عَزيزي صاحِبَ الوجِه الجَميل أينَ أنت؟
أنا الآن في أقصى مراحِل ضياعي، تَائِهة في دوربٍ ما عُدتُ أألِفُها بعدك.
عَزيزي إلى أينَ أهرُب؟ لا المدى يتّسِع لوجعي، ولا الأماكن تحتملني في غيابك.
لا يُمكنني التَغلُب على ضِياعي هَذا في رَحيلِك
البَيت لم يَعُد يَنهي كل هذه المَتاهات التي أشعرُ بِها بَل يزيده تشعّبًا وتعقيدًا، ولا الشوارع تُنهي هذا الضياع، بل تُعيدني إليه كلما حاولتُ الهروب.
عَزيزي كُلَّ شَيء بات باهتًا مذ رحلت،
القلب الذي كانَ يُعطيني أمل على لِقائك قَد تمزقَ بِشكلٍ شَنيع جِدًا، ما عادَ يَملك القُدرة على مواساةِ نَفسه، لَقد فقدَ النورَ الذي كان يُضيء به في حضورك، وفقدَ الحياة مُنذُ أن غِبت.
الوجوهُ التي ألفتُها تغيّرت،
كأنّ الحُب الذي كانَ يَسكُن في أعماقي كان يُجمّل العالم كلّه في عينيّ،
أما اليوم؟
فالوجوهُ باهتة، مزدوجة، لا تُطاق! أم أنّ آثارَ حُبك في حَياتي جَعلتني أرى جميع البَشر بِصورةٍ جَميلة مِن فَرط حُبي لَك..
أما أنا؟
فلستُ أنا!
نسيتُني كلّي،
نَسيتُني بِـ أكمَلي في المَاضي.. بينَ ثَنايا الشوق والحَنين لِلأيام التي عِشناها ولمْ نستطيع أن نُعيدها مُجددًا
الشوقُ ينهشني،
يأكل منّي جزءًا كلّ يوم،
يقتاتُ على ملامحي، على ضحكتي، على يقيني بالحياة.
عَزيزي أرجوكَ عُد خُذ بيدي من بين هذا الزحام البارد، وأعد للوجوه ألقَها، كما كانت حين كنتَ بقربي، أو خذ ما تبقّى مني، وأعِد إليَّ روحي، سعادتي، طمأنينتي التي سرقتها في يوم رحيلك.
أو عُد وأعِد لي رُوحي وسعادتي التي سَلبَها هَجرك
أرجوكَ يا عَزيزي إفعل شَيءً لنا
فَـ أنا لمْ أعُد أنا في بعادك
قَد فَقدت جِزءً مِن ذاتي... رُبَما هي أنت! ذاتي أنت الذي غادَرَتَني ولمْ ألقى ذاتي مِن بَعدك!.

-🖋️سِدْرة.

عَزيزي صاحِب الوَجهِ الجَميل
أكتب إليك وأوُّد أن أُخبرك عن ما يجول في داخلي..
أنا أعلم جيدًا بأنه إنتَهت جَميع الشُهور وجَميع المُحاولات،
وإنتَهت السَنوات ولقد إنتهى الحُب الذي كانَ يَجمَعنا
إنتهيتُ أنا كُلي،
لقد فاتَنا الآوان،
وإنتَهينا نَحنُ.
ولكِن! لِماذا لا يُمكنني أن أمضي مع هذهِ النِهايات؟
كأنّني مازِلتُ واقِفة في الصَفحات الأولى مِن حكايتُنا ولا أقوى على طيّها، تمرّ السَنوات دونك، ولا أستطيع اللحاقَ بِها،
أشعر وكأنَما رُوحي عالِقة هُناكَ تُناديك لِنعود لِلعام الذي إفتَرقنا بِه، لِلمكان الذي أفلّتَ يَداي بِه ولمْ تَلتَفت خَلفك أثناءَ مَضيك.
أفتَقِدُك،
أفتَقِدُ السَاعات التي كانت تَجمَعنا،
اللحَظات،
الأيَام،
الكلِمات،
و الأصوَات،
كُل شَيء هُنا يَعودُ بي إلينا.. إلى حيثُ كُنا عَليه،
لا يُمكنني مُواجهة نَفسي بأنّ كُل الذي كانَ بَيننا قَد إنتهى! إلى يَومنا هَذا لا زلتُ أختَبِئ خَلفَ مَخاوِفي،
أهرب مرارًا، ثم أرتطم بجدار الفقد الذي لا يلين، والذي يأبى أن يُزال،
لا يُمكنني أن أعترف بَيني وبينَ نَفسي بهذهِ النهاية!
أمضي في المَاضي بَيننا وبينَ أوراقي وأكتب عَن حُبنا الذي حَلِمنا بِهِ سَويًا... تَمنينا لو عِشناهُ عُمرًا واقِعًا معًا،
وبالرغم من أن أصابعي الآن باتت خاوية من دفءِ أصابعك، إلا أنها تمسك قلمًا يُعيد للحياة نبضَ الحَنين الساكن في أعماقي.
وحدهُ هذا القلم مَن يأخذ بي من واقعي الباهت إلى عُمق الذكريات،
هُناك، بين السطور، أجدك وإن غِبتَ… أراك رغم المسافات…
تكفيني لحظةُ إغماضٍ واحدة، أُسافر بها إلى ماضٍ كنت فيه لي،
إلى حكايةٍ لم تُكتب لها الخاتمة، إلى حلمٍ تمنيت لو امتدَّ بنا عُمرًا لا ينتهي.
يا ليتَ قلمي يستطيع أن يكتب واقعًا يُعيدك، بدلًا من أن يُعيدني دومًا إلى حلمٍ ضائع، وذِكرى تَفيض بكل ما تَمنيتَه وأنتَ هدمته.


-🖋️سِدْرة.

عَزيزي صاحب الوجهِ الجَميل
لَعنةُ الفُراق تُحاصرني مجددًا، مهما حاولتُ الفرار من هذه اللعنة التي تفتك بقلوبنا.
ويبدو أنّ لا مفرّ منها...
أخبرني يا عزيزي، ما حيلةُ المُشتاق بعد أن تُخيّم لعنةُ الفُراق على قلبٍ يتباكى من الشوق؟
كم من مرّة حاولتُ أن أنساك، وأن أطوي ما كنّا عليه، وأن أُمنح نفسي فرصةً لحياةٍ جديدةٍ دونك، وبعيدًا عنك...
كم حاولت أن لا ألمحك في ملامح العابرين، أن أراك غريبًا كسواهم،
كم سعيتُ لأن أُكمل حياتي مع غيرك، لكن خابت جميعُ محاولاتي...
لم أستطع تقبُّل أحدٍ سواك، ولا استطعت أن أرى في عيوني غير ملامحك.
كم ليلةً دعوتُ اللّٰه أن يرُدّك إليّ، أن يُبعد الآخرين من طريقي، وأن يزرع حبّي في دربك، لكن دعواتي لا تزال معلّقة، لم يُستجَب لها حتى اللحظة.
ظننتُ أني بعد الفُراق سأكتفي بذاتي، وأغتني ببُعدك، وإن قلبي سيجد سكينته في البُعد عنك،
ظننت أن الحنين لن يطرق أبوابي بعد اليوم...
لكنني لا أزالُ أسير كالأسير ، أبحث عن بصيص أملٍ يقودني إليك.
أتبع خُطاك، أبحث في الوجوه عن ملامحك،
وكلما اقتربتُ، يُباعدني القدر مرةً أخرى عن رؤياك.
أجلس كلّ يومٍ على ذلك الكُرسيّ، أترقّب مرورك،
وأكتب إليك – للمرة الألف – رغم كل تلك المحاولات التي أقنعتُ بها قلبي بأن يتوقّف.
لكن لا جدوى... لا زال الأمل بك حيًا بداخلي.
كلما حاولتُ أن أقتلع جذور هذا الأمل،
يتجدّد في قلبي من جديد،
لا أعلم سببًا لذلك،
لعلّه قلبي المُغفّل الذي يتفوّق على عقلي بعاطفته العارمة.
أريد أن أبدأ من حيثُ بدأنا...
أن أعود إلى تلك اللحظة، حينها فقط كنت سأرفض يدك.
ليتني تجاهلتُ يدك الممدودة،
ليتني لم أنصت لكلامك في ذلك اليوم،
لكان اختُصرَ عليّ عُمُرٌ من الحُزن الهائل.
ولكن...
ما فائدة الندم بعد الغرق؟
الغريق لا يملك إلا أن يفتح عينيه على ظلمة الأعماق ويبتلع الحقيقة دفعةً واحدة...


