذي أصبح يهدد أكلي القات نتيجة للاستخدام السيئ للمبيدات الزراعية الخطيرة في عملية زراعة القات و أنتاجه.
فإذا كانت الأودية و الغيول التي تجري فيها هي عصب الحياة أو كما يقال (مصر هبة النيل فان اليمن هبة الغيول والأودية) التي سكنها الإنسان اليمني منذ أقدم العصو
اليمن ,السعيدة, الجنوب العربي ,دولة سبا وحضرموت, أوسان,معين كلها مسميات على كثرتها تحكي عن دولة ودويلات حكمت ارض اليمن تلك المنطقة العربية التي تقع في الجنوب الغربي من جزيرة العرب وهي منطقة شبة صحراوية فيما عدا المناطق الجبلية وخاصة المنطقة الوسطى والغربية والممتدة من باب المندب إلي تخوم منطقة الطائف بالمملكة العربية السعودية وقد أكرمها الله بتلك الجبال والتي لولاها لكانت اليمن جزء من صحراء الربع الخالي وهو ما ساعد أبنا اليمن على إقامةحضارتهم في تلك المنطقة والتي تتميز بمناخ معتدل ممطر صيفا وشبة بارد شتاء وقد حبا الله اليمن بقيعان زراعية تحيط بها الجبال من جميع الجهات على ارتفاعات مختلفة لتصل بعضها إلي 2000متر فوق مستوى سطح البحر وتسقط عليها الأمطار بكثافة عالية قل أن نجد لها نظير في جزيرة العــــرب و تبدأ الجبال في الانحدار التسلسلي من أعالي المرتفعات متخذه شكل الانحدار التدريجي مكونه بين أخاديدها أودية ومضايق جميلة تتسع أحيانا وتضيق أخرى بين الاستقامة أحيانا والالتواء غالبا ويقع خط تقسيم المياه في هذه الجبال حيث تنحدر المياه عبر عدد من الوديان شرقاً وغرباً وجنوباً ومن أهم هذه الوديان: وادي مور – حرض- زبيد - سهام- ووادي رسيان وهذه تصب جميعها في البحر الأحمر، أما الوديان التي تصب في خليج عدن والبحر العربي فأهمها: وادي تبن ووادي بناء ووادي حضرموت. ولقد كانت هذه الوديان المركز الرئيس لتواجد الانسان العربي الأول الذي حولها إلي مدرجات وأراضي زراعية وقرى معلقة على سفوح الجبال الخضراء وفي بطون الأدوية في مشهد بديع يمزج خضرة المدرجات الزراعية على سفوح الجبال مع وديان تحمل بين جنباتها مزارع وحقول وكأنها لؤلؤ منثور على بساط اخضر وتندفع الغيول وشلالاتها المتدفقة من أعالي الوديان والناتجة عن عملية تساقط الأمطار على القيعان والمرتفعات متخذه منها منطقة تخزين وتغذية لتلك الغيول و الغيول كلمة عربية فصحى لازالت تستخدم في اليمن ويسمي اليمنيون النهر بالغيل، وجذر الكلمة هو/ غ، ي، ل/ (غيل، أي نهر)، وهي كلمة لا تزال حية في اللهجات اليمنية المعاصرة، وهي كذلك عند الهمداني في "الإكليل" وعند ياقوت الغيل هو النهر والغيل هو الماء الذي يجري على وجه الأرض، وهو العين التي تنبع من الأرض. ويجب عند طرح الغيول بالمعنى السابق ذكره ملاحظة أن الغيل في اليمن له معنيان، الأول الماء الجاري الذي ينبثق من العيون وينحدر في الأودية، وهي غيول في الغالب دائمة الجريان، ومياهها تقل كثيراً عن مياه السيول، لهذا كانت الأراضي التي تروى بها محدودة ومساحتها ثابتة إجمالاً. و الغيول بهذا المعنى كثيرة، فلا تكاد تخلو منها جهة من الجهات اليمنية، ومن أشهرها غيل وادي بنا وغيل باوزير ووادي سردود وموزع وهي بالكثرة بحيث يصعب حصرها هنا و الغيول أم غيول مستمرة على مدار العام أو متقطعة و الغيول اقل من النهر من ناحية الكثرة والاستمرارية .
