شائر المقر الرئيسي للإمام محمد البدر .
عاد الملازم علي عبدالمغني الى الكلية وتحرك الساعة (الحادية عشرة والنصف) قبل منتصف الليل مع زميله الحميم الملازم محمد مطهر والملازم يحيى الفقيه والملازم محمد الثلايا ومعهم مدفع ميدان, اختار موقع الضرب بخزيمة وقام بقصف دار الشكر ودار البشائر وصد نيران الدفاع في البيوت المذكورة واسكت نيرانها وشكل مجموعات الاقتحام فتقدمت مجموعات الاقتحام لأداء مهامها دون أي دفاع, وحتى سال الدم من أذني علي عبدالمغني مدة يومين.
في صباح يوم الخميس – اليوم الأول للثورة- تحرك في دبابة الى عرضي المدفعية وفتح الباب وأطلق سراح الملازم حمود بيدر وألقى كلمة بعرضي المدفعية قائلاٍ: إن الثورة ثورة شعب يساندها أبناء الشعب, في مقدمة ذلك القوات المسلحة وقوات الأمن والقوات البحرية ثم عاد الى الكلية الحربية بعد انتهاء تلك المهمة وأرسل الشيخ محمد عبدالواسع عبدالمغني الى محطة الإذاعة لإلقاء قصيدة نشوان الحميري المشهورة بالدامغة بعد البيان الأول للثورة مباشرة .
وكان الملازم علي عبدالمغني يوم الأربعاء السابق للثورة قد أخطر بعض المشائخ الأحرار وأبنائهم بالحضور ساعة الصفر (أي ليلة الثورة) وهم من المناضلين الذين لهم رصيد ثوري ويمثل كل واحد منهم رئيس خليته في ذلك التنظيم الذي أعده علي عبدالمغني من خلال لقاءاته بهم فأدى كل واحد ممن ذكر واجبه ساعة الصفر ليلة 26 سبتمبر عام 1962م كذلك في صباح يوم الثورة أفرج عن الرهائن في حبس القلعة من أبناء المشايخ فوصلوا الى الكلية الحربية واشترك كل واحد منهم في واجب .
دفاع واستماتة
كان لعلي عبدالمغني الدور الطليعي الأول في ايقاد شعلة الثورة ليلة 26سبتمبر عام 1962م ولما تفتحت المعارك ضد الثورة منذ الأيام الأولى من قيامها حرص الضباط على أن يبقى الملازم علي عبدالمغني في صنعاء, بجانب النقيب عبداللطيف ضيف الله, والمقدم عبدالله حسين جزيلان, للتعاون مع الزعيم عبدالله السلال المنتخب رئيساٍ للجمهورية باعتبار علي عبدالمغني الرجل الأول المخطط للثورة فتسابقوا الى ميادين القتال للدفاع عن الثورة بكل شجاعة واستبسال ولكن الشهيد علي عبدالمغني لم يرض لنفسه ان يدفع بزملائه الى ميادين القتال ويجلس على كرسي يصدر إليهم الأوامر, قاتلوا واستميتوا وإنِا ها هنا قاعدون, بل قال: إن الدفاع عن الثورة يجب أن يكون من الخطوط الأمامية, حيث اشتعلت المعارك في صعدة والجوف وحريب وقعطبة ومأرب .
ولما اشتد الحصار على مأرب نهض الشهيد علي عبدالمغني من كرسيه في مجلس قيادة الثورة ليتحرك على رأس حملة عسكرية نظامية لإنقاذ مدينة مأرب نظراٍ لما لها من أهمية قصوى في نظر الثورة, وذلك لأن الشريف الهبيلي يحيك مؤامرات استعمارية لاقتطاع السهول الشرقية: مأرب, الجوبة, حريب الى إمارة بيحان في ظل الحماية البريطانية لمد عمق استراتيجي للدفاع عن الوجود البريطاني في عدن .
ولا يخفى ان الهيبلي كان يغازل بعض مشائخ المنطقة من قبل الثورة بفترة, ولما قامت الثورة الخالدة كانت الحامية العسكرية قد جربت أمورها وطلبت إرسال رواتب الأفراد الشهرية وتحركت طائرة عمودية يقودها طيارون من الاتحاد السوفيتي وعليها الملازم زين الله العامري لإيصال رواتب الجنود المتأخرة واستطلاع الموقف وذلك في اليوم الرابع من قيام الثورة .
وما إنú هبطت الطائرة على مطار مأرب الترابي, حتى أحدق بها المرتزقة الأجانب من كل جهة بعد أن غادرها الطيارون والملازم زين الله العامري مباشرة, واستولوا عليها وأحرقوها وبدأوا يهاجمون الحامية العسكرية في المدينة واستطاعوا ان يحاصروا المدينة لفرض الضغط على الحامية العسكرية للتسليم ولكن الأفراد والجنود صمدوا بإمكاناتهم المحدودة واقتضت الشرعية الدفاعية عن النفس أنú تنقذ مدينة مأرب, وقام الشهيد علي عبدالمغني بتجهيز الحملة العسكرية المؤلفة من: 56 فرداٍ من طلاب مدرسة المدفعية جناح م/ط الذين كانوا يتدربون على يد الملازم المدفعي علي عبدالمغني, 4 سرايا من الجيش الوطني, 4 عربات مصفحة 4×4, 4 سيارات نقل فرجو, مدفع ميدان عيار 76م, كما استصحب معه كل من الملازم محمد فايع, الملازم محمد عبدالخالق والملازم محمد غالب الساقي والملازم محمد حسن العمري .
هذا وقد تحركت الحملة حوالي الساعة الرابعة عصر يوم 7 أكتوبر 1962م وعند وصولها مدينة جحانة حوالي الساعة السادسة مساء أمر بالتوقف وقام الشهيد علي عبدالمغني بجمع المسؤولين العسكريين والمدنيين في مدينة جحانة وتدارس معهم الموقف لفترة لا تزيد عن ساعة واحدة, ثم أمر بمواصلة السير ليلاٍ عبر نقيل العرقوب ومنطقة الاعروش فنقيل الوتدة, وفي حوالي الساعة العاشرة صباحاٍ وصلت الحملة مركز صرواح, حيث كان في استقبالها مدير الناحية القاضي حسين العرشي وقائد السرية العسكرية من الجيش الدفاعي وأفراد السرية, وجمع غفير من مشائخ وعقال وأفراد منطقة جهم, وكلهم فرحون مبتهجون بالثورة, ثم أقام المسؤولون الحكوميون والمشائخ والأعيان مأدبة غداء كبرى للملازم علي عب
عاد الملازم علي عبدالمغني الى الكلية وتحرك الساعة (الحادية عشرة والنصف) قبل منتصف الليل مع زميله الحميم الملازم محمد مطهر والملازم يحيى الفقيه والملازم محمد الثلايا ومعهم مدفع ميدان, اختار موقع الضرب بخزيمة وقام بقصف دار الشكر ودار البشائر وصد نيران الدفاع في البيوت المذكورة واسكت نيرانها وشكل مجموعات الاقتحام فتقدمت مجموعات الاقتحام لأداء مهامها دون أي دفاع, وحتى سال الدم من أذني علي عبدالمغني مدة يومين.
في صباح يوم الخميس – اليوم الأول للثورة- تحرك في دبابة الى عرضي المدفعية وفتح الباب وأطلق سراح الملازم حمود بيدر وألقى كلمة بعرضي المدفعية قائلاٍ: إن الثورة ثورة شعب يساندها أبناء الشعب, في مقدمة ذلك القوات المسلحة وقوات الأمن والقوات البحرية ثم عاد الى الكلية الحربية بعد انتهاء تلك المهمة وأرسل الشيخ محمد عبدالواسع عبدالمغني الى محطة الإذاعة لإلقاء قصيدة نشوان الحميري المشهورة بالدامغة بعد البيان الأول للثورة مباشرة .
وكان الملازم علي عبدالمغني يوم الأربعاء السابق للثورة قد أخطر بعض المشائخ الأحرار وأبنائهم بالحضور ساعة الصفر (أي ليلة الثورة) وهم من المناضلين الذين لهم رصيد ثوري ويمثل كل واحد منهم رئيس خليته في ذلك التنظيم الذي أعده علي عبدالمغني من خلال لقاءاته بهم فأدى كل واحد ممن ذكر واجبه ساعة الصفر ليلة 26 سبتمبر عام 1962م كذلك في صباح يوم الثورة أفرج عن الرهائن في حبس القلعة من أبناء المشايخ فوصلوا الى الكلية الحربية واشترك كل واحد منهم في واجب .
دفاع واستماتة
كان لعلي عبدالمغني الدور الطليعي الأول في ايقاد شعلة الثورة ليلة 26سبتمبر عام 1962م ولما تفتحت المعارك ضد الثورة منذ الأيام الأولى من قيامها حرص الضباط على أن يبقى الملازم علي عبدالمغني في صنعاء, بجانب النقيب عبداللطيف ضيف الله, والمقدم عبدالله حسين جزيلان, للتعاون مع الزعيم عبدالله السلال المنتخب رئيساٍ للجمهورية باعتبار علي عبدالمغني الرجل الأول المخطط للثورة فتسابقوا الى ميادين القتال للدفاع عن الثورة بكل شجاعة واستبسال ولكن الشهيد علي عبدالمغني لم يرض لنفسه ان يدفع بزملائه الى ميادين القتال ويجلس على كرسي يصدر إليهم الأوامر, قاتلوا واستميتوا وإنِا ها هنا قاعدون, بل قال: إن الدفاع عن الثورة يجب أن يكون من الخطوط الأمامية, حيث اشتعلت المعارك في صعدة والجوف وحريب وقعطبة ومأرب .
ولما اشتد الحصار على مأرب نهض الشهيد علي عبدالمغني من كرسيه في مجلس قيادة الثورة ليتحرك على رأس حملة عسكرية نظامية لإنقاذ مدينة مأرب نظراٍ لما لها من أهمية قصوى في نظر الثورة, وذلك لأن الشريف الهبيلي يحيك مؤامرات استعمارية لاقتطاع السهول الشرقية: مأرب, الجوبة, حريب الى إمارة بيحان في ظل الحماية البريطانية لمد عمق استراتيجي للدفاع عن الوجود البريطاني في عدن .
ولا يخفى ان الهيبلي كان يغازل بعض مشائخ المنطقة من قبل الثورة بفترة, ولما قامت الثورة الخالدة كانت الحامية العسكرية قد جربت أمورها وطلبت إرسال رواتب الأفراد الشهرية وتحركت طائرة عمودية يقودها طيارون من الاتحاد السوفيتي وعليها الملازم زين الله العامري لإيصال رواتب الجنود المتأخرة واستطلاع الموقف وذلك في اليوم الرابع من قيام الثورة .
وما إنú هبطت الطائرة على مطار مأرب الترابي, حتى أحدق بها المرتزقة الأجانب من كل جهة بعد أن غادرها الطيارون والملازم زين الله العامري مباشرة, واستولوا عليها وأحرقوها وبدأوا يهاجمون الحامية العسكرية في المدينة واستطاعوا ان يحاصروا المدينة لفرض الضغط على الحامية العسكرية للتسليم ولكن الأفراد والجنود صمدوا بإمكاناتهم المحدودة واقتضت الشرعية الدفاعية عن النفس أنú تنقذ مدينة مأرب, وقام الشهيد علي عبدالمغني بتجهيز الحملة العسكرية المؤلفة من: 56 فرداٍ من طلاب مدرسة المدفعية جناح م/ط الذين كانوا يتدربون على يد الملازم المدفعي علي عبدالمغني, 4 سرايا من الجيش الوطني, 4 عربات مصفحة 4×4, 4 سيارات نقل فرجو, مدفع ميدان عيار 76م, كما استصحب معه كل من الملازم محمد فايع, الملازم محمد عبدالخالق والملازم محمد غالب الساقي والملازم محمد حسن العمري .
هذا وقد تحركت الحملة حوالي الساعة الرابعة عصر يوم 7 أكتوبر 1962م وعند وصولها مدينة جحانة حوالي الساعة السادسة مساء أمر بالتوقف وقام الشهيد علي عبدالمغني بجمع المسؤولين العسكريين والمدنيين في مدينة جحانة وتدارس معهم الموقف لفترة لا تزيد عن ساعة واحدة, ثم أمر بمواصلة السير ليلاٍ عبر نقيل العرقوب ومنطقة الاعروش فنقيل الوتدة, وفي حوالي الساعة العاشرة صباحاٍ وصلت الحملة مركز صرواح, حيث كان في استقبالها مدير الناحية القاضي حسين العرشي وقائد السرية العسكرية من الجيش الدفاعي وأفراد السرية, وجمع غفير من مشائخ وعقال وأفراد منطقة جهم, وكلهم فرحون مبتهجون بالثورة, ثم أقام المسؤولون الحكوميون والمشائخ والأعيان مأدبة غداء كبرى للملازم علي عب
دالمغني والضباط والأفراد وبعد تناول الغداء أمر الملازم علي عبدالمغني بترك الحملة, لكي لا يعطي العدو فرصة لتخريب الطريق ونصب الكمائن وقد انضم الى الحملة حوالي عشرة أفراد من أبناء صرواح بناء على رغبة الملازم علي عبدالمغني استشهد منهم اثنان في معركة باب الضيقة .
فكانت المعلومات التي جمعها عبدالمغني تشير الى احتمال كمين يعترض الحملة في منعطف يقع بين صرواح وباب الضيقة وعند مرور الحملة بهذا المنعطف رشقتها بعض العيارات النارية وحينها اتخذت الحملة وضع الاستعداد للقتال ووجهت بعض نيرانها على مصادر النيران المعادية, غير ان تلك النيران اختفت, فعادت الحملة الى وضعها السابق, وواصلت التقدم نحو مأرب وعند وصولها باب الضيقة حوالي الساعة الخامسة والنصف من يوم 8 أكتوبر سنة 1962م وقعت في الكمين المعد اعداداٍ فنياٍ وتكتيكياٍ بخبرة عسكرية فائقة حيث سقطت المصفحة الأولى في الحفرة المموهة بغصون الأشجار, ثم تلتها المصفحة الثانية, وكان الملازم علي عبدالمغني في المصفحة الثانية وهذا حسب رواية شاهد عيان وبطل من أبطال الحملة الرائد صالح الضنيني أحد الأفراد الذين كانوا يدرسون في مدرسة المدفعية جناح م/ط على يد الشهيد علي عبدالمغني .
وفعلاٍ اشتبكت القوات مع أفراد الكمين واستمرت الاشتباكات لمدة ساعتين, تكبد العدو خلالها خسائر كبيرة في الأرواح وكان الشهيد علي عبدالمغني قد حاول ان يهجم على موقع قريب منه بالقنابل اليدوية .
وعندما فتح باب المصفحة وقفز منها تحالفت عليه عدد من الطلقات, فاضت على إثرها روحه الطاهرة إلى جوار ربه شهيداٍ طاهرا .
حين علم أبو الأحرار محمد محمود الزبيري بخبر استشهاد علي عبدالمغني وهو في جحامة بخولان دمعت عيناه واستدعى المشائخ والأعيان وأعلمهم بالموقف وأخذ منهم اليمين المغلظة بالوقوف إلى جانب الثورة والجمهورية وعدم الخيانة وأخذ الثأر لروح بطل الثورة ومفجرها الشهيد الملازم علي عبدالمغني .
قائد الثورة بشهادة رجال عظماء
*القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء قبل قيام ثورة 26سبتمبر الأستاذ محمد عبدالواحد قال في تقاريره التي كان يبعث بها إلى بلاده وتوجد منها نسخة في كتاب “أسرار ووثائق الثورة اليمنية” إن علي عبدالمغني هو زعيم الضباط الأحرار وقائد الثورة .
الضباط الأحرار الذين ألفوا كتاب «أسرار ووثائق الثورة» قالوا إنِ علي عبدالمغني كان قائد التنظيم بالإجماع وهو مِن أسس التنظيم بإنشاء الخلايا التي كانت نواة التنظيم والتي كانت غير مترابطة ولا تعرف كل خلية مِن هي الخلية الأْخرى وكان علي عبدالمغني هو العامل المشترك في كل الخلايا .
رموز ثورة 26سبتمبر الذين دكوا عرش الملكية جميعهم قالوا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وأنه مِن كان يٍصدر الأوامر بعد الثورة ومن هؤلاء اللواء الركن حمود بيدر واللواء الركن يحيى محمد المتوكل واللواء الركن ناجي علي الأشول واللواء الركن السفير عبدالله محمد الراعي واللواء الركن علي محمد الشامي واللواء الركن حسين شرف الكبسي واللواء الركن علي عليالحيمي واللواء الركن السفير عبدالله عبدالسلام صبرة واللواء الركن حسين علي خيران واللواء الركن ناجي المسيلي واللواء الركن أحمد قائد العصري واللواء الركن محمد علي النهمي واللواء الركن هاشم صدقة واللواء الركن صالح الأشول واللواء الركن محمد عبدالله الوشلي واللواء الركن يحيى الحياسي واللواء الركن عبدالله المؤيد حيث ذكروا ذلك في عدة مناسبات ومقابلات ومقالات صحفية وتلفزيونية وإذاعية .
فيما قال الأستاذ الكبير عبدالغني مطهر إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة هو توأم جمال عبدالناصر .
والمناضل الكبير المشيرعبدالله السلال ذكرفي مذكراته – حسب علي عبدالله السلال- إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وهو رئيس الجمهورية .
أستاذنا الكبير الأديب عبدالعزيز المقالح كتب في أكثر من مقال وفي أكثر من مناسبة أنِ علي عبدالمغني كان نابغةٍ في الأدب وفيلسوفِ الكلمة وكان يمكن أنú يكون له شأن عظيم في الأدب وغيره لكن القدر سخِرِهْ لأن يقوم بالثورة ويْحرر الوطن من ظلم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب وينقذ الشعب .
الأستاذ محمد حسنين هيكل كتب في كتابه «خريف الغضب» إنِ العقيد علي عبدالمغني قائد الثورة وقد استْشهدِ في ظروف غامضة. .
أمِا اللواء صلاح المحرزي وكيل الاستخبارات المصرية فقد تكلم عن الشهيد علي عبدالمغني ووصفه بأنِهْ قائدْ الثورة الفعلي .
أعضاء قيادة الثورة المصرية 23يوليو كمال الدين حسين وعبداللطيف بغداد وحسن إبراهيم ذكروا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة اليمنية وأنِهْ استشهد في ظروف غامضة .
محبوب الجميع
** المناضل حسين شرف الكبسي قال عنه: – الحقيقة لن يستطيعوا إنصافه ولو كتبوا ما كتبوا لأن دوره كان كبيراٍ جداٍ دوراٍ ليس بسيطاٍ ولا هيناٍ فهو أول من فكر بإقامة ثورة مخخط لها مسبقاٍ وبدأ أولى خطواتها بإقناع كل الفصائل الوطنية التي كانت تحمل أفكاراٍ مغايرة بضرورة الاجتماع على كلمة واحدة ورأي واحد وقد تحقق ل
فكانت المعلومات التي جمعها عبدالمغني تشير الى احتمال كمين يعترض الحملة في منعطف يقع بين صرواح وباب الضيقة وعند مرور الحملة بهذا المنعطف رشقتها بعض العيارات النارية وحينها اتخذت الحملة وضع الاستعداد للقتال ووجهت بعض نيرانها على مصادر النيران المعادية, غير ان تلك النيران اختفت, فعادت الحملة الى وضعها السابق, وواصلت التقدم نحو مأرب وعند وصولها باب الضيقة حوالي الساعة الخامسة والنصف من يوم 8 أكتوبر سنة 1962م وقعت في الكمين المعد اعداداٍ فنياٍ وتكتيكياٍ بخبرة عسكرية فائقة حيث سقطت المصفحة الأولى في الحفرة المموهة بغصون الأشجار, ثم تلتها المصفحة الثانية, وكان الملازم علي عبدالمغني في المصفحة الثانية وهذا حسب رواية شاهد عيان وبطل من أبطال الحملة الرائد صالح الضنيني أحد الأفراد الذين كانوا يدرسون في مدرسة المدفعية جناح م/ط على يد الشهيد علي عبدالمغني .
وفعلاٍ اشتبكت القوات مع أفراد الكمين واستمرت الاشتباكات لمدة ساعتين, تكبد العدو خلالها خسائر كبيرة في الأرواح وكان الشهيد علي عبدالمغني قد حاول ان يهجم على موقع قريب منه بالقنابل اليدوية .
وعندما فتح باب المصفحة وقفز منها تحالفت عليه عدد من الطلقات, فاضت على إثرها روحه الطاهرة إلى جوار ربه شهيداٍ طاهرا .
حين علم أبو الأحرار محمد محمود الزبيري بخبر استشهاد علي عبدالمغني وهو في جحامة بخولان دمعت عيناه واستدعى المشائخ والأعيان وأعلمهم بالموقف وأخذ منهم اليمين المغلظة بالوقوف إلى جانب الثورة والجمهورية وعدم الخيانة وأخذ الثأر لروح بطل الثورة ومفجرها الشهيد الملازم علي عبدالمغني .
قائد الثورة بشهادة رجال عظماء
*القائم بأعمال السفارة المصرية بصنعاء قبل قيام ثورة 26سبتمبر الأستاذ محمد عبدالواحد قال في تقاريره التي كان يبعث بها إلى بلاده وتوجد منها نسخة في كتاب “أسرار ووثائق الثورة اليمنية” إن علي عبدالمغني هو زعيم الضباط الأحرار وقائد الثورة .
الضباط الأحرار الذين ألفوا كتاب «أسرار ووثائق الثورة» قالوا إنِ علي عبدالمغني كان قائد التنظيم بالإجماع وهو مِن أسس التنظيم بإنشاء الخلايا التي كانت نواة التنظيم والتي كانت غير مترابطة ولا تعرف كل خلية مِن هي الخلية الأْخرى وكان علي عبدالمغني هو العامل المشترك في كل الخلايا .
رموز ثورة 26سبتمبر الذين دكوا عرش الملكية جميعهم قالوا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وأنه مِن كان يٍصدر الأوامر بعد الثورة ومن هؤلاء اللواء الركن حمود بيدر واللواء الركن يحيى محمد المتوكل واللواء الركن ناجي علي الأشول واللواء الركن السفير عبدالله محمد الراعي واللواء الركن علي محمد الشامي واللواء الركن حسين شرف الكبسي واللواء الركن علي عليالحيمي واللواء الركن السفير عبدالله عبدالسلام صبرة واللواء الركن حسين علي خيران واللواء الركن ناجي المسيلي واللواء الركن أحمد قائد العصري واللواء الركن محمد علي النهمي واللواء الركن هاشم صدقة واللواء الركن صالح الأشول واللواء الركن محمد عبدالله الوشلي واللواء الركن يحيى الحياسي واللواء الركن عبدالله المؤيد حيث ذكروا ذلك في عدة مناسبات ومقابلات ومقالات صحفية وتلفزيونية وإذاعية .
فيما قال الأستاذ الكبير عبدالغني مطهر إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة هو توأم جمال عبدالناصر .
والمناضل الكبير المشيرعبدالله السلال ذكرفي مذكراته – حسب علي عبدالله السلال- إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة وهو رئيس الجمهورية .
أستاذنا الكبير الأديب عبدالعزيز المقالح كتب في أكثر من مقال وفي أكثر من مناسبة أنِ علي عبدالمغني كان نابغةٍ في الأدب وفيلسوفِ الكلمة وكان يمكن أنú يكون له شأن عظيم في الأدب وغيره لكن القدر سخِرِهْ لأن يقوم بالثورة ويْحرر الوطن من ظلم الإمامة في الشمال والاستعمار في الجنوب وينقذ الشعب .
الأستاذ محمد حسنين هيكل كتب في كتابه «خريف الغضب» إنِ العقيد علي عبدالمغني قائد الثورة وقد استْشهدِ في ظروف غامضة. .
أمِا اللواء صلاح المحرزي وكيل الاستخبارات المصرية فقد تكلم عن الشهيد علي عبدالمغني ووصفه بأنِهْ قائدْ الثورة الفعلي .
أعضاء قيادة الثورة المصرية 23يوليو كمال الدين حسين وعبداللطيف بغداد وحسن إبراهيم ذكروا إنِ علي عبدالمغني قائد الثورة اليمنية وأنِهْ استشهد في ظروف غامضة .