-🖋️سِدْرة.

عزيزي صاحب الوجه الجميل،
لستُ أدري، أأكتب إليك حنينًا أم وداعًا مؤجلًا؟
أأبثّك شوقًا قد نضج حتى احترق؟ أم أنثر أمامك فُتات قلبي الذي لم يحتمل غيابك؟
لقد مضيتَ... نعم، لكنك لم تأخذ معك ملامحك من ذاكرتي،
ما زالت عيناك تستوطنان تفاصيل الوقت، ما زال صوتك يسكن في الفراغ الذي تركته، وما زال وجهي يشيخ شوقًا كُلما ناديتك ولم تأتِ.
عزيزي،
إن الفراقَ الذي بيننا لم يكن لحظة واحدة، بل هو مئة يومٍ في اليوم، هو عُمرٌ من الترقّب، من التمنّي، من الانتظار الذي لا يُثمر.. هو أن أراكَ في الذاكرة أكثر مما رأيتك في الواقع، أن أفتّش عنك في الليل، في الأغاني، في الطرقات، في صدى الضحكات، ولا أجدك… إلا فيّ.
يؤلمني هذا الشوق، شوقٌ لا يُشبه الحَنين العابر، بل يُشبه الخسارة الدائمة،
يُشبه فقدًا لا عزاء له، يُشبه أن تعيش وأنتَ تنزف من موضعٍ لا يراهُ أحد.
يا صاحب الوجه الجميل، هل لكَ أن تعلم كم بكيتُك بعد رحيلك؟
كم من مرةٍ نظرتُ إلى صورك، لا لأنني نسيت تفاصيلك، بل لأنني كنتُ أقاوم نسياني لنفسي التي كانت معك؟
هل تدري كم ليلةٍ كنتَ فيها ضيفً ثقيلًا في حُلمي، وكم صباحًا استيقظتُ منهكة لأنك لم تكُن هناك؟
الفقد لا يعني فقط أنك لست بقربي،
بل يعني أنني لا أستطيع البوح، لا أستطيع العتب،
لا أستطيع أن أقول لك: "لماذا تركتني؟"
فأنتَ تمضي، وكأنك لم تكن يومًا العالم كلّه.
أشتاقُ إليك... كأن الشوق دينٌ في عُنقي لا يسقط بالتقادم، كأن كُلَّ الطُرق المؤدية إليك قد تهدّمت، لكن قلبي ما زال يسلُكُها… وحده وبِلا ضَوء.
أحِنُّ إليك، حنينًا لا يُشبه الشوق إلى الأماكن، ولا إلى الأيام، يُشبه التوق إلى الروح التي غادرت الجسد، إلى جزءٍ منّي ما زال يعيش معك، حيثُما كُنّا.
عزيزي…
أتعلم ما أقسى ما فعلته بي؟
أنك رحلت دون أن تُخبرني كيفَ أعيش بعدك،
لم تترك لي ملامح الطريق، ولا حتى كلمات أخيرة أحتضنها،
تركتني معلّقة بين الأمل والمستحيل،
وبين حنينٍ لا يخمد، وصوتِك الذي لا يعود،
وأسوأ ما فيك… أنك كنتَ الوجه الأجمل، والمأوى الأدفأ، والصوت الأحن،
ثم أصبحتَ الأقسى مِن كُل شَيء.


-🖋️سِدْرة.

عَزيزي الغائِب
أكتبُ إليك رِسالتي هَذه بعدَ أن تجاوزت الساعه الثالِثة والنِصف في عُمق الظَلام
يَلِفُّ الليل هذا الكون بِوشاحٍ مِنَ السُكون، كُلَّ شَيءٍ هادِئ إلا عَقلي الذي يَعِجُّ بِـالأفكار التي لا تَهدأ
و رُوحي التي تتأرجحُ بَينَ الحَقيقة والضياع فيما يَحدُث
أنظُرُ إلى زاوية الغُرفة بَينَ الظِلِّ والنور ويَتراءى لي ذَلِكَ الطَيف الذي يَظهر كُلما أثقَلتني الحياة
أراهُ بَعيدًا يَبتسِمُ لي وتطمَئِنُ روحي في إبتسامته تِلك ما إن أمُدُّ يَدي نَحوه حتى يَتلاشى وكأنني أُطاردُ سَرَابًا..، يَتبدد كأنهُ لْم يَكُن ثُمُّ أعودُ إلى حُزني وشَوقي ذَاك
أرتحِل نحو حُجرتي ساعية لِلنوم، أُغمض عَيني لِبرهة وتحتلّني ذِكرى غيابك، يَتَكاثف الضياعُ مِن حَولي ويَتسللُّ إلى قَلبي كَـ ريحٍ بارِدة تُثير الأرتِجاف وتَجعلني أشعُرُ وكأني عالِقة بَين عالمين
أشعُرُ كأنما صَخب الحياة يخفِتُ إلى صمتٍ ثَقيل
وكأنّ الوَقت يَختَبِرُ صَبري على غِيابك بإمتِداد اللحظات الباردة في بُعدك، حَيثُ لا دِفء إلا في الذِكريات التي تَشتَعِل في رُوحي كُلما ناديتُكَ ولمْ تَجب.
كُلما قَرأتُ وداعِكَ الأخير أشعُرُ بِثُقلٍ على قَلبي والخوفُ يتسللُّ إلى أعماقِ رُوحي والظلامُ يلتّفُ حَولَ عَقلي حَتى أُصبِح أن أراهُ يقترِبُ مِنّي بِبُطء، ينقضُّ عليّ في كُل لحظة،
شعرتُ أن قلبي يَتوقف بينَ كُلِّ نَفس وآخر، وكأنّ الخَوفَ يَعبث بي ويَعزلُني عَن كُل ما هو آمن.
اليلل يَطول في غِيابك.. لا يَنام ولا يَدعني أنام
يَترُكُني مع أفكاري التي تَنهَشَني ومع الحَنين الذي لا يَهدأ،
أعِدُّ الساعات كَمن يَعِدُّ خَساراتِه وكُل ثانية تَمِرُّ مِن دُونِك تَترُك نَدبة في دَاخلي تَحفِرُ في عُمقِ القَلب فَراغًا لا يُملأ إلا بِك.
كُلَّ شَيءٍ باهِت، كُل تفاصيل الحياة تَبدو كأنها فَقدت نَكهَتُها،
وأنا؟ كأنني فَقدتُ نَفسي في هذا الغِياب
أبحثُ عَنك في الوُجوه، وفي الأماكن التي شَهِدت صوتِك ولكِن لا أحد يُشبِهك، ولا شَيء يُعوض وجودك، ولا شَيء قادِر على تَهدِئة الشَوق الذي يَتضاعف كُلما ظَننتُ أنني إعتدتُ على هذا الغِياب!
أُغمِضُ عيني وأتخيَلَك، أستدعي ملامِحك في ذاكِرتي وَضِحكَتِك تلكَ التي تأسُرُ قَلبي، أُحاوِلُ أن أعيشكَ ولو في الخيال لكي أُهدِئ أفكاري وقَلقي هذا ولكن! حَتى الخيال يَظلُّ ناقِصـًا وأقلُّ دِفءً وآمانٍ مِن حُضوركَ الحَقيقي، أعيشُ في إنتظار كَمن يَنتَظِرُ الغَيث في صَحراءٍ عَطشى، كَمن يُحدِقُّ في الأُفُق باحِثًا عَن طَيفٍ يُعيدهُ إلى الحَياة، أنتَظِرك.. وأنتَظِرُكَ حتى تأتي وأسمعُ صَوتِك وتوقِظ الحياة في داخِلي مِن جَديد.

