«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
2.24K subscribers
2.16K photos
463 videos
15 files
453 links
قال ﷺ : (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً)

*🍃🌹‏(( من جماليات وسائل التواصل أن يفتح الله لك فتكتب نورًا يُهتدى به.. أو فائدة يُنتفعُ بها.. أو مواساة طيّبة فيتناقلها الناس من بعدك.. تظلّ سلوى في أحزانهم.. وأُنساً في وحشتهم.. تموتُ أنت ويبقى ما كتبته يداك حيًّا
Download Telegram
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٧٧ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الأعلي ❤️

◀️
﴿سَیَذَّكَّرُ مَن یَخۡشَىٰ (١٠) وَیَتَجَنَّبُهَا ٱلۡأَشۡقَى (١١) ٱلَّذِی یَصۡلَى ٱلنَّارَ ٱلۡكُبۡرَىٰ (١٢) ثُمَّ لَا یَمُوتُ فِیهَا وَلَا یَحۡیَىٰ (١٣)﴾ [الأعلى ١٠-١٣]

🔲 موضوع مقدمة هذا الدرس هو الكلام على قول الله تبارك وتعالى في سورة الأعلى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ [الأعلى ١٠، ١١] أَمَر الله سبحانه وتعالى نبيَّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يُذَكِّر فقال: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾، ثم قال: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ فبَيَّن تعالى أنَّ الناس ينقسمون بعد الذِّكرى إلى قِسمين:

🟡 القِسم الأول: مَن يخشى اللَّهَ عز وجل؛ أي: يخافه خوفًا عن علمٍ لعظمة الخالق جل وعلا، فهذا إذا ذُكِّر بآيات ربِّه تذكَّر؛ كما قال تعالى في وصف عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ [الفرقان ٧٣]، فمَن يخشى الله ويخاف الله إذا ذُكِّر ووُعِظ بآيات الله اتَّعظ وانتفع.

🔵 أمَّا القِسم الثاني فقال: ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى﴾ أي: يتجنَّب هذه الذِّكرى ولا ينتفع بها الأشقى.

🔸﴿الْأَشْقَى﴾ هنا اسم تفضيل من الشقاء، وهو ضدُّ السعادة؛ كما في سورة هود: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ﴾ [هود ١٠٦]، ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ﴾ [هود ١٠٨]، فالأشقى -والعياذ بالله- المتَّصفُ بالشقاوة، يتجنَّب الذِّكرى ولا ينتفع بها، والأشقى هو البالغ في الشقاوة غايتَها، وهذا هو الكافر؛ فإنَّ الكافر يُذَكَّر ولا ينتفع بالذِّكرى، ولهذا قال: ﴿الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (١٢) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ [الأعلى ١٢، ١٣] الذي يَصْلى النارَ الموصوفةَ بأنها الكُبرى، وهي نار جهنم.

✴️ لأنَّ نار الدنيا صُغرى بالنسبة لها؛ فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّ نار الدنيا جزءٌ من سبعين جزءًا من نار الآخرة(١)؛ أي إنَّ نار الآخرة فُضِّلتْ على نار الدنيا بتسعةٍ وستين جزءًا، والمراد نار الدنيا كلِّها، ما هي نار مخصوصة، أشدُّ ما يكون من نار الدنيا فإنَّ نار الآخرة فُضِّلتْ عليها بتسعةٍ وستين جزءًا، ولهذا وَصَفها بقوله: ﴿النَّارَ الْكُبْرَى﴾.

🔹﴿ثُمَّ﴾ إذا صلاها ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾ المعنى: لا يموت فيستريح، ولا يحيا حياةً سعيدةً، وإلا فهُم أحياءٌ في الواقع، لكن أحياءٌ يُعذَّبون؛ ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [النساء ٥٦]، كما قال الله عز وجل ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ﴾ وهو خازن النار ﴿لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ يعني ليُهلِكْنا ويُرِحنا من هذا العذاب ﴿قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف ٧٧]، ولا راحة، ويقال لهم: ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ [الزخرف ٧٨]، هذا معنى قوله: ﴿لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾، لأنه قد يُشْكل على بعض الناس كيف يكون الإنسان لا حيٌّ ولا ميِّت، والإنسانُ إمَّا حيٌّ وإمَّا ميِّت؟ فيقال: لا يموت فيها ميتةً يستريح بها، ولا يحيا حياةً يَسْعد بها، فهو -والعياذ بالله- في عذابٍ وجحيمٍ وشدَّةٍ، يتمنَّى الموتَ ولكن لا يحصل له، هذا هو معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾.