محبوب الجميع
** المناضل حسين شرف الكبسي قال عنه: – الحقيقة لن يستطيعوا إنصافه ولو كتبوا ما كتبوا لأن دوره كان كبيراٍ جداٍ دوراٍ ليس بسيطاٍ ولا هيناٍ فهو أول من فكر بإقامة ثورة مخخط لها مسبقاٍ وبدأ أولى خطواتها بإقناع كل الفصائل الوطنية التي كانت تحمل أفكاراٍ مغايرة بضرورة الاجتماع على كلمة واحدة ورأي واحد وقد تحقق ل
ه ذلك ودمج كافة الكيانات السياسية داخل كيان واحد استطاع من خلاله تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي أقسم كل أفراده على أن نتخلى عن أي تنظيم سياسي أو حزبي وأن يكون عملناٍ داخل التنظيم من موحداٍ لإجل الوطن والفضل في ذلك يعود للشهيد علي عبد المغني الذي كان محبوباٍ لدى الجميع ولديه قدره عاليه على الإقناع وقد اقسمنا على المصحف والمسدس انا يد واحده في العمل ومواجهة الأخطار بعيداٍ عن الحزبية والعنصرية والطائفية وما إليها .
ودور علي عبد المغني تجلى في خلق هذا الاصطفاف داخل تنظم الضباط الاحرار الذي يعد هو لبنته الأولى والابتعاد بأعضائه عن العنصرية والطائفية التي كان لها تأثير كبير جدأ ما سهل لنا العمل بسرية تامة يد واحدة وصف واحد متماسك لم يستطيع أحد اختراقه أو العلم بأعضائه حتى عشية السادس والعشرين من سبتمبر 1962م حين قررنا القيام بالثورة وتغيير نظام الحكم الذي لم يعد هناك بد من القضاء عليه وإنتشال اليمن من براثنه .
علي عبد المغني كان محبوباٍ من قبل الجميع بسبب أخلاقه العاليه وتواضعه الجم إلى جانب دوره في الابتعاد بالمناضلين عن أساليب الفرقة والتشرذم .
خروج علي عبد المغني على رأس الحملة المكلفة على الملكيين والمتمردين على الثورة في مأرب هل كان بإرادته أم بتكليف من القيادة¿ الشهيد علي عبد المغني خرج يقود الحمله إلى مأرب بإرادته وتصميمه وقد حاولنا إثناءه عن ذلك ولكنه صمم بشده رغم إلحاحنا عليه وقولنا له أن القيادة والثورة بحاجة إليه وإن هناك من سيقود الحمله بدلاٍ عنه لكنه واجهنا الجميع برفض وأنا ممن حاولوا معه وقلت له:ابق هنا في القيادة فأنت مرجعنا ونحن بحاجة كبيرة إليك فقال لي:وهل تريد ياحسين أن يقولوا لي جلستم على الكراسي ونحن نقاتل¿ِ…وصمم على ذلك وخرج بالحملة على مأرب وهناك لاقاه الأجل رحمه الله .
بكاهْ عبدالناصر
*عندما وصل أنور السادات إلى صنعاء ومعه المشير عبدالحكيم عامر قال أنه أرسلهما الزعيم جمال عبدالناصر ليعزيا الشعب اليمني باستشهاد قائد الثورة علي عبدالمغني .
وقال السادات إنِ عبدالناصر بكى عندما سمع باستشهاد علي عبدالمغني .
رئيس الجمهورية السابق المشير علي عبدالله صالح قال في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة إنِ علي عبدالمغني هو القائد والمخطط ومفجر ثورة 26سبتمبر .
كذلك اللواء عبداللطيف ضيف الله قال في مقابلة مع الزعيم جمال عبدالناصر في القاهرة أنا والسلال وآخرون قال لنا الزعيم جمال عبدالناصر إنِ علي عبدالمغني هو قائد الثورة الفعلي .
القيادة العليا للثورة في ساعة الصفر حين اندلاع الثورة كانت هي الممثلة والناطقة باسم الثورة وكان القائد الأعلى لها هو علي عبدالمغني وهو الذي كان يصدر القرارات والأوامر .
قصب السبق
*المناضل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي قال عنه: أودْ أن أشيد بمِن صاغوا أهداف الثورة اليمنية والذين كانوا على قدرُ كبير من الحنكة السياسية والمعرفة بمستجدات الراهن ومتطلبات وطموحات الوطن وقدرُ عالُ من حب الوطن والإيثار فجاءتú تلك الأهداف التي صاغوها بحبات قلوبهم وعمدوهم بدمائهم الزكية مْلبيةِ لطموحات وآمال كل اليمنيين بلا استثناء .
وهنا يجب أنú نشيد بالدور المشهود في هذا الجانب للشهيد علي عبدالمغني الذي كان له قصب السبق في الإعداد لثورة سبتمبر وصياغة أهدافها والمسارعة في الانطلاق إلى ميادين البطولة والقتال لنيúل شرف الموت في سبيل رفعة ومجد هذا الوطن الحبيب .
فعليه وعلى كل الشهداء الأبرار الرحمة والمغفرة ونسأل اللهِ لهم الفردوس الأعلى فليس هناك أكثر وأصدق جوداٍ وتخليداٍ من بذل الروح في سبيل الوطن .
فيما يقول المرحوم أحمد جابر العفيف: عرفته في بداية عام1955م وهو بالمرحلة الثانوية وكانت تربطني به وزملائه روابط الشعور بالمسؤولية فقد كنت يومها مسؤولاٍ عن التعليم بالوزارة وكنت أشعر بان هذا الشاب ليس عادياٍ فهو إلى جانب امتيازه في التحصيل والخلق المتين فهو من الأبطال الذين لابد وأنú يغيروا مجرى الحياة في البلاد .
بطل الثورة
وعن شخصيته الثقافية يتحدث الدكتور عبدالعزيز المقالح ليقول: من الناس من يعيش مائة عام ثم يختفي وكأنه لم يعش يوما واحداٍ ومنهم من يعيش عشرين عاما ثم يمضي وكأنه عاش ألف عام والحياة ليست بطولها وعرضها ولاهي بالسنوات الكثيرة بل هي تلك اللحظات المليئة بالجليل والعظيم. .
والبطل الذي أتقدم بخجل لأضع زهرة على قبره المجهول كان يقول دائماٍ العمر لا يقاس بالسنين وإنما بما يصنعه الإنسان في هذه السنين ذلك هو بطل الثورة الشهيد علي عبدالمغني شاب يمني أسمر في الثانية والعشرين من عمره وقد كتب هذا الكلام وكلاما كثيراٍ رائعاٍ في مجلته الحائطية التي كان يشرف عليها عندما كان طالباٍ في المدرسة الثانوية وفي هذه المجلة الحائطية كان البطل الشهيد علي عبد المغني يكتب دراسات مكثفة وقصيرة عن شخصيات العظماء في التاريخ تحت عنوان”في المرآة” .
ويضيف المقالح: كان الشهيد ألمع زملائه ذكاءٍ وعقلا وكان قادرا على تحديد مدى وعي هؤلاء الزمل
ودور علي عبد المغني تجلى في خلق هذا الاصطفاف داخل تنظم الضباط الاحرار الذي يعد هو لبنته الأولى والابتعاد بأعضائه عن العنصرية والطائفية التي كان لها تأثير كبير جدأ ما سهل لنا العمل بسرية تامة يد واحدة وصف واحد متماسك لم يستطيع أحد اختراقه أو العلم بأعضائه حتى عشية السادس والعشرين من سبتمبر 1962م حين قررنا القيام بالثورة وتغيير نظام الحكم الذي لم يعد هناك بد من القضاء عليه وإنتشال اليمن من براثنه .
علي عبد المغني كان محبوباٍ من قبل الجميع بسبب أخلاقه العاليه وتواضعه الجم إلى جانب دوره في الابتعاد بالمناضلين عن أساليب الفرقة والتشرذم .
خروج علي عبد المغني على رأس الحملة المكلفة على الملكيين والمتمردين على الثورة في مأرب هل كان بإرادته أم بتكليف من القيادة¿ الشهيد علي عبد المغني خرج يقود الحمله إلى مأرب بإرادته وتصميمه وقد حاولنا إثناءه عن ذلك ولكنه صمم بشده رغم إلحاحنا عليه وقولنا له أن القيادة والثورة بحاجة إليه وإن هناك من سيقود الحمله بدلاٍ عنه لكنه واجهنا الجميع برفض وأنا ممن حاولوا معه وقلت له:ابق هنا في القيادة فأنت مرجعنا ونحن بحاجة كبيرة إليك فقال لي:وهل تريد ياحسين أن يقولوا لي جلستم على الكراسي ونحن نقاتل¿ِ…وصمم على ذلك وخرج بالحملة على مأرب وهناك لاقاه الأجل رحمه الله .
بكاهْ عبدالناصر
*عندما وصل أنور السادات إلى صنعاء ومعه المشير عبدالحكيم عامر قال أنه أرسلهما الزعيم جمال عبدالناصر ليعزيا الشعب اليمني باستشهاد قائد الثورة علي عبدالمغني .
وقال السادات إنِ عبدالناصر بكى عندما سمع باستشهاد علي عبدالمغني .
رئيس الجمهورية السابق المشير علي عبدالله صالح قال في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة إنِ علي عبدالمغني هو القائد والمخطط ومفجر ثورة 26سبتمبر .
كذلك اللواء عبداللطيف ضيف الله قال في مقابلة مع الزعيم جمال عبدالناصر في القاهرة أنا والسلال وآخرون قال لنا الزعيم جمال عبدالناصر إنِ علي عبدالمغني هو قائد الثورة الفعلي .
القيادة العليا للثورة في ساعة الصفر حين اندلاع الثورة كانت هي الممثلة والناطقة باسم الثورة وكان القائد الأعلى لها هو علي عبدالمغني وهو الذي كان يصدر القرارات والأوامر .
قصب السبق
*المناضل الشيخ عبدالعزيز الحبيشي قال عنه: أودْ أن أشيد بمِن صاغوا أهداف الثورة اليمنية والذين كانوا على قدرُ كبير من الحنكة السياسية والمعرفة بمستجدات الراهن ومتطلبات وطموحات الوطن وقدرُ عالُ من حب الوطن والإيثار فجاءتú تلك الأهداف التي صاغوها بحبات قلوبهم وعمدوهم بدمائهم الزكية مْلبيةِ لطموحات وآمال كل اليمنيين بلا استثناء .
وهنا يجب أنú نشيد بالدور المشهود في هذا الجانب للشهيد علي عبدالمغني الذي كان له قصب السبق في الإعداد لثورة سبتمبر وصياغة أهدافها والمسارعة في الانطلاق إلى ميادين البطولة والقتال لنيúل شرف الموت في سبيل رفعة ومجد هذا الوطن الحبيب .
فعليه وعلى كل الشهداء الأبرار الرحمة والمغفرة ونسأل اللهِ لهم الفردوس الأعلى فليس هناك أكثر وأصدق جوداٍ وتخليداٍ من بذل الروح في سبيل الوطن .
فيما يقول المرحوم أحمد جابر العفيف: عرفته في بداية عام1955م وهو بالمرحلة الثانوية وكانت تربطني به وزملائه روابط الشعور بالمسؤولية فقد كنت يومها مسؤولاٍ عن التعليم بالوزارة وكنت أشعر بان هذا الشاب ليس عادياٍ فهو إلى جانب امتيازه في التحصيل والخلق المتين فهو من الأبطال الذين لابد وأنú يغيروا مجرى الحياة في البلاد .
بطل الثورة
وعن شخصيته الثقافية يتحدث الدكتور عبدالعزيز المقالح ليقول: من الناس من يعيش مائة عام ثم يختفي وكأنه لم يعش يوما واحداٍ ومنهم من يعيش عشرين عاما ثم يمضي وكأنه عاش ألف عام والحياة ليست بطولها وعرضها ولاهي بالسنوات الكثيرة بل هي تلك اللحظات المليئة بالجليل والعظيم. .
والبطل الذي أتقدم بخجل لأضع زهرة على قبره المجهول كان يقول دائماٍ العمر لا يقاس بالسنين وإنما بما يصنعه الإنسان في هذه السنين ذلك هو بطل الثورة الشهيد علي عبدالمغني شاب يمني أسمر في الثانية والعشرين من عمره وقد كتب هذا الكلام وكلاما كثيراٍ رائعاٍ في مجلته الحائطية التي كان يشرف عليها عندما كان طالباٍ في المدرسة الثانوية وفي هذه المجلة الحائطية كان البطل الشهيد علي عبد المغني يكتب دراسات مكثفة وقصيرة عن شخصيات العظماء في التاريخ تحت عنوان”في المرآة” .
ويضيف المقالح: كان الشهيد ألمع زملائه ذكاءٍ وعقلا وكان قادرا على تحديد مدى وعي هؤلاء الزمل
اء وإمكانياتهم الذاتية وكان بالرغم من تدني الوعي السياسي في صفوف الطلاب أكثر وعياٍ من الذين يشتغلون بالسياسة وكان يتعمق بالدراسات الاقتصادية والاجتماعية كما كان شغوفاٍ بالأدب الى حد بعيد أما حبه لبلاده فكان بلا حدود .
إرادة قوية
قال العميد المرحوم ناجي الاشول: علي عبدالمغني ظل مرتبطاٍ بمدرسته وبزملائه الطلاب وكان يقيم في غرفة في المدرسة الثانوية أطلق عليها اسم الكوخ مع نخبة من زملائه كانت فيه تعقد الندوات العملية والفكرية والسياسية ويؤمه الكثير من الشباب .
وقد كان الطلاب يتلقون تربيتهم الوطنية من واقع الحياة التعيسة والمحاطة بكل وسائل الكبت والقهر والحرمان إلا أن دور الشهيد علي عبدالمغني في هذا المضمار كان يبني الثقة بين الطلاب والتأليف بين قلوبهم ومشاعرهم ليحطم أشباح اليأس المستبدة بالنفوس..
لم يطمئن لمغريات المنصب الذي هيئه له وزير المعارف ربما كان يعتبره ضرباٍ من ضروب الشراك التي يلجأ إليها نظام الاستبداد وحين أعيد فتح الكلية الحربية بعد مجيء صفقة الأسلحة السوفيتية والتشيكية في العام 1957م تقدم للالتحاق بالكلية الحربية مجاميع من الشباب الذين رغبوا بالانخراط بالسلك العسكري برغم ما يعرفوه عن قسوة الحياة العسكرية وانحطاطها في ذاك الوقت ونجح عدد محدود من الشباب المتقدمين للتجنيد لم يكن علي عبدالمغني واحداٍ منهم ليتم قبوله في الدفعة الثانية الذي كنت أنا منهم .
وكان علي عبدالمغني ذا ذكاء خارق في الكلية الحربية الى جانب همة ونشاط كبيرين وكان يمتلك القدرة الفائقة في التأثير والإقناع فكان يعد نفسه لأمر عظيم. .
وعن تأسيس تنظيم الضباط الأحرار يقول: بالنسبة للجماعة الأولى التي دعت الى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار فلا شك أن الشهيد علي عبدالمغني هو أول من تبنى هذه الفكرة .
العقل المفكر
* فيما أطلق عليه المناضل علي الحيمي بالعقل المفكر لثورة سبتمبر العملاقة ويقول: عندما ترأس اجتماعنا الزميل الشهيد علي عبدالمغني وفي بداية الاجتماع قمنا بأداء القسم على المصحف الكريم والمسدس وكان نصه(أقسم بالله العلي العظيم أن أعمل مخلصاٍ لأمتي وبلادي وان أفديها بدمي. . وأن لا أفشي سراٍ ولو أدى إلى إنهاء حياتي) .
رئيس الخلية
* العميد يحيى الحياسي كان عضواٍ في خلية الشهيد علي عبدالمغني وزميله في الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية آنذاك تحدث عن مرحلة الإعداد للثورة والدور الذي لعبه الضباط الأحرار وفي مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني قبل قيام الثورة: كنت في خلية رئيسها علي عبد المغني مكونة من خمسة ثوار علي الحيمي وناجي المسيلي ومحمد الشراعي ويحيى الحياسي الى جانب رئيس الخلية وجميعنا ضمن الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية عام 1960م. .
وكنا نتدارس الأوضاع مع علي عبدالمغني باعتباره رئيس الخلية وكان علي الاتصال بالعسكريين والمدنيين .
أنشطهم
أما الكاتب البريطاني فرد هاليدي ترجمة د .محمد الرميحي فيقول: إنِ مجموعة من ضباط الجيش اليمني تتألف من أعضاء لجنة سرية من أصل أربعمائة ضابط هم الأقوياء في الجيش اليمني وقد شارك ثمانية ضباط فعلاٍ في تنفيذ الانقلاب وكان من أنشطهم ملازم عمره 25 سنة هو علي عبدالمغني ومعه المقدم عبدالله جزيلان والنقيب عبداللطيف ضيف الله .
شاب نبيل
أما العقيد محمد عبدالله الوشلي (أحد الضباط الأربعة الذين كانوا يشكلون مجموعة الاقتحام الثانية لدار البشائر) فقد قال: وهب الله لهذا الشعب اليمني من صفوة شبابه المثقف الواعي المطلع بما يجري في هذا الكوكب فجمع شملهم ويسر لهم أسباب الثورة والنصر فكانت القناعة بحتمية الثورة وتتمثل هذه الصفوة الممتازة في الدفعة الاولى كلية حربية برئاسة محمد مطهر زيد والدفعة الثانية برئاسة الشاب النبيل الذي قد لا يولد له مثيل الشهيد علي عبد المغني .
الرمز الأبدي
اما اللواء متقاعد صلاح الدين المحرزي احد أبرز القادة المصريين الذين عملوا في اليمن قبل الثورة وبعدها وعمل خلال الفترة من 1957م الى 1960م كبيراٍ لمعلمي البعثة العسكرية المصرية وشارك في تدريب وإعداد فوج البدر وكان له دور بارز في إقناع الإمام بفتح الكلية الحربية وعمل في الدفعة الأولى والثانية مدرساٍ للأسلحة وكان محل تقدير وإعجاب الجميع نظراٍ لكفاءته وعلاقاته الطيبة خاصة مع طلبة الكلية الذين غرس فيهم الروح الثورية للتخلص من الحكم الإمامي. .
فقال بعد ان سرد قصة الثورة اليمنية:(على ضوء ما سبق نصل الى الحقيقة التي تاهت مع قيام الثورة ومكنت الانتهازية من سرقة الثورة وهي في بدايتها من يد ابنائها وشهدائها الضباط الصغار كما سموهم في ذلك الحين وقائدهم علي عبدالمغني ولست أدري ان كان التاريخ سوف ينصف هؤلاء ام ستظل الحقيقة تحت التراب تطالب كل قلم حر ان يعطيها ولو كلمة صدق وشرف. .
ومع ذلك سيظل الشهيد على عبدالمغني وإخوانه الشهداء ضباط سبتمبر وآلاف المصريين الشهداء في قبورهم على تراب اليمن الرمز الأبدي لثورة 26 سبتمبر معجزة القرن العشرين) .
قائد الثورة
إرادة قوية
قال العميد المرحوم ناجي الاشول: علي عبدالمغني ظل مرتبطاٍ بمدرسته وبزملائه الطلاب وكان يقيم في غرفة في المدرسة الثانوية أطلق عليها اسم الكوخ مع نخبة من زملائه كانت فيه تعقد الندوات العملية والفكرية والسياسية ويؤمه الكثير من الشباب .
وقد كان الطلاب يتلقون تربيتهم الوطنية من واقع الحياة التعيسة والمحاطة بكل وسائل الكبت والقهر والحرمان إلا أن دور الشهيد علي عبدالمغني في هذا المضمار كان يبني الثقة بين الطلاب والتأليف بين قلوبهم ومشاعرهم ليحطم أشباح اليأس المستبدة بالنفوس..
لم يطمئن لمغريات المنصب الذي هيئه له وزير المعارف ربما كان يعتبره ضرباٍ من ضروب الشراك التي يلجأ إليها نظام الاستبداد وحين أعيد فتح الكلية الحربية بعد مجيء صفقة الأسلحة السوفيتية والتشيكية في العام 1957م تقدم للالتحاق بالكلية الحربية مجاميع من الشباب الذين رغبوا بالانخراط بالسلك العسكري برغم ما يعرفوه عن قسوة الحياة العسكرية وانحطاطها في ذاك الوقت ونجح عدد محدود من الشباب المتقدمين للتجنيد لم يكن علي عبدالمغني واحداٍ منهم ليتم قبوله في الدفعة الثانية الذي كنت أنا منهم .
وكان علي عبدالمغني ذا ذكاء خارق في الكلية الحربية الى جانب همة ونشاط كبيرين وكان يمتلك القدرة الفائقة في التأثير والإقناع فكان يعد نفسه لأمر عظيم. .
وعن تأسيس تنظيم الضباط الأحرار يقول: بالنسبة للجماعة الأولى التي دعت الى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار فلا شك أن الشهيد علي عبدالمغني هو أول من تبنى هذه الفكرة .
العقل المفكر
* فيما أطلق عليه المناضل علي الحيمي بالعقل المفكر لثورة سبتمبر العملاقة ويقول: عندما ترأس اجتماعنا الزميل الشهيد علي عبدالمغني وفي بداية الاجتماع قمنا بأداء القسم على المصحف الكريم والمسدس وكان نصه(أقسم بالله العلي العظيم أن أعمل مخلصاٍ لأمتي وبلادي وان أفديها بدمي. . وأن لا أفشي سراٍ ولو أدى إلى إنهاء حياتي) .
رئيس الخلية
* العميد يحيى الحياسي كان عضواٍ في خلية الشهيد علي عبدالمغني وزميله في الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية آنذاك تحدث عن مرحلة الإعداد للثورة والدور الذي لعبه الضباط الأحرار وفي مقدمتهم الشهيد علي عبدالمغني قبل قيام الثورة: كنت في خلية رئيسها علي عبد المغني مكونة من خمسة ثوار علي الحيمي وناجي المسيلي ومحمد الشراعي ويحيى الحياسي الى جانب رئيس الخلية وجميعنا ضمن الدفعة الثانية المتخرجة من الكلية الحربية عام 1960م. .
وكنا نتدارس الأوضاع مع علي عبدالمغني باعتباره رئيس الخلية وكان علي الاتصال بالعسكريين والمدنيين .
أنشطهم
أما الكاتب البريطاني فرد هاليدي ترجمة د .محمد الرميحي فيقول: إنِ مجموعة من ضباط الجيش اليمني تتألف من أعضاء لجنة سرية من أصل أربعمائة ضابط هم الأقوياء في الجيش اليمني وقد شارك ثمانية ضباط فعلاٍ في تنفيذ الانقلاب وكان من أنشطهم ملازم عمره 25 سنة هو علي عبدالمغني ومعه المقدم عبدالله جزيلان والنقيب عبداللطيف ضيف الله .
شاب نبيل
أما العقيد محمد عبدالله الوشلي (أحد الضباط الأربعة الذين كانوا يشكلون مجموعة الاقتحام الثانية لدار البشائر) فقد قال: وهب الله لهذا الشعب اليمني من صفوة شبابه المثقف الواعي المطلع بما يجري في هذا الكوكب فجمع شملهم ويسر لهم أسباب الثورة والنصر فكانت القناعة بحتمية الثورة وتتمثل هذه الصفوة الممتازة في الدفعة الاولى كلية حربية برئاسة محمد مطهر زيد والدفعة الثانية برئاسة الشاب النبيل الذي قد لا يولد له مثيل الشهيد علي عبد المغني .
الرمز الأبدي
اما اللواء متقاعد صلاح الدين المحرزي احد أبرز القادة المصريين الذين عملوا في اليمن قبل الثورة وبعدها وعمل خلال الفترة من 1957م الى 1960م كبيراٍ لمعلمي البعثة العسكرية المصرية وشارك في تدريب وإعداد فوج البدر وكان له دور بارز في إقناع الإمام بفتح الكلية الحربية وعمل في الدفعة الأولى والثانية مدرساٍ للأسلحة وكان محل تقدير وإعجاب الجميع نظراٍ لكفاءته وعلاقاته الطيبة خاصة مع طلبة الكلية الذين غرس فيهم الروح الثورية للتخلص من الحكم الإمامي. .
فقال بعد ان سرد قصة الثورة اليمنية:(على ضوء ما سبق نصل الى الحقيقة التي تاهت مع قيام الثورة ومكنت الانتهازية من سرقة الثورة وهي في بدايتها من يد ابنائها وشهدائها الضباط الصغار كما سموهم في ذلك الحين وقائدهم علي عبدالمغني ولست أدري ان كان التاريخ سوف ينصف هؤلاء ام ستظل الحقيقة تحت التراب تطالب كل قلم حر ان يعطيها ولو كلمة صدق وشرف. .