-🖋️سِدْرة.

إلى الذي أحببته ولم يلتفت إلى قلبي
إلى من أحببتُ وحدي، كما لو أن الحب خُلق ليكون خنجرًا في صدري لا يشعر به سواي.
حُبٌ من طرفٍ واحد… طرفٍ يسكنه الحنين، ويهجره الأمل، ولا يراه أحد..
عَزيزي..
هناك في صدري ثقلٌ لا يفارقني،
غصّةٌ تكاد تخنق أنفاسي مع كل نبضة حبٍ لا يُردّ.
أحمل بين أضلعي حُبًا يتألم بصمت، يئنّ دون أن يجد من يشاركه أو يخفف عنه وجعه.
كلما رأيتُك تبتسم لغيري، يزداد هذا الثقل وزنًا، وتشتد الغصة التي تضغط على قلبي حتى تكاد تنفجر.
أعيش في دوّامة من الألم الذي لا يُرى،
وأمواج الحزن تتلاطم في داخلي بلا هوادة.
أشعر أن روحي تتمزق ببطء كلما فكرت أنّكَ لن تكونَ لي،
وأنّكَ تعيش لغيري، بينما أنا هُنا،
أتلوّى بين صمت الصدر ونبض القلب،
كأنّي أمشي في مقبرة مشاعري وحدي، أُقبّل جدران الصبر التي بدأت تتهاوى.
كم مرة حاولت أن أُخفّي دمعي خلف ابتسامة،
وكم مرة كتمت صوت الحزن في قلبي،
لكني لا أستطيع أن أخفي ذلك الألم العميق الذي يقتلني ببطء،
ويتركني وحيدةً مع ظلال حبٍ لا حياة فيه.
أُراقبك من بعيد، كمن يُشاهد حلمه يتحقق في يد غيره،
ولا يملك سوى الانكسار.
أحبك بما لا يُقال، ولا يُفهم، ولا يُكافأ،
أحبك كما يُحب الغيم المطر، ولا يستطيع الوصول إليه.
كل نبضة في صدري تناديك، وأنت تمشي دون أن تلتفت،
كل نظرة من عيني ترجوك، وأنت لا ترى سوى العالم الذي لا أكون فيه.
أنا لا أطلب شيئًا،
لا وعودًا، لا اعترافًا، لا حبًا مقابلًا…
كل ما كنت أتمناه أن تراني،
أن تشعر بما لا أُجيد قوله،
أن تفهم بأن خلف الصمت هذا قلبٌ يُحبك لحد الانطفاء.
لكنك لا ترى…
وأنا لا أُجيد الرحيل.
وإنّي، رغم كل ما كتبتُه هنا، لن أجرؤ على أن أُرسل لك شيئًا…
سأكتفي بأن أودع كلماتي في مهبّ الصدفة، علّك تراها يومًا دون علمي،
وتفهم أن خلف هذا الحرف قلبًا أحبك بصمتٍ، وخَشيَ حتى من الاعتراف.

-🖋️سِدْرة & shahed.6297

•••زَحمة أفكار•••
تَغمُرُني دومًا رَغبة لِلخُروج كَي أسيرُ فَقط بِلا مُرافَقة وبِلا مواعيد وبِلا وِجهة مُحددة
أحتاجُ المَضي في أماكن واسِعَةِ المَدى مَليئة بالهواء البارِد القادِر على تَهدِئة الضَجيج في رأسي
أمشي لأنّ الجدران غَدت تخنُقني والأماكن التي كنتُ أجد فيها راحتي باتت تُضيقُ بي
كُلما جلستُ طويلًا شعرتُ بأنّ أفكاري تَلتفُّ حولي كَـ حبلٍ يضيقُ بِبُطء حَتى لا أعودُ قادِرًا على التَنفس
أسيرُ بِلا هَدف وبِلا رَغبة حَقيقية في الوصول، مُجرد حركة مُتكررة وخُطوات تتبَعُها أُخرى، کأنني أخدعُ نَفسي بِأنني أفعلُ شَيئًا ذاتَ مَعنى
وكأنّ ما أفعلهُ قادرٍ على إبتلاع شَيءٍ من هذا الشعور الثقيل الذي لا ي يُغادرني
أبحث في الطُرقات وفي وجوهِ العابرين عَن شَيءٍ مألوف أو شعورٍ مُشترك ولكن لا أجد.. كُل مِنهم غارِق في عالمه المَجهول الذي لا يَعلمهُ سِواه
أتوقف عِندَ ذَلكَ الكُرسي أتساءل! إن كُنتُ قد مَررتهُ مِن قَبل؟ لكنني لا أتذكر أو رُبما أتعمد ذَلك و أُحاول أن أبعد ذِاكرهُ عنّي، لكِنهُ بِالفعل يَجلب لي شُعورًا عاصِفًا بالحُزن لأنهُ كانَ شاهِدًا على أحداث لم أتحدث بها لِأحد مِن قَبل... أتركهُ وأمضي مِن جَديد أجُرُّ خُطواتي بِتثاقل وأشعرُ أنني أمشي منذُ زمنٍ طويل لكني في مَكاني ذاته ولم أبتَعِد كثيرًا، وكأنّ كُل الطُرقات تَدور بي في حلقة مُفرغة دونَ نِهاية تُزيح هذهِ الأفكار التي تَزدادُ في رأسي
و كإنّ كُل المَسافات مُجرد أوهام
و في النِهاية! أعلم أنني سَأعود إلى ذات المَكان و إلى ذات الغُرفة والجُدران التي حاولتُ الهُروبَ مِنها
و لكِني رُغمَ ذَلِك أُواصِلُ السير فَقط لِأنّ الوقوف يَعني الإستِسلام وأنا إمرأة لا يَليقُ بي هذا.

-🖋️سِدْرة.