(١) أخرج البخاري (٣٢٦٥)، ومسلم (٢٨٤٣ / ٣٠) واللفظ له، عن أبي هريرة أنَّ النبي ﷺ قال: «نارُكم هذه التي يوقِد ابنُ آدم جزءٌ من سبعين جزءًا من حرِّ جهنم». قالوا: واللهِ إنْ كانت لَكافيةً يا رسول الله. قال: «فإنها فُضِّلتْ عليها بتسعةٍ وستين جزءًا كلُّها مِثْل حرِّها».

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٧٨ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الأعلي ❤️

◀️
﴿قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ (١٤) وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ (١٥)﴾ [الأعلى ١٤-١٥]

🔲 وقد سبق الكلام على قوله تعالى ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى ١٤، ١٥]، وبيَّنَّا أنَّ المراد بقوله: ﴿تَزَكَّى﴾ أي: في نفسه؛ أي: زكَّاها وأخرجها من رِجْس الشرك إلى زكاة التوحيد. ويأتي إن شاء الله بقيَّة الكلام على السورة من أجْل أن نُفسح المجال للإخوة.

نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على مما تيسر من تفسير من سورة (الأعلي) عند قوله تبارك وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (١٤) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى ١٤، ١٥]. ﴿أَفْلَحَ﴾ مأخوذٌ من الفَلَاح، والفَلَاح كلمةٌ جامعةٌ، وهو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، هذا هو معنى الفَلَاح، فهي كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ خيرٍ، دافعةٌ لكلِّ شر.

🔹وقوله: ﴿مَنْ تَزَكَّى﴾ مأخوذ من التزكية وهي التطهير، ومنه سُمِّيت الزكاة زكاةً لأنها تُطَهِّر الإنسانَ من أخلاق الرذيلة، أخلاق البخل؛ كما قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التوبة ١٠٣]، إذَنْ ﴿تَزَكَّى﴾ يعني تطهَّر.

🔸ومن أيِّ شيءٍ تزكَّى؟ يتزكَّى أولًا من الشرك بالنسبة لمعاملة الله، فيعبد اللَّهَ مخلصًا له الدين لا يُرائي ولا يسمِّع، ولا يطلب جاهًا ولا رئاسةً فيما يتعبَّد به لله عز وجل، وإنما يريد بهذا وجهَ الله والدارَ الآخرة.

✴️ تزكَّى في اتِّباع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ بحيث لا يبتدع في شريعته لا بقليل ولا كثير، لا في الاعتقاد، ولا في الأقوال، ولا في الأفعال.

🔹وهذا -أعني التزكِّي بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهو اتِّباعٌ من غير ابتداع- لا ينطبق تمامًا إلا على الطريقة السلفية؛ طريقة أهل السُّنة والجماعة الذين يؤمنون بكلِّ ما وَصَف الله به نفسَه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على الطريقة السلفية الذين لا يبتدعون في العبادات القولية ولا في العبادات الفعلية شيئًا في دين الله، تجدهم يتَّبعون ما جاء به الشرع، خلافًا لِمَا يصنعه بعض المبتدِعة في الأذكار المبتدَعة؛ إمَّا في نوعها، وإمَّا في كيفيَّتها وصِفَتها، وإمَّا في أدائها؛ كما يفعله بعض أصحاب الطُّرُق من الصوفية وغيرهم.

🔸كذلك يتزكَّى بالنسبة لمعاملة الخلْق بحيث يطهِّر قلبَه من الغِلِّ والحقد على إخوانه المسلمين، فتجده دائمًا طاهرَ القلب، يحبُّ لإخوانه ما يحبُّ لنفسه، لا يرضى لأحدٍ أن يمسَّه سوءٌ، بل يودُّ أنَّ جميع الناس سالمون من كلِّ شر، موفَّقون لكلِّ خير. فصارت التزكية لها ثلاثة متعلقات: الأول في حق الله، والثاني في حق الرسول، والثالث في حق عامَّة الناس.

▫️في حق الله: يتزكَّى من الشرك، فيعبد الله تعالى مخلصًا له الدين.

