يَاءِ؛ فَالْأَنْبِيَاءُ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لَمْ يُوَرِّثُوا دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِالْعِلْمِ فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ مِنْ إِرْثِ الْأَنْبِيَاءِ.
إِذَا كُنْتَ فِي هَذَا الْقَرْنِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَأَنْتَ مِنْ وُرَّاثِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهَذَا مِنْ أَكْثَرِ الْفَضَائِلِ.
*وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ يَبْقَى، وَأَمَّا الْمَالُ فَيَفْنَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ مِنْ فُقَرَاءِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَمَا بِهِ سِوَى الْجُوعِ.
وَكَانَ يَسِيرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَعَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَسْتَقْرِئُهُ الْآيَةَ وَهِيَ مَعَهُ؛ رَجَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى بَيْتِهِ وَأَنْ يَنْقَلِبَ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يُصِيبَ عِنْدَهُ طَعَامًا وَشَرَابًا.
وَأَسْأَلُكُمْ بِاللهِ، هَلْ يَجْرِي لِأَبِي هُرَيْرَةَ ذِكْرٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي عَصْرِنَا أَوْ لَا؟ نَعَمْ يَجْرِي كَثِيرًا، فَيَكُونُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَجْرُ مَنِ انْتَفَعَ بِمَا نَقَلَ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَالْعِلْمُ يَبْقَى، وَالْمَالُ يَفْنَى.
فَعَلى طَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِالْعِلْمِ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ -وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ))، وَالْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ))، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ- قَالَ: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)) .
فَالْعِلْمُ يَبْقَى، وَالْمَالُ إِنْ لَمْ يُوْضَعْ مَوْضِعَهُ فَإِنَّهُ يَفْنَى، وَيَكُونُ وَبَالًا عَلَى صَاحِبِهِ.
وَصَاحِبُ الْعِلْمِ لَا يَتْعَبُ فِي حِرَاسَتِهِ، بَلِ الْعِلْمُ يَحْرُسُهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِ حَارِسٌ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ.
إِذَا رَزَقَكَ اللهُ عِلْمًا فَمَحَلُّهُ فِي الْقَلْبِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى صَنَادِيقَ أَوْ مَفَاتِيحَ أَوْ غَيْرِهَا.
هُوَ فِي الْقَلْبِ مَحْرُوسٌ، وَفِي النَّفْسِ مَحْرُوسٌ، وَهُوَ حَارِسٌ لَكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِيكَ مِنَ الْخَطَرِ -بِإِذْنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ--، فَالْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَمَّا الْمَالُ فَأَنْتَ تَحْرُسُهُ، تَجْعَلُهُ فِي الصَّنَادِيقِ وَرَاءَ الْأَغْلَاقِ، وَتُعَيِّنُ لَهُ حَارِسًا مِنْ نَفْسِكَ أَوْ مِنْ سِوَاهَا، وَتَكُونُ غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
*وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ عَلَى الْحَقِّ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} {آل عمران: 18].
لَمْ يَقُلْ: ((وَأُولُو الْمَالِ))، وَإِنَّمَا قَالَ: {وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.
فاسْتَشْهَدَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى خَيْرِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ خَيْرَ خَلْقِهِ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ هُوَ تَعَالَى بِنَفْسِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ}، وَهَذَا أَجَلُّ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ: {أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ}، فَشَهِدَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَشْهَدَ -جَلَّ وَعَلَا- خِيَارَ خَلْقِهِ {وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.
فَيَكْفِي طَالِبَ الْعِلْمِ فَخْرًا أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ هُوَ أَحَدُ صِنْفَيْ وُلَاةِ الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ بِطَاعَتِهِمْ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59].
فَوُلَاةُ الْأُمُورِ هَاهُنَا تَشْمَلُ وُلَاةَ الْأُمُورِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ، وَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَوِلَايَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي بَيَانِ شَرِيعَةِ اللهِ وَدَعْوَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا، وَوِلَايَةُ الْأُمَرَاءِ فِي تَنْفِيذِ شَرِيعَةِ اللهِ وَإِلْزَامِ النَّاسِ بِهَا.
وَالْمُلُوك حُكَّامٌ عَلَى النَّاسِ، وَالْعُلَمَاءُ حُكَّامٌ عَلَى الْمُلُوكِ، فَلَيْسَ فَوْقَ الْعَالِمِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَتَوَلَّى وِلَايَةً أَوْ يَتَوَلَّى مَمْلَك
إِذَا كُنْتَ فِي هَذَا الْقَرْنِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ فَأَنْتَ مِنْ وُرَّاثِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَهَذَا مِنْ أَكْثَرِ الْفَضَائِلِ.
*وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ يَبْقَى، وَأَمَّا الْمَالُ فَيَفْنَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ مِنْ فُقَرَاءِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَسْقُطُ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَمَا بِهِ سِوَى الْجُوعِ.
وَكَانَ يَسِيرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مَعَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَسْتَقْرِئُهُ الْآيَةَ وَهِيَ مَعَهُ؛ رَجَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ إِلَى بَيْتِهِ وَأَنْ يَنْقَلِبَ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يُصِيبَ عِنْدَهُ طَعَامًا وَشَرَابًا.
وَأَسْأَلُكُمْ بِاللهِ، هَلْ يَجْرِي لِأَبِي هُرَيْرَةَ ذِكْرٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي عَصْرِنَا أَوْ لَا؟ نَعَمْ يَجْرِي كَثِيرًا، فَيَكُونُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَجْرُ مَنِ انْتَفَعَ بِمَا نَقَلَ مِنْ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَالْعِلْمُ يَبْقَى، وَالْمَالُ يَفْنَى.
فَعَلى طَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَسْتَمْسِكَ بِالْعِلْمِ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ -وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ))، وَالْبُخَارِيُّ فِي ((الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ))، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ- قَالَ: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عَمَلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)) .
فَالْعِلْمُ يَبْقَى، وَالْمَالُ إِنْ لَمْ يُوْضَعْ مَوْضِعَهُ فَإِنَّهُ يَفْنَى، وَيَكُونُ وَبَالًا عَلَى صَاحِبِهِ.
وَصَاحِبُ الْعِلْمِ لَا يَتْعَبُ فِي حِرَاسَتِهِ، بَلِ الْعِلْمُ يَحْرُسُهُ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْمَالِ فَهُوَ لِلْمَالِ حَارِسٌ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ.
إِذَا رَزَقَكَ اللهُ عِلْمًا فَمَحَلُّهُ فِي الْقَلْبِ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى صَنَادِيقَ أَوْ مَفَاتِيحَ أَوْ غَيْرِهَا.
هُوَ فِي الْقَلْبِ مَحْرُوسٌ، وَفِي النَّفْسِ مَحْرُوسٌ، وَهُوَ حَارِسٌ لَكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْمِيكَ مِنَ الْخَطَرِ -بِإِذْنِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ--، فَالْعِلْمُ يَحْرُسُكَ، وَأَمَّا الْمَالُ فَأَنْتَ تَحْرُسُهُ، تَجْعَلُهُ فِي الصَّنَادِيقِ وَرَاءَ الْأَغْلَاقِ، وَتُعَيِّنُ لَهُ حَارِسًا مِنْ نَفْسِكَ أَوْ مِنْ سِوَاهَا، وَتَكُونُ غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ مَعَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
*وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الشُّهَدَاءِ عَلَى الْحَقِّ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} {آل عمران: 18].
لَمْ يَقُلْ: ((وَأُولُو الْمَالِ))، وَإِنَّمَا قَالَ: {وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.
فاسْتَشْهَدَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى خَيْرِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ خَيْرَ خَلْقِهِ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ هُوَ تَعَالَى بِنَفْسِهِ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ}، وَهَذَا أَجَلُّ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ: {أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ}، فَشَهِدَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَشْهَدَ -جَلَّ وَعَلَا- خِيَارَ خَلْقِهِ {وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}.
فَيَكْفِي طَالِبَ الْعِلْمِ فَخْرًا أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَعَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ هُوَ أَحَدُ صِنْفَيْ وُلَاةِ الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللهُ بِطَاعَتِهِمْ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59].
فَوُلَاةُ الْأُمُورِ هَاهُنَا تَشْمَلُ وُلَاةَ الْأُمُورِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ، وَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ، وَوِلَايَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي بَيَانِ شَرِيعَةِ اللهِ وَدَعْوَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا، وَوِلَايَةُ الْأُمَرَاءِ فِي تَنْفِيذِ شَرِيعَةِ اللهِ وَإِلْزَامِ النَّاسِ بِهَا.
وَالْمُلُوك حُكَّامٌ عَلَى النَّاسِ، وَالْعُلَمَاءُ حُكَّامٌ عَلَى الْمُلُوكِ، فَلَيْسَ فَوْقَ الْعَالِمِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَتَوَلَّى وِلَايَةً أَوْ يَتَوَلَّى مَمْلَك
رْضِ، كُلٌّ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَضَعَ نَفْسَهُ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى حَسَبِ مَا قَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي قَبُولِ الْأَرْضِ لِلْغَيْثِ.
فَمِنَ الْأَرْضِ مَا يَقْبَلُ الْغَيْثَ -غَيْثَ السَّمَاءِ- لِيُنْبِتَ الزَّرْعَ وَالْكَلَأَ، وَمِنَ الْأَرْضِ مَا يُمْسِكُ الْمَاءَ وَلَا يُسَرِّبُهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يُنْبِتُ زَرْعًا وَلَا كَلَأً، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَنْتَفِعُونَ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَمْسَكَتْهُ تِلْكَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْأَرْضِ.
وَمِنَ الْأَرْضِ طَائِفَةٌ لَا تُنْبِتُ زَرْعًا وَلَا تُمْسِكُ مَاءً.
فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ طَوَائِفَ الْأَرْضِ هَذِهِ -فِي اسْتِقْبَالِهَا لِمَاءِ الْغَيْثِ- مَثَلًا مَضْرُوبًا لِلنَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّةِ مَعَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ طَرِيقُ الْجَنَّةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ))؛ أَيْ: يَجْعَلْهُ فَقِيهًا فِي دِينِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَالْفِقْهُ فِي الدِّينِ لَا يُقْصَدُ بِهِ فِقْهُ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي مُصْطَلَحِ الْفِقْهِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ هُوَ: عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الدِّينِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِشَرِيعَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ، لَكَانَ كَافِيًا فِي الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ وَالْفِقْهِ فِيهَا.
