#وآثارهم
#مشاركة_2
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان!!!
شاب يافع في مقتبل العمر يتكلم عن نفسه :
اشتد عودي أخيراً و اليوم انا على موعدٍ مع تجربتي الأولى في حافلات نقل الداخلي بمفردي و لوحدي دون أي أحد من أهلي....
مغامرة لا أنساها ماحييت كيف لا!!!.. وهي أولى بوادر شبابي و اعتمادي على نفسي..
و لكن بطيبعة الحال قبل الخوض في مغامرة مثل هذه كان لا بد من أخذ نصائح و توجيهات من أم تخشى على أولادها حتى من النسيم -فهذا هو قلب الأم يا سادة-
لا تصعد إلى الحافلة إلا عندما تتوقف تماماً..
انتبه لنقودك و أغراضك..
كن لبقاً في تعاملك مع الآخرين..
لا تخرج هاتفك إلا عند الضرورة...
إياك أن تنسى حاجاتك في الحافلة...
والكثير الكثير من التعليمات الأخرى لا داعي لعدّها فجميعكم على علم بها..
لتنهي حديثها بوصية لازالت محفورة في ذهني أذكرها مع كل ركوب وكأنني أسمعها لأول مرة بصوت تلك الأم الحنون
"يا ولدي إياك و أن تتجاهل يوما امراةً او رجلاً عجوزاً رضي بالصعود واقفاً ...
فلا تعلم أية ظروف أجبرته على الركوب هكذا و إلى أي مدى أتعبه انتظار هذه الحافلة..
يا ولدي أيرضيك أن أكون في موقف كهذا !!!!.... فلعلي اضطر مرة للصّعود في وقت الازدحام فلا أجد مكان لجلوس ..
ولعل الله بوقوفك لهم أن ييسر من يقف لأمك..
فعند الله لا يضيع إحساناً..
يا ولدي إن نازعك تعبك في النهوض يوماً فاغلبه بالاحترام الذي ربيتك عليه....
يا ولدي كن على يقينٍ أنّك إن واريتَ نظرك عنهم يوماً فقد ورات المروءة نظرها عنك"
لعلي لم أدرك وقتها ما مدى قيمة هذا الكلام لكن كان وقعه القاسي على أذني كان كافٍ لاستشعار أهميته فما كان لي إلا أن أُعاهِدها على الالتزام بقولها و الذّهاب إلى موعدي..
ركبت الحافلة وقطعت تلك التذكرة الوردية
وما لبثت أن وصلت إلى موقفها التالي حتى اكتظت بركّابها... أفواجٌ و أفواجٌ من ناس يتدافعون من أجل الصعود كأنها حافلة خلاصهم...
ليبقى على رصيف عجوزٌ لم تقوى يدها حتى على تلويحِ للحافلة..
يعتذر السائق منها لعدم بقاء أي مكان لها
لترد عليه بحرقة "الله يرضى عليك يا ابني ... أنا بدبر حالي"
فما كان لي إلا أن أكون وفياً لعهدٍ قطعته لأمي
و أُجلس تلك الجدة المسكينة مكاني..
لتنظر إليَّ بتلك عينين الحنونين وتقول:
"بارك الله في شبابك يا ولدي...
أعانك الله كما أعنتني"
وقفت ساكناً لبرهة ولم أستطع الرد بأية كلمة ولكن الفرحة التي غمرت قلبي كانت جديرة برسم ابتسامة عريضة على وجهي...
أحسست ولأول مرة في حياتي ما معنى كلمة رجل وما هي قيمتها ...
طوال عمري و أنا مخطئ في فهمها فلم تكن رجولة في خروجي وحيداً أو اتصرف مستقلا بل كانت في أن أعيَ و أعملَ عمل الرجال...
لكن انتظر لم تنتهي قصتي هنا بل اصبر عليّ رجاء حتى ترى بأم عينك بأن دائرة الخير لا تنتهي أبداً..
وقفت متكئاً على حافة النافذة و من شدة الازدحام لم أستطع حتى تفقد حاجاتي..