فالأمطار ومياه الغيول في اليمن هي أساس الحياة والزراعة منذ أقدم العصور إلي وقتنا الحاضر الذي تحول الانسان من استخدام الغيول في الزراعة إلي عملية حفر الآبار في مناطق التغذية والتخزين وهو ما أصبح يهدد تلك الغيول والوديان بالجفاف نتيجة الاستخدام الجائر والحفر العشوائي لتلك الآبار سواء كان للزراعة أو للاستخدام المنزلي في ظل تزايد عدد السكان بشكل أصبحت اليمن من ضمن أكثر دول العالم تهديدا بخطر استنزاف المياه كما أوضحت التقارير الدولية الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة .
المياه سواء كانت على شكل غيول أو أبار أو ينابيع هي مصدر الحياة وديمومتها ومما يذكره الباحثون أن المدن عندما لا يتوفر فيها الماء الكافي للري والارتواء، فإنها لا تلبث أن تضمحل وتنتهي، والأمثلة على ذلك كثيرة. فمدينة العمار في صحراء راجاستان بالهند، كانت تعد إحدى المحطات الهامة على طريق القوافل، لكنها هجرت وفقدت أهميتها نتيجة لنقص الماء. وحضارة سبا خير شاهد فعندما انهار سد مآرب انهارت حضارة سبا .
و مع ذلك لازال اليمنيون يهدرون مواردهم المائية والبيئية بأنفسهم محولين الأرض التي سكنها آباؤهم وأجدادهم إلي ارض صحراوية ووديان قاحلة وجافة لا لشيء إلا بسبب الاستنزاف الجائر للأحواض المائية ومناطق التغذية لتلك الغيول من خلال الحفر العشوائي للآبار ليس لغرض الزراعة وحدها ولكن المتسبب الرئيسي لذلك هي تلك الشجرة التي ابتليت بها اليمن منذ قرون ولكن القرن الحادي والعشرون هو قرن "القات "في اليمن الذي يكاد بعد فتره من الزمن أن يهدد بقائها من خلال استنزاف ما تبقى من مخزون المياه وما تبقى من وجوه البشر التي يهتك بها مرض السرطان الذي أصبح يهدد أكلي القات نتيجة للاستخدام السيئ للمبيدات الزراعية الخطيرة في عملية زراعة القات و أنتاجه.
فإذا كانت الأودية و الغيول التي تجري فيها هي عصب الحياة أو كما يقال (مصر هبة النيل فان اليمن هبة الغيول والأودية) التي سكنها الإنسان اليمني منذ أقدم العصو
ر إلي يومنا هذا وعليها أقام حضارته وبنا مدرجاته وقراه وخلال هذه الفترة استطاع الإنسان اليمني أن يعمل ما يسمى بعصرنا الحالي التنمية المستدامة من خلال الاستغلال الأمثل للبيئة والموارد المحيطة به .