عيناهُ واسِعتان كالبحر، لكني ما كُنتُ أعرف إنَّ الإتّساع أحيانًا يعني الضياع.
كُنتُ أغرق فيه وأنا أظُنُّ إني أطير،
كُنتُ أبتسم له، وهو كانَ يُخبِئ الغَدر تحتَ المَوج.
نَجوت... أو هكذا أخبرني البعض!
قالوا إنني خرجتُ سالِمة،
لكن! كيفَ يُنجو مَن حَملَ البَحر في عَينيه؟
لم يكن البحر عذبًا كما ظننته،
كانَ مالحًا، قاسيًا، يُبلّل ذاكرتي كلّما جفَّت،
كنتُ أظنّ أن النجاة هي النهاية،
لكنّي تعلّمت لاحقًا أن النجاة أحيانًا تكون بداية الألم.
أن تَطفو فَوقَ خَيباتِك لا يَعني أنَّكَ بٓخير،
بَل يَعني فَقط أنَّكَ لمْ تَمُت بَعدْ...
لأنَّ الوجع الذي يتركهُ الخُذلان لا يُشفى بالوقت،
ولا يُخفف بالحديث،
إنه يُقيم في التفاصيل، في الأغاني، في الأماكن،
في لون عينيه، في الطريقة التي ينطق بها اسمي،
في كل ما كُنتُ أظنُّهُ حُبًا، وكانَ في الحقيقة فخًا ناعمًا.
في عينيه وجدتُ الوطن والمَنفى،
وجدتُ دفءَ الشِتاء وسمّ الخديعة،
هو لم يصرخ يومًا، لكنه أوجعني بصمته،
لم يَمدّ يده ليُنقذني، لكِنّهُ أغرَقني في خِداع نَظراتِه.
عيناهُ واسِعتان كالبحر...
وكنتُ كلما نظرتُ فيهما، فقدتُ شيئًا من نَفسي،
جزءًا من طمأنينتي، قطعةٌ من خافِقي
حتى صار داخلي ممتلئًا بطحالب الشك،
بصخور الذكرى، بمرارة الكلمات التي لم تُقال،
حتى صرتُ أُشبه سَفينة مَجهورة تصطدم بها أمواج الذكرى ولا تَستطيع الرسو.
كنتُ أمشي وأنا أحمِلُ البَحر فوقَ كتفي،
أحمِلَهُ في قلبي، في دموعي، في نبرة صوتي..
نعم، نَجوت، لكنّي لم أنجُ تمامًا،
لأنّ البحر لا يخرج من الروح بسهولة،
لأنّ ملوحة عينيه ما زالت تَحرقني كلّما أغمضتُ عيني وأغرقتُ وجهي في وِسادتي كُلَّ ليلة،
وما زالَ البحر يتقلّب في صدري وأنا أعوم في فِكرة وأغرق في ذِكرى كُلَّ ليلة.
أنا التي ظننتُ الطيران معه،
والآن، بالكاد أستطيع المشي دون أن أعرُج من الحنين.
رُبما نَجوت؟
لكن النجاة الحقيقية كانت أن لا أُبصِرهُ يومًا،
أن لا أُحبّ من يُتقن الإخفاء،
من يُخبئ الغَدر تحتَ المَوج... بينما أنا أبتسم.
ما زالَ يتسلّل من صمتي،
وما زالَ إسمه المَرسى، وصوته كـالعاصِفة، وملامِحه ملحٌ في الجرح.

-🖋️سِدْرة.

عَزيزي صاحِبَ الوجِه الجَميل…
أكتبُ إليكَ رُغمَ يَقيني بأن رسالتي لن تبلغك، علّ نظرةً من عيني تسبق حروفي، فتبوح لك بما عجز عنه البَيان..
رَغِبتُ بِأنّكَ تَتَشافى مِن نُدوب الماضي وَتبدأ حياةً جَديدة، ولكني جَهلتُ إنَّ بَعضَ النُدوبِ يَبقى أثرها حَتّى وإن زَالت... لطالما شاهدتُكَ وأنتَ تَهِلُّ دَمعكَ على رَثاءِ حُبِكَ لها، ولمْ يَكُن بيدي شَيئًا أفعلَهُ لِأجلك إلّا أن أتأمّلَ حُبي يَبكي على حُبٍ آخر، كانَ أقسَى إدراكٍ قَد عِشتُه، بَينما تَجاهَلتُ مَوقِفي تِجاهَ الأمرِ، ولَكِن في كُلِّ مَرةٍ أتذكرُ أنّ لَيسَ بيدي حيلةٌ في الهَوى، وإنّ حُبكَ غَلابٌ عَلى أمري.
أمانةً، يَصعبُ عَليّ مَشَهدُنا، أن يَبكي كُلًّ مِنّا عَلى طَرفٍ لا يَشعُرُ بِه، وكُلٌّ مِنّا لَهُ غايةٌ مُختَلِفة... حتّى وإن بَقيتُ أنا، وبقيتَ أنتَ، كِلانا نَعلُم بِأنّ القَلبَ يَهوى دِيارًا لَيست دِياري، ومُسمّى غَيرَ مَسماي.
لا أريدُ أن أستَصعِبَ الموقِف أكثَر مِن عُقدَتهِ الأوليَة، وإني حقًا تَمنيتُ أن أُخفيَ هَوى فؤادي تِجاهُكَ، ولكِنَّ مَلامِحَ الحُبِ تَفَضحُني وتَكشِفُ سِرّي.
لا يُوجد سَبيلٌ يَحُلُّ مَسألَتي مَعك، فَهيَ مَعفيةٌ مِنَ الحُلول التي مِنَ المُمكِن أن تُرضِيني، لِذَلك، إختَرتُ البُعدَ عَلى أن أبقى أتَخبطُ لِأجلِ مُحبٍ ليسَ لنَا سَبيلٌ لِنَجتَمِع أبدًا، طرفٌ يَعيشُ في دَعةٍ، والآخر تَسكُنُه اللوعَة، وفي سَجيةِ الَليلِ، يُصيبَهُ الشَجَن عَلى ما لمْ يكُن مِن نَصيبهِ يَومًا.
لرُبما الفُراق يَكفيني لِأنسى تِلكَ المَشاعر التي بَعثَرَتني وَشتتت عواطِفي تِجاهُك، وإنّي، كُنتُ أرجو أن تكون النهايات عادلة، لكنّ يبدو أنَّ هُناك بعض النهايات تنهي القلب، لا الحكاية.
لو أنّ الخَصمَ أحدًا آخر، لَتَغَلّبتُ عَليهِ لِأجلِ البَقاء مَعك، ولكِن، كَانَ خَصمي قَلبي… وليسَ بِيدي شَيئًا أفعَلَهُ حِيالَ ذَلِك.

-🖋️سِدْرة.

الحُبُّ الصّامِت
ما بينَنا لا يُمكنُ شَرحُه، لا بمشاعر، ولا حتّى بكلمات،
هو ليسَ حُبًّا، ولا صداقة، ولا حتّى شيئًا غيرَ ذلك،
ما بينَنا… خليطٌ من مشاعرَ شتّى، متناقضة، صامتة، لكنّها قابِعةٌ في أعماقِنا.

أرى صِدقَك معي، وترى انتمائي إليك،
أجدُ نفسي في عينيك، وأسمعُ همسي داخلَ صَدرِك،
يميلُ قلبُك نحوي في لحظاتِ ضعفِك،
ويشتاقُ قلبي لقرْبِك، دونَ أنْ يجرؤ على البَوْح.

تتماسكُ لتبتعد…
تصنعُ حِصنًا تُحيطُ به ذاتَك عني،
لكنّك تتسلّقُه،
وتعودُ إليّ متلهّفًا، مُشتاقًا، كأنك لم تُغادر أصلًا.

يداكا تمتدّان وتلمسانِ قلبي،
وأرى أنّني أُقبّلُ عينيك.
أجدني في وحدتِك،
وأُحيطُك بحبّي، الذي لا يحتاجُ أن يُقال، لكنّه يَفيض.