ومع ذلك سيظل الشهيد على عبدالمغني وإخوانه الشهداء ضباط سبتمبر وآلاف المصريين الشهداء في قبورهم على تراب اليمن الرمز الأبدي لثورة 26 سبتمبر معجزة القرن العشرين) .
قائد الثورة
*وعن دور الشهيد عند القيام بالثورة يقول الأستاذ يحيى المتوكل: ان القائد الحقيقي للثورة هو علي عبدالمغني وقد كلفني بعدد من المهام المتعلقة بالتنظيم كما كنت خلال اليوم الثاني والثالث للثورة أساعد في التواصل مع مسؤولي قصر السلاح لإعداد وتجهيز الأسلحة والذخائر للحملات العسكرية التي تحركت الى جبهة القتال, ثم كلفني بعدها بقيادة الحملة العسكرية الى جبهة القتال الشمالية الغربية القفلة –شهارة- وشحة. .
كان علي عبدالمغني بعد انفجار الثورة في قلب الأحداث وكانت المعارك تشتعل هنا وهناك فيقوم بتوجيه الحملات لإطفائها ويزودها بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة ومواد تموينية, كما كان يكلف زملاءه الضباط بالتحرك الى المناطق المختلفة حسب ما يحددها هو فيزودهم بالتعليمات والمهام التي سيقومون بها وهي مهام في أغلبها قتالية. .
كنا جميع ضباط الثورة نتعامل مع الرئيس السلال بكل احترام وتقدير ونتلقى منه التعليمات وننفذها ولكننا في مهام القتال كنا نتلقى تعليماتنا مباشرة من علي عبدالمغني باعتباره المسؤول عن الشؤون العسكرية بصفة خاصة بينما تولى المشير السلال إدارة شؤون الدولة .
كنا جميعاٍ موالين للتنظيم ومؤمنين بقيادة يكون على رأسها علي عبدالمغني ولكن عند موت الإمام احمد لم يكن قد بت في هذه المسألة, ولم يكن علي عبدالمغني متحمساٍ لتحمل مسؤولية قيادة الثورة وبدأنا بالبحث عن حل وكان القرار نأتي بشخصية من خارج التنظيم, فقد كانت تدور في رؤوسنا التجربة في مصر شئنا أم أبينا, لهذا تم تكليف عبدالله جزيلان وأحمد الرحومي والرحبي للنزول الى الحديدة بهدف إقناع العميد حمود الجايفي ليكون زعيماٍ للثورة وبلغوه رسالة التنظيم وحاولوا طويلاٍ إقناعه لكنهم أخفقوا وتنصل رحمه الله من هذه المسؤولية .
وهكذا عاد الوفد الى صنعاء ليقول إنه لا فائدة من محاولة إقناع الجايفي الذي قال إنه مستعد ليكون جندياٍ للثورة لكنه ليس مستعداٍ لأن يتحمل مسؤولية قيادة الثورة ولهذا بدأنا البحث عن شخصية أخرى فوقع الاختيار على الزعيم عبدالله السلال وقد تحمسنا نحن ضباط كلية الطيران لأننا كنا من المؤيدين للسلال أكثر من الجايفي لوقوفه إلى جانبنا خلال إغلاق الإمام الكلية ومواقفه أثناء ثورة 1948م وفي رد على سؤال: لماذا ترددتم في اختيار علي عبدالمغني, لقد كنتم تبحثون عن زعيم بينكم¿ كان الرد, جاء موت الإمام أحمد المفاجئ ونحن لم نحسم الكثير من القضايا من بنيها قضية من يكون الزعيم بعد انتصار الثورة إضافة الى ذلك لم تكن لدى علي عبدالمغني الرغبة والطموح ليقول لنا أنا فنقول جميعاٍ موافقون, أضف الى ذلك كان هناك من يرى انه لابد أن يكون لدينا واجهة معروفة عند الناس حتى يقبلوا بها وهو نفس السيناريو الذي تكرر في مصر عندما اختير محمد نجيب رئيساٍ بينما رئيس الثورة جمال عبدالناصر .
تفجير
* وفي هذا الإطار يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان الجزء الاول- 1988م وفي فقرة من حديثه عن ثورة اليمن ص 622, (صباح يوم 18 سبتمبر 1962م تسربت من اليمن أخبار تفيد ان الإمام أحمد قد مات وترددت إشاعات توحي بأنه قتل نتيجة لقيام أحد ضباط الجيش بإطلاق النار عليه وما لبثت إذاعة صنعاء ان أذاعت نبأ وفاة الإمام رسمياٍ وخلفه ابنه الأمير (محمد البدر) ولي العهد وبدت الأمور طبيعية في اليمن. .
وفي صباح يوم 26سبتمبر 1962م لم تعد الأمور طبيعية في اليمن فقد أعلنت إذاعة صنعاء صباح ذلك اليوم عن قيام انقلاب قاده العميد (عبدالله السلال) وان هذا الانقلاب استولى على السلطة بعد مقتل (البدر) في معركة مسلحة دارت على أبواب قصره في صنعاء وبعثت السفارة المصرية في اليمن ببرقية تقول فيها إن القادة الحقيقيين للثورة مجموعة من الضباط الشباب أبرزهم علي عبدالمغني” وكان التأييد الشعبي الذي حصل عليه الانقلاب من اللحظة الأولى كاسحاٍ فسجل أسرة حميد الدين لم يترك لأحد دموعاٍ يذرفها عليه داخل اليمن أو خارجه) وهذا الكلام يؤكد الدور البارز للشهيد في قيادة الثورة وتفجيرها مع رفاق نضاله الضباط الأحرار الذين حملوا رؤوسهم على اكفهم وحققوا المعجزة الكبرى والنصر المبين فكانت ثورة سبتمبر أم الثورات اليمنية للتخلص من الاستبداد ومخلفاتهما في ربوع اليمن الواحد .
شهادة الإمام البدر
جاء على لسان الإمام محمد البدر انه في مساء يوم 26سبتمبر 62م وقع انقلاب عسكري في اليمن بقيادة ضابط يمني صغير في الجيش يدعى علي عبدالمغني وقد قتل بعد الانقلاب وهذا أعطى العقيد عبدالله السلال الفرصة للاستيلاء على السلطة ويقول ان السلال كان صديقي الحميم وقد عينته قائد الحرس الملكي .
ويقول الدكتور سعيد محمد باذيب: وخلاف ما قيل عن ان قائد الثورة هو العقيد عبدالله السلال الذي عينه الإمام قائداٍ للحرس الملكي فإن مدبر الثورة والمخطط الرئيسي هو ضابط صغير الرتبة هو علي عبدالمغني وقال الإمام البدر انه في ليلة الانقلاب كان يترأس اجتماعاٍ لمجلس الوزراء وبعد الاجتماع حاول الضابط حسين السكري نائب العقيد السل
كان علي عبدالمغني بعد انفجار الثورة في قلب الأحداث وكانت المعارك تشتعل هنا وهناك فيقوم بتوجيه الحملات لإطفائها ويزودها بما تحتاجه من ذخائر وأسلحة ومواد تموينية, كما كان يكلف زملاءه الضباط بالتحرك الى المناطق المختلفة حسب ما يحددها هو فيزودهم بالتعليمات والمهام التي سيقومون بها وهي مهام في أغلبها قتالية. .
كنا جميع ضباط الثورة نتعامل مع الرئيس السلال بكل احترام وتقدير ونتلقى منه التعليمات وننفذها ولكننا في مهام القتال كنا نتلقى تعليماتنا مباشرة من علي عبدالمغني باعتباره المسؤول عن الشؤون العسكرية بصفة خاصة بينما تولى المشير السلال إدارة شؤون الدولة .
كنا جميعاٍ موالين للتنظيم ومؤمنين بقيادة يكون على رأسها علي عبدالمغني ولكن عند موت الإمام احمد لم يكن قد بت في هذه المسألة, ولم يكن علي عبدالمغني متحمساٍ لتحمل مسؤولية قيادة الثورة وبدأنا بالبحث عن حل وكان القرار نأتي بشخصية من خارج التنظيم, فقد كانت تدور في رؤوسنا التجربة في مصر شئنا أم أبينا, لهذا تم تكليف عبدالله جزيلان وأحمد الرحومي والرحبي للنزول الى الحديدة بهدف إقناع العميد حمود الجايفي ليكون زعيماٍ للثورة وبلغوه رسالة التنظيم وحاولوا طويلاٍ إقناعه لكنهم أخفقوا وتنصل رحمه الله من هذه المسؤولية .
وهكذا عاد الوفد الى صنعاء ليقول إنه لا فائدة من محاولة إقناع الجايفي الذي قال إنه مستعد ليكون جندياٍ للثورة لكنه ليس مستعداٍ لأن يتحمل مسؤولية قيادة الثورة ولهذا بدأنا البحث عن شخصية أخرى فوقع الاختيار على الزعيم عبدالله السلال وقد تحمسنا نحن ضباط كلية الطيران لأننا كنا من المؤيدين للسلال أكثر من الجايفي لوقوفه إلى جانبنا خلال إغلاق الإمام الكلية ومواقفه أثناء ثورة 1948م وفي رد على سؤال: لماذا ترددتم في اختيار علي عبدالمغني, لقد كنتم تبحثون عن زعيم بينكم¿ كان الرد, جاء موت الإمام أحمد المفاجئ ونحن لم نحسم الكثير من القضايا من بنيها قضية من يكون الزعيم بعد انتصار الثورة إضافة الى ذلك لم تكن لدى علي عبدالمغني الرغبة والطموح ليقول لنا أنا فنقول جميعاٍ موافقون, أضف الى ذلك كان هناك من يرى انه لابد أن يكون لدينا واجهة معروفة عند الناس حتى يقبلوا بها وهو نفس السيناريو الذي تكرر في مصر عندما اختير محمد نجيب رئيساٍ بينما رئيس الثورة جمال عبدالناصر .
تفجير
* وفي هذا الإطار يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل في كتابه سنوات الغليان الجزء الاول- 1988م وفي فقرة من حديثه عن ثورة اليمن ص 622, (صباح يوم 18 سبتمبر 1962م تسربت من اليمن أخبار تفيد ان الإمام أحمد قد مات وترددت إشاعات توحي بأنه قتل نتيجة لقيام أحد ضباط الجيش بإطلاق النار عليه وما لبثت إذاعة صنعاء ان أذاعت نبأ وفاة الإمام رسمياٍ وخلفه ابنه الأمير (محمد البدر) ولي العهد وبدت الأمور طبيعية في اليمن. .
وفي صباح يوم 26سبتمبر 1962م لم تعد الأمور طبيعية في اليمن فقد أعلنت إذاعة صنعاء صباح ذلك اليوم عن قيام انقلاب قاده العميد (عبدالله السلال) وان هذا الانقلاب استولى على السلطة بعد مقتل (البدر) في معركة مسلحة دارت على أبواب قصره في صنعاء وبعثت السفارة المصرية في اليمن ببرقية تقول فيها إن القادة الحقيقيين للثورة مجموعة من الضباط الشباب أبرزهم علي عبدالمغني” وكان التأييد الشعبي الذي حصل عليه الانقلاب من اللحظة الأولى كاسحاٍ فسجل أسرة حميد الدين لم يترك لأحد دموعاٍ يذرفها عليه داخل اليمن أو خارجه) وهذا الكلام يؤكد الدور البارز للشهيد في قيادة الثورة وتفجيرها مع رفاق نضاله الضباط الأحرار الذين حملوا رؤوسهم على اكفهم وحققوا المعجزة الكبرى والنصر المبين فكانت ثورة سبتمبر أم الثورات اليمنية للتخلص من الاستبداد ومخلفاتهما في ربوع اليمن الواحد .
شهادة الإمام البدر
جاء على لسان الإمام محمد البدر انه في مساء يوم 26سبتمبر 62م وقع انقلاب عسكري في اليمن بقيادة ضابط يمني صغير في الجيش يدعى علي عبدالمغني وقد قتل بعد الانقلاب وهذا أعطى العقيد عبدالله السلال الفرصة للاستيلاء على السلطة ويقول ان السلال كان صديقي الحميم وقد عينته قائد الحرس الملكي .
ويقول الدكتور سعيد محمد باذيب: وخلاف ما قيل عن ان قائد الثورة هو العقيد عبدالله السلال الذي عينه الإمام قائداٍ للحرس الملكي فإن مدبر الثورة والمخطط الرئيسي هو ضابط صغير الرتبة هو علي عبدالمغني وقال الإمام البدر انه في ليلة الانقلاب كان يترأس اجتماعاٍ لمجلس الوزراء وبعد الاجتماع حاول الضابط حسين السكري نائب العقيد السل
ال لشؤون أمن وحماية القصر الملكي لاغتياله من الخلف إلا ان زناد البندقية خانه واما العقيد السلال فلم يحضر الانقلاب ولم يكن موجوداٍ في القصر الملكي تلك الليلة وان مدبر الانقلاب الرئيسي وقائده فهو الضابط علي عبدالمغي .
بيان الثورة
* يشير الدكتور سلطان المعمري بالقول: لا يختلف اثنان على ان الشهيد علي عبدالمغني هو الشخص الذي أوكل إليه مهمة الاتصال والتنسيق مع السفارة المصرية بصنعاء والزعيم جمال عبدالناصر ومن عودته من تعز الى صنعاء صار الشهيد علي عبدالمغني القائد الفعلي للتنظيم وبيان الثورة وضعه الشهيد الملازم علي عبدالمغني وخطه بيده غداة الحدث العظيم .
لقد برهن ذلك الثائر المؤمن بأن الحياة عطاء وتضحية وانها ليست مناصب ومكاسب كما فعل الذين كذبوا على أنفسهم وعلى ثورتهم وخرج رحمه الله ليواجه القبائل المضللة ويقنعهم بأن الثورة هي من أجلهم لتنشئ المستشفيات وتبني المدارس ولتعيد للشعب اليمني كرامته وعزته ولكنه لم يتمكن من اقناعهم فقد كانت قلوبهم مشتاقة للمال والسلاح .
ان الشهادات لقائد ثورة 26سبتمبر
كثيرة ومتعددة ونود الإشارة هنا الى ما كتبه اللواء أحمد قايد العصري انه في ليلة الثورة سلم الى الأخ الملازم علي عبدالمغني زنبيل مملؤ بالقنابل اليدوية الهجومية الذي كان يشتريها من قبل الثورة من عدن وثلاث عجلات ديناميت وكنا مجموعة الاقتحام وكان هو من اصدر إلينا الأوامر بالهجوم الفوري على دار البشائر وكان القائد المنظم والمنفذ والمخطط الوحيد وكنا لا نعرف إلا أوامره .
قائد ثورة 26 سبتمبر
اما الصحفي محمد الشعيبي على الرغم ان موضوع كتابه (مؤتمر حرض ومحاولات السلام باليمن) إلا انه افرد صفحة خاصة رقم (4) عليها صورة الشهيد الملازم علي عبدالمغني كتب أدناها قائد ثورة 26سبتمبر 1962م (للعلم ان الكاتب المشار إليه احد المعاصرين للثورة وإرهاصاتها أعقبت قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري وشغل عدة مناصب في وزارة الإعلام الإذاعة التلفزيون وعمل مسؤولاٍ إعلامياٍ في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وعمل مع المشير السلال والفريق حسين العمري ورافقهما في مسيرة العمل والنضال داخل الوطن وخارجه .
استشهاده
يقول الاستاذ يحيى المتوكل: كان علي عبدالمغني صاحب مثالية عالية وعندما رأى انه أرسل زملاءه الى جبهات القتال واستشهد منهم من استشهد قال لماذا لا يشارك هو أيضاٍ وقام بالمغامرة غير المدروسة والتي أودت بحياته وأنا شخصياٍ لا استبعد ان يكون هناك من السياسيين والعسكريين من خارج التنظيم من كان يضيق به وربما شجعوه على الأقدام على هذه المغامرة ليتخلصوا منه أتصور هكذا وباستشهاده خسرت اليمن أحد أهم رجالات الثورة وصانعيها وهي خسارة تركت آثاراٍ سلبية على مسيرة الثورة وتوجهاتها
بيان الثورة
* يشير الدكتور سلطان المعمري بالقول: لا يختلف اثنان على ان الشهيد علي عبدالمغني هو الشخص الذي أوكل إليه مهمة الاتصال والتنسيق مع السفارة المصرية بصنعاء والزعيم جمال عبدالناصر ومن عودته من تعز الى صنعاء صار الشهيد علي عبدالمغني القائد الفعلي للتنظيم وبيان الثورة وضعه الشهيد الملازم علي عبدالمغني وخطه بيده غداة الحدث العظيم .
لقد برهن ذلك الثائر المؤمن بأن الحياة عطاء وتضحية وانها ليست مناصب ومكاسب كما فعل الذين كذبوا على أنفسهم وعلى ثورتهم وخرج رحمه الله ليواجه القبائل المضللة ويقنعهم بأن الثورة هي من أجلهم لتنشئ المستشفيات وتبني المدارس ولتعيد للشعب اليمني كرامته وعزته ولكنه لم يتمكن من اقناعهم فقد كانت قلوبهم مشتاقة للمال والسلاح .
ان الشهادات لقائد ثورة 26سبتمبر
كثيرة ومتعددة ونود الإشارة هنا الى ما كتبه اللواء أحمد قايد العصري انه في ليلة الثورة سلم الى الأخ الملازم علي عبدالمغني زنبيل مملؤ بالقنابل اليدوية الهجومية الذي كان يشتريها من قبل الثورة من عدن وثلاث عجلات ديناميت وكنا مجموعة الاقتحام وكان هو من اصدر إلينا الأوامر بالهجوم الفوري على دار البشائر وكان القائد المنظم والمنفذ والمخطط الوحيد وكنا لا نعرف إلا أوامره .
قائد ثورة 26 سبتمبر
اما الصحفي محمد الشعيبي على الرغم ان موضوع كتابه (مؤتمر حرض ومحاولات السلام باليمن) إلا انه افرد صفحة خاصة رقم (4) عليها صورة الشهيد الملازم علي عبدالمغني كتب أدناها قائد ثورة 26سبتمبر 1962م (للعلم ان الكاتب المشار إليه احد المعاصرين للثورة وإرهاصاتها أعقبت قيام الثورة وإعلان النظام الجمهوري وشغل عدة مناصب في وزارة الإعلام الإذاعة التلفزيون وعمل مسؤولاٍ إعلامياٍ في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وعمل مع المشير السلال والفريق حسين العمري ورافقهما في مسيرة العمل والنضال داخل الوطن وخارجه .
استشهاده
يقول الاستاذ يحيى المتوكل: كان علي عبدالمغني صاحب مثالية عالية وعندما رأى انه أرسل زملاءه الى جبهات القتال واستشهد منهم من استشهد قال لماذا لا يشارك هو أيضاٍ وقام بالمغامرة غير المدروسة والتي أودت بحياته وأنا شخصياٍ لا استبعد ان يكون هناك من السياسيين والعسكريين من خارج التنظيم من كان يضيق به وربما شجعوه على الأقدام على هذه المغامرة ليتخلصوا منه أتصور هكذا وباستشهاده خسرت اليمن أحد أهم رجالات الثورة وصانعيها وهي خسارة تركت آثاراٍ سلبية على مسيرة الثورة وتوجهاتها
#ثورة_سبتمر_المجيدة
نموذج من التصفيات والقتل التي ذاق اليمنيون مرارتها خلال الفتره السابقة
دراســة:
الشهداء اليمنيون
الشهداء #الملكيون
الدكتور
حسـن علـي مجلـي
أستاذ علوم القانون الجنائي - جامعة صنعاء
الإهـــــداء
إلى رواد التصالح والتسامح، ودعاة وأنصار العدالة الانتقالية وأصحاب (الحوار الوطني) ودعاة (الدولة المدنية - الديمقراطية الحديثة)، أقدم هذه المساهمة المتواضعة على درب بناء يمن خال من الاغتيالات والمحاكمات الصورية والإعدامات الجماعية والتهم الملفقة والإخفاء القسري تحت أي مسمى وبواسطة أيٍّ كان.
تمهيــــد :
اختار حكام اليمن شمالاً وجنوباً منذ انقلاب (26 سبتمبر 1962م) وانتفاضة (14 أكتوبر 1963) المسلحة، الإعدامات الجماعية وتلفيق الاتهامات والاغتيالات وتزييف التاريخ والمحاكمات الصورية والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري ... الخ، وكل جرائم إرهاب الدولة ومحظورات الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وسيلة سهلة وطريقاً مختصراً لبسط سيطرتهم وتحقيق أطماعهم الشخصية ومطامعهم الخاصة في المال والجاه ولتدعيم حكمهم والتخلص من خصومهم ومعارضيهم وأعدائهم، وكأن مسلسل القتل خارج إطار المحاكمات المستوفاة العادلة هو أداة التغيير الوحيد( ).
لقد جرى اغتيال عدد من رؤساء الجمهوريتين اليمنيتين ودونت الجريمة في عدد منها ضد (مجهول)، وهذا أمر لا يوجد في التاريخ القديم والحديث مثيل في كافة أنحاء العالم.
وجرى ويجري قتل واغتيال العديد من المواطنين والمواطنات والأجانب الأبرياء في اليمن تحت مختلف الرايات والمسميات وبمختلف الذرائع، كذلك اختارت القوى السياسية المتقاتلة في بعض الفترات التاريخية الاغتيال وسيلتها للقضاء على معارضيها وخصومها ومن تتوهمهم كذلك.
ولكن محصلة ذلك كله كان وما زال هو سلسلة الثأر الدموية التي صبغت اليمن بلون الدم والدمار، فالقتل يجر إلى مثيله، وقد ثبت، تاريخياً، بطلان هذا السبيل الدموي الإرهابي وقَرَّ في الأذهان أنه يشكل على المدى البعيد تدميراً مادياً ومعنوياً للأوطان والشعوب مهما حاول الحكام وأعوانهم تزييف الوعي بالتاريخ وتحريفه وأياً كانت المبررات التي يسوغون بها ممارساتهم الإرهابية يجب أن يذهب إلى غير رجعة زمن الاغتيالات والمحاكمات الصورية والتهم الملفقة والإعدامات الوحشية دون ذنب أو محاكمة.
ويكفي لإثبات ذلك ما نراه اليوم من محاولات معظم (الضباط الأحرار) وحلفائهم من (مشائخ القبائل) التخلص في مذكراتهم وتصريحاتهم من مسئولية القتل الجماعي والاغتيالات والتعذيب وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية كذا المحاكمات الصورية ... الخ، حيث يحاول كل طرف إلقاءها على كاهل الطرف الآخر وذلك للتحلل من آثارها الخطيرة المدمرة وطابعها الوحشي المقيت والمحظور والمدان محلياً وعربياً وعالمياً.
يا هؤلاء وأولئك : بدلاً من انتهاج درب الإرهاب الدموي وطريق الاغتيالات الموحش والمظلم يجب على كل ذوي الشأن سلوك سبيل سيادة القانون والمحاكمات العادلة والكف عن التخلص من المعارضين بارتكاب الاغتيالات الفردية والقتل الجماعي وغير ذلك من الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، مع ضرورة التأكيد بأن كل من قُتِل دون ذنب أو محاكمة مستوفاة وعادلة فهو شهيد.
إننا بهذه الدراسة الموجزة التي تشمل النصف الثاني من القرن العشرين والعقدين الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، نأمل أننا قد بدأنا الخطوة الأولى في مسار تصحيح التاريخ اليمني وتخليصه من الزيف والادعاءات الكاذبة والبطولات الوهمية، وخاصة في أهم وأعظم المجالات وهي: الحق في الحياة وعصمة الدماء البشرية وتحكيم القضاء العادل المحايد والشريعة والقانون في حل المنازعات السياسية بين كافة (الأطراف المعنية في اليمن)( ).
الشهداء الملكيون
تمهيـــد :
في 26 ، 27 سبتمبر 1962م قام قادة الانقلاب ضد حكم الإمام (محمد البدر) ابن الإمام (أحمد يحيى حميد الدين) بقتل ما يزيد عن (سبعين) قاضياً وفقيهاً وعالماً وإدارياً قيادياً دون ذنب ومن غير محاكمة، وتم رمي جثثهم في حفرة كبيرة في منطقة (خزيمة) (نادي الضباط)، وكان من بين مَن تم إعدامهم القاضي العلامة (يحيى علي الشهاري) رئيس الاستئناف، والأمير المثقف التقدمي الثائر (الحسن بن علي) وأبيه الأمير المثقف الشاعر (علي بن يحيى حميد الدين) والقاضي العلامة (زيد يحيى عقبات) وغيرهم ممن تم إيراد عدد منهم في هذه الدراسة.