غيول جفت وأخرى بالطريق إلي الموت :-
مما يذكره المؤرخون من غيول صنعاء التي كان يعتمد عليها أهل صنعاء في الشرب والاستخدام المنزلي والزراعة والتي جفت في العصر الحالي غيـل الـبرمكي : قـام محـمد بـن خـالد الـبرمكي باسـتخراج وجـر وشـق غيل البرمكي (سنة 183هـ/800-799م) في زمن الخليفة هارون الرشيد، حيث استفاد من هذا الغيل أهل صنعاء، واختفى ذكره في المصادر التاريخية حتى العصر الأيوبي، حينما قام السلطان طغتكين الأيوبي بإجراء إصلاحات عليه و الغيل الأسود وهو أشهرها والذي تذكره المصادر بداية من عام 803هـ وأمر بإصلاحه ابن صلاح الدين الأيوبي و ظل ماؤه يجري حتى عام 1971م (3)و الملاحظ اليوم إن كثير من الغيول في أدوية اليمن المشهورة هي الأخرى اتجهت نحو النضوب سواء في فصول الأمطار أو في فصول الجفاف بل أن بعض الأودية كان معروفا عنها استمرارية جريانها طوال أيام العام واليوم أصبحت تتجه نحو الجفاف والنضوب رويدا رويدا ومن تلك الأودية وادي بنا الذي يعتبر من أهم أودية اليمن من ناحية كمية المياه المتدفقة وبالتالي تتحول تلك الجنان الخضراء والقرى المعلقة على سفوح الجبال والوديان إلي ارض جافه ومزارع قاحلة وبيئة مدمرة وإنسان يبحث عن ملجأ يذهب إلية في عالم حول الحبوب إلي وقود واستخدم القمح كسلعة حرب وفي طريقة للاحتراب على مصادر المياه وبالتالي سوف ينطبق عليهم مثل أجدادهم "تفرق القوم أيادي سبأ ".
إن وديان بنا و سردود و زبيد وتبن وغيرها من وديان اليمن هي بأمس الحاجة إلي حماية حكومية وشعبية لما تبقى من جريان غيولها قبل أن تجف .
إن المحافظة على الغيول والوديان والقيعان من الجفاف حفاظا على هذا البلد من الاندثار والاضمحلال وحفاظا على بقاء الانسان اليمني وبيئته , ولنعمل جميعا من اجل بقاء الغيول والوديان هبة اليمن .
المراجع والهوامش
1- عـبد الـوهاب رواح، الصـوت والدلالة في اللهجات اليمنية القديمة والمعاصرة وأصولها في اللغات السامية، ص 187-186، رسالة ماجستير، جامعة عين شمس، القاهرة، 1982م.
2- ياقوت الحموي، معجم البلدان، المجلد الخامس، ص 393، دار صادر، بيروت، 1990م.
3- د خالد عزب ,كيف واجهت الحضارة الإسلامية مشكلة المياه. إصدارات إسيسكو(المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة)2006م
غيول جفت وأخرى بالطريق إلي الموت :-
مما يذكره المؤرخون من غيول صنعاء التي كان يعتمد عليها أهل صنعاء في الشرب والاستخدام المنزلي والزراعة والتي جفت في العصر الحالي غيـل الـبرمكي : قـام محـمد بـن خـالد الـبرمكي باسـتخراج وجـر وشـق غيل البرمكي (سنة 183هـ/800-799م) في زمن الخليفة هارون الرشيد، حيث استفاد من هذا الغيل أهل صنعاء، واختفى ذكره في المصادر التاريخية حتى العصر الأيوبي، حينما قام السلطان طغتكين الأيوبي بإجراء إصلاحات عليه و الغيل الأسود وهو أشهرها والذي تذكره المصادر بداية من عام 803هـ وأمر بإصلاحه ابن صلاح الدين الأيوبي و ظل ماؤه يجري حتى عام 1971م (3)و الملاحظ اليوم إن كثير من الغيول في أدوية اليمن المشهورة هي الأخرى اتجهت نحو النضوب سواء في فصول الأمطار أو في فصول الجفاف بل أن بعض الأودية كان معروفا عنها استمرارية جريانها طوال أيام العام واليوم أصبحت تتجه نحو الجفاف والنضوب رويدا رويدا ومن تلك الأودية وادي بنا الذي يعتبر من أهم أودية اليمن من ناحية كمية المياه المتدفقة وبالتالي تتحول تلك الجنان الخضراء والقرى المعلقة على سفوح الجبال والوديان إلي ارض جافه ومزارع قاحلة وبيئة مدمرة وإنسان يبحث عن ملجأ يذهب إلية في عالم حول الحبوب إلي وقود واستخدم القمح كسلعة حرب وفي طريقة للاحتراب على مصادر المياه وبالتالي سوف ينطبق عليهم مثل أجدادهم "تفرق القوم أيادي سبأ ".