((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)): مَنْطُوقٌ ظَاهِرٌ، مَفْهُومُهُ: أَنَّ مَنْ لَمْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ الْعَبْدُ؛ فَيَعْرِفُ كَيْفَ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَكَيْفَ يُعَامِلُ عِبَادَهُ، فَتَكُونُ مَسِيرَتُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ.
وَالْعَالِمُ نُورٌ يَهْتَدِي بِهِ النَّاسُ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، ((وَذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، وَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَابِدٍ -لَا يُشَارِكُ فِي الْعِلْمِ وَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِيهِ- فَسَأَلَهُ: قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟
فَاسْتَعْظَمَ الْأَمْرَ! فَقَالَ: لَا.. تَقْتُلُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا وَتَكُونُ لَكَ تَوْبَةٌ!!
فَلَمَّا آيَسَهُ، وَمِنَ الْخَيْرِ أَيْأَسَهُ.. قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ، مَا دَامَ بَابُ التَّوْبَةِ قَدْ أُغْلِقَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْ يَكُونُوا مِائَةً، فَقَتَلَهُ فَأَتَمَّ بِهِ الْمِائَةَ.
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى عَالِمٍ فَسَأَلَهُ: قَتَلْتُ مِائَةً، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟
فَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهُ تَوْبَةً، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، ثُمَّ دَلَّهُ عَلَى بَلَدٍ أَهْلُهُ صَالِحُونَ لِيَخْرُجَ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ)).
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ اللهَ يَرْفَعُ أَهْلَ الْعِلْمِ فِي الْآخِرَةِ وَفِي الدُّنْيَا؛ أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ يَرْفَعُهُمْ دَرَجَاتٍ بِحَسَبِ مَا قَامُوا بِهِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وَالْعَمَلِ بِمَا عَلِمُوا، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا يَرْفَعُهُمُ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ بِحَسَبِ مَا قَامُوا بِهِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].
هَذِهِ الْفَضَائِلُ مِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ قَطْرَةٌ فِي بَحْرٍ مِمَّا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَلَى لِسَانِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي بَيَانِ فَضْلِ الْعِلْمِ.
فَمِنَ الْأَرْضِ مَا يَقْبَلُ الْغَيْثَ -غَيْثَ السَّمَاءِ- لِيُنْبِتَ الزَّرْعَ وَالْكَلَأَ، وَمِنَ الْأَرْضِ مَا يُمْسِكُ الْمَاءَ وَلَا يُسَرِّبُهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يُنْبِتُ زَرْعًا وَلَا كَلَأً، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَنْتَفِعُونَ بِهَذَا الْمَاءِ الَّذِي أَمْسَكَتْهُ تِلْكَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْأَرْضِ.
وَمِنَ الْأَرْضِ طَائِفَةٌ لَا تُنْبِتُ زَرْعًا وَلَا تُمْسِكُ مَاءً.
فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ طَوَائِفَ الْأَرْضِ هَذِهِ -فِي اسْتِقْبَالِهَا لِمَاءِ الْغَيْثِ- مَثَلًا مَضْرُوبًا لِلنَّفْسِ الْإِنْسَانِيَّةِ مَعَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ طَرِيقُ الْجَنَّةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ))؛ أَيْ: يَجْعَلْهُ فَقِيهًا فِي دِينِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَالْفِقْهُ فِي الدِّينِ لَا يُقْصَدُ بِهِ فِقْهُ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي مُصْطَلَحِ الْفِقْهِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ هُوَ: عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَأُصُولِ الدِّينِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِشَرِيعَةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ، لَكَانَ كَافِيًا فِي الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ عِلْمِ الشَّرِيعَةِ وَالْفِقْهِ فِيهَا.
((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)): مَنْطُوقٌ ظَاهِرٌ، مَفْهُومُهُ: أَنَّ مَنْ لَمْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْعِلْمَ نُورٌ يَسْتَضِيءُ بِهِ الْعَبْدُ؛ فَيَعْرِفُ كَيْفَ يَعْبُدُ رَبَّهُ، وَكَيْفَ يُعَامِلُ عِبَادَهُ، فَتَكُونُ مَسِيرَتُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى عِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ.
وَالْعَالِمُ نُورٌ يَهْتَدِي بِهِ النَّاسُ فِي أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، ((وَذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، وَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَابِدٍ -لَا يُشَارِكُ فِي الْعِلْمِ وَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِيهِ- فَسَأَلَهُ: قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟
فَاسْتَعْظَمَ الْأَمْرَ! فَقَالَ: لَا.. تَقْتُلُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا وَتَكُونُ لَكَ تَوْبَةٌ!!
فَلَمَّا آيَسَهُ، وَمِنَ الْخَيْرِ أَيْأَسَهُ.. قَتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ، مَا دَامَ بَابُ التَّوْبَةِ قَدْ أُغْلِقَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْ يَكُونُوا مِائَةً، فَقَتَلَهُ فَأَتَمَّ بِهِ الْمِائَةَ.
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى عَالِمٍ فَسَأَلَهُ: قَتَلْتُ مِائَةً، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟
فَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهُ تَوْبَةً، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، ثُمَّ دَلَّهُ عَلَى بَلَدٍ أَهْلُهُ صَالِحُونَ لِيَخْرُجَ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ)).
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ: أَنَّ اللهَ يَرْفَعُ أَهْلَ الْعِلْمِ فِي الْآخِرَةِ وَفِي الدُّنْيَا؛ أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ اللهَ يَرْفَعُهُمْ دَرَجَاتٍ بِحَسَبِ مَا قَامُوا بِهِ مِنَ الدَّعْوَةِ إِلَى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وَالْعَمَلِ بِمَا عَلِمُوا، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا يَرْفَعُهُمُ اللهُ بَيْنَ عِبَادِهِ بِحَسَبِ مَا قَامُوا بِهِ.
قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].
هَذِهِ الْفَضَائِلُ مِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ قَطْرَةٌ فِي بَحْرٍ مِمَّا جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَلَى لِسَانِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ فِي بَيَانِ فَضْلِ الْعِلْمِ.
َةً أَوْ يَحْكُمُ أُمَّةً إِلَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا.
وَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمُ الْقَائِمُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ تَعَالَى حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، كما في حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللهُ مُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرٍ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهُ)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَا تَزَالُ ظَاهِرَةً لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تَعَالَى وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ: ((إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلُ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ)) .
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الْحَدِيثِ)).
فَلَا يَذْهَبَنَّ وَهْمُ وَاهِمٍ إِلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ هَاهُنَا هُمُ الَّذِينَ يُقْبِلُونَ عَلَى الْعِلْمِ -عِلْمِ الْحَدِيثِ- تَعَلُّمًا لَهُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، فَإِنَّ الْمَرْءَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أُمِّيٌّ وَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِي طَلَبِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَصْفِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ.
فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا قَالَ: ((هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي)).
فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ فِي الِاعْتِقَادِ، فِي الْعِبَادَةِ، فِي الْمُعَامَلَةِ، فِي الْأَخْلَاقِ، فِي السُّلُوكِ، بِالْجُمْلَةِ فِي الْمِنْهَاجِ، مَنْ كَانَ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَهُوَ مِنْ تِلْكَ الْفِرْقَةِ الَّتِي جَعَلَ لَهَا النَّجَاةَ بِأَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
وَمِنَ الْفَضَائِلِ الْعَظِيمَةِ لِلْعِلْمِ: أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ لَمْ يُرَغِّبْ أَحَدًا أَنْ يَغْبِطَ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا إِلَّا عَلَى نِعْمَتَيْنِ؛ هُمَا:
1- طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِهِ.
2- التَّاجِرُ الَّذِي جَعَلَ مَالَهُ خِدْمَةً لِلْإِسْلَامِ.
فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا)).
هَذَا الْحَسَدُ هُوَ الْغِبْطَةُ، وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى الْإِنْسَانُ أَنْ يُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ الْمَغْبُوطُ مَعَ بَقَاءِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ، بَلْ وَلَا يَكْرَهُ أَنْ يُنْعِمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَسَدَ فِي تَعْرِيفِهِ الصَّحِيحِ هُوَ كَرَاهَةُ النِّعْمَةِ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِهَا.
فَمَهْمَا أَنْعَمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى أَخِيكَ مِنْ نِعْمَةٍ فَكَرِهْتَ هَذِهِ النِّعْمَةَ عِنْدَهُ فَأَنْتَ لَهُ حَاسِدٌ، لَا تَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ؛ هَذَا إِمْعَانٌ وَتَوَغُّلٌ فِي الْحَسَدِ!!
((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ)): هَذَا الْحَسَدُ لَيْسَ بِالْحَسَدِ الْمَذْمُومِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْغِبْطَةُ كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((مَثَلُ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ.
وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا.
وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)).
عِبَادَ اللهِ! عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُصَنِّفَ نَفْسَهُ الْآنَ -كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ- عَلَى طَائِفَةٍ مِمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ تِلْكَ الْأَ
وَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمُ الْقَائِمُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ تَعَالَى حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، كما في حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللهُ مُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرٍ اللهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهُ)). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ لِهَذِهِ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَا تَزَالُ ظَاهِرَةً لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تَعَالَى وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ: ((إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلُ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ)) .
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الْحَدِيثِ)).
فَلَا يَذْهَبَنَّ وَهْمُ وَاهِمٍ إِلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ هَاهُنَا هُمُ الَّذِينَ يُقْبِلُونَ عَلَى الْعِلْمِ -عِلْمِ الْحَدِيثِ- تَعَلُّمًا لَهُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، فَإِنَّ الْمَرْءَ يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ أُمِّيٌّ وَلَا مُشَارَكَةَ لَهُ فِي طَلَبِ عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ وَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وَصْفِ الْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ.
فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا قَالَ: ((هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي)).
فَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ فِي الِاعْتِقَادِ، فِي الْعِبَادَةِ، فِي الْمُعَامَلَةِ، فِي الْأَخْلَاقِ، فِي السُّلُوكِ، بِالْجُمْلَةِ فِي الْمِنْهَاجِ، مَنْ كَانَ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَهُوَ مِنْ تِلْكَ الْفِرْقَةِ الَّتِي جَعَلَ لَهَا النَّجَاةَ بِأَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
وَمِنَ الْفَضَائِلِ الْعَظِيمَةِ لِلْعِلْمِ: أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ لَمْ يُرَغِّبْ أَحَدًا أَنْ يَغْبِطَ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا إِلَّا عَلَى نِعْمَتَيْنِ؛ هُمَا:
1- طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْعَمَلُ بِهِ.
2- التَّاجِرُ الَّذِي جَعَلَ مَالَهُ خِدْمَةً لِلْإِسْلَامِ.
فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا)).
هَذَا الْحَسَدُ هُوَ الْغِبْطَةُ، وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى الْإِنْسَانُ أَنْ يُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ الْمَغْبُوطُ مَعَ بَقَاءِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، فَلَا يَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ، بَلْ وَلَا يَكْرَهُ أَنْ يُنْعِمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِهَا؛ لِأَنَّ الْحَسَدَ فِي تَعْرِيفِهِ الصَّحِيحِ هُوَ كَرَاهَةُ النِّعْمَةِ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِهَا.
فَمَهْمَا أَنْعَمَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى أَخِيكَ مِنْ نِعْمَةٍ فَكَرِهْتَ هَذِهِ النِّعْمَةَ عِنْدَهُ فَأَنْتَ لَهُ حَاسِدٌ، لَا تَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ؛ هَذَا إِمْعَانٌ وَتَوَغُّلٌ فِي الْحَسَدِ!!
((لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ)): هَذَا الْحَسَدُ لَيْسَ بِالْحَسَدِ الْمَذْمُومِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْغِبْطَةُ كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ.
وَمِنْ فَضَائِلِ الْعِلْمِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((مَثَلُ مَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ.
وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا.
وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ)).
عِبَادَ اللهِ! عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُصَنِّفَ نَفْسَهُ الْآنَ -كَمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ- عَلَى طَائِفَةٍ مِمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ تِلْكَ الْأَ
((وَحْدَةُ الْوَطَنِ سَبِيلُ قُوَّتِهِ))
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2288
((مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ وَحْدَةِ الْوَطَنِ:
نَبْذُ الْعُنْصُرِيَّةِ وَهَدْمُ الْعَصَبِيَّةِ))
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ السُّبُلِ لِتَحْقِيقِ الْوَحْدَةِ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ: نَبْذَ الْعَصَبِيَّاتِ وَالْعُنْصُرِيَّةِ؛ فَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- خَلَقَ النَّاسَ جَمِيعًا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَجَعَلَ أَرْفَعَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَتْقَاهُمْ لَهُ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لحجرات: 13].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ، فَالْمَجْمُوعَةُ الْبَشَرِيَّةُ كُلُّهَا تَلْتَقِي عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ النَّاسِ أُخُوَّةٌ إِنْسَانِيَّةٌ عَامَّةٌ، وَجَعَلْنَاكُمْ جُمُوعًا عَظِيمَةً وَقَبَائِلَ مُتَعَدِّدَةً؛ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي قُرْبِ النَّسَبِ وَبُعْدِهِ، لَا لِلتَّفَاخُرِ بِالْأَنْسَابِ وَالتَّعَالِي بِالْأَحْسَابِ، إِنَّ أَرْفَعَكُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَتْقَاكُمْ لَهُ.
إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ عِلْمًا كَامِلًا شَامِلًا بِظَوَاهِرِكُمْ، وَيَعْلَمُ أَنْسَابَكُمْ، خَبِيرٌ عَلَى سَبِيلِ الشُّهُودِ وَالْحُضُورِ بِبَوَاطِنِكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أَسْرَارُكُمْ، فَاجْعَلُوا التَّقْوَى زَادَكُمْ إِلَى مَعَادِكُمْ.
لَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ، وَلَا فَضْلَ لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِتَقْوَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَطَاعَتِهِ.
وَأَعْلَنَ النَّبِيُّ ﷺ حُرْمَةَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا)).
وَأَشْهَدَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْبَلَاغِ الْمُبِينِ: ((اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ)).
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ السَّبَّاحَةَ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُتُهَا إِلَيْهِمْ: ((اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ)).
فَبَلَّغَ النَّبِيُّ ﷺ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ.
وَأَخْرَجَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَلَى يَدَيْهِ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، فَصَارُوا عَابِدِينَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُوَحِّدِينَ، وَأَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ -كَمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي ((مُسْنَدِهِ))-: ((أَيُّهَا النَّاسُ! كُلُّكُمْ لِآدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِتَقْوَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).
وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَى دَعَائِمَ الدِّينِ، وَأَقَامَ أَسَاسَ الْمِلَّةِ الْمَتِينَ، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ.
بَعْدَ أَنْ أَرْسَى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَعَالِمَ الْمِلَّةِ الْغَرَّاءِ، وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَحَجَّةَ، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)).
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ حَذَّرَ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ ((مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يُقَاتِلُ لِلْعَصَبِيَّةِ، وَيَقْتُلُ لِلْعَصَبِيَّةِ؛ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ)).
وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ مُنْتِنَةٌ، وَأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي ((صَحِيحَيْهِمَا))، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ لَعَّابًا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ -كَسَعَهُ: أَيْ ضَرَبَهُ عَلَى دُبُرِهِ أَوْ عَلَى عَجِيزَتِهِ بِيَدِهِ، أَوْ بِرِجْلِهِ، أَوْ بِعُرْضِ سَيْفِهِ-، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَى الْقَوْمُ.
فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ!
وَسَمِعَهَا النَّبِيُّ الْأَمِينُ ﷺ، فَخَرَجَ، فَقَالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِي
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2288
((مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ وَحْدَةِ الْوَطَنِ:
نَبْذُ الْعُنْصُرِيَّةِ وَهَدْمُ الْعَصَبِيَّةِ))
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ السُّبُلِ لِتَحْقِيقِ الْوَحْدَةِ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ: نَبْذَ الْعَصَبِيَّاتِ وَالْعُنْصُرِيَّةِ؛ فَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- خَلَقَ النَّاسَ جَمِيعًا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَجَعَلَ أَرْفَعَهُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَتْقَاهُمْ لَهُ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لحجرات: 13].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ، فَالْمَجْمُوعَةُ الْبَشَرِيَّةُ كُلُّهَا تَلْتَقِي عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ النَّاسِ أُخُوَّةٌ إِنْسَانِيَّةٌ عَامَّةٌ، وَجَعَلْنَاكُمْ جُمُوعًا عَظِيمَةً وَقَبَائِلَ مُتَعَدِّدَةً؛ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي قُرْبِ النَّسَبِ وَبُعْدِهِ، لَا لِلتَّفَاخُرِ بِالْأَنْسَابِ وَالتَّعَالِي بِالْأَحْسَابِ، إِنَّ أَرْفَعَكُمْ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَتْقَاكُمْ لَهُ.
إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ عِلْمًا كَامِلًا شَامِلًا بِظَوَاهِرِكُمْ، وَيَعْلَمُ أَنْسَابَكُمْ، خَبِيرٌ عَلَى سَبِيلِ الشُّهُودِ وَالْحُضُورِ بِبَوَاطِنِكُمْ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ أَسْرَارُكُمْ، فَاجْعَلُوا التَّقْوَى زَادَكُمْ إِلَى مَعَادِكُمْ.
لَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ النَّاسَ جَمِيعًا سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمُشْطِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَعَجَمِيٍّ، وَلَا فَضْلَ لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِتَقْوَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَطَاعَتِهِ.
وَأَعْلَنَ النَّبِيُّ ﷺ حُرْمَةَ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ: ((إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا)).
وَأَشْهَدَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى الْبَلَاغِ الْمُبِينِ: ((اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ)).
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ.
يَرْفَعُ إِصْبَعَهُ السَّبَّاحَةَ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُتُهَا إِلَيْهِمْ: ((اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ، اللَّهُمَّ فَاشْهَدْ)).
فَبَلَّغَ النَّبِيُّ ﷺ الْبَلَاغَ الْمُبِينَ.
وَأَخْرَجَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَلَى يَدَيْهِ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، فَصَارُوا عَابِدِينَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُوَحِّدِينَ، وَأَعْلَمَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ -كَمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي ((مُسْنَدِهِ))-: ((أَيُّهَا النَّاسُ! كُلُّكُمْ لِآدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِتَقْوَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)).
وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَى دَعَائِمَ الدِّينِ، وَأَقَامَ أَسَاسَ الْمِلَّةِ الْمَتِينَ، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ.
بَعْدَ أَنْ أَرْسَى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مَعَالِمَ الْمِلَّةِ الْغَرَّاءِ، وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَحَجَّةَ، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ؛ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ)).
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ حَذَّرَ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَبَيَّنَ أَنَّ ((مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يُقَاتِلُ لِلْعَصَبِيَّةِ، وَيَقْتُلُ لِلْعَصَبِيَّةِ؛ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ)).
وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ مُنْتِنَةٌ، وَأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي ((صَحِيحَيْهِمَا))، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ لَعَّابًا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ -كَسَعَهُ: أَيْ ضَرَبَهُ عَلَى دُبُرِهِ أَوْ عَلَى عَجِيزَتِهِ بِيَدِهِ، أَوْ بِرِجْلِهِ، أَوْ بِعُرْضِ سَيْفِهِ-، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَى الْقَوْمُ.
فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ! وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ!
وَسَمِعَهَا النَّبِيُّ الْأَمِينُ ﷺ، فَخَرَجَ، فَقَالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِي
َّةِ؟)).
فَلَمَّا أُخْبِرَ ﷺ، قَالَ: ((دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)).
حَوْلَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ -حَوْلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَدَاعَى كَلَقَبَيْنِ- تَدَاعَى مَنْ تَدَاعَى عَصَبِيَّةً، فَرَفَضَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَقَدْ مَدَحَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْمُهَاجِرِينَ فِي كِتَابِهِ، وَمَدَحَ الْأَنْصَارَ، وَمَدَحَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ فِي صَحِيحِ سُنَّتِهِ، وَمَدَحَ الْمُهَاجِرِينَ.
وَلَكِنْ لَمَّا تَدَاعَوْا حَوْلَ الِاسْمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عَصَبِيَّةً؛ غَضِبَ ﷺ، وَقَالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟! دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ))، ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَكَفَى بِالْمُسْلِمِ إِثْمًا أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)).
إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ الْإِسْلَامَ لُحْمَةً وَسُدًى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ شَعَارُهُمْ الَّذِي يَتَعَصَّبُونَ حَوْلَهُ هُوَ الْإِسْلَامُ الْعَظِيمُ.
وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَخْبَرَنَا ((أَنَّ أَقْوَامًا سَيَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا؛ إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ))، فَبَيَّنَ ﷺ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّمَا ((هُوَ كَالْجُعَلِ يُدَهْدِهُ الْخُرْءَ بِفِيهِ))، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْزِلَتَهُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ؛ كَالْجُعَلِ، وَهُوَ الْجُعْرَانُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ، ((يُدَهْدِهُ)): أَيْ: يُدَحْرِجُ الْخُرْءَ -أَعَزَّكُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ- ((بِفِيهِ))؛ مِنْ وَضَاعَتِهِ وَحَقَارَتِهِ.
((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا، وَإِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونَنَّ عِنْدَ اللهِ أَهْوَنَ مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخُرْءَ بِفِيهِ)).
بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ خُطُورَةَ الْعَصَبِيَّةِ، وَخُطُورَةَ الِانْتِمَاءِ إِلَى الشَّعَارَاتِ الْحِزْبِيَّةِ، وَإِلَى الِانْتِمَاءَاتِ الضَّيِّقَةِ الرَّدِيَّةِ.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَأَعِضُّوهُ وَلَا تُكَنُّوهُ))، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: ((فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تُكْنُوا)).
فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مَنِ انْتَمَى أَوِ انْتَسَبَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ عَصَبِيَّةً بِشَعَارٍ مِنْ شَعَارَاتِ الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَهَذَا جَزَاؤُهُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوَحِّدِينَ، ((فَأَعِضُّوهُ -فَأَمِصُّوهُ- بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تُكْنُوهُ))، هَكَذَا ظَاهِرًا، وَمَا أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْعَى لِفُحْشٍ، وَلَكِنْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا هُنَالِكَ مِنْ قُبْحِ الْعَصَبِيَّةِ بِانْتِمَائِهَا.
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لِآدَمَ، وَأَنَّ آدَمَ قَدْ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ، ((كُلُّكُمْ لِآدَمَ، وَآدَمُ مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ، فَلَا يَفْخَرَنَّ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)).
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ))، وَ((مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ))، وَأَوْرَدَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ النَّارَ.
إِنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَتَعَصَّبُونَ إِلَى الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ مَقَتَهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ؛ ((إِذْ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ، عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ))، حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ يَرُدُّ الْأَمْرَ إِلَى نِصَابِهِ.
لَمَّا عَيَّرَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِلَالًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَيَّرَهُ بِلَوْنِ أُمِّهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ.
وَاشْتَكَى بِلَالٌ أَبَا ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- إِلَى الرَّسُولِ ﷺ، فَقَالَ: ((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)).
النَّبِيُّ ﷺ بَيَّنَ أَنَّ ((مَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ أَوْرَدَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ النَّارَ)).
قَالُوا: وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: ((وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)).
لَا انْتِمَاءَ إِلَّا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، أَعَزَّنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْتَمِي إِلَى عَائِلَةٍ وَلَا قَبِيلَةٍ وَلَا شَعْبٍ وَلَا وَطَنٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنْ أَنْسَابِنَا مَا نَصِلُ بِهِ أَرْحَامَنَا، فَقَالَ: ((تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ
فَلَمَّا أُخْبِرَ ﷺ، قَالَ: ((دَعُوهَا؛ فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)).
حَوْلَ هَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ -حَوْلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَدَاعَى كَلَقَبَيْنِ- تَدَاعَى مَنْ تَدَاعَى عَصَبِيَّةً، فَرَفَضَ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، وَقَدْ مَدَحَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْمُهَاجِرِينَ فِي كِتَابِهِ، وَمَدَحَ الْأَنْصَارَ، وَمَدَحَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَنْصَارَ فِي صَحِيحِ سُنَّتِهِ، وَمَدَحَ الْمُهَاجِرِينَ.
وَلَكِنْ لَمَّا تَدَاعَوْا حَوْلَ الِاسْمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عَصَبِيَّةً؛ غَضِبَ ﷺ، وَقَالَ: ((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟! دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ))، ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، وَكَفَى بِالْمُسْلِمِ إِثْمًا أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ)).
إِنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ جَعَلَ الْإِسْلَامَ لُحْمَةً وَسُدًى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُونَ شَعَارُهُمْ الَّذِي يَتَعَصَّبُونَ حَوْلَهُ هُوَ الْإِسْلَامُ الْعَظِيمُ.
وَالنَّبِيُّ ﷺ قَدْ أَخْبَرَنَا ((أَنَّ أَقْوَامًا سَيَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا؛ إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ))، فَبَيَّنَ ﷺ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّمَا ((هُوَ كَالْجُعَلِ يُدَهْدِهُ الْخُرْءَ بِفِيهِ))، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْزِلَتَهُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ؛ كَالْجُعَلِ، وَهُوَ الْجُعْرَانُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ، ((يُدَهْدِهُ)): أَيْ: يُدَحْرِجُ الْخُرْءَ -أَعَزَّكُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ- ((بِفِيهِ))؛ مِنْ وَضَاعَتِهِ وَحَقَارَتِهِ.
((لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا، وَإِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونَنَّ عِنْدَ اللهِ أَهْوَنَ مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخُرْءَ بِفِيهِ)).
بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ خُطُورَةَ الْعَصَبِيَّةِ، وَخُطُورَةَ الِانْتِمَاءِ إِلَى الشَّعَارَاتِ الْحِزْبِيَّةِ، وَإِلَى الِانْتِمَاءَاتِ الضَّيِّقَةِ الرَّدِيَّةِ.
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَأَعِضُّوهُ وَلَا تُكَنُّوهُ))، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: ((فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تُكْنُوا)).
فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ مَنِ انْتَمَى أَوِ انْتَسَبَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ عَصَبِيَّةً بِشَعَارٍ مِنْ شَعَارَاتِ الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَهَذَا جَزَاؤُهُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوَحِّدِينَ، ((فَأَعِضُّوهُ -فَأَمِصُّوهُ- بِهَنِ أَبِيهِ وَلَا تُكْنُوهُ))، هَكَذَا ظَاهِرًا، وَمَا أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُدْعَى لِفُحْشٍ، وَلَكِنْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا هُنَالِكَ مِنْ قُبْحِ الْعَصَبِيَّةِ بِانْتِمَائِهَا.
إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ لِآدَمَ، وَأَنَّ آدَمَ قَدْ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ، ((كُلُّكُمْ لِآدَمَ، وَآدَمُ مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ، فَلَا يَفْخَرَنَّ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ)).
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ))، وَ((مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ))، وَأَوْرَدَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ النَّارَ.
إِنَّ الَّذِينَ كَانُوا يَتَعَصَّبُونَ إِلَى الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ مَقَتَهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ؛ ((إِذْ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ، عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ))، حَتَّى جَاءَ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ يَرُدُّ الْأَمْرَ إِلَى نِصَابِهِ.
لَمَّا عَيَّرَ أَبُو ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِلَالًا -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَيَّرَهُ بِلَوْنِ أُمِّهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ.
وَاشْتَكَى بِلَالٌ أَبَا ذَرٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- إِلَى الرَّسُولِ ﷺ، فَقَالَ: ((إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ)).
النَّبِيُّ ﷺ بَيَّنَ أَنَّ ((مَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْعَصَبِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ أَوْرَدَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ النَّارَ)).
قَالُوا: وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: ((وَإِنْ صَلَّى وَإِنْ صَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)).
لَا انْتِمَاءَ إِلَّا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، أَعَزَّنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْتَمِي إِلَى عَائِلَةٍ وَلَا قَبِيلَةٍ وَلَا شَعْبٍ وَلَا وَطَنٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ مِنْ أَنْسَابِنَا مَا نَصِلُ بِهِ أَرْحَامَنَا، فَقَالَ: ((تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ
بِهِ أَرْحَامَكُمْ))، وَلَكِنْ لَا عَصَبِيَّةَ، وَلَا انْتِمَاءَ إِلَى الْجَاهِلِيَّةِ بِالْعَصَبِيَّةِ، وَإِنَّمَا الِانْتِمَاءُ إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الَّذِي أَخْرَجَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِهِ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ؛ لِكَيْ يَعْلَمَ النَّاسُ كُلُّ النَّاسِ أَنَّهُمْ لِآدَمَ، وَأَنَّ آدَمَ مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ، وَأَنَّهُ لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِتَقْوَى اللهِ، إِلَّا بِطَاعَةِ اللهِ.
وَنَبِيُّكُمْ ﷺ يُخْبِرُكُمْ مُنْذِرًا وَمُحَذِّرًا، فَيَقُولُ ﷺ: ((مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)).
وَقَدْ نَادَى النَّبِيُّ ﷺ الْعَبَّاسَ -عَمَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ- وَنَادَى عَمَّتَهُ صَفِيَّةَ، وَنَادَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالْآلِ أَجْمَعِينَ-: ((اعْمَلُوا.. لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا)).