القاضي الشهيد :
(رصاصة القَدَر) :
يروي رئيس الجمهورية السابق المشير (عبدالله السلال) عن عملية قتل رئيس الاستئناف:
قلت للزملاء: ولماذا لا نرسل لرئيس الاستئناف (الشهيد يحيى عباس الشهاري)، من يستدعيه باسم (البدر) ونوصله إلينا ونحتجزه ثم نعلن بأنه أعدم؟ وما دام الجمع المحتشد الآن حولنا من أهل صنعاء، فأنا كفيل بهم لما اشتهر عنهم من إطلاق الإشاعات والإرجاف فإنهم سوف يبالغون في القصة ويزيدون عليها، وهذه سنّة جبلوا عليها من قبل مئات السنين. وقد قال عنهم المؤرخ ال
نموذج من التصفيات والقتل التي ذاق اليمنيون مرارتها خلال الفتره السابقة
دراســة:
الشهداء اليمنيون
الشهداء #الملكيون
الدكتور
حسـن علـي مجلـي
أستاذ علوم القانون الجنائي - جامعة صنعاء
الإهـــــداء
إلى رواد التصالح والتسامح، ودعاة وأنصار العدالة الانتقالية وأصحاب (الحوار الوطني) ودعاة (الدولة المدنية - الديمقراطية الحديثة)، أقدم هذه المساهمة المتواضعة على درب بناء يمن خال من الاغتيالات والمحاكمات الصورية والإعدامات الجماعية والتهم الملفقة والإخفاء القسري تحت أي مسمى وبواسطة أيٍّ كان.
تمهيــــد :
اختار حكام اليمن شمالاً وجنوباً منذ انقلاب (26 سبتمبر 1962م) وانتفاضة (14 أكتوبر 1963) المسلحة، الإعدامات الجماعية وتلفيق الاتهامات والاغتيالات وتزييف التاريخ والمحاكمات الصورية والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري ... الخ، وكل جرائم إرهاب الدولة ومحظورات الميثاق الدولي لحقوق الإنسان، وسيلة سهلة وطريقاً مختصراً لبسط سيطرتهم وتحقيق أطماعهم الشخصية ومطامعهم الخاصة في المال والجاه ولتدعيم حكمهم والتخلص من خصومهم ومعارضيهم وأعدائهم، وكأن مسلسل القتل خارج إطار المحاكمات المستوفاة العادلة هو أداة التغيير الوحيد( ).
لقد جرى اغتيال عدد من رؤساء الجمهوريتين اليمنيتين ودونت الجريمة في عدد منها ضد (مجهول)، وهذا أمر لا يوجد في التاريخ القديم والحديث مثيل في كافة أنحاء العالم.
وجرى ويجري قتل واغتيال العديد من المواطنين والمواطنات والأجانب الأبرياء في اليمن تحت مختلف الرايات والمسميات وبمختلف الذرائع، كذلك اختارت القوى السياسية المتقاتلة في بعض الفترات التاريخية الاغتيال وسيلتها للقضاء على معارضيها وخصومها ومن تتوهمهم كذلك.
ولكن محصلة ذلك كله كان وما زال هو سلسلة الثأر الدموية التي صبغت اليمن بلون الدم والدمار، فالقتل يجر إلى مثيله، وقد ثبت، تاريخياً، بطلان هذا السبيل الدموي الإرهابي وقَرَّ في الأذهان أنه يشكل على المدى البعيد تدميراً مادياً ومعنوياً للأوطان والشعوب مهما حاول الحكام وأعوانهم تزييف الوعي بالتاريخ وتحريفه وأياً كانت المبررات التي يسوغون بها ممارساتهم الإرهابية يجب أن يذهب إلى غير رجعة زمن الاغتيالات والمحاكمات الصورية والتهم الملفقة والإعدامات الوحشية دون ذنب أو محاكمة.
ويكفي لإثبات ذلك ما نراه اليوم من محاولات معظم (الضباط الأحرار) وحلفائهم من (مشائخ القبائل) التخلص في مذكراتهم وتصريحاتهم من مسئولية القتل الجماعي والاغتيالات والتعذيب وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية كذا المحاكمات الصورية ... الخ، حيث يحاول كل طرف إلقاءها على كاهل الطرف الآخر وذلك للتحلل من آثارها الخطيرة المدمرة وطابعها الوحشي المقيت والمحظور والمدان محلياً وعربياً وعالمياً.
يا هؤلاء وأولئك : بدلاً من انتهاج درب الإرهاب الدموي وطريق الاغتيالات الموحش والمظلم يجب على كل ذوي الشأن سلوك سبيل سيادة القانون والمحاكمات العادلة والكف عن التخلص من المعارضين بارتكاب الاغتيالات الفردية والقتل الجماعي وغير ذلك من الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، مع ضرورة التأكيد بأن كل من قُتِل دون ذنب أو محاكمة مستوفاة وعادلة فهو شهيد.
إننا بهذه الدراسة الموجزة التي تشمل النصف الثاني من القرن العشرين والعقدين الأول والثاني من القرن الواحد والعشرين، نأمل أننا قد بدأنا الخطوة الأولى في مسار تصحيح التاريخ اليمني وتخليصه من الزيف والادعاءات الكاذبة والبطولات الوهمية، وخاصة في أهم وأعظم المجالات وهي: الحق في الحياة وعصمة الدماء البشرية وتحكيم القضاء العادل المحايد والشريعة والقانون في حل المنازعات السياسية بين كافة (الأطراف المعنية في اليمن)( ).
الشهداء الملكيون
تمهيـــد :
في 26 ، 27 سبتمبر 1962م قام قادة الانقلاب ضد حكم الإمام (محمد البدر) ابن الإمام (أحمد يحيى حميد الدين) بقتل ما يزيد عن (سبعين) قاضياً وفقيهاً وعالماً وإدارياً قيادياً دون ذنب ومن غير محاكمة، وتم رمي جثثهم في حفرة كبيرة في منطقة (خزيمة) (نادي الضباط)، وكان من بين مَن تم إعدامهم القاضي العلامة (يحيى علي الشهاري) رئيس الاستئناف، والأمير المثقف التقدمي الثائر (الحسن بن علي) وأبيه الأمير المثقف الشاعر (علي بن يحيى حميد الدين) والقاضي العلامة (زيد يحيى عقبات) وغيرهم ممن تم إيراد عدد منهم في هذه الدراسة.
القاضي الشهيد :
(رصاصة القَدَر) :
يروي رئيس الجمهورية السابق المشير (عبدالله السلال) عن عملية قتل رئيس الاستئناف:
قلت للزملاء: ولماذا لا نرسل لرئيس الاستئناف (الشهيد يحيى عباس الشهاري)، من يستدعيه باسم (البدر) ونوصله إلينا ونحتجزه ثم نعلن بأنه أعدم؟ وما دام الجمع المحتشد الآن حولنا من أهل صنعاء، فأنا كفيل بهم لما اشتهر عنهم من إطلاق الإشاعات والإرجاف فإنهم سوف يبالغون في القصة ويزيدون عليها، وهذه سنّة جبلوا عليها من قبل مئات السنين. وقد قال عنهم المؤرخ ال
كبير (أبو الحسن الهمداني) قبل ألف سنة (ما رأيت كأهل صنعاء يرجفون على أنفسهم)، ويظهر أن الله سبحانه وتعالى قد أذن للمعجزة أن تتحقق بوصول رئيس الاستئناف مع المجموعة (العسكرية) التي ذهبت لإحضاره.
وبينما كنت أستجوبه (رئيس الاستئناف) إذ برصاصة (القَدر) تنطلق على صدره ويموت بعدها ومعه ابنه (حفيده) الذي أصر على مرافقته. وما إن شاهد أهل صنعاء مصرعه مع ابنه (حفيده) حينما نقلت جثتاهما إلى خارج مبنى القيادة حتى فزعوا وفروا وبعضهم يصيح بأعلى صوته، إنهم يطلقون الرصاص على كل من يعترض أو يقاوم الثورة، ويدعون الناس إلى الهروب وهم يتحدثون عن قتل العشرات( ).
تلك كانت رواية المشير (عبدالله السلال) الرئيس السابق للجمهورية العربية اليمنية عن جريمة قتل رئيس الاستئناف القاضي العلامة (يحيى عباس الشهاري)، والرواية كلها واضح فيها التلفيق والتبرير والشعور بالذنب والحقد على سكان (صنعاء) المدنيين وعدم احترامهم.
بل يذهب (السلال) إلى أن (رصاصة القدَر) كانت بوحي من العناية الإلهية( )؟!
تكذيب الرواية :
مما يؤكد عدم صحة رواية المشير (السلال) ما يرويه أحد شهود الرؤية من كبار الضباط الانقلابيين عن اللحظة التي سبقت قتل (رئيس المحكمة الاستئنافية) وحفيده على نحو مغاير لرواية (السلال):
((وعندما وقع نظر الزعيم (عبدالله السلال) على وجه رئيس الاستئناف قال كما أذكر: هذه ثورة وقد ظلمت الشعب وعبثت بالمقدسات، ولم يرد رئيس الاستئناف ولم يبد أية حركة، فقد أدرك أن الأمر جد لا هزل فيه خاصة وأن طلقات المدافع والدبابات كانت تزمجر طول الليل وها هو يرى بنفسه رئيس الحرس الملكي يقف أمامه، واشتد حماس الزعيم (السلال) فأمر بإطلاق النار عليه وانطلقت رصاصات من مسدس الرائد (السيد غالب الشرعي) لتعلن نهاية حكم الكهنوت العفن. وحاول ابن رئيس الاستئناف الهرب فأطلقت عليه الرصاص من مسدسي طلقة كانت نهاية الجيل الجديد من الحكم الكهنوتي))( ).
ليس ذلك فحسب، بل إن مما يؤكد أن قتل رئيس الاستئناف وغيره من القضاة والفقهاء والعلماء كان مخططاً له وليس محض مصادفة كما يزعم (السلال)، بالإضافة إلى عدم صحة زعم ضابط آخر هو (اللواء عبدالله الراعي)، الذي ذكر أيضاً أنه:
كانت هناك قائمة، أما القائمة فكانت موجودة في مجلس قيادة الثورة، وتم الإعدام على أساسها.
ويعلق أحد المثقفين على ذلك:
((يبرر اللواء عبدالله الراعي، الإعدامات التي تمت بعد الثورة مباشرة بدون محاكمات ولعلماء وفقهاء وقضاة وأمراء أتوا إلى مبى القيادة العسكرية للإفصاح عن عدم معارضتهم للانقلاب، ذكر (الراعي) في (ص 59) من كتابه أنهم جاءوا إلى القيادة لـ (تسليم أنفسهم)، فكيف يتم إعدامهم، والحال كذلك؟!
ويصف (الراعي) الإعدامات بأنها كانت ضرورية، وأنها جعلت الجماهير تقتنع بالثورة، حين شاهدوا الجثث مرمية في حفرة، والرؤوس المعلقة، وأنه تم دفنهم في حفرة واحدة، ويدلل على ذلك أنهم حين أطلقوا سراح الأمير (محمد بن المحسن) و (علي بن إبراهيم)، أصبحا هذان اللذان تم إطلاقهما على أنهما طفلان من أشرس المقاتلين في الجبهة الملكية، ويؤكد على أن الإعدامات لم تكن عشوائية، وإنما كان هناك قائمة معدة سلفاً، وأنا بدوري أسأل: إذا كان قتل رئيس الاستئناف بصنعاء ضمن القائمة المعدة، وكان أول من أعدمتهم مقصلة الثورة بالرصاص، حين بدأ بالدخول من بوابة الكلية الحربية (القيادة) وقتها - بعد أن أخبروا (السلال) بمجيئه، فما كان من (السلال) سوى أن غمز بعينه إشارة على قتله، وعدم وجود داع لإدخاله عليه، وبعدها انهالت الرصاص عليه من هنا وهناك، وحين أراد حفيده الفرار، إلى (الجاراج)، تبعته الرصاص وقتل أيضاً - أقول إذا كان قتل رئيس الاستئناف مقرراً مسبقاً رغم أنه طاعن في السن فهل قتل الحفيد رغم صغر سنه وعدم توليه منصباً مهماً كجده، هل قتله أيضاً أليس عشوائياً، بل وجريمة ضد الإنسانية))( ).
ثم يضيف المثقف المذكور:
يذكر اللواء (عبدالله جزيلان) أن الذين تم إعدامهم (حاولوا التقرب من الثورة)( )؟!
وبالإضافة إلى ذلك نجد في مذكرات بعض الانقلابيين شهادة على ابتذال بعض كبار الساسة المصريين في اليمن آنذاك، فقد ذكر (اللواء) عبدالله جزيلان أن سفير مصر آنذاك في اليمن (محمد عبدالواحد) أجاب بالتلفون (اللاسلكي) قائلاً:
((أنا أكلمك وأنا على السلم. وقد فرغت زجاجة الويسكي)).
رواية المثقف الانتهازي :
عندما نصل إلى دور بعض المثقفين الانتهازيين في مجازر 26 و 27 و 28 سبتمبر 1962م، نقرأ لأحدهم( ) ما يلي:
تحت عنوان (مسكين المشير السلال) نشر الأخ الفاضل العميد (محمد علي الأكوع) مقالاً في جريدة الأيام (25 يناير 1999م) عن بعض ذكرياته، وتضمن ما يخالف الحقيقة فيما يتعلق بموقفي من ثلاث قضايا تاريخية منها ما وصفه بأنه (مجزرة نيف وأربعين قتيلاً من حاكمي العهد الإمامي) فكتب أن الأخ المشير قال له:
((الناس تعرف أن البيضاني يومها هو الحاكم بأمره وسمعوه في صوت العرب وقرأوه في روز اليوسف وهو يهدد الهاشميين السادة
وبينما كنت أستجوبه (رئيس الاستئناف) إذ برصاصة (القَدر) تنطلق على صدره ويموت بعدها ومعه ابنه (حفيده) الذي أصر على مرافقته. وما إن شاهد أهل صنعاء مصرعه مع ابنه (حفيده) حينما نقلت جثتاهما إلى خارج مبنى القيادة حتى فزعوا وفروا وبعضهم يصيح بأعلى صوته، إنهم يطلقون الرصاص على كل من يعترض أو يقاوم الثورة، ويدعون الناس إلى الهروب وهم يتحدثون عن قتل العشرات( ).
تلك كانت رواية المشير (عبدالله السلال) الرئيس السابق للجمهورية العربية اليمنية عن جريمة قتل رئيس الاستئناف القاضي العلامة (يحيى عباس الشهاري)، والرواية كلها واضح فيها التلفيق والتبرير والشعور بالذنب والحقد على سكان (صنعاء) المدنيين وعدم احترامهم.
بل يذهب (السلال) إلى أن (رصاصة القدَر) كانت بوحي من العناية الإلهية( )؟!
تكذيب الرواية :
مما يؤكد عدم صحة رواية المشير (السلال) ما يرويه أحد شهود الرؤية من كبار الضباط الانقلابيين عن اللحظة التي سبقت قتل (رئيس المحكمة الاستئنافية) وحفيده على نحو مغاير لرواية (السلال):
((وعندما وقع نظر الزعيم (عبدالله السلال) على وجه رئيس الاستئناف قال كما أذكر: هذه ثورة وقد ظلمت الشعب وعبثت بالمقدسات، ولم يرد رئيس الاستئناف ولم يبد أية حركة، فقد أدرك أن الأمر جد لا هزل فيه خاصة وأن طلقات المدافع والدبابات كانت تزمجر طول الليل وها هو يرى بنفسه رئيس الحرس الملكي يقف أمامه، واشتد حماس الزعيم (السلال) فأمر بإطلاق النار عليه وانطلقت رصاصات من مسدس الرائد (السيد غالب الشرعي) لتعلن نهاية حكم الكهنوت العفن. وحاول ابن رئيس الاستئناف الهرب فأطلقت عليه الرصاص من مسدسي طلقة كانت نهاية الجيل الجديد من الحكم الكهنوتي))( ).
ليس ذلك فحسب، بل إن مما يؤكد أن قتل رئيس الاستئناف وغيره من القضاة والفقهاء والعلماء كان مخططاً له وليس محض مصادفة كما يزعم (السلال)، بالإضافة إلى عدم صحة زعم ضابط آخر هو (اللواء عبدالله الراعي)، الذي ذكر أيضاً أنه:
كانت هناك قائمة، أما القائمة فكانت موجودة في مجلس قيادة الثورة، وتم الإعدام على أساسها.
ويعلق أحد المثقفين على ذلك:
((يبرر اللواء عبدالله الراعي، الإعدامات التي تمت بعد الثورة مباشرة بدون محاكمات ولعلماء وفقهاء وقضاة وأمراء أتوا إلى مبى القيادة العسكرية للإفصاح عن عدم معارضتهم للانقلاب، ذكر (الراعي) في (ص 59) من كتابه أنهم جاءوا إلى القيادة لـ (تسليم أنفسهم)، فكيف يتم إعدامهم، والحال كذلك؟!
ويصف (الراعي) الإعدامات بأنها كانت ضرورية، وأنها جعلت الجماهير تقتنع بالثورة، حين شاهدوا الجثث مرمية في حفرة، والرؤوس المعلقة، وأنه تم دفنهم في حفرة واحدة، ويدلل على ذلك أنهم حين أطلقوا سراح الأمير (محمد بن المحسن) و (علي بن إبراهيم)، أصبحا هذان اللذان تم إطلاقهما على أنهما طفلان من أشرس المقاتلين في الجبهة الملكية، ويؤكد على أن الإعدامات لم تكن عشوائية، وإنما كان هناك قائمة معدة سلفاً، وأنا بدوري أسأل: إذا كان قتل رئيس الاستئناف بصنعاء ضمن القائمة المعدة، وكان أول من أعدمتهم مقصلة الثورة بالرصاص، حين بدأ بالدخول من بوابة الكلية الحربية (القيادة) وقتها - بعد أن أخبروا (السلال) بمجيئه، فما كان من (السلال) سوى أن غمز بعينه إشارة على قتله، وعدم وجود داع لإدخاله عليه، وبعدها انهالت الرصاص عليه من هنا وهناك، وحين أراد حفيده الفرار، إلى (الجاراج)، تبعته الرصاص وقتل أيضاً - أقول إذا كان قتل رئيس الاستئناف مقرراً مسبقاً رغم أنه طاعن في السن فهل قتل الحفيد رغم صغر سنه وعدم توليه منصباً مهماً كجده، هل قتله أيضاً أليس عشوائياً، بل وجريمة ضد الإنسانية))( ).
ثم يضيف المثقف المذكور:
يذكر اللواء (عبدالله جزيلان) أن الذين تم إعدامهم (حاولوا التقرب من الثورة)( )؟!
وبالإضافة إلى ذلك نجد في مذكرات بعض الانقلابيين شهادة على ابتذال بعض كبار الساسة المصريين في اليمن آنذاك، فقد ذكر (اللواء) عبدالله جزيلان أن سفير مصر آنذاك في اليمن (محمد عبدالواحد) أجاب بالتلفون (اللاسلكي) قائلاً:
((أنا أكلمك وأنا على السلم. وقد فرغت زجاجة الويسكي)).
رواية المثقف الانتهازي :
عندما نصل إلى دور بعض المثقفين الانتهازيين في مجازر 26 و 27 و 28 سبتمبر 1962م، نقرأ لأحدهم( ) ما يلي:
تحت عنوان (مسكين المشير السلال) نشر الأخ الفاضل العميد (محمد علي الأكوع) مقالاً في جريدة الأيام (25 يناير 1999م) عن بعض ذكرياته، وتضمن ما يخالف الحقيقة فيما يتعلق بموقفي من ثلاث قضايا تاريخية منها ما وصفه بأنه (مجزرة نيف وأربعين قتيلاً من حاكمي العهد الإمامي) فكتب أن الأخ المشير قال له:
((الناس تعرف أن البيضاني يومها هو الحاكم بأمره وسمعوه في صوت العرب وقرأوه في روز اليوسف وهو يهدد الهاشميين السادة
بالذات بالانتقام والموت وكأنه هتلر في كتاب "كفاحي"). ثم أضاف أن المشير السلال قال له: (لكنني اعترافاً بالحقيقة وافقت يا ولد محمد أننا لو لم نبرح أولئك الطغاة من طريق الثورة لما انتصرت))( ).
ويؤكد (البيضاني) أن (السلال) اعترف بالموافقة على مذبحة نيف وأربعين قتيلاً من (حكام العهد البائد) وأن ما ذكره (الأكوع) في كتابه:
أصبح حجة أخرى تؤكد اعتراف الأخ السلال رحمه الله الذي أدلى به على نفسه فنشره عنه ابن أخته الأخ الفاضل العميد (الأكوع).
ثم يتبرأ (د. البيضاني) من المذبحة حيث يكتب:
((أما مذبحة رجال العهد الإمامي فقد وقعت في اليومين الأول والثاني بعد قيام الثورة (26 و 27 و 28) وكنت في ذلك الوقت في القاهرة في (اجتماعات متواصلة) مع الرئيس الراحل (جمال عبدالناصر) بشأن مهمة القوات المصرية))( ).
ويواصل:
((فلم أكن (الحاكم بأمره) الذي أعدم أحداً لأن إعدام رجال العهد الإمامي تم في غيابي ولم يكن ضمن خطة الثورة التي اتفقنا عليها، أما الأخ السلال فإنه اعترف بصراحة بأنه وافق على إعدامهم ووصفهم بالطغاة والفراعنة والآلهة وأنه لولا أن وافق (شخصياً) على إعدامهم لما انتصرت الثورة)).
ويتحسَّر (البيضاني) على الشهداء الملكيين متوجعاً:
((حسرتي على من قتلتهم الثورة قبل وصولي وكان الأولى بها أن تحافظ عليهم))( ).
ويدين الإعدامات الجماعية قائلاً:
((لكن واأسفاه، لقد تعجلت الثورة وأخطأت عندما أعدمت الكثيرين من رجالات اليمن ... وأحمد الله أنني سوف ألقاه ولا يسألني عن دماء هؤلاء التي سفكها المتشنجون وكنت لا أزال في طريقي إلى صنعاء بعد الثورة.))( ).
كما أردف (البيضاني) في ذات الصفحة:
((أحمد الله الذي وفقني بمجرد وصولي إلى صنعاء إلى وقف تلك المذبحة الوحشية)).
والحقيقة أن المجازر البشرية راح ضحيتها ليس مجرد (نيف وأربعين قاضياً وفقيهاً وعالماً) وإنما أكثر من (مائة وخمسين) من أولئك من مختلف أنحاء اليمن، وبالإضافة إلى أولئك هناك عدد غير معروف من الشهداء القضاة والمثقفين والعلماء والفقهاء، قتلوا بعيداً عن العاصمة (صنعاء) في المدن والقرى اليمنية الأخرى، ولكن معظمهم جرى اغتيالهم في (صنعاء).
وفي هذا الصدد يعترف أحد (الضباط الأحرار) مؤكداً أن:
((كل المجاميع الموجودة في (تعز) و (إب) اعتقلوا وكانت مهمة جداً، فلم تأت الساعة الثانية عشرة إلا وهم في سجن مبنى القيادة بتعز، وأرسلوا الساعة الثانية بعد ظهر اليوم الثاني إلى صنعاء. وفي الحديدة تم اعتقال (يحيى عبدالقادر - نائب الإمام هناك)، والمجموعة الأخرى الذين كانوا عاملين وموظفين مع الإمام، وقد قام باعتقالهم (محمد الرعيني) ومجموعة (التنظيم) في (الحديدة).))( ).
والجدير بالتنويه في هذا المقام أنه قد كتب عن المجازر البشرية الرهيبة آنذاك معظم الصحف العالمية وكبار الكتاب والمؤرخين( ).
كما أن تلك الإعدامات الوحشية، دون ذنب أو اتهام أو محاكمة قد حشدت معظم دول العالم ضد الانقلاب العسكري الذي وقع في (26 سبتمبر 1962م) وأدت إلى نفور من كان متعاطفاً معه ليلة حدوثه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يؤكد (البيضاني) أنه حتى الرئيس الأسبق لمصر (جمال عبدالناصر) قد احتج على الإعدامات الجماعية الوحشية للمدنيين العزل وفي مقدمتهم القضاة والفقهاء وكبار المثقفين تحت ذريعة أنهم من (الملكيين) وأبلغ (ناصر) (البيضاني) أنه:
((لا يستطيع مساندة ثورة تبدأ دموية لحظة مولدها، وأن ما حدث لم يكن ضمن خطة الثورة ولا منهجها الذي سبق أن أوضحته له فاقتنع به)).