ثمّ نعود… مرةً أخرى إلى حِصنِنا،
نختارُ الابتعاد،
لكنّنا نلتفِتُ لبعضِنا، بعينَيْنِ تُنكران وتَفضحان.

أجدُ اسمي على ثغرك،
وتجدُ اسمَك يتردّدُ في صلاتي،
كِلانَا يَشعرُ بحبّنا،
لكنّنا نتجاهل، ونَمضي في صمتٍ مَدروس، مُخيف، مُقدّس.

نَصنَعُ ذكرياتِ الحُبّ معًا،
تتلطّخُ قلوبُنا بالفِراق،
وتتقرّحُ جِراحُ أيدينا التي حطّمتْ فِكرةَ القُرب،
كأنّنا نَخافُ من الضّوءِ الذي يَكشفُ حقيقةَ ما بينَنا.

نعودُ…
نُصلحُ ما كان، دونَ أنْ نتكلّمَ عنه.

تَهمسُ في أُذُني بأعذبِ اعترافٍ مُبهَم،
وأقولُ: "أُحبّك" صَريحة…
لكنّها مُغلّفة،
مُبطّنة، مُشفّرة، كما اعتدتَ مِنّي قولَها…
تُقالُ بصوتٍ مُنخفض، لكنّها تُسمَعُ في القلب.

فنمضي…
نَمضي كأنّنا لا نعرفُ بعضَنا،
نُخفي قلوبًا تَهالكتْ مِنَ الحُبّ،
ونُجيدُ التّمثيل… والخُذلانَ لأنفسِنا.

ويَبقى بينَنا وجَعٌ مُؤجّل…
حُبٌّ تكدّسَ في الزّوايا، ولم يَجدْ مخرجًا،
وظللنا نَحن… نَخافُ أن نعيش،
فَخسرنا كُلَّ شيء… حتّى أنفسَنا.

-🖋️سِدْرة & l1rkive

•••لولاك ما لوّحت شمس المحبّة جَبيني•••
يُقال.. ”إنّ المَرء يُمكِنَهُ أن يُنقِذ الآخر بِمُجرّد تواجده فَقط، ولا شَيء آخر سِوى ذَلِك!“
عِندما مَرّت مَسامِعي هذهِ العِبارة فَكرتُ بِعُمق أكثر وأدركت أنّها حقيقية! عِندها طرأتَ أنتَ على ذِهني وتذكرتُ لحظات دخولك لحياتي..
كُنتَ حينها كَـ العاصِفة التي تَعصِف بِكُلِّ شَيء في طَريقها، ولكِن عاصِفَتك لم تكُن مُدمِّرة، بَل كانت تَحمِلُ أمطارًا غَزيرة مِنَ النَجاة وتُطَهِرُ قَلبي مِن كُلِ ما عَلِقَ بِه مِن غُبار الأيام.
دُخولك لِحياتي كانَ يُشبِه دُخول الضوء إلى غُرفة دَسَّها الظَّلام، حِينها تغيرّت مَسارات أيامي وإنتَشَرَ النُور في جَميع زوايا دُنياي.
قَبلك كانَ كُل شَيء يَفتَقِد لونه فَـ أضأتَ لهُ أنتَ بِنورِك.
أنتَ النَبض الذي يُحيي قَلبي مِن جَديد،
لمْ يَكُن حُبي لك شُعورٍ عابر! بل كَـ قَصيدة تُكتَب على جُدران قَلبي وتُردد كلِماتُها في أرجاءِ رُوحي،
حُبي لك أكبر مِن أن يُحكى ويوصف بِكلِمات،
فَـ هو شُعور يَغَمُرُني بِكُل تفاصيله، كَـ البَحر الذي لا حُدودَ له، لا يَتوقف ولا يَتغير.
أُحِبُك.. لِأنّكَ تَرعى هذا الشَتات الذي في دَاخلي، لِأنّكَ تُحِبنُي دونَ شُروطٍ وقُيود، مُغرمة بِك.. لِأنّكَ الشَخص الوَحيد الذي أجِدُ فِيهِ نَفسي بِلا أقنِعة، كأنّكَ تَملِك سِرًا لِجمع أشلاءَ رُوحي المُبعثرة وتَبني مِنها مَنزِلاً دَافِئًا أعودُ إليه كُلما أرهَقَتني الحياة.
مَعك، يُصبِح الضِياع أقل قَسوة، والتَيه أقل وِحشة...
أُحِبُك لِأنّكَ تَمنَحنَي شُعورًا غَريبًا ومُدهِشًا، شُعور يُشبِه النَجاة دُونَ أن أعرِف مِن مَاذا أنجو، لِأنّكَ تُحدِث في دَاخلي الإشرَاق الذي يَجعلني أقوى مِما أظُن، وأضعف مِما أُريد أن أكُون،
وجودُك… لم يكن مجرّد مصادفة عابرة، بل رحمة تسلّلت إلى حياتي حينما كُنتُ على وشكِ الانهيار.
أنتَ الدعوة التي بحتُ بها ليلًا.. فاستجاب اللّٰه بها، وأرسلني إليك، وأرسلك إليّ.
أدركتُ معك أن بعض الأرواح تُخلقُ لترمّم ما أفسدته الحياة فينا، وأنتَ كُنتَ تِلكَ الروح...!
فَـ ما لي من رجاءٍ في هذا العُمر إلّا أن يُبقيك اللّٰه قُرب قلبي ما حييت،
وأن لا يحرمني من ظلّك، من دفئك، من طمأنينتك التي لا تُعوّض،
فَـ بِك استقامت أيامي بعد عوجٍ طويل، وبِك اكتملت فيّ أشياء ما كُنتُ أظنها تَكتمِل.

-🖋️سِدْرة.

تعود بين الحين والآخر، وكأنك لم ترحل يومًا،
تتسلّل من بين فجوات النسيان التي ظننتُ أنّي أغلقتها، تطرق أبواب الذاكرة بدون استئذان
وتعبث بكلّ ما استقام داخلي بعد غيابك.
تُفسد ما تبقّى من سكوني، تثير الغبار فوق رفوف أيامي، وتترك كلّ شيء داخلي في فوضى لا تشبه سوى حضورك.
أراك في ملامح الصباح، وفي صمت الليل،
وفي كلّ فراغٍ حاولتُ أن أملأه بغيرك، فلا يمتلئ.
تأتي كالعاصفة، تقتلع ما بنيته بلمح البصر، ثم تمضي وكأنك لم تترك خلفك شيئًا سوى الخراب.
أحاول أن أكرهك، لكنّك تعود لتوقظ جروحًا اعتقدت أنها نامت إلى الأبد، وتذكرني بأنك لم تكن يومًا ذكرى… بل ندبة لـ تلتئم.
طيفك لا يفارقني، يزورني في لحظات الضعف حين أظن أنني أصبحت أقوى، ويرافقني بصمتٍ قاسي، كأنه حكاية لم تكتمل، وصدى لا ينتهي في صدري.
كلما حاولت أن أبتعد، تعود بوجه جديد، لكن ذات الألم القديم،
كأنك وجعٌ مكتومٌ لا يرحل، وجسرٌ بين ما كان وما لم يكن.
وفي لحظات وحدتي، أتساءل إن كنتَ قد شعرت يومًا بأن رحيلك تركني مهدمةً بلا قلب، أقطف من بقايا ذاتي لأرسم صورة لأملٍ لا وجود له. صمتك صارق، وأنت غائب، وكأنك تلاعب روحي بين الحقيقة والوهم.
أصبحتُ غريبًا في عالمي، أحتضن وحدتي كما لو كانت آخر مأوى، وأحكي لصمت الليل قصة حبٍ مات قبل أن يولد.
وفي النهاية...
يبقى قلبي صندوقًا مكسورًا، يحملك رغمًا عنه، كزهرة صامتة تحت جمرٍ بارد.