إن وديان بنا و سردود و زبيد وتبن وغيرها من وديان اليمن هي بأمس الحاجة إلي حماية حكومية وشعبية لما تبقى من جريان غيولها قبل أن تجف .
إن المحافظة على الغيول والوديان والقيعان من الجفاف حفاظا على هذا البلد من الاندثار والاضمحلال وحفاظا على بقاء الانسان اليمني وبيئته , ولنعمل جميعا من اجل بقاء الغيول والوديان هبة اليمن .
المراجع والهوامش
1- عـبد الـوهاب رواح، الصـوت والدلالة في اللهجات اليمنية القديمة والمعاصرة وأصولها في اللغات السامية، ص 187-186، رسالة ماجستير، جامعة عين شمس، القاهرة، 1982م.
2- ياقوت الحموي، معجم البلدان، المجلد الخامس، ص 393، دار صادر، بيروت، 1990م.
3- د خالد عزب ,كيف واجهت الحضارة الإسلامية مشكلة المياه. إصدارات إسيسكو(المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة)2006م
#اليمن الخضراء
معرفة تفصيل هذه الجزيرة
عند أهل اليمن هي عند أهل اليمن يمن وشام فجنوبها اليمن وشمالها الشام ونجد وتهامة فالنجد ما أنجد منها عن السَّراة وظهر من رؤوسها ذاهباً إلى المشرق في استواء دون ما ينحدر إلى العروض وحجاز وهو ما حجز بين اليمن والشام وسراة هو ما استوسق واستطال في الأرض من جبال هذه الجزيرة مشبَّهاً بسراة الأديم وعروض وهو ما أعرض عن هذه المواضع شرقاً إلى حيز شمال المشرق وعراق وشحر فالعراق ما حاذى المياه العذبة والبحر من الأرض مأخوذ من عراقي الدلو والشَّحر مأخوذ من شحر الأرض وهو سبخ الأرض ومنابت الحموض وسنفصل صفة كل شق من هذه البلدان المنفردة بأسمائها فما كل منها من بلد ضيق استوعبنا ما فيه مثل العروض ونجران وما كان من بلد واسع تزيد أقل أجزائه على أكثر العروض فإنا نصفه صفة عامة متجاوزة ولا نسع غير ذلك لسعة البلاد وكثرة المساكن.
صفة اليمن الخضراء
سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها والبحر مطيف بها من المشرق إلى الجنوب فراجعاً إلى المغرب ويفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خط يأخذ من حدود عُمان ويبرين إلى حد ما بين اليمن واليمامة فإلى حدود الهجيرة وتثليت وأنهار جرش وكتنة منحدراً في السراة على شعف عنز إلى تهامة على أم جحدم إلى البحر حذاء جبل يقال له كدمُّل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين بلد كنانة واليمن من بطن تهامة وأول إحاطة البحر باليمن من ناحية دما فطنوى فالجمجة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد وما سقط وانقاد منها إلى ناحية الشِّحر فالشِّحر فغبّ الخيس فغب الغيث بطن من مهرة فغب القمر زنة قمر السماء فغب العقار بطن من مهرة فالخيرج فالأسعاء وفي المنتصف من هذا الساحل شرقاً بين عُمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنياناً على جبل والبحر محيط بها إلا من جانب واحد فالبر فمن أراد عدن فطريقه عليها فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد جاز الطريق ولم يلو عليها.