المثقف الجبان والآخر الشجاع :
يعترف أحد المثقفين التقليديين بكونه كان جباناً حيث يتطلب الموقف الشجاعة ضد الباطل والطغيان:
((وفي اليوم الثالث أو الرابع توجهت إلى مبنى قيادة الثورة لكي أبارك للقائد (عبدالله السلال) وبقية الضباط بالنصر، وأشد على أيديهم. وقال القائد وهو يبتسم (ابسر على فَعْله( )!) قلت له: إنها (فعله) يباركها الله، فقد حدثت في موعدها. وقال هل تريد أن ترى مصارع الرجعيين؟ قلت يكفي إنهم قد لقوا مصيرهم. وفي هذه اللحظة جيء بالأمير (الحسن بن علي) رحمه الله، وكدت أتدخل لكي لا يقتل، ولكنني خفت من أن يقال بأنها عاطفة هاشمية، ولا سيما وفيها بعض المتهورين أمثال (هادي عيسى) عفى الله عنه))( ).
ويتضح من ذلك أن المذابح الجماعية ضد (الملكيين) استمرت بعد (26 سبتمبر) فترة طويلة وليس كما زعم (البيضاني) أنه أوقفها بمجرد وصوله إلى صنعاء.
والآن نستعرض موقفاً بطولياً لمثقف شجاع حدث في ذات الفترة المفعمة بالإرهاب والظلم.
يروي أحد ضباط الأمن الواقعة التاريخية التالية:
عُيِّنت بقرار من مجلس قيادة الثورة مدعياً عاماً أمام محكمة الشعب التي تشكلت في 30 أكتوبر عام 1962م بالإضافة إلى إدارة الأمن العام. فقد كان البعض يقوم بالاعتقالات أو حتى الإعدامات بدون محاكمات أو إجراءات قانونية. وكان الدافع لتشكيل المحكمة قصة عجيبة، حضرت حدثها عند زيارتي للقيادة العامة بمبنى المدرسة الحربية، في هذه الأثناء أخرجوا
ويؤكد (البيضاني) أن (السلال) اعترف بالموافقة على مذبحة نيف وأربعين قتيلاً من (حكام العهد البائد) وأن ما ذكره (الأكوع) في كتابه:
أصبح حجة أخرى تؤكد اعتراف الأخ السلال رحمه الله الذي أدلى به على نفسه فنشره عنه ابن أخته الأخ الفاضل العميد (الأكوع).
ثم يتبرأ (د. البيضاني) من المذبحة حيث يكتب:
((أما مذبحة رجال العهد الإمامي فقد وقعت في اليومين الأول والثاني بعد قيام الثورة (26 و 27 و 28) وكنت في ذلك الوقت في القاهرة في (اجتماعات متواصلة) مع الرئيس الراحل (جمال عبدالناصر) بشأن مهمة القوات المصرية))( ).
ويواصل:
((فلم أكن (الحاكم بأمره) الذي أعدم أحداً لأن إعدام رجال العهد الإمامي تم في غيابي ولم يكن ضمن خطة الثورة التي اتفقنا عليها، أما الأخ السلال فإنه اعترف بصراحة بأنه وافق على إعدامهم ووصفهم بالطغاة والفراعنة والآلهة وأنه لولا أن وافق (شخصياً) على إعدامهم لما انتصرت الثورة)).
ويتحسَّر (البيضاني) على الشهداء الملكيين متوجعاً:
((حسرتي على من قتلتهم الثورة قبل وصولي وكان الأولى بها أن تحافظ عليهم))( ).
ويدين الإعدامات الجماعية قائلاً:
((لكن واأسفاه، لقد تعجلت الثورة وأخطأت عندما أعدمت الكثيرين من رجالات اليمن ... وأحمد الله أنني سوف ألقاه ولا يسألني عن دماء هؤلاء التي سفكها المتشنجون وكنت لا أزال في طريقي إلى صنعاء بعد الثورة.))( ).
كما أردف (البيضاني) في ذات الصفحة:
((أحمد الله الذي وفقني بمجرد وصولي إلى صنعاء إلى وقف تلك المذبحة الوحشية)).
والحقيقة أن المجازر البشرية راح ضحيتها ليس مجرد (نيف وأربعين قاضياً وفقيهاً وعالماً) وإنما أكثر من (مائة وخمسين) من أولئك من مختلف أنحاء اليمن، وبالإضافة إلى أولئك هناك عدد غير معروف من الشهداء القضاة والمثقفين والعلماء والفقهاء، قتلوا بعيداً عن العاصمة (صنعاء) في المدن والقرى اليمنية الأخرى، ولكن معظمهم جرى اغتيالهم في (صنعاء).
وفي هذا الصدد يعترف أحد (الضباط الأحرار) مؤكداً أن:
((كل المجاميع الموجودة في (تعز) و (إب) اعتقلوا وكانت مهمة جداً، فلم تأت الساعة الثانية عشرة إلا وهم في سجن مبنى القيادة بتعز، وأرسلوا الساعة الثانية بعد ظهر اليوم الثاني إلى صنعاء. وفي الحديدة تم اعتقال (يحيى عبدالقادر - نائب الإمام هناك)، والمجموعة الأخرى الذين كانوا عاملين وموظفين مع الإمام، وقد قام باعتقالهم (محمد الرعيني) ومجموعة (التنظيم) في (الحديدة).))( ).
والجدير بالتنويه في هذا المقام أنه قد كتب عن المجازر البشرية الرهيبة آنذاك معظم الصحف العالمية وكبار الكتاب والمؤرخين( ).
كما أن تلك الإعدامات الوحشية، دون ذنب أو اتهام أو محاكمة قد حشدت معظم دول العالم ضد الانقلاب العسكري الذي وقع في (26 سبتمبر 1962م) وأدت إلى نفور من كان متعاطفاً معه ليلة حدوثه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل يؤكد (البيضاني) أنه حتى الرئيس الأسبق لمصر (جمال عبدالناصر) قد احتج على الإعدامات الجماعية الوحشية للمدنيين العزل وفي مقدمتهم القضاة والفقهاء وكبار المثقفين تحت ذريعة أنهم من (الملكيين) وأبلغ (ناصر) (البيضاني) أنه:
((لا يستطيع مساندة ثورة تبدأ دموية لحظة مولدها، وأن ما حدث لم يكن ضمن خطة الثورة ولا منهجها الذي سبق أن أوضحته له فاقتنع به)).
المثقف الجبان والآخر الشجاع :
يعترف أحد المثقفين التقليديين بكونه كان جباناً حيث يتطلب الموقف الشجاعة ضد الباطل والطغيان:
((وفي اليوم الثالث أو الرابع توجهت إلى مبنى قيادة الثورة لكي أبارك للقائد (عبدالله السلال) وبقية الضباط بالنصر، وأشد على أيديهم. وقال القائد وهو يبتسم (ابسر على فَعْله( )!) قلت له: إنها (فعله) يباركها الله، فقد حدثت في موعدها. وقال هل تريد أن ترى مصارع الرجعيين؟ قلت يكفي إنهم قد لقوا مصيرهم. وفي هذه اللحظة جيء بالأمير (الحسن بن علي) رحمه الله، وكدت أتدخل لكي لا يقتل، ولكنني خفت من أن يقال بأنها عاطفة هاشمية، ولا سيما وفيها بعض المتهورين أمثال (هادي عيسى) عفى الله عنه))( ).
ويتضح من ذلك أن المذابح الجماعية ضد (الملكيين) استمرت بعد (26 سبتمبر) فترة طويلة وليس كما زعم (البيضاني) أنه أوقفها بمجرد وصوله إلى صنعاء.
والآن نستعرض موقفاً بطولياً لمثقف شجاع حدث في ذات الفترة المفعمة بالإرهاب والظلم.
يروي أحد ضباط الأمن الواقعة التاريخية التالية:
عُيِّنت بقرار من مجلس قيادة الثورة مدعياً عاماً أمام محكمة الشعب التي تشكلت في 30 أكتوبر عام 1962م بالإضافة إلى إدارة الأمن العام. فقد كان البعض يقوم بالاعتقالات أو حتى الإعدامات بدون محاكمات أو إجراءات قانونية. وكان الدافع لتشكيل المحكمة قصة عجيبة، حضرت حدثها عند زيارتي للقيادة العامة بمبنى المدرسة الحربية، في هذه الأثناء أخرجوا
(علي مانع) للإعدام، وصادف ذلك مع عودة (جبر بن جبر) إلى القيادة من خولان، حيث كان يعمل مع القوات العسكرية والقبلية الموجودة هناك، وعندما رأى (علي مانع) يجر إلى ساحة الإعدام، أمسك به وقال لا يمكن أن يعدم هذا الرجل الحر النـزيه رغم أنه كان قريباً من الإمام أحمد. خرج المشير السلال من القيادة عندما سمع الضجة، لأن (جبر) كان يصيح بأعلى صوته، والجنود يشدون (علي مانع)، وكان الواقفون في الساحة من عسكريين ومدنيين يضجون متعاطفين مع (جبر بن جبر).
دعا المشير السلال رحمه الله (جبراً) ليستفهم منه، فقال له (جبر): ((هذا الرجل أنقذني من الموت عندما أمر الإمام بدفني حياً، ولما كان الحكم على وشك التنفيذ، جاء (علي مانع) دون علم الإمام وقال للجلاد، إن الإمام قد عفا عن (جبر بن جبر)، فأعادوني إلى السجن، وذهب (علي مانع) للإمام يستعطفه في العفو عني ثم صدر عفو الإمام. هكذا كان لـ (علي مانع) فضل في إنقاذ حياتي)).
نبه هذا الحدث المشير (السلال) ومجلس قيادة الثورة إلى ضرورة تشكيل محكمة الثورة تحت شعار (نحاكم عهداً ولا نحاكم أفراداً) وتم الاتفاق في مجلس قيادة الثورة على أن لا يعدم أحد، وإنما ينقلون بعد محاكمتهم إلى قلعة المقاطرة.
كان الغرض من إنشاء المحكمة هو إيقاف الأوامر الارتجالية والمزاجية والفوضى، وإيقاف الثارات. وحتى لا تكون فرصة لتصفية الحسابات والأحقاد الشخصية( ).
كتب (د. عبدالرحمن البيضاني):
(السلال) اعترف بالموافقة على مذبحة نيف وأربعين قتيلاً من حاكمي العهد البائد، فلقد اعترف الأخ اللواء (عبدالله جزيلان)، بالاشتراك والإشراف على تنفيذها، ودليل ذلك على سبيل المثال أنه قال في كتابه (التاريخ السري للثورة اليمنية - ص 129) أثناء الحديث مع الزعيم (عبدالله السلال) جاء الرائد (السيد غالب الشرعي) ومعه (رئيس الاستئناف) وابنه، وقد تحرك الرائد السيد غالب الشرعي بسرعة وقبض عليهما وأحضرهما إلى الكلية الحربية، وعندما وقع نظر الزعيم عبدالله السلال على وجه رئيس الاستئناف قال هذه ثورة وقد ظلمت الشعب وعبثت بالمقدسات ولم تتركوا أي شيء في تعذيب الشعب إلا فعلتموه، ولم يرد رئيس الاستئناف ولم يبد أي حركة واشتد حماس الزعيم (السلال) فأمر بإطلاق النار عليه وانطلقت رصاصات من مسدس الرائد (السيد غالب الشرعي)، لتعلن نهاية حكم الكهنوت والعفن. وحاول (ابن رئيس الاستئناف) الهرب فأطلقت عليه الرصاص من مسدسي. وقد أكبرت موقف الزعيم (عبدالله السلال) وموقف الرائد (السيد غالب الشرعي)، وشعرت بالثقة بعد مقتل رئيس الاستئناف( ).
رواية مختلفة وتبرير الجرائم :
أمر الإعدام غمزة عين؟!
يروي أحد ضباط الانقلاب البعثيين (واللواء الراعي) جريمة قتل (رئيس الاستئناف) على نحو مغاير لما سبق أن زعمه (السلال) في روايته عن الإعدامات الجماعية ومن ذلك قتل رئيس المحكمة الاستئنافية:
((وقد ذهب المقدم (يحيى الشراعي)( ) إلى بيت (رئيس الاستئناف) وأخبره أن هناك اجتماعاً في (العرضي) لكبار شخصيات اليمن من عسكرية ومدنية لتدارس وضع التذمر الذي يسود ربوع اليمن ولاتخاذ الحلول الملائمة والمناسبة من واقع وظروف البلاد وإمكانياتها.
وعندما خرج رئيس الاستئناف وكان طاعناً في السن ويضع تحت عمامته (شاشة) شأنه شأن من يخرج من الحمام، كذلك كان يحمل في يده عصا لا تفارقه( )، ويمشي وهو يتمتم ويحرك شفائفه كمن يقرأ باستمرار، وكانت تلك العادة متبعة في العهد البائد.
وعندما وصل رئيس الاستئناف إلى باب المدرسة أوقفت سيارته ونزل ماشياً واتجه نحو (مبنى القيادة)، وكانت غرفة الإدارة في المدرسة، ولما أُخْبِر (السلال) بقدومه أشار إلى أنه لا حاجة لدخوله، وغمز بعينه إشارة إلى إعدامه( ).
وعندما كان داخلاً من بوابة المبنى كانت الرصاص تنهال عليه من كل جانب، أما أحد أحفاده الذي كان برفقته فقد فر في اتجاه الجاراج وتبعته طلقات من هنا وهناك سقط على إثرها قتيلاً، وكانت هذه أولى عمليات الإعدام.))( ).
ثم أكد اللواء (الراعي):
هذه الإعدامات ساعدت كثيراً على انتصار الثورة، والتفاف الجماهير حولها صباح الثورة، فالناس صاروا أمام أمر واقع، كان إعدام (يحيى محمد عباس) (رئيس الاستئناف) شيئاً كبيراً، فالرجل عندما كان يحكم لم يكن أحداً يستطيع النظر إليه، فما بالك بقتله، فمشاهدة المواطنين جثته مرمية في الحفرة أحدث تحولاً كبيراً في مشاعرهم، كلهم نزلوا إلى الحفرة.
كان سبب إعدام رئيس الاستئناف، إذن، أنه كان ذو هيبة عندما يجلس على منصة القضاء فلا يستطيع أحد النظر إليه؟! حسب تعبير أحد الضباط الأحرار.
وعندما يسأل الصحفي (الراعي) عن عملية الإعدام:
* كيف، هل دفنوا جماعياً؟
يجيب الضابط البعثي الهمام دون أدنى ندم أو حسرة أو إحساس بالخطأ:
- عُمِلت حفرة كبيرة لهم في منطقة (نادي الضباط) و (مقبرة خزيمة) حالياً، وكان من يعدم يرمى إلى داخل الحفرة، ثم تم دفنهم جميعاً.
وعندما سأله أحد الصحافيين:
* كيف تعاملتم مع من تم اعتقالهم من أنصار الإمام وأعوانه في ذلك ا
دعا المشير السلال رحمه الله (جبراً) ليستفهم منه، فقال له (جبر): ((هذا الرجل أنقذني من الموت عندما أمر الإمام بدفني حياً، ولما كان الحكم على وشك التنفيذ، جاء (علي مانع) دون علم الإمام وقال للجلاد، إن الإمام قد عفا عن (جبر بن جبر)، فأعادوني إلى السجن، وذهب (علي مانع) للإمام يستعطفه في العفو عني ثم صدر عفو الإمام. هكذا كان لـ (علي مانع) فضل في إنقاذ حياتي)).
نبه هذا الحدث المشير (السلال) ومجلس قيادة الثورة إلى ضرورة تشكيل محكمة الثورة تحت شعار (نحاكم عهداً ولا نحاكم أفراداً) وتم الاتفاق في مجلس قيادة الثورة على أن لا يعدم أحد، وإنما ينقلون بعد محاكمتهم إلى قلعة المقاطرة.
كان الغرض من إنشاء المحكمة هو إيقاف الأوامر الارتجالية والمزاجية والفوضى، وإيقاف الثارات. وحتى لا تكون فرصة لتصفية الحسابات والأحقاد الشخصية( ).
كتب (د. عبدالرحمن البيضاني):
(السلال) اعترف بالموافقة على مذبحة نيف وأربعين قتيلاً من حاكمي العهد البائد، فلقد اعترف الأخ اللواء (عبدالله جزيلان)، بالاشتراك والإشراف على تنفيذها، ودليل ذلك على سبيل المثال أنه قال في كتابه (التاريخ السري للثورة اليمنية - ص 129) أثناء الحديث مع الزعيم (عبدالله السلال) جاء الرائد (السيد غالب الشرعي) ومعه (رئيس الاستئناف) وابنه، وقد تحرك الرائد السيد غالب الشرعي بسرعة وقبض عليهما وأحضرهما إلى الكلية الحربية، وعندما وقع نظر الزعيم عبدالله السلال على وجه رئيس الاستئناف قال هذه ثورة وقد ظلمت الشعب وعبثت بالمقدسات ولم تتركوا أي شيء في تعذيب الشعب إلا فعلتموه، ولم يرد رئيس الاستئناف ولم يبد أي حركة واشتد حماس الزعيم (السلال) فأمر بإطلاق النار عليه وانطلقت رصاصات من مسدس الرائد (السيد غالب الشرعي)، لتعلن نهاية حكم الكهنوت والعفن. وحاول (ابن رئيس الاستئناف) الهرب فأطلقت عليه الرصاص من مسدسي. وقد أكبرت موقف الزعيم (عبدالله السلال) وموقف الرائد (السيد غالب الشرعي)، وشعرت بالثقة بعد مقتل رئيس الاستئناف( ).
رواية مختلفة وتبرير الجرائم :
أمر الإعدام غمزة عين؟!
يروي أحد ضباط الانقلاب البعثيين (واللواء الراعي) جريمة قتل (رئيس الاستئناف) على نحو مغاير لما سبق أن زعمه (السلال) في روايته عن الإعدامات الجماعية ومن ذلك قتل رئيس المحكمة الاستئنافية:
((وقد ذهب المقدم (يحيى الشراعي)( ) إلى بيت (رئيس الاستئناف) وأخبره أن هناك اجتماعاً في (العرضي) لكبار شخصيات اليمن من عسكرية ومدنية لتدارس وضع التذمر الذي يسود ربوع اليمن ولاتخاذ الحلول الملائمة والمناسبة من واقع وظروف البلاد وإمكانياتها.
وعندما خرج رئيس الاستئناف وكان طاعناً في السن ويضع تحت عمامته (شاشة) شأنه شأن من يخرج من الحمام، كذلك كان يحمل في يده عصا لا تفارقه( )، ويمشي وهو يتمتم ويحرك شفائفه كمن يقرأ باستمرار، وكانت تلك العادة متبعة في العهد البائد.
وعندما وصل رئيس الاستئناف إلى باب المدرسة أوقفت سيارته ونزل ماشياً واتجه نحو (مبنى القيادة)، وكانت غرفة الإدارة في المدرسة، ولما أُخْبِر (السلال) بقدومه أشار إلى أنه لا حاجة لدخوله، وغمز بعينه إشارة إلى إعدامه( ).
وعندما كان داخلاً من بوابة المبنى كانت الرصاص تنهال عليه من كل جانب، أما أحد أحفاده الذي كان برفقته فقد فر في اتجاه الجاراج وتبعته طلقات من هنا وهناك سقط على إثرها قتيلاً، وكانت هذه أولى عمليات الإعدام.))( ).
ثم أكد اللواء (الراعي):
هذه الإعدامات ساعدت كثيراً على انتصار الثورة، والتفاف الجماهير حولها صباح الثورة، فالناس صاروا أمام أمر واقع، كان إعدام (يحيى محمد عباس) (رئيس الاستئناف) شيئاً كبيراً، فالرجل عندما كان يحكم لم يكن أحداً يستطيع النظر إليه، فما بالك بقتله، فمشاهدة المواطنين جثته مرمية في الحفرة أحدث تحولاً كبيراً في مشاعرهم، كلهم نزلوا إلى الحفرة.
كان سبب إعدام رئيس الاستئناف، إذن، أنه كان ذو هيبة عندما يجلس على منصة القضاء فلا يستطيع أحد النظر إليه؟! حسب تعبير أحد الضباط الأحرار.
وعندما يسأل الصحفي (الراعي) عن عملية الإعدام:
* كيف، هل دفنوا جماعياً؟
يجيب الضابط البعثي الهمام دون أدنى ندم أو حسرة أو إحساس بالخطأ:
- عُمِلت حفرة كبيرة لهم في منطقة (نادي الضباط) و (مقبرة خزيمة) حالياً، وكان من يعدم يرمى إلى داخل الحفرة، ثم تم دفنهم جميعاً.
وعندما سأله أحد الصحافيين:
* كيف تعاملتم مع من تم اعتقالهم من أنصار الإمام وأعوانه في ذلك ا
ليوم، هل شكلت محكمة لمحاكمتهم؟
أجاب الانقلابي:
- كان هناك رأي أن تشكل محكمة من عسكريين وعلماء ومشايخ لمحاكمتهم، لكن ذلك لم يحدث. (ليس ضرورياً)( )؟!
ثم أردف الضابط (الراعي) بنشوة همجية:
الذي وفق الثورة بالنجاح وجعل الجماهير تلتف حولها وتهتف وتصفق لها عندما رأت أعناق رموز الرجعية والإمامة مرمية في الساحة، فتمت الإعدامات فوراً ومباشرة دون أخذ ورد.
واستطرد قائلاً في مذكراته التي هي بمثابة وثيقة إدانة ضده:
هذه كانت خطوة كبيرة جداً فالناس سلموا بعدها بشيء اسمه ثورة ونظام جمهوري بدلاً من الإمامة المتعمقة في النفس والقلب 1200 سنة، لولا هذه الإعدامات لما حظيت الثورة بالتأييد الجماهيري.
أعطيك مثلاً على ما قمنا به وندمنا عليه فيما بعد، جاءوا بأمراء صغار (أطفال) منهم (محمد بن المحسن) وأخذهم الصليب الأحمر وأوصلهم إلى المملكة العربية السعودية.
ذكر (الراعي) في تبريره لعدم محاكمة القضاة والفقهاء والأمراء الملكيين وغيرهم وإعدامهم جماعياً دون ذنب أو محاكمة بأن الإمامين (يحيى) و (أحمد) لم يحاكما أحد، وأن قتل (بيت حميد الدين) وأنصارهم كان واجباً ثورياً؟! [ص 59 - 61] من كتاب (الراعي)( ).
وما أورده (الراعي) منافٍ للحقيقة. فالإمام (يحيى) لم يثبت أنه قتل أحداً من خصومه السياسيين، أما فيما يخص الإمام (أحمد) فإنه يوجد تحت أيدينا حكم استئنافي ضد الذين باشروا قتل أبيه الإمام (يحيى) وأولاده( ) وأحفاده ورئيس وزرائه أو تمالئوا على ذلك، وقد سبق (الحكم الاستنئافي)، كما يتضح من وقائعه وحيثياته (حكم ابتدائي) ولكنه وقع ضحية الاغتيال أيضاً فلم نعثر له حتى الآن على أثر، ليس ذلك وحسب، بل إنه قد جرت تحقيقات مع القتلة وشركائهم وأعوانهم والمشتبه بهم ولكننا لم نعثر لها على أثر أيضاً ولا بد أنها قد اختفت مع الحكم الابتدائي من قصر الإمام (أحمد) وأرشيفه بفعل فاعل بعد انقلاب (26 سبتمبر 1962م).
ورحم الله الشاعر الكبير (محمد مهدي الجوهري) إذ يقول( ):
أتعلم أم أنت لا تعلم
أتعلم أن جراح الشهيد
بأن جراح الضحايا فَم
تظل عن الثأر تستفهم
ملحوظة: راجع دراسة موجزة لاحقاً للكاتب عن الحكم القضائي الاستئنافي الصادر ضد قتلة الإمام (يحيى) والذي بسببه تم قتل رئيس المحكمة القاضي العلامة الشهيد (يحيى بن علي الشهاري) حيث اعترف، في بعض الوثائق الخطية المحفوظة لدى الكاتب، المشير (عبدالله السلال) قائد الانقلاب أنه تم قتل القاضي المذكور بسبب الحكم المشار إليه أعلاه؟! مع إيراد نص الحكم.