وازداد الأمر سوءاً بصعود مفتش التذاكر ..
يا إلهي أين وضعت تلك التذكر البغيضة..
أبحث في جيبي لأراها فارغة..... في الحقيبة لا يوجد شيء أيضاً...
أين أضعتها! و كيف يمكن أن أبحث عنها وسط هذا الزّحام..
المفتش يقترب أكثر فأكثر و ليس في ذهني إلا ذاك التوبيخ القاسي الذي سأتعرض له أمام الجميع و أي إهانة سأكون مجبراً علي تقبلها دون أية رد فعل مني...
بدأ الناس يلاحظون علامات التوتر على وجهي..
وأيقنت أنني على موعد مع إحراج غير منقطع النظير ..
ليحدث مالم يكن في أي حسبان ارتكاس زرع في قلبي بذار إحسان لا ينسى.. ففي وسط هذه الفوضى التي أنا فيها أرى يد ترتبت على ظهري بهدوء كانت مناسبة جدا لتخفيف القليل من ذاك الارتباك ثم تقترب أكثر لتضع ورقة في جيبي و ترحل مع صاحبها إلى خارج الحافلة...
نعم هذه الورقة هي تذكرة ذاك الشخص كم تمنيت أن ألمح وجهه ولو للحظة فلم يسمح لي حتى بقول كلمة شكرا...
اعطيت التذكرة للمفتش وقلبي يُملئ امتنان لذلك الأخ -طبعا بتأكيد سيكون أخا فلا يخرج موقف كهذا إلا ممن ذاق طعم الأخوة بحق-
انظر بعدها إلى تلك الجدة بعينين تفيض بالتساؤلات..
أي دعاء دعوتيه لي أيتها الجدة؟؟؟
وما مدى حكمة التي تملكينها يا أمي؟؟
وأي نقاء يملكه قلبك أيها الأخ المجهول؟؟
نعم الآن وعيتها هذه هي دائرة الإحسان التي لم ولا ولن تنتهي أبدا فحرص يا أخي ألا توقفها عندك...
#مشاركة_2
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان!!!
شاب يافع في مقتبل العمر يتكلم عن نفسه :
اشتد عودي أخيراً و اليوم انا على موعدٍ مع تجربتي الأولى في حافلات نقل الداخلي بمفردي و لوحدي دون أي أحد من أهلي....
مغامرة لا أنساها ماحييت كيف لا!!!.. وهي أولى بوادر شبابي و اعتمادي على نفسي..
و لكن بطيبعة الحال قبل الخوض في مغامرة مثل هذه كان لا بد من أخذ نصائح و توجيهات من أم تخشى على أولادها حتى من النسيم -فهذا هو قلب الأم يا سادة-
لا تصعد إلى الحافلة إلا عندما تتوقف تماماً..
انتبه لنقودك و أغراضك..
كن لبقاً في تعاملك مع الآخرين..
لا تخرج هاتفك إلا عند الضرورة...
إياك أن تنسى حاجاتك في الحافلة...
والكثير الكثير من التعليمات الأخرى لا داعي لعدّها فجميعكم على علم بها..
لتنهي حديثها بوصية لازالت محفورة في ذهني أذكرها مع كل ركوب وكأنني أسمعها لأول مرة بصوت تلك الأم الحنون
"يا ولدي إياك و أن تتجاهل يوما امراةً او رجلاً عجوزاً رضي بالصعود واقفاً ...
فلا تعلم أية ظروف أجبرته على الركوب هكذا و إلى أي مدى أتعبه انتظار هذه الحافلة..
يا ولدي أيرضيك أن أكون في موقف كهذا !!!!.... فلعلي اضطر مرة للصّعود في وقت الازدحام فلا أجد مكان لجلوس ..
ولعل الله بوقوفك لهم أن ييسر من يقف لأمك..
فعند الله لا يضيع إحساناً..
يا ولدي إن نازعك تعبك في النهوض يوماً فاغلبه بالاحترام الذي ربيتك عليه....