-🖋️سِدْرة & @shahed.6297

عَزيزي صاحِبَ الوجِه الجَميل...
أما وقد ضاق صدري بما لم أقوَ على كتمانه، فقد آنَ أن أكتب لك، لا رجاءً في رجوع، ولا طمعًا في اكتراث، بل لأنني ضقتُ بحمل الشعور الذي ما عدتُ أطيقه…فـ اسمعني، ولو لمرةٍ، بقلب لا بعين، بضمير لا بفراغ.
لقد أحببتك كما لم أفعل من قبل، لا حبًّا عابرًا تشتهيه النفوس الفارغة، بل حبًّا سكن الروح وتغلغل في خلايا القلب حتى صار امتدادي ونهايتي.
كنتُ أعطيك من ذاتي، من عمق صدقي، من تلك الزوايا الخفيّة التي لا يراها الناس فيّ… كنتُ لك ملاذًا حين ضجّت بك الحياة، وكنت لي صمتًا حين احتجت لصوتك.
لم أكن أطلب الكثير…
كلمة، نظرة، حتى صمتٌ يشعر بي، لكنك كنت تمارس اللامبالاة كأنها هواية، كأنها ردٌّ مستحق على فائِض مشاعري، كنتَ تشاهدني أغرق، وتُدير ظهرك، كنتَ ترى حزني مُعلقًا في عيناي وتضحك! كنتَ تقرأ انكساري وتُكمل حديثك ببرودٍ موجِع.. أي قلبٍ هذا الذي تحمله؟
وأي عقلٍ هذا الذي لا يسأل هل ما زالتُ بخير؟
لقد كنتَ حاضرًا بجسدٍ غائب، تشغل المساحة من حياتي، وتفرغها من المعنى، كلّ ما كان بيننا لم يكن بيننا فعلًا… أنا من كنتُ أكتب، أنا من كنتُ أُراسل، أعتذر، أبرّر، أهدأ، وأرجو… وأنت؟
كُنتَ تنظر إليّ كأنني أُبالغ، كأنني أبتدع شعورًا لا وجود له إلا في رأسي، لكنّي كُنتُ أختنق، كُنتَ أستيقظُ متأرجحٌ بين الرغبة في الحديث إليك، والرغبة في الإنسحابُ منك دونَ صوت.. وكم مرة فعلت كليهما؟
كم مرة كتمت شوقي لأني تعبت، ثم أتيتُ إليك لأنّي تعبتُ أكثر من الغياب؟ أقسى ما فعلت… أنك جعلتني أبدو ضعيفً في عينيّ، وأنا القوي التي لم أنحنِ لأحدٍ سواك.
قتلت في داخلي التصديق بأنّ الحُبّ يُنقذ، بعدما صار حبك خنجرًا في خاصرتي، لا يُميتني ولا يُبقيني حيّة.
أنت لم تكن سيئًا، لم تكن شريرًا، فقط كنتَ "باردًا".. تعامَلني وكأنني لا شيء، وكأن وجودي لا يزيد ولا ينقص من عالمك..
تحبك روحي وأنت لا ترى، أُناديك بكل جهدي وأنت تصمّ، أقول لك "أنا هُنا"، وتُجيبني بصمتٍ أبكم… ذلك هو الجرح الذي لا يبرأ.
وفي النهاية، حين أنهكني البذل، وأتعبني الصبر، وصار قلبي خاويًا من الحِيلة، قُلتَ لي؛ "أنا لم أطلب منك أن تُحبّني."
يا لقسوتك…
كأنك لم تكن تعلم أن المشاعر لا تُطلَب، ولا تُمنح بعقود.
كُنتَ تعلم، لكنك تجاهلت،
كُنتَ ترى صدقي، فـ إستغللت،
كُنتَ تُدرك أنني أُحبّك، فـ استرحت لذلك الحب، دون أن تردّه أو تحتضنه...
وها أنا ذا، أكتب إليكَ من قاعِ الخُذلان،
لا لأنني ما زلتُ أرجوك، بل لأنني أخيرًا أفهم أنّ الحبّ لا يكفي حينَ يكون في جهةٍ واحدة، وأنّ قلبي رُغمَ صِدقه، ليسَ مُطالبًا بأن ينزف ليُبقيك دافئًا.

-🖋️سِدْرة.

عَزيزي صاحِبَ الوجِه الجَميل...
لم أكن أظنّ أنّي سأكتب يومًا عن فراقك. كُنتُ أظنّ أننا سنعبر كل شيء، كما وعدتني، كما صدّقتك، وكما صبرتُ على كل ما لا يُحتمل، فقط لأُبقيك.
لكنني الآن، أكتب عنك كغائبٍ لن يعود…
كذكرى تزدحم في قلبي كلّ ليلة، تؤرقني، تحاصرني، تُشعلني بكاءً، ثم تتركني في آخر الليل مثل ظلّ امرأةٍ نسيها الضوء.
أنا لم أُغادر لأنني نسيتك، ولم أبتعد لأنني توقّفت عن الحب…
بل رحلت لأنني أحببتك أكثر مما يجب، حتى بتُّ أنسى نفسي لأجلك، كُنتُ أؤذي قلبي كي لا أؤذيك، وأُسكت وجعي فقط لأسمعك، وأُطفئ ناري كي لا تحترقك…
كم مرةً غصصتُ بكلامٍ لم أقله..
كم مرةً تلعثمتُ في العتاب لأني خفتُ أن تخذلني بردّك!
كم مرةً انتظرتُ منك شيئًا بسيطًا… كلمة، سؤال، لمسة اهتمام… ولم تأتِ.
ما زلت أذكر كلّ تفصيلةٍ كنتُ أحبها فيك، ضحكتك التي كانت تسندني، وصوتك حين تقول اسمي، وحتى ذلك البرود الذي كنت أكره، لكني اعتدته… كنتُ أحفظك كما يُحفظ الدعاء، وأحميك من الحياة كما لو أنك شيء نادر، لا يُمس.
لكن ماذا عني؟
لم تكن تكترثُ إلي.. لم تسألني مرّة؛ "هل أنتِ بخير؟"
لم تنتبه لانطفاء عينيّ، لم ترى كم كنت أذبل وأنا أضحك، فقط لأُبقيك سعيدًا. لقد أحببتك بكلّ الطرق، بالكلمات، بالصمت، بالتفاصيل الصغيرة التي لم ترَها يومًا، غفرتُ لك كلّ ما لم يُغتفر، وسامحتك على ما جرحني مِنك فقط لأنني لم أكن أحتمل فكرة البُعد عنك…
لكنني خسرتني! وهذا هو الفقدُ الأعظم…
أن أحبك لدرجة أن أذوب فيك، ثم أستيقظ يومًا، ولا أجدني.
ولأجل هذا فقط… رحلت.
لا لأني لا أريدُك، بل لأن قلبي أصبح هشًا جدًا، لا يقوى على الاحتمال أكثر،
ولأنني كلما حاولت أن أبقى، كان بقائي موتًا بطيئًا لا يراه أحد سواي.
هل تعلم ما أصعب الفراق؟
أن تشتاق وأنتَ من قرر الرحيل،
أن تبكي في حضن الغياب، وتبتسم أمام الجميع، وتقول أنا بخير، وأنت لست كذلك…
ولن تكون.