ثم يتحسر (الراعي) على أنه لم يتم إعدام جميع الملكيين وأنصارهم حتى المثقفين الثوريين وأبناء الشهداء منهم، قائلاً:
مثال آخر يتمثل في (علي بن إبراهيم)، فقد كان ضمن المعتقلين وسلمناه للصليب الأحمر في صنعاء، وكنا نعامله معاملة حسنة باعتباره ابن الشهيد (سيف الإسلام الحق إبراهيم)، وكان ولداً مثقفاً، واعياً ومتأثراً بالاتجاه الماركسي، متمرداً على أسرته وتركيبتها الاجتماعية والدينية والثقافية، وكنا نمده بالكتب إلى سجن القلعة، فعندما جاءت قضية (عبدالكريم السكري) الذي أسر في معركة (رازح) عام 1965م مع مجموعته من الضباط، أصبح (علي بن إبراهيم) في مقدمة من يتم التبادل به مقابل (السكري)، فخرج من السجن، وأصبح من أشرس المقاتلين الملكيين وأشجعهم وأصلبهم في جبل (عيال يزيد)، فقد كاد يسقط (عمران) ويحتلها، وقاتل حتى تمت التسوية في عام 1970م.
ولكن (الراعي) يعود بعد فترة من الحوار ليعترف بأن جرائم القتل الجماعي للقضاة والفقهاء و غيرهم قد وصم (الثورة) بالدموية وأصحابها بالقتلة.
* ألم تكن هذه نقطة تحول باتجاه تكوين أعداء للثورة؟
- كانت نقطة تحول لصالح البدر، فقد سمعنا فيما بعد من ينتقد القتل وأننا ما قتلنا وأعدمنا إلا من جانب الهاشميين، وحتى الآن يصموا الثورة بالدم والقتل( ).
وأخيراً يعترف (الراعي) أن عدداً كبيراً من العلماء والقضاة والفقهاء تم قتلهم رغم أنهم وصلوا إلى القادة العسكر لإعلان تأييدهم لهم كما حدث في عام 1948م وعام 1955م:
((وهناك من ذهب لاعتقال رئيس الاستئناف (يحيى محمد عباس الشهاري)( ) وغيره، ومنهم من أتى إلى مبنى القيادة لتسليم نفسه، مثل (زيد عقبات( )، عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب( )، محمد صالح العلفي) وغيرهم، وقد اعتقلوا عقب وصولهم مباشرة. أما بقية سيوف الإسلام في صنعاء فتم اعتقالهم، ولعب (علي عبدالله السلال) دوراً في اعتقالهم، فلم يأت ظهر يوم الثورة إلا وجميعهم معتقلون في مبنى القيادة من وزراء وحكام وأعوان للإمام وغيرهم. أما في تعز فتم اعتقالهم مباشرة من قبل قيادة التنظيم هناك، عاونهم النقيب (علي بن علي الجائفي) الذي كان قائداً للحرس الملكي، ولعب الإخوان (أحمد الكبسي) و (محمد الخاوي) و (علي الضبعي) و (سعد الأشول) دوراً في هذا الجانب))( ).
وفي الآونة الأخيرة ظهر مثقفون حداثيون شجعان يتصدون لتزييف التاريخ اليمني ويدينون إرهاب (الدولة) المتمثل في المذابح الجماعية للقضاة والفقهاء وغيره
أجاب الانقلابي:
- كان هناك رأي أن تشكل محكمة من عسكريين وعلماء ومشايخ لمحاكمتهم، لكن ذلك لم يحدث. (ليس ضرورياً)( )؟!
ثم أردف الضابط (الراعي) بنشوة همجية:
الذي وفق الثورة بالنجاح وجعل الجماهير تلتف حولها وتهتف وتصفق لها عندما رأت أعناق رموز الرجعية والإمامة مرمية في الساحة، فتمت الإعدامات فوراً ومباشرة دون أخذ ورد.
واستطرد قائلاً في مذكراته التي هي بمثابة وثيقة إدانة ضده:
هذه كانت خطوة كبيرة جداً فالناس سلموا بعدها بشيء اسمه ثورة ونظام جمهوري بدلاً من الإمامة المتعمقة في النفس والقلب 1200 سنة، لولا هذه الإعدامات لما حظيت الثورة بالتأييد الجماهيري.
أعطيك مثلاً على ما قمنا به وندمنا عليه فيما بعد، جاءوا بأمراء صغار (أطفال) منهم (محمد بن المحسن) وأخذهم الصليب الأحمر وأوصلهم إلى المملكة العربية السعودية.
ذكر (الراعي) في تبريره لعدم محاكمة القضاة والفقهاء والأمراء الملكيين وغيرهم وإعدامهم جماعياً دون ذنب أو محاكمة بأن الإمامين (يحيى) و (أحمد) لم يحاكما أحد، وأن قتل (بيت حميد الدين) وأنصارهم كان واجباً ثورياً؟! [ص 59 - 61] من كتاب (الراعي)( ).
وما أورده (الراعي) منافٍ للحقيقة. فالإمام (يحيى) لم يثبت أنه قتل أحداً من خصومه السياسيين، أما فيما يخص الإمام (أحمد) فإنه يوجد تحت أيدينا حكم استئنافي ضد الذين باشروا قتل أبيه الإمام (يحيى) وأولاده( ) وأحفاده ورئيس وزرائه أو تمالئوا على ذلك، وقد سبق (الحكم الاستنئافي)، كما يتضح من وقائعه وحيثياته (حكم ابتدائي) ولكنه وقع ضحية الاغتيال أيضاً فلم نعثر له حتى الآن على أثر، ليس ذلك وحسب، بل إنه قد جرت تحقيقات مع القتلة وشركائهم وأعوانهم والمشتبه بهم ولكننا لم نعثر لها على أثر أيضاً ولا بد أنها قد اختفت مع الحكم الابتدائي من قصر الإمام (أحمد) وأرشيفه بفعل فاعل بعد انقلاب (26 سبتمبر 1962م).
ورحم الله الشاعر الكبير (محمد مهدي الجوهري) إذ يقول( ):
أتعلم أم أنت لا تعلم
أتعلم أن جراح الشهيد
بأن جراح الضحايا فَم
تظل عن الثأر تستفهم
ملحوظة: راجع دراسة موجزة لاحقاً للكاتب عن الحكم القضائي الاستئنافي الصادر ضد قتلة الإمام (يحيى) والذي بسببه تم قتل رئيس المحكمة القاضي العلامة الشهيد (يحيى بن علي الشهاري) حيث اعترف، في بعض الوثائق الخطية المحفوظة لدى الكاتب، المشير (عبدالله السلال) قائد الانقلاب أنه تم قتل القاضي المذكور بسبب الحكم المشار إليه أعلاه؟! مع إيراد نص الحكم.
ثم يتحسر (الراعي) على أنه لم يتم إعدام جميع الملكيين وأنصارهم حتى المثقفين الثوريين وأبناء الشهداء منهم، قائلاً:
مثال آخر يتمثل في (علي بن إبراهيم)، فقد كان ضمن المعتقلين وسلمناه للصليب الأحمر في صنعاء، وكنا نعامله معاملة حسنة باعتباره ابن الشهيد (سيف الإسلام الحق إبراهيم)، وكان ولداً مثقفاً، واعياً ومتأثراً بالاتجاه الماركسي، متمرداً على أسرته وتركيبتها الاجتماعية والدينية والثقافية، وكنا نمده بالكتب إلى سجن القلعة، فعندما جاءت قضية (عبدالكريم السكري) الذي أسر في معركة (رازح) عام 1965م مع مجموعته من الضباط، أصبح (علي بن إبراهيم) في مقدمة من يتم التبادل به مقابل (السكري)، فخرج من السجن، وأصبح من أشرس المقاتلين الملكيين وأشجعهم وأصلبهم في جبل (عيال يزيد)، فقد كاد يسقط (عمران) ويحتلها، وقاتل حتى تمت التسوية في عام 1970م.
ولكن (الراعي) يعود بعد فترة من الحوار ليعترف بأن جرائم القتل الجماعي للقضاة والفقهاء و غيرهم قد وصم (الثورة) بالدموية وأصحابها بالقتلة.
* ألم تكن هذه نقطة تحول باتجاه تكوين أعداء للثورة؟
- كانت نقطة تحول لصالح البدر، فقد سمعنا فيما بعد من ينتقد القتل وأننا ما قتلنا وأعدمنا إلا من جانب الهاشميين، وحتى الآن يصموا الثورة بالدم والقتل( ).
وأخيراً يعترف (الراعي) أن عدداً كبيراً من العلماء والقضاة والفقهاء تم قتلهم رغم أنهم وصلوا إلى القادة العسكر لإعلان تأييدهم لهم كما حدث في عام 1948م وعام 1955م:
((وهناك من ذهب لاعتقال رئيس الاستئناف (يحيى محمد عباس الشهاري)( ) وغيره، ومنهم من أتى إلى مبنى القيادة لتسليم نفسه، مثل (زيد عقبات( )، عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب( )، محمد صالح العلفي) وغيرهم، وقد اعتقلوا عقب وصولهم مباشرة. أما بقية سيوف الإسلام في صنعاء فتم اعتقالهم، ولعب (علي عبدالله السلال) دوراً في اعتقالهم، فلم يأت ظهر يوم الثورة إلا وجميعهم معتقلون في مبنى القيادة من وزراء وحكام وأعوان للإمام وغيرهم. أما في تعز فتم اعتقالهم مباشرة من قبل قيادة التنظيم هناك، عاونهم النقيب (علي بن علي الجائفي) الذي كان قائداً للحرس الملكي، ولعب الإخوان (أحمد الكبسي) و (محمد الخاوي) و (علي الضبعي) و (سعد الأشول) دوراً في هذا الجانب))( ).
وفي الآونة الأخيرة ظهر مثقفون حداثيون شجعان يتصدون لتزييف التاريخ اليمني ويدينون إرهاب (الدولة) المتمثل في المذابح الجماعية للقضاة والفقهاء وغيره
م من المواطنين في مطلع انقلاب (26 سبتمبر 1962م) دون ذنب أو محاكمة، ويعتبرون تلك الإعدامات جرائم ضد الإنسانية( ).
اعـــتراف ووحشيـــة :
لسنا وحدنا من يدين الإعدامات الجماعية للقضاة والعلماء والفقهاء وسائر المثقفين والمواطنين بتهمة (المَلَكية) بل ها هو أحد قواد الانقلاب العسكري - القبلي يدين الإعدامات الجماعية للأبرياء دون ذنب أو محاكمة فيصرخ قائلاً:
((وفي اليوم الثاني عدنا إلى مدرسة الأسلحة وأعدنا المدافع إلى مكانها المحدد، وشاهدت في مرآب المدفعية منظراً لن أنساه حينما وجدت جثث أشخاص تم إعدامهم.
تأثرت جداً لطريقة الإعدام التي لم نعرف عنها شيئاً، ولا من الآمر بذلك، لأن أولئك الأشخاص لم يحاكموا، ولم يصدر قرار بإعدامهم، وبعضهم لا يستحقون الإعدام، وتركت أثراً سلبياً على الثورة، ولكني شاهدت أمامي جثثاً مضرجة بالدماء في مرآب المدفعية وتألمت لتلك الطريقة المؤسفة والمحزنة التي تركت أثراً سلبياً على سمعة الثورة وعدالتها.))( ).
ويتضح من كلام الضابط (المسوري) عدم صحة ما أورده الضابطان (السلال) و (الراعي) من أن الإعدامات الوحشية كانت ذات أثر إيجابي على الانقلاب وأصحابه، بل العكس من ذلك هو الصحيح، أي أنها تركت أثراً سلبياً ألحق باليمن واليمنيين وتطلعاتهم الثورية والتقدمية أفدح الأضرار.
كما تكشف ذكريات الضابط (المسوري)، آنفة الذكر، أن الإعدامات الجماعية للأبرياء المدنيين تمت في كل مكان من مدينة صنعاء وليس في القيادة أو (خزيمة) فقط.
والثابت تاريخياً أن مجال الاعتقال والإعدام كان مفتوحاً لا يحكمه ضابط من شرع أو عرف أو قانون، كما أن الإعدامات تمت في كل مكان كما ترويه شهادات ضباط الانقلاب ومنهم الضابط (حسين المسوري) في مذكراته.
* كان في تنظيم الضباط شخصيات مثقفة وواعية تدرك خطورة مثل هذه الأعمال والأخطاء؟
- ما هي الأخطاء؟
* قضية الإعدامات مثلاً ورمي جثث الناس (العلماء والقضاة والفقهاء) في حفر بشكل جماعي؟
ولكن الضابط (المسوري) يعود إلى طبيعته البدائية فيستيقظ وحش الثأر والهمجية في أعماقه، كما يتضح ذلك من إجابته اللاحقة لسؤال الصحفي التالي:
* هل كان من الصعب على (التنظيم) أن يحدد الأشخاص ويحاكمهم محاكمة ولو صورية؟
- كان لا بد من تعميق الثورة والجمهورية في نفوس الناس، ولم يكن سيتحقق ذلك إلا برؤية المواطنين لرموز العهد القديم جثثاً أمامهم( ).
ولا حاجة بنا لأن نوضح مدى ما تنطوي عليه إجابة الضابط (المسوري) من وحشية وتزييف للوعي ومجافاة للحقيقة.
وعلى الرغم من أن أحد زملاء (المسوري) من (الضباط الأحرار) قد شرب من نفس الكأس التي سقى منها العلماء والقضاة والفقهاء الذين اشترك في إعدامهم بعد انقلاب (26 سبتمبر 1962م)، إلا أن الضابط (المسوري) يتحسر على السفاح (هادي عيسى) ويستنكر إعدامه (دون محاكمة) ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق؟!! مؤكداً أن الإعدام دون محاكمة ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق إساءة إلى النظام الجمهوري ولكل القيم والأخلاق( )، وما كان أحرى بالضابط (المسوري) أن يعلم أن ذلك كله ينطبق، من باب أولى، على الإعدامات الجماعية الوحشية للعلماء والفقهاء والقضاة بتهمة (المَلَكِيَّة) و (الهاشميين) والذين كانوا نجوماً زاهرة في العلم والزهد والثقافة والأخلاق وأعظم، ولا نريد أن نقول قياساً بقاتليهم.
كتب الصحفي الشهير (رياض الريس) عن (هادي عيسى) ما يلي:
((وهادي عيسى كان في يوم ما من أكبر مَن يدعمون (السلال) وأهمهم، وهو بطّاش كبير، في عنقه آلاف الضحايا الأبرياء، وكان (السلال) يهدد به القبائل والناس، ويقول للذين يقامونه: سأرسل لكم (هادي عيسى). وأروني في صنعاء بجوار باب اليمن خارج المدينة بئراً اسمها (بئر هادي عيسى) كان يلقي بها الناس أحياء ثم يقذف فوقهم قنابل محرقة ويتركهم يموتون أشلاء في القعر، ومع (هادي عيسى) أعدم سيافه (محمد العميسي).))( ).
نقرأ في مذكرات الضابط المذكور:
((أما ما حدث للشهيد العميد (هادي عيسى) فقد كان متوقعاً أن يحدث، لأنه - يرحمه الله كان معروفاً بانفعاله وتشدده في بعض المواقف( ) وبخلافاته السابقة مع القيادة المصرية ومع المشير (عبدالله السلال). وما مارسه في ظل المرحلة الأولى من قيام الثورة لم يكن قراره وحده( )، وبعد شهر من قيام الثورة كبرت مكانته وذاع صيته بأنه المنفذ لكثير من الإعدامات)).
ثم يضيف الضابط المذكور:
أعدموه بلا مبرر، هذه المسرحية العبثية ليس لها مبرر، وكانت تصرفات هوجاء من غير محاكمات، ولم يحدث شيء من هؤلاء الناس، والتهم التي عليهم لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق، وأساءت إلى النظام الجمهوري، ولكل القيم والأخلاق( ).
وكان المعروف عن (هادي عيسى) ومعه مساعده ضباط الأمن (عبدالقادر الخطري) وأعوانهما جرائم القتل أو الاغتيال الفردي والجماعي للمواطنين اليمنيين دون ذنب أو محاكمة وفي مقدمة الاغتيالات الفردية والجماعية تلك التي قادها (هادي عيسى) ومن لف لفه ضد القضاة والفقهاء والموظفين خلال الحكم الملكي
اعـــتراف ووحشيـــة :
لسنا وحدنا من يدين الإعدامات الجماعية للقضاة والعلماء والفقهاء وسائر المثقفين والمواطنين بتهمة (المَلَكية) بل ها هو أحد قواد الانقلاب العسكري - القبلي يدين الإعدامات الجماعية للأبرياء دون ذنب أو محاكمة فيصرخ قائلاً:
((وفي اليوم الثاني عدنا إلى مدرسة الأسلحة وأعدنا المدافع إلى مكانها المحدد، وشاهدت في مرآب المدفعية منظراً لن أنساه حينما وجدت جثث أشخاص تم إعدامهم.
تأثرت جداً لطريقة الإعدام التي لم نعرف عنها شيئاً، ولا من الآمر بذلك، لأن أولئك الأشخاص لم يحاكموا، ولم يصدر قرار بإعدامهم، وبعضهم لا يستحقون الإعدام، وتركت أثراً سلبياً على الثورة، ولكني شاهدت أمامي جثثاً مضرجة بالدماء في مرآب المدفعية وتألمت لتلك الطريقة المؤسفة والمحزنة التي تركت أثراً سلبياً على سمعة الثورة وعدالتها.))( ).
ويتضح من كلام الضابط (المسوري) عدم صحة ما أورده الضابطان (السلال) و (الراعي) من أن الإعدامات الوحشية كانت ذات أثر إيجابي على الانقلاب وأصحابه، بل العكس من ذلك هو الصحيح، أي أنها تركت أثراً سلبياً ألحق باليمن واليمنيين وتطلعاتهم الثورية والتقدمية أفدح الأضرار.
كما تكشف ذكريات الضابط (المسوري)، آنفة الذكر، أن الإعدامات الجماعية للأبرياء المدنيين تمت في كل مكان من مدينة صنعاء وليس في القيادة أو (خزيمة) فقط.
والثابت تاريخياً أن مجال الاعتقال والإعدام كان مفتوحاً لا يحكمه ضابط من شرع أو عرف أو قانون، كما أن الإعدامات تمت في كل مكان كما ترويه شهادات ضباط الانقلاب ومنهم الضابط (حسين المسوري) في مذكراته.
* كان في تنظيم الضباط شخصيات مثقفة وواعية تدرك خطورة مثل هذه الأعمال والأخطاء؟
- ما هي الأخطاء؟
* قضية الإعدامات مثلاً ورمي جثث الناس (العلماء والقضاة والفقهاء) في حفر بشكل جماعي؟
ولكن الضابط (المسوري) يعود إلى طبيعته البدائية فيستيقظ وحش الثأر والهمجية في أعماقه، كما يتضح ذلك من إجابته اللاحقة لسؤال الصحفي التالي:
* هل كان من الصعب على (التنظيم) أن يحدد الأشخاص ويحاكمهم محاكمة ولو صورية؟
- كان لا بد من تعميق الثورة والجمهورية في نفوس الناس، ولم يكن سيتحقق ذلك إلا برؤية المواطنين لرموز العهد القديم جثثاً أمامهم( ).
ولا حاجة بنا لأن نوضح مدى ما تنطوي عليه إجابة الضابط (المسوري) من وحشية وتزييف للوعي ومجافاة للحقيقة.
وعلى الرغم من أن أحد زملاء (المسوري) من (الضباط الأحرار) قد شرب من نفس الكأس التي سقى منها العلماء والقضاة والفقهاء الذين اشترك في إعدامهم بعد انقلاب (26 سبتمبر 1962م)، إلا أن الضابط (المسوري) يتحسر على السفاح (هادي عيسى) ويستنكر إعدامه (دون محاكمة) ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق؟!! مؤكداً أن الإعدام دون محاكمة ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق إساءة إلى النظام الجمهوري ولكل القيم والأخلاق( )، وما كان أحرى بالضابط (المسوري) أن يعلم أن ذلك كله ينطبق، من باب أولى، على الإعدامات الجماعية الوحشية للعلماء والفقهاء والقضاة بتهمة (المَلَكِيَّة) و (الهاشميين) والذين كانوا نجوماً زاهرة في العلم والزهد والثقافة والأخلاق وأعظم، ولا نريد أن نقول قياساً بقاتليهم.
كتب الصحفي الشهير (رياض الريس) عن (هادي عيسى) ما يلي:
((وهادي عيسى كان في يوم ما من أكبر مَن يدعمون (السلال) وأهمهم، وهو بطّاش كبير، في عنقه آلاف الضحايا الأبرياء، وكان (السلال) يهدد به القبائل والناس، ويقول للذين يقامونه: سأرسل لكم (هادي عيسى). وأروني في صنعاء بجوار باب اليمن خارج المدينة بئراً اسمها (بئر هادي عيسى) كان يلقي بها الناس أحياء ثم يقذف فوقهم قنابل محرقة ويتركهم يموتون أشلاء في القعر، ومع (هادي عيسى) أعدم سيافه (محمد العميسي).))( ).
نقرأ في مذكرات الضابط المذكور:
((أما ما حدث للشهيد العميد (هادي عيسى) فقد كان متوقعاً أن يحدث، لأنه - يرحمه الله كان معروفاً بانفعاله وتشدده في بعض المواقف( ) وبخلافاته السابقة مع القيادة المصرية ومع المشير (عبدالله السلال). وما مارسه في ظل المرحلة الأولى من قيام الثورة لم يكن قراره وحده( )، وبعد شهر من قيام الثورة كبرت مكانته وذاع صيته بأنه المنفذ لكثير من الإعدامات)).
ثم يضيف الضابط المذكور:
أعدموه بلا مبرر، هذه المسرحية العبثية ليس لها مبرر، وكانت تصرفات هوجاء من غير محاكمات، ولم يحدث شيء من هؤلاء الناس، والتهم التي عليهم لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون ولا شرع ولا أخلاق، وأساءت إلى النظام الجمهوري، ولكل القيم والأخلاق( ).
وكان المعروف عن (هادي عيسى) ومعه مساعده ضباط الأمن (عبدالقادر الخطري) وأعوانهما جرائم القتل أو الاغتيال الفردي والجماعي للمواطنين اليمنيين دون ذنب أو محاكمة وفي مقدمة الاغتيالات الفردية والجماعية تلك التي قادها (هادي عيسى) ومن لف لفه ضد القضاة والفقهاء والموظفين خلال الحكم الملكي
وغيرهم من المثقفين، كذلك انتهاك أعراض الناس ونهب حقوقهم وممتلكاتهم.
وقد روى أحد كبار الصحفيين عملية الإعدام والصلب الوحشيتين لـ (هادي عيسى) على النحو التالي:
((شاهد على الإعدامات: صنعاء 28 تشرين الأول / أكتوبر 1966م
شهدْتُ أول عملية إعدام بالرصاص في تاريخ اليمن، تحت راية الأمم المتحدة، في ميدان التحرير في صنعاء. فقد تم إعدام سبعة أشخاص في أقل من ربع ساعة هم: العقيد هادي عيسى والعميد محمد الرعيني، والمدنيون حسين الأهجري وحسين العواجي وعبدالحميد الرياشي وعلي محسن هارون ومحمد أحمد العميسي. وكان الجلاد يحمل المحكومين من مصفحة قريبة مكبّلين بالسلاسل ويلقيهم على الأرض حيث كان النقيب سعيد ريحان يطلق النار عليهم من مدفع رشاش في الظهر أو في الرأس.
كنت من بين ثلاثة صحفيين مصريين حضروا خصيصاً لتغطية عملية الإعدام. وصادرت السلطات المصرية الفيلم الذي صورته وأتلفته، بينما سمحت للمصريين بالتصوير. وبعد الإعدام هجمت الجماهير على الجثث وسحلتها في الشوارع إلى مقر الجانب السعودي في لجنة السلام اليمنية. ثم عُلقت الجثث على باب السور. كل الذين أعدموا كانوا من العناصر المعادية للمصريين وللسلال، والمتهمة بالتعامل مع السعودية.
(الرعيني) كان من أخطر الذين أعدموا. فهو وزير لشئون القبائل في الحكومة التي أعدمته، وهو نائب سابق لرئيس الجمهورية وقائم بأعمال الرئاسة فترة طويلة إبان غيبة من غيبات (السلال) الطويلة في القاهرة. وله أنصار كثيرون، وخاصة من بين القبائل( ).)).