وبين الطريق الذي يفرق إليها والطريق المسلوك إلى عُمان مقدار ميل وبها سكن من الأزد من بني جديد وقد كان قوم من القمر في أول عصرنا بيَّتوا من بها ليلاً فقتلوا فممن قتل بها رجل يقال له: عمرو بن يوسف الجديدي من رؤوس أهلها أزدي والذين أبلوا ذاك من القمر بنو خنزريت وأخرجوا من بقي من أهلها منها فتفرقوا إلى بلاد الغيث من مهرة فسكنوا موضعاً يقال له حاسك ومرباط مدة ثم أعانتهم الثّغرا من مهرة حتى رجعوا إلى قلعتهم فلما دخلوا القلعة بعون الثّغرا خافت بنو خنزريت فخرجوا إلى البلدان وخرج رئيسهم محمد بن خالد بجماعة من بني خنزريت حتى دخلوا موضعاً يقال له رضاع برفع الراء وساكنه بنو ريام بطن من القمر فجاوروهم ولبني ريام حصن بعُمان عظيم لا يرام ويقال إن ساكن ريسوت القدماء البياسرة ونزلت عليهم جديد من الأزد فترأست فيهم ثم نهكتها مع جديد ناس من أحياء العرب غير مهرة وقد يتزوجون إلى مهرة ورأس من بها بعد ذلك موسى بن ربيع من العدس ثم ينعطف البحر على اليمن مغرباً وشمالاً من عدن فيمر بساحل لحجٍ وأبين وكثيب يرامس وهو رباط وسواحل بني مجيد من المندب فساحل العميرة فالعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فعطينة فالحردة إلى منفهق جابر وهو رأس غزير كثير الرياح حديدها إلى الشَّرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى عثَّر فرأس عثَّر وهو كثير الموج إلى ساحل حمضة فهذا ما يحيط باليمن من البحر.
معرفة تفصيل هذه الجزيرة
عند أهل اليمن هي عند أهل اليمن يمن وشام فجنوبها اليمن وشمالها الشام ونجد وتهامة فالنجد ما أنجد منها عن السَّراة وظهر من رؤوسها ذاهباً إلى المشرق في استواء دون ما ينحدر إلى العروض وحجاز وهو ما حجز بين اليمن والشام وسراة هو ما استوسق واستطال في الأرض من جبال هذه الجزيرة مشبَّهاً بسراة الأديم وعروض وهو ما أعرض عن هذه المواضع شرقاً إلى حيز شمال المشرق وعراق وشحر فالعراق ما حاذى المياه العذبة والبحر من الأرض مأخوذ من عراقي الدلو والشَّحر مأخوذ من شحر الأرض وهو سبخ الأرض ومنابت الحموض وسنفصل صفة كل شق من هذه البلدان المنفردة بأسمائها فما كل منها من بلد ضيق استوعبنا ما فيه مثل العروض ونجران وما كان من بلد واسع تزيد أقل أجزائه على أكثر العروض فإنا نصفه صفة عامة متجاوزة ولا نسع غير ذلك لسعة البلاد وكثرة المساكن.
صفة اليمن الخضراء
سميت اليمن الخضراء لكثرة أشجارها وثمارها وزروعها والبحر مطيف بها من المشرق إلى الجنوب فراجعاً إلى المغرب ويفصل بينها وبين باقي جزيرة العرب خط يأخذ من حدود عُمان ويبرين إلى حد ما بين اليمن واليمامة فإلى حدود الهجيرة وتثليت وأنهار جرش وكتنة منحدراً في السراة على شعف عنز إلى تهامة على أم جحدم إلى البحر حذاء جبل يقال له كدمُّل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين بلد كنانة واليمن من بطن تهامة وأول إحاطة البحر باليمن من ناحية دما فطنوى فالجمجة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد وما سقط وانقاد منها إلى ناحية الشِّحر فالشِّحر فغبّ الخيس فغب الغيث بطن من مهرة فغب القمر زنة قمر السماء فغب العقار بطن من مهرة فالخيرج فالأسعاء وفي المنتصف من هذا الساحل شرقاً بين عُمان وعدن ريسوت وهو موئل كالقلعة بل قلعة مبنية بنياناً على جبل والبحر محيط بها إلا من جانب واحد فالبر فمن أراد عدن فطريقه عليها فإن أراد أن يدخل دخل وإن أراد جاز الطريق ولم يلو عليها.