يا ولدي كن على يقينٍ أنّك إن واريتَ نظرك عنهم يوماً فقد ورات المروءة نظرها عنك"
لعلي لم أدرك وقتها ما مدى قيمة هذا الكلام لكن كان وقعه القاسي على أذني كان كافٍ لاستشعار أهميته فما كان لي إلا أن أُعاهِدها على الالتزام بقولها و الذّهاب إلى موعدي..
ركبت الحافلة وقطعت تلك التذكرة الوردية
وما لبثت أن وصلت إلى موقفها التالي حتى اكتظت بركّابها... أفواجٌ و أفواجٌ من ناس يتدافعون من أجل الصعود كأنها حافلة خلاصهم...
ليبقى على رصيف عجوزٌ لم تقوى يدها حتى على تلويحِ للحافلة..
يعتذر السائق منها لعدم بقاء أي مكان لها
لترد عليه بحرقة "الله يرضى عليك يا ابني ... أنا بدبر حالي"
فما كان لي إلا أن أكون وفياً لعهدٍ قطعته لأمي
و أُجلس تلك الجدة المسكينة مكاني..
لتنظر إليَّ بتلك عينين الحنونين وتقول:
"بارك الله في شبابك يا ولدي...
أعانك الله كما أعنتني"
وقفت ساكناً لبرهة ولم أستطع الرد بأية كلمة ولكن الفرحة التي غمرت قلبي كانت جديرة برسم ابتسامة عريضة على وجهي...
أحسست ولأول مرة في حياتي ما معنى كلمة رجل وما هي قيمتها ...
طوال عمري و أنا مخطئ في فهمها فلم تكن رجولة في خروجي وحيداً أو اتصرف مستقلا بل كانت في أن أعيَ و أعملَ عمل الرجال...
لكن انتظر لم تنتهي قصتي هنا بل اصبر عليّ رجاء حتى ترى بأم عينك بأن دائرة الخير لا تنتهي أبداً..
وقفت متكئاً على حافة النافذة و من شدة الازدحام لم أستطع حتى تفقد حاجاتي..
وازداد الأمر سوءاً بصعود مفتش التذاكر ..
يا إلهي أين وضعت تلك التذكر البغيضة..
أبحث في جيبي لأراها فارغة..... في الحقيبة لا يوجد شيء أيضاً...
أين أضعتها! و كيف يمكن أن أبحث عنها وسط هذا الزّحام..
المفتش يقترب أكثر فأكثر و ليس في ذهني إلا ذاك التوبيخ القاسي الذي سأتعرض له أمام الجميع و أي إهانة سأكون مجبراً علي تقبلها دون أية رد فعل مني...
بدأ الناس يلاحظون علامات التوتر على وجهي..
وأيقنت أنني على موعد مع إحراج غير منقطع النظير ..
ليحدث مالم يكن في أي حسبان ارتكاس زرع في قلبي بذار إحسان لا ينسى.. ففي وسط هذه الفوضى التي أنا فيها أرى يد ترتبت على ظهري بهدوء كانت مناسبة جدا لتخفيف القليل من ذاك الارتباك ثم تقترب أكثر لتضع ورقة في جيبي و ترحل مع صاحبها إلى خارج الحافلة...
نعم هذه الورقة هي تذكرة ذاك الشخص كم تمنيت أن ألمح وجهه ولو للحظة فلم يسمح لي حتى بقول كلمة شكرا...
اعطيت التذكرة للمفتش وقلبي يُملئ امتنان لذلك الأخ -طبعا بتأكيد سيكون أخا فلا يخرج موقف كهذا إلا ممن ذاق طعم الأخوة بحق-
انظر بعدها إلى تلك الجدة بعينين تفيض بالتساؤلات..
أي دعاء دعوتيه لي أيتها الجدة؟؟؟
وما مدى حكمة التي تملكينها يا أمي؟؟
وأي نقاء يملكه قلبك أيها الأخ المجهول؟؟
نعم الآن وعيتها هذه هي دائرة الإحسان التي لم ولا ولن تنتهي أبدا فحرص يا أخي ألا توقفها عندك...