-🖋️سِدْرة.

أسيرُ في ممرٍّ طويلٍ لا آخر له، جدرانه من صمتٍ بارد، وسقفه من ليلٍ ثقيلٍ لا نجوم فيه. أشعر أنّني أعيشُ في جسدٍ لا يعرف الدفء، وأنّ أنفاسي مجرّد عادةٍ ميّتة، لا حياة فيها سوى الانكسار. حزنٌ يسكنني وليسَ بِـ زائرًا عابرًا، بل هو سيّدُ المكان، يفرض وجوده على كل زاوية في داخلي، ويطفئ أنوار قلبي كما تُطفأ قناديل الطريق المهجور.
أستيقظ كل صباحٍ وكأنني لم أنم، أجرُّ أيامي جَرًّا كما يجرّ السجين قيوده، وكأني أحمل على كتفيّ عبء السنين التي لم أعشها كما أردت. الأشياء التي كانت تُفرحني أصبحت باهتة، والألوان التي كانت تملأ عينيّ غدت رمادًا، وحتى صوتي باتَ غريبًا عنّي، كأنني أسمعه من بئرٍ عميقةٍ لا صدى فيها إلا للألم.
أبحث عنّي في ملامحي، فلا أجد سوى أطلالِ شخصٍ كان هنا يومًا، شخصٍ كان يضحك بصوتٍ صادق، ويؤمن أن الغد سيكون أجمل، أمّا الآن... أصبحتُ أرى أنَّ الغد مجرّد نسخةٍ أخرى من هذا اليوم الثقيل. كأنَّ كُلَّ الطرق أمامي تبدو متشابهة، وكل النوافذ مغلقة، وكل الأبواب تؤدي إلى نفس الغرفة المظلمة في داخلي.
أصحبتُ أرتدي قناعًا أُخفي به وجهي المُتعب عن العيون التي تظن أنّني بخير. أبتسم كي لا يلتفت أحدً إلى انكساري، وأضحك كي أُخفي شهقات البكاء المخبّأة بين أضلعي. لكن الحقيقة... قلبي مُثقَل، وعقلي مزدحم بأصواتٍ لا تهدأ، وكل لحظةٍ تمرّ، أشعر أنّني أغرق أكثر في هذا المستنقع البارد.
كُل مرَّة أختار الصمت، لأنّني أعلم أن لا أحد يستطيع أن ينقذني من هذا القاع سواي… وإنني فقدت القدرة على إنقاذ نفسي.
أنظر في المرآة فلا أرى سِوى غربةً تتربّص في عيناي، أسمعُ صوتي فيرتدّ إليَّ مكسورًا، خافتًا، وكأنّه جاء من زمنٍ بعيدٍ لم أعشيه.
أسيرُ وأنا غائبة، أضحك بينما تنحدر روحي في هوّةٍ سحيقة، أتحدّث وأنا أُفكّر كم هو مرهقٌ هذا التظاهر بالحياة.
إكتئابٌ يُحاصرُ أعماقَ رُوحي، يُقيّد أفكاري الثَقيلة، يُشعرُني بأنّ قلبي غارقٌ في بحرٍ بِلا شاطئ، وإنّي كُلّما حاولتُ السِباحة إلى النور سَحبني الظلام مِن جَديد. كأنما إنطفاءٌ تدريجيّ لأضوائي الداخلية، حتى لا يبقى فيني سِوى رَماد...

-🖋️سِدْرة.

عَزيزي صاحِبَ الوجِه الجَميل..
أَمَا آنَ الأوانُ لمجيئَك؟
ألم يشتاقُ قلبك إلينا؟
عُد يا عَزيزي… فَـ لقد ضاق الصدرُ من فرط الغياب، وتيبَّسَت خطايَ على دروبٍ كانت تخضرُّ بمرورك،
تَعال… لأنَّ الشوق وإن عظُم، ما عاد يكفي وحدهُ ليرتقَ ما انفتق من قلبي، ولأنَّ الأمكنة التي إحتَضنت خطانا ما زالت واقفةٌ على أعتابِ الإنتظار.
تَعال… فَـ ما كانَ قَلبي يَومًا إلّا بك ومَعك، وما تعلّم النبضُ إلا بينَ ذِراعك.
أشتاقُ إليكَ إشتياقَ طائرٍ حُرِمَ مِن فضائه، فَـ ما السحابُ بغيرك إلا سوادٌ مُلبّد، وما الأرضُ وإن أغدقت السماءُ عليها مطرًا إلا طينٌ مُثقَل بلا حياة.
أحملُ في قلبي رذاذَ صوتك، ودفءَ حضورك، وأستودع روحك في كل دعاء أرسلهُ إلى السَماء مع الفجر ومع الغروب.
اليوم، في زحمة اللحظات وسكونها، تسلّل همسك إلى روحي كنسمةٍ تعرف دربها، فتناهى إليّ طيفك، لا كَـ ذكرى، بل كَـ حقيقةٍ أوحد في عالمٍ يزدادُ غربةً مِن دونك.
أُغمِضُ عيني لا فرارًا من الواقع، بل لأسافر نحو ملامحك، وأُدرك مهما حاولت.. أنَّ كل ما أفعلهُ مهما بدا كثيرًا، يفتقرُ إلى شيءٍ واحد… أنت.
أبحث عنك في تفاصيل لا يلحظها سواي،
في نبرةِ صوتٍ تومضُ في أذني كأنها نداؤك،
في ظلّ ملامحٍ عابرة تشبهك،
في عبق الريح حين تلمس وجهي وتوهمني أنها تحمل رائحتك،
في أغنيةٍ تأتي صدفةً فتوقظ مساءاتنا القديمة.
الحنينُ إليك ليس خيارًا، بل قدرٌ يتربّص بي كل ليلة، يتسلل إلى نبضي كما يتسلل الأكسجين إلى رئتي،
أفتقدك… أفتقد جزءًا مني كان معك،
ذاتي.. ذاتي التي فقدتُها مُنذُ رحيلك،
عَزيزي.. إن كان الفراقُ قد اختارك يومًا، فَـ أنا رُغمَ كُل المسافات ما زلتُ أختارك أنت، بكامل حروفك وأخطائك وبهائك.
تَعال يا عَزيز الفؤاد… تعالَ كما تَعود الروح إلى موطنها، وكما يعود النور إلى نافذةٍ أرهقها الظلام،
تَعال… لتغسل الغياب من أيامي، ولتقيم في قلبي مقامًا لا يزول.

-🖋️سِدْرة.