لَا أَحْسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا أَنْسَابَ، وَإِنَّمَا هُوَ الدِّينُ، فَمَنْ جَاءَ رَبَّهُ مُسْلِمًا مُوقِنًا مُحْسِنًا؛ فَلَهُ الْمَقَامُ الْأَسْنَى عِنْدَ رَبِّهِ وَهُوَ مُعَزَّزٌ مُكَرَّمٌ، وَمَنْ جَاءَ -وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا- بِالْعَمَلِ الطَّالِحِ؛ فَلَهُ الْمَكَانُ الْأَرْدَى وَلَا كَرَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفَاضُلَ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الِانْتِمَاءَ إِنَّمَا هُوَ إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ، إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، سَوَّى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَيْنَنَا جَمِيعًا فِي الْحُقُوقِ، وَرَفَعَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ دَرَجَاتٍ بِالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَمَنْ كَانَ تَقِيًّا -وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ كَانَتْ لَهُ الْمَنْزِلَةُ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَوْقَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ -وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا-.
وَنَبِيُّكُمْ ﷺ يُخْبِرُكُمْ مُنْذِرًا وَمُحَذِّرًا، فَيَقُولُ ﷺ: ((مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)).
وَقَدْ نَادَى النَّبِيُّ ﷺ الْعَبَّاسَ -عَمَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ- وَنَادَى عَمَّتَهُ صَفِيَّةَ، وَنَادَى ابْنَتَهُ فَاطِمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالْآلِ أَجْمَعِينَ-: ((اعْمَلُوا.. لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا)).
لَا أَحْسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا أَنْسَابَ، وَإِنَّمَا هُوَ الدِّينُ، فَمَنْ جَاءَ رَبَّهُ مُسْلِمًا مُوقِنًا مُحْسِنًا؛ فَلَهُ الْمَقَامُ الْأَسْنَى عِنْدَ رَبِّهِ وَهُوَ مُعَزَّزٌ مُكَرَّمٌ، وَمَنْ جَاءَ -وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا- بِالْعَمَلِ الطَّالِحِ؛ فَلَهُ الْمَكَانُ الْأَرْدَى وَلَا كَرَامَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفَاضُلَ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ الِانْتِمَاءَ إِنَّمَا هُوَ إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ، إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، سَوَّى اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَيْنَنَا جَمِيعًا فِي الْحُقُوقِ، وَرَفَعَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ دَرَجَاتٍ بِالتَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَمَنْ كَانَ تَقِيًّا -وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ كَانَتْ لَهُ الْمَنْزِلَةُ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَوْقَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ -وَلَوْ كَانَ شَرِيفًا قُرَشِيًّا-.
((فَضْلُ الشَّهَادَةِ وَوَاجِبُنَا نَحْوَ أُسَرِ الشُّهَدَاءِ))
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2291
لَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَضْلَ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَبَيَّنَ عَظِيمَ قَدْرِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدَ؛ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((يُؤْتَى بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ؟
فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! خَيْرَ مَنْزِلٍ.
فَيَقُولُ: سَلْ وَتَمَنَّهْ.
فَيَقُولُ: وَمَا أَسْأَلُكَ وَأَتَمَنَّى؟!! أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا، فَأُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ -وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ- أَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: ((يَا نَبِيَّ اللهِ! أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ -وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ؛ أَيْ: لَا يُدْرَى رَامِيهِ- فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ)).
قَالَ: ((يَا أُمَّ حَارِثَةَ! إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
* وَالشَّهِيدُ تُكَفَّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ؛ إِلَّا الدَّيْنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَالشَّهَادَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ تُكَفِّرُ جَمِيعَ مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ -جَلَّ وَعَلَا-.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَامَ فِيهِمْ، فَذَكَرَ ((أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ))، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((كَيْفَ قُلْتَ؟)).
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ؛ إِلَّا الدَّيْنَ؛ فَإِنَّ جَبْرَائِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
* وَمِنَ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ: أَنَّ رِيحَ دَمِ الشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحُ الْمِسْكِ؛ ((فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ)).
((مَا مِنْ مَكْلُومٍ)): مَجْرُوحٍ، ((يُكْلَمُ)): يُجْرَحُ، ((فِي سَبِيلِ اللهِ)) يَعْنِي: بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ للهِ، وَبَذْلِ النَّفْسِ؛ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ.
((إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى)) أَيْ: وَجُرْحُهُ يَثْعُبُ مِنْهُ الدَّمُ، وَيَسِيلُ كَهَيْئَتِهِ حِينَ جُرِحَ.
((اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ)): اللَّوْنُ أَحْمَرُ كَلَوْنِ الدَّمِ؛ وَلَكِنَّ الرِّيحَ رِيحُ الْمِسْكِ، وَلَيْسَ بِرِيحِ دَمٍ.
أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ.. بِأَنْ كَانَ مُخْلِصًا للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، بَاذِلًا نَفْسَهُ لِرَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، طَائِعًا رَاجِيًا مِنَ اللهِ ثَوَابَهُ، خَائِفًا مِنْ عِقَابِهِ؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْم
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2291
لَقَدْ بَيَّنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَضْلَ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَبَيَّنَ عَظِيمَ قَدْرِ الشَّهِيدِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلَّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ لَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدَ؛ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ)).
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((يُؤْتَى بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ؟
فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! خَيْرَ مَنْزِلٍ.
فَيَقُولُ: سَلْ وَتَمَنَّهْ.
فَيَقُولُ: وَمَا أَسْأَلُكَ وَأَتَمَنَّى؟!! أَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّنِي إِلَى الدُّنْيَا، فَأُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ -وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ- أَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: ((يَا نَبِيَّ اللهِ! أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ -وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ؛ أَيْ: لَا يُدْرَى رَامِيهِ- فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ)).
قَالَ: ((يَا أُمَّ حَارِثَةَ! إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
* وَالشَّهِيدُ تُكَفَّرُ عَنْهُ خَطَايَاهُ؛ إِلَّا الدَّيْنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَالشَّهَادَةُ فِي سَبِيلِ اللهِ تُكَفِّرُ جَمِيعَ مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ -جَلَّ وَعَلَا-.
وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَامَ فِيهِمْ، فَذَكَرَ ((أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ))، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((كَيْفَ قُلْتَ؟)).
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ؛ إِلَّا الدَّيْنَ؛ فَإِنَّ جَبْرَائِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).
* وَمِنَ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ: أَنَّ رِيحَ دَمِ الشَّهِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحُ الْمِسْكِ؛ ((فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ)).
((مَا مِنْ مَكْلُومٍ)): مَجْرُوحٍ، ((يُكْلَمُ)): يُجْرَحُ، ((فِي سَبِيلِ اللهِ)) يَعْنِي: بِنِيَّةٍ خَالِصَةٍ للهِ، وَبَذْلِ النَّفْسِ؛ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ.
((إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى)) أَيْ: وَجُرْحُهُ يَثْعُبُ مِنْهُ الدَّمُ، وَيَسِيلُ كَهَيْئَتِهِ حِينَ جُرِحَ.
((اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ)): اللَّوْنُ أَحْمَرُ كَلَوْنِ الدَّمِ؛ وَلَكِنَّ الرِّيحَ رِيحُ الْمِسْكِ، وَلَيْسَ بِرِيحِ دَمٍ.
أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللهِ.. بِأَنْ كَانَ مُخْلِصًا للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، بَاذِلًا نَفْسَهُ لِرَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، طَائِعًا رَاجِيًا مِنَ اللهِ ثَوَابَهُ، خَائِفًا مِنْ عِقَابِهِ؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَدْم
َى -يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ- كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ جُرِحَ، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ.
وَهَذَا فِيهِ فَضِيلَةُ مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنَّ رَائِحَةَ دَمِهِ تَنْتَشِرُ فِي الْمَوْقِفِ، فَيَشُمُّهَا النَّاسُ جَمِيعًا، كَأَنَّهَا رَائِحَةُ الْمِسْكِ.
فَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَمَا مَعْنَى فِي سَبِيلِ اللهِ؟
أَنْ يَكُونَ مُخْلِصًا للهِ فِي الْعَمَلِ الَّذِي أَوْجَبَ جُرْحَهُ، وَأَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ صَوَابًا عَلَى مَا شَرَعَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
فَإِذَا كَانَتِ النِّيَّةُ مَدْخُولَةً، أَوْ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى غَيْرِ صَوَابٍ عَلَى السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَلْمُهُ كَذَلِكَ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ)).
يُعْلَمُ مِنْ هَذَا: أَنَّ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَا يُسَمُّونَهُ بِالْعَمَلِيَّاتِ الِاسْتِشْهَادِيَّةِ -وَهِيَ لَيْسَتْ بِاسْتِشْهَادِيَّةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ عَمَلِيَّاتٌ انْتِحَارِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ مَا يَأْتِي بِهِ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ؛ بِإِزْهَاقِ الْأَرْوَاحِ الْبَرِيئَةِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ، وَإِتْلَافِ الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ وَلَا هُدًى-؛ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّ عَمَلَهُمْ بَاطِلٌ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِغَضَبِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَلَيْسَ بِمُوجِبٍ لِرِضَاهُ -كَمَا زَعَمُوا-.
وَلِهَذَا فَلْيَتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي أَنْفُسِهِمْ، وَلْيَتَّقِ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِينَ يُفْتُونَهُمْ بِجَوَازِ مَا عَمِلُوا مِنَ الْإِفْسَادِ، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخَافٍ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
قَالَ ﷺ: ((إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى)): يَنْزِلُ مِنْهُ الدَّمُ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ جُرِحَ.
فَمَا السَّبَبُ فِي تَغَيُّرِ رَائِحَةِ الدَّمِ -وَإِنْ كَانَ اللَّوْنُ لَوْنَ دَمٍ-؟
السَّبَبُ طِيبُ النِّيَّةِ، فَكَمَا طَيَّبَ نِيَّتَهُ؛ طَيَّبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَائِحَةَ دَمِهِ، فَقَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَامْتَثَلَ الْأَمْرَ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ طَيِّبَةً، فَطَيَّبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَائِحَةَ الدَّمِ، وَتِلْكَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ شَمَّهَا عَلَى حُسْنِ عَمَلِ صَاحِبِهَا، وَطِيبِ نِيَّتِهِ، وَإِخْلَاصِهِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
يُرِيدُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُظْهِرَ شَرَفَ مَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ الدَّمَ بِلَوْنِهِ، وَجَعَلَ الرَّائِحَةَ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، يَعْلَمُ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَوْقِفِ)).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ قَدْ مُثِّلَ بِهِ؛ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: ((مَنْ هَذِهِ؟)).
فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو.
قَالَ: ((فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ: لَا تَبْكِي، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، وَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَعْلُقُ -أَيْ: تَرْعَى- مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ، أَوْ قَالَ: مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((الشَّهِيدُ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ لِغَيْرِهِ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سَبْعَ خِصَالٍ: أَنْ يُغفَرَ لَه فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْ
وَهَذَا فِيهِ فَضِيلَةُ مَنْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنَّ رَائِحَةَ دَمِهِ تَنْتَشِرُ فِي الْمَوْقِفِ، فَيَشُمُّهَا النَّاسُ جَمِيعًا، كَأَنَّهَا رَائِحَةُ الْمِسْكِ.
فَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَمَا مَعْنَى فِي سَبِيلِ اللهِ؟
أَنْ يَكُونَ مُخْلِصًا للهِ فِي الْعَمَلِ الَّذِي أَوْجَبَ جُرْحَهُ، وَأَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ صَوَابًا عَلَى مَا شَرَعَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
فَإِذَا كَانَتِ النِّيَّةُ مَدْخُولَةً، أَوْ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى غَيْرِ صَوَابٍ عَلَى السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَلْمُهُ كَذَلِكَ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ)).
يُعْلَمُ مِنْ هَذَا: أَنَّ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ أَنْفُسَهُمْ بِمَا يُسَمُّونَهُ بِالْعَمَلِيَّاتِ الِاسْتِشْهَادِيَّةِ -وَهِيَ لَيْسَتْ بِاسْتِشْهَادِيَّةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ عَمَلِيَّاتٌ انْتِحَارِيَّةٌ، وَكَذَلِكَ مَا يَأْتِي بِهِ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ؛ بِإِزْهَاقِ الْأَرْوَاحِ الْبَرِيئَةِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ، وَإِتْلَافِ الْأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى غَيْرِ بَصِيرَةٍ وَلَا هُدًى-؛ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّ عَمَلَهُمْ بَاطِلٌ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِغَضَبِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَلَيْسَ بِمُوجِبٍ لِرِضَاهُ -كَمَا زَعَمُوا-.
وَلِهَذَا فَلْيَتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي أَنْفُسِهِمْ، وَلْيَتَّقِ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِينَ يُفْتُونَهُمْ بِجَوَازِ مَا عَمِلُوا مِنَ الْإِفْسَادِ، وَلْيَعْلَمُوا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخَافٍ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّذِي لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
قَالَ ﷺ: ((إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى)): يَنْزِلُ مِنْهُ الدَّمُ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ جُرِحَ.
فَمَا السَّبَبُ فِي تَغَيُّرِ رَائِحَةِ الدَّمِ -وَإِنْ كَانَ اللَّوْنُ لَوْنَ دَمٍ-؟
السَّبَبُ طِيبُ النِّيَّةِ، فَكَمَا طَيَّبَ نِيَّتَهُ؛ طَيَّبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَائِحَةَ دَمِهِ، فَقَدْ بَذَلَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَامْتَثَلَ الْأَمْرَ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ طَيِّبَةً، فَطَيَّبَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- رَائِحَةَ الدَّمِ، وَتِلْكَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ شَمَّهَا عَلَى حُسْنِ عَمَلِ صَاحِبِهَا، وَطِيبِ نِيَّتِهِ، وَإِخْلَاصِهِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
يُرِيدُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُظْهِرَ شَرَفَ مَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ الدَّمَ بِلَوْنِهِ، وَجَعَلَ الرَّائِحَةَ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، يَعْلَمُ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَوْقِفِ)).
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: «جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ قَدْ مُثِّلَ بِهِ؛ حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: ((مَنْ هَذِهِ؟)).
فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو.
قَالَ: ((فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ: لَا تَبْكِي، فَمَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ، وَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، قَالَ: أَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ)). رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ، تَعْلُقُ -أَيْ: تَرْعَى- مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ، أَوْ قَالَ: مِنْ شَجَرِ الْجَنَّةِ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((الشَّهِيدُ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ لِغَيْرِهِ.
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سَبْعَ خِصَالٍ: أَنْ يُغفَرَ لَه فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْ
عَدَهُ مِنَ الْجنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِه تَاجُ الْوَقَارِ؛ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.
وَعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟)).
قَالَ: ((كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، لَا مَالَ لِي، فَإِنْ أَنَا قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ حَتَّى أُقْتَلَ؛ فَأَيْنَ أَنَا؟
قَالَ: ((فِي الْجَنَّةِ)).
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: ((قَدْ بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ، وَطَيَّبَ رِيحَكَ، وَأَكْثَرَ مَالَكَ))، وَقَالَ لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: ((فَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ نَازَعَتْهُ جُبَّةً لَهُ مِنْ صُوفٍ، تَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُبَّتِهِ)). أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
* وَمِنْ إِكْرَامِ اللهِ لِأَجْسَادِهِمُ الَّتِي بَذَلُوهَا لِأَجْلِهِ: إِبْقَاؤُهَا كَمَا هِيَ؛ فَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ.
فِي حَدِيثِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: عِنْدَمَا دُفِنَ أَبُوهُ مَعَ آخَرَ، وَكَانَا قَدْ قُتِلَا فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، قَالَ جَابِرٌ: «...ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ سِوَى شَيْءٍ يَسِيرٍ فِي أُذُنِهِ)).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْكِظَامَةَ قَالَ: قِيلَ: ((مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ -يَعْنَي: قَتْلَى أُحُدٍ-، قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ، قَالَ: فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ إِصْبَعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَانْفَطَرَتْ دَمًا».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا)).
نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِهِ، وَأَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا أَجْمَعِينَ.
وَعَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ؟)).
قَالَ: ((كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً)). أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي رَجُلٌ أَسْوَدُ، مُنْتِنُ الرِّيحِ، قَبِيحُ الْوَجْهِ، لَا مَالَ لِي، فَإِنْ أَنَا قَاتَلْتُ هَؤُلَاءِ حَتَّى أُقْتَلَ؛ فَأَيْنَ أَنَا؟
قَالَ: ((فِي الْجَنَّةِ)).
فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَقَالَ: ((قَدْ بَيَّضَ اللهُ وَجْهَكَ، وَطَيَّبَ رِيحَكَ، وَأَكْثَرَ مَالَكَ))، وَقَالَ لِهَذَا أَوْ لِغَيْرِهِ: ((فَقَدْ رَأَيْتُ زَوْجَتَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ نَازَعَتْهُ جُبَّةً لَهُ مِنْ صُوفٍ، تَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جُبَّتِهِ)). أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
* وَمِنْ إِكْرَامِ اللهِ لِأَجْسَادِهِمُ الَّتِي بَذَلُوهَا لِأَجْلِهِ: إِبْقَاؤُهَا كَمَا هِيَ؛ فَلَا تَأْكُلُ الْأَرْضُ أَجْسَادَهُمْ.
فِي حَدِيثِ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: عِنْدَمَا دُفِنَ أَبُوهُ مَعَ آخَرَ، وَكَانَا قَدْ قُتِلَا فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، قَالَ جَابِرٌ: «...ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ، فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ، لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ شَيْءٌ سِوَى شَيْءٍ يَسِيرٍ فِي أُذُنِهِ)).
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قَالَ: «لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْكِظَامَةَ قَالَ: قِيلَ: ((مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ -يَعْنَي: قَتْلَى أُحُدٍ-، قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنَّوْنَ، قَالَ: فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ إِصْبَعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَانْفَطَرَتْ دَمًا».
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا)).
نَسْأَلُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِهِ، وَأَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا أَجْمَعِينَ.
((الْأَسْبَابُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ
وَوُجُوبُ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ))
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2300
((وَاجِبُ الْعَبْدِ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ))
عِبَادَ اللهِ! لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ امْتِحَانًا وَاخْتِبَارًا فَقَدْ وَجَبَ الْحَذَرُ وَتَأَكَّدَتِ الْحَيْطَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ عَائِشًا بِهَذِهِ النَّفْسِيَّةِ.. نَفْسِيَّةِ الْمُحِسِّ الْمُدْرِكِ الْمُتَيَقِّنِ بِأَنَّهُ مُبْتَلًى بِكُلِّ حَالَةٍ مِنْ حَالَاتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِذَا أُصِيبَ بِالسَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالسَّرَّاءِ، وَإِذَا أُصِيبَ بِالضَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالضَّرَّاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا مَا وَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَإِذَا وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالطَّاعَاتِ وَالْحَسَنَاتِ.
الْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ دَائِمًا، لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ حَالَةِ الِابْتِلَاءِ إِلَّا إِذَا تَوَفَّاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتٍ ثَلَاثٍ:
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ وَسِتْرٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الشُّكْرُ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ابْتِلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.
وَمَقَادِيرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّتِي يُجْرِيهَا عَلَى عِبَادِهِ فِي أَرْضِهِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُلَائِمَةً لِلْعَبْدِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُلَائِمَةٍ لِلْعَبْدِ، فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَبْتَلِي بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالنِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَيَبْتَلِي اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ.
وَلَا يَخْلُو الْعَبْدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنَ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ.
قَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ فِي بَلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ، وَالصَّبْرُ لَا يَكُونُ صَبْرًا شَرْعِيًّا إِلَّا إِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:
أَنْ يَحْبِسَ الْقَلْبَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقْدُورِ اعْتِرَاضًا بَاطِنًا.
وَأَنْ يُمْسِكَ اللِّسَانَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَقْدُورِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَفْظًا ظَاهِرًا.
وَأَنْ يَحْبِسَ الْجَوَارِحَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمَا يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْإِيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]
وَلِلْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ ثَمَرَاتٌ جَلِيلَةٌ، مِنْهَا:
الْأُولَى: الِاعْتِمَادُ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- عِنْدَ فِعْلِ الْأَسْبَابِ؛ بِحَيْثُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى السَّبَبِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرِ اللهِ -تَعَالَى-.