🔁 في حق الرسول: يتزكَّى من الابتداع، فيعبد الله على مقتضى شريعة النبي ﷺ في العقيدة والقول والعمل.في معاملة الناس: يتزكَّى من الغِلِّ والحقدِ والعداوةِ والبغضاءِ وكلِّ ما يجلب ذلك، كل ما يجلب العداوةَ والبغضاءَ بين المسلمين يتجنَّبه، ويفعل كلَّ ما فيه المودَّة والمحبَّة، ومن ذلك إفشاء السلام الذي قال فيه الرسول ﷺ: «وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ»(١).

✴️ فالسلام من أقوى الأسباب التي تجلب المحبَّة والمودَّة بين المسلمين، وهذا شيءٌ مشاهَدٌ؛ لو مرَّ بك رجلٌ ولم يسلِّم عليك صار في نفسك شيء، وإذا لم تسلِّم عليه أنت صار في نفسه شيء، لكن لو سلَّمتَ عليه أو سلَّمَ عليك صار هذا كالرِّباط بينكما يوجب المودَّة والمحبَّة، وقد قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام في السلام: «وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»(٢).

🔀 وأكثر الناس اليوم إذا سلَّم يسلِّم على مَن يعرف، وأمَّا مَن لا يعرفه فلا يسلِّم عليه، وهذا غلط؛ لأنَّك إذا سلَّمتَ على مَن تعرف لم يكن السلام خالصًا لله، سلِّم على مَن عرفتَ ومَن لم تعرف من المسلمين حتى تنال بذلك محبَّة المسلمين بعضهم من بعضٍ وتمامَ الإيمان، والنهاية دخول الجنة، جعلنا الله وإيَّاكم من أهلها.

وقوله: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى ١٥] يعني: ذكر اسمَ الله تعالى بالتعبُّد له فصلَّى، ويدخل في ذِكْر اسم الله الوضوءُ مثلًا، فالوضوء من ذِكْر اسم الله.

🔵 أولًا: لأنَّ الإنسان لا يتوضأ إلا امتثالًا لأمر الله.

🔴 وثانيًا: أنَّه إذا ابتدأ وضوءَه قال: باسم الله، وإذا انتهى قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهمَّ اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطهِّرين.
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٧٩ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الأعلي ❤️

◀️
﴿بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا (١٦) وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰۤ (١٧)﴾ [الأعلى ١٦-١٧]

🔲 نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على مما تيسر من تفسير من سورة (الأعلي) عند قوله تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى ١٦، ١٧] ﴿بَلْ﴾ هنا للإضراب الانتقالي.

🔹 لأنَّ (بل) تأتي للإضراب الإبطالي، وتأتي للإضراب الانتقالي؛ أي إنَّه سبحانه وتعالى انتقل ليبيِّن حالَ الإنسان أنَّه مُؤْثِرٌ للحياة الدنيا لأنها عاجلة، والإنسان خُلِق من عَجَل ويحبُّ ما فيه العجلة، فتجده يُؤْثِر الحياة الدنيا، وهي في الحقيقة على وصْفها دُنيا؛ دُنيا زمنًا، ودُنيا وصفًا؛ أمَّا كونُها دُنيا زمنًا فلأنها سابقةٌ على الآخرة فهي متقدِّمةٌ عليها، والدُّنُوُّ بمعنى القُرب، وأمَّا كونُها دُنيا ناقصة، فكذلك هو الواقع، فإنَّ الدنيا مهما طالت بالإنسان فإنَّ أَمَدَها الفناء، فإنَّ منتهاها الفناء، ومهما ازدهرتْ للإنسان فإن عاقبتها الذبول، ولهذا لا يكاد يمرُّ بك يومٌ في سرورٍ إلا وعقبه حزن، وفي هذا يقول الشاعر:

فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا ∗∗∗ وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرّْتأمَّلْ حالَك في الدنيا تجدْ أنَّه لا يمرُّ بك وقتٌ ويكون الصفو فيه دائمًا بل لا بدَّ من كَدَر، ولا يكون السرور دائمًا بل لا بدَّ من حزن، ولا تكون راحةٌ دائمًا بل لا بدَّ من تعب، فالدنيا على اسمها دُنيا.

﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ الآخرة خيرٌ من الدنيا وأبقى، خيرٌ؛ فيها من النعيم والسرور الدائم الذي لا يُنَغَّص بكَدَر؛ ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر ٤٨]، كذلك أيضًا هي أبقى من الدنيا؛ لأنَّ بقاء الدنيا -كما أسلفْنا- قليلٌ زائلٌ مضمحِلٌّ، بخلاف بقاء الآخرة فإنَّه أبد الآبدين.