وفي الهامش أورد الصحفي الشهير في شهادته عن (هادي عيسى) ما يلي:
((هادي عيسى كان يشغل نائب وزير الحربية، وكان يتجاوز بتصرفاته سلطاته المخولة له من قبل رؤسائه بمن فيهم السلال. وتحكي حكايات كثيرة وغريبة عن تصرفاته ضد الناس العاديين الذين تعرضوا للتضليل وا لذين كان بالإمكان إعادتهم إلى جادة الصواب بالطرق والوسائل المقنعة.
هادي عيسى كما تؤكد الروايات تعامل مع هؤلاء بقسوة مثل إلقاء من يتم القبض عليهم في بعض الآبار أحياءً أو إعدامهم فوراً بدون محاكمة. ولذلك فإن إعدامه قوبل بالارتياح في أوساط الناس.))( ).
شجاعـــة مثقـــف :
من الشهادات المؤثرة التي نشرها أحد المثقفين اليمنيين الشجعان في مضمار إدانة الإعدامات الوحشية للفقهاء والعلماء والضاة وسائر المثقفين والمواطنين اليمنيين الشهادة التالية:
((وضربوا (الانقلابيون) القصر، وشعروا أن (البدر) نجى (نجا)، ماذا يعملون؟ دعوا كل الذين كانوا متعاونيين مع (البدر)، من عمه سيف الإسلام (علي) وكان مسكيناً في بيته لا شأن له في شيء، وعمه الآخر (إسماعيل)، وابن عمه (الحسن بن علي)، وأجهزوا عليهم جميعاً. جلبوهم من البيوت وأطلقوا عليهم الرصاص بطريقة وحشية فظيعة. (حسن إبراهيم) و (عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب)، يعني العناصر البارزة))( ).
ثم يضيف المثقف شهادة أخرى لصالح أحد كبار علماء وفقهاء ذلك الزمن وهو (عبدالملك المتوكل - نائب الإمام أحمد) في لواء (محافظة) حجة:
((فكان في هذه الفترة يطلب مني أن أعلم أولاده. وكان يأنس بالرسائل التي أرسلها للإمام ويقرأها قبل أن ترسل، تمر عن طريقه فيستشف منها بأنه يوجد هناك روح الإخلاص ويتفاءل بأنه لا بد من الإفراج عن المحكومين. فتثبتت العلاقة. وكان لهذه العلاقة أثر كبير في استرجاع عواطف (الإمام) إلى حد كبير. وكان هذا النائب (نائب الإمام أحمد في لواء حجة العلامة عبدالملك المتوكل) شيخاً في السبعين من عمره، ولكن يتمتع بذكاء مفرط. وظل أولاده في صحبتنا يقرءون الأدب والتاريخ والجغرافيا، ويتعلمون الخط والحساب. إن هذه العلوم كانت تنقص اليمن. تواصلت العلاقة بيني وبينهم إلى أن غادرنا السجن. وقد كان من شفعائي عند الإمام. وكان أولاده يبعثون الكتب إلى المساجين. هذه كانت سنة أطلقت من بعده. ومن حسن علاقتهم بالمساجين أنهم كانوا يمدونهم بالكتب، ويأمرون السجانين بالتخفيف عنهم. يطلبون من أبيهم أن يعطيهم نوعاً من المساعدات. ولما جاءت الثورة ذبحت أكبرهم وهو (حمود بن عبدالملك)، وأخوهم الثاني تشرد ولم يرجع إلى الآن (عاد في أواخر الستينات). وصودرت أموالهم وأملاكهم. فهذا نائب حجة ممن قدموا مساعدة كبيرة للأحرار، وإذا بأبنائه يجدون المكافأة بهذا الشكل))( ).
تواتـــر الشهـــادات :
يتسع نطاق شهادات الإدانة للإعدامات الوحشية الجماعية الظالمة التي طالت العلماء والقضاة والمثقفين من أعلام العهد الملكي المشهود لهم بالكفاءة والعدالة بل والعظمة الإنسانية في أروع صورها، كما يؤكد ذلك أحد المثقفين فيما يلي:
((بعد قيام (ثورة 26 سبتمبر 1962م) بثلاثة أيام وكنت مع الأصدقاء في (عدن) كما ذكرت، كنا نصيخ السمع باهتمام بالغ إلى إذاعة (صنعاء) وهي تذيع الأنباء، وحينها استمعت إلى تنفيذ الإعدامات فسمعت من بين الذين أعدموا اسم (عبدالله عبدالكريم) وهنا أجشهت بالبكاء وبشهيق، ثم انتبهت إلى أحد الأصدقاء يهزني، ويربت على كتفي قائلاً: لماذا تبكي على قتل رجعي مثل (عبدالله عبدا
وقد روى أحد كبار الصحفيين عملية الإعدام والصلب الوحشيتين لـ (هادي عيسى) على النحو التالي:
((شاهد على الإعدامات: صنعاء 28 تشرين الأول / أكتوبر 1966م
شهدْتُ أول عملية إعدام بالرصاص في تاريخ اليمن، تحت راية الأمم المتحدة، في ميدان التحرير في صنعاء. فقد تم إعدام سبعة أشخاص في أقل من ربع ساعة هم: العقيد هادي عيسى والعميد محمد الرعيني، والمدنيون حسين الأهجري وحسين العواجي وعبدالحميد الرياشي وعلي محسن هارون ومحمد أحمد العميسي. وكان الجلاد يحمل المحكومين من مصفحة قريبة مكبّلين بالسلاسل ويلقيهم على الأرض حيث كان النقيب سعيد ريحان يطلق النار عليهم من مدفع رشاش في الظهر أو في الرأس.
كنت من بين ثلاثة صحفيين مصريين حضروا خصيصاً لتغطية عملية الإعدام. وصادرت السلطات المصرية الفيلم الذي صورته وأتلفته، بينما سمحت للمصريين بالتصوير. وبعد الإعدام هجمت الجماهير على الجثث وسحلتها في الشوارع إلى مقر الجانب السعودي في لجنة السلام اليمنية. ثم عُلقت الجثث على باب السور. كل الذين أعدموا كانوا من العناصر المعادية للمصريين وللسلال، والمتهمة بالتعامل مع السعودية.
(الرعيني) كان من أخطر الذين أعدموا. فهو وزير لشئون القبائل في الحكومة التي أعدمته، وهو نائب سابق لرئيس الجمهورية وقائم بأعمال الرئاسة فترة طويلة إبان غيبة من غيبات (السلال) الطويلة في القاهرة. وله أنصار كثيرون، وخاصة من بين القبائل( ).)).
وفي الهامش أورد الصحفي الشهير في شهادته عن (هادي عيسى) ما يلي:
((هادي عيسى كان يشغل نائب وزير الحربية، وكان يتجاوز بتصرفاته سلطاته المخولة له من قبل رؤسائه بمن فيهم السلال. وتحكي حكايات كثيرة وغريبة عن تصرفاته ضد الناس العاديين الذين تعرضوا للتضليل وا لذين كان بالإمكان إعادتهم إلى جادة الصواب بالطرق والوسائل المقنعة.
هادي عيسى كما تؤكد الروايات تعامل مع هؤلاء بقسوة مثل إلقاء من يتم القبض عليهم في بعض الآبار أحياءً أو إعدامهم فوراً بدون محاكمة. ولذلك فإن إعدامه قوبل بالارتياح في أوساط الناس.))( ).
شجاعـــة مثقـــف :
من الشهادات المؤثرة التي نشرها أحد المثقفين اليمنيين الشجعان في مضمار إدانة الإعدامات الوحشية للفقهاء والعلماء والضاة وسائر المثقفين والمواطنين اليمنيين الشهادة التالية:
((وضربوا (الانقلابيون) القصر، وشعروا أن (البدر) نجى (نجا)، ماذا يعملون؟ دعوا كل الذين كانوا متعاونيين مع (البدر)، من عمه سيف الإسلام (علي) وكان مسكيناً في بيته لا شأن له في شيء، وعمه الآخر (إسماعيل)، وابن عمه (الحسن بن علي)، وأجهزوا عليهم جميعاً. جلبوهم من البيوت وأطلقوا عليهم الرصاص بطريقة وحشية فظيعة. (حسن إبراهيم) و (عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب)، يعني العناصر البارزة))( ).
ثم يضيف المثقف شهادة أخرى لصالح أحد كبار علماء وفقهاء ذلك الزمن وهو (عبدالملك المتوكل - نائب الإمام أحمد) في لواء (محافظة) حجة:
((فكان في هذه الفترة يطلب مني أن أعلم أولاده. وكان يأنس بالرسائل التي أرسلها للإمام ويقرأها قبل أن ترسل، تمر عن طريقه فيستشف منها بأنه يوجد هناك روح الإخلاص ويتفاءل بأنه لا بد من الإفراج عن المحكومين. فتثبتت العلاقة. وكان لهذه العلاقة أثر كبير في استرجاع عواطف (الإمام) إلى حد كبير. وكان هذا النائب (نائب الإمام أحمد في لواء حجة العلامة عبدالملك المتوكل) شيخاً في السبعين من عمره، ولكن يتمتع بذكاء مفرط. وظل أولاده في صحبتنا يقرءون الأدب والتاريخ والجغرافيا، ويتعلمون الخط والحساب. إن هذه العلوم كانت تنقص اليمن. تواصلت العلاقة بيني وبينهم إلى أن غادرنا السجن. وقد كان من شفعائي عند الإمام. وكان أولاده يبعثون الكتب إلى المساجين. هذه كانت سنة أطلقت من بعده. ومن حسن علاقتهم بالمساجين أنهم كانوا يمدونهم بالكتب، ويأمرون السجانين بالتخفيف عنهم. يطلبون من أبيهم أن يعطيهم نوعاً من المساعدات. ولما جاءت الثورة ذبحت أكبرهم وهو (حمود بن عبدالملك)، وأخوهم الثاني تشرد ولم يرجع إلى الآن (عاد في أواخر الستينات). وصودرت أموالهم وأملاكهم. فهذا نائب حجة ممن قدموا مساعدة كبيرة للأحرار، وإذا بأبنائه يجدون المكافأة بهذا الشكل))( ).
تواتـــر الشهـــادات :
يتسع نطاق شهادات الإدانة للإعدامات الوحشية الجماعية الظالمة التي طالت العلماء والقضاة والمثقفين من أعلام العهد الملكي المشهود لهم بالكفاءة والعدالة بل والعظمة الإنسانية في أروع صورها، كما يؤكد ذلك أحد المثقفين فيما يلي:
((بعد قيام (ثورة 26 سبتمبر 1962م) بثلاثة أيام وكنت مع الأصدقاء في (عدن) كما ذكرت، كنا نصيخ السمع باهتمام بالغ إلى إذاعة (صنعاء) وهي تذيع الأنباء، وحينها استمعت إلى تنفيذ الإعدامات فسمعت من بين الذين أعدموا اسم (عبدالله عبدالكريم) وهنا أجشهت بالبكاء وبشهيق، ثم انتبهت إلى أحد الأصدقاء يهزني، ويربت على كتفي قائلاً: لماذا تبكي على قتل رجعي مثل (عبدالله عبدا
لكريم)؟ إنه من أركان العهد البائد وبالتالي فإنه متزوج بنت الإمام (أحمد) الطاغية الراحل، فالتفت إليه، وهنا أتذكر أنه الأخ المناضل المرحوم (محمد أحمد شعلان)، فقلت له: اسمع يارفيق دربي، أود منك أولاً أن تفسر لي معنى الرجعية بمفهومها الصحيح؟ ثم ما هي الجرائم التي ارتكبها (عبدالله عبدالكريم)؟
هل زواجه من بنت الإمام أحمد جريمة؟ وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن الارتباط الأسري بين أناس مشاربهم مختلفة. ثم إني يا صحبي، أبكي الأخلاق والقيم والمثل والطهارة التي كان يتحلى بها هذا الإنسان، وأيضاً يجب أن تفهم بأن هذا الإنسان كان ذا عواطف جياشة، ولقد عرفته عام 1958م عندما كان مع (البدر) وفي الوفد الذاهب لتوقيع (الاتحاد الفيدرالي) مع (ج. ع. م)، ثم عرفته عندما كنت مسجوناً في (الحديدة) بعد محاولة اغتيال الإمام (أحمد) أيام (العلفي) و (اللقية) و (الهنداونة)، وكان حينذاك رئيساً للجنة المحاكمة.))( ).
ويروي المثقف (الجمهوري) المذكور بعض المواقف الإنسانية العظيمة لإحدى الشخصيات الملكية، في مضمار الحرص على تحقيق العدالة في أكثر المواقف خطورة وسوداوية:
((كان رئيس لجنة المحاكمة هو (السيد عبدالله عبدالكريم) وعندما استدعيت للاستجواب، ومنهم مثلاً: المشير (عبدالله السلال) و (محمد علي عثمان) و (عبدالله الضبي) و (محمد الذاري) وآخرون، فسألت عن (عبدالله عبدالكريم)، فقيل لي سوف يأتي قريباً، وعندما انتهوا من استجوابي، إذا بي أفاجأ بوصول (عبدالله عبدالكريم)، فأمر بأن أذهب بمعيته إلى غرفة منفردة، ثم بدأ كالعادة مع المسجونين، اسمع يا محمد: لماذا تتآمرون على الإمام وتكتبون المنشورات وترسلون المتفجرات إلى (تعز) و (إب) ومناطق أخرى ثم تقدمون على قتل الإمام؟ وهنا أجبته وأنا مثقل بالقيود. اسمع يا سيدي، أولاً أنا لم أقتل حتى قطة في كل أدوار حياتي فكيف أقدم على قتل إنسان لا سيما إذا كان هو (الإمام).
ولست خائفاً غير أني حزين جداً جداً على والدتي التي ودعتني وهي باكية صارخة تمزق ثيابها وتنفش شعرها صارخة: وا ولداه، وا وحيداه، وهنا كعادتي انفجرت باكياً لذكر الموقف، فقال لي: إن الرجال لا يبكون فلماذا تبكي( )؟.
وهنا توقف ذلك الإنسان عن بقية الأسئلة التي ربما كان يريد أن يسألني، وقد والله شاهدت على وجهه علامة الحزن وقد غابت عنه ابتسامته التي عرف بها، ثم ماذا؟ وبعد أن انتقلت وزملائي إلى (تعز) بعد انتقال الإمام (أحمد) في مَحفّة وهو مثخن بجراحه إليها نقلوني وأصحابي إلى (تعز)، إذا بالمفاجأة المذهلة تحدث لي، ماذا أرى يا ترى، أرى من أرى يا ترى أيها القارئ أرى وأنظر ولا أكاد أصدق عيني، أرى (عبدالله عبدالكريم) يدخل السجن ليزورني، ويتحول من محاكم إلى مدافع، ثم ماذا يريد مني هذا الحاكم؟ كنت أحدث نفسي هكذا: هل جاء لينهال عليّ بأسئلة جديدة؟ وكنت رابط الجأش فقال لي: ولا ولن أنسى تلك النبرة الحزينة التي قالها في مجمل حديثه: يا (محمد) سوف تطلق من السجن غداً أو بعد غدٍ، ولولا أني رئيس اللجنة لضمنتك.
وإن كنت سأنسى فلن أنسى أنه قال لي قبل مغيب الشمس يا (محمد) إني لا أزال متأثراً بما حكيته لي عن والدتك الحزينة فأرجو أن تسرع بالعودة إليها لكي تستقبلك، وكأنك خلقت من جديد.))( ).
ويستطرد المثقف (الراحل) في سرد صفات بعض (المَلَكيين) الذين تم إعدامهم بوحشية ودون ذنب أو محاكمة:
((وفي مطلع عام 1972م حدثني قائلاً: إن (عبدالله عبدالكريم)، دخل عليهم السجن في حجة، فاستدعى الأستاذ (أحمد محمد نعمان) وقال له: يا أستاذ هذه برقية من الإمام الناصر لدين الله الإمام (أحمد) يقول فيها بالآتي: إن مولانا الإمام سوف يخفف عنك هذه الأثقال والقيود وما فيها من مشاق بالإضافة إلى أنه سوف ينقلك من (الرادع) إلى (نافع) حيث السجن هناك أخف وطأة، شريطة أن تكتب له أسماء الذين كانوا يتبرعون لكم ولحزب الأحرار وصحيفة (صوت اليمن) فأجابه الأستاذ (أحمد محمد نعمان) وهو رابط الجأش مكفهر الوجه، ومربده قائلاً: أناشدك الله يا (عبدالله عبدالكريم) أناشدك الله يا (عبدالله عبدالكريم): إني كما ترى في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة فيه يبر الفاجر ويصدق الكافر، هل يجوز لي برغم ما تراه مني من هذا العذاب، أن أبوح أو أكشف عن أسماء أشخاص كانوا يتسللون ليلاً جنح الظلام لكي يدفعوا لنا مع زميلي (الزبيري) بعضاً من النقود نسد بها رمقنا من الجوع، فهل يا ترى يجوز لي شرعاً وإنسانية أن أسبب أذى لهؤلاء؟ وهنا تجلت عاطفة (عبدالله عبدالكريم) وإنسانيته فانصرف وإذا به يتحول إلى (مراجع)، وفعلاً لم يعدم (النعمان) بعد أن كان متأهباً للموت في أية لحظة، وبعد مضي ما يقرب من شهر خفف الإمام عن (النعمان) القيود وبعدها أفرج عنه عام 1955م وربما كان الإفراج عنه عام 1954م))( ).
شهـــادة تاجـــر :
يشترك بعض كبار التجار (الجمهوريين) في الشهادة على وحشية الإعدامات التي طالت بعض المثقفين والقضاة والفقهاء وكبار موظفي المملكة اليمنية دون ذنب أو محاكمة في الوقت الذي كانوا بح
هل زواجه من بنت الإمام أحمد جريمة؟ وفي التاريخ أمثلة كثيرة عن الارتباط الأسري بين أناس مشاربهم مختلفة. ثم إني يا صحبي، أبكي الأخلاق والقيم والمثل والطهارة التي كان يتحلى بها هذا الإنسان، وأيضاً يجب أن تفهم بأن هذا الإنسان كان ذا عواطف جياشة، ولقد عرفته عام 1958م عندما كان مع (البدر) وفي الوفد الذاهب لتوقيع (الاتحاد الفيدرالي) مع (ج. ع. م)، ثم عرفته عندما كنت مسجوناً في (الحديدة) بعد محاولة اغتيال الإمام (أحمد) أيام (العلفي) و (اللقية) و (الهنداونة)، وكان حينذاك رئيساً للجنة المحاكمة.))( ).
ويروي المثقف (الجمهوري) المذكور بعض المواقف الإنسانية العظيمة لإحدى الشخصيات الملكية، في مضمار الحرص على تحقيق العدالة في أكثر المواقف خطورة وسوداوية:
((كان رئيس لجنة المحاكمة هو (السيد عبدالله عبدالكريم) وعندما استدعيت للاستجواب، ومنهم مثلاً: المشير (عبدالله السلال) و (محمد علي عثمان) و (عبدالله الضبي) و (محمد الذاري) وآخرون، فسألت عن (عبدالله عبدالكريم)، فقيل لي سوف يأتي قريباً، وعندما انتهوا من استجوابي، إذا بي أفاجأ بوصول (عبدالله عبدالكريم)، فأمر بأن أذهب بمعيته إلى غرفة منفردة، ثم بدأ كالعادة مع المسجونين، اسمع يا محمد: لماذا تتآمرون على الإمام وتكتبون المنشورات وترسلون المتفجرات إلى (تعز) و (إب) ومناطق أخرى ثم تقدمون على قتل الإمام؟ وهنا أجبته وأنا مثقل بالقيود. اسمع يا سيدي، أولاً أنا لم أقتل حتى قطة في كل أدوار حياتي فكيف أقدم على قتل إنسان لا سيما إذا كان هو (الإمام).
ولست خائفاً غير أني حزين جداً جداً على والدتي التي ودعتني وهي باكية صارخة تمزق ثيابها وتنفش شعرها صارخة: وا ولداه، وا وحيداه، وهنا كعادتي انفجرت باكياً لذكر الموقف، فقال لي: إن الرجال لا يبكون فلماذا تبكي( )؟.
وهنا توقف ذلك الإنسان عن بقية الأسئلة التي ربما كان يريد أن يسألني، وقد والله شاهدت على وجهه علامة الحزن وقد غابت عنه ابتسامته التي عرف بها، ثم ماذا؟ وبعد أن انتقلت وزملائي إلى (تعز) بعد انتقال الإمام (أحمد) في مَحفّة وهو مثخن بجراحه إليها نقلوني وأصحابي إلى (تعز)، إذا بالمفاجأة المذهلة تحدث لي، ماذا أرى يا ترى، أرى من أرى يا ترى أيها القارئ أرى وأنظر ولا أكاد أصدق عيني، أرى (عبدالله عبدالكريم) يدخل السجن ليزورني، ويتحول من محاكم إلى مدافع، ثم ماذا يريد مني هذا الحاكم؟ كنت أحدث نفسي هكذا: هل جاء لينهال عليّ بأسئلة جديدة؟ وكنت رابط الجأش فقال لي: ولا ولن أنسى تلك النبرة الحزينة التي قالها في مجمل حديثه: يا (محمد) سوف تطلق من السجن غداً أو بعد غدٍ، ولولا أني رئيس اللجنة لضمنتك.
وإن كنت سأنسى فلن أنسى أنه قال لي قبل مغيب الشمس يا (محمد) إني لا أزال متأثراً بما حكيته لي عن والدتك الحزينة فأرجو أن تسرع بالعودة إليها لكي تستقبلك، وكأنك خلقت من جديد.))( ).
ويستطرد المثقف (الراحل) في سرد صفات بعض (المَلَكيين) الذين تم إعدامهم بوحشية ودون ذنب أو محاكمة:
((وفي مطلع عام 1972م حدثني قائلاً: إن (عبدالله عبدالكريم)، دخل عليهم السجن في حجة، فاستدعى الأستاذ (أحمد محمد نعمان) وقال له: يا أستاذ هذه برقية من الإمام الناصر لدين الله الإمام (أحمد) يقول فيها بالآتي: إن مولانا الإمام سوف يخفف عنك هذه الأثقال والقيود وما فيها من مشاق بالإضافة إلى أنه سوف ينقلك من (الرادع) إلى (نافع) حيث السجن هناك أخف وطأة، شريطة أن تكتب له أسماء الذين كانوا يتبرعون لكم ولحزب الأحرار وصحيفة (صوت اليمن) فأجابه الأستاذ (أحمد محمد نعمان) وهو رابط الجأش مكفهر الوجه، ومربده قائلاً: أناشدك الله يا (عبدالله عبدالكريم) أناشدك الله يا (عبدالله عبدالكريم): إني كما ترى في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة فيه يبر الفاجر ويصدق الكافر، هل يجوز لي برغم ما تراه مني من هذا العذاب، أن أبوح أو أكشف عن أسماء أشخاص كانوا يتسللون ليلاً جنح الظلام لكي يدفعوا لنا مع زميلي (الزبيري) بعضاً من النقود نسد بها رمقنا من الجوع، فهل يا ترى يجوز لي شرعاً وإنسانية أن أسبب أذى لهؤلاء؟ وهنا تجلت عاطفة (عبدالله عبدالكريم) وإنسانيته فانصرف وإذا به يتحول إلى (مراجع)، وفعلاً لم يعدم (النعمان) بعد أن كان متأهباً للموت في أية لحظة، وبعد مضي ما يقرب من شهر خفف الإمام عن (النعمان) القيود وبعدها أفرج عنه عام 1955م وربما كان الإفراج عنه عام 1954م))( ).
شهـــادة تاجـــر :
يشترك بعض كبار التجار (الجمهوريين) في الشهادة على وحشية الإعدامات التي طالت بعض المثقفين والقضاة والفقهاء وكبار موظفي المملكة اليمنية دون ذنب أو محاكمة في الوقت الذي كانوا بح
سب اعتراف هؤلاء التجار وحتى (د. البيضاني) يستحقون التكريم والرعاية:
ومرت الأيام والشهور وكاد الناس ينسون (عبدالله عبدالكريم) ما عدا أسرته، ولكن في مطلع هذا العام وفي شهر أبريل 1996م، وإذا بـ (علي محمد سعيد أنعم) يفاجئني بالقصة التالية:
قال لي: يا (محمد عبدالواسع)، أود هنا أن أضيف إلى ما حكيته لي عن (عبدالله عبدالكريم)، أنه عندما كان يبني منـزله المتواضع ولأول مرة في تعز (بالإسمنت المسلح) أن هذا الإنسان لم يكن يملك ما يتم به هذا المنـزل المتواضع في (تعز) آنذاك من ثمن الحديد والإسمنت، فاقترض مني مبلغاً يساوي ستة آلاف ريال (ماري تيريزا) وكان هذا المبلغ آنذاك مبلغاً كبيراً، فأقرضته ولم أعد أفكر في تقاضي ذلك المبلغ. ومرت السنون، وقامت الثورة وأعدم ذلك الإنسان.