الثَّانِيَةُ: أَلَّا يُعْجَبَ الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ حُصُولِ مُرَادِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- بِمَا قَدَّرَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالنَّجَاحِ، وَإِعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ يُنْسِيهِ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ.
الثَّالِثَةُ: الطُّمَأْنِينَةُ وَالرَّاحَةُ النَّفْسِيَّةُ بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ أَقْدَارِ اللهِ -تَعَالَى-، فَلَا يَقْلَقُ بِفَوَاتِ مَحْبُوبٍ، أَوْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللهِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22- 23].
وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَالْمُؤْمِنُ يَرَى ذَلِكَ فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَيَبُوءُ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِ، شَاكِرًا رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا-، وَإِذَا وَقَعَ فِي ذَنْبٍ؛ اسْتَغْفَرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَ
وَوُجُوبُ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ))
https://www.rslantext.com/Item.aspx?ID=2300
((وَاجِبُ الْعَبْدِ عِنْدَ الِابْتِلَاءِ))
عِبَادَ اللهِ! لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ امْتِحَانًا وَاخْتِبَارًا فَقَدْ وَجَبَ الْحَذَرُ وَتَأَكَّدَتِ الْحَيْطَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَانَ عَائِشًا بِهَذِهِ النَّفْسِيَّةِ.. نَفْسِيَّةِ الْمُحِسِّ الْمُدْرِكِ الْمُتَيَقِّنِ بِأَنَّهُ مُبْتَلًى بِكُلِّ حَالَةٍ مِنْ حَالَاتِهِ فِي الْحَيَاةِ، فَإِذَا أُصِيبَ بِالسَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالسَّرَّاءِ، وَإِذَا أُصِيبَ بِالضَّرَّاءِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالضَّرَّاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا مَا وَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالْمَعَاصِي وَالسَّيِّئَاتِ، وَإِذَا وَفَّقَهُ اللهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَهُوَ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ بِالطَّاعَاتِ وَالْحَسَنَاتِ.
الْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ ابْتِلَاءٍ دَائِمًا، لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ مِنْ حَالَةِ الِابْتِلَاءِ إِلَّا إِذَا تَوَفَّاهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-.
الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتٍ ثَلَاثٍ:
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي عَافِيَةٍ وَنِعْمَةٍ وَسِتْرٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الشُّكْرُ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ابْتِلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ.
وَمَقَادِيرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- الَّتِي يُجْرِيهَا عَلَى عِبَادِهِ فِي أَرْضِهِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُلَائِمَةً لِلْعَبْدِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُلَائِمَةٍ لِلْعَبْدِ، فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يَبْتَلِي بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالنِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ، وَيَبْتَلِي اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَيَبْتَلِي اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ.
وَلَا يَخْلُو الْعَبْدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي طَبَقَةٍ مِنَ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ.
قَدْ يَكُونُ الْعَبْدُ فِي بَلَاءٍ وَشِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ؛ فَحَقُّ ذَلِكَ الصَّبْرُ، وَالصَّبْرُ لَا يَكُونُ صَبْرًا شَرْعِيًّا إِلَّا إِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ:
أَنْ يَحْبِسَ الْقَلْبَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمَقْدُورِ اعْتِرَاضًا بَاطِنًا.
وَأَنْ يُمْسِكَ اللِّسَانَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَقْدُورِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَفْظًا ظَاهِرًا.
وَأَنْ يَحْبِسَ الْجَوَارِحَ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمَا يُغْضِبُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْإِيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49]
وَلِلْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ ثَمَرَاتٌ جَلِيلَةٌ، مِنْهَا:
الْأُولَى: الِاعْتِمَادُ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- عِنْدَ فِعْلِ الْأَسْبَابِ؛ بِحَيْثُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى السَّبَبِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِقَدَرِ اللهِ -تَعَالَى-.
الثَّانِيَةُ: أَلَّا يُعْجَبَ الْمَرْءُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ حُصُولِ مُرَادِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- بِمَا قَدَّرَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْخَيْرِ وَالنَّجَاحِ، وَإِعْجَابُهُ بِنَفْسِهِ يُنْسِيهِ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ.
الثَّالِثَةُ: الطُّمَأْنِينَةُ وَالرَّاحَةُ النَّفْسِيَّةُ بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ أَقْدَارِ اللهِ -تَعَالَى-، فَلَا يَقْلَقُ بِفَوَاتِ مَحْبُوبٍ، أَوْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِقَدَرِ اللهِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22- 23].
وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فَالْمُؤْمِنُ يَرَى ذَلِكَ فِي كُلِّ حِينٍ وَحَالٍ، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَيَبُوءُ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِنِعْمَتِهِ عَلَيْهِ، شَاكِرًا رَبَّهُ -جَلَّ وَعَلَا-، وَإِذَا وَقَعَ فِي ذَنْبٍ؛ اسْتَغْفَرَ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَ
َ الْعَالَمِينَ أَنْ يَجْبُرَ كَسْرَنَا، وَأَنْ يُصْلِحَ أَمْرَنَا، وَأَنْ يُحْسِنَ عَاقِبَتَنَا، وَأَنْ يُثَبِّتَ أَقْدَامَنَا، وَأَنْ يَهْدِيَ قُلُوبَنَا، وَأَنْ يُسَدِّدَ أَلْسِنَتَنَا، وَأَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا، اللهم أَحْسِنْ خِتَامَنَا يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
لَمْ يَحْتَجَّ بِالْقَدَرِ.
وَإِنَّمَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، لَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ.
أَمَّا عِنْدَ الذَّنْبِ وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ؛ فَالِاسْتِغْفَارُ، وَالتَّوْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْإِنَابَةُ، وَالْعَوْدَةُ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ، يَحْتَجُّ الْعَبْدُ بِالْقَدَرِ عِنْدَ وُقُوعِهِ فِي الْمَعَاصِي، هَذَا لَيْسَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ، وَلَكِنْ يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُصِيبَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22- 23].
فَإِذَا وقَعَ عَلَى الْعَبْدِ مَا يَكْرَهُهُ مِنَ الْأَقْدَارِ غَيْرِ الْمُوَاتِيَةِ؛ فَإِنَّهُ -حِينَئِذٍ- يَفْزَعُ إِلَى رَبِّهِ حَامِدًا، وَشَاكِرًا، وَمُنِيبًا، وَمُخْبِتًا، وَخَاشِعًا، وَيَسْأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُعَوِّضَهُ خَيْرًا فِيمَا أَصَابَهُ بِهِ، وَأَنْ يُثَبِّتَهُ عَلَى الْإِيمَانِ الْحَقِّ.
الْمُسْلِمُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَوْبِئَةِ تَأْخُذُ حُكْمَ الطَّاعُونِ إِذَا وَقَعَ فِي بَلَدٍ؛ فَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُفَارِقَهُ، وَإِذَا وَقَعَ فِي بَلَدٍ وَالْمُسْلِمُ خَارِجَهُ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ، وَمَنْ مَاتَ بِهِ كَانَ شَهِيدًا، هَذَا هُوَ الْمُسْلِمُ؛ أَمَّا تِلْكَ الْجِيَفُ الَّتِي لَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ، وَالَّتِي لَا تُثْبِتُ وُجُودَ خَالِقٍ لِلْكَوْنِ مِنَ الشُّيُوعِيِّينَ وَأَضْرَابِهِمْ مِنَ الْمُلْحِدِينَ؛ فَهَؤُلَاءِ الْحَيَاةُ عِنْدَهُمْ تَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ الْمَمَاتِ، فَهُمْ يَخَافُونَ وَيَحْرِصُونَ عَلَى الْحَيَاةِ.
أَمَّا الْمُسْلِمُ؛ فَمُعَاذٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ -وَهُوَ طَاعُونُ عَمْوَاسَ-، فَأُصِيبَ وَطُعِنَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ هُنَاكَ، فَكَانَ يُقَبِّلُ الْبَثْرَةَ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَا الْإِصَابَةُ، وَيَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ حَظَّ آلِ مُعَاذٍ مِنْ هَذَا مُعَاذًا))، وَأُصِيبَ وَلَدُهُ؛ لِأَنَّ الطَّاعُونَ شَهَادَةٌ.
قَالَ ﷺ: ((وَمَنْ مَاتَ مَطْعُونًا –أَيْ: بِالطَّاعُونِ- فَهُوَ شَهِيدٌ)).
وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
((الْأَمْرُ كُلُّهُ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ))
عِبَادَ اللهِ! قَالَ رَبُّكُمْ -جَلَّ وَعَلَا-: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154].
الْأَمْرُ يَشْمَلُ الْأَمْرَ الْقَدَرِيَّ وَالْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ؛ فَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ؛ فَإِنْ قَامَ بِقَلْبِ الْعَبْدِ شَاهِدٌ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْقَيُّومِيَّةِ؛ رَأَى أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {2} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 2-3].
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38].
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَنَا، وَيَحْفَظَ وَطَنَنَا وَجَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَهْدِيَنَا لِلْحَقِّ وَإِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَسْتَعْمَلَنَا وَلَا يَسْتَبْدَلَنَا، وَنَسْأَلَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا، وَأَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا إِنَّهُ -تَعَالَى- عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِنَّهُ -تَعَالَى- هُوَ الْبَرُّ الْكَرِيمُ، وَالْجَوَادُ الرَّحِيمُ.
أَسْأَلُ اللهَ رَبّ
وَإِنَّمَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، لَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ.
أَمَّا عِنْدَ الذَّنْبِ وَعِنْدَ الْمَعْصِيَةِ؛ فَالِاسْتِغْفَارُ، وَالتَّوْبَةُ، وَالْخُشُوعُ، وَالْإِنَابَةُ، وَالْعَوْدَةُ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ، يَحْتَجُّ الْعَبْدُ بِالْقَدَرِ عِنْدَ وُقُوعِهِ فِي الْمَعَاصِي، هَذَا لَيْسَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ، وَلَكِنْ يُذْكَرُ الْقَدَرُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُصِيبَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 22- 23].