🔹وقوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ [الأعلى: ١٨، ١٩].﴿إِنَّ هَذَا﴾ أي: ما ذُكِر من كون الإنسان يُؤْثر الحياة الدنيا على الآخرة وينسى الآخرة، وكذلك ما تضمَّنته الآيات من المواعظ ﴿فِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾ أي: السابقة على هذه الأُمَّة. ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ وهي صُحُفٌ جاء بها إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام، وفيها من المواعظ ما تلين به القلوبُ وتَصلح به الأحوال.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا و إيَّاكم ممن أُوتي في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً ووقاه الله عذابَ النار.

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي_سورة_الغاشية ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٨٠ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الغاشية ❤️

◀️
﴿هَل أَتاكَ حَديثُ الغاشِيَةِ۝وُجوهٌ يَومَئِذٍ خاشِعَةٌ۝عامِلَةٌ ناصِبَةٌ﴾ [الغاشية: ١-٣]

🔲 نبدأ هذا المجلس بتفسير سورة الغاشية، يقول الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية ١]، والبسملة آيةٌ من كتاب الله مستقلَّة، ليستْ من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، بل هي آيةٌ مستقلَّة، ولهذا كان القول الراجح أنها ليست من الفاتحة، وأنَّ أول الفاتحة هو ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وهلُمَّ جرًّا.

يقول الله تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ الخِطاب إمَّا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإمَّا لكلِّ مَن يصحُّ خطابُه، وهذا يأتي في القرآن كثيرًا؛ يوجِّه الله الخطابَ ويكون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لكلِّ مَن يتأتَّى خطابُه ويصحُّ خطابُه، إلا أنَّه أحيانًا يتعيَّن أن يكون للرسول عليه الصلاة والسلام؛ مثل ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] هذا لا يمكن أن يكون إلا للرسول عليه الصلاة والسلام، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧] هذا لا يمكن أن يكون إلا للرسول ﷺ.وأحيانًا يترجَّح العموم؛ مثل ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق ١]، فهذا أول الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، وآخره ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ عامٌّ.

▫️فقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ يجوز أن يكون الخطاب موجَّهًا للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحده وأُمَّتُه تَبَعٌ له، ويجوز أن يكون عامًّا لكلِّ مَن يتأتَّى خطابهم.

✴️ والاستفهام هنا للتشويق، فهو كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف ١٠]، ويجوز أن يكون للتعظيم؛ لعِظَم هذا الحديث عن الغاشية.﴿حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ أي: نَبَؤُها، فالغاشية هي الداهية العظيمة التي تَغْشى الناسَ، وهي يوم القيامة التي تحدَّث الله عنها في القرآن كثيرًا ووَصَفها بأوصافٍ عظيمة؛ مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج ١، ٢].

🔹ثم قَسَّم الله سبحانه وتعالى الناسَ في هذا اليوم إلى قِسمين فقال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ [الغاشية ٢، ٣]، ﴿خَاشِعَةٌ﴾ أي: ذليلة؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى ٤٥]، فمعنى ﴿خَاشِعَةٌ﴾ يعني ذليلة.
﴿عَامِلَةࣱ نَّاصِبَةࣱ﴾ [الغاشية ٣]

وقوله ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ عاملةٌ عملًا يكون به النَّصَب، وهو التعب.قال العلماء: وذلك أنَّهم يُكلَّفون يوم القيامة بجرِّ السلاسل والأغلال والخوضِ في نار جهنم -والعياذ بالله- كما يخوض الرجُل في الوحل، فهي عاملةٌ تَعِبةٌ من العمل الذي تُكَلَّف به يوم القيامة؛ لأنه عملُ عذابٍ وعقابٍ -نسأل الله العافية- وليس كما قال بعض الناس: إن المراد بها الكفار الذين ضلَّ سعيُهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعًا.

🔹وذلك لأنَّ الله قيَّد هذا بقوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾ أي: يومَ إذْ تأتي الغاشية، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة، إذَنْ فهي ﴿عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾ بما تُكَلَّف به من جرِّ السلاسل والأغلال والخوضِ في نار جهنم، أعاذنا الله وإيَّاكم منها.