وبين الطريق الذي يفرق إليها والطريق المسلوك إلى عُمان مقدار ميل وبها سكن من الأزد من بني جديد وقد كان قوم من القمر في أول عصرنا بيَّتوا من بها ليلاً فقتلوا فممن قتل بها رجل يقال له: عمرو بن يوسف الجديدي من رؤوس أهلها أزدي والذين أبلوا ذاك من القمر بنو خنزريت وأخرجوا من بقي من أهلها منها فتفرقوا إلى بلاد الغيث من مهرة فسكنوا موضعاً يقال له حاسك ومرباط مدة ثم أعانتهم الثّغرا من مهرة حتى رجعوا إلى قلعتهم فلما دخلوا القلعة بعون الثّغرا خافت بنو خنزريت فخرجوا إلى البلدان وخرج رئيسهم محمد بن خالد بجماعة من بني خنزريت حتى دخلوا موضعاً يقال له رضاع برفع الراء وساكنه بنو ريام بطن من القمر فجاوروهم ولبني ريام حصن بعُمان عظيم لا يرام ويقال إن ساكن ريسوت القدماء البياسرة ونزلت عليهم جديد من الأزد فترأست فيهم ثم نهكتها مع جديد ناس من أحياء العرب غير مهرة وقد يتزوجون إلى مهرة ورأس من بها بعد ذلك موسى بن ربيع من العدس ثم ينعطف البحر على اليمن مغرباً وشمالاً من عدن فيمر بساحل لحجٍ وأبين وكثيب يرامس وهو رباط وسواحل بني مجيد من المندب فساحل العميرة فالعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فعطينة فالحردة إلى منفهق جابر وهو رأس غزير كثير الرياح حديدها إلى الشَّرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى عثَّر فرأس عثَّر وهو كثير الموج إلى ساحل حمضة فهذا ما يحيط باليمن من البحر.
غيول صنعاء: دراسة تاريخية أثرية وثائقية
تأليف عبد الوهاب محمد عسلان (تأليف)
يتناول هذا البحث نظام الري الحضاري القديم في اليمن المعروف باسم الغيول، وهي جداول تجري تحت سطح الأرض فيتم توزيع المياه من خلالها بطريقة دقيقة من المنابع إلى المصبات على أكبر مساحة ممكنة من الحقول والوديان والأراضي، الأمر الذي عاد بالخير على تلك المناطق. تبدأ الدراسة بتاريخ الغيول التي بدأ إنشاؤها من زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي شق واليه على اليمن محمد بن خالد البرمكي أول غيل عرفه باسمه (غيل البرمكي) ثم تتابعت الغيول التي وهب الله بها البركة. وتتناول الدراسة كيفية جر تلك الغيول معتمدة على المسح الميداني للآثار المتبقية لها، وما يتصل بذلك من أحكام وأعراف مائية من خلال نماذج من الوثائق المدعمة للبحث العلمي. ولا تنسى مقارنتها مع أفلاج عمان وقنوات فارس وغيرها. يسدّ هذا الكتاب ثغرة هامة في المكتبة العربية..
تأليف عبد الوهاب محمد عسلان (تأليف)
يتناول هذا البحث نظام الري الحضاري القديم في اليمن المعروف باسم الغيول، وهي جداول تجري تحت سطح الأرض فيتم توزيع المياه من خلالها بطريقة دقيقة من المنابع إلى المصبات على أكبر مساحة ممكنة من الحقول والوديان والأراضي، الأمر الذي عاد بالخير على تلك المناطق. تبدأ الدراسة بتاريخ الغيول التي بدأ إنشاؤها من زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي شق واليه على اليمن محمد بن خالد البرمكي أول غيل عرفه باسمه (غيل البرمكي) ثم تتابعت الغيول التي وهب الله بها البركة. وتتناول الدراسة كيفية جر تلك الغيول معتمدة على المسح الميداني للآثار المتبقية لها، وما يتصل بذلك من أحكام وأعراف مائية من خلال نماذج من الوثائق المدعمة للبحث العلمي. ولا تنسى مقارنتها مع أفلاج عمان وقنوات فارس وغيرها. يسدّ هذا الكتاب ثغرة هامة في المكتبة العربية..