فَإِذَا وقَعَ عَلَى الْعَبْدِ مَا يَكْرَهُهُ مِنَ الْأَقْدَارِ غَيْرِ الْمُوَاتِيَةِ؛ فَإِنَّهُ -حِينَئِذٍ- يَفْزَعُ إِلَى رَبِّهِ حَامِدًا، وَشَاكِرًا، وَمُنِيبًا، وَمُخْبِتًا، وَخَاشِعًا، وَيَسْأَلُ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُعَوِّضَهُ خَيْرًا فِيمَا أَصَابَهُ بِهِ، وَأَنْ يُثَبِّتَهُ عَلَى الْإِيمَانِ الْحَقِّ.
الْمُسْلِمُ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ أَمْثَالَ هَذِهِ الْأَوْبِئَةِ تَأْخُذُ حُكْمَ الطَّاعُونِ إِذَا وَقَعَ فِي بَلَدٍ؛ فَلَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُفَارِقَهُ، وَإِذَا وَقَعَ فِي بَلَدٍ وَالْمُسْلِمُ خَارِجَهُ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَهُ، وَمَنْ مَاتَ بِهِ كَانَ شَهِيدًا، هَذَا هُوَ الْمُسْلِمُ؛ أَمَّا تِلْكَ الْجِيَفُ الَّتِي لَا تُؤْمِنُ بِالْمَعَادِ، وَالَّتِي لَا تُثْبِتُ وُجُودَ خَالِقٍ لِلْكَوْنِ مِنَ الشُّيُوعِيِّينَ وَأَضْرَابِهِمْ مِنَ الْمُلْحِدِينَ؛ فَهَؤُلَاءِ الْحَيَاةُ عِنْدَهُمْ تَنْتَهِي بِمُجَرَّدِ الْمَمَاتِ، فَهُمْ يَخَافُونَ وَيَحْرِصُونَ عَلَى الْحَيَاةِ.
أَمَّا الْمُسْلِمُ؛ فَمُعَاذٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَمَّا وَقَعَ الطَّاعُونُ بِالشَّامِ -وَهُوَ طَاعُونُ عَمْوَاسَ-، فَأُصِيبَ وَطُعِنَ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ هُنَاكَ، فَكَانَ يُقَبِّلُ الْبَثْرَةَ الَّتِي وَقَعَتْ بِهَا الْإِصَابَةُ، وَيَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ حَظَّ آلِ مُعَاذٍ مِنْ هَذَا مُعَاذًا))، وَأُصِيبَ وَلَدُهُ؛ لِأَنَّ الطَّاعُونَ شَهَادَةٌ.
قَالَ ﷺ: ((وَمَنْ مَاتَ مَطْعُونًا –أَيْ: بِالطَّاعُونِ- فَهُوَ شَهِيدٌ)).
وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].
((الْأَمْرُ كُلُّهُ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ))
عِبَادَ اللهِ! قَالَ رَبُّكُمْ -جَلَّ وَعَلَا-: {قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154].
الْأَمْرُ يَشْمَلُ الْأَمْرَ الْقَدَرِيَّ وَالْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ؛ فَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ؛ فَإِنْ قَامَ بِقَلْبِ الْعَبْدِ شَاهِدٌ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ وَالْقَيُّومِيَّةِ؛ رَأَى أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ للهِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مَعَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {2} يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: 2-3].
{وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107].
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38].
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَحْفَظَنَا، وَيَحْفَظَ وَطَنَنَا وَجَمِيعَ أَوْطَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَهْدِيَنَا لِلْحَقِّ وَإِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَسْتَعْمَلَنَا وَلَا يَسْتَبْدَلَنَا، وَنَسْأَلَ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا، وَأَنْ يُحْسِنَ خِتَامَنَا إِنَّهُ -تَعَالَى- عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، إِنَّهُ -تَعَالَى- هُوَ الْبَرُّ الْكَرِيمُ، وَالْجَوَادُ الرَّحِيمُ.
أَسْأَلُ اللهَ رَبّ
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📂 تصنيفات الخطب على موقع تفريعات الشيخ الدكتور محمد بن سعيد رسلان
*◄ #مجموعة_تفريغات_الشيخ_رسلان على _الواتساب_ ↙️*_
🌐 https://chat.whatsapp.com/9hIwC8PKP2GDNW6Srulxvs
1️⃣_ التاريخ الإسلامي [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1023
2️⃣_ ملف سيد قطب [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1
3️⃣_ ملف (أبو الفتن !!) [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1014
4️⃣_ ملف (الحلبي) [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1021
5️⃣_ ملف العمل الجماعي التنظيمي [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1022
6️⃣_ أعمال القلوب [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1024
7️⃣_ الطريق إلى الله [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1013
8️⃣_ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2026
9️⃣_ محبة النبي صلى الله عليه وسلم [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2028
🔟_ التفجيرات وخطورتها [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2029
1️⃣1️⃣_ الذكر والدعاء [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2025
2️⃣1️⃣_ الآداب والأخلاق [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1016
3️⃣1️⃣_ فقه العبادات [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=4
4️⃣1️⃣_ الملل والنحل والفرق والمذاهب [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1005
5️⃣1️⃣_ ملف عن جماعة الإخوان المسلمين [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=6
6️⃣1️⃣_ ملف الحرب على التكفير [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1017
7️⃣1️⃣_ قضية الأمة -القدس والأقصى [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2030
8️⃣1️⃣_ خطب العيدين [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1009
9️⃣1️⃣_ أحكام العيدين [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2024
2️⃣0️⃣
_ محاسن الأخلاق [5]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1002
1️⃣2️⃣_ الشيعة الرافضة [5]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1007
2️⃣2️⃣
_ الزهد والرقائق [6]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1015
3️⃣2️⃣_ مساوئ الأخلاق [6]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1018
4️⃣2️⃣_ الهجرة وشهر الله المحرم وعاشوراء [7]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1020
5️⃣2️⃣_ أصول اعتقاد أهل السُّنَّة [7]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=5
6️⃣2️⃣_ ملف أحداث مصر [9]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1001
7️⃣2️⃣_ شهر ذي الحجة [9]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1011
2️⃣8️⃣
_ مناسبات دورية [11]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1012
2️⃣9️⃣
_ قضايا إسلامية معاصرة [16]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1006
3️⃣0️⃣
_ نقض شبهات الإلحاد والملحدين [16]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1019
1️⃣3️⃣ _ شهر رمضان [18]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1010
2️⃣3️⃣_ الواقع المعاصر [24]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=3
3️⃣3️⃣_ دعوه المسلمين [30]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2
📝 مهَذَّبَاتُ خُطَبِ الْجُمُعَةِ
🌐 https://www.rslantext.com/Sbooks.aspx
📝 سلسلة مقاطع مفرغة في الصفات الإلهية
🌐 https://www.rslantext.com/TopicsCategory.aspx?ID=1#
الدروس والخطب المفرغة
https://www.rslantext.com/Items.aspx
تصنيف المقاطع : العقيدة والمنهج
https://www.rslantext.com/TopicsCategory.aspx?ID=3
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
*◄ #مجموعة_تفريغات_الشيخ_رسلان على _الواتساب_ ↙️*_
🌐 https://chat.whatsapp.com/9hIwC8PKP2GDNW6Srulxvs
1️⃣_ التاريخ الإسلامي [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1023
2️⃣_ ملف سيد قطب [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1
3️⃣_ ملف (أبو الفتن !!) [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1014
4️⃣_ ملف (الحلبي) [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1021
5️⃣_ ملف العمل الجماعي التنظيمي [1]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1022
6️⃣_ أعمال القلوب [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1024
7️⃣_ الطريق إلى الله [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1013
8️⃣_ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2026
9️⃣_ محبة النبي صلى الله عليه وسلم [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2028
🔟_ التفجيرات وخطورتها [2]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2029
1️⃣1️⃣_ الذكر والدعاء [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2025
2️⃣1️⃣_ الآداب والأخلاق [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1016
3️⃣1️⃣_ فقه العبادات [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=4
4️⃣1️⃣_ الملل والنحل والفرق والمذاهب [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1005
5️⃣1️⃣_ ملف عن جماعة الإخوان المسلمين [3]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=6
6️⃣1️⃣_ ملف الحرب على التكفير [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1017
7️⃣1️⃣_ قضية الأمة -القدس والأقصى [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2030
8️⃣1️⃣_ خطب العيدين [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1009
9️⃣1️⃣_ أحكام العيدين [4]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2024
2️⃣0️⃣
_ محاسن الأخلاق [5]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1002
1️⃣2️⃣_ الشيعة الرافضة [5]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1007
2️⃣2️⃣
_ الزهد والرقائق [6]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1015
3️⃣2️⃣_ مساوئ الأخلاق [6]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1018
4️⃣2️⃣_ الهجرة وشهر الله المحرم وعاشوراء [7]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1020
5️⃣2️⃣_ أصول اعتقاد أهل السُّنَّة [7]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=5
6️⃣2️⃣_ ملف أحداث مصر [9]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1001
7️⃣2️⃣_ شهر ذي الحجة [9]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1011
2️⃣8️⃣
_ مناسبات دورية [11]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1012
2️⃣9️⃣
_ قضايا إسلامية معاصرة [16]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1006
3️⃣0️⃣
_ نقض شبهات الإلحاد والملحدين [16]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1019
1️⃣3️⃣ _ شهر رمضان [18]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=1010
2️⃣3️⃣_ الواقع المعاصر [24]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=3
3️⃣3️⃣_ دعوه المسلمين [30]
https://www.rslantext.com/Items.aspx?ID=2
📝 مهَذَّبَاتُ خُطَبِ الْجُمُعَةِ
🌐 https://www.rslantext.com/Sbooks.aspx
📝 سلسلة مقاطع مفرغة في الصفات الإلهية
🌐 https://www.rslantext.com/TopicsCategory.aspx?ID=1#
الدروس والخطب المفرغة
https://www.rslantext.com/Items.aspx
تصنيف المقاطع : العقيدة والمنهج
https://www.rslantext.com/TopicsCategory.aspx?ID=3
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