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٨١ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الغاشية ❤️

◀️
﴿تَصلى نارًا حامِيَةً۝تُسقى مِن عَينٍ آنِيَةٍ۝لَيسَ لَهُم طَعامٌ إِلّا مِن ضَريعٍ۝لا يُسمِنُ وَلا يُغني مِن جوعٍ﴾ [الغاشية: ٤-٧]

🔲 نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على مما تيسر من تفسير من سورة (الغاشية) عند قوله: ﴿تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] أي: تُدخَل في نارِ جهنَّم -والعياذ بالله- النار الحامية التي بلغتْ من حموها أنها فضِّلتْ على نار الدنيا بتسعةٍ وستين جزءًا؛ يعني نار الدنيا كلُّها بما فيها من أشدِّ ما يكون من حرارةٍ، نارُ جهنم أشدُّ منها بتسعةٍ وستين جزءًا.ويدلُّك على شدَّة حرارتها أنَّ هذه الشمس حرارتها تَصِل إلينا مع بُعد ما بيننا وبينها، ومع أنها تنفذ من خلال أجواءٍ باردةٍ غاية البرودة تَصِل إلينا هذه الحرارة التي تُدركونها، ولا سيَّما في أيام الصيف، فالنار -أعاذنا الله وإيَّاكم منها- نارٌ حاميةٌ.

ثم قال ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ [الغاشية: ٥، ٦] لَمَّا بيَّن مكانَهم -والعياذ بالله- وأنهم في نار جهنم الحامية، بيَّن طعامَهم وشرابَهم فقال: ﴿تُسْقَى﴾ أي: هذه الوجوه ﴿مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ أي: شديدة الحرارة، هذا بالنسبة لشرابهم، ومع هذا لا يأتي هذا الشراب بكلِّ سهولةٍ أو كلَّما عطشوا سُقُوا، لا، إنما يُؤتَون كلَّما اشتدَّ عطشُهم -والعياذ بالله- واستغاثوا كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ﴾ [الكهف ٢٩]، هذا الماء إذا قَرُبَ من وُجوههم شواها وتساقط لحمُها، وإذا دخل في أجوافهم يقول عز وجل: ﴿وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ﴾ [محمد ١٥]، إذَنْ لا يستفيدون منه لا ظاهرًا ولا باطنًا؛ لا ظاهرًا بالبرودة يُبَرِّد الوجوه، ولا باطنًا بالرِّيِّ، ولكنهم -والعياذ بالله- يُغاثون بهذا الماء، ولهذا قال: ﴿تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾.

✴️ فإذا قال قائل: كيف تكون هذه العين في نار جهنم والعادةُ أنَّ الماء يُطفئ النار؟ أليس كذلك؟فالجواب: إنَّ أُمور الآخرة لا تُقاس بأُمور الدنيا، لو أنها قِيستْ بأمور الدنيا ما استطعنا أن نتصوَّر كيف يكون؛ أليست الشمس تدنو يوم القيامة من رؤوس الناس على قدر مِيلٍ! والميل إمَّا مِيل المكحلة وهو نصف الإصبع، أو مِيل المسافة؛ كيلو وثُلث أو نحو ذلك، وحتى لو كان كذلك فإنَّه لو كانت الآخرة كالدنيا لَشوت الناسَ شيًّا، لكن الآخرة لا تقاس بالدنيا.أيضًا يُحشَر الناس يوم القيامة في مكانٍ واحدٍ، منهم مَن هو في ظُلمةٍ شديدةٍ، ومنهم مَن هو في نورٍ؛ ﴿نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ [التحريم ٨]، يُحشَرون في مكانٍ واحدٍ ويعرقون.

🔹 منهم مَن يَصِل العرق إلى كعبيه، ومنهم مَن يَصِل إلى رُكبتيه، ومنهم مَن يَصِل إلى حقويه، ومع ذلك هم في مكانٍ واحد، إذَنْ أحوال الآخرة لا يجوز أن تُقاس بأحوال الدنيا. فلو قال قائل: كيف يكون الماء في النار؟ قلنا:

🔵 أولًا: أحوال الآخرة لا تُقاس بأحوال الدنيا.

🟡 ثانيًا: إنَّ الله على كلِّ شيءٍ قدير.

🔹ها نحن الآن نجد أنَّ الشجر الأخضر تُوقَد منه النار كما قال تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ [يس ٨٠] الشجر الأخضر رطب، ومع ذلك إذا ضُرِب بعضُه ببعض أو ضُرِب بالزند انقدح، خرج منه نارٌ حارَّة يابسة وهو رطبٌ بارد، فالله على كلِّ شيءٍ قدير، فهُم يُسقَون من عينٍ آنيةٍ في النار، ولا يتنافى ذلك مع قدرة الله عز وجل.