وفي عام 1973م اتصل بي ولده لكي يقابلني وضربت له موعداً للمقابلة، وهنا كانت المفاجأة فقد أراني ولده دفتراً فيه المبلغ الذي أقرضته ويوصي من بعده أن يسددوه تبرئة للذمة.
وقد قال لي (علي محمد سعيد أنعم): أنت يا (محمد عبدالواسع) على حق عندما تبكيه، وتبكي الأخلاق( ).
إن هذه الشهادة تحمل دلالات مهمة أبرزها:
1- أن التاجر المذكور لم يعمل لأسباب لا مجال هنا لذكرها على منع الانقلابيين من الولوغ في دماء الأبرياء وخاصة القضاة والمثقفين والفقهاء باسم الثورة.
2- إن صهر الإمام (أحمد - ملك اليمن) كان فقيراً لا يملك ما يكفيه لبناء منـزل له، كذلك بيان الأخلاق الحميدة التي كان يتمتع بها حي الشهيد (عبدالله عبدالكريم) من خلال كتابة ديْن التاجر وإيصائه بسداده بعد موته.
3- أنه وكان على الرأسمالي المذكور، باعتباره عضواً في مجلس قيادة الثورة وأحد وزراء أول حكومة للانقلابيين عام 1968م وأحد الممولين الرئيسين لهم، العمل على وقف الإعدامات الوحشية التي تمت لفترة طويلة دون محاكمة أو ذنب راح ضحيتها المئات من الشهداء الفقهاء والقضاء والعلماء والمثقفين.
شهادة ضابط أمن :
لم يقتصر الأمر على شهادات المدنيين ضد الإعدامات الجماعية والظالمة والوحشية للفقهاء والقضاة والمثقفين والعلماء في بداية العهد الجمهوري، بل نجد أحد كبار ضباط الأمن يدين في مذاكراته القتل الجماعي بباعث عنصري للوطنيين والثائرين على حكم الإمامة دون ذنب سوى (جريمة النسب الهاشمي)، ويكاد يكون ضابط الأمن هذا وضابط الجيش (حسين المسوري) هما الوحيدين اللذين قدما في مذكراتهما نقداً ذاتياً للإعدامات الجماعية باسم (الثورة) للقضاة والفقهاء وغيرهم:
((وفي إحدى الأيام وكنت أعمل في أمن تعز ولم أشاهد الوالد (أحمد صالح القاضي) إلا وهو أمامي وكان يرتدي ملابس بدوي فاندهشت له وقلت له ما أتى بك ومن أين أتيت؟ فقال لقد أتيت من عند عامل يفرس (عبدالرحمن بن سيف الإسلام حميد الدين)، فقلت له ماذا تعمل عنده؟ فقال إنه صاحبي وهو رجل وطني ويكره الإمام وإخوانه وكل طرف يكره الآخر وهو من أحسن الوطنيين، وهو أيضاً يتطلع إلى الثورة، ومرة أخرى وصل إلى عندي في تعز الشيخ (علي طريق) وكان مطارداً من جواسيس عناصر الإمام وعندما سألته من أين أتيت؟ فقال لي من عند عامل ناحية يفرس (عبدالرحمن علي حميد الدين) فاستغربت من توافد هذه العناصر عليه وأنا أعرف الاثنين وعلى يقين من وعيهما ووطنيتهما الصادقة وأنه لا يبخل عليها بالتعاون معهما ومدهما بالمال إن تطلب الأمر ذلك لكي يتمكنا من مواصلة دورهما الوطني ومع الأسف الشديد فقد أعدم المذكور في أول الثورة لا لشيء إلا أن اسمه (حميد الدين).
فقد كان إعدامه من أكبر الغلطات التي وقعت نتيجة التهور غير المحسوب فإن قتل البريء جريمة كبرى "أقول ذلك من باب النقد الذاتي".))( ).
شهـــادة أكاديمية :
في رسالة دكتوراه بعنوان (اليمن تحت حكم الإمام أحمد، 1948 - 1962م) ورد ما يلي:
((وتم الاستيلاء على المرافق الحيوية للدولة، وقصور أفراد الأسرة الحاكمة (وحولها الضباط ومشائخ القبائل إلى ملكيات خاصة بهم)، وقدم للمحاكمة أرباب النظام القديم، وجرى إعدام بعض الأمراء وكبار رجال الدولة ومنهم: الأمير إسماعيل بن يحيى وحسن إبراهيم وزير الخارجية، وعبدالقادر ابن طاهر قائد جيس تعز وحمود الوشلي نائب الملك السابق في تعز، وزيد عباس وزير التربية، وأحمد يحيى عباس قاضي سابق، ويحيى عبدالقادر حاكم الحديدة، وحمود عبدالملك حاكم الحجرية( )، والأمير علي بن يحيى، والأمير الحسن بن علي الذي عُرف بمواقفه الوطنية والتحررية، وصودرت أملاكهم.
وتمكن من الفرار بعض المسئولين وواحد من الأمراء هو الأمير عبدالله بن الحسن( ). وكان الأمير الوحيد الذي دعا إلى تأييد الثورة هو الأمير الحسن بن القاسم( ). وبالرغم من أن الثوار حرصوا على تشكيل (محكمة شعب) لتنظر في جرائم قادة العهد الإمامي، إلا أن هذه المحكمة كانت في الواقع تتخذ قراراتها بالاتفاق مع قادة الثورة الآخرين، وكان وجودها رمزياً، أو صورياً.
لقد ارتكب الثوار خطيئة كبرى عندما تركوا لعواطفهم العنان، كان ينبغي أن تعطى للذين وقفوا أمام المحكمة ال
ومرت الأيام والشهور وكاد الناس ينسون (عبدالله عبدالكريم) ما عدا أسرته، ولكن في مطلع هذا العام وفي شهر أبريل 1996م، وإذا بـ (علي محمد سعيد أنعم) يفاجئني بالقصة التالية:
قال لي: يا (محمد عبدالواسع)، أود هنا أن أضيف إلى ما حكيته لي عن (عبدالله عبدالكريم)، أنه عندما كان يبني منـزله المتواضع ولأول مرة في تعز (بالإسمنت المسلح) أن هذا الإنسان لم يكن يملك ما يتم به هذا المنـزل المتواضع في (تعز) آنذاك من ثمن الحديد والإسمنت، فاقترض مني مبلغاً يساوي ستة آلاف ريال (ماري تيريزا) وكان هذا المبلغ آنذاك مبلغاً كبيراً، فأقرضته ولم أعد أفكر في تقاضي ذلك المبلغ. ومرت السنون، وقامت الثورة وأعدم ذلك الإنسان.
وفي عام 1973م اتصل بي ولده لكي يقابلني وضربت له موعداً للمقابلة، وهنا كانت المفاجأة فقد أراني ولده دفتراً فيه المبلغ الذي أقرضته ويوصي من بعده أن يسددوه تبرئة للذمة.
وقد قال لي (علي محمد سعيد أنعم): أنت يا (محمد عبدالواسع) على حق عندما تبكيه، وتبكي الأخلاق( ).
إن هذه الشهادة تحمل دلالات مهمة أبرزها:
1- أن التاجر المذكور لم يعمل لأسباب لا مجال هنا لذكرها على منع الانقلابيين من الولوغ في دماء الأبرياء وخاصة القضاة والمثقفين والفقهاء باسم الثورة.
2- إن صهر الإمام (أحمد - ملك اليمن) كان فقيراً لا يملك ما يكفيه لبناء منـزل له، كذلك بيان الأخلاق الحميدة التي كان يتمتع بها حي الشهيد (عبدالله عبدالكريم) من خلال كتابة ديْن التاجر وإيصائه بسداده بعد موته.
3- أنه وكان على الرأسمالي المذكور، باعتباره عضواً في مجلس قيادة الثورة وأحد وزراء أول حكومة للانقلابيين عام 1968م وأحد الممولين الرئيسين لهم، العمل على وقف الإعدامات الوحشية التي تمت لفترة طويلة دون محاكمة أو ذنب راح ضحيتها المئات من الشهداء الفقهاء والقضاء والعلماء والمثقفين.
شهادة ضابط أمن :
لم يقتصر الأمر على شهادات المدنيين ضد الإعدامات الجماعية والظالمة والوحشية للفقهاء والقضاة والمثقفين والعلماء في بداية العهد الجمهوري، بل نجد أحد كبار ضباط الأمن يدين في مذاكراته القتل الجماعي بباعث عنصري للوطنيين والثائرين على حكم الإمامة دون ذنب سوى (جريمة النسب الهاشمي)، ويكاد يكون ضابط الأمن هذا وضابط الجيش (حسين المسوري) هما الوحيدين اللذين قدما في مذكراتهما نقداً ذاتياً للإعدامات الجماعية باسم (الثورة) للقضاة والفقهاء وغيرهم:
((وفي إحدى الأيام وكنت أعمل في أمن تعز ولم أشاهد الوالد (أحمد صالح القاضي) إلا وهو أمامي وكان يرتدي ملابس بدوي فاندهشت له وقلت له ما أتى بك ومن أين أتيت؟ فقال لقد أتيت من عند عامل يفرس (عبدالرحمن بن سيف الإسلام حميد الدين)، فقلت له ماذا تعمل عنده؟ فقال إنه صاحبي وهو رجل وطني ويكره الإمام وإخوانه وكل طرف يكره الآخر وهو من أحسن الوطنيين، وهو أيضاً يتطلع إلى الثورة، ومرة أخرى وصل إلى عندي في تعز الشيخ (علي طريق) وكان مطارداً من جواسيس عناصر الإمام وعندما سألته من أين أتيت؟ فقال لي من عند عامل ناحية يفرس (عبدالرحمن علي حميد الدين) فاستغربت من توافد هذه العناصر عليه وأنا أعرف الاثنين وعلى يقين من وعيهما ووطنيتهما الصادقة وأنه لا يبخل عليها بالتعاون معهما ومدهما بالمال إن تطلب الأمر ذلك لكي يتمكنا من مواصلة دورهما الوطني ومع الأسف الشديد فقد أعدم المذكور في أول الثورة لا لشيء إلا أن اسمه (حميد الدين).
فقد كان إعدامه من أكبر الغلطات التي وقعت نتيجة التهور غير المحسوب فإن قتل البريء جريمة كبرى "أقول ذلك من باب النقد الذاتي".))( ).
شهـــادة أكاديمية :
في رسالة دكتوراه بعنوان (اليمن تحت حكم الإمام أحمد، 1948 - 1962م) ورد ما يلي:
((وتم الاستيلاء على المرافق الحيوية للدولة، وقصور أفراد الأسرة الحاكمة (وحولها الضباط ومشائخ القبائل إلى ملكيات خاصة بهم)، وقدم للمحاكمة أرباب النظام القديم، وجرى إعدام بعض الأمراء وكبار رجال الدولة ومنهم: الأمير إسماعيل بن يحيى وحسن إبراهيم وزير الخارجية، وعبدالقادر ابن طاهر قائد جيس تعز وحمود الوشلي نائب الملك السابق في تعز، وزيد عباس وزير التربية، وأحمد يحيى عباس قاضي سابق، ويحيى عبدالقادر حاكم الحديدة، وحمود عبدالملك حاكم الحجرية( )، والأمير علي بن يحيى، والأمير الحسن بن علي الذي عُرف بمواقفه الوطنية والتحررية، وصودرت أملاكهم.
وتمكن من الفرار بعض المسئولين وواحد من الأمراء هو الأمير عبدالله بن الحسن( ). وكان الأمير الوحيد الذي دعا إلى تأييد الثورة هو الأمير الحسن بن القاسم( ). وبالرغم من أن الثوار حرصوا على تشكيل (محكمة شعب) لتنظر في جرائم قادة العهد الإمامي، إلا أن هذه المحكمة كانت في الواقع تتخذ قراراتها بالاتفاق مع قادة الثورة الآخرين، وكان وجودها رمزياً، أو صورياً.
لقد ارتكب الثوار خطيئة كبرى عندما تركوا لعواطفهم العنان، كان ينبغي أن تعطى للذين وقفوا أمام المحكمة ال
عسكرية فرصة للدفاع عن أنفسهم، وكان يجب أن تكون هذه الفرصة حقيقية لا شكلية، وكان من المفترض أن لا تصادق القيادة العليا للثورة على قرارات المحكمة العسكرية إن كانت هناك محكمة حقاً إلا بعد روية وتبصُّر، مع قدر عال من الحرص على عدم سفك المزيد من الدماء. وكان من المفترض التفريق بين من قاموا أو ارتكبوا أعمالاً إجرامية وبين من اعتقلوا من بيوتهم أو كانوا فارين واعتقلوا كما حدث للحسن بن علي، فما بالكم إذا كان الحسن بن علي هو ما كان عليه من اتصال وعلاقة طيبة مع الأحرار، وكان رجلاً معتدلاً بل ومتقدماً بمقاييس ذلك الزمان، وليس له سابقة ضد الأحرار، إن لم يكن قد حمى بعضهم من بطش الإمام وجبروته. لقد كانت هذه الممارسة بداية لتجربة امتد أثرها فيما بعد وعُرفت بثقافة العنف والعنف المضاد في التجربة الثورية اليمنية.))( ).
شهـــادة أمــيرة مثقفـــة :
نختتم الحديث عن هذه الكوكبة من الشهداء الملكيين بهذه الشهادة المؤثرة عن الإعدام الجماعي للآباء والأبناء والأحفاد من الأمراء الملكيين دون اتهام أو محاكمة أو ذنب، كذلك اغتيال رئيس المحكمة الاستئنافية آنذاك القاضي العلامة (يحيى الشهاري)، حيث ورد في مذكرات الأميرة (تقية) إحدى بنات الإمام (يحيى حميد الدين) المشهود لهن بالثقافة وخاصة في مجال الفقه وحسن السيرة والورع والتقوى ما يلي:
((وسمعت ويا هول ما سمعت: لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بأخي (إسماعيل) بن الإمام يحيى، ثم لقد تم إعدام أخي (علي) بن الإمام يحيى، ثم إعدام ابنه (الحسن بن علي)، ثم لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بالسيد (يحيى بن علي الشهاري)، رئيس محكمة الاستئناف، ثم لقد تم تنفيذ حكم الإعدام ... الخ.
فقد أعدم العشرات في اليوم الأول كوجبة سريعة، وما بين الإعدام والإعدام دقائق معدودة، وأعدم من العلماء والفقهاء والأعيان العديد العديد ... وممن أعدم التالية أسماؤهم:
حمود بن عبدالملك، عبدالله عبدالكريم، حمود الوشلي، أحمد بن عبدالرحمن الشامي، محمد بن أحمد الوزير محمد الكبسي، عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب، الشيخ عاطف المصلي (كبير همدان)، القاضي محمد عامر، عبدالرحمن السياغي، يحيى عبدالقادر، حسين الويسي، أحمد ناجي، (ضابط المقام)، يحيى حسين المنصور، حسن إبراهيم، محمد علي زبارة، محمد ساري، محمد الغيل، ومن آل أحمد قاسم حميد الدين قتلوا عبدالرحمن بن أحمد بن قاسم حميد الدين، أحمد محمد حميد الدين، أحمد بن حسين حميد الدين، وغيرهم ممن غابت عني أسماؤهم، ولما نادوا بخروج واحد إلى الميدان لقتله كان الغلط بواحد آخر، فقالوا: ليس هذا، فأجاب آخر: يا ألله، قد اسمه خرج، يعني ماشي الحال ما تهم الغلطة، اقتلوه.))( ).
ثم تستطرد صاحبة المذكرات:
عرفت أنه نودي على أخي (إسماعيل)، راعي الأيتام، من سجنه واقتيد إلى الساحة، وعذب ثم قتل صبراً في الساحة، (رحمه الله) شهيداً، ثم نودي على أخي (علي) وأطلق الرصاص عليه، أما ابنه (الحسن)، صاحب السيرة العطرة، فقد عذب بتدرج ثم أطلق الرصاص عليه، بدأ الإطلاق من أسفل رجليه صعوداً إلى رأسه ببطء وتأن، كنوع من التعذيب، بسبب حقد دفين وتصفية حسابات شخصية.
وتؤكد صاحبة المذكرات أهمية رئيس الاستئناف العلمية وتشهد على صلاحه وتقواه وعدالته كما وتتحسر على العدالة قائلة:
((وكان حزني على العلامة الشهيد القاضي (يحيى بن علي الشهاري)( )، يعادل أحزاني على إعدام إخواني، فإعدام رئيس محكمة الاستئناف، يعني إعدام للعدالة، أدركت عندها أن العدالة باتت شيئاً من الماضي، وإننا بانتظار مرحلة من الظلم والاستبداد والاضطهاد، اللهم الطف بعبادك يا رب العالمين)).
الشهداء الملكيون
[ ملحق ]
الشهيد (الحسن بن علي)
من كبار العلماء والمثقفين الملكيين الشباب الذين جرى قتلهم (اغتيالهم) دون ذنب أو محاكمة، الأمير المثقف الحداثي (الحسن بن علي) ووالده الأمير (علي بن يحيى حميد الدين)، وقد جرى قتل الأب والابن معاً في مشهد وحشي دون محاكمة أو ذنب خلال المجزرة الجماعية للقضاة والفقهاء التي جرت صبيحة اليوم التالي لانقلاب 26/9/1962م.
والثابت، حتى من خلال اعترافات بعض الضباط الانقلابيين، أن (الحسن) ووالده رحمهما الله كانا من أشد أنصار التغيير في اليمن ونشر الثقافة الحديثة والمناوئين لحكم الإمامين (يحيى وأحمد حميد الدين)، وقدم الأميران الشهيدان مساعدات عديدة للمتمردين على الحكم الإمامي بما في ذلك إنقاذ حياتهم من براثن الموت كذلك دفع ديات المحكوم عليهم بالإعدام قصاصاً ورفع الظلم عن المظلومين ... الخ.
ولن نذهب بعيداً فقد كتب عنه أحد أولئك الضباط الذين يرزحون تحت عبء الاتهام بالتعصب العنصري ضد الهاشميين ما يلي:
الأمير الحسن بن علي:
نشأ نشيطاً جميل المحيا ودوداً متعلماً لبقاً بارعاً في كسب العلاقات مع الناس رغم صغر سنه. وسرعان ما فهم الأوضاع وخاضها بجدارة محاولاً النجاح فيما فشل فيه والده وقد اجتهد في انقلاب 1955م كما أشيع أنه ولي عهد عمه (عبدالله) لو نجح الانقلاب ولقد ظل طموحه حتى بعد اس
شهـــادة أمــيرة مثقفـــة :
نختتم الحديث عن هذه الكوكبة من الشهداء الملكيين بهذه الشهادة المؤثرة عن الإعدام الجماعي للآباء والأبناء والأحفاد من الأمراء الملكيين دون اتهام أو محاكمة أو ذنب، كذلك اغتيال رئيس المحكمة الاستئنافية آنذاك القاضي العلامة (يحيى الشهاري)، حيث ورد في مذكرات الأميرة (تقية) إحدى بنات الإمام (يحيى حميد الدين) المشهود لهن بالثقافة وخاصة في مجال الفقه وحسن السيرة والورع والتقوى ما يلي:
((وسمعت ويا هول ما سمعت: لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بأخي (إسماعيل) بن الإمام يحيى، ثم لقد تم إعدام أخي (علي) بن الإمام يحيى، ثم إعدام ابنه (الحسن بن علي)، ثم لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بالسيد (يحيى بن علي الشهاري)، رئيس محكمة الاستئناف، ثم لقد تم تنفيذ حكم الإعدام ... الخ.
فقد أعدم العشرات في اليوم الأول كوجبة سريعة، وما بين الإعدام والإعدام دقائق معدودة، وأعدم من العلماء والفقهاء والأعيان العديد العديد ... وممن أعدم التالية أسماؤهم:
حمود بن عبدالملك، عبدالله عبدالكريم، حمود الوشلي، أحمد بن عبدالرحمن الشامي، محمد بن أحمد الوزير محمد الكبسي، عبدالرحمن عبدالصمد أبو طالب، الشيخ عاطف المصلي (كبير همدان)، القاضي محمد عامر، عبدالرحمن السياغي، يحيى عبدالقادر، حسين الويسي، أحمد ناجي، (ضابط المقام)، يحيى حسين المنصور، حسن إبراهيم، محمد علي زبارة، محمد ساري، محمد الغيل، ومن آل أحمد قاسم حميد الدين قتلوا عبدالرحمن بن أحمد بن قاسم حميد الدين، أحمد محمد حميد الدين، أحمد بن حسين حميد الدين، وغيرهم ممن غابت عني أسماؤهم، ولما نادوا بخروج واحد إلى الميدان لقتله كان الغلط بواحد آخر، فقالوا: ليس هذا، فأجاب آخر: يا ألله، قد اسمه خرج، يعني ماشي الحال ما تهم الغلطة، اقتلوه.))( ).
ثم تستطرد صاحبة المذكرات:
عرفت أنه نودي على أخي (إسماعيل)، راعي الأيتام، من سجنه واقتيد إلى الساحة، وعذب ثم قتل صبراً في الساحة، (رحمه الله) شهيداً، ثم نودي على أخي (علي) وأطلق الرصاص عليه، أما ابنه (الحسن)، صاحب السيرة العطرة، فقد عذب بتدرج ثم أطلق الرصاص عليه، بدأ الإطلاق من أسفل رجليه صعوداً إلى رأسه ببطء وتأن، كنوع من التعذيب، بسبب حقد دفين وتصفية حسابات شخصية.
وتؤكد صاحبة المذكرات أهمية رئيس الاستئناف العلمية وتشهد على صلاحه وتقواه وعدالته كما وتتحسر على العدالة قائلة:
((وكان حزني على العلامة الشهيد القاضي (يحيى بن علي الشهاري)( )، يعادل أحزاني على إعدام إخواني، فإعدام رئيس محكمة الاستئناف، يعني إعدام للعدالة، أدركت عندها أن العدالة باتت شيئاً من الماضي، وإننا بانتظار مرحلة من الظلم والاستبداد والاضطهاد، اللهم الطف بعبادك يا رب العالمين)).
الشهداء الملكيون
[ ملحق ]
الشهيد (الحسن بن علي)
من كبار العلماء والمثقفين الملكيين الشباب الذين جرى قتلهم (اغتيالهم) دون ذنب أو محاكمة، الأمير المثقف الحداثي (الحسن بن علي) ووالده الأمير (علي بن يحيى حميد الدين)، وقد جرى قتل الأب والابن معاً في مشهد وحشي دون محاكمة أو ذنب خلال المجزرة الجماعية للقضاة والفقهاء التي جرت صبيحة اليوم التالي لانقلاب 26/9/1962م.
والثابت، حتى من خلال اعترافات بعض الضباط الانقلابيين، أن (الحسن) ووالده رحمهما الله كانا من أشد أنصار التغيير في اليمن ونشر الثقافة الحديثة والمناوئين لحكم الإمامين (يحيى وأحمد حميد الدين)، وقدم الأميران الشهيدان مساعدات عديدة للمتمردين على الحكم الإمامي بما في ذلك إنقاذ حياتهم من براثن الموت كذلك دفع ديات المحكوم عليهم بالإعدام قصاصاً ورفع الظلم عن المظلومين ... الخ.
ولن نذهب بعيداً فقد كتب عنه أحد أولئك الضباط الذين يرزحون تحت عبء الاتهام بالتعصب العنصري ضد الهاشميين ما يلي:
الأمير الحسن بن علي:
نشأ نشيطاً جميل المحيا ودوداً متعلماً لبقاً بارعاً في كسب العلاقات مع الناس رغم صغر سنه. وسرعان ما فهم الأوضاع وخاضها بجدارة محاولاً النجاح فيما فشل فيه والده وقد اجتهد في انقلاب 1955م كما أشيع أنه ولي عهد عمه (عبدالله) لو نجح الانقلاب ولقد ظل طموحه حتى بعد اس