نُبكيكِ يا بان…
نُبكيكِ كما لو أن الدموع وحدها تستطيع أن تُعيدُكِ إلينا، وكأن البكاء يستطيع أن يمحو الغدر الذي أنهك روحكِ قبل أن ينهك جسدكِ الصغير.
نُبكيكِ وكل دمعة منكِ لم تُسمع، وكل صرخة من قلبك المُمزق على يد من أحببتهم. كيف لقلبٍ طاهر أن يُقتل غدرًا؟ كيف لقلبٍ صافٍ ونقي مثل قلبك أن يُمزق على يد من كان من المفترض أن يكونوا أقرب الناس إليكِ؟ كيف لأخٍ أن يسكب دمكِ بين يديه، وكيف لأهلٍ كانوا مرآة الأمان أن يتحولوا إلى مرآة الخيانة؟.. أهلٍ كانوا مفترض بهم الحماية كيفَ يتحولوا إلى سيوفٍ تخترق روحك؟ وأخًا يُسدل السِتار على روحك ويتنفس الحرية التي لم تستحقي أن تُسلب منكِ، يسير في الخارج بلا حساب، بينما روحكِ رحلت مظلومة، تبحث عن عدلٍ لم يأتِ..
نتخيل وجهكِ حينَ رحلتِ… الخوف مكتنف عينيكِ، والحزن ينهش قلبكِ، والدماء تخلطت بدموعكِ التي لم يجد لها أحد مكانًا. كنتِ وحيدةً أمام كل هذا الظلم، وحيدةً أمام أهلٍ خانوكِ، وحيدةً أمام أقرب الناس إليكِ. ومع ذلك… حتى في تلك اللحظات الأخيرة، كنتِ أعظم من أن تُكسري، أعظم من أن ينطفئ نوركِ، أعظم من أن يُنسى عطاؤكِ الذي صنعته رغم كل القسوة التي واجهتكِ.
كنتِ تحملين الرحمة لكل من حولك، تُنقذين الضعفاء، وتزرعين الأمل في قلوبٍ متعبة، بينما قلبك المرهق لم يجد من يرفع عنه ألم الخيانة والغَدر، ولم يجد من يخفف عنه وطأة الظلم الذي كانت تنهش به روحكِ الطاهرة.
وفي تلك اللحظات الأخيرة، حين اقترب الموت، لم يكن مجرد وداع للجسد، بل وداع للحلم الذي حملته، للحياة التي أحببتها، وللرسالة التي عشتِ من أجلها: رسالة حب وعطاء وشفاء.
رحلتِ يا بان، وتركتي فراغًا لا يملؤه أحد، صدىً لن يتوقف في كل قلب يعرف معنى النقاء، وكل روح تعرف ما معنى أن يُغدر بها من أقرب الناس، وكل وطن حُكمه لا يعرف الرحمة.
رحيلكِ لم يكُن مُجرد موت، بل درسًا صامتًا عن قسوة البشر، عن حُكمِ وطنٍ خان النقاء، وعن أحبابٍ قتلوا الأمان بكلماتهم وغدرهم. نُبكيكِ لكل دمعة لم تُسقَط، لكل قلبٍ صُدمَ بالخذلان لأجلكِ، لكل روحٍ صارت وحيدة كما كنتِ وحيدة، ولم تجد من يخفف عنها العذاب. رحلتِ، لكن وجعك حيّ… وذكراكِ ستظل حية في كل دمعة، في كل صرخة، في كل قلبٍ يعرف معنى أن يُقتل الحب والخير في صمت، ويظل ضوء عطائك يتلألأ وسط هذا الظلام القاسي…

سلامٌ على روحكِ النقية التي رحلت مظلومة، وسلامٌ على قلبكِ الذي ما عرف سوى العطاء حتى آخر نبضة.
أرقدي بسلام..فالأرض التي خذلتكِ لن تُدرك يومًا قيمة دموعكِ، والسماء وحدها ستحتضن روحكِ المظلومة.


-🖋️سِدْرة.

عزيزي المُقاتل الذي حملَ لقب الحرب كأنّه قدرٌ لا يزول.
فتحتُ لك قلبي بلا قيد، ومنحتك من عمري أكثر مما أملُك، كنتُ أراكَ ملاذي، فغدوتُ لك بيتًا حين شعرتَ بالغربة، وصوتًا هادئًا حين ضاق بك الضجيج.
احتضنتُ فوضاك كأنها نعمة، وتحمّلتُ قسوتك، غفرتُ لك ما لا يُغتفر، وابتلعتُ خناجر الصمت كي لا أزيد جراحك ببوحٍ من ألمي.
لم أرَ فيك يومًا وحشًا كما كنتَ تزعم، ولا ذلِكَ الظلام الذي كُنتَ تُحدّثُني عنهُ مِرارًا...
لم أراكَ كمحاربٍ متوحش، بل كطفلٍ ضائعٍ يحتاجُ ذِراعًا لا سِلاحًا، روحًا تُفتش عن حضنٍ لا عن حرب.
كنتُ أراكَ الجمال المَخبأ تحتَ الرُكام، والنور المُنبعث من أعماقِ عتمتك.
لكِنَكَ يا مُقاتلي، ماذا فعلتَ بي؟
حولتني إلى ساحةٍ لغضبك، تفرغ فيها صراخك، وتطعنها لتخفف نزيفك.
كنتُ أبحث عنك في تفاصيلك الصغيرة، بينما كنتَ تختبئ مني وراء أسوارٍ عالية من الصمت.
كلما اقتربتُ أكثر، ابتعدتَ أكثر، كأنني ذنبك الذي لا تريد أن تواجهه.
ولم أطلب منك الكثير، لم أحتج معجزات ولا وعودًا عظيمة.
كنتُ أحتاج فقط كلمةً صادِقة، أو نظرةً تُشبه الأمان، أو حتى صمتًا دافئًا يحمل بعض الحنان. لكنّك كنت حاضرًا بلا روح، وغائبًا كَـ جسدك البَعيد.
رفعتُكَ مِن قاعك، وصنعتُ لكَ جَناحين حينَ لم تكُن تَملك حَتى القُدرة على الوقوف. احتملتُ طوفانك لأجلك، ونسيتُ نفسي كي لا أنساك.
لكنني اكتشفتُ متأخرة أنني لم أكن حبيبتك، بل كنتُ الظلّ الذي يمحو عنك عتمتك. كنتُ أظن أن الحب نجاة، فاكتشفت أنه معك حربٌ عَسير، كنتُ أؤمن أن الحب حياة، لكن إتضح أنهُ معك موتٌ بطيء.
والآن… إن أردتَ أن تعرفني حقًا، فلا تنسَ أنني كنتُ اليد التي رفعتك، والقلب الذي احتميتَ به، والصدر الذي غفرَ لك كل عواصفك.
لكنّ المُقاتل حتى وإن إمتَلك وَجهًا جَميلاً، يظلُّ لا يعرف كيف يُحب… بل يقاتل محبوبه كما كانَ يُقاتل في ساحتِه، ويجرح ويترك ندبةٌ تموتُ فينا بُبطء.

-🖋️سِدْرة.

كثيرًا ما تجول في خاطري هذه الأيام، وكأنكَّ لم تغادرني أبدًا، رغم أن بيننا لا حب ولا وعد، لكن هُناك أثرٌ لك في داخلي لا يزول. أحيانًا يعتصرني العتاب بلا سبب واضح، وأتساءل: هل تشعر بما يمر بي؟ أم أنني وحدي أحتفظ بهذه الذكريات؟
شعور صامت يزورني في أوقات لا أتوقعها..
أحنّ للحديث الذي كان يمرّ مرور الكرام، وللصمت الذي كان يترك أثره على قلبي، كأنك موجود رغم البعد...
لم أعد أطلب منك شيئًا، سوى أن تعرف أنك لازلت في فكري، وأن قلبي يتذكرك أحيانًا بشوق وحنين، ليس حبًا ولا تعلقًا، بل مجرد إحساس لا أستطيع إنكاره.
فـ لو قرأت هذه الكلمات، فتذكّر أن وجودك في بالي ليس تمنيًا للعودة، بل لحظة صافية من الحنين والعتاب، قد تُلهمك لِتعود وتكتب إليّ حتى لو بكلمة واحدة...

🖋️سِدْرة.