🔸أمَّا طعامُهم فقال: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ﴾ [الغاشية ٦، ٧].(الضريع) قالوا: إنَّه شجرٌ ذو شوكٍ عظيمٍ إذا يَبِس لا يرعاه ولا البهائم، وإن كان أخضر رَعَتْه الإبل، ويُسَمَّى عندنا الشبرق، هذا الضريع؛ هو شجرٌ ذو شوك، إذا يَبِس لا يُرعى لأنه شوك، وإذا كان أخضر ترعاه الإبل.

🔸هم -والعياذ بالله- في نار جهنم ليس لهم طعامٌ إلا من هذا الضريع، ولكن لا تظنوا أنَّ الضريع الذي في نار جهنم كالضريع الذي في الدنيا، يختلف عنه اختلافًا عظيمًا، ولهذا قال: ﴿لَا يُسْمِنُ﴾ فلا ينفع الأبدانَ في ظاهرها ﴿وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ﴾ فلا ينفعها في باطنها، فهو لا خير فيه، ليس فيه إلا الشوك، والتجرُّع العظيم، والمرارة، والرائحة المنتنة التي لا يستفيدون منها شيئًا.

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️
«بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً» 💞🍃
Photo
( الدرس ٨٢ )

#سلسله_تدبير_وتفسير_جزء_عم 💛🍃

#سورة_الغاشية ❤️

◀️
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية ٨ - ١١]


🔲 هذا الدرس نتكلم على قول الله تبارك وتعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية ٨ - ١١] قسَّم الله سبحانه وتعالى الناسَ يوم القيامة إلى قِسمين:

🔵 القِسم الأول: وجوهٌ عاملةٌ خاشعةٌ ناصبةٌ، وسبق الكلامُ على ذلك.

🟡 القِسم الثاني: وجوهٌ ناعمةٌ؛ أي: ناعمةٌ بما أعطاها الله عز وجل من السرور والثواب الجزيل؛ لأنها عَلِمت ذلك وهي في قبورها؛ فإنَّ الإنسان في قبره يُنَعَّم، يُفتَح له بابٌ إلى الجنة فيأتيه من رَوحها ونعيمها، فهي ناعمة.

🔹وقوله﴿لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ﴾ [الغاشية: ٩] أي: لعملها الذي عَمِلتْه في الدنيا راضية؛ لأنها وصلتْ به إلى هذا النعيم وهذا السرور وهذا الفرح، فهي راضيةٌ لسَعْيها، بخلاف الوجوه الأولى فإنها غاضبةٌ -والعياذ بالله- غيرُ راضيةٍ على ما قدَّمت.

وقوله ﴿فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ [الغاشية: ١٠] الجنَّة هي دار النعيم التي أعدَّها الله عز وجل لأوليائه يوم القيامة، فيها ما لا عينٌ رأتْ، ولا أُذنٌ سمعتْ، ولا خَطَر على قلب بَشَر؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة ١٧]، وقال الله تبارك وتعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ إلى قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون ١ - ١١]، وقال الله تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [الزخرف ٧١]، فهُم في جنَّةٍ عالية، العلوُّ ضدُّ السُّفول، فهي فوق السماوات السبع، ومن المعلوم أنَّه في يوم القيامة تزول السماوات السبع والأرضون ولا يبقى إلا الجنة والنار، فهي عالية، وأعلاها ووسطها الفردوس الذي فوقه عرش الربِّ جل وعلا.

🔸وقوله ﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] أي: لا تَسمع في هذه الجنة قولةً لاغيةً أو نفْسًا لاغيةً، بل كلُّ ما فيها جِدٌّ، كلُّ ما فيها سلامٌ، كلُّ ما فيها تسبيح، تحميد، تهليل، تكبير؛ يُلهَمون التسبيحَ كما يُلهَمون النَّفَس؛ أي إنَّه لا يشقُّ عليهم ولا يتأثَّرون به، فهُم دائمًا في ذِكر الله عز وجل وتسبيحٍ وأُنسٍ وسرورٍ، يأتي بعضهم إلى بعضٍ، يزور بعضهم بعضًا، في حبورٍ لا نظير له، نسأل الله أن يجعلنا وإيَّاكم من أهلها.

(تفسير ابن عثيمين — ابن عثيمين (١٤٢١ هـ))

#نكمل_بكرة_إن_شاء_الله_تعالي ❤️